المقرِّب ومعه مُثُل المقرِّب

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »

المقرِّب ومعه مُثُل المقرِّب

المؤلف:

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »


المحقق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-0067-X
الصفحات: ٦٤٨

باب النّداء

حروف النداء : «يا» ، و «أيا» ، و «هيا» ، و «وا» ، و «أى ، والهمزة» ممدودتين ، ومقصورتين (١).

فـ «وا» منها للمندوب ، وما جرى مجراه خاصة.

__________________

(١) م : باب النداء

قولى : «حروف النداء يا وأيا» إلى آخره ، النداء بـ «يا» هو الأفصح ؛ قال تعالى : (يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ) [سبأ : ١٠] ومن النداء بـ «أيا» قوله : [من الطويل]

أيا ظبية الوعساء بين جلاجل

وبين النّقا آ أنت أم أمّ سالم؟

[البيت لذى الرمة فى ديوانه ص ٧٥٠ ، وأدب الكاتب ص ٢٢٤ ، والأزهية ص ٣٦ ، والأغانى ١٧ / ٣٠٩ ، والخصائص ٢ / ٤٥٨ ، والدرر ٣ / ١٧ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٧٢٣ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٢٥٧ ، وشرح شواهد الشافية ص ٣٤٧ ، وشرح المفصل ١ / ٩٤ ، ٩ / ١١٩ ، والكتاب ٣ / ٥٥١ ، ولسان العرب (جلل) ، (آ) ، (يا) ، واللمع ص ١٩٣ ، ٢٧٧ ، ومعجم ما استعجم ص ٣٨٨ ، والمقتضب ١ / ١٦٣ ، وبلا نسبة فى أمالى ابن الحاجب ١ / ٤٥٧ ، ٢ / ٦٧٧ ، والإنصاف ٢ / ٤٨٢ ، وجمهرة اللغة ص ١٢١٠ ، والجنى الدانى ص ١٧٨ ، ٤١٩ ، وخزانة الأدب ٥ / ٢٤٧ ، ١١ / ٦٧ ، ورصف المبانى ص ٢٦ ، ١٣٦ ، وشرح شافية ابن الحاجب ٣ / ٦٤ ، وهمع الهوامع ١ / ١٧٢ ويروى «فيا» بدلا من «أيا»].

ومن النداء بـ «هيا» قوله : [من الطويل]

هيا أمّ عمرو هل لى اليوم عندكم

بغيبة أبصار الوشاة سبيل؟

[البيت بلا نسبة فى تذكرة النحاة ص ٦٨٤ ، والجنى الدانى ص ٥٠٧ ، والدرر ٣ / ١٧ ، وهمع الهوامع ١ / ١٧٢].

ومن النداء بـ «أى» قوله : [من الطويل]

ألم تسمعى أى عبد فى رونق الضّحى

بكاء حمامات لهنّ هدير

[البيت لكثير عزة فى ديوانه ص ٤٧٤ ، وشرح شواهد المغنى ١ / ٢٣٤ ، وبلا نسبة فى الدرر ٣ / ١٦ ، ورصف المبانى ص ١٣٥ ، ولسان العرب (رنق) ، (يا) ، ومغنى اللبيب ١ / ٧٦ ، وهمع الهوامع ١ / ١٧٢].

ومن النداء بأى ممدودة ما حكاه الكسائى من قول بعضهم : أى أمّه ، ومن النداء بالهمز قوله : [من الطويل]

أفاطم مهلا بعض هذا التّدلّل

 .........

[صدر بيت لامرئ القيس وعجزه :

 ............

وإن كنت قد أزمعت صرمى فأجملي

ينظر ديوانه ص ١٢ ، والجنى الدانى ص ٣٥ ، وخزانة ١١ / ٢٢٢ ، والدرر ٣ / ١٦ ،

٢٤١

و «يا» : تستعمل فى جميع ضروب المناديات من : مندوب ، ومتعجّب منه ، ومستغاث به ، وغير ذلك ؛ قريبا كان ، أو بعيدا ، وسائرها لا يستعمل إلا فى النّداء الخالص.

فأمّا الهمزة منها ، فللقريب خاصة ، وسائرها للبعيد مسافة أو حكما ؛ كالنائم ، وقد تكون للقريب.

والاسم المنادى غير المندوب ، والمستغاث به ، والمتعجّب منه : إمّا أن يكون مفردا ، أو مضافا ؛ فإن كان مضافا ، كان منصوبا بإضمار فعل لا يجوز إظهاره (١).

وإن كان مفردا : فإما أن يكون مطوّلا ، أو غير مطوّل ، فإن كان مطوّلا ـ وأعنى به : ما كان عاملا فى غيره (٢) ـ لم يجز فيه أيضا إلا النّصب ؛ نحو قولك : «يا ضاربا زيدا».

وإن كان غير مطوّل : فإمّا أن / يكون معرفة ، أو نكرة ؛ فإن كان معرفة (٣) ، بنى على الضّمّ ، ويكون فى موضع نصب بإضمار فعل أيضا.

وإن كان نكرة : فإمّا أن تكون مقبلا عليها ، أو غير مقبل عليها ، فإن كانت (٤) مقبلا عليها ، فهى أيضا مبنية على الضّمّ ؛ كالعلم.

وإن كانت غير مقبل عليها ، كانت منصوبة بإضمار فعل.

والأسماء كلّها يجوز نداؤها إلا المضمرات ، والأسماء المعرّفة بالألف واللام ،

__________________

والمقاصد النحوية ٤ / ٢٨٩ ، وبلا نسبة فى أوضح المسالك ٤ / ٦٧ ، ورصف المبانى ص ٥٢ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٤٦٧ ، ومغنى اللبيب ١ / ١٣ ، وهمع الهوامع ١ / ٧٢].

وحكى ابن كيسان النداء بالهمزة الممدودة ؛ نحو : آزيد ، ومن النداء بـ «وا» قوله [من الرجز] :

وافقعسا وأين منّى فقعس؟

[سيأتى فى المقرب برقم (١٢٤)] أه.

(١) م : وقولى : «وإن كان مضافا ، كان منصوبا بإضمار فعل لا يجوز إظهاره» مثال ذلك : يا عبد الله. أه.

(٢) م : وقولى : «فإن كان مطولا وأعنى به : ما كان عاملا فى غيره» مثال ذلك : يا ضاربا زيدا ، ويا خيرا من عمرو ، ومن قبيل المطول : ما سمى بتابع ومتبوع ؛ نحو تسميتك رجلا بثلاثة وثلاثين ، فإنك تقول فى ندائه : يا ثلاثة وثلاثين ، بالنصب لطوله ؛ وذلك أن الثانى كأنّه يعمل فيه تبعه للأول ؛ فكأنك سميت بعامل ومعمول. أه.

(٣) م : وقولى : «وإن كان معرفة» إلى آخره ، مثال المعرفة : يا زيد ، ومثال النكرة المقبل عليها : يا رجل ، ومثال النكرة غير المقبل عليها : يا رجلا. أه.

(٤) في ط : كان.

٢٤٢

والأسماء غير المتصرّفة ، والأسماء اللازمة للصدر (١).

