المقرِّب ومعه مُثُل المقرِّب

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »

المقرِّب ومعه مُثُل المقرِّب

المؤلف:

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »


المحقق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-0067-X
الصفحات: ٦٤٨

كان مجرورا بالباء الزائدة (١). وإن كان الموصوف أجنبيّا منه ، لم يجز فى الوصف فى جميع ذلك إلا الرفع (٢) / ، وأما الموصوف فمرفوع على كل حال ، وإذا تأخر الوصف ، جاز فيه الرفع والنصب ، كان الموصوف سببيّا (٣) أو لم يكن (٤).

هذا إن كان الحرف لا يقتضى الإيجاب.

فإن اقتضاه : لم يجز إلا الرفع فيهما ، تأخر الوصف أو تقدم (٥).

ولا ولات : يكونان بمنزلة ما الحجازية فى رفع الاسم بهما ونصب الخبر.

أما «لا» : فإنها لا تعمل إلا فى النكرات ؛ بشرط أن يكون الخبر أيضا مؤخرا منفيّا ؛ نحو قولك : «لا رجل أفضل منك» ، فإن كان موجبا أو مقدما ، لم تعمل ؛

__________________

قائما ولا ذاهبا أخوه ، بنصب ذاهبا وبرفعه ، فالنصب أن تعطف ذاهبا على قائم ، ويكون أخوه مرفوعا به ، والرفع على أن يكون خبرا مقدما للمبتدأ الذى بعده ، وهو أخوه ، والجملة من المبتدأ والخبر معطوفة على الجملة التى قبلها. أه.

(١) م : وقولى : «ويجوز فيه الرفع والنصب والخفض إن كان مخفوضا بالباء الزائدة» مثال ذلك قولك : ما زيد بقائم ولا ذاهب أخوه ، بخفض ذاهب ورفعه ونصبه ، فالخفض على عطف ذاهب على قائم ، وأخوه مرتفع به ، والرفع على موضع بقائم إن قدرت «ما» تميمية وأخوه أيضا مرتفع به ، ويجوز أيضا رفعه على أن يكون خبرا مقدما للمبتدأ الذى هو أخوه ، والجملة من المبتدأ والخبر معطوفة على الجملة التى قبلها ، والنصب على موضع بقائم إن قدرتها حجازية ، ويكون أخوه مرتفعا به. أه.

(٢) م : وقولى : «وإن كان الموصوف أجنبيا منه لم يجز فى الوصف فى جميع ذلك إلا الرفع ...» إلى آخره مثال ذلك : ما زيد قائما ولا ذاهب عمرو ، وما زيد منطلق ولا خارج بكر ، وما زيد بقائم ولا ذاهب عبد الله ، فيرتفع خارج وذاهب على أنهما خبران لما بعدهما ، والجملة من المبتدأ والخبر معطوفة على ما قبلها. أه.

(٣) في أ: سببا.

(٤) م : وقولى : «وإن تأخر الوصف ، جاز فيه الرفع والنصب ، كان الموصوف سببيا أو لم يكن» مثال ذلك : ما زيد قائما ولا أخوه ذاهبا ، وما زيد بقائم ولا أخوه ذاهبا ، وما زيد قائما ولا عمرو ذاهبا ، فترفع الاسم عطفا على اسم ما وتنصب ذاهبا بعده عطفا على خبرها ، ويجوز رفع ذاهب فى جميع ذلك على أن تجعله خبرا للمبتدأ الذى قبله ، وتجعل الجملة من المبتدأ والخبر معطوفة على الجملة التى قبلها. أه.

(٥) م : وقولى : «فإن اقتضاه لم يجز إلا الرفع فيهما تأخر الوصف أو تقدم» مثال ذلك قولك : ما زيد قائما بل عمرو ذاهب ، وما عمرو منطلقا بل مقيم بكر ، وما عبد الله خارجا بل أبوه ذاهب ، وما جعفر مقيما بل قاعد أبوه ، وما زيد بقائم بل عمرو ذاهب ، وما محمد بمقيم بل قاعد بكر ، برفع الاسمين فى جميع ذلك على المبتدأ والخبر. أه.

١٦١

نحو قولك : «لا أفضل منك رجل ولا امرأة ، ولا رجل ولا امرأة إلا أفضل منك» ، وسبب ذلك : أنها إنما تعمل إذا كانت خاصة بالاسم ، ولا تكون خاصة حتى تكون للنفى العامّ ؛ فتكون فى جواب السؤال العام ؛ نحو قولك : «هل من رجل قائم؟» ؛ فيلزم دخولها من أجل ذلك على الاسم النكرة.

وأمّا لات : فلم ترفع بها العرب إلا «الحين» مظهرا أو مضمرا ؛ فتقول : «لات حين قيام لك ، ولات حين قيام لك» ، فتنصب حين ، تريد : لات الحين حين قيام لك.

وتعمل فى «الحين» معرفة ونكرة ؛ لاختصاصها به :

ومن إعمالها أيضا فى المعرفة : قول الأعشى (١) [من الخفيف] :

٤٧ ـ لات هنّا ذكرى جبيرة أو من

جاء منها بطائف الأهوال (٢)

فأعملها فى «هنّا» وهو معرفة.

والعطف على خبرها : كالعطف على خبر ما ، إذا كان منصوبا (٣).

__________________

(١) ميمون بن قيس بن جندل من بني قيس بن ثعلبة الوائلي ، أبو بصير المعروف بأعشى قيس ، ويقال له أعشى بكر ابن وائل ، والأعشى الكبير : من شعراء الطبقة الأولى في الجاهلية ، وأحد أصحاب المعلقات كان كثير الوفود على الملوك من العرب والفرس ، غزير الشعر ، يسلك فيه كل مسلك وكان يغنى بشعره ، فسمى «صنّاجة العرب» قال البغدادي : كان يفد على الملوك ولا سيما ملوك فارس ، ولذلك كثرت الألفاظ الفارسية في شعره. عاش عمرا طويلا ، وأدرك الإسلام ولم يسلم ، ومطلع معلقته : [من الخفيف]

ما بكاء الكبير بالأطلال

وسؤالي وما تردّ سؤالي

وسمى بالأعشى لضعف بصره مات سنة ٧ ه‍.

ينظر : الأعلام ٧ / ٣٤١ ، معاهد التنصيص ١ / ١٩٦ ، الآمدي ١٢.

(٢) الشاهد فيه قوله : «لات هنا» حيث عملت «لات» في «هنا» الإشارية ، وقال ابن مالك وأبو علي الفارسي إن «لات» لا يصح إعمالها في معرفة أو مكان ، فـ «هنا» عندهما منصوبة على الظرف ، و «لات» غير عاملة.

ينظر : ديوانه ص ٥٣ ، وخزانة الأدب ٤ / ١٩٦ ، ١٩٨ ، والخصائص ٢ / ٤٧٤ ، والدرر ٢ / ١١٨ ، وشرح التصريح ١ / ٢٠٠ ، وشرح المفصل ٣ / ١٧ ، ولسان العرب (هنا) ، والمحتسب ٢ / ٣٩ ، والمقاصد النحوية ٢ / ١٠٦ ، ٤ / ١٩٨ ، وبلا نسبة في الإنصاف ١ / ٢٨٩ ، ورصف المباني ص ١٧٠.

(٣) م : وقولى : «والعطف على خبرها كالعطف على خبر ما إذا كان منصوبا» تمثيل ذلك

١٦٢

وقد أجرو «إن» النافية فى الشعر مجرى «ما» فى نصب الخبر ؛ لشبهها بها ؛ قال [من المنسرح] :

٤٨ ـ إن هو مستوليا على أحد

إلا على أضعف المجانين (١)

ولا يجوز ذلك فى الكلام ؛ لأنها غير مختصّة (٢).

__________________

كتمثيل العطف على خبر ما ، إلا أنك لا تعطف علي خبر لا إلا اسما نكرة ، ولا تعطف على خبر لات إلا اسم زمان. أه.

(١) قال البغدادي : هذا الشاهد مع كثرة دورانه في كتب النحو لم يعلم له قائل.

والشاهد فيه قوله : «إن هو مستوليا» حيث أجرى «إن» مجرى «ما» «ليس» فرفع بها المبتدأ ونصب الخبر.

