المقرِّب ومعه مُثُل المقرِّب

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »

المقرِّب ومعه مُثُل المقرِّب

المؤلف:

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »


المحقق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-0067-X
الصفحات: ٦٤٨

فإنّ «جلا» متحمّل لضمير ، فهو محكىّ ؛ لأنّه جملة.

ولا يمنع الوزن الصرف إلا مع التعريف ، أو الصّفة (١) ، أو شبه أصله من الصّفة ؛ نحو : أحمر ، إذا سمّى به ، ثم نكّر بعد التّسمية.

[التأنيث]

وأمّا التأنيث ، فإن كان بعلامة لازمة ، وهى الألف ، نحو : «حبلى» ، «وحمراء» ، منع الصرف وحده ، وكذلك إذا سمّيت باسم فى آخره ألف الإلحاق ؛

__________________

وظرف فإنه منصرف معرفة كان أو نكرة لأنه يكثر في الأسماء كثرته في الأفعال من غير غلبة فنظير ضرب في الأفعال من الأسماء جبل وقلم ، ونظير علم كتف ورجل ونظير ظرف ، عضد ويقظ وليس ذلك في أحدهما أغلب منه في الآخر فلم يكن الفعل أولى به فلم يكن سببا ، ومذهب عيسى بن عمر هو أنه متى سمى بالفعل كان كونه على صيغة الفعل سببا فيجتمع مع العلمية فيمتنع من الصرف فلذلك يمتنع صرف قتل وخرج إذا سمى بهما لأن فيه وزن الفعل مع العلمية.

ومذهب سيبويه والخليل وجمهور الناس أن المعتبر في وزن الفعل إما خصوصية وزن لا يكون إلا في الفعل وإما أن تكون في أول الفعل زيادة كزيادة الفعل سواء كان في الأصل اسما أو فعلا فلا فرق بين أرنب وأخرج إذا سمى بهما في أنهما غير مصروفين ولا فرق بين جبل وقتل إذا سمى بهما في أنهما مصروفان وهذا هو الصحيح الذي يدل عليه ما نقله الثقات عن العرب الفصحاء وليس في البيت حجة عند سيبويه لاحتمال أن يكون سمى بالفعل وفيه ضمير فاعل فيكون جملة ، والجمل تحكي إذا سمى بها نحو برق نحرة وشاب قرناها أو يكون جملة غير مسمى بها في موضع الصفة لمحذوف والتقدير أنا ابن رجل جلا فلا يكون فيه على كلا الوجهين حجة. ويرد عليه أن الجملة إذا كانت صفة لمحذوف فشرط موصوفها أن يكون بعضا من متقدم مجرور بمن أو في.

ويراه ابن الحاجب ابن ذي جلا بالتنوين على حذف مضاف.

ينظر : الاشتقاق ص ٢٢٤ ، والأصمعيات ص ١٧ ، وجمهرة اللغة ص ٤٩٥ ، ١٠٤٤ ، وخزانة الأدب ١ / ٢٥٥ ، ٢٥٧ ، ٢٦٦ ، والدرر ١ / ٩٩ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٤٥٩ ، وشرح المفصل ٣ / ٦٢ ، والشعر والشعراء ٢ / ٦٤٧ ، والكتاب ٣ / ٢٠٧ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٥٦ ، وبلا نسبة في الاشتقاق ص ٣١٤ ، وأمالي ابن الحاجب ص ٤٥٦ ، وأوضح المسالك ٤ / ١٢٧ ، وخزانة الأدب ٩ / ٤٠٢ ، وشرح الأشموني ٢ / ٥٣١ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٤٩ ، وشرح قطر الندى ص ٨٦ ، وشرح المفصل ١ / ٦١ ، ٤ / ١٠٥ ، ولسان العرب (ثنى) ، (جلا) ، وما ينصرف وما لا ينصرف ص ٢٠ ، ومجالس ثعلب ١ / ٢١٢ ، ومغني اللبيب ١ / ١٦٠ ، وهمع الهوامع ١ / ٣٠.

(١) م : وقولى : «ولا يمنع الوزن الصرف إلا مع التعريف أو الصفة» إلى آخره ، مثال منعه الصرف مع التعريف : مررت بأحمد ، ومثال منعه مع الوصف : مررت برجل أحمر ، ومثال منعه الصرف مع شبه أصله من الصفة : ما حكاه أبو زيد من قول بعضهم : عندى عشرون أحمر ، يريد عشرين رجلا اسم كل واحد منهم أحمر. أه.

٣٦١

نحو : «أرطى» فى لغة من يقول : أديم مأروط ، تمنعه الصرف لشبه الألف بألف التأنيث ، فى أنّها زائدة فى الآخر ، لا تدخل عليها تاء التأنيث ؛ كما أن ألف التأنيث كذلك ، وأمّا قبل التسمية بها ، فقد كانت معرّضة لدخول تاء التأنيث عليها ؛ لأنّك تقول : «أرطأة» ، فى الواحد ، و «أرطى» ، فى الجمع.

وإن كان بعلامة غير لازمة ، وهى : التاء ؛ فإنّه يمنع الصرف مع التعريف خاصّة ، وسواء كان باقيا على المؤنّث ، أو منقولا عنه إلى مذكر (١).

وإن كان بغير علامة : فإمّا أن يكون الاسم المؤنّث واقعا [على المؤنث](٢) أو قد نقل عنه إلى المذكّر.

فإن / كان واقعا عليه ، فإنّه يمنع الصرف مع التعريف خاصّة فيما زاد على ثلاثة أحرف ؛ كزينب ، أو فيما كان متحرّك الوسط من الثلاثة كسقر.

وأمّا الثلاثى الساكن الوسط : فإن كان منقولا من اسم أكثر استعماله للمذكّر ، فإن تأنيثه يمنع الصرف مع التعريف.

والنقل من الخفيف إلى الثقيل ؛ نحو زيد ، اسم امرأة.

وإن لم يكن كذلك :

فإن انضاف إلى التأنيث العجمة ، امتنع من الصّرف ؛ كحمص.

وإن لم تنضف إليه عجمة ، جاز فيه وجهان (٣) : الصّرف ؛ لخفة البناء ، ومنعه ؛

__________________

(١) م : وقولى : «وسواء كان باقيا على المؤنث أو منقولا عنه إلى مذكر» مثال الباقى على المؤنث : عائشة ، ومثال المنقول عنه إلى مذكر : خارجة اسم رجل. أه.

(٢) سقط في ط.

(٣) م : وقولى : «وإن لم تنضف إليه عجمة ، جاز فيه وجهان» مثال ذلك : دعد اسم امرأة ؛ فإنه يجوز فيه الوجهان ؛ قال الشاعر ـ فجمع بين اللغتين ـ : [من المنسرح]

لم تتلفّع بفضل مئزرها

دعد ولم تغذ دعد فى العلب

[وهو لجرير فى ملحق ديوانه ص ١٠٢١ ، ولسان العرب (دعد) ، (لفع) ، ولعبيد الله بن قيس الرقيات فى ملحق ديوانه ص ١٧٨ ، وبلا نسبة فى أدب الكاتب ص ٢٨٢ ، وأمالى ابن الحاجب ص ٣٩٥ ، والخصائص ٣ / ٦١ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٥٢٧ ، وشرح قطر الندى ص ٣١٨ ، وشرح المفصل ١ / ٧٠ ، والكتاب ٣ / ٣٤١ ، وما ينصرف وما لا ينصرف ص ٥٠ ، والمنصف ٢ / ٧٧].

فصرف الأول ، وترك صرف الثانى. أه.

٣٦٢

للتأنيث والتعريف ، أيضا.

