العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٦

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٦

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٧٢

ومجّ الخمر فى سنن المصلّى

ونادى والجميع على (٦) افتراق

أزيدكم على أن تحمدونى

فما لكم وما لى من خلاق

قال ابن عبد البر : وخبر صلاته بهم سكران ، وقوله لهم : أزيدكم ـ بعد أن صلى الصبح ـ أربعا ، مشهور من حديث الثقات ، من نقل أهل الحديث وأهل الأخبار.

وقد روى فيما ذكر الطبرى ، أنه تعصّب عليه قوم من أهل الكوفة ، بغيا وحسدا ، وشهدوا عليه زورا ، أنه تقيّأ الخمر ، وذكر القصة وفيها : أن عثمان رضى الله عنه قال له : يا أخى ، اصبر ، فإن الله يأجرك ويبوء القوم بإثمك.

قال ابن عبد البر : وهذا الخبر من نقل أهل الأخبار ، لا يصح عند أهل الحديث ، ولا له عندهم أصل ، والصحيح فى ذلك ، ما رواه عبد العزيز بن المختار ، وسعيد بن أبى عروبة ، عن عبد الله الدّاناج ، عن حضين بن المنذر ، أبى ساسان ، أنه ركب إلى عثمان ، فأخبره بقصة الوليد. وقدم على عثمان رجلان ، فشهدا عليه بشرب الخمر ، وأنه صلى الغداة بالكوفة أربعا ، ثم قال : أزيدكم؟ قال أحدهما : رأيته يشربها ، وقال الآخر : رأيته يتقيأها. فقال عثمان ، رحمه‌الله : إنه لم يتقيأها حتى شربها. فقال لعلى : أقم عليه الحد ، فقال على لابن أخيه عبد الله بن جعفر : أقم عليه الحد ، فأخذ السوط فجلده ، وعثمان يعدّ ، حتى بلغ أربعين ، فقال على : أمسك ، جلد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى الخمر أربعين ، وجلد أبو بكر رضى الله عنه أربعين ، وجلد عمر رضى الله عنه ثمانين ، وكلّ سنّة. قال ابن عبد البر : ولم يرو الوليد بن عقبة سنّة يحتاج فيها إليه.

وروى ابن إسحاق عن حارثة بن مضرّب ، عن الوليد بن عقبة قال : ما كانت نبوّة إلا وبعدها ملك.

وقال أبو الحسن الدارقطنى : أخبرنا منصور بن محمد الأصبهانى ، معلّم الأمير ابن بدر ، قال : حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن أحمد بن زيرك ، قال : حدثنا عبد الواحد بن محمد ، حدثنا أبو الوليد هشام بن محمد ، حدثنا أبو مخنف لوط بن يحيى ، قال : حدثنى خالى المصعب بن زهير بن عبد الله بن زهير بن سلم الأزدى ، عن محمد بن مخنف ، قال : كان أول عمال عثمان أحدث منكرا : الوليد بن عقبة ، كان يدنى السحرة ، ويشرب الخمر ، وكان يجالسه على شرابه ، أبو زبيد الطائى ، وكان نصرانيا ، وكان صفيا له ، فأنزله دار القبطى ، وكانت لعثمان بن عفان ، واشتراها من عقيل بن أبى طالب ، وكانت لأضيافه ، وكان يجالسه أيضا على شرابه ، عبد الرحمن بن خنيس الأسدى ،

__________________

(٦) فى الاستيعاب : «إلى».

٢٠١

وكان الناس يتذاكرون شربهم وإسرافهم على أنفسهم ، فخرج بكير بن حمران من القصر ، فأتى النعمان بن أوس المزنى ، وجرير بن عبد الله البجلى ، فأسر إليهما ، أن الوليد شرب الساعة ، فقاما ومعهما رجل من جلسائهما ، فمروا بحذيفة بن اليمان ، فأخبروه الخبر ، فقال : ادخلا عليه ، فانظرا إن أحبتما ، فمضيا حتى دخلا عليه ، فسلما ، ونظر إليهما الوليد ، فأخذ كل شىء كان بين يديه ، فأدخله تحت السرير ، فأقبلا حتى جلسا ، فقال لهما : ما حاجتكما؟ قالا : ما هذا الذى تحت السرير ، ولم يريا بين يديه شيئا ، فأدخلا أيديهما تحت السرير ، فإذا هو طبق عليه قطف من عنب ، قد أكل عامته ، فاستحييا وقاما ، وأخذا يظهران عذره ، ويرّدان الناس عنه ، ثم لم يرعهما من الوليد إلا وقد أخرج سريره ، فوضعه فى صحن المسجد ، وجاء بساحر يدعى بطروى ، وكان ابن الكلبى يسميه الشيبانى من أهل بابل ، فاجتمع إليه الناس ، فأخذ يريهم الأعاجيب ، يريهم حبلا فى المسجد مستطيلا ، وعليه فيل يمشى ، وناقة تخبّ ، وفرس تركض ، والناس يتعجبون مما يرون ، ثم يدع ذلك ويريهم حمارا بحى سد (٧) حتى يدخل من فيه ويخرج من دبره ، ثم يعود فيدخل من دبره ، فيخرج من فيه ، ثم يريهم رجلا قائما ، ثم يضرب عنقه ، فيقع رأسه جانبا ، ويقع الجسد جانبا ، ثم يقول له : قم ، فيرونه يقوم ، وقد عاد حيا كما كان.

فرأى جندب بن كعب ذلك ، فخرج إلى معقل ، مولى لمصعب بن زهير بن أنس الأزدى ، كانت عنده سيوف ، وكان معقل صقيلا ، فقال : أعطنى سيفا قاطعا ، فأعطاه إياه ، فأقبل على مصعد التيمى ، من بنى تيم الله بن ثعلبة ، فقال له : أين تريد يأبا عبد الله؟ فقال : أريد أن أقتل هذا الطاغوت ، الذى عليه الناس عكوف ، قال : من تعنى؟ قال : هذا العلج الساحر ، الذى سحر أميرنا الفاجر العاتى ، فإنى والله لقد مثلث الرأى فيهما ، فظننت إن قتلت الأمير ، ستوقع بيننا فرقة تورث عداوة ، فأجمع رأيى على قتل الساحر ، قال : فاقتله ولا تك فى شك ، وأنت على هدى ، وأنا شريكك ، فجاء حتى انتهى إلى المسجد ، والناس فيه مجتمعون على الساحر ، وقد التحف على السيف بمطرف كان عليه ، فدخل بين الناس ، فقال : أفرجوا ، أفرجوا ، فأفرجوا له ، فدنا من العلج ، فشد عليه ، فضربه بالسيف فأردى رأسه ، ثم قال : أحى نفسك! فقال الوليد : علىّ به ، فأقبل به إليه عبد الرحمن بن خنيس الأسدى ، وهو على شرطته ، فقال : اضرب عنقه ، فقام مخنف بن سليم فى رجال من الأزد ، فقالوا : سبحان الله! أتقتل صاحبنا بعلج ساحر؟ لا يكون هذا أبدا.

__________________

(٧) هكذا فى الأصل بلا نقط.

