المقرِّب ومعه مُثُل المقرِّب

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »

المقرِّب ومعه مُثُل المقرِّب

المؤلف:

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »


المحقق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-0067-X
الصفحات: ٦٤٨

وإن أسندته إلى ضمير المؤنّث المفرد ، أو المثنى ، ألحقته العلامة ، حقيقيّا كان التأنيث (١) ، أو غير حقيقى (٢).

ولا يجوز حذفها إلا فى الشعر ؛ نحو قوله [من المتقارب] :

٢٣٥ ـ فلا مزنة ودقت ودقها

ولا أرض أبقل إبقالها (٣)

وإن أسند إلى ضمير المؤنّث المجموع ، لم تلحق الفعل علامة إلا أنّ ضمير جماعة المؤنّث ، إن عاد على غير مسلّم ، قد يكون كضمير الواحدة المؤنّثة ؛ فتقول : النّساء قمن وقامت ؛ ومن ذلك قوله [من الوافر] :

٢٣٦ ـ تركنا الخيل والنّعم المفدّى

وقلنا للنّساء بها : أقيمى (٤)

وقد يجىء فى الشعر ؛ كضمير الواحد المذكّر ، وفى شاذّ من الكلام.

ومن ذلك قوله ـ عليه السّلام ـ : «خير النّساء صوالح نساء قريش ، أحناه على ولد ، وأرعاه على زوج ، فى ذات يده» (٥).

__________________

(١) في ط : المؤنث.

(٢) م : وقولى : «وإن أسند إلى ضمير المؤنث المفرد أو المثنى ، الحقته العلامة ، حقيقيا كان التأنيث أو غير حقيقى» مثال ذلك : هند قامت ، والهندان قامتا ، والقناة انكسرت والقناتان انكسرتا. أه.

(٣) البيت لعامر بن جوين :

والشاهد فيه قوله : «ولا أرض أبقل إبقالها» والقياس : أبقلت إبقالها ، لأن الفعل مسند إلى ضمير عائد على «الأرض» وهو مؤنث مجازي ، فحذف التاء ضرورة.

ينظر : تخليص الشواهد ص ٤٨٣ ، وخزانة الأدب ١ / ٤٥ ، ٤٩ ، ٥٠ ، والدرر ٦ / ٢٦٨ ، وشرح التصريح ١ / ٢٧٨ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٣٣٩ ، ٤٦٠ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٩٤٣ ، والكتاب ٢ / ٤٦ ، ولسان العرب (أرض) (بقل) ، والمقاصد النحوية ٢ / ٤٦٤ ، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ١ / ٣٥٢ ، وأوضح المسالك ٢ / ١٠٨ ، وجواهر الأدب ص ١١٣ ، والخصائص ٢ / ٤١١ ، وشرح الأشموني ١ / ١٧٤ ، والرد على النحاة ٩١ ، ورصف المباني ص ١٦٦ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٥٥٧ ، وشرح ابن عقيل ص ٢٤٤ ، وشرح المفصل ٥ / ٩٤ ، ولسان العرب (خضب) ، والمحتسب ٢ / ١١٢ ، ومغني اللبيب ٢ / ٦٥٦ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٧١ ، البحر المحيط ٥ / ٤٩٣ ، ٧ / ٢٥٣.

(٤) والشاهد فيه قوله : «أقيمي» فأعاد الضمير على «النساء» مفردا ؛ وهذا جائز ؛ لأنه جمع غير سالم. ينظر روح المعاني ٧ / ٤١٥ ، ١١ / ٢٨٨.

(٥) أخرجه البخاري ٩ / ٢٧ : كتاب النكاح : باب إلى من ينكح وأي النساء خير ، رقم ٥٠٨٢ ، ومسلم ٤ / ١٩٥٨ ، ١٩٥٩) : كتاب فضائل الصحابة : باب من فضائل نساء قريش ، رقم (٢٠٠ ـ ٢٥٢٧) ، وأخرجه أحمد ٢ / ٢٦٩ ، ٣١٩ ، ٣٩٣) ، والبيهقي ٧ / ٢٩٣ ،

٣٨١

وجمع التكسير من المذكّر يجرى فى إسناد الفعل إلى ظاهره ، مجرى جمع التكسير من / المؤنّث (١) ، والضمير العائد عليه ، إن كان غير عاقل بمنزلة الضمير العائد على جمع المؤنّث ؛ فتقول : «الأجذاع انكسرن ، وانكسرت» ، «وانكسرن» أفصح ؛ لأنّه جمع قلّة ، ولو قلت : الجذوع لكان «انكسرت» أفصح.

ولا يقال : انكسر ، إلا فى ضرورة ، أو نادر كلام ؛ ومنه قوله تعالى : (نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ) [النحل : ٦٦].

وإن كان عاقلا ، فالضمير العائد عليه كالضمير العائد على السالم منه.

وقد يجىء كضمير الواحدة من المؤنّث ، أو كضمير الواحد المذكّر ، أو ضمير جماعة المؤنّث ، وهو أقلّها.

__________________

كتاب القسم والنشوز : باب ما يستحب لها رعاية لحق زوجها وإن لم يلزمها شرعا ، والبغوي في شرح السنة ٧ / ٢٣٩ (بتحقيقنا) : كتاب فضائل الصحابة : باب قال الله تعالى : (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَ) [الأحزاب : ٣٢] رقم ٣٨٦٠ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

وقوله أحناه : من الحنو وهو العطف والشفقة وأرعاه : قال الخطابي : من الإرعاء ، وهو الابقاء يقال : رعاه يرعاه رعيا من الرعاية ، وأرعى عليه أي : أبقى إرعاء ، يقول : أحفظ لماله وأبقاه ، والله أعلم أه [من شرح السنة].

(١) م : وقولى : «وجمع التكسير من المذكر يجرى فى إسناد الفعل إلى ظاهره مجرى جمع التكسير من المؤنث» أعنى : أنه يجوز لك أن تقول : قام الرجال ، وقامت الرجال ؛ كما تقول : قام الهنود ، وقامت الهنود. أه.

٣٨٢

باب العدد

وهو أربعة أنواع :

فالنوع الأوّل : المفرد ، وهو واحد ، واثنان للمذكّر ، وواحدة واثنتان ، وثنتان للمؤنّث.

