المقرِّب ومعه مُثُل المقرِّب

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »

المقرِّب ومعه مُثُل المقرِّب

المؤلف:

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »


المحقق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-0067-X
الصفحات: ٦٤٨

ومن قال بع ، قال : حىّ ، بكسر الحاء ، ومن قال : حيى ، قال : حيوا ، كرضوا ، ومن قال : حيى ، قال : حيّوا ، كردّوا ؛ وعلى ذلك قوله [من مجزوء الكامل] :

٣١١ ـ عيّوا بأمرهم كما

عيّت ببيضتها الحمامه (١)

وإن لم تكن متطرفة ، فإمّا أن يكون بعدها علامتا التثنية ، أو علامتا الجمع ، أو تاء التأنيث ، أو ألف التأنيث الممدودة أو الألف والنون الزائدتان :

فإن كان بعدها علامتا التثنية أو علامتا الجمع ، لم يجز إلا الإظهار ؛ نحو قولك : محييان ، ومحييات ، وإن كان بعدها تاء التأنيث : فإمّا أن تكون قد لحقت المفرد أو بناء الجمع ، فإن لحقت بناء الجمع ، جاز الإظهار والإدغام ؛ نحو : أحيية وأعيية ، وإن شئت قلت : أحيّة ، وأعيّة ، وإن لحقت المفرد ، فلا يخلو من أن تكون عوضا من محذوف ، أو لا تكون ، فإن لم تكن عوضا ، لم يجز إلا الإظهار ؛ نحو : محيية ، ومعيية.

وإن كانت عوضا ، لم يجز إلا الإدغام ؛ نحو : تحيّة ، مصدر حيّا ، والأصل : تحيى ، فحذفت ياء تفعيل ، وعوّضت التاء منها.

وإن كان بعدها ألف التأنيث الممدودة ، أو الألف والنون الزائدتان ، جاز الإدغام والإظهار ، فتقول فى جمع : عيى ، أعيياء ، وأعيّاء إن شئت.

وتقول فى «مفعلان» من : حييت : محييان ، ومحيّان إن شئت ، وإذا أظهرت المثلين ، ولم تدغم ، كان الإخفاء فى حركة الأوّل من / المثلين أفصح من الإظهار ، والإخفاء فى الحركة إذا كانت كسرة ؛ نحو : محيين أحسن منه إذا كانت فتحة ؛

__________________

(١) نسب هذا البيت لعبيد بن الأبرص ولابن مفرغ الحميري ولسلامة بن جندل وجاء بلا نسبة أيضا.

والشاهد فيه : قوله : عيّوا حيث أدغمها ، وأجراها مجرى المضاعف الصحيح ، فسلمت من الاعتلال والحذف لما لحقها من الإدغام.

ينظر : ديوان عبيد بن الأبرص / ١٣٨ ، وأدب الكاتب ٦٨ ، والحيوان ٣ / ١٨٩ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٤٣٠ ، وشرح شواهد الإيضاح / ٦٣٣ ، وشرح المفصل ١٠ / ١١٥ ، وعيون الأخبار ٢ / ٨٥ ، واللسان (حيا) ، (عيا) ، وملحق ديوان ابن مفرغ ٢٤٤ ، وملحق ديوان سلامة بن جندل ٢٤٦ ، والكتاب ٤ / ٣٩٦ ، والمقتضب ١ / ١٨٢ ، والممتع في التصريف ٢ / ٥٧٨ ، والمنصف ٢ / ١٩١ ، وفيه : النعامة مكان الحمامة.

٥٢١

نحو : محيين.

وإن كان المثلان حرفين صحيحين ، فإمّا أن يكون الثانى منهما متحركا أو ساكنا.

فإن كان متحركا ، فلا يخلو من أن يكون اجتماعهما فى اسم ، أو فى فعل ، فإن اجتمعا فى فعل ، فالإدغام ليس إلا.

فإن كان الأول من المثلين ساكنا ، أدغمته فى الثانى من غير تغيير ؛ نحو : ضرّب ، وإن كان الأول منهما متحركا ، سكّنته بحذف الحركة منه ، إن كان ما قبله متحركا ، أو حرف مدّ ولين ؛ نحو : ردّ ، واحمارّ ، وتنقلها إلى ما قبلها إن كان ساكنا غير حرف مدّ ولين ؛ نحو : استقرّ ؛ هذا ما لم يكن الأول من المثلين مدغما فيه غيره ، أو لم تكن الكلمة ملحقة ، ويكون الإدغام مغيرا لها ، ومانعا من أن تكون على مثال ما ألحقت به أو لم يكن أحد المثلين فى أول الكلمة ، أو تاء افتعل ، أو ما تصرّف منها.

فإن كان الأوّل منهما مدغما فيه غيره ، لم يجز إدغامه فيما بعده نحو : ردّد ، وإن كانت الكلمة ملحقة ، والإدغام مغيّرا لها عما ألحقت به ، لم يجز الإدغام ؛ نحو جلبب ، وانحنكك.

وإن كان أحد المثلين فى أول الكلمة ، فإمّا أن يكون الثانى زائدا ، أو غير زائد ، فإن كان زائدا ، لم يجز الإدغام ، بل تظهر وتحذف الثانى من المثلين ؛ فتقول : تتذكّر ، وتذكّر إن شئت.

وإن كان أصليّا ، فإن شئت أظهرت ؛ نحو : تتابع ، وإن شئت ، أدغمت ، فتسكّن التاء الأولى ، وتجتلب همزة الوصل ؛ فتقول : اتّابع.

وإن كان أحد المثلين تاء افتعل أو ما تصرّف منها ؛ نحو : اقتتل ، فإنّه يجوز فيه الإظهار والإدغام ، ويكون حكمه فى الإدغام كحكم «اختصم» ، فى جميع ما ذكر ؛ فتقول : قتّل بفتح القاف والتاء ، وقتّل بكسرهما ، وقتّل بكسر القاف وفتح التاء ويقتّل بكسر الياء والقاف والتاء ، ويقتّل بفتح الياء وكسر القاف والتاء ، ويقتّل بفتح الياء والقاف وكسر التاء.

وفى اسم الفاعل : مقتّل ، بضم الميم وكسر القاف والتاء ، ومقتّل بضمّ الميم والقاف / وكسر التاء.

٥٢٢

وفى اسم المفعول : مقتّل بكسر القاف وفتح التاء ، ومقتّل بفتحهما ، ومقتّل ، بضمّ القاف وكسر التاء ، فيكون اسم المفعول فى هذين الوجهين الأخيرين بمنزلة اسم الفاعل ، والمسموع فى المصدر فعّل لا غير ، فتقول : قتّل قتّلا ، والقياس : يقتضى أن تقول : قتّالا ، بكسر القاف وفتح التاء ، وقتّلا بكسرهما.

وإن اجتمعا فى اسم ، فإمّا أن يكون على ثلاثة أحرف أو على أزيد ، فإن كان على ثلاثة أحرف ، فإمّا أن يكون الأول متحركا أو ساكنا ، فإن كان ساكنا ، فالإدغام ليس إلا ؛ نحو : ردّ ، وودّ ؛ إلا أن يضطرّ شاعر ؛ فيفك ويحرّك الأول ؛ نحو قوله [من البسيط] :

 ٣١٢ ـ ..................

ماء بشرقىّ سلمى فيد أو ركك (١)

يريد : «ركّ».

وإن كان الأوّل متحرّكا ، فإمّا أن يكون على وزن من أوزان الأفعال ، أو لا يكون ، فإن لم يكن على وزن من أوزانها ، لم يجز الإدغام ؛ نحو : سرر ، ودرر ، وإن كان على وزن من أوزانها ، فإن كان على وزن فعل ، لم يجز الإدغام ؛ نحو : طلل ، وإن كان على وزن فعل أو فعل ، أدغمت نحو : طبّ ، وصبّ ، والأصل : طبب وصبب.