وإن كان قد نقل إلى مذكّر :

فإن كان ثلاثيّا ، صرفته ؛ نحو : هند ، وقدم ، إذا سمّيت بها رجلا (١).

وإن كان أزيد : فإن كان تأنيثه تأنيث جمع ؛ ككلاب ، أو كان من الأوصاف الواقعة على المؤنّث بغير تاء ؛ كحائض ، فإنّك تصرفه إذا سمّيت به مذكّرا.

وإن كان غير ذلك ، منعته الصّرف للتعريف وقيام الحرف الرابع مقام تاء التأنيث ؛ نحو : زينب ، إذا سمّيت به رجلا ، إلّا كراعا ، وذراعا ، اسمين لرجلين ؛ فإنّ العرب صرفتهما ؛ لكثرة تسمية المذكّر بهما.

وأمّا التركيب : فإنّ الذى يمنع منه الصّرف ما لم يكن فيه تضمين حرف ؛ كـ «بعلبك» (٢) ، ولا يمنع الصرف إلا مع التعريف ، ومنهم من يشبّهه بالتركيب الذى فيه تضمين حرف ، كخمسة عشر ، فيبنيه.

ومنهم من يشبهه بغلام زيد ، فيضيف الأول إلى الثانى ويعرب الاسمين.

وأمّا زيادة الألف والنون ، فلا يمنعان الصّرف إلّا مع الصفة أو التعريف ، ولا يمنعانه ، إلّا إذا كانا مشبهين لألفى التأنيث ، ولا يشبهانهما فى الاسم غير الصفة ، إلا إذا كانا فى اسم علم (٣) ؛ لأنّهما إذ ذاك زيادتان فى الآخر ، الأولى منهما ألف ، ولا

__________________

(١) م : وقولى : «نحو هند وقدم إذا سميت بهما رجلا» من ذلك قوله : [من الطويل]

تجاوزت هندا رغبة عن قتاله

إلى ملك أعشو إلى ضوء ناره

[ينظر البيت بلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ٣٤٣ ، وشرح التصريح ٢ / ٣٣٩ ، وشرح المفصل ٥ / ٩٣ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٥٥٨].

فصرف «هندا» لأنه أوقعه على رجل. أه.

(٢) م : وقولى : «وأما التركيب ، فالذى يمنع منه الصرف ما لم يكن فيه تضمين حرف كـ «بعلبك» ...» إلى آخره من ذلك قوله [من الطويل] :

لقد أنكرتنى بعلبك وأهلها

 ............

[صدر بيت لامرئ القيس وعجزه

 ...........

ولابن جريج في قرى حمص أنكرا

ينظر ديوانه ص ٦٨]

فإنه روى بالأوجه الثلاثة. أه.

(٣) م : وقولى : «إلا إذا كانا فى اسم علم» مثال ذلك : مررت بـ «عثمان». أه.

٣٦٣

تدخل عليهما تاء التأنيث أصلا ؛ كما أنّ ألفى التأنيث كذلك.

وأمّا فى حال التنكير : فالاسم قد تدخله تاء التأنيث ؛ نحو : «مرجان» ، إذا أردت منه الواحد ، قلت : «مرجانة».

ولا يشبهانهما فى الصفة ، حتى تكون لا تؤنّث بالتاء ؛ نحو : سكران ، وسكر ؛ لأنّهما إذ ذاك زيادتان فى الآخر ، لا تدخل عليهما تاء التأنيث ؛ بل للمذكّر وزن خلاف وزن المؤنّث ؛ كما أنّ ألفى حمراء ، كذلك.

فإن أنث الاسم بالتاء ، صرف ؛ نحو : سكران فى لغة من يقول : سكرانة (١) /.

وأمّا العجمة ، فالذى يمنع منها الصّرف ، الشخصيّة بشرط أن يكون الاسم على أزيد من ثلاثة أحرف ، وأعنى بالشخصيّة : أن ينقل الاسم فى أول أحواله من كلام العجم إلى كلام العرب ، معرفة ، وسواء كان فى كلام العجم معرفة ؛ كإبراهيم ، أو نكرة ؛ كـ «قالون» (٢).

__________________

(١) م : وقولى : «فإن أنث الاسم بالتاء ، صرف ؛ نحو : سكران ، فى لغة من قال : سكرانة» هذا الذى ذكرته هو الفصيح المستعمل ، وترك صرف مثل هذا شاذ قليل الاستعمال ؛ فلم أذكره ؛ ومن ذلك قوله [من البسيط] :

كم دون بثنة من خرق ومن علم

كأنّه لامع عريان مسلوب

[ينظر البيت لذى الرمة فى ديوانه ص ١٥٧٥ ، وخزانة الأدب ١ / ٢٥٣ ، ٢٥٥ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٨٧٩ ، ويروى «ميّة» بدلا من «بثنة»].

وقال آخر [من الطويل] :

إنّ الفزارىّ الّذى بات فيكم

غدا سالما والموت عريان ساغب

وكأنّه شبّهه ببناء غضبان ، فأما قول الشاعر [من الطويل] :

لقد منّت الخذواء منّا عليهم

وشيطان إذ يحميهم ويثوّب

[ينظر البيت لطفيل الغنوى فى ديوانه ص ٤٩ ، ولسان العرب (شيط) ، (شطن) ، (خذا) ، وتاج العروس (شيط) ، الحيوان ١ / ٣٠٠ ، وبلا نسبة فى تاج العروس (خذا) ويروى «وقد» بدلا من «لقد» ، ويروى «يدعوهم» بدلا من «يحميهم»].

فإن «شيطان» اسم رجل معرفة. أه.

(٢) م : وقولى : «أو نكرة كقالون» أعنى أن قالون فى كلام العجم بمعنى «جيد» فهو نكرة عندهم ، إلا أنه لم ينقل إلى كلام العرب إلا معرفة اسم رجل.

فإن قال قائل : إن قالون قد نقل إلى كلام العرب نكرة ، روى عن على ـ رضى الله عنه ـ أنه سأل شريحا عن مسألة ، فأجاب بجواب حسن ، فقال له على ـ رضى الله عنه ـ : قالون.

٣٦٤

ولا تمنع الصرف إلا مع التعريف : فإن كانت جنسيّة ؛ كـ «لجام» لم تمنع الصّرف ؛ وكذلك إن كان الاسم ثلاثيا ، لم تؤثر عجمته فى أكثر من التزام منع الصرف ، فى المؤنّث الساكن الوسط ؛ نحو : «حمص».

وأمّا الوصف : فيمنع الصرف مع زيادة الألف والنون ، أو الوزن ، أو العدل خاصّة ؛ نحو : أحمر ، وأخر ، وغضبان ، إلا أن يكون الوصف اسما فى الأصل ، فإنّه لا يؤثر [فى](١) منع الصرف ؛ نحو قولك : مررت بنسوة أربع ، فإنّه اسم عدد فى الأصل.

وأمّا الجمع الذى لا نظير له فى الآحاد ، فيمنع الصرف وحده ؛ نحو : مساجد ، وإذا سمّى به ، امتنع الصرف ؛ للتعريف وشبه العجمة ؛ لأنّك ـ إذن ـ أدخلت فى الآحاد العربيّة ما ليس منهما ؛ كما أنك إذا سمّيت بالعجمى ، فقد أدخلت فى كلام العرب ما ليس منه.

فإن نكّرته بعد التّسمية ، منعته الصّرف لشبهه بأصله ؛ ألا ترى أنّه الآن اسم نكرة ، كما أنّه قبل التسمية كذلك.

