المقرِّب ومعه مُثُل المقرِّب

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »

المقرِّب ومعه مُثُل المقرِّب

المؤلف:

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »


المحقق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-0067-X
الصفحات: ٦٤٨

غير متصرّف.

وإذا دخل على العامل ما النافية ، أو لا فى جواب قسم ، أو أداة من أدوات الاستفهام أو الشرط أو التحضيض ، أو لام التأكيد غير المصاحبة لإنّ ، أو وقع صلة لموصول ، أو صفة لموصوف ـ لم يجز تقديم المفعول على الموصول ، أو الموصوف ، ولا على شىء مما تقدّم ذكره.

وأما تقديمه على العامل وحده : فجائز ، إلا أن يكون الموصول حرفا ناصبا للفعل ، لا يجوز : «يعجبنى أن زيدا يضرب عمرو» ، أو يكون الموصول الألف واللام : فإنه لا يجوز ـ أيضا ـ الفصل بالمفعول بينها وبين الاسم الواقع فى صلتها ؛ وكذلك إن دخل على العامل خافض غير زائد ـ لم يجز تقديم المفعول على العامل ، ولا على الخافض ، فإن كان زائدا ـ جاز تقديم المفعول عليه ، ولم يجز تقديمه على العامل وحده.

وقسم : أنت فيه بالخيار ، وهو ما عدا ذلك (١).

نوع منه آخر :

وهو حكم الفاعل والمفعول به فى الأسماء الموصولة.

اعلم : أنه لا بدّ من حصر الموصولات ، وتبيين معانيها ؛ فإن مدار الباب على ذلك :

فالموصول : حرف ، وهو : أنّ وأن وما وكى المصدريات. واسم ، وهو : من ، وما ، والذى ، والتى ، وتثنيتهما ، وجمعهما ، وأىّ ، والألف واللام بمعناهما (٢) ، وذو

__________________

تضرب زيدا نضربك ، ومثال دخول أداة التحضيض عليه : هلا ضربت زيدا : ومثال دخول لام التأكيد عليه غير مصاحبة لإن : لتضربن زيدا ، فإن كانت مصاحبة لها نحو : إنّ زيدا ليضرب عمرا ـ جاز تقديم المفعول فتقول إن شئت : إن زيدا عمرا ليضرب ، ومثال وقوعه صلة لموصول : جاءنى الذى أكرمت أباه ، ومثال وقوعه صفة لموصوف : مررت برجل تحبّ جاريته. أه.

(١) م : وقولى : «وقسم : أنت فيه بالخيار ، وهو ما عدا ذلك» مثاله : ضرب زيد عمرا ، وإن شئت قلت : عمرا ضرب زيد. أه.

(٢) م : نوع منه آخر قولى : «والألف واللام بمعناهما» الألف واللام بمعنى الذى والتى ، هما الداخلتان على اسم الفاعل والمفعول نحو : الضارب ، تريد الذى ضرب ، والضاربة تريد التى ضربت ، والمضروب تريد الذى ضرب ، والمضروبة تريد التى ضربت.

وقد يدخلان على الجملة الاسمية والفعل المضارع فى ضرورة الشعر ، فمن دخولهما

٨١

وذات فى لغة طيىء (١) ، وتثنيتهما ، وجمعهما عند بعضهم ، والألى (٢) بمعنى الذين (٣) ، وذا إذا كانت معها ما ، أو من الاستفهامية وأريد بها معنى الذى والتى (٤).

__________________

على الجملة الاسمية قوله : [من الوافر].

من القوم الرّسول الله منهم

لهم دانت رقاب بنى معدّ

[البيت بلا نسبة فى الجنى الدانى ص ١٠٢ ، وجواهر الأدب ص ٣١٩ ، والدرر ١ / ٢٧٦ ، ورصف المبانى ص ٧٥ ، وشرح الأشمونى ١ / ٧٦ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ١٦١ ، وشرح ابن عقيل ص ٨٦ ، واللامات ص ٥٤ ، ومغنى اللبيب ١ / ٤٩ ، والمقاصد النحوية ١ / ١٥ ، ٤٧٧ ، وهمع الهوامع ١ / ٨٥]

أى : الذين رسول الله منهم ، ومن دخولها على الفعل المضارع قوله : [من السريع]

لا تبعثنّ الحرب إنّى لك ال

ينذر من نيرانها فاصطلى

[ينظر خزانة الأدب ٥ / ٤٨٣ ، ضرائر الشعر ٢٨٨ ، شرح أبيات المغنى ١ / ٢٩٣ ، تعليق الفرائد ٢ / ٢١٩ ، حاشية يس على التصريح ١ / ١٤٢].

وقول الآخر : [من الطويل]

فذو المال يؤتى ماله دون عرضه

لما نابه والطّارق اليتعهّد

[البيت لابن الكلحبة فى كتاب الجيم ٣ / ٢٢٥]

وأنشد الفراء : [من الطويل]

أحين اصطبانى أن سكتّ وإنّنى

لفى شغل عن ذحلى اليتتبّع

أى : الذى ينذر ، والذى يتعهّد ، والذى يتتبع. أه.

(١) م : وقولى : «وذو وذات فى لغة طيىء» تحرزت بذلك منهما بمعنى صاحب وصاحبة نحو قولك : جاءنى ذو مال ، وجاءتنى ذات جمال ؛ فإنهما إذ ذاك ليسا من قبيل الموصولات. أه.

(٢) في ط : والأولى.

(٣) م : وقولى : «والألى بمعنى الذين» تحرزت بذلك من الأولى بمعنى أصحاب ؛ نحو قوله : [من الطويل]

لقد علمت أولى المغيرة أنّنى

لحقت فلم أنكل عن الضّرب مسمعا

[البيت للمرار الأسدى فى ديوانه ص ٤٦٤ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٦٠ ، والكتاب ١ / ١٩٣ ، وللمرار الأسدى أو لزغبة بن مالك فى شرح شواهد الإيضاح ص ١٣٦ ، وشرح المفصل ٦ / ٦٤ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٠ ، ٥٠١ ، ولمالك بن زغبة فى خزانة الأدب ٨ / ١٢٨ ، ١٢٩ ، والدرر ٥ / ٢٥٥ ، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى ١ / ٢٠٢ ، وشرح ابن عقيل ص ٤١٢ ، واللمع ص ٢٧١ ، والمقتضب ١ / ١٤ ، وهمع الهوامع ٢ / ٩٣].

أى : أصحاب المغيرة ؛ ألا ترى أنها إذا كانت بهذا المعنى ، لم تحتج إلى صلة. أه.

(٤) م : وقولى : «وذا إذا كانت مع ما أو من الاستفهامية ، وأريد بهما معنى الذى والتى» إنما

٨٢

وفى «الذى» أربع لغات (١) : الّذى بتخفيف الياء ، والّذىّ بتشديدها ، والّذ بحذف الياء ، والّذ بتسكين الذال بعد الحذف ، ومثلها فى الّتى. وتقول فى تثنية الذى : اللذان رفعا (٢) ، وإن شئت شدّدت النون ، واللّذين نصبا

__________________

اشترطت اقترانها بمن وما ؛ لأنّها إن لم تقترن بهما لم تستعمل موصولة ، واشترطت أيضا أن يراد بها معنى الذى والتى ، لأنها قد تقترن بهما ولا يراد بها ذلك ؛ بل تبقى على أصلها من الإشارة ، فلا تحتاج إلى صلة تقول : من ذا؟ وما ذا؟ تريد : من المشار إليه؟ وما المشار إليه؟. أه.