وإن كان الاسم على أزيد من ثلاثة أحرف ، أدغمت ، كان الاسم على وزن من أوزان الأفعال ، أو لم يكن ، وكان الأوّل من المثلين ساكنا أو متحركا ، إلا أنك تسكن المتحرك بنقل حركته إلى ما قبله ، وإن كان ساكنا غير حرف مدّ ولين ، نحو : رادّ ، ومحمرّ ، ولا يحتاج إلى تغيير ، إن كان الأوّل ساكنا ؛ نحو : خدب ؛ هذا ما لم يمتنع الإدغام ، وكون الأوّل من المثلين مدغما فيه ما قبله ، نحو : مزدد ، أو إلحاق نحو

__________________

(١) البيت لزهير بن أبي سلمى.

والشاهد فيه : قوله : «ركك» يريد : «ركّ» ، فاضطر الشاعر إلى فك الإدغام وتحريك الأول.

ينظر : ديوانه (١٦٧) ، الممتع في التصريف (٦٤٣).

٥٢٣

قردد ، ومسحنكك ، فأمّا محب ، فشاذ ، وأمّا فكّ «الأجلل» من قوله [من الرجز] :

٣١٣ ـ الحمد لله العلىّ الأجلل (١)

فضرورة.

وإن كان الثانى من المثلين ساكنا ، فإمّا أن تصل إليه الحركة فى حال ما ، أو لا تصل ؛ فإن وصلت إليه الحركة ، فإنّ أهل الحجاز لا يدغمون نحو قولك : إن تردد أردد ، ولا تضارر ، واشدد.

وأمّا غيرهم / من العرب : فيدغم ويحرّك الثانى بالفتح ، إن اتّصل به ألف ؛ نحو ردّا ، وبالضمّ إن اتّصل به واو ؛ نحو : ردّوا ، وبالكسر إن اتّصل به ياء ؛ نحو : ردّى.

فإن لم يتصل به شىء من ذلك ، اختلفوا فى تحريك الثانى فمنهم من يحرّكه أبدا بحركة ما قبله إتباعا ، فيقول : ردّ ، وفرّ ، وعضّ ، إلا أن يتصل به الهاء والألف التى للمؤنّث ؛ فيفتح على كلّ حال ؛ نحو : ردّها ، وفرّها ، وعضّها.

أو الهاء التى للمذكر فيضم على كل حال ؛ نحو : ردّه ، وفرّه ، وعضّه ، أو يكون بعده ساكن هو أوّل كلمة أخرى ، فيكسر ، ومنهم من يفتحه على كلّ حال ، إلا إذا كان بعده ساكن ؛ فإنه يحرّكه بالكسر ؛ نحو : ردّ القوم ، ومنهم من يفتحه على كل حال ، كان بعده ساكن أو لم يكن.

ومنهم من يكسره على كلّ حال.

فأمّا : هلمّ ، فالتزم فيها الفتح تخفيفا لأجل التركيب الذى فيها.

وإن لم تصل إليه حركة لم يجز الإدغام ؛ نحو : رددت ، ورددت ، إلا أناسا من بكر بن وائل ؛ فإنّهم يدغمون ، فيقولون : ردّت ، وردّت وقد شذّت العرب فى : أحست ، وظلت ، ومست ؛ فحذفوا منها أحد المثلين تخفيفا.

__________________

(١) البيت لأبي النجم.

والشاهد فيه : قوله : الأجلل ، والقياس : الأجلّ. ففك الإدغام ضرورة.

ينظر : خزانة الأدب ٢ / ٣٩٠ ، والدرر ٦ / ١٣٨ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٤٤٩ ، والمقاصد النحويّة ٤ / ٥٩٥ ، وبلا نسبة في الخصائص ٣ / ٨٧ ، وشرح الأشموني ٣ / ٨٠٥ ، ٨٩٣ ، والمقتضب ١ / ١٤٢ ، ٢٥٣ ، والممتع في التصريف ٢ / ٦٤٩ ، والمنصف ١ / ٣٣٩ ونوادر أبي زيد ص ٤٤ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٥٧.

٥٢٤

باب حروف البدل

وهى : السين ، والصّاد ، والزّاى ، والعين ، والكاف ، والفاء ، والشين.

والحروف التى يجمعها قولك : «أجد طويت منهلا» ، فهذه الحروف التى تبدل من غير إدغام ؛ فإن كان البدل لإدغام ، لم يكن مختصّا بهذه الحروف ، بل جائزا فيها ، وفى غيرها على ما بيّن فى إدغام المتقاربين.

فأمّا الهمزة ، فأبدلت من خمسة أحرف ، وهى حروف العلّة الثلاثة والهاء والعين ، فأبدلت من الألف على غير قياس ، إذا كان بعدها ساكن ؛ نحو قول بعضهم : دأبّة ، وشأبّة ، ونحو قراءة أبى أيوب : (وَلَا الضَّالِّينَ) [الفاتحة : ٧] ، وقراءة عمرو بن عبيد : (وَلا جَانٌ) [الرحمن : ٣٩] ؛ ومن ذلك قوله [من الطويل] :

٣١٤ ـ وبعد انتهاض الشّيب من كلّ جانب

على لمّتى حتّى اشعألّ بهيمها (١)

وكثيرا ما يجىء فى الشعر ، وقد أبدلت منها ، وإن لم يكن بعدها ساكن ، إلا أن ذلك أقلّ.

حكى عنهم : «تأبلت القدر» ، إذا ألقيت فيها التّابل ، وكان العجّاج يهمز العالم والخاتم / ، قال [من الرجز] :

٣١٥ ـ

وخندف هامة هذا العألم (٢)

وتكون الهمزة المبدلة فى هذا النوع ساكنة ، إلا أن تكون الألف فى نيّة حركة ؛ فإنّها تكون إذ ذاك متحرّكة بالحركة التى تكون للألف فى الأصل ؛ نحو قول بعضهم : «لبّأ رجل الحجّ» ، «حلأ زيد السّويق».

__________________

(١) البيت بلا نسبة في : سر صناعة الإعراب ١ / ٧٣ ، وشرح المفصل ٩ / ١٣٠ ، ١٠ / ١٢ ، واللسان (شعل) ، والممتع في التصريف ١ / ٣٢١.

والشاهد فيه قوله : اشعأل فهمز على لغة بعض العرب.

(٢) الشاهد فيه قوله : العألم يريد : العالم ، فهمز الألف على لغة بعض العرب.

ينظر : ديوانه ١ / ٤٤٢ ، ورصف المباني ص ٥٦ ، وسرّ صناعة الإعراب ١ / ٩٠ ، وشرح المفصل ١٠ / ١٢ ، ١٣ ، وشرح شواهد الشافية ص ٤٢٨ ، ولسان العرب (بيت) (علم) وبلا نسبة فى رصف المبانى ص ٤٤٧ وشرح شافية ابن الحاجب ٣ / ٢٠٥ ، والممتع في التصريف ١ / ٣٢٤.

٥٢٥

ومن ذلك قول ابن كثوة [من البسيط] :

٣١٦ ـ ولّى نعام بنى صفوان زوزأة

لمّا رأى أسدا فى الغاب قد وثبا (١)

وأنشد الفرّاء [من الرجز] :

٣١٧ ـ يا دارمىّ بدكاديك البرق

صبرا فقد هيّجت شوق المشتئق (٢)

وأبدلت منها بقياس فى الوقف ؛ نحو حبلأ ، وقد تقدّم ذكره.

ومن الألف الزائدة بلزوم إذا وقعت بعد ألف جمع فى نحو رسائل ، ومن هذا القبيل : إبدالها من الياء والواو إذا وقعتا بعد ألف زائدة طرفا أو عينين فى اسم الفاعل المأخوذ من فعل معتلّ العين ؛ نحو : قائم ، وبائع ، وكساء ، ورداء ؛ لأنّ الهمزة ، إنّما أبدلت من الألف المبدلة من الياء والواو على حسب ما يقتضيه التصريف ، ومن هذا القبيل إبدالها من ألف التأنيث فى نحو : صحراء ؛ لوقوعها متطرّفة بعد ألف زائدة ؛ ولذلك إذا جمعوا قالوا : صحارى ، فلم تثبت الهمزة ؛ لزوال موجبها ، وهو الألف ؛ نحو قوله [من الهزج] :

٣١٨ ـ لقد أغدو على أشق

ر يغتال الصّحاريّا (٣)

__________________

(١) الشاهد فيه قوله : زوزأة والأصل : زوزاة ، فهمز الألف وحركها بالفتح لأنها حركة الألف فى الأصل.

