تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ٢

أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي

تاريخ بغداد أو مدينة السّلام - ج ٢

المؤلف:

أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي


المحقق: مصطفى عبد القادر عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٨٨

١
٢

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

ذكر من اسمه محمّد واسم أبيه إسماعيل

٤٢٢ ـ محمّد بن إسماعيل بن أبي سمينة ، أبو عبد الله البصريّ :

سمع إسماعيل بن عليّة ومحمّد بن أبي عدي ، ومعتمر بن سليمان ، ويزيد بن زريع ، ومعاذ بن هشام ، وعثمان بن عثمان الغطفاني. قدم بغداد وحدّث بها. فروى عنه محمّد بن أبي غالب القومسي ، وجعفر بن أبي عثمان الطيالسي ، ومحمّد بن عبيد بن أبي الأسد ، وصالح بن محمّد جزرة ، وموسى بن هارون ، وأبو بكر بن أبي الدّنيا.

أخبرنا عليّ بن محمّد بن عبد الله المعدّل قال أنبأنا محمّد بن عمرو الرّزّاز قال أنبأنا محمّد بن عبيد بن أبي الأسد.

وأخبرنا عبد الرّحمن بن عبيد الله الحربيّ ـ واللفظ له ـ قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه قال نبأنا جعفر بن محمّد بن أبي عثمان الطيالسي. قالا : نبأنا محمّد بن إسماعيل بن أبي سمينة قال نبأنا معتمر بن سليمان قال سمعت أبي يحدّث عن قتادة عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إن الكافر إذا عمل حسنة أطعم بها في الدّنيا ، وأما المؤمن فإن الله يؤخر له حسناته» أو كما قال : ويرزق القوة في الدنيا على طاعته (١)».

__________________

(١) ٤٢٢ ـ انظر : سؤالات ابن الجنيد عن ابن معين ، الورقة ٥ ، وتاريخ البخاري الكبير : ١ / الترجمة ٥٦ ، والجرح والتعديل : ٧ / الترجمة ١٠٧٧ ، وشيوخ أبي داود للجياني ، الورقة ٨٩ ، ورجال البخاري للباجي : ٢ / ٦١٩ ، والمعجم المشتمل ، الترجمة ٧٦٦ ، وسير أعلام النبلاء : ١٠ / ٦٩٣ ، والعبر : ١ / ٤٠٧ ، والكاشف : ٣ / الترجمة ٤٧٩١ ، وتذهيب التهذيب ٣ / الورقة ١٨٩ ، وتاريخ الإسلام ، الورقة ٢١٥ ، (أيا صوفيا ٣٠٠٧) ، وميزان الاعتدال ٣ / الترجمة ٧٢٢٩ ، ونهاية السئول ، الورقة ٣١٦ ، وتهذيب التهذيب : ٩ / ٥٩ ، والتقريب : ٢ / ١٤٥ ، وخلاصة الخزرجي ٢ / الترجمة ٦٠٥٨ ، وشذرات الذهب ٢ / ٦٩ ، والمنتظم ، لابن الجوزي ١١ / ١٦١ ، وتهذيب الكمال ٥٠٦٥ ، (٢٤ / ٤٨٠).

(١) انظر الحديث في : صحيح مسلم ، كتاب صفات المنافقين ٥٨.

٣

أخبرنا أبو بكر البرقانيّ قال : قال محمّد بن العبّاس العصمي الهرويّ : حدّثنا أبو الفضل يعقوب بن إسحاق بن محمود الفقيه الحافظ قال أنبأنا أبو عليّ صالح بن محمّد بن عمرو الأسديّ. قال محمّد بن إسماعيل بن أبي سمينة البصريّ أبو عبد الله كان ثقة.

وقال في موضع آخر : محمّد بن يحيى بن أبي سمينة التّمّار ، كان جليسا لعمرو الناقد ، ومحمّد بن إسماعيل بن أبي سمينة البصريّ أوثق منه.

أخبرنا محمّد بن الحسين بن الفضل القطّان قال أنبأنا جعفر بن محمّد بن نصير الخلدي قال نبأنا محمّد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي. قال : سنة ثلاثين ومائتين فيها مات محمّد بن إسماعيل بن أبي سمينة البصريّ وكان يخضب.

أنبأنا محمّد بن أحمد بن رزق قال أنبأنا محمّد بن عمر بن غالب قال أنبأنا موسى بن هارون ، قال مات محمّد بن إسماعيل بن أبي سمينة البصريّ وهو متوجه إلى طرسوس في شهر ربيع الأول سنة ثلاثين ومائتين ، وكان لا يخضب.

٤٢٣ ـ محمّد بن إسماعيل بن محرز ، أبو جعفر البغداديّ (١) :

نزل البصرة وحدّث بها عن حفص بن غياث النّخعيّ. روى عنه أبو بكر أحمد بن محمّد الحراني.

أخبرنا عليّ بن محمّد بن الحسن المالكيّ وأبو الحسن محمّد بن عبد الواحد بن محمّد بن جعفر. قالا : أنبأنا عمرو بن محمّد بن عليّ الناقد قال نبأنا أحمد بن محمّد بن محمّد بن عمر الحرّاني قال نبأنا محمّد بن إسماعيل بن محرز أبو جعفر البغداديّ في سكة قريش قال أنبأنا حفص بن غياث النّخعيّ عن ليث عن أبي فزارة عن يزيد بن الأصم عن ابن عبّاس. قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ثلاث من كنّ ـ يعني فيه ـ فإن الله يغفر له ما سوى ذلك من مات لا يشرك بالله شيئا ، ولم يكن ساحرا يتبع السّحرة ، ولم يحقد على أخيه (٢)».

__________________

(١) ٣٢٤ ـ البغدادي ليست في الأصل ، وأضفناها من سند الحديث التالي.

(٢) انظر الحديث في : كنز العمال ٤٣٢١٦.

٤

٤٢٤ ـ محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة ، أبو عبد الله الجعفيّ البخاريّ :

الإمام في علم الحديث ، «صاحب الجامع الصحيح» و «التاريخ». رحل في طلب العلم إلى سائر محدثي الأمصار ، وكتب بخراسان ، والجبال ، ومدن العراق كلها ، وبالحجاز والشام ومصر.