* * *

__________________

فالجواب : أن قالون لو كان بمعنى حسن فى قول على ـ رضى الله عنه ـ للزم صرفه إذا سمينا به رجلا ؛ لأنه نقل إلى كلام العرب نكرة ، ثم بعد ذلك سمى به الرجل ، وإنما زعموا أن معناه فى كلام على ـ رضى الله عنه ـ أحسنت ، فهو على هذا اسم فعل ؛ فينبغى أن يعتقد فيه أنه معرفة ؛ بدليل عدم قبوله الألف واللام ؛ فعلى هذا لم ينقل إلى كلام العرب إلا معرفة اسم رجل كان أو اسم فعل. أه.

(١) سقط في ط.

٣٦٥

ذكر النّوع الثّانى من الأحكام التّركيبيّة

هذا النوع ـ أيضا ـ منحصر فى ذكر حكم المبنىّ والمحكى ، وحكم إسناد الفعل المؤنّث والعدد ، والإدغام ، فيما هو من كلمتين ، وتغيير آخر الكلمة ؛ لالتقائه ساكنا مع ساكن فى أول كلمة أخرى ، أو لنقل حركة الهمزة ممّا بعد إليه ، أو للوقف عليه ، أو لالتقائه إذا كان همزة مع همزة من أول كلمة أخرى.

* * *

٣٦٦

باب البناء

البناء : ألا يتغيّر آخر الكلمة لعامل ، فى حين جعلها جزء كلام عمّا كانت عليه قبل ذلك لفظا ولا تقديرا (١).

والحروف كلّها مبنيّة.

والأفعال تنقسم ثلاثة أقسام : ماض ، ومضارع ، وأمر بغير لام :

فالماضى والأمر بغير لام : مبنيّان (٢).

والمضارع إن دخلت / عليه النون الشديدة ، أو الخفيفة ، أو نون جماعة المؤنّث ، كان مبنيّا (٣) ؛ وإلّا فهو معرب (٤).

والأسماء كلّها معربة إلّا ما أشبه الحرف ؛ كالمضمرات والموصولات (٥) ؛ ألا ترى أنّ المضمر يفتقر إلى مفسّر ، والموصولات إلى صلاتها ؛ كما أن الحرف يفتقر إلى غيره.

__________________

(١) م : باب البناء

قولى : «البناء ألا يتغير آخر الكلمة لعامل فى حين جعلها جزء كلام ؛ كما كانت عليه قبل ذلك لفظا ولا تقديرا» إنما اشترطت عدم التغيّر فى الكلمة لا فى آخرها ؛ لأن من المبنيات ما ليس له آخر ؛ نحو التاء فى : فعلت ، والكاف فى : ضربك ، والياء فى تفعلين ، ونحو ذلك ، وإنما اشترطت عدم التغيير لعامل ؛ لأنه قد يتغير المبنى من غير عامل ؛ ألا ترى أن العرب تقول «حيث» بضم الثاء وفتحها وكسرها ، فتغير آخرها ؛ إلا أن ذلك ليس لعامل ، وإنما اشترطت أن يكون ذلك فى حين جعلها جزء كلام ؛ لأن الاسم المعرب إذا لم يدخل عليه عامل في اللفظ ولا فى التقدير ؛ نحو قولك واحد اثنان ثلاثة ، يكون موقوفا ، ولا يقال فيه : «مبنى» مع أنه فى تلك الحال ، لم يتغير لعامل ؛ لأنه إذ ذاك ليس جزء كلام ، وإنما اشترطت عدم التغير فى اللفظ والتقدير ؛ لأن المعرب قد لا يتغير في حال جعله جزء كلام فى اللفظ ؛ نحو قولك : قام موسى ؛ لأنه ـ وإن لم يتغير فى اللفظ ـ متغير فى التقدير. أه.

(٢) م : وقولى : «فالماضى والأمر بغير لام مبنيان» مثال ذلك : ضرب واضرب. أه.

(٣) م : وقولى : «والمضارع إن دخلت عليه النون الشديدة أو الخفيفة أو نون جماعة المؤنث كان مبنيا» مثال ذلك : قولك : هل يخرجن ، وهل يخرجن ، والهندات هل يخرجن. أه.

(٤) م : وقولى : «وإلا فهو معرب» أعنى : أنه إذا لم تلحقه نون من هذه النونات ، كان معربا ؛ نحو قولك : زيد يقوم ، والزيدان يقومان ، والزيدون يقومون ، وأنت تقومين. أه.

(٥) م : وقولى : «كالمضمرات والموصولات» المضمرات مثل : أنا وأنت ، والموصولات مثل : الذى والتى.

وقد تقدم تبيين جميع ذلك فى موضعه من الكتاب. أه.

٣٦٧

أو تضمّن معناه ؛ كأسماء الشرط (١) ، فإنها تضمّنت معنى إن ، وأسماء الاستفهام (٢) ؛ فإنّها تضمّنت معنى الهمزة.

أو وقع موقع المبنى ؛ كالمناديات (٣) المفردات المقبل عليها ، فإنّها وقعت موقع ضمير المخاطب ؛ لأنّ المنادى مخاطب ، والخطاب حقّه أن يكون بضمائره المختصّة به ، وكأسماء الأفعال ؛ فإنّها وقعت موقع الفعل المبنى.

أو ضارع ما وقع موقع المبنىّ ، وهو : كلّ اسم معدول لمؤنّث على وزن فعال ؛ كـ «حزام» فإنّه بنى لمضارعته نزال ، فى البناء والتعريف ، والتأنيث ، والعدل ، أو أضيف إلى مبنىّ ؛ نحو قوله [من الطويل] :

٢٢٦ ـ على حين عاتبت المشيب على الصّبا

وقلت : ألمّا أصح والشّيب وازع (٤)

فبنى «حين» لإضافتها إلى «عاتب».

أو خرج عن نظائره ، نحو : أىّ الموصولة (٥) ؛ لأنّها إذا وصلت بمبتدأ أو خبر ، وكان المبتدأ ضميرا ، جاز إثباته وحذفه ، كان فى الكلام طول أو لم يكن ، ولا يجوز ذلك فى غيرها حتى يكون فى الصّلة طول.

__________________

(١) م : وقولى : «كأسماء الشرط» مثال ذلك : من يكرمنى أكرمه ، وما تصنع أصنع. أه.

(٢) م : وقولى : «وأسماء الاستفهام» مثال ذلك : ما عندك؟ ومن عندك؟ أه.

(٣) م : وقولى : «كالمناديات» مثل : يا زيد ، ويا رجل. أه.

(٤) البيت : للنابغة الذبياني.

والشاهد فيه قوله : «على حين» ، حيث يجوز في «حين» الإعراب وهو الأصل ؛ والبناء لأنه أضيف إلى مبني ، وهو الفعل الماضي «عاتب» والبناء هو اختيار المصنف هاهنا.

ينظر : ديوانه ص ٣٢ ، والأضداد ص ١٥١ ، وجمهرة اللغة ص ١٣١٥ ، وخزانة الأدب ٢ / ٤٥٦ ، ٣ / ٤٠٧ ، ٦ / ٥٥٠ ، ٥٥٣ ، والدرر ٣ / ١٤٤ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٥٠٦ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٥٣ ، وشرح التصريح ٢ / ٤٢ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨١٦ ، ٨٨٣ ، والكتاب ٢ / ٣٣٠ ، ولسان العرب (وزع) ، (خشف) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٠٦ ، ٤ / ٣٥٧ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ١١١ ، والإنصاف ١ / ٢٩٢ ، وأوضح المسالك ٣ / ١٣٣ ، ورصف المباني ص ٣٤٩ ، وشرح الأشموني ٢ / ٣١٥ ، ٣ / ٥٧٨ ، وشرح شذور الذهب ص ١٠٢ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٨٧ ، شرح المفصل ٣ / ١٦ ، ٤ / ٥٩١ ، ٨ / ١٣٧ ، ومغني اللبيب ص ٥٧١ ، والمنصف ١ / ٥٨ ، وهمع الهوامع ١ / ٢١٨.

