كتاب تاريخ أصبهان - ج ١

أحمد بن عبدالله بن أحمد بن إسحاق [ أبي نعيم الإصبهاني ]

كتاب تاريخ أصبهان - ج ١

المؤلف:

أحمد بن عبدالله بن أحمد بن إسحاق [ أبي نعيم الإصبهاني ]


المحقق: سيّد كسروي حسن
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٠
الجزء ١ الجزء ٢

وما سبذان ووجدنا أسفل أهل مملكته البنديجان (١) وبادرايا وباكسيا وبهندف (٢) وقهور وخوزستان ووجدنا أقلّ أهل مملكته نظرا في العواقب طبرستان وأرمينية وقومس وكوستان وهراة (٣) وكرمان وماه كران وشهر زور. فلمّا نظر قباذ فيما ذكر له من البلدان ميز ما بين المدائن إلى نهر بلخ فلم يجد بقعة انزه ولا أعذب ماء ولا ألذّ نسيما ممّا بين قرماسين إلى عقبة همذان فأنشأ قرماسين وبنى فيها لنفسه بناء معمّدا على ألف كرم فلمّا فرغ من البناء قال كردمان شاهان فسمّى كردمان شاهان ثمّ عرّب فقيل قرماسين ومعناه قد بنيت مسكن الملوك. فلمّا ميّز قباذ مملكته وعرف البقاع ومسح البلاد وعدّ الفراسخ نقل الأشراف من فارس وخراسان وبلاد الفهلويّين وهي إصبهان والريّ وهمذان وماء نهاوند وماء دينار فأسكنهم حافتي دجلة ثمّ أنزل أهل الصناعات بطن جوخي ثمّ أنزل التّجّار هرمشير والأطبّاء جنديسابور والحاكة السوس (٤) وتستر (٥) والحجّامين بادرايا وباكسايا.

__________________

الوفاء لكم بالعهد ما وفيتم وأديتم الجزية والخراج شهد الله وكفى بالله شهيدا وختم حبيب بن مسلمة : أنظر معجم البلدان (٢ / ٤٣٨).

(١) البنديجان : مدينة بفارس ولست أدري أهو النوبندجان أو غيرها وموضعهما في الأخبار واحد. أنظر معجم البلدان (١ / ١٩٩).

(٢) بهندف : بليدة من نواحي بغداد في آخر أعمال النهروان بين بادرايا وواسط وكانت تعد من أعمال كسكر وغزا المسلمون أيام الفتح بهندف وكانت لهم بها وقعة في سنة (١٦). أنظر معجم البلدان (١ / ٥١٦).

(٣) هراة : مدينة عظيمة مشهورة من أمهات مدينة خراسان لم أر بخرسان عند كوني بها في سنة ٦٠٧ مدينة أجل ولا أعظم ولا أفخم ولا أحسن ولا أكثر أهلا منها فيها بساتين كثيرة ومياه غزيرة وخيرات كثيرة محشوة بالعلماء ومملؤة بأهل الفضل والثراء وقد أصابتها عين الزمان ونكبتها طوارق الحدثان وجاءها الكفار من التتر فخربوها حتى أدخلوها في خبر كان فإنا لله وإنا إليه راجعون وذلك في سنة ٦١٨. أنظر معجم البلدان (٥ / ٣٩٧).

(٤) السوس : بلدة بخوزستان فيها قبر دنيال النبي عليه‌السلام قال حمزة السوس : تعريب الشوش بنقط الشين ومعناه الحسن والنزه والطيب واللطيف بأي هذه الصفات وسمتها به جاز.

وقال ابن المقفع أول سور وقع من بعد الطوفان سور السوس وتستر وكان لا يدري من بني سور السوس وتستر والأبله وقال الكلبي : السوس بني سام بن نوح عليه‌السلام. وقرأت في بعض كتبهم أن أول من بنى كور السوس وحفر نهرها أردشير بن بهمن القديم بن اسفنديار بن كشناسف. انظر معجم البلدان (٣ / ٢٨١).

(٥) تستر : أعظم مدينة بخوزستان اليوم وهو تعريب شوشتر (ووصفها كما وصف السوس ثم قال) والسوس مختطه على شكل باز وتستر مختطة على شكل فرس وجنديسابور مختطة على شكل رقعة الشطرنج

٦١

وروى صاحب كتاب إصبهان وحدّثنيه أبو محمّد بن حيّان. ولم يذكر إسناده عن بعض أهل السير أنّ الحجّاج بن يوسف ولّي على إصبهان وهزاذ بن يزداد الأنباري وكان ابن عمّ لكاتبه زاذان فرّوخ المجوسي فكتب إلى الحجّاج في بعض أوقاته في مقامه بإصبهان يسئله نظرا لأهلها ببعض خراجهم فكتب إليه الحجّاج كتابا هذه نسخة بعضه بسم الله الرحمن الرحيم وأمّا بعد فإنّي استعملتك يا وهزاذ على إصبهان أوسع المملكة رقعة وعملا وأكثرها خراجا بعد فارس والأهواز وأزكاها أرضا حشيشها الزّعفران والورد وجبلها الفضّة والإثمد وأشجارها الجوز واللّوز والكروم الكريمة والجلّوز والفواكه العذبة طيرها عوامل العسل وماؤها فرات وخيلها الماذيانات الجياد أنظف بلاد الله طعاما وألطفها شرابا وأصحّها ترابا وأوفقها هواء وأرخصها لحما وأطوعها أهلا وأكثرها صيدا فأنخت عليها يا وهزاذ بكلكل اضطرّ أهلها إلى مسئلتك ما سألت لهم لتفوز بما يوضع عنهم فإن كان ذلك باطلا وإلّا أبعدك عن ظنّ السوء فستردّ فتعلم وإن صدقت في بعضه وقد أخربت البلد أتظنّ يا وهزاذ أن أنفّذ لك ما موّهت [وسحرت] من القول وقعدت تشير علينا به فعضّ يا وهزاذ على غرلة أير أبيك ومصّ بظر أمّك وأيم الله لتبعثنّ إليّ بخراج إصبهان كلّه ولأجعلنّك طوابيق على أبواب مدينتها فاختر لنفسك أوفق الأمرين لها أو ذر والسلام.

وحكى أبو معشر أنّ الملوك طلبوا لمستودع العلوم من الظّروف أصبرها على الأحداث وأبقاها على الدهر وأبعدها من التعفّن والدّروس فاختاروا لها لحاء شجر التّوز واقتدى بهم أهل الهند والصين فاختاروها أيضا لقسيّهم التي يرمون عنها لصلابتها وبقائها على القسيّ غابر الدهر فلمّا كتبوا مستودع علومهم في أجود ما وجدوه من الظروف طلبوا لها من أنواع الأرض وبلدان الأقاليم أصحّها تربة وأقلّها عفونة وأبعدها من الزّلازل والخسوف وأعلكها طينا وأبقاها على الدهر بناء فانتقضوا بلاد المملكة وبقاعها فلم يجدوا تحت أديم السماء أجمع لهذه الأوصاف من إصبهان ثمّ فتّشوا عن بقاع هذا البلد فلم يجدوا فيها أفضل من رستاق جيّ ولا وجدوا في

__________________

وبخوزستان أنهار كثيرة وأعظمها نهر تستر وهو الذي بنى عليه ساور الملك شازوران بباب تستر حتى ارتفع ماؤه إلى المدينة لأن تستر على مكان مرتفع من الأرض وهذا الشاذروان من عجائب الأبنية يكون طوله نحو الميل مبني بالحجارة المحكمة والصخر وأعمدة الحديد وبلاطه بالرصاص. وقيل إنه ليس في الدنيا بناء أحكم منه وبتستر قبر البراء بن مالك الأنصاري. وخبرها يطول أنظره في معجم البلدان (٢ / ٢٩).