وسمع مكي بن إبراهيم البلخيّ ، وعبدان بن عثمان المروزيّ ، وعبيد الله بن موسى العبسي ، وأبا عاصم الشّيباني ، ومحمّد بن عبد الله الأنصاريّ ، ومحمّد بن يوسف الفريابي ، وأبا نعيم الفضل بن دكين ، وأبا غسان النهدي ، وسليمان بن حرب الواشجي ، وأبا سلمة التبوذكي ، وعفان بن مسلم ، وعارم بن الفضل ، وأبا الوليد الطيالسي ، وأبا معمر المنقري ، وعبد الله بن مسلمة القعنبي ، وأبا بكر الحميدي ، وسعيد بن أبي مريم المصري ، ويحيى بن بكير المخزوميّ ، وعبد الله بن يوسف التنيسي ، وعبد العزيز بن عبد الله الأويسي ، وأبا اليمان الحمصي ، وإسماعيل بن أبي أويس المديني ، وعبد القدوس بن الحجّاج ، وحجاج بن المنهال ، ومحمّد بن كثير العبدي ، وخالد بن مخلد القطواني ، وعليّ بن المديني ، وأحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، وخلقا سواهم يتسع ذكرهم. وورد بغداد دفعات وحدّث بها فروى عنه من أهلها إبراهيم بن إسحاق الحربيّ ، وعبد الله بن محمّد بن ناحية ، وقاسم بن زكريّا المطرّز ، ومحمّد بن محمّد الباغندي ، ويحيى بن محمّد بن صاعد ومحمّد بن هارون الحضرمي ، وآخر من حدّث عنه بها الحسين بن إسماعيل المحامليّ.

أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمّد بن عبد الله بن مهديّ قال نبأنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحامليّ إملاء قال نبأنا محمّد بن إسماعيل البخاريّ

__________________

(١) ٤٢٤ ـ انظر : تاريخ أبي زرعة الدمشقي (انظر الفهرست) والجرح والتعديل : ٧ / الترجمة ١٠٨٦ ، وثقات ابن حبان : ٩ / ١١٣ ، والسابق واللاحق : ٦٧ وتقييد المهمل ، الورقة ٥٢ ، وطبقات الحنابلة : ١ / ٢٧١ ، وأنساب السمعاني : ٢ / ١٠٠ ، والمعجم المشتمل ، الترجمة ٧٦٢ ، والكامل في التاريخ ، (انظر الفهرست) وتهذيب النووي : ١ / ٦٧ ، ووفيات الأعيان : ٤ / ١٨٨ وسير أعلام النبلاء : ١٢ / ٣٩١ ، وتذكرة الحفاظ : ٢ / ٥٥٥ ، والكاشف : ٣ / الترجمة ٤٧٨٦ ، والعبر (انظر الفهرست) وتذهيب التهذيب : ٣ / الورقة ١٨٥ ، وتاريخ الإسلام ، الورقة ٢٥٨ (أحمد الثالث ٢٩١٧ / ٧). وطبقات السبكي : ٢ / ٢١٢ ، وتاريخ ابن كثير : ١١ / ٢٤ ، ونهاية السئول ، الورقة ٣١٥ ، وتهذيب التهذيب : ٩ / ٤٧ ـ ٥٥ ، والتقريب : ٢ / ١٤٤ ومقدمة فتح الباري ، وخلاصة الخزرجي : ٢ / الترجمة ٦٠٥٢ ، وشذرات الذهب : ٢ / ١٣٤ ، وتهذيب الكمال ٥٠٥٩ (٢٤ / ٤٣٠) والمنتظم ١٢ / ١١٣.

٥

قال نبأنا محمّد بن يوسف قال نبأنا سفيان عن أبي بردة قال أخبرني جدي أبو بردة عن أبيه أبي موسى. قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا (١)». وشبك بين أصابعه. وكان صلى‌الله‌عليه‌وسلم جالسا إذ جاءه رجل أو طالب حاجة ، فأقبل علينا بوجهه فقال : «اشفعوا فلتؤجروا وليقضي الله على لسان رسوله ما شاء» (٢).

أخبرنا أبو سعد (٣) الماليني قراءة عليه قال أنبأنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ قال سمعت محمّد بن أحمد بن سعدان البخاريّ يقول : محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن مغيرة بن بردزبة البخاريّ ، وبردزبة (٤) مجوسي سات عليها (٥) ، والمغيرة بن بردزبة أسلم على يدي يمان البخاريّ والي بخارى ، ويمان هذا هو أبو جد عبد الله بن محمّد المسند الجعفي (٦) ، وعبد الله بن محمّد هو ابن جعفر بن يمان البخاري الجعفي ، والبخاريّ قيل له جعفي لأن أبا جده أسلم على يدي أبي جد عبد الله المسندي ، ويمان جعفي فنسب إليه لأنه مولاه من فوق. وعبد الله قيل له مسندي لأنه كان يطلب المسند من حداثته (٧).

وأخبرنا أبو سعد الماليني قال أنبأنا عبد الله بن عدي قال سمعت الحسن بن الحسين البزّاز ببخارى ، يقول : رأيت محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم ، شيخا نحيف الجسم ليس بالطويل ولا القصير. ولد يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر شوال سنة أربع وتسعين ومائة ، وتوفي ليلة السبت عند صلاة العشاء ليلة الفطر ، ودفن يوم الفطر بعد صلاة الظهر يوم السبت لغرة شوال من سنة ست وخمسين ومائتين ، عاش اثنتين وستين سنة إلا ثلاثة عشر يوما (٨).

أنبأنا إبراهيم بن مخلد قال أنبأنا أبو سعيد أحمد بن محمّد بن رميح النسوي قال سمعت أحمد بن محمّد بن عمر بن بسطام المروزيّ يقول سمعت أحمد بن سيّار

__________________

(١) ـ انظر الحديث في : صحيح البخاري ١ / ١٢٩ ، ٣ / ١٦٩ ، ٨ / ١٤. وصحيح مسلم ، كتاب البر والصلة ٦٥. وسنن الترمذي ١٩٢٨. وسنن النسائي ٥ / ٧٩. ومسند الإمام أحمد ٤ / ٤٠٤ ، ٤٠٥. وفتح الباري ٥ / ٩٩ ، ١٠ / ٤٥٠. وأمالى الشجري ٢ / ١٣٦.

(٢) ـ انظر الحديث في : صحيح البخاري ١ / ١٢٩ ، ٣ / ١٦٩ ، ٨ / ١٤. وصحيح مسلم ، كتاب البر والصلة ٦٥. وسنن الترمذي ١٩٢٨. وسنن النسائي ٥ / ٧٩. ومسند الإمام أحمد ٤ / ٤٠٤ ، ٤٠٥. وفتح الباري ٥ / ٩٩ ، ١٠ / ٤٥٠. وأمالى الشجري ٢ / ١٣٦.

(٣) في الأصول : (أبو سعيد) تصحيف

(٤) وقيل : بذدزبة ، انظر تقييد الاسم في : إكمال ابن ماكولا ، وتهذيب النووي. ومعناها بالبخارية : الزارع. كما سيأتي بعد قليل.

(٥) أى على دين المجوسية.

(٦) (الجعفي) ساقطة من الأصل ، وأضفناها من نفس الرواية في تهذيب الكمال.

