العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٦

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٦

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٧٢

فلما اشتد مصعب على الناس ، ومنعهم من إغارة بعضهم على بعض ، وضربهم ، شكوه إلى مروان ، فأراد عزله ، فدخل عليه المسور بن مخرمة ، فقال له : ما ترى فيما يصنع مصعب؟ فقال المسور (٥) :

ليس بهذا م

ن سياق عتب

يمشى القطوف

وينام الركب

وذكر الزبير هذا الخبر فى موضع آخر ، وزاد فيه بعد قوله الركب : فلم يزل على الشّرط حتى مات معاوية. وفى هذا الخبر ، أنه كان يهدم على الناس دورهم.

وقال الزبير : حدثنى مصعب بن عبد الله قال : أخبرنى مصعب بن عثمان : أنه ساء الذى بين معاذ بن عبيد الله ، ومصعب بن عبد الرحمن ، وتباعدا ، فلم يكن شىء أحبّ إلى مصعب بن عبد الرحمن ، من أن يؤتى بمعاذ بن عبيد الله فى شىء ، ومصعب على الشّرط ، فأتاه رجل من الحاجّ يدمى أنفه ، فاستعداه على معاذ وقال : كسر أنفى ، اشترى منى ثوبا واستتبعنى إلى منزله ، فحبسنى بالدراهم ، فاستعجلته ، فخرج علىّ فكسر أنفى. فأرسل إليه مصعب فأتاه فلما رآه مصعب استحيى منه ، فنكس رأسه ، ثم قال : الله أنك اشتريت من رجل من الحاج ثوبا ، فحبسته بدراهمه ، فاستعجلك بها ، فخرجت عليه فكسرت أنفه ، أنّ ذلك من الحق؟ قال : فنكس معاذ رأسه ، ثم قال : الله أن يكون الأمر كما وصف ، يستحثنى بدراهمه ، فأخرج إليه أحملها ، وأعتب عليه الصّياح ، فيقول لى : أتريد أن تقتلنى كما قتلت ابن هبّار؟ (إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ) [القصص : ١٩] أن ذلك من الحق؟ فرفع مصعب رأسه مغضبا ، ثم أقبل على الحاج ، فقال : أقلتها؟ قال : قد قلتها ، فمه؟ قال : اردد عليه ثوبه ، قم ، فقد أهدرت دمك ، هلمّ لك يا معاذ. فأجلسه معه ، وكان سبب صلح بينهما.

قال الزبير : وقد كان عمرو بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب بن مرة القرشى الأموى ، إذ كان واليا ليزيد بن معاوية ، ولىّ مصعبا الشرط ، ثم أمره بهدم دور بنى هاشم ، ومن كان فى حيّزهم والشدّة عليهم ، وبهدم دور أسد بن عبد العزى والشدة عليهم ، حين خرج الحسين بن على بن أبى طالب ، وعبد الله بن الزبير ، وأبيا بيعة يزيد ، فقال له مصعب : «أيها الأمير! إنه لا ذنب لهؤلاء ، ولست أفعل». فقال : انتفخ سحرك يا ابن أم حريث ـ وكانت أمه

__________________

(٥) انظر نسب قريش ٨ / ٢٦٨.

٨١

سبيّة من بهراء ـ ألق سيفنا؟. فرمى بالسيف ، وخرج عنه ، ولحق بابن الزبير ، فقتل فى الحصر الأول ، حصر الحصين بن نمير ، وكان من أشد الناس بطشا ، وأشجعهم قلبا.

وقال الزبير : أخبرنى عمى مصعب بن عبد الله ، قال : سمعت أبى ، عبد الله بن مصعب يقول : خرج مصعب بن عبد الرحمن بن عوف ، ومصعب بن الزبير ، والمختار بن أبى عبيد ، والمختار يومئذ مع عبد الله بن الزبير بمكة فى طاعته ، فخرجوا ثلاثتهم ، فوقعوا على مسلحة للحصين بن نمير ، فهاجوا بهم ، فباتوا يقاتلونهم ، فأصبحوا ، وقد قتلوا من أهل الشام مائة رجل.

وقال : قال عمى : قال محمد بن عمر الواقدى لى فى بعض إسناده : كان يعرف قتلى مصعب بن عبد الرحمن بوثبات بينهن ، كان ذرع كل وثبة اثنى عشر ذراعا ، وكان لا يخفى جرح سيفه.

وقال الزبير : حدثنى عمى مصعب بن عبد الله قال : حدثنى الزبير بن خبيب ، قال : أصاب مصعبا سهم فقتله ، فرثاه رجل من جذام ، فقال (٦) [من الطويل] :

ولله عينا من رأى مثل مصعب

أعف وأقضى بالكتاب وأفهما

وقالوا أصابت مصعبا بعض نبلهم

فعز علينا من أصيب وعزما

وشد أبو بكر لدى (٧) الركن شدة

أبت للحصين أن يطاع فيغرما

مشدّ امرئ لم يدخل الذّلّ قلبه

ولم يك أعمى من هدى الله أبكما

وقال الزبير : وأنشدنيهما محمد بن الضحاك الحزامى عن ابنه أرى العنق الجذامى.

وقال الزبير : وأنشدنى عبد الرحمن بن يحيى العدوى ، لرجل من العرب ، أسماه لى ، فأنسيت اسمه ، فى مقتل مصعب بن عبد الرحمن ، والمنذر بن الزبير ، وقتلا فى حصار الحصين بن نمير [من الكامل] :

إن الإمام ابن الزبير فإن أبى

فذروا الإمارة فى بنى الخطاب

لستم لها أهلا ولستم مثله

فى فضل سابقة وفصل خطاب

وغدا النّعىّ بمصعب وبمنذر

وكهول صدق سادة وشباب

قتلوا غداة قعيقعان وحبّذا

قتلاهم قتلى ومن أسلاب

أقسمت لو أنى شهدت فراقهم

لا خترت صحبتهم على الأصحاب

وقال الزبير : حدثنى غير واحد من أصحابنا ، منهم محمد بن الضحاك بن عثمان

__________________

(٦) انظر نسب قريش ٨ / ٢٦٩.

(٧) فى نسب قريش : لذا.

٨٢

الحزامى ، وعمى مصعب بن عبد الله ، ومحمد بن الحسن ، قالوا : كان ابن الزبير فى الحصار الآخر ، حصار الحجاج ، يشدّ على أهل الشام فيكشفهم ، ثم يرجع إذا انكشفوا ، وهو يقول (٨) :

يا له فتى لو كان له رجال

لو كان له مصعب ومصعب والمختار

٢٤٦٨ ـ مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصى بن كلاب القرشى العبدرى ، يكنى أبا عبد الله :

ذكره الزبير بن بكار ، فقال : مصعب الخير. وذكر نسبه إلى عبد الدار ، ثم قال : هو المقرئ ، بعثه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى الأنصار ، يقرئهم القرآن بالمدينة ، قبل قدوم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بالمدينة ، فأسلم على يده خلق كثير ، وشهد بدرا ، وكان معه اللواء ، حتى قتل يوم أحد.

كان من السابقين إلى الإسلام ، أسلم والنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى دار الأرقم ، وكتم إسلامه خوفا من أبيه وقومه ، كان يختلف إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سرا ، فبصر به عثمان بن طلحة العبدرى ، ورآه يصلّى ، فأخبر به قومه وأمه ، فأخذوه وحبسوه ، فلم يزل محبوسا إلى أن خرج إلى أرض الحبشة مهاجرا ، فى أول من هاجر إليها ، ثم بعثه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد عوده من الحبشة إلى المدينة ، ليقرئ من أسلم من أهلها القرآن ويفقههم فى الدين ، وكان بعثه إلى المدينة بعد العقبة الثانية ، وقبل أن يهاجر النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى المدينة ، ثم شهد بدرا مع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولم يشهدها من بنى عبد الدار مسلم سواه ، وسوى سويبط بن سعد بن حرملة السابق ذكره. ثم شهد أحدا واستشهد بها ، قتله ابن قمئة الليثى ، فيما قال ابن إسحاق.

