تاريخ مدينة دمشق - ج ١٨

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ١٨

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٥٩
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

٢٢٣١ ـ زبّان (١) بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم

ابن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس

أبو إبراهيم ، ويقال : أبو عمرو الأموي (٢)

أخو عمر بن عبد العزيز ، سكن مصر.

روى عن عمر بن عبد العزيز ، وأبي بكر بن عبد الرّحمن.

روى عنه : الأوزاعي ، والليث بن سعد ، وأسامة بن زيد الليثي ، ومعاوية بن صالح ، وبكير بن قيس مولى بني أمية ، وعبد الله بن موسى ، وعبد العزيز الدّراوردي ، وأخوه حري بن عبد العزيز ، وابن أخيه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ، وكان له عقب بالأندلس.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي بن محمّد ، وأبو المواهب أحمد بن عبد الملك ، قالا : أنا أبو محمّد الحسن بن علي ، أنا أبو الحسن بن المظفّر ، نا أبو بكر بن الباغندي ، نا محمّد بن المصفّى القرشي ، نا بقية بن الوليد ، عن الأوزاعي ، نا أسامة بن زيد ، عن زبّان بن عبد العزيز ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن عائشة ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه كان يوتر بثلاث ، يسلم في الركعتين سلاما يسمعنا ثم يقوم فيصلي ركعة [٤٢٥٨].

قال : ونا الباغندي ، حدّثني محمّد بن خلف العسقلاني ، أبو نصر ، نا محمّد بن يوسف ، قال : ونا الفضل بن يعقوب الرحامي ، نا محمّد بن يوسف الفريابي ، نا الأوزاعي ، عن أسامة بن زيد ، عن زبّان بن عبد العزيز ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن عائشة ، قالت : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يصلّي يفرق بين الشفع والوتر ، وأنا في بيت أسمع تسليمه [٤٢٥٩].

تابعه يحيى بن عبد الله الباهلي ، عن الأوزاعي.

__________________

(١) ورد بالأصل «زيان» بالباء تحتها نقطتان ، والمثبت بالباء الموحدة يوافق ما جاء في المختصر والوافي بالوفيات وم.

وقد صحح الاسم بالباء الموحدة أينما ورد بالترجمة.

(٢) ترجمته في الوافي بالوفيات ١٤ / ١٦٩ وكناه أبا مروان.

٣٠١

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو سعد الجنزرودي (١) ، نا أبو محمّد المخلدي ، إملاء ، أنا أبو عمران موسى بن العباس الجويني ، نا محمّد بن سنان البصري ، نا إسحاق بن إدريس ، نا أبو إسحاق السّلمي ، عن عبد العزيز بن عمر ، عن زبّان بن عبد العزيز ، عن أبي بكر بن عبد الرّحمن ، عن أبان بن عثمان ، عن عثمان بن عفان ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من خرج مخرجا فقال حين يخرج : بسم الله (٢) آمنت بالله ، واعتصمت بالله ، وتوكّلت على الله ، عصم من شرّ مخرجه ذلك» [٤٢٦٠].

روي من وجه آخر عن محمّد بن سنان فقيل عنه عن عبد العزيز بن محمّد الدراوردي (٣) ، بدل عبد العزيز بن عمر.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا أبو القاسم عبد الرّحمن بن المظفّر بن عبد الرّحمن المصري بمكة ، أنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن إسماعيل بن الفرح المهندس ، نا أبو القاسم عبد الله بن محمّد بن عبد العزيز البغوي ، حدّثني محمّد بن سنان الصرار ، نا إسحاق بن إدريس ، عن عبد العزيز بن محمّد ، عن زبّان بن عبد العزيز ، عن أبي بكر بن عبد الرّحمن ، عن أبان ، عن عثمان ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من تخرج مخرجا فقال حين يخرج : بسم الله آمنت بالله ، واعتصمت وتوكلت على الله ، عصم من شرّ مخرجه» قال الخطيب : تفرد به الدّراوردي [٤٢٦١].

أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسن بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، نا عبد الله بن محمّد ، نا أبو محمّد الحسن بن إسرائيل الهر؟؟؟ دى (٤) ، نا عبد الله بن وهب ، عن عبد الله بن موسى ، عن زبّان بن عبد العزيز أن عمر بن عبد العزيز قال : ما طار ذباب إلّا بقذر (٥).

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية إجازة ، أنا سليمان بن إسحاق الحلاب ، أنا الحارث بن أبي أسامة ، نا محمّد بن سعد (٦) ،

__________________

(١) بالأصل : الجيزرودي ومهملة بدون نقط في م.

(٢) بالأصل : بسم الله حين امنت بالله.

(٣) بالأصل : الداروردي.

(٤) كذا بالأصل.

(٥) في المختصر : بقدر.

(٦) طبقات ابن سعد ٥ / ٢٣٦.

٣٠٢

قال : فولد عبد العزيز بن مروان : زبّان بن عبد العزيز ، وحربا (١) لام ولده.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، نا عبد العزيز بن أحمد ، نا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا أبو الميمون ، نا أبو زرعة ، قال في ذكر الأخوة من أهل الشام أخوان عمر بن عبد العزيز ، وزبّان بن عبد العزيز.

أنبأنا أبو الغنائم الحافظ ، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر ، أنا أبو الفضل بن خيرون ، وأبو الحسن ، وأبو الغنائم ـ واللفظ له ـ قالوا : نا عبد الوهاب بن محمّد ـ زاد ابن خيرون : ومحمّد بن الحسن قالا : ـ أنا أحمد بن عبدان ، أنا محمّد بن سهل ، أنا محمّد بن إسماعيل ، قال (٢) : زبّان بن عبد العزيز سمع عمر بن عبد العزيز قوله ، روى عنه الليث ، يقال أخو عمر ، القرشي الأموي بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم ، وسمع منه أسامة بن زيد.

قرأت على أبي الفضل بن ناصر ، عن علي بن أبي الفضل بن الحكاك (٣) ، أنا أبو نصر الوائلي ، أنا الخصيب بن عبد الله ، أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرّحمن :

أخبرني أبي قال : أبو عمرو زبّان بن عبد العزيز بن مروان.

كتب إليّ أبو الفضل أحمد بن الحسن بن سليم ، ثم حدّثني أبو بكر اللفتواني عنه ، أنا أبو بكر الباطرقاني ، [نا](٤) أبو عبد الله بن مندة ، وحدّثنا أبو بكر أيضا.

أنبأنا أبو محمّد وابن مندة ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله ، قال : قال لنا أبو سعيد بن يونس : زبّان بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم ، يكنى أبا إبراهيم ، كان سيد بني عبد العزيز وفارسهم حضر الوقعة مع مروان بن محمّد ليلة بوصير (٥) فتقنطر به فرسه فسقط عند حائط العجوز (٦) فانكسرت فخذه وأدركته المسوّدة فقتلوه ولم يعرفوه. وكان

__________________

(١) في ابن سعد : وجزيّا.