(٧) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٣٨.

(٨) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٣٨.

٦

يقول : ومحمّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي ، أبو عبد الله ، طلب العلم وجالس الناس ، ورحل في الحديث ومهر فيه وأبصر ، وكان حسن المعرفة ، حسن الحفظ ، وكان يتفقه (٩).

حدّثني أبو النجيب عبد الغفار بن عبد الواحد الأرموي قال حدّثني محمّد بن إبراهيم بن أحمد الأصبهانيّ قال أخبرني أحمد بن عليّ الفارسيّ قال أنبأنا أحمد بن عبد الله بن محمّد قال سمعت جدي محمّد بن يوسف بن مطر الفربري يقول حدّثنا أبو جعفر محمّد بن أبي حاتم الورّاق النّحويّ. قال : قلت لأبي عبد الله محمّد بن إسماعيل البخاريّ كيف كان بدء أمرك في طلب الحديث؟ قال : ألهمت حفظ الحديث وأنا في الكتّاب. قال : وكم أتي عليك إذ ذاك؟ قال : عشر سنين أو أقل ، ثم خرجت من الكتّاب بعد العشر فجعلت أختلف إلى الداخلي وغيره ، وقال يوما : فيما كان يقرأ للناس سفيان عن أبي الزبير عن إبراهيم. فقلت له يا أبا فلان إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم. فانتهرني. فقلت له : ارجع إلى الأصل إن كان عندك ، فدخل ونظر فيه ثم خرج فقال لي : كيف هو يا غلام؟ قلت هو الزبير بن عدي بن إبراهيم. فأخذ القلم مني وأحكم كتابه فقال صدقت. فقال له بعض أصحابه ابن كم كنت إذ رددت عليه؟ فقال ابن إحدى عشرة ، فلما طعنت في ست عشرة سنة حفظت كتب ابن المبارك ووكيع ، وعرفت كلام هؤلاء ثم خرجت مع أمي وأخي أحمد إلى مكة ، فلما حججت رجع أخي بها ، وتخلفت في طلب الحديث ، فلما طعنت في ثمان عشرة جعلت أصنف فضائل (١٠) الصحابة والتابعين وأقاويلهم ، وذلك أيام عبيد الله بن موسى ، وصنفت «كتاب التاريخ» إذ ذاك عند قبر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الليالي المقمرة. وقال : قلّ اسم في «التاريخ» إلا وله عندي قصة ، إلا أني كرهت تطويل الكتاب (١١).

أخبرني محمّد بن عليّ بن أحمد المقرئ قال أنبأنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن الحسن الجرجانيّ في كتابه إليّ. وحدّثني عنه أبو عمر البختري قال نا خلف بن محمّد بن إسماعيل قال نا محمّد بن يوسف قال نا محمّد بن أبي حاتم وراق البخاريّ. قال : سمعت البخاريّ يقول : لو نشر بعض أستاذي (١٢) هؤلاء لم يفهموا كيف صنفت كتاب «التاريخ» ولا عرفوه. ثم قال : صنفته ثلاث مرات (١٣).

__________________

(١) ٩ ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٣٨.

(١) ١٠ في الأصل والمطبوع : (قضايا الصحابة) والتصحيح من تهذيب الكمال.

(١) ١١ ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٣٩ ، ٤٤٠.

(١) ١٢ في المطبوع والأصل : (إسنادى)

(١) ١٣ ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤٠.

٧

حدّثني أبو النجيب الأرموي قال حدّثني محمّد بن إبراهيم بن أحمد الأصبهانيّ قال أخبرني محمّد بن إدريس الورّاق قال نبأنا محمّد بن حم البخاريّ قال أنبأنا محمّد بن يوسف قال : نبأنا ابن أبي حاتم الورّاق قال : سمعت محمّد بن إسماعيل يقول : أخذ إسحاق بن راهويه كتاب «التاريخ» الذي صنفت فأدخله على عبد الله بن طاهر فقال أيها الأمير ألا أريك سحرا؟ قال فنظر فيه عبد الله بن طاهر فتعجب منه ، وقال : لست أفهم تصنيفه (١٤).

أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح قال سمعت محمّد بن حميد اللّخميّ يقول سمعت القاضي أبا الحسن محمّد بن صالح الهاشميّ يقول سمعت أبا العبّاس بن سعيد يقول : لو أن رجلا كتب ثلاثين ألف حديث لما استغني عن كتاب «التاريخ» تصنيف محمّد بن إسماعيل البخاريّ (١٥).

قرأت على الحسين بن محمّد بن الحسن المؤدّب ـ أخى أبي محمّد الخلّال ـ عن أبي سعد عبد الرّحمن بن محمّد الإدريسي الحافظ قال حدّثني محمّد بن عبد الله بن محمّد بن سعيد الحافظ أبو عبد الله السرخسي بسمرقند قال حدّثني الحسن بن الحسين البخاريّ قال نبأنا عامر بن المنتجع قال سمعت أبا بكر المديني يقول : كنا يوما بنيسابور عند إسحاق بن راهويه ومحمّد بن إسماعيل حاضر في المجلس ، فمر إسحاق بحديث من أحاديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان دون صاحب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عطاء الكيخاراني فقال له إسحاق : يا أبا عبد الله أيش كيخاران؟ قال : قرية باليمن كان معاوية بن أبي سفيان بعث هذا الرجل من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى اليمن فسمع منه عطاء حديثين. فقال له إسحاق : يا أبا عبد الله كأنك قد شهدت القوم (١٦).

أخبرني محمّد بن أحمد بن يعقوب قال أنبأنا محمّد بن نعيم الضّبّيّ قال سمعت خلف بن محمّد بن إسماعيل البخاريّ يقول سمعت إبراهيم بن معقل النسفي يقول سمعت أبا عبد الله محمّد بن إسماعيل يقول : كنت عند إسحاق بن راهويه فقال لنا بعض أصحابنا لو جمعتم كتابا مختصرا لسنن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فوقع ذلك في قلبي ، فأخذت في جمع هذا الكتاب ـ يعني كتاب «الجامع (١٧)».

__________________

(١) ١٤ ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤٠ ، ٤٤١.

(١) ١٥ ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤١.

(١) ١٦ ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤١.

(١) ١٦ ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤١ ، ٤٤٢.

(١) ١٧ ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤١ ، ٤٤٢.

٨

كتب إليّ عليّ بن أبي حامد الأصبهانيّ يذكر أن أبا أحمد محمّد بن محمّد بن مكي الجرجانيّ حدّثهم قال : سمعت السّعداني يقول : سمعت بعض أصحابنا يقول : قال محمّد بن إسماعيل : أخرجت هذا الكتاب ـ يعني «الصحيح» ـ من زهاء ستمائة ألف حديث (١٨).

