المقرِّب ومعه مُثُل المقرِّب

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »

المقرِّب ومعه مُثُل المقرِّب

المؤلف:

أبي الحسن علي بن مؤمن بن محمّد بن علي ابن عصفور الحضرمي الإشبيلي « ابن عصفور »


المحقق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 2-7451-0067-X
الصفحات: ٦٤٨

يقم سواه ، فإن لم يكن للفعل مفعول به مسرّح ، أقمت أىّ / البواقى شئت إلا أن إقامة المصدر المختص فى اللفظ أولى من إقامة غيره.

فإن كان للفعل مفعولات مسرحة ، أقمت المسرح لفظا وتقديرا ، وتركت المسرّح لفظا لا تقديرا ؛ تقول : «اختير زيد الرّجال» ، ولا يجوز : «اختير الرّجال زيدا».

فإن كانت كلها مسرّحة لفظا وتقديرا.

فإن كان الفعل من باب «أعطيت» أو من باب «ظننت» ، أقمت أيهما شئت إلا أن الاختيار إقامة الأول ، وهو المبتدأ فى الأصل فى باب «ظننت» ، والفاعل فى المعنى فى باب أعطيت. وإن كان من باب «أعلمت» لم يجز عندى إلا إقامة الأوّل خاصة ، وهو الفاعل فى المعنى ، واسم المفعول ، وما كان من الصفات بمعناه حكمه بالنظر إلى ما يطلبه من المعمولات حكم الفعل المبنى للمفعول.

__________________

وقال آخر : [من المتقارب]

ونبّئت قيسا ولم أبله

كما زعموا خير أهل اليمن

[ينظر البيت للأعشى فى ديوانه ص ٧٥ ، وتخليص الشواهد ص ٤٦٧ ، والدرر ٢ / ٢٧٨ ، وشرح التصريح ١ / ٢٦٥ ، ومجالس ثعلب ٢ / ٤١٤ ، والمقاصد النحوية ٢ / ٤٤٠ ، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى ١ / ١٦٧ ، وشرح ابن عقيل ص ٢٣٤ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٢٥١ ، وهمع الهوامع ١ / ١٥٩] أه.

١٢١

باب المبتدأ وخبره

يحتاج فى هذا الباب إلى معرفة الابتداء ومعرفة المبتدأ والخبر وأحكامهما :

فالابتداء : هو جعلك الاسم (١) أو ما هو فى تقديره أول الكلام لفظا أو تقديرا ، معرّى من العوامل اللفظية غير الزائدة لتخبر عنه.

والمبتدأ هو الاسم ، أو ما هو فى تقديره المجعول أول الكلام لفظا أو نية على الوصف المتقدّم.

والخبر : هو الجزء المستفاد من الجملة الابتدائية. والمبتدأ : لا يكون إلا معرفة (٢)

__________________

(١) م : باب المبتدأ والخبر قولى : «فالابتداء هو جعلك الاسم ...» إلى آخره مثال الابتداء بالاسم المجعول أول الكلام لفظا قولك : زيد قائم ، ومثال الابتداء بما هو فى تقديره قوله تعالى : (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) [البقرة : ١٨٤] أى : صومكم خير لكم ، ومثال جعله في أول الكلام تقديرا قولك فى الدار زيد ، وفى علمى أن تقوم ، وفى الكتاب أنك قائم ، فالمبتدأ فى جميع ذلك وإن تأخر فى اللفظ ـ مقدم فى التقدير ، وإنما اشترطت تعريته من العوامل اللفظية غير الزائدة ؛ لأنه قد يدخل عليه عامل لفظى زائد ، ولا يخرجه عن الابتداء ؛ نحو قولك : هل من رجل قائم؟ ، فرجل ـ وإن جر بمن الزائدة ـ مبتدأ ؛ ولذلك أخبر عنه ؛ كما يخبر عن المبتدأ ، وإنما جعلت الخبر هو الجزء المستفاد من الجملة ، لأنك إذا قلت : زيد قائم ، لم ترد أن تعرف المخاطب زيدا ، وإنما أردت أن تعرفه قيامه ، فلما كان المعتمد عليه فى الفائدة الخبر ؛ لذلك حدّ بأنه الجزء المستفاد من الجملة الابتدائية. أه.

(٢) م : وقولى : «والمبتدأ لا يكون إلا معرفة ...» إلي آخره مثال الابتداء بالنكرة الموصوفة قوله تعالى : (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ) [البقرة : ٢٢١] ، ومثال الابتداء بالنكرة المقاربة للمعرفة نحو قولك : خير من زيد وشر من عمرو ، فخير نكرة إلا أنها تقارب المعرفة فى أنها لا تقبل الألف واللام ؛ لا يقال : الخير من زيد ، فجاز الابتداء بها.

ومثال الابتداء باسم الاستفهام : أى رجل قائم؟ ، ومثال الابتداء باسم الشرط : أى رجل يقم أقم معه ، ومثال الابتداء بكم الخبرية : كم درهم ملكت ، ومثال الابتداء بالنكرة فى التعجب : عجب لزيد ، وما أحسن زيدا ، ومثال الابتداء بها لتقدّم أداة نفى ما أحد قائم ، ومثال الابتداء بها لتقدّم أداة الاستفهام قولك : أرجل قائم أم امرأة؟ ، ومثال الابتداء بها لتقدم خبرها وهو ظرف أو مجرور : في الدار رجل ، وعندك امرأة ، ومثال الابتداء بها لكونها في معنى الدعاء : (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) [الصافات : ١٣٠] ، و (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) [المطففين : ١] ومثال الابتداء بها لكونها عامّة : (كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) [المؤمنون : ٥٣] ، ومثال الابتداء بها لكونها فى جواب من سأل بالهمزة وأم ـ قولك : رجل قائم ، فى جواب من قال : أرجل قائم أم امرأة؟ ، ومثال الابتداء بها لكون الموضع

١٢٢

ولا يكون نكرة إلا بشروط (١) ، وهى أن تكون موصوفة ، أو خلفا من موصوف ؛ نحو قولك : «مؤمن خير من مشرك» ، أو مقارنة للمعرفة فى أنها لا تقبل الألف واللام ، وهى : «أفعل من» ، أو تكون اسم استفهام ، أو اسم شرط ، أو كم الخبرية ، أو يكون الكلام بها فى معنى التعجب ، أو تتقدمها أداة نفى ، أو أداة استفهام ، أو خبرها بشرط أن يكون ظرفا أو مجرورا ، أو يكون فيها معنى الدّعاء ، أو يكون الكلام [بها] (٢) فى معنى كلام آخر ، وهو قليل ؛ ومنه قولهم : «شىء ما جاء بك ، وشرّ أهرّ ذا ناب» ، أى : ما جاء بك إلا شىء ، وما أهرّ ذا ناب إلا شر ، أو تكون النكرة عامة ، أو فى جواب من سأل بالهمزة ، وأم ، أو يكون الموضع موضع تفصيل ؛ نحو قولك : «الناس رجلان : رجل أهنته ورجل أكرمته» / ، فـ «رجل» يجوز فيه أن يكون مبتدأ.

والخبر ينقسم قسمين : مفرد وجملة :

فالمفرد : ثلاثة أقسام :

قسم هو الأول (٣).

وقسم ينزل منزلته من جهة المعنى ؛ نحو قولك : زيد حاتم جودا.

وقسم واقع موقع ما هو الأول ، وهو الظّرف والمجرور ، بشرط (٤) أن يكونا

__________________

موضع تفصيل قوله : [من المتقارب]

فلمّا دنوت تسدّيتها

فثوب نسيت وثوب أجرّ

[ينظر البيت لامرىء القيس فى ديوانه ص ١٥٩ ، والأشباه والنظائر ٣ / ١١٠ ، وخزانة الأدب ١ / ٣٧٣ ، ٣٧٤ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣٧ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٨٦٦ ، والكتاب ١ / ٨٦ ، والمقاصد النحوية ١ / ٥٤٥ وبلا نسبة فى شرح ابن عقيل ص ١١٣ ، والمحتسب ٢ / ١٢٤ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٤٧٢ ، وللبيت رواية أخرى هى :

فأقبلت زحفا على الركبتين

فثوب على وثوب أجر]

أه.

(١) في ط : بشرط.

(٢) سقط في ط.

(٣) م : وقولى : «قسم هو الأول» مثال ذلك : زيد قائم. أه.

(٤) في أ: يشترط.

