العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٦

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٦

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٧٢

تصرف القضاة ، ولو لا أن القاضى عبد الكريم كان قاضيا بمكة فى هذا التاريخ ، لما أثبت عليه هذا المكتوب ، بعد ثبوته على قاضيين ، مع اتفاقهم فى المذهب ، ويدل على ذلك أيضا ، أنه أثبت على القاضى عمران بن ثابت الفهرى ، وهو ولى قضاء مكة بعد القاضى عبد الكريم ، والله أعلم.

توفى القاضى أبو العلاء ماجد هذا ، فى جمادى الآخرة سنة خمس وخمسين وستمائة بمكة ، هكذا وجدت وفاته بخط الشريف أبى القاسم الحسينى فى وفياته ، قال : ومولده فى سنة أربع وستين وخمسمائة ، ووجدت وفاته بخط أبى المعالى بن القطب القسطلانى؟.

* * *

من اسمه مالك

٢٣٨٦ ـ مالك بن زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك ابن حسل بن عامر بن لؤى القرشى العامرى :

كان قديم الإسلام ، هاجر إلى أرض الحبشة ، ومعه امرأته أم عمرة بنت السعدى العامرية ، وهو أخو سودة بنت زمعة ، زوج النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ذكره هكذا ابن عبد البر فى الاستيعاب.

٢٣٨٧ ـ مالك بن عبد الله الخزاعى ، ويقال ابن عبيد الله ، ويقال مالك بن أبى عبد الله ، والأول أكثر :

معدود فى الكوفيين. روى عنه ابن أخيه سليمان بن بشر الخزاعى. قال البخارى : يقال سليمان بن بشر ، ويقال سليم بن بشر.

٢٣٨٨ ـ مالك بن عمرو السلمى حليف بنى عبد شمس :

شهد بدرا ، هو وأخوه ثقيف بن عمرو ، ومدلج بن عمرو ، وقتل مالك بن عمرو يوم

__________________

٢٣٨٦ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٢٩٦ ، الإصابة ترجمة ٧٦٥٠ ، أسد الغابة ترجمة ٤٥٩٧).

٢٣٨٧ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٣٠٤ ، الإصابة ترجمة ٧٦٦١ ، أسد الغابة ترجمة ٤٦١٣ ، الثقات ٣ / ٣٧٧ ، الجرح والتعديل ٨ / ٢١١ ، الطبقات ١٠٨ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٤٦ ، ذيل الكاشف ١٤٣٠).

٢٣٨٨ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٣١١ ، الإصابة ترجمة ٧٦٨٢ ، أسد الغابة ترجمة ٤٦٢٥).

٢١

اليمامة شهيدا. وقال ابن إسحاق : شهد بدرا من حلفاء بنى عبد شمس : مالك ، وأخواه مدلج بن عمرو ، وكثير بن عمرو. ذكره هكذا ابن عبد البر فى الاستيعاب.

٢٣٨٩ ـ مالك بن عميلة بن السبّاق بن عبد الدار :

شهد بدرا. ذكره موسى بن عقبة فيمن شهد بدرا. ذكره هكذا ابن عبد البر. وعبد الدار فى نسبه.

٢٣٩٠ ـ مالك بن فليتة بن قاسم بن محمد بن جعفر الحسنى المكى ، المعروف بابن أبى هاشم ، يكنى أبا [.....](١).

كان بينه وبين أخيه عيسى بن فليتة السابق ذكره ، منازعة فى الأمر بمكة ، وذلك أن فى سنة ست وستين وخمسمائة ، جاء الأمير مالك هذا من الشام ، فى آخر ذى القعدة ، وأقام ببطن مر أياما ، ثم جاء هو وعسكره إلى الأبطح ، وحاصروا مكة مدة ، ثم جاء هو والشرف من المعلاة ، وجاء هذيل والعسكر من جبل أبى الحارث ، فخرج عليهم عسكر الأمير عيسى وقاتلوهم ، فقتل من عسكر الأمير مالك جماعة ، ثم توجه مالك إلى خيف بنى شديد ومعه عسكره ، وأقام هناك أياما ، ثم ارتحل إلى نخلة ، ولبث فيها أياما ، ثم ارتحل إلى الطائف ، وتوصل مع بعض العرب ، وغدا إلى الشام.

