أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »
المحقق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-0067-X
الصفحات: ٦٤٨
وإن قدرتها مستأنفة ، جاز فى الاسم بعدها ما كان يجوز فيه ، لو انفردت من إجرائها مجرى «إنّ» تارة ، و «ليس» أخرى (١) ، وإن كان الاسم الواقع بعدها مبنيّا ، كان حكمه فى الإتباع كحكم المعرب فى جميع ما ذكر (٢) ، إلا أنه يجوز فى [نعته](٣) ؛ إن كان مفردا ، ولم يفصل بينهما أن يجعل معه كالشىء الواحد ؛ فيبنيان ؛ فتقول : لا رجل ظريف فى الدار ، وقد تدخل «لا» على المضاف إلى معرفة ؛ إذا قدّرت إضافته غير محضة ، ولا بدّ إذ ذاك من الفصل بين المضاف والمضاف إليه ، باللام إصلاحا للّفظ ؛ نحو قولهم : «لا أبا لك» ، وقد [لا](٤) يؤتى بها فى الضرورة ؛ نحو قوله [من الوافر] :
١٣١ ـ أبالموت الّذى لا بدّ أنّى |
|
ملاق ـ لا أباك ـ تخوّفينى؟ (٥) |
وإذا دخلت ألف الاستفهام على «لا» فإن بقيت على معناها من النّفى ، كانت بمنزلتها قبل دخول الهمزة عليها فى جميع ما ذكر ؛ ومن ذلك قولهم : «ألا قماص بالعير».
__________________
(١) م : وقولى : «وإن قدّرتها مستأنفة ، جاز فى الاسم الذى بعدها ما كان فيه ، لو انفردت ، من إجرائها مجرى إن تارة ، وليس أخرى» مثال ذلك قولك : لا غلام رجل فى الدار ، ولا امرأة ، بغير تنوين. أه.
(٢) م : وقولى : «وإن كان الاسم الواقع بعدها مبنيّا ، كان حكمه فى الإتباع كحكم المعرب فى جميع ما ذكر» تمثيل ذلك كتمثيل المعرب فى جميع ما ذكر ؛ إلا أنك تبدل من الاسم المعرب مبنيا. أه.
(٣) في ط : لغة.
(٤) سقط في ط.
(٥) البيت لأبى حية النميري.
والشاهد فيه قوله : «لا أباك» حيث استعمل كلمة «أبا» اسما لـ «لا» النافية للجنس ، منصوبة بالألف ، وأضافها إلى ضمير المخاطبة ، وهذا دليل على أن قولهم : «لا أبا لك» من باب الإضافة ، واللام مقحمة بين المضاف والمضاف إليه ، ولو لا ذلك لم تثبت الألف في «أبا».
ينظر : خزانة الأدب ٤ / ١٠٠ ، ١٠٥ ، ١٠٧ ، والدرر ٢ / ٢١٩ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢١١ ، ولسان العرب (خعل) (أبى) (فلا) ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٣ / ١٣٢ ، والخصائص ١ / ٣٤٥ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٦ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٥٠١ ، وشرح شذور الذهب ص ٤٢٤ ، وشرح المفصل ٢ / ١٠٥ ، واللامات ص ١٠٣ ، والمقتضب ٤ / ٣٧٥ ، والمنصف ٢ / ٣٣٧ ، وهمع الهوامع ١ / ٣٣٧.
وإن دخلها معنى التحضيض ، كان الاسم الذى بعدها على فعل مضمر ، ولم تعمل شيئا (١).
وإن دخلها معنى التمنّى ، كان حكم الاسم الذى بعدها كحكمه قبل دخول الهمزة عليها (٢) ، إلا أنّها لا يكون لها خبر ، ولا تتبع الاسم الذى بعدها ، إلا على لفظة خاصة (٣).
* * *
__________________
(١) م : وقولى : «وإن دخلها معنى التحضيض ، كان الاسم الذى بعدها على فعل مضمر ؛ ولم تعمل شيئا» مثال ذلك قولك : ألا رجلا كريما ، أى : ألا تقصد رجلا كريما. أه.
(٢) م : وقولى : «وإن دخلها معنى التمنى ، كان حكم الاسم الذى بعدها كحكمه قبل دخول الهمزة عليها» مثال ذلك قولك : ألا مال وإن شئت ألا مال ومن ذلك قوله [من الطويل] :
ألا رجل يرثي لشجو أبى الفضل |
|
............ |
[صدر بيت لعباس بن الأحنف وعجزه :
............ |
|
بعبرة عين دمعها واكف السجل |
ينظر : ديوانه / ٢٣٥ ، تذكرة النحاة / ٣٠٣]. أه.
(٣) م : وقولى : «ولا تتبع الاسم الذى بعدها إلا على اللفظ خاصة» أعنى أنك تقول : لا مال كثيرا ولا يجوز رفع كثير. أه.
باب حروف الخفض
وهى : الباء ، والكاف ، ولام الجرّ ، وواو القسم وباؤه ، وواو ربّ وفاؤها ، والميم المكسورة والمضمومة فى القسم ؛ نحو : م الله ، وم الله ، وهمزة الاستفهام ، وهاء التنبيه ، وقطع ألف الوصل ، و «من» فى القسم ، و «من» ، و «إلى» ، و «عن» ، و «على» [و «فى»](١) ، و «حاشا» و «حشى» ، و «حتى» و «خلا» ، و «عدا» ، و «ربّ» ، و «مذ» ، و «منذ» ، و «لو لا» (٢) ، و «لعل» مكسورة اللام ، ومفتوحتها ، ومن ذلك قوله [من الوافر] :
١٣٢ ـ لعلّ الله فضّلكم علينا |
|
بشىء أنّ أمّكم شريم (٣) |
/ يروى بكسر اللّام وفتحها.
وتنقسم بالنظر إلى ما تجرّه ثلاثة أقسام :
قسم لا يجرّ إلا المضمر ، وهو : «لو لا» ؛ ومن ذلك قوله [من الطويل] :
١٣٣ ـ وكم موطن لولاى طحت كما هوى |
|
بأجرامه من قلّة النّيق منهوى (٤) |
__________________
(١) سقط في ط.
(٢) في أ: ولولى.
(٣) البيت بلا نسبة في : أوضح المسالك ٣ / ٧ ، والجنى الداني ص ٥٨٤ ، وجواهر الأدب ص ٤٠٣ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٤٢٢ ، ٤٣٣ ، ٤٣٠ ، ورصف المباني ص ٣٧٥ ، وشرح الأشموني ٢ / ٢٨٤ ، وشرح التصريح ٢ / ٢ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٥١ ، وشرح قطر الندى ص ٢٤٩ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٢٤٧.
والشاهد فيه : قوله «لعل الله» حيث جاءت لعل حرف جر على لغة عقيل.
(٤) البيت ليزيد بن الحكم يعاتب ابن عمه وقيل أخاه.
والموطن : المشهد من مشاهد الحرب.
طحت : هلكت ، والأجرام : الأجساد.
النيق : أعلى الجبل ، منهوى : ساقط.
وفي البيت شاهدان أولهما قوله : «لولاي» حيث جاء بضمير الخفض بعد «لو لا» وهي من حروف الابتداء. قال سيبويه في باب ما يكون مضمرا فيه الاسم متحولا عن حاله إذا أظهر بعده : وذلك «لولاك» و «لولاي» إذا أضمرت الاسم فيه جر ، وإذا أظهرت رفع ، ولو جاءت علامة الإضمار على القياس لقلت : «لو لا أنت» الكتاب ٢ / ٣٧٣.
والشاهد الثاني قوله : «لولاى» ؛ حيث جرّت مضمرا ، وهو ياء المتكلم.