٢٠٢

فحالوا بين عبد الرحمن وبين جندب ، فقال الوليد : علىّ بمضر ، فقام إليه شبث ابن ربعى ، فقال : لم تدعو مضر؟ تريد أن تستعين بمضر على قوم منعوا أخاهم منك ، أن تقتله بعلج ساحر كافر من أهل السواد ، لا تجيبك والله مضر إلى الباطل ، وإلى ما لا يحل.

قال الوليد : انطلقوا به إلى السجن ، حتى أكتب فيه إلى عثمان ، قالوا : أما السجن ، فإنا لا نمنعك أن تحبسه ، فلما حبس جندب ، أقبل ليس له عمل إلا الصلاة بالليل كله وعامة النهار ، فنظر إليه رجل يدعى دينارا ، ويكنى أبا سنان ، صالحا مسلما ، وكان على سجن الوليد ، فقال له يا أبا عبد الله ، ما رأيت رجلا قط خيرا منك ، فأذهب رحمك الله حيث أحببت ، فقد أذنت لك.

قال : إنى أخاف عليك هذا الطاغية أن يقتلك ، قال أبو سنان : ما أسعدنى إن قتلنى ، انطلق أنت راشدا.

فخرج ، فانطلق إلى المدينة ، وبعث الوليد إلى أبى سنان ، فأمر به ، فأخرج إلى السبخة ، فقتل. فانطلق جندب ابن كعب ، فلحق بالحجاز ، وأقام بها سنين ، ثم إن مخنف بن سليم ، وجندب بن زهير ، قدما على عثمان ، فأتيا عليه فقصا عليه قصة جندب بن كعب ، وأخبراه بظلم الوليد له. فكتب عثمان إلى الوليد : أما بعد ، فإن مخنف ابن سليم ، وجندب بن زهير ، شهد عندى لجندب بن كعب بالبراءة ، وظلمك إياه ، فإذا قدما عليك ، فلا تأخذن جندبا بشىء مما كان بينك وبينه ، ولا الشاهدين بشهادتهما ، فإنى والله أحسبهما قد صدقا ، والله لئن أنت لم تعتب ، ولم تتب ، لأعزلنك عنهم عاجلا ، والسلام.

وقد روينا فى كتاب «فضل الأسخياء والأجواد» للدارقطنى ، حكاية تدل على جوده ، وفيها أبيات مدح فيها. أخبرنا أبو الحسن على بن محمد بن أبى المجد الدمشقى إذنا ، عن أبى بكر أحمد بن محمد بن أبى القاسم الرشتى ، وغيره ، قالوا : أنبأنا يوسف بن خليل الحافظ ، أخبرنا يحيى بن أسعد بن يونس التاجر ، أخبرنا أبو عبد الله يحيى بن الحسن بن البنا ، أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد الآبنوسى ، أخبرنا أبو الحسن على بن عمر الدارقطنى ، حدثنا القاضى الحسين بن إسماعيل ، حدثنا عبد الله بن أبى سعد ، حدثنى محمد بن الحسن بن محمد بن سيار البجلى ، حدثنا الحسن بن حفص المخزومى : أن لبيدا ، جعل على نفسه أن يطعم ما هبت الصبا ، قال : فألحت عليه [.....](٨) زمن

__________________

(٨) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢٠٣

الوليد بن عقبة ، فصعد الوليد المنبر فقال : أعينوا أخاكم ، وبعث إليه بثلاثين جزورا ، وكان لبيد قد ترك الشعر فى الإسلام ، فقال لابنته : أجيبى الأمير ، فأجابت [من الوافر] :

إذا هبت رياح أبى عقيل

ذكرنا عند هبتها الوليدا

أبا وهب جزاك الله خيرا

نحرناها وأطعمنا الثريدا

طويل الباع أبيض عبشميا

أعان على مروءته لبيدا

بأمثال الهضاب كأن ركبا

عليها من بنى حام قعودا

فعد إن الكريم له معاد

وظنى يا ابن أروى أن تعودا

فقال لبيد : أحسنت ، لو لا أنك سألت! قالت : إن الملوك لا يستحيى من مسألتهم ، قال : وأنت فى هذا أشعر.

وقد ذكر هذا الخبر غير واحد ، منهم : صاحب الأغانى.

وقال ابن عبد البر : وكان معاوية لا يرضاه ، وهو الذى حرّضه على قتال على رضى الله عنه ، فربّ حريص محروم ، وهو القائل لمعاوية يحرضه ويغريه بعلى رضى الله عنه [من الطويل] :

فو الله ما هند بأمك إن مضى الن

هار ولم يثأر بعثمان ثائر

أيقتل عبد القوم سيّد أهله

ولم يقتلوه ليت أمّك عاقر

وإنا متى نقتلهم لا يقدبهم

مقيد وقد دارت عليك الدوائر

وذكر الزبير بن بكار له أبياتا غير هذه ، يحرض فيها معاوية على علىّ ، فقال الزبير : حدثنى عمى مصعب بن عبد الله ، قال : قدم معاوية الكوفة ، فلما صعد المنبر ، قال : أين أبو وهب؟ فقام إليه الوليد ، فقال : أنشدنى قولك [من الوافر] :

ألا أبلغ معاوية بن صخر

فإنك من أخى ثقة مليم

قطعت الدهر كالسّدم المعنّى

تهدّر فى دمشق وما تريم

يمنّيك الخلافة كلّ ركب

لأنضاء العراق بهم رسيم

فإنك والكتاب إلى علىّ

لكدابغة وقد حلم الأديم

لك الخيرات فاحملنا عليهم

فإن الطالب التّرة الغشوم

وقومك بالمدينة قد أبيحوا

فهم صرعى كأنّهم هشيم

فأنشده إياها ، فلما فرغ ، قال معاوية (٩) [من الطويل] :

ومستعجب مما يرى من أناتنا

ولو زبنته الحرب لم يترمرم

__________________

(٩) انظر نسب قريش ٤ / ١٤٠.

٢٠٤

وهو القائل على ما ذكر ابن عبد البر (١٠) [من الطويل] :

ألا من لليل لا تغور كواكبه (١١)

إذ لاح نجم غار نجم يراقبه

بنى هاشم ردوا سلاح ابن أختكم

ولا تنهبوه لا تحل مناهبه

بنى هاشم لا تعجلونا فإنه

سواء علينا قاتلوه وسالبه

وإنا وإياكم وما كان منكم (١٢)

كصدع الصفا لا يرأب الصدع شاعبه

بنى هاشم كيف التعاقد بيننا

وعند على سيفه وحرائبه

لعمرك لا أنسى ابن أروى وقتله

وهل ينسين الماء ما عاش شاربه

هم قتلوه كى يكونوا مكانه

كما فتكت يوما بكسرى مرازبه

وقد ذكرها الزبير بن بكار ، وفيها مخالفة لما ذكره ابن عبد البر ، فقال : وهو الذى يقول (١٣) :

بنى هاشم إنا وما كان بيننا

كصدع الصفا لا يرأب الدهر شاعبه

بنى هاشم كيف التغدر عندنا

وبز ابن أروى عندكم وحوائبه

بنى هاشم أدوا سلاح ابن أختكم

ولا تنهبوه لا تحل مناهبه

فإلا تردوه إلينا فإنه

سواء علينا قاتلاه وسالبه

فأجابه الفضل بن العباس بن عتبة بن أبى لهب ، على ما ذكر ابن عبد البر ، ولم يذكر ذلك الزبير بن بكار (١٤) :

فلا تسألونا بالسلاح فإنه

أضيع وألقاه لدى الروع صاحبه

وشبهته كسرى وقد كان مثله

شبيها بكسرى هديه وضرائبه

وإنى لمجتاب إليكم بجحفل

يصم السميع جرسه وجلائبه

انتهى.