وقد ينادى المضمر المخاطب فى نادر كلام ، أو ضرورة شعر ، وتكون صيغته صيغة المنصوب ؛ نحو ما حكى من قول بعضهم :

«يا إيّاك قد كفيتك»

وقد تكون [صيغته صيغة](٢) المرفوع ؛ نحو قوله [من الرجز] :

١١٠ ـ يا أبجر ابن أبجر يا أنتا

أنت الّذى طلّقت عام جعتا (٣)

فإن أردت نداء ما فيه الألف واللام ، توصّلت إلى ذلك بـ «أى» ، أو اسم إشارة ، نحو قولك : «يأيّها الرجل» ، و «يا هذا الرجل» ، أو بهما معا ؛ وذلك قليل ، نحو قوله [من الطويل] :

١١١ ـ ألا أيّهذا النّابح السّيد إنّنى

على نأيها مستبسل من ورائها (٤)

ولا ينادى منها بغير وصلة ، إلّا اسم الله تعالى ؛ لكثرة الاستعمال مع معاقبتهما الهمزة من «الإله» ، أو فى ضرورة ، نحو قوله [من الرجز] :

١١٢ ـ فيا الغلامان اللّذان فرّا

إيّاكما أن تكسبانى شرّا (٥)

__________________

(١) م : وقولى : «والأسماء المتصرفة وغير اللازمة للصدر» تحرزت بذلك من الأسماء اللازمة للصدر ؛ نحو أسماء الاستفهام وأسماء الشرط ، فإنه لا يجوز نداء شىء منها ، ومن الأسماء اللازمة ضربا واحدا من الإعراب ؛ نحو : ايمن الله ، ولعمر الله وبعيدات بين ، وأمثال ذلك ؛ فإنه لا يجوز نداء شىء منها. أه.

(٢) في ط : كصيغة.

(٣) البيت للأحوص ونسب إلى سالم بن دارة.

والشاهد فيه قوله : «يا أنتا» حيث نادى الضمير الذي يستعمل في مواطن الرفع ، وهذا شاذ.

ينظر : ملحق ديوان الأحوص ص ٢١٦ ، وشرح التصريح ٢ / ١٦٤ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٣٢ ، ولسالم بن دارة في خزانة الأدب ٢ / ١٣٩ ، ١٤٣ ، ١٤٦ ، والدرر ٣ / ٢٧ ، وبلا نسبة في الإنصاف ١ / ٣٢٥ ، وأوضح المسالك ٤ / ١١ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٣٥٩ ، وشرح الأشموني ٢ / ٤٤٣ ، وشرح المفصل ١ / ١٢٧ ، ١٣٠ ، وهمع الهوامع ١ / ١٧٤.

(٤) البيت : للفضل بن الأخضر.

والشاهد فيه نداء ما فيه الألف واللام «النابح» باستخدام «أي» واسم الإشارة «هذا» ؛ وهو قليل.

ينظر : الحماسة ٥٨٨ ، وبشرح التبريزي ٢ / ١٥٠.

(٥) البيت بلا نسبة في : أسرار العربية ص ٢٣٠ ، والإنصاف ١ / ٣٣٦ ، والدرر ٣ / ٣٠ ،

٢٤٣

ويجوز حذف حرف النّداء ، وإبقاء المنادى ؛ نحو قوله ـ تعالى ـ : (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا ...) [يوسف : ٢٩].

إلا أن يكون المنادى اسم إشارة ، أو نكرة ، مقبلا عليها أو غير مقبل ، وقد يحذف من النكرة المقبل عليها فى ضرورة ؛ نحو قوله [من الرجز] :

١١٣ ـ جارى لا تستنكرى عذيرى

 ............ (١)

أو فى شاذّ من الكلام ؛ نحو قولهم : «افتد مخنوق» ، و «أطرق كرا» ، و «ثوبى حجر».

ولا يحذف مع اسم الإشارة أصلا ؛ ولذلك لحّن المتنبى (٢) فى قوله [من الكامل] :

١١٤ ـ هذى برزت لنا فهجت رسيسا

ثمّ انصرفت وما شفيت نسيسا (٣)

وإذا أتبعت المنادى ، فلا يخلو من أن يكون معربا ، أو مبنيّا :

فإن كان معربا (٤) ، فإن أتبعته ببدل ، كان حكم التابع كحكمه ؛ لو باشره حرف

__________________

وخزانة الأدب ٢ / ٢٩٤ ، وشرح ابن عقيل ص ٥١٨ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٩٩ ، وشرح المفصل ٢ / ٩ ، واللامات ص ٥٣ ، واللمع في العربية ص ١٩٦ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢١٥ ، والمقتضب ٤ / ٢٤٣ ، وهمع الهوامع ١ / ١٧٤ ، وتاج العروس (الياء) ، ويروى «تكسبانا» بدلا من «تكسباني».

والشاهد فيه نداء ما فيه الألف واللام «الغلامان» بأداة النداء «يائ» دون استخدام وصله بـ «أيها» ، مكان الأصل أن يقول : «يأيها الغلامان» ؛ غير أن هنا ضرورة.

(١) البيت للعجاج.

والشاهد فيه حذف النداء ضرورة من «جاري» ، وهو اسم نكرة قبل النداء لا يتعرف إلا بحرف النداء ، وإنما يطرد حذفه في المعارف ، والأصل : يا جارية ، فرخم المنادي.

ينظر : ديوانه ١/ ٣٣٢ ، وخزانة الأدب ٢/ ١٢٥ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٦١ ، وشرح التصريح ٢ / ١٨٥ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٣٥٥ ، وشرح المفصل ٢ / ١٦، ٢٠ ، والكتاب ٢ / ٢٣١ ، ٢٤١ ، ولسان العرب (عذر) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٧٧ ، والمقتضب ٤ / ٢٦٠، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٤ / ٥٨ ، وشرح الأشموني ٢ / ٤٦٨.

(٢) أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الكوفي الكندي ، أبو الطيب المتنبى : الشاعر ، ولد في الكوفة سنة ٣٠٣ ه‍ له ديوان شعر مشهور ، وتوفي سنة ٣٥٤ ه‍ ينظر الأعلام ١ / ١١٥.

(٣) الشاهد فيه : قوله : «هذى» حيث حذف حرف النداء ، وقد لحن المتنبي في قوله هذا. وأجيب بأن «هذى» مفعول مطلق ، أي : برزت هذه البرزة ، ورده ابن مالك بأنه لا يشار إلى المصدر إلا منعوتا بالمصدر المشار إليه ، مثل «ضربته ذلك الضرب».

ينظر : ديوانه ٢ / ٣٠١ ، ومغني اللبيب ٢ / ٦٤١ ، وهو بلا نسبة في شرح الأشموني ٢ / ٤٤٤ ، ويروي «انثنيت» بدلا من «انصرفت».

(٤) في أ: معرفا.

٢٤٤

النّداء (١) ؛ ولذلك لا يجوز أن يبدل اسم فيه / لام تعريف ؛ لأنّك إن أثبتّها ، فقلت : يا عبد الله الرجل ، لم يجز ؛ كما لا يجوز ذلك مع حرف النداء.

وإن حذفتها ، لم يجز ؛ لأنّ النكرة لا تستعمل إلا مع حرف النداء ملفوظا به.

وإن أتبعته بعطف نسق ، فإن كان مفردا ، لم يكن إلا معرفة (٢) ، لأنّ النكرة لا تستعمل إلا مقرونة بحرف النداء.

ويكون مبنيا على الضّمّ ، إلا أن يكون فيه ألف ولام ، فيكون منصوبا (٣) ، وإن كان مضافا ، فهو منصوب أبدا (٤).

وإن أتبعته بغير ذلك من التّوابع ، فهو منصوب لا غير ، نحو : «يا عبد الله العاقل نفسه».

وإن كان مبنيّا ، فإن أتبعته ببدل ، أو عطف نسق ـ فحكمه حكم المعرب فى ذلك (٥) ، إلا أن يكون فى المعطوف الألف واللام ؛ فإنّه يجوز فيه الرفع على اللفظ ؛ لأنّ حركة البناء فى هذا الباب تشبه حركة الإعراب.

والنصب على الموضع ؛ نحو قولك : «يا زيد والرجل» برفع الرجل ونصبه.

وإن أتبعته بغير ذلك من التّوابع ؛ فإن كان التابع مفردا ، فالرفع على اللفظ ، والنّصب على الموضع (٦) ما عدا «أيّا» ؛ فإنّه لا يجوز فى نعتها إلا الرفع (٧) على اللفظ

__________________

(١) م : وقولى : «فإن كان معربا فإن أتبعته ببدل ، كان حكم التّابع كحكمه لو باشره حرف النداء» مثال ذلك : يا عبد الله زيد. أه.