(٢) التاريخ الكبير للبخاري ٢ / ١ / ٤٤٤.

(٣) بالأصل وم : الكحال ، والمثبت قياسا إلى سند مماثل.

(٤) زيادة لازمة للإيضاح.

(٥) بوصير : من كورة الأشمونين ، بمصر. (ياقوت).

(٦) حائط العجوز : على شاطئ النيل ، بنته عجوز ، بين الفرما وأسوان (انظر معجم البلدان).

٣٠٣

.... (١) ابن كليب الأزدي من سكان ال؟؟؟ و؟؟؟ رة (٢) عاملا على أشمون فلما خرّ زبّان وقتله المسوّدة كان الذي عرّفه لهم.

روى عنه الأوزاعي ، وأسامة بن زيد ، ومعاوية بن صالح ، والليث بن سعد ، وركين بن قيس مولى بني أمية ، وكان قتله ليلة حوصر مع مروان بن محمّد ليلة السبت آخر ليلة من ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائة.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي الفتح بن المحاملي ، أنا أبو الحسن الدارقطني ، حدّثني أبو أحمد الحسن بن أحمد بن علي المادرائي ، قال : قرئ على أبي عمر محمّد بن يوسف بن يعقوب الكندي المصري ، نا عاصم بن رازح ، نا عبيد الله بن سعد ، عن أبيه ، حدّثني يزيد أبو خالد المرادي ، أن زبّان بن عبد العزيز أرسل إلى يزيد بن [أبي] حبيب أن ائتني ، فأرسل إليه يزيد بل أنت فائتني ، فإن مجيئك إليّ زين لك ومجيئي إليك شين طلبك ، قال الدارقطني : زبّان بن عبد العزيز أخو عمر ، يروي عن أخيه عمر بن عبد العزيز ، روى عنه أسامة بن زيد الليثي ، والليث بن سعد.

أخبرنا أبو بكر ، اللفتواني ، أنا أبو صادق محمّد بن أحمد الأصبهاني ، أنا أبو الحسن أحمد بن أبي بكر الأصبهاني ، أنا أبو أحمد العسكري ، قال : وأما زبّان بالزاي المعجمة والباء (٣) المشددة زبّان بن عبد العزيز أخو عمر بن عبد العزيز ، روى عنه الليث بن سعد.

قرأت على أبي محمّد السّلمي ، عن أبي نصر بن ماكولا ، قال (٤) : أما زبّان أوله زاي بعدها باء مشددة معجمة بواحدة زبّان بن عبد العزيز بن مروان أبو إبراهيم ، روى عن أخيه عمر بن عبد العزيز ، روى عنه أسامة بن زيد ، وليث بن سعد.

__________________

(١) لفظة غير مقروءة تركنا مكانها بياضا ورسمها في م : كد.

(٢) كذا رسمها بالأصل وفي م : التوبره.

(٣) ورد بالأصل : «زيان ... بالياء ... زيان» صوبنا العبارة بما يتفق مع ما سبق ، ومع عبارة ابن ماكولا التالية.

(٤) الاكمال لابن ماكولا ٤ / ١١٣ و ١١٤.

٣٠٤

٢٢٣٢ ـ زبيد بن عبد الخولاني المصري (١)

له ذكر في كتب المصريين ، وفد على معاوية وشهد معه صفّين ، ثم لحق بعلي بن أبي طالب.

كتب إليّ أبو الفضل أحمد بن يوسف (٢) بن الحسن بن سليم ، ثم حدّثني أبو بكر اللفتواني عنه ، أنا أبو بكر الباطرقاني ، نا أبو عبد الله بن مندة ، قال : قال لنا أبو سعيد بن يونس : زبيد بن عبد الخولاني من بني يعلى شهد الفتح بمصر ، وكانت معه راية خولان بصفّين ، فلما قتل عمّار بن ياسر انكفأ (٣) إلى علي بن أبي طالب.

قرأت على أبي محمّد السّلمي ، عن أبي نصر بن ماكولا ، قال (٤) : أما زبيد بضم الزاي وفتح الباء المعجمة بواحدة وسكون الياء التي تليها فهو وزبيد بن عبد الخولاني كانت معه راية خولان بصفّين مع معاوية بن أبي سفيان ـ يعني ـ فلما قتل عمار بن ياسر انكفأ (٥) إلى علي بن أبي طالب ، قاله ابن يونس.

__________________

(١) ترجمته في بغية الطلب ٨ / ٣٧٤٦.

(٢) بغية الطلب : «الحسن» وهو الظاهر ، وانظر فهارس شيوخ ابن عساكر (المطبوعة ٧ / ٤١٠).

(٣) تقرأ بالأصل : «انكبا» والمثبت عن بغية الطلب وفي م : انكبا.

(٤) الاكمال لابن ماكولا ٤ / ١٦٩ ـ ١٧٠.

(٥) بالأصل وم : «اكتفى» والمثبت عن الاكمال.

٣٠٥

ذكر من اسمه زبير

٢٢٣٣ ـ الزّبير بن الأروح التّميمي

عراقي من التابعين ، وفد على يزيد بن معاوية.

قرأت على أبي الوفاء حفّاظ بن الحسن الغساني ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنا هارون الميداني ، أنا أبو سليمان بن زبر ، أنا عبد الله بن أحمد بن جعفر الفرغاني ، أنا محمّد بن جرير الطبري (١) ، قال : حدّث عن هشام بن محمّد الكلبي ، قال : قال [أبو] مخنف عن أبي جناب يحيى بن أبي حيّة (٢) الكلبي ، قال : ثم إن عبيد الله بن زياد لما قتل مسلما وهانئا بعث برءوسهما مع هانئ بن [أبي] حيه الوادعي ، والزّبير بن الأروح التميمي إلى يزيد بن معاوية وأمر كاتبه عمرو بن نافع أن يكتب إلى يزيد بن معاوية بما كان من أمر مسلم وهانئ فكتب الكاتب كتابا أطال فيه ، ـ وكان أول من أطال في الكتب ـ فلما نظر فيه عبيد الله بن زياد تكرّهه وقال : ما هذا التطويل ، وهذه الفضول؟ اكتب : أما بعد ، فالحمد لله الذي أخذ لأمير المؤمنين بحقه ، وكفا مئونة عدوه ، أخبر أمير المؤمنين أكرمه الله أن مسلم بن عقيل لجأ إلى دار هانئ بن عروة المراديّ وإني جعلت عليهما العيون ، ودسست إليهما الرجال ، وكدتهما حتى استخرجتهما ، وأمكن الله منهما ، فقدّمتهما فضربت أعناقهما ، وقد بعثت (٣) إليك برءوسهما مع هانئ بن أبي حية الهمداني ، والزبير بن الأروح التميمي ـ وهما من أهل السمع والطاعة والنصيحة ـ

__________________

(١) الخبر في تاريخ الطبري ٥ / ٣٨٠.