٦٢

رستاق جيّ أجمع لما راموه من مدينة جيّ فجاءوا إلى قهندز هو في داخل المدينة حتّى بني بناء عجيب محكم وثيق فأدعوه علومهم وقد بقي إلى زماننا هذا وهو يسمّى سارويه. ولقد تهدّمت من هذه المصنعة قبل زماننا بسنين كثيرة ناحية فوجدوا في أزج معقود من طين الشيفتق كتبا كثيرة من كتب الأوائل كلّها في لحاء التّوز مودعة أصناف العلوم من علوم الأوائل بالكتابة الفارسيّة القديمة. حدّثنا عبد الله بن محمّد بن جعفر قال سمعت عبد الله بن محمّد المذكّر يقول سمعت أبا العبّاس الدقّاق يقول سمعت بعض المحدّثين يقول دخل أيّوب بن زياد الإصبهاني على المأمون أمير المؤمنين فقال يا أيّوب صف لي إصبهان وأوجز فقال يا أمير المؤمنين هواؤها طيّب وماؤها عذب وحشيشها الزعفران وجبالها العسل غير أنّها لا تخلو من خلال أربع جور السلطان وغلاء الأسعار وقلّة الأمطار وفقد مياه فأطرق المأمون ساعة وبيده قضيب ينكت به في الأرض فرفع رأسه وقال يا أيّوب لعلّ قرّاءها منافقون وتجّارها مربئون وتنّاءها شربة خمور وفي أطرافها لا يصلّون (١). كذا روي دخل أيّوب على المأمون ووهم المذكّر أو بعض المحدّثين فيه فإنّ أيّوب بن زياد الذي كان عاملا على إصبهان الذي بنى المسجد والسوق كان يلي على إصبهان من قبل أبي جعفر المنصور سنة إحدى وخمسين ولم يعش إلى خلافة المأمون. سمعت أبا بكر محمّد بن إبراهيم بن عليّ يقول غير مرّة سمعت من يحكي أنّ محمد بن سليمان صاحب ميدان سليمان الإصبهاني دخل على المأمون فقال له صف لي إصبهان وأوجز فقال هواؤها طيّب وماؤها عذب وحشيشها الزعفران وجبالها العسل غير أنّها لا تخلو من خلال أربع جور سلطان وغلاء الأسعار وقلّة أمطار وقلّة مياه فأطرق المأمون ساعة وبيده قضيب ينكت به الأرض فرفع رأسه فقال يا محمّد لعلّ قرّاءها منافقون وتجّارها مربئون وتنّاءها شربة خمور وفي أطرافها لا يصلّون. سمعت أبا محمّد بن حيّان في آخرين يقولون سمعنا محمّد بن عبدوس الطحّان الفقيه يقول قال لي ابن زغبة بمصر بلغني يا أهل إصبهان أنّ سهلكم زعفران وجبلكم عسل ولكم في كلّ ذرا عين ماء عذب فقلت كذلك بلدنا فقال لا أصدّق هذا هذه الجنّة بعينها. سمعت عبيد الله بن محمّد بن محمّد العكبري

__________________

(١) يشير بذلك إلى الحديث (٤٠١٩) : الذي رواه ابن ماجة بسنده إلى عبد الله بن عمر يرفعه وفيه (... ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم. ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ...) الحديث.

٦٣

بمكّة يقول سمعت أبا القاسم بن بنت منيع يقول ثنا بشر بن الوليد ثنا عبد العزيز بن عبد الله عن أسامة بن زيد عن سعيد بن المسيّب قال لولا أنّي من قريش لأحببت أن أكون من فارس ثمّ أكون من أهل إصبهان. حدّثنا عبد الله بن محمّد بن جعفر وأبو أحمد الجرجاني قالا ثنا أبو خليفة ثنا أبو الوليد الطّيالسي ثنا عبد العزيز بن أبي سلمة عن أسامة بن زيد عن سعيد بن المسيّب قال لو لم أكن رجلا من قريش لأحببت أن أكون من أهل فارس أو من أهل إصبهان. وقال حجين بن المثنّى عن عبد العزيز بن أبي سلمة عن أبيه قال سمعت سعيد بن المسيّب يقول لو تمنّيت أن أكون من أهل بلد لتمنّيت أن أكون من أهل إصبهان. حدّثنا أبو حامد بن محمّد بن رستة ثنا أبو بكر بن أبي عامر المؤذّن حدّثني عبد الله بن أبي إسماعيل بن أبي عليّ المكّي ثنا أحمد بن أبي حميد ثنا عبد العزيز بن عبد المنعم سمعت عمّي إدريس يقول سمعت وهب بن منبّه يقول كتب نمروذ بن كنعان يستمدّ الرجال والأموال والأنفس أن يحاربوا ربّ العالمين قال فكتبوا إليه من كلّ البلدان نعم نعم ما خلا إصبهان وإنّهم قالوا لا طاقة لنا بإله السماء ونحارب من شئت من أهل الأرض قال فشكر الله لهم ذلك فعذب ماؤهم وطاب هواؤهم وكثر فاكهتهم وصحّ تربتهم في الشتاء والصيف. قال وهب وبلغني أنّ الميّت يدفن بإصبهان فبعد مائة سنة تراه جافا في قبره (١) رواه الخصيب بن جحدر عن وهب نحوه حدّثنا عبد الله بن محمّد ثنا إسحاق بن أحمد الفارسي حدّثني أبو صالح محمّد بن إسماعيل ثنا محمّد بن أيّوب الضرّاب الإصبهاني ثنا نعيم بن حمّاد عن رجل ذكره عن خصيب بن جحدر عن وهب بن منبّه قال لمّا تأبّى نمروذ وجحد قدرة الربّ تعالى بعث إلى أهل النواحي يحشرهم لمحاربة ربّ العزّة فتفرقوا وصاروا في جبال إصبهان وقالوا كلّا لا نجحد قدرة الربّ ربّ السماء فأنبت الله في تربتها الزعفران وألقى في جبالها الشّهد فبها سمّي إصبهان أي أصبه كافربد قال إسحاق وبنى ماربين يوشع بن نون وذلك أنّه يقال كان يجول في الدنيا فدخل إصبهان فنزل الموضع الذي يقال له ماربين وإنّما سمّي ماربين لأنّهم بصروا بحيّة ارتفعت من الأرض فقيل ليوشع ماربين أي انظر إلى الحيّة فسمّى ماربين بها. حدّثنا عبد الله بن

__________________

(١) قال ياقوت الحموي في معجم البلدان : سألت جماعة من عقلاء أهل أصبهان عما يحكى من بقاء جثة الميت في مدفنها فذكروا لي أن ذلك بمواضع منها مخصوص وهو في مدفن المصلى لا في جميع أرضها.أنظر (١ / ٢٠٧)