أخبرنا أبو سعد الماليني قال أنبأنا عبد الله بن عدي قال سمعت الحسن بن الحسين البخاريّ يقول سمعت إبراهيم بن معقل يقول سمعت محمّد بن إسماعيل البخاريّ يقول : ما أدخلت في كتابي «الجامع» إلا ما صح ، وتركت من الصحاح لحال الطّول (١٩).

حدّثني محمّد بن عليّ الصوري قال نبأنا عبد الغني بن سعيد الحافظ قال أنبأنا أبو الفضل جعفر بن الفضل قال أنبأنا محمّد بن موسى بن يعقوب بن المأمون قال سئل أبو عبد الرّحمن ـ يعنى النّسائيّ ـ عن العلاء وسهيل فقال : هما خير من فليح ، ومع هذا فما في هذه الكتب كلها أجود من كتاب محمّد بن إسماعيل البخاريّ (٢٠).

حدّثني أبو الحسين بن عليّ بن محمّد جعفر العطّار الأصبهانيّ بالري قال سمعت أبا الهيثم الكشميهني يقول سمعت محمّد بن يوسف الفربري يقول قال لي محمّد ابن إسماعيل البخاريّ : ما وضعت في كتاب «الصحيح» حديثا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين(٢١).

حدّثني محمّد بن أبي الحسن الساحلي قال أنبأنا أحمد بن الحسن الرّازيّ قال سمعت عبد الله بن عدي يقول سمعت عبد القدوس بن همّام يقول سمعت عدة من المشايخ يقولون : حوّل محمّد بن إسماعيل البخاريّ تراجم جامعه بين قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومنبره ، وكان يصلي لكل ترجمة ركعتين (٢٢).

أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري بنيسابور قال سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن أحمد الفقيه البلخيّ يقول سمعت أبا العبّاس أحمد بن عبد الله الصّفّار البلخيّ يقول سمعت أبا إسحاق المستملي يروي عن محمّد بن يوسف الفربريّ أنه

__________________

(١) ١٨ ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤٢.

(١) ١٩ في الأصل والمطبوعة : (الطوال)

(١) ٢٠ ـ انظر : تهذيب ٢٤ / ٤٤٢.

(١) ٢١ ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤٣.

(١) ٢٢ ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤٣.

٩

كان يقول : سمع كتاب «الصحيح» لمحمّد بن إسماعيل تسعون ألف رجل فما بقي أحد يروي عنه غيري (٢٣).

قرأت علي الحسين بن محمّد أخي الخلّال عن عبد الرّحمن بن محمّد الإدريسي قال حدّثني محمّد بن حم قال نبأنا محمّد بن يوسف الفربري قال نبأنا محمّد بن أبي حاتم قال : قلت لأبي عبد الله محمّد بن إسماعيل : تحفظ جميع ما أدخلت في المصنف؟ قال لا يخفى عليّ جميع ما فيه (٢٤).

أخبرنا أبو الحسن عليّ بن إبراهيم بن نصرويه السّمرقنديّ قال أنبأنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن متّ الإشتيخني بها قال نبأنا الفربري محمّد بن يوسف قال سمعت محمّدا البخاريّ بخوارزم يقول : رأيت أبا عبد الله محمّد بن إسماعيل ـ يعني في المنام ـ خلف النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم والنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يمشي ، فكلما رفع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قدمه وضع أبو عبد الله محمّد بن إسماعيل قدمه في ذلك الموضع (٢٥).

أخبرنا أبو سعد الماليني قال أنبأنا عبد الله بن عدي قال سمعت محمّد بن يوسف الفربري قال سمعت النّجم بن الفضيل ـ وكان من أهل الفهم ـ يقول : رأيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في المنام خرج من قرية ماستين (٢٦) ومحمّد بن إسماعيل خلفه فكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا خطا خطوة يخطو محمّد [بن إسماعيل] (٢٧) ويضع قدمه على خطوة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ويتبع أثره (٢٨).

كتب إليّ أبو الحسن عليّ بن أحمد بن محمّد بن الحسين الجرجانيّ من أصبهان يذكر أنه سمع أبا أحمد محمّد بن محمّد بن مكي الجرجانيّ يقول سمعت محمّد ابن يوسف الفربري يقول : رأيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في النوم فقال لي : أين تريد؟ فقلت أريد : محمّد بن إسماعيل البخاريّ ، فقال : أقرئه مني السّلام (٢٩).

حدّثني أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عليّ السوذرجاني بأصبهان من لفظه قال نبأنا عليّ بن محمّد بن الحسين الفقيه قال نبأنا خلف بن محمّد الخيام (٣٠) قال

__________________

(١) ٢٣ ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤٣.

(١) ٢٤ ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤٣.

(١) ٢٥ ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤٤.

(١) ٢٦ في المطبوعة والأصل : (ماستى) خطأ ، و (ماستين) قرية من قرى بخارى.

(١) ٢٧ ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(١) ٢٨ ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤٤.

(١) ٢٩ ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤٤ ، ٤٤٥.

(١) ٣٠ في المطبوعة : (ابن الخيام)

١٠

سمعت أبا محمّد المؤذن عبد الله بن محمّد بن إسحاق السّمسار يقول سمعت شيخي يقول ذهبت عينا محمّد بن إسماعيل في صغره فرأت والدته في المنام إبراهيم الخليل عليه‌السلام فقال لها : يا هذه قد رد الله على ابنك بصره لكثرة بكائك ، أو لكثرة دعائك. قال : فأصبح وقد رد الله عليه بصره (١).

أخبرني أبو الوليد الحسن بن محمّد بن عليّ الدربندي قال أنبأنا أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن محمّد بن سليمان بن كامل الحافظ ببخارى قال نبأنا أبو عمرو أحمد بن محمّد بن عمر المقرئ قال سمعت : أبا حسّان مهيب بن سليم يقول سمعت جعفر بن محمّد القطّان إمام الجامع بكرمينية يقول سمعت محمّد بن إسماعيل البخاريّ يقول : كتبت عن ألف شيخ وأكثر ما عندي حديث لا أذكر إسناده (٢).

وقال أبو عبد الله سمعت أبا عمرو أحمد بن محمّد بن عمر المقرئ يقول سمعت أبا محمّد عبد الله بن محمّد بن عمر الأديب يقول سمعت أحيد بن أبي جعفر والي بخارى يقول : قال محمّد بن إسماعيل يوما رب : حديث سمعته بالبصرة كتبته بالشام ، ورب حديث سمعته بالشام كتبته بمصر. قال : فقلت له يا أبا عبد الله بكماله؟ قال فسكت (٣).