ينظر : الخصائص ٣ / ١٤٥ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٩١ ، واللسان (نعم) ، (زوى) ، والممتع في التصريف / ٣٢٥ ، وهو بلا نسبة في المحتسب ١ / ٣١٠.

(٢) البيت لرؤبة بن العجاج ، وليس في ديوانه ، والشاهد فيه : قوله : المشتئق ، وأصله : المشتاق ، فقلب الألف همزة ، وحرّكه بالكسر ، لأن الألف بدل من واو مكسورة.

ويروى «سلمي» بدل «مي».

والدكاديك جمع الدكداك وهو الرمل المتلبد في الأرض لم يرتفع

ينظر : شرح شواهد الشافية ص ١٧٥ ، وليس في ديوانه ، وبلا نسبة في الخصائص ٣ / ١٤٥ ، وسرّ صناعة الإعراب ص ٩١ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٢ / ٢٥٠ ، ٣ / ٢٠٤ ولسان العرب ، (شوق) ، (دكك) ، (حول) ، والممتع في التصريف ١ / ٣٢٥.

(٣) البيت للوليد بن يزيد.

والشاهد فيه قوله : الصّحاريا في جمع الصّحراء. قال البغدادي : لمّا قلبت الألف بعد الراء ، في الجمع ، ياء ، قلبت الهمزة التي أصلها ألف التأنيث ياء أيضا ، وهذا أصل كلّ جمع لنحو : صحراء ، ثمّ يخفّف بحذف الياء الأولى ، فيصير صحاري بكسر الراء وتخفيف الياء مثل : مداري ، ويجوز أن تبدل الكسرة فتحة ، فتقلب الياء ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها ، كما فعلوا في مدارى. وهذان الوجهان هما المستعملان ، والأول أصل متروك يوجد في الشعر.

٥٢٦

وأبدلت من الواو على غير لزوم بقياس ، إذا كانت مضمومة ضمّة لازمة ، وكانت أول كلمة ، أو بعد ساكن لا تكون مدغما فيها أو قبله ؛ نحو : «أعد وأدؤر ، وفئوج» وإذا كانت مكسورة أولا نحو : إعاء ، وإفادة ، وإن شئت ، تركت الهمزة فى جميع ذلك.

وعلى اللزوم إذا انضاف إليها واو أخرى فى أول كلمة ؛ نحو : أواصل ، ما لم تكن الثانية مدّة عارضة ؛ فلا يلزم الهمزة ؛ نحو : وورى ، وإذا كانت الواو زائدة للمدّ ، ووقعت بعد الألف فى الجمع المتناهى ؛ نحو : حلائب ، جمع حلوبة ، فإن لم تكن (١) زائدة للمدّ ، لم يهمز حتى تكون قريبة من الطرف ، لفظا أو نيّة غير صحيحة فى المفرد ، فى موضع ينبغى أن تعلّ فيه ، وقد تقدّم الألف واو أو ياء ؛ نحو قولك فى جمع أوّل : أوائل ، وسيّد سيائد / ، والأصل : سياود ؛ وكذلك لو زدت ياء قبل الطرف ، فقلت : أواييل للضرورة ، لهمزت ؛ لأنّها فى نيّة أن تلى الطرف ، ولا تهمز فى عواوير جمع عوّار ؛ لأنّها بعيدة من الطرف لفظا ونيّة ، ولا فى ضياون ؛ لأنّها صحّت فى : ضيون ، وقد كان ينبغى أن يدغم فيقال : ضينّ ، وأبدلت على غير قياس مفتوحة أولا ، قالوا : أحد ، وأجم ، وأناة فى وحد ، ووجم ، ووناة ، ومكسورة غير أول فى مصائب ، وأقائم ، والأصل : مصاوب وأقاوم ، وساكنة فى موقد فى الشعر ؛ قال [من الوافر] :

٣١٩ ـ

أحبّ المؤقدين إلىّ مؤسى (٢)

وأبدلت من الياء بقياس ولزوم ، إذا كانت زائدة للمدّ فى المفرد ، ووقعت بعد

__________________

ينظر : ديوانه ٧٤ ، وخزانة الأدب ٧ / ٤٢٤ ، ٤٢٦ ، وسرّ صناعة الإعراب ١ / ٨٦ ، وشرح شواهد الشافية ٤ / ٩٥ ، وشرح المفصل ٥ / ٥٨ ، والممتع في التصريف ١ / ٣٣٠ ، وبلا نسبة في الإنصاف ٢ / ٨١٦ ، وشرح شافية ابن الحاجب ١ / ١٩٤ ، ٢ / ١٦٢.

(١) في ط : لم تكن الواو.

(٢) البيت لجرير.

والشاهد فيه : همز الواو في المؤقدين ومؤسي ، لأنه قدّر ضمة الميم على الواو ، وهذا غير قياسي ينظر : ديوانه ص ٢٨٨ ، والأشباه والنظائر ٢ / ١٢ ، ٨ / ٧٤ ، والخصائص ٢ / ١٧٥ ، ٣ / ١٤٦ ، ١٤٩ ، ٣١٩ ، وشرح شواهد الشافية ص ٤٢٩ ، شرح شواهد المغني ٢ / ٩٦٢ ، المحتسب ١ / ٤٧ ، وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب ١ / ٧٩ ، وشرح شافية ابن الحاجب ص ٢٠٦ ، ومغني اللبيب ٢ / ٦٨٤ ، والممتع في التصريف ١ / ٩١ ، ٣٤٢ ، ٢ / ٥٦٥.

٥٢٧

الألف فى الجمع الذى لا نظير له فى الآحاد ، نحو : صحائف.

فإن لم تكن زائدة للمدّ ، لم تهمز حتى تكون قريبة من الطرف لفظا أو نيّة ، ويكون قبل الألف ياء أو واو نحو : عيّل ، وعيائل ، والأصل : عيائيل ، وكذلك لو بنيت «فوعلا» من البيع ، ثم جمعته ، لقلت : بيّع ، وبوائع ، والأصل : بوايع.

ولو زدت ياء قبل الطرف فى الضرورة ، لهمزت أيضا ؛ لأنّها تلى الطرف فى النية ، قال [من الرجز] :

٣٢٠ ـ

فيها عيائيل أسود ونمر (١)

وأبدلت على غير قياس فى أليفاظ ، فقالوا : أدى ، والأصل : يدى.

ومن كلامهم : «قطع الله أديه» ، وقالوا : ألل ، فى يلل ، ورئبال ، فى ريبال ، وشئمة ، فى شيمة.

وأبدلت على غير قياس من الهاء فى : ماء ، وأمواء ، والأصل : ماه ، وأمواه ؛ قال [من الرجز] :

٣٢١ ـ وبلدة قالصة أمواؤها

يستنّ فى رأد الضّحى أفياؤها (٢)

وفى «آل» ، والأصل : أهل ، بدليل قولهم : أهيل ، فأبدلوا من الهاء همزة ، ومن الهمزة ألفا ، وفى : هل ، وهذا ، فقالوا : «أل فعلت» ، وأذا قام ، وأبدلت من العين ـ أيضا ـ على غير قياس فى عباب ، فقالوا : أباب ، قال [من الرجز] :

٣٢٢ ـ

أباب بحر ضاحك هزوق (٣)

وأمّا الجيم ، فأبدلت من الياء لا غير ، إذا كانت مشدّدة باطّراد ، متطرفة كانت أو غير متطّرفة ، قالوا : «فقيمج» و «مرجّ» أى : فقيمى ، ومرى.

__________________

(١) تقدم برقم (٢٩٩).