وفى هذه السنة ملك خدام الأمير مالك والأشراف بنو داود جدة ، ونهبوا ما فى الجلبة التى وصلت إليها فى هذه السنة ، من قبل شمس الدولة ، وكان فيها صدقة من قبله ، وأموال للتجار ، فأخذ المشار إليهم جميع ذلك.

وفى سنة سبع وستين وخمسمائة ، انتزع منه ما كان له بالعراق من الإقطاع والرسوم ، ومات هو فى هذه السنة بتيماء من بلاد الشام ، وهو متوجه إليها من المدينة النبوية.

٢٣٩١ ـ مالك بن القشب [......](١).

٢٣٩٢ ـ مالك بن وهب الخزاعى :

له حديث عند عقبة.

__________________

٢٣٨٩ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٣١٧ ، الإصابة ترجمة ٧٦٨٨ ، أسد الغابة ترجمة ٤٦٣٢).

٢٣٩٠ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢٣٩١ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢٢

٢٣٩٣ ـ مالك بن وهيب بن عبد مناف ، والد سعد بن أبى وقاص :

أورده عبدان ، ولا يتابع عليه. ذكر هاتين الترجمتين هكذا الذهبى فى التجريد.

* * *

من اسمه مبارك

٢٣٩٤ ـ مبارك بن ثقبة بن رميثة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على ابن قتادة الحسنى المكى :

[........](١).

توفى سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة بالعراق ، من عضة كلب كلب نهشه.

٢٣٩٥ ـ المبارك بن حسان السلمى البصرى ثم المكى :

روى عن الحسن ، ومعاوية بن قرة ، وعطاء بن أبى رباح ، ونافع مولى ابن عمر ، وجماعة.

روى عنه : سفيان الثورى ، وإسماعيل بن صبيح ، وعبيد الله بن موسى ، ووكيع ، وموسى بن إسماعيل ، وآخرون.

روى له البخارى فى الأدب ، وابن ماجة. ووثّقه ابن معين. وقال أبو داود : منكر الحديث. وقال النسائى : ليس بالقوى (١).

__________________

٢٣٩٤ ـ قد سبق ذكر أبوه ثقبة بن رميثة فى الترجمة رقم ٨٦٨ ، وأشار المؤلف فى ترجمته أنه سيأتى ذكر مبارك هو وأخوات حسن ، وعلى.

(١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢٣٩٥ ـ انظر ترجمته فى : (تاريخ الدورى ٢ / ٥٤٨ ، تاريخ الدارمى ٨٠٧ ، علل أحمد بن حنبل ١ / ٨٦ ، ١٤٤ ، ٢١٧ ، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة ١٨٦٦ ، الجرح والتعديل ترجمة ١٥٦٠ ، الثقات لابن حبان ٧ / ٥٠١ ، الثقات لابن شاهين ترجمة ١٤٣٨ ، الكاشف ترجمة ٥٣٦٣ ، ديوان الضعفاء ترجمة ٣٥٢٦ ، المغنى ترجمة ٥١٥٧ ، تاريخ الإسلام ٦ / ٢٧٣ ، ميزان الاعتدال ترجمة ٧٠٣٨ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٢٦ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٢٧ ، خلاصة الخزرجى ٣ / ٦٨٣٤ ، تهذيب الكمال ٥٧٦٢).

(١) وذكره ابن حبان فى الثقات ، وقال : يخطئ ويخالف. وقال يعقوب : هو ثقة ، وذكره ابن عدى ، وابن الجوزى والذهبى فى جملة الضعفاء. وقال ابن عدى : روى أشياء غير محفوظة. وقال ابن الجوزى : قال الأزدى : متروك الحديث لا يحتج به ، يرمى بالكذب. وقال ابن حجر فى التقريب : ليس الحديث.