قال ابن عبد البر : ولم يختلف أهل السّير ، أن راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم بدر ويوم أحد ، كانت بيد مصعب بن عمير ، فلما قتل يوم أحد ، أخذها على بن أبى طالب. قال : وكان من جلّة الصحابة وفضلائهم ، وكان يدعى القارئ والمقرئ ، ويقال : إنه أول من جمع الجمعة بالمدينة قبل الهجرة. قال البراء بن عازب : أول من قدم علينا من المهاجرين المدينة : مصعب بن عمير ، أخو بنى عبد الدار. انتهى.

قال النووى : وأسلم على يده سعد بن معاذ ، وأسيد بن حضير ، وكفى بذلك فضلا

__________________

(٨) لا يوجد وزن شعرى أو معنى مستقيم لهذا البيت.

٢٤٦٨ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٥٨٢ ، الإصابة ترجمة ٨٠٢٠ ، أسد الغابة ترجمة ٤٩٣٦).

٨٣

وأثرا فى الإسلام ، وكان قبل إسلامه أنعم فتى بمكة ، وأجوده حالة ، وأكمله شبابا وجمالا وجودا ، وكان أبواه يحبانه حبا كثيرا ، وكانت أمه تكسوه أحسن ما يكون من الثياب بمكة ، وكان أعطر أهل مكة ، ثم انتهى به الحال فى الإسلام ، إلى أن كان عليه بردة مرقوعة بفرو. انتهى.

ولما مات مصعب ، لم يوجد له ما يكفّنه إلا بردة ، إذا غطى بها رأسه خرجت رجلاه ، وإذا غطّيت بها رجلاه خرج رأسه ، فأمر النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أن يغطّى بها رأسه ، وأن يجعل على رجليه من الإذخر.

وكان رضى الله عنه حين قتل ، ابن أربعين سنة أو يزيد شيئا ، وفيه وفى أصحابه على ما قيل ، نزلت : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ) [الأحزاب : ٣٣] الآية.

وذكر الواقدى عن إبراهيم بن محمد بن العبدىّ ، عن أبيه ، أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كان يذكر مصعبا فيقول : «ما رأيت بمكة أحسن لمّة ، ولا أرق حلّة ، ولا أنعم نعمة ، من مصعب ابن عمير».

وذكر الواقدى فى سنده : أنه كان يلبس النعال الحضرمى.

لخصت هذه الترجمة من الاستيعاب لابن عبد البر.

٢٤٦٩ ـ مصعب بن محمد بن شرحبيل [بن أبى عزيز القرشى ، العبدرى ، المكى :

روى عن ذكوان أبى صالح السمان ، وأبيه محمد بن شرحبيل ، ويعلى بن أبى يحيى. روى عنه سفيان الثورى ، وسفيان بن عيينة ، وسهيل بن أبى صالح.

قال أحمد بن حنبل : لا أعلم إلا خيرا ، قال يحيى ابن معين : ثقة : قال أبو حاتم : صالح ، يكتب حديثه ولا يحتج به. وذكره ابن حبان فى الثقات.

روى له أبو داود ، والنسائى ، وابن ماجة](١).

__________________

٢٤٦٩ ـ انظر ترجمته فى : (تاريخ الدورى ٢ / ٥١٧ ، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة ١٥١٩ ، التاريخ الصغير ١ / ٣٢٢ ، الجرح والتعديل ٨ / ١٤٠٨ ، الثقات لابن حبان ٤٧٧ ، الكاشف ٣ / ٥٥٦١ ، ميزان الاعتدال ترجمة ٨٥٧٠ ، تهذيب الكمال ٥٩٨٩ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ١٦٤ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٥٢ ، خلاصة الخزرجى ٣ / ٧٠٢٦).

(١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل ، وأوردناه من تهذيب الكمال.

٨٤

٢٤٧٠ ـ المطعم [......](١).

* * *

من اسمه المطلب

٢٤٧١ ـ المطلب بن الأزهر بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة القرشى الزهرى :

أخو عبد الرحمن ، وطليب بن الأزهر. ذكر الزبير أن المطلب وطليب ، من مهاجرة الحبشة ، وأنهما ماتا جميعا بها. انتهى. وقال : وخرج المطلب لما هاجر إلى الحبشة بامرأته رملة ابنة أبى عوف بن صبيرة بن سعيد بن سعد بن سهم ، وولدت له بأرض الحبشة ، ابنه عبد الله بن المطلب.

٢٤٧٢ ـ المطلب بن أبى وداعة ، واسم أبى وداعة ، الحارث بن صبيرة بن سعيد ـ بضم السين ـ بن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤى بن غالب القرشى السهمى ، يكنى أبا عبد الله :

أمه أروى بنت الحارث بن عبد المطلب ، أسلم هو وأبوه يوم الفتح ، وروى عن النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم حديثا فى الطواف ، وروى أيضا عن حفصة بنت عمر بن الخطاب أم المؤمنين ، [......](١) روى عنه بنوه : كثيّر ، وجعفر ، وعبد الرحمن ، والسائب بن يزيد ، وعكرمة بن خالد المخزومى.

__________________

٢٤٧٠ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢٤٧١ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٤٤٠ ، الإصابة ترجمة ٨٠٤٢ ، أسد الغابة ترجمة ٤٩٥٠ ، الثقات ٣ / ٤٠١ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٧٩ ، الكاشف ٣ / ١٥١ ، المصباح المضىء ١ / ٣٣٤ ، تلقيح فهوم أهل الأثر ٣٧٧ ، تهذيب الكمال ٣ / ١٣٣٦ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ١٧٨ ، بقى بن مخلد ٤٤١ ، التاريخ الكبير ٨ / ٧).

٢٤٧٢ ـ انظر ترجمة فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٤٤٣ ، الإصابة ترجمة ٨٠٤٦ ، أسد ترجمة الغابة ٤٩٥٣ ، طبقات ابن سعد ٦ / ٩ ، تاريخ الدورى ٢ / ٥٧١ ، طبقات خليفة ٢٦ ، العلل لأحمد ابن حنبل ٢ / ٣٢٢ ، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة ١٩٤١ ، التاريخ الصغير ٢ / ٢٠ ، المعرفة ليعقوب ١ / ٤٩٩ ، الجرح والتعديل ترجمة ١٦٤١ ، الجمع لابن القيسرانى ٢ / ٥٢٥ ، أنساب القرشيين ٤٢١ ، الكامل فى التاريخ ٢ / ١٣٢ ، ٢٥٣ ، الكاشف ٣ / ٥٥٧٩ ، التجريد ٢ / ٢٩٢ ، تهذيب الكمال ٦٠٠٨ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ١٧٩ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٥٤ ، خلاصة الخزرجى ٣ / ٧٠٤١).

(١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٨٥

روى له مسلم وأصحاب السنن الأربعة ، وذكره مسلم فى الصحابة المكيين ، وذكره فيهم ابن سعد كاتب الواقدى.

قال ابن عبد البر : أسلم يوم فتح مكة ، ثم نزل الكوفة ، ثم نزل بعد ذلك المدينة ، وله بها دار. روى عنه أهل المدينة. قال مصعب الزبيرى : أسر أبوه وداعة ـ يوم بدر ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «تمسّكوا به ، فإن له ابنا كيّسا بمكة». فقالت قريش ، بعضها لبعض : لا تعجلوا فى فداء أساركم ، فيأرب بكم محمد ، فخرج المطلب سرّا حتى فدى أباه بأربعة آلاف درهم ، وهو أول أسير فدى ، ولامته قريش فى بداره ودفعه فى الفداء ، فقال : ما كنت لأدع أبى أسيرا ، فشخص الناس بعده ، ففدوا أساراهم.

