المقرِّب ومعه مُثُل المقرِّب

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »

المقرِّب ومعه مُثُل المقرِّب

المؤلف:

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »


المحقق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-0067-X
الصفحات: ٦٤٨

أحكم فى التصغير (١) ؛ نحو : فرازد ، وفرازيد ، وعفاجج ، وعفاجيج.

وأمّا الزائد على خمسة أحرف ، فإن كان فى آخره ألفا التأنيث أو الألف والنون الزائدتان ، حذفتهما ، وجمعت الاسم على مثال : فعالل أو فعاليل إن عوضت ؛ نحو : خنافس ، وذعافر ، وما عدا ذلك ، فلا بد من أن تحذف منه ، حتى يصير إلى خمسة رابعه حرف علة زائد إن أمكن ، ثم تجمعه (٢) على مثال : فعاليل ، وإن لم يمكن ، حذفت منه حتى يصير على أربعة أحرف ، ثم تجمعه على مثال : فعالل أو فعاليل ، إن عوّضت ، والحذف فى جميع ذلك على حسب ما أحكم فى التصغير.

والأعجمىّ فى جميع ما ذكر بمنزلة العربىّ ، إلّا أنّه / يلزم منه ما جاء على مثال : مفاعل ، تاء التأنيث نحو : سيابجة ، إلا أن يشذّ منه شىء ؛ فيحفظ ولا يقاس عليه ؛ نحو : كيالج ، وجوارب ، وكذلك المنسوب ـ أيضا ـ تلزمه التاء ؛ نحو : مهالبة ، إلا أن يشذّ منه [شيء] ؛ فيحفظ ولا يقاس عليه ؛ نحو : المعاول ، والدّياسم. وقد شذّت جموع فلم ينطق لها بواحد نحو : عباديد ، وشماطيط.

وقد شذّت ـ أيضا ـ جموع فلم تأت على قياس واحدها المنطوق به ؛ نحو : ملاقح ، ومذاكير ؛ وأراض ، وأحاديث ، وأقاطيع ، وأباطيل ، وأطيار ، وتؤام ، وأعارض ، وأهال ، وليال ، وكروان ، وورشان ، وأمكن ، وأطحل.

وأما فعل فى جمع فاعل نحو : طير ، وركب ، ورجل ، فاسم جمع ، بدليل تصغيرهم إيّاه على لفظه ، قال [من الرجز] :

٣٠٢ ـ بنيته بعصبة من ماليا

أخشى رجيلا وركيبا عاديا (٣)

__________________

(١) م : وقولى : «والحذف فى ذلك على ما أحكم فى التصغير» مثال ذلك : فرزدق ، وفرازد وفرازق ، وفرازيد وفرازيق ؛ كما تقول : فريزد وفريزق ، وفريزيد وفريزيق ، وتقول : قلنسوة ، قلاس وقلاسيّ وقلاس وقلاس كما تقول : قلينسة قلينسية وقليسية وقليسيّة ، وكذلك كل ما يحذف منه فى التكسير قياسه فى ذلك قياس التصغير. أه.

(٢) في ط : تجمع.

(٣) البيت لأحيحة بن الجلاح.

والشاهد فيه : قوله : «رجيلا وركيبا» تصغير «رجل وركب» وهذا دليل على أنهما اسما جمع.

ينظر : الأغاني ١٥ / ٤٠ ، وشرح شواهد الشافية ١٥٠ ، وشرح المفصل ٥ / ٧٧ ، وهو

٥٠١

وقد شذّت العرب ـ أيضا ـ فجمعت بعض الجمع ، فالذى جاء من ذلك مجموعا جمع تكسير : أياد ، وأواطب ، وأسام ، وأساورة ، وأثائيب ، وأناعيم ، وأقاويل ، ومصارين ، وحشاشين جمع حشان ، وحشان جمع حشّ ، وحمائل ، وأناض جمع أنضاء.

والذى جاء من ذلك مجموعا جمع سلامة : أعطيات ، وأسقيات وبيوتات ، ومواليات بنى هاشم ، وصواحبات يوسف ، وحمرات ، وطرقات ، وجزرات ، ودوارات ، وعوذات ، فأمّا آصال ، فجمع أصل المفرد ، قال [من الكامل] :

٣٠٣ ـ وخمار غانية شددت برأسها

أصلا وكان منشّرا بشمالها

وأمّا أصايل ، فجمع أصيلة التى بمعنى أصيل ، حكاها يعقوب (١) فهذا جميع ما ورد من جمع الجمع فى الكلام.

وما عدا ذلك الجمع إلا فى ضرورة ؛ نحو قوله [من الرحز] :

٣٠٤ ـ ترمى الفجاج والفيافىّ القصا

بأعينات لم يخالطها قذى (٢)

ونحو قول الآخر [من الرجز] :

٣٠٥ ـ

قد جرت الطّير أيامنينا (٣)

__________________

بلا نسبة في اللسان (جبأ) ، (رجل) ، وخزانة الأدب ٦ / ٢٥٤ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٢ / ٢٠٢ ، والمنصف ٢ / ١٠١ ، والمخصص ٢ / ٥٥ ، ١٤ / ١٢٢.

(١) يعقوب بن إسحاق ، أبو يوسف ، ابن السّكّيت : إمام في اللغة والأدب أصله من خورستان (بين البصرة وفارس) تعلم ببغداد ، واتصل بالمتوكل العباسي فعهد إليه بتأديب أولاده ، وجعله في عداد ندمائه ، ثم قتله لسبب مجهول. من مصنفاته : إصلاح المنطق قال المبرد : ما رأيت للبغداديين كتابا أحسن منه و «الألفاظ» و «الأضداد» ، و «القلب» و «الإبدال» ، وشرح ديوان عروة بن الورد ، وشرح ديوان قيس بن الخطيم و «الأجناس» وسرقات الشعراء وغير ذلك. ولد سنة ١٨٦ ه‍ وتوفي سنة ٢٤٤ ه‍. ينظر : الأعلام ٨ / ١٩٥ ، هدية العارفين ٢ / ٥٣٦ ، ابن خلكان ٢ / ٣٠٩.