ينظر : الأزهية ٤٦ ، أوضح المسالك ١ / ٢٩١ ، تخليص الشواهد ٣٠٦ ، الجنى الداني ٢٠٩ ، جواهر الأدب ٢٠٦ ، خزانة الأدب ٤ / ١٦٦ ، الدرر ٢ / ١٠٨ ، رصف المباني ١٠٨ ، شرح الأشموني ١ / ١٢٦ شرح التصريح ١ / ٢٠١ ، شرح شذور الذهب ٣٦٠ ، المقاصد النحوية ٢ / ١١٣ ، همع الهوامع ١ / ١٢٥.

(٢) م : وقولى : «ولا يجوز ذلك فى الكلام لأنها غير مختصة» أعنى : أنها لا تختص بالدخول على الاسم بل تنفى بها الجملة الاسمية والفعلية فيقال : إن زيد إلّا قائم ، قال تعالى : (إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) [الملك : ٢٠] أى ما الكافرون إلا فى غرور ، ويقال : إن قام زيد ، قال الله تعالى : (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ ...) [الأحقاف : ٢٦] أى فيما لم نمكنكم فيه ، والحرف إذا كان غير مختص فقياسه ألا يعمل. أه.

١٦٣

باب الحروف الّتى تنصب الاسم وترفع الخبر

وهى : «إنّ وأنّ ولكنّ» ومعناها التأكيد ، و «كأنّ» ومعناها التشبيه ، و «ليت» ومعناها التمنى ، و «لعلّ» ومعناها الترجّى فى المحبوبات ، والتوقع فى المحذورات.

اعلم : أنّ هذه الحروف لما كانت مختصة بالأسماء ، ولم تكن كالجزء منها ، أشبهت الأفعال ، فعملت ورفعت أحد الاسمين ، ونصبت الآخر ؛ لأنها أشبهت منها ما يطلب اسمين ، وما يطلب / من الأفعال اسمين يرفع أحدهما وينصب الآخر ، ولما كانت معانى هذه الحروف فى أخبارها ، أشبهت الأخبار العمد (١) فرفعت ، وأشبهت الأسماء الفضلات فنصبت.

وجميعها إنما يدخل على المبتدأ والخبر : فما كان مبتدأ ، كان اسما لها ، إلا اسم الشرط واسم الاستفهام وكم الخبرية ، وكل اسم التزم فيه الرفع على الابتداء ؛ كـ «ما» التعجبية ، وايمن الله ، وما كان خبرا للمبتدأ ـ فإنه يكون خبرا لها إلا الجمل غير المحتملة للصدق (٢) والكذب ، وأسماء الاستفهام وكم الخبرية (٣).

__________________

(١) م : باب الحروف التى تنصب الاسم وترفع الخبر

قولى : «لما كانت معانى هذه الحروف فى أخبارها أشبهت الأخبار العمد» أعنى : أنك إذا قلت : إن زيدا قائم ، ولكن عمرا منطلق ، وبلغنى أن عمرا خارج ، وكّدت القيام بـ «إنّ» ، والانطلاق بـ «لكن» والخروج بـ «أنّ» ، فمعنى هذه الحروف ـ وهو التأكيد ـ إنما هو فى الخبر ، وكذلك إذا قلت : كان زيد الأسد ، فإن معنى كان هو السببية فى الخبر ؛ ألا ترى أنك إنما شبّهت زيدا بالأسد ، وإذا قلت : ليت زيدا قائم ، ولعل زيدا قائم ، فإنما تمنيت ورجوت القيام ، فمعنى ليت ولعل أيضا إنما هو فى الخبر. أه.

(٢) في ط : الصدق.

(٣) م : وقولى : «إلا الجمل غير المحتملة للصدق والكذب واسم الاستفهام وكم الخبرية» إنما لم تقع أسماء الاستفهام وكم الخبرية أخبارا لهذه الحروف ؛ لأنها تلزم صدر الكلام ؛ فيلزم لذلك تقديمها ، وأخبار هذه الحروف لا يجوز تقديمها عليها ، وأما الجمل غير المحتملة للصدق والكذب فلم تقع أخبارا لهذه الحروف ؛ لمناقضة معناها معانى هذه الحروف ، فإن جاء ما ظاهره وقوع الجملة غير المحتملة للصدق والكذب فى موضع الخبر تئول ذلك ؛ نحو قوله : [من البسيط]

إنّ الذين قتلتم أمس سيّدهم

لا تحسبوا ليلهم عن ليلكم ناما

[وهو لأبى مكعت أخى بنى سعد بن مالك فى خزانة الأدب ١٠ / ٢٤٧ ، ٢٤٩ ،

١٦٤

وانفردت إنّ من بين سائر أخواتها : بدخول اللام فى الخبر (١) إذا كان اسما أو فعلا مضارعا أو ماضيا غير متصرف ؛ نحو : «نعم وبئس» ، أو ظرفا أو مجرورا ، أو جملة اسمية ، فإن كان ماضيا متصرفا ، لم يجز دخولها عليه (٢).

وقد تدخل اللام على الاسم إذا وقع موقع الخبر ؛ نحو قولك : «إنّ فى الدار لزيدا».

وقد تدخل ـ أيضا ـ على معمول الخبر إذا تقدم عليه ؛ نحو قولك : «إنّ زيدا لفى الدار قائم».

فأما قراءة من قرأ : (إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ) [الفرقان : ٢٠] بفتح الهمزة فشاذة واللام فيها زائدة ، ولا تدخل اللام على إنّ نفسها وإن أبدلت همزتها هاء ، فأما قوله [من الطويل] :

٤٩ ـ ألا يا سنا برق على قلل الحمى

لهنّك من برق علىّ كريم (٣)

__________________

٢٥٠ ، والدرر ٢ / ١٧٠ ، وبلا نسبة فى شرح التصريح ١ / ٢٩٨ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٩١٤ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٥٨٥ ، وهمع الهوامع ١ / ١٣٥].

وقول الجميح : [من البسيط]

ولو أصابت لقالت وهى صادقة

إنّ الرّياضة لا تنصبك للشّيب

[ينظر البيت فى رصف المبانى ص ١٢٠ ، والأشباه والنظائر ٦ / ٢٣٤ ، وتذكرة النحاة ص ٤٤٥ ، والخزانة ١٠ / ٢٤٦ ـ ٢٤٧ ، وسر صناعة الإعراب ص ٣٨٨ ، وشرح اختيارات المفضل ١ / ١٥٣ ، وجواهر الأدب ص ٢٣٩ ، وروى «للكذب» بدل «للشيب».

فإنهما مخرجان على إضمار القول ، أى : أقول لكم لا تحسبوا ليلهم عن ليلكم ناما ، وإن الرياضة أقول لك : لا تنصبك للشيب ، فالخبر هو القول المحذوف ، وكثيرا ما يحذف القول إذا دل المعنى عليه ، قال تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ) [آل عمران : ١٠٦] أى : فيقال لهم : أكفرتم بعد إيمانكم ، وقوله تعالى : (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) [الرعد : ٢٣] أى : يقولون : سلام عليكم. أه.

(١) م : وقولى : «وانفردت إنّ من بين سائر أخواتها بدخول اللام في خبرها» إلى آخره مثال دخول اللام فى الخبر إذا كان اسما ، قولك : إن زيدا لقائم ، ومثال دخولها فيه إذا كان فعلا مضارعا إنّ زيدا ليقوم ، ومثال دخولها فيه إذا كان ماضيا غير متصرف قولك : إن زيدا لنعم الرجل ، ومثال دخولها فيه إذا كان ظرفا أو مجرورا قولك : إن زيدا لخلفك ، وإن عمرا لفى الدار ، ومثال دخولها فيه إذا كان جملة اسمية قولك : إن زيدا لوجهه حسن. أه.

(٢) م : وقولى : «فإن كان ماضيا متصرفا لم يجز دخولها عليه» أعنى : أنه لا يجوز أن تقول : إن زيدا لقام. أه.

(٣) البيت : قيل : لمحمد بن سلمة وقيل لرجل من بني نمير.

١٦٥

فأصله : «له إنك» ، ثم نقلت حركة الهمزة ، والعرب تقول : «له أنت».

ولا يجوز تقديم شىء من معمولات هذه الحروف عليها ، ولا تقديم أخبارها على أسمائها لضعفها فى العمل ، إلا أن يكون الخبر ظرفا أو مجرورا ؛ فإنّ العرب اتسعت فيهما (١) ، ويجوز تقديم معمول الخبر عليه إذا لم يكن بالخبر مانع من موانع تقديم المفعول على العامل (٢) ، ولا يجوز تقديمه عليها أصلا (٣) ، ولا على الاسم إلا أن يكون ظرفا أو مجرورا (٤) فى أحد القولين ، وهو مع ذلك قليل ؛ نحو قوله من الطويل] :

٥٠ ـ ولا تلحنى فيها فإنّ بحبّها

أخاك مصاب القلب جمّ بلابله (٥)

__________________

و (السنا) بالقصر : ضوء البرق. و (القلل) : جمع قلة وهي من كل شيء : أعلاه.