(٢) م : وقولى : «فإن كان مفردا ، لم يكن إلا معرفة» مثال ذلك قولك : يا عبد الله وزيد. أه.

(٣) م : وقولى : «إلا أن يكون فيه ألف ولام ؛ فيكون منصوبا» مثال ذلك قولك : يا عبد الله والرجل. أه.

(٤) م : وقولى : «وإن كان مضافا ، فهو منصوب أبدا» مثال ذلك قولك : يا عبد الله وغلام زيد. أه.

(٥) م : وقولي : «وإن كان مبنيا ، فإن أتبعته ببدل أو عطف نسق فحكمه حكم المعرب فى ذلك» مثال ذلك قولك : يا سعيد كرز ويا زيد عمرو ، ويا زيد صاحب بكر. أه.

(٦) م : وقولى : «وإن أتبعته بغير ذلك من التوابع ، فإن كان التابع مفردا ، فالرفع على اللفظ ، والنصب على الموضع» أعنى بقولى بغير ذلك من التوابع : النعت ، وعطف البيان ، والتأكيد ، ومثال ذلك قولك : يا زيد العاقل ، ويا سعيد كرز ، ويا تميم أجمعون برفع العاقل ، وكرز ، وأجمعين ، ونصبها إن شئت. أه.

(٧) م : وقولى : «ما عدا أيّا ، فإنه لا يجوز فى نعتها إلا الرفع» مثال ذلك قولك : يأيها الرجل ، برفع الرجل لا غير. أه.

٢٤٥

خاصة ، ولا ينعت إلا بما فيه الألف واللام ، أو باسم الإشارة.

وإن كان مضافا : فإن كانت الإضافة محضة ، فالنّصب لا غير ؛ نحو قولك : «يا زيد أخا عمرو نفسه».

إلا أنّ «ابنا» انفردت فى هذا الباب ؛ إذا وقعت بين اسمين علمين ، أو ما جرى مجراهما ، أو بين اسمين متفقين فى اللفظ وإن لم يكونا علمين ، ولا جاريين مجراهما ، وكان الأول منهما غير مضاف ـ بجواز إتباع حركة آخر المنادى بآخر النون من «ابن» ـ فتقول : «يا زيد بن عمر» ، وبضم الدال من زيد وفتحها.

يا شريف بن الشريف ؛ بفتح الفاء من «شريف» وضمها ؛ أنشد الفرّاء [من الرجز] :

١١٥ ـ يا غنم بن غنم محبوسة

فيها ثغاء ونعيق وحبق

وإن كانت الإضافة غير محضة ، فإنّه يجوز فيه الرفع على اللفظ ، والنصب على الموضع ، ومن ذلك قوله [من الرجز] :

١١٦ ـ يا صاح يا ذا الضّامر العنس

والرّحل والأقتاب والحلس (١)

روى بنصب «الضّامر» ورفعه.

فإن أتبعت تابع المنادى ، فعلى اللفظ خاصة ؛ فتقول : «يا زيد العاقل ذو الجمّة» ؛ بالرفع إن جعلته نعتا للعاقل ، والنصب إن جعلته نعتا للمنادى /.

وإذا كررت المنادى ، جاز فى الأول الضم والفتح ، فإن ضممته (٢) كان ما بعده

__________________

(١) البيت لخالد بن مهاجر ونسب لخزر بن لوذان ويروى عجز البيت هكذا :

 ............

والرحل ذي الأنساع والحلس

والشاهد فيه قوله : «يا ذا الضامر العنس» ، فإن «ذا» منادى مبني ، و «الضامر العنس» نعت مقترن بـ «ال» ومضاف ، وقد روي البيت برفع هذا النعت ونصبه ، فدل مجموع الروايتين على أن نعت المنادى إذا كان كذلك جاز فيه وجهان : الرفع والنصب.

ينظر : البيت لخالد بن مهاجر في الأغاني ١٠ / ١٠٨ ، ١٠٩ ، ١٣٦ ، ١٦ / ١٤٠ ، ١٤١ ، ١٤٢ ، ولخزر بن لوذان في خزانة الأدب ٢ / ٢٣٠ ، ٢٣٣ ، والكتاب ٢ / ١٩٠ ، وبلا نسبة في الخصائص ٣ / ٣٠٢ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٦٤٠ ، وشرح قطر الندى ص ٢١١ ، وشرح المفصل ٢ / ٨ ، ومجالس ثعلب ١ / ٣٣٣ ، ٢ / ٥١٣ ، والمقتضب ٢ / ٥٤ ، ٤ / ٢٢٣.

(٢) م : وقولى : «فإن ضممته» إلى آخره مثال ذلك قولك : يا زيد زيد عمرو. أه.

٢٤٦

منصوبا ؛ إمّا على البدل ، أو على عطف البيان ، أو على نداء مستأنف.

وإن نصبته ، نحو قولك : «يا زيد زيد عمرو».

وكان «زيد» الأول مضافا إلى «عمرو» ، وأقحمت «زيدا» الثانى بين المضاف والمضاف إليه ؛ فيكون نحو قوله [من الكامل] :

١١٧ ـ إلّا علالة أو بدا

هة قارح نهد الجزاره (١)

ف «علالة» مضاف إلى : «قارح» ، وأقحم بينهما المعطوف.

وإذا نونت المنادى المبنى على الضم (٢) فى ضرورة ، جاز فيه وجهان :

__________________

(١) البيت للأعشى.

استشهد بهذا البيت على أن «علالة» مضاف و «بداهة» مضاف إلا أنه حذف المضاف إليه من أحدهما استغناء عنه بالآخر وبقيت أحكام الإضافة (الإيضاح في شرح المفصل ١ / ٢٧٦) وهذا هو رأي المبرد إلا أنه يرى حذف المضاف إليه من الأول لبيان ذلك في الثاني ، أما سيبويه فيقول : أضاف العلالة إلى قارح مع الفصل بالبداهة للضرورة.

قال الأعلم : وتقدير هذا قبل الفصل : إلا علالة قارح أو بداهته فلما اضطر إلى الاختصار والتقديم حذف الضمير وقدم بداهة وضمها إلى علالة ينظر هامش المقتضب ٤ / ٢٢٨.

ومذهب سيبويه في : زيد وعمرو قائم أن خبر المبتدأ الأول محذوف وهو مغاير لمذهبه ههنا.

ومذهب المبرد أقرب لما يلزم سيبويه من الفصل بين المضاف والمضاف إليه في السعة ـ الخصائص ٢ / ٤٠٧ ، الكتاب ج ١ / ١٧٩.

ينظر ديوانه ص ٢٠٩ ، وخزانة الأدب ١ / ١٧٢ ، ١٧٣ ، ٤ / ٤٠٤ ، ٦ / ٥٠٠ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٩٨ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١١٤ ، والشعر والشعراء ١ / ١٦٣ ، والكتاب ١ / ١٧٩ ، ٢ / ١٦٦ ، ولسان العرب (جزر) ، (بده) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤٥٣ ، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ٢ / ٦٢٦ ، ورصف المباني ص ٣٥٨ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١١٨ ، والمقتضب ٤ / ٢٢٨ ، معجم مقاييس اللغة ١ / ٢١٢ ، العيني ٣ / ٤٥٣ ، ٤٥٧ ، شروح سقط الزند ٨١٠ ، والمذكر والمؤنث ٣١٩ ، ابن يعيش ٣ / ٢٢

(٢) م : وقولى : «وإذا نونت المنادى المبنى على الضم» إلى آخره مثال ما بقى على ضمه قوله :

[من الطويل]

فطر خالد إن كنت تسطيع حيرة

ولا تقعا إلّا وقلبك خافق

يريد : فطر يا خالد ، وقول الآخر : [من الرجز]

يا هرم وأنت أهل عدل

إن ولد الأحوص يوم قتلى

[البيت للبيد في ديوانه ص ١٤٠ ، وضرائر الشعر ص ٢٦].

