العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٦

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٦

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٧٢

ووهت القوى ، وقلت الصحة وكثر الجوى ، وما أنا إلا ذماء يتردد فى جسد ، هو هامة اليوم أو غد ، فما لمثلى ، وما ليس من الآخرة لى شىء ، ولقد أجزت له أن يروى عنى تصانيفى ، وقد أثبت أشياء منها فى وريقة لبعض الإسكندرانيين ، وأنا محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمى ثم الزمخشرى ، منسوب إلى قرية منها ، هى مسقط رأسى ، ولبعض أفاضل المشرق فيها [من الطويل] :

فلو وازن الدنيا تراب زمخشر

لأنك منها زاده الله رجحانا

وللشريف الأجل الإمام علىّ بن عيسى بن حمزة بن وهّاس الحسنى [من الطويل] :

جميع قرى الدنيا سوى القرية التى

تبوأها دارا فدا لزمخشرا

وأحر بأن تزهى زمخشر بامرئ

إذا عدّ فى أسد الشرى زمخ الشرا

فلولاه ما طن البلاد بذكرها

ولا طار فيها منجدا ومغورا

فليس ثناها فى العراق وأهله

بأعرف منه فى الحجاز وأشهرا

ومن المقطوعات التى اقترحتها من قبلى [من الكامل] :

ومروعة بمشيب رأسى أقبلت

تبكى ، فقلت لها ودمعى جارى

هذا المشيب لهيب نار أوقدت

فى القلب يوقدها حرار النار

[مقطوعة أخرى] [من الطويل] :

إلهى إليك المشتكى نفس مسيئة

إلى الشر تدعونى عن الخير تنهانى

وما يشتكى الشيطان إلا مغفل

ألا إن نفس المشتهى ألف شيطان

[مقطوعة أخرى] [من الطويب] :

شكوت إلى الأيام سوء صنيعة

ومن عجب باك يشتكى إلى المبكى

فما زاد فى الأيام إلا شكاية

وما زالت الأيام تشكى ولا تشكى

[مقطوعة أخرى] [من الطويل] :

مسرة أحقاب تلقيت بعدها

مساءة يوم أريها سنة الصاب

فكيف بأن تلقى مسرة ساعة

وراء تقضّيها مساءة أحقاب

[مقطوعة أخرى] :

الخوض فى دول الدنيا يلج بكم

كأنها لجج خواضها لجج

كم خلصت لجج البحر الرجال وما

أقل من خلّصته هذه اللجج

[مقطوعة أخرى] [من الطويل] :

٤١

مبالاة مثلى بالرزايا غضاضة

أباها وثيق العقدتين مضيف

إذا أقبلت يوما علىّ صروفها

لأنيابها فى مسمعىّ صريف

عبأت لها حتى أشق نحورها

أسنّة عزم حدّهنّ رهيف

يمسّحن أركانى وهنّ قوافل

صفا صادرات النيل عنه نصيف

والقاضى العزيز أديب الملوك ، أبو إسماعيل يعقوب بن شيرين ـ بالشين المعجمة ـ وهو الحلو فى لسان العجم. والجندى ـ بفتح الجيم وسكون النون ـ وهو تعريف ، وهى للبلد فى لسان الترك ، والرجل تركى ، وبلاده من بلاد الترك ، المجاورة لبلاد ما وراء النهر ، وهو على كل الإطلاق ، أفضل الفتيان فى عصره ، وأعقلهم وأذكاهم وأوعاهم وكان كاتب سلطان خوارزم ، فاستعفى ، وهو يكتب باللسانين : العربية والفارسية ، ونحن وهو من رنب؟؟؟ (١) وخرجت وبلغت تلك الذروة ، وهو أوثق سهم من كنانتى ، والحمد لله أولا وآخرا ، والصلاة على محمد نبيه وآله الطيبين.

انتهى نقل السؤال والجواب بنصه.

ثم قال ابن خلكان ، ومن شعره السابق قوله ، وقد ذكره ابن السمعانى فى الذيل ، قال : أنشدنى أحمد بن محمود الخوارزمى إملاء بسمرقند ، قال أنشدنا محمود بن عمر الزمخشرى لنفسه بخوارزم ، وذكر الأبيات (٢) [من الطويل] :

ألا قل لسعدى أما لنا (٣) فيك من وطر

وما تطلبين النّجل من أعين البقر

فإنا اقتصرنا بالذين تضايقت

عيونهم والله يجزى من اقتصر

مليح ولكن عنده كل جفوة

ولم أر فى الدنيا صفاء بلا كدر

ولم أر (٤) إذ غازلته قرب روضة

إلى جنب حوض فيه للماء منحدر

فقلت له جئنى بورد وإنما

أردت به ورد الخدود وما شعر

فقال انتظرنى رجع طرف أجىء به

فقلت له هيهات مالى منتظر

فقال ولا ورد سوى الخد حاضر

فقلت له إنى قنعت بما حضر

ومن شعره يرثى شيخه أبا نصر منصور المذكور أولا (٥) [من الطويل] :

وقائلة ما هذه الدرر التى

تساقط من عينيك سمطين سمين

__________________

(١) هكذا فى الأصول بدون نقط!

(٢) انظر وفيات الأعيان ٥ / ١٧٢.

(٣) فى وفيات الأعيان : ما لنا. انظر وفيات الأعيان ٥ / ١٧٢.

(٤) فى وفيات الأعيان : ولم أنس. انظر وفيات الأعيان ٥ / ١٧٢.

(٥) انظر وفيات الأعيان ٥ / ١٧٢.

٤٢

فقلت هو الدر الذى كان قد حشا

أبو مضر أذنى تساقطن من عينى

ثم قال ابن خلكان : ومما أنشده لغيره فى كتابه «الكشاف» عند تفسير قوله تعالى فى سورة البقرة (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها) [البقرة : ٢٦] فإنه قال : أنشدت لبعضهم (٦) :

يا من يرى مدّ البعوض جناحها

فى ظلمة الليل البهيم الأليل

ويرى عروق نياطها فى نحرها

والمخّ فى تلك العظام النّحّل

إغفر لعبد تاب عن فرطاته

ما كان منه فى الزمان الأول

قال : وكان بعض الفضلاء قد أنشدنى هذه الأبيات بمدينة حلب ، وقال : إن الزمخشرى المذكور ، أوصى أن تكتب على لوح قبره.

ثم قال ابن خلكان : وكانت ولادة الزمخشرى ، يوم الأربعاء سابع عشرى رجب ، سنة سبع وستين وأربعمائة بزمخشر ، توفى ليلة عرفة سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة بجرجانية خوارزم ، بعد رجوعه من مكة ، رحمه‌الله تعالى. ورثاه بعضهم بأبيات ، من جملتها (٧) [من البسيط] :

فأرض مكة تذرى الدمع مقلتها

حزنا لفرقة جار الله محمود

وزمخشر : بفتح الزاى والميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الشين المعجمة وبعدها راء ، وهى قرية كبيرة من قرى خوارزم. وجرجانية : بضم الجيم لأولى وفتح الثانية وسكون الراء بينهما وبعد الألف نون مكسورة وبعدها ياء مثناة من تحتها مفتوحة مشددة ثم هاء ساكنة ، هى قصبة خوارزم. قال ياقوت الحموى فى كتاب «البلدان» : يقال لها بلغتهم كركانج ، وقد عرّبت فقيل لها : الجرجانية ، وهى على شاطئ جيحون : انتهى.

ومن شعر الزمخشرى على ما يقال [من الطويل] :

هو النفس الصّعّاد من كبد حرّى

إلى أن أرى أم القرى مرة أخرى

وما عذر مطروح بمكّة رحله

على غير بؤس لا يجوع ولا يعرى

يسافر عنها يبتغى بدلا بها

وربك لا عذرى وربك لا عذرى

وقد روينا حديثا من روايته ، على أحسن الوجوه التى يروى بها حديثه. أخبرنى به العدل شهاب الدين يوسف بن محمد المحلّى سماعا ، بدار سعيد السعداء من القاهرة ، فى

__________________

(٦) انظر وفيات الأعيان ٥ / ١٧٣.