٢٤٧٣ ـ المطلب بن حنطب بن الحارث بن عبيد بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى :

روى عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أبو بكر وعمر منّى بمنزلة السمع والبصر من الرأس» (١). إسناده ليس بالقوى.

ومن ولد المطلب بن حنطب هذا : الحكم بن المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب ، كان أكرم أهل زمانه وأسخاهم ، ثم تزهّد فى آخر عمره ، ومات بمنبج (٢) ، وفيه يقول الراتجى يرثيه [من البسيط](٣) :

سألوا عن الجود والمعروف ما فعلا

فقلت إنهما ماتا مع الحكم (٤)

ماتا مع الرجل الموفى بذمته

قبل السؤال إذا لم يوف بالذّمم

انتهى ذكر هذه الترجمة هكذا عند ابن عبد البر فى الاستيعاب.

__________________

٢٤٧٣ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٤٤١ ، الإصابة ترجمة ٨٠٤٤ ، أسد الغابة ترجمة ٤٩٥١ ، الثقات ٣ / ٤٠١ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٧٩ ، الكاشف ٣ / ١٥١ ، المصباح المضىء ١ / ٣٣٤ ، تلقيح فهوم أهل الأثر ٣٧٧ ، تهذيب الكمال ٣ / ١٣٣٦ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ١٧٨ ، بقى بن مخلد ٤٤١ ، التاريخ الكبير ٨ / ٧).

(١) ذكره الهندى فى كنز العمال رقم ٣٢٦٥٥.

(٢) منبج : من بلاد الجزيرة ، على نهر الفرات قرب حلب. انظر : معجم البلدان (منبج).

(٣) انظر الأبيات فى الاستيعاب ترجمة ٢٤٤١.

(٤) فى الآمالى :

سألوا عن المجد والمعروف ما فعلا

فقلت إنهما ماتا مع الحكم

٨٦

٢٤٧٤ ـ المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشى الهاشمى :

كان عاملا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وذكره المزى فى التهذيب ، فقال : ابن عم النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، له صحبة ، وقيل إنه عبد المطلب بن ربيعة.

روى عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم. روى عنه عبد الله بن الحارث بن نوفل ، وفى إسناد حديثه اختلاف. وقد ذكرناه فى ترجمة أنس بن أبى أنس.

روى له الأربعة ، إلا أن ابن ماجة قال فيه : المطلب بن أبى وداعة ، وهو وهم ، والله أعلم.

٢٤٧٥ ـ المطلب بن عبد الله بن حنطب بن المطلب بن حنطب بن الحارث بن عبيد بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى :

قال الزبير بن بكار : كان من وجوه قريش ، روى عنه الحديث. وأمه أم أبان بنت الحكم بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس. ومن ولده الحكم بن المطلب بن عبد الله ، كان من سادة قريش ووجوهها. وكان ممدّحا.

ثم قال الزبير : حدثنى عبد الرحمن بن عبد الله الزهرى ، عن بعض عمومته ، عن محمد ابن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف ، قال : كان الحارث بن المطلب لى صديقا ، فحج أبوه بعد موته ، فلقيته بمنى ، وهو ماش يريد مضربه ، فلسمت عليه ، فتوكّأ على يدى ، وذكر ابنه الحارث ، حيث رآنى فبكى ، فقطرت قطرة من دمعه على

__________________

٢٤٧٤ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٤٤٢ ، الإصابة ترجمة ٨٠٤٥ ، أسد الغابة ترجمة ٤٩٥٢ ، المعرفة ليعقوب ١ / ٤٩٩ ، الجرح والتعديل ترجمة ١٦٤٢ ، الكاشف ترجمة ٥٥٧٥ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٨٩١ ، تهذيب الكمال ٦٠٠٤ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ١١٧ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٥٣ ، خلاصة الخزرجى ٣ / ٧٠٣٧).

٢٤٧٥ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات ابن سعد ١ / ١٤٢ ، ١٦٠ ، ٢ / ١٧٦ ، ١٨٢ ، ٣ / ٦٧ ، ٣٠٥ ، ٤٠٦ ، ٤٦٥ ، ٥ / ١١ ، ٨ / ٣١ ، ٩١ ، تاريخ الدورى ٢ / ٥٧٠ ، طبقات خليفة ٢٤٥ ، ٢٥٦ ، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة ١٩٤٢ ، التاريخ الصغير ١ / ١٧ ، المعرفة ليعقوب ١ / ٢٢٣ ، ٢٤٦ ، ٢٨٢ ، ٣٧٤ ، ٤٥٩ ، ٢ / ٤٧٢ ، ٣ / ١٦٢ ، تاريخ أبى زرعة ٧٢٠ ، الجرح والتعديل ترجمة ١٦٤٤ ، المراسيل ٢٠٩ ، ٢١٠ ، الثقات لابن حبان ٥ / ٤٥٠ ، سؤالات البرقانى للدارقطنى ٢٩٥ ، سير أعلام النبلاء ٥ / ٣١٧ ، الكاشف ٣ / ٥٥٧٧ ، تهذيب الكمال ٦٠٠٦ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ١٧٨ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٥٤ ، تاريخ الإسلام ٢ / ٣٠٣ ، ميزان الاعتدال ترجمة ٨٥٩٣ ، جامع التحصيل ٧٧٤ ، خلاصة الخزرجى ٧٠٣٩).

٨٧

ذراعى ، فوجدتها باردة ، فبلغت به منزله ، ثم رجعت إلى أبى ، فقلت له : اعلم أنى أحسب المطلب سيموت ، فقال : وما ذاك؟ فقلت له : توكأ على يدى ، وذكر ابنه والحرمة التى كانت بينى وبينه فبكى ، فقطرت قطرة من دمعه على ذراعى فوجدتها باردة. ولما صار المطلب إلى مضربه قال : هاهنا كان مضجع الحارث العام الأول ، وجعل يردد ذلك حتى مات من ساعته.

ومن أخبار الحكم بن المطلب هذا فى الجود ، ما ذكره الزبير بن بكار ، لأنه قال : فأخبرنى عمى مصعب بن عبد الله ، عن مصعب بن عثمان ، عن نوفل بن عمارة ، قال : إن رجلا من قريش ، ثم من بنى أمية بن عبد شمس ، له قدر وخطر ، لم يسمّ لى ، لحقه دين ، وكان له مال من نخل وزرع ، فخاف أن يباع عليه ، فشخص من المدينة يريد الكوفة ، يعمد خالد بن عبد الله القسرى ، وكان واليا لهشام بن عبد الملك على العراق ، وكان يبرّ من قدم عليه من قريش ، فخرج الرجل يريده ، وأعدّ له هدايا من طرف المدينة ، حتى قدم فيدا(١) فأصبح بها ، ونظر إلى فسطاط عنده جماعة ، فسأل عنه ، فقيل : للحكم بن المطلب ، فلبس نعليه ، ثم خرج حتى دخل عليه ، فلما رآه ، قام إليه ، فتلقاه فسلّم عليه ، ثم أجلسه فى صدر فراشه ، ثم سأله عن مخرجه ، فأخبره بدينه ، وما أراد من إتيان خالد بن عبد الله القسرى ، فقال له الحكم : انطلق بنا إلى منزلك ، فلو علمت مقدمك لسبقتك إلى إتيانك ، فمضى معه حتى أتى منزله ، فرأى الهدايا التى أعد لخالد ، فتحدث معه ساعة ، ثم قال : إن منزلنا أحضر عدّة ، وأنت مسافر ، ونحن مقيمون ، فأقسمت عليك إلا قمت معى إلى المنزل ، وجعلت لنا من هذه الهدايا نصيبا فقام معه الرجل فقال : خذ منها ما أحببت.