٦٤

محمّد ثنا محمّد بن محمّد بن فورك ثنا عليّ بن عاصم ثنا شاذة بن المسور ثنا نصير بن الأزهر ثنا أبو عبيد محمّد بن أحمد ثنا محمّد بن يحيى الناجي قال وجدت في بعض الكتب عن وهب بن منّبه زعم أنّ نمروذ بن كنعان كتب في البلاد يستمدّهم لمحاربة ربّه تعالى فأجابوه كلهم إلّا أهل إصبهان فإنّهم قالوا نحن لا طاقة لنا بمحاربة ربّ العالمين أو قال ربّ السماء قال فشكر الله لهم فطيّب ماءهم وطيّب فواكههم وطيّب هواءهم. سمعت أبا محمّد بن حيّان يقول سمعت من يحكي عن إبراهيم ابن محمّد النحوي قال خرج قوم من أهل إصبهان إلى ذي الرئاستين في حوائج لهم فقال لهم ذو الرئاستين من أين أنتم قالوا من أهل إصبهان قال أنتم من الذين لا يزال فيهم ثلاثون رجلا مستجابي الدعوة قالوا وكيف ذاك قال إنّ نمروذ بن كنعان لمّا أراد أن يصعد إلى السماء كتب في البلدان يدعوهم إلى محاربة ربّ العالمين فأجابوه كلهم إلا أهل إصبهان فحمل منهم ثلاثين رجلا مقيدين فلمّا أن نظروا إلى وجه إبراهيم صلّى الله عليه آمنوا به فقال إبراهيم اللهم اجعل أبدا بإصبهان ثلاثين رجلا يستجاب دعاؤهم فلا يزال بإصبهان ثلاثون رجلا يستجاب دعاؤهم. وكان نمروذ أوّل من ملك من الملوك الذين ملكوا الدنيا شرقا وغربا وهو نمروذ بن كوش بن كنعان بن حام. وقال بعض النسّابة ابن سنحاريب بن كنعان بن كوش بن حام وهو صاحب النسور وهو الذي حاجّ إبراهيم في ربّه بقي في ملكه سبعين سنة لا يمسّه أحد ولا يمسّ أحدا من الناس وهو أوّل من لبس التاج وبنى الصّرح لمحاربة ربّ السماء وهو أوّل من جمع الناس لذلك فيما حدّثناه أبو بكر أحمد بن السنديّ ثنا الحسن بن علّويه القطّان ثنا إسماعيل بن عيسى ثنا إسحاق بن بشر أخبرني عبد الله بن زياد بن سمعان أخبرني بعض من قد قرأ الكتب أنّ نمروذ كتب إلى القبائل والعشائر والبلاد وكلّ ملك ما بين المشرق إلى المغرب ذلّت له ملوك الأرض وكان ينزل أرض السواد قال فجمعهم فلمّا اجتمعوا وكان لا يظهر للناس قال فجلس لهم فقال لهم أتعلمون لم دعوتكم وجمعتكم قالوا لا قال فإنّه قد بلغني أنّه كان قبلكم أمم وقرون وأنّ في السماء ملكا أهلكهم أرسل عليهم الطّوفان وإنّي أرى من الرأي أن أبني صرحا فارتفع إلى السماء فيكون الملك لي أو له فإن كان لي أمنتم من بأسه وإن لم يكن لي أمنتم قالوا رأينا لرأي الملك قال فخرجوا يأتمرون في موضع الصرح فأصبحوا وقد تبلبلت ألسنتهم لا يعرف أحد لغة صاحبه فلم يتهيّأ له. وقال مجاهد إنّما تبلبلت الألسن يوم جعل الله

٦٥

النار على إبراهيم بردا وسلاما. حدّثنا أبو بكر [أحمد] بن السنديّ ثنا الحسن بن علّويه القطّان ثنا إسماعيل بن عيسى ثنا إسحاق بن بشر قال وذكر ابن السنديّ عن أبيه عن مجاهد أنّ نمروذ بنى الصرح فارتفع في السماء صرح له سبعة آلاف درجة قال وجعل يرمي في السماء فرجع إليه نبله مختضبا دما فأرسل إلى أهل الأرض إنّي قتلت ملك السماء فبعث الله جبريل عليه‌السلام فصاح في أسفل الصرح صيحة فصار رميما وسقط عن صرحه على مزبلة تصيب خياشيمه وشفته عذرة إنسان حتى انغمس فيها هوانا منه على الله ونزلت هذه الآية فيه (فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ)(١) حدّثنا أحمد بن إسحاق ثنا محمّد بن إسحاق بن ملّة ثنا محمّد بن الحسن بن أيّوب ثنا أبو حاتم السجستاني قال سمعت الأصمعي يقول إصبهان سرّة العراق. حدّثنا أبو جعفر محمّد بن أحمد بن عمرو الطهراني المؤدّب ثنا عمر بن أحمد السامرّي الخزّاز ثنا أحمد بن الحسن الواسطي ثنا أحمد بن محمد بن غالب غلام الخليل ثنا هدبة بن خالد ثنا حماد بن سلمة في قول الله عزوجل قال لمّا قال للسموات والأرض (ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ)(٢) أجابه أرض إصبهان فإصبهان فم الدنيا ولسانها. حدّثنا سليمان بن أحمد إملاء قال سمعت عبد الله بن محمّد بن عمران يقول سمعت عبد الرحمن بن عمر رسته يقول سمعت محمّد بن يوسف يقول خيار أهل إصبهان من خيار الناس وشرارهم شرار الناس. حدّثنا أبي ثنا أحمد بن [محمّد بن] عمر ثنا عبد الله بن محمّد بن عبيد حدّثني إبراهيم بن سعيد ثنا أبو نعيم عن قيس عن أبي حصين أنّ عثمان بن عفّان أجاز الزّبير بن العوّام بستمّائة ألف فمرّ على أخواله بني كاهل فقال أيّ المال أجود قالوا مال إصبهان قال أعطوني من مال إصبهان. حدّثنا إبراهيم بن عبد الله ثنا محمّد بن إسحاق ثنا قتيبة بن سعيد ثنا جرير عن الأعمش عن أبي وائل قال دخلت على عبيد الله بن زياد مع مسروق بالبصرة فإذا بين يديه تلّ من ورق ثلاثة آلاف ألف من خراج إصبهان فقال يا أبا وائل ما ظنّك برجل يموت ويدع مثل هذا قال فقلت وكيف إذا كان من غلول قال فذاك شرّ على شرّ. حدّثنا عبد الله بن محمّد بن جعفر قال سمعت عبد الرحمن بن محمّد بن زيد يقول سمعت محمّد بن سليمان لوين يقول

__________________

(١) سورة النحل الآية : ٢٦.

(٢) سورة فصلت الآية : ١١.

٦٦

ما رأيت كورة أحسن بناء وأعذب ماء من هذه الكورة وجعل يذكر أنهارها وكثرة أهلها وعمرانها ونظافة طرقها فقال لو كانت مجالس لصلح لها ثمّ نظر إلى نهر فدين فاعجبه فقال لو أقمت بكورة ما أقمت إلا بإصبهان. وحدّث عن ابن أبي الزناد عن هشام بن عروة قال ما ليم قوم نزلوا على ماء عذب. سمعت [أبا] محمّد بن حيّان يقول سمعت بعض أهل العلم يقول لمّا سار ذو القرنين في شرق الدنيا وغربها طالبا لماء الحيوان أخذ على البر ثمّ رجع على البحر فلم يدع مدينة إلّا دخلها عنوة أو صلحا فلمّا انتهى إلى إصبهان دخل مدينتها ولم ينزلها وخرج عنها حتّى إذا بلغ بابها الشرقيّ دعى بالفعلة فقال احفروا في هذا الموضع حفرة حتّى تبلغوا الماء فحفروا خارج الباب حفرة فبلغوا الماء في ساعة وهو واقف على دابّته فقالوا قد بلغنا الماء فقال اكبسوها وردّوا ما أخرجتم منها وأعيدوها كما كانت ففعلوا ولم يبق ممّا أخرج منها شيء واحتاج إلى زيادة فقالوا أيّها الملك قد رددنا ما حفرنا منها إلى الموضع فلم تستو الحفرة ولا رجعت إلى ما كنت عليه فقال هذه مدينة قحطة لا تخلو من قحط المطر والسعر الغالي ثمّ ارتحل عنها من ساعته ماضيا. وسمعت أبا عبد الله محمّد بن عبد الرحمن بن مخلد وكان من الحفّاظ المتقنين يقول وقتل بإصبهان جهم بن صفوان لعنه الله ترك الصلاة أربعين يوما زعم أنّه يرتاد دينا وذلك أنّه شكّ في الإسلام قتله سلم بن أحوز عامل كان بإصبهان من قبل بني أميّة وذاك أنّه كتب إليه بلغني أنّ قبلك رجلا من الدّهريّة يقال له جهم بن صفوان فإن قدرت عليه فاقتله فقتله على هذا القول كذا سمعته يقول وحدّثناه في مجموعه في فضيلة الفرس مرسلا من غير إسناد. حدّثنا أحمد بن إسحاق ثنا عبد الرحمن بن أحمد بن نبيه سمعت إبراهيم بن عيسى الزاهد يقول كنّا نختلف إلى الشاذكوني إلى المدينة فقال لأهل اليهوديّة إذا فرغنا من المجلس فتعالوا إلى البيت لأزيدكم شيئا قال فكان يملي علينا خمسة ستّة عشرة قال فجاء أهل المدينة وأهل اليهوديّة من أيّام أبي موسى لأنّ أهل اليهوديّة جاءوا مع أبي موسى إلى المدينة حتّى أخذوها فوقعت هذه العداوة من يومئذ.