وابن أروى فى شعر ابنة لبيد ، هو الوليد بن عقبة ، وفى شعر الوليد ، هو عثمان بن عفان ، أخو الوليد بن عقبة ، هذا لأن أمهما أروى بنت كريز بن زمعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب.

__________________

(١٠) انظر الاستيعاب ترجمة ٢٧٥٠.

(١١) فى الاستيعاب : «ألا يا لليل لا تغور نجومه».

(١٢) فى الاستيعاب : «فإنا وإياكم وما كان بيننا».

(١٣) انظر نسب قريش ٤ / ١٣٩.

(١٤) انظر أول بيتين فى الاستيعاب ترجمة ٢٧٥٠.

٢٠٥

وقال ابن عبد البر : سكن الوليد بن عقبة المدينة ، ثم نزل الكوفة ، وبنى فيها دارا ، فلما قتل عثمان ، نزل البصرة ، ثم خرج إلى الرقة ، فنزل بها ، واعتزل عليا ومعاوية ، ومات بها ، وقبره بالرقة. انتهى.

وكانت ولاية الوليد بن عقبة للكوفة خمس سنين على ما ذكر محمد بن إسحاق ، فيما رواه عمار بن الحسن الدارى ، عن سلمة بن الفضل ، عن ابن إسحاق.

وكانت ولايته لها فى سنة خمس وعشرين من الهجرة ، لأن خليفة بن خياط ، ذكر أن فى هذه السنة ، عزل عثمان سعد بن أبى وقاص ، عن الكوفة ، وولاها الوليد بن عقبة. وقال فى أخبار سنة تسع وعشرين : فيها عزل عثمان الوليد بن عقبة عن الكوفة ، وولاها سعيد ابن العاص. وقال أبو عروبة : مات فى أيام معاوية.

٢٦٧١ ـ الوليد بن عمارة بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى ، ابن أخى خالد بن الوليد :

قال الزبير لما ذكر ولد عمارة بن الوليد : والوليد بن عمارة ، قتل مع خالد بأجنادين ، وأمه فاطمة بنت هشام بن المغيرة. انتهى.

٢٦٧٢ ـ الوليد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى ، أخو خالد بن الوليد :

قال ابن عبد البر : شهد بدرا مع المشركين ، وأسر يوم بدر ، أسره عبد الله بن جحش الأسدى ، وقيل سليط بن قيس المازنى الأنصارى ، فقدم أخواه : خالد ، وهشام ، فى فدائه فافتكاه بأربعة آلاف درهم ، لما تمنع عبد الله من افتكاكه ، وكان خالد لا يريد أن يفتكه بذلك ، فقال هشام لخالد : إنه ليس بابن أمك ، والله لو أبى إلا كذا وكذا لفعلت.

وقيل إن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال لعبد الله بن جحش : «لا تقبل فى فدائه إلا شكة أبيه الوليد» ، وكانت الشكة درعا فضفاضة ، وسيفا ، وبيضة ، فأبى خالد ذلك ، وأطاع به هشام ، لأنه أخو الوليد لأبيه وأمه ، فأقيمت الشكة بمائة دينار ، فطاعا بذلك وسلماها إلى عبد الله بن جحش. انتهى.

__________________

٢٦٧١ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٧٥١ ، الإصابة ترجمة ٩١٦٨ ، أسد الغابة ترجمة ٥٤٧٦).

٢٦٧٢ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٧٥٣ ، الإصابة ترجمة ٩١٧٢ ، أسد الغابة ترجمة ٥٤٧٩ ، الثقات ٣ / ٤٣٠ ، عنوان النجابة ١٦٥ ، أزمنة التاريخ الإسلامى ٩٣١ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ١٣٠ ، الأعلام ٨ / ١٢٢ ، التاريخ الكبير ٨ / ١٥٤ ، تهذيب التهذيب ١١ / ١٥٦ ، ذيل الكاشف ١٦٣٩ ، الطبقات الكبرى ٢ / ١٨ ـ ٤ / ١٣٠).

٢٠٦

وقال الزبير : أسر يوم بدر ، فلما افتدى أسلم ، فقيل له : هلا أسلمت قبل أن تفتدى ، وأنت مع المسلمين؟ قال : كرهت أن يظن أنى إنما جزعت من الإسار ، فحبسوه بمكة ، فكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يدعو له.

ثم قال الزبير : فأفلت الوليد من إسارهم ، ولحق برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وقال : قال عمى مصعب بن عبد الله : وشهد مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عمرة القضية. ثم قال : وقد قيل إن الوليد بن الوليد ، أفلت من الحبس بمكة ، فخرج على رجليه ، فطلبوه ، فلم يدركوه شدا ونكيت إصبع من أصابعه ، فجعل يقول (١) [من الرجز] :

هل أنت إلا إصبع دميت

وفى سبيل الله ما لقيت

فمات فى بئر أبى عنبة ، على ميل من المدينة. قال عمى : والأول أثبت عندنا ، والله أعلم.

وقال : حدثنى محمد بن الضحاك الحزامى ، عن أبيه ، قال : قالت أم سلمة ابنة أبى أمية ، زوج النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، تبكى الوليد بن الوليد بن المغيرة [من الكامل] :

يا عين فابكى للولي (٢)

د بن الوليد بن المغيره

قد كان غيثا فى السن (٣)

ين ورحمة فينا وميره

ضخم الدسيعة ماجدا

يسمو إلى طلب الوتيره

مثل الوليد بن الولي

د أبى الوليد كفى العشيره

قال الزبير : جعفر نهر [.......](٤).

٢٦٧٣ ـ الوليد بن الوليد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم :

كان اسمه الوليد ، فسماه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم عبد الله ، وقد سبق خبره فى ذلك ، فى ترجمته فى باب «عبد الله» وإنما ذكرناه هنا للتنبيه عليه ، وهو ابن الوليد هذا. انتهى.

* * *

__________________

(١) انظر البيت فى : نسب قريش ٩ / ٣٢٤ ، الاستيعاب ترجمة ٢٧٥٣.

(٢) فى نسب قريش ٩ / ٣٢٩ :

يا عين بكى للولي

د ................

(٣) فى نسب قريش ٩ / ٣٢٩ :

قد كان غيثا فى الستي

ن وجعفرا خضلا وميره

(٤) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢٦٧٣ ـ سبق ترجمته فى باب عبد الله الترجمة رقم (١٦٥٦).