١٢٣

تامّين ، والجملة تنقسم قسمين : اسمية وفعلية ، ويشترط فيهما أن يشتملا على رابط يربطهما بالمبتدأ (١) : إما ضمير يعود على المبتدأ ، أو تكرير المبتدأ بلفظه ، أو إشارة إليه ؛ ومنه : (وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ) [الأعراف ٢٦] فى قراءة من قرأ برفع «اللباس» ، أو عموم يدخل تحته المبتدأ ، أو يقترن بالجملة جملة أخرى متضمنة لضمير عائد على المبتدأ معطوفة عليها بالفاء ؛ نحو قوله : [من الطويل]

٢٦ ـ وإنسان عينى يحسر الماء تارة

فيبدو ، وتارات يجمّ فيغرق (٢)

__________________

(١) م : وقولى : «ويشترط فيهما أن يشتملا على رابط يربطهما بالمبتدأ» إلي آخره ، مثال الربط بالضمير قولك : زيد قام أبوه ، ومثاله بتكرار الأول بلفظه قوله : [من الطويل]

لعمرك ما معن بتارك حقّه

ولا منسىّ معن ولا متيسّر

[البيت للفرزدق فى ديوانه ١ / ٣١٠ ، وخزانة الأدب ١ / ٣٧٥ ، ٣٧٩ ، ٤ / ١٤٢ والدرر ٢ / ١٢٩ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١٩٠ ، والكتاب ١ / ٦٣ ، وبلا نسبة فى همع الهوامع ١ / ١٢٨]

فقوله ولا منسئ معن في موضع خبر معن الأول ؛ لأنه معطوف على خبره ، ولا رابط فيه إلا التكرار ، ومثال الرابط بعموم يدخل تحته المبتدأ :

قوله : [من الطويل]

ألا ليت شعرى هل إلى أمّ مالك

سبيل فأمّا الصّبر عنها فلا صبرا

وقد تقدم تبيينه [في هامش الكتاب ص ١٠٥]. أه.

(٢) البيت لـ «ذي الرّمة» ونسب لكثير عزة وحسر الماء من باب ضرب : نضب عن موضعه وغار. ويجم ، بضم الجيم ، وكسرها : مضارع جم الماء جموما ، أي : كثر وارتفع. ويغرق ، بفتح الراء ، : مضارع غرق بكسرها. وفي إفراد تارة أولا وجمعها ثانيا إشارة إلى أن غلبة البكاء عليه هي غالب أحواله.

والشاهد فيه : هو مجيء الرابط في جملة الخبر عن طريق اقتران جملة المبتدأ الأساسية بجملة أخرى «فيبدو» تتضمن ضميرا عائدا على المبتدأ «إنسان» وأن تكون معطوفة عليها بالفاء. وذهب البعض إلى أن أصل جملة الخبر جملة شرطية ؛ لأنه لا يشترط في الشرط إذا وقع خبرا أن يكون الرابط في جملة الشرط ، بل قد يكون في جملة الجزاء نحو : «زيد إن تقم هند يغضب». وعلى هذا يكون التقدير «وإنسان عيني إن يحسر الماء تارة فيبدو». وقال أبو حيان : ولا ضرورة إلى تكلف إضمار أداة الشرط لأن في الروابط ما تقع الجملة خالية عن الرابط ، فيعطف عليها بالفاء وحدها من بين سائر حروف العطف جملة فيها رابط ، فيكتفى به لانتظام الجملتين.

ينظر : ديوانه ٤٦٠ ، وخزانة الأدب ٢ / ١٩٢ ، والدرر ٢ / ١٧ ، والمقاصد النحوية ١ / ٥٧٨ ، ٤ / ٤٤٩ ، ولكثير في المحتسب ١ / ١٥٠ وبلا نسبه في الأشباه والنظائر ٣ / ١٠٣ ،

١٢٤

هذا ما لم تكن الجملة هى المبتدأ فى المعنى ، فإن كانت إيّاه لم تحتج إلى رابط ، ومنه : «هجيرى أبى بكر (١) ، لا إله إلا الله.

فأما (٢) المفرد : فإن كان ظرفا أو مجرورا (٣) أو مشتقّا : فإنه يشتمل على ضمير عائد على المبتدإ ، وإن كان جامدا لم يحتج إلى ذلك ، والضمير إن كان مرفوعا ، لم يجز حذفه (٤) ، وإن كان منصوبا ، لم يجز حذفه إلا فى الشعر ؛ نحو قول ابن يعفر (٥) [من السريع] :

__________________

٧ / ٢٥٧ ، وأوضح المسالك ٣ / ٣٦٢ ، وتذكرة النحاة ص ٦٦٨ ، وشرح الأشموني ١ / ٩٢ ، ومجالس ثعلب ص ٦١٢ ، مغني اللبيب ٢ / ٥٠١ ، وهمع الهوامع ١ / ٩٨.

(١) عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم التميمي أبو بكر بن أبي قحافة الصديق ، أول الرجال إسلاما ، ورفيق سيد المرسلين في هجرته. شهد المشاهد وكان من أفضل الصحابة ، وروى مائة واثنين وأربعين حديثا ، اتفقا على ستة ، وانفرد البخاري بأحد عشرة ، ومسلم بحديث. وروى عنه ولداه عبد الرحمن وعائشة وعمر وعلى وخلق ، وكان أبيض أشقر لطيفا مسترق الوركين. قال النبي صلّى الله عليه سلم : سدوا كل خوخة لا خوخة أبي بكر. وقال عمر : أبو بكر خيرنا وسيدنا وأحبنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. توفي سنة ثلاث عشرة ، عن ثلاث وستين سنة ، ودفن بالحجرة النبوية. وترجمته في تاريخ الشام في مجلد ونصف. ينظر تهذيب الكمال : ٢ / ٧٠٩ ، وتهذيب التهذيب : ٥ / ٣١٥ (٥٣٧) ، تقريب التهذيب : ١ / ٤٣٢ (٤٦٦). خلاصة تهذيب الكمال : ٢ / ٧٨ ، الكاشف : ٢ / ١٠٨ الجرح والتعديل ٥ / ١١١ ، أسد الغابة : ٣ / ٣٩٠ ، التجريد ١ / ٣٢٣ ، الإصابة : ٤ / ١٦٩ ، الاستيعاب : ٣ ـ ٤ / ٩٦٣.

(٢) في أ: وأما.

(٣) م : وقولى : «وأما المفرد فإن كان ظرفا أو مجرورا ...» إلى آخره إنما تحمل جميع ذلك الضمير ؛ لأنه في معنى ما يتحمل الضمير ، فقولنا : زيد في الدار ، وزيد عندك ، وزيد قائم ، بمعنى : زيد استقر فى الدار ، وزيد استقر عندك ، وزيد قام ، فكما يتحمل الفعل الضمير كذلك يتحمله ما فى معناه ، وأما الجامد ، نحو : زيد أخوك ، فلما كان هو الأول ، لم يحتج إلى رابط ، وليس ـ أيضا ـ في معنى ما يتحمل ضميرا ، فيحمل عليه. أه.

(٤) م : وقولى : «الضمير إن كان مرفوعا ، لم يجز حذفه» إلى آخره مثال المرفوع : الزيدان قاما ، لا يقال : الزيدان قام ، بحذف ضمير الرفع ، ومثال المخفوض بالإضافة : زيد قام أبوه ، لا يجوز حذف الضمير المضاف إليه الأب. أه.

(٥) الأسود بن يعفر النهشلي الدارمي التميمي ، أبو نهشل ، وأبو الجراح : شاعر جاهلي ، من سادات تميم من أهل العراق. كان فصيحا جوادا ، نادم النعمان بن المنذر ، ولما أسن كف بصره. ويقال له : «أعشى بنى نهشل».

١٢٥

٢٧ ـ وخالد يحمد ساداتنا

بالحقّ لا يحمد بالباطل (١)

التقدير : يحمده سادتنا ، وإن كان مخفوضا بالإضافة لم يجز حذفه ، وإن كان مخفوضا بحرف جر ، جاز إثباته ، وحذفه ؛ نحو قولك : «السّمن منوان بدرهم» أى : منوان منه ، ما لم يؤد إلى تهيئة العامل للعمل وقطعه (٢) عنه ، لا يقال : «زيد مررت».

