المقرِّب ومعه مُثُل المقرِّب

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »

المقرِّب ومعه مُثُل المقرِّب

المؤلف:

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »


المحقق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-0067-X
الصفحات: ٦٤٨

هذا ما لم تؤكد الفعل بالمصدر أو بضميره أو بالإشارة إليه ، فإن أكدته بشىء من ذلك فالإعمال ، تقدمت أو تأخرت أو توسطت (١) ، وقد يجوز الإلغاء فى حال التوسط والتأخر مع التأكيد بالضمير أو بالإشارة أو بالمصدر ، وهو قليل جدا ، وهو مع الضمير أقلّ منه مع اسم الإشارة ؛ ومن ذلك قوله [من الكامل] :

٦٨ ـ يا عمرو إنّك قد مللت صحابتى

وصحابتيك إخال ذاك قليل (٢)

والإلغاء مع التأكيد بصريح المصدر أقلّ من ذلك بكثير.

وقد تسدّ أنّ وأن مع صلتيهما مسدّ المفعولين (٣) ، فتقول : «ظننت أنّ زيدا قائم ،

__________________

ظننت قائم ؛ ومنه قوله [من البسيط] :

أبالأراجيز يابن اللؤم توعدنى

وفى الأراجيز خلت اللؤم والخور

[البيت لجرير فى ملحق ديوانه ص ١٠٢٨ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٠٧ ، ولسان العرب (خيل) ، وللعين المنقرى فى تخليص الشواهد ص ٤٤٥ وخزانة الأدب ١ / ٢٥٧ ، الدرر ٢ / ٢٥٦ ، وشرح التصريح ١ / ٢٥٣ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ١٢٠ ، وشرح المفصل ٧ / ٨٤ ، ٨٥ ، الكتاب ١ / ١٢٠ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٤٠٤ ، وبلا نسبة فى أمالى المرتضى ٢ / ١٨٤ ، وأوضح المسالك ٢ / ٥٨ ، وشرح قطر الندى ص ١٧٤ ، واللمع ص ١٣٧].

ومن إلغائها مع التأخير قوله [من الكامل] :

القوم فى أثرى ظننت فإن يكن

ما قد ظننت فقد ظفرت وخابوا

[البيت بلا نسبة فى تذكرة النحاة ص ٦٨٣ ، وشرح قطر الندى ص ١٧٥]

ويروى «القوم» بالنصب على الإعمال. أه.

(١) م : وقولى : «فإن أكدته بشىء من ذلك فالإعمال ليس إلا ، تقدمت أو توسطت أو تأخرت» مثال تأكيده بالمصدر : ظننت ظنّا زيدا قائما ، ومثال تأكيده بضمير المصدر :

ظننته زيدا قائما ؛ فتعيد الضمير على الظن المفهوم من ظننت ، ومثال تأكيده بالإشارة إلى المصدر قولك : ظننت ذلك زيدا قائما. أه.

(٢) الشاهد في البيت : جواز إلغاء عمل «إخال» في حال التوسط بين معموليها مع تأكيدها باسم الإشارة. ينظر شرح شواهد المغني ٢ / ٩٣٢ ، ومغني اللبيب ٢ / ٦٤٢.

(٣) المفعولان هنا : هما الأول والثاني ، وقد تسد «أنّ» ، و «أن» مع صلتيهما ـ أيضا ـ مسد المفعولين : الثاني والثالث في باب «أعلم» التي تتعدى إلى ثلاثة مفاعيل. وسيأتي قريبا.

١٨١

وأن يقوم زيد».

ويجوز فى هذه الأفعال الفصل ، وهو : وضع ضمير منفصل لا موضع له من الإعرب بين المفعولين إذا كانا معرفتين ، أو نكرتين مقاربتين للمعرفة ، أو معرفة ونكرة مقاربة لها ، وأعنى بالنكرة المقاربة للمعرفة فى هذا الباب (أفعل من) ؛ لأنّها لا تقبل الألف واللام ؛ كما أن المعرفة لا تقبلهما ، ويكون الضمير على وفق المفعول الأول فى الغيبة والتكلم والخطاب ؛ لأن العرب جعلت فيه ضربا من التأكيد لما قبله ، فتقول : «ظننت زيدا هو القائم ، وظننتك أنت القائم ، وظننتنى أنا القائم» ، ولما فيه من التأكيد ، لم يستجيزوا الجمع بينه وبين التأكيد ؛ فلا يقولون : «ظننتك أنت أنت القائم» يجعلون أحدهما تأكيدا والآخر فصلا ، بل استغنت بأحدهما عن الآخر.

ويجوز الفصل أيضا بين المبتدأ والخبر ، أو ما أصلهما ذلك ، إذا كانا معرفتين (١) أو نكرتين مقاربتين للمعرفة (٢) أو معرفة ونكرة مقاربة / لها (٣) ، إلا أنّه لا تظهر الفصلية نصّا إلا فى باب «ظننت وأعلمت» بشرط أن يكون المفعول الذى قبل الفصل اسما ظاهرا ؛ نحو قولك : «أعلمت زيدا عمرا هو القائم» ألا ترى أنه لا يتصور أن يكون تأكيدا لعمرو ؛ لأنه ظاهر ؛ والمضمر لا يؤكد به المظهر ، ولا بدلا منه ؛ لأن المضمر إذا كان بدلا مما قبله فإنما تكون صيغته على وفق موضع الأول من الإعراب ، فلو كان بدلا ، لقلت : إيّاه ، فتبيّن أنه فصل لا موضع له من الإعراب ، أو فى باب «كان» بشرط دخول اللّام على الفصل ؛ نحو قولك : «إن كان زيد لهو القائم» ، فأما قول الشاعر : [من الوافر]

٦٩ ـ وكائن بالأباطح من صديق

يرانى لو أصبت هو المصابا (٤)

__________________

(١) م : وقولى : «أو ما أصلهما كذلك ، إذا كانا معرفتين» مثال ذلك : زيد هو القائم ، وإن زيدا هو القائم. أه.

(٢) م : وقولى : «أو نكرتين مقاربتين للمعرفة» مثال ذلك : خير من زيد هو شر من عمرو ، وإن خيرا من زيد هو شر من عمرو. أه.

(٣) م : وقولى : «أو معرفة ونكرة مقاربة للمعرفة» مثال ذلك : زيد هو خير من عمرو ، وإن زيدا هو خير من عمرو. أه.

(٤) البيت لجرير.

١٨٢

فأتى بضمير الغيبة فاصلا بين مفعولى يرى مع أن الذى قبله ضمير متكلم ، فيتخرج على أن يكون التقدير : يرى مصابى هو المصابا ، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه ، ثم أتى بالفصل على الأصل.

وحكى الأخفش : أنّ بعض العرب يأتى بالفصل بين الحال وذى الحال ، فيقول : «ضربت زيدا هو ضاحكا» إلا أنّ ذلك قليل.