فأمر بها فحملت كلها إلى منزله ، وجعل الرجل يستحيى أن يمنعه منها شيئا ، حتى صار معه إلى المنزل ، فدعا بالغداء ، وأمر بالهدايا ، ففتحت ، فأكل كل منها ومن حضره ، ثم أمر ببقيتها ترفع إلى خزائنه ، وقام فقام الناس ، ثم أقبل على الرجل ، فقال : أنا أولى بك من خالد ، وأقرب إليك رحما ومنزلا ، وهاهنا مال للغارمين ، أنت أولى الناس به ، ليس لأحد عليك فيه منّة إلا الله عزوجل ، تقضى دينك.

ثم دعا بكيس فيه ثلاثة آلاف دينار ، فدفعه إليه وقال : قد قرّب الله عزوجل عليك الخطو ، فانصرف إلى أهلك مصاحبا محفوظا. فقام الرجل من عنده ، يدعو له ويشكره ، فلم تكن له همة إلى الرجوع إلى أهله ، وانطلق الحكم معه يشّيعه ، فسار معه شيئا ، ثم

__________________

(١) فيدا : موضع فى منتصف طريق الحاج من الكوفة إلى مكة. انظر : معجم البلدان (فيدا).

٨٨

قال له : كأنى بزوجتك قد قالت لك : أين طرائف العراق : بزّها وخزّها وعراضاتها؟ ما كان لنا معك نصيب؟ ثم أخرج صرّة قد حملها معه ، فيها خمسمائة دينار ، فقال : أقسمت عليك إلا جعلت هذه لها عوضا من هدايا العراق ، وودّعه وانصرف.

وذكر الزبير فى وفاة الحكم بن المطلب خبرا طريفا ، لأنه قال : وسمعت القاسم بن محمد بن المعتمر بن عياض بن حمنن بن عوف ، يحدّث أبى بمنى ، فى سنة أربع وتسعين ومائة ، قال : أخبرنى حميد بن معيوف ، عن أبيه ، قال : كنت فيمن حضر الحكم بن المطلب عند موته ، فلقى من الموت شدة ، فقلت ـ أو قال رجل ممن حضره ، وهو فى غشيه ـ : اللهم هوّن عليه ، فإنه كان وكان ـ يثنى عليه ـ وقال : فأفاق فقال : من المتكلم؟ فقال المتكلم : أنا. قال : إن ملك الموت عليه‌السلام يقول لك : إنى بكل سخىّ رفيق ، فكأنما كانت فتيلة أطفئت. انتهى.

ولم يمت الحكم حتى تزهد بثغر منبج ، وفيه يقول الراتجى يرثيه ، على ما روى الزبير ابن بكار عن عمه [من البسيط] :

ما ذا بمنبج لو نبش مقابرها

من التهرّم بالمعروف والكرم

سألوا عن الجود والمعروف أين هما

فقلت إنهما ماتا مع الحكم

ماتا مع الرجل الموفى بذمته

قبل السؤال إذا لم يوف بالذمم

٢٤٧٦ ـ مطيع بن الأسود بن حارثة بن نضلة بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدى بن كعب بن لؤى القرشى العدوى :

كان اسمه العاص ، فسماه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «مطيعا». وقال لعمر بن الخطاب : «إن ابن عمك العاصى ليس بعاص ، ولكنه مطيع» ويروى فى سبب تسمية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إياه مطيعا ، خبر ، ذكره الزبير بن بكار ، فقال : حدثنى إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن نسطاس ، حدثنى أيوب بن سلمة بن عبد الله بن الوليد ، عن أبان بن عثمان ، قال : جلس النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم على المنبر ، فقال : اجلسوا. فدخل العاصى بن الأسود ، فسمع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : اجلسوا ، فجلس. فلما نزل النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، جاء العاص إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما لى لم أرك فى الصلاة؟. فقال : بأبى أنت وأمى ، دخلت ، فسمعتك تقول :

__________________

٢٤٧٦ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٥٨٥ ، الإصابة ترجمة ٨٠٤٩ ، أسد الغابة ترجمة ٤٩٥٤ ، الثقات ٣ / ٤٠٥ ، التاريخ الصغير ١ / ٦١ ، الرياض المستطابة ٢٦١ ، المتحف ٣٢٤ ، الطبقات ٢٣ ، عنوان النجابة ١٥٧ ، بقى بن مخلد ٨٦٩ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٨٠ ، الكاشف ٣ / ١٥١ ، تلقيح فهوم أهل الأثر ٣٨٤ ، التاريخ الكبير ٨ / ٤٧ ، الجرح والتعديل ٨ / ٣٩٩ ، تهذيب الكمال ٣ / ١٣٣٧ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ١٨١).

٨٩

اجلسوا ، فجلست حيث انتهى إلىّ السمع ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لست بالعاصى ، ولكنك مطيع. فسمى مطيعا. فى حديث أكثر من هذا.

قال الزبير : ولم يدرك الإسلام من عصاة قريش ، غير مطيع ، كان اسمه العاصى ، فسماه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مطيعا. وذكر ابن عبد البر ، أن إسلامه كان يوم فتح مكة ، وأنه من المؤلفة قلوبهم. ومن حديثه ، أنه سمع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «لا يقتل قرشى صبرا بعد اليوم» يعنى فتح مكة. وقال : قال العدوى : هو أحد السبعين الذين هاجروا من بنى عدى. انتهى.

وهو والد عبد الله بن مطيع ، الذى كان أمير أهل المدينة يوم الحرة ، وفى كونه كان أميرا على جميع أهل المدينة ، أو على قريش فقط ، خلاف سبق.

روى عنه ابنه عبد الله بن مطيع ، وعيسى بن طلحة بن عبيد الله.

روى له البخارى فى الأدب المفرد ، ومسلم.

قال الزبير : ومات مطيع بن الأسود بالمدينة ، فى خلافة عثمان بن عفان رضى الله عنه ، وأوصى إلى الزبير بن العوام بتركته ، وأن يتزوج زوجته الحلال بنت قيس الأسدية ، من أسد خزيمة ، وأن يقطع رجله ، وكان شعب ، فأبى الزبير أن يقبل وصيته ، وقال : فى قومك سعيد بن زيد ، وعبد الله بن عمر ، فقال : له : يا أبا عبد الله ، اقبل وصيتى ، فإنى سمعت عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول : لو كنت تاركا بعدى ضياعا ، لأوصيت إلى الزبير ، فإنه ركن من أركان الإسلام. فقبل الزبير وصيته ، وقطع رجله ، وتزوج زوجته ، فولدت له خديجة الصغرى بنت الزبير. انتهى.

وذكره مسلم فى الصحابة المكيين. وذكر النووى فى موضع وفاته خلافا ، هل هو بمكة أو بالمدينة.

٢٤٧٧ ـ مظاهر بن أسلم [ويقال ابن محمد بن أسلم القرشى المخزومى المدنى :

روى عن سعيد المقبرى ، والقاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق ، وابن جريج. وروى عنه سفيان الثورى ، وأبو عاصم الضحاك بن مخلد.

__________________

٢٤٧٧ ـ انظر ترجمته فى : (سؤالات ابن الحنيد لابن معين ١٠١ ، التاريخ الكبير للبخارى ٨ / ٢١٨٩ ، ٢٢١١ ، التاريخ الصغير ٢ / ١٢٨ ، ١٢٩ ، الجرح والتعديل ترجمة ٢٠٠٣ ، الثقات لابن حبان ٧ / ٥٢٨ ، الكاشف ترجمة ٥٥٨٧ ، ديوان الضعفاء ٤١٥٥ ، المغنى ترجمة ٦٢٩٥ ، تهذيب الكمال ٦٠١٦ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ١٨٣ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٥٥).