ولا تجوز إضافة شىء منها إلا فى ضرورة ؛ نحو قوله : [من الرجز]

٢٣٧ ـ

ظرف عجوز فيه ثنتا حنظل (١)

وعشرون ، وسائر العقود إلى تسعين.

ويكون للمذكّر والمؤنّث على لفظ واحد ، وتميّز بواحد منصوب (٢).

ولا تجوز إضافة شىء منها إلى التمييز ، فأمّا ما حكاه الكسائىّ من قولهم : «أخذته بمائة وعشرى درهم» ، فشاذ لا يلتفت إليه.

والثانى : المضاف ، وهو من ثلاثة إلى عشرة ، ومائة وألف ، فأمّا المائة والألف فيكونان للمذكّر والمؤنّث على لفظ واحد ، ويفسّران بواحد مخفوض ؛ نحو قولك :

__________________

(١) البيت اختلف في نسبته فنسب إلى خطام المجاشعي وإلى جندل بن المثنى أو لسلمى الهذلية أو للشماء الهذلية.

والشاهد فيه : إضافة «ثنتا» إلى «الحنظل» ، وهو اسم يقع على جميع الجنس ، وحق العدد القليل أن يضاف إلى الجمع القليل. وإنما جاز على تقدير : ثنتان من الحنظل ، كما يقال : أربعة كلاب على تقدير أربعة من الكلاب. وكان الوجه أيضا أن يقال : حنظلتان ، ولكنه بناه على قياس الثلاثة وما بعدها إلى العشرة.

ينظر البيت لخطام المجاشعي أو لجندل بن المثنى أو لسلمى الهذلية أو لشماء الهذلية في خزانة الأدب ٧ / ٤٠٠ ، ٤٠٤ ، ولجندل بن المثنى أو لسلمى الهذلية في المقاصد النحوية ٤ / ٤٨٥ ، ولخطام المجاشعي أو لجندل بن المثنى أو لسلمى الهذلية أو للشماء الهذلية في الدرر ٤ / ٣٨ ، ولجندل بن المثنى في «شرح التصريح» ٢ / ٢٧٠ ، وللشماء الهذلية في خزانة الأدب ٧ / ٥٢٦ ، ٥٢٩ ، ٥٣٢ ، وبلا نسبة في «إصلاح المنطق» ص ١٨٩ ، وخزانة الأدب ٧ / ٥٠٨ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٦١ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٨٤٧ ، وشرح المفصل ٤ / ١٤٣ ، ١٤٤ ، ٦ / ١٦ ، ١٨ ، والكتاب ٣ / ٦٩ ، ٦٢٤ ، ولسان العرب (دلل) (هدل) (ثنى) (خصى) ، والمقتضب ٢ / ١٥٦ ، المنصف ٢ / ١٣١ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٥٣.

(٢) م : باب العدد

قولى : «ويكون للمذكر والمؤنث على لفظ واحد ويميز بواحد منصوب» مثال ذلك : عندى عشرون رجلا ، وعشرون امرأة. أه.

٣٨٣

«مائة رجل» ، و «مائة امرأة» ، و «ألف رجل» ، و «ألف امرأة» ، وتثنيتهما بمنزلتهما ؛ تقول : «مائتا رجل» ، و «مائتا امرأة» ، و «ألفا رجل» ، و «ألفا امرأة».

ولا يجوز إثبات النون والنّصب ، إلا فى ضرورة الشعر ، نحو قوله : [من الوافر]

٢٣٨ ـ إذا عاش الفتى مائتين عاما

فقد ذهب اللّذادة والفتاء (١)

وأمّا من الثلاثة إلى العشرة ، فلا يخلو أن تستعملها مضافة ، أو غير مضافة :

فإن استعملتها غير مضافة ، وأردت بها مجرّد العدد ، أدخلت عليها تاء التأنيث ، ومنعتها الصرف ؛ فتقول : «ثلاثة نصف ستّة» و «أربعة نصف ثمانية».

وإن أردت بها المعدود ، ألحقتها التّاء إن أوقعتها على المذكّر ، وإن أوقعتها على المؤنّث ، لم تلحقها إيّاها /.

ويجوز حذف التاء فى الحالين ؛ حكى الكسائى : «صمنا من الشّهر خمسا».

والأول أفصح.

وإن أضفتها إلى المعدود ، فإمّا أن تضيفها إلى جمع ، أو اسم جمع ، أو اسم جنس ، ولا تضاف إلى مفرد ؛ فأمّا قولهم : «ثلاثمائة» ، فلأنّ المائة فى المعنى جمع.

وقد يقال : «ثلاث مئين».

ولا يقال إلا : «ثلاثة آلاف».

__________________

(١) البيت : للربيع بن ضبع.

والشاهد فيه قوله : «مائتين عاما» حيث نصب الاسم بعد «مائتين» للضرورة ، وكان الوجه حذف نون «مائتين» ، وخفض ما بعدها ، إلا أنها شبهت للضرورة بالعشرين ونحوها مما يثبت نونه ، وينصب ما بعده ، ويروى «تسعين» عاما ، ولا شاهد في هذه الرواية.

ينظر : أمالي المرتضى ١ / ٢٥٤ ، وخزانة الأدب ٧ / ٣٧٩ ، ٣٨٠ ، ٣٨١ ، ٣٨٥ ، والدرر ٤ / ٤١ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٧٣ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥٢٥ ، والكتاب ١ / ٢٠٨ ، ٢ / ١٦٢ ، ولسان العرب (فتا) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤٨١ ، وهمع الهوامع ١ / ١٣٥ ، وبلا نسبة في أدب الكاتب ص ٢٩٩ ، وأوضح المسالك ٤ / ٢٥٥ ، وجمهرة اللغة ص ١٠٣٢ ، وشرح الأشموني ٣ / ٦٢٣ ، وشرح المفصل ٦ / ٢١ ، ومجالس ثعلب ص ٣٣٣ ، والمقتضب ٢ / ١٦٩ ، والمنقوص والممدود ص ١٧ ، ويروى «المروءة» بدلا من «اللذاذة».

٣٨٤

فإن أضفتها إلى جمع ، ألحقت التاء (١) ، إن كان الواحد مذكّرا ، ولم تلحقها إن كان مؤنّثا ، إلا ما شذّ من قولهم : «ثلاثة أنفس» ، والنفس مؤنّثة ، لكن عوملت معاملة المذكّر ؛ حملا على معنى شخص.