(٧) انظر وفيات الأعيان ٥ / ١٧٣.

٤٣

رمضان سنة ثلاث وثمانمائة ، والحافظان عبد الرحيم بن الحسين ، وعلى بن أبى بكر الشافعيان إجازة ، قالوا : أخبرنا مظفر الدين محمد بن محمد بن يحيى بن عبد الكريم العسقلانى سماعا ، أن أم محمد ست الأهل ، بنت الحافظ أبى الفتح نصر بن أبى الحصرى ، أخبرته سماعا عن أم المؤيد زينب بنت أبى القاسم عبد الرحمن بن الحسن الشعرى إجازة ، قالت : أنبأنا أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشرى الأديب ، فيما كتب به خطه ، وأذن فى الرواية عنه ، قال : أنا أبو بكر محمد بن عمر بن عبد العزيز النسفى بمكة ، قال : أنا أبو بكر محمد بن أحمد البلدى ، أنا أبو المعالى المعتمد بن أحمد المكحول ، أنا هارون بن أحمد الإسترابادى ، أنا أبو محمد إسحاق بن أحمد الخزاعى قال : حدثنا أبو الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد الأزرقى ، قال : حدثنا جدى ، قال : قال لى داود بن عبد الرحمن العطار ، وسألته عن حديث ، فقال : اكتب هذا الحديث ، فإن أهل العراق يستطرفونه ويسألون عنه كثيرا : حدثنا عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضى الله عنهما قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، اعتمر أربع عمر ، عمرة الحديبية ، وعمرة القضا ، من قابل ، والثالثة من الجعرانة ، والرابعة التى مع حجته.

وأخبرنى بهذا الحديث أعلى من هذه الطريق بدرجتين ، عبد الله بن عمر الصوفى ، بقراءتى عليه ، عن يحيى بن يوسف إذنا ، إن لم يكن سماعا ، أن على بن هبة الله ، وعبد الوهاب بن ظافر ، أنبآه عن أبى طاهر أحمد بن محمد الحافظ ، أنا ابن الطيورى ، أنا أبو طالب العشارى ، أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن أبى موسى الهاشمى ، أنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمى ، أنا أبو الوليد الأزرقى ، فذكره.

٢٤١١ ـ محمود بن مسكّن بن معين القرشى الفهرى :

توفى فى مستهل المحرم سنة ست وثلاثين وستمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة ، ومن حجر قبره نقلت وفاته.

٢٤١٢ ـ محمود بن يوسف بن على الكرّانى الهندى ، يلقب نصير الدين الحنفى:

نزيل مكة ، سمع من الرضى الطبرى : بعض صحيح ابن حبان ، وأجاز له ، وسمع من الزين الطبرى ، ومحمد بن الصفى ، وبلال عتيق ابن العجمى ، والجمال المطرى ، وعيسى ابن عبد الله الحجّى : جامع الترمذى ، وغير ذلك على غيرهم ، منهم : الشيخ خليل المالكى.

وحدث ، سمع منه شيخنا ابن سكّر ، بقراءته أحاديث من الجزء الرابع من المجلد الأول

٤٤

من «صحيح ابن حبان» وتناول منه هذا المجلد والمجلد الخامس والسادس ، وأجاز له ذلك، وجميع ما يجوز له وعنه روايته ، وذلك فى رابع شهر رجب سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة ، بمكان درس الحديث من باب إبراهيم. كذا وجدت بخط شيخنا ابن سكر ، وترجم المذكور : بالشيخ الصالح الفقيه العلامة المفيد ، وسألت عنه شيخنا السيد تقى الدين الفاسى[......](١) مات بعد توجهه من مكة إلى بلاد الهند [....](١) ولم يذكر تاريخ موته ، وهو والد محمد بن محمود المقدم ذكره ، وأبى بكر بن محمود الآتى ذكره.

٢٤١٣ ـ محمية بن جزء بن عبد يغوث بن عويج بن عمرو بن زبيد الأصغر الزبيدى ، حليف لبنى سهم بن عمرو بن هصيص :

كان من مهاجرة الحبشة وتأخر إقباله منها ، وأول مشاهده المريسيع ، واستعمله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على الأخماس ، وأمره أن يصدق على قوم من بنى هاشم فى مهور نسائهم ، منهم الفضل بن العباس. وحديث استعماله على الأخماس فى الصحيح.

ومحمية على ما قال النووى : بضم الميم وإسكان الحاء المهملة وكسر الميم الثانية بعدها ياء مثناة من تحت. وجزء : بفتح الجيم وإسكان الزاى بعدها همزة. ومحمية هو عم عبد بن الحارث بن جزء الزبيدى.

* * *

من اسمه المختار

٢٤١٤ ـ المختار بن عوف الأزدى الإباضى ، أبو حمزة ، المعروف بالخارجى :

تغلّب على مكة فى سنة تسع وعشرين ومائة ، بعد الحج منها ، وحضر الموقف بعرفة ، وما شعر الناس إلا به معهم فيها ، وسأله أمير مكة ، إذ ذاك ، عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك فى المسالمة ، حتى تنقضى أيام الحج ، ففعل أبو حمزة ، فلما كان النفر الأول ، هرب فيه عبد الواحد إلى المدينة ، فاستولى أبو حمزة على مكة ، وتوجه منها إلى المدينة ، فى سنة ثلاثين ، فلقيه بقديد ، جيش أنفذه عبد الواحد من المدينة ، فغلبهم أبو حمزة ، وسار أبو حمزة إلى المدينة فقتل فيها ، ثم جاءه ابن عطية السعدى من الشام ، من

__________________

٢٤١٢ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢٤١٣ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٥٥٣ ، الإصابة ترجمة ٧٨٤٠ ، أسد الغابة ترجمة ٤٧٨٣ ، الثقات ٣ / ٤٠٤ ، الجرح والتعديل ٨ / ٤٢٦ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٦٣).

٤٥

قبل مروان بن محمد ، فلقيهم وقتل أبو حمزة فى جماعة من أصحابه بمكة ، فى سنة ثلاثين ومائة ، وكان الذى قدم إلى مكة ، عبد الله بن يحيى الكندى الأعور ، الملقب طالب الحق ، الثائر باليمن ، فى عشرة آلاف ، وقيل فى سبعمائة ، وما ذكرناه من خبره ، ملخّض مما ذكره أهل الأخبار ، وقد ذكر خبره أبسط من هذا ، غير واحد من أهل الأخبار ، منهم ابن الأثير وغيره ، فنذكر شيئا من ذلك لما فيه من الفائدة ، قال ابن الأثير ، فى أخبار سنة تسع وعشرين ومائة :