وقسم ، لا يجرّ إلا الظّاهر (١) ؛ وهو : هاء التّنبيه ، وهمزة الاستفهام ، وقطع ألف الوصل ، و «من» [فى القسم](٢) ، والميم المكسورة ، والمضمومة فى القسم
__________________
ينظر : الأزهية ص ١٧١ ، وخزانة الأدب ٥ / ٣٣٦ ، ٣٣٧ ، ٣٤٢ ، والدرر ٤ / ١٧٥ ، وسر صناعة الإعراب ص ٣٩٥ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٠٢ ، وشرح المفصل ٣ / ١١٨ ، ٩ / ٢٣ ، والكتاب ٢ / ٣٧٤ ، ولسان العرب (جرم) (هوى) ، وبلا نسبة في الإنصاف ٢ / ٦٩١ ، والجنى الداني ص ٦٠٣ ، وجواهر الأدب ص ٣٩٧ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٣٣٣ ، ورصف المباني ص ٢٩٥ ، وشرح الأشموني ٢ / ٢٨٥ ، وشرح ابن عقيل ٣٥٣ ، ولسان العرب (إما لا) ، والممتع في التصريف ١ / ١٩١ ، والمنصف ١ / ٧٢ ويروي الشطر الأول في اللسان :
وكم منزل لولاي طحت كما هوى |
|
............ |
(١) م : باب حروف الخفض قولى : «وقسم لا يجر إلا الظاهر» إلى آخره ، مثال الجر بهاء التنبيه وهمزة الاستفهام وقطع ألف الوصل فى القسم : ها الله ليقومن زيد ، وآلله ليقومن زيد ، وألله ليقومنّ بكر ، ومثال الجر بالميم المكسورة والمضمومة فى القسم ـ أيضا ـ قولك : م الله لأفعلن ، وم الله لأخرجن ، ومثال الجر بواو رب قوله : [من الطويل]
ومثلك بيضاء العوارض طفلة |
|
............ |
[صدر بيت لامرىء القيس ، وعجزه :
............ |
|
لعوب تنسّينى إذا قمت سربالى |
ينظر ديوانه ص ٣٠ ، والأزهية ص ٢٣٢ ، وخزانة الأدب ١ / ٦٦ ، ولسان العرب (نسا) ، والمنصف ١ / ٩٣ ، وتاج العروس (نسى) ، وبلا نسبة فى مغنى اللبيب ٢ / ٤٧٢]
ومثال الجر بفائها قوله : [من الطويل]
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع |
|
............ |
[صدر بيت لامرئ القيس وعجزه :
............ |
|
فألهيتها عن ذي تمائم مغيل |
ينظر فى ديوانه ص ١٢ ، الأزهية ص ٢٤٤ ، والجنى الدانى ص ٧٥ ، وجواهر الأدب ص ٦٣ ، وخزانة الأدب ١ / ٣٣٤ ، والدرر ٤ / ١٩٣ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٥٠ ، وشرح شذور الذهب ص ٤١٦ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٤٠٢ ، ٤٦٣ ، والكتاب ٢ / ١٦٣ ، ولسان العرب (رضع) (غيل) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٣٣٦ ، وتاج العروس (غيل) ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٣ / ٧٣ ، ورصف المبانى ص ٣٨٧ ؛ وشرح الأشمونى ٢ / ٢٩٩ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٧٢ ، ومغنى اللبيب ١ / ١٣٦ ، ١٦١ ، وهمع الهوامع ٢ / ٣٦ ، وتاج العروس (باب الألف اللينة «الفاء» (وفيه «محول» مكان «مغيل»)]
ومثال الجرّ بـ «مذ» ، و «منذ» قولك : «ما رأيته منذ ثلاثة أيام ، أو مذ ثلاثة أيام» ومثاله بكاف التشبيه قولك : جاء الذى كزيد ، ومثاله بـ «حتى» قولك : قام القوم حتى زيد. أه.
(٢) سقط في ط.
[أيضا](١) ، وواو «ربّ» ، وفاؤها ، و «مذ» ، و «منذ» وكاف التّشبيه [وحتى](٢).
فأمّا قوله [من الرجز] :
١٣٤ ـ فلا أرى بعلا ولا حلائلا |
|
كه (٣) ولا كهنّ إلا حاظلا (٤) |
وقول الآخر [من الوافر] :
١٣٥ ـ فلا والله يلفى أناس |
|
فتى حتّاك يابن أبى يزيد (٥) |
فضرورة.
وقسم ، يجرّ الظّاهر والمضمر ؛ وهو : ما عدا ذلك من حروف الخفض (٦).
والحروف التى تجرّ الظاهر وحده ، أو مع المضمر ، منها ما يجرّ بعض الظّواهر دون بعض (٧) ؛ وهو : لام القسم ، والميم المكسورة والمضمومة ، وهاء التنبيه ، وهمزة
__________________
(١) سقط في ط.
(٢) سقط في ط.
(٣) في أ: كهو.
(٤) البيت لرؤبة
والشاهد فيه قوله : «كه» و «كهن» حيث جر الضمير في الموضعين ، بالكاف ، للضرورة الشعرية إذ الأصل أن تجر الظاهر
ينظر : ديوانه ص ١٢٨ ، وخزانة الأدب ١٠ / ١٩٥ ، ١٩٦ ، والدرر ٥ / ٢٦٨ ، ٤ / ١٥٢ وشرح أبيات سيبويه ٢ / ١٦٣ ، وشرح التصريح ٢ / ٤ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٢٥٦ ، وللعجاج في الكتاب ٢ / ٣٨٤ ، وليس في ديوانه ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٣ / ١٨ ، وجواهر الأدب ص ١٢٤ ، ورصف المباني ص ٢٠٤ ، وشرح الأشموني ٢ / ٢٨٦ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٥٧ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٦٩ ، وهمع الهوامع ٢ / ٣٠.
(٥) البيت بلا نسبة في : الجنى الداني ٥٤٤ ، وجواهر الأدب ٤٠٨ ، وخزانة الأدب ٩ / ٤٧٤ ، ٤٧٥ ، والدرر ٤ / ١١١ ، ورصف المباني ١٨٥ ، وشرح الأشموني ٢ / ٢٨٦ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٥٥ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٢٦٥ ، وهمع الهوامع ٢ / ٢٣.
والشاهد فيه : قوله «حتاك» حيث جرت «حتى» الضمير ، وهذا لا يكون إلا في الضرورة الشعرية إذ الأصل أن «حتى» تجر الظاهر.
(٦) م : وقولى : «وقسم يجر الظاهر والمضمر : وهو ما عدا ذلك ...» الذى يجر الظاهر والمضمر هو الباء ولام الجر ومن وإلى وعن وعلى وفى وحاشى وخلا وعدا ورب ولعل. أه.
(٧) م : وقولى : «ومنها ما يجر بعض الظواهر دون بعض ...» إلى آخره ، مثال جر اسم
الاستفهام ، وقطع ألف الوصل ؛ لا تجرّ إلا اسم الله تعالى ؛ فى القسم.
وتاء القسم : لا تجرّ إلا اسم الله تعالى ، أو : الرّبّ ، قالوا : «تربّ الكعبة».
و «من» فى القسم ، لا تجرّ إلا : الربّ (١) ، و «ربّ» ، وفاؤها ، وواوها (٢) لا تجرّ من الظّواهر إلا النّكرات.
و «مذ» ، و «منذ» (٣) لا تجران إلا أسماء الزمان.
ومنها ما يجرّ كلّ ظاهر ؛ وهو : ما عدا ذلك (٤).