وما عدا ذلك : فلا يحمل على المعنى ، إلا فى ضرورة ؛ نحو قوله [من الطويل] :

٢٣٩ ـ فكان مجنّى دون من كنت أتّقى

ثلاث شخوص كاعبان ومعصر (٢)

فأسقط التاء ؛ لأنّ الشخوص فى المعنى ، هى الكاعبان والمعصر.

وتقول : ثلاثة نسّابات ؛ لأنّه صفة لمحذوف ، التقدير : ثلاثة رجال نسّابات ؛ وكذلك تفعل فى أمثاله.

فأمّا قولهم : «ثلاث دوابّ ذكور» ، فعلى جعل الدّابة اسما.

وإذا كان للمعدود جمع قلّة ، وجمع كثرة ، أضفته إلى القليل ؛ نحو : «ثلاثة أفلس» ، وقد يضاف إلى الكثير ، فيقال : «ثلاثة فلوس».

وإن كان الجمع صفة ، أجريته على العدد ، فتقول : «ثلاثة قرشيّون».

وقد يضاف إليه ، فيقال : «ثلاثة قرشيّين» ، على حذف الموصوف ، وإقامة الصفة مقامه ، وبابه الشعر.

__________________

(١) م : وقولى : «ألحقتها التاء» إن أوقعتها على المذكر ، وإن أوقعتها على المؤنث لم تلحقها إياها ، من ذلك قولهم : الثوب سبع فى ثمانية ، أى : سبع أذرع فى ثمانية أشبار. أه.

(٢) البيت لعمر بن أبي ربيعة.

والشاهد فيه قوله : «ثلاث شخوص» ، والقياس : ثلاثة شخوص لأن «شخص» مذكّر لكن الشاعر راعى المعنى المقصود من الشخوص الذي رشحه وقواه ذكر «الكاعبين» و «المعصر».

ينظر : ديوانه ص ١٠٠ ، والأشباه والنظائر ٥ / ٤٨ ، ١٢٩ ، والأغاني ١ / ٩٠ ، وأمالى الزجاجي ص ١١٨ ، والإنصاف ٢ / ٧٧٠ ، وخزانة الأدب ٥ / ٣٢٠ ، ٣٢١ ، ٧ / ٣٩٤ ، ٣٩٦ ، ٣٩٨ ، والخصائص ٢ / ٤١٧ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٦٦ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٧١ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٣١٣ ، والكتاب ٣ / ٥٦٦ ، ولسان العرب (شخص) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤٨٣ ، بلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ١٠٤ ، وأوضح المسالك ٤ / ٢٥١ ، وشرح الأشموني ٣ / ٦٣٠ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٧٥ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥١٩ ، وعيون الأخبار ٢ / ١٧٤ ، والمقتضب ٢ / ١٤٨ ويروى «نصيرى» بدلا من «مجنى».

٣٨٥

وإن أضفتها إلى اسم جمع ، ألحقت التاء ، إن كان لعاقل ؛ نحو قولك : ثلاثة رهط ، ولا تلحقها إن كان لغير عاقل ؛ نحو : ثلاث ذود ، فأمّا قولهم : «ثلاثة أشياء» ، فبنى العدد على مفرده شذوذا ؛ وكذلك : «ثلاثة رجلة» ، والباب ألا يضاف إلى اسم جمع ، إلا بمن ، فيقال : «ثلاث من الإبل».

وإن أضفتها إلى اسم جنس ، كنت فى إلحاق التاء بالخيار ؛ فتقول : «ثلاثة نخل» ، والأحسن إلحاقها.

والثالث المركب :

وهو من إحدى عشر ، إلى تسعة عشر ، وحكمه : أن يبقى النيف على ما كان عليه من تذكير أو تأنيث ، إلا أنّك تبنى من واحد أحدا ، ومن واحدة إحدى.

وقد يجوز أن تبقيهما على لفظيهما.

وأمّا العشرة ، فإنّك تلحقها التّاء فى عدد المؤنّث ، وتبقى / الشين ساكنة ، ويجوز كسرها ، وتسقطها فى عدد المذكّر ، وتبقى الشين على فتحها [وتبنى النيف مع العشرة إلا فى اثنى عشر واثنتى عشرة ؛ فإنك تبنى العشرة ؛ لوقوعها موقع النون] (١) ، وتبقى النيف على إعرابه.

ومن العرب من يسكن العين فى عشر فى عدد المذكّر ، إلا فى اثنى عشر.

ويفسر جميع ذلك بواحد منصوب ؛ فتقول : «واحد عشر رجلا» ، و «أحد عشر رجلا» ، إلى تسعة عشر ، و «واحدة عشرة امرأة» ، و «إحدى عشرة امرأة» ، إلى تسع عشرة ، إلا أنه يجوز فى ثمانى عشرة إثبات الياء ساكنة أو مفتوحة ، وحذفها ، وعلى الحذف قوله [من الكامل] :

٢٤٠ ـ ولقد شربت ثمانيا وثمانيا

وثمان عشرة واثنتين وأربعا (٢)

__________________

(١) سقط في ط.

(٢) البيت للأعشى.

الشاهد فيه قوله : «وثمان عشرة» حيث كسر نون «ثمانية» المركبة ، بعد حذف يائها ، ويجوز فتح الياء ، وسكونها إذا بقيت.

ينظر : لسان العرب (ثمن) ولم أقف عليه في ديوانه ، وهو بلا نسبة في شرح الأشموني ٣ / ٦٢٧.

٣٨٦

ولا تجوز إضافة النيّف إلى العشرة ، إلا فى ضرورة ؛ نحو قوله [من الرجز] :

٢٤١ ـ بنت ثمانى عشرة من حجّته (١)

وإذا أضفت العدد المركّب ، جاز فيه إبقاؤه على بنائه ، وأن يجعل الإعراب فى الاسم الثانى ؛ فتقول : «عندى أحد عشرك» ، بفتح الراء وضمّها.

ولا تجوز إضافة اثنى عشر ، ولا اثنتى عشرة ، ولا ثنتى عشرة.

والرابع : المعطوف والمعطوف عليه من واحد وعشرين إلى تسعة وتسعين ، وجميعه يفسّر بواحد منصوب ، ويكون حكم النيف والعقد فى سائر الأحكام بمنزلتهما قبل العطف (٢).