أخبرني أبو الوليد قال أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد بن سليمان الحافظ قال نبأنا أبو عمر وأحمد بن محمّد بن عمر المقرئ وأبو نصر أحمد بن أبي حامد الباهلي قالا سمعنا أبا سعيد بكر بن منير يقول سمعت محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي يقول : كنت عند أبي حفص أحمد بن حفص أسمع كتاب «الجامع» ـ جامع سفيان ـ في كتاب والدي ، فمر أبو حفص على حرف ولم يكن عندي ما ذكر ، فراجعته فقال كذلك ، فراجعته الثانية فقال كذلك ، فراجعته الثالثة فسكت سويعة ، ثم قال : من هذا؟ قالوا هذا ابن إسماعيل بن إبراهيم بن بردزبة. فقال أبو حفص : هو كما قال ، واحفظوا فإن هذا يوما يصير رجلا.

قال أبو نصر الباهلي سمعت بكر بن منير يقول : ابن بردزبة هو بالبخاريّة : وبالعربية الزراع.

__________________

(١) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤٥.

(٢) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤٥.

(٣) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤٦.

١١

أخبرني الحسن بن محمّد البلخيّ الأشقر قال أنبأنا محمّد بن أبي بكر الحافظ ببخارى قال نبأنا أبو عمرو أحمد بن محمّد بن عمر المقرئ قال نبأنا أبو سعيد بكر ابن منير قال : سمعت أبا عبد الله بن إسماعيل يقول : منذ ولدت ما اشتريت من أحد بدرهم شيئا قط ولا بعت من أحد بدرهم شيئا قط. فسألوه عن شراء الحبر والكواغد فقال : كنت آمر إنسانا يشتري لي.

وقال أبو سعيد بكر بن منير : كان حمل إلى محمّد بن إسماعيل بضاعة أنفذها إليه فلان ، فاجتمع بعض التجار إليه بالعشية فطلبوها منه بربح خمسة آلاف درهم فقال لهم انصرفوا الليلة ، فجاءه من الغد تجار آخرون فطلبوا منه تلك البضاعة بربح عشرة آلاف درهم فردهم وقال إني نويت البارحة أن أدفع [إلى الذين طلبوا أمس بما طلبوا أول مرة فدفعها] (١) إليهم بما طلبوا ـ يعني الذين طلبوا أول مرة ـ ودفع إليهم بربح خمسة آلاف درهم ، وقال : لا أحب أن أنقض نيتي.

أخبرني محمّد بن أحمد بن يعقوب قال أنبأنا محمّد بن نعيم الضّبّيّ قال أخبرني محمّد بن خالد المطوعي قال نبأنا مسبّح (٢) بن سعيد قال : كان محمّد بن إسماعيل البخاريّ إذا كان أول ليلة من شهر رمضان يجتمع إليه أصحابه فيصلي بهم ويقرأ في كل ركعة عشرين آية ، وكذلك إلى أن يختم القرآن. وكان يقرأ في السحر ما بين النصف إلى الثلث من القرآن فيختم عند السحر في كل ثلاث ليال ، وكان يختم بالنهار كل يوم ختمة وكون (٣) ختمه عند الإفطار كل ليلة ، ويقول : عند كل ختم دعوة مستجابة (٤).

أخبرني أبو الوليد الدربندي قال أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد بن سليمان الحافظ قال نبأنا أحمد بن محمّد بن عمر المقرئ قال : سمعت أبا سعيد بكر بن منير يقول : كان محمّد بن إسماعيل يصلي ذات يوم فلسعه الزنبور سبع عشرة مرة ، فلما قضى صلاته قال : انظروا أيش هذا الذي آذاني في صلاتي؟ فنظروا فإذا الزنبور قد ورمه في سبعة عشر موضعا ولم يقطع صلاته (٥).

__________________

(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(٢) في المطبوعة والأصل (نسج) وفي المخطوطة (مسيح) وما أثبتناه من تهذيب الكمال.

(٣) في المطبوعة : (ويكون)

(٤) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤٦.

(٥) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤٦.

١٢

حدّثني أبو النجيب الأرموي قال حدّثني محمّد بن إبراهيم بن محمّد الأصبهانيّ قال أخبرني أحمد بن عليّ الفارسيّ قال نبأنا أحمد بن عبد الله بن محمّد قال نبأنا جدي محمّد بن يوسف الفربري قال نبأنا محمّد بن أبي حاتم الورّاق قال : دعى محمّد بن إسماعيل إلى بستان بعض أصحابه ، فلما حضرت صلاة الظهر صلى بالقوم ثم قام للتطوع ، فأطال القيام ، فلما فرغ من صلاته رفع ذيل قميصه فقال لبعض من معه : انظر هل ترى تحت قميصي شيئا؟ فإذا زنبور قد أبره في ستة عشر أو سبعة عشر موضعا ، وقد تورم من ذلك جسده ، وكانت آثار الزنبور في جسده ظاهرة فقال له بعضهم : كيف لم تخرج من الصلاة في أول ما أبرك؟ فقال : كنت في سورة فأحببت أن أتمها (١).

حدّثني أبو النجيب الأرموي قال حدّثني محمّد بن إبراهيم الأصبهانيّ قال سمعت أحمد بن عليّ السليماني يقول سمعت عليّ بن محمّد بن منصور يقول سمعت أبي يقول : كنا في مجلس أبي عبد الله محمّد بن إسماعيل فرفع إنسان من لحيته قذاة فطرحها على الأرض ، قال : فرأيت محمّد بن إسماعيل ينظر إليها وإلى الناس ، فلما غفل الناس رأيته مد يده فرفع القذاة من الأرض فأدخلها في كمه ، فلما خرج من المسجد رأيته أخرجها فطرحها على الأرض.

أخبرني الحسن بن محمّد الأشقر قال أنبأنا محمّد بن أبي بكر البخاريّ الحافظ قال نبأنا أبو عمرو أحمد بن محمّد المقرئ قال سمعت بكر بن منير يقول : سمعت محمّد بن إسماعيل يقول : إني أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحدا (٢).

وأخبرني الحسن بن محمّد قال أنبأنا محمّد بن أبي بكر الحافظ قال نبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد بن هارون الملاحمي قال سمعت أبا بكر محمّد بن صابر ابن كاتب يقول سمعت عمر بن حفص الأشقر يقول : كنا مع محمّد بن إسماعيل بالبصرة نكتب الحديث ، ففقدناه أياما فطلبناه فوجدناه في بيت وهو عريان وقد نفد ما عنده ، ولم يبق معه شيء ، فاجتمعنا وجمعنا له الدراهم حتى اشترينا له ثوبا وكسوناه ، ثم اندفع معنا في كتابة الحديث.

__________________

(١) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤٧.

(٢) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤٦.