قال الشيخ رحمه‌الله بدأنا بعون الله بذكر من قدم إصبهان من الصّحابة رضوان الله عليهم وتسميتهم مجرّدا من أخبارهم ليسهل حفظها ومعرفة أساميهم على من أرادها ثم نذكرهم بأنسابهم وأسنانهم وبعض أحوالهم مقرونا بما يقرب ويسهل من

٦٧

بعض أحاديثهم إن شاء الله. فمنهم ريحانة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهما‌السلام وسابق مولود المهاجرين في دار الهجرة عبد الله بن الزّبير بن العوّام رضي‌الله‌عنهما وسابق الفرس وقائد العجم سلمان الفارسيّ رضي‌الله‌عنه والحبر الركين والعامل الأمين سابق اليمن أبو موسى الأشعري وابنه المستشهد بإصبهان موسى بن أبي موسى رضي‌الله‌عنهما وحافر الآبار وباني الحياض للحجيج والعمّار عبد الله بن عامر بن كريز وناصب الألوية والرايات عبد الله بن بديل بن ورقاء والمقدّم للفتوح والمقدام في الحروب عبد الله بن عبد الله بن عتبان الأنصاري والمشهور المقام والمذكور الأيّام عائذ بن عمرو المزني والعامل الأمين عبد الله بن يزيد الخطمي الأنصاري والبطل الصّريع الحسن الصنيع رافع بن خديج والمتولّي للجنود والحافظ للعهود خالد بن غلّاب وشاهد الفتح الشافع للبيعة مجاشع بن مسعود السّلمي والمشهود له بالشهادة حممة الدّوسي وعتبة بن فرقد شهد مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم غزوتين والشاعر الحكيم المدعو له بالثبات والتبيين النابغة الجعدي والواقف مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مخنف بن سليم الغامدي وأهبان بن أوس الأسلمي مكّلم الذئب والمتغطّي بفراش الرسول والمتوضّىء في مخضبه صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبو إبراهيم مولى أمّ سلمة وعتيقة والسائب بن الأقرع الثّقفي والمرأة التي ذكرها سلمان [الفارسيّ] أنّها سبقته إلى الإسلام قيل إنّ أسمها أمة الله رضي‌الله‌عنهم أجمعين.

٦٨

ذكر سيّد الشباب والمصلح بين الأقارب والأحباب

١ ـ الحسن بن علي بن أبي طالب شبيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وحبيبه سليل الهدى وحليف أهل التّقى خامس أهل الكساء وابن سيّدة النساء الحسن بن عليّ بن أبي طالب رضي‌الله‌عنهما كان مولده في سنة خمس وقيل سنة ثلاث من الهجرة يكنى أبا محمّد توفّي وهو ابن ثمان وخمسين سنة بالمدينة حجّ عشرين حجّة ماشيا وقاسم ماله ربّه تعالى ثلاث مرار وتجرد من ماله مرّتين دخل إصبهان غازيا مجتازا إلى غزاة جرجان.

حدّثنا أبي وأبو محمّد بن حيّان قالا ثنا محمّد بن نصير ثنا إسماعيل بن عمرو البجلي ثنا العبّاس بن الفضل عن القاسم عن محمّد بن عليّ قال قال الحسن بن عليّ إنّي لأستحي من ربّي أن ألقاه ولم أمش إلى بيته فمشى عشرين مرّة من المدينة على رجليه.

حدّثنا سليمان بن أحمد ثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي ثنا جندل بن والق ثنا محمّد بن حبيب العجلي عن إبراهيم بن حسن عن زياد بن المنذر عن

__________________

(١) جاءت ترجمته في : طبقات المحدثين بإصبهان والواردين عليها لأبي الشيخ الأنصاري (١ / ١). وفي تاريخ اليعقوبي (٢ / ٢١٤) وفي الثقات لابن حبان (٣ / ٦٧). وفي الحلية لأبي نعيم الأصبهاني صاحب الأخبار هذه (٢ / ٣٥). وفي الإستيعاب لابن عبد البر (١ / ٣٦٩) وفي تاريخ بغداد (١ / ١٣٨). وفي صفوة الصفوة (١ / ٧٥٨) وفي أسد الغابة (٢ / ٩) وفي تهذيب الأسماء واللغات (١ / ١٥٨) للنووي وفي سير اعلام النبلاء (٣ / ١٦٤) للذهبي وفي الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني () وفي التهذيب (٢ / ٢٩٥) وفي الاعلام للزركلي (٢ / ٢١٤).

٦٩

عبد الرحمن بن مسعود العبدي عن عليم عن سلمان قال أنزلوا آل محمّد بمنزلة الرأس من الجسد وبمنزلة العين من الرأس فإنّ الجسد لا يهتدي إلّا بالرأس وإنّ الرأس لا يهتدي إلّا بالعينين.

حدّثنا عبد الله بن جعفر ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود ثنا شعبة أخبرني بريد بن أبي مريم قال سمعت أبا الحوراء السّعدي قال قلت للحسن بن عليّ ما تذكر من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فإنّ الصدق طمأنينة وإنّ الكذب ريبة. روى عن بريد بن أبي مريم أبو إسحاق السّبيعي والحسن بن عبيد الله النّخعي والحسن بن عمارة والعلاء بن صالح ويونس بن أبي إسحاق.

حدّثنا عبد الله بن محمّد بن جعفر ثنا محمّد بن إبراهيم بن عامر ثنا أبي وعمّي قالا ثنا أبي ثنا أبو غالب النضر بن عبد الله الأزدي كوفيّ قدم إصبهان ثنا محمّد بن عبد الوهّاب عن الحسن بن عليّ بن أبي طالب قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.

حدّثنا محمّد بن حميد بن سهيل ثنا العباس بن أحمد بن محمّد بن عيسى البرتي ثنا محمّد بن سليمان لوين ثنا حديج بن معاوية عن أبي إسحاق عن أبي وائل عن الحسن بن عليّ بن أبي طالب قال جاءت امرأة إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم معها ابناها فأعطاها ثلاث تمرات فأعطت كلّ واحد تمرة فأكلاها ثمّ نظرا إلى أمّهما فشقّت التمرة باثنين فأعطت كلّ واحد منهما نصف تمرة فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رحمها الله برحمتها ابنيها.