(٢) البيت بلا نسبة في : جمهرة اللغة / ٢٤٨ ، ورصف المباني / ٨٤ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ١٠٠ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٣ / ٢٠٨ ، وشرح شواهد الشافية / ٤٣٧ ، وشرح المفصل ١٠ / ١٥ ، واللسان (موه) ، والممتع في التصريف ١ / ٣٤٨ ، والمنصف ٢ / ١٥١.

والشاهد فيه : قوله أمواؤها ، والأصل : أمواهها فأبدل الهاء همزة شذوذا.

وقوله : وبلدة مجرور بـ «ربّ» المحذوفة بعد الواو.

(٣) البيت بلا نسبة في : شرح شافية ابن الحاجب ٣ / ٢٠٧.

٥٢٨

ومن ذلك قوله [من الرجز] :

٣٢٣ ـ خالى عويف وأبو علجّ

المطعمان اللّحم بالعشجّ (١)

يريد : أبا علىّ والعشىّ.

وأنشد ابن الأعرابى (٢) [من الرجز] :

٣٢٤ ـ كأنّ فى أذنابهنّ الشّوّل

من عبس الصّيف قرون الأجّل (٣) /

يريد : «الأيّل» وأبدلت منها بغير اطّراد ، إذا كانت خفيفة ، بل لا يحفظ ذلك إلا فى الشعر ؛ نحو قوله [من الرجز] :

٣٢٥ ـ

حتّى إذا ما أمسجت وأمسجا (٤)

يريد : أمسيت وأمسيا ، وأنشد الفراء [من الرجز] :

٣٢٦ ـ لاهمّ إن كنت قبلت حجّتج

فلا يزال شاحج يأتيك بج (٥)

__________________

(١) تقدم برقم (٢٥٥).

(٢) محمد بن زياد المعروف بابن الأعرابي ، راوية نسّابة علّامة باللغة ولد ١٥٠ ه‍ من أهل الكوفة ، كان أحول ، لم ير أحد في علم الشعر أغزر منه له تصانيف منها أسماء الخيل وفرسانها ، الأنواء ، الفاضل ، البشر ، وغيرها توفي ٢٣١ ه‍.

ينظر : وفيات الأعيان ١ / ٤٩٢ ، تاريخ بغداد ٥ / ٢٨٢ ، المقتبس ٦ / ٣ ـ ٩ نزهة الألباء ٢٠٧ ، الأعلام ٦ / ١٣١.

(٣) البيت لأبي النجم.

ويروى السّوّل بدلا من الشول والشاهد فيه : قوله : الأجّل يريد : الأيّل ، فأبدل الياء المشددة جيما مشددة على لغة بعض العرب.

ينظر : سمط اللآلي ص ٧١٢ ، وشرح شواهد الشافية ص ٤٨٥ ، والطرائف الأدبيّة ص ٦٣ ولسان العرب (عبس) ، (شول) ، والمحتسب ١ / ٧٦ ، وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص ٨٣ ، وأمالي القالي ٢ / ٧٨ ، وسرّ صناعة الإعراب ١ / ١٧٦ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٣ / ٢٢٩ ، ولسان العرب (أول) ، والممتع في التصريف ١ / ٢٤٨.

(٤) البيت للعجاج وليس في ديوانه.

والشاهد فيه قوله : أمسجت وأمسجا يريد أمسيت وأمسيا ، فأبدل الياء جيما ، وهذا قبيح.

ينظر : ملحق ديوانه ٢ / ٢٧٨ ، وشرح شواهد الإيضاح ٦٢٧ ، وشرح شواهد الشافية ٤٨٦ ، وهو بلا نسبة في سر صناعة الإعراب ١ / ١٧٧ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٣ / ٢٣٠ ، وشرح المفصل ١٠ / ٥٠ ، واللسان (الجيم) ، والمحتسب ١ / ٧٤ ، والممتع في التصريف ١ / ٣٥٥.

(٥) البيت لرجل من اليمانيين.

وفي البيت شاهدان : أوّلهما حذف أل من اللهمّ شذوذا ، وثانيهما إبدال الجيم من الياء

٥٢٩

يريد : حجتى ، ويأتيك بى.

وأما الدّال ، فأبدلت من التاء والذال ؛ فأبدلت باطّراد من تاء «افتعل» وما تصرّف منها ، إذا كانت الفاء زايا ، فقالوا : ازدان ، وازدلف ، ومزدان ، ومزدلف ، وازديان ، وازدلاف.

وأبدلت بغير اطّراد منها ، إذا كانت الفاء جيما ، فقالوا : اجدمعوا ، واجدزّ ، والأكثر التاء ، ومن ذلك قوله [من الوافر] :

٣٢٧ ـ فقلت لصاحبى : لا تحبسنّا

بنزع أصوله واجدزّ شيحا (١)

يريد : واجتزّ.

وإذا كانت الفاء ذالا ، قالوا : «اذدكر» ، من غير إدغام ، قال أبو حكاك [من الرجز] :

٣٢٨ ـ تنحى على الشّوك جرازا مقضبا

والهرم تذريه اذدراء عجبا (٢)

ومن تاء «تولج» ، قالوا : دولج.

__________________

الخفيفة لاشتراكهما في المخرج والجهر ، والأصل حجّتي ، وبي.

ينظر الدرر ٣ / ٤٠ ، والمقاصد النحويّة ٤ / ٥٧٠ ، وبلا نسبة في الدرر ٦ / ٢٢٩ ، وسرّ صناعة الإعراب ١ / ١٧٧ ، وشرح الأشموني ٢ / ٤٤٩ ، وشرح التصريح ٢ / ٣٦٧ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٢ / ٢٨٧ ، وشرح شواهد الشافية ص ٢١٥ ، وشرح المفصّل ٩ / ٧٥ ، ١٠ / ٥٠ ، ولسان العرب (دلق) ، ومجالس ثعلب ١ / ١٤٣ ، والمحتسب ١ / ٧٥ ، والممتع في التصريف ١ / ٣٥٥ ، ونوادر أبي زيد ص ١٦٤ ، وهمع الهوامع ١ / ١٧٨ ، ٢ / ١٥٧.

(١) اختلف في نسبة البيت فنسب تارة إلى مضرس بن ربعي وأخرى إلى يزيد بن الطثرية.

والشاهد فيه قوله : واجدزّ فإنّ أصله اجتزّ ، فقلبت تاء الافتعال دالا.

ينظر : البيت لمضرّس بن ربعي في شرح شواهد الشافية ص ٤٨١ ، وله أو ليزيد بن الطثريّة في لسان العرب (جزز) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥٩١ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٨ / ٨٥ ، وخزانة الأدب ١١ / ١٧ ، وسرّ صناعة الإعراب ص ١٨٧ ، وشرح الأشموني ٣ / ٨٧٤ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٣ / ٢٢٨ ، وشرح المفصل ١٠ / ٤٩ ، والصاحبي في فقه اللغة ص ١٠٩ ، ٢١٨ ، ولسان العرب (جرر) ، والممتع في التصريف ١ / ٣٥٧.

(٢) الشاهد فيه : قوله : اذدراء والأصل : اذ تراء ، فقلب تاء الافتعال مع الذال دالا لغير إدغام.

ينظر : سر صناعة الإعراب ١ / ١٨٧ ، شرح المفصل ١٠ / ٤٩ ، الممتع في التصريف ١ / ٣٥٨ ، بلا نسبة في جمهرة اللغة ٥٢٣ ، شرح الأشموني ٣ / ٨٧٤ ، شرح المفصل ١٠ / ١٥٠ ، لسان العرب (ذكر).

٥٣٠

وأبدلت من الذال فى ذكر جمع ذكرة لا غير ، فقالوا : «دكر» ؛ قال ابن مقبل (١) [من البسيط] :

٣٢٩ ـ يا ليت لى سلوة تشفى النّفوس بها

من بعض ما يعترى قلبى من الدّكر (٢)

وأمّا الطاء ، فأبدلت من التاء لا غير ، إلا أنّها تبدل منها بقياس على اللزوم فى افتعل ، ممّا فاؤه صاد أو ضاد أو طاء أو ظاء ؛ فتقول فى : «افتعل» من الضّرب ، والصّبر ، والظّهر ، اضطرب ، واصطبر ، واظطهر (٣) ؛ وكذلك تبدل منها ، إذا كانت الفاء ظاء ، إلا أن ذلك من قبيل البدل الذى يكون بسبب الإدغام ؛ فتقول فى : افتعل من الطّرد : اطّرد ، لمّا أبدلت التاء طاء فى : اطّرد ، اجتمع لك مثلان (٤) ؛ فأدغمت.

