كتاب تاريخ أصبهان - ج ١

أحمد بن عبدالله بن أحمد بن إسحاق [ أبي نعيم الإصبهاني ]

كتاب تاريخ أصبهان - ج ١

المؤلف:

أحمد بن عبدالله بن أحمد بن إسحاق [ أبي نعيم الإصبهاني ]


المحقق: سيّد كسروي حسن
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٠
الجزء ١ الجزء ٢

ثمّ جلس. وقام عثمان بن عقّان فحمد الله وأثنى عليه فقال أمّا بعد فهذا يوم له ما بعده من الأيّام وإنّي أرى من الرأي يا أمير المؤمنين أن تسير بنفسك بأهل الحجاز وبأهل الشام والعراق حتّى تلقاهم بنفسك فإنّك أبعد العرب صوتا وأعظمهم منزلة. ثمّ قام عليّ بن أبي طالب فحمد الله وأثنى عليه فقال أمّا بعد يا أمير المؤمنين فهذا يوم له ما بعده من الأيّام وإنّي لا أرى يا أمير المؤمنين ما رأى هؤلاء القوم أن تسير بنفسك وبأهل الحجاز والشام والعراق فإنّ القوم إنّما جاءوا لعبادة الشيطان والله أشدّ تغييرا لما أنكر ولكني أرى أن تبعث إلى أهل الكوفة فتسيّر ثلثيهم وتدع ثلثا في حفظ ذراريّهم وجمع جزيتهم وتبعث إلى أهل البصرة فليورّوا ببعث. قال فقال عمر أشيروا عليّ من أستعمل منهم قالوا أنت يا أمير المؤمنين أفضلنا رأيا وأعلمنا بأهلك قال لأستعملنّ عليهم رجلا يكون لأوّل أسنّة يلقاها يا السائب بن الأقرع اذهب بكتابي هذا إلى النّعمان بن مقرّن المزني فليسر بثلثي أهل الكوفة وليدع ثلثا في حفظ ذراريّهم وجمع جزيتهم وأنت على ما أصابوا من غنيمة فلا ترفعنّ إليّ باطلا ولا تحسبنّ حقا عن أحد هو له فإن قتل النعمان فحذيفة فإن قتل حذيفة فجرير فإن قتل ذلك الجيش فلا أرينّك. قال فقدمت بكتابه على النعمان بن مقرّن فسار بثلثي أهل الكوفة وترك ثلثا في حفظ ذراريّهم وجمع جزيتهم وبعث إلى أهل البصرة فورّوا ببعث ثمّ سار حتّى التقوا بنهاوند فالتقوا يوم الأربعاء فكان في المجنّبة اليمنى انكشاف وثبتت المجنّبة اليسرى وثبت الصفّ ثمّ التقوا يوم الخميس فكانت في المجنّبة اليسرى انكشاف وثبتت المجنّبة اليمنى وثبت الصفّ ثمّ التقوا يوم الجمعة فأقبل النعمان بن مقرّن على بريذين له أحوى قريب من الأرض يقف عند أهل كلّ راية يخطبهم ويحضّهم ويقول إنّ هؤلاء أخطروا لكم خطرا وأخطرتم لهم خطرا عظيما أخطروا لكم جواليق رثّة وأخطرتم لهم الإسلام وذراريّكم فلا أعرفنّ رجلا منكم وكل قرنه إلى صاحبه فإنّ ذلك لوم ولكن شغل كلّ رجل منكم قرنه ثمّ إنّي هازّ الراية فرمى رجل من ضيعته وتيسّرتم ثمّ هازّها الثانية فوقف كلّ رجل منكم موقفه ثمّ هازّها الثالثة فحامل فاحملوا على بركة الله ولا يلتفتنّ منكم أحد. [قال] فحملوا وحمل النعمان فكان النعمان أوّل مقتول رحمه‌الله. [قال] فأخذ حذيفة الراية ففتح الله عليه فجمعت تلك الغنائم وقسمتها بين المسلمين فلم أرفع باطلا ولم أحبس حقا عن أحد هو له وذكر الحديث بطوله.

حدّثنا أبو بكر بن خلّاد ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا عفّان بن مسلم ثنا أبو عوانة

٤١

عن داود الأودي عن حميد بن عبد الرحمن قال فتحت إصبهان في خلافة عمر بن الخطّاب رضي‌الله‌عنه.

حدّثنا فاروق الخطّابي ثنا أبو مسلم الكشّي ثنا حجّاج ثنا حمّاد ثنا أبو عمران الجوني عن علقمة بن عبد الله المزني ح وحدّثنا سليمان بن أحمد ثنا عليّ بن عبد العزيز ثنا حجّاج بن المنهال ثنا حمّاد بن سلمة عن أبي عمران الجوني عن علقمة بن عبد الله المزني عن معقل بن يسار أنّ عمر بن الخطّاب شاور الهرمزان في إصبهان وفارس وآذربيجان بأيّهنّ يبدأ فقال له الهرمزان يا أمير المؤمنين إنّ إصبهان الرأس وآذربيجان وفارس الجناحان فإذ قطعت أحد الجناحين مال الرأس بالجناح وإن قطعت الرأس وقع الجناحان فابدأ بإصبهان فدخل عمر المسجد فإذا هو بالنّعمان بن مقرّن قائم يصلّي فانتظره حتّى قضى صلاته ثمّ قال إنّي مستعملك فقال أمّا جابيا فلا ولكن غازيا فنعم فقال عمر فإنّك غاز فسرّحه وبعث إلى أهل الكوفة أن يمدّوه ويلحقوا به وفيهم حذيفة بن اليمان والمغيرة بن شعبة والزّبير بن العوّام والأشعث بن قيس وعمرو بن معدي كرب وعبد الله بن عمر فأتاهم النعمان وبينهم وبينه نهر فبعث إليهم المغيرة بن شعبة رسولا وملكهم ذو الحاجبين وقيل ذو الحاجب واسمه مردانشاه فاستشار أصحابه فقال ما ترون أقعد له في هيئة الحرب أو في هيئة الملك وبهجته فقالوا بل اقعد له في هيئة الملك وبهجته فجلس له في هيئة الملك وبهجته على سرير ووضح التاج على رأسه وحوله (أبناء الملوك) سماطين عليهم ثياب الديباج والقرطة والأسورة فأخذ المغيرة بن شعبة بضبعيه وبيده الرمح والترس والناس حوله سماطين على بساط له فجعل يطعنه برمحه يخرّقه لكي يتطيّروا فقال له ذو الحاجبين إنّكم يا معشر العرب أصابكم جوع شديد فخرجتم فإن شئتم مرناكم ورجعتم إلى بلادكم فتكلّم المغيرة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أنّا كنّا معشر العرب نأكل الجيف والميتة وكان يطؤنا الناس ولا نطؤهم فبعث الله منّا رسولا في شرف منّا أوسطنا حسبا وأصدقنا حديثا وإنّه وعدنا أن هاهنا سيفتح علينا فقد وجدنا جميع ما وعدنا حقّا وإنّي لأرى ها هنا بزّة وهيئة ما أرى من بعدي بذاهبين حتّى يأخذوها قال المغيرة فقالت لي نفسي لو جمعت جراميزك فوثبت وثبة فجلست معه على السرير حتّى يتطيّروا فوجدت غفلة فوثبت وثبة فجلست معه على السرير فزجروه ووطئوه فقلت أفرأيتم إن كنت أنا استحمقت فإنّ هذا يفعل هذا بالرّسل ولا نفعل هذا برسلكم إذا أتونا فقال إن شئتم