ذكر أبى حمزة الخارجى وطالب الحق

وفى هذه السنة : قدم أبو حمزة ، وبلج بن عقبة الأزدى الخارجى من الحج ، من قبل عبد الله بن يحيى الحضرمى طالب الحق محكما مظهرا للخلاف على مروان بن محمد ، فبينما الناس بعرفة ، ما شعروا إلا وقد طلعت عليهم أعلام وعمائم سود على رءوس الرماح ، وهم سبعمائة ، ففزع الناس حين رأوهم ، وسألوهم عن حالهم ، فأخبروهم بخلافة مروان وآل مروان ، فراسلهم عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك ، وهو يومئذ على مكة والمدينة ، وطلب منهم الهدنة ، فقالوا : نحن بحجّنا أضنّ ، وعليه أشح ، فصالحهم على أنهم جميعا آمنون بعضهم من بعض ، حتى ينفر الناس النفر الأخير ، فوقفوا بعرفة على حدة ، ودفع بالناس عبد الواحد ، فنزل بمنى فى منزل السلطان ، ونزل أبو حمزة بقرن الثعالب ، فأرسل عبد الواحد إلى أبى حمزة الخارجى ، عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علىّ ، ومحمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان ، وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبى بكر ، وعبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب ، وربيعة بن أبى عبد الرحمن ، فى رجال أمثالهم ، فدخلوا على أبى حمزة وعليه إزار قطرىّ غليظ ، فتقدمهم إليه عبد الله بن الحسن ، ومحمد بن عبد الله ، فنسبهما فانتسبا له ، فعبس فى وجوههما ، وأظهر الكراهة لهما ، ثم سأل عبد الله بن القاسم ، وعبيد الله بن عمر ، فانتسبا له ، فهش إليهما وتبسم فى وجوههما ، وقال : والله ما خرجنا إلا لنسير بسيرة أبويكما ، فقال له عبد الله بن الحسن : والله ما خرجنا لتفضل بين آبائنا ، ولكن بعثنا إليك الأمير برسالة ، وهذا ربيعة يخبركها.

فلما ذكر له ربيعة نقض العهد ، قال أبو حمزة : معاذ الله أن ننقض العهد ، أو نخيس به ، والله لا أفعل ولو قطعت رقبتى هذه ، ولكن تنقضى الهدنة بيننا وبينكم. فرجعوا إلى عبد الواحد فأخبروه ، فلما كان يوم النفر الأول ، نفر عبد الواحد فيه ، وخلى مكة ، فدخلها أبو حمزة بغير قتال ، فقال بعضهم فى عبد الواحد [من الكامل] :

٤٦

زار الحجيج عصابة قد خالفوا

دين الإله ففرّ عبد الواحد

ترك الحلائل والإمارة هاربا

ومضى يخبّط كالبعير الشادر

ثم مضى عبد الواحد حتى دخل المدينة ، فضرب على أهلها البعث ، وزادهم فى العطاء عشرة ، واستعمل عليهم عبد العزيز بن عبد الله بن عمرو بن عثمان فخرجوا ، فلما كانوا بالحرة ، تلقتهم جزر منحورة ، فمضوا.

وقال فى أخبار سنة ثلاثين ومائة :

ذكر وقعة أبى حمزة الخارجى بقديد

وفى هذه السنة ، لسبع بقين من صفر ، كانت الوقعة التى كانت بقديد ، بين أهل المدينة وأبى حمزة الخارجى ، قد ذكرنا أن عبد الواحد بن سليمان ، ضرب البعث على أهل المدينة ، واستعمل عليهم عبد العزيز بن عبد الله فخرجوا ، فلما كانوا بالحرة ، لقيتهم جزر منحورة فتقدموا ، فلما كانوا بالعقيق تعلق لواؤهم بسمرة ، فانكسر الرمح ، فتشاءم الناس بالخروج ، وأتاهم رسل أبى حمزة يقولون : إننا والله ما لنا بقتالكم حاجة ، دعونا نمض إلى عدونا ، فأبى أهل المدينة ولم يجيبوه إلى ذلك ، وساروا حتى نزلوا قديدا ، وكانوا مترفين ليسوا بأصحاب حرب ، فلم يشعروا إلا وقد خرج عليهم اصحاب أبى حمزة من الغياض فقتلوهم ، وكانت المقتلة بقريش ، وفيهم كانت الشوكة ، فأصيب منهم عدد كثير ، وقدم المنهزمون المدينة ، فكانت المرأة تقيم النوائح على حميمها ومعها النساء ، فما تبرح النساء حتى تأتيهن الأخبار عن رجالهن ، فيخرجن امرأة امرأة ، كل واحدة منهن تذهب لقتل زوجها ، فلا تبقى عندها امرأة ، لكثرة من قتل. وقيل إن خزاعة دلت أبا حمزة على أصحاب قديد. قيل : كانت عدة القتلى سبعمائة.

وقال فى أخبار سنة ثلاثين : سار إلى المدينة ودخلها فى ثالث عشر صفر ، ومضى عبد الواحد منها إلى الشام ، وكان مروان قد انتخب من عسكره أربعة آلاف فارس ، واستعمل عليهم عبد الملك بن محمد بن عطية السعدى ـ سعد هوازن ـ وأمره أن يجد السير ، وأمره أن يقاتل الخوارج ، فإن هو ظفر بهم ، يسير حتى يبلغ اليمن ، ويقاتل عبد الله بن يحيى طالب الحق ، فسار ابن عطية ، فالتقى أبا حمزة بوادى القرى ، فقال أبو حمزة لأصحابه : لا تقاتلوهم حتى تختبروهم ، فصاحوا بهم : ما تقولون فى القرآن والعمل به؟ فقال ابن عطية : نصعه فى جوف الجوالق ، قالوا : فما تقولون فى مال اليتيم؟ قال ابن عطية : نأكل ماله ونفجر بأمه ، فى أشياء سألوه عنها.

فلما سمعوا كلامه ، قاتلوه حتى أمسوا ، فصاحوا : ويحك يا ابن عطية! إن الله قد

٤٧

جعل الليل سكنا ، فاسكن ، فأبى وقاتلهم حتى قتلهم ، وانهزم من أصحاب أبى حمزة من لم يقتل ، وأتوا المدينة ، فلقيهم أهلها فقتلوهم ، وسار ابن عطية إلى المدينة ، فأقام بها شهرا. انتهى.

وذكر الذهبى شيئا من خبر أبى حمزة الخارجى وطالب الحق ، وفى بعض ما ذكره مخالفة لما ذكره ابن الأثير ، وزيادة على ما ذكره ، فنذكر ذلك : قال فى أخبار سنة تسع وعشرين ومائة :

وفيها خرج ـ قاله خليفة ـ عبد الله بن يحيى الأعور الكندى بحضر موت ، وتسمى بطالب الحق ، فغلب على حضر موت ، واجتمع عليه الإباضية ، ثم سار إلى صنعاء ، وعليها القاسم بن عمر الثقفى ، وهو فى ثلاثين ألفا ، فالتقوا واقتتلوا قتالا شديدا ، ثم انهزم القاسم ، وكثر القتل فى أصحابه ، وسار عبد الله ، وقد خندق القاسم على نفسه ، فبيته فى وضح الصبح ، فهرب القاسم ، وقتل أخوه الصّلت وطائفة ، ودخل عبد الله بن يحيى صنعاء ، فأخذ الأموال وتقوّى ، وجهّز إلى مكة عشرة آلاف ، وواليها عبد الواحد ابن سليمان بن عبد الملك ، فكره قتالهم ، فوقفوا بعرفات ، ووقف الناس ، ثم غلبوا على مكة ، فنزح عبد الواحد إلى المدينة.