ويجوز فى هذه الأفعال وسائر أفعال القلوب التعليق ، وهو ترك العمل لمانع ، والموانع : أن يكون المفعول اسم استفهام (١) أو مضافا إليه ، أو تدخل عليه همزة الاستفهام ، أو لام الابتداء ، أو ما النافية ، أو إنّ وفى خبرها اللام ؛ فهذه الأشياء توجب التعليق ، أو يكون الاسم مستفهما عنه في المعنى ؛ فتكون فى التعليق بالخيار ؛ نحو قولك : «علمت زيد أبو من هو» ، وإن شئت نصبت زيدا ؛ ألا ترى أنّ المعنى : «علمت أزيد (٢) أبو عمرو أم أبو غيره؟» إلا أن يدخل الفعل معنى فعل لا

__________________

والشاهد فيه قوله : «أصبت هو المصابا» حيث فصل بضمير الغيبة بين المضاف المقدر ، وهو مصابي ، وبين الاسم الظاهر ، وهو قوله : «مصابا» ، والتقدير : «يرى مصابي هو المصاب». وقيل : الضمير هنا تأكيد للضمير المستتر الذي هو فاعل «يراني» ، والمعنى : يراني هو المصابا ، وقيل : الضمير فصل للياء مع ما في ظاهر ذلك من الاختلاف بين معناهما ، إذ أصل الياء للمتكلم ، و «هو» للغائب ، ولكنه لما كان عند صديقه بمنزلة نفسه ، حتى كان إذا أصيب كان صديقه قد أصيب ، عبر عن صديقه بضمير نفسه ؛ لأنه نفسه في المعنى.

ينظر : شرح شواهد الإيضاح ص ٢٠٠ ، وشرح شواهد المغني ص ٨٧٥ ، مغني اللبيب ص ٤٩٥ ، وهو بلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص ٦٦٢ ، وخزانة الأدب ٤ / ٥٣ ، ٥ / ١٣٩ ، ورصف المباني ص ١٣٠ ، وشرح الأشموني ٣ / ٦٣٩ ، وشرح المفصل ٣ / ١١٠ ، ٤ / ١٣٥ ، وهمع الهوامع ١ / ٦٨ ، ٢٥٦ ، ٢ / ٧٦ ، خزانة الأدب ٥ / ٣٩٧ الدرر / ١ / ٢٢٤.

(١) م : وقولى : «أن يكون المفعول اسم استفهام» مثال كونه اسم استفهام قولك : علمت أيهم فى الدار ، ومثال كونه مضافا إليه قولك : قد علمت أبو أيهم زيد ، ومثال دخول همزة الاستفهام عليه : قد علمت أزيد قائم أم عمرو ، ومثال دخول لام الابتداء قولك : قد علمت لزيد قائم ، ومثال دخول «ما» النافية عليها قولك : ما زيد قائم ومثال دخول إنّ وفى خبرها اللام قولك : قد علمت إن زيدا لقائم. أه.

(٢) في أ: أزيدا.

١٨٣

يعلق ؛ فإنّ العرب تلتزم فيه الإعمال ؛ وذلك نحو قولك : «أرأيتك زيدا أبو من هو» ، ولا يجوز رفع زيد ؛ لأن الكلام دخله معنى «أخبرنى» و «أخبر» لا تعلّق ، ولم يعلّق من غير أفعال القلوب إلا السؤال والرؤية من كلامهم : «سل أبو من زيد» ، و «أما ترى أىّ برق ههنا» ، والفعل المعلّق إن كان من قبيل ما يتعدّى إلى واحد بحرف / خافض ـ كانت الجملة فى موضع مفعول بعد إسقاط حرف الجر ؛ نحو قولك : «فكّرت أبو من زيد».

وإن كان من قبيل ما يتعدّى إليه بنفسه ، كانت الجملة فى موضعه ؛ نحو قولك : «عرفت أبو من زيد» ، وإن كان من قبيل ما يتعدّى إلى اثنين ، سدّت الجملة مسدّهما ؛ نحو قولك : «علمت أبو أيّهم زيد» ، وإذا كان الاسم مستفهما عنه فى المعنى ، وأعملت فيه الفعل : فإن كان متعدّيا إلى اثنين ، كانت الجملة فى موضع المفعول الثانى ؛ نحو قولك : «علمت زيدا أبو من هو» ، وإن كان متعديا إلى واحد ، كانت الجملة بدلا من الاسم الذى قبلها ؛ نحو قولك : عرفت زيدا أبو من هو» ، ويكون من قبيل بدل الشىء من الشىء ، والتقدير : عرفت شأن أبو من هو ، فحذف المضاف ، وقد قيل : إنّ الفعل فى جميع ما ذكر من قبيل ما يتعدى إلى مفعولين (١) :

إمّا بحق الأصل ، وإمّا بالتّضمين ، وهو الصحيح عندى.

وغير الداخل على المبتدأ أو الخبر :

إمّا أن يصل إليهما بنفسه ، وهو كلّ فعل يطلب مفعولين ، يكون الأول (٢) منهما

__________________

(١) م : وقولى : «وقد قيل : إن الفعل فى جميع ما ذكر من قبيل ما يتعدى إلى مفعولين ...» إلى آخره ، مثال كونه مما يتعدى إلي مفعولين نحو الأصل قولك : قد علمت أيهم قائم ، ومثال كونه مما يتعدى إليهما بالتضمين ، قولك : عرفت أيهم قائم ، ضمّنت «عرفت» معنى علمت المتعدية إلى مفعولين وحينئذ علقت ، وإنما اخترت ذلك على القول الآخر ؛ لأنك إذا علقتها ، كان مفعولها مضمن الجملة ؛ كما أنها إذا تعدت إلى مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر كذلك ، وأما المتعدية إلى واحد ، فليس لها تسلّط من جهة المعنى على معنى جملة ؛ بل تطلب معنى مفردا. أه.

(٢) في ط : الأصل.

١٨٤

فاعلا فى المعنى ؛ نحو قولك : «أعطيت زيدا درهما» ؛ ألا ترى : أنّ زيدا أخذ الدراهم.

وإمّا أن يصل لأحدهما بنفسه ، وإلى الآخر بحرف الجرّ ، وهو كل فعل يطلب مفعولين إلا أنّ طلبه لأحدهما على معنى حرف من حروف الخفض ؛ نحو قولك : «اخترت من الرجال زيدا» ، ويجوز فى هذين النوعين حذف المفعولين أو أحدهما اختصارا أو اقتصارا.

ومن الاقتصار : قوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى) [الليل : ٥] ، ولا يجوز حذف حرف الجر ووصول الفعل إليهما بنفسه إلا فيما سمع ، وممّا سمع ذلك فيه : اختار ، واستغفر ، وأمر ، وسمى ، وكنى ، ودعا ، بمعنى : سمّى ، قال : [من الطويل]

٧٠ ـ دعتنى أخاها أمّ عمرو ، ولم أكن

أخاها ، ولم أرضع لها بلبان (١)

أى : سمّتنى أخاها.

والمتعدّى إلى ثلاثة هو : أعلم إذا لم تكن بمعنى : عرّف (٢) ، وأرى بمعناها ، وأنبأ ، ونبّأ ، وأخبر ، وحدّث إذا ضمنت معنى أعلم ، ويجوز فى هذه / الأفعال حذف المفعولات الثلاثة اقتصارا واختصارا.

أمّا حذف اثنين منها أو واحد ، فجائز اختصارا ، وغير جائز اقتصارا (٣) ، ويكون

__________________

(١) البيت : لعبد الرحمن بن الحكم.

اللبان : الرضاع

الشاهد : قوله : «دعتنى أخاها» حيث تعدى الفعل «دعا» الذي بمعنى سمّى إلى مفعولين ، وهما الياء في «دعتنى» وقوله : «أخاها».