٢٤٧

أجودهما : أن يبقى على ضمّه.

والآخر : أن يردّ إلى أصله من النصب.

وإذا أضفت المنادى إلى ياء المتكلّم ، كان فيه خمس لغات :

أفصحها : حذف الياء والاجتزاء بالكسرة عنها ؛ نحو قولك : «يا غلام».

والثانية : أن تقلب الياء ألفا والكسرة فتحة ؛ نحو : «يا غلاما»

والثالثة : أن تضم الآخر بعد الحذف ، وتجعل الاسم كأنّه لم يحذف منه شىء ؛ ومن ذلك ، قراءة من قرأ (١) : (قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِ) [الأنبياء : ١١٢].

المعنى : يا ربّ ، ولذلك جاز حذف حرف النداء (٢).

والرابعة : إثبات الياء ساكنة ؛ نحو قولك : «يا غلامى».

والخامسة : إثباتها متحرّكة بالفتح.

فأمّا قوله [من الوافر] :

١١٨ ـ فلست براجع ما فات منّى

بلهف ولا بليت ولا لو انّى (٣)

__________________

ومثال ما ردّ إلى أصله من النصب قوله : [من الخفيف]

ضربت صدرها إلىّ وقالت

يا عديّا لقد وقتك الأواقى

[البيت للمهلهل بن ربيعة في خزانة الأدب ٢ / ١٦٥ ، الدرر ٣ / ٢٢ ، وسمط اللآلي ص ١١١ ، ولسان العرب (وقى) ، المقاصد النحوية ٤ / ٢١١ والمقتضب ٤ / ٢١٤ ، وبلا نسبة في رصف المباني ص ١٧٧ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٨٠٠ ، وشرح الأشموني ٢ / ٤٤٨ ، وشرح التصريح ٢ / ٣٧٠ ، وشرح شذور الذهب ص ١١٢ ، ص ١٤٦ ، وشرح ابن عقيل ص ٥١٧ ، وشرح المفصل ١٠ / ١٠ ، والمنصف ١ / ٢١٨ ، وهمع الهوامع ١ / ١٧٣ ، وجمل الزجاجي ٢ / ٨٤ ، وأمالى ابن الشجري ٢ / ٩]. أه.

(١) وهي قراءة أبي جعفر وابن محيص ينظر معجم القراءات ٤ / ١٥٦.

(٢) م : وقولى : «المعنى : يا ربى ولذلك جاز حذف حرف النداء» أعنى : أنه لو كان «رب» فى قراءة من قرأ : «قال ربّ» نكرة مقبل عليها ، لم يجز حذف حرف النداء منها ؛ كما لا يجوز أن تقول : رجل ، تريد : يا رجل ، فلما حذف حرف النداء ، دل ذلك على أن المراد : يا ربى ؛ كما كان فى القراءة الأخرى. أه.

(٣) الشاهد فيه قوله : «بلهف» و «بليت» فإن كلّا من «لهف» و «ليت» منادى بحرف نداء محذوف ، وأصل كل منهما مضاف لياء المتكلم ، ثم قلبت ياء المتكلم في كل منهما ألفا بعد أن قلبت الكسرة التي قبلها فتحة ، ثم حذفت من كل منهما الألف المنقلبة عن ياء المتكلم ،

٢٤٨

فالمعنى : «يا لهفا» ، فحذف الألف ؛ وهو من القلّة ؛ بحيث لا يقاس عليه.

وأمّا المضاف إلى المضاف إلى ياء المتكلم ؛ نحو قولك : «يا غلام غلامى» ، فإنّه لما كان الثانى ليس بمنادى فى الحقيقة ، لم يجز فيه إلا ما يجوز فى غير النداء ، إلا «ابن أم» ، و «ابن عم» ، و «ابنة أم» ، و «ابنة عم» ؛ فإنّه يجوز فيها خمس اللغات الجائزة فى المنادى المضاف إلى ياء المتكلم (١) ؛ لأنهم : جعلوا المضاف والمضاف إليه كالشىء الواحد ، إلا أن الوجه الذى يجعل فيه الاسم بعد حذف الياء بمنزلة اسم ؛ لم يحذف منه شىء يبنى الآخر فيه على الفتح ؛ فتقول : «يا ابن أمّ» ، «ويا ابن عمّ» ؛ تشبيها بـ «بعلبك».

وقد اختصت العرب بعض الأسماء بالنداء ؛ وهو «أبت» ، و «أمّت» ، و «اللهمّ» ، «وفل» ـ وهو كناية عن العلم ـ و «هناه» ، وهنتاه ـ بضم الهاء وكسرها / وهما كنايتان عن نكرة ، فـ «هناه» للمذكّر ، وتقول : فى تثنيته «يا هنّانية» ، وفى جمعه «يا هنوناه» ، و «هنتاه» للمؤنث ، وتقول : فى تثنيته «يا هنتانيه» ، وفى جمعه : «يا هناتاه» ، وكلّ صفة معدولة على وزن «مفعلان» ؛ نحو : «مكرمان» ، و «ملأمان» ، عدلا عن : «كريم» و «لئيم».

__________________

واكتفي بالفتحة التي قبلها. وهذا مما أجازه الأخفش مستدلّا بهذا البيت على ما ذهب إليه من الجواز.

ينظر : الأشباه والنظائر ٢ / ٦٣ ، ١٧٩ ، والإنصاف ١ / ٣٩٠ ، وأوضح المسالك ٤ / ٣٧ ، وخزانة الأدب ١ / ١٣١ ، والخصائص ٣ / ١٣٥ ، ورصف المباني ص ٢٨٨ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٥٢١ ، ٢ / ٧٢٨ ، وشرح الأشموني ٢ / ٣٣٢ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٥١٢ ، وشرح قطر الندى ص ٢٠٥ ، ولسان العرب (لهف) ، والمحتسب ١ / ٢٧٧ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٤٨ ، والممتع في التصريف ٢ / ٦٢٢.

(١) م : وقولى : «فإنه يجوز فيها خمس اللغات الجائزة فى المنادى المضاف إلى ياء المتكلم» مثال ذلك قولك : يا ابن أم ، ويا ابن عمّ ، ويا ابنة أمّ ، ويا ابنة عمّ ، ويا ابن أمى ، ويا ابن عمى ، ويا ابنة أمى ، ويا ابنة عمى ، ويا ابن أمّا ، ويا ابن عمّا ، ويا ابنة أمّا ، ويا ابنة عمّا ، ويا ابن أمّ ، ويا ابن عمّ ، ويا ابنة أمّ ، ويا ابنة عمّ.

فهذا الوجه الأخير هو الوجه الذى تجعل فيه الاسمين بعد الحذف بمنزلة اسم واحد ، إلا أنك تثبت الاسم الأخير منهما على الفتح للتركيب. أه.

٢٤٩

أو على وزن «فعل» ؛ نحو : «فسق» و «خبث» ، و «لكع» ، و «غدر».

عدلت عن : «فاسق ، و «خبيث» ، و «ألكع» ، و «غادر».

أو على وزن «فعال» ، نحو : «خباث» ، و «لكاع» ، و «غدار» ، و «فساق».

عدلت عن : «فاسقة» ، و «لكعاء» ، و «غادرة» ، و «خبيثة» ، ولا يستعمل شىء من ذلك فى غير النداء ، إلا فى ضرورة ؛ نحو قوله [من الرجز] :

١١٩ ـ

فى لجّة أمسك فلانا عن فل (١)

أو ما كان منها على وزن : «مفعلان» فى نادر الكلام ، حكى السجستانى (٢) : «هذا زيد مكرمان» ، تابعا للمعرفة ممنوع الصرف ، ولا يجوز إظهار حرف النداء مع «اللهم» ؛ لأنّ الميم المشدّدة صارت عوضا منه.