والخبر بالنظر إلى الإثبات والحذف : ثلاثة أقسام : قسم يلزم فيه حذف الخبر ، وهو المبتدأ الواقع بعد لولا (٣) ؛ ولذلك لحن المعرى (٤) فى قوله [من الوافر] :

٢٨ ـ يذيب الرّعب منه كلّ عضب

فلو لا الغمد يمسكه لسالا (٥)

__________________

له ديوان شعر مجموع ، أشهر شعره داليته المشهورة ومطلعها [من الكامل] :

نام الخليّ وما أحسّ رقادى

والهمّ محتضر لدي وسادى

ينظر : الشعر والشعراء ٧٨ ، طبقات ابن سلام ٣٢ ، خزانة الأدب ١ / ١٩٥ ، سمط اللآلي ٢٤٨ ، الأعلام ١ / ٣٣٠.

(١) الشاهد فيه قوله : «يحمد ساداتنا» يريد : يحمده ساداتنا ، فحذف المفعول به مخالفا شرطين لحذفه ، وهما : ألا يؤدى حذفه إلى تهيئة العامل للعمل وقطعه عنه ، ولا إلى إعمال العامل الضعيف مع إمكان إعمال العامل القوي. وتفصيل ذلك أن حذف الهاء من «يحمده» يسلط «يحمد» على «خالد» فينصبه على أنه مفعول به مقدم ، ولكن الشاعر رفع «خالدا» بالابتداء وقطع تسلط الفعل «يحمد» عليه ، كما أعمل الابتداء في «خالد» مع إمكان إعمال «يحمد» فيه.

ينظر : معنى اللبيب ٢ / ٦١١ ، وهو فيه بلا نسبة.

(٢) في أ: والقطع.

(٣) في ط : لولاه.

(٤) أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي ، المعروف بالمعرى : شاعر فيلسوف ، ولد ومات في معرة النعمان ، أصيب بالجدري صغيرا فعمى في السنة الرابعة من عمره وهو ابن إحدى عشرة سنة ، وهو من بيت علم كبير في بلده ، ولما مات وقع على قبره أربعة وثمانون شاعرا يرثونه.

أما شعره وهو ديوان حكمته وفلسفته فثلاثة أقسام : «لزوم ما لا يلزم : ويعرف «باللزوميات» و «سقط الزند» ، و «ضوء السقط» ومن تصانيفه : «عبث الوليد» ، «رسالة الملائكة» ، «رسالة الغفران» من أشهر كتبه.

انظر : ابن خلكان ١ / ٣٣ الأعلام ١ / ١٥٧ ، إنباه الرواة ١ / ٤٦.

(٥) البيت لـ «أبي العلاء المعري» كما ذكر المصنف والتمثيل به في قوله : «لو لا الغمد يمسكه» حيث أظهر الخبر بعد «لولا» والقياس حذفه وجوبا ، وقد لحن بعضهم أبا العلاء في قوله هذا. وخرجه بعضهم على أن «يمسكه» حال من الضمير المستكن في الخبر ، أي : فلو لا الغمد موجود في حال كونه يمسكه.

١٢٦

والمبتدأ إذا كان مصدرا قد سدّت الحال مسدّ خبره ؛ نحو قولك : «ضربى زيدا قائما (١)» ، وكلّ مبتدأ استعمل محذوف الخبر فى «مثل» ، أو فى كلام جار مجراه فى كثرة الاستعمال /.

وقسم يلزم فيه إثبات الخبر ، وهو : كل خبر لا يكون له إن حذف ما يدل عليه (٢) ، وخبر «ما» التعجبية ، وكل خبر يكون فى «مثل» ، أو كلام جار مجراه ، وقسم أنت فيه بالخيار ، وهو ما عدا ذلك.

[والمبتدأ بالنظر إلى الإثبات والحذف قسمان :

قسم يلزم فيه إثباته ، وهو «ما» التعجبية ، وكل مبتدأ يكون فى مثل ، أو كلام جار مجراه ، أو لا يكون عليه دليل لو حذف.

وقسم أنت فيه بالخيار ، وهو ما عدا ذلك] (٣).

والخبر ينقسم بالنظر إلى تقديمه على المبتدأ وتأخيره عنه ـ ثلاثة أقسام (٤) :

__________________

ينظر : أوضح المسالك ١ / ٢٢١ ، والجنى الداني ص ٦٠٠ ، والدرر ٢ / ٢٧ ، ورصف المباني ص ٢٩٥ ، وبلا نسبة في شرح الأشموني ١ / ١٠٢ ، وشرح ابن عقيل ص ١٢٨ ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٧٣.

(١) م : وقولى : «نحو : ضربى زيدا قائما» الأصل : ضربى زيدا إذا كان قائما ، أو : إذ كان قائما ، فحذف الظرف مع ما أضيف إليه ، وأقيم الحال مقامه ؛ لاشتباههما فى أن كل واحد منهما منصوب على معنى فى ، وأيضا فإن الحال بمعنى الوقت ؛ ألا ترى أنك إذا قلت : جاء زيد راكبا ، كان فى معنى جاء زيد وقت ركوبه ، والدليل على أن قائما حال ، وكان تامة ـ التزام التنكير. أه.

(٢) م : وقولى : «وهو كل خبر لا يكون له ـ إن حذف ـ ما يدل عليه» إلى آخره مثال ذلك قولك : زيد قائم ؛ ألا ترى أنك لو قلت : زيد لم يدر هل المحذوف قائم أو غيره ، ومثال خبر ما التعجبية : ما أحسن زيدا ، لا يجوز أيضا حذف أحسن ، وإن دل عليه دليل ، لأنه جرى مجرى المثل ، والأمثال لا تغير ومثال الخبر المستعمل فى «مثل» قولهم : «الكلاب على البقر» لا يجوز حذف على البقر ، لأن الأمثال لا تغير عما استعملت عليه ، وكذلك أيضا لا يجوز حذف الكلاب ، ولا حذف ما التعجبية ، ومثال ما أنت فى حذفه بالخيار ؛ من مبتدأ أو خبر قولك : صبر جميل أى : أمرى صبر جميل إن قدرت المحذوف المبتدأ ، أو صبر جميل أمثل إن قدرت المحذوف الخبر. أه.

(٣) سقط في أ.

(٤) م : وقولى : «والخبر ينقسم بالنظر إلى تقديمه علي المبتدأ وتأخيره عنه ثلاثة أقسام ...» إلى آخره مثال كون المبتدأ اسم شرط : أى رجل يقم أقم معه ، ومثال كونه اسم استفهام : أى

١٢٧

قسم يلزم فيه تأخير الخبر ، وهو أن يكون المبتدأ اسم شرط ، أو اسم استفهام ، أو كم الخبرية ، أو ما التعجبية ، أو يكون المبتدأ والخبر متساويى الرتبة فى التعريف أو التنكير ، أو يكون المبتدأ مشبها بالخبر ، أو ضمير شأن ، أو مخبرا عنه بفعل مرفوعه مضمر مستتر فيه عائد على المبتدإ ، أو يكون المبتدأ قد استعمل خبره مؤخّرا عنه فى مثل ، أو كلام جار مجراه.

وقسم يلزم فيه تقديم الخبر (١) ، وهو أن يكون الخبر اسم استفهام ، أو كم الخبرية ، أو يكون المبتدأ نكرة لا مسوّغ للابتداء بها ، إلا كون خبرها ظرفا أو مجرورا متقدّما عليها ، أو يكون المبتدأ إنّ ومعموليها ، أو قد اتصل به ضمير يعود على شىء فى الخبر ، أو يكون الخبر قد استعمل مقدما على المبتدأ فى مثل ، أو كلام جار مجراه.

وقسم أنت فيه بالخيار ، وهو ما عدا ذلك.

ولا يقضى المبتدأ أزيد من خبر واحد من غير عطف ، إلا بشرط أن يكون الخبران فصاعدا فى معنى خبر واحد ؛ نحو قولهم : «هذا حلو حامض ، أى : مزّ ، ويجوز دخول الفاء فى الخبر (٢) إذا كان المبتدأ اسما موصولا أو نكرة موصوفة عامّة ؛ بشرط أن

__________________

رجل قائم؟ ، ومثال كونه كم الخبرية : كم درهم مالك ، ومثال كونه ما التعجبية : ما أحسن زيدا ، ومثال تساويهما فى التعريف : زيد أخو عمرو ، ومثال تساويهما فى التنكير : خير من زيد شر من عمرو ، ومثال كونه مشبها بالخبر : زيد زهير ، ومثال كونه ضمير شأن : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) [الإخلاص : ١] ، ومثال الإخبار عنه بفعل مرفوعه مضمر : زيد قام ، وعمرو ضرب ، جميع ذلك يلزم فيه تقديم المبتدأ. أه.