٩٠

قال يحيى بن معين : ليس بشىء. قال أبو حاتم : منكر الحديث ، ضعيف الحديث. وقال أبو داود : رجل مجهول ، وحديثه فى طلاق الأمة منكر. قال الترمذى : لا يعرف له فى العلم غير هذا الحديث ، وقال فيه : غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث مظاهر. وضعفه النسائى. وذكره ابن حبان فى الثقات. روى له أبو داود ، والترمذى ، وابن ماجة](١).

٢٤٧٨ ـ مظفّر بن محمود بن أحمد بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله ابن الحسين الدمشقى ، نجم الدين أبو الثناء بن تاج [.....](١) المعروف بابن عساكر :

حج فى سنة ثلاث وخمسين وستمائة ، فأدركه الأجل بعرفات فى يومها ، ودفن قريبا من الصّخرات.

وذكر الذهبى ، أنه توفى كهلا ، وأنه حدّث عن القاضى أبى القاسم بن الحرستانّى. وهو والد القاسم بن مظفّر ، شيخ شيوخنا.

٢٤٧٩ ـ معاذ بن عثمان ، أو عثمان بن معاذ القرشى :

ذكره هكذا ابن عبد البر ، وقال : هكذا قال ابن عيينة ، عن ابن قيس ، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمى ، عن رجل من قومه ، يقال له عثمان بن معاذ ، أو معاذ بن عثمان ، من بنى تيم ، أنه سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يعلّم الناس مناسكهم ، وكان فيما قال لهم: «وارموا الجمرة بمثل حصى الخذف».

٢٤٨٠ ـ معاوية بن أبى سفيان صخر بن حرب بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الأموى ، أبو عبد الرحمن ، الخليفة :

كان هو وأبوه وأخوه يزيد ، من مسلمة الفتح. وروى عن معاوية ، أنه أسلم يوم الحديبية ، وكتم إسلامه من أبيه وأمه ، وهو وأبوه من المؤلفة قلوبهم ، ثم حسن إسلامهما ، وشهد معاوية مع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم حنينا ، وأعطاه من غنائم هوازن مائة بعير ، وأربعين أوقيّة. وكان أحد كتّاب الوحى لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ودعا له النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال :

__________________

(١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل ، وما أوردناه من تهذيب الكمال.

٢٤٧٨ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢٤٧٩ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٤٤٩ ، الإصابة ترجمة ٨٠٦٧ ، أسد الغابة ترجمة ٤٩٦٨ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٨١).

٢٤٨٠ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٤٦٤ ، الإصابة ترجمة ٨٠٨٧ ، أسد الغابة ترجمة ٤٩٨٤ ، معرفة الرجال ٢ / ١٧٧).

٩١

«اللهم علّمه الكتاب والحساب وقه العذاب» (١). وقال فى حقه : «اللهم اجعله هاديا مهديا» (٢). رواه الترمذى من حديث عبد الرحمن بن أبى عميرة الصحابى ، عن النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وحسنّه الترمذى.

وروى له على ما قال النووى ، عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : مائة حديث وثلاثة وستون حديثا ، اتفق البخارى ومسلم على أربعة منها ، وانفرد البخارى بأربعة ، ومسلم بخمسة. روى عنه من الصحابة : أبو الدراداء ، وأبو سعيد الخدرى ، والنعمان بن بشير ، وابن عمر ، وابن عباس ، وابن الزبير ، وغيرهم.

روى له الجماعة.

وقيل لابن عباس رضى الله عنهما : هل لك فى أمير المؤمنين معاوية ، ما أوتر إلا فى واحدة ، قال : أصاب ، إنه فقيه.

وروى جبلة بن سحيم ، عن ابن عمر ، قال : ما رأيت أحدا بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أسود من معاوية ، فقيل له : فأبو بكر وعمر وعثمان وعلىّ؟ فقال : كانوا والله خيرا من معاوية فأفضل ، وكان معاوية أسود منهم. انتهى.

قال ابن عبد البر : وذمّ معاوية عند عمر يوما ، فقال : دعونا من ذمّ فتى قريش ، من يضحك فى الغضب ، فلا (٣) ينال ما عنده إلا على الرضى (٤) ، ولا يؤخذ ما فوق رأسه إلا من تحت قدميه.

وقال عمر رضى الله عنه ، إذ دخل الشام ، ورأى معاوية : هذا كسرى العرب. وكان

__________________

(١) أخرجه أحمد فى المسند بمسند الشاميين حديث رقم (١٦٧٠٢) من طريق : عبد الرحمن ابن مهدى ، عن معاوية يعنى ابن صالح ، عن يونس بن سيف ، عن الحارث بن زياد ، عن أبى رهم ، عن العرباض بن سارية السلمى ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يدعونا إلى السحور فى شهر رمضان : «هلموا إلى الغذاء المبارك» ؛ ثم سمعته يقول : «اللهم علم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب».

(٢) أخرجه الترمذى فى سننه كتاب المناقب حديث رقم (٣٨٤٢) من طريق : محمد بن يحيى ، حدثنا أبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر ، عن سعيد بن عبد العزيز ، عن ربيعة بن يزيد ، عن عبد الرحمن بن أبى عميرة وكان من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال لمعاوية : «اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به». قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب.

وأخرجه أحمد فى المسند بمسند الشاميين حديث رقم (١٧٤٣٨).

(٣) فى الاستيعاب : «ولا».

(٤) فى الاستيعاب : «الرضا».

٩٢

قد تلقّاه معاوية فى موكب عظيم ، فلما دنا منه قال : أنت صاحب المكوكب العظيم؟. قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال : مع ما يبلغنى [عنك](٥) من وقوف ذوى الحاجات ببابك؟. قال : مع ما يبلغك من ذلك. قال : ولم تفعل هذا؟. قال : نحن بأرض جواسيس ، العدوّ بها كثير ، فيجب أن نظهر من عز السلطان ما نرهبهم به ، فإن أمرتنى فعلت ، وإن نهيتنى انتهيت. فقال عمر : يا معاوية ، ما أسألك عن شىء إلا تركتنى فى مثل رواجب الضّرس ، لئن كان ما قلت حقا ، إنه لرأى أريب. وإن كان باطلا ، إنه لخدعة أديب. قال : فمرنى يا أمير المؤمنين ، قال : لا آمرك ولا أنهاك. قال عمرو : يا أمير المؤمنين ، ما أحسن ما صدر الفتى عمّا أوردته فيه! قال : لحسن مصادره وموارده ، جشّمناه ما جشّمناه. انتهى.

قال الزبير بن بكار ، لما ذكر أولاد أبى سفيان : ومعاوية بن أبى سفيان كان يقول : «أسلمت عام القضيّة ، ولقيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فوضعت إسلامى عنده ، وقبل منى».

وكان من أمره بعد ما كان ولم يزل مع أخيه يزيد بن أبى سفيان ، حتى توفى يزيد فاستخلفه على عمله ، وأقره عمر ، وعثمان ـ رضى الله عنهما ـ من بعد عمرو ركب البحر غازيا بالمسلمين إلى قبرس ، فى خلافة عثمان.