ينظر : البحر المحيط ٦ / ٢١٩ ، تخليص الشواهد ٣٣٧ ، شرح جمل الزجاجي ١ / ٣٠٦ شرح المفصل ٦ / ٢٧ ، معجم شواهد العربية ٣٩٧ ، وبلا نسبة في تخليص الشواهد ٤٤٠.

(٢) م : وقولى : «هو أعلم إذا لم تكن بمعنى عرّف» إنما اشترطت ذلك ؛ لأنها إذا كانت بمعنى عرف تعدت إلى مفعولين ، ومثال ذلك : أعلم الله زيدا عمرا خير الناس ، وكذلك تفعل بسائر أخواتها. أه.

(٣) م : وقولى : «وغير جائز اقتصارا» إنما لم يجز ذلك ؛ لأنك إذا قلت : أعلمت زيدا ، لم تدر هل هى المتعدية إلى ثلاثة ، فيكون المحذوف منها اثنين ، أو التى بمعنى عرف ؛ فيكون المحذوف واحدا إذ هو حذف من غير دليل ؛ فلا يعلم قدر ما حذف ، وسائر أفعال هذا الباب محمولة

١٨٥

المفعول الثانى لهذه الأفعال ما كان أوّلا فى باب ظننت ، والثالث ما كان ثانيا فيه ، ويجوز أن تسدّ أنّ وأن مع صلتيهما مسدّ المفعولين : الثانى والثالث (١).

* * *

__________________

على أعلم فى امتناع الحذف ؛ لأنها مضمنة معناها ؛ فجرت مجراها. أه.

(١) م : وقولى : «ويجوز أن تسد أن وأن مع صلتيهما مسد المفعول الثانى والثالث» مثال ذلك : أعلمت زيدا أن عمرا خارج ، وأعلمت زيدا أن يخرج عمرو. أه.

١٨٦

باب اسم الفاعل

اعلم : أن اسم الفاعل : إمّا أن يكون فيه الألف واللام أو لا يكون ، فإن كانت : فإمّا أن يكون مفردا أو مجموعا جمع تكسير أو جمع سلامة بالألف والتّاء ، أو مثنى ، أو مجموعا جمع سلامة بالواو والنون :

فإن كان مفردا أو جمع تكسير أو جمع سلامة بالألف والتاء جاز فى معموله الذى يليه النّصب والخفض إن كان المعمول معرّفا بالألف واللام أو بالإضافة إلى ما فيه الألف واللام أو إلى ضميره ؛ نحو قولك : «هذا الضّارب الرّجل ، والضّارب غلام الرجل» ، «وهذا الرّجل أنا الضّارب غلامه» ، وإن كان المعمول غير ذلك ، لم يجز فيه إلا النّصب ، نحو قولك : «هذا الضّارب زيدا والضّاربك».

وإن كان مثنى أو جمع سلامة بالواو والنون :

فإن أثبتّ النون ، لم يجز فيه إلا النّصب (١) ، وإن حذفتها ، جاز النصب ، إن قدّرت حذفها للطّول ، والخفض ، إن قدّرت حذفها للإضافة ؛ فتقول : «الضارباك ، والضاربا زيدا ، والضّاربو زيدا» بنصب زيد وخفضه ، وسواء فى ذلك كون اسم الفاعل بمعنى المضىّ أو الحال أو الاستقبال.

وإنّ لم يكن فيه الألف واللام : فإمّا أن يكون بمعنى المضى أو الحال أو الاستقبال :

فإن كان بمعنى الحال ، أو الاستقبال ـ جاز فيه وجهان : حذف النون أو التنوين وخفض المعمول الذى يليه ، وإثباتهما ونصبه باسم الفاعل ؛ نحو قولك : «هذا ضارب زيدا ، وهذان ضاربان زيدا ، وهؤلاء ضاربون زيدا ، وهذا ضارب زيد ، وهذان ضاربا زيد ، وهؤلاء ضاربو زيد».

وإن كان بمعنى المضىّ : فإمّا أن يكون من فعل / متعد إلى واحد ، أو من فعل متعد إلى أزيد.

فإن كان من فعل متعد إلى واحد : فحذفت (٢) النون أو التنوين والخفض ؛ نحو

__________________

(١) م : باب اسم الفاعل قولى : «إن أثبت النون ، لم يجز فيه إلا النصب» مثال ذلك : هذان الضاربان زيدا ، والضاربون زيدا. أه.

(٢) في أ: فحذف.

١٨٧

قولك : «هذا ضارب زيد أمس ، وهذان ضاربا عمرو أمس وهؤلاء ضاربو زيد أمس» وإن كان من فعل متعد إلى أزيد (١) ، لم يجز فيه إلا حذف النون أو التنوين وإضافته إلى الذى يليه ونصبه ما بعده.

ولا يعمل اسم الفاعل إلا بشروط ، وهى : ألا يوصف (٢) ، ولا يصغّر ، وأن يعتمد على أداة [نفى] أو استفهام ، أو يقع صلة لموصول ، أو صفة لموصوف لفظا أو نية ، أو خبرا لذى خبر ، أو حالا لذى حال ، أو فى موضع المفعول الثّانى ، من باب

__________________

(١) م : وقولى : «وإن كان من فعل يتعدى إلي أزيد» إلى آخره مثال ذلك : هذا معطى زيد درهما أمس ، وظانّ زيد قائما أمس ، فتخفض الأول ، وهو : زيد ، وتنصب ما بعده ، وفى الناصب له خلاف ؛ فمنهم من يجعله بفعل مضمر ، تقديره أعطاه درهما ، وظنه قائما ، ومنهم من يجعل الناصب له اسم الفاعل نفسه ، وهو الصحيح ؛ لأنك إذا جعلت «قائما» منصوبا بفعل مضمر ، كنت لم تذكر لاسم الفاعل من اسم المخبر عنه وحذفت الخبر ، ولا يخلو أن تحذفه اقتصارا أو اختصارا ، والاقتصار لا يجوز في هذا الباب ، والاختصار بمنزلة الثابت ؛ فكما يجوز لاسم الفاعل بمعنى المضى أن يعمل فى ذلك المحذوف المراد ، فكذلك يجوز له أن يعمل فى هذا الملفوظ به ، ولا يتكلف الإضمار ، ولا يمكن أن يقال : إن اسم الفاعل هنا بمنزلة صاحب لا يطلب معمولا ؛ لأنا قد فرضناه عاملا فى الظرف ، والذى يجرى من أسماء الفاعلين مجرى الجوامد لا يتعرض للزمان ، وإذا عمل فى الظرف كان متعرضا للزمان. أه.

(٢) م : وقولى : «بشروط وهى ألا يوصف» أعنى : قبل العمل ، فأما وصفه بعد العمل ، فذلك سائغ ؛ قال : [من الطويل]

وولّى كشؤبوب العشىّ بوابل

ويخرجن من جعد ثراه منصّب

[البيت بلا نسبة في : تذكرة النحاة (٦٨٣) ، همع الهوامع ٢ / ٩٦ ، الدرر ٢ / ١٢٩ ، ويروى في الهمع عجزه فقط فيه «منتصب» بدلا من «منصب»].