وتبدل منها بغير قياس ، إذا كانت ضميرا ، وقد وقعت بعد هذه الحروف ، فقالوا : فحصط ، وحفظط ، وحضضط ، وحبط ، والأصل : فحصت ، وحفظت ، [وحضضت] ، وحبطت ؛ وهو أكثر استعمالا.

وأما الواو فأبدلت من ثلاثة أحرف ، وهى : الهمزة والألف ، والياء ، [إلا أن إبدالها من](٥) الألف والياء ، إنّما يذكر فى باب القلب ، فتبدل من الهمزة المنفردة بقياس من غير لزوم ، إذا وقعت بعد واو زائدة للمدّ / حركة ما قبلها من جنسها ، وكانتا فى كلمة واحدة ؛ فتقول : مقروّ فى : مقروء ، فإن لم تكن كذلك ، جاز أن تبدل منها الواو ، فتقول : ضوّ ، والأحسن ألا تبدل ؛ بل تلقى حركة الهمزة على

__________________

(١) تميم بن أبىّ بن مقبل ، من بني العجلان ، من عامر بن صعصعة ، أبو كعب : شاعر جاهلي ، أدرك الإسلام وأسلم ، فكان يبكي أهل الجاهلية ، عاش نيفا ومائة سنة ، وعدّ في المخضرمين ، وكان يهاجي النجاشي الشاعر. له ديوان شعر ورد فيه ذكر وقعة صفين سنة ٣٧ ه‍.

ينظر : خزانة البغدادي ١ / ١١٣ ، الأعلام ٢ / ٨٧ ، وسمط اللآلي ٦٦ ـ ٦٨ ، والإصابة ١ / ١٩٥.

(٢) الشاهد في قوله : الدكر يريد الذكر ، فقلب الذال دالا.

ينظر : ديوانه (٨١) ، الخصائص ١ / ٣٥١ ، سر صناعة الإعراب ١ / ١٨٨ ، الممتع في التصريف (١ / ٣٥٩) ، المنصف (٣ / ١٤٠).

(٣) في أ: اضطهر.

(٤) في أ: المثلان.

(٥) في ط : لأنّ إبدالها إن.

٥٣١

الواو ، وتحذف الهمزة إذا قصد التخفيف ؛ فيقال : ضو.

وقد تقدّم حكمها ، إذا كانتا فى كلمتين ، وتبدل ـ أيضا ـ منها ، وإذا كانت مفتوحة وقبلها ضمة ؛ نحو : جؤن فى جون ، إذا خففتها ، وإذا كانت ساكنة وقبلها ضمّة ، نحو : بؤس ، فى : بؤس ، وإذا كانت طرفا زائدة للإلحاق أو بدلا من أصل بعد ألف زائدة فى التثنية أو النّسب ؛ نحو : كساء ، ورداء ، وعلباء.

وقد تقدّم ذكر ذلك فى موضعه ، وعلى اللّزوم إذا كانت قبل الألف التى فى الجمع المتناهى ، بشرط أن يكتنف الألف همزتان ؛ نحو : ذؤائب ، وأبدلت على غير قياس فى : واخيت ، والأصل : آخيت.

فإن انضمّ إلى الهمزة همزة أخرى ، فإن كانت الثانية ساكنة ، لزم إبدالها واوا ، إذا كانت التى قبلها مضمومة ؛ نحو : أوتى ، وإن كانت الثانية متحركة ، فإنّها تبدل واوا إن كانت الحركة ضمّة أو فتحة ؛ نحو : أوادم ، وأواتى ، والأصل : أؤادم ، وأؤاتى ، وتقول فى مثل : «أؤم» من أممت : أومّ ، وفى أفعل منه : أؤم ، والأصل : «أأمم ، و «أأمم» فلما انتقلت الحركة إلى الهمزة بسبب الإدغام ، أبدلتها واوا.

وأمّا الياء : فإنّها أبدلت من ثمانية عشر حرفا ، وهى : الألف ، والواو ، والسين ، والباء ، والراء ، والنون ، واللام ، والصّاد ، والضّاد ، والميم ، والدّال ، والعين ، والكاف ، والتاء ، والثاء ، والجيم ، والهاء ، والهمزة.

إلا أنّ إبدالها من الألف والواو ، إنّما يذكر فى باب القلب ، فأبدلت من السين على غير قياس من غير لزوم (١) فى : سادس ، وخامس ، وقد تقدّم ذكره.

وأبدلت من الباء على غير لزوم (٢) فيما حكاه ثعلب ، من قولهم : «لا وربيك» ، وفى جمع ثعلب فى أحد القولين ، وأرنب ؛ للضرورة ، قال [من البسيط] :

٣٣٠ ـ لها أشارير من لحم تتمّره

من الثّعالى ، ووخز من أرانيها (٣)

__________________

(١) في أ: ومن لزوم.

(٢) في أ: اللزوم.

(٣) البيت اختلف في نسبته فتارة إلى أبى كاهل النمر بن تولب اليشكري وثانية إلى أبي كاهل اليشكري وثالثة إلى رجل من بني يشكر.

والشاهد فيه قوله : الثعالي وأرانيها يريد : الثعالب ، وأرانبها ، فأبدل الياء من الباء

٥٣٢

وأبدلت منها على اللزوم فى : ديباج ، والأصل : دبّاج ، وأبدلت من الراء على اللزوم فى / : قيراط وشيراز ، وتسرّيت ، والأصل : قرّاط ، وشرّاز وتسرّرت.

وأبدلت من النون على اللزوم فى : دينار ، وأناسى ، وظرابى ، وتظنّيت ، وتسنّى ، والأصل : دنّار ، وأناسين ، وظرابين ، وتظنّن ، وتسنّن ، أى : تغيّر ، وعلى غير لزوم من نون إنسان الأولى ، فقالوا : إيسان ؛ قال عامر بن جؤين (١) [من الطويل] :

٣٣١ ـ فيا ليتنى من بعد ما طاف أهلها

هلكت ، ولم أسمع بها صوت إيسان (٢)

وأبدلت من اللام على غير لزوم فى ؛ أمليت الكتاب ، والأصل : أمللت.

وأبدلت من الصّاد ـ أيضا ـ على غير لزوم فى : قصّيت أظفارى ، والأصل :

قصّصت.

وأبدلت من الضّاد ـ أيضا ـ على غير لزوم فى : تفضّيت من الفضّة. وفى تفعّل من الانقضاض فى الشعر ، قال العجاج [من الرجز] :

٣٣٢ ـ

تقضّى البازىّ إذا البازى كسر (٣)

__________________

ضرورة ، لأنّ الوزن يقتضي إسكان كلّ من هاتين الباءين.

ينظر لأبي كاهل النمر بن تولب اليشكري في الدرر ٣ / ٤٧ ، والمقاصد النحويّة ٤ / ٥٨٣ ، ولأبي كاهل اليشكريّ في شرح أبيات سيبويه ١ / ٥٦٠ ، وشرح شواهد الشافية ص ٤٤٣ ، ولسان العرب (رنب) ، (تمر) ، (شرر) ، (وخز) ، ولرجل من بني يشكر في الكتاب ٢ / ٢٧٣ ، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص ٣٢٧ ، وجمهرة اللغة ص ٣٩٥ ، ١٢٤٦ ، وسرّ صناعة الإعراب ٢ / ٧٤٢ ، وشرح الأشموني ٣ / ٨٢٤ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٣ / ٢١٢ ، وشرح المفصّل ١٠ / ٢٤ ، والشعر والشعراء ١ / ١٠٧ ، وكتاب الصناعتين ص ١٥١ ، ولسان العرب (ثعب) ، (ثعل) ، (تلم) ، والمقتضب ١ / ٢٤٧ ، والممتع في التصريف ١ / ٣٦٩ ، وهمع الهوامع ١ / ١٨١ ، ٢ / ١٥٧.