(٢) مهملة بالأصل وم ، والمثبت عن الطبري.

(٣) بالأصل وم : بعث.

٣٠٦

فليسألهما أمير المؤمنين عمّا أحبّ من أمر ، فإن عندهما علما وصدقا وورعا والسلام.

وكتب إليه يزيد بن معاوية : أما بعد ، فإنك لن تعدوا أن كنت كما أحب ، عملت عمل الخادم (١) وصلت صولة الشجاع الرابط الجأش ، وقد أغنيت وكتبت وصدّقت ظني بك ، ورأيي فيك ، وقد دعوت رسوليك فسألتهما ، وناجيتهما فوجدتهما في رأيهما وفضلهما كما ذكرت ، فاستوص بهما خيرا ، وأنه قد بلغني أن الحسين قد توجه نحو العراق فضع المناطر (٢) والمسالح واحترس واحبس على الظّنّة ، وخذ على التهمة ، غير أن لا تقتل إلّا من قاتلك ، واكتب إلي في كل ما يحدث [من الخبر ، والسلام عليك ورحمة الله](٣).

٢٢٣٤ ـ الزبير بن جعفر بن محمّد هارون بن محمّد بن عبد الله

ابن محمّد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطّلب

ابن (٤) هاشم بن عبد مناف ،

أبو عبد الله المعتزّ بالله ابن المتوكل بن المعتصم

ابن الرشيد بن المهدي بن المنصور (٥)

قدم دمشق مع أبيه المتوكل ، وبويع (٦) له بالخلافة بعد المستعين.

حكى عن أبيه المتوكل.

حكى عنه ابنه (٧) عبد الله بن المعتزّ ، واختلف في اسمه فقيل : محمّد ، وقيل : أحمد ، وقيل : الزبير.

__________________

(١) الطبري : الحازم.

(٢) المناظر : جمع منظرة وهي أشراف الأرض لأنه ينظر منها.

والمسالح جمع مسلحة : قوم في عدّة بموضع رصد ، مهمتهم أن يرقبوا العدو لئلا يطرقهم على غفلة (انظر اللسان : نظر وسلح).

(٣) العبارة ما بين معكوفتين استدركت عن الطبري ، ومكانها بالأصل بياض وم.

(٤) بالأصل وم «هشام».

(٥) ترجمته في تاريخ بغداد ٢ / ١٢١ بغية الطلب ٨ / ٣٧٥٣ وفي الطبري والكامل لابن الأثير (انظر الفهارس) ، والواقدي ٢ / ٢٩١ وسير الأعلام ١٢! / ٥٣٢ وانظر فيهما ثبتا بأسماء مصادر أخرى ترجمت له.

(٦) بالأصل وم : وتوقع ، والصواب ما أثبت.

(٧) بالأصل : «حكى عن أبيه» وفي م : حكى عن أبيه عبد الله بن المعبر والصواب ما أثبت ، عن بغية الطلب ٨ / ٣٧٥٦.

٣٠٧

ذكر أبو العباس أحمد بن يونس بن المسيّب الضّبّي أن اسمه أحمد ، وقال : أخبرني باسمه محمّد بن عمران مؤدبه. وبعض الناس يقول : اسمه الزبير ، وهو خطأ. محمّد بن عمران أعلم به.

قالوا (١) : أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الحسن علي بن أحمد ، وأبو منصور بن خيرون ، قال : أنا أبو بكر بن الخطيب (٢) : محمّد أمير المؤمنين المعتزّ بالله بن المتوكل على الله بن محمّد المعتصم بالله يكنى أبا عبد الله ، وقيل إن اسمه الزبير ، وكان مولده بسرّ من رأى فأنبأني إبراهيم بن مخلد ، أنا إسماعيل بن علي : أن المعتز بالله ولد في شهر ربيع الآخر سنة ثنتين [وثلاثين](٣) ومائتين.

وأخبرنا الحسين بن علي الحنفي ، أنا الحسين بن هارون الضّبي ، أنا محمّد بن عمر الحافظ أن مولد المعتزّ يوم الخميس الحادي عشر من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين ومائتين.

قال (٤) : وكان منزله بسرّ من رأى ، والقول الأول عندنا أصح. بويع المعتزّ بسرّ من رأى عند خلع المستعين.

أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا محمّد بن أحمد بن الآبنوسي ، أنا عبيد الله بن عثمان بن يحيى الدقاق ، أنا إسماعيل بن علي بن إسماعيل الخطبي ، قال : وقد كان المتوكل على الله بايع لابنه (٥) المعتزّ بالله بالعهد والخلافة بعد محمّد المنتصر بالله ، والمؤيد بالله إبراهيم بن المتوكل على الله بالعهد بعد المعتزّ بالله ، وكان المؤيد محبوسا مع المعتز فأخرج بخروجه ، فلما بويع المعتزّ بالله بالخلافة وانتصب للأمر والنهي والتدبير وجه أخاه أبا أحمد (٦) [بن] المتوكل على الله إلى بغداد لحرب المستعين بالله وأوعز معه بالجيوش والكراع والسلاح والعدة والآلة ، فصار أبو أحمد (٧) بالجيش إلى أكناف بغداد ، وأخذ محمّد بن عبد الله بن طاهر في الاستعداد للحرب ببغداد ، وبنى

__________________

(١) كذا بالأصل وفي م : قال.

(٢) انظر تاريخ بغداد ٢ / ١٢١ ـ ١٢٢.

(٣) زيادة لازمة عن تاريخ بغداد.

(٤) القائل هو أبو بكر الخطيب.

(٥) بالأصل وم : «لأبيه».

(٦) بالأصل وم : «أبا محمد المتوكل» والصواب والزيادة عن بغية الطلب ومختصر ابن منظور.

(٧) بالأصل وم : «أبا محمد المتوكل» والصواب والزيادة عن بغية الطلب ومختصر ابن منظور.

٣٠٨

سور ببغداد وأحكمه ، وحفر خندقها وحصّنها ونزل أبو أحمد بن المتوكل على الله على بغداد فحضر المستعين بالله وهو معترف (١) للناس ، ونصب لهم الحرب وتجرّد من بغداد [للقتال](٢) فغدوا وراحوا على الحرب ، ونصب المجانيق والعرّادات حول سور بغداد ، فلم يزل القتال بينهم سنة اثنا عشر شهرا ، وعظمت الفتنة ، وكثر القتل ، وغلت الأسعار ببغداد بشدّة الحصار ، وأضر ذلك بالناس وجهدوا ، وداهن محمّد بن عبد الله بن طاهر في نصرة المستعين ، ومال إلى المعتز وكاتب (٣) سرا ، فضعف أمر المستعين ووقف أهل بغداد على مداهنة ابن طاهر فصيحوا به وكاشفوه ، وانتقل المستعين بالله من دار محمّد بن عبد الله إلى الرصافة فنزلها ، وسعى في الصلح على خلع المستعين وتسليم الأمر للمعتزّ حتى تقرر الأمر على ذلك ، وسعى فيه رجال من الوجوه منهم إسماعيل بن إسحاق القاضي وغيره ، ووقعت فيه شرائط مؤكدة ، فخلع المستعين بالله نفسه ببغداد في الرصافة يوم الجمعة لأربع خلون من المحرم سنة اثنين (٤) وخمسين ومائتين ، وسلّم الأمر للمعتز بالله وبايع له وأشهد على نفسه بذلك من حضره من الهاشميين والقضاة وغيرهم ، فكانت خلافة المستعين بالله منذ يوم بويع له بسرّ من رأى بعد وفاة المنتصر بالله إلى يوم [خلع](٥) ببغداد ثلاث سنين وسبعة أشهر.