وإذا اجتمع فى هذا الباب مذكّر ومؤنّث ، وأضفت العدد إلى المعدود ، بنيته على المتقدّم منهما ، فتقول : «عندى ستّة رجال ونساء» ، و «وستّ نساء ورجال» ؛ وكذلك تفعل إلى العشرة ، ولا يجوز ذلك فيما دون الستة (٣).

__________________

(١) البيت لنفيع بن طراق. وقبله :

كلف من عنائه وشقوقته

والشاهد فيه قوله : «ثماني عشرة» حيث أضاف «ثماني» إلى «عشرة» ، وبعض الكوفيين يجيزون إضافة النيّف إلى العشرة.

ينظر : الحيوان ٦ / ٤٦٣ ، والدرر ٦ / ١٩٧ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٧٥ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤٨٨ ، وبلا نسبة في الإنصاف ١ / ٣٠٩ ، وأوضح المسالك ٤ / ٢٥٩ ، وخزانة الأدب ٦ / ٤٣٠ ، ٤٣٢ ، وشرح الأشموني ٣ / ٦٢٧ ، ولسان العرب (شقا) ، وهمع الهوامع ٢ / ١٤٩.

(٢) م : وقولى : «ويكون حكم النيف والعقد فى سائر الأحكام بمنزلتهما قبل العطف» أعنى : أن العقد يكون للمذكر والمؤنث بلفظ واحد كما كان قبل العقد والنيف يكون من ثلاثة إلى تسعة فى المذكر بالتاء ، وللمؤنث بغير تاء ، كما كان ـ أيضا ـ قبل ؛ فيكون واحد وأحد واثنان للمذكر ، وواحدة وإحدى واثنتان وثنتان للمؤنث ؛ كما كان ـ أيضا ـ قبل ذلك ؛ فتقول : واحد وعشرون رجلا ، واثنان وعشرون غلاما ، وثلاثة وعشرون فارسا ، وواحدة وعشرون جارية ، واثنتان وعشرون امرأة ، وثلاث وعشرون جارية. أه.

(٣) م : وقولى : «ولا يجوز ذلك فيما دون الستة» أعنى : أنه لا يجوز أن تقول : خمسة رجال ونساء ، ولا أربعة رجال ونساء ، ولا ثلاثة رجال ونساء ؛ وسبب ذلك : أن رجالا ونساء جمعان ، وأقل ما يقع عليه الجمع ثلاثة ؛ فلذلك كان أقل ما يصدق عليه رجال ونساء : ستة. أه.

٣٨٧

وإن نصبت المعدود المختلط بعد العدد ، فإنّك فى العاقل تبنى العدد على المذكّر ، تقدّم أو تأخّر ؛ فتقول : «عندى أحد عشر عبدا وجارية» ، و «ثلاثة عشر جاريّة وعبدا».

وفى غير العاقل تبنى على المتقدّم ، فتقول : «عندى ستّة عشر جملا وناقة» ، و «خمس عشرة ناقة وجملا» و «سرت ثلاثة عشر يوما وليلة» ، و «ثلاث عشرة ليلة ويوما».

إلا أنّ الحكم للأول ؛ إذ يصح الاستغناء عن الثانى ؛ لأنّه ليست تحتها عدد يحتوى على جمعين.

وإن أتيت بالمعدود بعد «بين» ، غلّبت فى العاقل المذكّر ، تقدّم أو تأخّر ، وفى / غيره المؤنّث تقدّم أو تأخر ؛ فتقول : «عندى أحد عشر بين رجل وامرأة» ، و «بين امرأة ورجل» ، و «سرت ثلاث عشرة بين يوم وليلة ، وبين ليلة ويوم».

ومن ذلك قوله [من الطويل] :

٢٤٢ ـ فطافت ثلاثا بين يوم وليلة

وكان النّكير أن تضيف وتجأرا (١)

وإذا لم تذكر المعدود فى التأريخ ، فإنّ العرب تبنى العدد على الليالى دون الأيام ، وتنجرّ مع ذلك الأيام ، فتقول : «كتبت لثلاث خلون أو بقين من شهر كذا» ؛ ومن ذلك قوله [من الخفيف] :

٢٤٣ ـ خطّ هذا الكتاب فى يوم سبت

لثلاث خلون من رمضان

والأحسن : أن يؤرّخ بالأقل ممّا مضى ، أو ممّا بقى (٢) ، فإذا استوى الماضى ، والباقى ، أرّخت بأيّهما شئت ، وتعريف المضاف من الأعداد بإدخال الألف واللام على

__________________

(١) البيت للنابغة الجعدي.

والشاهد فيه قوله : «ثلاثا بين يوم وليلة» فغلب المؤنث على المذكر ؛ لأن التمييز واقع على غير العاقل ، وجاءت «بين» فاصلة بينه وبين العدد.

ينظر : ديوانه ص ٤١ ، وأدب الكاتب ص ٢٧٥ ، وإصلاح المنطق ص ٢٩٨ ، وخزانة الأدب ٧ / ٤٠٧ ، ٤٠٨ ، ٤١١ ، ٤١٣ ، والكتاب ٣ / ٥٦٣ ، ولسان العرب (خمس) (ضيف) ، وبلا نسبة في مغني اللبيب ٢ / ٦٦٠.

(٢) م : وقولى : «والأحسن أن يؤرخ بالأقل مما مضى أو مما بقى» أعنى : أنه أحسن أن تقول : لعشر خلون ، من أن تقول : لعشرين بقين ، وحسن أن تقول لخمس عشرة خلت ، أو لخمس عشرة بقيت. أه.

٣٨٨

ما أضيف إليه ؛ نحو : «ثلاثة الأثواب».

وقد حكى إدخال الألف واللام عليهما ، وتعريف المركّب بإدخالهما على الاسم الأول ؛ نحو : الأحد عشر رجلا ، وقد حكى : «الرّجل» ، على زيادة الألف واللام.

وتعريف المعطوف والمعطوف عليه بإدخال الألف واللام على الاسمين ؛ نحو : «الثّلاثة والعشرين».

وتعريف المفرد ، بإدخال الألف واللام عليه ؛ نحو : «الواحد والاثنين».