٤٢

قطعنا إليكم وإن شئتم قطعتم إلينا قلت بل نقطع إليكم فقطعنا إليهم وصاففناهم فسلسلوا كلّ سبعة وخمسة في سلسلة لأن يفرّوا قال فرامونا حتّى أسرعوا فينا فقال المغيرة للنعمان إنّ القوم قد أسرعوا فينا وذكر كلاما قال فحملنا عليهم فكان النعمان أوّل صريع ووقع ذو الحاجبين من بغلة شهباء فانشقّ بطنه وفتح الله على المسلمين وكان ذلك في سنة عشرين من الهجرة. حدّثنا أبي ثنا أحمد بن محمّد بن يزيد ثنا أبو مسعود انا محمّد بن عبد الله ثنا سليمان بن اليشكري ثنا بشير بن يسار عن أبيه ح وحدّثنا محمّد بن عليّ بن إبراهيم ثنا أبو بكر محمّد بن جعفر بن سعيد القزّاز ثنا أبو مسعود انا الرّقاشي ثنا سليمان بن سليمان اليشكري ثنا بشير بن يسار عن أبيه أنّ أبا موسى الأشعري أتى إصبهان فدعاهم إلى الإسلام فأبوا فدعاهم إلى الجزية فأقرّوا ثم نكثوا فقاتلهم وهزمهم فكان بها وكان إذا مطرت السماء يقوم في المطر حتّى تصيبه السماء. لفظهما سواء رواه غيره عن أبي مسعود فقال سليمان بن مسلم اليشكري. حدّثنا عليّ بن محمود بن عليّ ثنا محمّد بن جعفر بن أحمد الطهراني ثنا أبو مسعود أحمد بن الفرات ثنا محمّد بن عبد الله الرّقاشي ثنا جعفر بن سليمان الضّبعي عن شبيل بن عزرة قال حدّثني حسّان بن عبد الرحمن عن أبيه قال لمّا افتتحنا إصبهان كان بين عسكرنا وبين اليهودية فرسخ فكّنا نأتيها فنمتار منها فأتيتها يوما فإذا اليهود يزفنون ويضربون فأتيت صديقا لي منهم فقلت ما شأنكم تريدون أن تنزعوا يدا من طاعة فقال لا ولكنّ ملكنا الذي نستفتح به على العرب يدخل المدينة غدا فقلت الذي تستفتحون به على العرب قال نعم قلت فإنّي أبيت عندك الليلة وخشيت أن أقتطع دون العسكر قال فبتّ فوق سطح له حتّى أصبحت قال فصلّيت الغداة مكاني فلمّا طلعت الشمس إذا الرّهج من نحو عسكرنا يدنو حتّى دنا فنظرت فإذا رجل في جيش عليه قبّة من ريحان وإذا اليهود يزفنون ويضربون فنظرت فإذا هو ابن صائد فدخل المدينة لم ير بعد حتّى الساعة. رواه عبد السلام بن حسام عن جعفر نحوه.

ولمّا أن فتح الله على المسلمين وانتشر العجم وانفضّوا في البلاد وانتهى إلى عمر بن الخطّاب أنّ يزدجرد يبعث عليه في كلّ عام حربا وقيل له لا يزال هذا الدأب حتّى يخرج من مملكته أذن للناس في الانسياح في أرض العجم. حدّثنا بذلك محمّد بن العبّاس بن محمّد بن حيّويه وكيل دعلج قراءة عليه وأنا حاضر ح وأخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمّد بن شاذان البغدادي في كتابه إليّ واللفظ

٤٣

له قالا حدّثنا أبو محمّد جعفر بن إبراهيم التّيمي ثنا سيف بن عمر التّميمي عن محمّد والمهلّب وطلحة يعني ابن الأعلم وعمرو وسعيد قالوا لمّا رأى أن يزدجرد يبعث عليه في كلّ عام حربا وقيل له لا يزال هذا الدأب حتّى يخرج من مملكته أذن للناس في الانسياح في أرض العجم حتّى يغلبوا يزدجرد على مما كان في يدي كسرى فوجّه الأمراء من أهل البصرة بعد فتح نهاوند ووجّه الأمراء من أهل الكوفة بعد فتح نهاوند وكان بين عمل سعد بن أبي وقّاص وبين عمل عمّار بن ياسر أميران أحدهما عبد الله ابن عبد الله بن عتبان وفي زمانه كانت وقعة نهاوند وزياد بن حنظلة حليف بني عبد بن قصي وفي زمانه أمر بالانسياح وعزل عبد الله بن عبد الله وبعث في وجه آخر من الوجوه وولّي زياد بن حنظلة وكان من المهاجرين فعمل قليلا وألحّ في الاستعفاء فأعفى وولّي عمّار بن ياسر بعد زياد فكان مكانه وأمدّ أهل البصرة بعبد الله بن عبد الله وأمدّ أهل الكوفة بأبي موسى وجعل عمر بن سراقة مكانه وقدمت الولاية من عند عمر إلى نفر بالكوفة زمان زياد بن حنظلة وبعث إلى عبد الله بن عبد الله بلواء وأمره أن يسير إلى إصبهان وكان شجاعا بطلا من أشراف الصحابة ومن وجوه الأنصار وحليفا لبني الحبلى من بني أسد وأمدّه بأبي موسى من البصرة وأمّر عمر بن سراقة على البصرة وكان من حديث عبد الله بن عبد الله أنّ عمر حين أتاه فتح نهاوند بدا له أن يأذن في الانسياح فكتب إليه أن سر من الكوفة حتّى تنزل المدائن (١) فاندبهم ولا تنتخبهم ثمّ اكتب إليّ بذلك وعمر يريد توجيهه إلى إصبهان فانتدب له فيمن انتدب عبد الله بن ورقاء الرياحي وعبد الله بن الحارث بن ورقاء الأسدي والذين لا يعلمون يرون أنّ أحدهما عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي (لذكر ورقاء وظنّوا أنّه نسب إلى جدّه وكان عبد الله بن بديل بن ورقاء) يوم قتل بصفين ابن أربع وعشرين سنة وهو أيّام عمر صبيّ. ولمّا أتى عمر انبعاث عبد الله بعث زياد بن حنظلة فلمّا أتاه انبعاث الجنود

__________________

(١) المدائن : سميت المدائن لأن زاب الملك الذي بعد موسى عليه‌السلام ابتناها بعد ثلاثين سنة من ملكه وحفر الزوابي وكورها وجعل المدينة العظمى المدينة العتيقة. ولم أر أحدا ذكر لما سميت بالجمع.

وقال : يزدجرد بن مهبندار الكسروي في رسالة له عملها في تفضيل بغداد فقال في تضاعيفها : ولقد كنت أفكر كثيرا في نزول الأكاسرة بين أرض الفرات ودجلة فوقفت على أنهم توسعوا مصب الفرات في دجلة هذا إن الإسكندر لما سار الأرض ودانت له الأمم وبنى المدن العظام من المشرق والمغرب رجع إلى المدائن وبنى فيها مدينة وسورها وهي إلى هذا الوقت موجودة الأثر وأقام بها راغبا عن بقاع الأرض جميعا وعن بلاده ووطنه. أنظر معجم البلدان (٥ / ٧٤).

٤٤

وانسياحهم أمّر عمّارا بعد وقرأ قول الله (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ [أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ] الْوارِثِينَ)(١) وقد كان زياد صرف في وسط من إمارة سعد إلى قضاء الكوفة بعد إعفاء سلمان وعبد الرحمن ابني ربيعة ليقضي إلى أن يقدم عبد الله بن مسعود من حمص وقد كان عمل لعمر على ما سقي الفرات (٢) ودجلة (٣) النّعمان وسويد ابنا مقرّن فاستعفيا وقالا أعفنا من عمل يتغوّل علينا ويتزيّن لنا بزينة المومسة فاعفاهما وجعل مكانهما حذيفة بن أسيد الغفاري وجابر بن عمرو المزني ثمّ استعفيا فأعفاهما وجعل مكانهما حذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيف حذيفة على ما سقت دجلة وعثمان بن حنيف على ما سقى الفرات من السوادين جميعا (وكتب إلى أهل الكوفة إنّي بعثت إليكم عمّار بن ياسر أميرا) وجعلت عبد الله بن مسعود معلّما ووزيرا وولّيت حذيفة ما سقت دجلة وما وراءها وولّيت عثمان بن حنيف الفرات وما سقى. قالوا ولمّا قدم عمّار على الكوفة أميرا وقدم كتاب عمر إلى عبد الله أن سر إلى إصبهان وزياد على الكوفة وعلى مقدّمتك عبد الله بن ورقاء الرياحي وعلى مجنّبتيك عبد الله بن ورقاء الأسدي وعصمة بن عبد الله وهو عصمة بن عبد الله بن عبيدة بن سيف بن عبد الحارث فسار عبد الله في الناس حتّى قدم حذيفة ورجع حذيفة إلى عمله وخرج عبد الله من نهاوند فيمن كان معه ومن انصرف معه من جند النّعمان نحو جند قد اجتمع له من أهل إصبهان عليهم الأستندار (٤) وعلى مقدّمته شهر براز جاذويه شيخ كبير في جمع فالتقى المسلمون ومقدّمة المشركين برستاق من رساتيق إصبهان فاقتتلوا قتالا شديدا فدعا الشيخ إلى البراز فبرز له عبد الله بن ورقاء

__________________

(١) سورة القصص الآية : ٥.