(١) عامر بن جؤين بن عبد رضاء بن قمران الطائي : شاعر فارس ، من أشراف طيىء في الجاهلية.

من المعمرين. كان فاتكا. مستهترا. تبرأ قومه من جرائره. وله حكاية مع امرئ القيس قتله بعض بني كلب.

ينظر : الأعلام ٣ / ٢٥٠ ، خزانة البغدادي ١ / ٢٤ ، ٢٥ ، ورغبة الآمل ٦ / ٢٣٥.

(٢) الشاهد فيه : قوله : إيسان يريد : إنسان فأبدل النون ياء.

ينظر : لسان العرب (أنس) ، الممتع في التصريف ١ / ٣٧١ ، وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب ٢ / ٧٥٧ ، المحتسب ٢ / ٢٠٣.

(٣) البيت للعجاج.

والشاهد فيه قوله : تقضّي ، والأصل : تقضّض فأبدل الضاد الثالثة ياء ، وهذا شاذ.

٥٣٣

وأبدلت من الميم على اللزوم فى : ديماس ، والأصل : دمّاس.

وأبدلت منها على غير اللزوم فى : أمّا ، فقالوا : أيما ، وفى يأتم ، وتكمّوا فى الشّعر ؛ قال [من الطويل] :

٣٣٣ ـ رأت رجلا أمّا الإله فيتّقى

وأمّا بفعل الصّالحات فيأتمى (١)

وقال الآخر (٢) [من الرجز] :

٣٣٤ ـ بل لو شهدت النّاس إذ تكمّوا

بقدر حمّ لهم وحمّوا (٣)

وأبدلت من الدال فى : تصدية ، والتصدية : التّصفيق والصّوت ، وأصله : تصددة من صددت ، قال تعالى : (إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) [الزخرف ٥٧] أى : يضجّون.

وأبدلت من العين فى «تلعّيت» تلعية من اللّعاعة ، وأصله : تلعّعت تلععة وفى ضفادع ؛ للضرورة ، قال [من الرجز] :

٣٣٥ ـ ومنهل ليس له حوازق

ولضفادى جمّه نقانق (٤)

وأبدلت من الكاف فى جمع «مكّوك» ، فقالوا : مكاكى ، والأصل : مكاكيك (٥).

__________________

ينظر : ديوانه ١ / ٤٢ ، وأدب الكاتب ص ٤٨٧ ، والأشباه والنظائر ١ / ٤٨ ، وإصلاح المنطق ص ٣٠٢ ، والدرر ٦ / ٢٠ ، وشرح المفصل ١٠ / ٢٥ ، والممتع في التصريف ١ / ٣٧٤ ، وبلا نسبة في الخصائص ٢ / ٩٠ ، وشرح الأشموني ٣ / ٨٧٩ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٥٧.

(١) وتروى عبارة تزور امرأ بدلا من رأت رجلا.

والشاهد فيه قوله : فيأتمي أراد : فيأتمّ ، فأبدل الميم الثانية ياء.

ينظر : سرّ صناعة الإعراب ٢ / ٧٦٠ ، وشرح الأشموني ٣ / ٨٧٩ ، وشرح المفصل ١٠ / ٢٤ ، ولسان العرب (أمم) ، (أما) ، (دسا) ، والممتع في التصريف ١ / ٣٧٤.

(٢) في أ: قال الراجز.

(٣) البيت للعجاج ينظر ديوانه ص ٦٣ ، لسان العرب (كمم)

(٤) البيت : لخلف الأحمر.

والشاهد فيه قوله : ولضفادي يريد : ولضفادع ، فأبدل الياء من العين ضرورة.

ينظر : الدرر ٦ / ٢٢٧ ، وبلا نسبة في خزانة الأدب ٤ / ٤٣٨ ، وسرّ صناعة الإعراب ٢ / ٧٦٢ ، وشرح الأشموني ٣ / ٨٨٠ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٣ / ٢١٢ ، وشرح المفصّل ١٠ / ٢٤ ، والكتاب ٢ / ٢٧٣ ، والمقتضب ١ / ٢٤٧ ، والممتع في التصريف ١ / ٣٧٦.

(٥) في ط : مكاليك.

٥٣٤

وأبدلت من تاء اتّصلت الأولى فى الضرورة ؛ نحو قوله [من الرجز] :

٣٣٦ ـ قامت به تنشد كلّ منشد

فايتصلت بمثل ضوء الفرقد (١)

وأبدلت من الثاء فى ثالث ، فقالوا : «ثالى» ، وقد تقدّم ذكره.

وأبدلت من الجيم فى / : دياجىّ جمع : ديجوج ، والأصل : دياجيج.

وأبدلت من الهاء فى : دهديت الحجر ، وصهصيت بالرّجل ، والأصل : دهدهت ، وصهصهت.

وأبدلت من الهمزة على غير لزوم ، إذا وقعت الهمزة بعد ياء زائدة للمدّ حركة ما قبلها من جنسها ، وكانتا من (٢) كلمة واحدة ، أو بعد ياء التصغير ؛ نحو : خطيّة ، وأفيّس.

فإن لم تكن كذلك ؛ نحو : نسىء ، جاز أن تبدل منهما ؛ فيقال : نسى وشى.

والأحسن ألا تبدل ، بل تلقى حركة الهمزة على الياء ، وتحذف الهمزة إذا قصد التخفيف ؛ فيقال : شى وشىّ ، وقد تقدّم حكمهما إذا كانتا فى كلمتين ، وأبدلت ـ أيضا ـ منها ، وفى التثنية ، إذا كانت الهمزة بدلا من ألف التأنيث ، أو بدلا من أصل أو من زائد ملحق به واقعة بعد ألف زائدة فى لغة لبعض بنى فزارة (٣) ، وقد تقدّم ذكر ذلك.

وأبدلت منها ـ أيضا ـ بقياس إذا كانت مفتوحة ، وقبلها كسرة ؛ نحو : «بير» (٤) فى بئر ، وإذا كانت الهمزة ساكنة ، وقبلها كسرة ؛ نحو : ذيب ، ولا يلزم ذلك إلا أن يكون الحرف المكسور الذى قبلها همزة ؛ فيلزم البدل ؛ نحو : إيمان ؛ وكذلك تبدل منها ـ أيضا ـ على اللزوم إذا كانت متحرّكة بالكسر ، وقد تقدّمتها

__________________

(١) البيت بلا نسبة : في : سر صناعة الإعراب ٢ / ٧٦٤ ، شرح المفصل ١٠ / ٢٤ ، ٢٦ ، لسان العرب (وصل) ، الممتع في التصريف ١ / ٣٧٨.

الشاهد فيه قوله : فايتصلت حيث أبدل من التاء الأولى ياء كراهية للتشديد.

(٢) في أ: في.

(٣) م : باب حروف البدل

قولى : «وفى التثنية إن كانت بدلا من ألف التأنيث أو بدلا من أصل أو من زائد ملحق به واقعة بعد ألف زائدة فى لغة لبعض بنى فزارة» مثال ذلك قولهم : حمرايان وكسايان وعلبايان فى حمراء وكساء وعلباء. أه.

(٤) في أ: مير.

٥٣٥

همزة أخرى ؛ نحو : أيمّة ، فى جمع إمام.

وأبدلت منها بغير قياس فى : قرأت ، وبدأت ، وتوضّأت ، وأعصر ، فقالوا : قريت ، وبديت ، وتوضّيت ، ويعصر.

وأمّا التاء فأبدلت من ستّة أحرف ، وهى : الواو ، والياء ، والسّين ، والصّاد ، والطّاء ، والدّال.