ورواه ابن بري : «قنن الحمى» جمع قنة بمعنى القلة. و (الحمى) هو المكان الذي يحمى من الناس فلا يقربه أحد ، وأراد به حمى حبيبته.

والشاهد فيه قوله : «لهنك» يريد : لإنك ، فأبدل الهمزة هاء ، وقدمت لام التوكيد على «إن» ، مع الجمع بين حرفي التوكيد. وفي البيت أقوال أخر.

ينظر : لسان العرب (لهن) ، (قذي) ، ولرجل من بني نمير في خزانة الأدب ١٠ / ٣٣٨ ، ٣٣٩ ، ٣٥١ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ١٤٤ ، وأمالي الزجاجي ص ٢٥٠ ، والجنى الداني ص ١٢٩ ، وجواهر الأدب ص ٨٣ ، ٣٣٣ ، والخصائص ١ / ٣١٥ ، ٢ / ١٩٥ ، والدرر ٢ / ١٩١ ، وديوان المعاني ٢ / ١٩٢ ، ورصف المباني ص ٤٤ ، ١٢١ ، ٢٣٣ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٣٧١ ، ٢ / ٥٥٢ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٦٠٢ ، وشرح المفصل ٨ / ٦٣ ، ٩ / ٢٥ ، ١٠ / ٤٢ ، ولسان العرب (أنن) ، ومجالس ثعلب ١ / ١١٣ ، ٢ / ٤١٣ ، ومغني اللبيب ١ / ٢٣١ ، والممتع في التصريف ١ / ٣٩٨ ، وهمع الهوامع ١ / ١٤١.

(١) م : وقولى : «إلا أن يكون الخبر ظرفا أو مجرورا ، فإن العرب اتسعت فيهما» مثال ذلك قولك : إن فى الدار زيدا ، وإن عندك عمرا. أه.

(٢) م : وقولى : «ويجوز تقديم معمول الخبر عليه ، إذا لم يكن للخبر مانع من موانع تقديم المفعول على العامل» مثال ذلك : إن زيدا عمرا ضارب ، أى : ضارب عمرا ، فقدمت معمول «ضارب» عليه إذ لا مانع يمنع من ذلك ، ولو قلت إن زيدا عمرا ما ضرب ، تريد : ما ضرب عمرا ، لم يجز ذلك ، لأن «ما» لها صدر الكلام ، فلا يجوز تقديم ما بعدها عليها. أه.

(٣) م : وقولى : «ولا يجوز تقديمه عليها أصلا» لا يجوز أن يقال : فى الدار إن زيدا قائم ، ولا عمرا إن زيدا ضارب ، تريد : إن زيدا قائم في الدار ، وإن زيدا ضارب عمرا. أه.

(٤) م : وقولى : «ولا على الاسم إلا أن يكون ظرفا أو مجرورا» مثال ذلك : قولك : إن فى الدار زيدا قائم ، وإن عندك زيدا جالس ، تريد : إن زيدا قائم فى الدار ، وإن زيدا جالس عندك.

وقولى : «فى أحد القولين» لأنه قد قيل : إن الظرف والمجرور متعلقان بمحذوف على طريق البيتين ، وليسا متعلقين بالخبر ، واعترض بهما بين هذه الحروف وأسمائها. أه.

(٥) البيت بلا نسبة في : الأشباه والنظائر ٢ / ٢٣١ ، خزانة الأدب ٨ / ٤٥٣ ، ٤٥٥ ،

١٦٦

وإذا اتصل بحرف من هذه الحروف ياء المتكلم ، لحقته نون الوقاية ، ولا تلزم فتقول : إنّى وإنّنى ، وكذلك سائر أخواتها إلا «ليت» فإنها تلزمها فتقول : «ليتنى» ، ولا يجوز «ليتى» إلا فى ضرورة ؛ نحو قوله [من الوافر] :

٥١ ـ كمنية جابر إذ قال : ليتى

أصادفه وأتلف بعض مالى / (١)

ويجوز حذف أسماء هذه الحروف فى فصيح الكلام ، إذا دلّ على ذلك دليل ، ومن ذلك قول الفرزدق [من الطويل] :

٥٢ ـ فلو كنت ضبّيّا عرفت قرابتى

ولكنّ زنجىّ عظيم المشافر (٢)

__________________

الدرر ٢ / ١٧٢ ، شرح الأشموني ١ / ١٣٧ ، شرح شواهد المغني ٢ / ٩٦٩ ، مغنى البيب ٢ / ٦٩٣ ، المقاصد النحوية ٢ / ٣٠٩ ، همع الهوامع ١ / ١٣٥.

والشاهد فيه : تقديم معمول خبر «إن» على اسمها ؛ حيث قدّم «بحبها» على «أخاك» وهو ضرورة.

(١) البيت لزيد الخيل.

الشاهد فيه : قوله : «ليتى» ، والقياس : ليتني ، حذف نون الوقاية ضرورة.

ينظر : ديوانه ٨٧ ، وتخليص الشواهد ص ١٠٠ ، وخزانة الأدب ٥ / ٣٧٥ ، ٣٧٧ ، والدرر ١ / ٢٠٥ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٩٧ ، وشرح المفصل ٣ / ١٢٣ ، والكتاب ٢ / ٣٧٠ ، ولسان العرب (ليت) ، والمقاصد النحوية ١ / ٣٤٦ ، ونوادر أبي زيد ص ٦٨ ، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص ١٥٣ ، ورصف المباني ص ٣٠٠ ، ٣٦١ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٥٥٠ ، وشرح الأشموني ١ / ٥٦ ، وشرح ابن عقيل ص ٦١ ، ومجالس ثعلب ١٢٩ ، والمقتضب ١ / ٢٥٠ وهمع الهوامع ١ / ٦٤.

(٢) البيت قاله الفرزدق في هجاء رجل من «ضبة».

والمشافر : جمع مشفر وهو من البعير كالشفة للإنسان.

والشاهد في البيت : «ولكن زنجىّ عظيم المشافر» حيث حذف اسم «لكن» والتقدير «ولكنك زنجى» ويجوز نصب «زنجى» بـ «لكن» على إضمار الخبر وهو أقيس.

ينظر : ديوانه ٤٨١ ، وجمهرة اللغة ص ١٣١٢ ، وخزانة الأدب ١٠ ، ٤٤٤ ، والدرر ٢ / ١٧٦ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٠١ ، وشرح المفصل ٨ / ٨١ ، ٨٢ ، والكتاب ٢ / ١٣٦ ، ولسان العرب (شفر) ، والمحتسب ٢ / ١٨٢ ، وبلا نسبة في الإنصاف ١ / ١٨٢ ، والجنى الداني ص ٥٩٠ ، وخزانة الأدب ١١ / ٢٣٠ ، والدرر ٣ / ١٦٠ ، ورصف المباني ص ٢٧٩ ، ٢٨٩ ، ومجالس ثعلب ١ / ١٢٧ ، ومغني اللبيب ص ٢٩١ ، والمنصف ٣ / ١٢٩ ، وهمع الهوامع ١ / ٣٦ ، ٢٢٣ ، والإفصاح ٢١٣ ، وتمهيد القواعد ٢ / ١١٧ ، البحر المحيط ٧ / ٢٣٦ ، معاني الفراء ٢ / ٣٤٤.

١٦٧

التقدير : ولكنك زنجىّ إلا أن يكون الاسم ضمير أمر أو شأن : فإنه لا يحسن حذفه إلا فى ضرورة ؛ بشرط ألا يؤدى حذفه إلى أن يلى إنّ وأخواتها فعل ؛ نحو قوله [من الخفيف] :

٥٣ ـ إنّ من يدخل الكنيسة يوما

يلق فيها جآذرا وظباء (١)

التقدير : إنه.