وأحدر المستعين بعد خلعه إلى واسط موكلا به فخرج من مدينة السلام ليلة الجمعة لإحدى عشرة خلت من المحرم بعد خلعه بثمانية أيام ، فوصل إلى واسط وأقام بها تسعة أشهر في التوكيل به ، ثم حمل إلى سرّ من رأى فقتل بقادسية سرّ من رأى لثلاث خلون من شوال ، وقيل : ليومين بقيا من شهر رمضان سنة ثنتين وخمسين ومائتين ، فتوفي وله من السن أحد (٦) وثلاثون سنة وشهران ونيّف وعشرون يوما ، وكان المستعين مربوعا أحمر الوجه خفيف العارضين بمقدم رأسه طول ، حسن الجسم ، بوجهه أثر جدري ، في لسانه لثغة على السين يميل بها إلى الثاء.

__________________

(١) كذا بالأصل ، وفي بغية الطلب : ومن معه من الناس.

(٢) الزيادة لازمة عن المصدرين السابقين.

(٣) بالأصل : «وكانت» والمثبت عن ابن العديم ومهملة بدون نقط في م.

(٤) كذا بالأصل.

(٥) سقطت من الأصل واستدراكها لازم عن المختصر لابن منظور.

(٦) كذا بالأصل ، والصواب «إحدى».

٣٠٩

أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ، ابنا (١) أبي علي ، قالا : أنا أبو الحسين الآبنوسي ، أنا أحمد بن عبيد إجازة ، قالا : وأنا أبو تمام علي بن محمّد في كتابه ، أنا أبو بكر بن بيري (٢) قراءة ، أنا أبو عبد الله محمّد بن الحسين بن محمّد الزّعفراني ، نا أبو بكر بن أبي خيثمة ، قال : بويع للمعتزّ بالله واسمه الزبير بن جعفر ، ويكنى أبا عبد الله في آخر سنة إحدى وخمسين ومائتين ، وجددت له البيعة سنة اثنين (٣) وخمسين ومائتين في المحرم ، وفي هذه السنة قتل المستعين ، وقتل المعتز في رجب سنة خمس وخمسين ومائتين (٤).

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الحسن علي بن أحمد ، وقالا : نا أبو منصور بن خيرون ، أنا أبو بكر الخطيب (٥) ، أنا عبد العزيز بن علي :

أخبرنا محمّد بن أحمد بن المفيد ، ثنا أبو بشر الدّولابي ، أخبرني جعفر بن علي الهاشمي ، قال : خرج أحمد الإمام المستعين بالله أمير المؤمنين من سرّ من رأى يوم الأحد لخمس خلون من المحرم سنة إحدى وخمسين ومائتين إلى بغداد فوثب أهل سرّ من رأى فبايعوا لأبي عبد الله المعتز بالله.

قال أبو بشر : وأخبرني أبو موسى العباسي ، قال : لما أنزل المعتز بالله من لؤلؤة وبويع له ركب إلى أمه وهي في القصر المعروف بالهاروني (٦) فلما دخل عليها وسألته عن خبره قال لها : قد كنت كالمريض المذنب (٧) ، وأنا الآن كالذي وقع في النزع ـ يعني أنه بويع له بسرّ من رأى والمستعين خليفة مجتمع عليه في الشرق والغرب ـ.

وقال أبو بشر : أخبرني علي بن الحسن بن علي ، قال : لما سأل الأتراك المستعين

__________________

(١) بالأصل وم : «أنبأنا» خطأ ، والصواب ما أثبت ، وقد مرّ هذا السند.

(٢) غير مقروءة بالأصل وبدون نقط في م والصواب ما أثبت ، وهو أحمد بن عبيد بن الفضل بن بيري ، وقد مضى التعريف به.

(٣) كذا.

(٤) الخبر نقله ابن العديم في بغية الطلب ٨ / ٣٧٥٨.

(٥) الخبر في تاريخ بغداد ٢ / ١٢٢.

(٦) الهاروني قصر قرب سامرّاء ، ينسب إلى هارون الواثق بالله ، وهو على دجلة بينه وبين سامرّاء ميل.

(معجم البلدان).

(٧) كذا ، وفي تاريخ بغداد : «المدنف» وهو الأظهر ، يقال : دنف المريض كفرح ثقل ، وأدنفه المرض فهو مدنف.

٣١٠

بالله الرجوع إلى سرّ من رأى فأبى عليهم قدموا بسرّ من رأى يوم الأربعاء لثلاث عشرة ليلة خلت من المحرم ، فاجتمع الموالى وكسروا باب لؤلؤة ، وأنزل المعتز فبايعوه ، وخلعوا المستعين ، فركب المعتزّ بالله إلى دار العامة يوم الخميس في المحرم سنة إحدى وخمسين ومائتين ، فبايعه الناس وعقد لنفسه لواء أسود ، وخلع على إبراهيم المؤيد بالله وعلى أحمد المعتمد على الله وعلى أبي أحمد الموفق ، وأنهضه إلى بغداد مطالبا ببيعته التي أكدها له المتوكل على الله في أعناقهم ، ومعه (١) جماعة من الفقهاء ، فشخص أبو أحمد يوم السبت لسبع بقين من المحرم.

وحصّن (٢) محمّد بن عبد الله بن طاهر بغداد ورمّ سورها ، وأصلح أبوابها وعسكر أبو أحمد بالشماسية (٣) ووقع الحرب يوم الأحد (٤) للنصف من صفر فاتصلت الوقائع.

قال أبو بشر : وسمعت جعفر بن علي الهاشمي يقول : بويع المعتز يوم الأربعاء لاثنتي عشرة (٥) ليلة خلت من المحرم ، وتوجه أبو أحمد بن المتوكل على الله إلى بغداد في عشرة آلاف من سرّ من رأى فواقع أهل بغداد ، فقتل من الفريقين خلق عظيم ، وكانت هذه السنة فتنة المعتز والمستعين.