وتنقسم أيضا بالنظر إلى استعمالها حرفا وغيره ، أربعة أقسام :
قسم ، يستعمل حرفا واسما ، وهو : «مذ» ، و «منذ» ، و «عن» ، فـ «مذ» ، و «منذ» ، يكونان اسمين إذا ارتفع ما بعدهما (٥) ، ويكونان حرفين إذا انجرّ ما بعدهما.
و «عن» تكون اسما إذا دخل عليها حرف خفض ؛ نحو قوله [من البسيط] :
١٣٦ ـ فقلت للرّكب لمّا أن علا بهم |
|
من عن يمين الحبيّا نظرة قبل (٦) |
وإذا أدى جعلها حرفا إلى تعدى فعل المضمر المتّصل إلى ضميره المتصل ، نحو قوله
__________________
الله تعالى بالقسم قولك : لله لا يبقى أحد ، وقد تقدم تمثيل جر الميم المكسورة والمضمومة وهاء التنبيه وهمزة الاستفهام وقطع ألف الوصل. أه.
(١) م : وقولى : «ومن فى القسم لا يجرّ إلا الربّ» مثال ذلك قولك : من ربى لأقومن. أه.
(٢) م : وقولى : «ورب وفاؤها وواوها» مثال جر الظاهر قولك : ربّ رجل عالم لقيته ، وقد تقدم تمثيل جر واو ربّ وفائها للنكرة. أه.
(٣) م : وقولى : «ومذ ومنذ» مثال ذلك قولك : ما رأيته منذ ثلاثة أيام ، ومذ أربعة أيام. أه.
(٤) م : وقولى : «ومنها ما يجر كل ظاهر ، وهو ما عدا ذلك» الذى يجر كل ظاهر هو كل ما يجر الظاهر والمضمر ، ما عدا رب ؛ فإنها لا تجر إلا النكرة ، وقد تقدم تبيينه ، وحتى وكاف التشبيه وواو القسم مما يجر الظاهر دون المضمر. أه.
(٥) م : وقولى : «مذ ومنذ يكونان اسمين إذا ارتفع ما بعدهما» مثال ذلك قولك : ما رأيته مذ يومان ، ومنذ عامان. أه.
(٦) البيت للقطامي.
والشاهد فيه : قوله : «من عن يمين الحبيا» حيث جاءت «عن» اسما بمعنى : جانب.
ينظر : ديوانه ص ٢٨ ، وأدب الكاتب ص ٥٠٤ ، وشرح المفصل ٨ / ٤١ ، واللسان (عنن) ، (حبا) والمقاصد النحوية ٣ / ٢٩٧ ، وهو بلا نسبة في أسرار العربية ص ٥٥ ، والجنى الداني ص ٢٤٣ ، وجواهر الأدب ص ٣٢٢ ، ورصف المباني ص ٣٦٧.
[من البسيط] :
١٣٧ ـ دع (١) عنك نهبا صيح فى حجراته |
|
ولكن حديثا ما حديث الرّواحل (٢) |
وتكون حرف خفض ، فيما عدا ذلك.
وقسم ، يستعمل حرفا وفعلا (٣) ، وهو : حاشا ، وحشى ، وخلا ، وعدا ،
__________________
(١) في أ: ودع.
(٢) هذا بيت من أبيات لامرئ القيس وسببها أن امرأ القيس بعد أن قتل أبوه ، ذهب يستجير بالعرب ، فبعض يقبله وبعض يرده ، فطمعت فيه العرب. وفي أثناء ذلك نزل على خالد بن سدوس بن أصمع النبهاني الطائي ، فأغار عليه باعث بن حويص الطائي وذهب بإبله ، فقال له جاره خالد : أعطني صنائعك ورواحلك حتى أطلب عليها مالك. ففعل امرؤ القيس ، فانطوى عليها ، ويقال بل لحق بالقوم فقال لهم : أغرتم على جاري يا بني جديلة؟ قالوا : والله ما هو لك بجار. قال : بلى والله ، ما هذه الإبل التي معكم إلا كالرواحل التي تحتى. فقالوا : هو كذلك. فأنزلوه ، وذهبوا بها. فقال امرؤ القيس فيما هجاه به : «دع عنك نهبا» البيت. يقول لخالد : دع النهب الذي نهبه باعث ، ولكن حدثني عن الرواحل التي ذهبت بها أنت. وهذا البيت صار مثلا يضرب لمن ذهب من ماله شيء ، ثم ذهب بعده ما هو أجل منه.
والنهب : الغنيمة وكل ما انتهب. وهو على حذف مضاف ، أي ذكر نهب. و «صيح» : مجهول صاح ، وفي حجراته نائب الفاعل. والحجرات ، بفتح الحاء المهملة والجيم : جمع حجرة بسكون الجيم ، كتمرات جمع تمرة. والحجرة : الناحية ، والجملة صفة نهب ، أي : صيح عليه في حجراته. و «حديثا» عامله محذوف ، أي ولكن حدثني حديثا. وما استفهامية مبتدأ وحديث خبره. يقول : اترك ذكر الذي انتهبه باعث وحدثني عن الرواحل التي أنت ذهبت بها.
ويروي :
فدع عنك نهبا صيح في حجراته |
|
............. |
وهو الأصح ـ كما في اللسان ـ لاستقامة وزن البيت شعريّا وهو مثل للعرب يضرب لمن ذهب من ماله شيء ثم ذهب بعده ما هو أجل منه.
والشاهد فيه قوله : «دع عنك» حيث جاءت «عن» اسما ؛ لأن جعلها حرفا ، هنا ، يؤدي إلى تعدي فعل المضمر المتصل إلى ضميره المتصل ، وذلك لا يجوز إلا في أفعال القلوب وما حمل عليها.
ينظر : ديوانه ص ٩٤ ، وخزانة الأدب ١٠ / ١٥٩ ، ١١ / ١٧٧ ، والدرر ٤ / ١٤٠ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٤٤٠ ، ولسان العرب (صيح) ، (حجر) ، (رسس) ، (سقط) ومغني اللبيب ١ / ١٥٠ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٣٠٧ ، وهمع الهوامع ٢ / ٢٩ ، وبلا نسبة في الجنى الداني ص ٢٤٤.
(٣) م : وقولى : «وقسم يستعمل حرفا وفعلا ...» إلى آخره ، وقد تقدّم تبيين النصب والخفض
فتكون (١) أفعالا إذا نصبت ما بعدها ، وتكون حروفا إذا خفضته.
وقسم ، يستعمل حرفا واسما وفعلا ، وهو : على ، تكون اسما إذا دخل عليها حرف خفض /.
نحو قوله [من الطويل] :
١٣٨ ـ غدت من عليه (٢) بعد ما تمّ ظمؤها |
|
تصلّ ، وعن قيض بزيزاء مجهل (٣) |
__________________
بحاشى وحشى وخلا وعدا فى باب الاستثناء. أه.
(١) في أ: تكون.
(٢) في ط : عليها.
(٣) البيت لمزاحم العقيلي ويروى هكذا :
غدت من عليه بعد ما تم خمسها |
|
تصل وعن قيض ببيداء مجهل |
«غدت من عليه» إلخ قال القالى (في شرح اللباب) : غدا بمعنى صار ، يقال : غدا زيد أميرا ، أي صار ، وأنشد البيت. وقال : أي انصرفت القطاة من فوقه. فهو غير مخصص بوقت دون وقت ، بخلاف ما إذا استعمل في غير معنى صار ، فإنه يختص بوقت الغداة ، تقول : غدا زيد قائما ، أي ذهب بالغداة. فمعنى غدت صارت ، إذ لا يريد انصرفت وانفلتت في وقت الغداة فقط.