وكذلك ـ أيضا ـ يجوز حذف الخبر إذا كان عليه دليل ؛ ومن ذلك قوله :

__________________

(١) البيت للأخطل. والشاهد فيه قوله «إن من يدخل الكنيسة» حيث حذف اسم «إن» وهو ضمير الشأن ولا يجوز اعتبار «من» اسمها لأنها شرطية بدليل جزمها الفعلين والشرط له الصدر في جملته فلا يعمل فيه ما قبله. وضمير الشأن يحذف في الشعر كثيرا بخلاف اسم هذه الحروف فإنه وإن اختص حذفه بالشعر فإنما ورد بضعف وقوة.

عند ذكر جملة من الجمل الاسمية أو الفعلية فقد يقدمون قبلها ضميرا يكون كناية عن تلك الجملة وتكون الجملة خبرا عن ذلك الضمير وتفسيرا له ، ويوحدون الضمير لأنهم يريدون الأمر والحديث لأن كل جملة شأن وحديث. ولا يفعلون ذلك إلا في مواضع التفخيم والتعظيم وذلك قولك : هو زيد قائم فهو ضمير لم يتقدمه ظاهر وإنما هو ضمير الشأن والحديث وفسره ما بعده من الخبر ، وهو زيد قائم ، ولم تأت في هذه الجملة بعائد إلى المبتدأ لأنها هو في المعنى ، ولذلك كانت مفسرة له ويسميه الكوفيون الضمير المجهول لأنه لم يتقدمه ما يعود عليه ، ويجىء هذا الضمير مع العوامل الداخلة على المبتدأ والخبر نحو : إن وأخواتها ، ظننت وأخواتها ، وكان وأخواتها وتعمل فيه هذه العوامل كإن المكسورة المشددة وتكون حرف توكيد تنصب الاسم وترفع الخبر ، وقد تنصبهما في لغة ، وقد يرتفع بعدها المبتدأ فيكون اسمها ضمير شأن فإنه لا يحسن حذفه إلا في ضرورة كما قاله الأعلم في «شرح أبيات الجمل» وابن عصفور في كتاب «الضرائر» بشرط ألا يؤدي حذفه إلى أن يلى إن وأخواتها فعل كما في البيت الشاهد فتقديره : إنه من يدخل الكنيسة ، وإنما لم تجعل «من» اسمها لأنها شرطية بدليل جزمها الفعلين والشرط له الصدر فلا يعمل فيه ما قبله فوجب أن تكون «من» مبتدأ.

ينظر : خزانة الأدب ١ / ٤٥٧ ، الكافية ١ / ١٠٣ ، ابن يعيش ٣ / ١١٥ ، الهمع ١ / ١٣٦ ، ابن الشجري ١ / ٢٩٥ ، إيضاح شواهد الإيضاح ٢٢ ، الجمل للزجاجي ٢٢١ ، المغني ١ / ٣٧ ، ٥٨٩ ، ٤٥ ، ٣١٠ ، الدرر اللوامع ١ / ١١٥ ، شرح الجمل لابن عصفور ١ / ٤٤٢ ، شرح أبياته لابن سيده ١٣٤ ، الحلل ٢٨٧ الفصول والجمل ١٩٣ ، ضرائر الشعر ١٧٨ ، شرح شواهد المغني ١ / ١٢٢ ، ٢ / ٩١٨ ، شرح ابياته ١ / ١٨٥ ، إيضاح شواهد الإيضاح ٢٢ ، ما يجوز للشاعر في الضرورة ١٨١ البسيط في شرح جمل الزجاجي ١ / ٤٣٥ ، ٢ / ٩١٣ الأشباه والنظائر ٨ / ٤٦ ، وأمالي ابن الحاجب ١ / ١٥٨ ، رصف المباني ص ١١٩.

١٦٨

[من الطويل] :

٥٤ ـ خلا أنّ حيّا من قريش تفضّلوا

على النّاس أو أنّ الأكارم نهشلا (١)

فحذف تفضلّوا ؛ لدلالة ما قبله عليه ، وأكثر ما يكون ذلك إذا كان الاسم نكرة ؛ نحو قول الأعشى [من المنسرح] :

٥٥ ـ إنّ محلّا وإنّ مرتحلا

وإنّ فى السّفر ما مضى مهلا (٢)

أى : إنّ لنا محلا.

وإذا ألحقت هذه الحروف ما ، لم يجز إعمالها ؛ نحو قولك : «إنّما زيد قائم» ؛ لزوال اختصاصها بالأسماء.

ألا ترى أنك تقول : إنّما يقوم زيد ، إلا «ليت» فإنه يجوز إلغاؤها إذا جعلت ما كافة ، وإعمالها إذا لم يعتدّ بها ؛ لأنها باقية على اختصاصها ، لا يقال : «ليتما يقوم زيد» ، وقد روى بيت النابغة (٣) [من البسيط] :

__________________

(١) البيت للأخطل.

الشاهد فيه : قوله «أو أن الأكارم نهشلا ..».

حيث حذف خبر أن وتقديره تفضلوا واسمها معرفة وفي هذا رد على الكوفيين في اشتراطهم لحذف الخبر تنكير الاسم ، وعلى الفراء في اشتراطه تكرير «أن».

ينظر : خزانة الأدب ١٠ / ٤٥٣ ، ٤٥٤ ، ٤٦١ ، ٤٦٢ ، وشرح المفصل ١ / ١٠٤ ولسان العرب (نهشل) والمقتضب ٤ / ١٣١ وبلا نسبة في الخصائص ٢ / ٣٧٤.

(٢) الشاهد : قوله «إن محلّا ، وإن مرتحلا» حيث حذف خبر إنّ وهو ظرف لقرينة ، والتقدير إن لنا في الدنيا محلّا وإنّ لنا عنها مرتحلا.

ينظر : ديوانه ص ٢٨٣ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٤٥٢ ، ٤٥٩ ، والخصائص ٢ / ٣٧٣ ، والدرر ٢ / ١٧٣ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٥١٧ ، والشعر والشعراء ص ٧٥ والكتاب ٢ / ١٤١ ، ولسان العرب (رحل) ، والمحتسب ١ / ٣٤٩ ، ومغني اللبيب ١ / ٨٢ والمقتضب ٤ / ١٣٠ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ٣٢٩ ، وأمالي ابن الحاجب ١ / ٣٤٥ ، وخزانة الأدب ٩ / ٢٢٧ ، ورصف المباني ص ٢٩٨ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٢٣٨ ، ٢ / ٦١٢ ، وشرح المفصل ٨ / ٨٤ ، والصاحبي في فقه اللغة ص ١٣٠ ولسان العرب (حلل).

(٣) زياد بن معاوية بن ضباب الذبياني الغطفاني المضري ، أبو أمامة شاعر جاهلي وكان الأعشى. وحسان والخنساء ممن يعرض شعره على النابغة ، كان أحسن شعراء العرب ديباجة ، عاش عمرا طويلا توفي في ١٨ ق ه.

ينظر : شرح شواهد المغني ٢٩ ، معاهد التنصيص ١ / ٣٣٣ ، الأغاني ١١ / ٣ وجمهرة ٢٦ ، ٥٢ ، ونهاية الأرب ٣ / ٥٩ ، والشعر والشعراء ٣٨ ، الأعلام ٣ / ٥٤.

١٦٩

٥٦ ـ قالت : ألا ليتما هذا الحمام لنا

إلى حمامتنا ونصفه فقد (١)

برفع الحمام ونصبه على الوجهين.

ويجوز فى : إنّ وأنّ ولكنّ وكأنّ التخفيف بحذف أحد المثلين :

فأما لكنّ إذا خففت ، فيبطل عملها ؛ لزوال الاختصاص نحو قولك : «ما قام زيد ، لكن عمرو قائم».

وأما أن وكأن : فلا يجوز فيهما إلا الإعمال ؛ لبقائهما على اختصاصهما بالأسماء إلا أن اسمهما لا يكون إلا ضمير شأن محذوفا ؛ نحو قولك : «علمت أن زيد قائم ، وكأن زيد قائم ، وعلمت أن سيقوم زيد» ، التقدير : أنه زيد قائم ، وكأنه زيد قائم ، وأنه سيقوم زيد.

ولا يكون ظاهرا أو ضميرا لا يراد به الشأن إلا فى ضرورة ؛ نحو قوله [من الرجز] :

 ٥٧ ـ ....................

كأن وريديه رشاء خلب (٢)

وفى قول الآخر (٣) [من الطويل] :

__________________

(١) الشاهد : جواز إعمال «ليت» التي اتصلت بها «ما» وعدم إعمالها.