(٥) م : وقولى : «نحو : أى فى الموصولات» إلى آخره ، مثال ذلك : قولك : يعجبنى أيهم هو قائم ، وإن شئت قلت : يعجبنى أيّهم قائم. أه.

٣٦٨

وهذه الأنواع كلّها يلزمها البناء ، إلا المضاف إلى المبنى ؛ فإنّه يجوز فيه الإعراب والبناء (١) ، والإعراب أحسن.

وكلّ اسم معدول لشخص مؤنّث على وزن فعال ، فإنّه يجوز فيه الإعراب والبناء على حسب ما أحكم فى باب ما لا ينصرف.

وأمّا أىّ الموصولة ، فإنّه يجوز فيها الوجهان ، وكلاهما حسن (٢).

وأمّا المنادى المبنى ، فإنّه قد ينوّن ويعرب فى الضرورة (٣).

وأصل البناء : السكون ، ولا يبنى على حركة ، إلّا لموجب.

__________________

(١) م : وقولى : «إلا المضاف إلى المبنى ؛ فإنه يجوز فيه الإعراب والبناء» مثال ذلك : قولك :

يعجبنى يوم قام زيد بفتح يوم ورفعه ؛ ومنه قوله : [من البسيط]

لم يمنع الشّرب منها غير أن نطقت

حمامة فى غصون ذات أو قال

[ينظر البيت لأبى قيس الأسلت فى ديوانه ص ٨٥ ، وجمهرة اللغة ص ١٣١٦ ، وخزانة الأدب ٣ / ٤٠٦ ، ٤٠٧ ، والدرر ٣ / ١٥٠ ، ولأبى قيس بن رفاعة فى شرح أبيات سيبويه ٢ / ١٨٠ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٤٥٨ ، وشرح المفصل ٣ / ٨٠ ، وبلا نسبة فى الأشباه والنظائر ٤ / ٦٥ ، ٢١٤ ، ٥ / ٢٩٦ ، والإنصاف ١ / ٢٨٧ ، وخزانة الأدب ٦ / ٥٣٢ ، ٥٥٢ ، ٥٥٣ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٥٠٧ ، وشرح التصريح ١ / ١٥ ، وشرح المفصل ٣ / ٨١ ، ٨ / ١٣٥ ، والكتاب ٢ / ٣٢٩ ، ولسان العرب (نطق) ، (وقل) ، ومغنى اللبيب ١ / ١٥٩ وهمع الهوامع ١ / ٢١٩].

فإنه روى برفع غير وبنائه على الفتح. أه.

(٢) م : وقولى : «وأيّا من الموصولات ، فإنها يجوز فيها الوجهان وكلاهما حسن» أعنى أنك تقول : اضرب أيهم أفضل ؛ فتنصب أيّا ولا تبنيها وإن شئت قلت : أيهم أفضل ، فتبنيها على الضم ، وكلاهما حسن ، هذا إن كانت مضافة فإن كانت غير مضافة ، نحو قولك : اضرب أيّا أفضل ، فإنه لا يجوز فيها إلا الإعراب.

(٣) م : وقولى : «والمنادى المبنى ، فإنه قد ينون ويعرب فى الضرورة» أعنى : المنادى المبنى لسبب النداء ؛ نحو : يا زيد ، ومن ذلك قول الشاعر [من الخفيف] :

 ............

يا عديّا لقد وقتك الأواقى

وهو عجز بيت ، وصدره :

ضربت صدرها إلىّ وقالت

 ............

[ينظر البيت للمهلهل بن ربيعة فى خزانة الأدب ٢ / ١٦٥ ، والدرر ٣ / ٢٢ ، وسمط اللآلى ص ١١١ ولسان العرب (وقى) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢١١ ، والمقتضب ٤ / ٢١٤ ، وبلا نسبة فى رصف المبانى ص ١٧٧ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٨٠٠ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٤٨ ، وشرح التصريح ٢ / ٣٧٠ ، وشرح شذور الذهب ص ١٤٦ ، وشرح ابن عقيل ص ٥١٧ ـ وقد تقدم في المثل ص ٢٤٨]. أه.

٣٦٩

والموجب : كون المبنى قد كان معربا قبل بنائه ؛ كالمنادى.

والفعل المضارع (١) إذا دخلت عليه النون الشديدة ، أو الخفيفة.

وكذلك كان يجب أن يكون حكمه مع نون جماعة المؤنث (٢) لو لا حمله على فعلن.

والظروف المقطوعة عن الإضافة ؛ نحو : قبل ، وبعد ، أو كونه يشبه المعرب ؛ كالماضى ؛ نحو ذهب ؛ فإنه يشبه / الاسم المعرب فى وقوعه صفة ؛ كما أنّ الاسم كذلك (٣).

و «عل» ، فإنّه أشبه لـ «عل» النكرة فى المعنى واللفظ وهو معرب ، ولم تك «عل» المعرفة معربة قطّ (٤).

أو كون الآخر حرفا يحرّك ما قبله ، فالأحرى أن يحرّك نفسه ؛ نحو : ذيّة ؛ ألا ترى أنّ تاء التأنيث تفتح ما قبلها لفظا أو تقديرا ، وذلك إذا كان قبلها ألف.

أو التقاء للساكنين ، نحو : أمس.

أو كون الكلمة على حرف واحد ؛ كواو العطف.

وأصل الحركة إن كانت لالتقاء الساكنين الكسر ، وإن كانت لغير ذلك الفتح.

ولا يعدل عن الكسر ، والفتح فيما ذكر إلا لموجب ، وهو إمّا الإتباع ؛ نحو : مذ.

__________________

(١) م : وقولى : «كالمنادى والفعل المضارع» إلى آخره ، مثال ذلك : يا حكم ، وهل تضربن ؛ فتبنيهما علي حركة ؛ لما ذكرنا. أه.

(٢) م : وقولى : «وكذلك كان يجب أن يكون حكمه مع نون جماعة المؤنث» مثال ذلك : يضربن كان ينبغى للباء أن تكون متحركة للعلة التى تقدمت لو لا ما منع ذلك من الحمل على فعلن. أه.

(٣) م : وقولى : «فى وقوعه صفة كما أن الاسم كذلك» مثال ذلك : مررت برجل ضحك ؛ كما تقول : مررت برجل ضاحك. أه.

(٤) م : وقولى : «ولم تكن عل المعرفة معربة قط» مثال المعرفة قوله :

أقبّ من تحت عريض من عل

[تقدم في هامش الكتاب ص ٢٨٤]

أى : من فوقه ، فالمضاف الذى اقتطعت عنه عل معلوم ، ومثال النكرة قول الآخر [من الطويل] :

 ............

كجلمود صخر حطّه السّيل من عل

[تقدم في نص المقرب برقم ١٦٣].

أى : من مكان مرتفع ، ولم يرد فوق شىء معين. أه.

٣٧٠

وإمّا كون الحركة فى الكلمة كـ «الواو» فى نظيرتها ؛ وذلك نحن ؛ ألا ترى أن الضّمّة فى النون بمنزلة الواو فى همو.

وإمّا الشّبه بما هى فيه كذلك ؛ نحو : «اخشوا القوم» ؛ ألا ترى أنّ الواو ضمير مرفوع ؛ كما أن نحن كذلك.

وإمّا كون الحركة لم تكن فى الكلمة فى حال إعرابها (١) نحو قبل.

وإمّا الشّبه بذلك ؛ نحو : يا زيد ؛ ألا ترى أنّ المنادى لا يبنى فى حال الإضافة ؛ كما أن قبل كذلك.

وأما طلب التخفيف نحو : «أين».