فأبدلت من الواو بقياس فى : افتعل وما تصرّف منه ، إذا كانت فاؤه واوا ؛ نحو اتّعد يتّعد اتّعادا ، فهو متّعد ، وعلى غير قياس فى : تجاه ؛ لأنه من الوجه ، وتراث ؛ لأنه من : ورث ، وتقيّة ، وتقوى ، وتقاة ؛ لأنّها من : وقيت ، وتوراة ؛ لأنّها من ورى الزند ، والأصل : ووراة ، وتولج ؛ لأنّه «فوعل» من الولوج ، وتخمة ؛ لأنّها من الوخامة ، وتكأة ، لأنّها من توكّأت ، وتكلان ، لأنّه من : توكّلت ، وتيقور ؛ لأنّه من الوقار ، وتكلة ، لأنّها من : وكل ، والتّليد والتّلاد ، لأنهما من ولد ، وتترى ؛ لأنّها من المواترة ، وأخت ؛ لأنّها من الأخوّة ، وبنت ؛ لأنّها من البنوّة ، وهنت لقولهم : هنوات فى / الجمع ، وكلتا لأنّها مبدلة ممّا انقلبت عنه ألف «كلا» وهو الواو ، ومن الواو فى القسم نحو : تالله.

وأبدلت من الياء على غير قياس فى ثنتين ؛ لأنّها من ثنيت ، وفى كيت ، وذيت ؛ لأنّ أصلهما كيّة وذيّة ، وأبدلت من السين على غير قياس فى : طست ، وستّ ، والأصل : طسّ وسدس ، وفى نات ، وأكيات ، والأصل : ناس ، وأكياس ؛ أنشد أحمد بن يحيى (١) [من الرجز] :

٣٣٧ ـ يا قاتل الله بنى السّعلات

عمر بن يربوع شرار النّات

غير أعفّاء ولا أكيات (٢)

__________________

(١) أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد بن سيار ، الشيباني ولاء ، المعروف بـ «ثعلب» ولد سنة ٢٠٠ ه‍ بـ «بغداد». كان إمام الكوفيين في النحو واللغة ، راوية للشعر ، محدثا ، مشهورا بالحفظ وصدق اللهجة ، ثقة حجة ، من كتبه الفصيح ، ومجالس ثعلب توفي بـ «بغداد» سنة ٢٩١ ه‍.

ينظر : نزهة الألبا ٢٩٣ ، وابن خلكان ١ / ٣٠ ، وتذكرة الحفاظ ٢ / ٢١٤ ، وطبقات ابن أبي يعلى ١ / ٨٣ ، وإنباه الرواة ١ / ١٣٨.

(٢) الرجز لعلباء بن أرقم.

٥٣٦

وأبدلت من الصاد فى : لصت ، ولصوت ، والأصل : لصّ ولصوص.

وأبدلت من الطاء (١) فى : فستاط ، وفى استاع يستيع ، والأصل : فسطاط ، واسطاع يسطيع.

وأبدلت من الدال (٢) فى : تربوت ، والأصل : دربوت ؛ لأنّه من الدّربة.

وأمّا الميم : فأبدلت من أربعة أحرف ، وهى الواو ، والنون ، والباء ، واللام.

فأبدلت من الواو فى : فم ؛ لأنّ الأصل : فوه ، فحذفت الهاء وعوّض من الواو ميم ، وقد تشدّد فى الضرورة ؛ نحو قوله [من الرجز] :

٣٣٨ ـ يا ليتها قد خرجت من فمّه

حتّى يعود البحر فى أسطمّه (٣)

وأبدلت باطّراد من النون الساكنة عند الباء ؛ فى نحو عنبر.

وأبدلت بغير اطّراد من النون فى : البنان ؛ قال [من الرجز] :

٣٣٩ ـ يا هال ذات المنطق التّمتام

وكفّك المخضّب البنام (٤)

__________________

والشاهد فيه قوله : النات ، وأكيات يريد : الناس ، وأكياس ، فأبدل السين تاء.

ينظر : لسان العرب (نوت) (سين) ، (تا) ، ونوادر أبي زيد ص ١٠٤ ، وبلا نسبة في الإنصاف ١ / ١١٩ ، وجمهرة اللغة ص ٨٤٢ ، والحيوان ١ / ١٨٧ ، ٦ / ١٦١ ، والخصائص ٢ / ٥٣ ، وسرّ صناعة الإعراب ١ / ١٥٥ ، وسمط اللآلي ص ٧٠٣ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٣ / ٢٢١ ، وشرح المفصّل ١٠ / ٣٦ ، ٤١ ، والصاحبي في فقه اللغة ص ١٠٩ ، ولسان العرب (أنس) ، والممتع في التصريف ١ / ٣٨٩ ، ونوادر أبي زيد ص ١٤٧.

(١) في أ: من الفاء.

(٢) في أ: من التاء.

(٣) البيت : للعجاج ، وتروى كلمة الملك بدل البحر ، وأسطم الشيء وسطه ومعظمه والشاهد فيه تشديد الميم في فمه على لغة ، وقيل للضرورة الشعرية.

ينظر : ديوانه ٢ / ٣٢٧ ، خزانة الأدب ٤ / ٤٩٣ ، ٤٩٦ ، الدرر ١ / ١٠٩ ، وبلا نسبة في جواهر الأدب ٩٢ ، سر صناعة الإعراب ١ / ٤١٥ ، شرح المفصل ١٠ / ٣٣ ، لسان العرب (فوه) ، المحتسب ١ / ٧٩ ، الممتع في التصريف ١ / ٣٩١ ، همع الهوامع ١ / ٣٩.

(٤) البيت لرؤبة ، والشاهد فيه قوله : «البنام» يريد : «البنان» فأبدل النون ميما للضرورة الشّعريّة. وقوله : «يا هال» مرخّم «يا هالة».

ينظر : ملحق ديوانه ص ١٨٣ ، وجواهر الأدب ص ٩٨ ، وسرّ صناعة الإعراب ٤٢٢ ، وشرح التصريح ٢ / ٣٩٢ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٣ / ٢١٦ ، وشرح شواهد الشافية ص ٤٥٥ ، وشرح المفصل ١٠ / ٣٣ ، والمقاصد النحويّة ٤ / ٥٨٠ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٤ / ٤٠١ ، وشرح الأشموني ٣ / ٨٦٠ ، وشرح المفصّل ١٠ / ٣٥.

٥٣٧

وفى : طامه الله على الخير ، أى : جبله ، والأصل : طانه الله.

وأبدلت من الباء فى قولهم : بنات مخر ، والأصل : بنات بخر ، وفى قولهم : «ما زال راتما على كذا» أى : راتبا ، وفى قولهم : نغم أى : نغب ؛ قال [من الطويل] :

٣٤٠ ـ فبادرت شربها عجلى مثابرة

حتى استقت دون محنى جيدها نغما (١)

وأبدلت من لام التعريف ؛ ومنه قوله ـ عليه السّلام ـ : «ليس من امبرّ امصيام فى امسفر» (٢)

وأما النّون فأبدلت على غير قياس من اللام فى : لعنّ ، والأصل لعلّ ، ومن الهمزة فى النّسب إلى : صنعاء ، وبهراء ، ودستواء ، فيقال (٣) صنعانىّ ، وبهرانى ، ودستوانىّ.

وأما الهاء فأبدلت من أربعة أحرف ، وهى : الهمزة ، والألف ، والياء ، والتاء ، فأبدلت من الهمزة على غير لزوم فى : إيّاك وأيّاك ، وأما ، ويا ، فى النّداء.

فقالوا : هيّاك وهيّاك ، و «هما / والله لقد قام زيد» ، ومن همزة إن الشرطية ، ومن الهمزة فى : أثرت التراب ، وأرحت الماشية ، وأرقت الماء ، وأردت ، وأنرت

__________________

(١) البيت بلا نسبة في : سر صناعة الإعراب ١ / ٤٢٦ ، شرح الأشموني ٣ / ٨٨٣ ، شرح المفصل ١٠ / ٣٣ ، لسان العرب (نغب) ، الممتع في التصريف ١ / ٣٩٣.