ينظر : ديوانه ص ٢٤ ، والأزهية ص ٨٩ ، ١١٤ ، والأغاني ١١ / ٣١ ، والإنصاف ٢ / ٤٧٩ ، وتخليص الشواهد ص ٣٦٢ ، وتذكرة النحاة ص ٣٥٣ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٢٥١ ، ٢٥٣ ، والخصائص ٢ / ٤٦٠ ، والدرر ١ / ٢١٦ ، ٢ / ٢٠٤ ، ورصف المباني ص ٢٩٩ ، ٣١٦ ، ٣١٨ ، وشرح التصريح ١ / ٢٢٥ ، وشرح شذور الذهب ص ٣٦٢ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٧٥ ، ٢٠٠ ، ٢ / ٦٩٠ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٣٣ ، وشرح المفصل ٨ / ٥٨ ، والكتاب ٢ / ١٣٧ ، واللمع ص ٣٢٠ ، ومغني اللبيب ١ / ٦٣ ، ٢٨٦ ، ٣٠٨ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢٥٤ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١ / ٣٤٩ ، وخزانة الأدب ٦ / ١٥٧ ، وشرح الأشموني ١ / ١٤٣ ، وشرح قطر الندى ص ١٥١ ، ولسان العرب (قدد) ، وهمع الهوامع ١ / ٦٥.

(٢) البيت لرؤبة.

والرشاء : الحبل ، الخلب بالضم : الليف.

والشاهد فيه مجىء اسم «كأن» المخفّفة ؛ وهو «وريديه» ظاهرا ؛ للضرورة.

ينظر : ملحقات ديوانه ٣ / ١٦٤ ، ١٦٥ وابن يعيش ٨ / ٧٢ والمقتضب ١ / ٥٠ والإنصاف ١٩٨ واللسان (خلب) والبحر ٨ / ١١٩ والتصريح ١ / ٢٣٤ والكشاف ٤ / ٦.

(٣) م : وقولى : «وقول الآخر» : [من الطويل]

 .........

كأن ظبية تعطو إلى وارق السّلم

يعنى : أن اسم «كأن» ضمير محذوف عائد على ممدوحته ، أى : كأنها ظبية

١٧٠

 ٥٨ ـ ....................

كأن ظبية تعطو إلى وارق السّلم / (١)

وقد يثبت المضمر فى الضرورة ؛ نحو قوله : [من الطويل]

٥٩ ـ فلو أنك فى يوم الرّخاء سألتنى

طلاقك لم أبخل وأنت صديق (٢)

__________________

وليس بضمير شأن ولا قصّة. أه.

(١) هذا عجز بيت ينسب إلى كثيرين : فتارة لعلباء بن أرقم وتارة لأرقم بن علباء وتارة لزيد بن أرقم ونسب أيضا لكعب بن أرقم ولباغت بن صريم اليشكري.

وصدره :

ويوما توافينا بوجه مقسم

 ............

وتوافينا : تأتينا ، يقال وافيته موافاة : أتيته.

والمقسم : المحسن وأصله من القسمات وهي مجاري الدموع وأعالى الوجه.

والشاهد فيه قوله : «كأن ظبية» حيث رفع «ظبية» على أنها خبر لـ «كأن» المخففة واسمها ضمير محذوف لا يراد به الشأن ، ويحتمل أن تكون «ظبية» مبتدأ ، وجملة «تعطو» خبره ، وهذه الجملة الاسمية خبر «كأن» واسمها ضمير شأن محذوف. وقد رويت «ظبية» ـ أيضا ـ بالنصب والجر. أما النصب فعلى أنها اسم «كأن» المخففة ، وذلك خاص بالشعر ، وأما الجر فعلى أنّ «أن» زائدة بين الجار والمجرور ، والتقدير : كـ «ظبية».

ينظر : الأصمعيات ص ١٥٧ ، والدرر ٢ / ٢٠٠ وشرح التصريح ١ / ٢٣٤ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٨٤ ، ولأرقم بن علباء في شرح أبيات سيبويه ١ / ٥٢٥ ، ولزيد بن أرقم في الإنصاف ١ / ٢٠٢ ، ولكعب بن أرقم في لسان العرب (قسم) ، ولباغت بن صريم اليشكري في تخليص الشواهد ص ٣٩٠ ، وشرح المفصل ٨ / ٨٣ ، والكتاب ٢ / ١٣٤ ، وله أو لعلباء بن أرقم في المقاصد النحوية ٢ / ٣٠١ ، ولأحدهما أو لأرقم بن علباء في شرح شواهد المغني ١ / ١١١ ولأحدهما أو لراشد بن شهاب اليشكري أو لابن أصرم اليشكري في خزانة الأدب ١٠ / ٤١١ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ١ / ٣٧٧ ، وجواهر الأدب ص ١٩٧ ، والجنى الداني ص ٢٢٢ ، ٥٢٢ ، ورصف المباني ص ١١٧ ، ٢١١ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٦٨٣ ، وسمط اللآلي ص ٨٢٩ ، وشرح الأشموني ١ / ١٤٧ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٣٤١ ، ٣٣١ ، وشرح قطر الندي ص ١٥٧ ، والكتاب ٣ / ١٦٥ ، والمحتسب ١ / ٣٠٨ ، ومغني اللبيب ١ / ٣٣ ، ٢ / ٢٠٤ ، والمنصف ٣ / ١٢٨ ، وهمع الهوامع ١ / ٤١٣.

(٢) البيت بلا نسبة في : الأزهية ص ٦٢ ، والأشباه والنظائر ٥ / ٢٣٨ ، و ٢٦٢ ، والإنصاف ١ / ٢٠٥ ، والجنى الداني ص ٢١٨ ، وخزانة الأدب ٥ / ٤٢٦ ، ٤٢٧ ، ١٠ / ٣٨١ ، ٣٨٢ ، والدرر ٢ / ١٩٨ ، ورصف المباني ص ١١٥ ، وشرح الأشموني ١ / ١٤٦ ، وشرح شواهد المغني ١ / ١٠٥ ، وشرح ابن عقيل ص ١٩٣ ، وشرح المفصل ٨ / ٧١ ، ولسان العرب (حرر) ، (صدق) ، (أنن) ، ومغني اللبيب ١ / ٣١ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٣١١ ، والمنصف ٣ / ١٢٨ ، وهمع الهوامع ١ / ١٤٣.

والشاهد فيه إثبات ضمير الشأن الذي هو اسم «أن» المخففه للضرورة والأصل حذفه.

١٧١

والجملة الواقعة خبرا لـ «أن» إذا كانت فعلية (١) ـ فصل بينهما بالسين أو سوف أو قد فى الإيجاب ، وب «لا» فى النفى ، إلا أن يكون الفعل غير متصرف ؛ نحو قوله تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) [النجم : ٣٩] فلا يحتاج إلى الفصل لشبهه بالاسم ، وفصلهم بينها وبين الفعل بما ذكر ـ دليل على اختصاصها بالاسم.

وأما إن : فيجوز إلغاؤها وإعمالها ، ولا يكون اسمها إلا ظاهرا ، فإن أعملت ، لم تلزم اللام فى الخبر ، بل يجوز : «إن زيدا قائم ولقائم» وإن ألغيت ، لزمت اللام ؛ فرقا بينها وبين النافية ؛ نحو قولك : «إن زيد لقائم».

فمن ألغاها فلزوال الاختصاص ؛ إذ قد تدخل على الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر ؛ نحو قولك : «إن ظننت زيدا لقائما» ، وتلزم اللام أيضا فارقة ، ويكون دخولها على المنصوب الذى هو خبر فى الأصل ، أو على الفصل ؛ نحو قولك : «إن ظننت زيدا لهو القائم».

ومن أعملها فلأنها لم تفارق الاختصاص بالجملة ؛ إذ لا تدخل من الأفعال إلا على النواسخ للابتداء ، ولا تدخل على غيرها ، إلا إن شذّ من ذلك شىء فلا يقاس عليه ؛ نحو قوله [من الكامل] :

٦٠ ـ شلّت يمينك إن قتلت لمسلما

حلّت عليك عقوبة المتعمّد (٢)

__________________

(١) م : وقولى : «والجملة الواقعة خبرا لـ «أن» إذا كانت فعلية» إلى آخره مثال الفصل بينهما بالسين أو سوف أو قد : علمت أن سيقوم زيد ، وأن سوف يقوم زيد ، وأن قد يقوم زيد ، ومثال الفصل بينهما بلا : علمت أن لا يقوم زيد. أه.

(٢) البيت : لعاتكة بنت زيد ونسب لأسماء بنت أبي بكر ، شلت : يبست ، وقيل : استرخت.

