المقرِّب ومعه مُثُل المقرِّب

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »

المقرِّب ومعه مُثُل المقرِّب

المؤلف:

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »


المحقق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-0067-X
الصفحات: ٦٤٨

تكون فيه منصوبا منونا ، أبدل من التنوين ألفا (١) ؛ فيقول : تمرنا.

وأمّا التاء التى فى جمع آخر المؤنث السالم ، نحو : هندات ، فتجرى فى الوقف مجرى غيرها من الحروف الصّحاح.

فأما ما حكاه قطرب من قول بعضهم : كيف الإخوه ، والأخواه؟ ، بإبدالها هاء ـ فقليل جدّا.

وإن لم تكن فيه تاء التأنيث :

فإمّا أن يكون صحيح الآخر أو مهموزه أو معتلّه ، فإن كان صحيحه ؛ فإمّا أن يكون منونا أو غير منوّن :

فإن كان منوّنا : جاز فى الوقف عليه فى حال النّصب ثلاثة أوجه :

أحدها : إبدال التنوين ألفا (٢).

والآخر : إبدال همزة ساكنة من الألف المبدلة من التنوين (٣).

والثالث : حذف التنوين وتسكين الآخر ؛ وعلى ذلك قوله : [من الخفيف]

٢٥٣ ـ

شئز جنبى كأنّى مهدأ

جعل القين على الدّفّ إبر (٤)

__________________

(١) م : وقولى : «وبعض المقرين لها إذا كان الاسم الذى تكون فيه منصوبا منونا أبدل من التنوين ألفا ومن ذلك قوله : [من المتقارب]

 .............

فيا حسن شملتها شملتا

[البيت بلا نسبة فى الدرر ٦ / ٢٩٥ ، واللسان (شمل) ، (بقم) وهمع الهوامع ٢ / ٢٠٥] أه.

(٢) م : وقولى : «أحدها إبدال التنوين ألفا» مثال ذلك : رأيت رجلا. أه.

(٣) م : وقولى : «والآخر إبدال همزة ساكنة من الألف المبدلة من التنوين» مثال ذلك : رأيت رجلا. أه.

(٤) البيت : لعدي بن زيد.

الشاهد فيه قوله : «إبر» والأصل : إبرا ، فحذف الشاعر الألف عند الوقف وذلك على لغة بعض العرب.

ينظر : ديوانه ص ٥٩ ، وإصلاح المنطق ص ١٥٦ ، ولسان العرب (هدأ) ، وبلا نسبة في الخصائص ٢ / ٩٧ ، ورصف المباني ص ٣٥ ، وسرّ صناعة الإعراب ٢ / ٤٧٧ ، ٦٧٦ ، وشرح المفصّل ٩ / ٦٩.

٤٢١

وفي حال الرفع إن كان ما قبل الآخر متحرّكا خمسة أوجه (١) : حذف التنوين ، وتسكين الآخر ، ثم الإشمام ، وهو : ضم الشّفتين من غير صوت ، ثم الرّوم ، وهو تضعيف الصوت بالحركة ، ثم إبدال التنوين واوا ، ثم تضعيف آخره وتسكينه.

وإن كان ما قبل الآخر ساكنا معتلا (٢) ، جاز فيه جميع ما جاز فى المرفوع الذى قبل آخره متحرّك إلا التضعيف.

وإن كان ما قبل الآخر ساكنا صحيحا ، جاز فيه نقل الضّمّة من آخره إلى الساكن قبله ، أو تسكين الآخر ، وتحريك الساكن بحركة مثل حركة ما قبله إذا أدى النقل إلى بناء غير موجود ، فتقول : هذا بكر ، وهذا بسر ، وهذا بشر ، بكسر الشين ، ولا يجوز النقل ؛ لأنّ «فعلا» ليس من أبنية كلامهم ويجوز فيه ـ أيضا ـ جميع ما جاز فى المرفوع الذى قبل آخره متحرك إلا التضعيف (٣).

والمخفوض المنوّن (٤) إن كان ما قبل آخره متحرّكا أو ساكنا صحيحا أو معتلا بمنزلة المرفوع فى جميع ما ذكر ، إلا الإشمام ؛ فإنّه لا يتصوّر فى المخفوض.

وإن كان غير منوّن ، فإن المرفوع منه والمخفوض بمنزلة المرفوع ، والمخفوض المنوّن (٥) فى جميع ما ذكر ، إلا الإبدال ، فإنّه ليس فى آخره تنوين فتبدل منه واوا في الرفع أو ياء فى الخفض.

__________________

(١) م : وقولى : «وفى حال الرفع إن كان ما قبل الآخر متحركا خمسة أوجه ...» إلى آخره مثال السكون : قام جعفر ، ومثال الإشمام : قام جعفر ، ومثال الروم : قام جعفر ، ومثال إبدال التنوين واوا : قام جعفرو ، ومثال التضعيف : قام جعفرّ. أه.

(٢) م : وقولى : «وإن كان ما قبل الآخر ساكنا معتلا ...» إلى آخره ، مثال التسكين : قام زيد ، ومثال الاشمام : قام زيد ، ومثال الروم : قام زيد ، ومثال إبدال التنوين واوا : قام زيدو. أه.

(٣) م : وقولى : «ويجوز فيه أيضا جميع ما جاز فى المرفوع الذى قبل آخره متحرك إلا التضعيف» ومثال التسكين : قام بكر ، ومثال الإشمام : قام بكر ، ومثال الروم : قام بكر ، ومثال إبدال التنوين واوا : قام بكرو. أه.

(٤) م : وقولى : «والمخفوض المنون ...» إلى آخره أعنى : أنه لا يجوز فى مثل : مررت بجعفر ، ومررت ببكر ، الإشمام ، ويجوز ما عدا ذلك من الوجوه المذكورة فى حال الرفع. أه.

(٥) م : وقولى : «وإن كان غير منون فإن المرفوع منه والمخفوض بمنزلة المرفوع والمخفوض المنون ...» إلى آخره أعنى : أنه يجوز فى الوقف على الرجل من قولك : قام الرجل ، ومررت بالرجل ، ما كان يجوز فى الوقف على «جعفر» من قولك : قام جعفر ، ومررت بجعفر ، إلا البدل ، وفى الوقف على البسر من قولك : طاب البسر ، ومررت بالبسر ،

٤٢٢

وأمّا المنصوب : فيجوز فيه الإسكان والرّوم خاصّة إن لم يكن ما قبل آخره متحرّكا (١) ، وهما والتضعيف إن كان ما قبله متحرّكا / (٢) ، وسمع بعضهم يقول : «أعطنى أبيضّه» بإلحاق الهاء بعد التضعيف.

وإن كان مهموز الآخر :

فإن كان ما قبل الآخر ساكنا : فإمّا أن يكون حرف علّة ، أو حرفا صحيحا.