* * *

٣٨٩

باب كنايات العدد

والعرب تكنى عن العدد بـ «كذا» وتستفهم عنه بـ «كم» وتكثّره بـ «كأيّن» وب «كم» أيضا.

فأما «كم» ، فإن كانت استفهاميّة ، كان تمييزها مفردا منصوبا (١).

وإن كانت خبريّة ، كانت للتكثير ، ويكون تمييزها مخفوضا (٢) ، ويجوز فيه الإفراد والجمع ، ويجوز حمل الخبريّة على الاستفهاميّة فى نصب التمييز خاصّة إذا فهم المعنى ؛ ومن ذلك قوله [من الكامل] :

٢٤٤ ـ كم عمّة لك يا جرير وخالة

فدعاء قد حلبت علىّ عشارى (٣)

فإنّه روى بنصب «عمّة».

وكذلك يجوز ـ أيضا ـ حمل الاستفهاميّة على الخبريّة في خفض التمييز خاصّة وحكى من كلامهم : «على كم جذع بيتك» ، والأصل : على كم من جذع ، فحذفت من وعوّض منها على.

وكذلك لا يجوز خفض تمييزها حتى يدخل عليها حرف خفض.

__________________

(١) م : [باب كنايات العدد]

وقولى : «فإن كانت استفهامية ، كان تمييزها مفردا منصوبا» مثال ذلك : قولك : كم غلاما عندك. أه.

(٢) م : وقولى : «وإن كانت خبريّة ، كانت للتكثير ، ويكون تمييزها مخفوضا» مثال ذلك : كم غلام لى ، وكم غلمان لى ، أى : كثير من الغلمان لى. أه.

(٣) البيت للفرزدق.

والشاهد فيه قوله : «كم عمة» حيث رويت منصوبة حملا لـ «كم» الخبرية على الاستفهامية فى نصب التمييز ، وفى «عمة» وجهان آخران : أحدهما : الرفع على الابتداء ، والمسوغ للابتداء بها وصفها بالجار والمجرور ، والثانى : والجر على الإضافة.

ينظر : يوانه ١ / ٣٦١ ، الأشباه والنظائر ٨ / ١٢٣ ، وأوضح المسالك ٤ / ٢٧١ ، وخزانة الأدب ٦ / ٤٥٨ ، ٤٨٩ ، ٤٩٢ ، ٤٩٣ ، ٤٩٥ ، ٣٩٨ ، والدرر ٤ / ٤٥ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٨٠ وشرح شواهد المغني ١ / ٥١١ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥٣٦ ، وشرح المفصل ٤ / ١٣٣ ، والكتاب ٢ / ٧٢ ، ١٦٢ ، ١٦٦ ، ولسان العرب (عشر) ، واللمع ٢٢٨ ، ومغني اللبيب ١ / ١٨٥ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤٨٩ ، وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب ١ / ٣٣١ ، وشرح الأشموني ١ / ٩٨ ، وشرح ابن عقيل ص ١١٦ ، ولسان العرب (كمم) ، والمقتضب ٣ / ٥٨.

٣٩٠

ويجوز الفصل بين الاستفهاميّة وتمييزها بالظرف والمجرور ، فتقول / : «كم فى الدّار رجلا» ، و «كم عندك جارية».

وإن فصلت بين الخبريّة وتمييزها ، التزم فيه النّصب ، ولا يجوز الخفض إلا فى ضرورة ؛ نحو قوله [من الرمل] :

٢٤٥ ـ كم بجود مقرف نال العلى

وكريم بخله قد وضعه (١)

فإنّه روى بخفض «مقرف» ونصبه ، ويجوز دخول «من» على تمييزها ، فيخفض إذ ذاك ؛ فتقول : «كم من غلام عندك». و «كم من غلام ملكت».

ويجوز ـ أيضا ـ حذف تمييزها لفهم المعنى ، فتقول : «كم مالك» ، أى : كم درهما مالك.

وكلاهما له صدر الكلام فلا يتقدمه عامل إلا الخافض (٢).

ويعرف موضعهما من الإعراب بالقانون الذى تقدّم فى أسماء الشرط.

والأحسن فى الاسم الواقع فى جواب كم الاستفهاميّة : أن يكون موافقا لها فى الإعراب ؛ فتقول فى جواب من قال : كم درهما ملكت : «عشرين» ، وفى جواب من قال : كم درهما عندك : «عشرون».

ويجوز أن ترفع الجواب على كلّ حال.

وأمّا كأين ، فمعناها معنى كم الخبريّة ، إلا أن تمييزها يلزمه من ، ويجوز الفصل بينها وبينه بالجمل ؛ فتقول : «كأين جاءنى من رجل».

__________________

(١) البيت لأنس بن زنيم.

والشاهد فيه قوله : «مقرف» حيث وردت «كم» الخبرية مفصولا بينها وبين تمييزها وروى تمييزها «مقرف» مخفوضا وكان القياس النصب إلا أن ذلك ضرورة وروى بالنصب على التمييز لقبح جره مع الفصل.

ينظر : ديوانه ص ١١٣ ، خزانة الأدب ٦ / ٤٧١ ، والدرر ٤ / ٤٩ ، وشرح شواهد الشافية ص ٥٣ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٤٩٣ ، ولعبد الله بن كريز في الحماسة البصرية ٢ / ١٠ ، وبلا نسبة في الإنصاف ١ / ٣٠٣ ، والدرر ٦ / ٢٠٤ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٠ ، وشرح الأشموني ٣ / ٦٣٥ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥٣٤ ، وشرح المفصل ٤ / ١٣٢ ، والكتاب ٢ / ١٦٧ ، والمقتصب ٣ / ٦١ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٥٥ ، ٢ / ١٥٦.

(٢) م : وقولى : «ولا يتقدمه عامل إلا الخافض» مثال ذلك : قولك : بكم درهم اشتريت ثوبك ، وبكم غلام مررت. أه.

٣٩١

وفيها لغات : يقال : «كأيّن» ، و «كاءين» ، و «كئ» نحو : كع ، و «كىء» نحو : كيع.

وأمّا «كذا» ، فإن كنيت به عن الثلاثة إلى العشرة ، أو عن المائة ، أو الألف ، قلت : «كذا من الدّراهم».

وإن كنيت به عن أحد عشر إلى تسعة عشر ، قلت : «كذا وكذا درهما».