و (الظمء) ، بالكسر وسكون الميم مهموز الآخر : مدة صبرها عن الماء وهو ما بين الشرب إلى الشرب. قال ابن السكيت (في كتاب المعاني) : قوله «بعد ما تم ظمؤها» أي أنها كانت تشرب في كل ثلاثة أيام أو أربعة مرة ، فلما جاء ذلك الوقت طارت.
وروى المبرد (في الكامل): «بعد ما تم خمسها» بكسر الخاء ، وقال : الخمس : ظمء من أظمائها ، وهي أن ترد ثم تغب ثلاثا ثم ترد ، فيعتد بيومي وردها مع ظمئها فيقال خمس.
هذا كلامه. وظاهره أن الخمس من أظماء القطا ، وليس كذلك إنما هو للإبل.
قال ابن السيد : الخمس : ورود الماء في كل خمسة أيام. ولم يرد أنها تصبر عن الماء خمسة أيام ، إنما هذا للإبل لا للطير ولكنه ضربه مثلا. هذا قول أبي حاتم ، ولأجل ذلك كانت رواية من روى «ظمؤها» أحسن وأصح معنى. وظاهر هذا أيضا أن الظمء لا يختص بالإبل. ويؤيده قول صاحب القاموس : والظمء بالكسر : ما بين الشربين والوردين ، وهو من الظمأ كالعطش ، وزنا ومعنى ، أو أشد العطش وأهونه وأخفه. قاله أبو زيد. لكن صاحب الصحاح خصه بالإبل ، قال : الظمء ما بين الوردين ، وهو حبس الإبل عن الماء إلى غاية الورد.
و «تصل» ، أي تصوت ، جملة حالية ، وإنما يصوت حشاها من يبس العطش ، فنقل الفعل إليها ، لأنه إذا صوت حشاها فقد صوتت. وإنما يقال لصوت جناحها : الحفيف.
وإذا أدّى ـ أيضا ـ جعلها حرفا إلى تعدّى فعل المضمر المتصل إلى مضمره (١) المتصل ؛ نحو قوله [من المتقارب] :
١٣٩ ـ هوّن عليك ، فإنّ الأمور |
|
بكفّ الإله مقاديرها (٢) |
وتكون فعلا إذا رفعت الفاعل (٣).
__________________
قال أبو حاتم : ومعنى تصل تصوت أحشاؤها من اليبس والعطش. والصليل : صوت الشيء اليابس ، يقال جاءت الإبل تصل عطشا. وقال غيره : أراد أنها تصوت في طيرانها.
(وعن قيض) إن كان معطوفا على عليه ففيه شاهد آخر وهو اسمية عن ، وإن كان معطوفا على من عليه فعن حرف. واقتصر اللخمى على الأول. والقيض بفتح القاف : قشر البيضة الأعلى ، وإنما أراد قشر البيضة التي خرج منها فرخها أو قشر البيضة التي فسدت فلم يخرج منها فرخ.
والشاهد فيه : قوله «من عليه» حيث جاءت «على» اسما مجرورا بـ «من».
ينظر : أدب الكاتب ص ٥٠٤ ، والأزهية ص ١٩٤ ، وخزانة الأدب ١٠ / ١٤٧ ، ١٥٠ ، والدرر ٤ / ١٨٧ ، وشرح التصريح ٢ / ١٩ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٣٠ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٤٢٥ ، وشرح المفصل ٨ / ٣٨ ، ولسان العرب (صلل) ، (علا) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٣٠١ ، ونوادر أبي زيد ص ١٦٣ ، وبلا نسبة في أسرار العربية ص ١٠٣ والأشباه والنظائر ٣ / ١٢ ، وأوضح المسالك ٣ / ٥٨ ، وجمهرة اللغة ص ١٣١٤ ، والجنى الداني ص ٤٧٠ ، وجواهر الأدب ص ٣٧٥ ، وخزانة الأدب ٦ / ٥٣٥ ، ورصف المباني ص ٣٧١ ، وشرح الأشموني ٢ / ٢٩٦ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٦٧ ، والكتاب ٤ / ٢٣١ ، ومجالس ثعلب ص ٣٠٤ ، ومغني اللبيب ١ / ١٤٦ ، ٢ / ٥٣٢ ، والمقتضب ٣ / ٥٣ ، وهمع الهوامع ٢ / ٣٦.
(١) في أ: ضميره.
(٢) البيت للأعور الشني وهو بشر بن منقذ.
والشاهد فيه : قوله «عليك» فإن «على» هنا اسم ؛ لأن مجرورها وفاعل ما تعلقت به ضميران لمسمى واحد ، وذلك لأنه لا يتعدى فعل المضمر المتصل في غير باب «ظن ، وفقد وعدم».
ينظر : الكتاب ١ / ٦٤ ، والمغني ١٤٦ ، ٤٨٧ ، ٥٣٢ ، وشرح شواهد المغني للسيوطي ٤٢٧ ، ٨٧٤ ، والبحر المحيط ١ / ٢٣٥ ، والمقتضب ٤ / ١٩٦ ، والإيضاح ٢١٥ ، وشرح الألفية للمرادي ٢ / ٢٢١ ، وتمهيد القواعد ٢ / ٤٥.
(٣) م : وقولى : «وتكون فعلا إذا رفعت الفاعل» مثال ذلك قوله [من الرمل] :
............ |
|
وعلا الخيل دماء كالشّقر |
[عجز بيت لطرفة بن العبد وصدره :
وتساقى القوم كأسا مرة |
|
............ |
ينظر في ديوانه ص ٥٥ ، ولسان العرب (شقر) ، (سقي) ، (علا) ،
وتكون حرفا فيما عدا ذلك.
وقسم لا يستعمل إلا حرفا ، وهو : ما عدا ذلك.
فأمّا قوله [من الوافر] :
١٤٠ ـ وزعت بكالهراوة (١) أعوجىّ |
|
إذا ونت الرّياح جرى وثابا (٢) |
فضرورة.
ولا بدّ لحروف الجرّ مما تتعلّق به ، إلا : لو لا ، ولعلّ ، وحروف الجرّ الزوائد ؛ نحو قولهم : «بحسبك زيد».
ولا يجوز إضمار حرف الخفض (٣) وإبقاء عمله إلا فى ضرورة ؛ نحو قوله [من البسيط] :
١٤١ ـ لاه ابن عمّك لا أفضلت فى حسب |
|
عنّى ، ولا أنت ديّانى فتخزونى (٤) |
__________________
وتهذيب اللغة ٨ / ٣١٤ ، وتاج العروس (شقر) ، (سقي) ، (علا) ، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٧٣٠ ، وأساس البلاغة (شقر)]. أه.
(١) في ط : بالكالهراوة.
(٢) البيت لابن غادية السلمي ويروى عجزه هكذا :
........... |
|
إذا جرت الرياح جرى وثابا |
والشاهد في قول : «بكالهراوة» حيث جاءت الكاف اسما مجرورا بالباء وهو ضرورة.
ينظر : جمهرة اللغة ص ١٣١٨ ، ورصف المباني ص ١٩٦ ، وسر صناعة الإعراب ص ٢٨٦ ، ولسان العرب (وثب) ، (ثوب).
(٣) في أ: الجر.
(٤) البيت لذى الإصبع العدواني من قصيدة طويلة قالها في ابن عم له كان ينافسه ويعاديه ، ونسب إلى «كعب الغنوي».
و «أفضل» : إذا زاد على الواجب في العطاء.
«الحسب» : ما يعده الإنسان من مآثر نفسه.
«الديان» : القيم بالأمر المجازي به ، وهو فعال من الدين وهو الجزاء ، وفي القاموس :
الديان : القهار ، والقاضي ، والحاكم ، والمجازي الذي لا يضيع عملا ، بل يجزي بالخير والشر.