٢٣

٢٣٩٦ ـ مبارك بن رميثة بن أبى نمى الحسنى المكى :

كان ملايما لأخيه عجلان ، أيام منازعته لأخيه ثقبة فى إمرة مكة ، ودخل مبارك إلى مصر ، بعد موت ثقبة ، واستقرار مكة لأخيه عجلان ، فما شوّش على عجلان ، ولو أراد ذلك لتأتى له فيما بلغنى ، لأنه بلغنى أن يلبغا الخاصكىّ ، كان حنقا على عجلان ، فلما بلغه قدوم مبارك ، فرح به ، وظن أنه يسأله فى ولاية مكة ، لأن يلبغا كان إليه تدبير المملكة بمصر ، فما سأله مبارك فى ذلك ، وإنما سأله فى خبز يكون له ولبناته من بعده ، فأعرض يلبغا عن الإقبال عليه.

وكان دخوله إلى مصر مرتين ، وبلغنى أنه سار فى إحداهما إليها فى اثنى عشر يوما ، وفى الأخرى أربعة عشر يوما ، ودخل بغداد فى زمن أويس وناله منه بر ، وملك بأرض خالد أصيلة حسنة ، وخلف ثلاثة ذكور أنجبوا ، وهم : على ، السابق ذكره ، وعقيل ، أشركه عنان فى إمرة مكة فى ولايته الأولى ، وأحمد ، المعروف بالهدبانى ، معتبر عند الناس ، وخلف [........](١).

٢٣٩٧ ـ مبارك بن عبد الكريم [.....](١) بن عبد الكريم بن أبى سعد بن على ابن قتادة الحسنى المكى :

كان [...........](١).

توفى مقتولا بالزيمة فى وادى نخلة ، فى الخامس من ذى الحجة ، سنة تسع وثمانين وسبعمائة ، قتله بعض العسكر الذين توجهوا مع على بن عجلان ، لما ولى إمرة مكة فى هذا التاريخ ، لقتال عفان ومن معه من الأشراف ، الذين توجهوا إلى الزيمة ، وكان مبارك من جملة من مع عفان ، فقتل رحمه‌الله.

٢٣٩٨ ـ مبارك بن على بن الحسين بن عبد الله بن محمد البغدادى ، أبو محمد ، المعروف بابن الطباخ الحنبلى :

إمام الحنابلة بالمسجد الحرام ، سمع كتاب «دلائل النبوة للبيهقى» على أبى الحسين عبيد الله بن محمد بن الحافظ أبى بكر بن أحمد بن الحسين البيهقى ، عن جده مؤلفه ، وحدّث عن أبى القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر المقرى بكتاب «تاريخ مكة للأزرقى» عن أبى طالب العشارىّ إجازة ، عن أبى بكر أحمد بن محمد بن أبى موسى الهاشمى ، عن إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمى ، عنه.

__________________

٢٣٩٦ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢٣٩٧ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢٤

وحدث أيضا عن أبى القاسم بن الحصين ، والقاضى أبى بكر الأنصارى ، وأبى غالب أحمد بن الحسن بن البناء ، وأبى سعد إسماعيل بن أبى صالح المؤذن ، وغير واحد. وخرج وكتب بخطه. روى عنه أبو سعد السمعانى ـ مع تقدمه ـ والموفق بن قدامة ، وغير واحد. وآخر أصحابه لاحق بن عبد المنعم الأرتاحى ، له منه إجازة ، روى عنه بها كتاب «الدلائل للبيهقى» وقد قرأت بعضه على غير واحد من شيوخنا ، عن ابن الصناج ، عن لاحق ، عنه.

قال الذهبى : وكان يكتب العمر ، ويؤمّ بحطيم الحنابلة. توفى فى شوال سنة خمس وسبعين وخمسمائة بمكة.

ووجدت فى حجر قبره بالمعلاة ، أنه توفى يوم السبت ، ثانى شوال من السنة المذكورة.