(٢) الفرات : معرب عن لفظه وله إسم آخر هو فالاذروذ لأنه بجانب دجلة كما بجانب الفرس الجنيبة والجنيبة تسمى بالفارسية فالاذ والفرات من أصل العرب أعذب المياه وقال عزوجل (هذا أعذب فرات وهذا أملح أجاج) ومخرج الفرات فيما زعموا من أرمينية ثم من قاليقلا قرب خلاط ويدور بتلك الجبال حتى يدخل أرض الروم. أنظر معجم البلدان (٤ / ٢٤١).

(٣) دجلة : نهر بغداد لا تدخله الألف واللام وقال حمزة دجلة معربة على ديلد ولها اسمان آخران وهما (آرنك روذ ـ وكودك دريا) أي البحر الصغير وذكر خبرا منسوبا إلى أبو عبد الله بن محمد بن عمران بن موسى المرزبان قال دفع إليّ أبو الحسن علي بن هارون ورقة ذكر أنها بخط علي بن مهدي الكسروي ووجدت فيها أول مخرج دجلة من موضع يقال له عين دجلة على مسيرة يومين ونصف من آمد في موضع يعرف بهلورس من كهف مظلم وخبره طويل أنظره. معجم البلدان (٢ / ٤٤٠ ، ٤٤١).

(٤) الأستندار : أي أمير المنطقة.

٤٥

فقتله وانهزم أهل إصبهان وسمّى المسلمون ذلك الرستاق رستاق الشيخ فهو اسمه إلى اليوم ودعا عبد الله بن عبد الله من يليه فتسارع الأستندار إلى الصلح فصالحهم فهذا أوّل رستاق من إصبهان أخذ وصالح. ثمّ سار عبد الله من رستاق الشيخ نحو جيّ لا يجد فيها أحدا حتّى انتهى إلى جيّ والملك بإصبهان يومئذ الفاذوسفان وقد أخذ بها فنزل بالناس على جيّ فحاصرهم فخرجوا إليه بعد ما شاء الله من زحف فلمّا التقوا قال الفادوسفان لعبد الله لا تقتل أصحابي ولا أقتل أصحابك ولكن ابرز فإن قتلتك رجع أصحابك وإن قتلتني سالمك أصحابي وإن كان أصحابي لا يقع لهم نشّابة فبرز له عبد الله وقال إمّا أن تحمل عليّ وإمّا أن أحمل عليك قال أحمل عليك فوقف له عبد الله فحمل عليه الفاذوسفان فطعنه وأصاب قربوس السرج فكسره وقطع اللبب والحزام وزال اللبد والسرج وعبد الله على الفرس فوقع عبد الله قائما ثمّ استوى على الفرس عريانا وقال له أثبت فحاجزه وقال ما أحبّ أن أقاتلك فإني قد رأيتك رجلا كاملا ولكن أرجع معك إلى عسكرك فأصالحك وأدفع المدينة إليك على أنّ من شاء أقام وأدّى الجزية وقام على ماله وعلى أن نجري من أخذتم أرضه مجراهم ويتراجعون ومن أبى أن يدخل فيما دخلنا فيه ذهب حيث شاء ولكم أرضه قال لكم ذلك. وقدم عليه أبو موسى من ناحية الأهواز (١) وقد صالح الفاذوسفان عبد الله فخرج القوم من جيّ ودخلوا في الذمة إلّا ثلاثين رجلا من أهل إصبهان خالفوا قومهم وتجمّعوا بكرمان في حاشيتهم لجمع كان بها ودخل عبد الله وأبو موسى جيّ وجيّ مدينة إصبهان وكتب بذلك إلى عمر واغبط من أقام وندم من شخص. وقدم كتاب عمر على عبد الله أن سر حتّى تقدم على سهيل بن عديّ فتجامعه على قتال من بكرمان وخلّف في جيّ من بقي جيّ واستخلف على إصبهان السائب بن الأقرع. قال وحدّثنا سيف عن نفر من أصحاب الحسن منهم مبارك بن فضالة عن الحسن عن أسيد بن المتشمس ابن أخي الأحنف قال شهدت مع أبي موسى فتح إصبهان وإنّما شهدوها مددا. وهذا كتاب صلح إصبهان حدّثنا محمّد بن العبّاس قراءة وأنا حاضره وأخبرني أيضا أحمد بن

__________________

(١) الأهواز : جمع هوز وأصله حوز فلما كثر استعمال الفرس لهذه اللفظة غيرتها حتى أذهبت أصلها جملة لأنه ليس في كلام الفرس حاء. وعلى هذا يكون الأهواز اسما عربيا سمي به في الإسلام وكان اسمها من أيام الفرس خوزستان وهي كورة عظيمة (الأهواز) ينسب إليها سائر الكور. ولها ترجمة طويلة ومفيدة أنظرها في معجم البلدان (١ / ٢٨٤ : ٢٨٦).

٤٦

إبراهيم بن شاذان فيما كتب إليّ قالا ثنا جعفر ابن أحمد القارىء ثنا السّريّ بن يحيى ثنا شعيب بن إبراهيم ثنا سيف بن عمر عن محمّد وطلحة والمهلّب وعمرو وسعيد وقالوا كتاب صلح إصبهان بسم الله الرحمن الرحيم كتاب من عبد الله للفاذوسفان وأهل إصبهان وحواليها إنّكم آمنون ما أدّيتم الجزية وعليكم من الجزية على قدر طاقتكم على كلّ سنة تؤدّونها إلى الذي يلي بلادكم على كلّ حالم ودلالة المسلم وإصلاح طريقه وقراه يومه وليلته وحملان الراجل إلى مرحلة ولا تسلّطوا على مسلم وللمسلمين نصحكم وأداء ما عليكم ولكم الأمان ما فعلتم فإذا غيّرتم شيئا أو غيّره مغيّر منكم لم تسلموه فلا أمان لكم ومن سبّ مسلما بلغ منه فإن ضربه قتلناه وكتب وشهد عبد الله بن قيس وعبد الله بن ورقاء وعصمة بن عبد الله. فلمّا قدم الكتاب من عمر على عبد الله وأمره فيه باللحاق بسهيل بن عديّ بكرمان خرج في جريدة خيل واستخلف السائب فلحق بسهيل قبل أن يصل إلى كرمان وقال عبد الله :

ألم تسمع وقد أودى ذميما

بمنعرج السّراة من اصبهان

عميد القوم إذ ساروا إلينا

بشيخ غير مسترخي العنان

فساجلني وكنت به كفيلا

فلم يثبت وخرّ على الجران

برستاق له يدعى إليه

طوال الدهر في عقب الزّمان

نزلت به وقد شرقت ذيولي

بمعضلة من الحرب العوان

وكنت زعيمها حتّى تراخت

ولم يعنى بها أحد مكاني

وقال أيضا في يوم جيّ :

من مبلغ الأحياء عني فإنّني

نزلت على جيّ وفيها تفاقم

حصرناهم حتّى سروا ثمّت انتزوا

فصدّهم عنّا القنا والقواصم

وجاد لها الفاذوسفان بنفسه

وقد دهدهت بين الصفوف الجماجم

فبارزته حتّى إذا ما علوته

تفادى وقد صارت إلينا الخزائم

وعادت لقوحا إصبهان بأسرها

تدرّ لنا منها القرى والدّراهم

وإنّي على عمد قبلت جزاءهم

غداة تفادوا والفجاج قواتم

ليزكو لنا عند الحروب جهادنا

إذا انتطحت في النخلتين الهماهم

إلى هنا سياق رواية شعيب عن سيف.