وقال فى أخبار سنة ثلاثين ومائة : وفيها قتل بقديد خلق من أهل المدينة ، وذلك أن عبد الواحد لما غاب عن مكة ، وتقهقر عن المدينة ، كتب إلى الخليفة يخبره بخذلان أهل مكة ، فعزله ووجه جيشا من المدينة ، فسار من مكة المتغلّب عليها من جهة عبد الله الأعور ، وهو أبو حمزة ، واستخلف على مكة أبرهة بن الصباح الحميرى ، ثم التقى أبو حمزة هو وأهل المدينة بقديد ، فى صفر من السنة ، فانهزم أهل المدينة ، وقتل من قتل ، ودخل أبو حمزة المدينة ، فقتل حمزة بن مصعب بن الزبير ، وابنه عمارة ، وابن أخيه مصعب بن عكاشة ، وعتيق ابن عامر بن عبد الله بن الزبير ، وابنه عمرو ، وصالح بن عبد الله بن عروة بن الزبير ، وابن عمهم الحكم بن يحيى ، والمنذر بن عبد الله بن المنذر بن الزبير ، وسعيد بن محمد بن خالد بن الزبير ، وابن لموسى بن خالد بن الزبير ، وابن عمهم مهند. قال خليفة : قتل أربعون رجلا من بنى أسد بن عبد العزى ، وقتل يومئذ أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان ، فأصيب يومئذ من قريش ثلاثمائة رجل ، فقالت نائحة [من الكامل] :

ما للزمان وماليه

أفنى قديد رجاليه

فحدثنا ابن عليّة ، قال : بعث مروان أربعة آلاف فارس ، عليهم عبد الملك بن محمد بن

٤٨

عطية السعدى ، فسار ابن عطية ، فلقى بلجا على مقدمة أبى حمزة بوادى القرى ، فاقتتلوا ، فقتل بلج وعامة أصحابه ، ثم سار ابن عطية طالبا أبا حمزة ، فلحقه بمكة بالأبطح ، ومع أبى حمزة خمسة عشر ألفا ، ففرق عليه ابن عطية الخيل ، من أسفل مكة ومن أعلاها ، ومن قبل منى ، فاقتتلوا إلى نصف النهار ، فقتل أبرهة بن الصباح عند بئر ميمون ، وقتل أبو حمزة ، وقتل خلق كثير من جيشه ، فبلغ عبد الله الأعور ذلك ، فسار من اليمن فى ثلاثين ألفا ، وسار ابن عطية ، فنزل بتبالة (١) ، ونزل الأعور صعدة (٢) ، ثم التقوا ، فانهزم الأعور ، فسار إلى جرش (٣) ، وسار ابن عطية ، فالتقوا أيضا ، فاقتتلوا حتى حال الليل بينهم ، ثم أصبحوا ، فنزل الأعور فى نحو ألف رجل من حضر موت ، فقاتل حتى قتل ومن معه ، وبعث برأسه إلى مروان إلى الشام ، ثم سار ابن عطية فأتى صنعاء ، فثار به رجل من حمير ، فأخذ الجند(٤) ، فوجه إليه ابن عطية جيشا فهزموه ، ولحق بعدن ، فجمع نحو ألفين ، وسار إليه ابن عطية ، فلقيه بواد ، فاقتتلوا ، فقتل الحميرى وعامة عسكره ، ورجع عبد الملك بن محمد بن عطية إلى صنعاء.

ثم خرج عليه رجل من حمير أيضا ، فقاتله عسكر ابن عطية ، ثم قتلوه ، ثم صالح ابن عطية أهل حضر موت ، وسار مسرعا فى خمسة عشر رجلا من الوجوه ، ليقيم الموسم ، وخلف على اليمن ابن أخيه ، فنزل وادى شبام (٥) ليله ، فشد عليه طائفة من العرب فقتلوه ، وقتلوا سبعة عشر من أصحابه ، وأفلت منهم رجل واحد. انتهى. [......](٦).

٢٤١٥ ـ مختار بن عبد الله ، ظهير الدين المعروف بالزمردى :

كان من خدام الحرم النبوى. سمع من المكرم ، وموسى الزهرانى بمكة ، توفى يوم الجمعة خامس رمضان سنة خمس وسبعمائة بمكة بعد المجاورة بها ودفن بالمعلاة.

__________________

٢٤١٤ ـ (١) تبالة : بلدة مشهورة فى أرض تهامة على طريق اليمن. انظر : معجم البلدان (تبالة).

(٢) صعدة : بلدة فى شمالى صنعاء على مسافة ستين فرسخا. انظر : معجم البلدان (صعدة).

(٣) جرش : مدينة عظيمة باليمن من جهة مكة. انظر : معجم البلدان (جرش).

(٤) الجند : بادة مشهورة فى اليمن جنوب صنعاء ، وهى مقابلة لمدينة تعز. انظر : معجم البلدان (الجند).

(٥) شبام : فى اليمن أربعة مواضع اسمها شبام ، شبام كوكبان ، غربى صنعاء ، وشبام سخيم ، قبلى صنعاء بشرق ، وشبام حراز ، غربى صنعاء ، نحو الجنوب ، وشبام حضر موت.

انظر : معجم البلدان (شبام).

(٦) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٤٩

ذكر ابن فرحون فى «تاريخ المدينة» أن مختارا الزمردى ، ومخمس الأخميمى ، كانا على نسق واحد من حسن الهيئة والمهابة والرّحلة والحذاقة ، مع المحافظة على المروءة والسلامة من الناس فى مخالطتهم.

٢٤١٦ ـ مخرمة بن شريح الحضرمى :

حليف لبنى عبد شمس ، استشهد يوم اليمامة. ذكر الليث بن سعد ، عن قريش ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرنى السائب بن يزيد ، أن مخرمة بن شريح الحضرمى ، ذكر عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. فقال : ذاك رجل لا يتوسّد القرآن.

٢٤١٧ ـ مخرمة بن القاسم بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف بن قصى ابن كلاب القرشى المطلبى :

قال الزبير بن بكار : أطعم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مخرمة بن المطلب بخيبر أربعين وسقا ، وليس له عقب. قال : وأمه أروى الكبرى بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب.

٢٤١٨ ـ مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة القرشى الزهرى :

ذكر ابن عبد البر ، أنه يكنى أبا صفوان ، وقيل أبا مسور ، وقيل أبا الأسود ، وأبو صفوان أكثر. وقال : روى الليث بن سعد ، عن ابن أبى مليكة ، قال : أخبرنى المسور بن مخرمة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأبى : يا أبا صفوان. انتهى.

أمة رقيقة بنت أبى صيفى بن هاشم بن عبد مناف.

قال الزبير : وكان مخرمة من مسلمة الفتح ، وكانت له سن عالية وعلم بالنسب ، كان يؤخذ عنه النسب ، قال : حدثنى مصعب بن عثمان وغيره ، قال : مرّ المسور بن مخرمة ، بأبيه مخرمة بن نوفل ، وهو يخاصم رجلا ، فقال : يا أبا صفوان ، أنصف الناس! فقال : من هذا؟ قال : من لا ينصحك ولا يغشك. قال : مسور؟ قال : نعم. فضرب بيده فى ثوبه ، وقال : اذهب بنا إلى مكة ، أريك بيت أمى وترينى بيت أمك. فقال له مسور : يغفر الله لك يا أبة ، شرفك شرفى.

__________________

٢٤١٦ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٣٧٧ ، الإصابة ترجمة ٧٨٥٥ ، أسد الغابة ترجمة ٤٧٩٦).

٢٤١٨ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٣٧٨ ، الإصابة ترجمة ٧٨٥٧ ، أسد الغابة ترجمة ٤٧٩٨).

٥٠

وأم مسور عاتكة بنت عوف بن عبد عوف.

قال الزبير : وحدثنى عبد الرحمن بن عبد الله الزهرى ، قال : قال معاوية بن أبى سفيان يوما ، وعنده عبد الرحمن بن الأزهر : من لى من مخرمة بن نوفل ، ما يضعنى من لسانه تنقصا! فقال له عبد الرحمن بن الأزهر : أنا أكفيكه يا أمير المؤمنين ، فبلغ ذلك مخرمة بن نوفل ، فقال : جعلنى عبد الرحمن بن الأزهر يتيما فى حجره ، يزعم لمعاوية أنه يكفيه إياى ، فقال له ابن برصاء الليثى : إنه عبد الرحمن بن الأزهر! فرفع عصا فى يده فضربه ، فقال : أعداؤنا فى الجاهلية ، وحسدتنا فى الإسلام ، وتدخل بينى وبين ابن الأزهر!.