(١) م : وقولى : «وقسم يلزم فيه تقديم الخبر» إلى آخره ، مثال كون الخبر اسم استفهام : أى رجل زيد؟ ومثال كونه كم الخبرية : كم درهم مالك ومثال كون المسوغ للابتداء بالنكرة كون خبرها ظرفا أو مجرورا مقدما عليها : فى الدار رجل ، وعندك امرأة ، ومثال كون المبتدأ أن ومعموليها : فى الكتاب أنك منطلق ، ومثال اتصال الضمير العائد على شئ فى الخبر قولك : فى الدار صاحبها ، جميع ذلك يلزم فيه تقديم الخبر ، وما عدا ذلك أنت فيه بالخيار نحو قولك : زيد قائم ، وإن شئت قلت : قائم زيد. أه.

(٢) م : وقولى : «ويجوز دخول الفاء فى الخبر» إلى آخره مثال دخول الفاء في خبر الموصول والنكرة الموصوفة عند استيفاء الشروط قولك : الذى فى الدار فله درهم ، والذى عندك فله دينار ، والذى أتانى فله جبّة ، وكل رجل في الدار فله درهم ، وكل رجل عندك فله دينار ، وكل رجل أتانى فله جبة ، فإن لم يقدر الكون في الدار أو عندك والإتيان سببا فى استحقاق الدينار أو الدرهم أو الجبة ، بل استحق ذلك بسبب آخر ـ لم تدخل الفاء فى الخبر ، ولو

١٢٨

تكون الصلة أو الصفة ظرفا أو مجرورا أو جملة فعلية غير شرطية يكون الفعل منها على هيئة لا تنافى أداة الشرط ، وبشرط أن يكون الخبر مستحقّا بالصلة أو بالصفة (١).

__________________

قلت : الذى أبوه قائم فله درهم ، وكل رجل أبوه قائم فله درهم ـ لم يسغ ذلك ؛ لأن الصلة والصفة ليستا بظرف ولا مجرور ولا فعل وكذلك لو قلت : كل رجل إن يأتنى آته فله درهم ، والذى إن يأتنى آته فله درهم ، لم يسغ ذلك لأن الصلة والصفة جملة شرط وجزاء وكذلك لو قلت : الذى ما أتانى فله درهم ، وكل رجل ما أتانى فله درهم ، لم يسغ ذلك ؛ لأن أداة الشرط لا تدخل على الفعل المنفى بما ، لا تقول : إن ما أتانى أحد فله درهم ، فالصواب فى جميع ذلك إسقاط الفاء من الخبر. أه.

(١) في ط : الصفة.

١٢٩

باب الاشتغال

وإنما عقّب به بعد المبتدأ والخبر ؛ لأنّ كثيرا من مسائله يرجع إلى ذلك ، فالاشتغال : هو أن / يتقدم اسم ويتأخر عنه فعل متصرف أو ما جرى مجراه ، قد عمل فى ضمير ذلك الاسم أو فى سببيّه ، ولو لم يعمل فيه ، لعمل فى الاسم المشتغل عنه ، أو فى موضعه :

فمثال عمله فى الاسم : قولك : «زيد ضربته» ؛ ألا ترى أنه لو لم يعمل الفعل فى الضمير ، لنصب زيدا.

ومثال عمله فى موضعه : قولك : «أزيد قام أبوه» ؛ ألا ترى أنّ «قام» لو لم يعمل فى الأب ، لم يعمل فى زيد ؛ لأنّ الفاعل لا يتقدّم على الفعل ، لكن يعمل فى ظرف أو مجرور إن وقع موقعه.

وأعنى بالسببى (١) : ما اتصل به ضمير عائد على المشتغل عنه ، وما اشتملت صفته على ضمير عائد عليه ، وما عطف عليه اسم قد اتصل به ضمير عائد عليه بالواو خاصّة ، وما أضيف إلى شىء من ذلك.

والاسم المشتغل عنه إن لم يتقدمه شىء ، وكان العامل الذى بعده ليس فى معنى أمر ولا نهى ولا دعاء : فإما أن يعمل فى الضمير أو فى السببى رفعا أو غيره : فإن عمل فيه رفعا ، لم يجز فى المشتغل عنه إلا الرفع على الابتداء (٢) ، وإن عمل فيه غير ذلك ، (٣)

__________________

(١) م : باب الاشتغال قولى : «وأعنى بالسّببى» إلى آخره مثال ما أضيف إلى ضمير المشتغل عنه : زيد ضربت أخاه ، فالأخ مضاف إلى ضمير المشتغل عنه ، وهو زيد ، ومثال ما أضيف إلى ما اتصل بضميره : زيد ضربت غلام أبيه ، ومثال ما اشتملت صفته على ضمير عائد عليه : زيد ضربت رجلا يبغضه ، ومثال ما عطف عليه اسم قد اتصل به ضمير عائد عليه بالواو خاصة : زيد ضربت رجلا وأخاه. أه.

(٢) م : وقولى : «فإن عمل فى الضمير أو السببى ، رفعا ـ لم يجز فى المشتغل عنه إلا الرفع على الابتداء» ، ومثال ذلك : زيد قام ، وزيد قام أبوه ، لا يجوز فى «زيد» فى المسألتين إلا الرفع على الابتداء. أه.

(٣) م : وقولى : «وإن عمل فيه غير ذلك» إلى آخره مثال ذلك : زيد ضربته ، وزيد مررت به ، وزيد ضربت أخاه ، وزيد مررت بأخيه ، الأحسن ، فى جميع ذلك الرفع على الابتداء ؛ لأنه ليس فيه تكلف إضمار فعل ، ويجوز فيه النصب بإضمار فعل يفسره الظاهر من لفظه

١٣٠

جاز فيه الرفع على الابتداء ؛ وهو المختار ، والنصب على إضمار فعل يفسره الظاهر من لفظه إن أمكن ؛ وإلا فمن معناه.

والمخفوض إذا (١) كان فى موضع رفع يعامل فى هذا الباب معاملة المرفوع (٢) إلا أنّ النصب أبدا فى هذا الباب (٣) مع الضمير المنصوب أحسن منه مع السببى المنصوب ، ومع السببى المنصوب أحسن منه مع الضمير المجرور ، ومع الضمير المجرور أحسن منه مع السببى المجرور.

فإن كان العامل فى معنى أمر أو نهى أو دعاء (٤) ، جاز ـ أيضا ـ فى المشتغل عنه الرفع على الابتداء ، والحمل على إضمار فعل ؛ فيكون على حسب الضمير أو السببى ، فإن كان مرفوعا رفع ، وإن كان منصوبا أو مخفوضا ، نصب ، والاختيار إضمار الفعل.

__________________

إن أمكن ، وذلك نحو قولك : زيدا ضربته أى : ضربت زيدا ضربته ، وإلا فمن معناه نحو قولك : زيدا ضربت أخاه وزيدا مررت به وزيدا مررت بأخيه أى : أهنت زيدا ضربت أخاه ، ولقيت زيدا مررت به ولا بست زيدا مررت بأخيه. أه.

(١) في أ: إن.

(٢) م : وقولى : «والمخفوض إذا كان فى موضع رفع يعامل فى هذا الباب معاملة المرفوع» مثال ذلك : زيد سير به ، لا يجوز فى زيد إلا الرفع على الابتداء ، كما لا يجوز فى : زيد قام ، إلا الرفع على الابتداء. أه.

(٣) م : وقولى : «إلا أن النصب أبدا فى هذا الباب» إلى آخره إنما كان النصب فى : زيدا ضربته ، أحسن منه فى : زيدا مررت به ؛ لأن ضرب يفسر العامل المضمر من لفظه ومعناه ، وفى : زيدا مررت به يفسره من معناه ، وكان النصب فى قولك : زيدا مررت به أحسن منه فى قولك زيدا ضربت أخاه ؛ لأن دلالة مررت على لقيت أبين من دلالة ضربت على أهنت ، والنصب فى قولك : زيدا ضربت أخاه أحسن ـ منه فى قولك : زيدا مررت بأخيه ؛ لأن ضربت يصل بنفسه كأهنته ، وليس مررت بواصل إلى معموله كوصول لا بست. أه.