فإن كان حرف علّة ، فالوقف عليه كالوقف على نظيره من الصحيح (٣).

وإن كان حرف صحّة : فإنّ الوقف عليه كالوقف على مثله من الصحيح الآخر (٤) ، إلا أنّك تنقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها فى المرفوع والمخفوض والمنصوب غير المنوّن.

وإن أدّى ذلك إلى بناء غير موجود بخلاف الصحيح ، وتثبت الهمزة ، فتقول : هذا ردؤ ، وخبؤ ، وبطؤ ، ومررت بردئ ، وخبئ ، ومن البطئ ، ورأيت الرّدأ والخبأ ، والبطأ.

وإن شئت أبدلت (٥) الهمزة فى جميع ذلك حرفا من جنس الحركة التى قبلها.

ومنهم من يسكّن الآخر ويحرّك الساكن الذى قبل الهمزة بحركة ما قبله فى جميع الأحوال ، فيقول : هو الرّدئ ورأيت الرّدئ ، ومررت بالردئ ، وهو البطؤ ، ورأيت البطؤ ، ومررت بالبطؤ.

وذلك إذا كان النقل يؤدى إلى بناء غير موجود في حال من أحوال الاسم ؛ ألا تري

__________________

ما كان يجوز فى الوقف على «بكر» من قولك : قام بكر ، ومررت ببكر ، إلا البدل ، وإنما لم يجز البدل فى شىء من ذلك ؛ للعلة التى ذكرت فى الكتاب. أه.

(١) م : وقولى : «وأما المنصوب ، فيجوز فيه الإسكان والروم خاصة إن لم يكن ما قبل آخره متحركا» مثال الإسكان : رأيت البسر وأدأبت السّير ، ومثال الروم : رأيت البسر وأدأبت السّير. أه.

(٢) م : وقولى : «وهما والتضعيف إن كان ما قبله متحركا» مثال الإسكان قولك : رأيت الرجل ، ومثال الروم قولك : رأيت الرجل ، ومثال التضعيف قولك : رأيت الرجل. أه.

(٣) م : وقولى : «فإن كان حرف علة فالوقف عليه كالوقف على نظيره من الصحيح» أعنى : أن الوقف على شىء وضوء فى جميع أحواله ، كالوقف على عين وعون فى جميع أحواله والوقف على برىء ووضوء ؛ كالوقف على شريف وقطوف فى جميع الأحوال. أه.

(٤) م : وقولى : «وإن كان حرفا صحيحا ، كان الوقف عليه كالوقف على نظيره من الصحيح» أعنى : أن الوقف على رد وحب وبط ؛ كالوقف على عدل وبكر وبسر ، إلا فيما استثنى. أه.

(٥) في أ: قلبت

٤٢٣

أنّ النقل فى : «ردئ» فى حال الرفع ، و «بطؤ» فى حالة الخفض يؤدّى إلى بناء غير موجود فى الأسماء.

فأمّا «خبؤ» وأمثاله ، فلا يكون فيه إلا الإتباع ؛ لأنّ النقل فيه لا يؤدّى إلى بناء غير موجود فى حال من الأحوال ، ومن العرب من يبدل من الهمزة فى جميع ذلك واوا فى الرفع وياء فى الخفض ، وألفا فى النّصب ؛ فيقول : هذا الوثو ، ومن الوثى ، ورأيت الوثا ، فيفتح الساكن بسبب الألف.

وإن كان ما قبل الهمزة متحركا (١) ، كان الوقف عليه كالوقف على نظيره من الصحيح إلا في شيئين :

أحدهما : امتناع التضعيف.

والآخر : أنه يجوز لك أن تبدل من الهمزة واوا فى الرفع ، وياء فى الخفض ، وألفا فى النّصب ، فتقول : هذا الكلو ، ومررت بالكلى ، ورأيت الكلا.

هذا وقف الذين يحقّقون الهمزة.

وأمّا الذين يخفّفونها ، فإن كان ما قبلها حركة ، أبدلت منها إذا سكنت حرفا من جنس حركة ما قبلها ، فتقول : الكلا ، فى الأحوال الثلاثة بالألف ، وهذه أكمو بالواو / (٢).

وإن كان ما قبلها ساكنا ، فخفّتها بحذفها وإلقاء حركتها على الساكن قبلها (٣) ؛ فإنّه يلزم الحرف الذى ألقيت عليه الحركة ما يلزم غير المعتلّ من الإسكان والإشمام وروم الحركة والتضعيف والإبدال من التنوين.

وإن كان معتلّ الآخر : فإمّا أن يكون آخره ألفا أو واوا أو ياء :

__________________

(١) م : وقولى : «وإن كان ما قبل الهمزة متحركا ...» إلى آخره مثال ذلك : رشأ ، الوقف عليه فى جميع الأحوال ، منونا كان أو غير منون ، كالوقف على «رجل» إلا فيما اسثنى. أه.

(٢) زاد في أ: وهي بالياء.

(٣) م : وقولى : «وإن كان ما قبلها ساكنا فخفّتها بحذفها وإلقاء حركتها على الساكن ...» إلى آخره مثال ذلك : خب ورد وبط ، فى تخفيف : خبء وردء وبطء ، يقف عليها فى جميع الأحوال ؛ كما يقف على جعفر ، وتقف عليها إن لم تكن منونة ؛ نحو : الخب والرد والبط ، كما تقف على الرجل فى جميع الأحوال ، وقد تقدم تمثيل ذلك. أه.

٤٢٤

فإن كان آخره ألفا ، وقفت عليه بها (١) ، إلّا أن الألف من الاسم المنصرف فى حال النّصب مبدلة من التنوين ، وفي حال الرفع والخفض ألف الأصل والألف فى الوقف على غير المنوّن هى التى كانت فى الوصل (٢) ، وبعض العرب يبدل منها ياء ، فيقول : أعمى ، وفتى ، وبعضهم يبدل منها واوا ، فيقول : أعمو ، وبعضهم يبدلها همزة فيقول : حبلأ.

ولا يجوز حذف الألف وتسكين ما قبلها إلّا فى ضرورة ، نحو قوله [من الرمل] :

٢٥٤ ـ ...................

رهط مرجوم ورهط ابن المعل (٣)

وإن كان آخره ياء أو واوا ، فإن كان ما قبلها ساكنا ؛ نحو : ظبى ، وتميمىّ ، وغزو ، فالوقف عليه كالوقف على نظيره من الصحيح (٤) ، إلّا أنّ ناسا من العرب يبدلون من الياء فى الوقف إذا كانت مشدّدة جيما ؛ ومن ذلك قوله [من الرجز] :

 ٢٥٥ ـ ...................

خالى عويف وأبو علجّ (٥)

__________________

(١) م : وقولى : «فإن كان آخره ألفا ، وقفت عليه بها» أعنى بالألف ، فتقول فى رحى وعصا : رحى وعصا. أه.