وأمّا الفرق بين أداتين ؛ نحو قولك : «لموسى غلام» ، و «لموسى غلام».

وأمّا الفرق بين معنى أداة واحدة ؛ نحو قولك : يا لزيد ، لعمرو.

وإمّا مجانسة العمل نحو : بزيد ، وإمّا مجانسة مقابل العمل (٢) ؛ نحو : لنقم.

وإمّا كون الحركة للحرف فى الأصل ؛ نحو قولك : «مذ اليوم» ؛ لأنّ أصلها : منذ ، وما أشبه محلّ [الحركة] بما فى كنف هاء التأنيث ، نحو : «بعلبكّ» (٣).

وما جاء خارجا عن هذا ، فلا يلتفت إليه ؛ لشذوذه ؛ نحو ما حكاه قطرب (٤) من قولهم : «فر» ، بالضم.

__________________

(١) م : وقولى : «وإمّا كون الحركة لم تكن للكلمة فى حال إعرابها» نحو : قبل ، أعنى : أن قبل فى حال إعرابها إنما تكون منصوبة ؛ نحو قولك : جئت قبلك ، أو مخفوضة ؛ نحو قولك : جئت من قبلك ، فلما بنيت في حال القطع عن الإضافة بنيت على حركة لم تكن لها فى حال الإعراب ، وهى الضم. أه.

(٢) م : وقولى : «وأما مجانسة مقابل العمل» أعنى : أن الجزم فى الأفعال فى مقابلة الخفض فى الأسماء. أه.

(٣) م : وقولى : «نحو بعلبك» الشبه بين الحرف الذى قبل الاسم الثانى من المركب ، وبين ما قبل تاء التأنيث : أنّا لا نعتد فى التصغير إلا بالاسم الأول من الاسم المركب ؛ كما لا نعتد فى تصغير الاسم المؤنث بالتاء إلا بما قبل تاء التأنيث ؛ فنقول فى تصغير بعلبك : بعيلبك ، ولا نحذف منه شيئا ؛ كما نقول فى تصغير دجاجة : دجيجة ، ولا نحذف ـ أيضا ـ منه شيئا. أه.

(٤) محمد بن المستنير بن أحمد ، أبو علي ، الشهير بقطرب : نحوي ، عالم بالأدب واللغة ، من أهل البصرة ، وهو أول من وضع «المثلث» في اللغة. وقطرب لقب دعاه به أستاذه «سيبويه» فلزمه ، من كتبه «معاني القرآن» و «والنوادر» ، توفي سنة ٢٠٦ ه‍ ، ينظر الأعلام ٧ / ٩٥.

٣٧١

باب الحكاية

المحكىّ إمّا مفرد ، وإمّا جملة :

فالجملة : لا تحكى إلا بعد القول (١) ، أو فعل فى معناه ؛ نحو قولك : «قرأت : الحمد لله ربّ العالمين».

ولا يجوز أن تدخل [حرف] (٢) الجرّ على الجملة المحكية ، فأمّا قوله [من الطويل] :

٢٢٧ ـ تنادوا بما هذا وقد سمعوا لنا

دويّا كعزف الجنّ بين الأجارع /

فضرورة لا يلتفت إليها.

والذى حسّن ذلك كون الاسم بعد حرف الجرّ مبنيّا ، فلم يظهر الفتح ؛ لكونه مجرورا ، ومرفوعا على صورة واحدة ؛ وأقبح من ذلك قوله [من الوافر] :

٢٢٨ ـ تنادوا بالرّحيل غدا

وفى ترحالهم نفسى (٣)

ولا تخلو الجملة المحكيّة من أن تكون ملحونة ، أو معربة : فإن كانت معربة ، حكيتها على لفظها ، وإن شئت على معناها.

فإذا حكيت قول القائل : «زيد القائم» ، قلت : «قال عمرو زيد القائم» ، وإن شئت قلت : «قال عمرو القائم زيد».

وإن كانت ملحونة ، حكيتها على المعنى ، فتقول : إذا حكيت : «قام زيد» ، بخفض زيد : «قال عمرو قام زيد ، لكنّه خفض زيدا».

والمفرد إذا كان نائبا عن جملة ، ومفيدا إفادتها ، حكى كما تحكى الجملة ؛ نحو :

__________________

(١) م : باب الحكاية قولى : «إلا بعد القول» مثال ذلك : قلت زيد منطلق. أه.

(٢) سقط في ط.

(٣) البيت بلا نسبة في : الأشباه والنظائر ٨ / ١٢٦ ، ودرة الغواص ص ٢٣٩ ، وسر صناعة الإعراب ص ٢٣٢ ، والمحتسب ٢ / ٢٣٥.

والشاهد فيه قوله : «ب «الرحيل»» حيث يجوز فيه ثلاثة أوجه : الجر بالباء ، والرفع والنصب على الحكاية ، فكأنهم قالوا : الرحيل غدا ، أو نرحل الرحيل غدا ، أو نجعل الرحيل غدا ، أو أجمعوا الرحيل غدا ، فحكى المرفوع والمنصوب.

٣٧٢

نعم ، وبلى (١) :

فنعم تكون عادة فى جواب الاستفهام والأمر (٢) ، وتكون تصديقا للخبر ؛ نحو قولك لمن قال (٣) : قام زيد ، أو : [ما] (٤) قام زيد ـ : نعم ، فتصدّقه ، فى إثبات القيام لزيد ، أو نفيه عنه.

وبلى تكون جوابا للنّفى خاصّة ، إلا أنّ معناها أبدا إيجاب المنفىّ ، مقرونا كان النفى بأداة الاستفهام ، أو غير مقرون بها ؛ نحو قولك ـ فى جواب من قال : ما قام زيد ، أو لم يقم زيد بلى ، أى : «قد قام».

ولو قلت : نعم ، لكنت محقّقا للنفى ؛ كأنك قلت : نعم لم يقم.

وقد تقع نعم فى جواب النفى المصاحب لأداة الاستفهام ، والمراد إيجاب المنفىّ ، إذا أمن اللبس ، وذلك بالنظر إلى المعنى ؛ لأنّ التقدير فى المعنى إيجاب ، ألا ترى أنك إذا قلت : «ألم يقم زيد» ؛ فإنّما تريد أن تثبت للمخاطب قيام زيد ؛ ومن ذلك قوله [من الوافر] :

٢٢٩ ـ أليس اللّيل يجمع أمّ عمرو

وإيّانا ؛ فذاك بنا تدانى؟

ثم قال :

٢٣٠ ـ نعم ، وترى الهلال كما أراه

ويعلوها النّهار كما علانى (٥)

__________________

(١) م : وقولى : «نحو نعم وبلى» مثال ذلك : قال زيد نعم ، وقال عمرو بلى. أه.

(٢) م : وقولى : «فنعم تكون عادة فى جواب الاستفهام والأمر» مثال ذلك : قولك فى جواب من قال : اضرب زيدا؟ نعم ، وفى جواب من قال : هل يقوم زيد؟ : نعم. أه.

(٣) في ط : قام.

(٤) سقط في ط.

(٥) البيتان : لجحدر بن مالك ونسبا للمعلوط القريعي.

والشاهد فيهما أن «نعم» هنا ، لتصديق الخبر المثبت المؤول به الاستفهام مع النفي ، فكأنه قال : إن الليل يجمع أم عمرو وإيانا نعم ، فإن الهمزة إذا دخلت على النفي تكون لمحض التقرير ، أي حمل المخاطب على أن يقر بأمر يعرفه ، وهي ، في الحقيقة للإنكار. وإنكار النفي إثبات. ويروى : «بلى وترى» ، و «أرى وضح الهلال كما تراه» ، وعليهما لا شاهد فيه.