(٤) م : وقولى : «فإن كان العامل فى معنى أمر أو نهى أو دعاء» إلى آخره إنما يختار النصب بإضمار فعل إن كان الضمير أو السببى منصوبا ؛ لأن الأمر والنهى لا يكونان إلا بالفعل ؛ فاختير إضمار الفعل لذلك ، والدعاء بمنزلة الأمر ؛ لأنه طلب مثله ؛ وكذلك كان حق باب صيغة فعله أن يكون كصيغة فعل الأمر ؛ نحو قولك : اغفر اللهم لزيد ، ومثال ذلك : زيدا اضربه ، وزيدا لا تضربه ، وزيدا امرر به ، وزيدا لا تمرر به ، وزيدا اغفر له ، وزيدا اضرب أخاه ، وزيدا لا تضرب أخاه ، وزيدا امرر بأخيه ، وزيدا لا تمرر بأخيه ، وزيدا غفر الله لأبيه ، ولمثل تلك العلة أيضا نختار الرفع بإضمار فعل إذا كان الضمير أو السببى مرفوعا ، نحو قولك : زيد

١٣١

هذا إذا (١) لم يقع العامل صلة أو صفة (٢) أو يفصل بينه وبين المشتغل عنه أداة من أدوات الصدور ، وهى : ما النافية ، ولا فى جواب القسم ، وأدوات الاستفهام أو الشرط أو التحضيض ، وهى : هلا ولو لا ولو ما وألا بمعناها ، ولام الابتداء أو الداخلة على جواب القسم ، فإنه لا يجوز فيه إذ ذاك إلا / الرفع على الابتداء.

وإن تقدمه شىء : فإما أن يكون حرف عطف ، أو أداة لا يليها إلا الفعل ظاهرا أو مضمرا ، أو أداة هى بالفعل أولى ، أو سؤالا تكون جملة الاشتغال جوابا له ، أو غير ذلك.

فإن تقدمه غير ذلك : فالأمر فيه على ما كان عليه لو لم يتقدمه شىء (٣)

وإن تقدمه سؤال (٤) ، فإن كان العامل فى الضمير أو السببى غير خبر ، فالأمر على ما كان عليه لو لم يتقدمه شىء.

وإن كان خبرا ، جاز فى المشتغل عنه الرفع على الابتداء ، والحمل على إضمار فعل ، إلا أنّ الاختيار : أن يوافق المشتغل عنه فى إعراب الاسم الذى استفهم به ، فإن كان

__________________

ليقم ، وزيد ليقم أبوه ، وزيد لا يقم ، وزيد لا يقم أبوه. أه.

(١) في أ: ما.

(٢) م : وقولى : «ما لم يقع العامل صلة أو صفة ...» إلى آخره مثال وقوع العامل صلة : زيد الذى ضربته ، ومثال وقوعه صفة : زيد رجل يكرمه عمرو ، ومثال الفصل بينهما بما : زيد ما ضربته وبأداة الاستفهام : زيد أضربته؟ وبأداة شرط : زيد إن تضربه يضربك ، وبأداة تحضيض : زيد هلا ضربته ، وبلام الابتداء : زيد لتضربه ، وبلام القسم : زيد لتضربنه لا يجوز فى زيد في جميع ذلك إلا الرفع على الابتداء. أه.

(٣) م : وقولى : «فإن تقدمه غير ذلك ، فالأمر على ما كان عليه لو لم يتقدمه شئ» مثال ذلك أن تتقدمه ألا الاستفتاحية نحو قولك : ألا زيد ضربته ، الاختيار فى زيد الرفع على الابتداء كما كان قبل أن تدخل عليه ألا ، ويجوز نصبه بإضمار فعل. أه.

(٤) م : وقولى : «وإن تقدمه سؤال ...» إلى آخره مثال تقدم السؤال مع كون العامل غير خبر قولك في جواب من قال : أى رجل أضربه؟ : زيدا اضربه ، وفى جواب من قال : أى رجل لا أضربه؟ : زيدا لا تضربه ، الاختيار فى زيد في المسألتين النصب ، كما كان قبل تقدم السؤال ، ومثال تقدمه مع كون العامل خبرا قولك في جواب من قال أى رجل ضربت؟ : زيدا ضربته ، وفى جواب من قال : أى رجل ضربته؟ : زيد ضربته ، فتنصب زيدا وترفعه إلا أن الاختيار إذا كان اسم السؤال الذى هو أى منصوبا ـ أن تنصبه ، وإذا كان مرفوعا أن ترفعه. أه.

١٣٢

مبتدأ أو معمولا لفعل ، كان هو كذلك.

وإن تقدّمه حرف عطف (١) ، فلا يخلو ـ أيضا ـ أن يكون العامل ـ أيضا ـ خبرا أو غير خبر :

فإن كان غير خبر ، فالأمر فى المشتغل عنه على ما كان عليه لو لم يتقدّمه شىء.

وإن كان خبرا : فإما أن يكون العطف على جملة اسمية ؛ فيكون الأمر على ما كان عليه لو لم يتقدّمه شىء ، وإما [أن يكون] (٢) على جملة فعلية ؛ فيجوز الابتداء ، والحمل على إضمار فعل ، والمختار : الحمل على إضمار الفعل. وإما (٣) أن يكون العطف على جملة ذات وجهين ؛ فيستوى الرفع على الابتداء ، والحمل على إضمار فعل.

هذا ما لم يفصل بين حرف العطف وبين المشتغل عنه بـ «إذا» (٤) التى للمفاجأة ؛ فلا يجوز [فيه] (٥) إلا الابتداء ؛ إلا أن يكون الفعل العامل فى الضمير أو فى السببى

__________________

(١) م : وقولى : «وإن تقدمه حرف عطف ...» إلى آخره مثال تقدم حرف العطف عليه ، والعامل غير خبر قولك : اضرب زيدا وعمرو لا تضربه ، ولا تضرب زيدا وعمرا اضربه ، الاختيار فى عمرو النصب على إضمار فعل ، ويجوز رفعه على الابتداء ، كما كان لو لم يتقدمه شئ ، ومثال تقدم حرف العطف والعامل خبر ، وقد تقدم حرف العطف جملة اسميّة قولك : عمرو أخوك وزيد ضربته ، الاختيار فى زيد الرفع على الابتداء ، كما كان قبل أن يتقدمه شئ ، ويجوز النصب بإضمار فعل ، ومثال تقدمه والعامل خبر ، وقد تقدم حرف العطف جملة فعلية قولك : ضربت زيدا وعمرا أكرمته ، الاختيار فى عمرو النصب بإضمار فعل ، حتى تكون قد عطفت جملة فعلية ، على جملة فعلية ويجوز رفعه على الابتداء ، ومثال تقدم حرف العطف على الاسم المشتغل عنه وقد تقدمه جملة ذات وجهين قولك : زيد ضربته وعمرو أكرمته ، يستوى فى عمرو الرفع على الابتداء رعيا للجملة بأسرها ، لأنها اسمية أى : صدرها اسم ، والنصب بإضمار فعل رعيا للجملة الصغرى التى هى : ضربته ، من قولك : زيد ضربته. أه.

(٢) سقط في أ.

(٣) في ط : ولها.

(٤) م : وقولى : «هذا ما لم يفصل بين حرف العطف والمشتغل عنه بـ «إذا» ...» إلى آخره مثال الفصل بإذا التى للمفاجأة : أتيت زيدا فإذا عمرو يضربه ، لا يجوز فى عمرو إلا الرفع على الابتداء ومثال الفصل بأمّا قولك : ضربت زيدا وأما عمرو فأكرمته ، الاختيار فى عمرو الرفع على الابتداء كما كان لو لم يتقدمه شىء ، ويجوز نصبه بإضمار فعل. أه.

(٥) سقط في ط.

١٣٣

مقرونا بعده ؛ فإنّ حكم الاسم إذ ذاك كحكمه لو لم يتقدمه شىء ، أو بـ «أما» ؛ فيبقى على حكمه لو لم يتقدمه شىء.

وإن تقدّمته أداة لا يليها إلا الفعل ظاهرا أو مضمرا ، لم يجز فى المشتغل عنه إلا الحمل على إضمار فعل ، وتلك الأدوات هى أدوات الشرط (١) ، وأعنى بذلك : إن وأخواتها ، «ولو» التى هى حرف لما كان سيقع لوقوع غيره ، أو بمعنى «إن» ، والفرق بينهما : أنّ التى هى لما كان سيقع لوقوع غيره يكون الفعل الذى بعدها بمعنى / المضى ، وإن لم تكن صيغته صيغة الماضى ؛ نحو قولك : «لو يقوم زيد أمس ، لقام عمرو» وإن شئت أسقطت اللام ، والتى هى بمعنى «إن» تخلص الفعل للاستقبال ، وإن كانت صيغته صيغة الماضى ، صبرت معناه إلى الاستقبال ؛ نحو قوله [من البسيط] :

٢٩ ـ قوم إذا حاربوا شدّوا مآزرهم

دون النّساء ولو باتت بأطهار (٢)

أى : وإن باتت بأطهار.