(٢) م : وقولى : «والألف فى الوقف على غير المنون هى التى كانت فى الوصل» مثال ذلك : حبلى وأعمى والعصى. أه.

(٣) عجز بيت للبيد بن ربيعة. وصدره :

وقبيل من لكيز شاهد

 ...........

والشاهد فيه قوله : «ابن المعل» يريد : ابن المعلّى ، فحذف الألف المقصورة وسكن ما قبلها للضرورة الشعريّة ، وهذا من أقبح الضرورات.

ينظر : ديوانه ص ١٩٩ ، والأشباه والنظائر ١ / ٢٧٢ ، والخصائص ٢ / ٢٩٣ ، والدرر ٦ / ٢٤٥ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٣٢٠ ، وشرح شواهد الشافية ص ٢٠٧ ، والكتاب ٤ / ١٨٨ ، ولسان العرب (رجم) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥٤٨ ، والممتع في التصريف ٢ / ٦٢٢ ، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٤٦٦ ، والدرر ٦ / ٢٩٨ ، ورصف المباني ص ٣٦ ، وسرّ صناعة الإعراب ٢ / ٥٢٢ ، ٧٢٨ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٢ / ٢٨٥ ، ٣٠٣ ، ٣٠٨ ، والمحتسب ١ / ٣٤٢ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٥٧.

(٤) م : وقولى : «نحو ظبى وتميمى وغزو فالوقف عليه كالوقف على نظيره من الصحيح» أعنى : أنك تقف على ظبى وغزو كما تقف على بكر ، وعلى تميمى كالذى تقف على سعيد. أه.

(٥) البيت بلا نسبة.

٤٢٥

وإن كان ما قبلها متحرّكا ، وكانا فى فعل ، فالوقف عليه بإثباتهما ساكنين ، نحو : يغزو ، ويرمى ، إلا ما شذّ من قولهم : لا أدر ، وما أدر ، بحذف الياء والتسكين.

وإن كانت الياء المتحرك ما قبلها آخر اسم ، فإنّ الاسم إن كان منوّنا ، وقف عليه فى الرفع والجرّ بحذف التنوين والسكون ؛ نحو قولك : هذا قاض ، ومررت بقاض.

وقوم من العرب إذا حذفوا التنوين ، ردّوا إليه المحذوف ؛ فيقولون : هذا قاضى ، ومررت بقاضى.

وفى حالة النّصب بإبدال ألف من التنوين ؛ فتقول : رأيت قاضيا.

وإن كان غير منوّن ، فالوقف عليه بإثبات الياء ؛ نحو قولك : هذا القاضى ، ومررت بالقاضى ، ورأيت القاضى.

ومنهم من يحذفها ويسكّن الآخر فى الرفع والجر ، فيقول : هذا القاض ، ومررت بالقاض.

وأكثر ما يفعل ذلك فى القوافى والفواصل ؛ نحو قوله تعالى : (الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ) [الرعد : ٩] [إلا مريا] (١) اسم الفاعل من : أرى ؛ فإنه لا يجوز فيه إلا إثبات الياء ، والمنادى المقبل عليه من ذلك يجرى مجرى الاسم المرفوع غير / المنوّن ، فتقول : يا قاضى ، وإن شئت : يا قاض.

وكذلك «جوار» وأمثاله فى حال الرفع والخفض بمنزلة قاض فى الحالتين ، وفى النصب بمنزلة القاضى فى حال النّصب.

وإن كان الموقوف عليه مبنيّا ، فإمّا أن يكون محذوفا من آخره شىء ، أو لا يكون :

__________________

فى : أوضح المسالك ٤ / ٣٧٢ ، وجمهرة اللغة ص ٤٢ ، ٢٤٢ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ١٧٥ ، وشرح الأشموني ٣ / ٨٢١ ، وشرح التصريح ٢ / ٣٦٧ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٢ / ٢٨٧ ، وشرح شواهد الشافية ص ٢١٢ ، وشرح المفصل ٩ / ٧٤ ، ١٠ / ٥٥ ، والصاحبي في فقه اللغة ص ٥٥ ، والكتاب ٤ / ١٨٢ ، ولسان العرب (عجج) (شجر) ، والمحتسب ١ / ٧٥ والممتع في التصريف ١ / ٣٥٣ ، والمنصف ٢ / ١٧٨ ، ٣ / ٧٩.

والشاهد فيه : قوله «أبو علج» أى «أبو على» وأبدلت الياء المشددة جيما ، فى الوقف ، وهى لغة بعض العرب.

(١) سقط في ط.

٤٢٦

فإن كان : فإمّا أن يبقى بعد الحذف حرف واحد أو أزيد.

فإن بقى منه أزيد ، جاز فيه وجهان :

أحسنهما : إلحاق هاء السّكت ؛ نحو قولك : يا طلحه ، فى الوقف على لغة من رخّم ، واغزه ، وارمه ، واخشه.

والآخر السكون ؛ فتقول : يا طلح ، واغز ، وارم [واخش] (١).

ومن العرب من يلحق الهاء فى : اغز وبابه بعد ما يسكن الآخر ، ثم يحرّكه بالكسر لالتقائه ساكنا مع الهاء ، فيقول : اغزه ، بكسر الزاى.

حكى ذلك أبو الخطّاب (٢) عن العرب.

وإن لم يبق منه إلا حرف واحد :

فإن كان فعلا ، لم يجز فيه إلّا إلحاق الهاء ؛ نحو قولك : قه ، وإن كان اسما ؛ نحو : ما الاستفهاميّة إذا دخل عليها خافض : فإن كان الخافض حرفا ، جاز فيه وجهان :

أحسنهما : إلحاق هاء السّكت والآخر : التّسكين ؛ فتقول : بمه ، وبم.

وإن كان اسما ، لم يجز فيه إلا إلحاق الهاء ، فتقول : مثل مه ، ومجىء مه (٣).

وإن كان غير محذوف : فإمّا أن يكون آخره ساكنا أو متحرّكا :

فإن كان آخره ساكنا : فإن كان الساكن صحيحا ، أبقيته فى الوقف على ما كان عليه فى الوصل ؛ نحو : من ، وكم ، إلا أن يكون الساكن نون «إذن» ؛ فإنّك تبدل منها ألفا ، أو النون الخفيفة التى تلحق الأفعال للتأكيد ، فإنّك تبدل منها ألفا إن كان قبلها فتحة فتقول : اضربا ، وهل تضربا؟ فى الوقف على : اضربن ، وهل تضربن؟

وإن كان قبلها كسرة أو ضمّة حذفتها وزدتّ ما كنت حذفته بسببها ، فتقول فى

__________________

(١) سقط في ط.