(١) م : وقولى : «وفى الذى أربع لغات ...» إلى آخره مثال تشديد الياء قوله : [من الوافر]

وليس المال فاعلمه بمال

وإن أنفقته إلّا الّذىّ

تحوز به العلاء وتصطفيه

لأقرب أقربيك وللصّفىّ

[البيتان بلا نسبة فى الأزهية ص ٢٩٣ ، والإنصاف ٢ / ٦٧٥ ، وخزانة الأدب ٥ / ٥٠٤ ، ٥٠٥ ، والدرر ١ / ٢٥٥ ، ورصف المبانى ص ٧٦ ، ولسان العرب (ضمن) ، (لذا) ، وما ينصرف وما لا ينصرف ص ٨٣ ، وهمع الهوامع ١ / ٨٢ ، وتاج العروس (ضمن) ، (لذى) ، ويروى البيت الثانى :

يريد به العلاء ويمتهنه

لأقرب أقربيه وللقصىّ

ويروى «من الأقوام» بدلا من «وإن أنفقته» فى البيت الأوّل]

ومثال الذى يحذف الياء قول الآخر : [من الرجز]

والّذ لو شاء لكنت صخرا

أو جبلا أشمّ مشمخرّا

[ينظر بلا نسبة فى الأزهية ص ٢٩٢ ، والإنصاف ٢ / ٦٧٦ ، وخزانة الأدب ٥ / ٥٠٥ ، والدرر ١ / ٢٥٨ ، ورصف المبانى ص ٧٦ ، وهمع الهوامع ١ / ٨٢ ويروى «لكانت برا» بدلا من «لكنت صخرا»]

ومثال الذ بتسكين الذال ، والذى بإثبات الياء خفيفة قوله : [من الرجز]

فكنت والأمر الّذى قد كيدا

كالّذ تزبّى زبية فاصطيدا

[ينظر الخزانة ٦ / ٣ ، أمالى ابن الشجرى ٢ / ٣٠٥ ، الإنصاف ٦٧٢ ، ابن يعيش ٣ / ١٤٠ ، ولسان العرب (زبى)]

ومثل هذه اللغات فى التى ، فيقال : التى والّتىّ والت واللّت ، ومن تسكين التاء قوله : [من الوافر]

فقل للّت تلومك إنّ نفسى

أراها لا تعوّذ بالتّميم

[ينظر البيت بلا نسبة فى الأزهية ص ٣٠٣ ، وخزانة الأدب ٦ / ٦ ، والدرر ١ / ٢٥٨ ، وهمع الهوامع ١ / ٨٢]. أه.

(٢) م : وقولى : «وتقول فى تثنية الذى اللذان رفعا ...» إلى آخره ، مثال تخفيف النون مع الألف وتشديد النون قوله تعالى : (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ) «[النساء : ١٦] فإنه قرئ

٨٣

وخفضا (١) بتخفيفها ، وإن شئت حذفت ، فقلت : اللذا واللّذى ؛ ومثل ذلك فى تثنية الّتى.

وتقول فى جمع الذى : الذين فى جميع الأحوال (٢) ، ومنهم من

__________________

بتشديد النون وتخفيفها ، ولا يجوز مع الياء إلا التخفيف نحو قوله تعالى : (أَرِنَا الَّذَيْنِ) [فصلت : ٢٩] ومثال حذف النون تخفيفا قوله : [من الطويل]

وعكرمة الفيّاض منّا وحوشب

هما فتيا النّاس اللّذا لم يعمّرا

[ينظر البيت للعديل بن الفرخ العجلى فى الأغانى ٢٢ / ٦٧٣ ، وبلا نسبة فى سر صناعة الإعراب ٢ / ٥٣٧]

وقول الآخر : [من الهزج]

وحوصاء ورألان ال

لذى دلّا على الحجّ

[ينظر البيت في الإبدال لأبي الطيب ١ / ٢٥٩ ، شرح الجزولية ص ٤٧١]

ومثل ذلك فى تثنية التى تقول : هما اللتان ، واللتانّ بتخفيف النون وتشديدها ، وفى النصب والخفض اللتين ، ولا يجوز تشديد النون ، وإن شئت حذفت النون فى جميع ذلك ، ومن ذلك قوله : [من الرجز]

هما اللّتا لو ولدت تميم

لقيل مجد لهم صميم

[ينظر البيت للأخطل فى خزانة الأدب ٦ / ١٤ ، والدرر ١ / ١٤٥ ، وشرح التصريح ١ / ١٣٢ ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٢٥ ، وليس فى ديوانه ، وبلا نسبة فى الأزهية ص ٣٠٣ ، وأوضح المسالك ١ / ١٤١ ، وهمع الهوامع ١ / ٤٩ وروى «فخر» بدلا من «مجد»]. أه.

(١) في أ: وجرا.

(٢) م : وقولى : «وتقول فى جمع الذى : الذين فى جميع الأحوال ـ» إلى آخره ، الذين فى جميع الأحوال أفصح اللغات ، وبها نزل القرآن ، ومن استعمال الذين بالواو فى الرفع : [من الرجز]

هم الّلذون صبّحوا صباحا

يوم النّخيل غارة ملحاحا

[ينظر البيت لرؤبة فى ملحق ديوانه ص ١٧٢ ، ولليلى الأخيلية فى ديوانها ص ٦١ ، ولرؤبة أو لليلى أو لأبى حرب الأعلم فى الدرر ١ / ٢٥٩ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٨٣٢ ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٢٦ ، ولأبى حرب الأعلم أو لليلى فى خزانة الأدب ٦ / ٢٣ ، والدرر ١ / ١٨٧ ، ولأبى حرب بن الأعلم فى نوادر أبى زيد ص ٤٧ ، وللعقيلى فى مغنى اللبيب ٢ / ٤١٠ ، وبلا نسبة فى الأزهية ص ٢٩٨ ، وأوضح المسالك ١ / ١٤٣ ، وتخليص الشواهد ص ١٣٥ ، وشرح الأشمونى ١ / ٦٨ ، وشرح التصريح ١ / ١٣٣ ، وشرح ابن عقيل ص ٧٩ ، وهمع الهوامع ١ / ٦٠ ، ٨٣].

٨٤

يقول (١) : الّذون رفعا والذين نصبا وجرّا ، وبنو هذيل يقولون : اللائين فى جميع الأحوال ، ومنهم / من يقول : اللاءون رفعا ، واللائين (٢) نصبا وخفضا.

وإن شئت حذفت النون فى جميع ذلك.

وتقول فى جمع التى : الّلائى (٣) ، واللاتى ، واللواتى ، وإن شئت حذفت الياء فى

__________________

ومن استعمال اللائين بالواو فى الرفع ، والياء فى النصب والخفض قوله : [من الوافر]

هم اللّاءون فكّوا الغلّ عنّى

بمرو الشّاهجان وهم جناحى

[ينظر البيت للهذيلىّ فى الأزهية ص ٣٠٠ ، وبلا نسبة فى الدرر ١ / ٢٦٤ ، ولسان العرب (تصغير ذا وتا) ، والهمع ١ / ٨٣]

وقول الآخر [من الوافر] :

ألمّا تعجبى وترى بطيطا

من اللائين فى الحقب الخوالى

[ينظر البيت للكميت فى ديوانه ٢ / ٦٧ ، ومقاييس اللغة ١ / ١٨٤ ، وبلا نسبة فى لسان العرب (بطط) ، وتاج العروس (بطط)]

وإن شئت حذفت النون تخفيفا فى جميع ذلك ؛ حكى الكسائى ـ رحمه الله ـ : «هم اللاءوا فعلوا كذا».

ومن استعمال اللائين بالياء فى جميع الأحوال : ما حكى بعض البغداديين من أن العرب قالت : هم اللائين فعلوا كذا ؛ ذكر ذلك الفارسى فى «شيرازياته» وقرأ ابن مسعود ـ رضى الله عنه ـ : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ).

وقال الشاعر [من الرجز] :

إلا الّذى قاموا بأطراف المسد

[البيت بلا نسبة فى الأزهية ص ٢٩٩ ، ورصف المبانى ص ٢٧٠ ، وسمط اللآلى ص ٣٥ ، ولسان العرب (ذا) ، وروى «شدّوا» بدلا «من قاموا»] أه.

(١) في ط : يقوم.

(٢) في ط : وللاثنين.

(٣) م : وقولى : «وتقول فى جمع التى اللائى ...» إلى آخره ، مثال اللائى قوله تعالى : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ) [الطلاق : ٤] ومثال اللاى أيضا بالياء قوله تعالى : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ) فإنه قرئ بهما ، ومثال اللاتى قوله تعالى : (اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ) [الأحزاب : ٥٠].

ومثال اللواتى قوله [من الرجز] :

من الّلواتى والّتى واللاتى

يزعمن أنّى كبرت لداتى

[البيت بلا نسبة فى خزانة الأدب ٦ / ٨٠ ، ١٥٤ ، ١٥٦ ، وأمالى ابن الشجرى ١ / ٤٤ ولسان العرب (لتا) وقال فيه : أنشد أبو عمر]

٨٥

جميع ذلك ، واللواء بالمد والقصر واللاى (١) بالياء (٢) من غير همز ، والّلاء بغير ياء ، والّلات.