١٣

حدّثني أبو النجيب الأرموي قال حدّثني محمّد بن إبراهيم الأصبهانيّ قال أخبرني محمّد بن إدريس الورّاق قال نبأنا محمّد بن حم قال نبأنا محمّد بن يوسف قال نبأنا محمّد بن أبي حاتم الورّاق قال : كان أبو عبد الله إذا كنت معه في سفر يجمعنا بيت واحد إلا في القيظ أحيانا ، فكنت أراه يقوم في ليلة واحدة خمس عشرة مرة إلى عشرين مرة في كل ذلك يأخذ القداحة فيورى نارا بيده ويسرج ثم يخرج أحاديث فيعلم عليها ، ثم يضع رأسه ، وكان يصلي في وقت السحر ثلاث عشرة ركعة يوتر منها بواحدة ، وكان لا يوقظني في كل ما يقوم ، فقلت له : إنك تحمل على نفسك كل هذا ولا توقظني؟ قال : أنت شاب فلا أحب أن أفسد عليك نومك. ورأيته استلقى على قفاه يوما ونحن بفربر في تصنيف كتاب «التفسير» ، وكان أتعب نفسه في ذلك اليوم في كثرة إخراج الحديث ، فقلت له : يا أبا عبد الله سمعتك تقول يوما إني ما أتيت شيئا بغير علم قط منذ عقلت ، فأي علم في هذا الاستلقاء؟ فقال : أتعبنا أنفسنا في هذا اليوم ، وهذا ثغر من الثغور خشيت أن يحدث حدث من أمر العدو فأحببت أن أستريح وآخذ أهبة ذلك ، فإن غافصنا العدو كان بنا حراك (١).

حدّثني أبو عبد الله محمّد بن عليّ الصوري ببغداد ، وأبو محمّد عبد الله بن عليّ ابن عياض بن أبي عقيل القاضي بصور ، وأبو نصر عليّ بن الحسين بن أحمد بن أبي سلمة الورّاق بصيدا. قالوا : أنبأنا محمّد بن أحمد بن جميع الغساني قال حدّثني أحمد ابن محمّد بن آدم بن عبيد أبو سعيد قال نبأنا محمّد بن يوسف الفربري قال : كنت عند محمّد بن إسماعيل البخاريّ بمنزله ذات ليلة فأحصيت عليه أنه قام وأسرج يستذكر أشياء يعلقها في ليلة ، ثماني عشرة مرة (٢).

حدّثني أبو الوليد الدربندي قال سمعت محمّد بن الفضل المفسر يقول سمعت أبا إسحاق الزنجاني (٣) يقول سمعت عبد الرّحمن بن رساين البخاريّ يقول سمعت محمّد بن إسماعيل البخاريّ يقول : صنفت كتابي «الصحيح» لست عشرة سنة ، خرجته من ستمائة ألف حديث ، وجعلته حجة فيما بيني وبين الله تعالى (٤).

__________________

(١) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤٧ ، ٤٤٨.

(٢) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤٨.

(٣) في الأصل والمطبوعة : (الريحاني) والتصحيح من تهذيب الكمال.

(٤) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤٨ ، ٤٤٩.

١٤

وأخبرني أبو الوليد قال أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد الحافظ قال أنبأنا محمّد ابن سعيد التاجر قال نبأنا محمّد بن يوسف قال نبأنا محمّد بن أبي حاتم الورّاق قال سمعت حاشد بن إسماعيل يقول : كان أبو عبد الله بن إسماعيل يختلف معنا إلى مشايخ البصرة وهو غلام فلا يكتب حتى أتى على ذلك أيام ، وكنا نقول له : إنك تختلف معنا ولا تكتب فما معناك ، فيما تصنع؟ فقال لنا بعد ستة عشر يوما : إنكما قد أكثرتما عليّ وألححتما ، فاعرضا على ما كتبتما. فأخرجنا ما كان عندنا ، فزاد على خمسة عشر ألف حديث ، فقرأها كلها عن ظهر قلب حتى جعلنا نحكم كتبنا على حفظه ، ثم قال أترون أني أختلف هدرا وأضيع أيامي؟ فعرفنا أنه لا يتقدمه أحد. قال : وكان أهل المعرفة من أهل البصرة يعدون خلفه في طلب الحديث وهو شاب حتى يغلبوه على نفسه ويجلسوه في بعض الطريق ، فيجتمع عليه ألوف أكثرهم ممن يكتب عنه. قال : وكان أبو عبد الله عند ذلك شابا لم يخرج وجهه.

أخبرني الحسن بن محمّد الأشقر قال أنبأنا محمّد بن أبي بكر الحافظ قال نبأنا خلف بن محمّد قال سمعت أبا العبّاس الفضل بن إسحاق بن الفضل البزّار يقول : حدّثنا أحمد بن المنهال العابد قال نبأنا أبو بكر الأعين قال كتبنا عن محمّد بن إسماعيل على باب محمّد بن يوسف الفريابي وما في وجهه شعرة ، فقلت : ابن كم كنت؟ قال : كنت ابن سبع عشرة سنة (١).

وأخبرني الحسن بن محمّد قال أنبأنا محمّد بن أبي بكر قال سمعت أبا القاسم منصور بن إسحاق بن إبراهيم الأسديّ يقول سمعت أبا محمّد عبد الله بن محمّد بن إبراهيم الداغوني يقول سمعت يوسف بن موسى المروروذي يقول : كنت بالبصرة في جامعها إذ سمعت مناديا ينادي : يا أهل العلم ، قد قدم محمّد بن إسماعيل البخاريّ ، فقاموا في طلبه ، وكنت معهم ، فرأينا رجلا شابا لم يكن في لحيته شيء من البياض يصلي خلف الأسطوانة ، فلما فرغ من الصلاة أحدقوا به ، وسألوه أن يعقد لهم مجلس الإملاء فأجابهم إلى ذلك ، فقام المنادي ثانيا فنادى في جامع البصرة : قد قدم أبو عبد الله محمّد بن إسماعيل البخاريّ ، فسألناه أن يعقد مجلس الإملاء فقد أجاب بأن يجلس غدا في موضع كذا. قال : فلما أن كان بالغداة حضر الفقهاء والمحدثون والحفاظ والنظار حتى اجتمع قريب من كذا وكذا ألفا. فجلس أبو عبد الله محمّد

__________________

(١) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤٩.

١٥

ابن إسماعيل للإملاء فقال قبل أن أخذ في الإملاء قال لهم : يا أهل البصرة ، أنا شاب وقد سألتموني أن أحدّثكم وسأحدّثكم بأحاديث عن أهل بلدكم تستفيدون الكل. قال فبقي الناس [متعجبين] (١) من قوله ، ثم أخذ في الإملاء فقال نبأنا عبد الله بن عثمان بن حبلة بن أبي رواد العتكي بلديكم قال أنبأنا أبي ، عن شعبة ، عن منصور وغيره ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن أنس بن مالك. أن أعرابيا جاء إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا رسول الله ، الرجل يحب القوم ، فذكر حديث : «المرء مع من أحب (٢)».