(٢) البيت بلا نسبة في : شرح شافية ابن الحاجب ٢ / ٢٠٩ ، واللسان (عين).

والشاهد فيه قوله : الأعينات في جمع الأعين ، وهو جمع العين ، وقد اضطر الشاعر ، فجمع الجمع مرّة ثانية.

(٣) البيت لأعرابي.

والشاهد فيه : قوله : «أيا منينا» ، قال ابن سيده : «عندى أنه جمع يمينا على أيمان ثم جمع أيمانا على أيامين ، ثم أراد وراء ذلك جمعا آخر فلم يجد جمعا من جموع التكسير أكثر من هذا ، لأن باب أفاعل وفواعل وفعائل ونحوها نهاية الجمع ، فرجع إلى الجمع بالواو والنون».

٥٠٢

ومثل ذلك كثير فى الشعر.

ويجوز وضع صيغة الجمع للاثنين بقياس إذا كان كلّ واحد منهما / بعض شىء ، وكان مفردا من صاحبه ، قال تعالى : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) [التحريم : ٤].

ويجوز ـ أيضا ـ التثنية ، ومن ذلك قوله [من الطويل] :

٣٠٦ ـ هما نفثا فى فىّ من فمويهما

على النّابح العاوى أشدّ رجام (١)

ودون ذلك فى الحسن وضع المفرد موضعهما ؛ نحو قوله [من الطويل] :

٣٠٧ ـ حمامة بطن الواديين ترنّمى

سقاك من الغرّ الغوادى مطيرها (٢)

__________________

ينظر : المقاصد النحوية ٢ / ٤٢٥ ، وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص ٤٥٦ ، والدرر ٢ / ٢٧٢ ، وسمط اللآلي ص ٦٨١ ، وشرح الأشموني ١ / ١٥٦ ، وشرح التصريح ١ / ٢٦٤ ، وشرح ابن عقيل ص ٢٢٩ ، ولسان العرب (فطن) ، (يمن) ، والمعاني الكبير ص ٦٤٦ ، وهمع الهوامع ١ / ١٥٧ ، وجمهرة اللغة ص ٢٩٣ ، وتاج العروس (فطن) ، (يمن) ، (سرو) ، وجمهرة اللغة ص ٢٩٣ ، والمخصّص ١٣ / ٢٨٢.

(١) البيت للفرزدق.

ونفثا : أي ألقيا على لساني ، من نفث الله الشيء في القلب : ألقاه. وأصل نفث بمعنى بزق ، ومنهم من يقول : إذا بزق ولا ريق معه. ونفث في العقدة عند الرّقية ، وهو البزاق اليسير. ونفثه نفثا أيضا : إذا سحره. وروى أيضا : (هما تفلا) من تفل تفلا ، من بابي ضرب وقتل ، من البزاق ، يقال : بزق ثم تفل. و (النابح) أراد به من يتعرّض للهجو والسبّ من الشعراء ، وأصله في الكلب. ومثله (العاوي) بالعين المهملة. و (الرّجام) : مصدر راجمه بالحجارة أي راماه ، وراجم فلان عن قومه : إذا دافع عنهم ، جعل الهجاء كالمراجمة لجعله الهاجي كالكلب النابح.

والشاهد فيه قوله : من فمويهما حيث جمع بين الواو والميم التي هي بدل منها في فم وقد غلّط الفرزدق في هذا ، وهو ـ أيضا ـ إقامة للمثنى مقام الجمع.

ينظر : ديوانه ٢ / ٢١٥ ، وتذكرة النحاة ص ١٤٣ ، وجواهر الأدب ص ٩٥ ، وخزانة الأدب ٤ / ٤٦٠ ـ ٤٦٤ ، ٧ / ٤٧٦ ، ٥٤٦ ، والدرر ١ / ١٥٦ ، وسرّ صناعة الإعراب ١ / ٤١٧ ، ٢ / ٤٨٥ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٥٨ ، وشرح شواهد الشافية ص ١١٥ ، والكتاب ٣ / ٣٦٥ ، ٦٢٢ ، ولسان العرب (فمم) (فوه) ، والمحتسب ٢ / ٢٣٨ ، وبلا نسبة في أسرار العربية ص ٢٣٥ ، والأشباه والنظائر ١ / ٢١٦ ، والإنصاف ١ / ٣٤٥ ، وجمهرة اللغة ص ١٣٠٧ ، والخصائص ١ / ١٧٠ ، ٣ / ١٤٧ ، ٢١١ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٣ / ٢١٥ ، المقتضب ٣ / ١٥٨ ، وهمع الهوامع ١ / ٥١.

(٢) اختلف في نسبة البيت فتارة للشماخ ، وأخرى للمجنون ، وثالثة لتوبة بن الحمير.

٥٠٣

ولا يجوز وضع الجمع موضع الاثنين ، إذا لم يكونا من شيئين ، إلا فى نادر كلام يحفظ ولا يقاس عليه ؛ نحو قولهم : عظيم المناكب ، وقول بعضهم : ضع رحالهما ، يعنى : رحلى النّاقتين ، واضرب غلمانهما ، أى ؛ غلاميهما.

وقد يوضع الجمع ـ أيضا ـ موضع المفرد فى الضرورة ؛ نحو قوله [من الطويل] :

٣٠٨ ـ يطير الغلام الخفّ عن صهواته

ويلوى بأثواب العنيف المثقّل (١)

أى : عن صهوته ، أو فى نادر كلام ، قالوا : «شابت مفارقه».

* * *

__________________

والشاهد فيه قوله : بطن الواديين حيث أفرد البطن ، وكان القياس أن يقال : بطني الواديين ، ووجه ذلك أنّه لمّا أمن اللبس ، وكره الجمع بين تثنيتين فيما هو كالكلمة الواحدة ، صرف لفظة التثنية الأولى إلى اللفظ المفرد لأنه أخف من الجمع ، وذلك قليل.