والشاهد فيه قوله : «لاه ابن عمك» أراد : لله ابن عمك فحذف اللام من لفظ الجلالة وبقى عملها ، وهو ضرورة.
ينظر : أدب الكاتب ص ٥١٣ ، والأزهية ص ٢٧٩ ، وإصلاح المنطق ص ٣٧٣ ، والأغاني ٣ / ١٠٨ ، وأمالي المرتضى ١ / ٢٥٢ ، وجمهرة اللغة ص ٥٩ ،
أو فى نادر كلام ؛ نحو ما حكى من قول بعضهم : «خير ، عافاك الله» ، أى : على خير.
ولا تفصل بين حرف الجر والمجرور ، إلا فى نادر كلام ، نحو ما حكاه الكسائىّ (١) من قول بعضهم : «أخذنه بأرى ألف درهم».
أو فى ضرورة شعر ؛ نحو قوله [من الطويل] :
١٤٢ ـ مخلّفة لا يستطاع ارتقاؤها |
|
وليس إلى منها النّزول سبيل (٢) |
وأما «من» فإنّها تكون زائدة لاستغراق الجنس ؛ نحو قولك : «ما جاءنى من رجل» ، أو لتأكيد استغراقه ؛ نحو قولك : «ما جاءنى من أحد».
ولا تزاد إلا بشرطين.
أحدهما : أن يكون الاسم الذى تدخل عليه نكرة.
والآخر : أن يكون الكلام غير موجب ، وأعنى بذلك : النّفى والنّهى والاستفهام.
وتكون لابتداء الغاية فى غير الزمان ؛ فتقول : «سرت من البصرة إلى الكوفة» ، «وضربت من الصّغير إلى الكبير».
__________________
وخزانة الأدب ٧ / ١٧٣ ، ١٧٧ ، ١٨٤ ، ١٨٦ ، والدرر ٤ / ١٤٣ ، وسمط اللآلي ص ٢٨٩ ، وشرح التصريح ٢ / ١٥ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٤٣٠ ، ولسان العرب (فصل) ، (دين) ، (عنن) ، (لوه) ، (خزا) ، والمؤتلف والمختلف ص ١١٨ ، ومغني اللبيب ١ / ١٤٧ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٢٨٦ ، ولكعب الغنوي في الأزهية ص ٩٧ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ١ / ٢٦٣ ، ٢ / ١٢١ ، ٣٠٣ ، والإنصاف ١ / ٣٩٤ ، وأوضح المسالك ٣ / ٤٣ ، والجنى الداني ص ٢٤٦ ، وجواهر الأدب ص ٣٢٣ ، وخزانة الأدب ١٠ / ١٢٤ ، ٣٤٤ ، والخصائص ٢ / ٢٨٨ ، ورصف المباني ص ٢٥٤ ، ٣٦٨ ، وشرح الأشموني ٢ / ٢١٥ وشرح ابن عقيل ص ٣٦٤ ، وشرح المفصل ٨ / ٥٣ ، وهمع الهوامع ٢ / ٢٩.
(١) على بن حمزة بن عبد الله الأسدي بالولاء ، الكوفي ، أبو الحسن الكسائي : إمام في اللغة والنحو والقراءة. من تصانيفه «معاني القرآن» و «المصادر» و «الحروف» و «القراءات» و «النوادر» و «المتشابه في القرآن» و «ما يلحن فيه العوام». توفي بالري في العراق سنة ١٨٩ ه.
انظر : ابن خلكان ١ / ٣٣٠ ، تاريخ بغداد ١١ / ٤٠٣ ، الأعلام ٤ / ٢٨٣.
(٢) البيت بلا نسبة في : الخصائص ٢ / ٣٩٥ ، ٣ / ١٠٧ ، ورصف المباني ص ٢٥٥.
والشاهد فيه : قوله «وليس إلى منها النزول» حيث فصل بين الجار «إلى» والمجرور «النزول» ، وهو ضرورة.
فأمّا قوله [من الطويل] :
١٤٣ ـ من الصّبح حتّى تغرب الشّمس لا ترى(١) |
|
من القوم إلا خارجيّا مسوّما (٢) |
فيتخرّج هو وأمثاله علي حذف مضاف ؛ كأنّه قال : من طلوع الصبح (٣).
وللغاية ، وهى الداخلة على محل ابتداء الفعل وانتهائه ؛ نحو قولك : «أخذت الدّراهم من الكيس» /.
وللتبعيض ؛ نحو قولك : «قبضت من الدّراهم».
وأمّا «حتّى» : فتكون لانتهاء الغاية : فإن لم يكن ما بعدها جزءا مما قبلها ، فالفعل غير متوجه عليه ؛ نحو قولك : «سرت حتّى اللّيل» ، فالسير غير واقع فى الليل.
وإن كان جزءا منه ، واقترنت بالكلام قرينة دالّة على أنه داخل فى المعنى مع ما قبله ، أو خارج عنه ، كان بحسب تلك القرينة ، نحو قولك : «صمت الأيّام حتّى يوم الفطر».
وإن لم يقترن به قرينة ، كان ما بعدها داخلا فى المعني مع ما قبلها (٤) ؛ نحو قولك : «صمت الأيّام حتّى يوم الخميس».
وأمّا «إلى» فإنّها ـ أيضا ـ لانتهاء الغاية ، وما بعدها غير داخل فيما قبلها (٥) ، إلا أن تقترن بالكلام قرينة تدلّ على خلاف ذلك ؛ نحو قولك (٦) : «اشتريت الشّقّة إلى طرفها».
__________________
(١) في أ: ترا.
(٢) البيت : للحصين بن الحمام.
والشاهد : فيه قوله : «من الصبح» حيث دخلت «من» على زمان ، فوجب تقدير مجرور غير زمان محذوف أقيم الزمان المضاف إليه مقامه ، والتقدير : من طلوع الصبح.
ينظر : شرح اختيارات المفصل / ٣٢٩ ، وهو بلا نسبة في رصف المباني / ٣٢١.
(٣) في أ: الشمس.
(٤) في أ: قبله.
(٥) قال ابن هشام وهو الصحيح لأن الأكثر في الاستعمال عدم الدخول فيجب الحمل عليه عند التردد. قلت وهو قول أكثر المحققين ، لأن الأكثر مع القرينة ألا يدخل ، فيحمل عند عدمها على الأكثر ، وأيضا فإن الشيء لا ينتهي ما بقي منه شيء ، إلا أن يتجوز فيجعل القريب الانتهاء انتهاء. ولا يحمل على المجاز ما أمكنت الحقيقة. فهو إذن غير داخل
ينظر الجني الداني ص ٣٨٥.
(٦) في أ: قولهم.
وأمّا «ربّ» فلتقليل الشىء فى نفسه ؛ نحو قوله [من الطويل] :
١٤٤ ـ ألا ربّ مولود وليس له أب |
|
وذى ولد لم يلده أبوان (١) |
يعنى بالمولود : عيسى ، وبذى الولد : آدم ، صلوات الله عليهما.
أو تقليل نظيره ؛ وذلك فى المباهاة (٢) ، والافتخار ؛ نحو قوله [من الطويل] :
١٤٥ ـ فيا ربّ يوم قد لهوت وليلة |
|
بآنسة كأنّها خطّ تمثال (٣) |
كأنّه قال : الأيام التى لهوت فيها والليالى يقلّ وجود مثلها لغيرى ، وهى جواب كلام (٤) ملفوظ به ، أو مقدّر ؛ وكذلك تقع واو ربّ وفاؤها أول الكلام ؛ (٥) لأنّهما
__________________
(١) وفي البيت شاهدان : أولهما مجيء «رب» للتقليل ، فإن الشاعر أراد عيسى وآدم ، كما أراد القمر في البيت الذي يليه ، وهو :
وذي شامة سوداء في حر وجهه |
|
مجللة لا تنقضي بأوان |
وثانيهما قوله : «لم يلده» والأصل : لم يلده ، فسكن اللام للضرورة الشعرية ، فالتقى ساكنان ، فحرك الثاني بالفتح ؛ لأنه أخف.