«ولو» من : «نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه» (٣) محتملة الوجهين.

__________________

(١) م : وقولى : «وتلك الأدوات هى أدوات الشرط ...» إلى آخره مثال تقدم أداة الشرط : إن زيدا ضربته ضربك ، ولو زيدا ضربته ضربك ، لا يجوز فى زيد فى المسألتين إلا الحمل على إضمار فعل ، وينصبه سواء كانت لو بمعنى إن ، أو حرف امتناع لامتناع.

والفرق بينهما أنّ التى هى بمعنى إن ، تدخل على الماضى ، فتخلصه للاستقبال نحو قوله تعالى : (فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ) [آل عمران : ٩١] والتى هى حرف امتناع لامتناع تدخل على المضارع فتخلصه إلى الماضى ، نحو قولك : لو يقوم زيد قام عمرو ، تريد : لو قام زيد قام عمرو. أه.

(٢) البيت للأخطل والشاهد فيه قوله : «ولو باتت بأطهار» حيث جاءت «لو» شرطية بمعنى «إن» ، صارفة الماضي إلى الاستقبال.

ينظر : ديوانه ٨٤ ، وحماسة البحتري ٣٤ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٦٤٦ ، ونوادر أبي زيد ١٥٠ ، وبلا نسبة في الجنى الدانى ٢٨٥ ، ورصف المباني ٢٩١ ، وشرح الأشموني ٣ / ٦٠١ ، وشرح عمدة الحافظ ٥٨٣ ، ٥٨٤ ، ومغنى اللبيب ١ / ٢٦٤

(٣) م : وقولى : وعلى ذلك ينبغى أن نحمل «نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه» أى : على أنها بمعنى إن ، كأنه قال : «إن لم يخف الله لم يعصه»

[أراد أن صهيبا إنما يطيع الله حبا لا لمخافة عقابه سبحانه وقد اشتهر فى كلام الأصوليين وأصحاب المعانى وأهل العربية من حديث عمر ، وبعضهم يرفعه إلى النبى صلّى الله عليه وسلّم ، وذكر البهاء السبكى أنه لم يظفر به بعد البحث. وكذا كثير من أهل اللغة لكن نقل فى المقاصد عن

١٣٤

وأدوات التحضيض (١) ، وهى : هلا ولو لا ولو ما وألا بمعناها ، فإن كانت «لو لا» حرف امتناع لوجود ، لم يلها إلا الابتداء ، وتدخل «اللام» فى جوابها ، وجواب

__________________

الحافظ ابن حجر أنه ظفر به فى مشكل الحديث لابن قتيبة من غير إسناد. وقال فى اللآلىء : منهم من يجعله من كلام عمر ، وقد كثر السؤال عنه ، ولم أقف له على أصل ، وسئل بعض شيوخنا الحفاظ عنه ، فلم يعرفه ، لكن روى أبو نعيم فى الحلية بسند ضعيف عن عبد الله بن الأرقم أنه قال : حضرت عمر عند وفاته مع ابن عباس والمسور ابن مخرمة ، فقال عمر سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : «إن سالما شديد الحب لله عز وجل ، لو كان لا يخاف الله ما عصاه» وفى لفظ : «لو لم يخف الله ما عصاه» ، وفى رواية قال : «لو استخلفت سالما مولى أبى حذيفة ، فسألنى ربى ما حملك على ذلك؟ لقلت سمعت نبيك صلّى الله عليه وسلّم يقول إنه يحب الله حقا من قلبه» ، وقال الجلال السيوطى فى شرح نظم التلخيص : «كثر سؤال الناس عن حديث «نعم العبد صهيب ، لو لم يخف الله لم يعصه» ، ونسبه بعضهم إلى النبى صلّى الله عليه وسلّم ، ونسبه ابن مالك فى شرح الكافية وغيره إلى عمر ، قال الشيخ بهاء الدين السبكى لم أر هذا الكلام فى شىء من كتب الحديث ، لا مرفوعا ولا موقوفا ، لا عن عمر ولا عن غيره ، مع شدة التفحص عنه» انته.

نعم قد روى الديلمى فى سالم لا صهيب عن عمر مرفوعا أن معاذ بن جبل إمام العلماء يوم القيامة لا يحجبه من الله إلا المرسلون ، وإن سالما مولى أبى حذيفة شديد الحب فى الله ، لو لم يخف الله ما عصاه. والله أعلم.

ينظر كشف الخفا ٤٤٦ ـ ٤٤٧ ، المصنوع فى معرفة الحديث الموضوع ٢٠٢ ، الأسرار المرفوعة ٢٥٣ ـ ٢٥٥ ، الفوائد المجموعة ٤٠٩ ، التذكرة للفتنى ١٠١ ، الدرر المنتثرة فى الأحاديث المشتهرة للسيوطى ١٦٥].

وإنما حملتها على ذلك لأنها لو كانت حرف امتناع لامتناع ، لكان المعنى فاسدا ، لأنه إذا امتنع النفى لزم الإيجاب ؛ فيلزم من ذلك أن يكون خاف الله وعصاه ، وهو خلاف المعنى المراد ، ولا يلزم ذلك إذا جعلتها بمعنى إن. أه.

(١) م : وقولى : «وأدوات التحضيض ...» إلى آخره مثال تقدم أداة التحضيض : هلا زيدا ضربته ، لا يجوز فى زيد إلا النصب بإضمار فعل ؛ لأن أداة التحضيض لا يليها المبتدأ ، فأما قول الشاعر : [من الطويل]

ونبّئت ليلى أرسلت بشفاعة

إلىّ فهلّا نفس ليلى شفيعها

[ينظر البيت للمجنون فى ديوانه ص ١٥٤ ، ولإبراهيم الصولى فى ديوانه ص ١٨٥ ولابن الدمينة فى ملحق ديوانه ص ٢٠٦ ، وللمجنون أو لابن الدمينة أو للصمة بن عبد الله القشيرى فى شرح شواهد المغنى ١ / ٢٢١ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٤١٦ ، ولأحد هؤلاء أو لإبراهيم الصولى فى خزانة الأدب ٣ / ٦٠ ، وللمجنون أو للصمة القشيرى فى الدرر ٥ / ١٠٦ وللمجنون أو لغيره فى المقاصد النحوية ٤ / ٤٥٧ ، وبلا نسبة فى الأغانى ١١ / ٣١٤ وأوضح المسالك ٣ / ١٢٩ ، وتخليص الشواهد ص ٣٢٠ ، وجواهر الأدب ص ٣٩٤

١٣٥

«لو» إذا كان موجبا أو منفيّا بـ «ما» [أو بمعناها](١) ، ويجوز حذفها ، ومن ذلك قوله [من البسيط] :

٣٠ ـ لو لا الحياء وباقى الدّين عبتكما

ببعض ما فيكما إذ عبتما عورى (٢)

وحذفها مع «ما» أحسن من حذفها فى الموجب ، فإن كان الجواب منفيّا بـ «لم» لم يجز دخول اللام عليه ، وكل ظرف زمان لما يستقبل ، وإن تقدّمه أداة هى بالفعل أولى ، كان الاختيار الحمل على إضمار فعل ، ويجوز الرفع على الابتداء.

__________________

والجنى الدانى ص ٥٠٩ ، ٦١٣ ، وخزانة الأدب ٨ / ٥١٣ ، ١٠ / ٢٢٩ ، ١١ / ٢٤٥ ، ٣١٣ ، ورصف المبانى ص ٤٠٨ ، والزهرة ص ١٩٣ ، وشرح الأشمونى ٢ / ٣١٦ ، وشرح التصريح ٢ / ٤١ ، وشرح ابن عقيل ص ٣٢٢ ، ومغنى اللبيب ١ / ٧٤ ، وهمع الهوامع ٢ / ٦٧].