فأمّا قوله [من الرجز] :

١٢٠ ـ وما عليك أن تقولى كلّما

سبّحت أو هلّلت : يا اللهمّ ما (٣)

__________________

(١) البيت لأبي النجم.

لجة : بالفتح لتردد الصوت ، ولجة البحر : لتردد أمواجه.

والشاهد فيه قوله : «عن فل» حيث استعمل فيه كلمة «فل» في غير النداء ، فجرها بحرف الجر ، للضرورة. وقيل : الأصل «فلان» وحذفت الألف والنون للضرورة.

ينظر : جمهرة اللغة ص ٤٠٧ ، وخزانة الأدب ٢ / ٣٨٩ ، والدرر ٣ / ٣٧ ، وسمط اللآلي ص ٢٥٧ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٣٩ ، وشرح التصريح ٢ / ١٨٠ ، وشرح المفصل ٥ / ١١٩ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٤٥٠ ، والصاحبي في فقه اللغة ٢٢٩ ، والطرائف الأدبية ص ٦٦ ، والكتاب ٢ / ٢٤٨ ، ٣ / ٤٥٢ ، ولسان العرب (لجج) ، (فلن) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٢٨ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٤ / ٤٣ ، وشرح الأشموني ٢ / ٤٦٠ ، وشرح ابن عقيل ص ٥٢٧ ، وشرح المفصل ١ / ٤٨ ، والمقتضب ٤ / ٢٣٨ ، وهمع الهوامع ١ / ١٧٧.

(٢) سهل بن محمد بن عثمان الجشمى السجستاني : من كبار العلماء باللغة والشعر من أهل البصرة كان المبرد يلازم القراءة عليه توفي سنة ٢٤٨ ه‍ ، له نيف وثلاثون كتابا منها كتاب «المعمرين» و «النخلة» و «ما تلحن فيه العامة» و «الشجر والنبات» و «المختصر» و «الشوق إلى الوطن».

ينظر : الأعلام ٣ / ١٤٣ ، والوفيات ١ / ٢١٨ ، إنباه الرواة ٢ / ٥٨ ، آداب اللغة ٢ / ١٨٥.

(٣) البيت بلا نسبة في : أسرار العربية ص ٢٣٣ ، والإنصاف ١ / ٣٤٢ ، وخزانة الأدب ٢ / ٢٩٦ ،

٢٥٠

فضرورة لا يلتفت إليها.

فإن ناديت الاسم على جهة الاستغاثة به ، أو التعجّب ، لم تناده إلا بـ «يا» كما تقدّم ، وتدخل لام الجرّ عليه مفتوحة ؛ ومن ذلك قوله [من الطويل] :

١٢١ ـ لخطّاب ليلى يا لبرثن منكم

أدلّ وأمضى من سليك المقانب (١)

فنادى «برثن» على جهة التعجّب من دلالتها.

وإن ذكرت المستغاث من أجله ، أدخلت عليه اللام وكسرتها ؛ فرقا بينهما ؛ ومن ذلك قوله [من الوافر] :

١٢٢ ـ تكنّفنى الوشاة فأزعجونى

فيا للنّاس للواشى المطاع (٢)

ويجوز حذف المستغاث من أجله ، وإبقاء المستغاث به ، وعكس ذلك (٣).

وإذا عطفت على المستغاث به مستغاثا به آخر ، كسرت اللام فى الثانى منهما ؛ لزوال اللبس ؛ ومن ذلك قوله [من البسيط] :

١٢٣ ـ يبكيك ناء بعيد الدّار مغترب

يا للكهول وللشبّان للعجب (٤)

__________________

والدرر ٦ / ٢٥٢ ، ورصف المباني ص ٣٠٦ ، وكتاب اللامات ص ٩٠ ، ولسان العرب (أله) ، وهمع الهوامع ٢ / ١٥٧.

والشاهد فيه قوله : «يا اللهم ما» حيث أظهر «يا» مع «اللهمّ» وهذا ضرورة.

(١) البيت لقرآن أو لفرار الأسدي.

والشاهد فيه قوله : «يا لبرثن» حيث ناداه بـ «يا» ، وأدخل عليه لام الجر مفتوحة.

ينظر : الأغاني ٢٠ / ٣٥٤ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٦٠٤ ، ولسان العرب (سلك) ، ومعجم الشعراء ص ٣٢٦ ، وللمجنون في ديوانه ص ٦١ ، ولسان العرب (برثن) ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٦ / ٢٣ ، وجمهرة اللغة ص ٣٧٤ ، وشرح المفصل ١ / ١٣١.

(٢) البيت لقيس بن ذريح.

والشاهد فيه قوله : «فيا للناس للواشي» حيث جاءت اللام مفتوحة مع المستغاث به ، ومكسورة مع المستغاث له.

ينظر : ديوانه ص ١١٨ ، والأغاني ٩ / ١٨٥ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٥٣١ ، والشعر والشعراء ٢ / ٦٣٣ ، والكتاب ٢ / ٢١٦ ، ٢١٩ ، واللامات ص ٨٨ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٥٩ ، وبلا نسبة في الجنى الداني ص ١٠٣ ، ورصف المباني ص ٢١٩ ، وشرح المفصل ١ / ١٣١ ، ولسان العرب (لوم).

(٣) م : وقولى : «ويجوز حذف المستغاث من أجله وإبقاء المستغاث به ، وعكسه» مثال ذلك قولك : يا لزيد ، بفتح اللام ، ومثال عكسه : يا لعمرو ، بكسر اللام. أه.

(٤) البيت بلا نسبة في : أوضح المسالك ٤ / ٤٧ ، وخزانة الأدب ٢ / ١٥٤ ، والدرر ٣ / ٤٢ ،

٢٥١

وقد يعامل المستغاث به ، والمتعجّب منه معاملة المندوب ، وسيبيّن.

ولا يجوز حذف حرف النداء منهما (١).

وإن ناديت الاسم على جهة النّدبة ـ وأعنى بذلك : نداء / الهالك ـ لم يناده من حروف (٢) النداء إلا بـ «يا» ، و «وا» ؛ كما تقدّم ، ولا يكون إلا علما ، أو (٣) ما جرى مجراه من نبز أو كنية (٤) ، أو موصولا ليس فيه الألف واللام ؛ نحو قولهم : «وا من حفر بئر زمزماه» ، أو مضافا إلى المعرفة (٥).

وتلحق علامة النّدبة آخر الاسم المندوب ؛ نحو قولك : «يا زيداه».

أو آخر الاسم المضاف إليه المندوب ؛ نحو «يا غلام زيداه».

أو آخر صلته ؛ نحو قولك : «وا من حفر بئر زمزماه».

وقد حكى لحاقها فى آخر صفته ، فى قولهم : «يا جمجمتىّ الشّاميّتيناه» ؛ وهو قليل.

ولا تثبت الهاء إلا فى الوقف ، فإن وصلت حذفتها ؛ فتقول : «يا زيدا لا تبعد» ، وقد يعوّض من الألف بتنوين فى الشعر نحو قوله [من الرجز] :

١٢٤ ـ

وا فقعسا وأين منّى فقعس؟ (٦)

__________________

ورصف المباني ص ٢٢٠ ، وشرح الأشموني ٢ / ٤٦٢ وشرح التصريح ٢ / ١٨١ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٠٣ ، وشرح قطر الندى ص ٢١٩ ، ولسان العرب (لوم) ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٥٧ ، والمقتضب ٤ / ٢٥٦ ، وهمع الهوامع ١ / ١٨٠.

والشاهد فيه : قوله : «وللشبان» ؛ حيث كسرت لام المستغاث به عند عطفه على مستغاث به آخر «للكهول».