ينظر البيت لرجل من أزد السراة في : شرح التصريح ٢ / ١٨ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٥٧ ، وشرح شواهد الشافية ص ٢٢ ، والكتاب ٢ / ٢٦٦ ، ٤ / ١١٥ ، وله أو لعمرو الجنبي في خزانة الأدب ٢ / ٣٨١ ، والدرر ١ / ١٧٣ ، ١٧٤ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٣٩٨ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٣٥٤ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ١ / ١٩ ، وأوضح المسالك ٣ / ٥١ ، والجنى الداني ص ٤٤١ ، والخصائص ٢ / ٣٣٣ ، والدرر ٤ / ١١٩ ، ورصف المباني ص ١٨٩ وشرح الأشموني ٢ / ٢٩٨ ، وشرح المفصل ٤ / ٤٨ ، ٩ / ١٢٦ ، ومغني اللبيب ١ / ١٣٥ ، وهمع الهوامع ١ / ٥٤ ، ٢ / ٢٦.
(٢) في أ: المباهات.
(٣) البيت : لامرئ القيس.
آنسة : أي امرأة ذات أنس من غير ريبة وتأنس بحديثك.
خط تمثال : نقش صورة ، والتمثال : كل ما مثلته بشيء.
الشاهد فيه قوله : «فيا رب يوم» حيث أفادت «رب» تقليل النظير للافتخار.
ينظر : ديوانه ص ٢٩ خزانة الأدب ١ / ٦٤ والدرر ٤ / ١١٨ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢١٦ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٣٤١ ومغني اللبيب ١ / ١٣٥.
(٤) في أ: الكلام.
(٥) م : وقولى : «وكذلك تقع واو رب وفاؤها أول الكلام» مثال ما جاءت فيه الواو أول الكلام قول رؤبة : [من الرجز]
وقاتم الأعماق خاوى المخترق
[البيت في ديوانه ص ١٠٤ ، والأشباه والنظائر ٢ / ٣٥ ، والأغانى ١٠ / ١٥٨
عطفتا الجواب على السؤال ، وأنيبتا مناب ربّ.
ولا بدّ للمخفوض بها ، أو بما ناب منابها من الصّفة.
وقد تحذف للدّلالة ؛ نحو قوله [من الطويل] :
١٤٦ ـ فيا ربّ يوم قد لهوت وليلة |
|
......... البيت (١) |
يريد : وليلة قد لهوت ، فحذف.
وقد تدخل ربّ على المضاف إلى ضمير النكرة ؛ نحو قولك : «ربّ رجل وأخيه».
وعلى ضمير النكرة ؛ فلا يثنّى ولا يجمع ؛ استغناء بتثنية التّمييز وجمعه عن ذلك ؛ نحو قولهم : «ربّه رجلين ، وربّه رجالا».
ولا يكون العامل فيها إلا بمعنى المضىّ ، وتلزم الصّدر (٢) ؛ وفيها لغات :
ربّ ؛ بضم الراء وتشديد الباء ، وقد تخفّف ، وتكون مفتوحة أو مضمومة ، أو ساكنة (٣).
وربّ ، بفتح الراء وتشديد الباء ، وقد تخفّف ، فيقال : رب.
ومن التخفيف وتسكين الباء : قوله [من الكامل] :
١٤٧ ـ أزهير إن يشب القذال فإنّه |
|
رب هيضل مرس لففت بهيضل (٤) / |
__________________
وجمهرة اللغة ص ٤٠٨ ، ٦١٤ ، ٩٤١ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٢٥ ، والخصائص ٢ / ٢٢٨ ، والدرر ٤ / ١٩٥ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٣٥٣ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٢٣ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٧٦٤ ، ٧٨٢ ، ولسان العرب (خفق) ، (عمق) ، (غلا) ، (هرجب) ، ومغنى اللبيب ١ / ٣٤٢ ، والمقاصد النحوية ١ / ٣٨ ، والمنصف ٢ / ٣ ، ٣٠٨ ، وهمع الهوامع ٢ / ٣٦ ، وبلا نسبة فى الخصائص ٢ / ٢٦٠ ، ٣٢٠ ، ورصف المبانى ص ٣٥٥ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٤٩٣ ، ٥٠٢ ، ٦٣٩ ، وشرح الأشمونى ١ / ١٢ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٧٢ ، وشرح المفصل ٢ / ١١٨ ، والعقد الفريد ٥ / ٥٠٦ ، والكتاب ٤ / ١١٠ ، ولسان العرب (قيد) ، (قتم) ، (وجه) ، وهمع الهوامع ٢ / ٨٠]. أه.
(١) تقدم برقم (١٤٥)
والشاهد فيه هنا : قوله «وليلة» أراد : وليلة قد لهوت ؛ فحذف صفة المخفوض بـ «واو» ربّ لدلالة المتقدّم عليه.
(٢) في أ: وتلزم أبدا الصدر.
(٣) م : وقولى : «فتكون مفتوحة أو مضمومة أو ساكنة» أعنى أنه يقال : ربّ وربّ ورب. أه
(٤) البيت : لأبي كبير الهذلي.
وقوله : (أزهير إن يشب) منادى مرخم قيل : هو رجل وقيل : امرأة وقيل : ابنته على
وقد تلحق تاء التأنيث المشدّدة والمخفّفة ، فيقال : ربّت ، وربت ، وقد تلحقها ـ أيضا ـ «ما» ؛ فيقال : ربّما ، وربما ، وربما (١) ، فتكون على حكمها من خفض النكرة بها.
وتدخل على الفعل الماضى لفظا ومعنى ، [أو](٢) معنى دون لفظ.
فأمّا قوله تعالى : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) [الحجر : ٢] فلصدق الوعد (٣) وقرب الدار الدنيا من الآخرة ، جعل المستقبل كأنّه [قد](٤) وقع.
وأمّا «على» فبمعنى فوق حقيقة أو مجازا ؛ نحو قولك (٥) : «عليه دين» ؛ لأنّ الدّين قد قهره ، والقهر علو.
وكذلك يقال : «هو تحت قهره»
وأمّا «فى» فللوعاء حقيقة (٦) أو مجازا ؛ نحو قولك : «هو فى حال حسنة».
وأما «عن» فللمزاولة ؛ يقال : أطعمه عن جوع ، أى : أزال الجوع عنه.
__________________
خلاف ذكره البغدادي ثم قال : (والقذال) ما بين النقرة وأعلى الاذن ، وهو أبطأ الرأس شيبا.
و (الهيضل) بفتح الهاء والضاد المعجمة : الجماعة
وقوله : (لففت بهيضل) يريد : جمعت بينهم في القتال.
و (مرس) أي : شديد.
والشاهد فيه قوله : «رب هيضل» حيث جاءت «رب» للتكثير ، وقد خففت هنا على لغة.
ينظر : الأزهية ص ٢٦٥ ، وجمهرة اللغة ص ٦٨ ، وخزانة الأدب ٩ / ٥٣٦ ، ٥٣٧ ، وشرح أشعار الهذليين ٣ / ١٠٧٠ ، ولسان العرب (هضل) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٥٤ ، وللهذلي في المحتسب ٢ / ٣٤٣ ، وبلا نسبة في الإنصاف ١ / ٢٨٥ ، ورصف المباني ص ٥٢ ، ١٩٢ ، وشرح المفصل ٥ / ١١٩ ، ولسان العرب (مصع) ، ومجالس ثعلب ص ٣٢٥ ، والممتع في التصريف ٢ / ٦٢٧.