وقول الآخر [من البسيط] :

قالت : أراك بما أنفقت ذا سرف

عند اللقاء فهلّا فيك تصريد

[ينظر شرح المقرب للدكتور على فاخر ٢ / ٨٣٤]

ف «نفس» ليلى و «تصريد» محمولان على إضمار فعل ، وليسا بمبتدأين ، والتقدير : فهلا رئى فيك تصريد ، وهلا شفعت نفس ليلى لها ، وشفيعها بدل من نفس أو خبر ابتداء مضمر أى : هو شفيعها المقبول : وحذف الصفة لفهم المعنى : وكل ظرف لما يستقبل فإنه إذا تقدم الاسم المشتغل عنه يجرى مجرى أداة الشرط ؛ فإن الاسم لا يكون إذ ذاك إلا محمولا على فعل مضمر ، فإذا قلت : إذا زيدا ضربته غضب ، لم يجز فى زيد إلا النصب بإضمار فعل ، ولو قلت : إذا زيد قام قام عمرو ، لم يكن زيد إلا مرفوعا بإضمار فعل أى : إذا قام زيد قام عمرو ، فأضمرت قام الأولى ؛ لدلالة الثانية عليها ، والدليل على أنه محمول على إضمار فعل : أنه لم يؤت بعد إذا بصريح المبتدأ والخبر ، لا يقال : إذا زيد قائم قام عمرو : فأما قول الشاعر : [من الطويل]

فهلا أعدّونى لمثلى تفاقدوا

إذا الخصم أبزى مائل الرّأس أنكب

[ينظر البيت لبعض بنى فقعس فى الخزانة ٣ / ٢٩ ، ٣٠ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ٢١٤ ، وبلا نسبة فى لسان العرب (نكب) ، (تيز)]

فـ «أبزى» فعل ماض بمعنى غلب ، وليس اسما على وزن أفعل ، ويكون قوله «مائل الرأس أنكب» خبر ابتداء مضمر أى : هو مائل الرأس أنكب ، والجملة في موضع الحال من الضمير فى أبزى. أه.

(١) سقط في أ.

(٢) البيت لـ «ابن مقبل» ، والشاهد فيه : أن حذف اللام من جواب «لو لا» ضرورة أو قليل.

وينظر : ديوانه ص ٧٦ ، والدرر ٥ / ١٠٤ ، والشعر والشعراء ١ / ٤٦٣ ، ولسان العرب (بعض) ، وبلا نسبة في الجنى الداني ٥٩٨ ، ورصف المباني ٢٤٢ ، وهمع الهوامع ٢ / ٦٧.

١٣٦

والأدوات التى هى بالفعل أولى : أدوات الاستفهام (١) ، وما ولا النافيتان ، إلا أن أدوات الشرط وأدوات الاستفهام (٢) إذا وقع بعدها الفعل والاسم ـ قدّم الفعل على الاسم ؛ فلا تكون المسألة من [باب](٣) الاشتغال.

ولا يجوز تقديم الاسم على الفعل إلا فى ضرورة شعر ، ما عدا الهمزة ، وإذا كان الفعل الذى دخلت عليه ماضيا ، فإنه يجوز تقديم الاسم بعدها على الفعل فى الكلام ، وإن كان الاختيار تقديم الفعل ، والاسم المشتغل عنه فى هذا الباب إن كان له ضمير

__________________

(١) م : وقولى : «والأدوات التى هى بالفعل أولى أدوات الاستفهام ...» إلى آخره مثال تقدم أداة الاستفهام على الاسم المشتغل عنه : أزيدا ضربته؟ ، ومثال تقدم ما ولا النافيتين عليه : ما زيدا ضربته ، ولا عمرا أكرمته ، الاختيار فى زيد وعمرو فى جميع ذلك النصب بإضمار فعل يفسره ما بعده ، ويجوز رفعهما على الابتداء ، وكذلك لو قلت : أزيد قام ، وما زيد قام ولا عمرو خرج ، لكان الاختيار فى زيد وعمرو الرفع بإضمار فعل يفسره ما بعده ، ويجوز رفعهما على الابتداء ، وإنما اختير فى الاسم الواقع بعدها الحمل على إضمار فعل لشبهها بأدوات الشرط ، وذلك أن الفعل بعدها غير واقع ، كما أنه بعد أداة الشرط كذلك ، ألا ترى أن القيام إذا دخلت عليه أداة الشرط ـ غير واقع ، كما أنه كذلك إذا دخلت عليه أداة نفى أو استفهام ، وأيضا فإن الاستفهام قد يضمن معنى الشرط ، فيحتاج إذ ذاك إلى جواب فتقول : أتأتينى أكرمك؟ ، كما تقول : إن تأتنى أكرمك ، ولقصور المشبه عن المشبه به يجوز فى الاسم الواقع بعد أداة الاستفهام وما ولا النافيتين ـ أن يرتفع على الابتداء ، ولا يجوز ذلك فى الاسم الواقع بعد أداة الشرط. أه.

(٢) م : وقولى : «إلا أن أدوات الشرط وأدوات الاستفهام ...» إلى آخره مثال وقوع الفعل والاسم بعدهما : هل قام زيد؟ ومتى يقم زيد قام عمرو ، فتقدم الفعل ، ولا يجوز أن تقول : هل زيد قام؟ ، ومتى زيد يقم قام عمرو ، إلا فى ضرورة ، إلا الهمزة من أدوات الاستفهام ؛ فإنه قد يجوز ذلك فيها فى الكلام فتقول : أقام زيد؟ ، وإن شئت قلت : أزيد قام؟ ، وكذلك إن من أدوات الشرط إذا كان الفعل الذى بعدها ماضيا ، فإنه قد يجوز ذلك فيها فى الكلام ، فتقول : إن قام زيد قام عمرو ، وإن شئت قلت : إن زيد قام قام عمرو ، وقال تعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ ...) [التوبة : ٦] ، وإنما جاز ذلك فيهما ؛ لأن الهمزة أم أدوات الاستفهام ، و «إن» أمّ أدوات الشرط ، وإنما لم يجز فى إن إلا إذا كان الفعل ماضيا ؛ لأن الفعل الماضى لا يظهر لهما فيه عمل ، فسهل لذلك الفصل بينها وبينه فى اللفظ ، وإذا كان الفعل مضارعا ظهر عملها ، فلم يسغ الفصل بينهما ، ولو قلت : إن زيد يقم قام عمرو ، لم يجز إلا فى ضرورة. أه.

(٣) سقط في ط.

١٣٧

واحد (١) / أو سببى واحد ، حملته عليه ، وإن كان له سببيّان أو ضميران منفصلان ، أو ضمير منفصل وسببى ، حملته على أيهما شئت ، وإن كان له ضمير متصل مرفوع مع سببى ، أو ضمير منفصل ، حملته على الضمير المتصل لا غير ، وإن كان له ضمير متصل منصوب مع ضمير منفصل أو سببى ، حملته على أيهما شئت فى باب «ظننت» ، وفى : «فقدتّ وعدمت» ، وفى غير ذلك من الأبواب ، لا يجوز حمله إلا على الضمير المتصل.

وإن كان له ضميران متصلان ، حملته على المرفوع منهما ، إلا أنّ ذلك لا يكون إلا فى باب «ظننت» وفى «فقدتّ وعدمت».

__________________

(١) م : وقولى : «والاسم المشتغل عنه فى هذا الباب إن كان له ضمير واحد» إلى آخره مثال ما له ضمير واحد أو سببى واحد : زيد ضربته وعمرو أكرمت أخاه ، وقد تقدم حكمه ، ومثال ما له سببيان : أزيدا ضرب أخاه أبوه ، ومثال ما له ضميران منفصلان : أزيدا إياه لم يضرب إلا هو ، ومثال ما له ضمير منفصل وسببى : أزيد لم يضرب أخاه إلا هو ، جميع ذلك يختار فيه نصب زيد بإضمار فعل إن حملته علي المنصوب ، ورفعه بإضمار فعل إن حملته على المرفوع ، وقد يجوز رفع زيد فى جميع ذلك بالابتداء.