(٢) أبو الخطاب ، عبد الحميد بن عبد المجيد ، مولى قيس بن ثعلبة ، الأخفش الأكبر : من كبار العلماء بالعربية. لقى الأعراب وأخذ عنهم ، وهو أول من فسّر الشعر تحت كل بيت ، وما كان الناس يعرفون ذلك قبله ، وإنما كانوا إذا فرغوا من القصيدة فسروها.

ينظر : بغية الوعاة / ٢٩٦ ، وإنباه الرواة ٢ / ١٥٧ ، الأعلام ٣ / ٢٨٨.

(٣) في ط زيادة : أولى.

٤٢٧

الوقف على اضربن ، وهل تضربن؟ واضربن ، وهل تضربن؟ : اضربى ، وهل تضربين ، واضربوا ، وهل تضربون؟

فترد النون التى هى علامة الرفع ؛ لزوال موجب حذفها ، وتقول فى الوقف على : اخشون : اخشوا ؛ لأنّه لم يحذف بسبب النون شئ ، فيرجع عند حذفها.

وإن كان حرف علّة : فإمّا أن يكون ياء أو واوا أو ألفا.

فإن كان ألفا ، جاز فيه إن لم يكن آخر فعل ثلاثة أوجه :

إثباته على ما كان عليه فى الوصل ؛ فتقول : يضربها ، وههنا.

وإبداله همزة ، وإلحاق هاء السكت فتقول : هاهنأه ، فأمّا إبدالهم من ألف : «هنا» هاء فى السكت ، فشاذّ لا يقاس عليه /.

قال [من الرجز] :

٢٥٦ ـ قد وردت من أمكنة

من ههنا ومن هنه (١)

إلا أن يكون الألف علامة ندبة ، فلا يجوز إلا إلحاق هاء السكت ؛ نحو قولك : يا زيداه ، وإن كانت آخر فعل ، جاز فيها خمسة أوجه :

الثلاثة المتقدّمة وإبدالها واوا أو ياء ؛ نحو قوله [من الرجز] :

٢٥٧ ـ تبشّرى بالرفه والماء الرّوىّ

وفرج منك قريب قد أتى (٢)

وإن كان واوا أو ياء ، فإن كانا علامتى ندبة ، لزمتهما الهاء فى الوقف ، نحو قولك : «يا غلامهوه» (٣) و «يا ذهاب غلامهيه (٤)».

__________________

(١) البيت بلا نسبة.

فى : الدرر (١ / ٢٤٢ ، ٢ / ٢١٤) ، رصف المباني (١٦٣) ، سر صناعة الإعراب (١ / ١٦٣) ، شرح الأشموني (٢ / ٨٧٦) ، شرح شواهد الشافية (٤٧٦) ، شرح المفصل (٣ / ١٣٨) ، (٤ / ٦ ، ٩ / ٨١ ، ١٠ / ٤٢ ، ٤٣) ، المحتسب (١ / ٢٧٧) ، الممتع في التصريف (١ / ٤٠٠) المنصف (٢ / ١٥٦) ، همع الهوامع (١ / ٧٨ ، ٢ / ١٥٧).

والشاهد فيه : قوله : «هنه» يريد : «هنا» فأبدل الألف هاء في الوقف.

(٢) البيت بلا نسبة فى : المنصف ١ / ١٦٠ ، لسان العرب (روى) ، وتاج العروس (روى) ، والمخصص ١٥ / ١٥١.

والشاهد فيه قوله : «أتى» ، يريد : أتى ، فأبدل الألف ياء عند الوقف على لغة.

(٣) في أ: يا غلام هوه.

(٤) في أ: يا هداب غلام هيه.

٤٢٨

وإن كانا صلتين بالضمير ، لم يجز فيهما إلا الحذف وتسكين ما قبلهما نحو : به ، وله ، ولهم ، وعليهم ، وما عدا ذلك يثبتان فيه فى الوقف ؛ نحو : ظلموا ، واخشى ، واخشوا ، إلا أن تكون الياء ضمير المتكلّم ، وقبلها كسرة ؛ فإنّه يجوز لك فيها وجهان :

أحسنهما : إثباتها ، فتقول : غلامى ، وإنى.

والآخر : حذفها وتسكين ما قبلها ؛ تشبيها لها بالقاضى وأمثاله ؛ فتقول : إن وأكرمن ، قال النابغة : [من الوافر]

٢٥٨ ـ وهم وردوا الجفار على تميم

وهم أصحاب يوم عكاظ إن (١)

يريد : إنّى.

وقد شذّوا فى : يا هذى ، فأبدلوها هاء فى الوقف ، فقالوا : هذه.

ومنهم من أجرى الوصل مجرى الوقف ، فقال : هذه قائمة ، بهاء ساكنة ؛ كما أنّ بعضهم قال فى : أفعى أفعى ، فى الوصل فأجراه مجرى الوقف ، ومنهم من يقول فى الوصل : هذهى قائمة ، بياء ساكنة بعد الهاء.

فإذا وقفت على هذه اللغة ، حذفت الياء وسكّنت ما قبلها ؛ لأنّها صلة ؛ كالتى تلحق هاء الضمير فى نحو : مررت به.

وإن كان آخر المبنى متحرّكا ، فإن كان الآخر هاء الضمير ، نحو : رماه ، وغزاه ، وقفت عليه بالسكون ، ويجوز نقل حركة الضمير إلى الساكن قبله إن كان حرفا صحيحا ، فتقول : ضربته ، ومنه ، وعنه.

قال أبو النجم (٢) [من الرجز] :

__________________

(١) الشاهد فيه قوله : «إن» يريد : «إني» فحذف الياء للوقف ، والرواية في الديوان إني ، ولا شاهد فيه.

ينظر : ديوانه ص ١٢٧ ، سمط اللآلي ص ٦٧٨ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٣٥ ، والكتاب ٤ / ١٨٦ ، ولسان العرب (ضمن).

(٢) الفضل بن قدامة العجلي ، أبو النجم ، من بني بكر بن وائل : من أكابر الرجّاز ، ومن أحسن الناس إنشادا للشعر ، نبغ في العصر الأموي ، وكان يحضر مجالس عبد الملك بن مروان ، وولده هشام. قال أبو عمرو بن العلاء : كان ينزل سواد الكوفة ، وهو أبلغ من العجاج في النعت. توفى سنة ١٣٠ ه‍.

ينظر : الأغاني ١٠ / ١٥٠ ، سمط اللآلي ٣٢٨ ، الشعر والشعراء ٢٣٢ ، الأعلام ٥ / ١٥١.

٤٢٩

٢٥٩ ـ

فقرّبا هذا وهذا أزحله (١)

ومنهم من يسكن الهاء ، ويكسر الساكن الذى قبلها لالتقاء الساكنين ، فيقول : ضربته ، وأخذته.

وإن لم يكن الآخر هاء الضمير ، جاز في الوقف عليه مثل ما جاز فى نظيره من العرب ، وإن شئت مع / ذلك ألحقته «هاء» السكت بيانا للحركة ، فتقول : هوه ، وهيه ، وضربتنّه.