[تثنية ذو الطائية وجمعها]

وتقول فى تثنية ذو الطائية : ذوا فى الرفع (٣) ، وذوى فى النصب والخفض ، وفى

__________________

ومن اللاء بحذف الياء قوله [من الطويل] :

من اللاء لم يحججن يبغين حسبة

ولكن ليقتلن البرى المغفّلا

[البيت لعائشة بنت طلحة فى العقد الفريد ٦ / ١٠٩ ، وبلا نسبة ينظر فى الأزهية ص ٣٠٦ ، ولسان العرب (تا) ، (ذا)]

ومن اللات بحذف الياء قوله [من البسيط] :

اللات كالبيض لمّا تعد أن درست

صفر الأنامل من قوع القواقيز

[البيت للأسود بن يعفر فى ديوانه ص ٣٨ ، ولسان العرب (درس) ، (لتا) ، وتهذيب اللغة ١٢ / ٣٥٩ ، ويروى «نقف القوارير» بدلا من «قرع القواقيز»]

ومن اللوا بالقصر قوله [من الرجز] :

تجمّعت من أينق غزار

من اللّوا شرّفن بالصّرار

[البيت بلا نسبة فى الدرر ١ / ٢٦٥ ، ولسان العرب (شرف) ، (لوى) ، وهمع الهوامع ١ / ٨٣]

ومن اللا بغير ياء وهمز قوله أنشده ثعلب [من الطويل] :

فدومى على الوصل الّذى كان بيننا

أم انت من الّلا ما لهنّ عهود

[البيت بلا نسبة ينظر فى الأزهية ص ٥٠٣ ، ولسان العرب (لوى) ويروى «العهد» بدلا من «الوصل»].

ومن اللاءات قوله [من الطويل] :

أولئك أخدانى وأخلال شيمتى

وأخدانك اللاءات زيّنّ بالكتم

[البيت بلا نسبة ينظر فى الدرر ١ / ٢٦٦ ، ولسان العرب (خلل) ، (لتا) ، وهمع الهوامع ١ / ٨٣]. أه.

(١) في أ: اللاتي.

(٢) في أ: بالتاء.

(٣) م : وقولى : «وتقول فى تثنية ذو الطائية ذوا فى الرفع ...» إلى آخره ، الأفصح فى «ذو» «وذات» الطائيتين ألا يثنيا ولا يجمعا ، وحكى الهروى فى الأزهية : أن بعض العرب يقول : هذان ذوا تعرف ، وهاتان ذواتا تعرف ، وهؤلاء ذوو تعرف ، وهؤلاء ذوات تعرف.

وقال أبو بكر بن السراج : إن تثنية «ذو» «وذوات» وجمع ذو لا يجوز فيها إلا الإعراب وأما جمع ذات ، فحكى الهروى فى الأزهية : أنه لا يجوز فيها إلا ضم التاء على كل حال

٨٦

جمعها : ذوو فى الرفع ، وذوى فى النصب والخفض.

وتقول فى تثنية ذات الطائية : ذواتا فى الرفع ، وذواتى فى النصب والخفض ، وفى جمعها : ذوات بضم التاء فى الأحوال كلها ؛ أنشد الفرّاء (١) [من الرجز] :

٦ ـ جمعتها من أينق موارق

ذوات ينهضن بغير سائق (٢)

فأما ما : فإنّها تقع على ما لا يعقل (٣) ، وعلى أنواع من يعقل من المذكّرين والمؤنّثات.

__________________

وذكر البيت الذى أنشد الفراء شاهدا على ذلك. أه.

(١) يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي ، مولى بني أسد أو (بني منقر) أبو زكريا المعروف بالفراء : إمام الكوفيين وأعلمهم بالنحو واللغة وفنون الأدب. كان يقال : الفراء أمير المؤمنين في النحو. ومن كلام ثعلب : لو لا الفراء ما كانت اللغة. ولد بالكوفة سنة ١٤٤ ه‍ ، وانتقل إلى بغداد ، وعهد إليه المامون بتربية ابنيه ، فكان أكثر مقامه بها ، فإذا جاء آخر السنة انصرف إلى الكوفة فأقام أربعين يوما في أهله يوزع عليهم ما جمعه ويبرهم. وتوفي سنة ٢٠٧ ه‍ في طريق مكة. وكان مع تقدمه في اللغة ـ فقيها متكلما ، عالما بأيام العرب وأخبارها ، عارفا بالنجوم والطب.

من تصانيفه «المقصور والممدود» و «المعاني» ويسمى «معاني القرآن» أملاه في مجالس عامة كان في جملة من يحضرها نحو ثمانين قاضيا ، و «المذكر والمؤنث».

ينظر : الأعلام ٨ / ١٤٥ ، وفيات الأعيان ٢ / ٢٢٨ ، تهذيب التهذيب ١١ / ٢١٢ ، تاريخ بغداد ١٤ / ١٤٩ ـ ١٥٥.

(٢) البيت لرؤبة بن العجاج.

وأينق : جمع ناقة. والشاهد فيه قوله : «ذوات» حيث جاء بمعنى : «اللواتي» ، وبناه على الضم ، وصلته جملة : «ينهضن» ، وقيل : «ذوات». هنا بمعنى : صاحبات.

ينظر : ملحق ديوانه (١٨٠) ، الدرر (١ / ٢٦٧) ، بلا نسبة في الأزهية (٢٩٥) ، أوضح المسالك (١ / ١٥٦) ، تخليص الشواهد (١٤٤) ، همع الهوامع (١ / ٨٣).

(٣) م : وقولى : «فأمّا «ما» فإنها تقع على ما لا يعقل ...» إلى آخره ، ووقوعها على ما لا يعقل هو الكثير ، قال الله تعالى : (ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ) [النحل : ٩٦] ومن وقوعها على أنواع من يعقل قوله تعالى : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) [النساء : ٣] أى : من أنواع النساء ، وأما وقوعها على آحاد أولى العلم فلا يجوز ، وحكى أبو زيد : سبحان ما سبح الرعد بحمده ، ولا حجة فيه ؛ لإمكان أن تكون ما ظرفية مصدرية أى : سبحان الله مدّة تسبيح الرعد بحمده ، فتكون مثلها فى قول الشاعر : [من الوافر]

أطوّف ما أطوّف ثمّ آوى

إلى بيت قعيدته لكاع

[البيت من الوافر ، وهو للحطيئة فى ملحق ديوانه ص ١٥٦ ، وجمهرة اللغة ص ٦٦٢ وخزانة الأدب ٢ / ٤٠٤ ، ٤٠٥ ، والدرر ١ / ٢٥٤ ، وشرح التصريح ٢ / ١٨٠ ، وشرح

٨٧

ومن : تقع على [من يعقل] (١) ، [وقد تقع] (٢) على ما لا يعقل إذا عومل معاملته أو اختلط به فيما وقعت عليه ؛ من نحو قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ) [النور : ٤٥] أو فيم فصل بها نحو قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ) [النور : ٤٥] ؛ فوقعت «من» على الماشى على الأربع ؛ لاختلاطه بالعاقل فى المفصل بمن ، وهو قوله تعالى : (كُلَّ دَابَّةٍ) [النور : ٤٥].

__________________

المفصل ٤ / ٥٧ والمقاصد النحوية ١ / ٤٧٣ ، ٤ / ٢٢٩ ، ولأبى الغريب النصرى فى لسان العرب (لكع) ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ٤٥ ، والدرر ٣ / ٣٩ ، وشرح شذور الذهب ص ١٢٠ ، وشرح ابن عقيل ص ٧٦ ، والمقتضب ٤ / ٢٣٨ ، وهمع الهوامع ١ / ٨٢].

ويروي صدر البيت هكذا :

أجوّل ما أجوّل ثم آوى

 .........]