فثراه معمول لجعد ، وقد وصف بعد ذلك بـ «منصب» وإنما جاز ذلك ؛ لأنه يحصل له شبهه بالفعل قبل توهين شبهه بالوصف وكذلك التصغير ، أعنى : ما كان منه واردا على مكبّر ملفوظ به ؛ لا تقول : هذا ضويرب زيدا غدا ؛ لأن التصغير يبعده من شبه الفعل ؛ لأن اسم الفاعل محمول فى العمل على الفعل المضارع ، والمضارع من الأفعال لا يصغّر ، فإن كان اسم الفاعل لم يستعمل إلا مصغرا ، ولم يلفظ له بمكبر ، جاز إعماله ؛ نحو قوله : [من الطويل]

فما طعم راح بالزجاج مدامة

ترقرق فى الأيدى كميت عصيرها

[هو لمضرس بن ربعى فى الدرر ٥ / ٢٦٦ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٥٦٧ ، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى ٢ / ٣٤٠ ، وهمع الهوامع ٢ / ٩٥]

في رواية من جرّ «كميتا». أه.

١٨٨

ظننت ، أو الثالث من باب أعلمت ، فأمّا قوله [من الطويل] :

٧١ ـ إذا فاقد خطباء فرخين رجّعت

ذكرت سليمى فى الخليط المباين (١)

فعلى إضمار فعل ، التّقدير : فقدت فرخين.

ويجوز تقديم معمول اسم الفاعل عليه (٢) ما لم يمنع من ذلك مانع من الموانع التى ذكرت فى باب الفاعل (٣).

وإذا كان معمول اسم الفاعل ضميرا متّصلا ، لم تثبت فيه نون ولا تنوين (٤) ؛ بل تقول : «ضاربك ، وضارباك ، وضاربوك» ، وقد يثبتان فى الضرورة ؛ نحو قوله [من الوافر] :

٧٢ ـ وما أدرى وظنّى كلّ ظنّ

أمسلمنى إلى قومى شراح؟ (٥)

__________________

(١) البيت : لبشر بن أبي خازم ، وليس في ديوانه.

ينظر : المقاصد النحوية ٣ / ٥٦٠ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢ / ٣٤١ ، ولسان العرب (فقد) وفيه «المزايل» بدلا من «المباين».

(٢) م : وقولى : «ويجوز تقديم معمول اسم الفاعل عليه» مثال ذلك : هذا زيدا ضارب. أه.

(٣) م : وقولى : «ما لم يمنع من ذلك مانع من الموانع التى ذكرت فى باب الفاعل» مثال ذلك قولك : هذا الضارب زيدا ، لا يجوز أن تقول ، هذا زيدا الضارب ؛ لأن اسم الفاعل هو صلة الموصول ، وقد تقدم أن الفعل إذا كان فى صلة موصول لا يتقدم معموله على الموصول فكذلك اسم الفاعل ، ولست أريد : أن كل مانع منع من تقديم المفعول على الفعل يوجد فى اسم الفاعل ؛ بل ما وجد من تلك الموانع فى اسم الفاعل ـ أيضا ـ منع من التقديم. أه.

(٤) م : وقولى : «وإذا كان معمول اسم الفاعل ضميرا متصلا ، لم تثبت فيه نون ولا تنوين» إنما لم يجز ذلك ؛ لأن النون والتنوين علامتان على تمام الاسم وكماله وانفصاله عما بعده ، والضمير المتصل يطلب الاتصال بما قبله فتدافعا ، وما جاء من ذلك فى الشعر ، فضرورة ، ووجهه : تشبيه المضمر بالظاهر. أه.

(٥) البيت : ليزيد بن محرم أو محمد الحارثي :

ويروي الصدر هكذا :

فما أدري وكل الظن ظني

 ............

الشاهد : قوله «أمسلمني» فإن النون فيه للوقاية.

وهذه قد تلحق اسم الفاعل كما في هذا الشاهد ، وأفعل التفضيل وقيل : إن النون هنا لحقته شذودا.

ينظر : شرح شواهد المغني ٢ / ٧٧٠ ، والدرر ١ / ٢١٢ ، والمقاصد النحوية ١ / ٣٨٥ ، الأشباه والنظائر ٣ / ٢٤٣ ، وتذكرة النحاة ص ٤٢٢ ، ورصف المباني ص ٣٦٣ ، ولسان

١٨٩

ونحو قول الآخر [من الطويل] :

٧٣ ـ ولم يرتفق والنّاس محتضرونه

جميعا ، وأيدى المعتفين رواهقه (١)

وإذا اتبعت معمول اسم الفاعل المرفوع أو المنصوب ، كان التّابع على حسبه فى الإعراب.

وأمّا المخفوض : فإمّا أن تتبعه بنعت أو تأكيد أو عطف نسق أو بدل ؛ فإن أتبعته بنعت ، أو تأكيد ، أو عطف بيان ـ فالخفض على اللفظ ، والنّصب على الموضع (٢) ، إلا أن يكون خفضه بإضافة اسم الفاعل ، بمعنى المضىّ إليه ، وليس فيه ألف ولام ، فإنّه لا يجوز إذ ذاك إلا الخفض على اللفظ (٣) ؛ نحو قولك : «[هذا](٤) ضارب زيد العاقل نفسه أمس».

__________________

العرب (شرحل) ، والمحتسب ٢ / ٢٢٠ ، ومغني اللبيب ٢ / ٣٤٥ ، وهمع الهوامع ١ / ٦٥ ، البحر المحيط ٧ / ٣٦١ ، معاني الفراء ٢ / ٢٣٦ ، إعراب النحاس ٤ / ٤٢٢ ، معاني الزجاج ٤ / ٣٠٥.

(١) احتضر بمعنى : حضر وشهد ، والارتفاق : الاتكاء ، الرواهق : الذين جاءوه ، والمعتف : طالب المعروف ، يقول : إنه لم يشغل عن قضاء حاجة الملهوف مهما ألمّت به من مصائب أو جوائح.

الشاهد فيه قول «محتضرونه» حيث جمع بين نون جمع المذكر السالم من اسم الفاعل وبين معموله «الهاء» وهذا ضرورة ، وقد يحمل على أن الهاء للسكت ، أتى بها لبيان حركة النون.

وفيه شاهد آخر : أن هذا تأييد لوجهة نظر ابن هشام الذي يقول : إن النون هي التنوين بدليل ثبوتها جمعا وتثنية.

ينظر البيت في : خزانة الأدب ٤ / ٢٦٦ ، ٢٧١ ، شرح المفصل ٢ / ١٢٥ ، الكتاب ١ / ١٨٨ ، الدر المصون ٤ / ٥٥٤ ، ابن يعيش ٢ / ١٢٥ ، شرح الكافية ١ / ٢٨٣ ، كامل المبرد ٢ / ٣٦٤.

(٢) م : وقولى : «فإن أتبعته بنعت أو تأكيد أو عطف بيان فالخفض على اللفظ ، والنصب على الموضع» مثال ذلك : هذا ضارب زيد العاقل نفسه الآن أو غدا ، بخفض العاقل ونفسه ونصبهما. أه.

(٣) م : وقولى : «إلا أن يكون خفضه بإضافة اسم الفاعل بمعنى المضى إليه ، وليس فيه الألف واللام ؛ فإنه لا يجوز إذ ذاك إلا الخفض على اللفظ» وإنما لم يجز النصب ؛ لأن المخفوض باسم الفاعل إذ ذاك ليس موضعه نصبا ؛ لأنه لا يعمل بمعنى المضى ، وليس فيه الألف واللام ، فإن كانت فيه الألف واللام ، جاز فى النعت والتأكيد النصب على الموضع ؛ لأن المخفوض فى موضع نصب ؛ لأن اسم الفاعل عامل إذ ذاك بسبب الألف واللام. أه.