وإن كنيت به عن عشرين ، أو ثلاثين إلى تسعين ، قلت : «كذا درهما» ، وإن كنيت به عن المعطوف من واحد وعشرين إلى تسعة وتسعين ، قلت : «كذا وكذا درهما».

* * *

٣٩٢

باب اسم الفاعل المشتقّ من العدد

إذا اشتققت اسم فاعل من واحد إلى عشرة ، كان المذكّر على وزن «فاعل» ، والمؤنث على وزن «فاعلة» ، نحو : «حاد» ، و «حادية» ، وكذلك إلى العشرة ، إلا أنّه يجوز فى ثالث وثالثة ، لغتان ، إثبات الثاء وإبدالها ياء ، فيقال : ثالى ، وثالية ، وعلى ذلك قوله [من الرجز] :

٢٤٦ ـ يفديك يا زرع أبى وخالى

قد مرّ يومان وهذا الثّالى / (١)

وذلك يجوز ـ أيضا ـ فى خامس ، وخامسة ، إثبات السين وإبدالها ياء ؛ وعلى ذلك قوله [من البسيط] :

٢٤٧ ـ مضت ثلاث سنين منذ حلّ بها

وعام حلّت وهذا التّابع الخامى (٢)

ويجوز فى سادس وسادسة ، ثلاث لغات : إثبات السّين وإبدالها ياء ، فيقال : «ساد» ، و «سادية» ، وعلى ذلك قوله [من الطويل] :

٢٤٨ ـ بويزل عام قد أذاعت لخمسة

وتعتدّنى إن لم يق الله ساديا (٣)

وإدغام الدال فيها بعد قلبها تاء ، فيقال : «سات» ، و «ساتة» ؛ كما قالوا : «ست».

__________________

(١) البيت : بلا نسبة في : الدرر ٦ / ٢٢٤ ، سر صناعة الإعراب ٧٦٤ ، وشرح الأشموني ٣ / ٨٨٠ ، شرح شافية ابن الحاجب ٣ / ٢١٣ ، لسان العرب (ثلث) ، همع الهوامع ٢ / ١٥٧ ، شرح المفصل ١٠ / ٢٤ ، ٢٨ ، وبعده :

وأنت بالهجران لا تبالى

والشاهد فيه قوله : «وهذا الثالي» يريد : وهذا الثالث فأبدل الثاء ياء.

(٢) البيت : للحادرة (قطنة بن أوس) وقبله :

كم للمنازل من شهر وأعوام

بالمنحنى بين أنهار وآجام

والشاهد فيه قوله : «الخامي» يريد الخامس ، فأبدل السين ياء.

ينظر : لسان العرب (خمس) (خما) والدرر ٦ / ٢٣٥ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٧٤٢ والممتع في التصريف ١ / ٣٦٩ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٥٧.

(٣) البيت : بلا نسبة في : سر صناعة الإعراب ٢ / ٧٤١ ، شرح شواهد الشافية ص ٤٤٧ ولسان العرب (ذيع).

الشاهد : قوله : «ساديا» يريد : سادسا فقلب السين ياء.

٣٩٣

فحاد وحادية ، لم يستعملا إلا فيما زاد على عشرة.

وأمّا واحد وواحدة ، فصفتان من : وحد يحد ، إذا انفردا أو ليستا من هذا الباب ، ولا تجوز إضافتهما ، وما عدا ذلك يجوز إضافته إلى العدد الذى أخذ منه ، وإلى خلافه ، فيقال : ثالث ثلاثة ، وثالث اثنين ؛ وكذلك باقيها ، إلا ثانيا وثانية ، فإنّهما لا يضافان إلا إلى العدد الذى أخذ منه ، فيقال : ثانى اثنين ، وثانية اثنتين ، ولا يجوز : ثانى واحد ، ولا ثانية واحدة.

فإذا أضيف إلى الموافق ، لم يعمل ، ويعرف بالإضافة (١) ؛ وإن أضيف إلى المخالف ، جرى مجرى اسم الفاعل المأخوذ من الفعل فى جميع أحواله ؛ فيعمل بمعنى الحال والاستقبال ، ولا يعمل بمعنى الماضى ، إلا إذا دخلت عليه الألف واللام (٢) ؛ نحو : «هذا الرّابع ثلاثة أمس».

وأمّا العدد من أحد عشر إلى تسعة عشر ، فإنّك تبنى اسم الفاعل من النّيّف على فاعل ، للمذكّر ، وفاعلة للمؤنّث ، ويكون اسم الفاعل مبنيا مع العشرة ؛ كما كان النيّف ؛ فتقول : حادى عشر ، وحادية عشرة ، وكذلك إلى تسعة عشر.

فإن أضفته إلى العدد الموافق ، قلت : «ثالث عشر ثلاثة عشر» ، وإن شئت حذفت «عشر» الأول ؛ لدلالة «عشر» المتأخّر عليه.

ويعرب اسم الفاعل لزوال موجب بنائه ، وهو أجود الوجوه ؛ فتقول : «هذا ثالث ثلاثة عشر».

وإن شئت حذفت ـ أيضا ـ ثلاثة ؛ لدلالة ثالث عليها ، وأعربت ثالثا ؛ لزوال موجب بنائه ، وأبقيت «عشر» مبنيّا ، لأنّك نويت المحذوف ؛ فقلت : «هذا ثالث عشر».

__________________

(١) م : باب اسم الفاعل المشتق من العدد قولى : «فإن أضيف إلى الموافق ، لم يعمل ويعرف بالإضافة» أعنى : أنك تقول : مررت بزيد ثالث الثلاثة ، فتصف به المعرفة ؛ لأنه تعرّف بإضافتة إلى المعرفة ، ولا يجوز إعماله فيما بعده ، لا تقول ثالث ثلاثة ؛ فتنصب به ثلاثة. أه.

(٢) م : وقولى : «فيعمل بمعنى الحال والاستقبال ، ولا يعمل بمعنى الماضى إلا إذا أدخلت عليه الألف واللام» مثال ذلك : هذا الرابع ثلاثة الآن ، وهذا الخامس أربعة غدا ، وهذا الرابع ثلاثة أمس ، وهذا الخامس أربعة أمس. أه.

٣٩٤

حكى الكسائى السواء ثالث عشر ، وهذا الوجه أقلّها استعمالا.

ومثل ذلك جائز فى الباقى.