قال الزبير : وأخبرنى مصعب بن عثمان ، قال : لما حضر مخرمة بن نوفل الوفاة ، بكته ابنته ، فقالت : وا أبتاه ، كان هينّا لينا ، فأفاق. فقال : من النادبة؟. فقالوا : ابنتك. فقال : تعالى ، فجاءت ، فقال : ليس هكذا يوصف مثلى ، قولى : وا أبتاه! كان أبيا عصيا. انتهى.

قال ابن عبد البر : كان من مسلمة الفتح ، وكان له سن وعلم بأيام قريش ، كان يؤخذ عنه النسب ، وكان أحد علماء قريش ، وكان شهما أبيا ، شهد حنينا ، وهو أحد المؤلّفة قلوبهم ، وممن حسن إسلامه منهم ، وهو أحد الذين نصبوا أعلام الحرم لعمر ، مات فى المدينة زمن معاوية ، سنة أربع وخمسين ، وقد بلغ مائة سنة وخمس عشرة سنة ، وكفّ بصره فى زمن عثمان ، يعد فى أهل الحجاز. انتهى من الاستيعاب.

وقال النووى : وكان النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يتّقى لسانه ، وأعطاه خمسين بعيرا يوم حنين.

٢٤١٩ ـ مرثد بن أبى مرثد ، كنّاز بن الحصين ، ويقال ابن حصين الغنوى :

وبقية نسبه تقدم فى ترجمة أبيه ، كانا حليفين لحمزة بن عبد المطلب ، وشهدا بدرا ، وشهد مرثد أحدا ، وآخى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بينه وبين أوس بن الصامت ، أخى عبادة بن الصامت ، وأمره ـ على ما ذكر ابن إسحاق ـ على السرية التى وجهها إلى عضل والقارة وبنى لحيان ، ليفقهوهم فى الدين ، ويعلموهم القرآن وشرائع الإسلام ، وذلك فى صفر سنة ثلاث من الهجرة.

وذكر الزهرى ، أن المؤمر على هذه السرية : عاصم بن ثابت بن أبى الأقلح ، وأن السرية كانوا ستة نفر : عاصما ، ومرثدا ، وخالد بن البكير ، وخبيب ـ بالخاء المعجمة ـ

__________________

٢٤١٩ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٣٩٣ ، الإصابة ترجمة ٧٨٩٥ ، أسد الغابة ترجمة ٤٨٣١ ، الثقات ٣ / ٣٩٩ ، أزمنة التاريخ الإسلامى ١ / ٨٦٤ ، تقريب التهذيب ٢ / ٤٧٠ ، البداية والنهاية ٦ / ٣٥٣ ، الطبقات ٨ / ٤٧ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٦٨ ، الكاشف ٣ / ١٣٠ ، حلية الأولياء ٢ / ١٩ ، الجرح والتعديل ٨ / ٢٩٩ ، أصحاب بدر ٩٠ ، الأعلام ٧ / ٢٠١ ، تهذيب الكمال ٣ / ١٣١٤ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٨٢).

٥١

ابن عدى ، وزيد بن الدثنة ، وعبد الله بن طارق ، فغدر بهم الذين أرسلوا إليهم ، واستصرخوا عليهم هذيلا ، فقتل مرثد وعاصم وخالد ، بعد أن قاتلوا ، وألقى خبيب وعبد الله وزيد بأيديهم بعد أن سلّموا إليهم أنفسهم ، ثم استشهد خبيب.

وكان مرثد يحمل الأسرى من مكة ، حتى يأتى بهم المدينة لشدته وقوته ، وكان بمكة بغىّ يقال لها عناق ، وكانت صديقة له فى الجاهلية وكان وعد رجلا يحمله من أسرى مكة ، قال : فجئت حتى انتهيت إلى حائط من حيطان مكة ، فى ليلة قمراء ، قال : فجاءت عناق فأبصرت سواد ظلى بجانب الحائط ، فلما انتهت إلىّ عرفتنى ، فقالت : مرثد؟ قلت : مرثد. قالت : مرحبا وأهلا ، هلم ، فبت عندنا الليلة ، قال : قلت : يا عناق ، إن الله حرم الزنا ، قالت : يا أهل الخباء ، هذا الرجل الذى يحمل الأسرى ، قال : فاتبّعنى ثمانية رجال ، وسلكت الخندمة ، فانتهيت إلى كهف أو غار فدخلته ، وجاءوا حتى قاموا على رأسى ، وأعماهم الله عنى ، ثم رجعوا ورجعت إلى صاحبى فحملته ، وكان رجلا ثقيلا ، حتى انتهيت إلى الإذخر ، ففككت عنه كبله ، ثم جعلت أحمله حتى قدمنا المدينة ، فأتيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقلت : يا رسول الله ، أنكح عناقا؟ فأمسك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلم يرد علىّ شيئا ، حتى نزلت هذه الآية : (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ، وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) [النور : ٣] قرأها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقال : لا تنكحها.

ومن حديث مرثد الغنوى ، عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أنه قال : «إن سركم أن تقبل صلاتكم ، فليؤمكّم خياركم ، فإنهم وفد فيما بينكم وبين ربكم» رواه أبو عبد الرحمن الشامى ، وأنكر ابن عبد البر رواية القاسم عنه ، قال : وهو عندى وهم وغلط ، لأن من قتل فى حياة النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم ومغازيه ، لم يدركه القاسم المذكور ، ولا رآه ، فلا يجوز أن يقال فيه حدثنى ، لأنه منقطع ، أرسله القاسم أبو عبد الرحمن ، عن مرثد بن أبى مرثد هذا ، إلا أن يكون رجلا آخر ، وافق اسمه واسم أبيه.

٢٤٢٠ ـ مروان بن الحكم بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ابن قصى بن كلاب القرشى الأموى :

__________________

٢٤٢٠ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٣٩٩ ، الإصابة ترجمة ٧٩٣١ ، أسد الغابة ترجمة ٤٨٤٨ ، طبقات ابن سعد ٥ / ٣٥ ، نسب قريش ١٥٩ ، ١٦٠ ، طبقات خليفة ١٩٨٤ ، التاريخ الكبير ٧ / ٣٦٨ ، المعارف ٣٥٣ ، الجرح والتعديل ٨ / ٢٧١ ، تاريخ الطبرى ٥ / ٥٣٠ ، ٦١٠ ، مروج الذهب ٣ / ٢٨٥ ، أنساب العرب ٨٧ ، الكامل ٤ / ١٩١ ، تهذيب الأسماء واللغات ١ ، ٢ / ٨٧ ، تهذيب الكمال ١٣١٥ ، تاريخ الإسلام ٣ / ٧٠ ، تذهيب التهذيب ٢ / ٣٤ ، البداية والنهاية ٨ / ٢٣٩ ، ٢٥٧ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٩١ ، النجوم الزاهرة ١ / ١٦٤ ، ١٦٩ ، خلاصة تذهيب الكمال ٣١٨ ، شذرات الذهب ١ / ٧٣).

٥٢

أمير مكة والمدينة ، وصاحب مصر والشام ، وغير ذلك من البلاد ، يكنى أبا عبد الملك ، وقبل أبا القاسم ، وقيل أبا الحكم.

ولد بمكة ، وقيل بالطائف ، على عهد النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، سنة اثنتين من الهجرة على ما قيل. وقيل ولد يوم أحد ، قاله مالك. وقيل ولد يوم الخندق ، ولم يسمع من النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وقد روى عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم حديث الحديبية بطوله ، وروى عن زيد بن ثابت ، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث ، وعثمان بن عفان ، وعلى بن أبى طالب ، وأبى هريرة ، وبسرة بنت صفوان.

روى عنه سعيد بن المسيب ، وسهل بن سعد الساعدى ، وابنه عبد الملك ، وجماعة.

روى له الجماعة ، إلا مسلما.