(٤) سقط في ط.

١٩٠

وإن أتبعه بعطف نسق أو بدل : فإمّا أن يكون فى اسم / الفاعل ألف ولام ، أو لا يكون :

فإن لم يكن : فالخفض على اللّفظ ، والنّصب بإضمار فعل ؛ نحو قولك : «هذا ضارب زيد وعمرا» أى : وضرب عمرا ، أو : يضرب عمرا ، و «هذا ضارب زيد أخاك» أى : وضرب أخاك ، أو : يضرب أخاك.

وإن كان فيه ألف ولام : فإنّه إن كان مثنى أو جمع سلامة بالواو والنّون ـ جاز الخفض على اللّفظ ، والنّصب على الموضع ؛ نحو قولك : «هذان الضاربا زيد أخيك وعمرو» بخفض الأخ وعمرو ونصبهما.

وإن لم يكن مثنى ولا جمع سلامة بالواو والنّون : فإمّا أن يكون التّابع معرّفا بالألف واللام ، أو بالإضافة إلى ما فيه الألف واللام ، أو إلى ضميره ، أو غير ذلك :

فإن كان معرفا بشىء مما ذكر : جاز الخفض على اللفظ ، والنّصب على الموضع ؛ نحو قولك : «هذا الضّارب الرّجل والغلام ، وهذا الضّارب الغلام وصاحب الدّابّة ، وهذا الضّارب الرّجل وغلامه (١)» ، ومن ذلك قوله [من الكامل] :

٧٤ ـ الواهب المائة الهجان وعبدها

عوذا تزجّى بينها أطفالها (٢)

روي بخفض عبد ، ونصبه.

وإن لم يكن معرّفا بشئ ممّا ذكر : فالنصب على الموضع ليس إلا ؛ نحو قولك : «هذا الضّارب الرّجل وعمرا» لا غير.

واسم المفعول فيما ذكر يجرى مجرى اسم الفاعل.

__________________

(١) م : وقولى : «هذا الضارب الرجل وغلامه» إنما جاز الخفض والنصب فى المضاف لضمير ما فيه الألف واللام إجراء له مجرى ما أضيف إلى ما فيه الألف واللام ، وفى كتاب سيبويه لفظ يقتضى ظاهره : أن المعطوف على المخفوض بإضافة اسم الفاعل إليه ، وإن لم يكن معرفا بالألف واللام ، ولا مضافا إلى ضمير ما عرف بهما ـ يجوز فيه الخفض والنصب ؛ نحو قولك : هذا ضارب الرجل وزيد وزيدا ، بنصب زيد وخفضه ، والصحيح : أن ذلك عندى لا يجوز ، وأن كلام سيبويه له وجه غير ذلك الظاهر. أه.

(٢) البيت : للأعشى.

والشاهد فيه قوله «وعبدها» فقد روى بالجر والنصب تبعا للفظ الذي أضيف إليه اسم الفاعل وهو قوله «المائة» أو محله.

ينظر : ديوانه ص ٧٩ ، أمالي المرتضى ٢ / ٣٠٣ وخزانة الأدب ٤ / ١٦٣ وجمهرة اللغة ص ٩٢٠ والدرر ٦ / ١٥٣ وشرح ابن عقيل ص ٤٢٧ وهمع الهوامع ٢ / ٤٨ ، ٣٩.

١٩١

باب الأمثلة الّتى تعمل عمل اسم الفاعل

وهى : فعول ، وفعّال ، ومفعال (١) ، وفعل [وفعيل](٢) ، وإنّما عملت عمله ؛ لوقوعها موقعه ؛ بدليل أنّها للمبالغة ، وفعل المبالغة : فعّل بتضعيف العين ، واسم الفاعل منه : مفعّل ؛ فهذه الأمثلة إذن واقعة موقع : مفعّل ؛ ولذلك كان حكمها كحكم اسم الفاعل فى جميع ما تقدّم ذكره ، إلا أنّ إعمال فعل وفعيل قليل فمن إعمال فعيل (٣) : قوله : [من البسيط]

__________________

(١) م : باب الأمثلة التى تعمل عمل اسم الفاعل قولى : «وهى فعّال وفعول ومفعال» مثال إعمال فعول قوله : [من الطويل]

هجوم عليها نفسه غير أنّه

متى يرم فى عينيه بالشّبح ينهض

[وهو لذى الرمة فى ديوانه ص ٣٢٤ ؛ وخزانة الأدب ٨ / ١٥٧ ؛ والكتاب ١ / ١١٠ ؛ وبلا نسبة فى الحيوان ٤ / ٣٤٧]

فنصب نفسه بهجوم ، ومثال إعمال فعال قوله : [من الطويل]

أخا الحرب لباسا إليها جلالها

وليس بولّاج الخوالف أعقلا

[ينظر البيت للقلاخ بن حزن في خزانة الأدب ٨ / ١٥٧ ، والدرر ٥ / ٢٧٠ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣٦٣ ، وشرح التصريح ٢ / ٦٨ ، وشرح المفصل ٦ / ٧٩ ، ٨٠ ، والكتاب ١ / ١١١ ، ولسان العرب (ثعل) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٥٣٥ ، وبلا نسبة فى أمالى ابن الحاجب ١ / ٣١٩ ، وأوضح المسالك ٣ / ٢٢٠ ، وشرح الأشمونى ١ / ٣٤٢ ، وشرح شذور الذهب ص ٥٠٤ ، وشرح ابن عقيل ص ٤٢٣ ، والمقتضب ٢ / ١١٣ ، وهمع الهوامع ٢ / ٩٦]

ومثال إعمال مفعال قولهم : «إنه لمنحار بوائكها».

فأعمل «منحار» فى البوائك وهى السمان أه.

(٢) سقط في ط.

(٣) م : وقولى : «فمن إعمال فعيل» مثال ذلك ؛ قوله : [من البسيط]

حتّى شآها كليل موهنا عمل

باتت طرابا وبات اللّيل لم ينم

فنصب «موهنا» بكليل على أنه مفعول به ، فإن قيل : فلعل «موهنا» منصوب على الظرفية كأنه قال : كليل في موهن عمل فى آخر.

فالجواب : أنه إنما يريد أنه أكلّ الموهن بكثرة عمله فيه ؛ كما تقول : أتعبت نهارك إذا أردت أنه عمل فيه عملا كثيرا ، ولم يرد أنه ضعيف فى موهن ، بدليل قوله في آخر البيت : «وبات الليل لم ينم» ؛ فجعله عاملا طول ليله كثير العمل ؛ ولذلك قال : عمل ؛ و «فعل» من أبنية المبالغة. أه.

١٩٢

٧٥ ـ حتّى شآها كليل موهنا عمل

باتت طرابا وبات اللّيل لم ينم (١)

ومن إعمال فعل : قول زيد الخيل (٢) [من الوافر] :

٧٦ ـ أتانى أنّهم مزقون عرضى

جحاش الكرملين لها فديد / (٣)

__________________

(١) البيت : لساعدة بن جؤية الهذلي

شآها : أي ساقها.

طرابا أي : منتقلة نحوه.

والشاهد فيه نصب «موهنا» بـ «كليل» لأنه بمعنى «مكل» وهو البرق الضعيف ، و «فعيل» بمعنى «مفعل» كثير.