قال : وأخبرني أبو موسى العباسي قال : لما وجّه المعتزّ بالله أخاه أبا أحمد الموفق يحصرهم ، وأقام المستعين ببغداد إلى أن خلع سنة ، واشتد الحصار على أهل بغداد ، وقد كان أهل بغداد لما دخل إليهم المستعين أحبوه ، ومالوا نحوه غاية الميل حتى نزل بهم من الحصار ما نزل فنسبوا محمّد بن عبد الله بن طاهر إلى المداهنة في أمر المستعين بالله ، وهجموا منزله يريدون نفسه.

قال : وأخبرني علي بن الحسن بن علي ، قال : شرع في خلع المستعين بالله فوثبت العامة على محمّد بن عبد الله بن طاهر ، وذمرت (٦) عليه ، ونقل المستعين بالله من داره إلى الرصافة.

__________________

(١) رسمها مضطرب بالأصل وم وصورتها «ومعير» والصواب عن تاريخ بغداد.

(٢) بالأصل : «وخص» وفي م : وحص والمثبت عن تاريخ بغداد.

(٣) قوله : «وعسكر أبو أحمد بالشماسية» أثبت عن تاريخ بغداد ٢ / ١٢٣ والعبارة بالأصل مضطربة وغير مقروءة وصورتها : «وعسلرها أحمد بالساسبة» وفي م : «وعسكرها أحمد بالسياسة».

(٤) تاريخ بغداد : يوم السبت.

(٥) بالأصل : عشر.

(٦) كذا ، وفي القاموس : وتذمر عليه : تنكر له ، وأوعده.

٣١١

قال : وأخبرني أبو موسى العباسي قال : فدسّ محمّد بن عبد الله بن طاهر إلى المستعين بالله من يعرض له بالخلع على أنه يتوثق له من المعتزّ بالله ويسلم إليه الأمر. وكان المستعين بالله رجلا صالحا ضعيفا ، فأجاب المستعين بالله إلى ذلك ، وكره الدماء بعد أن لم يجد ناصرا.

قال : وأخبرني جعفر بن علي قال : خلع أحمد المستعين بالله نفسه من الخلافة في المحرم أول سنة اثنتين (١) وخمسين ومائتين.

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه ، وعلي بن زيد بن علي السّلميان ، قالا : أنا نصر (٢) بن إبراهيم المقدسي ، زاد المسلّم : وعبد الله بن عبد الرزاق ، قالا : أنا أبو الحسن بن عوف ، أنا أبو علي الحسن بن منير ، أنا أبو بكر بن خريم (٣) ، قال : واستخلف أحمد المستعين بالله وهو أحمد بن محمّد بن أبي إسحاق المعتصم لخمس ليال خلون من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين ومائتين ، وخلع يوم الجمعة لسبع ليال بقين من شهر رمضان سنة إحدى وخسين ومائتين ، وقيل سنة اثنتين (٤) وخمسين ومائتين ، وجددت البيعة للمعتزّ بالله ، وهو الزبير بن جعفر المتوكل سنة اثنتين (٥) وخمسين ومائتين.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الحسن علي بن أحمد ، قال : أنا وأبو منصور بن خيرون :

أخبرنا أبو بكر الخطيب (٦) ، أنا الحسن بن أبي بكر ، أنا محمّد بن عبيد الله بن إبراهيم الشافعي ، أنا عمر بن حفص ، قال : ودعي للمعتزّ (٧) ببغداد يوم الجمعة لليلة خلت من المحرم سنة اثنتين (٨) وخمسين ومائتين.

أنبأنا أبو علي محمّد بن سعيد بن نبهان ، ثم أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ،

__________________

(١) بالأصل : اثنين.

(٢) بالأصل : «أبو نصر» خطأ ، انظر ترجمته في سير الأعلام ١٩ / ١٣٦.

(٣) بالأصل : «خزيم» ، وتقرأ «خذيم» والصواب ما أثبت ، انظر ترجمته في سير الأعلام ١٤ / ٤٢٨ واسمه محمد بن خريم بن محمد بن عبد الملك بن مروان ، أبو بكر وفي م : «حريم».

(٤) بالأصل : اثنين.

(٥) بالأصل : اثنين.

(٦) تاريخ بغداد ٢ / ١٢٣.

(٧) بالأصل : المعتز ، والمثبت عن تاريخ بغداد.

(٨) بالأصل : اثنين.

٣١٢

أنا أبو الفضل محمّد بن أحمد بن محمّد بن المحاملي.

وأخبرنا أبو عبد الله البلخي ، أنا أحمد بن الحسن بن خيرون ، قالوا : أنا أبو علي بن شاذان.

وأخبرنا أبو عبد الله أيضا ، أنا أبو محمّد بن رزق الله بن عبد الوهاب التميمي ، وأبو الفوارس طراد بن محمّد الزينبي (١) ، قالا : أنا أبو بكر بن وصيف الصياد ، قالا : أنا أبو بكر الشافعي ، نا عمرو بن حفص السّوسي ، قال : وبايع (٢) أهل سرّ من رأى المعتزّ يوم الأربعاء لثلاث عشر خلت من المحرم سنة إحدى وخمسين ومائتين فكانت الحرب في صفر في أذار فخلع المستعين ودعي للمعتزّ ببغداد يوم الجمعة لثلاث ليال خلت من المحرم سنة اثنتين (٣) وخمسين ومائتين ، وأمة قبيجة (٤) وكنيته أبو عبد الله ، وخلع المعتزّ ، في آخر رجب ودعي لمحمّد بن الواثق بالله المهتدي بسرّ من رأى يوم الأربعاء ليومين بقيا من رجب وثلاث عشرة خلون من تموز سنة خمس وخمسين ومائتين ودعي له يوم الجمعة بسرّ من رأى أول يوم من شعبان ولم يدع له ببغداد ، ودعي للمعتزّ ببغداد ، وقتل المعتزّ يوم السبت ليومين من شعبان.

أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن ، أنا أحمد بن محمّد بن الآبنوسي :

أخبرنا عبد الله بن عثمان بن يحيى ، أنا إسماعيل بن علي ، قال (٥) : خلافة أبي عبد الله المعتزّ بالله واسمه محمّد بن جعفر المتوكل على الله وأمه أم ولد يقال لها قبيحة ، أدركت خلافته ، ومولده في شهر (٦) ربيع الآخر سنة ثنتين وثلاثين ومائتين ، واجتمع الناس على بيعة أبي عبد الله المعتزّ بالله بعد خلع المستعين وبويع (٧) له ببغداد يوم الجمعة لأربع خلون من المحرم سنة اثنتين (٨) وخمسين ومائتين ، فكانت خلافته منذ يوم بويع له ببغداد ، واجتمع الناس عليه إلى يوم خلع بسرّ من رأى وقبض عليه صالح بن

__________________

(١) بالأصل : «الزبيدي» والصواب ما أثبت ، انظر ترجمته في سير الأعلام ١٩ / ٣٧.

(٢) بالأصل وم : وتابع.

(٣) بالأصل : اثنين.