ينظر : البيت للشمّاخ في ملحق ديوانه ص ٤٣٨ ، ٤٤٠ ، والمقاصد النحويّة ٤ / ٨٦ ، وللمجنون في ديوانه ص ١١٣ ، ولتوبة بن الحمير في الأغاني ١١ / ١٩٨ ، والدرر ١ / ١٥٤ ، والشعر والشعراء ١ / ٤٥٣ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢ / ٤٠٣ ، وهمع الهوامع ١ / ٥١.

(١) البيت لامرئ القيس والشاهد فيه قوله : «صهواته» يريد : «صهوته» فأقام الجمع مقام المفرد وهو ضرورة ، ويروى الجف بدلا من الخف.

ينظر : ديوانه ٢٠ ، وجمهرة اللغة / ١٠٦ ، وتاج العروس (بعع) ، (خفف) ، (عنف) ، وكتاب العين ٤ / ١٤٤ ، واللسان (خفف) وهو بلا نسبة في مقاييس اللغة ٢ / ١٥٥.

٥٠٤

باب المصادر

الفعل لا يخلو من أن يكون ثلاثيّا أو أزيد ، فإن كان ثلاثيّا فإمّا أن يكون على وزن فعل ، أو فعل ، أو فعل.

فإن كان على وزن فعل ، فإنّه إن كان متعدّيا ، وكان مضارعه مكسور العين أو مفتوحها ، فإن المصدر منه يكون على وزن فعل ؛ نحو : ضرب ، وفعل ؛ نحو قولك : فعلت فعلا ، وفعل ؛ كسرق ، وفعل ككذب ، وفعلة ؛ كسرقة ، وفعلة كغلبة ، وفعلة كحمية ، وفعالة كحماية ، وفعال ككذاب ، وفعال كسؤال ، وفعلان كحرمان ، وفعلان ؛ كغفران ، وفعلان كليّان.

وإن كان مضارعه مضموم العين ، كان المصدر منه على فعل ؛ كقتل ، وفعل كشكر ، وفعل كذكر ، وفعالة كختانة ، وفعلان كشكران ، وفعول كشكور ، وفعل كخنق ، وفعلة كشدّة.

والمقيس منها فى الفعلين ، ما كان على : فعل على / الإطلاق ، وفعال فى الهياج ، وما جرى مجراه ؛ نحو : النّكاح ، والوداق والضّراب ، وفى الأصوات نحو : الصّياح ، والنّداء ، ويطّرد ـ أيضا ـ فعال فى انقضاء أوان الشىء ؛ نحو : الجذاذ ، والصّرام ، وهو الوقت الذى حان أن يجذّ فيه النّخل ، وفى الوسم نحو : العلاط ، والكشاح ، وفعالة فى الولاية والصناعة ؛ نحو : الإمارة ، والخلافة ، والخياطة ، والتجارة. وقد جاء فى بعضه فتح الفاء وكسرها ؛ نحو : الولاية بمعنى الوكالة.

وفعلة فى هيئة الفعل ؛ نحو الرّكبة.

وإن كان غير متعدّ ، فإن كان مضارعه مكسور العين أو مفتوحها ، فإن المصدر منه يكون على فعول كجلوس ، وعلى فعيل ؛ كهدير ، وعلى فعال كنباح ، وعلى فعلان كغليان ، وعلى فعلان كرجحان ، وعلى فعال كذهاب ، وعلى فعل كعجز ، وعلى فعل كحرص ، وفعل كحلف ، وفعال كهياج.

والمقيس منها فعول على الإطلاق ، وفعال فيما تقدّم ذكره ، وفعال فى الأصوات نحو : الرّغاء والثّغاء.

فأمّا قولهم : الغواث بفتح الغين ، فشاذّ ، وفى الأدواء نحو : السّكات والعطاس ،

٥٠٥

وقد شذّ من ذلك لفظ ، فجاء مفتوح الأول ، وهو السّواف ، ويطّرد ـ أيضا ـ فيما تفترق أجزاؤه ، نحو : الدقاق ، والحطام.

فإن لحقته التاء ، اطرد فى الفضلات ؛ نحو : الفضالة ، والنحاتة. وفعيل فى الأصوات ؛ نحو : النّبيح ، والهدير ، وفعلان فيما فيه حركة وزعزعة ، نحو : الغليان.

وإن كان مضمومها ، فإن المصدر منه يكون على فعول كقعود ، وعلى فعل كرقص ، وعلى فعال كهباب ، وعلى فعال كثبات ، وعلى فعل ؛ كسكت ، وعلى فعل ؛ كمكث ، وعلى فعلان كنزوان ، وعلى فعلة كفطنة ، وعلى فعل كفسق.

والمقيس منها ـ أيضا ـ فعول على الإطلاق ، وفعال ، وفعلة ، فيما تقدم ذكره (١).

وإن كان على فعل ، فإنّ المتعدّى منه يكون مصدره على فعل كحمد ، وعلى فعلة كشرب ، وعلى فعل كعلم ، وعلى فعل كعمل ، وعلى فعلة كرحمة ، وعلى فعلة كحيلة ، وعلى فعلان كغشيان ، وعلى فعول كلزوم ، وعلى فعال كسفاد.

والمقيس منه فعل على الإطلاق ، وفعال / وفعلة فيما تقدّم ذكره.

وغير المتعدّى يكون مصدره على فعل كبطر ، وفعلة كأدمة ، وفعلة كنقمة وفعل كيأس ، وفعل كسكر ، وفعل كشبع ، وفعل كرىّ ، وفعالة كشكاسة ، وفعولة كصهوبة.

والمقيس منها فعلة فى الألوان ، وفعل على الإطلاق.

وإن كان على فعل كان غير متعدّ أبدا ، ويكون المصدر منه على فعل ، كحسن وفعالة ؛ كوسامة ، وفعال كوسام.

وأكثرها استعمالا فعل ، وقد يجىء شاذّا على فعولة كقبوحة ، وفعل ككرم ، وقد يجىء المصدر مطّردا إذا أردت به المبالغة على التّفعال كالتّرداد ، والفعّيلى ؛ كالهجّيرى ، ولم يجئ منه ممدودا إلا لفظة واحدة ، وهى الخصّيصاء.