وقد ألحقت الألف لبيان الحركة فى موضعين :

أحدهما : حيهل ، قالوا : حيهلا.

والآخر : أنا ، تقول : أن فعلت كذا فى الوصل بحذف الألف ، فإذا وقفت ، ألحقت الألف ، فقلت : أنا ؛ ومنهم من يقول : حيهله وأنه.

ومن كلامهم : «هكذا قصدى أنه» إلا أن نون أنا يلزمها البيان ، ولا يجوز إسكانها ، وقول الشاعر [من المتقارب] :

٢٦٠ ـ فكيف أنا وانتحالى القواف

ى بعد المشيب ، كفى ذاك عارا (٢)

بإثبات الألف فى الوصل من إجراء الوصل مجرى الوقف ضرورة.

__________________

(١) أزحله إزحالا : أبعده. قالوا : ومنه سمى زحل لبعده.

الشاهد فيه : نقل حركة هاء «أزحله» إلى اللام قبلها ، ليكون أبين للهاء في الوقف لأن مجيئها ساكنة بعد ساكن أخفى لها.

ينظر الكتاب ٤ / ١٨٠ ، شرح المفصل ٩ / ٧١ ، ٧٢.

(٢) البيت للأعشي.

والشاهد فيه إشباع فتحة النون في «أنا» ، أي إثبات الألف ، وليس بعدها همزة ، وذلك للضرورة الشعريّة.

ينظر : ديوانه ص ١٠٣ ، وتخليص الشواهد ص ١٠٣ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٧٠٩ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٧٣ ، ولسان العرب (نحل) ، وبلا نسبة في رصف المباني ١٤ ، ٤٠٣ ، وشرح المفصل ٤ / ٤٥.

٤٣٠

باب الهمزة التى تكون آخر الكلمة

إذا التقت مع همزة من كلمة أخرى

إذا اجتمعت الهمزتان على ما ذكرنا ؛ فإنّ أهل التحقيق للهمزة الواحدة يخففون إحداهما : إمّا الأولى ، وإمّا الثانية على قياس تخفيفها لو أفردت ، ويحقّقون الأخرى فيقولون : (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) [محمد : ١٨] بجعل الهمزة الأولى بينها وبين الألف ، وتحقق الثانية ، أو بتحقيق الأولى ، وجعل الثانية بينها وبين الألف.

وأمّا الذين يخفّفون الهمزة الواحدة ، وهم الحجازيون ، فإنّهم يخفّفون الهمزتين على قياس تخفيف كلّ واحدة منهما لو انفردت ، فيقولون : أقرى ياك السّلام ، بإبدال الأولى ياء وحذف الثانية بعد جعل حركتها على الياء.

وسنذكر قياس تخفيف الهمزة المفردة فى موضعه إن شاء الله.

* * *

٤٣١

ذكر الأحكام الّتى تكون للكلم قبل تركيبها

وقد كان ينبغى أن يقدّم ذكر هذ النّوع من الأحكام على غيره إذ أحكام الشىء فى نفسه قبل أن يتركب مقدّمة على أحكامه التى تكون له فى حين التركيب.

إلا أنّ النحويين جرت عادتهم بتأخيرها لغموضها ودقّتها ، فجعل ما تقدّم من ذكر الأحكام التركيبية توطئة لفهمها.

وهذه الأحكام منها ما / يلحق الكلم من أولها.

ومنها ما يلحقها من آخرها وبعد كمالها.

ومنها ما يلحقها فى أنفسها.

فالذى يلحقها من أولها همزة الوصل ، والذى يلحقها من آخرها علامة التثنية وجمع السلامة وياء النّسب وتاء التّأنيث والنون الشديدة والخفيفة ، والتى تلحقها فى أنفسها الأحكام التصريفيّة.

* * *

٤٣٢

باب همزة الوصل

وهى كلّ همزة تثبت ابتداء ليتوصّل بها إلى النّطق بالسّاكن وتحذف درجا ، وتكون في الاسم والفعل والحرف.

فأمّا الحرف : فلم تدخل منه إلا على لام التعريف ؛ نحو : الرّجل والغلام.

وتكون معها مفتوحة.

وأمّا الفعل : فلا توجد إلا فى ضربين منه ، الماضى والأمر ، بغير لام.

فالماضى تلحق منه اثنى عشر بناء ، وهى : انفعل ؛ كانطلق ، وافتعل ؛ كاقتدر ، وافعلّ ، كاحمرّ ، وافعالّ ؛ كاحمارّ ، وافعنلل كاقعنسس ، واحرنجم ، وافعنلى كاسلنقى ، وافعوعل كاغدودن ، وافعوّل كاعلوّط ، واستفعل كاستخرج ، وافعللّ ، كاقشعرّ ، وتفاعل وتفعلّ ، إذا أدغمت التاء منهما فيما بعدها ؛ نحو : اطّاير واطيّر ، والأصل : تطاير وتطيّر.

وتكون فى جميع ذلك مكسورة إذا بنى للفاعل ، ومضمومة إذا بنى للمفعول. والأمر بغير لام تلحق منه ما كان من مثال من الأمثلة المتقدّمة الذكر (١) ، وتكون مكسورة ، أو ما كان من فعل على ثلاثة أحرف ، يكون ثانى المضارع منه ساكنا ؛ نحو : يضرب ، ويذهب ، ويقتل ، وتكون مضمومة (٢) إن كان الثالث منه مضموما ضمّة لازمة ؛ نحو اضرب ، واذهب ، واقتل ، ولا يلتفت إلى كسر الثالث ولا إلى ضمّه فى : تغزين ، وترمون ، لأنّهما غير لازمين ؛ بل تقول : اغزى ، بالضّمّ ، وارموا بالكسر.

وأمّا الاسم فلا توجد (٣) منه إلا فى اثنين واثنتين ، وفى اسم ، وابن ، وابنة ، وامرئ ، وامرأة ، وابنم ، واست وتثنيتهما ، وفى : ايمن الله ، فى القسم ، وفى كلّ

__________________

(١) م : باب همزة الوصل قولى : «والأمر بغير لام تلحق منه ما كان من مثال من الأمثلة المتقدمة الذكر» ؛ مثال ذلك : انطلق ، اقتدر ، احمر ، احمار ، اقعنسس ، اسلنق ، اغدودن ، اعلوط ، استخرج ،.

اقشعر ، اطّاير ، اطّير ، قال الكسائى ـ رحمه الله ـ سمعت أعرابيا يقول : إنى لحاج إلى بيت الله أطّهّر به أطهرة. أه.

(٢) فى ط : مكسورة.

(٣) في أ: توجد وينظر.

٤٣٣

مصدر جاء على فعل من الأفعال التى فى أوّلها همزة وصل (١) ، وتكون فى جميع ذلك مكسورة إلا فى : ايمن / ؛ فإنها لا تكون فيه إلا مفتوحة.