٢٠٧

من اسمه وهب

٢٦٧٤ ـ وهب بن الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب القرشى الزهرى :

ذكره ابن عبد البر مقتصرا على اسمه ، واسم أبيه ، وقال : هو ابن خال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فيما ذكر زيد بن أسلم. انتهى.

وذكره الذهبى ، وقال : ابن خال النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فى صحبته نظر. روى عنه زيد بن أسلم ، حديثه فى «عاشر فوائد ابن حمدان». انتهى.

وذكر الزبير : أن الأسود بن عبد يغوث بن المستهزئين ، حنى جبريل ظهره ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ينظر ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا جبريل! خالى خالى!» فقال جبريل : دعه عنك ، فمات الأسود. قال : وأمه هنيدة بنت مازن بن عامر بن علقمة ، من أهل اليمن. انتهى.

٢٦٧٥ ـ وهب بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصى القرشى الأسدى :

قال ابن عبد البر : من مسلمة الفتح ، له خبر فى حجّة الوداع ، لا أحفظ له رواية ، وأخوه قد روى ثلاثة أحاديث. انتهى.

وقد ذكره الزبير فى أولاد زمعة ، ولم يذكر له إسلاما ولا صحبة. وذكر أن أباه زمعة من أشراف قريش ، وأنه أحدا الثلاثة من قريش ، الذين يقال لهم أزواد الركب ، والآخران : مسافر بن أبى عمرو بن أمية بن عبد شمس ، وأبو أمية بن المغيرة بن عبد الله ابن عمر بن مخزوم ، قال الزبير : وإنما قيل لهم أزواد الركب ، أنه لم يكن ليسافر معهم أحد ، فينفق شيئا ، يطعمون كل من سافر معهم ، وكان أشهرهم بهذا الاسم عند العامة : أبو أمية بن المغيرة. انتهى.

__________________

٢٦٧٤ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٧٥٤ ، الإصابة ترجمة ٩١٧٥ ، أسد الغابة ترجمة ٥٤٨٠).

٢٦٧٥ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٧٥٧ ، الإصابة ترجمة ٩١٨١ ، أسد الغابة ترجمة ٥٤٨٧ ، الثقات ٣ / ٤٢٦ ، الكاشف ٣ / ٢٤٤ ، الأعلام ٨ / ١٢٥ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ١٣٠ ، الجرح والتعديل ٩ / ٢٨ ، التاريخ الكبير ٨ / ١٦٣ ، تهذيب التهذيب ١١ / ١٦٣ ، تهذيب الكمال ٣ / ١٤٧٩).

٢٠٨

٢٦٧٦ ـ وهب بن أبى سرح بن ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبّة بن حارث ابن فهر بن مالك القرشى الفهرى :

شهد بدرا مع أخيه عمرو. وذكره ابن عبد البر هكذا ، وذكره مصعب الزبيرى ، فقال: وعمرو ، ووهب : ابنا أبى سرح بن ربيعة بن هلال ، شهد بدرا مع رسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم. انتهى.

وذكره الذهبى بمعنى ذلك.

٢٦٧٧ ـ وهب بن سعد بن أبى سرح بن الحارث بن حبيب بن جذيمة بن مالك ابن حسل بن عامر ببن لؤى بن كعب القرشى العامرى :

قال ابن عبد البر ، فيما نقله عن موسى بن عقبة : هو أخو عبد الله بن سعد بن أبى سرح ، شهد أحدا ، والخندق ، والحديبية ، وخيبر ، وقتل يوم مؤتة شهيدا. وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قد آخى بينه وبين سويد بن عمر ، فقتلا جميعا يوم مؤتة.

وقال الذهبى : وهب بن سعد بن أبى سرح بن الحارث العامرى ، شهد بدرا على الصحيح ، وأحدا ، واستشهد يوم مؤتة. انتهى.

٢٦٧٨ ـ وهب بن عمير بن وهب بن خلف بن حذافة بن جمح القرشى الجمحى :

شهد بدرا كافرا ، وأسر يومئذ ، ثم قدم أبوه المدينة ، ليغتال النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لما ندبه لذلك صفوان بن أمية على أمر شرطه له ، فأطلع الله تعالى على ذلك نبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وذكره لعمير ، فآمن عمير بالنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم لإخباره له بأمر لم يعلم به سواه ، وسوى صفوان ، وعلم عمير أن الله تعالى أطلع نبيّه على ذلك. وكان عمير لما قدم المدينة ، أظهر أنه إنما قدم فى فداء ابنه وهب ، فأطلق النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهب بن عمير فأسلم. قال ابن عبد البر : وكان له قدر وشرف ، وهو الذى بسط له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رداءه ، إذ جاءه يطلب الأمان لصفوان بن أمية ، ومات بالشام مجاهدا ، رحمه‌الله. انتهى.

__________________

٢٦٧٦ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٧٥٨ ، الإصابة ترجمة ٩١٨٢ ، أسد الغابة ترجمة ٥٤٨٨).

٢٦٧٧ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٧٥٩ ، الإصابة ترجمة ٩١٨٣ ، أسد الغابة ترجمة ٥٤٨٩ ، الثقات ٣ / ٤٢٦ ، أصحاب بدر ١٢٦ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ١٣١ ، الأعلام ٨ / ١٢٥ ، الطبقات الكبرى ٣ / ٦٢٣).

٢٦٧٨ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٧٦٢ ، الإصابة ترجمة ٩١٩١ ، أسد الغابة ترجمة ٤٥٩٦).

٢٠٩

٢٦٧٩ ـ وهب بن قيس [الثقفى :

قال ابن عبد البر : حديثه عند أميمة بنت رقيقة ، عن أمها ، هناك جرى ذكره ، لا أعرفه بغير ذلك. هذا أخو سفيان بن قيس بن أبان الطائى الثقفى](١).

٢٦٨٠ ـ وهيب بن واضح المكى :

مولى عبد العزيز بن أبى رواد المقرى ، أبو القاسم ، ويلقب أبا الإخريط.

قرأ على إسماعيل القسط ، وشبل بن عبّاد ، ومعروف بن مشكان ، وتصدّر للإقراء ، فقرأ على البزّى ، والقفّال ، وغيرهما.

وتوفى سن تسعين ومائة.

٢٦٨١ ـ وهيب بن الورد بن أبى الورد ، أبو أمية المكى ، وقيل أبو عثمان ، مولى بنى مخزوم ، من عبّاد المكيين وأعيانهم ، وكان اسمه عبد الوهاب فصغّر ، فقيل : وهيب :

أدرك جماعة من التابعين ، كعطاء بن أبى رباح ، ومنصور بن أبى زاذان ، وأبان بن أبى عياش ، واشتغل بالعبادة عن الرواية ، فلم يرو عنه إلا القليل.

قال سفيان بن عيينة : قال وهيب : بينا أنا واقف فى بطن الوادى ، إذا أنا برجل قد أخذ بمنكبى ، فقال : يا وهيب ، خف الله لقدرته عليك ، واستحى منه لقربه منك ، قال : فالتفت ، فلم أر أحدا.

وقال بشر بن الحارث : أربعة رفعهم الله بطيب المطعم : وهيب بن الورد ، وإبراهيم ابن أدهم ، ويوسف بن أسباط ، وسام الخواص.