٤٧

وذكر المدائنيّ أنّ أبا مسلم صاحب الدولة قال لأبي بكر الهذلي في مسافرته لأمير المؤمنين أبي العبّاس وذكر له فتوح البلدان خبّرني عن الذي تولّى فتح بلدنا إصبهان فقد اختلف علينا في ذلك فقال أبو بكر الهذلي تولّى فتح بلدكم العبادلة عبد الله بن عبد الله بن عتبان الأنصاري وعبد الله بن الحارث بن ورقاء الأسدي وعبد الله بن ورقاء الرياحي وعبد الله بن قيس أبو موسى الأشعري وعبد الله [بن عامر] بن كريز القرشي وعبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي كلّ هؤلاء قد حضروا فتحها وفتح أطرافها منهم من كان أمير الجيش ومنهم من كان رئيس سريّة أو صاحب مقدّمة. وذكر غير المدائني في ولاة فتحها عمرو بن مرحوم الغاضري والأحنف بن قيس التّميمي ومجاشع بن مسعود السّلمي والسائب بن الأقرع الثّقفي. وأهل الكوفة وأهل البصرة مختلفون في فتحها فادّعى الكوفيّون فتحها عند الكوفة وادّعى البصريّون فتحها عند البصرة وروى كلّ واحد رواية يصحّح بها دعواهم فادّعى البصريّون على صحّة دعواهم ما رواه الحسن عن أسيد بن المتشمس أنّه شهد فتح إصبهان مع أبي موسى. ورواه أيضا عن أبي عمرو بن العلاء عن نهشل الإيادي عن أبيه قال خرجت مع أبي موسى الأشعري إلى إصبهان بعد فراغنا من فتح تستر نزلنا بالقرب من مدينتها الأولى التي تسمّى جيّ على مقدّمتنا يزيد بن عبد الله الهذلي وعلى ساقتنا عبيد الله بن جندل بن أصرم الهلالي فبثّ أبو موسى سراياه في الرساتيق والأطراف سريّة عليها مجاشع بن مسعود إلى قاسان ففتحها وسبى أهلها وكان فيمن سبي يزدويه بن ماهويه فتّى من أبناء أشرافها فصار إلى عبد الله بن عبّاس فسمّاه وثّابا وهو والد يحيى بن وثّاب إمام أهل الكوفة في القرآن. وأسرى عبد الله بن يزيد الهلالي بسريّة إلى قرية كبيرة يقال لها دارك (١) فيها بيت نار عظيم وافتتحها وسبى منها. وبعث عبيد الله بن جندل بن أصرم على سريّة أخرى إلى قرية قريبة من مدينتها يقال لها الفابزان (٢) دلّه عليها اليهود وفيها ثلاثون حصنا فخرج إليه أهل الحصون فقاتلوه قتالا شديدا وقتلوا جماعة من أصحابه وانصرف إلى عسكره مخفقا. وجعل ابنه أبا رهم بن أبي موسى على سريّة أنفذها إلى المدينة الثانية مدينة قه فخرج إليهم منها زهاء ستّة آلاف رجل

__________________

(١) دارك : من قرى أصبهان نسب إليها قوم من أهل العلم معجم البلدان (٣ / ٤٢٣).

(٢) الفابزان : موضع وقيل قرية وقيل بليدة ينسب إليها أبو بكر محمد بن إبراهيم بن صالح العقيلي الأصبهاني.

أنظر معجم البلدان (٤ / ٢٢٤).

٤٨

شاكي السلاح وعليهم إخوة ثلاثة متعاضدون آذرجشنس ومهرابان وجلويه بنو جوانبه أكبرهم آذرجشنس وهو في القلب وأخواه في الميمنة والميسرة فحملوا على الجيش وقتلوا أبا رهم بن أبي موسى وهزموهم حتّى رجعوا إلى فناء المدينة الأولى واستمدّوا فأمدّهم أبو موسى بعبيد الله بن جندل بن أصرم فقاتلوا أشدّ القتال وصابرا إلى آخر النهار ثمّ أظفر الله المسلمين بهم وبمدينتهم فقتلوا طول ليلتهم من وجدوا من رجل وامرأة وصغير وكبير وشيخ زمن حتّى لم يترك فيها إلا من تخلّص بروحه من تحت السيف ثمّ قفوا آثارهم عند الصبح فاصطفوا من السبي نحو ألف رأس حتّى قال شاعرهم في ذلك.

عبيد الله أكرم من تولّى

جنود التابعين إلى الحروب

فساق التابعين وكلّ قرم

من الأنصار في يوم عصيب

إلى حصن اصبهان ببطن جيّ

وجاورسان ذي المرعى الحصيب

فرجعوا بسبيهم إلى باب المدينة الأولى فدخلوها صلحا وأسّسوا بها مسجدها ثمّ اندفعوا خوفا من الثّلج منصرفين مع أبي موسى إلى البصرة واستخلف على مدينة جيّ السائب بن الأقرع الثقفي. وروي عن عتّاب بن إبراهيم عن مجالد عن الشعبي أن عمر ابن الخطاب كتب إلى عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي أن سر في ألفي فارس من أهل البصرة إلى إصبهان وقال غير الشعبي إنّ عثمان بن عفّان ولّى الكوفة الوليد بن عقبة فبعث عبد الله بن بديل والسائب بن الأقرع فصالحهم الفادوسفان على البلد فدخلا المدينة وبنيا مسجدها وطرح أربعة عشر رجلا من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كلّ رجل لبنة في بنائها تبرّكا بها. ولمّا انصرف أبو موسى إلى البصرة وأتاهم موت أمير المؤمنين عمر نقض أهل مدينة جيّ العهد وقتلوا من كان بها من العرب وكانوا مقيمين على ذلك إلى أن بعث عثمان بن عفّان [إليهم] عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي ففتحها ثانية. فلم يزل أمر إصبهان في جملة أهل البصرة إلى سنة إحدى وأربعين وصارت الجماعة على معاوية بن أبي سفيان بعد قتل عليّ بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه فعمد معاوية فأخذ إصبهان من أهل البصرة ودفعها إلى أهل الكوفة وأخذ البحرين وعمان من أهل الحجاز فأعطاها أهل البصرة مكان إصبهان. وقيل إنّ أوّل عربيّ دخل إصبهان عمرو بن مرحوم الغاضري بعثه المغيرة بن شعبة لمّا ولي البصرة من قبل عمر بن الخطّاب إلى بعض ناحية فارس مجاورة لرستاق قهستان من إصبهان فدخل

٤٩

رستاق قهستان ثمّ عدل عنه إلى أرّجان (١) وسلك به الدليل على العقبة المعروفة بمارت وكان يقال لها قبل ذلك دوربشن فاستعظم سلوكها فجعل يقول للدليل ما أردت بهذا فسمّيت العقبة بعد ذلك بمارت. فلمّا كان أوّل سنة إحدى وعشرين وانهزمت الفرس ورجع فلّها إلى عند يزدجرد بقاسان (٢) مع أشعار من أهل قرية واذنان من رستاق براءان (٣) فرحل عنها بمن معه من عياله وحشمه إلى مدينة جيّ ونزل بها في دار وراز بن وراز وهي التي صارت بعد رقعة للمسجد الجامع ولدار الخراج فلذلك يقال لدار الخراج بالمدينة سراورازان.