وذكر ابن عبد البر ، أنه لم ير النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لأنه خرج إلى الطائف طفلا لا يعقل ، قال: وذلك أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كان قد نفى أباه الحكم إليها ، فلم يزل بها حتى ولى عثمان ابن عفان ، فرده عثمان ، فقدم المدينة هو وولده فى خلافة عثمان ، وتوفى أبوه ، فاستكتبه عثمان رضى الله عنه ، وكتب له فاستولى عليه إلى أن قتل عثمان رضى الله عنه.

ثم قال ابن عبد البر : وكان معاوية لما صار الأمر إليه ، ولاه المدينة ، ثم رجع له إلى المدينة مكة والطائف ، ثم عزله عن المدينة سنة ثمان وأربعين ، وولاها سعيد بن أبى العاص ، فأقام عليها أميرا إلى سنة أربع وخمسين ، ثم عزله وولىّ مروان ، ثم عزله ، وولىّ الوليد بن عتبة ، انتهى.

وكان مروان بعد موت معاوية بن يزيد بن معاوية بن أبى سفيان ، أجمع على المسير لابن الزبير بمكة ، ليبايعه بالخلافة ، ويأخذ منه الأمان لبنى أمية ، فلواه عن ذلك عبيد الله ابن زياد ، لما قدم من العراق هاربا ، وعاب ذلك عليه كثيرا ، وأعانه عليه بعض أعراب الشام اليمانية ، لأنهم كرهوا انتقال الخلافة من الشام إلى الحجاز ، وكان رئيسهم حسان ابن مالك بن بحدل الكلبى سيد قحطان ، يطلب الخلافة لخالد بن يزيد بن معاوية ، لأنه من أخوال أبيه ، فأماله أصحابه عن ذلك لصغر خالد ، وحملوه على المبايعة لمروان ، على شروط يلتزمها مروان لحسان وخالد ، منها : أن تكون إمرة حمص لخالد ، وأن تكون له الخلافة بعد مروان ، وأن لا يفصل أمرا دون حسان وقومه ، فبايعوه على ذلك ، لثلاث خلون من ذى القعدة سنة أربع وستين بالجابية.

٥٣

وقيل إن بنى أمية بايعوا مروان قبلها بتدمر ، وقيل بالأردن ، وسار مروان من الجابية ، قاصدا الضحاك بن قيس الفهرى ، وكان بمرج راهط فى الغوطة ، ومعه أعراب الشام القيسية ، وقد بايعوه لابن الزبير ، فتحاربوا ، وكان الحرب بينهم سجالا ، ثم قتل الضحاك فى ثمانين رجلا من أشراف الشام ، وجمع كثير من قيس ، لم يقتل منهم مثلهم فى وقعة قط ، وذلك فى المحرم سنة خمس وستين من الهجرة ، وقيل فى آخر سنة أربع وستين.

واستوسق الأمر بالشام لمروان ، وسار إلى مصر فملكها ، واستناب عليها ولده عبد العزيز ، والد عمر بن عبد العزيز ، وأخرج عنها عامل ابن الزبير ، فبعث إليه ابن الزبير جيشا مع أخيه مصعب ، فجهز له مروان ، عمرو بن سعيد الأشدق ، ليقاتله قبل دخوله إلى الشام ، فالتقيا ، فانهزم مصعب.

ولما عاد مروان من مصر ، أخذ حسان بن مالك بالرغبة والرهبة ، حتى بايع لعبد الملك بن مروان بعد أبيه ، ثم عبد العزيز بن مروان ، ونقض ما كان عقد من اليبعة لخالد بن يزيد ، ثم لعمرو بن سعيد ، على ما قيل ، وكان مسير مروان إلى مصر وعوده منها ، فى سنة خمس وستين ، وفيها مات مروان بدمشق.

واختلف فى سبب موته ، فقيل مات حتف أنفه ، وقيل قتلته زوجته أم خالد بن يزيد ، وكان زوجها يضع منه عند أهل الشام.

واختلف فى سبب قتلها له ، وفى صفته ، فأما السبب ، فقيل إن مروان كان استعار من خالد سلاحا إلى مصر ، فلما عاد منها ، طالبه به خالد ، فامتنع مروان من رده ، فألح عليه خالد فى طلبه ، فقال له مروان ، وكان فاحشا : يا ابن الربوخ ، يا أهل الشام ، إن أم هذا ربوخ ، يا ابن الرطبة. وقيل : إن خالدا دخل على مروان وعنده جماعة ، فمشى بين الصفين ، فقال مروان : إنه والله لأحمق ، تعال يا ابن الرطبة الإست ، يغض به ليضعه من أعين أهل الشام. وقيل : إن مروان لما عزم على نقض البيعة التى وقعت لخالد من بعده ، وأن يبايع لابنيه : عبد الملك وعبد العزيز ، دخل عليه خالد وكلمه فى ذلك وأغلظ له ، فغضب مروان وقال له : تكلمنى يا ابن الرطبة! فدخل خالد على أمه ، فقبّح لها تزوجيها بمروان ، وشكى لها ما ناله منه ، فأمرته بكتم حاله ، ووعدته بكفاية مروان.

فلما دخل عليها مروان ، قال لها : هل قال لك خالد فىّ شيئا؟ قالت له : هو أشد تعظيما لك من أن يقول فيك شيئا ، وتركته أياما ، ثم غطت وجهه وهو نائم بوسادة ، وجلست عليها مع جواريها حتى مات. وقيل : إنها أعدت له لبنا مسموما ، وسقته

٥٤

إياه ، فلما استقر فى جوفه ، بقى يجود بنفسه ، ويشير إلى أم خالد برأسه ، أنها قتلته. فقالت لبنيه عبد الملك ومن معه : بأبى أنت ، حتى عند النزع لم يشتغل عنى! إنه يوصيكم بى. ومات وهو ابن ثلاث وستين ، وقيل : ابن إحدى وستين. وكانت خلافته تسعة أشهر ، وقيل : عشرة أشهر إلا أياما. وكان أحمر الوجه ، قصيرا ، أوقص ، كبير الرأس واللحية ، دقيق الرّقبة ، وكان فقهيا ، وهو أول من قدّم الخطبة على صلاة العيد ، حين رأى الناس ينصرفون بعد صلاة العيد عن خطبته بالمدينة ، أيام ولايته لها عن معاوية ، فأنكر ذلك عليه أبو سعيد الخدرى رضى الله عنه.

قال ابن عبد البر : ونظر إليه علىّ يوما ، فقال له : ويلك وويل أمة محمد منك ، ومن بنيك إذا شابت ذراحك! قال : وكان مروان يقال له : خيط باطل. وضرب يوم الدار على قفاه فخرّ لفيه ، فلما بويع بالإمارة ، قال فيه أخوه عبد الرحمن بن الحكم ، وكان ماجنا شاعرا محسنا ، وكان لا يرى رأى مروان (١) [من الطويل] :

فو الله ما أدرى وإنى لسائل

حليلة مضروب القفا كيف تصنع (٢)

لحى الله قوما أمّروا خيط باطل

على الناس يعطى من (٣) يشاء ويمنع

وقيل : إنما قال أخوه عبد الرحمن ذلك ، حين ولاه معاوية أمر المدينة ، وكان كثيرا ما يهجوه ، ومن قوله فيه (٤) [من الطويل] :

وهبت نصيبى منك يا مرو كله

لعمرو ومروان الطويل وخالد

فكل ابن أم زائد غير ناقص

وأنت ابن أم ناقص غير زائد

وقال مالك بن الريب يهجو مروان بن الحكم (٥) [من الطويل] :

لعمرك ما مروان يقضى أمورنا

ولكنّما تقضى لنا بنت جعفر

فياليتها كانت علينا أميرة

وليتك يا مروان أمسيت ذا حر

ومروان معدود فى الصحابة ، على مذهب من يشترط فيه المعاصرة ، وإن لم تتفق الرؤية ، وكان فقيها. وقال عروة : كان مروان لا يتهم فى الحديث. انتهى.