(١) في أ: وربتما.
(٢) في ط : و.
(٣) في ط : فلصدق خشية الوعد.
(٤) سقط في ط.
(٥) في ط : قوله.
(٦) م : وقولى : «وللوعاء حقيقة» مثال ذلك قولك : المال فى الكيس. أه.
وأمّا «الكاف» : فللتّشبيه (١).
وأمّا «اللام» : فللتملك ، وللاستحقاق ؛ نحو قولك : «الباب للدّار» ، وللسبب ؛ نحو قولك : «جئت لابتغاء الخير» ، وبمعنى القسم إذا كان فى الكلام معنى تعجب ؛ نحو قولك : «لله لا يبقى أحد».
وأمّا حاشا ، وخلا ، وعدا : فللاستثناء (٢) ؛ كإلا.
وأمّا «لولا» ، فحرف امتناع لوجود.
وأمّا «لعلّ» : فللترجّى ، والتوقّع ؛ كالمفتوحة اللام.
وأمّا «مذ» ، «ومنذ» : فإن كان ما بعدها حالا ، انجرّ (٣) ، ويكون معناهما معنى «فى» ، وأعنى بالحال : اليوم ، والليلة ، والآن ، وما أشرت إليه.
وإن كان ما بعدهما ماضيا ، جاز فيه الرفع والخفض ، إلا أنّ الخفض بعد مذ قليل.
فإن كان الماضى معدودا كانا للغاية ؛ نحو قولك : «ما رأيته مذ يومان» أى : أمد انقطاع الرؤية يومان.
وإن كان غير معدود ، كانا لابتداء الغاية ؛ نحو قولك : «ما رأيته مذ يوم الخميس أى : أول إنقطاع الرؤية يوم الخميس.
وإذا ارتفع ما بعدهما ، كانا مبتدأين ، ولا يتقدّمهما من الأفعال إلا المنفىّ أو الموجب الذى يقتضى الدّوام (٤).
ولا يدخلان إلا على الزمان لفظا ، أو تقديرا : فإن دخلا على جملة ، كان الكلام على تقدير اسم زمان محذوف ؛ نحو قولك : «ما رأيته مذ قام زيد» أى : مذ زمان قيام زيد (٥).
وإن دخلا على أنّ مع صلتها ، كانت بتقدير مصدر موضوع موضع الزمان ؛ نحو
__________________
(١) م : وقولى : «وأما الكاف فللتشبيه» مثال ذلك قولك : زيد كعمرو. أه.
(٢) وقولى : «وأما حاشا وخلا وعدا فللاستثناء» وقد تقدم تبيين ذلك فى باب الاستثناء. أه.
(٣) م : وقولى : «وأما مذ ومنذ ، فإن كان ما بعدهما حالا انجرّ» مثال ذلك قولك : ما رأيته مذ يومنا ، ومنذ اليوم. أه.
(٤) م : وقولى : «أو الموجب الذى يقتضى الدوام» مثال ذلك قولك : فقهت مذ يوم الجمعة. أه.
(٥) في أ: مذ زمن قام زيد.
قولك : «ما رأيته مذ أنّ الله خلقه» ، أى : مذ خلق الله إياه ، ويكون خلق الله بمنزلة خفوق النجم.
وللاسم الواقع بعدهما ، فيه ، إن كان / عددا ، مذاهب للعرب : فمنهم من لا يعتدّ إلا بالكامل ؛ فلا يقول : «ما رأيته مذ خمسة أيّام» ، إلا وقد انقطعت الرؤية فى جميعها من أولها إلى آخرها.
ومنهم : من يعتد بالأول والآخر ، وإن لم يكونا كاملين.
ومنهم : من يعتد بالناقص للأول ، ولا يعتد بالآخر.
ولا يجوز الاعتداد بالأوّل والآخر إن أدّى ذلك إلى التجوّز فى جميع الواقع بعدهما ؛ لا تقول : «سرت منذ يومين» ، وأنت إنّما سرت بعضهما.
وأمّا «الباء» : فتكون زائدة فى خبر ما ، وليس ، وفاعل كفى (١) ، وفى مفعولها ؛ نحو قوله [من الكامل] :
١٤٨ ـ فكفى بنا فضلا على من غيرنا |
|
حبّ النّبىّ محمّد إيّانا (٢) |
أى : كفانا.
__________________
(١) م : وقولى : «وتكون زائدة فى خبر ما وليس وفاعل كفى» مثال ذلك ما زيد بقائم ، وليس زيد بقائم ، وكفى بالله شهيدا. أه.
(٢) اختلف في نسبة البيت إلى كعب بن مالك ، وبشير عبد الرحمن ، وحسان بن ثابت ، وعبد الله بن رواحة.
وفي البيت شاهدان : أولهما قوله : «فكفى بنا فضلا» حيث جاءت الباء زائدة في مفعول «كفى» المتعدية إلى واحد. وثانيهما قوله : «من غيرنا» حيث جاءت «من» نكرة موصوفة بمفرد ، وهو قوله : «غيرنا» قال الأعلم : الشاهد فيه حمل «غير» على «من» نعتا ، لأنها نكرة مبهمة ، فوصفت بما بعدها وصفا لازما يكون لها كالصلة ، والتقدير : على قوم غيرنا. ورفع «غير» جائز على أن تكون «من» موصولة ، ويحذف الراجع عليها من الصلة ، والتقدير : من هو غيرنا.
ينظر : البيت لكعب بن مالك في ديوانه ص ٢٨٩ ، وخزانة الأدب ٦ / ١٢٠ ، ١٢٣ ، ١٢٨ ، والدرر ٣ / ٧ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٥٣٥ ، ولبشير بن عبد الرحمن في لسان العرب (منن) ، ولحسان بن ثابت في الأزهية ص ١٠١ ، ولكعب أو لحسان أو لعبد الله بن رواحة في الدرر ١ / ٣٠٢ ، ولكعب ، أو لحسان ، أو لبشير بن عبد الرحمن في شرح شواهد المغني ١ / ٣٣٧ ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٨٦ ، وللأنصاري في الكتاب ٢ / ١٠٥ ، ولسان العرب (كفى) ، وبلا نسبة في الجنى الداني ص ٥٢ ، ورصف المباني ص ١٤٩ ،
وزائدة مصلحة ، فى نحو : «أحسن بزيد» ، ولا تزاد فيما عدا ذلك ، إلا فى ضرورة ؛ نحو قوله [من الوافر] :
١٤٩ ـ ألم يأتيك والأنباء تنمى |
|
بما لاقت لبون بنى زياد (١) |
أى : ما لاقت.
أو نادر كلام ، لا يقاس عليه ؛ نحو قوله تعالى : (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ) [يس : ٨١] أى : قادر.
وتكون للإلصاق حقيقة (٢) أو مجازا ؛ نحو قولك : «مررت بزيد» ، بجعل المرور متصلا بزيد ، لما كان متصلا بمكان يعرف من مكانه.
وللاستعانة ؛ نحو قولك : «كتبت بالقلم».
وللسبب ؛ نحو قولك : «عنّفته بذنبه».
وللحال ؛ نحو قولك : «جاء زيد بثيابه» أى : متلبسا (٣) بها ، وبمعنى «فى» ؛ نحو قولك : «زيد بالبصرة» أى : فيها.
وللنّقل ؛ نحو قولك : «قمت بزيد» أى : أقمته.
فمعناها ومعنى الهمزة واحد ، إلا أنّها لا تنقل الفعل عن الفاعل ؛ فتصيّره مفعولا ، إلا فى الأفعال غير المتعدية.