وإن أضفته إلى المخالف ، لم يجز فيه / إلا وجهان :

أحدهما : أن تقول : «هذا ثالث عشر اثنى عشر»

والآخر : أن تحذف «عشر» المتقدّم ؛ لدلالة المتأخر عليه ، ويعرب اسم الفاعل ؛ لزوال موجب بنائه ، فتقول : «هذا ثالث اثنى عشر» ، ومثل ذلك جائز فى الباقى ، ولا يعمل اسم الفاعل المأخوذ من العدد المركّب أصلا (١) ، ولا يجوز بناء اسم الفاعل من عشرين وسائر أسماء العقود ؛ بل تقول : «هذا العشرون» ، أو «كمال العشرين».

* * *

__________________

(١) م : وقولى : «ولا يعمل اسم الفاعل المأخوذ من العدد المركب أصلا» أعنى : أنه لا يجوز أن يقال : هذا ثالث اثنى عشر ، فتنون ثالثا وتنصب به اثنى عشر. أه

٣٩٥

باب الإدغام من كلمتين

الإدغام ، لا يكون إلا فى مثلين [أو] متقاربين :

ذكر إدغام المثلين :

إذا التقى المثلان فى كلمتين ، فإمّا أن يكون الثانى ساكنا ، أو متحرّكا ، فإن كان ساكنا ، لم يجز الإدغام ؛ بل لا بدّ من إظهارهما ؛ نحو قولك : «اضرب ابنك»

وقد شذّت العرب فى «علماء بنو فلان» ، والأصل : على الماء ، فحذفوا الألف لالتقاء الساكنين ، ثم حذفوا أحد المثلين بعد ذلك تخفيفا ، وإن كان متحرّكا.

فإن كانا صحيحين ، فإمّا أن يكون الأوّل منهما ساكنا ، فتدغمه فى الثانى ليس إلا ؛ نحو قولك : «اضرب بكرا».

وإمّا أن يكون متحرّكا فلا يخلو إذ ذاك من أن يكون ما قبله ساكنا أو متحرّكا ، فإن كان متحرّكا ، جاز الإظهار وحذف الحركة من المثل الأول ، وإدغامه فى الثانى ؛ فتقول : «جعل لك» ، و «جعلّك».

وكلاهما حسن ، والإظهار لغة أهل الحجاز.

وأقوى ما يكون الإدغام وأحسنه إذا أدّى الإظهار إلى اجتماع خمسة أحرف متحرّكة فصاعدا (١).

وإن كان ما قبله ساكنا ، فإن كان الساكن حرف علّة ، جاز الإظهار ، وأن تحذف الحركة من المثل الأول ، وتدغمه فى الثانى ؛ نحو : «دار راشد» ، و «ثوب بكر» ، و «جيب بشر».

والإظهار فيه أحسن من الإظهار فى «جعل لك» وأشباهه.

وإن كان الساكن حرفا صحيحا ، لم يجز الإدغام ؛ نحو : اسم موسى ، وابن نوح.

__________________

(١) م : باب الإدغام من كلمتين

قولى : «وأقوى ما يكون الإدغام وأحسنه إذا أدى الإظهار إلى اجتماع خمسة أحرف متحركة فصاعدا» أعنى : أن الإدغام فى مثل «جعل لك» لتوالى خمسة أحرف متحركة أقوى من الإدغام فى مثل «يجعل لك». أه.

٣٩٦

وإن كان المثلان حرفى علّة ، فإن كان الأول ساكنا : فإمّا أن يكون حرف لين ؛ فيلزم الإدغام ؛ نحو : «اخشى ياسرا» ، أو حرف مد ولين ، فلا يجوز الإدغام نحو : «يغزو واقد» ، و «اضربى ياسرا» ، وإن كان الأول متحرّكا ، فإمّا أن يكون ما قبله متحرّكا ؛ فيجوز الإظهار والإدغام ؛ نحو : «ولى يزيد» ، و «لقضو واقد».

وإمّا أن / يكون ساكنا معتلّا غير مدغم ؛ فيجوز الإظهار والإدغام ؛ نحو : «واو واقد» ، و «آى ياسين».

وإمّا أن يكون ساكنا صحيحا ، أو معتلّا مدغما ، فلا يجوز الإدغام ، نحو : «ولىّ يزيد» ، و «عدوّ واقد» ، و «ظبى يزيد» ، «غزو واقد».

* * *

٣٩٧

ذكر إدغام المتقاربين

اعلم : أنّ التقارب بين الحرفين يكون فى المخرج ، أو فى الصّفة ، أو فى مجموعهما ، فلا بدّ من ذكر الحروف ومخارجها وصفاتها.

فحروف المعجم ، الأصول : تسعة وعشرون حرفا ، أوّلها الألف وآخرها الياء على المشهور من ترتيب حروف المعجم.

وقد تبلغ خمسة وثلاثين بفروع حسنة تلحقها ، يؤخذ بها فى القرآن وفصيح الكلام ، وهى : النون الخفيفة ، وأعنى بذلك : السّاكنة ، إذا وقع بعدها حرف من الحروف التى تخفى معها (١) ، والشين التى كالجيم ؛ نحو : أجدق فى أشدق ، والصّاد التى كالزّاى ؛ نحو : «مزدر» فى مصدر ، والهمزة المخفّفة ، وهى المجعولة بينها وبين الحرف الذى منه حركتها ، وذلك جائز فى كلّ همزة متحرّكة تكون بعد ألف ، أو بعد حركة (٢) ما لم تكن مفتوحة مكسورا ما قبلها ، فتبدل ياء (٣) ، أو مضموما فتبدل واوا (٤).

وألف التّفخيم (٥) ، وألف الإمالة ، وهى كلّ ألف ينحى بها نحو الياء ، وبالفتحة التى قبلها نحو الكسرة.

ولا تفعل ذلك بها إلا إذا كان قبلها كسرة بحرف ؛ نحو : «عماد» ، أو بحرفين ، أوّلهما ساكن ؛ نحو : «شملال» ، أو بحرفين متحرّكين إذا كان أحدهما الهاء ، ولم تفصل بين الكسرة والألف ضمّة ؛ نحو : لن يضربها ، فإن فصل

__________________

(١) م : وقولى : «وأعنى بذلك الساكنة إذا وقع بعدها حرف من الحروف التى تخفى معها» مثال ذلك «منكم» و «إنفاق» وسنبين سائر الحروف التى تخفى معها. أه.