حدّثنا سليمان بن أحمد ثنا إبراهيم بن هاشم البغوي ثنا إسماعيل بن سيف ثنا جعفر بن سليمان عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة قال دخلت مع عليّ بن أبي طالب إلى الحسن بن عليّ نعوده فقال له عليّ كيف أصبحت يا ابن رسول الله قال أصبحت بحمد الله بارئا قال كذاك إن شاء الله ثمّ قال الحسن أسندوني فأسنده عليّ إلى صدره فقال سمعت جدّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول إنّ في الجنّة شجرة يقال لها شجرة البلوى يؤتى بأهل البلاء يوم القيامة فلا يرفع لهم ديوان ولا ينصب لهم ميزان يصبّ عليهم الأجر صبّا وقرأ (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ)(١) حدّثنا

__________________

(١) سورة الزمر الآية : (١٠).

٧٠

محمّد بن الحسن بن كوثر ثنا محمّد بن سليمان بن الحارث ثنا عبيد الله بن موسى عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق عن هبيرة بن يريم أنّ الحسن بن عليّ قام وخطب الناس فقال لقد فارقكم بالأمس رجل لم يسبقه الأوّلون ولا يدركه الآخرون كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يبعثه فيعطيه الراية لا يرتدّ حتّى يفتح الله عليه جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره وما ترك صفراء ولا بيضاء إلّا سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يشتري بها خادما.

رواه عن أبي إسحاق الأكابر والأعلام سفيان الثّوري والأجلح وزيد بن أبي أنيسة وصدقة بن أبي عمران وشريك ويزيد بن عطاء وعليّ بن عابس فحديث الثوري رواه عنه محمّد بن كثير فاختصره وحديث الأجلح رواه عنه بكّار بن زكريّاء بطوله وحديث زيد بن أبي أنيسة رواه عنه عبيد الله بن عمرو الرّقّي مطوّلا وحديث صدقة بن أبي عمران رواه عنه عليّ بن هاشم بن البريد مختصرا وحديث شريك رواه عنه عليّ بن حكيم الأودي وغيره مختصرا وحديث يزيد بن عطاء رواه عنه يحيى بن إسحاق السّيلحيني مطوّلا وحديث عليّ بن عابس رواه عنه إسماعيل بن زكريّاء رواه عنه ضرار بن صرد مختصرا أيضا.

حدّثنا جعفر بن محمّد بن عمرو ثنا أبو حصين محمّد بن الحسين ثنا يحيى الحمّاني ثنا شريك عن سماك بن حرب عن قابوس بن مخارق عن أمّ الفضل أنّها قالت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إنّي رأيت في المنام كأنّ عضوا من أعضائك في بيتي أو في حجرتي قال تلد فاطمة غلاما تكفلينه قال فولدت فاطمة حسنا فدفعه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم إليها فارضعته بلبن ابنها قثم بن العبّاس. وكذا رواه شريك.

ورواه عليّ بن صالح عن سماك عن قابوس عن أبيه عن أمّ الفضل حدّثناه سليمان بن أحمد ثنا عليّ بن عبد العزيز ثنا عثمان بن سعيد المرّي ثنا عليّ بن صالح عن سماك بن حرب عن قابوس بن المخارق الشّيباني عن أبيه قال جاءت أمّ الفضل إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالت إنّي رأيت بعض جسمك فيّ قال نعم ما رأيت تلد فاطمة غلاما وترضعينه بلبن قثم.

٧١

ذكر المحنّك بريق النبوّة المشرّف بالأمومة والأبوّة

٢ ـ عبد الله بن الزبير بن العوام ابن الحواريّ وسبّط الصدّيق عبد الله بن الزّبير بن العوّام أبي خبيب وقيل أبو بكر الصوّام القوّام الكريم على الأبراز الشديد على الأشرار المصلوب ظلما والمنكوب صرما كان مولده بقباء أوّل مقدم المهاجرين المدينة بعد الهجرة بعشرين شهرا ومقتله بمكّة سنة ثلاث وسبعين كانت قدمته إصبهان مع الحسن بن عليّ في مخرجهما إلى جرجان غازيين.

حدّثناه عبد الله بن محمّد ثنا أبو بشر عن بعض مشايخه أنّ الحسن بن عليّ وعبد الله بن الزّبير رضي‌الله‌عنهما قدما إصبهان غازيين إلى جرجان.

ورواه غيره عن أبي بشر أحمد بن محمّد المروزي سمعت العبّاس بن عبد الرحيم في إسناد ذكره أن الحسن قدم مع عبد الله بن الزّبير غازيين إلى جرجان على طريق إصبهان.

حدّثنا أحمد بن محمّد بن عبد الوهّاب النّيسابوري ثنا أبو العبّاس السرّاج ثنا محمّد بن الصبّاح ومحمّد بن ميمون قالا ثنا سفيان عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة قال ذكر ابن الزّبير عند ابن عبّاس فقال كان عفيفا في الإسلام قارئا للقرآن أبوه الزّبير وأمّه محاسبة لم أحاسبها لأبي بكر ولا لعمر.

__________________

(٢) جاءت ترجمته في : طبقات أصبهان لأبي الشيخ (١ / ٢) وفي تاريخ الطبري (٧ / ٢٥٢) وفي الثقات (٣ / ٣١٢) وفي الحلية لأبي نعيم صاحب هذه الأخبار (١ / ٣٢٩) وفي جمهرة أنساب العرب لابن حزم الأندلسي ص ١١٣ وفي الاستيعاب لابن عبد البر (٢ / ٣٠٠) وفي أسد الغابة لابن الأثير (٣ / ١٦١) وفي الجمع بين رجال الصحيحين ص (٢٤٠) وفي تهذيب تاريخ ابن عساكر (٧ / ٣٩٦) وفي صفوة الصفوة (١ / ٧٦٤) وفي تهذيب الاسماء واللغات (١ / ٢٦٦) وفي سير أعلام النبلاء للذهبي (٣ / ٢٤٤) وفي البداية والنهاية لابن كثير (٨ / ٣٣٢) وفي تهذيب التهذيب (٥ / ٢١٣) وفي أعلام الزركلي (٤ / ٢١٨) وفي الإصابة (٤ / ٦٩) أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق ولد عام الهجرة وخالته عائشة أم المؤمنين. أحد العبادلة وأحد الشجعان من الصحابة وأحد من ولي الخلافة منهم يكنى أبا بكر ثم قيل له أبو حبيب. بويع بالخلافة بعد موت يزيد بن معاوية سنة أربع وستين ولم يتخلف عنه إلا بعض أهل الشام. وهو أول مولود للمهاجرين بعد الهجرة فكبر الصحابة حين ولد.

وفي البخاري عن ابن عباس أنه وصف ابن الزبير فقال : عفيف الإسلام قارىء القرآن أبوه حواري رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأمه بنت الصديق وجدته صفية عمة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعمة أبيه خديجة بنت خويلد. وقتل في قتاله الحجاج في جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين من الهجرة. وهو المحفوظ. (الإصابة ٤ : ٦٩).

٧٢

حدّثنا محمّد بن أحمد بن الحسن ثنا أبو حنيفة الواسطي ثنا سليمان بن داود بن ثابت ثنا محمّد بن ماهان ثنا محمّد بن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي عن عبد الله بن أبي مليكة عن عبد الله بن الزّبير قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من قرأ القرآن ظاهرا أو نظرا أعطاه الله شجرة في الجنّة.

حدّثنا محمّد بن إسحاق بن إبراهيم الأهوازي ثنا عليّ بن أحمد بن بسطام ثنا سهل بن عثمان ثنا يحيى بن زكريّاء بن أبي زائدة ثنا أبي عن أبي إسحاق عن سبيع السّلولي عن عبد الله بن الزّبير قال سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول يكون في أمّتي ثلاثون دجّالا كذّابا. رواه قيس بن الربيع عن أبي إسحاق نحوه.