واستعملت سبحان غير مضافة مثلها فى قول الآخر [من السريع] :

أقول لمّا جاءنى فخره

سبحان من علقمة الفاخر

[جاء فى نص المقرب برقم ٩٢]

ووقوع «من» على العاقل هو الأكثر ، ومنه قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ ...) [يونس : ٤٣] ومن وقوعها على ما لا يعقل لمعاملته معاملة من يعقل قول امرئ القيس [من الطويل] :

ألا عم صباحا أيّها الطّلل البالى

وهل يعمن من كان فى العصر الخالى

[ينظر ديوانه ص ٢٧ ، وجمهرة اللغة ص ١٣١٩ ، وخزانة الأدب ١ / ٦٠ ، ٣٢٨ ، ٣٣٢ ، ٢ / ٣٧١ ، ١٠ / ٤٤ ، والدرر ٥ / ١٩٢ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٣٤٠ ، والكتاب ٣ / ٣٩ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ١ / ١٤٨ ، وخزانة الأدب ٧ / ١٠٥ ، وشرح الأشمونى ١ / ٦٩ ، ٢ / ٢٩٢ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٤٨٥ ، ومغنى اللبيب ١ / ١٦٩ ، وهمع الهوامع ٢ / ٨٣]

فأوقع «من» على الطلل لما أجراه مجرى العاقل فى أن ناداه وحياه ، ومن ذلك أيضا قول أبى زبيد الطائى [من الطويل] :

فوافى به من كان يرجو إيابه

وصادف منه بعض ما كان يحذر

[ينظر البيت فى تذكرة النحاة ص ٦٨٣ ، وفيه «ببابه» بدل «إيابه»].

يريد به السّبع ، ومن كان يرجو يريد به اللبؤة وأوقع من عليها لما وصفها بالرجاء ، وهو من صفة العاقل. أه.

(١) سقط في أ.

(٢) سقط في ط.

٨٨

والذى : يقع على آحاد أولى العلم وغيرهم (١) ، وقد يقع على الجميع إذا عومل معاملة المفرد المذكر ؛ وكذلك تثنيتها ، فأما جمعها : فعلى من يعقل خاصّة.

والتى : تقع على من يعقل وما لا يعقل من آحاد المؤنّثات ، وقد تقع على الجمع إذا عومل معاملة الواحدة المؤنّثة ؛ وكذلك : تثنيتها وجمعها.

وأما الألف واللام بمعنى الذى والتى : فإنها تقع على من يعقل وما لا يعقل من المذكّرين والمؤنّثات ، وتكون للمفرد والمثنى والجمع ، والمذكر والمؤنث بلفظ واحد.

وكذلك : أى ، إلا أنّ بعضهم إذا أراد التأنيث ، قال : أيّة ، وإذا أراد التثنية قال : أيّان فى المذكرين والمؤنّثين (٢) ، وإذا أراد الجمع قال : أيّون فى المذكّرين ، وأيّات فيما عدا ذلك.

وذو (٣) : تقع على من يعقل وما لا يعقل من المذكّرين.

__________________

(١) م : وقولى : «والذى : يقع على من يعقل وعلى ما لا يعقل من المذكرين من العاقلين» إلى آخره ، من وقوع الذى على من يعقل قوله تعالى : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) [الزمر : ٣٣] ، وقوله سبحانه : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ) [البقرة : ٢٥٩] ومن وقوعها على ما لا يعقل قوله سبحانه وتعالى : (الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ) [الشرح : ٣] ومن وقوع التى على من يعقل قوله سبحانه وتعالى : (قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها) [المجادلة : ١] ، ومن وقوعها على ما لا يعقل قوله تعالي : (عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها) [البقرة : ١٤٢] ، وتثنيتهما بمنزلتهما فى ذلك.

وأما جمع الذى : فلما كان على صورة جمع المذكر السالم لم يوقع إلا على العاقل ، قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) [الكهف : ١٠٧] كما أن جمع المذكر السالم لا يقع إلا على العاقل.

ومن وقوع الألف واللام على من يعقل من المذكرين والمؤنثات قوله تعالى : (وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ) [الأحزاب : ٣٥] أى : الذين حفظوا فروجهم واللائى حفظنها ، ومن وقوعها على ما لا يعقل من المذكرين قوله تعالى : (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) [الطور : ٤] أى : الذى عمر ، ومن وقوعها على المؤنث قوله سبحانه وتعالى : (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ) [الحاقة : ١١] أى : التى تجرى ، ومن وقوع أىّ : علي العاقل من مذكر أو مؤنث قوله تعالى : (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا) [مريم : ٦٩] ألا ترى أن المعنى على العموم فى الصنفين ، ومن وقوعها على غير العاقل : أيها أنسأ لك ، وحكى إدخال التاء على أى إذا أريد بها المؤنث ابن كيسان وغيره. أه.

(٢) في أ: وأيان في المؤنثين.

(٣) في أ: وذوات.

٨٩

وذات : تقع على من يعقل وما لا يعقل من المؤنثات ؛ حكى الفراء : «بالفضل ذو فضلكم الله به ، والكرامة ذات أكرمكم الله به / يريد : بها فحذف الألف ونقل الفتحة إلى الباء.

وقد تعرب ذو ؛ قال منظور بن سحيم الفقعسى (١) : [من الطويل]

 ٧ ـ .................

فحسبى من ذى عندهم ما كفانيا (٢)

وأما الألى ، بمعنى الذين (٣) : فتقع على من يعقل من المذكرين ، وبمعنى اللاتى ، فتقع على من يعقل من المؤنثات ، وقد تقع على ما لا يعقل.

__________________

(١) منظور بن سحيم بن نوفل بن نضلة الأسدى الفقعسي : من شعراء «الحماسة» مخضرم ، أدرك الجاهلية والإسلام وسكن الكوفة.

المرزباني ٣٧٤ ، والتبريزى ٣ / ٩١ ، والمرزوقي ١١٥٨ ، والإصابة ترجمة (٨٤٧١) والأعلام (٧ / ٣٠٨).

(٢) عجز بيت لـ «منظور بن سحيم» كما ذكر المصنف ـ وصدره :

فإمّا كرام موسرون لقيتهم

 .........

والشاهد فيه قوله : «من ذى» حيث جاءت «ذى» معربة. وقد روى البيت : «من ذو» ببناء «ذو» على السكون ؛ وذلك على لغة طيىء ، وهى بمعنى «صاحب» ، وهذا هو المشهور.

ينظر : الدرر ١ / ٢٦٨ ، وشرح التصريح ١ / ٦٣ ، ١٣٧ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١١٥٨ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٨٣٠ ، وشرح المفصل ٣ / ١٤٨ ، والمقاصد النحوية ١ / ١٢٧ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٤١٠ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١ / ٤٢ ، وتخليص الشواهد ص ٥٤ ، ١٤٤ ، وشرح الاشموني ١ / ٧٢ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٠ ، ٨٢ ، وشرح عمدة الحافظ ص ١٢٢ ، وهمع الهوامع ١ / ٨٤.

(٣) م : وقولى : «والألى بمعنى الذين ...» إلى آخره : من وقوع الألى بمعنى الذين على من يعقل قول القطامى : [من الوافر]

أليسوا بالألى قسطوا قديما

على النّعمان وابتدروا المصاعا

[ينظر الديوان ٣٦ ، والمخصص ٦ / ٧ ، الأزهية ٣١٢ ، أمالى الشجرى ٣ / ٥٧ ، الشعر والشعراء ٧٠٢]

ومن وقوعها على ما لا يعقل قول مضرس : [من الطويل]

تهيّجنى للوصل أيّامنا الألى

مررن علينا والزّمان وريق

[ينظر التصريح ١ / ١٣٢ ، تذكرة النحاة ص ٦٨٣].

وأما ذا فإنها تابعة فى المعنى لما ، ومن ، تقول : من ذا عندك من الناس؟ تريد : من الذى عندك ، أو : من التى عندك ، وتقول : ماذا عندك من الدواب؟ تريد : ما الذى عندك ، أو ما التى عندك. أه.

٩٠

وذا : إذا كانت مع ما وقعت على مالا (١) يعقل من المذكرين والمؤنثات.

فأما أن وكى المصدريتان : فلا توصلان إلا بالجمل الفعلية.

وأمّا أنّ : فلا توصل إلا بالجمل الاسمية.

وأما ما : فإنها توصل بالجمل الاسمية والفعلية.

وأما الأسماء الموصولة : فلا توصل إلا بالظروف والمجرورات التامّة ، وبالجمل المحتملة للصدق والكذب ، الخليّة من معنى التعجب ، المشتملة على ضمير عائد على الموصول (٢) ، إلا الألف واللام منها ؛ فإنّها لا توصل إلا باسم الفاعل واسم المفعول ، ولا توصل بالجمل إلا فى ضرورة ، نحو قوله [من البسيط] :

٨ ـ ما أنت بالحكم التّرضى حكومته

ولا الأصيل ولا ذى الرّأى والجدل (٣)

__________________

(١) في ط : من.