وهو الذى قتل طلحة بن عبيد الله ، أحد العشرة يوم الجمل بسهم رماه به.

__________________

(١) الأبيات فى الاستيعاب.

(٢) فى الاستيعاب : «يصنع».

(٣) فى الاستيعاب : «ما».

(٤) الأبيات فى الاستيعاب.

(٥) الأبيات فى الاستيعاب.

٥٥

٢٤٢١ ـ مروان بن عبد الحميد ، أبو الحكم :

كان يسكن مكة. يروى عن موسى بن عقبة. روى عنه قتيبة ، وقد سمع موسى أم خالد ، ولها صحبة. ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات.

٢٤٢٢ ـ مروان بن معاوية بن الحارث بن أسماء بن خارجة بن عتبة بن حصن ابن حذيفة بن بدر الفزارى ، أبو عبد الله الكوفى :

سمع إسماعيل بن أبى خالد ، وحميد الطويل ، وسليمان التيمى ، ويحيى بن سعيد الأنصارى ، وعاصم الأحول ، وغيرهم.

روى عنه أحمد بن حنبل ، وابن المدينى ، وابن راهويه ، وابن معين وابن [.....](١) وأبو كريب ، وأبو خيثمة ، وخلق.

روى له الجماعة.

قال أبو بكر الأسدى ، عن أحمد بن حنبل : ثبت حافظ ، يحفظ حديثه كله ، كأنه نصب عينيه ، فإذا رأيته تقول أبله. وقال ابن المدينى : ثقة فيما يروى عن المعروفين. وقال الذهبى : عالم ، صاحب حديث ، لكنه يروى عمّن دبّ ودرج. وذكر أنه حج وأدركه الأجل بمكة. وقال ابن معين والنسائى : ثقة. وقال ابن معين : والله ما رأيت أحيل للتدليس منه.

قال ابن حبان : مات قبل التروية بيوم ، سنة ثلاث وتسعين ومائة فجأة ، وذكر أنه سكن مكة. ويقال إنه مات فجأة فى عشر ذى القعدة سنة ثلاث وتسعين. وقال

__________________

٢٤٢٢ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات ابن سعد ٥ / ٨٥ ، ٦ / ١٢٠ ، ٧ / ٢٣٨ ، تاريخ الدورى ٢ / ٥٥٦ ، تاريخ الدارمى من ترجمة ٧٤٠ ، ٨٩٤ ، العلل لأحمد بن حنبل ١ / ١٨٦ ، ٢ / ٤٤ ، ١٩٩ ، ٢٨٠ ، ٣١٨ ، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة ١٥٩٨ ، التاريخ الصغير ٢ / ٢٧٤ ، سؤالات الآجرى لأبى داود ٣ / ١٩١ ، تاريخ أبى زرعة ٤٦١ ، ٤٦٢ ، ٥٦٠ ، ٦١٨ ، الجرح والتعديل ترجمة ١٢٤٦ ، الثقات لابن حبان ٧ / ٤٧٣ ، الثقات لابن شاهين ١٣ / ١٤٩ ، رجال البخارى للباجى ٢ / ٧٣١ ، الجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسرانى ٢ / ٥٠١ ، الكامل فى التاريخ لابن الأثير ٦ / ١٢٠ ، ٢٢٦ ، سير أعلام النبلاء ٩ / ٥١ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٢٩٥ ، العبر ١ / ٣١١ ، الكاشف ترجمة ٥٤٦٣ ، المغنى ترجمة ٦١٧٤ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٩٦ ، ٩٨ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٣٩ ، خلاصة الخزرجى ترجمة ٦٩٣٠ ، شذرات الذهب ١ / ٣٨ ، ٤٢ ، ٧٣ ، تهذيب الكمال ٥٨٧٧ ، مشاهير علماء الأمصار ١٣٦٧).

(١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٥٦

صاحب الكمال : سكن مكة ، ثم صار إلى دمشق ، فسكنها ومات بها.

٢٤٢٣ ـ مروان الظاهرى ، أمير مكة ، يلقب شمس الدين :

كان نائبا للأمير عز الدين أمير جاندار الظاهرى ، وحج مروان مع السلطان الملك الظاهر بيبرس الصالحى صاحب الديار المصرية والشامية ، فى سنة سبع وستين وستمائة ، ولما سأل أميرا مكة : إدريس بن قتادة ، وابن أخيه أبى نمى ، السلطان الملك الظاهر هذا ، أن يولّى من جهته نائبا بمكة تقوى به نفسهما ، رتب السلطان بيبرس ، مروان هذا نائبا بمكة ، فرجع أمر أميريها إليه ، وقد ذكرنا فى المقدمة بعض فصول الباب الرابع والعشرين منها ، شيئا من خبر حج الملك الظاهر فى هذه السنة ، مما ذكره كاتبه ابن عبد الظاهر ، فى «السيرة» التى جمعها له ، ومنه لخصت ما ذكرناه هنا.

وكان من خبر مروان : أن أشراف مكة أخرجوه منها ، فى سنة ثمان وستين وستمائة ، على ما وجدت بخط أبى العباس الميورقى.

٢٤٢٤ ـ مرة بن (١) حبيب القرشى الفهرى :

روى عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، حديث : «أنا وكافل اليتيم فى الجنة كهاتين» (٢). روت عنه ابنته أم سعد ، يعد فى أهل المدينة. ذكره هكذا ابن عبد البر.

__________________

٢٤٢٤ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٣٨٧ ، الإصابة ترجمة ٧٩٩٢ ، أسد الغابة ترجمة ٤٨٥٥ ، الثقات ٣ / ٣٩٨ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٧٠ ، تلقيح فهوم أهل الأثر ٣٨٤ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٩٠ ، ذيل الكاشف ١٤٥٥).

(١) ذكره ابن عبد البر فى الاستيعاب فى الترجمة رقم ٢٣٨٧ ، وذكر أن اسمه مرة بن عمرو الفهرى بن حبيب القرشى الفهرى. وذكر نفس الترجمة التى نقلها عنه الفاسى ، وهو نفس الاسم الذى نقله الفاسى عن الذهبى فى الترجمة التالية.

(٢) أخرجه الترمذى فى سننه كتاب البر والصلة حديث رقم (١٩١٨) من طريق عبد الله ابن عمران أبو القاسم المكى القرشى ، حدثنا عبد العزيز بن أبى حازم ، عن أبيه ، عن سهل ابن سعد ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أنا وكافل اليتيم فى الجنة كهاتين وأشار بإصبعيه يعنى السبابة والوسطى». قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح.

وأخرجه أبو داود فى سننه كتاب الأدب حديث رقم (٥١٥٠) من طريق : محمد بن الصباح بن سفيان ، أخبرنا عبد العزيز يعنى ابن أبى حازم ، قال : حدثنى أبى ، عن سهل أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «أنا وكافل اليتيم كهاتين فى الجنة وقرن بين إصبعيه الوسطى والتى تلى الإبهام».

٥٧

٢٤٢٥ ـ مرة بن عمرو بن حبيب الفهرى :

من مسلمة الفتح. ذكره هكذا الذهبى فى تجريد الصحابة.

٢٤٢٦ ـ مزاحم بن أبى مزاحم المكى :

مولى عمر بن عبد العزيز ، وقيل مولى طلحة. أصله من سبى البربر. روى عن : عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد الأموى ، وعبيد الله بن أبى يزيد ، وعمر بن عبد العزيز.

روى عنه : إسماعيل بن أمية ، وداود بن عبد الرحمن العطار ـ ونسبه إلى ولاء طلحة ـ وابنه سعيد بن مزاحم ، وعبد الملك بن جريج ، وعيينة بن أبى عمران ، والد سفيان بن عيينة ، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهرى ، وميمون بن مهران ، وهو أكبر منه.