* * *

__________________

(١) م : وقولى : «وفى كل مصدر جاء على فعل من الأفعال التى فى أولها همزة وصل» مثال ذلك : انطلاق احمرار اقتدار احميرار اقعنساس اسلنقاء اغديدان اعلواط استخراج اقشعرار اطّاير اطّير. أه.

٤٣٤

باب التّثنية وجمع السّلامة

التثنية ضمّ اسم نكرة إلى مثله بشرط اتفاق اللفظين والمعنيين ، أو المعنى الموجب للتّسمية ، فإذا اختلف الاسمان فى اللفظ ، لم يثنيا إلا أن يغلّب أحدهما على الآخر ، فيتفقا ؛ وذلك موقوف على السّماع ؛ نحو : العمرين فى : أبى بكر وعمر (١) ، رضى الله عنهما ، والقمرين فى : الشّمس والقمر ، والعجّاجين فى رؤبة (٢) والعجّاج (٣) ، والزّهدمين (٤) فى : زهدم ، وكردم ، ابنى عبس.

__________________

(١) عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزّى العدوي ، أبو حفص ، المدني ، أحد فقهاء الصحابة ، ثاني الخلفاء الراشدين ، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة ، وأول من سمّى أمير المؤمنين ، له خمسمائة وتسعة وثلاثون حديثا. شهد بدرا ، والمشاهد إلا تبوك ، وولى أمر الأمة بعد أبي بكر ، فتح في أيامه عدة أمصار. أسلم بعد أربعين رجلا ، وروى مرفوعا : «إنّ الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه» له مناقب جمّة. توفى في آخر سنة ٢٣ ه‍.

ينظر : فضائل الصحابة ١ / ٢٤٤ ، ٢٤٥ ، الاستيعاب ٣ / ١١٤٤ ، أسد الغابة ٤ / ٥٣ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٤٣٨ ـ ٤٤١ ، الإصابة ترجمة (٥٧٣٦).

(٢) رؤبة بن عبد الله العجاج بن رؤبة التميمي السعدي ، أبو الجحاف ، أو أبو محمد : راجز من الفصحاء المشهورين ، من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية. كان أكثر مقامه في البصرة ، وأخذ عنه أعيان أهل اللغة ، وكانوا يحتجون بشعره ، ويقولون بإمامته في اللغة ، مات في البادية وقد أسنّ. وله ديوان رجز مطبوع ، وفي الوفيات : لما مات رؤبة قال الخليل : «دفنا الشعر واللغة والفصاحة».

ينظر : الأعلام ٣ / ٣٤ ، وفيات الأعيان ١ / ١٨٧ ، والبداية والنهاية ١٠ / ٩٦ ، وخزانة الأدب ١ / ٤٣ ، والآمدي ١ / ١٢١ ، ولسان الميزان ٢ / ٤٦٤ ، والشعر والشعراء / ٢٣٠ ، والعيني / ٢٦ ، ٢٧.

(٣) عبد الله بن رؤبة بن لبيد بن صخر السعدي التميمي ، أبو الشعثاء ، العجاج : راجز مجيد ، من الشعراء. ولد في الجاهلية ، وقال الشعر فيها ، ثمّ أسلم ، وعاش إلى أيام الوليد بن عبد الملك ، ففلج وأقعد. وهو أول من دفع الرجز ، وشبهه بالقصيد ، وكان لا يهجو ، وهو والد «رؤبة» الراجز المشهور أيضا ، له «ديوان» في مجلدين. توفى سنة : ٩٠ ه‍.

ينظر : شرح شواهد المغني ١٨ ، الشعر والشعراء ٢٣٠ ، الأعلام ٤ / ٨٦.

(٤) «الزهدمان : أخوان من عبس ، قال ابن الكلبي : هما زهدم وقيس ابنا حزن بن وهب بن عويمر بن رواحة بن ربيعة بن مازن بن الحارث بن قطيعة بن عبس بن ذبيان بن بغيض. وهما اللذان أدركا حاجب بن زرارة يوم جبلة ليأسراه ، فغلبهما عليه مالك ذو الرقيبة القشيري. وفيهما يقول قيس بن زهير [من الوافر] :

جزاني الزهدمان جزاء سوء

وكنت المرء يجزى بالكرامه

وقال أبو عبيدة : «هما زهدم وكردم». ينظر لسان العرب (زهدم).

٤٣٥

وإذا اتّفقا فى اللفظ والمعنى ، أو المعنى الموجب للتّسمية وكانا نكرتين ثنّيا ؛ نحو قولك فى المتفقى اللفظ والمعنى : رجلين ، وزيدين ، وفى المتفقى اللفظ والمعنى الموجب للتسمية ، أحمرين فى : ثوب أحمر ، وحجر أحمر ، ولا يجوز العطف وترك التثنية إلا إذا أريد به التكثير ؛ نحو قوله [من البسيط] :

٢٦١ ـ لو عدّ قبر وقبر كان أكرمهم

بيتا وأبعدهم عن منزل الذّام (١)

ألا ترى أنه يريد الجنس ؛ ولذلك قال : أكرمهم.

أو إذا فصل بين الاسمين بالنعت لفظا ؛ نحو قولك : مررت برجلين رجل مسلم ورجل كافر.

أو نية نحو قولك : عندى من العبيد ألف وألف ، أى : ألف رجال وألف نساء.

ولا يجوز فيما عدا ذلك إلا فى ضرورة ؛ نحو قوله [من الرجز] :

٢٦٢ ـ

ليث وليث فى محلّ ضنك (٢)

وقول الآخر [من الرجز] :

٢٦٣ ـ

أنجب عرس جبلا وعرس (٣)

__________________

(١) البيت اختلف في نسبته إلى عصام بن عبيد الزماني ، وهمام الرقاشي. والذام : لغة في الذّمّ بتشديد الميم.

والشاهد فيه أنّ تعاطف المفردين : «قبر وقبر» لقصد التكثير ، إذ المراد : لو عدّت القبور قبرا قبرا. ولم يرد قبرين فقط ، وإنّما أراد الجنس متتابعا واحدا بعد واحد.

ينظر : البيت لعصام بن عبيد الزماني في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي (١١٢٢) ، ولهمّام الرقاشي في البيان والتبيين ٢ / ٣١١ ، ٣ / ٣٠٢ ، ٤ / ٨٥ ، وله أو لعصام في خزانة الأدب ٧ / ٤٧٣.

(٢) اختلف في نسبته إلى واثلة بن الأسقع وجحدر بن مالك ، وبعده :

كلاهما ذو أشر ومحك

أورده الكلاعي في السيرة النبوية في وقعة «مرج الروم».

والشاهد فيه قوله : «ليث وليث» ، والقياس : ليثان ، لكنّ الشاعر أفردهما للضرورة ، وفي الرجز شاهد على أنّ أصل المثنّى العطف بالواو.