ينظر : خزانة الأدب ٨ / ١٥٥ ، شرح أشعار الهذليين ٣ / ١١٢٩ وشرح المفصل ٦ / ٥٧٢ ، ٧٣ ، والكتاب ١ / ١١٤ ، ولسان العرب (عمل) ، والمقتضب ٢ / ١١٥.

(٢) زيد الخيل ، هو زيد بن مهلهل بن منهب بن عبد رضا ، من طيئ ، كنيته أبو مكنف : من أبطال الجاهلية : لقب «زيد الخيل» لكثرة خيله ، أو لكثرة طراده بها ، كان شاعرا محسنا وخطيبا لسنا ، موصوفا بالكرم ، وله مهاجاة مع كعب بن زهير ، وفد على النبي صلّى الله عليه وسلم في وفد طيئ فأسلم وسر به الرسول وسماه «زيد الخير» وأقطعه أرضا بـ «نجد» وللمفجع البصري كتاب «غريب شعر زيد الخيل» مات عند ماء يقال له : «فررة».

ينظر : الأعلام ٣ / ٦١ ، خزانة الأدب ٢ / ٤٤٨ ، الشعر والشعراء ٩٥ سمط اللآلي ٢ / ٤٤٨.

(٣) الكرملين : اسم ماء في جبل طيئ ، والفديد : الصوت.

والشاهد في قوله : «مزقون عرضى» حيث أعمل جمع صيغة المبالغة فنصب به المفعول به ، وهو قوله «عرضي».

ينظر : ديوانه ١٧٦ ، خزانة الأدب ٨ / ١٦٩ ، والدرر ٥ / ٢٧٢ وشرح التصريح ٢ / ٦٨ ، شرح شذور الذهب ٥٠٧ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٦٨٠ ، وشرح المفصل ٦ / ٧٣ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٥٤٥ ، وشرح الأشموني ٢ / ٣٤٢ وشرح ابن عقيل ص ٤٢٥ ، وشرح قطر الندى ص ٢٧٥.

١٩٣

باب المصدر العامل عمل فعله

وهو نوعان : موضوع موضع الفعل ، نحو قوله [من الكامل] :

٧٧ ـ أعلاقة أمّ الوليّد بعد ما

أفنان رأسك كالثّغام المخلس (١)

التقدير : أتعلق أم الوليد.

ومقدّر بأن والفعل ، أو بأن التى خبرها فعل أو اسم مشتقّ منه ، أو بـ «ما» والفعل (٢) ، نحو قولك : «يعجبنى ضرب زيد عمرا» التقدير : أن ضرب زيد عمرا ، أو : أنّ زيدا يضرب عمرا ، وكلاهما يعمل عمل الفعل الذى أخذ منه ، وسواء كان بمعنى المضى ، أو بمعنى الحال ، أو الاستقبال.

ولا يخلو المصدر من أن يكون منونا ، أو مضافا ، أو معرّفا بالألف واللام.

__________________

(١) البيت للمرار الأسدي.

والعلاقة : الحبّ ، وتكون العلاقة أيضا : الارتباط في الأمور المعنوية ، و (العلاقة) بالكسر : علاقة السوط ونحوه من الأمور الحسية.

وفي القاموس : (العلاقة) وتكسر : الحب اللازم للقلب وبالكسر في السوط ونحوه.

الوليد : مصغر ولد بضم الواو.

الأفنان : جمع فنن بفتحتين وهو : الغصن ، وأراد بها ذوائب الشعر على سبيل الاستعارة.

الثغام : بفتح المثلثة والغين المعجمة : مرعى تعلفه الخيل ويشبه به الشيب في البياض.

المخلس : النبات الخليس : الذي ينبت الأخضر فيه في خلال يبيسه ويختلط به.

وفي البيت شاهدان : أولهما نصب «أم» بـ «علاقة» لأنها بدل من التلفظ بالفعل فعملت عمله.

وثانيهما : إضافة «بعد» إلى الجملة لأن «ما» وصلت بها فكفتها عن الإضافة إلى المفرد وهيأتها للإضافة إلى الجملة.

ينظر : ديوانه ص ٤٦١ ، والأزهية ص ٨٩ ، وإصلاح المنطق ص ٤٥ وخزانة الأدب ١١ / ٢٣٢ ، ٢٣٤ ، والدرر ٣ / ١١١ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٢٢ والكتاب ١ / ١١٦ ، ٢ / ١٣٩ ، ولسان العرب (علق) ، (ثغم) وشرح شافية ابن الحاجب ١ / ٢٧٣ ، ومغني اللبيب ١ / ٣١١ ، وهمع الهوامع ١ / ٢١٠.

(٢) م : باب المصدر العامل عمل فعله

قولى : «أو بما والفعل» يكون مقدرا بما والفعل إذا أردت الحال ؛ نحو قولك : يعجبنى ذهابك الآن ، أى : ما تذهب الآن ، وإنما لم يقدر بأن والفعل ؛ لأن «أن» تخلص الفعل المضارع للاستقبال ؛ فيبطل بها معنى الحال ، و «ما» المصدرية ليست كذلك. أه.

١٩٤

فإن كان منوّنا : فإنّك ترفع به الفاعل أو المفعول الذى لم يسمّ فاعله (١) ، وتنصب المفعول ، فتقول : «يعجبنى ضرب زيد عمرا» ، وإن شئت حذفت المفعول وأبقيت الفاعل (٢) ، أو بالعكس ، وهو الأكثر فى الاستعمال ؛ نحو قوله تعالى : (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ* يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ) [البلد : ١٤ ، ١٥] التقدير : أو إطعام أحدكم ، إلا أنّ إثبات التنوين مع ذكر الفاعل قليل جدّا.

ومما جاء من ذلك : قوله فى أحد الوجهين [من الكامل] :

٧٨ ـ حرب تردّد بينهم بتشاجر

قد كفّرت آباؤها أبناؤها (٣)

والتقدير : يتشاجر أبناؤها ، وقد كفرت آباؤها ، أى : لبست الدروع.

وإن كان مضافا : فلا يخلو من أن تضيفه إلى الفاعل ، أو إلى المفعول : فإن أضفته إلى الفاعل خفضته وبقى المفعول منصوبا ؛ ومن ذلك قوله : [من الطويل]

٧٩ ـ وهنّ وقوف ينتظرن قضاءه

بضاحى عذاة أمره وهو ضامز (٤)

أى : قضاءه أمره.

وإن أضفته إلى المفعول ، خفضته وبقى الفاعل على رفعه ، وهو قليل ؛ ومنه قوله [من البسيط] :

__________________

(١) م : وقولى : «أو المفعول الذى لم يسم فاعله» مثال ذلك : قوله : سررت بقتل الكافر ، أى : بأن قتل الكافر. أه.

(٢) م : وقولى : «وإن شئت حذفت المفعول ، وأبقيت الفاعل» مثال ذلك : قولك : يعجبنى ضرب زيد ، تريد : أن ضرب زيد. أه.

(٣) البيت للفرزدق ولم أقف عليه في ديوانه.

والشاهد فيه : ذكر الفاعل «أبناؤها» والمصدر «تشاجر» منون. وهو قليل.

ينظر تهذيب اللغة ١٠ / ٢٠١ ، ولسان العرب (كفر)

(٤) البيت : للشماخ.

والشاهد فيه قوله : «قضاءه بضاحي غداة أمره» حيث أضاف المصدر إلى فاعله وبقي مفعوله «أمره» منصوبا ، وقد فصل بين المفعول وعامله «بضاحي» ، لأن الجار والمجرور متعلق بالمصدر وليس بأجنبي.