وقال محمد بن يزيد : سمعت سفيان الثورى إذا حدّث الناس فى المسجد الحرام ، وفرغ من الحديث ، قال : قوموا إلى الطّيّب ، يعنى وهيبا. وكان سفيان يقول : اذهبوا بنا إلى هذا الرجل الصالح ، نسلّم عليه.

__________________

٢٦٧٩ ـ (١) انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٧٦٤ ، الإصابة ترجمة ٩١٩٣ ، الثقات ٣ / ٤٢٧ ، الطبقات ٥٤ ، ٢٨٥ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ١٣١ ، الجرح والتعديل ٩ / ٢٢ ، التاريخ الكبير ٨ / ١٦١ ، الطبقات الكبرى ٨ / ٤٩٢).

(١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل ، وما أوردناه من الاستيعاب. وقد أوردناه لأنه أشهر من يحمل هذا الاسم من المكيين ، وهو أخو سفيان بن قيس بن أبان الطائفى ، الذى ذكره الفاسى فى الترجمة رقم (١٣١٢) ولم يذكر سوى اسمه فقط والباقى بياض فى الأصل ، وقد ذكر محقق الاستيعاب ، العقد الثمين فى المراجع التى ذكر فيه وهب بن قيس الثقفى.

٢١٠

وقال زهير بن عباد : وكان فضيل بن عياض ، ووهيب بن الورد ، وعبد الله بن المبارك ، جلوسا ، فذكرو الرطب ، فقال وهيب : قد جاء الرطب ، فقال عبد الله بن المبارك : يرحمك الله ، هذا آخره ، أو لم تأكله؟ قال : لا. قال : ولم؟ قال وهيب : بلغنى أن عامة أجنة مكة من الصوافى والقطائع ، فكرهتها. فقال ابن المبارك : يرحمك الله ، أو ليس قد رخص فى الشراء من السوق ، إذا لم تعرف الصوافى والقطائع منه ، وإلا ضاق على الناس خيرهم ، أو ليس عامة ما يأتى من قمح مصر ، إنما هو من الصوافى والقطائع؟ ولا أحسبك تستغنى عن القمح ، فسهّل عليك. قال : فصعق وهيب ، فقال فضيل لعبد الله : ما صنعت بالرجل؟ فقال ابن المبارك : ما علمت أن كل هذا الخوف قد أعطيه.

فلما أفاق وهيب ، قال : يا ابن المبارك ، دعنى من ترخيصك ، لا جرم لا آكل من القمح إلا كما يأكل المضطر من الميتة. فزعموا أنه نحل جسمه حتى مات هزلا.

وقال حازم الديلمى : قيل لوهيب بن الورد : ألا تشرب من زمزم؟ قال : بأى دلو؟.

وقال شعيب بن حرب : ما احتملوا لأحد ما احتملوا لوهيب ، كان يشرب بدلوه.

وقال ابن المبارك : ما جلست إلى أحد ، كان أنفع لى مجالسة من وهيب.

وكان لا يأكل من الفواكه ، وكان إذا انقضت السنة ، وذهبت الفواكه ، يكشف عن بطنه وينظر إليه ويقول : يا وهيب ، ما أرى بك بأسا ، ما أرى تركك للفواكه ضرك شيئا!.

وقال : كان يقال : الحكمة عشرة أجزاء ، فتسعة منها فى الصمت ، والعاشرة عزلة الناس ، فعالجت نفسى على الصمت ، فلم أجدنى أضبط كما أريد منه ، فرأيت أن هذه الأجزاء العشرة ، عزلة الناس.

وقال ابن أبى رواد : انتهيت إلى رجل ساجد خلف المقام ، فى ليلة باردة مطيرة ، يدعو ويبكى ، فطفت أسبوعا ، ثم عدت ، فوجدته على حاله ، فقعدت قريبا منه الليل كله ، فلما كان جوف الليل ، سمعت هاتفا يقول : يا وهيب بن الورد : ارفع رأسك ، فقد غفر لك ، فلم أر شيئا.

فلما برق الصبح ، رفع رأسه ومضى ، فاتبعته ، قلت : أو ما سمعت الصوت؟ فقال:أى صوت؟ فأخبرته ، فقال : لا تخبر أحدا. فما حدثت به أحدا حتى مات وهيب.

وقال محمد بن يزيد : كانوا يرون الرؤيا لوهيب ، أنه من أهل الجنة ، فإذا أخبر بها

٢١١

اشتد بكاؤه ، وقال : قد خشيت أن يكون هذا من الشيطان ، وقال : عجبا للعالم! كيف تجيبه دواعى قلبه إلى ارتياح الضحك ، وقد علم أن له فى القيامة روعات ووقفات وفزعات ، ثم غشى عليه.

وقال : لو أن علماءنا عفا الله عنا وعنهم ، نصحوا لله فى عباده ، فقالوا : يا عباد الله ، اسمعوا ما نخبركم عن نبيكم صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وصالح سلفكم ، من الزهد فى الدنيا ، فاعملوا به ، ولا تنظروا إلى أعمالنا هذه الفسلة ، كانوا قد نصحوا لله فى عباده ، ولكنهم يأبون إلا أن يجروا عباد الله إلى فتنتهم ، وما هم فيه.

وقيل له : أيجد طعم العبادة من يعصى الله؟ قال : لا ، ولا من يهم بالمعصية.

وقال على بن أبى بكر : اشتهى وهيب لبنا ، فجاءته خالته به من شاة لآل عيسى بن موسى ، فسألها عنه ، فأخبرته ، فأبى أن يأكله ، فقالت له : كل ، فأبى ، فعاودته وقالت له : إنى أرجو إن أطعته أن يغفر الله لك ـ أى باتباع شهوتى ـ فقال : ما أحب أنى أكلته ، وأن الله غفر لى! فقالت : لم؟ فقال : إنى أكره أن أنال مغفرته بمعصيته.

وقال : لو قمت قيام هذه السارية ، ما نفعك ، حتى تنظر ما يدخل بطنك ، حلال أم حرام!

وقال : اتق الله أن تسبّ إبليس فى العلانية ، وأنت صديقه فى السر.

وقال بشر بن الحارث : كان وهيب بن الورد ، تبين خضرة البقل فى بطنه من الهزال.

قال : وبلغنى أن وهيبا كان إذا أتى بقرصيه ، بكى حتى يبلهما.

وقال : من عد كلامه من علمه ، قل كلامه.

وقال : اتق أن يكون الله أهون الناظرين إليك.

وقال : نظرنا فى هذا الحديث ، فلم نجد شيئا أرق لهذه القلوب ، ولا أشد استجلابا للحق ، من قراءة القرآن لمن تدبره.

وقال لابن المبارك : غلامك يتجر ببغداد؟ قال : لا يبايعهم ، قال : أليس هو ثم؟ فقال له ابن المبارك : فكيف تصنع بمصر وهم إخوان؟ قال : فو الله لا أذوق من طعام مصر أبدا ، فلم يذق حتى مات. وكان يتعلل بتمر ونحوه حتى مات.