ينظر : البيت لهما في خزانة الأدب ٧ / ٤٦١ ، ٤٦٤ ، والدرر ١ / ١٢٨ ، ولجحدر في لسان العرب (درك) ، وبلا نسبة فى همع الهوامع ١ / ٤٣.

(٣) البيت للعجاج وهو شاهد على أن ما عطف بالواو بمنزلة ما جاء فى لفظ واحد ، فكأنه قال : أنجب عرسين جبلا ، ولو لا إرادة ذلك : لم يجز ، لأن جبلا وصف لهما جميعا ، ومحال

٤٣٦

وإن كانا معرفتين باقيتين على تعريفهما ، لم يثنيا ، نحو قولك : زيد وزيد ، تريد : زيد بن فلان ، وزيد بن فلان.

ومن ذلك قول الحجّاج (١) : «إنّا لله محمّد ومحمّد فى يوم» ، يعنى : ابنه وأخاه ، وفى ذلك يقول الفرزدق [من الكامل] :

٢٦٤ ـ إنّ الرّزيّة لا رزيّة مثلها

فقدان مثل محمّد ومحمد (٢)

وإن اتفق الاسمان فى اللفظ ، ولم يتّفقا فى المعنى ، ولا فى المعنى الموجب للتسمية ، فلا سبيل إلى التّثنية ، نحو قولك : رأيت المشترى والمشترى ، تعنى بأحدهما الكوكب ، وبالآخر / قابل عقد البيع ، والاختلاف فى المعنى بكون أحد الاسمين مذكّرا ، والآخر مؤنثا غير مؤثر فى هذا الباب ، إلا أنك تغلّب المذكّر ؛ فتقول : قائمين ، فى قائم وقائمة ، وأحمرين فى أحمر وحمراء.

وقد شذّوا فقالوا : ضبعان ، فى الضّبع والضّبعان ، فغلبوا ضبعا ، وهو مؤنث ، وقد قالوا فيهما : ضبعانان ، على الأصل ؛ وذلك قليل.

والأسماء كلّها تثنّى إلا ما يسمّى ، وهو : كلّ ، وبعض ، وأسماء العدد (٣) ، ما

__________________

تقديم الصفة على الموصوف ، ينظر : ملحق ديوانه (٢ / ٢٥٥) ، لسان العرب (عرس) ، وتاج العروس (عرس) ، تهذيب اللغة (٢ / ٨٥) ، وبلا نسبة في جمهرة اللغة (٧١٦) ، ويروى «ولدا» بدلا من «جبلا».

(١) الحجاج بن يوسف بن الحكم الثقفي ، أبو محمد : قائد ، داهية ، سفاك ، خطيب. ولد ونشأ في الطائف (بالحجاز) وانتقل إلى الشام فلحق بروح بن زنباع نائب عبد الملك بن مروان. فكان في عديد شرطته ، ثم ما زال يظهر حتى قلّده عبد الملك أمر عسكره. قتل عبد الله بن الزبير ، وتولى مكة والمدينة والطائف ، ثم أضاف إليها العراق ، وبنى «واسط» وكان سفاحا سفاكا باتفاق المؤرخين ولد سنة ٤٠ ه‍ وتوفى سنة ٩٥ ه‍. ينظر : معجم البلدان ٨ / ٣٨٢ ، وفيات الأعلام ١ / ١٢٣ ، الأعلام ٢ / ١٦٨.

(٢) الشاهد فيه : قوله : «محمد ومحمد» ، حيث إنه لم يثنّهما ؛ لأنهما علمان معرفتان باقيتان على تعريفهما.

ينظر : ديوانه ١ / ١٦١ ، والدرر ٦ / ٧٤ ، وشرح التصريح ٢ / ١٣٨ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٧٥ ومغني اللبيب ٢ / ٣٥٦ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٢٩ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٣ / ٢١١.

(٣) م : باب التثنية وجمع السلامة قولى : «وأسماء العدد» أعنى : أنها لا تثنّى فى الكلام ، وأما فى الضرورة ، فقد

٤٣٧

عدا مائة ، وألفا.

والأسماء المختصّة بالنّفى نحو : أحد ، وعريب.

والأسماء المتوغّلة فى البناء ، وأعنى بذلك : ما لم يعرب قط ، واسم الشرط والاستفهام ، وإن كان معربا إلا فى الحكاية (١) ، وأجمع وجمعاء ، وأكتع وكتعاء ، وأبصع ، وأبتع ، وبصعاء ، وبتعاء ، عند من وكّد بهما.

والأسماء المحكيّة التى هى جمل فى الأصل نحو : تأبّط شرّا ، وأفعل من.

والأسماء المفردة فى الوجود ، وأسماء الجنس ما دامت تدلّ على الجنسية.

والأسماء المركبة ؛ نحو : بعلبكّ ، وعمرويه ، وأسماء الفاعلين والمفعولين.

والأمثلة التى تعمل عمل اسم الفاعل ، والصفة المشبّهة به ، فجميعها لا يثنّى إذا رفع ظاهرا (٢) إلا فى لغة من قال : أكلونى البراغيث ، وهى ضعيفة.

وكذلك لا تثنّى التثنية ولا جمع السلامة.

وأمّا جمع التكسير ، فلا يثنّى إلا فى ضرورة أو نادر كلام ، ومن ذلك قوله [من البسيط] :

٢٦٥ ـ

لأصبح القوم أوبادا ولم يجدوا

عند التّفرّق فى الهيجا ، جمالين (٣)

__________________

ثنيت قال : [من الطويل]

فلن تستطيعوا أن تزيلوا الّذى رسا

لها عند عال فوق سبعين دائم

[البيت للفرذدق فى ديوانه ٢ / ٣١١ ، وبلا نسبة فى تذكرة النحاة ص ٦٨٥ ، والدرر ١ / ١٢٧ ، وهمع الهوامع ١ / ٤٣].

يريد : سبع سماوات ، وسبع أرضين ، فثنى ، إلا أن ذلك من الضرائر التى لا يقاس عليها. أه.

(١) م : وقولى : «واسم الشرط والاستفهام وإن كان معربا إلا فى الحكاية» أعنى : أن أيّا فى الاستفهام لا تثنى إلا فى الحكاية ؛ كقولك : أيّان لمن قال : عندى ثوبان ، وأبين لمن قال : اشتريت ثوبين ، وقد تقدّم تبيين ذلك. أه.

(٢) م : وقولى : «وأما أسماء الفاعلين وأسماء المفعولين والصفة المشبهة باسم الفاعل واسم المفعول ، فجميعها لا يثنى إذا رفع ظاهرا» مثال ذلك : مررت برجل قائم أبواه ، ومررت برجل مضروب أبواه ، ومررت برجل كريم أبواه ، ولا تقول : مررت برجل قائمين أبواه ، ولا مضروبين أبواه ولا كريمين أبواه إلا فى لغة من قال : أكلونى البراغيث وهى لغة ضعيفة. أه.