(١) م : وقولى : «ولا يجوز حذف حرف النداء منهما» أعنى : أنه لا يقال : للعجب ولزيد ، تريد ، يا للعجب ويا لزيد. أه.

(٢) في ط : حرف.

(٣) في ط : و.

(٤) م : وقولى : «من نبز أو كنية» مثال النبز : قفه ، وكرز ، ومثال الكنية : أبو بكر ؛ فتقول يا كرزاه ، أو يا أبا بكراه. أه.

(٥) م : وقولى : «أو مضافا إلى معرفة» مثال ذلك قولك فى ندبة غلام الرجل : وا غلام الرجلاه. أه.

(٦) البيت لرجل من بني أسد.

والشاهد فيه : تنوين «فقعس» للضرورة عوضا عن الألف.

٢٥٢

ولا تثبت وصلا إلا فى ضرورة ؛ نحو قوله [من الهزج] :

١٢٥ ـ ألا يا عمرو عمراه

وعمرو ابن الزّبيراه (١)

وعلامة الندبة فى الأصل إنّما هى : الألف ، فإذا ألحقتها الآخر ، فلا يخلو من أن يكون ساكنا ، أو متحركا ، فإن كان متحركا بالفتح ، ألحقت الألف ، ولم يغيّر ، نحو قولك : «يا غلام أحمداه» ، و «يا غلاماه».

وإن كان متحركا بالضم أو بالكسر ، ألحقت الألف ، وفتحت ما قبلها نحو قولك : «يا زيداه» ، و «يا عبد اللهاه» ، إلا أن يخاف لبس ، فتقلب الألف حرفا من جنس الحركة التى قبلها.

فتقول : «يا غلامكاه» فى ندبة «غلامك» ، و «يا غلامكيه» فى ندبة «غلامك» ، لئلا يلتبسا.

وإن كان ساكنا ، فإن كان الساكن تنوينا حذفته وألحقت الألف وأتبعتها حركة ما قبلها ، فتقول : «يا غلام زيداه» ، وإن كان ألفا ألحقت ألف الندبة ، وحذفت التى قبلها ؛ لالتقاء الساكنيّن ، فتقول : «وا موساه».

وإن كان واوا ، فإن كانت متحركة فى الأصل ، فتحتها ، وألحقت الألف ؛ فتقول : «وامن يعزواه».

وإن لم تكن كذلك ، حذفتها ، ثم ألحقت الألف ، وجعلتها تابعة للحركة التى

__________________

ينظر : الدرر ٣ / ١٧ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٧٢ ، وهو بلا نسبة في الدرر ٣ / ٤١ ، ورصف المباني ص ٢٧ ، وشرح الأشموني ٢ / ٤٦٤ ، وشرح التصريح ٢ / ١٨٢ ، ومجالس ثعلب ٢ / ٥٤٢ ، وهمع الهوامع ١ / ١٧٢ ، ١٧٩.

(١) البيت بلا نسبة في :

الدرر ٣ / ٤٢ ، ورصف المباني ص ٢٧ ، وشرح الأشموني ٢ / ٤٦٦ ، وشرح ابن عقيل ص ٥٣٢ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٧٣.

والشاهد فيه قوله «عمراه» و «الزبيراه» بضم الهاء ، والمندوب إذا وقف عليه لحقه بعد القلب هاء السكت ، نحو : «وا زيداه» ولا تثبت الهاء في الوصل إلا ضرورة. قال ابن مالك : لحق الهاء في «عمراه» ، وهو توكيد مندوب ، ولحقت في «زبيراه» ، وهو مضاف إليه معطوف على مندوب ، فلحاقها نعت المندوب أولى بالجواز ، وكذلك لحاقها المضاف إليه نعت المندوب.

٢٥٣

قبلها ، إن خفت لبسا ؛ فتقول : «وا غلامهوه» ، ولا تقول : «وا غلامهاه» ، لئلا يلتبس بندبة «غلامها».

وإن كان ياء ، فإن كانت متحركة فى الأصل ، فتحتها ، وألحقت الألف ؛ فتقول : فى ندبة غلام القاضى ، : يا غلام القاضياه.

وإن لم يكن لها أصل فى الحركة ، حذفتها ، وألحقت الألف ، وجعلتها تابعة للحركة التى قبلها إن خفت التباسا ؛ فتقول : فى ندبة «بناته» : «وا بناتهيه» / ؛ لئلا يلتبس بندبة «بناتها».

ولا يجوز حذف حرف النداء من المندوب أصلا (١).

ولا يتكلّم بالنّدبة من العرب ، إلا النساء ، وأما الرجال فإنهم يعاملون (٢) معاملة غير المندوب (٣).

ولا يرخّم مندوب ، ولا مستغاث به ، ولا متعجب منه (٤) ، ويجوز ترخيم ما عدا ذلك من المناديات.

والترخيم :

حذف أواخر الأسماء فى النداء ، فعلى هذا الاسم المنادى : لا يخلو من أن يكون قد بنى بسبب النداء ، أو لا يكون كذلك.

فإن لم يبن لم يجز ترخيمه (٥) ، وإن بنى : فإمّا أن يكون نكرة مقبلا عليها ، أو غير ذلك ، فإن كان نكرة مقبلا عليها ، جاز ترخيمه ؛ إن كانت فيه تاء التأنيث ، بحذفها ، نحو : «ثبة» ، تقول : «يا ثب أقبلى».

وما ليس فيه تاء التأنيث لا يجوز ترخيمه إلا «صاحبا» ، فإنّهم رخّموه ؛ لكثرة

__________________

(١) م : وقولى : «ولا يجوز حذف حرف النداء من المندوب أصلا» أعنى : أنه لا يقال : زيداه ، يراد : يا زيداه. أه.

(٢) في أ: يعاملونه.

(٣) م : وقولى : «فإنما يعاملونه معاملة غير المندوب» أعنى أنهم يقولون : يا زيد ، ولا يلحقون علامة. أه.

(٤) م : وقولى : «ولا يرخم مندوب ، ولا مستغاث به ، ولا متعجب منه» أعنى : أنه لا يقال : يا لحار ، ولا : يا حاراه تريد : يا لحارث ويا حارثاه. أه.

(٥) م : وقولى : «فإن لم يبن ، لم يجز ترخيمه» أعنى : أنه لا يقال : يا امرا ، تريد : يا امرأة. أه.

٢٥٤

الاستعمال ؛ فقالوا : يا صاح ، وأمّا قولهم : «أطرق كرا» ، فى ترخيم «كروان» ، وليس فيه تاء فشاذ.

وإن كان غير ذلك : فإنّه إن كان مركّبا [رخمته بحذف](١) الاسم الثانى منه (٢).

وإن كان غير مركّب ، لم يرخّم ما كان منه على حرفين ، أو ثلاثة ، وليس أحدها (٣) تاء التأنيث. (٤)

وإن كان أحدها (٥) تاء التأنيث ، رخّمته بحذفها ؛ نحو : «هبة» اسم رجل.

وما كان منه على أزيد من ثلاثة أحرف ، جاز ترخيمه ، فإن كان في آخره تاء التأنيث حذفتها لا غير ، نحو : فاطمة.

وإن كان فيه زيادتان زيدتا معا (٦) ، كألفى التأنيث ، والألف والنون ، وعلامتى

__________________

(١) في ط : من خمسة يحذف.

(٢) م : وقولى : «فإن كان مركبا ، رخمته بحذف الاسم الثانى منه» مثال ذلك : يا حضر ، تريد : يا حضرموت. أه.

(٣) في أ: أحدهما.

(٤) م : وقولى : «لم يرخم منه ما كان علي حرفين أو ثلاثة ، ليس أحدها تاء التأنيث» أعنى أنه لا يقال : يا حك ، تريد : يا حكم. أه.