(٢) م : وقولى : «فأما أن وما وكى المصدريات ...» إلى آخره ، مثال ذلك : يعجبنى أنك قائم ، أو أن تقوم ، أو ما تصنع ، تريد : يعجبنى قيامك ، أو صنعك ، وجئت كى تكرمنى ، أى : لإكرامك لى ، ومثل وصل الأسماء الموصولة بالظروف والمجرورات التامة والجمل المحتملة للصدق والكذب الخليّة من معنى التعجب المشتملة على ضمير يعود علي الموصول : قولك : جاءنى الذى فى الدار ، وجاءنى الذى عندك ، وجاءنى الذى قام أبوه ، ولو قلت : جاءنى الذى بك ، والذى إليك ، لم يجز ، لأنهما ناقصان ، لا فائدة فى الوصل بهما ، وكذلك إذا قلت : جاءنى الذى ما أحسنه ، لم يجز ؛ لأن فعل التعجب لا يوصل به موصول ، وكذلك لو قلت : جاءنى الذى عمرو قائم ، لم يجز ؛ لخلو الجملة من عائد إلى الموصول ، وكذلك لو قلت : جاءنى الذى لعله قائم ، لم يجز ؛ لأن الجملة غير محتملة للصدق والكذب.

فأما قول الفرزدق : [من الطويل]

وإنّى لرام نظرة قبل الّتى

لعلّى وإن شطّت نواها أزورها

[ينظر ديوانه ٢ / ١٠٦ ، وخزانة الأدب ٥ / ٤٦٤ ، والدرر ١ / ٢٧٧ ، وبلا نسبة فى شرح شواهد المغنى ٢ / ٨١٠ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٣٨٨ ، ٣٩١ ، ٥٨٥ ، وهمع الهوامع ١ / ٨٥] فوصل التى بلعل وما بعدها ، وهى من الجمل غير المحتملة للصدق والكذب ؛ فيخرج على إضمار القول ، التقدير : قبل التى أقول لعلى وإن شطت نواها أزورها ، فالصلة على هذا محذوفة ، وهي أقول ، والعرب كثيرا ما تضمر القول ، قال تعالى : (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ...) [الرعد : ٢٣ ، ٢٤] أى : يقولون : سلام عليكم ، وقد تقدم تمثيل وصل الألف واللام باسم الفاعل والمفعول. أه.

(٣) البيت للفرزدق همام بن غالب قاله لرجل أعرابي من بني «عذرة» دخل على عبد الملك بن مروان ليمدحه ، فرآه جالسا ، ورأى بصحبته جريرا والفرزدق والأخطل ، فمدحه ، ومدح

٩١

والضمير العائد على الموصول : إن كان مرفوعا ، وكان غير مبتدأ ـ لم يجز حذفه (١) ، وإن كان مبتدأ ، وكان الخبر جملة فعلية أو اسمية ، أو ظرفا أو مجرورا ـ لم يجز حذفه (٢) ، وإن كان الخبر غير ذلك ، وكان الضمير قد عطف على غيره ـ لم يجز حذفه وإن كان قد عطف غيره عليه ـ [ففى حذفه] (٣) خلاف ، والصّحيح أنّه لا يجوز حذفه ، وإن لم يكن معطوفا على غيره ، ولم يكن غيره معطوفا عليه ، وكان الموصول أيّا ـ جاز إثباته وحذفه (٤).

__________________

جريرا معه ، وهجا الفرزدق والأخطل.

والألف واللام لا توصل إلا بالصفة الصريحة كاسم الفاعل نحو الضارب واسم المفعول نحو المضروب ، وأما الصفة المشبهة نحو الحسن الوجه فجمهور النحاة على منع وصل «ال» بها ، و «ال» الداخلة عليها ـ عند هؤلاء ـ معرفة لا موصولة.

والشاهد فيه : وصل «ال» بالفعل المضارع :

ما أنت بالحكم الترضى حكومته

 .........

(البيت) ففي قوله «الترضى» أتى بصلة «ال» جملة فعلية فعلها مضارع و «ال» في ذلك اسم موصول بمعنى الذي وهذا قليل.

ينظر : الإنصاف ٢ / ٥٢١ ، وجواهر الأدب ص ٣١٩ ، وخزانة الأدب ١ / ٣٢ ، والدرر ١ / ٢٧٤ ، وشرح التصريح ١ / ٣٨ ، ١٤٢ ، شرح شذور الذهب ص ٢١ ، ولسان العرب «أمس» ، «لوم» ، والمقاصد النحوية ١ / ١١١ ، وليس في ديوانه ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١ / ٢٠ ، وتخليص الشواهد ص ١٥٤ ، والجنى الداني ص ٢٠٢ ، ورصف المباني ص ٧٥ ، ١٤٨ ، وشرح الأشموني ١ / ٧١ ، وشرح ابن عقيل ص ٨٥ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٩٩ ، وهمع الهوامع ١ / ٨٥.

(١) م : وقولى : «إن كان مرفوعا وكان غير مبتدأ لم يجز حذفه» مثال ذلك قولك : جاءنى الذين قاموا ، قالوا : وفى قاموا ضمير مرفوع ؛ لأنه ضمير الفاعل ، ولا يجوز أن تقول : جاءنى الذين قام ، فتحذفه. أه.

(٢) م : وقولى : «وإن كان مبتدأ وكان الخبر فعلا أو ظرفا أو مجرورا ، لم يجز حذفه» مثال ذلك قولك : جاءنى الذى هو يضحك ، أو جاءنى الذى هو عند زيد ، أو جاءنى الذى هو فى الدار ، لا يجوز فى شىء من ذلك حذف «هو» ؛ لأنك لو قلت : جاءنى الذى يضحك وأنت تريد : الذى هو يضحك ، أو جاءنى الذى عند زيد ، وأنت تريد : الذى هو عند زيد ، أو جاءنى الذى فى الدار ، وأنت تريد : الذى هو فى الدار ـ لم يجز ؛ لأنه لا دليل على ذلك ؛ إذ الكلام مستقل بالفعل أو الظرف أو المجرور وحده. أه.

(٣) في ط : ففيه.

(٤) م : وقولى : «وكان الموصول أيّا ، جاز إثباته وحذفه» مثال ذلك قولك : يعجبنى أيّهم هو قائم ، وأيهم هو قائم فى الدار ، وإن شئت قلت : يعجبنى أيهم قائم ، وأيهم قائم فى الدار. أه.

٩٢

وإن كان الموصول غير ذلك : فإن كان فى الصّلة طول ـ جاز إثباته وحذفه (١) ؛ نحو : «ما أنا بالذى قائل لك سوءا» ، وإن لم يكن فيها طول ـ لم يجز الحذف ، بل ما جاء منه (٢) شاذّ لا يقاس عليه نحو قراءة من قرأ : (مَثَلاً ما بَعُوضَةً) [البقرة : ٢٦] و (تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) [الأنعام : ١٥٤] برفع : بعوضة ، وأحسن.

وإن كان منصوبا : فإن كان منفصلا ـ لم يجز حذفه (٣) وإن لم يكن : فإن كان فى صلة الألف واللام لم يجز حذفه ، إلا فى ضعيف من الكلام (٤) ، بشرط ألا يؤدى حذفه إلى لبس ، وإن كان فى صلة

__________________

(١) م : وقولى : «وإن كان الموصول غير ذلك ، فإن كان فى الصلة طول ، جاز إثباته وحذفه» أعنى : أنه إن كان الموصول غير أى ، مثل الذى والتى تقول : يعجبنى الذى هو قائم فى الدار ، ويعجبنى الذى قائم فى الدار ، لما طالت الصلة بالمجرور ، جاز إثبات الضمير المبتدأ وحذفه ، ومن ذلك قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) [الزخرف : ٨٤] التقدير : وهو الذى هو فى السماء إله ، وهو فى الأرض إله ، ومن كلام العرب : «ما أنا بالذى قائل لك سوءا» ، التقدير : بالذى هو قائل لك سوءا ، فحذف «هو» لما طالت الصلة بالمجرور والمفعول.