ثم قال الزبير : وحدثنى أبو الحسن المدائنى ، قال : كان عمر بن الخطاب إذا نظر إلى معاوية ، قال : هذا كسرى العرب. وكان عمر ولاه على الشام ، عند موت أخيه يزيد ، وكان موت يزيد ، على ما قال صالح بن دحية : فى ذى الحجة سنة تسع عشرة ، بعد أن عمر فيها نائب عمر قيسارية ، وبها بطارقة الروم ، وحصرهم أياما ، وخلف عليها معاوية ، وسار هو إلى دمشق ، فافتتحها معاوية ، فى شوال هذه السنة. وكتب إليه عمر بعهده على ما كان يليه يزيد من عمل الشام ، ورزقه ألف دينار فى كل شهر ، وقيل إنه رزقه على عمله بالشام ، عشرة آلاف دينار كل سنة ، حكاه ابن عبد البر.

أقام معاوية واليا لذلك أربع سنين ، بقيت من خلافة عمر ، فلما مات عمر أقره عثمان على ذلك ، حتى مات عثمان. ولما بلغه موت عثمان ، وأتاه البريد بموته بالدماء مضرجا ، نعاه معاوية إلى أهل الشام ، وتعاقدوا على الطلب بدمه ، وامتنعوا من مبايعة علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه ، وكان قد بويع بالمدينة بعد قتل عثمان ، فسار علىّ رضى الله عنه من العراق نحو أهل الشام ، فى سبعين ألفا أو تسعين ألفا ، وسار إليه معاوية فى ستين ألفا ، فالتقى الفريقان على أرض صفين ، بناحية العراق ، ودام الحرب والمصابرة أياما ولياليا ، قتل فيها من الفريقين ، أزيد من ستين ألفا.

__________________

(٥) ما بين المعقوفتين أوردناه من الاستيعاب.

٩٣

ولما رأى أهل الشام ضعفهم عن أهل العراق ، نصبوا المصاحف على الرماح ، وسألوا الحكم بما فيها ، وأجابهم علىّ رضى الله عنه إلى ذلك ، واتفق الحال على تحكيم حكمين ، أحدهما من جهة علىّ ، والآخر من جهة معاوية ، وأن الخلافة تكون لمن يتفق عليه الحكمان ، وتحاجزوا عن القتال.

ثم إن عليا رضى الله عنه ، أتى بأبى موسى الأشعرى حكما ، وندب معاوية ، عمرو ابن العاص حكما ، ومع كل من الحكمين طائفة من جماعته ، واجتمعوا بدومة الجندل ، على عشرة أيام من دمشق ، وعشرة من الكوفة ، فلم يبرم أمر ، لأن عمرا خلى بأبى موسى الأشعرى وخدعه ، بأن أو همه أنه يوافقه على خلع الرجلين ، على ومعاوية ، وتولية الخلافة لعبد الله بن عمر بن الخطاب ، على ما قيل : وكان عند أبى موسى ميل إلى ذلك ، وقرر عمرو مع أبى موسى ، أنه يقوم فى الناس ، ويعلمهم بخلعه لعلى ومعاوية ، ثم يقوم عمرو بعده ويصنع مثل ذلك ، ولو لا ما لأبى موسى من السابقة فى الإسلام ، لقام عمرو بذلك قبله. فصنع أبو موسى ما أشار إليه عمرو ، ثم قام عمرو فذكر ما صنعه أبو موسى ، وذكر أنه وافقه على ما ذكر من خلع علىّ ، وأنه أقر معاوية خليفة ، ورجع الشاميون وفى ذهنهم أنهم حصلوا على شىء ، فبايعوا معاوية.

وبعث إلى مصر جندا ، فغلبوا عليها ، وصارت بين جنده وجند علىّ رضى الله عنه ، فلما مات علىّ ، ولى ابنه الحسن الخلافة بعده ، وسار من العراق ليأخذ الشام ، وخرج إليه معاوية لقتاله بمن معه من أهل الشام.

ثم إن الحسن رغب فى تسليم الأمر لمعاوية ، على أن يكون له ذلك من بعده ، وأن يمكنه مما فى بيت المال ، ليأخذ منه حاجته ، وأن لا يؤاخذ أحدا من شيعة علىّ بذنب ، ففرح بذلك معاوية ، وأجاب إليه ، فخلع الحسن نفسه وسلم الأمر لمعاوية ، ودخلا الكوفة ، فقام الحسن فى الناس خطيبا ، وأعلم الناس بذلك ، فلم يعجب شيعته ، وذموه الناس لذلك ، فلم يلتفت لقولهم ، وحقق الله تعالى بفعل الحسن هذا ، ما قاله فيه جده المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن ابنى هذا سيد ، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين».

ولما سلم الحسن الخلافة لمعاوية ، اجتمع الناس على بيعته ، وسمى العام الذى وقع فيه ذلك ، عام الجماعة ، لاجتماع الأمة بعد الفرقة على خليفة واحد ، وذلك فى سنة إحدى وأربعين من الهجرة ، وقيل فى سنة أربعين ، والأول أصح ، على ما قال ابن عبد البر ، وذكر أن ذلك فى ربيع أو جمادى سنة إحدى وأربعين. وبعث معاوية بعد ذلك نوابه على البلاد ، وله فى ذلك أخبار مشهورة ، ليس ذكرها هاهنا من غرضنا.

٩٤

وحج بالناس غير مرة [......](٦) وصنع بمكة مآثر حسنة ، منها : أنه اشترى من عقيل بن أبى طالب ، دار خديجة بنت خويلد ، زوج النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، التى بنى بها فيها النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وولدت فيها أولادها من النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وماتت فيها ، وهى الموضع المعروف قديما بزقاق العطارين بمكة ، وتعرف الآن بمولد فاطمة ، وجعلها معاوية مسجدا. ودام معاوية فى الخلافة حتى مات.

واختلف فى مقدار مدة إمرته بالشام وخلافته ، فقيل : كان أميرا عشرين سنة ، وخليفة عشرين سنة ، وثمانية وعشرين يوما ، قاله ابن إسحاق. وقيل : كانت خلافته تسع عشرة سنة ونصفا ، قاله الوليد بن مسلم. وقيل : كانت خلافته تسع عشرة سنة ، وثلاثة أشهر ، وعشرين يوما ، حكاه ابن عبد البر ، ولم يبين قائله. وقال : إن إمرته بالشام كانت نحوا من عشرين سنة.

واختلف فى وفاته ، فقيل : سنة ستين من الهجرة فى رجب ، قاله ابن إسحاق ، والليث ابن سعد ، والوليد بن مسلم ، واختلف فى تاريخها من رجب فقيل : فى النصف منه ، قاله ابن إسحاق ، وقيل : لأربع ليال بقين منه ، قاله الليث بن سعد. وقيل : إنه توفى سنة تسع وخمسين ، يوم الخميس لثمان بقين من رجب ، ذكره ابن عبد البر ، ولم يعزه ، وكذلك المزى.

واختلفوا فى سنه ، فقيل : كان ابن ثمان وسبعين ، وقيل : ابن ست وثمانين ، ذكرهما ابن إسحاق ، وقيل ابن ثلاث وثمانين سنة ، حكاه ابن عبد البر ، من جملة قول من قال : إنه توفى سنة تسع وخمسين. واتفقوا على أنه توفى بدمشق ، وقبره بها مشهور [.......](٧):

ولما احتضر ، كان يتمثل بقول القائل [الوافر](٨) :

فهل من خالد إما هلكنا

وهل بالموت يا للناس عار

ولما حضره الموت ، قال لابنه يزيد : إنى صحبت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فخرج لحاجته ، فتبعته بإدواة ، فكسانى أحد ثوبيه الذى كان يلى جلده ، فخبأته لهذا اليوم ، وأخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من أظفاره وشعره ذات يوم ، فأخذته وخبأته لهذا اليوم ، فإن أنا مت ، فاجعل ذلك القميص دون كفنى مما يلى جلدى ، وخذ ذلك الشعر والأظفار ، فاجعله فى فمى ،

__________________

(٦) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

(٧) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

(٨) انظر البيت فى الاستيعاب ترجمة ٢٤٦٤.