ينظر : ديوانه ١٧٧ ، جمهرة اللغة ص ١٣٢١ ، شرح شواهد المغني ٢ / ٨٩٥ ، لسان العرب (ضمز) والمقتضب ١ / ١٥ وجمهرة أشعار العرب ١٥٥ ، وأمالي ابن الشجري ١ / ١٩١ ، ومغني اللبيب ٥٤٠ ، ورواية صدر البيت في الديوان :

لهن صليل ينتظرن قضاءه

 ............

١٩٥

٨٠ ـ أفنى تلادى وما جمّعت من نشب

قرع القواقيز أفواه الأباريق (١)

فى رواية : من رفع الأفواه ، بل الأولى إذا وجد الفاعل والمفعول أن يضاف إلى الفاعل /.

وإن كان معرّفا بالألف واللام : فالأحسن فيه ألا يعمل ، وقد يجوز أن يعمل عمل فعله ؛ فيرفع به الفاعل ، وينصب المفعول ؛ فيقال : «عجبت من الضّرب زيد عمرا» ، وإن شئت ، حذفت الفاعل وأبقيت المفعول أو العكس (٢) ؛ ومن حذف الفاعل قوله : [من المتقارب]

٨١ ـ ضعيف النّكاية أعداءه

يخال الفرار يراخى الأجل (٣)

__________________

(١) البيت : للأقيشر الأسدي.

وقوله تلادي : التلاد : جمع تليد وهو المال الموروث ، والنشب : المالي والقواقيز مفردها : قاقوزة وهي الكأس الصغيرة ، ويروى القوارير : مفردها قارورة. والأباريق كل ماله عروة أو خرطوم من الآنية.

والشاهد فيه قوله : «قرع القواقيز أفواه» فقد أضاف المصدر وهو قوله : «قرع» إلى مفعوله وهو قوله «القواقيز» ثم أتى بعد ذلك بفاعله وهو قوله : «أفواه»

ويروى بنصب أفواه.

وعلى هذه الرواية تكون الإضافة إلى الفاعل والمذكور بعد ذلك هو المفعول على عكس الأول.

ينظر : ديوانه ص ٦٠ ، والأغاني ١١ / ٣٥٩ ، وخزانة الأدب ٤ / ٤٩١ والدرر ٥ / ٢٥٦ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٩١ والشعر والشعراء ص ٥٦٥ ، ولسان العرب (ققز) والمؤتلف والمختلف ص ٥٦ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٥٠٨ ، والإنصاف ١ / ٢٣٣ وأوضح المسالك ٣ / ٢١٢ ، وشرح الأشموني ٢ / ٣٣٧. وشرح شذور الذهب ص ٤٩٣ ، واللمع ص ٢٧١ ، ومغني اللبيب ٢ / ٥٣٦ ، والمقتضب ١ / ٢١ ، وهمع الهوامع ٢ / ٩٤.

(٢) م : وقولى : «وأبقيت المفعول أو العكس» أعنى : أن تحذف المفعول ، وتبقى الفاعل ، فتقول : عجبت من الضرب زيد ، تريد : من أن يضرب زيد. أه.

(٣) البيت : بلا نسبة في : أوضح المسالك ٣ / ٢٠٨ ، وخزانة الأدب ٨ / ١٢٧ ، والدرر ٥ / ٢٥٢ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣٩٤ ، وشرح الأشموني ١ / ٣٣٣ ، وشرح التصريح ٢ / ٦٣ ، وشرح شذور الذهب ص ٤٩٦ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ١٣٦ ، وشرح ابن عقيل ٤١١ ، وشرح المفصل ٦ / ٥٩ ، ٦٤ ، والكتاب ١ / ١٩٢ والمنصف ٣ / ٧١ ، وهمع الهوامع ٢ / ٩٣.

الشاهد : فيه قوله : «النكاية أعداءه» حيث نصب بالمصدر المقترن بـ «أل» وهو قوله «النكاية» مفعولا به وهو قوله : «أعداءه» مع حذف الفاعل.

١٩٦

وجمع المصدر يجرى مجراه فى الإعمال ؛ نحو قوله [من الطويل] :

٨٢ ـ وقد وعدتك موعدا لو وفت به

مواعيد عرقوب أخاه بيترب (١)

فالأخ منصوب بـ «مواعيد» ويجوز فى هذا الباب تقديم المفعول على الفاعل ؛ نحو قولك : «يعجبنى ضرب زيدا عمرو» ، وأما تقديمه على المصدر فجائز إن كان المصدر موضوعا موضع الفعل ، فتقول : زيدا ضربا ، تريد : «زيدا اضرب ضربا».

وإن كان مقدرا بأن والفعل ، أو بأنّ التى خبرها فعل ، أو بما والفعل ، لم يجز ذلك ؛ لأنّه لما تقدّر بالموصول ، عومل معاملته ؛ فكما لا تتقدم الصّلة ولا شىء منهما على الموصول ، فكذلك لا يتقدّم معمول المصدر عليه.

* * *

__________________

(١) البيت نسب لأكثر من شاعر فنسب لابن عبيد الأشجعي وللأشجعي ولعلقمة وللشماخ.

والشاهد فيه قوله : «مواعيد عرقوب أخاه بيترب» حيث أعمل المصدر «مواعيد» المجموع مكسرا في قوله : «أخاه».

وروى صدر البيت برواية أخرى :

وعدت وكان الخلف منك سجية

 ............

ينظر : البيت لابن عبيد الأشجعي في خزانة الأدب ١ / ٥٨ ، وللأشجعي في لسان العرب (ترب) ، (عرقب) ، ولعلقمة في جمهرة اللغة ص ١١٢٣ ، وللشماخ في ملحق ديوانه ص ٤٣٠ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣٤٣ ، وللشماخ أو للأشجعي في الدرر ٥ / ٢٤٥ ، وشرح المفصل ١ / ١١٣ (بروايتين مختلفتين في الصدر) ، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ١٧٣ ، ٢٥٣ ، ١١٩٨ ، وشرح قطر الندى ص ٢٦١ ، والكتاب ١ / ٢٧٢.

١٩٧

باب أسماء الأفعال

اعلم : أنّ العرب وضعت للفعل أسماء ، وأكثر ذلك فى الأمر ؛ نحو قولهم : بله زيدا ، بمعنى : دع زيدا ، ورويد عمرا ، بمعنى : أمهله ، وتيد مثلها ، ونزال بمعنى : انزل ، وتراك عمرا ، بمعنى : اتركه ، وحذار الشرّ ، بمعنى : احذر الشر ، وقرقار ، وعرعار ، بمعنى : قرقر ، وعرعر ، ومه بمعنى : اكفف ، وصه ، بمعنى : اسكت ، وأيها ، أى : كف ، وهيت بكسر الهاء وفتحها ، أى : أسرع ، وهيك مثلها ، وقطك أى : اكتف ، وقدك مثلها ، ودع ؛ أى : انتعش.

ودعا لك ، ودعدعا مثلها ، وآمين ، بقصر الألف ومدّها ، أى : استجب ، وهلمّ ؛ أى : أقبل أو احضر ، وحىّ ؛ أى : أقبل ، وهلا ، أى : قرّ ، وحيهل بفتح اللام وتسكينها ؛ أى أقبل ، أو ائت ، وقد تنون فيقال : وحيّهلا ، ولا تكون إذ ذاك إلا بمعنى : ائت ، وهاء وها وهاك ، أى : خذ.