(٥) في أ: أحدهما

(٦) م : وقولى : «وإن كان فيه زيادتان زيدتا معا ...» إلى آخره مثال ما فى آخره ألفا التأنيث قوله [من الطويل] :

قفى فانظرى يا أسم هل تعرفينه؟

أهذا المغيرىّ الّذى كان يذكر؟

[البيت لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص ٩٣ ، وخزانة الأدب ١١ / ٣٦٩ وبلا نسبة في شرح قطر الندى ص ٢١٦].

يريد : يا أسماء.

ومثال ترخيم ما فى آخره الألف والنون الزائدتان قوله [من الكامل] :

يا مرو إنّ مطيّتى محبوسة

ترجو الحباء وربّها لم ييأس

[البيت للفرزدق في ديوانه ١ / ٣٨٤ ، وخزانة الأدب ٦ / ٣٤٧ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٥٠٥ ، وشرح التصريج ٢ / ١٨٦ ، والكتاب ٢ / ٢٥٧ ، واللمع ص ١٩٩ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٩٢ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٤ / ٦٢ ، وشرح الأشموني ٢ / ٤٧٢ ، وشرح قطر الندى ص ٢١٥ وشرح المفصل ٢ / ٢٢].

ومثال ترخيم ما فى آخره علامتا تثنية أو جمع أو ياء نسب قولك : يا أبان في ترخيم أبانين ، ويا عرف في ترخيم عرفات ، ويا بخت فى ترخيم رجل اسمه : بختىّ. أه.

٢٥٥

التثنية (١) والجمع ، وياءى النّسب ـ حذفتهما لا غير.

وإن كان قبل الآخر ، حرف مد ولين ؛ نحو : «منصور» ـ حذفته مع الآخر (٢) ما لم يؤد ذلك إلى بقاء الاسم على أقل من ثلاثة أحرف (٣) ، فلا يحذف إلا الآخر خاصة ؛ نحو : «ثمود» ، وإن لم يكن قبله حرف مدّ ولين ، حذفت الآخر خاصة.

والتّرخيم فى جميع ما ذكر يكون على لغة من نوى ردّ المحذوف ، فيبقى الحرف الذى صار آخرا بعد الترخيم ، على ما كان عليه قبل الترخيم من حركة أو سكون (٤) ، وعلى لغة من لم ينو ردّه ، فيحكم لما بقى بحكم الاسم الذى لم يحذف منه شىء ؛ فيبنى على الضم (٥) ، إلا ما فى آخره تاء التأنيث من الصفات ؛ فإنّه لا يرخّم على لغة من لم ينو الردّ ؛ لئلا يلتبس المؤنّث بالمذكر ؛ فتقول فى ترخيم قائمة : يا قائم / ، بالفتح ، وإذا رخّمت ما فى آخره تاء التأنيث على لغة من نوى الردّ ـ جاز لك أن تقحم فيه تاء التأنيث ، وتحركها بالفتح ؛ فتقول : يا فاطمة.

والترخيم فيما آخره تاء التأنيث أحسن من تركه ، وترك الترخيم فيما عدا ذلك أحسن من الترخيم ، إلا : حارثا ، ومالكا ، وعامرا ، فإنّ ترخيمها أحسن ؛ لكثرة استعمالها.

__________________

(١) في ط : النسبة.

(٢) م : وقولى : «فإن كان قبل الآخر حرف مد ولين نحو : منصور ، حذفته مع الآخر» مثال ذلك قولك : يا منص. أه.

(٣) م : وقولى : «ما لم يؤدّ ذلك إلى بقاء الاسم على أقل من ثلاثة أحرف ...» إلى آخرة مثال ذلك : يا لمى فى لميس ، قال الشاعر : [من الطويل]

تنكّرت منّا بعد معرفة لمى

وبعد التّصابى والشّباب المكرّم

[لأوس بن حجر في ديوانه ص ١١٧ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٥٦ ، والصاحبي في فقه اللغة ص ٢٢٩ ، والكتاب ٢ / ٢٥٤ ، وله أو لعبيد بن الأبرص في ذيل سمط اللآلي ص ٦٥ ، وبلا نسبة في شرح قطر الندى ص ٢١٧]. أه.

(٤) م : وقولى : «على ما كان عليه قبل الترخيم من حركة أو سكون» مثال ذلك قولك : يا حار ، تريد : يا حارث فتحذف الثاء وتبقى الراء على كسرها ، وقولك : يا هرق تريد : يا هرقل ، فتحذف اللام ، وتبقى القاف على سكونها. أه.

(٥) م : وقولى : «فتحكم لما بقى بحكم الاسم الذى لم يحذف منه شىء فيبنى على الضم» مثال ذلك قولى فى ترخيم حارث : يا حار ، بضم الراء. أه.

٢٥٦

والاسم إذا كان له حكم قبل الترخيم ، ثم زال بالترخيم سببه ، زال ذلك الحكم ؛ فتقول فى ترخيم قاضون ـ اسم رجل ـ : يا قاضى ؛ فترد الياء ؛ لمّا زال موجب حذفها ، وهو الواو.

والمرخّم على لغة من لم ينو الردّ يحكم له بحكم اسم ؛ كامل (١) لم تحذف منه شيئا فى البناء على الضم ؛ كما تقدّم.

وفى إعلاله على ما يقتضيه التّصريف ؛ فتقول فى «طفاوة» ، يا طفاء ؛ لأنّه بمنزلة «كساء» ، وفى «عرقوه» ، «يا عرقى» ؛ كما فعلت بـ «أدل» ، جمع «دلو» ، وفى «قطوات» ، يا قطا ، كـ «عصى» ، ولا يرخّم اسم فى غير نداء إلا فى ضرورة ؛ فإنّه يرخّم على اللغتين.

فمن الترخيم على لغة من نوى ، قوله [من البسيط] :

١٢٦ ـ إنّ ابن حارث إن أشتق لرؤيته

أو أمتدحه فإنّ النّاس قد علموا (٢)

ومن الترخيم على لغة من لم ينو ، قوله [من الطويل] :

١٢٧ ـ وهذا ردائى عنده يستعيره

ليسلبنى نفسى أمال بن حنظل (٣)

__________________

(١) في ط : كأنك.

(٢) البيت لابن حنباء.

والشاهد فيه : قوله : «حارث» ، حيث رخم «حارثة» في غير نداء على لغة من نوى ؛ وهو ضرورة.

ينظر : الدرر ٣ / ٤٨ ، شرح أبيات سيبويه ١ / ٥٢٧ ، وشرح التصريح ٢ / ١٩٠ ، والكتاب ٢ / ٢٧٢ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٢٨٣ ، وبلا نسبة في أسرار العربية ص ٢٤١ ، والإنصاف ١ / ٣٥٤ ، وشرح الأشموني ٢ / ٤٧٧ ، وهمع الهوامع ١ / ١٨١.

(٣) البيت للأسود بن يعفر.

الشاهد فيه قوله : «أمال بن حنظل» يريد : أمالك بن حنظلة ، فرخم حنظلة» في غير النداء ضرورة ، وأجراه بعد الترخيم مجرى اسم لم يرخم ، فجره بالإضافة وكذلك رخم الشاعر «مالك» في النداء.

ينظر : ديوانه ص ٥٦ ، وسمط اللآلي ص ٩٣٥ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٦٤ ، وشرح التصريح ٢ / ١٩٠ ، والكتاب ٢ / ٢٤٦ ، ٣ / ٦٩ ، ونوادر أبي زيد ص ١٥٩ ، ١٦٠.

٢٥٧

باب لا

اعلم : أن «لا» : إمّا أن تدخل على نكرة ، أو معرفة ؛ فإن دخلت على معرفة ، لم تعمل شيئا ، ولزم تكرارها (١).

فأمّا قولهم : «لا نولك أن تفعل» ـ فشاذ ، ومحمول على معناه ؛ لأن المعنى : لا ينبغى لك أن تفعل ، وقول الشاعر [من الطويل] :

١٢٨ ـ بكت جزعا واسترجعت ثمّ آذنت

ركائبها أن لا إلينا رجوعها (٢)

ضرورة.