الشاهد : قوله «إن قتلت لمسلما» حيث ولى «إن» المخففة من الثقيلة فعل ماض غير ناسخ وهو «قتلت».

وهذا شاذ لا يقاس عليه إلا عند الأخفش.

ينظر : الأغاني ١٨ / ١١ ، وخزانة الأدب ١٠ / ٣٧٣ ، ٣٧٤ ، ٣٧٦ ، ٣٧٨ ، والدرر ٢ / ١٩٤ ، وشرح التصريح ١ / ٢٣١ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٧١ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢٧٨ ، ولأسماء بنت أبي بكر في العقد الفريد ٣ / ٢٧٧ ، وبلا نسبة في الأزهية ص ٤٩ ، والإنصاف ٢ / ٦٤١ ، وأوضح المسالك ١ / ٣٦٨ ، وتخليص الشواهد ص ٣٧٩ ، والجنى الداني ص ٢٠٨ ، ورصف المباني ص ١٠٩ ، وسر صناعة الإعراب ٢ / ٥٤٨ ، ٥٥٠ ، وشرح الأشموني ١ / ١٤٥ ، وشرح ابن عقيل ص ١٩٣ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٣٦ ، ـ وشرح المفصل ٨ / ٧١ ، ٩ / ٢٧ ، واللامات ص ١١٦ ، ومجالس ثعلب ص ٣٦٨ ، والمحتسب ٢ / ٢٥٥ ، ومغني اللبيب ١ / ٢٤ ، والمنصف ٣ / ١٢٧ ، وهمع الهوامع ١ / ١٤٢.

١٧٢

وحكى عن بعض الفصحاء : إن قنعت كاتبك لسوطا.

وانفردت إنّ ولكنّ بجواز العطف على موضعهما مع الاسم فى أحد القولين (١) إلا أنه لا يخلو أن تعطف على اسمهما بعد الخبر أو قبله فإن عطفت بعده جاز لك وجهان : النصب [على اللفظ](٢) ، والرفع على الموضع ، وإن عطفت قبله : فالنصب على اللفظ ليس إلا ؛ نحو قولك «إنّ زيدا وعمرا قائمان» ، ولا يجوز الرفع على الموضع ؛ لأنّه لم يتمّ الكلام ، فإن جاء شىء من ذلك ، فشاذ لا يقاس عليه ؛ نحو قولهم : «إنك وزيد ذاهبان».

* * *

__________________

(١) م : وقولى : «فى أحد القولين» أعنى أنك إذا قلت : «إنّ زيدا قائم وعمرو» و «لكن بكرا منطلق وعمرو» فمن النحويين من جعل عمرا معطوفا على موضع إن ولكن مع اسميهما لأن معنى «إن زيدا قائم» و «لكن بكرا منطلق» «زيد قائم» و «بكر منطلق» ومنهم من يجعل عمرا مبتدأ ، والخبر محذوف ؛ لدلالة ما قبله عليه ، كأنّه قال : وعمرو قائم ، وبكر منطلق ، ولم يجز العطف على الموضع ؛ لأنه لا محرز له ؛ ألا ترى أن الرفع على الابتداء لا يكون إلا مع التعرى ، والتعرى قد زال بدخول إن ولكن ، وإنما يجوز العطف على الموضع عنده فى مثل قولك : ليس زيد بقائم ولا ذاهبا ؛ لأن قولك : «بقائم» فى موضع نصب ، والطالب للنصب «ليس» وهى موجودة فى اللفظ ؛ فهى تحرز الموضع. أه.

(٢) سقط في ط.

١٧٣

باب المفعول به

المفعول به : هو كل فضلة انتصبت عن تمام الكلام ، يصلح وقوعها فى جواب من قال : بأيّ / شىء وقع الفعل (١)؟ أو يكون على طريقة ما يصلح ذلك فيه.

والعامل فيه أبدا : الفعل ، أو اسم الفاعل ، أو الأمثلة التى تعمل عمله ، أو اسم المفعول ، أو المصدر المقدر بأن والفعل ، أو الاسم الموضوع موضع الفعل ، وأعنى بذلك : الإغراء ، والمصادر الموضوعة موضع الفعل ، وأسماء الأفعال.

* * *

__________________

(١) م : باب المفعول به قولى : «يصلح وقوعها في جواب من قال : بأى شىء وقع الفعل؟» تحرزت من سائر المفعولات ؛ فإنه لا يصلح فى شىء منها أن يقال : بأى شىء وقع الفعل؟. أه.

١٧٤

باب الأفعال المتعدّية

اعلم : أن الأفعال قسمان : متعدّ ، وهو : ما يصلح أن يبنى منه اسم المفعول ، ويصلح السؤال عنه بأىّ شىء وقع؟ (١) ـ وغير متعد ، وهو : ما لا يصلح ذلك فيه (٢).

فالمتعدى منها ، وهو المقصود فى هذا الباب : إما يتعدى إلى واحد أو إلى اثنين أو إلى ثلاثة :

فالمتعدى إلى واحد : إما أن يتعدّى إليه بنفسه ، وهو : كل فعل يطلب مفعولا به واحدا ، لا على معنى حرف من حروف الخفض ؛ كضرب (٣). وإما بحرف خفض ، وهو : كل فعل يطلبه على معنى حرف من حروف الخفض ؛ كسرت (٤) ، وإما بنفسه تارة ، وبحرف جرّ أخرى ، وهو : كل فعل يطلبه ويكون وصوله إليه بنفسه ، وبحرف الجرّ على حدّ سواء ؛ نحو : «نصح» (٥) وهذا الضرب الآخر يحفظ ولا يقاس عليه.

ويجوز فى الأنواع الثلاثة حذف المفعول اختصارا ، وهو : أن تريد المحذوف ، واقتصارا ، وهو : ألا تريده ؛ فمن الاختصار قوله [من الوافر] :

٦١ ـ منعّمة تصون إليك منها

كصونك من وراء شرعبىّ (٦)

__________________

(١) م : باب الأفعال المتعدية

قولى : «متعد ، وهو ما يصلح أن يبنى منه اسم المفعول ، ويصلح السؤال عنه بأى شىء وقع؟» مثال ذلك : ضرب ، تقول : مضروب ، وتقول : بأى شىء وقع؟. أه.

(٢) م : وقولى : «وغير متعدّ ، وهو ما لا يصلح ذلك فيه» مثال ذلك : قام ، لا تقول : مقوم ، ولا بأى شىء وقع القيام؟ بل : من أى شىء وقع القيام؟. أه.

(٣) م : وقولى : «كضرب» أعنى أنك تقول : ضربت زيدا ، فينصب ضربت مفعوله ، ولا يحتاج فى وصوله إليه إلى حرف خفض. أه.

(٤) م : وقولى : «كسرت» أعنى أنك تقول : سرت إلى زيد فيطلب «سرت» مفعوله على معنى حرف. أه.

(٥) م : وقولى : «نحو : نصح» أعنى أنك تقول : نصحت زيدا ، وإن شئت : لزيد ، فيصل نصحت إلى زيد تارة بنفسه وتارة باللام ، قال تعالي (وَأَنْصَحُ لَكُمْ ...) [الأعراف : ٦٢]. أه.

(٦) البيت للحطيئة. والشاهد قوله : «تصون إليك منها» يريد : تصون الكلام منها فحذف المفعول به ، وهذا الحذف كثير.

ينظر : ديوانه ص ١٣٨ ، والخصائص ٢ / ٣٧٢ ، والمحتسب ١ / ١٢٥ ، ٢٤٥ ، ٣٣٣.

١٧٥

أى : تصون إليك منها الحديث ؛ لأن المرأة توصف بكتمان الحديث ، ومن الاقتصار : قوله تعالى : (كُلُوا وَاشْرَبُوا) [البقرة : ٦٠] ، أى : أوقعوا هذين الفعلين.

ويجوز إدخال اللام على المفعول به إذا تقدّم على العامل ؛ قال الله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ) [يوسف : ٤٣] ، وقد يجىء ذلك مع التأخير إلا أنه لا يقاس عليه ؛ إلا فى ضرورة نحو قوله [من الوافر] :

٦٢ ـ فلمّا أن تواقفنا قليلا

أنخنا للكلاكل فارتمينا (١)

أى : أنخنا الكلاكل.

وكذلك ـ أيضا ـ يجوز حذف حرف الخفض إن كان المفعول / أنّ أو أن مع صلتها ، تقول : «عجبت من أنّك قائم ، ومن أن يقوم زيد» ، وإن شئت حذفت من.