وقال سفيان : رأى وهيب قوما يضحكون يوم الفطر ، فقال : إن كان هؤلاء يقبل منهم صيامهم ، فما هذا فعل الشاكرين!. وإن كان هؤلاء لم يتقبل منهم صيامهم ، فما هذا فعل الخائفين!.

٢١٢

وقال : ما اجتمع قوم فى مجلس أو ملأ إلا كان أولاهم بالله تعالى ، الذى يفتتح بذكر الله عزوجل ، حتى يفيضوا فى ذكره ، وما اجتمع قوم فى مجلس أو ملأ ، إلا كان أبعدهم من الله ، الذى يفتتح بالشر ، حتى يخوضوا فيه.

وقال : لو أن المؤمن لا يبغض الدنيا ، إلا أن الله يعصى فيها ، لكان حقا عليه أن يبغضها.

وقال سعيد الكندى : أتينا سعد بن عطارد ، ومعنا رجل ، فسأله ، فقال : بمكة رجل يشتهى الشىء فيجده فى بيته فى إناء قد كفئ عليه ، وإن فأرة أتت جرابا له فيه سويق فخرقته. فقال : اللهم أخزها ، قد أفسدت علينا ، فخرجت ، فاضطربت بين يديه حتى ماتت. فقال : ذاك وهيب المكى.

وقال : لا يزال الرجل يأتينى فيقول : ما ترى فيمن يطوف بهذا البيت سبعا ، ماذا فيه من الأجر؟ فأقول : اللهم غفرا ، قد سألنى عن هذا غيرك ، فقلت : بل سلونى عمن طاف بهذا البيت ، ماذا قد أوجب الله عليه فيه من الشكر ، حيث رزقه الله طواف ذلك السبع. ثم يقول : لا تكونوا كالعامل ، يقال له : اعمل كذا وكذا ، فيقول : نعم ، إن أحسنتم لى من الأجر.

وقال : إن الله تعالى إذا أراد كرامة عبد ، أصابه بضيق فى معاشه ، وسقم فى جسده ، وخوف فى دنياه ، حتى ينزل به الموت ، وقد بقيت عليه ذنوب ، شدّد عليه بها ، حتى يلقاه وما عليه شىء ، فإذا هان عليه عبد ، يصحّح فى جسده ، ويوسّع عليه فى معاشه ، ويؤمن له فى دنياه ، حتى ينزل به الموت ، وله حسنات تخفف عنه بها الموت ، حتى يلقاه وما له عنده شىء.

وقال محمد بن يزيد : حلف وهيب بن الورد ، أن لا يراه الله ضاحكا ، ولا أحد من خلقه ، حتى يعلم ما تأتى به رسل الله ، قال : فسمعوه عند الموت يقول : وفّيت لى ، ولم أوف لك.

ومات سنة ثلاث وخمسين ومائة ، رحمة الله تعالى عليه ورضوانه.

* * *

٢١٣

حرف اللام ألف

٢٦٨٢ ـ لاجين بن عبد الله المنصورى ، الملك المنصور ، صاحب الديار المصرية والشامية ، وغير ذلك من البلاد الإسلامية :

كان من شجعان الملوك وخيارهم ، وله مآثر حسنة ، منها عمارته للمطاف ، واسمه مكتوب بسبب ذلك فى شاذروان الكعبة ، فيما بين الركن والحجر الأسود. ومنها أنه عمل دار العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه بالمسعى بمكة المشرفة ، مطهرة يتوضأ فيها الناس ، ثم جعلها ابن أستاذه الملك الناصر محمد بن قلاوون المنصورى رباطا. ومنها أنه عمر جامع ابن طولون بمصر ، ووقف عليه وقفا جيدا.

كان ولى قبل سلطنته نيابة السلطنة بدمشق ، نحو عشر سنين ، فى زمن أستاذه الملك المنصور قلاوون ، ثم عزل ، وانحطت مرتبته فى زمن ابن أستاذه الملك الأشرف خليل ، وهمّ بقتله ، فشفع فيه الملك العادل كتبغا ، وكان إذا ذاك لم يتسلطن ، فلما تسلطن ، استنابه بمصر ، وسار به معه فى جملة العسكر إلى دمشق ، فلما توجهوا منها ، ثار على مستنيبه ، وتوجه بالجيش إلى مصر ، وبايعه الناس بالسلطنة ، فى شهر صفر سنة سبع وتسعين وستمائة ، واستمر إلى أن قتل استغفالا ، وهو يلعب بالشطرنج ، فى شهر ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين وستمائة.

* * *

٢١٤

حرف الياء

٢٦٨٣ ـ ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة بن قيس بن الحصين بن لودين (١) ، ويقال لوديم(٢) ، بن ثعلبة بن عوف بن حارثة بن عامر بن يام بن عنس بن مالك بن أدد بن زيد العنيسى المذحجى ، حليف لبنى مخزوم :

هكذا ذكره ابن عبد البر ، قال : ومنهم من يقول : ياسر بن مالك ، فيسقط «عامرا» ويقول أيضا : عامر بن عنس فيسقط «ياما» والصحيح ما ذكرناه إن شاء الله تعالى. يكنى أبا عمار ، بابنه عمار بن ياسر ، كان قدم من اليمن ، وحالف أبا حذيفة بن المغيرة المخزومى ، وزوجه أبو حذيفة أمة له ، يقال لها سمية ، فولدت له عمارا ، فأعتقه أبو حذيفة. ولم يزل ياسر وابنه عمار مع أبى حذيفة إلى أن مات ، وجاء الله بالإسلام ، فأسلم ياسر ، وعمار ، وسمية ، وعبد الله ، أخو عمار بن ياسر.

وكان إسلامهم قديما فى أول الإسلام ، وكانوا ممن يعذب فى الله عزوجل ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يمرّ بهم وهم يعذبون ، فيقول : «صبرا يا آل ياسر ، اللهم اغفر لآل ياسر ، وقد فعلت» (٣).

ومن حديث ابن شهاب ، عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر ، عن أبيه ، قال : مر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بياسر ، وعمار ، وأم عمار ، وهم يؤذون فى الله ، فقال لهم : «اصبروا يا آل ياسر ، فإن موعدكم الجنة» (٤).

توفى بمكة [.........](٥).

__________________

٢٦٨٣ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٨٥١ ، الإصابة ترجمة ٩٢٣٠ ، أسد الغابة ترجمة ٥٥٠٣).

(١) فى الاستيعاب : «الوذين».

(٢) فى الاستيعاب : الوزيم. وقال محقق الاستيعاب : أنه فى نسخة أخرى : لوزيم.

(٣) أخرجه الحاكم فى المستدرك ٣ / ٣٨٣ ، وذكره ابن كثير فى البداية والنهاية ٣ / ٥٩ ، وابن حجر فى المطالب العالية حديث رقم ٤٠٣٤ ، والهندى فى كنز العمال حديث رقم ٣٧٣٦٦ ، ٣٧٦٨.

(٤) ذكره ابن كثير فى البداية والنهاية ٣ / ٥٩.

(٥) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢١٥

٢٦٨٤ ـ ياسر بن أبى خلف المكى :

روى عنه خالد بن نزار الأبلى.