أخبرنا محمّد بن عبد الرحمن بن الفضل ثنا عبد الله بن محمّد بن عيسى المقرىء ثنا الحجّاج بن سيف ثنا الهيثم بن عديّ ثنا غياث ثنا سعيد بن عبيد وعبد الله بن الوليد المرّي عن أشياخهم قال شقّ التّيمرة (٤) من إصبهان عنوة افتتحها الأحنف بن قيس ورستاق الشيخ عنوة ورستاق برخوار (٥) ومنها سبي أبو سليمان أبو حمّاد بن أبي سليمان الفقيه ورستاق جرم قاسان عنوة ومنها سبي وثّاب مولى عبد الله بن عبّاس وعقبه اليوم بإصبهان ومدينة جيّ وشقّها صلح. حدّثنا أحمد بن إسحاق ثنا محمّد بن العبّاس الأخرم ثنا حفص الرّبالي ثنا عرعرة بن البرند السامي ثنا زياد الجصّاص عن أبي إسحاق عن كثير قال غزونا مع أبي موسى الأشعري إصبهان وهمذان ففتحهما الله عزوجل. حدّثنا محمّد بن عبد الرحمن بن الفضل الخطيب ثنا محمّد بن أحمد بن عمرو الأبهري ثنا أبو الحسن عبد الرحمن بن عمر رسته ثنا عبد الرحمن بن مهديّ وسألته عن إصبهان ما هي قال عنوة فقلت إنّ بعضهم يقولون

__________________

(١) أرجان : مدينة كبيرة كثيرة الخير بها نخل كثير وزيتون وفواكه الجروم والصرود وهي برية بحرية سهلية جبلية ماؤها يسيح بينها وبين البحر مرحلة وبينها وبين شيراز ستون فرسخا. كان أول من بناها فيما حكته الفرس قباد بن فيروز والد أنو شروان العادل. أنظر معجم البلدان (١ / ١٤٢).

(٢) قاسان : مدينة كانت عامرة آهلة كثيرة الخيرات واسعة الساحات متهدلة الأشجار حسنة النواحي والأقطار بما وراء النهر من حدود بلاد الترك خربت الآن نسب إليها جماعة من الفقهاء والعلماء. وهي ناحية أصبهان. أنظر معجم البلدان (٤ / ٢٩٥).

(٣) بران : من قرى بخارى ويقال لها فوران على خمسة فراسخ من بخارى أنظر معجم البلدان (١ / ٣٦٧).

(٤) التميرة : كانت مساحة أصبهان ثمانية فراسخ في مثلها وهي ستة عشر رستاقا في كل رستاق ثلاثمائة وستون قرية قديمة سوى المحدثة وذكر فيها التميرة الكبرى والتميرة الصغرى. أنظر معجم البلدان (٢ / ٦٧).

(٥) برخوار : من نواحي أصبهان تشتمل على عدة قرى. أنظر معجم البلدان (١ / ٣٧٤).

٥٠

إنّ بعضها صلح فقال قد وجّه إليها الجيش. حدّثنا أبو محمّد بن حيان وأحمد بن إسحاق قالا ثنا محمّد بن يحيى بن مندة حدّثني محمّد بن نصر عن يحيى بن أبي بكير عن هيّاج بن بسطام عن سعيد بن عبيد قال وأمّا إصبهان فيما حدّثنا أشياخنا أنّ برخوار عنوة ومنه سبي أبو سليمان أبو حمّاد بن أبي سليمان فقيه الكوفة والتّيمرة وجرم قاسان افتتحهما الأحنف بن قيس عنوة منه سبي وثّاب مولى عبد الله بن عبّاس. حدّثنا أحمد ابن بندار ثنا إبراهيم بن محمّد بن إبراهيم الفابزاني العقيلي سمعت عمّي إسحاق ابن إبراهيم يقول سألت أحمد بن حنبل عن إصبهان فقال هي صلح. حدّثنا أبي ثنا محمّد بن أحمد بن يزيد ثنا عامر بن عامر أبو يحيى قال سألت سليمان ابن حرب عن إصبهان فقال لا يباع فيها ولا يشترى. وإذ قد ذكرنا أمر بنائها وفتحها واختلاف القائلين في صلحها وعنوتها أحببنا أن نضيف إليه.

٥١

ذكر بعض خصائص إصبهان من المنافع

والعبر التي اختصّ بها أهلها ممّا

ذكرها متقدّموها المصنّفون في ذكر إصبهان وأسبابها

لوادي إصبهان المسمّى زرنرو مغيض يسمّى هنام ما في الأرض مغيض أعجب منه لأنّ الأودية الكبار انصبابها إلى البحار في سائر المدن ومصبّ هذا الوادي في هذا المغيض ومساحته ثمانية عشر فرسخا في فرسخين لا يعلو الماء في حافاته عن المعهود ولا ينقص في سرف المدّ وقصده للطيور فيه مفرخ وغير الطيور يعجز عن مقاربته لأنّه يغوص فيه حتّى لا يرى منه شيء ومقدّم هذا المغيض ميدان ممتدّ إلى ناحية كرمان كخط (١) ممدود لا يزيد عرضه على عرض الميدان نباته الطّرفاه والقلام وفي جانب منه جبل من طين ممدود وزيادة مياه كرمان في أيّام الربيع تكون من وادي إصبهان.

وبرستاق رويدشت (٢) قرية تسمّى دزيه بها رمال كالجبال لو دامت عليها الرياح العاصفة أيّاما لا يتحرّك أصلا ولا يدخل الزروع منها شيء.

وبقرية هراسكان من ابرون على نصف فرسخ في شقّ درام من رستاق قاسان حصن مخندق يحوط هذا الخندق رمال كالجبال سائلة ينتقل حول الخندق من جانب إلى جانب لا يسقط في الخندق منه شيء لا قليل ولا كثير ولا حبّة واحدة فإن أخذ إنسان منه قبضة فرمى بها في الخندق هبّت من ساعتها ريح فرفعت ذلك في الهواء

__________________

(١) كخط : في أصبار أصبهان كسطر.

(٢) رويدشت : قرية من قرى أصبهان وعمل من أعمالها يشتمل على قرى وضياع كثيرة. أنظر معجم البلدان (٣ / ١٠٥).

٥٢

حتّى تكسح أرض الخندق. وبهذه القرية صحراء تسمّى فاس مساحتها فرسخ في فرسخ فيها أعجوبة أخرى وهي أنّ مواشي هذه القرية ترعى فيها فتختلط السباع بها مقبلة من البثر فلا تتعرّض لشيء منها وهذه هي بين هذه الرمال ومزدرع القرية فيها ويدّعي أهل القرية ويشهد لهم بصدق دعواهم أهل القرى المجاورة لها أنّ ديكا استوحش في قريتهم مذ سنّيات فبقي بهذه الصحراء أربع سنين لم يتعرّض له شيء من الثعالب والسباع ويدّعى أهلها أنّ هذه الصحراء مطلسمة.

وذكر أيضا صاحب إصبهان أنّ بقاسان من ناحية أردهار على عشرة فراسخ من أبرون قرية تسمّى قالهر فيها جبل جانب منه يرشح الماء رشحا كرشح البدن للعرق لا يسيل منه شيء ولا يسقط إلى القرار ويجتمع كلّ سنة أهل الرساتيق من تلك النواحي في (ماه تير روز تير) (١) مع كلّ واحد منهم آنية فيدنو الواحد بعد الواحد من ذلك الجبل الندىّ ويقرعه بفهر في يده ويقول بالفارسيّة يا بيد دخت أسقني من مائك فإنّي أريده لمعالجة علّة كيت وكيت فيجتمع الرشح من المواضع المتفرّقة إلى مكان واحد فيسيل قطرا في آنية المستسقي وكذلك الذي إلى جنبه ومن هو بالبعيد منه فتمتلىء تلك الأواني فيستشفون بذلك الماء لطول سنتهم فيشفون.

وبقرية أبرون من قاسان قناة تسمّى إسفذاب منها شرب أهل أبرون وصحاريها والقرى التي حولها ومغيضها بقرية فين (٢) فمن خواصّ هذه القناة أن المتلّقي فيها لمائها يمكنه المسير فيها إلى أن يبلغ منها إلى مكان معروف عند أهل الناحية فإن رام تجاوز ذلك المكان عجز عنها لانبهار ونفس يعتريه فإن لم يرجع القهقرى خرّ صريعا ولم ينفق عليها في عمارتها قطّ درهم ولا دخلها منذ كانت قنّاء فإن انهار فيها من جوانبها شيء قلّ أم كثر زاد ماؤها وأمر عمرو بن الليث مورده إصبهان بطمّها وجمع عليها أهل الرساتيق لكبسها أيّاما فكان الماء يزداد ويعلو على الكبس حتّى رجعوا عاجزين عنها.