وإن كان المفعول خلاف ذلك ، لم يجز حذفه ، إلا حيث سمع ؛ قالوا : «فرقته وفزعته» أو فى ضرورة ؛ نحو قوله [من الوافر] :

٦٣ ـ تمرّون الدّيار ولم تعوجوا

كلامكم علىّ إذن حرام (٢)

أى : على الديار ، وإذا تعدّى الفعل إلى المفعول ظاهرا ، لم يتعد إليه مع ذلك مضمرا ، لا تقول : «لزيد ضربته» ، فأما قوله [من البسيط] :

__________________

(١) البيت بلا نسبة في : رصف المباني ص ١١٦ ، ٢٢٢.

الشاهد قوله : «أنخنا للكلاكل» ؛ حيث أدخل اللام على المفعول به «الكلاكل» رغم تأخره عن عامله «أنخنا» ؛ وهو ضرورة.

(٢) البيت لجرير ، وقوله : «ولم تعوجوا» يقال : عاج رأس البعير إذا عطفه بالزمام.

الشاهد قوله : «تمرون الديار» والأصل تمرون بالديار فأسقط الشاعر حرف الجر وعدى الفعل بنفسه وهذا مقصور على السماع.

ينظر : ديوانه ص ٢٧٨ ، والأغاني ٢ / ١٧٩ ، وتخليص الشواهد ص ٥٠٣ ، وخزانة الأدب ٩ / ١١٨ ، ١١٩ ، ١٢١ ، والدرر ٥ / ١٨٩ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٣١١ ، ولسان العرب (مرر) ، والمقاصد النحوية ٢ / ٥٦٠ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٦ / ١٤٥ ، ٨ / ٢٥٢ ، وخزانة الأدب ٧ / ١٥٨ ، ورصف المباني ص ٢٤٧ ، وشرح ابن عقيل ص ٢٧٢ ، وشرح المفصل ٨ / ٨ ، ٩ / ١٠٣ ، ومغني اللبيب ١ / ١٠٠ ، ٢ / ٤٧٣ ، وهمع الهوامع ٢ / ٨٣.

١٧٦

٦٤ ـ هذا سراقة للقرآن يدرسه

والمرء عند الرّشا إن يلقها ذيب (١)

فالضمير عائد على المصدر المفهوم من الفعل ، أى : يدرس الدرس.

والمتعدى إلى اثنين نوعان :

داخل على المبتدأ والخبر ، وما ليس كذلك :

فالداخل عليهما : «ظننت» ، إذا لم تكن بمعنى اتّهمت ، بل يقينا أو شكّا (٢) مع ترجيح أحد الطرفين ، «وعلمت» إذا لم تكن بمعنى عرفت (٣) ، و «وجدت» بمعناها (٤) ، و «حسبت» و «خلت» إذا كانتا بمعنى ظننت الشكّيّة (٥) ، و «زعمت» الاعتقادية (٦) ،

__________________

(١) البيت بلا نسبة في : خزانة الأدب ٢ / ٣ ، ٥ / ٢٢٦ ، ٩ / ٤٨ ، ٦١ ، ٥٤٧ ، والدرر ٤ / ١٧١ ، ورصف المباني ص ٢٤٧ ، ٣١٥ ، وشرح التصريح ١ / ٣٢٦ ، وشرح شواهد المغني ص ٥٨٧ ، والكتاب ٣ / ٦٧ ، ولسان العرب (سرق) ، وهمع الهوامع ٢ / ٣٣.

والشاهد فيه قوله : «يدرسه» حيث جاءت الهاء مفعولا مطلقا. قال البغدادي : إن الضمير في «يدرسه» يرجع إلى مضمون «يدرس» أي : الدرس ، فيكون راجعا للمصدر المدلول عليه بالفعل وإنما لم يجز عوده للقرآن لئلا يلزم تعدي العامل إلى الضمير وظاهره معا.

(٢) م : وقولى : «ظننت إذا لم تكن بمعنى اتهمت ، بل يقينا أو شكا» مثال ذلك : ظننت زيدا قائما ، تريد : أيقنت ذلك أو شككت فيه ، مع تغليب وقوع القيام منه فإن كانت بمعنى اتهمت ، لم تكن من هذا الباب ، بل تتعدى إلى مفعول واحد ، فتقول : ظننت زيدا كما تقول : اتهمت زيدا. أه.

(٣) م : وقولى : «وعلمت إذا لم تكن بمعنى : عرفت» مثال ذلك : علمت زيدا قائما ، فإن كانت بمعنى : عرفت ، لم تكن من هذا الباب ؛ بل تتعدى إلى مفعول واحد. أه.

(٤) م : وقولى : «ووجدت بمعناها» أى : بمعنى علمت ، مثال ذلك : وجدت زيدا ذا حفاظ ، فإذا لم تكن بمعنى علمت ، لم تكن من هذا الباب ، بل تكون متعدية إلى واحد بنفسها ؛ نحو قولك : وجدت الضالة ، أى : أصبتها ، أو بحرف جر ؛ نحو قولك : وجدت على الرجل ، من الموجدة ، أو : وجدت المال ، من الوجد. أه.

(٥) م : وقولى : «وحسبت وخلت إذا كانتا بمعنى ظننت الشكية» مثال ذلك : حسبت زيدا قائما ، وخلته ضاحكا ، فإن لم يكونا بذلك المعنى ، لم يكونا من هذا الباب ، بل تقول : حسب الشعر ، بمعنى : احمرّ ، فلا يتعدى ، وخلت من الخيلاء فلا يتعدى أيضا. أه.

(٦) م : وقولى : «وزعمت الاعتقادية» مثال ذلك : زعمت زيدا عالما ، أى : اعتقدت ذلك ، فإن لم تكن بذلك المعنى ، لم تكن من هذا الباب ؛ بل تقول : زعم زيد بكرا ، أى : ظنه. أه.

١٧٧

و «رأيت» بمعنى علمت ، أو بمعنى ظننت الشكّيّة (١) ، و «جعل» بمعنى صيّر ، و «وهب» بمعنى جعل.

وما كان من الأفعال متعديا إلى ثلاثة إذا بنى للمفعول ـ صار من هذا الباب ، وهذه الأفعال يكون (٢) مفعولها الأوّل كل ما صلح أن يكون مبتدأ ولم يلزم ذلك فيه ، ومفعولها الثانى كل ما صلح أن يكون خبرا لكان (٣).

ويجوز فى هذه الأفعال حذف المفعولين اختصارا واقتصارا :

__________________

(١) م : وقولى : «ورأيت بمعنى علمت ، أو ظننت الشكيّة» مثال ذلك : رأيت زيدا قائما ، أى : علمت ذلك ، أو ظننت ؛ قال تعالى : (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَراهُ قَرِيباً) [المعارج : ٦] أى : يظنونه بعيدا ونعلمه قريبا ، فإن لم يكن معناها ما ذكر لم تكن من هذا الباب ، بل تقول : رأيت زيدا ، أى : أبصرته أو قطعت رئته ؛ فيتعدى إلى مفعول واحد.

وقولى : «وما كان من الأفعال متعديا إلى ثلاثة إذا بنى للمفعول ، صار من هذا» مثال ذلك قولك : أعلمت زيدا قائما ؛ ألا ترى أن أعلم كانت قبل بنائها للمفعول تتعدى إلى ثلاثة ، فلما بنيت له نقصت من المنصوبات المنصوب الأول ؛ لقيامه مقام الفاعل ، فبقى الثانى والثالث ، وهما فى الأصل مبتدأ وخبر ، وكذلك سائر أخواتها. أه.

(٢) في ط : يكون مكررة.

(٣) م : وقولى : «وهذه الأفعال يكون مفعولها الأول كل ما صلح أن يكون اسما لكان ومفعولها الثانى كل ما صلح أن يكون خبرا لها» مثال ذلك قولك : ظننت زيدا يقوم أبوه ؛ ألا ترى أن ذلك جائز ؛ كما يجوز : كان زيد يقوم أبوه ، ولو قلت : ظننت زيدا هل قام أبوه ، لم يجز ذلك كما لا يجوز : كان زيد هل قام أبوه ، فأما قول بعض الفصحاء : «وجدت الناس اخبر تقله» [ينظر هذا المثل فى مجمع الأمثال ٣ / ٤٢٥ قال فيه : ويجوز : «وجدت الناس» بالرفع على وجه الحكاية للجملة ، كقول ذى الرمة : [من الوافر]

سمعت الناس ينتجعون غيثا

فقلت لصيدح : انتجعى بلالا

أى سمعت هذا القول ، ومن نصب الناس نصبه بالأمر ، أى اخبر الناس تقله ، وجعل وجدت بمعنى عرفت هذا المثل ، والهاء فى «تقله» للسكت بعد حذف العائد ، أعنى أن أصله اخبر الناس تقلهم ، ثم حذف الهاء والميم ، ثم أدخل هاء الوقف ، وتكون الجملة فى موضع النصب بوجدت ، أى : وجدت الأمر كذلك.