الشاهد فيه : قوله : نغما أراد نغبا فأبدل الباء ميما للضرورة.

(٢) أخرجه أحمد ٥ / ٤٣٤ ، بهذا اللفظ ، وكذا ذكره الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير ٢ / ٣٩٣ ، وقال رحمه الله : وهذه لغة لبعض أهل اليمن ، يجعلون لام التعريف ميما ، ويحتمل أن يكون النبي صلّى الله عليه وسلّم خاطب بها ، هذا الأشعري ، كذلك لأنها لغته ، ويحتمل أن يكون الأشعري هذا نطق بها على ما ألف من لغته ، فحملها عنه الراوي عنه ، وأداها باللفظ الذي سمعها به ، وهذا الثاني أوجه عندي ، والله أعلم.

والحديث بهذا اللفظ شاذ ، وإنما اتفق الشيخان وغيرهما على إخراج الحديث بلفظ : «ليس من البر الصيام في السفر» ، وقد ورد عن جماعة من الصحابة بهذا اللفظ منهم : جابر وكعب بن عاصم وعبد الله بن عمر ، وأبو برزة الأسلمي وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عمرو ، وعمار بن ياسر وأبو الدرداء.

وأما بهذا اللفظ فقد خالف معمر الثقات في روايته بهذا اللفظ قال الألباني في الضعيفة رقم ١١٣٠ : ضعيف لا يعتمد عليه لا سيما ومعمر وإن كان من الثقات الأعلام فقد قال الذهبي في ترجمته : له أوهام معروفة احتملت له في سعة ما أتقن ، وقال أبو حاتم : صالح الحديث ، وما حدث به بالبصرة ، ففيه أغاليط. اه.

(٣) في أ: فقالوا.

٥٣٨

الثوب ، وما تصرّف منها ، فقالوا : هثرت ، وهرحت ، وهرقت ، وهردت ، وهنرت.

ومن همزة الاستفهام أنشد الفرّاء [من الكامل] :

٣٤١ ـ وأنى صواحبها فقلن هذا الّذى

منح المودّة غيرنا وجفانا؟ (١)

يريد : أذا الذى؟.

ومن الألف فى : هنا ، فى الوقف ، وقد تقدّم ذكره.

ومن الهاء فى هذى ، وقد تقدّم ذكره أيضا (٢) ، وفى تصغير هنة فقالوا : هنيهة ، والأصل : هنيّة.

وأبدلت من التاء فى (٣) : طلحة ، وهندات فى الوقف ، وقد تقدّم ذكر ذلك أيضا.

وأمّا اللام ، فأبدلت من الضّاد فى اضطجع ؛ قال [من الرجز] :

٣٤٢ ـ لمّا رأى أن لا دعه ولا شبع

مال إلى أرطاة حقف فالطجع (٤)

وأبدلت من النون فى : أصلال ، وقد تقدّم ذكره أيضا.

وأمّا الألف فأبدلت من أربعة أحرف ، وهى : الهمزة ، والياء ، والواو ، والنون الخفيفة ، إلا أنّ إبدالها من الياء والواو إنّما يذكر فى القلب.

__________________

(١) البيت : لجميل بثينة.

والشاهد فيه قوله : هذا الذي ، يريد : أذا الذي؟ ، فأبدل همزة الاستفهام هاء.

ينظر : ديوانه ص ١٩٦ ، ولسان العرب (ذا) ، وبلا نسبة في الجنى الداني ص ١٥٣ ، وجواهر الأدب ص ٣٣٤ ، ورصف المباني ص ٤٠٣ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٥٥٤ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٣ / ٢٢٤ ، وشرح شواهد الشافية ص ٤٧٧ ، وشرح المفصل ١٠ / ٤٢ ، ٤٣ ، ولسان العرب (ها) ، والمحتسب ١ / ١٨١ ، ومغني اللبيب ١ / ٣٤٨ ، والممتع في التصريف ١ / ٤٠٠.

(٢) في ط : ذلك أيضا.

(٣) في أ: نحو.

(٤) البيت لمنظور بن حية الأسدي.

الشاهد فيه قوله : فالطجع فإن أصله : فاضطجع بعد إبدال تاء افتعل طاء لوقوعها بعد حرف من حروف الإطباق وهو الضاد ثم أبدل الضاد لاما وهو إبدال شاذ.

ينظر : شرح التصريح ٢ / ٣٦٧ ، المقاصد النحوية ٤ / ٥٨٤ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ٣٤٠ ، إصلاح المنطق ٩٥ ، أوضح المسالك ٤ / ٣٧١ ، الخصائص ١ / ٦٣ ، ٢٦٣ ، ٢ / ٣٥٠ ، ٣ / ١٦٣ ، ٣٢٦ وسر صناعة الإعراب ١ / ٣٢١ ، شرح الأشموني ٣ / ٨٢١ ، شرح شافية ابن الحاجب ٣ / ٣٢٤ ، شرح شواهد الشافية ٢٧٤ ، لسان العرب (أبز ـ أرط ـ ضجع ـ رطا) ، المحتسب ١ / ١٠٧ ، الممتع في التصريف ١ / ٤٠٣ ، المنصف ٢ / ٣٢٩.

٥٣٩

فأبدلت من الهمزة بقياس من غير لزوم إذا كانت ساكنة وقبلها فتحة ؛ نحو :

راس ، إلا أن يكون الحرف المفتوح الذى تليه الهمزة الساكنة همزة ؛ فإنّه يلتزم فيها القلب ؛ نحو : آدم ، وآمن.

وأبدلت منها على غير قياس ، إذا كانت مفتوحة مفتوحا ما قبلها ؛ نحو قوله [من الكامل] :

٣٤٣ ـ راحت بمسلمة البغال عشاية

فارعى ، فزارة ، لا هناك المرتع (١)

يريد : لا هنأك.

أو مفتوحة وما قبلها ساكن ، يمكن نقل الحركة إليه ؛ نحو : المراة ، والكماة ، فى المرأة ، والكمأة.

وأبدلت من النون الخفيفة فى ثلاثة مواضع :

أحدها : الوقف على منصوب المنوّن ؛ نحو قولك : رأيت زيدا ، ورأيت فتى

والثانى : الوقف على النون الخفيفة اللاحقة للأفعال المستقبلة ، إذا كان قبلها فتحة ؛ نحو : هل تضربا.

والثالث : الوقف على نون «إذن» ، تقول : أزورك إذا ، وقد تقدّم ذكر ذلك فى

__________________

(١) البيت للفرزدق. ونسب لعبد الرحمن بن حسان. قاله حين عزل مسلمة عن العراق ووليها عمر بن هبيرة.

قوله : راحت. أي رجعت والرواح والغد يستعملان عند العرب في المسير فى أى وقت من ليل أو نهار.

مسلمة : هو مسلمة بن عبد الملك.

عشاية واحدة العشى ، والعشى قيل ما بين الزوال إلى الغروب ، وقيل هو آخر النهار ، وقيل من الزوال إلى الصباح. فارعى أمر من الرعى.

فزارة أبو قبيلة من غطفان وأراد بالبغال بغال البريد التي قدمت مسلمة عند عزله.

والشاهد فيه قوله : لا هناك ، يريد : لا هنأك ، فأبدل الهمزة ألفا للضرورة الشعريّة ، وكان حقها أن تجعل بين بين لأنّها متحرّكة.

ينظر : البيت للفرزدق في ديوانه ١ / ٤٠٨ ، وشرح أبيات سيبويه / ٢٩٤ ، وشرح شواهد الشافية ص ٣٣٥ ، وشرح المفصل ٩ / ١١١ ، والكتاب ١ / ١٨٤ ، والمقتضب ١ / ١٦٧ ، ولعبد الرحمن بن حسان في ديوانه ص ٣١ ، وبلا نسبة في الخصائص ٣ / ١٥٢ ، وسرّ صناعة الإعراب ٢ / ٦٦٦ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٣ / ٤٧ ، ولسان العرب (هنا) ، والمحتسب ٢ / ١٣٢ ، والممتع في التصريف ص ٤٠٥.

٥٤٠