وبقرية قهروذ من رستاق قاسان نبت ينبسط على وجه الأرض فيصير زجاجا

__________________

(١) عبارة فارسية معناها إذا كان اليوم الرابع من الشهر الرابع.

(٢) فين : من قرى قاشان من نواحي أصبهان. أنظر معجم البلدان (٤ / ٢٨٦).

٥٣

[أبيض] صافيا برّاقا وأهل الناحية يستعملون ذلك النبات في ألوان من الأدوية قد حمل ذلك الزجاج إلى كثير من الناس أقطاع متشكّلة على هيئات خرّوب من النبات.

ومن خواصّ إصبهان خرزات في قرى معيّنة بقاسان ورويدشت إذا غشيتهم سحابة ببرد أخرجوا تلك الخرز وعلّقوها من أطراف حصونها فتنقشع السحابة عنها وعن صحرائها من ساعتها وتسمّى هذه الخرزة بلغتهم مهرة تذرك.

ومن خواصّها أيضا مرج بقريتي جكاده وجورجرد من رستاق قهستان فيه حيّات منتشرة في حافات المرج وعلى طرقه طول كلّ حيّة ما بين ذراع إلى خمسة أذرع فيتلاعب الصبيان بها يلوونها على أيديهم [وأبدانهم] فلا تلدغهم.

ومن خواصّها برستاق قهستان معدن فضّة ومعدن صفر والفضّة تخرج فيها ثمانية مثاقيل وبرستاق التّيمرة الصّغرى معدن فضّة وبالتيمرة الكبرى معدن ذهب وآثار هذه المعادن باقية بادية للعيون. وبرستاق الرار بطسّوج جانان في جبال قرية يقال لها ماثة دويبة خلقتها كالخنفساءة صغيرة في جرم أقلّ من ذبابة تدبّ في الليلة المظلمة فيتّقد من ظهرها مثل السراج فإذا أخذوا واحدة منها ليلا فرئيت نهارا يرى لون ظهرها مضيء كلون الطاوس خضرة في صفرة في حمرة تسمّى هذه الدويبّة برآه.

وفي هذه الناحية حجارة شبية بالسكّر محبّب الوجه إذ ضرب منها قطعة بأخرى أورث النار من بينهما كما يخرج ويورى الحجر والحديد النار.

وبرستاق قاسان قرية تسمّى كرمند فيها معين يخرج منه ماء غزير ويسقى منه زرع قريته وشراب أهلها ومواشيهم منه وما يفضل منه ينصبّ إلى جدول فيتحوّل حجارة. وكذلك بقرية فازه من رستاق قهستان كهف يقطر من قلّته ماء فإذا استقرّ في الأرض تحول حجرا.

وبرستاق قهستان عين في موضع يسمّى بوذم ينبع منها ماء صاف مريء لا يشربه أحد من الناس والدوابّ قد علق العلق بحلقه إلّا سقط من حلقه ومات مكانه.

ومن خواصّها شجرة الچترسايه تفترش أغصانها في الهواء أكثر من مقدار جريب أرض مستديرة مجتمعة الأغصان كثيرة الأوراق ظلّها أكثر من ظل الجبل وتحمل كلّ سنة خرائط مدوّرة مملوّة بقّا.

٥٤

وبرستاق القهرار قرية تسمّى قزائن فيها عين في صحرائها استدارتها ثلاثة أرماح تنشّ بالماء كلّ سنة في أيّام الربيع سبعين يوما محصاة فيخرج منها في مدّة هذه الأيّام السّمك الذي بظهره عقر فإذا أتمّت [مدّة] هذه الأيّام خرجت من نقرة العين حيّة سوداء فكما تخرج تعود في مكانها وينقطع ذلك الماء فلا تراه العيون إلى القابل ومما لا يكون إلّا بإصبهان السّكبينج والجاوشير.

وبرستاق القدار قرية يقال لها هناء وقلعة ابن بهان زاذ إلى جانبها تلّ كبير كأنه صبيب الدارهم يوجد إذا جمع في كيس صلصلة كصّليل الدراهم على وجه كلّ حجر دائرتان متجاورتان ولو أراد سلطان نقلها كلّها إلى مكان يقرب منه بمائة جمل تنقل في كلّ يوم دفعات لبقوا في نقلها أشهرا فهذا ممّا لا خفاء به. ومن سكن في قلعة ابن بهان زاذ في أيّام الربيع يرى طول ليلته اشتعال نار من ذروة حيطان القلعة فإذا قرب منها لم يجد منها شيئا وكذلك إذا نظر بعضهم إلى رؤوس بعض وكلّما كان الربيع أكثر مطرا كانت تلك النار أشدّ اشتعالا. وكانت ملوك الفرس لا تؤثر شيئا من بلدان مملكتهم على إصبهان لطيب هوائها وتميّز مائها ونسيم تربتها والشاهد على ذلك ما هو مودع في كتبهم التي يأثرها أهل بيت النّوشجان (١) وإسحاق ابني عبد المسيح عن جدّهم المنتقل من الروم إلى إصبهان فاستوطنها وتناسل بها.

__________________

(١) النوشجان : مدينة بفارس. قال ابن الفقيه : وبين طراز مدينة في تخوم الترك على نهر سيحون بما وراء النهر ونوشجان السفلى ثلاث فراسخ وإلى نوشجان العليا وهي أربع مدن كبار وأربع مدن صغار سبعة عشر يوما للقوافل على المراعي وهي حد الصين فأما لبريد الترك فثلاثة أيام ومن نوشجان العليا إلى خاقان التغزغز مسيرة ثلاثة أشهر في قرى كبار ذات خصب ظاهر. أنظر معجم البلدان (٥ / ٣١١).

٥٥

ذكر النوشجان عن عمّه يعقوب النصراني

كاتب أحمد بن عبد العزيز

أنّ فيروز بن يزدجرد كتب إلى بعض ملوك الروم يستهديه كبيرا من حكمائهم وحاذقا من أطبّائهم فاختار من بلدان مملكته رجلا فلمّا وفد على فيروز قال له أيّها الحكيم أنهضناك إلى أرضنا لتختار من بلدان مملكتنا لنا بلدا تصحّ به هذه الأركان الأربعة الكبار التي بسلامتها يطول بقاء الحيوان وباعتدالها تصحب الأجسام الصحّة وتزايلها العلّة يعني بالأركان الأرض والماء والهواء والنار فقال أيّها الملك وكيف أدرك ذلك قال استقر بلدان مملكتنا فما وقع اختيارك عليه فاكتب إليّ منه لأتقدّم بالزيادة فيه وأتّخذه دار مملكتي وأتحوّل إليه فانتدب الروميّ طائفا في بلدان مملكته ووقع اختياره على إصبهان فأقام بها وكتب إليه إنّي طفت في مملكتك فانتهيت إلى بلد لا يشوب شيئا من أركانه فساد وقد نزلت أنا منه فيما بين حصني قرية يوان فإن رأى الملك أن يقطعني ما بين الحصنين من أرض يوان ويطلق لي بناء كنيسة ودار فأطلق له مسئلته فبنى داره بإزاء الحصنين ووقعت رقعتها في الموضع الذي فيه دار النّوشجان وإسحاق من يوان إلى الساعة وبنى البيعة بإزاء الحصن الآخر. وعنى بالحصن الآخر موضع رقعة مسجد الجامع اليوم إذ كان حينئذ حصنان من حصون قرية يوان ووقعت رقعة البيعة عند المسجد الذي على طرف ميدان سليمان وبناؤه باق إلى الساعة. وتقدّم الملك فيروز إلى أردسابور بن آذرمانان الإصبهاني من فوره ذلك بإتمام بناء سورة مدينة جيّ وتعليق أبوابها فعزم فيروز على التحوّل من العراق إلى إصبهان ثمّ انتفض عزمه بخروجه إلى أرض الهياطلة وهلاكه هناك. ثمّ ولي الأمر قباذ (١) بن فيروز فلمّا

__________________

(١) أنظر قصة قباذ بن فيروز في الكامل في التاريخ لابن الأثير (١ / ٣١٧).