ثم قال محمّد بن إسماعيل : هذا ليس عندكم إنما عندكم عن غير منصور عن سالم. قال يوسف بن موسى : وأملى عليهم مجلسا على هذا النسق ، يقول في كل حديث روى شعبة هكذا ، الحديث عندكم كذا ، فأما من رواية فلان فليس عندكم أو كلاما ذا معناه. قال يوسف بن موسى : وكان دخولي البصرة أيام محمّد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، وهلال الرأى ، وأحمد بن عبدة الضّبّيّ ، وحميد بن مسعدة ، وغيرهم. ثم دخلت البصرة مرات بعد ذلك.

ذكر وصف البصريّين البخاريّ ومدحهم إياه :

أخبرني الحسن بن محمّد الأشقر قال أنبأنا محمّد بن أبي بكر قال نبأنا محمّد بن سعيد التّاجر قال نبأنا محمّد بن يوسف بن مطر قال نبأنا محمّد بن أبي حاتم قال سمعت حاشد بن إسماعيل يقول كنت بالبصرة فسمعت قدوم محمّد بن إسماعيل ، فلما قدم قال محمّد بشّار (٣) : دخل اليوم سيد الفقهاء. (٤)

وأخبرني الحسن قال أنبأنا محمّد بن أبي بكر قال أنبأنا أبو شجاع الفضيل بن العبّاس بن الخصيب التّميميّ قال نبأنا أبو قريش محمّد بن جمعة بن خلف قال سمعت بندارا محمّد بن بشّار يقول : حفاظ الدّنيا أربعة أبو زرعة بالري ، ومسلم بن الحجّاج بنيسابور ، وعبد الله بن عبد الرّحمن الدارمي بسمرقند ، ومحمّد بن إسماعيل البخاريّ ببخارى (٥).

__________________

(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

(٢) ـ انظر الحديث في : صحيح البخاري ٨ / ٤٨ ، ٤٩. وصحيح مسلم ، كتاب البر والصلة ١٦٥. وسنن أبى داود ٥١٢٧. وسنن الترمذي ٢٣٨٦.

(٣) في الأصل والمطبوعة : (محمد بن يسار) تحريف. وسيأتي في النص التالي تصحيحه.

(٤) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤٩.

(٥) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٤٩ ، ٤٥٠.

١٦

أخبرني أبو الوليد الدّربندي قال أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد بن سلمان قال نبأنا خلف بن محمّد بن إسماعيل قال نبأنا عمر بن محمّد بن بجير قال سمعت محمد ابن بشّار العبدي بندارا يقول : عبد الله بن عبد الرّحمن السّمرقنديّ ، ومحمّد بن إسماعيل البخاريّ ، وأبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرّازيّ ، غلماني خرجوا من تحت كرسيّ (١).

وقال خلف : سمعت أبا علي الحسين بن إسماعيل الفارسيّ يقول سمعت محمّد ابن إبراهيم البوشنجي يقول سمعت بندارا محمّد بن بشّار ، سنة ثمان وعشرين ومائتين يقول : ما قدم علينا مثل محمّد بن إسماعيل (٢).

قرأت على الحسين بن محمّد أخى الخلّال عن أبي سعد الإدريسي قال : حدّثني محمّد بن حم بن ناقب البخاريّ بسمرقند قال نبأنا محمّد بن يوسف الفربري قال نبأنا محمّد بن أبي حاتم قال سمعت محمّد بن إسماعيل البخاريّ يقول : لما دخلت البصرة صرت إلى مجلس محمّد بن بشّار ، فلما خرج وقع بصره عليّ فقال : من أين الفتى؟ قلت : من أهل بخارى. قال كيف تركت أبا عبد الله؟ فأمسكت. فقال له أصحابه : رحمك الله هو أبو عبد الله ، فقام فأخذ بيدي وعانقني وقال مرحبا بمن أفتخر به منذ سنين (٣).

أخبرني محمّد بن أحمد بن يعقوب قال أنبأنا محمّد بن نعيم الضّبّيّ قال أنبأنا أبو الفضل محمّد بن يوسف بن ريحان الأمير ببخارى قال حدّثني أبي يوسف بن ريحان قال سمعت محمّد بن إسماعيل البخاريّ يقول : كان عليّ بن المديني يسألني عن شيوخ خراسان ، فكنت أذكر له محمّد بن سلام فلا يعرفه ، إلى أن قال لي يوما : يا أبا عبد الله كل من أثنيت عليه فهو عندنا الرضا (٤).

أخبرنا أبو حازم عمر بن أحمد بن إبراهيم العبدوي قال سمعت محمّد بن محمّد ابن العبّاس يقول سمعت جدي أحمد بن عبد الله يقول سمعت جدي محمّد بن يوسف يقول سمعت محمّد بن إسماعيل البخاريّ يقول : ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند عليّ بن المديني ، وربما كنت أغرب عليه (٥٥).

__________________

(١) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٥٠.

(٢) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٥٣ ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٥٠ ، ٤٥١.

(٣) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٥١.

(٤) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٥١.

١٧

حدّثني عبد الله بن أحمد بن عليّ السوذرجاني لفظا قال نبأنا عليّ بن محمّد بن الحسين الفقيه قال نبأنا خلف الخيام قال سمعت إسحاق بن أحمد بن خلف يقول سمعت محمّد بن إسماعيل غير مرة يقول : ما تصاغرت نفسي عند أحد إلا عند عليّ ابن المديني ، ما سمعت الحديث من في إنسان أشهى عندي أن أسمعه من في عليّ (١).

وقال إسحاق حدّثني حامد بن عليّ قال ذكر لعليّ بن المديني قول محمّد بن إسماعيل : ما تصاغرت نفسي عند أحد إلا عند عليّ بن المديني ، فقال : ذروا قوله ، هو ما رأى مثل نفسه (٢).

أخبرنا عليّ بن أبي علي المعدّل قال نبأنا أبو نصر أحمد بن محمّد بن إبراهيم الحازمي البخاريّ قال نبأنا عبد الرّحمن بن محمّد بن حريث قال نبأنا أحمد بن سلمة قال حدّثني فتح بن نوح النّيسابوري ، قال : أتيت عليّ بن المديني فرأيت محمّد ابن إسماعيل جالسا عن يمينه ، وكان إذا حدّث التفت إليه كأنه يهابه (٣).

حدّثني أبو النجيب الأرموي قال حدّثني محمّد بن إبراهيم الأصبهانيّ قال أخبرني محمّد بن إدريس الورّاق قال نبأنا محمّد بن حم قال نبأنا محمّد بن يوسف قال نبأنا محمّد بن أبي حاتم الورّاق قال : سمعت محمّد بن إسماعيل يقول : ذاكرني أصحاب عمرو بن عليّ بحديث ، فقلت : لا أعرفه ، فسروا بذلك ، وساروا إلى عمرو ابن عليّ فقالوا له ذاكرنا محمّد بن إسماعيل البخاريّ بحديث فلم يعرفه. فقال عمرو ابن عليّ : حديث لا يعرفه محمّد بن إسماعيل ليس بحديث (٤).