__________________

(١) م : باب المصادر

قولى : «في موضعين من هذا الباب ، وفعال وفعلة فيما تقدم ذكره» أعنى : أنك تقول : إن فعالا ينقاس فى الهياج والأصوات وفعلة فى هيئة الفعل. أه.

٥٠٦

ومن المصادر ما جاء نادرا ، فيحفظ ، ولا يقاس عليه ، فى الكلام ولا فى الشعر ، فمن ذلك فعول ، ولم يجىء منه إلا الوضوء والطّهور والولوع والوقود والقبول.

ومنها فعل ، ولم يجىء منه إلا : هدى وسرى ، وبكى ، فى لغة من قصر.

ومنها فعلياء ، ولم يجئ منه إلا كبرياء.

ومنها فعلى ، ولم يجىء إلا رجعى ، وفتيا ، وبقيا ، ولقيا.

ومنها فعلى ، ولم يجىء منه إلا : دعوى ، وعدوى.

ومنها فعلى ، ولم يجئ منه إلا ذكرى.

وإن كان أزيد من ثلاثة أحرف ، فإن كانت أوّله ألف وصل ، فإن مصدره يجىء على مثال الماضى ، إلا أنك تزيد ألفا قبل الآخر ، وتكسر الثالث نحو : انطلاق ، واستخراج.

وإن لم يكن فى أوله ألف وصل ، فإن كان على فاعل فمصدره مفاعلة ، نحو : مضاربة.

وقد يجىء على فيعال ؛ نحو : قيتال ، وعلى فعال نحو : قتال ، وعلى فعّال نحو : قتّال ، وإن كان على فعّل ، وكان صحيح الآخر ، فمصدره على تفعيل نحو : تعذيب ، وعلى تفعلة نحو : تكرمة.

وقد يجىء على فعّال ، نحو : كذّاب.

وإن كان معتلّه ، كانت الهاء لازمة للمصدر ، نحو : تعزية ، ولا يجوز حذف الهاء ، ومجىء المصدر على تفعيل ، إلا فى ضرورة ؛ نحو قوله [من الرجز] :

٣٠٩ ـ بات ينزّى دلوه تنزيّا

كما تنزّى شهلة صبيّا (١)

وإن كان على : أفعل ، فمصدره يأتى علي إفعال ، نحو : إكرام ، وإن كان على

__________________

(١) البيت بلا نسبة في : الأشباه والنظائر ١ / ٢٨٨ ، وأوضح المسالك ٣ / ٢٤٠ ، والخصائص ٢ / ٣٠٢ ، وشرح الأشموني ٢ / ٣٤٩ ، وشرح التصريح ٢ / ٧٦ ، وشرح شواهد الشافية ص ٦٧ ، وشرح ابن عقيل ص ٤٣٣ ، ٤٣٥ ، وشرح شافية ابن الحاجب ١ / ١٦٥ ، وشرح المفصّل ٦ / ٥٨ ، ولسان العرب (شهل) ، (نزا) ، والمقاصد النحويّة ٣ / ٥٧١ ، والمنصف ٢ / ١٩٥.

والشاهد فيه قوله : تنزيّا حيث ورد مصدر الفعل الذي على وزن فعّل المعتلّ اللام على تفعيل كما يجىء من الصّحيح اللام ، وهذا شاذّ ، وقياسه تفعلة ، نحو : توصية ، وتسمية.

٥٠٧

تفاعل ، فمصدره على تفاعل / بضم العين ؛ نحو : تضارب.

وإن كان على تفعّل ، فمصدره يأتى على التفعّل ؛ نحو : التضرّب ، وعلى التّفعال نحو : تجمال.

وإن كان على فعلل ، فمصدره يأتى على فعللة ؛ نحو : دحرجة.

وقد يجىء على فعلال بكسر أوله ؛ نحو : دحراج ، وقد يجوز فى المضعّف ؛ نحو : زلزال.

وما ألحق من الفعل الثلاثى بالرباعى ، فهو جار مجراه.

وإذا كان المصدر محذوف العين أو الفاء ، لزمته التاء عوضا منه ؛ نحو : إقامة ، واستقامة ، وعدة ، وحذفها شاذّ ؛ نحو قوله تعالى : (وَإِقامِ الصَّلاةِ) [النور : ٣٧].

وإذا (١) كان الفعلان متقاربين فى المعنى ، جاز أن يستعمل [مصدر](٢) كلّ واحد منهما للآخر ؛ فتقول : تطوّيت انطواء ، وانطويت تطوّيا ؛ لأن انطويت وتطوّيت بمعنى واحد.

قال رؤبة [من الرجز] :

٣١٠ ـ

وقد تطوّيت انطواء الحضب (٣)

ومثل ذلك : تجاور اجتوارا ، وتتبّع اتّباعا.

* * *

__________________

(١) في أ: وإن.

(٢) سقط في ط.

(٣) الشاهد فيه مجىء الانطواء مصدرا لـ «تطوّي» ؛ لأن المعنى واحد.

ينظر : ديوانه ١٦ ، والدرر ٣ / ٥٩ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٢٩١ ، وشرح المفصل ١ / ١١٢ ، والكتاب ٤ / ٨٢ ، واللسان (حضب) ، وهو بلا نسبة في اللسان (طوى) ، وهمع الهوامع ١ / ١٨٧.

٥٠٨

باب اشتقاق أسماء الزّمان والمكان والمصادر

والآلات الّتى يعالج بها الفعل

اعلم : أن الفعل ، إمّا أن يكون ثلاثيّا أو أزيد :

فإن كان ثلاثيّا ، فإنّ الصحيح منه والمعتلّ العين أو الفاء بالياء ، إن كان مضارعه يفعل بضم العين أو فتحها :

فإنّ اسم المصدر والزّمان والمكان يأتى على مفعل بفتح العين ؛ نحو : المقعد ، والمذهب ، وقد شذّ مما (١) مضارعه يفعل بفتح العين لفظتان ؛ فجاءتا فى المصدر بكسر العين ، وهما المحمد ، والمكبر ، وشذّ مما مضارعه يفعل بضم العين إحدى عشرة لفظة ؛ فجاءت مكسورة العين فى المكان ، وهى المنبت والمجزر ، والمسقط ، والمسكن ، والمطلع ، والمشرق ، والمغرب ، والمرفق ، والمفرق ، والمنسك ، والمسجد.