* * *

من اسمه ياقوت

٢٦٨٥ ـ ياقوت بن عبد الله ، الأمير حسام الدين الملكى المسعودى :

أمير الحاج والحرمين ، ومتولّى الحرب السعيد بمكة ، بالتولية الصحيحة الملكية المسعودية ، المتصلة بالأوامر الملكية الكاملية ، ومدبّر أحوال الأجناد بها ، وما حوت من الرعية. كذا وجدته مترجما فى مكتوب ببيع ، باعه ممن هو جار تحت نظره وولايته ، وهو دار بمكة لاحتياج الأجناد المذكورين بمكة ، إلى ما ينفق عليهم ، لأنه لم يكن لبيت المال بمكة ، مال فائض من ذهب ولا فضة ، ولا غلال ولا خراج ، ولا أعشار حاضرة ، ينفق عليهم منه.

كذا ذكر فى مكتوب المبيع ، وتاريخه الثالث من جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وستمائة ، واستفدنا من هذا ، ولاية الأمير حسام الدين هذا لمكة ، فى هذا التاريخ.

٢٦٨٦ ـ ياقوت بن عبد الله المكى المعروف بالحزام ، بحاء مهملة وزاى معجمة :

وقاد المسجد الحرام ، باشر هذه الوظيفة خمسا وخمسين سنة ، على ما بلغنى عنه ، وحمدت مباشرته ، لأنه كان عارفا بهذه الصناعة إلى الغاية ، بحيث بلغ من أمره ، أنه كان يضع فى القناديل زيتا ، يقدّر أنه يكفى إلى وقت طلوع القمر ، فى الليالى التى يتأخر طلوعه فيها من أول الليل ، فلا يفرغ الزيت إلا فى ذلك الوقت ، وكان يذكر عنه قوة فى المشى ، وسرعة زائدة ، بحيث حكى عنه ، أنه كان يقيم بمكة إلى بعد صلاة الأئمة الأربعة للعشاء الآخرة ، ثم يذهب إلى الوادى ، لوطر له ، ويرجع إلى مكة ، فى الوقت الذى يقوم فيه فى آخر الليل.

توفى فى رجب ، أو قريبا منه ، من سنة ست وتسعين وسبعمائة ، ودفن بالمعلاة ، وكان اللصوص ذبحوه وهو خارج إلى الحج ، عند بركة السلم ، بطريق منى ، وظنوا أنهم قد أجهزوا عليه ، ولم يكن كذلك ، وما [......](١) فقصده بعض المارة ، وسأله عن خبره ، فأعلمه بما تم عليه ، فحمله إلى منى ، وعولج حتى برئ. انتهى.

__________________

٢٦٨٦ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢١٦

٢٦٨٧ ـ ياقوت بن عبد الله الحبشى ، افتخار الدين :

عتيق العماد يحيى بن القاضى جمال الدين محمد بن فهد الهاشمى ، الآتى إن شاء الله تعالى ، ذكره.

سمع من بعض شيوخنا : الجمال الأميوطى ، والبرهان الإبناسى ، والشريف البنزرتى ، وغيرهم. وذكر لى بعض أصحابنا ، أنه سمع من الكمال بن حبيب : «مسند الطيالسى» و «مقامات الحريرى» أو شيئا منهما.

ومن التقى البغدادى «الشاطبية» وما علمته حدث ، ولكنه أجاز فى بعض الاستدعاءات. ودخل بلاد اليمن طلبا للرزق ، وكان معتبرا عند كافة الناس ، خصوصا شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة. وفيه خير ومروءة وعقل.

توفى فى ظهر يوم السبت ، سابع عشرى المحرم ، سنة تسع وعشرين وثمانمائة ، بمكة ، وصلى عليه بعد صلاة العصر ، عند باب الكعبة ، ودفن بالمعلاة بمقبرة مواليه.

* * *

من اسمه يحيى

٢٦٨٨ ـ يحيى بن أحمد بن أحمد بن صفوان القينى الأندلسى المالقى ، المكى ، أبو زكريا:

هكذا وجدت نسبه بخطه فى غير ما موضع ، ووجدت بخطه أيضا : يحيى بن أحمد بن صفوان ، ولعل سقوط «أحمد» هنا ، من باب النسبة إلى الجد ، ووجدت بخطه ، أنه قرأ القرآن العظيم ، من أوله إلى آخره ، بقراءات الأئمة السبعة ، من طريق «التيسير» و «التبصرة» و «الكافى» و «الإدغام الكبير» من طريق ابن شريح ، على الشيخ أبى محمد عبد الله بن أيوب.

وقرأ ابن أيوب بذلك على شيخه أبى محمد عبد الواحد بن محمد بن على بن أبى السداد الأموى المالكى الشهير بالباهلى ، وأنه قرأ القرآن جمعا بالسبع الروايات ، والإدغام الكبير فى ختمة واحدة ، على الإمام المقرى النحوى أبى العباسى أحمد بن يوسف بن محمد بن مسعود إبراهيم الحلبى الشافعى المعروف بالسمين ، من طريق «التيسير» للدانى ، و «قصيدة الشاطبى» الموسومة «بحرز الأمانى» وقرأ القرآن جمعا للثمانية ، بالإدغام الكبير ، فى ختمة واحدة ، على الشيخ مجد الدين إسماعيل بن يوسف ابن محمد بن يونس الشهير بالكفتى ، من طريق كتاب «التذكرة» لابن غلبون و «التيسير» للدانى ، و «قصيدة الشاطبى» و «العنوان» للصفراوى.

٢١٧

ووجدت بخطه أنه قرأ على الكفتى «قصيدة الشاطبى» المسماة «بحرز الأمانى» وتعرف بالشاطبية ، وقصيدته المسماة «عقيلة أتراب القصائد فى أسنى المقاصد» وتعرف بالرائية ، وعرضهما على الكفتى.

وروى له الكفتى القراءات من «حرز الأمانى» عن الشيخ تقى الدين محمد بن أحمد ابن عبد الخالق الشهير بابن الصائغ. وروى له الكفتى : الرائية ، عن الشيخ شمس الدين محمد بن محمد بن نمير السراج ، الكاتب المجود ، عن سبط زيادة سماعا ، وقرأ «التيسير» على الإمام أبى العباس أحمد بن إبراهيم بن محمد المرادى ، وقرأ يحيى بن صفوان أيضا ، ببلدة مالقة ، على المقرى أبى محمد عبد الله بن أيوب ، عن القاضى أبى على الحسين بن عبد العزيز بن أبى الأحوص سماعا ، وعن غيره إجازة ، وقرأ على عبد الله بن أيوب كتاب «الكافى» لابن شريح ، عن ابن أبى الأحوص سماعا ، عن القاضى أبى القاسم أحمد بن بقى ، عن شريح بن محمد بن شريح بن أحمد الرعينى ، عن أبيه مؤلفه ، ورواه بن أيوب أيضا لابن صفوان ، من طريق آخر.

ووجدت بخطه ، أنه قرأ على ابن أيوب ، جميع كتاب «تحفة الليالى فى أشراف المعالى» تأليف ابن أبى السداد المقدم ذكره ، فى الجمع بين «التيسير» للدانى و «التبصرة» للمكى ، و «الكافى» لابن شريح. ورواه له ابن أيوب ، عن مؤلفه إجازة.