(٣) البيت : لعمرو بن العداء.

٤٣٨

والاسم المثنى إذا كان منقوص الآخر على قياس (١) ، وأعنى بذلك ما يرد إليه المحذوف فى حال النصب ؛ نحو : قاض ، وغاز ، فإنّك ترد إليه المحذوف وهو الياء ، وتلحقه ألفا ونونا فى الرفع وياء ونونا فى النّصب والخفض.

وإن كان منقوصا على غير قياس ، وهو ما عدا ذلك ، فإنّك تردّ المحذوف فى : أخ ، وأب ، وحم ، وهن ، وفم (٢) ، وهو الواو وتلحق العلامتين وما عدا ذلك تلحقه العلامتين ، ولا ترد إليه شيئا إلا فى ضرورة ؛ نحو قوله [من الوافر] :

٢٦٦ ـ فلو أنّا على حجر ذبحنا

جرى الدّميان بالخبر اليقين (٣)

وقول الآخر [من الكامل] :

__________________

قال أبو عبيد القاسم بن سلام البغدادي : استعمل معاوية بن أبي سفيان ابن أخيه عمرو بن عتبة ابن أبي سفيان على صدقات كلب ، فاعتدى عليهم ، فقال عمرو بن العداء الكلبي هذا الشعر.

والشاهد فيه قوله : «جمالين» حيث ثنّى الجمع المكسّر «جمال» ، أي : قطيعين من الجمال ، وهذا جائز.

ينظر : خزانة الأدب (٧ / ٥٧٩ ، ٥٨٠) ، شواهد الإيضاح ص ٥٦٠ ، ولسان العرب (وبد) و (عقل) ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٤ / ٢٠٣ ، وشرح المفصل ٤ / ١٥٣ ، ومجالس ثعلب ١ / ١٧١.

(١) م : وقولى : «والاسم المثنى إن كان منقوص الآخر على قياس ...» إلى آخره ، مثال ذلك قولك : قاضيان وداعيان. أه.

(٢) م : وقولى : «يرد المحذوف فى أب وأخ وحم وهن وفم» أعنى أنك تقول : أخوان وأبوان وحموان وهنوان وفموان. أه.

(٣) البيت : للمثقب العبدي ونسب لعلي بن بدال.

والشاهد فيه قوله : «الدّميان» في تثنية «الدم» ، بردّ اللّام المحذوفة ، وهذا شاذ ، والقياس : «الدّمان».

ينظر : البيت للمثقب العبدي في ملحق ديوانه ص ٢٨٣ ، والأزهية ص ١٤١ ، والمقاصد النحويّة ١ / ١٩٢ ، ولعلي بن بدال في أمالي الزجاجي ص ٢٠ وخزانة الأدب ١ / ٢٦٧ ، وشرح شواهد الشافية ص ١١٢ ، وللمثقب أو لعلي بن بدال في خزانة الأدب ٧ / ٤٨٢ ، ٤٨٥ ، ٤٨٦ ، ٤٨٨ ، وبلا نسبة في الإنصاف ١ / ٣٥٧ ، وجمهرة اللغة ص ٦٨٦ ، ١٣٠٧ ورصف المباني ص ٢٤٢ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٣٩٥ ، وشرح الأشموني ٣ / ٦٦٩ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٢ / ٦٤ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٨١ ، وشرح المفصل ٤ / ١٥١ ، ١٥٢ ، ٥ / ٨٤ ، ٦ / ٥ ، ٩ / ٢٤ ، ولسان العرب (أخا) ، و (دمى) ، والمقتضب ١ / ٢٣١ ، ٢ / ٢٣٨ ، ٣ / ١٥٣ ، والممتع في التصريف ٢ / ٦٢٤ ، والمنصف ٢ / ١٤٨.

٤٣٩

٢٦٧ ـ يديان بيضاوان عند محلّم

قد تمنعانك أن تضام وتضهدا / (١)

وإن كان غير منقوص فإمّا أن يكون آخره ألفا أو همزة بعد ألف زائدة ، أو غير ذلك.

فإن كان غير ذلك : ألحقته العلامتين من غير تغيّر (٢) ، إلا لفظتين شذّتا وهما : ألية ، وخصية ؛ قالوا فى تثنيتهما : أليان ، وخصيان ، فحذفوا التاء.

قال [من الرجز] :

٢٦٨ ـ

ترتجّ ألياه ارتجاج الوطب (٣)

وقال الآخر : [من الرجز]

٢٦٩ ـ كأنّ خصييه من التّدلدل

ظرف عجوز فيه ثنتا حنظل (٤)

وقد قالوا : أليتان وخصيتان على الأصل.

وإن كان آخره ألفا رددتها فيما كان على ثلاثة أحرف إلى أصلها ؛ فتقول : «رحيان» ، وعصوان ، وإن جهل الأصل ردت إلى الياء فيما سمعت فيه الإمالة ، فتقول فى تثنية : بلى ، إذا سمّيت بها : بليان ، وإن لم تمل ، قلبت واوا ، فتقول فى تثنية : على إذا سميّت بها : علوان ، وتقلبها ياء فيما زاد على الثلاثة ، فتقول : عيسيان ، وجماديان ؛ ومنه قوله [من الرجز] :

__________________

(١) البيت بلا نسبة فى : خزانة الأدب ٧ / ٤٧٦ ، ٤٨٥ ، وشرح الأشموني ٣ / ٦٦٨ ، وشرح شواهد الشافية ص ١١٣ ، وشرح المفصل ٥ / ٨٣ ، ٦ / ٥ ، ١٠ / ٥٦ ، ولسان العرب (يدي) والمنصف ١ / ٦٤ ، ٢ / ١٤٨.

والشاهد فيه تثنية «يد» على «يديان» ، وهذا شاذ ، والقياس «يدان» بدون ردّ اللّام المحذوفة ، لأنّ هذه اللام لا ترد عند الإضافة.

(٢) م : وقولى : «فإن كان على غير ذلك ، ألحقته العلامتين من غير تغيير» مثال ذلك : رجلان وقائمان. أه.

(٣) الشاهد فيه قوله : ألياه ، يريد : أليتاه فحذف التاء.

ينظر : البيت بلا نسبة في أدب الكاتب (٤١٠) ، جمهرة اللغة (٢٤٧ ، ٩٩١) ، خزانه الأدب (٧ / ٥٠٨ ، ٥٢٥ ، ٥٢٨) ، شرح شواهد الإيضاح (٤٠٤) ، لسان العرب (إلا) ، المقتضب (٣ / ٤١) ، المنصف (٢ / ١٣١) ، نوادر أبي زيد (١٣٠).

(٤) تقدم برقم (٢٣٧).

٤٤٠