وقد استعمل المطلع بكسر العين فى معنى الطّلوع ، وقد قرئ (حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [القدر : ٥] بكسر اللام.

وإن كان مضارعه مكسور العين ، كان المصدر على : مفعل بفتح العين إلا ثلاثة ألفاظ شذّت ، وهى : المرجع ، والمحضر ، والمعجز ؛ فجاءت مكسورة العين.

والزمان والمكان على مفعل ، بكسرها ؛ نحو : المضرب. وأمّا المعتلّ الفاء بالواو ، فإن لم يكن / المضارع منه متحرّك الفاء ، كان الفعل منه فى الزمان والمكان والمصدر مكسور العين ؛ نحو : موعد ، وموهب ، إلّا ما شذّ من قولهم : موجل ، وموحل ، وموضع ، فجاءت مفتوحة العين.

وكذلك ينبغي أن يكون كل مفعل فاؤه واو كائنا ما كان إلّا ما شذّ من قولهم : موعب (٢) ، وموظب ، ومورق ، وإن كان مضارعه متحرك الفاء ، كان حكمه حكم نظيره من الصحيح ؛ نحو : وددت أودّ.

وأمّا المعتلّ اللام أو العين ، فإنّ اسم المصدر منه والزمان والمكان على مفعل بفتح

__________________

(١) في أ: وشذ مما.

(٢) في أ: موهب.

٥٠٩

العين ؛ نحو : المغزى ، والمرمى ، والمقام إلا ما شذّ من قولهم : مأوى الإبل ، والمعصية ، والمحمية ، والهاء لازمة (١) لهما.

وإن كان أزيد ، جاء منه اسم الزمان والمكان والمصدر على حسب اسم المفعول ، فتقول : مكرم ، وممرق ، فى المصدر والزمان والمكان ؛ كما تقول فى اسم المفعول.

وقد يبنى اسم المكان ممّا يكثر به على مفعلة ، بفتح العين ، والهاء لازمة له ؛ فتقول : أرض مسبعة ، ومذأبة ، ومأسدة ، ومثعلة ، فى لغة من يقول ثعالة ، ومحياة ، ومفعاة ، ومقثاة.

ولا يجيئون بنظير ذلك فيما جاوز الثلاثة من نحو : الضّفدع ، استغنوا عن ذلك بقولهم : كثيرة الضّفادع.

وإن اشتققت من مصادر بنات الثلاثة اسما للآلة التى يعالج بها ، كان على وزن مفعل ؛ نحو : محلب ، ومنجل ، ومصفى ، ومخيط ، ومحرز ، وقد تلحقه التاء ؛ نحو : مكسحة ، ومسلّة ، ومسرجة ، وقد يجىء على مفعال نحو : مقراض ، ومفتاح ، ومصباح.

__________________

(١) في أ: اللازمة.

٥١٠

باب المقصور والممدود المقيسين

الاسم الذى يقصر بقياس ، هو كلّ مصدر لفعل ثلاثى معتلّ اللام غير متعدّ ، على وزن فعل ؛ نحو : عمى ، وطوى وكلّ مصدر أو اسم مفعول ، أو زمان أو مكان لفعل معتلّ الآخر على أزيد من ثلاثة أحرف ، إذا كان فى أوله ميم زائدة ؛ نحو : معطى ، وكلّ مصدر على وزن : الفعّيلى ، إلا ما شذّ من قولهم : الخصّيصاء ، وقد تقدّم.

وكلّ جمع تكسير لفعلى ، مؤنث الأفعل ، إذا كانت معتلّة / اللام ؛ نحو :

العلى ، أو لاسم معتل اللام ـ أيضا ـ على وزن فعلة ، أو فعلة نحو : لحى وعرى.

وكلّ جمع على وزن فعالى أو فعالى أو فعلى ؛ نحو : سكارى ، وسكارى ، وحمقى.

وكلّ فعلى مؤنث فعلان نحو : سكرى ، وكلّ فعلى مؤنّث الأفعل نحو : الكبرى.

وكلّ اسم قبل تاء التأنيث منه ألف إذا جمع بحذفها نحو : حصى ، وقطا.

وكل اسم من فعل معتلّ اللام على وزن مفعل ؛ نحو : مرمى وملهى.

وما كان من أسماء المشى فى آخره ألف ؛ نحو : القهقرى ، والبشكى ، والخوزلى ، ما كان على فعالى مشدّد العين أو مخفّفها ، وإن وقع على مفرد ، نحو : خبّازى.

وكلّ اسم على وزن فعلى ، وإن لم يكن اسم مشى ، فإن الأكثر فيه أن يجىء مقصورا ؛ نحو : جمزى.

والاسم الذى يمدّ بقياس كلّ مصدر لفعل معتلّ اللام على وزن التّفعال ؛ نحو : التّقصاء والتّرماء.

وكلّ مصدر لفعل معتل اللام زائد على ثلاثة أحرف قبل آخر نظيره من الصحيح ألف ؛ نحو : إعطاء واستسقاء.

وكلّ جمع لاسم معتلّ اللام على وزن فعال ، يكون مفرده على وزن فعلة أو فعل ، أو على وزن أفعال يكون مفرده على وزن فعل أو فعل أو فعل.

وكلّ ما كان من المعتلّ اللام الذى يراد به المبالغة على فعّال ؛ نحو : عدّاء ،

٥١١

وسقّاء ، وشوّاء.

وكلّ ما كان من أسماء الأصوات معتلّ اللام مضموم الأول ؛ نحو : دعاء ، وقد يجىء مكسوره ؛ نحو : نداء ، وكلّ ما كان من المصادر المعتلّة اللام علاجا لزعزعة البدن وارتفاعه ، وكان مضموم الأوّل ؛ نحو : التّراء ، وكلّ فعلاء مؤنّث أفعل.