(٤) كذا بالأصل «قبيجة» بالجيم ، وفي بغية الطلب : «قبيحة» بالحاء المهملة ، ومهملة بدون نقط في م.

(٥) الخبر نقله ابن العديم في بغية الطلب ٨ / ٣٧٦١.

(٦) بالأصل وم : شهور.

(٧) بالأصل وم : وتوقع.

(٨) بالأصل : اثنين.

٣١٣

وصيف فحبسه وذلك يوم الاثنين لثلاث بقين من رجب سنة خمس وخمسين ثلاث سنين وستة أشهر وثلاثة وعشرين يوما ، وحبس خمسة أيام ، ثم قتل يوم الجمعة وقت العصر مستهل شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين ، وهو ابن ثلاث وعشرين سنة وثلاثة أشهر وعشرين يوما ، ومنه الوقت الذي بويع له فيه بسرّ من رأى بالخلافة إلى وقت قتل أربع سنين وستة أشهر وخمسة عشر يوما ، وكان أبيض شديد البياض معتدل الخلق جميل الوجه ربعة ، حسن الجسم على خده الأيسر [خال](١) أسود ، وشعره أسود حسن (٢).

أخبرنا أبو القاسم النسيب ، وأبو الحسن بن قبيس ، قالا : ثنا وأبو منصور بن خيرون ، أنا أبو بكر الخطيب (٣) ، أنا عبد العزيز بن علي ، أنا محمّد بن أحمد المفيد ، نا أبو بشر الدولابي ، أخبرني جعفر بن علي بن إبراهيم ، قال : كانت الجماعة على أبي عبد الله المعتزّ بالله ، واسمه الزبير بن جعفر بن محمّد ، وأمه قبيحة أم ولد رومية في المحرم سنة اثنين (٤) وخمسين ومائتين ، وإنما يحسب أيام ملكه منذ يوم خلع المستعين.

وقال أبو بشر : [سمعت](٥) أبا الجعد يقول : اسم المعتزّ بالله : الزبير ، ويقال : محمّد.

وقال : أخبرني جعفر بن علي الهاشمي ، قال : كان المعتزّ بالله رجلا طويلا جسيما وسيما ، أبيض مشربا بحمرة ، أدعج العينين حسنهما ، أقنى الأنف ، حسن الوجه مليحا ، جعد الشعر ، كثّ اللحية ، مدوّر الوجه ، حسن المضحك ، شديد سواد الشعر ، أكحل العينين ، مات وهو [ابن](٦) أربع وعشرين ، وكان قاضيه الحسن بن أبي الشوارب. ونقش خاتمه : محمّد رسول الله ، وله خاتم آخر نقشه : المعتزّ بالله.

أخبرنا أبو أحمد بن عبيد الله إذنا ومناولة ، وقرأ علي إسناده ، أنا أبو علي محمّد بن الحسين ، أنا المعافا بن زكريا (٧) ، نا الحسين بن القاسم الكوكبي ، حدّثني أبو

__________________

(١) زيادة لازمة عن بغية الطلب.

(٢) في بغية الطلب : خشن.

(٣) تاريخ بغداد ٢ / ١٢٤.

(٤) كذا.

(٥) زيادة عن تاريخ بغداد.

(٦) زيادة عن تاريخ بغداد.

(٧) بالأصل : «ابن أبي زكريا» والصواب ما أثبت. والخبر في الجليس الصالح الكافي ٣ / ١٠٣ ـ ١٠٤ ونقله ابن العديم عن المعافى بن زكريا.

٣١٤

يوسف يعقوب بن بيان (١) الكاتب ، نا أبو العباس أحمد بن محمّد بن موسى بن الفرات (٢) ، أنا أبي وجماعة من شيوخنا قال : لما حذق (٣) المعتزّ القرآن دعا المتوكل شفيعا الخادم بحضرة الفتح بن خافان ، فقال : إني قد عزمت على تحذيق أبي عبد الله في يوم كذا وتكون خطبته علي وحذاقه (٤) ببركوارا ، فأخرج من خزانة الجوهر جوهرا بقيمة مائة ألف دينار في عشر صواني فضة للنثار على من يقرب من القواد مثل محمّد بن عبد الله ووصيف ، وبغا ، وجعفر الخياط ، ورجا الحصاري ، ونحو هؤلاء من قادة العسكر ، وأخرج مائة ألف دينار عددا للنثار على القواد الذين دون هؤلاء في الرواق الذين بين يدي الأبواب ، وأخرج (٥) ألف ألف درهم بيضا صحاحا للنثار على من في الصحن من خلفاء القواد والنقباء. قال شفيع : فوجهت إلى أحمد بن حباب الجوهري ، فأقام معنا حتى صنّفنا في عشر صواني من الجوهر الأبيض والأحمر والأخضر والأزرق بقيمة مائة ألف دينار ووزن كل صينية ثلاثة آلاف درهم. وقال شفيع لابن حباب : اجعل في صينية من هذا الصواني جوهرا تكون قيمته خمسة آلاف دينار ، وانتقصه من باقي الصواني ، حتى تكون في كل واحدة تسعة آلاف وخمسمائة [دينار] ، فإن أمير المؤمنين أمرني أن أدفع هذه الصينية إلى محمّد بن عمران مؤدب الأمير أبي عبد الله إذا فرغ من خطبته ، ففعلوا ذلك وشدوا كل صينية في منديل ، وختمت بخاتم شفيع ، وتقدم شفيع إلى من كان معه من الخدم أن ينثروا العين في الرواق والورق والصحن ، وأوعز (٦) إلى الناس من الأكابر ، ووجوه الموالي والشاكرية (٧) بحضور براكوارا في يوم سمّي لهم : ليشهدوا خطبة الأمير المعتزّ ، وكتب إلى محمّد بن عبد الله وهو بمدينة السلام بالقدوم إلى سرّ من رأى لحضور الحذاق قال : فتوافى الناس إلى بركوارا قبل ذلك بثلاثة أيام ، وضربت المضارب ، وانحدر المتوكل غداة ذلك اليوم ومعه قبيحة ومن اختصت من حرم

__________________

(١) في بغية الطلب ٨ / ٣٧٦٤ وعلق محققه بالهامش بأن الخبر ليس بالمطبوع من كتاب الجليس الصالح ، كذا وهو خطأ.

(٢) في الجليس الصالح : بنان.

(٣) حذق القرآن أي تعلمه كله ومهر فيه.

(٤) أي يوم ختمه للقرآن الكريم.

(٥) عن الجليس الصالح وبالأصل «وخرج».

(٦) بالأصل : ووعز ، والمثبت عن الجليس الصالح.

(٧) في القاموس : الشاكري : الأجير والمستخدم.