٩٥

وعلى عينى ، ومواضع السجود منى ، فإن نفع شىء ، فذاك ، وإلا فإن الله غفور رحيم.

ويقال : إنه لما نزل به الموت ، قال : ياليتنى كنت رجلا من قريش بذى طوى ، وأنى لم أنل من هذا الأمر شيئا.

وقال الليث : إنه أول من جعل ابنه ولى العهد خليفة بعده فى صحته.

قال ابن عبد البر : قال الزبير : هو أول من اتخذ ديوان الخاتم ، وأمر بهدايا النيروز والمهرجان ، واتخذ المقاصير فى الجوامع ، وأول من قتل مسلما صبرا حجرا وأصحابه ، وأول من أقام على رأسه حرسا ، وأول من قيدت بين يديه الجنائب ، وأول من اتخذ الخدام الخصيان فى الإسلام ، وأول من بلغ درجات المنبر خمس عشرة مرقاة (٩) ، وكان يقول : أنا أول الملوك. انتهى.

ومن أولياته على ما فى كتاب الأزرقى : أنه أول من طيب الكعبة من بيت المال ، وأجرى لها وظيفة الطيب عند كل صلاة ، وأول من أجرى الزيت لقناديل المسجد الحرام ، من بيت المال ، وأول من خطب على منبر بمكة.

وقال أبو عبد رب : رأيت معاوية يصفر لحيته كأنها الذهب. وروى ابن وهب ، عن مالك قال : قال معاوية : لقد نتفت الشيب ، كذا وكذا سنة. قال النووى : وكان معاوية أبيض جميلا يخضب [..............](١٠)

وكان معاوية نهاية فى الحلم والدهاء ، وله فى ذلك أخبار مشهور.

ومن أخباره فى ذلك ، ما ذكره الزبير فى كتابه قال : وحدثنى على بن صالح قال : حدثنى أبو أيوب يحيى بن سعيد ـ من ولد سعيد بن العاص ـ عن عثمان بن عبد الله ، عن معمر ، عن الزهرى ، قال : قدم المسور بن مخزومة على معاوية ، قال : فلما دخلت وسلمت ، قال لى : ما فعل طعنك على الأئمة يا مسور؟ قال : قلت : ارفضنا من هذا يا أمير المؤمنين ، وأحسن فيما قدمنا له. قال : عزمت عليك لتخبرنى بذات نفسك ، فو الله ما ترك شيئا كنت أعيبه عليه إلا عبته له. قال : فلما فرغت ، قال : لا تبرأ من الذنب ، فهل لك يا مسور ذنوب تخاف أن تهلك إن لم يغفرها الله عزوجل! قلت : نعم ، فما يجعلك أحق أن ترجو المغفرة منى ، والله لما إلىّ من إقامة الحدود والجهاد فى سبيل الله تعالى ، والإصلاح من الناس أعظم ، وإنى لعلى دين يقبل الله فيه الحسنات ، ويعفو فيه

__________________

(٩) فى الاستيعاب : «رقاة».

(١٠) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٩٦

عن السيئات ، والله ما كنت لأخير بين الله عزوجل وغيره ، إلا اخترت الله عزوجل على ما سواه.

فكان المسور إذا ذكره استغفر له ، وقال : خصمنى.

ومنها على ما ذكر الزبير : أن سعيد بن عثمان بن عفان رضى الله عنه ، قدم على معاوية ، فقال له معاوية : يا ابن أخى ، ما شىء يقوله أهل المدينة؟ فقال : ما يقولون؟ قال : قولهم :

والله لا ينالها يزيد

حتى ينال راشد الحديد

إن الأمير بعده سعيد

قال : ما تنكر من ذلك يا معاوية؟ ، والله إن أبى لخير من أبى يزيد ، ولأمى خير من أم يزيد ولأنا خير منه. ولقد استعملناك فما عزلناك بعد ، ووصلناك فما قطعناك ، ثم صار فى يديك ما قد ترى ، فحلأتنا عنه أجمع.

فقال له معاوية : يا بنى : أما قولك : إن أبى خير من أبى يزيد ، فقد صدقت ، عثمان خير من معاوية. وأما قولك : أمى خير من أم يزيد ، فقد صدقت ، امرأة من قريش ، خير من امرأة من كلب ، وبحسب امرأة أن تكون من صالح نساء قومها. وأما قولك : إنى خير من يزيد ، فو الله ما يسرنى أن حبلا بينى وبين أهل العراق ، ثم نظم فيه أمثالك به!. ثم قال معاوية لسعيد بن عثمان : الحق بعمك زياد ابن أبى سفيان ، فإنى قد أمرته أن يوليك خراسان. وكتب إلى زياد : أن وله ثغر خراسان ، وابعث على الخراج رجلا جلدا حازما ، فقدم عليه ، فولاه ، وتوجه سعيد إلى خراسان على ثغرها ، وبعث زياد أسلم بن زرعة الكلابى معه على الخراج.

ومنها على ما قال الزبير : حدثنى عمى مصعب بن عبد الله ، عن عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة بن الزبير ـ أو غير عبد الله ـ وحدثنيه محمد بن الضحاك الحزامى ، عن أبيه : أن عمرو بن عثمان اشتكى ، فكان العواد يدخلون عليه ، فيخرجون ، ويتخلف مروان بن الحكم عنده ، فيطيل. فأنكرت رملة بنت معاوية ذلك ، فخرقت كوة ، فاستمعت على مروان ، فإذا هو يقول لعمرو : ما أخذ هؤلاء ـ يعنى بنى حرب بن أمية ـ الخلافة إلا باسم أبيك! فما يمنعك أن تنهض بحقك؟ فلنحن أكثر منهم رجالا! منا فلان ، ومنهم فلان ، ومنا فلان ، ومنهم فلان ، حتى عدد رجالا ، ثم قال : ومنا فلان ، وهو فضل ، وفلان أفضل ، حتى عدد فضول رجال بنى أبى العاص ، على رجال بنى حرب.

٩٧

فلما برأ عمرو ، تجهز للحج ، وتجهزت رملة فى جهازه. فلما خرج عمرو إلى الحج ، خرجت رملة إلى أبيها ، فقدمت عليه الشام. قال محمد بن الضحاك : فأخبرته الخبر ، وقالت : ما زال يعد فضل رجال بنى أبى العاص ، على بنى حرب ، حتى عد ابنى عثمان وخالدا ، ابنى عمرو ، فتمنيت أنهما ماتا. فكتب معاوية إلى مروان (١١) [من الطويل] :

أواضع رجل فوق أخرى يعدنا

عديد الحصى ما إن تزال تكاثر

وأمّكم تزجى تؤاما لبعلها

وأم أخيكم نزرة الولد عاقر

أشهد يا مروان ، أنى سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إذا بلغ ولد الحكم ثلاثين رجلا ، اتخذوا مال الله دولا ، ودين الله دخلا ، وعباد الله خولا». فكتب إليه مروان : أما بعد ، يا معاوية! فإنى أبو عشرة ، وأخو عشرة ، وعم عشرة ، والسلام.

قال الذهبى : وكان ملكا مهيبا حازما شجاعا جوادا حليما سيدا ، كأنما خلق للملك ، يعد من أفراد الملوك حزما وحلما ودهاء ، وتمت فى أيامه عدة فتوحات. انتهى.

٢٤٨١ ـ معاوية بن صالح بن جدير الحضرمى ، أبو عمرو الحمصى :

قاضى الأندلس. روى عن : مكحول ، وراشد بن سعد ، وربيعة بن يزيد ، وعبد الرحمن بن جبير ، وسليم بن عامر ، وغير واحد.