٥٦

استقرّ في المملكة تقدّم إلى الرومي أن يختار له بلدا معتدل الهواء في الأزمنة الأربعة المتوسّط في حال الّلدونة والرّطوبة واليبوسة نسيمه خفيف رقيق مضيء يستروح إليه القلوب وينفسح له الأبصار. ويختار له من الأحطاب أطنّها صوتا وأطيبها رائحة التي التهابها صاف وحرّها متوسّط ودخانها مع قلّته عذيّ ويختار له من المياه الفرات الزّلال الصافي العذب الخفيف الوزن السريع الامتزاج [بالحرّ] والبرد البعيد الينبوع المنحرف من الغرب إلى الشرق الشديد الجرية الدائم الإقتبال للمطالع فلا يشوبه طعم كرية ولا رائحة منكرة ولا غالب البياض ولا ناصع الخضرة ولا أورق القتمة لطيبة التّربة. وأن يختار له من البلدان أطيبها تربة وأسطعها رائحة وأصفاها هواء وأنقاها جوّا وأزهرها كواكب وأوضحها ضياء التي لا عيون الكبريت بقربها وإذا احتفر فيها آبار لم يحتج إلى طمها القريبة اللّينة المعتدلة الحرّ والبرد في الأزمنة الأربعة لا قريبة من الفلك ولا بعيدة منه لا مرتفعة صعودا ولا منخفضة هبوطا ولا متدانية ولا متباينة من البحار موازية لوسط الأرض وحيث يقل فيها هبوب الرياح العواصف جازها نهر عظيم فقال الروميّ أيّها الملك وجدت أكثر هذه الأوصاف التي يفوتها القليل منها في إيران شهر وهو إصبهان. ولمّا مات بلاش أخو قباذ وكان للعلوم محبّا وإلى الآداب مشتاقا نظر قباذ في كتبه فاستحسن تذكرة الرومي المستوطن إصبهان ففرّق المهندسين في بلدان مملكته وتقدّم إليهم في نفض البقاع ووزن المياه وسوف التّراب والفحص عن أخلاق سكّان البلدان وأعراقهم فانتدبوا لما أمرهم وكتبوا إليه وأعلموه وجدنا أخصب بقاع مملكة الكريم السعيد الرّؤف عشرة مواضع أرمينية (١) وآذربيجان ودسنين وماه دينار (٢) ...

__________________

(١) أرمينية : إسم لصقع عظيم واسع في جهة الشمال والنسبة إليها أرميني على غير قياس بفتح الهمزة وكسرها.

أنظر معجم البلدان (١ / ١٦٠). وقال أهل السير سميت أرمينية بأرمينا بن لنطا بن أومر بن يافث بن نوح عليه‌السلام وكان أول من نزلها وسكنها.

وقيل هما أرمينيتان الكبرى والصغرى وهما من برذعه إلى باب الأبواب ومن الجهة الأخرى إلى بلاد الروم وجبل القيق (المصدر السابق).

(٢) ماه دينار : هي مدينة نهاوند وإنما سميت بذلك لأن حذيفة بن اليمان لما نزلها اتبع سماك العبسي رجلا في حومة الحرب وخالطه ولم يبق إلا قتله فلما أيقن بالهلاك ألقى سلاحه وإستسلم فأخذه العبسي أسيرا فجعل يتكلم بالفارسية فأحضروا ترجمانا فقال إذهبوا إلى أميركم حتى أصالحه عن المدينة وأؤدي إليه الجزية وأعطيك أنت منها ما شئت فقد مننت عليّ إذ لم تقتلني فقال له ما إسمك قال : دينار. فإنطلقوا به

٥٧

وماه نهاوند وماه كران (١) وكرمان وإصبهان وقومس وطبرستان (٢) ووجدنا أخفّ بقاع مملكته ماء عشرة مواضع دجلة والفرات وزرنروذ إصبهان وماء سوران وماء ذات المطامير من قرى حلوان (٣) وماء هفنجاني وماء جنديسابور (٤) وماء بلخ (٥) وماء سمرقند (٦). قال صاحب كتاب إصبهان ومن الدليل على صحّة ما ذكرناه من قول الرومي من خفّة المياه أنّ الموفّق كان ينقل إليه الماء مطبوخا من زرنروذ إصبهان لمّا عزل عن إصبهان إلى بغداد إلى أن مات. وعاد الحديث إلى قول الرومي قال ووجدنا أسرى بقاع مملكته فواكه سبعة مواضع طرسفون وهو المدائن وبلاشون وهو حلوان وما سبذان (٧) ونهاوند وإصبهان والريّ ونيسابور ووجدنا أقحط مواضع مملكته ثمانية

__________________

إلى حذيفة وصالحه على الخراج وأمن أهلها على أموالهم وأنفسهم وذرياتهم فسميت نهاوند يومئذ ماه دينار. وقيل فيها غير ذلك. أنظر معجم البلدان (٥ / ٤٩).

(١) ماه كراه : هو الذي اختصروه فقالوا مكران وكران اسم لسيف. معجم البلدان (٥ / ٤٩).

(٢) طبرستان : الطبر : هو الذي يشقق به الأحطاب وما شاكله بلغة الفرس ، أستان : الموضع أو الناحية. كأنه يقول ناحية الطبر وهي بلدان واسعة كثيرة يشملها هذا الاسم خرج من نواحيها من لا يحصى كثرة من أهل العلم والأدب والفقه والغالب على أهل هذه النواحي الجبال فمن أعيان بلدانها دهستان وجرجان واستراباذ وآمل.

كثيرة المياه متهدلة الأشجار كثيرة الفواكه إلا أنها مخيفة وخيمة قليلة الارتفاع كثيرة الاختلاف والنزاع. أنظر معجم البلدان (٤ / ١٣).

(٣) حلوان : في عدة مواضع حلوان العراق في آخر حدود السواد مما يلي الجبال من بغداد وقيل سميت بحلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة كان بعض الملوك أقطعه إياها فسميت به وهي بقرب الجبل وليس للعراق مدينة قرب الجبل غيرها وربما يسقط بها الثلج وأما أعلى جبلها فإن الثلج يسقط به دائما أنظر معجم البلدان (٢ / ٢٩٠).

(٤) جنديسابور : مدينة بخوزستان بناها سابور بن أردشير فنسبت إليه وأسكنها سبى الروم وطائفة من جنده وهي مدينة خصبة واسعة الخير والزرع والنخل والمياه. أنظر معجم البلدان (٢ / ١٧٠).

(٥) بلخ : مدينة مشهورة بخراسان في الإقليم الخامس وقيل في الرابع وإن أول من بناها لهراسف الملك لما خرّب صاحبه بخت نصر المقدس وقيل بل الإسكندر بناها وكانت تسمى الإسكندرية قديما افتتحها الأحنف بن قيس. أنظر معجم البلدان (١ / ٤٧٩).

(٦) سمرقند : يقال لها بالعربية سمران بلد معروف مشهور قيل أنه من أبنية ذي القرنين بما وراء النهر وهو قصبة الصغد مبنية على جنوبي وادي الصغد مرتفعة عليه وبالبطيحة من أرض كسكرمزية تسمى سمرقند أيضا.

أنظر معجم البلدان (٣ / ٢٤٧).

(٧) ما سبذان : أصله ماه سبذان مضاف إلى إسم القمر وهي مدن عدة منها أريوجان وهي مدينة حسنة في الصحراء بين الجبال كثيرة الشجر كثيرة الحمّات والكباريت والزاجات والبوارق والأملاح ... وبها قبر

٥٨

مواضع ميسان (١) ودست ميسان والكلتانيّة (٢) وبادريا (٣) وباكسيا (٤) وما سبذان ووجدنا أعقل أهل مملكته إصبهان والحيرة (٥) والمدائن وماء دينار ونيسابور وإصطخر (٦) والريّ وطبرستان ونشوى (٧) ووجدنا أوبأ أهل مملكته النّوبندجان (٨) وسابور خواست وجرجان وحلوان وبرذعة وإصطخر وزنجان ووجدنا أمكر أهل مملكته ما سبذان ومهرجان (٩) وخوزستان والريّ والرّويان (١٠) وآذربيجان وأرمينية ...