وحدث ابن صفوان بالكتب المذكورة ، وأقرأ القرآن العظيم ، وآثار القيمة للسبعة ، قرأ عليه بذلك الشيخ نور الدين على بن أحمد بن محمد بن سلامة المكى ، وغيره.

ووجدت بخط ابن صفوان ، أن له تأليفا سماه كتاب «البيان فى الجمع بين القصيدة والعنوان» قرأه عليه ابن سلامة ، على ما وجدت بخط ابن صفوان.

وبلغنى أن ابن صفوان ، كان عارفا بالقراءات ، وأنه أمّ بمقام المالكية ، نيابة عن الشيخ خليل المالكى ، وأنه توفى فى سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة ، بالتربة المعروفة بتربة بيت القسطلانى.

ذكره الحافظ غرس الدين خليل الأقفهسى ، فى مشيخة القاضى جلال الدين بن ظهيرة ، وقال فى ترجمته : قدم مكة ، فجاور بها مدة ، على طريقة حسنة مرضية ، وأم بمقام المالكية عن شيخنا الإمام أبى الفضل خليل وغيره ، وكان إماما عالما عارفا بالقراءات الغريبة ، صالحا زاهدا. سمعت منه.

٢١٨

٢٦٨٩ ـ يحيى بن القاضى أحمد بن القاضى عبد الله بن الفقيه أبى المعالى يحيى بن عبد الرحمن بن قاضى الحرمين على بن الحسين بن على بن محمد بن عبد الرحيم الشيبانى الطبرى الفقيه[..........](١) :

بقية الطبور الشيبانيين. هكذا هو مذكور فى تعاليق الإمام أبى العباس الميورقى.

٢٦٩٠ ـ يحيى بن إسماعيل بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى المكى [.........](١) :

توفى فى العشر الأوسط من جمادى الأولى ، سنة تسع وعشرين وستمائة.

نقلت وفاته من حجر قبره بالمعلاة ، وترجم فيه «بالشاب».

٢٦٩١ ـ يحيى بن جعدة بن هبيرة بن أبى وهب بن عمرو بن عائذ ـ بالذال المعجمة ـ بن عمران بن مخزوم المخزومى :

روى عن : أبى هريرة ، وزيد بن أرقم ، وعبد الله بن مسعود ، وجدته أم أبيه أم هانئ بنت أبى طالب ، وغيرهم.

روى عنه : عمرو بن دينار ، وأبو الزبير ، وعلى بن زيد بن جدعان.

روى له أبو داود ، والنسائى ، وابن ماجة. ووثقه النسائى ، وأبو حاتم.

وذكره مسلم فى الطبقة الثانية من تابعى أهل مكة. انتهى.

٢٦٩٢ ـ يحيى بن جياش بن أبى ثامر المبارك القاسمى :

توفى يوم الاثنين ، آخر جمادى الآخرة ، سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. ومن حجر قبره بالمعلاة ، كتبت هذه الترجمة ، وترجم فيها «بالقائد». انتهى.

والقاسمى : نسبة إلى القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن أبى هاشم الحسنى ، أمير مكة.

٢٦٩٣ ـ يحيى بن الحكم بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الأموى :

أمير مكة ، ذكره الزبير بن بكار ، فى أولاد الحكم بن أبى العاص ، وذكر أنه ولى مكة لعبد الملك بن مروان ، فى خبر ذكره ، ونص الخبر :

__________________

٢٦٨٩ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢٦٩٠ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢٦٩١ ـ انظر ترجمته فى : (تهذيب الكمال ترجمة ٨٣٢٤ ، تهذيب التهذيب ترجمة ٢٠٢٠١ ، تقريب التهذيب ترجمة ٣٢٤٨٨).

٢١٩

حدثنى عيسى بن سعيد بن زاذان ، قال : كان معاذ بن عبيد الله بن معمر بن عثمان ابن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة التميمى ، وأمه كثرة بنت مالك بن عبيد الله بن عثمان بن معمر ، وأمها صفية بنت عبد شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار ، يختصم هو ونافع بن علقمة فى مال بتهامة ، فطالت فيه خصومتهما ، فاختصما عند يحيى بن الحكم ، وهو يومئذ والى مكة ، فقال نافع : أنا ابن كذا وكذا ، فقال معاذ : أنا ابن قنونة والأحسبة. فقال نافع : أنا ابن قنونة والأحسبة ، فقال معاذ : الحمد لله الذى رد الحق إلى أهله ، الآن أصبت ، أنا ابن كذا وكذا. قال : لا ، أنت.

فغضب يحيى بن الحكم ، ونافع خاله ، فأقبل على معاذ ، فمس منه ، ثم قال : فيم تجمح النظر إلىّ يابن كثرة؟ فوضع معاذ يده على وجهه ، فقال يحيى : انظر إليه يهزأ بى ، أتهزأ بى يابن كثرة؟ قال معاذ : والله ما أدرى أنى آتى لك ، إن نظرت ، قلت : تجمح ، وإن لم أنظر إليك. قلت : تهزأ بى.

فأما كثرة ، فإنها ماتت سمينة ، إذ بعض أمهات الرجال تموت هزلا ـ يعرض بأم مروان بن الحكم ، ويحيى بن الحكم ـ ولا أحسبك علمت أن أمى لو عقدت خرقة برأس جريدة ، ما أنف قرشى أن يجلس تحتها.

فلما قدم عبد الملك ، شكا إليه معاذ من يحيى ، فقال أمير المؤمنين : إن عمك يحيى ، يزعم أن ليس لى أن أشتم من يشتمنى من قريش ، قال : بلى ، فأشتم من شتمك ، بصغر له وقمأة. انتهى باختصار.

وذكر الزبير ، أن عبد الملك بن مروان ، غضب على عمه يحيى ، واصطفى كل شىء له عارضه فيه. ونص الخبر : وحدثنى محمد بن حسن ، عن إبراهيم بن محمد الزهرى ، عن أبيه ، قال : كانت زينب بنت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بارعة الجمال ، وكانت تدعى الموصولة ، وكانت عند أبان بن مروان بن الحكم. فلما توفى أبان بن مروان ، دخل عليها عبد الملك ، فرآها ، فأخذت بنفسه ، فكتب إلى أخيها المغيرة بن عبد الرحمن ، يأمره بالشخوص إليه ، فشخص إليه ، فنزل على يحيى بن الحكم ، فقال يحيى : إن أمير المؤمنين ، إنما بعث إليك لتزوجه أختك زينب ، فهل لك فى شىء أدعوك إليه؟. قال : هلم فاعرض! قال : أعطيك لنفسك أربعين ألف دينار ، ولها على رضاها ، وتزوجنيها! قال له المغيرة : ما بعد هذا شىء ، فزوجه إياها. فلما بلغ عبد الملك بن مروان ذلك ، أسف عليها ، فاصطفى كل شىء ليحيى بن الحكم ، فقال يحيى بن الحكم : كعكتين وزينب ، يريد أنه يجتزئ بكعكتين ، إذا كانت عنده زينب.

٢٢٠