روى عنه : الثورى ، والليث ، وأبو إسحاق الفزارى ، وابن وهب ، وابن مهدى ، وطائفة ، آخرهم عبد الله بن صالح.

روى له : مسلم ، وأصحاب السنن. وثّقه ابن مهدى ، وابن حنبل ، وأبو زرعة.

__________________

(١١) انظر : نسب قريش ٤ / ١١٠.

٢٤٨١ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات ابن سعد ١ / ١٩ ، ٢٧ ، ٣٦ ، ١١٨ ، ٢٧٠ ، ٢٩٩ ، ٢ / ١٦٤ ، ١١١٥ ، ٤ / ١٦٢ ، ٥ / ٤٢٣ ، ٧ / ٢٧٥ ، ٢٩٩ ، ٣٦١ ، تاريخ الدورى ٢ / ٥٧٣ ، طبقات خليفة ٢٩٦ ، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة ١٤٤٣ ، التاريخ الصغير ٢ / ١٧٥ ، الكنى للدولابى ٢ / ٤٣ ، الجرح والتعديل ترجمة ١٧٥٠ ، الثقات لابن حبان ٧ / ٤٧٠ ، الكامل لابن عدى ٣ / ١٤٣ ، الثقات لابن شاهين ١٣٣٧ ، تاريخ ابن الفرضى ٢ / ١٣٨ ، جذوة المقتبس ٣٢٠ ، السابق واللاحق ٢٢٣ ، الجمع لابن القيسرانى ٢ / ٤٩١ ، تاريخ الإسلام ٦ / ٢٩١ ، سير أعلام النبلاء ٧ / ١٥٨ ، تذكرة الحفاظ ١ / ١٧٦ ، العبر ١ / ٣٢٩ ، ٣٨٧ ، الكاشف ٣ / ٥٦٢١ ، ديوان الضعفاء ٤١٦٦ ، المغنى ٢ / ٦٣١٥ ، ميزان الاعتدال ٤ / ٨٦٢٤ ، تهذيب الكمال ٦٠٥٨ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٢٠٩ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٥٩ ، خلاصة الخزرجى ٣ / ٧٠٨٢).

٩٨

وذكر ابن يونس : أنه قدم مصر ، وخرج إلى الأندلس ، فلما دخل عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان الأندلس وملكها ، اتصل به ، فأرسله إلى الشام فى بعض أمره ، فلما رجع إليه من الشام ، ولاه قضاء الجماعة بالأندلس. وكان خروجه من حمص ، فى سنة خمس وعشرين ومائة ، وتوفى سنة ثمان وخمسين ومائة. انتهى.

وقد ذكر وفاته هكذا غير واحد ، منهم : الذهبى فى العبر. وقال : حج ، فأدركه الأجل بمكة ، وصلى عليه الثورى ، وأكثر عنه فى هذا العام المصريون والحجاج. وقيل مات فى سنة تسع وخمسين ومائة. انتهى.

٢٤٨٢ ـ معاوية الهذلى :

روى عنه سليم بن عامر الخبائرى. يعد فى الشاميين ، مذكور فيمن نزل حمص ، وهو من حلفاء قريش. ذكره هكذا ابن عبد البر فى الاستيعاب.

* * *

من اسمه معبد

٢٤٨٣ ـ معبد بن أكثم الخزاعى :

صحابى. له ذكر فى حديث لابن عقيل ، عن جابر رضى الله عنه. ذكره هكذا الذهبى فى التجريد.

٢٤٨٤ ـ معبد بن أمية بن خلف الجمحى :

ذكره هكذا الذهبى ، وقال : مرّ مع أخيه سلمة. انتهى كلامه.

٢٤٨٥ ـ معبد بن زهير بن أبى أميّة حذيفة ، وقيل سهل ، وقيل هشام ، بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى :

ابن أخى أم سلمة ، زوج النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم. قال ابن عبد البر : له رواية ، وإدراك ، ولا صحبة له. قتل يوم الجمل.

__________________

٢٤٨٢ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٤٦٩ ، الإصابة ترجمة ٨١٠٦ ، أسد الغابة ترجمة ٤٩٩٥ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٨٤).

٢٤٨٣ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٤٧٠ ، الإصابة ترجمة ٨١٠٨ ، أسد الغابة ترجمة ٤٩٩٦).

٢٤٨٥ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٤٧٢ ، الإصابة ترجمة ٨٣٤٦ ، أسد الغابة ترجمة ٥٠٠٠).

٩٩

٢٤٨٦ ـ معبد بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم القرشى الهاشمى :

أمير مكة ، يكنى أبا العباس ، ابن عم النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولد على عهد النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولم يحفظ عنه ، وولى مكة لعلىّ بن أبى طالب رضى الله عنه ، على ما ذكره الزبير بن بكار ، وابن حزم. قتل بإفريقية شهيدا ، لما خرج فى الغزو إليها مع عبد الله بن أبى سرح ، وذلك فى زمن عثمان ، سنة خمس وثلاثين.

وأمه : أم الفضل لبابة بنت الحارث ، أخت ميمونة بنت الحارث ، زوج النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم. وهى أم إخوته : عبد الله ، وعبيد الله ، وقثم ، وعبد الرحمن ، وأم حبيبة ، وأم الفضل ، أولاد العباس بن عبد المطلب ، رضى الله عنهم.

٢٤٨٧ ـ معبد بن أبى معبد الخزاعى :

الذى رد أبا سفيان بن حرب ، عما عزم عليه من الرجوع بمن معه إلى المدينة ، لقتال النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بعد منصرف أبى سفيان ومن معه من أحد ، ثم أسلم معبد بعد ذلك.

وقد ذكر خبر معبد هذا ، ابن إسحاق ، عن عبد الله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو ابن حزم ، قال : لما انصرف المشركون عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم أحد ، خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى انتهى إلى حمراء الأسد ، وهى من المدينة على ثمانية أميال ، ليبلغ المشركين ، أن بهم قوة على اتباعهم ، فمر به معبد الخزاعى ، وكانت خزاعة ، عيبة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، مسلمهم ومشركهم ، لا يخفون عنه شيئا ، ولا يدخرون عنه نصيحة. ومعبد يومئذ مشرك ، فقال : يا محمد ، أما والله لقد عز علينا ما أصابك فى أصحابك ، ولوددنا أن الله أعفاك منهم. ثم خرج من عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو بحمراء الأسد ، حتى لقى أبا سفيان بن حرب ، ومن معه بالروحاء ، وقد أجمعوا الرجعة إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقالوا : أصبنا حد أصحابهم وقادتهم وأشرافهم ، ثم رجعنا قبل أن نستأصلهم ، لنكر على بقيتهم ، فلنفرغن منهم.

فلما رأى أبو سفيان معبدا ، قال : ما وراءك يا معبد؟ قال : محمد ، قد خرج فى أصحابه يطلبكم فى جمع لم أر مثله ، يتحرقون عليكم تحرقا ، قد اجتمع إليه من كان

__________________

٢٤٨٦ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٤٧٦ ، الإصابة ترجمة ٨٣٤٧ ، أسد الغابة ترجمة ٥٠٠٤ ، نسب قريش ٢٧ ، طبقات خليفة ١٩٧٤ ، التاريخ الصغير ١ / ٥٢ ، أنساب الأشراف ٣ / ٦٦ ، جمهرة أنساب العرب ١٨ ، تاريخ الإسلام ٢ / ٩٣).

٢٤٨٧ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٤٨٤ ، الإصابة ترجمة ٨١٣١ ، أسد الغابة ترجمة ٤٩٩٩).

١٠٠