ينظر : البيت لجحدر بن مالك في أمالي القالي ١ / ٨٢٢ ، والجنى الداني ص ٤٢٢ ـ ٤٢٣ ، وخزانة الأدب ١١ / ٢٠١ ، ٢٠٢ ، ٢٠٤ ، ٢٠٦ ، ٢٠٩ ، وسمط اللآلي ص ٦١٧ ، ٩٦١ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٤٠٨ ، ومعجم البلدان ٢ / ٢٢٣ (حجر) ، ومغني اللبيب ٢ / ٣٤٧ ، وللمعلوط القريعي في الشعر والشعراء ١ / ٤٤٩ ، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص ٣٦١ ، ورصف المباني ص ٣٦٥ ، ومغني اللبيب ١ / ٣٤٧.

٣٧٣

فلما كانت بلى تنوب مناب : بل قد كان كذا ، ونعم تنوب مناب قولك : كان كذا ، أو لم يكن ، عوملتا معاملة ما نابتا منابه.

ويجوز فى القول إذا وقعت بعده جملة اسمية أن يجرى مجرى الظنّ فى المعنى والعمل.

وأمّا بنو سليم : فيجرونه أجمع مجرى الظن ؛ من ذلك قول امرئ القيس (١) فى إحدى الروايتين / [من الطويل] :

 ٢٣١ ـ ...................

تقول هزيز الرّيح مرّت بأثأب (٢)

وأمّا غيرهم من العرب ، فلا يجريه مجرى الظّنّ إلا بأربعة شروط :

أن يكون الفعل مضارعا ، لمخاطب ، قد تقدّمته أداة استفهام ، غير مفصول بينها وبينه إلّا بظرف ، أو مجرور ؛ نحو قولك : «أتقول زيدا منطلقا؟» ، و «أتقول اليوم عمرا ذاهبا؟» ؛ ومن ذلك قوله : [من الرجز]

٢٣٢ ـ متى تقول القلص الرّواسما

يدنين أمّ قاسم وقاسما (٣)

__________________

(١) امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكندي : من بني آكل المرار ، أشهر شعراء العرب على الإطلاق ولد فى نحو ١٣٠ قبل الهجرة كان أبوه ملك أسد وغطفان ، ويعرف بالملك الضليل لاضطراب أمره طول حياته ، عنى معاصرونا بشعره فكتب عنه سليم الجندى ، ومحمد أبو حديد ومحمد هادي بن على الدفتر وغيرهم ينظر : الأعلام ٢ / ١١.

(٢) عجز بيت وصدره :

إذا ما جرى شأوين وابتل عطفه

 ............

والشاهد فيه قوله : «تقول» حيث استخدمه بمعنى «تظن» من غير أن يتقدمه استفهام ، ونصب به مفعولين : أحدهما قوله : «هزيز الريح» ، وثانيهما جملة «مرت بأثأب».

ينظر : ديوانه ص ٤٩ ، وشرح التصريح ١ / ٢٦٢ ، ولسان العرب (هزز) ، والمقاصد النحوية ٢ / ٤٣١ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٥ / ٢٢٠ ، وأوضح المسالك ٢ / ٧١.

(٣) البيت : لهدبة بن خشرم.

الشاهد فيه قوله : «تقول القلص يدنين» حيث ورد الفعل «تقول» بمعنى «تظن» فنصب مفعولين ، هما «القلص» وجملة يدنين.

ينظر : ديوانه ص ١٣٠ ، وتخليص الشواهد ص ٤٥٦ ، وخزانة الأدب ٩ / ٣٣٦ ، والدرر ٢ / ٢٧٣ ، والشعر والشعراء ٢ / ٦٩٥ ، ولسان العرب (قول) ، (فغم) ، والمقاصد النحوية ٢ / ٤٢٧ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ١ / ١٦٤ ، وشرح شذور الذهب ص ٤٨٨ ، وشرح ابن عقيل ص ٢٢٧ ، وهمع الهوامع ١ / ١٥٧.

٣٧٤

وإذا وقع بعد القول مفرد ، فإن كان مصدرا له ، أو صفة للمصدر ، لم تحكه ؛ نحو قولك : قال زيد قولا ، وقال عمرو باطلا.

وإن لم يكن مصدرا ولا صفة له ، فإن كان اسما للجملة فى المعنى ، لم تحكه ؛ نحو قولك : قال زيد كلاما.

وإن لم يكن اسما لها ، فلا بدّ من أن يكون عامله مضمرا ؛ إذ المفرد لا يتكلّم به وحده ؛ فتحكيه إذ ذاك كما تحكى الجملة ؛ نحو قوله تعالى : (يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ) [الأنبياء : ٦٠] ، أى : يا إبراهيم ، ومن ذلك قول امرئ القيس [من الطويل] :

٢٣٣ ـ إذا ذقت فاها قلت طعم مدامة

 ......... البيت (١)

فإنّه روى برفع طعم على تقدير : «طعمه طعم مدامة» ، ونصبه على تقدير : «ذقت طعم مدامة».

وأمّا المفرد ، فإن كان جملة فى الأصل حكيته ؛ نحو : تأبّط شرّا.

وإن كان مشبها للجملة ؛ نحو تسميتك بحرف عطف ومعطوف ، أو بحرف جرّ ومجرور ، أو بتابع ومتبوع ، أو بمضاف ومضاف إليه ، أو بمعمول ، وأعنى به : الاسم العامل فيما بعده ، أو بمركّب :

فإنّك إن سمّيت بحرف عطف ومعطوف حكيته على حسب الموضع الذى نقلته منه ؛ فتقول إذا سميت بحرف العطف والمعطوف من قولك : قام عمرو ، وزيد «خرج وزيد» و «رأيت وزيد» و «مررت بوزيد»

وإن سمّيت بحرف جرّ ومجرور ، فإن كان حرف الجرّ على حرف واحد ، أو على حرفين ، ثانيهما حرف علّة ، حكيت لا غير ؛ نحو : «بزيد» ، و «فى زيد» (٢)

__________________

(١) صدر بيت وعجزه :

 ............

معتقة مما تجىء به التجر

والشاهد فيه قوله : «قلت طعم مدامة» حيث حذف المبتدأ ، والتقدير ، طعمه طعم مدامة أو ينصب على تقدير : ذقت طعم مدامة.

ينظر : ديوانه ص ١١٠ ، والدرر ٢ / ٢٧٠ ، ولسان العرب (تجر) ، وهمع الهوامع ١ / ١٥٧.

(٢) م : وقولى : «نحو «بزيد» و «في زيد» أعنى : أنك تقول إذا سميت رجلا بالمجرور الذى هو بزيد : قام بزيد ورأيت بزيد ، ومررت ببزيد وكذلك تقول إذا سميت «فى زيد» وأمثالهما. أه.

٣٧٥

وإن كان ثانيهما حرفا صحيحا ، أو كان على أزيد من حرفين ، جاز لك فيه وجهان : الإعراب والحكاية ؛ فتقول : جاءنى من زيد ، ورأيت منذ يومين ، وإن شئت أعربت وأضفتهما إلى ما بعدهما ، فقلت / : «من زيد» ، بالرفع ، و «منذ يومين» بالنّصب.

وإن سمّيت بمضاف ومضاف إليه ، أو بتابع ومتبوع ، أو باسم مطوّل (١) ، حكيت حاله التى كانت له قبل التسمية ، فتجعل إعراب المتبوع على حسب العامل ، وتجعل التّابع على حسب متبوع ، وتجعل إعراب المضاف على حسب العامل الذى تقدّمه ، وإعراب المضاف إليه خفضا على كلّ حال ، وتجعل إعراب الاسم المطوّل على حسب العامل الذى يتقدّمه ، ويبقى معموله على ما كان عليه قبل التسمية به.