__________________

المهدي وليس له أثر إلا الأبناء قد تعفت رسومه ولم يبق منه إلا الآثار. أنظر معجم البلدان (٥ / ٤١).

(١) ميسان : إسم كورة واسعة كثيرة القرى والنخل بين البصرة وواسط ومن هذه الكورة أيضا قرية فيها قبر عزير النبي عليه‌السلام مشهور معمور يقوم بخدمته اليهود ولهم عليه وقوف وتأتيه النذور وأنا أتيته. أنظر معجم البلدان (٥ / ٣٤٣).

(٢) الكلتانية : وهو ما بين السوس والمصيمرة أو نحو ذلك. وبهذه القرية قتل شمر بن ذي الجوشن الضبابي الذي قتل الحسين بن علي رضي‌الله‌عنه قتله أبو عمرة. أنظر معجم البلدان (٤ / ٤٧٦).

(٣) بادرايا : طسوج (سبق التعريف به صفحة ٤١ بالهامش) بالنهروان وهي بليدة بقرب باكسايا بين البذنيجين ونواحي واسط منها يكون التمر القسب اليابس الغاية في الجودة واليبس ويقال إنها أول قرية جمع منها الحطب لنار إبراهيم عليه‌السلام. أنظر معجم البلدان (١ / ٣١٧).

(٤) باكسايا : بلدة قرب البندنيجين وبادرايا بين بغداد وواسط من الجانب الشرقي في أقصى النهروان. معجم البلدان (١ / ٣٢٧).

(٥) الحيرة : مدينة كانت على ثلاث أميال من الكوفة على موضع يقال له النجف زعموا أن بحر فارس كان يتصل به وبالحيرة الخورتق بقرب منها مما يلي الشرق على نحو ميل ... ويقال لها الحيرة الروحاء. أنظر معجم البلدان (٣٢٨ / ٢).

(٦) إصطخر : بليدة بفارس من الإقليم الثالث من أعيان حصون فارس ومدنها وكورها. أنظر معجم البلدان (١ / ٣٢٧).

(٧) نشوى : مدينة باذربيجان ويقال هي من آران تلاصق أرمينية وهي المعروفة من العامة بنخجوان ويقال نقجوان.

وقال البلاذري : النشوى قصبة كوة بسفرجان فتحها حبيب بن سلمة الفهري في أيام عثمان بن عفان وصالح أهلها على الجزية وأراد الخراج على مثل صلح أهل دبيل وينسب إليها جماعة معجم البلدان (٥ / ٢٨٦)

(٨) النوبندجان : مدينة من أرض فارس من كورة سابور قريبة من شعب يوان الموصوف بالحسن والنزاهة وبينها وبين ارّجان ستة وعشرون فرسخا وبينها وبين سيراز قريب من ذلك. أنظر معجم البلدان (٥ / ٣٠٧).

(٩) مهرجان : معناه بالفارسية فرح النفس قال أبو سعد : مهرجان قرية بأسفرا بين لقبها بذلك كسرى قباذ بن فيروز والد كسرى أنو شروان لحسنها وخضرتها وصحة هوائها وينسب إليها جماعة من العلماء ومهرجان : قرية بين أصبهان وطبس كبيرة بها جامع وقد خربت أنظر معجم البلدان (٥ / ٢٣٣).

(١٠) الرويان : مدينة كبيرة من جبال طبرستان وكورة واسعة وهي أكبر مدينة في الجبال هناك. قالوا : أكبر مدن سهل طبرستان آمل وأكبر مدن جبالها رويان ورويان في الإقليم الرابع ... وبين جيلان رويان اثنا عشر

٥٩

... والموصل (١) وشهرزور (٢) والصّامغان (٣) ووجدنا أبصر أهل مملكته بالخراج إصبهان وكسكر (٤) وعبرتا (٥) وحلوان وما سبذان وهرمشير (٦) ووجدنا أبخل أهل مملكته مرو (٧) وإصطخر ودارابجرد (٨) وخوز (٩) وخوزستان وماه سبذان ودبيل (١٠) وماه دينار وحلوان

__________________

فرسخا. وقد ذكر بعضهم أن رويان ليست من طبرستان وإنما هي ولاية برأسها مفردة واسعة محيط بها جبال عظيمة وممالك كثيرة وأنهار مطردة وبساتين متسعة وعمارات متصلة. أنظر معجم البلدان (٣ / ١٠٤).

(١) الموصل : المدينة المشهورة العظيمة إحدى قواعد بلاد الإسلام قليلة النظير كبرا وعظما وكثرة خلق وسعة رقعة فهي محط رحال الركبان ومنها يقصد إلى جميع البلدان فهي باب العراق ومفتاح خراسان ومنها يقصد إلى أذربيجان وكثيرا ما سمعت أن بلاد الدنيا العظام ثلاث نيسابور لأنها باب الشرق ودمشق لأنها باب الغرب والموصل لأن القاصد إلى الجهتين قل ما لا يمر بها. قالوا وسميت الموصل لأنها وصلت بين الجزيرة والعراق وقيل وصلت بين دجلة والفرات وقيل لأنها وصلت بين بلد سنجار والحديثة وقيل بل الملك الذي أحدثها كان يسمى موصل وهي مدينة قديمة الإس على طرف دجلة ومقابلها من الجانب الشرقي نينوى في وسط مدينة الموصل قبر جرجيس النبي. أنظر معجم البلدان (٥ / ٢٢٣).

(٢) شهرزور : هي من الإقليم الرابع وهي كورة واسعة من الجبال بين إربل وهمذان أحدثها زور بن الضحاك ومعنى شهر بالفارسية المدينة وأهل هذه كلهم أكراد. أنظر معجم البلدان (٣ / ٣٧٥).

(٣) الصامغان : كورة من كور الجبل في حدود طبرستان وإسمها بالفارسية : بميان. أنظر معجم البلدان (٣ / ٣٩٠).

(٤) كسكر : معناه عامل الزرع كورة واسعة ينسب إليها الفراريج الكسكرية لأنها تكثر بها جدا رأيتها أنا تباع فيها أربعة وعشرون فروجا كبار بدرهم والبط يجلب إليها ولكن يجلب من بعض أعمال كسكر وقصبتها اليوم واسط القصبة التي بين الكوفة والبصرة. أنظر معجم البلدان (٤ / ٤٦١).

(٥) عبرتا : هو إسم أعجمي فيما أحسب وهذه قرية من أعمال بغداد من نواحي النهروان بين بغداد وواسط وفي هذه القرية سوق عامر وقد نسب إليها كثير من الرواة والأدباء. أنظر معجم البلدان (٤ / ٧٧).

(٦) هرمشير : قال حمزة : هو تعريب هرمزاردشير وهو اسم سوق الأهواز. أنظر معجم البلدان (٥ / ٤٠٣).

(٧) مرو : حجارة بيضاء براقة تكون فيها النار : إسم جبل. أنظر معجم البلدان (٥ / ١١٠).

(٨) دارابجرد : ولاية بفارس ينسب إليها كثير من العلماء وبها معدن الزيبق ودار بجرد أيضا موضع بنيسابور.

أنظر معجم البلدان (٢ / ٤١٩).

(٩) خوز : بلاد خوزستان يقال لها الخوز وأهل تلك البلاد يقال لهم الخوز وينسب إليه. أنظر معجم البلدان (٢ / ٤٠٤).

(١٠) دبيل : مدينة بأرمينية تتاخم آران كان ثغرا فتحه حبيب بن مسلمة في أيام عثمان بن عفان ـ رضي‌الله‌عنه ـ في إمارة معاوية على الشام ففتح ما مر به إلى أن وصل. إلى دبيل فغلب عليها وعلى قراها وصالح أهلها وكتب لهم كتابا نسخته : هذا كتاب من حبيب بن مسلمة الفهري لنصارى أهل دبيل ومجوسها ويهودها شاهدهم وغائبهم إني أمنتكم على أنفسكم وأموالكم وكنائسكم وبيعكم وسور مدينتكم فأنتم آمنون وعلينا

٦٠