حدّثنا محمّد بن أحمد بن مخلد ثنا إبراهيم بن الهيثم البلدي ثنا آدم بن أبي إياس ثنا أبو عمر الصّنعاني عن موسى بن عقبة عن أبي الزّبير عن عبد الله بن الزّبير قال كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول عند انقضاء صلاته لا إله إلّا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيء قدير لا حول ولا قوّة إلّا بالله ولا نعبد إلّا إيّاه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلّا الله مخلصين له الدّين ولو كره الكافرون.

رواه ابن وهب عن يحيى بن سالم بن عبد الله عن موسى بن عقبة ورواه عبيد الله بن عمر وحجّاج الصوّاف عن أبي الزّبير عن عبد الله نحوه.

حدّثنا أبو القاسم إبراهيم بن أحمد بن أبي حصين ثنا محمّد بن عبد الله الحضرمي وحدّثنا سليمان بن أحمد ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل وأحمد بن يحيى بن خالد بن حيّان الرّقّي ح وحدّثنا حبيب بن الحسن ثنا عمر بن أيّوب بن مالك قالوا ثنا أبو عبيدة بن فضيل بن عياض ثنا مالك بن سعير ثنا فرات بن أحنف حدّثني أبي عن عبد الله بن الزّبير أنّه قام في باب دار خلافته إلى المسجد مسجد منى فقال إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال في حجّة الوداع أيّ بلد أحرم فقيل مكّة فقال أيّ شهر أحرم فقيل ذو الحجّة فقال أيّ يوم أحرم فقيل يوم النّحر يوم الحجّ الأكبر فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم دماؤكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربّكم كحرمة يومكم هذا في شهركم [هذا] في بلدكم هذا.

٧٣

ذكر سابق الفرس وصاحب الغرس

٣ ـ سلمان الفارسي المشتاق إليه عروس الجنان الحور الحسان سلمان الفارسي أبي عبد الله رضي‌الله‌عنه يقال إنّ اسمه ماهويه وقيل مابه بن بدخشان بن آذرجشنس من ولد منوشهر الملك وقيل كان اسمه بهبود بن خشان اختلف في سنه فقيل عاش ثلاثمائة وخمسين سنة والذي لا يشكّ فيه مائتين وخمسين سنة.

حدّثناه عبد الله بن محمّد بن جعفر قال سمعت جعفر بن أحمد بن فارس قال سمعت العبّاس بن يزيد يقول لمحمّد بن النّعمان يقول أهل العلم عاش سلمان ثلاثمائة وخمسين سنة فأمّا مائتين وخمسين فلا يشكّون فيه.

وكان من المعمّرين قيل إنّه أدرك وصيّ عيسى بن مريم عليه‌السلام وأعطي العلم الأوّل والآخر وقرأ الكتابين كان أحد النّجباء كان أمير المدائن ساكن إيوان كسرى ولّاه عمر بن الخطّاب المدائن وكان عطاؤه خمسة آلاف يتصدّق بعطائه ويأكل من كسب يده يسفّ الخوص توفّي في خلافة عثمان بن عفّان في آخرها وقبره بالمدائن سنة ثلاث وثلاثين شهد الخندق وما بعده من المشاهد.

حدّثنا سليمان بن أحمد ثنا عليّ بن عبد العزيز ثنا أبو حذيفة ثنا عمارة بن زاذان عن ثابت عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم السّبّاق أربعة أنا سابق العرب وصهيب سابق الروم وسلمان سابق الفرس وبلال سابق الحبش.

__________________

(٣) جاءت ترجمته في : طبقات المحدثين بإصبهان والواردين عليها (١ / ٣) وفي السيرة لابن إسحاق(١ / ٦٦)

وفي سيرة ابن هشام (١ / ١٩٨) وفي الطبقات لابن سعد (٤ / ٧٥) وفي الثقات (١ / ٢٤٩) وفي حلية الأولياء لأبي نعيم أيضا (١ / ١٨٥) وفي مروج الذهب للمسعودي (١ / ٣٢٠) وفي دلائل النبوة (١ / ٨٧) وفي الاستيعاب (٢ / ٥٦) وفي تاريخ بغداد (١ / ١٦٣) وفي تهذيب تاريخ ابن عساكر (٦ / ١٨٨) وفي صفوة الصفوة (١ / ٢١٠) وفي تهذيب الأسماء واللغات (١ / ٢٢٦) وفي أسد الغابة (٢ / ٣٢٨) والذهبي في سير النبلاء (١ / ٣٦٢) وفي التهذيب (٤ / ١٣٨) وفي الاصابة (٣ / ١١٣).

أبو عبد الله الفارسي ويقال سلمان بن الإسلام وسلمان الخير أصله من رام هرمز وقيل من إصبهان. وقال ابن عبد البر كان عالما زاهدا. كان أول مشاهده الخندق وشهد بقية المشاهد وفتوح العراق وولي المدائن.

وقيل كان إسمه مابه بكسر الموحدة بن بود قاله ابن مندة وقيل إسمه بهبود. مات قبل ابن مسعود (الإصابة ٣ / ١١٣). وعاش سلمان ثلثمائة وخمسين سنة كذا قال أكثر أهل العلم وكذا قال أبو الشيخ في الطبقات (١ / ٣).

٧٤

ورواه محمّد بن جحادة عن أنس حدّثنا محمّد بن أحمد بن الحسن ثنا عمر بن أيّوب ثنا محمّد بن بكّار ثنا يحيى بن عقبة بن أبي العيزار عن محمّد بن جحادة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنا سابق ولد آدم وسلمان سابق أهل فارس. حدّثنا محمّد بن إسحاق بن إبراهيم ثنا أحمد بن سهل بن أيّوب ثنا عليّ بن بحر ثنا سلمة الأبرش ثنا عمران الطائي قال سمعت أنس بن مالك يقول سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول إنّ الجنّة تشتاق إلى أربعة عليّ وسلمان وعمّار والمقداد. عمران هو ابن وهب رواه عنه أيضا إبراهيم بن المختار.

ورواه الحسن عن أنس حدّثنا سليمان بن أحمد ثنا عليّ بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم ثنا الحسن بن صالح عن أبي ربيعة عن الحسن عن أنس عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال ثلاثة تشتاق إليهم الحور العين عليّ وسلمان وعمّار.

حدّثنا محمّد بن أحمد بن الحسن ثنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا مسروق بن المرزبان ثنا يحيى بن زكريّاء بن أبي زائدة ثنا محمّد بن إسحاق حدّثني عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن ابن عبّاس قال حدثني سلمان الفارسي حديثه من فيه قال كنت رجلا فارسيا من أهل إصبهان من أهل قرية يقال لها جيّ وكان أبي دهقان قريته وكنت من أحبّ الخلق إليه فما زال حبّه إيّاي حتّى حبسني في بيت كما تحبس الجارية وكنت قد اجتهدت في المجوسيّة حتّى كنت قاطن النار أوقدها لا أتركها تخبو ساعة اجتهادا في ديني فذكر إسلامه بطوله.

رواه زياد البكّائي ويونس بن بكير وإبراهيم بن سعد وزفر بن قرّة بن خالد عن محمد بن إسحاق حدّثناه أبو محمّد بن حيّان ثنا محمّد بن أحمد بن معدان ثنا الحجّاج بن قتيبة ثنا زفر بن قرّة بن خالد حدّثني محمّد بن إسحاق مثله.

حدّثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان قال قرأت على محمّد بن حميد الرازي ثنا عبد الله بن عبد القدّوس ثنا عبيد المكتب عن أبي الطّفيل قال حدّثني سلمان الفارسي قال كنت رجلا من أهل جيّ وكانوا يعبدون الخيل البلق وكنت أعرف أنّهم ليسوا على شيء فقال لي بعض أهلها إنّ الذي تطلب في العرب فخرجت حتّى أتيت الموصل فسألت عن أعلم رجل فيها فقيل فلان في صومعته فأتيته فقصصت عليه القصّة فذكر الحديث بطوله.

٧٥

ورواه الثّوري عن عبيد المكتب مختصرا حدّثنا سليمان بن أحمد ثنا الحضرمي ثنا عبد الله بن أبي زياد ثنا معاوية بن هشام ثنا سفيان عن عبيد المكتب عن عامر بن واثلة عن سلمان قال أنا من جيّ.

ورواه سلم بن الصّلت عن أبي الطّفيل بطوله حدّثنا سليمان بن أحمد ثنا يحيى بن نافع أبو حبيب المصري ثنا سعيد بن أبي مريم ثنا ابن لهيعة حدّثني يزيد بن أبي حبيب حدّثني سلم بن الصلت العبدي عن أبي الطّفيل البكري أنّ سلمان الخير حدّثه قال كنت رجلا من أهل جيّ مدينة إصبهان فبينا أنا إذ ألقى الله في قلبي من خلق السموات والأرض فانطلقت إلى رجل لم يكن يكلّم الناس يتحرّج فسألته أيّ الدين أفضل فقال ما لك ولهذا الحديث أتريد دينا غير دين أبيك قلت لا ولكن أحبّ أن أعلم من ربّ السموات والأرض وأيّ دين أفضل قال ما أعلم أحدا على هذا غير راهب بالموصل قال فذهبت إليه فكنت عنده فإذا هو قد أقتر عليه في الدنيا فكان يصوم النهار ويقوم الليل فكنت أعبد كعبادته فذكره بطوله.

حدّثنا عبد الله بن محمّد بن جعفر ثنا القاسم بن فورك ح وحدّثنا عبد الله بن يعقوب ثنا جدّي إسحاق بن إبراهيم بن جميل قالا ثنا عبد الله بن أبي زياد القطواني ثنا سيّار بن حاتم العنزي ثنا موسى بن سعيد الراسي ثنا أبو معاذ عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن سلمان الفارسي قال أنّي كنت فيمن ولد برامهرمز وبها نشأت وأمّا أبي فمن أهل إصبهان وكانت أمّي لها غنى وعيش فأسلمتني أمّي إلى الكتّاب وكنت أنطلق مع غلمان من قريتنا إلى أن دنا منّي فراغ من كتّاب الفارسيّة ولم يكن في الغلمان أكبر منّي ولا أطول وكان ثمّ جبل فيه كهف في طريقنا فمررت ذات يوم وحدي فإذا أنا فيه برجل طويل عليه ثياب شعر ونعلان من شعر فأشار إليّ فدنوت منه فقال يا غلام تعرف عيسى بن مريم فقلت لا ولا سمعت به قال أتدري من عيسى بن مريم هو رسول الله آمن بعيسى أنّه رسول الله وبرسول يأتي من بعده اسمه أحمد أخرجه الله من غمّ الدنيا إلى روح الآخرة ونعيمها قلت ما نعيم الآخرة قال نعيمها لا يفنى فلمّا قال إنّها لا تفنى فرأيت الحلاوة والنور تخرج من شفتيه فعلقه فؤادي وفارقت أصحابي وجعلت لا أذهب ولا أجيء إلّا وحدي وكانت أمّي ترسلني إلى الكتّاب فأنقطع دونه وكان أوّل ما علّمني شهادة أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأنّ عيسى بن مريم رسول الله ومحمّدا بعده رسول الله والإيمان بالبعث بعد الموت فأعطيته

٧٦

ذلك وعلّمني القيام في الصلاة فكان يقول إذا قمت في الصلاة فاستقبلت القبلة فإن احتوشتك النار فلا تلتفت وإن دعتك أمّك أو أبوك في صلاة الفريضة فلا تلتفت إلّا أن يدعوك رسول من رسل الله وإن دعاك وأنت في فريضة فاقطعها فإنّه لا يدعوك إلّا بوحي من الله وأمرني بطول القنوت وزعم أنّ عيسى عليه‌السلام قال طول القنوت الأمان على الصراط وأمرني بطول السجود وزعم أنّ طول السجود الأمان من عذاب القبر وقال لا تكوننّ مازحا لكن جادّا حتّى تسلّم عليك ملائكة الله أجمعين وقال لا تعصينّ في طمع ولا عبث حتّى لا تحجب عن الجنّة طرفة عين ثمّ قال إذا أدركت محمّدا الذي يخرج من جبال تهامة فآمن به واقرأ عليه‌السلام منّي وذكر إسلامه بطوله.

ذكر عتق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سلمان وكتاب عهده وولائه

حدّثنا أبو أحمد الغطريفي فيما قرأت عليه ثنا عبد الرحمن بن أحمد بن عبّاد الهمذاني عبدوس ثنا قطن بن إبراهيم ح وحدّثنا أبو محمّد بن حيّان والسياق له ثنا عبد الله بن محمّد بن الحجّاج وأبو بكر محمّد بن عبد الله المؤدّب قالا ثنا عبد الرحمن بن أحمد عبدوس ثنا قطن بن إبراهيم ح وحدّثنا أبو أحمد القاضي إملاء قال حدّثني عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن الحسن ثنا عبد الرحمن بن أحمد بن عبّاد الهمذاني يعرف بعبدوس ثنا قطن بن إبراهيم ثنا وهب بن كثير بن عبد الرحمن بن عبد الله بن سلمان الفارسي حدّثني أميّ عن أبي كثير بن عبد الرحمن بن عبد الله بن سلمان الفارسي عن أبيه عن جدّه أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أملى هذا الكتاب على عليّ بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه هذا ما فادى محمّد بن عبد الله رسول الله فدى سلمان الفارسي من عثمان بن الأشهل اليهودي ثمّ القرظي بغرس ثلاثمائة نخلة وأربعين أوقيّة ذهب فقد برىء محمّد بن عبد الله رسول الله لثمن سلمان الفارسي وولاؤه لمحمّد بن عبد الله رسول الله وأهل بيته فليس لأحد على سلمان سبيل شهد على ذلك أبو بكر الصدّيق وعمر بن الخطّاب وعليّ بن أبي طالب وحذيفة بن اليمان وأبو ذرّ الغفاري والمقداد بن الأسود وبلال مولى أبي بكر وعبد الرحمن بن عوف رضي‌الله‌عنهم وكتب عليّ بن أبي طالب يوم الاثنين في جمادى الأولى مهاجر محمّد بن عبد الله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٧٧

قال عبد الله بن محمّد بن الحجّاج ذكر هذا الحديث لأبي بكر بن أبي داود فقال لسلمان رضي‌الله‌عنه ثلاث بنات بنت بإصبهان وزعم جماعة أنّهم من ولدها وابنتان بمصر.

ذكر الحسن بن إبراهيم بن إسحاق البرجي المستملي وأخبرنيه عنه محمّد بن أحمد بن عبد الرحمن قال سمعته يقول سمعت أبا عليّ الحسين بن محمّد بن عمرو الوثّابي يقول رأيت هذا السجلّ يعني عهد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم لسلمان الفارسي بشيراز في يد سبط لغسّان بن زاذان بن شاذويه بن ماه بنداذ بن مابنداذ فرّوخ أخي سلمان بخطّ عليّ بن أبي طالب مختوم بخاتم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم فنسخت منه.

بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمّد رسول الله سأله سلمان وصيّة بأخيه مابنداذ فرّوخ وأهل بيته وعقبه من بعده ما تناسلوا من أسلم منهم أو أقام على دينه سلام الله أحمد إليك الله الذي أمرني أن أقول لا إله إلّا الله وحده لا شريك له أقولها وآمر الناس بها وإنّ الخلق خلق الله والأمر كلّه لله خلقهم ولغاتهم وهو ينشئهم وإليه المصير وإنّ كلّ أمر يزول وكلّ شيء يبيد ويفنى وكلّ نفس ذائقة الموت من آمن بالله ورسوله كان له في الآخرة ترعة الفائزين ومن أقام على دينه تركناه فلا إكراه في الدّين فهذا كتاب لأهل بيت سلمان إنّ لهم ذمّة الله وذمّتي على دمائهم وأموالهم في الأرض التي يقيمون فيها سهلها وجبلها ومراعيها وعيونها غير مظلومين ولا مضيق عليهم فمن قرىء عليه كتابي هذا من المؤمنين والمؤمنات فعليه أن يحفظهم ويبرّهم ولا يتعرّض لهم بالأذى والمكروه وقد رفعت عنهم جزّ الناصية والجزية والحشر والعشر وسائر المؤن والكلف ثمّ إن سألوكم فأعطوهم وإن استعانوا بكم فأعينوهم وإن استخاروا بكم فأخبروهم وإن أساءوا فاغفروا لهم وإن أسيء إليهم فامنعوا عنهم ولهم أن يعطوا من بيت مال المسلمين في كلّ سنة مائتي حلّة في شهر رجب ومائة حلة في ذي الحجة فقد استحقّ سلمان ذلك منّا لأن الله فضل سلمان على كثير من المؤمنين وأنزل عليّ في الوحي أنّ الجنّة إلى سلمان أشوق من سلمان إلى الجنّة وهو ثقة وأمين وتقي نقي ناصح لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وللمؤمنين وسلمان منّا أهل البيت فلا يخالفن أحد هذه الوصيّة فيما أمرت به من الحفظ والبرّ لأهل بيت سلمان وذراريّهم من أسلم منهم أو أقام على دينه ومن خالف هذه الوصيّة فقد خالف الله ورسوله وعليه اللعنة إلى يوم

٧٨

الدين ومن أكرمهم فقد أكرمني وله عند الله الثواب ومن آذاهم فقد آذاني وأنا خصمه يوم القيامة جزاؤه نار جهنّم وبرئت منه ذمتي والسلام عليكم.

وكتب عليّ بن أبي طالب بأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في رجب سنة تسع من الهجرة وحضره أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزّبير وعبد الرحمن وسعد وسعيد وسلمان وأبو ذرّ وعمّار وعيينة وصهيب وبلال والمقداد وجماعة آخرون من المؤمنين.

وذكره أيضا أبو محمد بن حيّان عن بعض من عني بهذا الشأن أنّ رهطا من ولد أخي سلمان بشيراز زعيمهم رجل يقال له غسّان بن زاذان معهم هذا الكتاب بخطّ علي بن أبي طالب في يد غسّان مكتوب في أديم أبيض مختوم بخاتم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وخاتم أبي بكر وعلي رضي‌الله‌عنهما على هذا العقد حرفا بحرف إلّا أنّه قال وكتب عليّ بن أبي طالب ولم يذكر عيينة مع الجماعة.

حدّثنا محمّد بن أحمد بن الحسن ثنا بشر بن موسى ثنا خلّاد بن يحيى ح وحدّثنا محمّد بن إسحاق ثنا إبراهيم بن سعدان ثنا بكر بن بكّار قالا ثنا مسعر ثنا عمرو بن مرّة عن أبي البختريّ قال سئل عليّ بن أبي طالب عن سلمان فقال تابع العلم الأوّل والعلم الآخر ولا يدرك ما عنده. رواه الأعمش عن عمرو بن مرّة نحوه.

حدّثنا عبد الله بن محمّد ثنا عبد الله بن جعفر ثنا إبراهيم بن محمّد بن مالك القطّان ثنا محمّد بن حميد ثنا عبد الله بن عبد القدوس ثنا عبيد المكتب عن أبي الطّفيل عن سلمان قال أعطاني النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مثل هذه يصغّرها بيده ليؤدّي مكاتبتي فصارت في يدي مثل هذه يعني فأضعفت فأدّيت مكاتبتي.

رواه شريك عن عبيد المكتب حدّثنا جعفر بن محمّد بن عمرو ثنا أبو حصين الوادعي محمّد بن الحسين ثنا يحيى بن عبد الحميد ثنا شريك عن عبيد المكتب عن أبي الطفيل عن سلمان قال كاتبت فأعانني النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بهنيّة من ذهب فلو وزنت بأحد كانت أثقل منه.

حدّثنا أبو عمرو بن حمدان ثنا الحسن بن سفيان ثنا دحيم ثنا ابن أبي فديك عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جدّه أنّ النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم خطّ الخندق عام الأحزاب فاحتجّ المهاجرون والأنصار في سلمان الفارسي وكان رجلا قويا فقال المهاجرون سلمان منا وقالت الأصار منّا فقال النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم سلمان منّا أهل البيت.

٧٩

رواه محمّد بن خالد بن عثمة عن كثير نحوه.

حدّثنا أبو عليّ محمّد بن أحمد بن الحسن ثنا إسحاق بن الحسن الحربي ثنا حسين بن محمّد المرّوذي ثنا شيبان عن قتادة في قوله (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ)(١) قال منهم سلمان وعبد الله بن سلام.

حدّثنا عبد الله بن محمّد بن جعفر ثنا محمّد بن الفضل بن الخطّاب ثنا محمّد بن الوليد العنزي ثنا موسى بن إسماعيل ثنا عبّاد بن العوّام عن هارون الأعور عن قتادة (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ)(١) قال سلمان.

حدّثنا سليمان بن أحمد ثنا عليّ بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم ثنا عبد السلام بن حرب عن عطاء بن السائب عن أبي البختريّ قال أصاب سلمان جارية فقال لها بالفارسية صلّي قالت لا قال اسجدي واحدة قالت لا قيل يا أبا عبد الله وما تغني عنها سجدة فقال إنّها لو صلّت صلّت وليس من له سهم في الإسلام كمن لا سهم له.

حدّثنا أبو محمّد بن حيّان ثنا محمّد بن العباس بن أيّوب ثنا يعقوب الدّورقي ثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن أبي عثمان عن سلمان قال كان لا يفقه كلامه من شدة عجمته وكان يسمّى خشبان.

حدّثنا أبو عليّ محمّد بن الحسن ثنا بشر بن موسى ثنا خلّاد بن يحيى ثنا فطر ابن خليفة عن أبي إسحاق قال سمعت أبا الحجّاج الأزدي قال لقيت سلمان بإصبهان قال فقلت له يا أبا عبد الله ألا تخبرني عن الإيمان بالقدر كيف هو قال أن تعلم أنّ ما أصابك لم يكن ليخطئك وأنّ ما أخطأك لم يكن ليصيبك ولا تقول لولا كذا لكان كذا

رواه الفريابي عن الثّوري عن أبي إسحاق وهذا الحديث يدّل على أنّه عاد إلى إصبهان وقدمها في أيّام عمر بن الخطاب.

حدّثنا القاضي أبو أحمد محمّد بن أحمد إبراهيم ثنا محمّد بن محمّد بن سليمان ثنا أبو محمّد عبد الله بن العبّاس بن البختريّ البهراني ثنا خالد بن الحباب ثنا سليمان التيمي عن أبي عثمان النّهدي عن سلمان الفارسي قال تداولني بضعة عشر من ربّ إلى ربّ.

__________________

(١) سورة الرعد الآية : (٤٣).

(١) سورة الرعد الآية : (٤٣).

٨٠