وإن سمّيت بمركّب ، فإن كان مركّبا من اسمين ؛ نحو : بعلبكّ ، فقد تقدّم حكمه فى باب ما لا ينصرف ، وإن كان مركّبا من حرفين ؛ نحو إنّما ، أو من حرف واسم ؛ نحو : أنت ، أو من حرف وفعل ، نحو : هلمّ ، أو من فعل واسم ، نحو : «حبّذا» ، أو من اسم وصوت ؛ كسيبويه.

فإنك تحكى جميع ذلك على لفظه ، ولا يجوز إعرابه (٢).

وإن لم يكن جملة ولا مشبّها بها ، لم يجز فيه حكاية إلا فى الاستثبات بـ «من» عن الأسماء الأعلام ، أو ما جرى مجراها فى لغة أهل الحجاز ، أو فى غير ذلك فى شذوذ من الكلام ؛ مثل قولهم : «دعنا من تمرتان (٣)» و «ليس بقرشيّا».

__________________

(١) م : وقولى : «وإن سميت بمضاف ومضاف إليه أو بتابع ومتبوع أو باسم مطوّل» إلى آخره ، مثال ذلك : قولك فى رجل اسمه خير من زيد ، أو زيد وعمرو ، أو زيد العاقل : ضربت خيرا من زيد ، وضربت زيدا وعمر وجاءنى زيد العاقل ، فيكون حكمه بعد التسمية كحكمه قبلها. أه.

(٢) م : وقولى : «فإنّك تحكى جميع ذلك على لفظه ولا يجوز إعرابه» أعنى : إنك إذا سميت بشىء مما ذكر ، لم يتأثر للعامل ؛ بل يبقى على لفظه الذى كان عليه قبل دخول العامل ؛ فتقول : جاءنى إنما ، ورأيت إنما ، ومررت بإنما ، وجاءنى أنت ، ورأيت أنت ، ومررت بأنت ، وجاءنى هلم ، ورأيت هلم ، ومررت بهلم ، وجاءنى حبذا ورأيت حبذا ومررت بحبذا ، وجاءنى سيبويه ، ورأيت سيبويه ، ومررت بسيبويه. أه.

(٣) في ط : تمرتمان.

٣٧٦

فإذا استثبتّ بـ «من» عن علم ، أو لقب ، أو كنية ، حكيت بعدها إعرابه الذى كان له فى الكلام الذى اقتطعته منه ؛ فتقول إذ استفهمت عن زيد من قول القائل : ضربت زيدا : من زيدا ، بنصب زيد ، وعن زيد من قوله : مررت بزيد : من زيد ، بخفضه ، وعن زيد من قوله : قام زيد : من زيد ، برفعه.

ولا يحكى إلّا بشرط ألّا يدخل على «من» حرف عطف ، وألّا يكون الاسم المحكىّ متبوعا بتابع من التوابع ، ما عدا العطف ، فإذا قلت : فمن زيد أو : من زيد العاقل ، أعربت لا غير ، إلّا أن يكون التابع مع المتبوع كالشىء الواحد ؛ فإنّه يجوز حكايته ؛ نحو : «زيد بن عمرو» (١).

فإن اجتمع ما يحكى مع ما لا يحكى ، بنيت الكلام على المتقدّم ؛ فتقول فى الاستثبات عن زيد ، ورجل ، من قول القائل : رأيت زيدا ورجلا : من زيدا ورجلا ، و: من رجل وزيد ، إن تقدّم الرجل.

وبعض العرب يحكى سائر المعارف إلّا المضمر والمشار ؛ وذلك قليل جدّا.

و «من» فى جميع ذلك : إمّا مبتدأ ، وإمّا خبر مقدّم /.

وإذا استثبتّ بـ «من» عن نكرة ، ألحقتها واوا فى الرفع ، وألفا فى النصب ، وياء فى الخفض : سواء كان الاسم مفردا أو غير مفرد ، ومذكّرا أو مؤنّثا ؛ فتقول : منو ، ومنا ، ومنى ، ومنهم من يلحقها علامة تدلّ على التثنية (٢) والجمع والتأنيث ، فيقول فى الاستثبات عن رجلين : منان ، فى الرفع ، ومنين ، فى النصب والخفض ، وفى الاستثبات عن امرأتين : منتان ، فى الرفع ، ومنتين ، فى النصب والخفض بسكون النون.

وفى الاستثبات عن نساء : منات ، وفى الاستثبات عن رجال ، منون ، فى الرفع ، ومنين ، فى النصب والخفض.

فإن وصلت ، حذفت العلامات فى كلتا اللّغتين ، فتقول : «من يا فتى».

وإن استثبت بأىّ قلت : «أيّ» ، فى الرفع ، وأيّا فى النصب ، وأىّ فى الخفض.

__________________

(١) م : وقولى : «فإنه تجوز حكايته ، نحو : زيد بن عمرو» أعنى : أنك إذا استثبت من قول من قال : رأيت زيد بن عمرو وقلت : من زيد بن عمرو؟ فتحكى. أه.

(٢) في ط : التشبيه.

٣٧٧

وسواء كان الاسم مفردا ، أو مثنى ، أو مجموعا ، أو مذكّرا ، أو مؤنّثا.

ومنهم من يلحقها علامة تدلّ على التثنية والجمع ، والتأنيث ؛ فتقول فى الاستثبات عن الواحدة : «أيّة» ، وعن الاثنين : «أيّان» ، فى الرفع ، وأيين ، فى النصب والخفض ، وعن الاثنتين «أيّتان» ، فى الرفع ، و «أيّتين» فى النصب والخفض ، وعن الجمع المذكر : «أيّون» ، فى الرفع ، و «أيّين» ، فى النصب والخفض ، وعن جماعة المؤنّثات : «أيّات» ، فى الرفع ، و «أيّات» ، فى النصب والخفض.

ولا يحذف شئ من هذه العلامات فى الوصل ، وحكى يونس (١) : أنّ بعض العرب ، يعرب من ويحكى بها النكرات ؛ كما يحكى «بأيّ».

وسمع من كلامهم : «ضرب من منّا» ؛ وعلى هذه اللغة قوله [من الوافر] :

٢٣٤ ـ أتوا نارى فقلت : منون أنتم

فقالوا : الجنّ ، قلت : عموا ظلاما (٢)

__________________

(١) يونس بن حبيب الضبي بالولاء ، أبو عبد الرحمن ، ويعرف بالنحوي : علامة بالأدب ، كان إمام نحاة البصرة في عصره. وهو من قرية «جبل» على دجلة بين بغداد وواسط ، أعجمي الأصل ، أخذ عن سيبويه والكسائي والفراء وغيرهم من الأئمة ، وكانت حلقته بالبصرة ينتابها طلاب العلم وأهل الأدب وفصحاء الأعراب ووفود البادية. وله كتب منها «معاني القرآن» وغيرها ولد سنة ٩٤ ه‍ ، وتوفي سنة ١٨٢ ه‍.

ينظر : مرآة الجنان ١ / ٣٨٨ ، نزهة الألباء ٥٩ ، وفيات الأعيان ٢ / ٤١٦ الأعلام ٨ / ٢٦١.

(٢) البيت لشمر بن الحارث ونسب إلى سمير الضبي وإلى تأبط شرا

والشاهد فيه قوله : «منون أنتم» يريد : من أنتم ، وفيه شذوذان : الأول إلحاق الواو والنون بها في الوصل ، والثاني تحريك النون ، وهي تكون ساكنة. وقال ابن الناظم : فيه شذوذان : أحدهما أنه حكى مقدرا غير مذكور ، والثاني أنه أثبت العلامة في الوصل ، وحقها ألا تثبت إلا في الوقف (المقاصد النحوية ٤ / ٥٠٣) ابن الناظم ص ٧٤٨.