٣١٥

المتوكل ومن حشمها إلى بركوارا وجلس المتوكل في الإيوان على منصته ، وأخرج منبر أبنوس مضبب بالذهب مرصّع ، مقابضه عاج ، وقال بعضهم : عود هندي ، فنصب تجاه المنصة وسط الإيوان ثم أمر بإدخال محمّد بن عمران المؤدب ، فدخل فسلّم على أمير المؤمنين بالخلافة ، ودعا له ، فجعل أمير المؤمنين يستدنيه حتى جلس بين يدي المنبر ، وخرج المعتزّ من باب في جنبة (١) الإيوان حتى صعد المنبر فسلم على أمير المؤمنين وعلى من حضر ، ثم خطب ، فلما فرغ من خطبته وقعت الصينية إلى محمّد بن عمران ، ونثر شفيع صواني الجوهر على من في الإيوان ، ونثر الخدم الذين كانوا في الرواق والصحن ما كان معهم من العين والورق ، وأقام المتوكل ببركوارا [أياما](٢) في يوم منها دعته قبيحة فيقال انه لم ير يوم مثله سرورا وحسنا وكثرة نفقة ، وإن الشمع كله كان عنبرا إلّا الشمعة التي في الصحن فإنه كان وزنها ألف منا (٣) ، فكادت تحرق القصر ، ووجد من حرها من كان في الجانب الغربي من دجلة.

وقد كان أمر المتوكل أن يصاغ له سريران : أحدهما ذهب ، والآخر فضة ويفرش السرير الفضة ببساط حب ، وبردعة حب ، ووسادتي حب ، ومسند حب منظوم على ديباج أسود ، وكان طول السرير تسعة أذرع.

قال : فأخرج من خزانة الجوهر حب عمل له ذلك ، فكان أرفع قيمة الحب دينارا وأقل القيمة درهما فاتّخذ له ذلك وأمر بفرش السرير المذهب بمثل فرش السرير الفضة منقوشا بأنواع الجوهر الأحمر والأخضر والأصفر والأنواع ، ففرشا فقعد عليهما هو وقبيحة ثم وهبهما لها.

أخبرنا أبو القاسم العلوي ، وأبو الحسن بن قبيس ، قالا : نا وأبو منصور محمّد بن عبد الملك ، أنا أبو بكر الخطيب (٤) ، أنا أبو سعد إسماعيل بن علي بن الحسن السمان لفظا بالري ، ثنا الحسن بن محمّد بن يحيى الشافعي بسامرّاء ، حدّثنا أحمد بن علي بن يحيى بن حسان ، نا علي بن حرب الطائي ، قال : دخلت على المعتزّ بالله فما

__________________

(١) كذا بالأصل والجليس الصالح ، وفي بغية الطلب ومختصر ابن منظور «حنية».

(٢) الزيادة عن الجليس الصالح الكافي.

(٣) المنّ : كيل معروف أو ميزان أو رطلان ، كالمنا ، جمع أمنان وجمع المنا : أمناء (القاموس : منن).

(٤) تاريخ بغداد ٢ / ١٢٤.

٣١٦

رأيت خليفة كان أحسن وجها منه فلما رأيته سجدت (١) ، فقال : يا شيخ تسجد لأحد من دون الله؟ قلت [حدّثنا](٢) أبو عاصم الضحاك بن مخلد النبيل ، نا بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة ، عن أبيه ، عن جده أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان إذا رأى ما يفرح به أو [بشّر بما](٣) يسره سجد شكرا لله عزوجل.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم ، عن أبي الحسن رشأ بن نظيف ، ونقلته بخطه ، ثنا أبو أحمد عبيد الله بن محمّد المقرئ.

وأخبرنا أبو القاسم العلوي ، وأبو الحسن بن قبيس ، قالا : نا وأبو منصور بن خيرون ، أنا أبو بكر الخطيب (٤) ، أخبرني أبو القاسم الأزهري ، ثنا عبيد الله بن محمّد المقرئ ، نا محمّد بن يحيى الصّوّاف (٥) ، نا أبو يعقوب (٦) بن البختري ، حدّثني أبي قال : نظر إليّ المعتزّ وأنا أنظر إلى وجهه فقال : إلى أي شيء تنظر؟ قلت : إلى كمال أمير المؤمنين في جمال وجهه وجميل أفعاله.

أخبرنا أبو بكر [محمّد] بن الحسين بن المزرفي (٧) ، نا أبو الحسين بن المهتدي.

وأخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا عبد الله بن الحسن بن محمّد الخلّال ، أنا أبو القاسم عبيد الله بن أحمد الصّيدلاني ، قراءة عليه ، وأنا أسمع ، ثنا يزداد (٨) بن عبد الرّحمن ، قال : قال لي الزبير بن بكار : صرت (٩) إلى أبي عبد الله المعتزّ بالله أمير المؤمنين وهو أمير فلما علم ـ وقال الماوردي أعلم وقالا ـ بمكاني خرج مستعجلا فعثر فأنشأ يقول :

يموت الفتى من عثرة بلسانه

وليس يموت المرء من عثرة الرّجل (١٠)

__________________

(١) عن تاريخ بغداد وبالأصل : يتحدث.

(٢) زيادة عن تاريخ بغداد.

(٣) زيادة عن تاريخ بغداد.

(٤) المصدر نفسه ص ١٢٥.

(٥) تاريخ بغداد : الصولي.

(٦) كذا ، وفي تاريخ بغداد : أبو الغوث.

(٧) بالأصل وم بالقاف ، والصواب ما أثبت «المزرفي» بالفاء. وقد مرّ.

(٨) بالأصل : «ابن دار» والصواب ما أثبت عن بغية الطلب.

(٩) بالأصل وم : «ضرب» والمثبت عن بغية الطلب.

(١٠) الخبر والبيت نقله ابن العديم في بغية الطلب ٨ / ٣٧٦٨.

٣١٧

رواها الخطيب (١) عن حسن الخلّال عن عبيد الله الصّيدلاني.

قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم العلوي ، وأبو الوحش المقرئ ، عنه أنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن الحسين بن محمّد ، نا أبو بكر بن محمّد بن يحيى الصولي ، ثنا أبو العيناء ، قال (٢) : قال : دخل ابن السّكّيت على المعتزّ وكان يؤدبه وله عشر سنين ، فقال : بأي شيء يحب أن أبتدئ الأمير من العلوم؟ فقال (٣) : بالانصراف. قال : أحب (٤) فهو مبارك (٥) فوثب فعثر بسراويله فالتفت فقال :

يموت الفتى من عثرة بلسانه

وليس يموت المرء من عثرة الرجل

فخبر بها المتوكل فأمر لابن السكيت بخمسين ألف درهم ، قال أبو العيناء : وإنما فعل ذلك المتوكل ليستر عوار ابنه في سوء أدبه على معلمه.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الحسن علي بن أحمد ، قالا : ثنا وأبو منصور بن خيرون ، أنا أبو بكر الخطيب (٦) ، أنا أحمد (٧) بن محمّد بن رزق ، أنا عثمان بن أحمد الدقاق ، نا محمّد بن أحمد بن البراء ، قال : ثم استخلف المعتزّ بالله أبو عبد الله محمّد بن المتوكل على الله قال إبراهيم بن العباس :

الله أظهر دينه وأعزه بمحمّد

والله أكرم بالخلافة جعفر بن محمّد

والله أيد عهده بمحمّد ومحمّد

ومؤيد لمؤيدين إلى النبي محمّد

قال الخطيب (٨) : وأنا محمّد بن عيسى الهمذاني (٩) ، نا صالح بن أحمد الحافظ ، نا أبو إسحاق إبراهيم بن عمروس ، إملاء ، قال : سمعت أحمد بن بديل الكوفي قاضينا

__________________

(١) انظر تاريخ بغداد ٢ / ١٢٥.