ومثال ما له ضمير متصل مرفوع مع سببى أو ضمير منفصل منصوب قولك : أزيد لم يضرب أخاه ، وأزيد لم يضرب إلا إياه ، والمختار فى زيد الرفع بإضمار فعل حملا على الضمير المرفوع المستتر فى : يضرب ، ويجوز رفعه على الابتداء ، ولا يجوز فيه النصب بإضمار فعل أصلا ، لا تقول : أزيدا لم يضرب أخاه؟ ولا أزيدا لم يضرب إلا إياه ومثال ما له ضمير متصل منصوب مع ضمير منفصل أو سببى فى باب ظننت وفى فقدت وعدمت : أزيد لم يظنّه إلا هو قائما؟ ، وأزيد ظنه أخوك قائما؟ ، وأزيد عدمه أخوه؟ ، وأزيد لم يعدمه إلا هو؟ ، المختار في زيد النصب بإضمار فعل حملا على الضمير المنصوب أو الرفع بإضمار فعل حملا على الضمير المنفصل أو السببى ويجوز الرفع على الابتداء ، ومثال ما له ضمير متصل منصوب مع ضمير منفصل أو سببى فى غير فقدت وعدمت وباب ظننت قولك : أزيدا لم يضربه إلا هو؟ ، وأزيدا ضربه أخوه؟ ، المختار فى زيد النصب بإضمار فعل حملا على الضمير المنصوب ، ويجوز فيه الرفع على الابتداء ، ولا يجوز فيه الرفع على إضمار فعل حملا على السببى أو الضمير المنفصل ، كما جاز ذلك فى باب ظننت ، ومثال ما له ضميران متصلان قولك : أزيد ظنه قائما؟ المختار فى زيد الرفع بإضمار فعل ، حملا على الضمير المرفوع المتصل المستتر فى ظنّ ، ويجوز رفعه على الابتداء ، ولا يجوز نصبه حملا على الضمير المنصوب ، ولا يتصور أن يكون للاسم المشتغل عنه ضميران متصلان أحدهما مرفوع ، والآخر منصوب فى غير باب ظننت وفقدت ، وعدمت لو قلت : أزيد ضربه؟ ، تريد : ضرب هو نفسه لم يجز ؛ لأن الضمير المتصل لا يتعدّى فعله إلى المضمر المتصل إلا فيما ذكر من فقدت وعدمت وباب الظن. أه.

١٣٨

باب كان وأخواتها

وهى : كان وأمسى وأصبح وأضحى وظل وبات وصار وليس وغدا وراح وآض وما زال وما انفك وما فتئ وما برح وما دام وقعد من قولهم : «شحذ شفرته حتى قعدت كأنها حربة» ، وجاء فى (١) قولهم : «ما جاءت حاجتك».

وهى أفعال ، وكلها يجوز فيها أن تدخل على المبتدأ والخبر ، فما كان مبتدأ كان اسما لها إلا اسم الشرط (٢) ، واسم الاستفهام ، وكم الخبرية ، والأسماء التى التزم فيها الرفع على الابتداء ؛ نحو ما التعجبية ، وأيمن الله.

وما كان خبرا للمبتدأ ، كان خبرا لها (٣) إلا الجملة غير المحتملة للصدق والكذب.

وكلها يجوز أن تستعمل تامة ، فلا تحتاج إلى خبر ، إلا ليس وما زال وما فتئ وجاء

__________________

(١) في أ: من

(٢) م : باب كان وأخواتها قولى : «فما كان مبتدأ كان اسما لها إلا اسم الشرط» إلى آخره مثال ذلك : زيد قائم إذا أدخلت عليهما فعلا من أفعال هذا الباب ، صار المبتدأ اسما له وخبره خبرا له فتقول : كان زيد قائما إلا ما استثنيناه فإن ذلك لا يجوز فيه ، أما اسم الشرط واسم الاستفهام وكم الخبرية فلا يجوز ذلك فيها ؛ لأنها لها صدر الكلام ، وجعلها اسما لفعل من أفعال هذا الباب يخرجها عن ذلك ؛ فلذلك لم نقل كان أيّهم قائما ، ولا كان أيهم يضربه اضربه ، ولا كان كم درهم عندك ، وأما ما التعجبية وايمن الله ولعمر الله فإن العرب التزمت فيها الرفع على الابتداء ، وجعلها اسما لفعل من أفعال هذا الباب يخرجها عن ذلك ؛ فلذلك لم نقل : كان ما أحسن زيدا ، ولا كان ايمن الله لقد قام زيد ، ولا كان لعمر الله لقد قام زيد ، على أن يجعلوا ما وايمن الله ولعمر الله مرفوعة بكان. أه.

(٣) م : وقولى : «وما كان خبر مبتدأ كان خبرا لها» إلى آخره مثال ذلك : زيد قام ، وزيد قائم ، وزيد يقوم ، وزيد أبوه قائم ، وإن شئت قلت فى جميع ذلك : كان زيد قام وكان زيد قائما وكان زيد يقوم وكان زيد أبوه قائم ، فتجعل ما كان خبرا للمبتدأ خبرا لكان إلا الجملة غير المحتملة للصدق والكذب ، فلا يجوز أن تقول : كان زيد هل قام ، ولا كان زيد اضربه فأما قول الشاعر [من الوافر] :

وكونى بالمكارم ذكّرينى

ودلّى دلّ ماجدة صناع

[البيت لبعض بنى نهشل ينظر فى خزانة الأدب ٩ / ٢٦٦ ، ٢٦٧ ، ونوادر أبى زيد ص ٣٠ ، ٥٨ ، وبلا نسبة فى خزانة الأدب ١٠ / ٢٤٦ ، والدرر ٢ / ٥٤ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٣٨٩ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٩١٤ ، ومغنى اللبيب ٢ / ٥٨٤ ، وهمع الهوامع ١ / ١١٣].

١٣٩

وقعد فى المثل (١) ؛ لأن الأمثال لا تغيّر عما استعملت عليه.

وليس فيها ما يزاد بقياس ، وذلك بين الشيئين المتلازمين إلا «كان» ، فأما زيادتهم أمسى وأصبح فى قولهم : «ما أصبح أبردها ، وما أمسى أدفأها» فشاذّة.

وكان : إذا كانت زائدة ، فللدّلالة على اقتران مضمون الجملة بالزمان ، وإن كانت ناقصة فكذلك ، أو بمعنى صار (٢).

وإن كانت تامّة ، فبمعنى : حضر ؛ يقال : «كان لبن» أى : حضر ، وبمعنى حدث ، يقال : «كان أمر» أى : حدث ، وبمعنى : كفل ؛ يقال : «كنت الصبىّ» أى : كفلته ، وبمعنى : غزل ؛ يقال : «كنت الصوف» أى : غزلته.

وأما أصبح وأمسى وأضحى فإن كانت ناقصة ، فهى / للدلالة على اقتران مضمون الجملة بالزمان الذى يشاركها فى الحروف ، وقد تكون بمعنى : صار (٣) ، وإن كانت

__________________

فضرورة ، ويتخرج على أن يكون من قبيل ما وضع فيه لفظ الأمر موضع الخبر أى : تذكريننى مثل قوله تعالى : (قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا) [مريم : ٧٥] أى فيمد له الرحمن مدا. أه.

(١) م : وقولى : «إلا ليس وما زال وما فتئ وجاء وقعد فى المثل» أعنى أنه قد يقال : كان زيد ، وأمسى زيد ، فيكتفى بالمرفوع عن المنصوب ، وكذلك سائر أفعال هذا الباب إلا ما استثنى فإنه لا يكتفى فيه بالمرفوع عن المنصوب ، لا يقال : ليس زيد ، ولا ما زال زيد ، أعنى بذلك : زال التى مضارعها يزال فأما زال التى مضارعها يزول فإنها مكتفية بالمرفوع تقول : ما زال زيد عن فعله ، وما يزول عن اجتهاده ، وكذلك أيضا لا يقال : ما فتىء زيد ، وقولهم : شحذ شفرته حتى قعدت كأنها حربة [ينظر : اللسان (قعد) ، همع الهوامع ١ / ١١٢] وما جاءت حاجتك [ينظر : همع الهوامع : ١ / ١١٢] ، ولا يحذف خبرهما لأنهما مثلان ، والأمثال لا تغير عما استعملت عليه. أه.

(٢) م : وقولى : «فإن كانت ناقصة فكذلك أو بمعنى صار» ، فمما جاءت فيه كان بمعنى صار قوله : [من الطويل]

بتيهاء قفر والمطىّ كأنّها

قطا الحزن قد كانت فراخا بيوضها

[ينظر البيت لعمرو بن أحمر فى ديوانه ص ١١٩ ، والحيوان ٥ / ٥٧٥ ، وخزانة الأدب ٩ / ٢٠١ ، ولسان العرب (عرض) ، (كون) وله أو لابن كنزة فى شرح شواهد الإيضاح ص ٥٢٥ ، وبلا نسبة فى أسرار العربية ص ١٣٧ ، وشرح الأشمونى ١ / ١١١ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص ٦٨ وشرح المفصل ٧ / ١٠٢ ، والمعانى الكبير ١ / ٣١٣].

أى : صارت. أه.

(٣) م : وقولى : «وقد يكون بمعنى صار» مثال ذلك فى أصبح قوله : [من المنسرح]

أصبحت لا أحمل السّلاح ولا

أملك رأس البعير إن نفرا

١٤٠