وإن لم يكن فيها طول ، لم يجز الحذف ؛ نحو قولك : ما أنا بالذى هو قائم ، لا يجوز أن تقول بالذى قائم.

فأما قوله تعالى : (مَثَلاً ما بَعُوضَةً) [البقرة : ٢٦] و (تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) [الأنعام : ١٥٤] فى قراءة من رفع «بعوضة» ، و «أحسن» فشاذّ ، التقدير : مثلا ما هو بعوضة ، وعلى الذى هو أحسن ، ومثل ذلك قول عدى : [من المنسرح]

لم أر مثل الفتيان فى غبن ال

أيّام ينسون ما عواقبها

[ينظر ديوانه ص ٤٥ ، وخزانة الأدب ٦ / ١٥٧ ، والمعانى الكبير ٣ / ١٢٧٠ ، وينظر لعدى بن زيد أو لأحيحة بن الجلاح فى خزانة الأدب ٣ / ٣٥٣ ، وبلا نسبة فى تخليص الشواهد ص ٤٥٥ ، وسر صناعة الإعراب ص ٣٨٢ ، وشرح المفصل ٣ / ١٥٢ ، والمحتسب ١ / ٦٤ ، ٢٣٥ ، ٢ / ٢٥٥ ، ويروى «كالفتيان» بدلا من «مثل الفتيان» ، ويروى «الأقوام» بدلا من «الفتيان»] أه.

(٢) في أ: من ذلك.

(٣) م : وقولى : «فإن كان منفصلا ، لم يجز حذفه» مثال ذلك : جاءنى الذى لم أكرم إلا إياه ، لا يجوز الحذف ؛ لأن إيّاه منفصل. أه.

(٤) م : وقولى : «وإن كان فى صلة الألف واللام لم يجز حذفه إلا فى ضعيف من الكلام» مثال ذلك قولك : «جاءنى الضاربه زيد» تقول إن شئت : جاءنى الضارب زيد ، تريد :

٩٣

غيرها (١) : فإن كان العامل فيه غير فعل ـ لم يجز حذفه ؛ نحو قولك : جاءنى الذى إنه قائم ، وإن كان معمولا لكان الناقصة ، أو لشىء من أخواتها ـ لم يجز حذفه ، وإن كان معمولا لغيرها من الأفعال : فإن كان فى الصلة / ضمير آخر عائد على الموصول ـ لم يجز حذفه (٢) ، وإن لم يكن جاز إثباته وحذفه (٣).

وإن كان مخفوضا : فإن كان خفضه بالإضافة : فإن المضاف إليه إن كان اسم الفاعل ، بمعنى : الحال أو الاستقبال ـ جاز حذفه ، وإن كان غيره ـ لم يجز حذفه ؛ نحو قولك : «جاءنى الذى أبوه قائم» وإن كان خفضه (٤) بحرف جر : فإن لم يدخل على الموصول أو على ما أضيف إليه حرف ؛ مثل : الحرف الذى دخل على الضمير ـ لم يجز ؛ نحو قولك : «جاءنى الذى مررت به» ، و «جاءنى غلام الذى مررت به» وإن دخل عليهما حرف مثل الذى دخل عليه : فإن لم يكن العامل فى الموصول ، أو ما أضيف إليه والضمير بمعنى واحد ـ لم يجز حذفه ، نحو قولك : «سررت بالذى مررت به» و «فرحت بغلام الذى مررت به» وإن كان جاز إثباته وحذفه ؛ نحو قولك : «مررت بالذى مررت به» وإن شئت ، حذفت «به» ؛ قال [من الوافر] :

٩ ـ نصلّى للّذى صلّت قريش

ونعبده وإن جحد العموم (٥)

ولا يجوز الفصل بين الصلة والموصول ، ولا بين أبعاض الصلة بأجنبىّ ، وهو : ما ليس

__________________

الضاربه زيد إلا أن ذلك قليل. أه.

(١) م : وقولى : «وإن كان فى صلة غيرها» أعنى : فى صلة غير الألف واللام «وإن كان فعلا» أعنى : إن كان العامل فى الضمير فعلا. أه.

(٢) م : وقولى : «وإن كان فى الصلة ضمير آخر عائد على الموصول لم يجز حذفه» مثال ذلك : قولك : جاءنى الذى أكرمته فى داره ، لا يجوز أن تقول : جاءنى الذى أكرمت فى داره ، تريد : الذى أكرمته فى داره. أه.

(٣) م : وقولى : «وإن لم يكن ـ جاز إثباته وحذفه» أعنى : وإن لم يكن فى الصلة ضمير آخر يعود على الموصول ، ومثال ذلك : جاءنى الذى ضربته ، وإن شئت قلت : الذى ضربت ، قال الله تعالى : (أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً) [الفرقان : ٤١] أى : بعثه الله رسولا. أه.

(٤) في أ: مخفوضا.

(٥) الشاهد فيه قوله : «للذى صلت قريش» حيث حذف من جملة الصلة التى هى قوله : «صلت قريش» العائد إلى الاسم الموصول ، وهو قوله : «الذى» المجرور محلا باللام. وهذا العائد ضمير مجرور بحرف جر. ينظر شرح قطر الندى ص ١١٠.

٩٤

من الصلة (١) ، إلا بجمل الاعتراض ، وهى : كل جملة فيها تشديد للصلة ، أى : تأكيد وتبيين ؛ نحو قوله [من الكامل] :

١٠ ـ ذاك الّذى ـ وأبيك ـ يعرف مالكا

والحقّ يدفع ترّهات الباطل (٢)

ففصل بالقسم بين الذى وصلته ؛ لما فيه من معنى التأكيد.

ولا يجوز أن يتبع الموصول ولا يستثنى منه ولا يخبر عنه ، إلّا بعد تمام صلته (٣) ، ولا يجوز أيضا تقديم الصلة على الموصول ، ولا تقديم شىء منها (٤) : فإن جاء ما ظاهره خلاف ذلك يؤوّل (٥).

__________________

(١) م : وقولى : «ولا يجوز الفصل بين الصلة والموصول ، ولا بين أبعاض الصلة بأجنبى ، وهو ما ليس من الصلة» مثال ذلك : ضربت زيدا الذى قام أبوه ، لا يجوز أن تقول : ضربت الذى زيدا قام أبوه ، ولا : ضربت الذى قام زيدا أبوه ، فتفصل بين الموصول الذى هو «الذى» وبين صلته ، وهى «قام أبوه» بمفعول ضربت ، وهو : زيد ، ولا بين بعض الصلة وهو : قام ، والبعض الآخر وهو : أبوه ـ بزيد أيضا الذى هو معمول ضربت ؛ لأنه أجنبى عن الصلة ، فإن فصلت بجملة اعتراض ، ساغ ذلك كالفصل بالقسم بين الصلة والموصول فى البيت. أه.

(٢) البيت لجرير بن عطية.

والشاهد فيه قوله : «ذاك الذي وأبيك يعرف مالكا» ، حيث فصل بجملة القسم ، وهذا جائز ، لأن جملة القسم ليست بأجنبي.

ينظر : ديوانه ص ٥٨٠ ، والدرر ١ / ٢٨٧ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨١٧ ، وبلا نسبة في الخصائص ١ / ٣٣٦ ، ولسان العرب (تره) ، ومغنى اللبيب ٢ / ٣٩١ وهمع الهوامع ١ / ٨٨ ، ٢٤٧.

(٣) م : وقولى : «ولا يجوز أن يتبع الموصول ، ولا يستثنى منه ، ولا يخبر عنه إلا بعد تمام صلته» مثال الإخبار عنه : إن الذى ضربت إياه زيد ، ومثال الاستثناء منه : إن الذين قام أبوهم إلا زيدا إخوتك ، ومثال إتباعه : إن التى قام أبوها العاقلة هند ، لا يجوز أن تقول : إن الذى ضربت زيدا إياه ، ولا : إن الذين قام إلا زيدا أبوهم إخوتك ، ولا : إن التى قام العاقلة أبوها هند ؛ لأنك لو فعلت ذلك ، لكنت قد أتيت بالخبر وبالاستثناء وبالتابع قبل تمام الصلة ، وذلك لا يجوز ؛ لأن الصلة والموصول كالشىء الواحد ؛ فلا يجوز الفصل لذلك. أه.