(٢) الخبر في ابن العديم ٨ / ٣٧٦٩.

(٣) بالأصل : «فقالا».

(٤) كذا العبارة بين الرقمين بالأصل ، وفي ابن العديم : «أنا أخف نهوضا منك» وهو أظهر.

(٥) كذا العبارة بين الرقمين بالأصل ، وفي ابن العديم : «أنا أخف نهوضا منك» وهو أظهر.

(٦) تاريخ بغداد ٢ / ١٢٣ ـ ١٢٤.

(٧) تاريخ بغداد : محمد بن أحمد بن رزق.

(٨) الخبر في تاريخ بغداد ٤ / ٥١ ـ ٥٢ في ترجمة أحمد بن بديل اليامي الكوفي.

(٩) عن تاريخ بغداد ، وبالأصل الهمداني بالدال المهملة.

٣١٨

قال : بعث إليّ المعتزّ رسولا بعد رسول ، فلبست كمّتي ولبست نعل (١) طاق فأتيت بابه (٢) قال الحاجب : يا شيخ [اخلع] نعليك فلم التفت إليه ، فدخلت إلى الباب الثالث ، فقال : يا شيخ نعليك فقلت : أبا الوادي المقدس أنا فأخلع نعلي؟ فدخلت بنعلي فرفع مجلسي وجلست على مصلّاه فقال : أتعبناك ، أبا جعفر؟ فقلت : أتعبتني وأذعرتني ، فكيف بك إذا سئلت عني؟ فقال : ما أردنا إلّا الخير أردنا نسمع العلم ، فقلت : ونسمع العلم أيضا؟ ألا جئتني فإن العلم يؤتى فلا يأتي. قال : نعتب (٣) أبا جعفر؟ فقلت له : خلبتني بحسن أدبك ، اكتب.

قال : فأخذ الكاتب القرطاس والدواة فقلت له : أتكتب حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في قرطاس بمداد؟ قال : فبما يكتب؟ قلت : في رق بحبر ، فجاءوا برق وحبر. فأخذ الكاتب يريد أن يكتب. فقلت : اكتب بخطك ، فأومئ إليّ أنه لا يكتب ، فأمليت عليه حديثين أسخن الله بهما عينيه.

فسأله ابن البنّا أو ابن النعمان (٤) : أي حديثين؟ فقال : قلت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من استرعي رعية فلم يحطها بالنصيحة حرم الله عليه الجنة» [٤٢٦٢].

والثاني : «ما من أمير عشيرة إلّا يؤتى به يوم القيامة مغلولا» [٤٢٦٣].

أخبرنا أبو العزّ بن كادش إذنا ومناولة ، وقرأ علي إسناده ، أنا محمّد بن الحسين ، أنا المعافا بن زكريا ، نا محمّد بن يحيى الصولي ، نا محمّد بن يحيى بن أبي عبّاد ، حدّثني عمر بن محمّد بن عبد الملك (٥) ، قال : قعد المعتزّ ويونس بن بغا بين يديه والجلساء والمغنون حضور ، وقد أعد الخلع والجوائز إذ دخل بغا فقال : يا سيدي والدة عبدك يونس في الموت ، وهي تحب أن تراه ، فأذن له فخرج. وفتر المعتزّ بعده ونعس ، وقام الجلساء إلى أن صلّيت المغرب ، وعاد المعتزّ إلى مجلسه ، ودخل يونس وبين يديه الشموع فلما رآه المعتزّ عاد المجلس أحسن ما كان فقال المعتزّ :

__________________

(١) تاريخ بغداد : نعلي طاق.

(٢) عن تاريخ بغداد وبالأصل : «به».

(٣) تقرأ بالأصل «لقيت» والمثبت عن تاريخ بغداد.

(٤) عن تاريخ بغداد ، وتقرأ بالأصل : «اليعمراني حديثين».

(٥) الخبر نقله ابن العديم عن المعافى بن زكريا ج ٨ / ٣٧٧٠.

٣١٩

تغيب فلا أفرح

فليتك لا تبرح

وإن جئت عذبتني

بأنك لا تسمح

فأصبحت ما بين ذين

ولي كبد تجرح

على ذاك يا سيدي

دنوّك لي أصلح

ثم قال : غنوا فيه فغنوا فيه فجعلوا يفكرون ، فقال المعتزّ لابن الفضل الطنبوري : وتلك ألحان الطنبور أملح وأخف ، فغنّ لنا. فغنى فيه لحنا. فقال : دنانير الخريطة ـ وهي مائة دينار فيها مائتان ، مكتوب على كل دينار : ضرب هذا الدينار بالحسنى لخريطة أمير المؤمنين ، ثم دعا بالخلع والجوائز لسائر الناس. فكان ذلك المجلس من أحسن المجالس.

أخبرنا أبو القاسم الحسين بن الحسين بن محمّد ، أنا أبو الفرج سهل بن بشر ، أنا أبو الحسن علي بن عبيد الله الهمداني إجازة ، أنا أبو سعيد عبد الرّحمن بن أحمد بن خيران أنا ابن الأنباري ، قال : دخل الزبير بن أبي بكر على المعتزّ بالله وهو محموم فقال له : يا أبا عبد الله إني قد قلت في ليلتي هذه أبياتا وقد أعيا (١) على إجازة بعضها فأنشدني :

إني عرفت علاج القلب من وجع

وما عرفت علاج الحب والجزع

جزعت للحب والحمى صبرت لها

إني لأعجب من صبري ومن جزعي

من كان يشغله عن حبه وجع

فليس يشغلني عن حبكم وجعي

قال [أبو] عبد الله :

وما أمل حبيبي ليتني أبدا

مع الحبيب ويا ليت الحبيب معي

فأمر له على البيت بألف دينار (٢).

أخبرنا أبو غالب أحمد ، وأبو عبد الله يحيى ، ابنا (٣) الحسن بن البنّا ، قالا : أنا

__________________

(١) بالأصل «أعني» والمثبت عن بغية الطلب.

(٢) الخبر والشعر في بغية الطلب ٨ / ٣٧٧٢.

(٣) بالأصل «أنا» والصواب ما أثبت.

٣٢٠