وكلّ جمع على فعلاء أو أفعلاء ؛ نحو : فقهاء ، وأصفياء.

والمفرد من الجمع المعتلّ اللام على وزن أفعلة فى فصيح الكلام ؛ نحو : أردية ، وأكسية.

وما عدا ما ذكر من المقصور والممدود فمأخذه السّماع.

* * *

٥١٢

باب أسماء الفاعلين والمفعولين وما جرى مجراهما

من الصّفات المطّردة فى بابها

لا يخلو اسم الفاعل والمفعول من أن يكونا من / فعل ثلاثىّ أو أزيد ، فإن كانا [من فعل زائد](١) على ثلاثة أحرف ، فإنّ اسم الفاعل واسم المفعول يكونان على وزن (٢) المضارع فى الحركات والسكنات ، وعدد الحروف ، إلا أنّ أولها أبدا ميم مضمومة ، وما قبل الآخر من اسم الفاعل مكسور لفظا أو تقديرا ، ومن اسم المفعول مفتوح لفظا أو تقديرا ؛ فتقول : مكرم ، ومكرم ، ومستخرج ، [ومستخرج] ومضرّب ومضرّب ، إلا أن يعدل عن مفعّل إلى مثال من خمسة الأمثلة التى تعمل عمله ، وهى : فعول ، وفعّال ، ومفعال ، وفعل ، وفعيل (٣) ، وقد تقدّم ذكرها.

فأمّا قولهم : أورس الشّجر ، فهو وارس ، وأيفع الغلام فهو يافع ، وألقح الرّجل فهو ملقح ، وأسهب ، فهو مسهب ، بفتح ما قبل الآخر فى اسم الفاعل ، فشاذّ لا يقاس عليه.

وإن كانا من فعل ثلاثى ، فإن اسم المفعول يكون على وزن مفعول ؛ نحو : مضروب ، ومقتول ، ومعلوم.

وأمّا اسم الفاعل ، فيكون من فعل بفتح العين على وزن فاعل ؛ نحو : ضارب ، وقاعد ، وكذلك يكون من فعل وفعل ، بضم العين وكسرها ، إن ذهب به مذهب الزمان ، فإن لم يذهب به ذلك المذهب ، فإنه يكون من فعل بضم العين على وزن فعيل ، نحو : ظريف.

فأمّا : خاثر ، وحامض ، فشاذّان لا يقاس عليهما ، ويكون من فعل المكسورة

__________________

(١) في ط : أزيد.

(٢) في أ: وفق.

(٣) م : باب أسماء الفاعلين والمفعولين وما جرى مجراهما من الصفات المطردة فى بابها

قولى : «وهى فعول وفعال ومفعال وفعل وفعيل» مثال ذلك : ضروب زيدا ، وضراب زيدا ، ومنحار بوائكها ، وحذر زيدا ، وعليم الشىء [قوله «ومنحار بوائكها قول لبعض العرب ذكره سيبويه. ينظر شرح الألفية لابن الناظم ٤٢٦ والتصريح ٢ / ٦٨] أه.

٥١٣

العين ، إن كانت متعدية على وزن فاعل ؛ نحو : عالم ، وجاهل.

وإن كانت غير متعدية على وزن فعل ؛ نحو : بطر ، وأشر ، وقد يجىء على فعيل ؛ نحو : مريض ، إلا فى الامتلاء وضدّه ، فإنّ الغالب فى اسم الفاعل منهما : فعلان نحو : عطشان ، وريّان ، أو فى الألوان والعيوب الظاهرة وما أشبهها ، فإنّ الغالب فى اسم الفاعل منهما أفعل ؛ نحو : أحمر ، وأصفر ، وأعمى ، وأعرج.

* * *

٥١٤

باب تبيين الحروف الزّوائد والأدلّة الّتى يتوصّل

بها إلى معرفة زيادتها

فحروف الزيادة عشرة ، يجمعها قولك : «أمان وتسهيل» والأدلة التى يتوصّل بها إلى معرفة الزائد من الأصلى تسعة ، وهى : الاشتقاق الأصغر / ، والتّصريف ، والكثرة ، ولزوم الحرف للزيادة ، ولزوم حرف الزيادة للبناء ، وكون الزّيادة لمعنى ، والنّظير والخروج عنه ، والدّخول فى أوسع البابين عند لزوم الخروج عن النّظير.

فالاشتقاق الأصغر : هو عقد تصاريف تركيب من تراكيب الكلمة على معنى واحد ؛ وذلك نحو ردّك ضاربا ، ومضاربا ، وضروبا ، وأمثال ذلك إلى معنى واحد ، وهو الضّرب.

ولا يدخل الاشتقاق فى سبعة أشياء ، وهى : الأسماء الأعجميّة ، كإسماعيل ، والأصوات ؛ نحو : غاق ، والحروف وما شبّه بها (١) من الأسماء المتوغّلة فى البناء ؛ نحو : من وما ، واللغات المتداخلة ؛ نحو : الجون للأسود والأبيض ، والأسماء النادرة ؛ كطوبالة ، اسم النّعجة ، والأسماء الخماسية ؛ نحو : سفرجل ، ويدخل فيما عدا ذلك.

والتصريف : تغيير صيغة الكلمة إلى صيغة أخرى ، وهو نوع من الاشتقاق ، إلا أنّه يخالفه فى أنّ الاستدلال بالتّصريف ، على أنّ الحرف زائد ، إنّما هو بالفرع على الأصل.

والاستدلال بالاشتقاق عكس ذلك ، فمثال الاستدلال بردّ الفرع إلى الأصل : استدلالنا على زيادة همزة أحمر ، بأنّه مأخوذ من الحمرة ، والحمرة هو الأصل الذى أخذ منه أحمر.

ومثال الاستدلال بردّ الأصل إلى الفرع : استدلالنا على زيادة ياء أيصر ، بقولهم فى جمعه ، أصار ، بحذف الياء ، فأصار فرع عن أيصر ؛ لأنّه جمعه ، وقد استدلّ به مع ذلك على زيادة يائه.