قال أبو عبيد : جاءنا الحديث عن أبى الدرداء الأنصارى ـ رضى الله عنه ـ قال : أخرج الكلام على لفظ الأمر ومعناه الخبر ؛ يريد أنك إذا خبرتهم قليتهم.

يضرب فى ذم الناس وسوء معاشرتهم]

فعلى إضمار القول أى : يقال فيمن خبرت منهم : اخبر تقله ، وقد بينا أن القول كثيرا ما يضمر إذا دل معنى الكلام على ذلك. أه.

١٧٨

فمن الاختصار : قول الكميت (١) : [من الطويل]

٦٥ ـ بأىّ كتاب أم بأيّة سنّة

ترى حبّهم عارا علىّ وتحسب (٢)

أى : وتحسب حبهم عارا علىّ.

ومن الاقتصار قولهم : «من يسمع يخل» أى : تقع منه خيلة.

فأما حذف أحدهما : فلا يجوز اقتصارا ، ويجوز اختصارا فى ضعف من الكلام ؛ ومنه قول عنترة (٣) : [من الكامل]

٦٦ ـ ولقد نزلت فلا تظنّى غيره

منّى بمنزلة المحبّ المكرم (٤)

__________________

(١) الكميت بن زيد بن خنيس الأسدي ، أبو المستهل : شاعر الهاشميين من أهل الكوفة. اشتهر في العصر الأموي. وكان عالما بآداب العرب ولغاتها وأخبارها وأنسابها ، ثقة في علمه ، منحازا إلى بني هاشم. وهو من أصحاب الملحمات. أشهر شعره «الهاشميات» ، وهي عدة قصائد في مدح الهاشميين ، ترجمت إلى الألمانية. ويقال إن شعره أكثر من خمسة آلاف بيت ، توفي سنة ١٢٦ ه‍.

ينظر : الأعلام ٥ / ٢٣٣ ، والأغاني ١٥ / ١٠٨ ، والشعر والشعراء ٥٦٢ ، ٥٦٦.

(٢) البيت قاله الكميت في مدح آل البيت.

الشاهد : قوله «وتحسب» حيث حذف المفعولين لدلالة سابق الكلام عليهما.

وكذلك قوله : «أم بأية سنة» حيث أنّث «أيّا» في الاستفهام وهو قليل كما قال أبو حيان وهي مضافة أيضا ، وقد ورد عن الأخفش جواز التأنيث لا على وجه القلة.

ينظر : خزانة الأدب ٩ / ١٣٧ ، والدرر ١ / ٢٧٢ ، ٢ / ٢٥٣ ، وشرح التصريح ١ / ٢٥٩ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٦٩٢ ، والمحتسب ١ / ١٨٣ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٤١٣ ، ٣ / ١١٢ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٢ / ٦٩ ، وشرح الأشموني ص ١٦٤ ، وشرح ابن عقيل ص ٢٢٥ ، وهمع الهوامع ١ / ١٥٢ ، البحر المحيط ٧ / ٤٧٨ وحاشية يس ١ / ٢٦١ ، شرح الكافية للرضى ٢ / ٢٧٩ ، تمهيد القواعد ٢ / ٢٨٩ ، ٢٩٨.

(٣) عنترة بن شداد بن عمرو بن معاوية بن قرا العبسي : أشهر فرسان العرب في الجاهلية ، ومن شعراء الطبقة الأولى من أهل نجد ، أمه حبشية اسمها زبيبة كان من أحسن العرب شيمة ومن أعزهم نفسا ، يوصف بالحلم على شدة بطشه وكان مغرما بابنة عمه عبلة وله قصة مشهورة وقل أن تخلو قصيدة من ذكرها اجتمع في شبابه بامرئ القيس الشاعر ، وشهد حرب داحس والغبراء ، وعاش طويلا وقتله الأسد الرهيص أو جبار ابن عمرو الطائي. ينسب إليه ديوان شعر أكثره مصنوع.

ينظر : الأعلام ٥ / ٩١ ، وخزانة الأدب ١ / ٦٢ ، الشعر والشعراء / ٧٥ ، جمهرة أشعار العرب / ٩٣ ، آداب اللغة ١ / ١١٧.

(٤) الشاهد فيه : «فلا تظنى غيره» حيث حذف المفعول الثاني لـ «تظنى» لقيام الدليل

١٧٩

أى : فلا تظنّى غيره واقعا منى.

وهذه الأفعال إن دخلت عليها أداة نفى ، لم تلغ أصلا ، وإن لم تدخل عليها ، فلا تخلو أن تتقدم على المفعولين أو تتوسط أو تتأخر ، فإن / تقدمت عليهما ، فلا تخلو أن تقع أول الكلام أو يتقدمها شىء ، فإن لم تقع أولا ، فالإعمال حسن ، والإلغاء ضعيف ، ومن الإلغاء قوله [من البسيط] :

٦٧ ـ كذاك أدّبت حتّى صار من خلقى

إنّى وجدتّ ملاك الشّيمة الأدب (١)

وإن وقعت أولا فالإعمال ليس إلا ؛ نحو قولك : «ظننت زيدا قائما» ، وإن توسطت أو تأخرت ، جاز الوجهان (٢) ، إلا أنّ الإلغاء مع التأخير أحسن منه مع التوسط.

__________________

على المحذوف.

وتقدير الكلام «ولقد نزلت فلا تظني غيره واقعا».

ينظر : ديوانه ص ١٩١ وأدب الكاتب ص ٦١٣ والأشباه والنظائر ٢ / ٤٠٥ والاشتقاق ٣٨ ، الأغانى ٩ / ٢١٢ ، جمهرة اللغة ٥٩١ ، وخزانة الأدب ٣ / ٢٢٧ ، ٩ / ١٣٦ ، والخصائص ٢ / ٢١٤ ، الدرر ٢ / ٢٥٦ وشرح شذور الذهب ص ٤٨٦ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٤٨٠ ، لسان العرب (حبب) ، والمقاصد النحوية ٢ / ٤١٤ ، وبلا نسبة في أوضح المسالك ٢ / ٧ ، وشرح الأشموني ١ / ١٦٤ ، وشرح ابن عقيل ص ٢٢٥ ، وهمع الهوامع ١ / ١٥٢.

(١) البيت لبعض الفزاريين.

والشاهد فيه قوله : «إنّي وجدت ملاك الشيمة الأدب» حيث ألغى عمل الفعل «وجدتّ» مع تقدمه ، ولو أعمله لقال : «وجدت ملاك الشيمة الأدبا» ، ينصب «ملاك» و «الأدب» على أنهما مفعولان. وخرجه البصريون على ثلاثة أوجه : الأول أنه من باب التعليق ، ولام الابتداء مقدرة الدخول على «ملاك». والثاني أنه من باب الإعمال ، والمفعول الأول ضمير شأن محذوف ، وجملة المبتدأ وخبره في محل نصب مفعول ثان. والثالث أنه من باب الإلغاء ، لكن سبب الإلغاء أن الفعل لم يقع في أول الكلام ، بل قد سبقه قول الشاعر «إنّي».

ينظر : خزانة الأدب ٩ / ١٣٩ ، ١٤٣ ، ١٠ / ٣٣٥ ، والدرر ٢ / ٢٥٧ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٣ / ١٣٣ ، وأوضح المسالك ٢ / ٦٥ ، وتخليص الشواهد ص ٤٤٩ ، وشرح الأشموني ١ / ١٦٠ ، وشرح التصريح ١ / ٢٥٨ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١١٤٦ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٤٩ ، وشرح ابن عقيل ص ٢٢١ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٤١١ ، ٣ / ٨٩ ، وهمع الهوامع ١ / ١٥٣.

(٢) م : وقولى : «وإن توسطت أو تأخرت جاز الوجهان» مثال إلغائها مع التوسط قولك : زيد

١٨٠