روى له أبو داود ، والترمذى ، والنسائى حديثا واحدا. ذكره ابن سعد فى الطبقة الرابعة من أهل مكة. وذكره ابن حبان فى الثقات ، وقال : يروى المراسيل عن ميمون ابن مهران ، أنه قال : ما رأيت ثلاثة فى بيت ، خيرا من عمر بن عبد العزيز ، وابنه عبد الملك ، ومولاه مزاحم ، قيل : إنه سقط فمات.

كتبت غالب هذه الترجمة من التهذيب للمزى.

ولهم مزاحم بن أبى مزاحم رجل آخر ، وهو مزاحم بن أبى مزاحم ، زفر الضبى ، له ترجمة فى التهذيب.

٢٤٢٧ ـ مزهر بن عبد الله المكى ، أبو الضوء :

أديب ، ذكره أبو نصر الحسن بن أسد الفارقى فى كتابه ، [....](١) وقال : أنشدنى أبو الضوء مزهر بن عبد الله المكى لنفسه : [.......](١) [........](١).

__________________

٢٤٢٦ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات ابن سعد ٦ / ٣٥ ، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة ٢٠١٥ ، المعرفة ليعقوب ١ / ٤١٩ ، ٤٢٠ ، ٥٧٠ ، ٥٨٣ ، ٥٨٥ ، ٥٨٩ ، ٥٩٢ ، ٥٩٥ ، ٦١٠ ، ٦١٧ ، الجرح والتعديل ترجمة ١٨٥٩ ، الثقات لابن حبان ٧ / ٥١١ ، الكامل فى التاريخ ٥ / ٦٣ ، الكاشف ترجمة ٥٤٦٩ ، تاريخ الإسلام ٤ / ٥٣ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ١٠١ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٤٠ ، خلاصة الخزرجى ٣ / ٦٩٣٦ ، تهذيب الكمال ٥٨٨٤).

٢٤٢٦ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٥٨

٢٤٢٨ ـ مسافع بن عبد الله الأكبر بن شيبة بن عثمان بن طلحة بن أبى طلحة القرشى الحجبى المكى :

روى عن عمته صفية بنت شيبة ، ومعاوية ، والحسن ، وعبد الله بن عمرو ، وغيرهم.

روى عنه : ابن عمته منصور بن صفية ، وابن ابن عمه مصعب بن شيبة بن جبير بن شيبة بن عثمان ، وأبو يحيى رجاء ، والزهرى ، والمثنى بن الصباح ، وجويرية بن أسماء ، وغيرهم.

روى له مسلم (١) ، والترمذى وأبو داود (٢) ثلاثة أحاديث. قال عبد الله العجلى : مكىّ تابعى ثقة. ووثقة غيره.

٢٤٢٩ ـ مسافع بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عبد الله بن مسافع بن عبد الله ابن شيبة بن عثمان بن طلحة بن أيبك الحجبى المكى :

روى عن بشر بن السرى. وروى عنه الأزرقى فى كتابه خبرا ، ونصه : حدثنى مسافع بن عبد الرحمن الحجبى ، قال : لما بويع بمكة لمحمد بن جعفر بن محمد بن على بن حسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنه ، فى الفتنة فى سنة مائتين ، حين ظهرت المبيضة بمكة ، أرسل إلى الحجبة يتسلف منهم من مال الكعبة خمسة آلاف دينار ، وقال : نستعين بها على أمرنا. فإذا أفاء الله علينا رددناها فى مال الكعبة ، فدفعوا إليه ، وكتبوا عليه بذلك كتابا ، وأشهدوا فيه شهودا ، فلما خلع نفسه ، ورفع إلى أمير المؤمنين ، تقدم الحجبة واستعدوا عليه عند المأمون ، فقضاهم أمير المؤمنين عن محمد بن جعفر خمسة آلاف دينار ، وكتب لهم بها إلى إسحاق بن العباس بن محمد ، وهو وال على اليمن ، فقبضها الحجبة ، وردوها فى خزانة الكعبة.

وقال الأزرقى : حدثنى مسافع بن عبد الرحمن الحجبى ، حدثنا بشر بن السرى ، عن أيمن بن نايل ، قال : رقدت فى الحجر ، فركضنى سعيد بن جبير ، وقال : مثلك يرقد فى هذا المكان؟. انتهى.

__________________

٢٤٢٨ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات ابن سعد ٦ / ٢٦ ، تاريخ الدورى ٢ / ٥٥٨ ، طبقات خليفة ٢٨١ ، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة ٢١٩٦ ، الجرح والتعديل ترجمة ١٩٧٥ ، الثقات لابن حبان ٥ / ٤٦٤ ، الجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسرانى ٢ / ٥٢٥ ، الكاشف ترجمة ٥٤٧١ ، تاريخ الإسلام ٤ / ٢٠٢ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ١٠٢ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٤١ ، خلاصة الخزرجى ترجمة ٧٣٨٩ ، تهذيب الكمال ٧٣٨٩).

(١) أخرجه مسلم فى صحيحه (١ / ١٧٢).

(٢) أخرجه أبو داود فى سننه (٢٠٣٠).

٥٩

٢٤٣٠ ـ مسافع بن عياض بن صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشى التيمى :

هكذا قال ابن عبد البر ، له صحبة ، لا أحفظ له رواية. قال الزبير والعدوى جميعا ـ يزيد بعضهم على بعض فى الشعر ـ قال : كان مسافع بن عياض شاعرا محسنا ، فتعرض لهجاء حسان بن ثابت ، فقال حسان (١) [من البسيط] :

يا آل تيم ألا تنهون جاهلكم

قبل القذاف بصم كالجلاميد

فنهنهوه فإنى غير تارككم

إن عاد ما اهتز ماء فى ثرى عود

لو كنت من هاشم أو من بنى أسد

أو عبد شمس أو أصحاب اللوا الصيد

أو من بنى نوفل أو ولد مطلب

لله درك لم تهمم بتهديدى

أو من بنى زهرة الأبطال قد عرفوا

أو من بنى جمح الخضر الجلاعيد

أو فى الذؤابة من تيم إذا انتسبوا

أو من بنى الحارث البيض الأماجيد

لو لا الرسول وأنى لست عاصيه

حتى يغيبنى فى الرمس ملحودى

وصاحب الغار إنى سوف أحفظه

وطلحة بن عبيد الله ذى الجود

قال : وأنشدنى العدوى (٢) [من البسيط] :

يآل تيم ألا تنهوا سفيهكم

قبل القذاف بأمثال الجلاميد

أو فى الذؤابة من قوم أولى حسب

لم (٣) تصبح اليوم نكسا مائل العود

لكن سأصرفها عنكم وأعدلها (٤)

لطلحة بن عبيد الله ذى الجود

٢٤٣١ ـ المستورد بن سلامة بن عمرو بن حسل الفهرى :

قال ابن يونس : هو صحابى ، شهد فتح مصر ، واختلط بها ، توفى بالإسكندرية سنة خمس وأربعين. روى عنه على بن رباح ، وأبو عبد الرحمن الحبلىّ ، وورقاء بن شريح.

ذكره هكذا الذهبى فى التجريد ، على ما وجدت بخط بعض أصحابنا ، فى نسخة منقولة منه. وأخشى أن يكون الذى بعده. والله أعلم.

__________________

٢٤٣٠ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٥٧٦ ، الإصابة ترجمة ٧٩٤٢ ، أسد الغابة ترجمة ٤٨٦٢).

(١) الأبيات فى الاستيعاب.

(٢) الأبيات فى الاستيعاب.

(٣) فى الاستيعاب : «ولم».

(٤) فى الاستيعاب : «فأعدلها».

٦٠