(٤) م : وقولى : «ولا يجوز ـ أيضا ـ تقديم الصلة على الموصول ، ولا تقديم شىء منها» مثال تقديم الصلة على الموصول : جاءنى فى الدار الذى ، تريد : جاءنى الذى فى الدار ، ومثال تقديم بعض الصلة على الموصول قولك : جاءنى إياه الذى ضربت ، تريد : الذى ضربت إياه ؛ لا يجوز شىء من ذلك. أه.

(٥) م : وقولى : «فإن جاء ما ظاهره خلاف ذلك يؤوّل» مثال ذلك : قول الشاعر [من الكامل] :

لسنا كمن جعلت إياد دارها

تكريت تمنع حبّها أن يحصدا ـ

٩٥

ويجوز فيما كان من الموصولات للواحد والاثنين والجمع ، والمذكر والمؤنث بلفظ واحد ؛ نحو : من وما ـ الحمل على اللفظ فيعامل معاملة الواحد المذكر ، والحمل على المعنى فيكون الحكم على حسب المعنى الذى تريد (١) ؛ وكذلك يجوز فى الذى والتى وتثنيتهما وجمعهما إذا وقع شىء من ذلك بعد ضمير متكلم أو مخاطب ـ الحمل على اللفظ (٢) ، فيكون الضمير العائد عليهما غائبا ؛ كالضمير العائد على الأسماء الظاهرة ،

__________________

[ينظر ديوانه ص ٢٨١ ، ولسان العرب (منن) ، وبلا نسبة فى الخصائص ٢ / ٤٠٢ ، ٤٠٣ ، ٣ / ٢٥٦ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٥٤١ ولسان العرب (كرت)]

فظاهره : أنه أبدل إيادا من الموصول الذى هو «من» قبل كمال صلته ؛ لأن «جعلت» صلة ، و «دارها وتكريت» مفعولان لجعلت ، فكان ينبغى أن يقول : لسنا كمن جعلت دارها تكريت ، وحينئذ يأتى بالبدل ، فيقول : إياد ؛ لأن ذلك يتخرج على أن لا يكون «دارها وتكريت» مفعولين لجعلت هذه الظاهرة بل لأخرى مضمرة ، فتكون الصلة قد كملت بجعلت ، وأبدل إياد من «من» بعد كمال صلتها بجعلت ، ثم بين بعد ذلك ما جعلت ، فقال : دارها تكريت ، أى : جعلت دارها تكريت ، ثم أضمر جعلت ؛ لدلالة «جعلت» الأولى عليها. أه.

(١) م : وقولى : «ويجوز فيما كان من الموصولات للواحد والاثنين والجميع ، والمذكر والمؤنث بلفظ واحد ـ الحمل على اللفظ ، فيعامل معاملة الواحد المذكّر ، والحمل على المعنى ؛ فيكون الحكم على حسب المعنى الذى تريد» مثال ذلك قولك : جاءنى من قام ، تعنى : رجلا أو رجلين أو رجالا ، أو امرأة أو امرأتين أو نساء ؛ فيحمل على اللفظ فى جميع ذلك ؛ فتفرد الضمير وتذكره على كل حال ، وإن شئت حملت على المعنى ، فقلت ـ إن عنيت رجلا ـ :

جاءنى من قام ، وإن عنيت رجلين قلت : جاءنى من قاما ؛ قال الشاعر : [من الطويل]

تعال فإن عاهدتنى لا تخونني

نكن مثل من يا ذئب يصطحبان

[ينطر البيت للفرزدق فى ديوانه ٢ / ٣٢٩ ، وتخليص الشواهد ص ١٤٢ ، والدرر ١ / ٢٨٤ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٨٤ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٥٣٦ ، والكتاب ٢ / ٤١٦ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٤٠٤ ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٦١ ، وبلا نسبة فى الخصائص ٢ / ٤٢٢ ، وشرح الأشمونى ١ / ٦٩ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٨٢٩ ، وشرح المفصل ٢ / ١٣٢ ، ٤ / ١٣ ، والصاحبى فى فقه اللغة ص ١٧٣ ، ولسان العرب (منن) ، والمحتسب ١ / ٢١٩ ، والمقتضب ٢ / ٢٩٥ ، ٣ / ٢٥٣]

وإن عنيت رجالا قلت : جاءنى من قاموا ، قال تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) [يونس : ٤٢] وإن عنيت امرأة ، قلت : جاءنى من قامت ، وإن عنيت امرأتين ، قلت : جاءنى من قامتا ، وإن عنيت نساء ، قلت : جاءنى من قمن. أه.

(٢) م : وقولى : «وكذلك يجوز فى الذى والتى إذا وقعا بعد ضمير متكلّم أو مخاطب الحمل على اللفظ» مثال ذلك قولك : أنت الذى ضربه عمرو ، وأنا الذى ضربه عمرو ، وأنت

٩٦

والحمل على المعنى ؛ فيكون الضمير العائد عليه على حسب الضمير الواقع قبل الموصول ، وإن شئت ، حملت فى جميع ما ذكر بعض الصلة على اللفظ ، وبعضها على المعنى (١) ، إلا أنّ الأولى أن يبدأ بالحمل على اللفظ ، ويجوز الابتداء بالحمل على المعنى ؛ ومن ذلك قوله [من الطويل] :

١١ ـ أأنت الهلالىّ الّذى كنت مرّة

سمعنا به والأرحبىّ المغلّب؟ (٢)

__________________

التى ضربها عمرو ، وأنا التى ضربها عمرو ؛ فيكون الضمير العائد على الذى والتى عائدا مذكرا أو مؤنثا كالضمير العائد على الأسماء المفردة الظاهرة ؛ ومن ذلك قوله [من الكامل] :

وأنا الّذى عرفت معدّ فضله

ونشدتّ عن حجر بن أمّ قطام

[البيت لامرىء القيس فى ديوانه ص ١١٨ ، وجمهرة اللغة ص ٩٢٤ ، جمل الزجاجى ١ / ١٨٩ ، الدرر ١ / ٦٤ ، أوضح المسالك ٣ / ٢٧٠ ، التصريح ٢ / ٩٤ ، الأشمونى ٣ / ٢٦]

وإن شئت حملت على المعنى ، فقلت : أنا الذى قمت ، وأنت الذى قمت ؛ لأن الذى هو أنت وأنا من جهة المعنى ، قال [من الرجز] :

أنا الّذى سمّتن أمّى حيدره

[البيت للإمام على بن أبى طالب فى ديوانه ص ٧٧ ، وأدب الكاتب ص ٧١ ، وخزانة الأدب ٦ / ٦٢ ، ٦٣ ، ٦٥ ، ٦٦ ، ٦٧ ، والدرر ١ / ٢٨٠ ، وبلا نسبة فى خزانة الأدب ٢ / ٢٩٤ ، ٦ / ٩٠ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ١٠٧٨ ، وهمع الهوامع ١ / ٨٦]

فقال : سمّتنى ، كما لو قال : أنا سمتنى أمى. أه.

(١) م : وقولى : «وإن شئت ، حملت فى جميع ما ذكر بعض الصلة على اللفظ وبعضها على المعنى» ، مثال ذلك أن تقول : جاءنى من قام ، وخرجت ، وأنت تعنى امرأة ، فتحمل قام على اللفظ وخرج على المعنى.

وكذلك أيضا تقول : أنا الذى قام وخرجت فتحمل قام على اللفظ ، وخرج على المعنى.

والأولى فى ذلك كله الابتداء بالحمل على اللفظ قبل الحمل على المعنى ؛ نحو قوله تعالى : (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً) [الأحزاب : ٣١] فحمل يقنت على لفظ «من» ، وتعمل على معناها ، ومن ذلك أيضا البيت المتقدّم حمل فيه الضمير أولا على اللفظ فقيل «فضله» ثم حمل بعد ذلك على المعنى فقيل : ونشدت.

ويجوز الابتداء بالحمل على المعنى ، ومن ذلك البيت الذى فى الكتاب ؛ ألا ترى أن «كنت» حمل على المعنى ثم حمل بعد ذلك على اللفظ فقيل «به» ومثل ذلك قوله تعالى : (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً) [الطلاق : ١١] فجاء خالدين على المعنى ، ثم جاء بعد ذلك «له» على اللفظ. أه.