__________________

(١) في ط : شبهها.

٥١٥

ولا يدخل التصريف فى أربعة أشياء ، وهى : الأسماء الأعجمية ، والأصوات ، والحروف ، والأسماء المتوغّلة فى البناء ، ويدخل فيما عدا ذلك.

والكثرة : هى أن يكون الحرف فى موضع ما قد كثر وجوده زائدا فيما عرف له اشتقاق أو تصريف.

ويقلّ وجوده أصليّا فيه ؛ فينبغى أن يجعل زائدا إذا وقع فى ذلك الموضع ، فيما لا يعرف له اشتقاق ولا تصريف ، حملا على الأكثر ؛ نحو الهمزة ، وإذ وقعت أولا وبعدها ثلاثة أحرف ، فإنّها زائدة فيما عرف اشتقاقه ؛ نحو : أحمر ، وأصفر ، إلا ألفاظا يسيرة ، وهى : أرطى ، فى لغة من يقول : أديم مأروط ؛ فيثبت الهمزة ، وأيصر بدليل ثباتها فى «أصار» ، وأولق بدليل ثباتها فى : ألق ، ومألوق ، وأمعة ؛ لأنّها لو كانت زائدة ، لكان وزنها أفعلة ، وهى صفة ، وأفعلة / ليس من أبنية الصفات ، فشأنها فعلّة كذنّبة ، فإذا جاءت الهمزة فيما لا اشتقاق له ولا تصريف ، نحو : أفعل ، جعلت زائدة ، حملا على الأكثر.

ولزوم الحرف الزيادة ، هو أن يكون الحرف فى موضع ما قد لزم الزيادة فيما عرف له اشتقاق أو تصريف ، فإذا جاء ذلك الحرف فى ذلك الموضع فيما لا يعرف له اشتقاق ولا تصريف ، جعل زائدا حملا على نظيره ، وذلك نحو : النون إذا وقعت ثالثة ساكنة ، وبعدها حرفان ، وإن لم تكن مدغمة فيما بعدها ، فإنّها زائدة فيما عرف اشتقاقه ؛ نحو : «جحنفل» ؛ فإنّه من الججفلة ، وحبنطى ، للعظيم البطن ، لأنّك تقول : حبط بطنه ، أى : عظم ، فإذا جاءت فيما لا يعرف له اشتقاق ولا تصريف ، قضى عليها بالزيادة ؛ نحو : عبنقس.

ولزوم حروف الزيادة البناء ، مثاله لزوم النون فى حنطأو ، وكنتأو ، وسندأو ؛ فدلّ ذلك على أنها زائدة ، إذ لو كانت أصليّة ؛ لجاء (١) فى موضعها حرف من الحروف التى لا تزاد ؛ نحو «سردأو» مثلا ، فعدم مثل ذلك من كلامهم دليل على أنّ النون زائدة.

__________________

(١) في ط : كما.

٥١٦

وكون الزيادة لمعنى ؛ نحو حروف المضارعة وياء التصغير ؛ فإنّه لمجرّد (١) وجود الحرف يعطى معنى ينبغى أن يجعل زائدا ؛ لأنّه لم يوجد قطّ حرف أصلى فى الكلمة يعطى معنى.

والنّظير : هو أن يكون فى الكلمة حرف لا يمكن حمله إلا على أنّه زائد ، ثم يسمع فى تلك الكلمة لغة أخرى يحتمل الحرف فيها ، أن يحمل على الأصالة والزيادة ، فيقضى عليه بالزّيادة ؛ لثبوت زيادته فى اللغة الأخرى ، التى هى نظيرة هذه ، وذلك نحو «تنفل» ؛ فإنّ فيه لغتين ، فتح التاء الأولى وضم الفاء وضمّها مع الفاء ، فمن فتح التاء لا يمكن أن تكون عنده إلا زائدة ؛ إذ لو كانت أصليّة ، لكان وزن الكلمة : فعللا ، بضمّ اللام الأولى ، ولم يرد مثل ذلك فى كلامهم.

ومن ضمّها أمكن أن تكون عنده أصلية ؛ لأنه قد وجد فى كلامهم مثل : «فعلل» ، بضم الفاء واللام ؛ مثل : برثن ، إلا أنّه لا يقضى عليها إلا بالزيادة ؛ لثبوت زيادتها فى اللغة الأخرى.

والخروج عن النّظير ، وهو أنّ يكون الحرف إن قدّر زائدا ، كان للكلمة التى يكون فيها نظير ، وإن / قدّر أصلا ، لم يكن لها نظير أو بالعكس ؛ فإنّه ـ إذ ذاك ـ ينبغى أن يحمل على ما لا يؤدى إلى خروجها عن النّظير ؛ نحو : عزويت.

فإنّا إن جعلنا تاءه أصلية ، كان وزنه : فعويلا ، وليس من أبنية كلامهم ، وإن جعلناها زائدة ، كان وزنها : فعليتا ، وهو موجود فى كلامهم ؛ نحو : عفريت ؛ فقضينا من أجل ذلك عليها بالزيادة.

والدّخول فى أوسع البابين عند لزوم الخروج عن النّظير ، هو أن يكون فى اللفظ حرف واحد من حروف الزيادة ، إن جعلته أصليّا أو زائدا ، خرجت إلى بناء لم يستقرّ فى كلامهم ؛ فينبغى أن يحمل ما جاء من ذلك ، على أنّ الحرف فيه زائد ؛ لأنّ أبنية الأصول قليلة ، وأبنية المزيد كثيرة منتشرة ، فحمله على الباب الأوسع أولى ؛ وذلك نحو : كنهبل ، إن جعلت نونه أصلية ، كان وزنه «فعلّلا» ، وليس ذلك من أبنية كلامهم.

__________________

(١) في أ: بمجرد.

٥١٧

وإن جعلتها زائدة ، كان وزنه : «فنعللا» ، ولم يتقرّر ذلك أيضا فى أنية كلامهم ؛ بدليل قاطع من اشتقاق أو تصريف ؛ لكن حمله على أنه : «فنعلل» أولى لما ذكرنا.