(٢) م : وقولى : «وذلك جائز فى كل همزة متحركة تكون بعد ألف أو بعد حركة» مثال ذلك : شاء وشأى. أه.

(٣) م : وقولى : «ما لم تكن مفتوحة مكسورا ما قبلها فتبدل ياء» مثال ذلك قولك : بير فى بئر. أه.

(٤) م : وقولى : «أو مضموما فتبدل واوا» مثال ذلك قولك : سوله فى سوله. أه.

(٥) م : وقولى : «والف التفخيم» أعنى بذلك : كل ألف ينحى به نحو الواو ، مثال ذلك : الصلاة. أه.

٣٩٨

بينهما ضمّة لم تمل ، نحو : «يضربها» ، أو بثلاثة أحرف ، أولها ساكن إذا كان أحدها الهاء ، ولم تفصل ـ أيضا ـ بين الكسرة والألف ضمّة ، نحو قولك : «عندها» ، أو إذا كان قبلها ياء تليها ؛ نحو : «سيّال» ، أو بينهما حرف ؛ نحو : «شيبان» ، أو حرفان متحرّكان ، أحدهما الهاء ، ولم تفصل بينهما ـ أيضا ـ ضمّة ؛ نحو : «بينها» ، أو إذا كان قبلها إمالة بحرف ؛ نحو : قولك : «رأيت عمادا» ، أو إذا كان بعدها كسرة تليها ؛ نحو : «عابد» ، أو إذا كانت متطرّفة ثالثة فصاعدا ؛ نحو : «رمى» ، و «غزا» ، و «فتى» ، و «كيما» ، و «ملهى» ، و «موتى» ، و «حبلى» /.

وقد يتركون الإمالة فى «عصا» ، ونحوها ، من الأسماء.

وإذا كانت عينا فى فعل منقلبة عن ياء ؛ نحو : «باع» ، أو عن واو مكسورة ، نحو : «خاف».

وسواء كانت الكسرة فى جميع ما ذكرنا بناء أو إعرابا (١) ؛ نحو قولك : «بمالك» ، وظاهرة أو مقدّرة ؛ نحو : الوقف على «ماش» ، ومتّصلة أو منفصلة ؛ نحو قولك : «لزيد مال».

إلا أنّ الإمالة لكسرة البناء أقوى منها لكسرة الإعراب ، وللمتّصلة كائنة ما كانت ، أقوى منها للمنفصلة ، وللظاهرة أقوى منها للمقدّرة ، وفى ما كانت الألف فيه متطرّفة رابعة فصاعدا ، أو ثالثة منقلبة عن ياء أقوى منها إذا كانت ثالثة منقلبة عن واو وإذا كانت عينا منقلبة عن ياء أقوى منها إذا كانت منقلبة عن واو مكسورة.

والإمالة إمّا تكون فى الأفعال والأسماء ، إلا ما كان منها متوغّلا فى البناء غير مستقبل ؛ نحو : «ما» الاستفهاميّة ، أو الشرطية ، أو الموصوفة ، وإذا.

وأمّا الحروف ، فلا يمال شىء منها إلا : «بلى» ، [و «لا»](٢) من قولهم «إمّا لا». و «يا» فى النداء ؛ لنيابتها مناب الأفعال.

__________________

(١) م : وقولى : «وسواء كانت الكسرة فى ذلك بناء أو إعرابا» أعنى بقولى : بناء : ثابتة ، وليست إعرابا ؛ نحو : حذام. أه.

(٢) سقط في ط.

٣٩٩

وتمنع الإمالة إذا كانت لتأخّر كسرة ، أو تقدّمها ، أو تقدّم «ياء» ، أو إمالة سبعة أحرف ، وهى : الصّاد ، والضّاد ، والطّاء ، والظّاء ، والغين ، والخاء ، والقاف ، وذلك إذا وليت الألف قبلها ؛ نحو «غانم» ، أو كانت مكسورة أو ساكنة وقبلها كسرة ، وبينهما حرف عند بعضهم ؛ نحو : «قفاف» ، و «مصباح» ، أو وليتها بعدها ، نحو : «ناظر» ، أو بينهما حرف ، نحو : «ناهض» ، أو حرفان ، نحو : «مناشيط».

وإذا كان حرف الاستعلاء منفصلا من الكلمة ، لم يمنع الإمالة إلا فيما [أميل](١) لكسرة عارضة ؛ نحو قولك : «بمال قاسم» ، أو فيما أميل من الألقاب التى هى صلات للضمائر ؛ نحو : «أراد أن يضربها قبل».

وسواء كان المستعلى يلى الألف (٢) أو بينهما حرف نحو قولك : «منّا فضل» ، أو حرفان ؛ نحو قولك : «أراد أن يضربها ملق» أو ثلاثة أحرف ، نحو قولك : «أراد أن يضربها بسوط».

فإن كانت الألف الممالة خلاف ما ذكر لم يؤثّر فيها المستعلى المنفصل ؛ لقوّتها في الإمالة ؛ نحو قولك : «عماد قاسم» ، بالإمالة.

وأمّا الراء إذا لم تكن مكسورة ، فإنّها إذا وقعت قبل الألف تليها ، فإنّها تمنع الإمالة ؛ كالمستعلى ؛ نحو : «راشد».

وإن وقعت بعدها تليها ، منعتها ـ أيضا ـ / حيث منعت المستعلية ؛ نحو قولك : «هذا حمار» ، و «رأيت حمارا» ، و «أراد أن يضربها راشد» ، و «بمال راشد».

وإن كان بينهما حرف ، منعتها عند بعضهم ؛ نحو قولك : «هذا كافر» ، وإن كانت مكسورة ، غلّبت الراء غير المكسورة أو المستعلى المتقدّم عليها ، إن وقعت بعد الألف تليها ؛ نحو : «قارب» ، و «من قرارك» بالإمالة.

فإن تأخّر عنها المستعلى غلبها ، نحو قولك : هذه ناقة فارق ، وأينق مفاريق ،

__________________

(١) سقط في ط.

(٢) م : وقولى : «وسواء كان المستعلى يلى الألف» مثال ذلك مناضلى. أه.

٤٠٠