ينظر : البيت لشمر بن الحارث في الحيوان ٤ / ٤٨٢ ، ٦ / ١٩٧ ، وخزانة الأدب ٦ / ١٦٧ ، ١٦٨ ، ١٧٠ ، والدرر ٦ / ٢٤٦ ، ولسان العرب (حسد) ، (منن) ، ونوادر أبي زيد ص ١٢٣ ، ولسمير الضبي في شرح أبيات سيبويه ٢ / ١٨٣ ، ولشمر أو لتأبط شرّا في شرح التصريح ٢ / ٢٨٣ ، وشرح المفصل ٤ / ١٦ ، ولأحدهما أو لجذع بن سنان في المقاصد النحوية ٤ / ٤٩٨ ، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ١ / ٤٦٢ ، وأوضح المسالك ٤ / ٢٨٢ ، وجواهر الأدب ص ١٠٧ ، والحيوان ١ / ٣٢٨ ، والخصائص ١ / ١٢٨ ، والدرر ٦ / ٣١٠ ، ورصف المباني ص ٤٣٧ ، وشرح الأشموني ٢ / ٦٤٢ ، وشرح ابن عقيل ص ٦١٨ ، وشرح شواهد الشافية ص ٢٩٥ ، والكتاب ٢ / ٤١١ ، ولسان العرب (أنس) ، (سرا) ، والمقتضب ٢ / ٣٠٧ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٥٧ ، ٢١١.

٣٧٨

فأثبت علامة الجمع فى الوصل ؛ كما يفعل بأىّ ، وهذه اللغة من النّدرة بحيث لا يقاس عليها.

ومن العرب من يجرى سائر المعارف مجرى النكرة فى الاستثبات بـ «من» وب «أىّ» سمع من العرب من يقال له : ذهب معهم ، فيقول : «مع منين».

والأحسن أن تقول : «من هم» ، فلا تحكى.

ولا بدّ من إدخال حرف الجرّ على من ، وأىّ إذا استثبتّ بهما عن مخفوض (١) ، ويكون المجرور متعلّقا بفعل مضمر وتقدّره بعدهما.

وإذ / استثبتّ بهما عن مرفوع ، كانا مبتدأين ، والخبر محذوف لفهم المعنى (٢).

وإذا استثبتّ بهما عن منصوب ، كانا منصوبين بفعل مضمر محذوف لفهم المعنى (٣).

وإذا استثبتّ عن نسب المسئول عنه ، قلت : «المنىّ» ، فى العاقل ، و «المائىّ» ، و «الماوىّ» ، فى غير العاقل ، وتجعله فى الإعراب ، والتثنية والجمع ، والتّذكير والتأنيث على حسب المسئول عنه (٤).

__________________

(١) م : وقولى : «لا بد من إدخال حرف الجر على من وأى ، إذا استثبت بهما عن مخفوض» مثال ذلك : قولك فى استثبات من قال : مررت برجل : بمنى وبأى؟ تقديره : بمن مررت ، وبأى مررت. أه.

(٢) م : وقولى : «وإذا استثبت بهما عن مرفوع ، كانا مبتدأين ، والخبر محذوف لفهم المعنى» مثال ذلك : قولك فى الاستثبات لمن قال : قام رجل : منو وأيّ تقديره : من قام ، وأى قام؟ أه.

(٣) م : وقولى : «وإذا استثبت بهما عن منصوب ، كانا منصوبين بفعل مضمر محذوف ؛ لفهم المعنى» مثال ذلك : قولك فى الاستثبات لمن قال : ضربت رجلا : منا أو أيا تقديره : من ضربت ، وأيا ضربت؟ أه.

(٤) م : وقولى : «قلت المنى فى العاقل و «المائى» ، و «الماوى» فى غير العاقل ، وتجعله فى الإعراب والتثنية والجمع على حسب المسئول عنه» أعنى : أنك إذا استثبت عن مفرد ، قلت : المنى والمنية والمائى أو الماوى ، والمائية أو الماوية ، فى الرفع ، والمنى والمنية ، والمائى أو الماوى والمائية أو الماوية فى النصب ، والمنى والمنية والمائى أو الماوى والمائية أو الماوية فى الخفض وإن استثبت عن اثنين ، قلت : المنيان والمنيتان ، والمائيان أو الماويان والمائيتان أو الماويتان فى الرفع ، والمنيين والمنيتين والمائيين أو الماويين والمائيتين أو الماويتين فى النصب والخفض وإن استثبت عن جمع قلت : المنيون والمنيات والمائيات أو الماويات فى الرفع والمنيين والمنيات والمائيات أو الماويات فى النصب والخفض. أه.

٣٧٩

باب إسناد الفعل إلى المؤنّث

إذا أسند الفعل إلى مؤنّث ، فإن فصل بينهما بإلا ، لم تلحقه علامة تأنيث ؛ نحو قولك : «ما قام إلا هند» ، ولا يقال : «ما قامت» ، إلا فى ضرورة (١).

وإن لم يفصل بينهما بها ، فإن أسندته من ظاهر المؤنّث إلى المفرد ، أو المثنّى ، أو المجموع جمع سلامة ، فإن كان حقيقيا ، ولم يفصل بينهما بشىء ، فالعلامة لازمة (٢) ، وما جاء من قولهم : قال فلانة ، فشاذّ لا يقاس عليه.

وإن فصل بينهما بشىء ، جاز إلحاق العلامة وحذفها ، فتقول : قامت اليوم هند ، وقام ، إن شئت.

وكلما طال الفصل ، كان الحذف أحسن (٣).

وإن كان المؤنّث غير حقيقىّ ، جاز إلحاق العلامة ، وحذفها ، فصلت أو لم تفصل (٤).

وإن أسندته إلى جمع التكسير من ظاهر المؤنّث ، جاز لك إلحاق العلامة ، وحذفها (٥).

__________________

(١) م : باب إسناد الفعل إلى المؤنث قولى : «ولا يقال : قامت إلا فى ضرورة» مثال ذلك قوله : [من الطويل]

طوى النّحز والأجراز ما فى ضلوعها

فما بقيت إلا الضّلوع الجراشع

[ينظر البيت لذى الرمة فى ديوانه ص ١٢٩٦ ، وتخليص الشواهد ص ٤٨٢ ، وتذكرة النحاة ص ١١٣ ، وشرح المفصل ٢ / ٨٧ ، والمحتسب ٢ / ٢٠٧ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٤٧٧ ، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى ٢ / ١٧٢ ، وشرح ابن عقيل ص ٢٤٣]. أه.

(٢) م : وقولى : «فإن كان حقيقيا ، ولم تفصل بينهما بشىء فالعلامة لازمة» مثال ذلك : قامت هند ، وقامت الهندان ، وقامت الهندات. أه.

(٣) م : وقولى : «وكلما طال الفصل ، كان الحذف أحسن» مثال ذلك : حصر القاضى اليوم امرأة. أه.

(٤) م : وقولى : «وإن كان المؤنث غير حقيقى ، جاز لك الحاق العلامة وحذفها ، فصلت أو لم تفصل» مثال ذلك : قولك : طلعت الشمس ، وطلع الشمس وطلعت اليوم الشمس ، وطلع اليوم الشمس ؛ قال تعالى : (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) [القيامة : ٩]. أه.

(٥) م : وقولى : «وإن أسندته إلى جمع التكسير من ظاهر المؤنث ، جاز لك إلحاق العلامة وحذفها» مثال ذلك : قولك : قامت الهنود ، وقام الهنود. أه.

٣٨٠