وأمّا قولهم : «قضيّة ولا أبا الحسن» ، و «أمّا البصرة فلا بصرة لك» ، وقول الشاعر [من الوافر] :

١٢٩ ـ أرى الحاجات عند أبى خبيب

نكدن ولا أميّة بالبلاد (٣)

__________________

(١) م : باب لا قولى : «فإن دخلت على معرفة ، لم تعمل شيئا ، ولزم تكرارها» مثال ذلك قولك : لا زيد في الدار ولا عمرو. أه.

(٢) البيت بلا نسبة في : خزانة الأدب ٤ / ٣٤ ، والدرر ٢ / ٢٣٣ ، ورصف المباني ص ٢٦١ ، وشرح الأشموني ١ / ١٥٥ ، وشرح المفصل ٢ / ١١٢ ، والكتاب ٢ / ٢٩٨ ، والمقتضب ٤ / ٣٦١ ، وهمع الهوامع ١ / ١٤٨.

(٣) البيت من أبيات لعبد الله بن الزبير الأسدي قالها في عبد الله بن الزبير بن العوام وكان شديد البخل ولذلك قصة ذكرها البغدادي بكاملها في الخزانة.

و (نكدن) من نكد نكدا إذا تعسر ، ونكد العيش نكدا إذا أشتد.

أمية : أبو قبيلة من قريش ، وهما أميتان : الأصغر والأكبر ابنا عبد شمس بن عبد مناف أولاد علة.

والشاهد فيه : قوله : «ولا أمية» حيث وقع اسم «لا» النافية للجنس معرفة ، وأوّل على تقدير : ولا مثل أمية.

ينظر : ملحق ديوانه ص ١٤٧ ، وخزانة الأدب ٤ / ٦١ ، ٦٢ ، والدرر ٢ / ٢١١ ، وشرح المفصل ٢ / ١٠٢ ، ١٠٤ ، والكتاب ٢ / ٢٩٧ ، ولفضالة بن شريك في الأغاني ١٢ / ٦٦ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٥٦٩ ، وبلا نسبة في رصف المباني ص ٢٦١ ، وشرح الأشموني ١ / ١٤٩ ، وشرح شذور الذهب ص ٢٧٣ ، والمقتضب ٤ / ٣٦٢.

٢٥٨

فعلى حذف مثل ، وكذلك قول الآخر [من الطويل] :

١٣٠ ـ تبكّى على زيد ، ولا زيد مثله

برىء من الحمّى سليم الجوانح (١) /

يتخرج على تنكير زيد.

وإن دخلت على نكرة ، فإن كان الاسم مضافا ، أو مطولا ـ عملت عمل «ليس» ، وقد تقدّم ، وعمل «إنّ» فتنصبه ؛ لأنّها نقيضتها (٢).

وإن كان غير ذلك ، فإن كان مفردا (٣) ، [أو جمع تكسير ، أو جمع سلامة بالألف والتاء ـ بنى معها على الفتح ، وحذف التنوين ، فتقول : «لا رجل فى الدار» ، «ولا غلمان لزيد» ، «ولا هندات لك»](٤).

وإن كان مثنى أو جمعا علي حد التثنية ، بنى معها ، وكانت صيغته كصيغة المنصوب ؛ فتقول : «لا زيدين لك» «ولا زيدين لك».

ولا يجوز الفصل بين «لا» ، وبين ما تعمل فيه ، فإن فصلت بينهما ، بطل عملها ، ولزم تكرارها ؛ فتقول : «لا فى الدار رجل ولا امرأة».

والخبر إن كان ظرفا أو مجرورا ، جاز إثباته وحذفه (٥) ، وإن كان غير ذلك ، فبنو تميم يلزمون الحذف ، وأهل الحجاز يجيزون الوجهين ؛ فيقولون : «لا رجل أفضل منك» ، وقد يحذفون «أفضل» إذا كان عليه دليل.

وليست «لا» عاملة فى الخبر ، بل هى مع اسمها بمنزلة اسم واحد مرفوع بالابتداء ،

__________________

(١) البيت بلا نسبة في :

تخليص الشواهد ص ١٦٦ ، ٤٠٢ ، وتذكرة النحاة ص ٥٢٩ ، ٥٣٨ ، وخزانة الأدب ٤ / ٥٧ ، والدرر ٢ / ٢١٥ ، وهمع الهوامع ١ / ١٤٥.

والشاهد فيه قوله «ولا زيد» حيث أعمل «لا» النافية للجنس في المعرفة ، والذي سوغ ذلك أنه أراد : لا مثل زيد في براءته من الحمى وسلامة الجوانح.

(٢) م : وقولى : «وعمل إن فتنصبها ؛ لأنها نقيضتها» مثال ذلك قولك : لا غلام رجل قائم ، ولا خيرا من زيد ذاهب. أه.

(٣) م : وقولى : «فإن كان مفردا» بنى معها على الفتح ، وحذف التنوين ، مثال ذلك قولك : لا رجل فى الدار. أه.

(٤) ما بين المعكوفين سقط في أ.

(٥) م : وقولى : «إن كان ظرفا أو مجرورا ، جاز إثباته وحذفه» مثال ذلك قولك : لا رجل فى الدار ، ولا رجل عندك ، وإن شئت حذفتهما ، إذا دل دليل عليهما. أه.

٢٥٩

والخبر للمجموع.

هذا حكم الاسم الواقع بعدها إن لم يكن له عامل ، فإن كان له عامل مضمر ، لم تؤثر فيه ؛ نحو قولك : «لا أهلا ولا مرحبا».

وإذا أتبعت الاسم فى هذا الباب ، فإن كان معربا ، فإن أتبعته بغير بدل ، أو عطف نسق ـ جاز لك (١) وجهان : النّصب على اللفظ ، والرفع على الموضع ؛ نحو قولك : «لا مثلك عالما» ، بنصب «عالم» ورفعه.

وإن أتبعته ببدل ، فإن كان المبدل مقرونا بـ «إلا» فقد تقدّم حكمه فى باب الاستثناء ، وإن لم يكن مقرونا بها ، فإن أبدلته على اللفظ ، فالنّصب ؛ نحو قولك : «لا مثلك صاحب دابة» ، «ولا مثلك رجلا عندنا».

وإن أبدلته على الموضع ، رفعت ، إلا أن يكون المبدل (٢) معرفة ، فلا يجوز فيه إلا الرفع على الموضع ؛ نحو : لا مثلك فى الدار زيد ولا عمرو.

وإن أتبعته بعطف نسق ، فإن لم تدخل على المعطوف «لا» ، جاز النصب على اللفظ والرفع على الموضع (٣) ، إن كان المعطوف نكرة ؛ فتقول : لا غلام رجل وامرأة فى الدار ، بنصب امرأة ورفعها.

وقد حكى الأخفش ، البناء على الفتح على نية «لا» (٤).

وإن / كان معرفة ، لم يجز فيه إلا الرفع على الموضع ، نحو قولك : «لا غلام رجل فى الدار وعمرو» ، وإن [دخلت عليه «لا» فإن](٥) قدرتها تكرارا للأولى ، فالأمر على ما كان عليه ، لو لم تكرر (٦).

__________________

(١) زاد في أ: فإن لم يدخل على المعطوف جاز لك.

(٢) في أ: البدل.

(٣) في ط : اللفظ.

(٤) م : وقولى : «وقد حكى الأخفش البناء على الفتح على نية لا» مثال ذلك : لا غلام رجل وامرأة فى الدار. أه.

(٥) سقط في ط.

(٦) م : وقولى : «فالأمر على ما كان عليه لو لم تكرّر» مثال ذلك : لا غلام رجل فى الدار ولا امرأة ، وإن شئت قلت : ولا امرأة. أه.

٢٦٠