فهذه جملة الأدلّة التى يتوصّل بها إلى تمييز الزائد من الأصلى.

* * *

٥١٨

ذكر النّوع الثّانى من التّصريف

باب الإدغام فى الكلمة الواحدة

الإدغام ، وهو رفعك اللسان بالحرفين رفعة واحدة ، ولا يكون إلا فى مثلين [أو] متقاربين ، فإذا اجتمع المتقاربان فى كلمة واحدة ، لم يجز إدغام أحدهما فى الآخر ؛ لما فى ذلك من الالتباس بإدغام المثلين ؛ ألا ترى أنك لو قلت فى : أنملة : أمّلة ، لم يدر هل الأصل أنملة أو أمملة ، إلا أن يكون المتقاربان الياء والواو وقد سبقت إحداهما بالسكون ، فإنك تدغم إحداهما فى الأخرى ، إلا أن الواو هى التى تقلب ياء ، تقدّمت أو تأخّرت ، نحو : ميت ، أصله : ميوت ، وشقىّ أصله : شقيو ، ما لم يمنع من ذلك مانع على ما نبيّن بعد (١) ، أو يكون بناء الكلمة مبيّنا أنّ الإدغام لا يمكن أن يكون من قبيل إدغام المثلين ؛ وذلك نحو : انفعل من المحو ، تقول فيه «امّحى» ؛ لأنّه قد علم أنه انمحى فى / الأصل ؛ إذ ليس فى كلامهم افّعل ، أو يكون أحد المتقاربين تاء افتعل أو تفاعل أو تفعّل ؛ ذلك نحو : تطيّر ، وتدارأ ، واختصم.

فأمّا تفعّل ، وتفاعل ، فتقلب فيهما التاء حرفا من جنس ما بعدها ، وتسكنه بسبب الإدغام ، وتجتلب همزة الوصل ؛ إذ لا يمكن الابتداء بساكن ، فتقول : اطير ، وادّارأ ، وفى المضارع : يطيّر ، ويدّارأ ، وفى اسم الفاعل : مطير ، ومدارىء ، وفى المصدر : اطيّر ، وادّارأ.

وأمّا افتعل ، فتقلب فيه التاء من جنس ما بعدها ، وتسكنها بنقل حركتها إلى ما قبلها ، ثم تدغم فتقول : خصم ، وإن شئت حذفت الحركة ولم تنقلها ، ثم تكسر فاء افتعل لالتقاء الساكنين ، فتقول : خصّم ، بكسر الخاء ، وإن شئت كسرت عين افتعل إتباعا لفائها ، فتقول : خصّم ، بكسر الخاء ، والصاد ، وتذهب ألف الوصل فى جميع ذلك ؛ لتحرك الفاء.

__________________

(١) م : باب الإدغام فى الكلمة الواحدة

قولى : «نحو ميت أصله ميوت وشقى أصله : شقيو ما لم يمنع من ذلك مانع ؛ على ما نبيّن بعد» أعنى أنك تقول : سويد وديوان ؛ فلا تدغم أحد حرفى العلة فى الآخر ؛ لعلة ستذكر بعد. أه.

٥١٩

وتقول على اللغة الأولى فى المضارع : يخصّم ، وفى اسم الفاعل : مخصّم ، بكسر الصاد فيهما ، وفى اسم المصدر : مخصّم ، بفتح الخاء والصاد.

وتقول على اللغة الثانية فى المضارع : يخصّم ، وفى اسم الفاعل : مخصّم ، بكسر الخاء والصّاد فيهما ، وفى المصدر مخصّم بكسر الخاء وفتح الصاد ، ومنهم من يكسر حرف المضارعة فى هذا الوجه إتباعا للخاء ، وتضمّ الخاء فى اسم الفاعل ، واسم المصدر فتقول : يخصّم ، ومخصم ، ومخصّم ، وتفعل فى الفعل المضارع واسم الفاعل على اللغة الثالثة ؛ مثل ما فعلت فيهما على اللغة الثانية.

وأمّا اسم المصدر فتقول فيه : مخصّم ، ومخصّم ؛ كما فعلت فى اسم الفاعل على اللغة الثانية.

واسم المفعول إن كان الفعل متعدّيا بمنزلة المصدر فى جميع ما ذكر ، والمسموع فى مصدره فعّل خاصة ، تقول : خطّف خطّفا ، وخصم خصّما ، وقرأ الحسن : (إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ) [الصافات : ١٠] فزاد فى المصدر هاء ، والقياس يقتضى أن تقول فى المصدر خصّاما بكسر الخاء وفتح الصاد على اللغة الأولى والثانية ، وقياسه على اللغة الثالثة : خصّم ، بكسر الخاء والصاد.

وما عدا ما ذكر لا يجوز فيه إدغام المتقاربين ، إلا ألفاظا شذّت تحفظ ولا يقاس عليها / ، وهى ستّ وودّ ، وعدان والأصل : سدس ، ووتد ، وعتدان.

وإذا اجتمع المثلان فى كلمة واحدة ، فإمّا أن يكونا حرفى علّة أو حرفين صحيحين.

فإن كان حرفى علّة ، فإمّا أن يكون الثانى ساكنا أو متحركا ، فإن كان ساكنا ، لم يجز الإدغام ؛ نحو : حييت ، وأحييت.

وإن كان متحركا ، فلا يخلو أن يكون ما قبله مفتوحا أو غير مفتوح ، فإن كان مفتوحا ، قلبته ألفا ؛ نحو : أحيا ، واستحيا ، وإن كان غير مفتوح ، فلا تخلو حركة الثانى من المثلين من أن تكون إعرابا ، أو غير إعراب ، فإن كانت إعرابا ، لم تدغم ، نحو : لن يحيى ، ورأيت محييا ، وإن كانت لغير إعراب ، فإما أن تكون متطرفة أو غير متطرفة ، فإن كانت متطرّفة ، جاز الإظهار والإدغام ، نحو : حيى ، وحىّ ، وحيى ، وحىّ.

٥٢٠