وذلك كلّه موقوف على السمّاع ، يحفظ ، ولا يقاس عليه / إلا ما كان منه على فعال ، نحو : نزال ؛ فإنّه يقاس عليه فى الأفعال الثلاثية ؛ لكثرة ما جاء منه.

وحكمها أن تعامل معاملة الفعل الذى هى بمعناه فى التعدّى وتركه ؛ فتقول : تراك ، كما تقول : اترك ، وتراك عمرا ، كما تقول : اترك عمرا.

ولا تضاف إلى معمولها ؛ كما لا يضاف الفعل ، لا تقول : تراك زيد ، فإن اتصلت به كاف مخاطبة (١) ، نحو قولهم : رويدك زيدا ، كانت حرف خطاب بمنزلتها فى ذلك.

ولا يقدّم معمولها ، لعدم تصرفها ، لا تقول : زيدا دراك ، ولا الشّرّ حذار.

ولا ينصب الفعل بعد الفاء في جوابها ، إلا أن تكون من لفظ الفعل ، نحو قولك :

__________________

(١) م : باب أسماء الأفعال

قولى : «فإن اتصلت به كاف مخاطبة ، نحو قولهم : رويدك زيدا ، كانت حرف خطاب بمنزلتها فى ذاك» إنّما لم يجز أن تجعل فى موضع خفص بالإضافة ؛ لأن أسماء الأفعال تنزلت منزلة الأفعال فى أول وضعها ، والأفعال لا يجوز إضافتها ؛ فلم تضف هى لقيامها فى أول وضعها مقام ما لا يضاف. أه.

١٩٨

«تراك فنتركك» (١) ، وإن لم تكن من لفظه ، لم يجز ذلك ؛ لا يقال : بله زيدا ، فيكرمك.

ومن قال : بله زيد ، فخفض لم يجعله اسم فعل ، بل هو مصدر مضاف موضوع موضع الفعل ؛ كأنّه قال : ترك زيد ، أى : اترك زيدا ؛ فيكون بمنزلة قوله تعالى : (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ)(٢) [محمد : ٤].

وقد يجعلون للأفعال أسماء فى الخبر ، إلا أنّ ذلك قليل ، ومنه أفّ منوّنة وغير منوّنة ، أى : أتضجّر ، وأوّه ، أى : أتوجّع ، وشتّان ، بكسر النون وفتحها ، بمعنى : تباعد ؛ ومن ذلك قوله [من السريع] :

٨٣ ـ شتّان ما يومى على كورها

ويوم حيّان أخى جابر (٣)

كأنّه قال : تباعد يومى ويوم حيّان ، أى : تباعد ما بينهما.

وهيهات ، بفتح التاء وكسرها وضمها ، منونة وغير منونة ، بمعنى : بعد ، ومنها

__________________

(١) م : وقولى : «إلا أن تكون من لفظ الفعل ؛ نحو قولك : تراك فنتركك» إنما جاز ذلك إذا كان من لفظ الفعل ، لأن فيه دلالة على المصدر ، فتكون «أن» المضمرة بعد الفاء مع الفعل الذى نصبته ـ معطوفة على المصدر الذى دل عليه اسم الفعل بلفظه ، وإذا لم يكن اسم الفعل من لفظ الفعل ، لم يكن فيه دلالة على المصدر ، فلم يجز النصب لذلك ، فتقول : صه نكرمك ولا يجوز فنكرمك. أه.

(٢) م : وقولى : «فيكون بمنزلة قوله تعالى : (فَضَرْبَ الرِّقابِ ...) [محمد : ٤]» إن قال قائل : هلا لم يجز إضافة ضرب إلى ما بعده ؛ لأنه قائم مقام الفعل ، فالجواب ، أن ذلك إنما ساغ ولم يسغ فى نزال ؛ لأن «ضربا» مصدر فى الأصل ، وليس باسم فعل ؛ فصحت إضافته لذلك ؛ لأنه لم يجعل اسم فعل إلا بعد استقرار الإضافة فيه ، وليس كذلك نزال ؛ لأنه وضع فى أول أحواله على أن يكون اسم فعل. أه.

(٣) البيت للأعشى.

والشاهد فيه قوله : «وشتان ما يومي ويوم حيان» فـ «شتان» اسم فعل ماض بمعنى افترق وقد رفع فاعلا كما كان يرفعه فعل «افترق» ، وزاد «ما» بين اسم الفعل وفاعله.

ينظر : ديوانه ص ١٩٧ ، وأدب الكاتب ص ٤٠٣ ، وإصلاح المنطق ص ٢٨٢ ، وخزانة الأدب ٦ / ٢٧٦ ، ٣٠٣ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٩٠٦ وشرح المفصل ٤ / ٣٧ ، ولسان العرب (شتت) وبلا نسبة في شرح شذور الذهب ص ٥١٨ ، وشرح المفصل ٤ / ٦٨ ، والصاحبي في فقه اللغة ص ١٥٥.

١٩٩

قوله [من الطويل] :

٨٤ ـ فهيهات هيهات العقيق وأهله

وهيهات خلّ بالعقيق تواصله (١)

وسرعان ، أى : سرع ، ووشكان ، أى : وشك ، ومن كلامهم : «سرعان ذى إهالة» (٢).

وليس شىء منها ينصب المفعول ؛ لأنّها لم توضع موضع أفعال متعدية.

* * *

__________________

(١) البيت : لجرير.

العقيق أصله كل ما شقه ماء السيل في الأرض فأنهره ووسعه فهو عقيق والجمع أعقه ، وعقائق.

وفي البيت شاهدان : أولهما قوله : «هيهات» ، وهو اسم فعل ماض بمعنى «بعد» ، وهو يعمل كما يعمل الفعل الماضي الذي بمعناه ، وثانيهما قوله : «هيهات هيهات العقيق» حيث تنازع عاملان ، وهما اسما الفعل : «هيهات» و «هيهات» معمولا واحدا ، وهو قوله : «العقيق» ، فأعمل الأول فيه ، وأعمل الثاني في ضميره.

ينظر : ديوانه ص ٩٦٥ ، والأشباه والنظائر ٨ / ١٣٣ ، والخصائص ٣ / ٤٢ ، والدرر ٥ / ٣٢٤ ، وشرح التصريح ١ / ٣١٨ ، ٢ / ١٩٩ ، وشرح شواهد الإيضاح ص ١٤٣ ، وشرح المفصل ٤ / ٣٥ ، ولسان العرب (هيه) ، والمقاصد النحوية ٣ / ٧ ، ٤ / ٣١١ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٢ / ١٩٣ ، ٤ / ٨٧ ، وسمط اللآلي ص ٣٦٩ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٠٠١ ، وشرح شذور الذهب ٥١٦ ، شرح قطر الندى ٢٥٦ ، همع الهوامع ٢ / ١١١.

(٢) قال في جمهرة الأمثال ١ / ٤٢٣ : يراد به : ما أسرع ما كان هذا الأمر! وأصله أن رجلا التقط شاة عجفاء ، فألقى بين يديها كلأ ، فرآها يسيل رغامها ، فظن أنه ودك ، فقال : «سرعان ذي إهالة» ، والإهالة : الودك ، وذي بمعنى هذه. وقد يقال : «وشكان» وهو مبنيّ على الفتح ، وموضع «ذي» رفع ، و «إهالة» تمييز ، والمعنى من إهالة.

٢٠٠