وللقسم ، وكذلك تاء القسم وواوه (٤) ، وهاء التنبيه ، وهمزة الاستفهام ، وقطع ألف الوصل ، ولام القسم ، بمعنى باء القسم ، إلا أنّ التاء قد يدخلها معنى التعجب (٥) ،
__________________
وسر صناعة الإعراب ١ / ١٣٥ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٤١ ، وشرح المفصل ٤ / ١٢ ، ومجالس ثعلب ١ / ٣٣٠ ، وشرح شواهد المغني ١ / ١٠٩ ، ٣٢٨ ، ٣٢٩ ، وهمع الهوامع ١ / ٩٢ ، ١٦٧.
(١) تقدم برقم (١).
والشاهد فيه هنا : قوله : «بما» حيث جاءت الباء زائدة وهو ضرورة.
(٢) م : وقولى : «تكون للإلصاق حقيقة» مثال ذلك قولك : مسحت برأسى. أه.
(٣) في ط : ملبسا.
(٤) م : وقولى : «وكذلك تاء القسم» إلى آخره ، قد تقدم تمثيله. أه.
(٥) م : وقولى : «إلا أن التاء قد يدخلها معنى التعجب» أعنى أنك قد تقول : تالله لا يبقى أحد ، تقسم على عموم الفناء لجميع البشر ، وتتعجب من ذلك ، ولا يلزمها التعجب ؛ بل قد تقول : تالله لا يقوم زيد ، تقسم على نفى القيام عن زيد من غير تعجب من ذلك ، وليس كذلك اللام ؛ بل يلزمها معنى التعجب ؛ نحو قولك : لله لا يبقى أحد. أه.
وتلزم ذلك فى اللام.
والقسم ، هو : [كلّ](١) جملة يوكّد بها جملة أخرى ، كلتاهما خبريّة.
فأمّا قولك : «تالله هل قام زيد؟» ، فليس بقسم ؛ لأنه ليس بخبر ؛ ألا ترى أن المعنى : أسألك بالله هل قام زيد؟.
ولا يسوّغ أن يكون التقدير : أقسم بالله.
ولا بدّ للقسم من مقسم به ، ومقسم عليه ، وحروف قسم ، وحروف تربط المقسم به بالمقسم عليه.
فالمقسم به عند العرب : كلّ اسم معظّم.
والمقسم عليه : كلّ جملة حلف عليها ، فعلت أو لم تفعل.
وأما حروف القسم / : فالباء وأخواتها ، وقد تقدّم ذكرها.
وأمّا الحروف التى تربط المقسم به بالمقسم عليه [ف «أن»] ، إن كانت الجملة الواقعة جوابا لـ «لو» ، وما دخلت عليه ؛ نحو قوله [من الوافر] :
١٥٠ ـ أما والله أن لو كنت حرّا |
|
وما بالحرّ أنت ولا العتيق (٢) |
وإن كانت غير ذلك : فـ «إن» و «اللام» فى الإيجاب ، و «ما» و «لا» فى النفى ، فعلى هذا : الجملة المقسم عليها إن كانت اسمية ، وكانت موجبة ، أدخلت على المبتدأ «إنّ» وفى خبرها «اللام» ، فقلت : «والله إنّ زيدا لقائم» ، وإن شئت أتيت بـ «إنّ» وحدها (٣).
وإن شئت بـ «اللام» وحدها ، فقلت : «والله لزيد قائم».
وإن كانت منفيّة ، أدخلت عليها «ما» (٤).
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) البيت : بلا نسبة فى : خزانة الأدب ٤ / ١٤١ ، ١٤٣ ، ١٤٥ ، ١٠ / ٨٢ والجنى الداني ص ٢٢٢ ، وجواهر الأدب ص ١٩٧ ، والدرر ٤ / ٩٦ ، ٢١٩ ، ورصف المباني ص ١١٦ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٣٣ شرح شواهد المغني ١ / ١١١ ومغني اللبيب ١ / ٣٣ والمقاصد النحوية ٤ / ٤٠٩ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٨ ، ٤١.
الشاهد فيه : زيادة «أن» بعد القسم.
(٣) م : وقولى : «وإن شئت أتيت بإن وحدها» مثال ذلك : والله إن زيدا قائم. أه.
(٤) م : وقولى : «أدخلت عليها ما» مثال ذلك : والله ما يقوم. أه.
وإن كانت الجملة فعلية : فإن كان الفعل ماضيا ، دخلت عليه فى الإيجاب اللام وحدها ، نحو قوله [من الطويل] :
١٥١ ـ حلفت لها بالله حلفة فاجر |
|
لناموا فما إن من حديث ولا صال (١) |
أو مع «قد» إن أردت تقريب الفعل من الحال (٢) ، وقد تحذف اللام إذا طال الكلام ؛ نحو قوله تعالى : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها) [الشمس : ١].
ثم قال بعد ذلك : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) [الشمس : ٩].
وأمّا فى النفى ، فتدخل عليه «ما» ، فتقول : «والله ما قام زيد».
وإن كان الفعل مستقبلا ، أدخلت عليه فى الإيجاب اللام وحدها ، إن فصل بينها وبين الفعل ؛ نحو قوله تعالى : (لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) [آل عمران : ١٥٨].
وإن لم يفصل بينهما ، أدخلت عليه اللام ، وإحدى النونين (٣) ، ولا يجوز الإتيان بإحداهما دون الأخرى إلا فى ضرورة ؛ نحو قوله [من الطويل] :
١٥٢ ـ تألّى ابن أوس حلفة ليردّنى |
|
إلى نسوة كأنّهنّ مفائد (٤) |
__________________
(١) البيت لامرئ القيس.
وفي البيت شاهدان : أولهما قوله : «لناموا» حيث دخلت عليه اللام وحدها وحذفت «قد» قبل الفعل الماضي ، وذلك بعد القسم شذوذا. وثانيهما حذف خبر «ما» المكفوفة عن العمل تشبيها بـ «لا» ، والتقدير : فما حديث ولا صال منتبه إلى ذي حديث.
ينظر : ديوانه ص ٣٢ ، الأزهية ص ٥٢ ، والجنى الداني ص ١٣٥ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٥٧١ ، ٧٣ ، ٧٤ ، ٧٧ ، ٧٩ ، والدرر ٢ / ١٠٦ ، ٤ / ٢٣١ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٣٧٤ ، وشرح المفصل ٩ / ٢٠ ، ولسان العرب (حلف) ، وهمع الهوامع ١ / ١٢٤ ، ٢ / ٤٢.
(٢) م : وقولى : «ومع قد إن أردت تقريب الفعل من الحال» مثال ذلك قولك : والله لقد قام زيد. أه.
(٣) م : وقولى : «أدخلت عليه فى الإيجاب اللام وإحدى النونين» مثال ذلك قولك : والله ليقومن زيد. أه.
(٤) البيت لزيد الفوارس بن حصين ، وهو شاعر جاهلي ، وآلى الرجل ، وتألى بمعنى واحد. وهذه الأبنية من الألية وهي اليمين.
(المفائد) : جمع المفأد ، بكسر الميم وفتح الهمزة ، وهي المسعر والسفود. والفأد في اللغة : التحريك ، وقيل : إن الفؤاد اشتق منه لأنه ينبض.
والمعنى : حلف هذا الرجل حلفة ليأسرنني ثم يمتن على فيردني على نسوة كأنهن مساعير لاحتراقهن وجدا بي وغمّا على ، ففعلت أنا به مثل ما هم به في.
والشاهد هنا قوله : «ليردّونى» حيث أدخل اللام وحدها على جواب القسم ، وهو