(٢) الشاهد فيه قوله : «الذى كنت مرة سمعنا به» حيث حمل بعض الصلة على اللفظ ،

٩٧

إلا أن يؤدى حمل بعض الصلة على اللفظ ، وبعضها على المعنى / إلى مخالفة الخبر للمخبر عنه ، والخبر فعل ، أو إلى إيقاع وصف خاصّ بالمذكر على المؤنث ، أو بالمؤنث على المذكر من الصفات التى لم يفصل بين مذكّرها ومؤنّثها بالتاء ، فإن أدى إلى شىء من ذلك ـ لم يجز ؛ وكذلك : إن أدى حمل الصلة كلها على اللفظ إلى إيقاع وصف خاص بالمذكّر على المؤنّث ، أو بالمؤنّث على المذكر من الصفات التى لم يفصل بين مذكرها ومؤنثها من الصفات المذكورة ـ لم يجز.

واعتبار مسائل هذا الباب : بأن تبدل من الاسم التامّ إن كان مرفوعا ضمير المتكلّم المرفوع ، وإن كان منصوبا ضمير المتكلم المنصوب ، وتبدل من الاسم الموصول اسما فى معناه ، فإن صحّت المسألة بعد ذلك ـ كانت صحيحة قبله ، وإلا فهى فاسدة ؛ فلا يجوز : أعجب زيد ما كره عمرو ، إن أوقعت ما على ما لا يعقل ؛ لأنك لو قلت : أعجبت الحمار لم يجز ، ويجوز أعجب زيدا ما كره عمرو ، لأنك لو قلت : أعجبنى الحمار لجاز ذلك.

* * *

__________________

وبعضها على المعنى ، وبدأ بمراعاة المعنى.

وفى البيت شاهد آخر وهو قوله : «أأنت» حيث لم يفصل بين همزة الاستفهام ، وهمزة «أنت» بالألف ، ولغة الفصل أكثر.

ويروي «الأريحى» بدلا من «الأرحبي».

ينظر : الدرر (١ / ٢٨٣) ، ورصف المباني (٢٦) ، همع الهوامع (١ / ٨٧).

٩٨

ذكر حكم الفاعل

فى الأفعال الّتى لا تتصرّف

وهى نعم وبئس وفعل التّعجّب

باب نعم وبئس

وهما : فعلان غير متصرّفين. فأما قول بعض العرب : «والله ، ما هى بنعمت الولد ، نصرها بكاء ، وبرّها سرقة» (١) ، وقول بعضهم أيضا : «نعم السّير ، على بئس العير» ، فهو عند الفرّاء من قبيل ما جعل من الجمل اسما محكيّا على جهة

__________________

(١) م : باب نعم وبئس : وهما فعلان غير متصرفين.

قولى : «فأما قول بعض العرب : والله ما هى بنعم الولد ، نصرها بكاء وبرّها سرقة ...» إلى آخره إنما احتجت إلى التنبيه على ذلك ؛ لأن الظاهر من ذلك إبطال ما قدمناه من أنهما فعلان من حيث دخل عليهما حرف الجر ، وحروف الجر لا تدخل إلا على الأسماء ؛ فلذلك احتيج إلى تأويل ذلك على حذف الموصوف ؛ فيكون ذلك نحو قول الشاعر [من الرجز] :

والّله ما زيد بنام صاحبه

ولا مخالط اللّيان جانبه

[البيت للقنانى أبى خالد فى شرح أبيات سيبويه ٢ / ٤١٦ ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ٩٩ ، ١٠٠ ، والإنصاف ١ / ١١٢ ، وخزانة الأدب ٩ / ٣٨٨ ، ٣٨٩ ، والخصائص ٢ / ٣٦٦ ، والدرر ١ / ٧٦ ، ٦ / ٢٤ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣٧١ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥٤٩ ، وشرح المفصل ٣ / ٦٢ ، وشرح قطر الندى ص ٢٩ ، ولسان العرب (نوم) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣ ، وهمع الهوامع ١ / ٦ ، ٢ / ١٢٠ ، ويروى «ليلى» بدلا من «زيد»]

الأصل : والله ما زيد برجل نام صاحبه ، فحذف الموصوف والصفة غير مختصة ، أو على الحكاية ؛ نحو [من الطويل] :

كذبتم وبيت الّله لا تنكحونها

بنى شاب قرناها تصرّ وتحلب

[ينظر نص المقرب رقم ١٢]

والقول الأخر هو الأولى عندى ؛ لما يلزم فى ذلك من دخول حرف الجر على الفعل من حيث قام مقام الموصوف المحذوف ؛ وكذلك أيضا قول الآخر [من الوافر] :

فقد بدّلت ذاك بنعم بال

وأيّام لياليها قصار

[ينظر نص المقرب رقم ١٣]

البيت ظاهره مخالف لما ذكرناه من أن «نعم» فعل ؛ من حيث دخل عليها حرف الجر ، وأضيف إلى ما بعدها فخرجت ذلك على أن تكون قد صارت اسما ، وانتقلت عن أصلها ، وحينئذ فعل بها ذلك ، وأتيت كذلك بالنظير ، وهو قولهم : «ما رأيته مذ شبّ إلى دبّ». أه.

٩٩

التلقيب ، ولم يجعل اسما راتبا على ما أوقع عليه ؛ وذلك فى شذوذ من الكلام ؛ نحو قول بعضهم ، وقد قيل له : ها هو ذا ، فقال : «نعم الها هو ذا» ، أو فى ضرورة شعر ؛ نحو قول الشاعر [من الطويل] :

١٢ ـ كذبتم وبيت الله لا تنكحونها

بنى شاب قرناها تصرّ وتحلب (١)

وأما قول الشاعر [من الوافر] :

١٣ ـ فقد بدّلت ذاك بنعم بال

وأيّام لياليها قصار (٢)

ف «نعم» فيه : اسم ؛ بدليل إضافتها إلى ما بعدها ، وهى فى الأصل : نعم التى هى فعل سمّى بها ، وحكيت / على حدّ قولهم : «ما رأيته مذ شبّ إلى دبّ».

وفى نعم أربع لغات (٣) : كسر النون وتسكين العين ، هو الأكثر. وفتحها وتسكين العين ، وفتح النون وكسر العين ، وكسرهما (٤) معا ، وفى بئس لغتان : كسر الباء وفتحها.

__________________

(١) البيت للأسدى.

والشاهد فيه قوله : «شاب قرناها» على الحكاية ، فقد سمى بالجملة المؤلفة من الفعل والفاعل ، فحكى.

ينظر : لسان العرب (قرن) ، وبلا نسبة في أمالى المرتضى ٢ / ٢٧٣ ، والخصائص ٢ / ٣٦٧ ، وشرح التصريح ١ / ١١٧ ، وشرح المفصل ١ / ٢٨ ، والكتاب ٣ / ٢٠٧ ، ٣٢٦ ، لسان العرب (نوم) ، وما ينصرف وما لا ينصرف ص ٢٠ ، ١٢٣ ، والمقتضب ٤ / ٩ ، ٢٢٦.

(٢) الشاهد فيه : أن «نعم» اسم ، وذهب بعضهم إلى أن «حاش» المحذوفة الألف تشبهها. ينظر : رصف المباني (١٨٠).

(٣) م : وقولى : «وفى نعم أربع لغات» أما كسر النون وتسكين العين ، فهو من الكثرة بحيث لا يحتاج إلى تمثيل ، وأمّا فتح النون وكسر العين فنحو قوله : [من الرمل]

خالتى ، والنّفس قدما إنّهم

نعم السّاعون فى القوم الشّطر

[البيت لطرفة بن العبد فى ديوانه ص ٧٣ ، الكتاب ٤ / ٢٤٠ ، الخزانة ٩ / ٣٧٧ ، المقتضب ٢ / ٣٠ ، المحتسب ١ / ٣٥٧ ، الإنصاف ص ١٢٢ ، ابن يعيش ٧ / ١٢٧ ، الهمع ٢ / ٨٤ ، الأصول لابن السّراج ١ / ٧٥]

وأما فتح النون وتسكين العين ، فلأن كل فعل بكسر العين يجوز فيه ذلك ، وأما كسر النون والعين ، فقوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ) [البقرة : ٢٧١] وحكى الأخفش ـ رحمه الله ـ بئس الرجل زيد ، وبيس الرجل زيد. أه.

(٤) فى ط : وفتحهما.

١٠٠