أخبرني الحسن بن محمّد الأشقر قال أنبأنا محمّد بن أبي بكر قال نبأنا أبو نصر محمّد بن سعيد بن أحمد بن سعيد التاجر قال نبأنا محمّد بن يوسف بن مطر قال نبأنا محمّد بن أبي حاتم الورّاق قال : سمعت محمّد بن قتيبة ـ قريب أبي عبد الله محمّد بن إسماعيل ـ يقول كنت عند أبي عاصم النبيل فرأيت عنده غلاما فقلت له من أين أنت؟ قال : من بخارى. قلت ابن من؟ فقال : ابن إسماعيل. فقلت له : أنت قرابتي ، فعانقته. فقال لي رجل في مجلس أبي عاصم : هذا الغلام يناطح الكباش (٥).

__________________

(١) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٥١.

(٢) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٥١.

(٣) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٥٤.

(٤) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٥٤.

(٥) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٥٤ ، ٤٥٥.

١٨

أخبرني أبو الوليد قال أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد قال نبأنا أبو محمّد عبد الله بن أحمد الخولاني قال نبأنا أبو ذر محمّد بن محمّد بن يوسف القاضي قال سمعت أبا معشر حمدويه بن الخطّاب يقول : لما قدم أبو عبد الله محمّد بن إسماعيل من العراق قدمته الأخيرة وتلقاه من تلقاه من الناس ، وازدحموا عليه وبالغوا في بره. فقيل له في ذلك وفيما كان من كرامة الناس وبرهم له. فقال : فكيف لو رأيتم يوم دخولنا البصرة (١).

وصف أهل الحجاز والكوفة له :

أخبرني أبو الوليد الدربندي قال أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد بن سليمان الحافظ قال نبأنا محمّد بن سعيد التاجر قال نبأنا محمّد بن يوسف قال نبأنا محمّد ابن أبي حاتم قال سمعت محمّد بن إسماعيل يقول : كان إسماعيل بن أبي أويس إذا انتخبت من كتابه نسخ تلك الأحاديث لنفسه. وقال : هذه أحاديث انتخبها محمّد ابن إسماعيل من حديثي (٢).

قال محمّد بن أبي حاتم وسمعت حاشد بن عبد الله يقول قال لي أبو مصعب أحمد بن أبي بكر المديني : محمد بن إسماعيل أفقه عندنا وأبصر من ابن حنبل. فقال له رجل من جلسائه : جاوزت الحد. فقال أبو مصعب : لو أدركت مالكا ونظرت إلى وجهه ووجه محمّد بن إسماعيل لقلت : كلاهما واحد في الفقه والحديث (٣).

أخبرني الحسن بن محمّد الأشقر قال أنبأنا محمّد بن أبي بكر قال نبأنا خلف بن محمّد قال نبأنا أبو عمرو عامر بن المنتجع قال نبأنا أحمد بن الضوء قال سمعت أبا بكر بن أبي شيبة ومحمّد بن عبد الله بن نمير يقولان ما رأينا مثل محمّد بن إسماعيل (٤).

أخبرني أبو الوليد قال أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد قال نبأنا محمّد بن سعيد قال نبأنا محمّد بن يوسف قال نبأنا محمّد بن أبي حاتم قال سمعت محمود بن النّضر أبا سهل الشّافعيّ يقول : دخلت البصرة ، والشام ، والحجاز ، والكوفة ، ورأيت علماءها فكلما جرى ذكر محمّد بن إسماعيل فضلوه على أنفسهم.

__________________

(١) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٥٥.

(٢) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٥٥.

(٣) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٥٥.

(٤) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٥٢.

١٩

ذكر عقد البخاريّ مجلس التحديث ببغداد وامتحان البغداديّين له :

أخبرني الحسن بن محمّد قال أنبأنا محمّد بن أبي بكر قال نبأنا أبو نصر أحمد بن أبي حامد الباهلي قال سمعت إسحاق بن أحمد بن خلف قال سمعت أبا علي صالح ابن محمّد البغداديّ يقول : كان محمّد بن إسماعيل يجلس ببغداد ، وكنت أستملي له ، ويجتمع في مجلسه أكثر من عشرين ألفا (١).

وقال محمّد بن أبي بكر : سمعت أبا صالح خلف بن محمّد يقول سمعت محمّد ابن يوسف بن عاصم يقول رأيت لمحمّد بن إسماعيل ثلاثة مستملين ببغداد ، وكان اجتمع في مجلسه زيادة على عشرين ألف رجل (٢).

حدّثني محمّد بن أبي الحسن السّاحلي قال : أنبأنا أحمد بن الحسن الرّازي قال سمعت [أبا (٣)] أحمد بن عديّ يقول سمعت عدة مشايخ يحكون أن محمّد بن إسماعيل البخاريّ قدم بغداد فسمع به أصحاب الحديث ، فاجتمعوا وعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها ، وجعلوا متن هذا الإسناد لإسناد آخر ، وإسناد هذا المتن لمتن آخر ، ودفعوا إلى عشرة أنفس إلى كل رجل عشرة أحاديث ، وأمروهم إذا حضروا المجلس أن يلقوا ذلك على البخاريّ ، وأخذوا الموعد للمجلس فحضر المجلس جماعة أصحاب الحديث من الغرباء من أهل خراسان وغيرها ومن البغداديّين. فلما اطمأن المجلس بأهله انتدب إليه رجل من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث. فقال البخاريّ : لا أعرفه. فسأله عن آخر ، فقال : لا أعرفه ، فما زال يلقي عليه واحدا بعد واحد حتى فرغ من عشرته ، والبخاريّ يقول لا أعرفه. فكان الفهماء (٤) ممن حضر المجلس يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون : الرجل فهم ، ومن كان منهم غير ذلك يقضي على البخاريّ بالعجز والتقصير وقلة الفهم. ثم انتدب رجل آخر من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة ، فقال البخاريّ لا أعرفه ، فسأله عن آخر فقال لا أعرفه ، فسأله عن آخر فقال لا أعرفه. فلم يزل يلقي عليه واحدا بعد آخر حتى فرغ من عشرته والبخاريّ يقول لا أعرفه. ثم انتدب

__________________

(١) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٥٢.

(٢) ـ انظر : تهذيب الكمال ٢٤ / ٤٥٢.

(٣) في الأصل : (سمعت أحمد)

(٤) في تهذيب الكمال : (فكان الفقهاء)

٢٠