٢٣٩٩ ـ مبارك بن عطيفة بن أبى نمى الحسنى المكى :

كان ذا شهامة وإجادة فى الرمى ، رمى القائد محمد بن عبد الله بن عمر ، أحد القواد المعروفين بالعمرة بسهم فمات موضعه ، لموجدة وجدها عليه ، لكون محمد خرج فيمن خرج من أهله وغيرهم ، مع رميثة بن أبى نمى ، لاستخلاص محمد بن الزين القسطلانى ، لما قبض عليه مبارك ، وذهب به إلى ساية (١) ، وكان مبارك ينوب عن أبيه فى الإمرة بمكة ، وفى سنة سبع وثلاثين وسبعمائة ، وقع بين مبارك وبين ابن عمه مغامس بن رميثة منافرة ، فركب مبارك من مكة ـ وكان أبوه تركه بها ـ إلى الجديد ، لقتال مغامس ، وكان أبوه رميثة قد تركه فيها ، وكان مع مبارك أصهاره الأعراب المعروفون ببنى عمير ـ أصحاب الخيف المعروف بخيف بنى عمير ، بوادى نخلة ، وكان تزوج منهم فى هذه السنة بامرأة وبنى بها ـ وجماعة من أهل مكة ، فالتقى عسكره وعسكر ابن عمه ، فقتل من أصحاب مبارك خمسة نفر ، ومن أصحاب مغامس نفر واحد ، وأخذت لأصحاب مغامس خيول ، وهرب مغامس إلى الخيف.

وكان خروج مبارك من مكة لقتال مغامس ، فى يوم السبت السابع والعشرين من رجب ، من سنة سبع وثلاثين وسبعمائة.

ولما كان اليوم العاشر من شعبان ، خرج مبارك بن عطيفة ومعه جماعة من أهل مكة ، لمنع عمه رميثة من دخول مكة ، لما توجه إليها من اليمن ، مع النجاب الذى وصل من صاحب مصر ، لاستدعائه واستدعاء عطيفة ، للحضور إلى صاحب مصر ، ومنع

__________________

٢٣٩٩ ـ (١) اسم واد قريب من حدود الحجاز. انظر : معجم البلدان (ساية).

٢٥

مبارك بن رميثة من دخول مكة ، ثم تراسلا ، فمكنه مبارك من دخول مكة ، فدخلها ومكث فيها إلى ليلة الثالث عشر من شعبان ، ثم خرج منها إلى الوادى.

وفى صبيحة الليلة التى خرج فيها رميثة من مكة ، دخلها عطيفة مودّعا ، وسافر إلى مصر بعد أخيه رميثة بمقدار خمسة أيام ، وترك ابنه مباركا نائبا بمكة ، ومعه بها أخوه مسعود بن عطيفة ، وكان أخوهما محمد بن عطيفة فى اليمن ، بمن معه من الأشراف الذين لايموا عطيفة ، بعد أن كانوا مع أخيه رميثة ، لما فارق القواد عطيفة ، ولا يموا رميثة ، بسبب قتل مبارك لمحمد بن عبد الله بن عمر ، وشاع بمكة أن مباركا ، قصده أن ينهب بيوت التجار ، حتى بيت قاضى مكة شهاب الدين الطبرى.

ولما بلغ مباركا ذلك ، أعلن بالنداء بالأمان ، وحلف فى يوم الجمعة من شوال هذه السنة ، بعد صلاة الجمعة عند مقام إبراهيم ، أنه ما همّ بهذا ولا يفعل ذلك ، بمحضر جماعة من الفقهاء.

ثم إنه أرسل أخاه مسعودا إلى الوادى ، لقطع نخيل القواد ذوى عمر ، فقطع منها نخلا كثيرا ، ثم أرسل مبارك أربع رواحل ، لاستعلام أخبار الحاج ، ولم يكن بلغه خبر عن أبيه وعمه ، من حين توجها إلى مصر ، وكان مبارك [.....](٢).

وفى ليلة السبت الرابع عشر من ذى القعدة من هذه السنة ، خرج مبارك بن عطيفة إلى وادى المبارك ، لقطع نخيل بعض أهلها ، بسبب حشمهم له ، فإنه كان قطع حسبا بينهم ، على أنهم لا يقتتلون إلى مدة حدها لهم ، فقتل بعض الفريقين من الفريق الآخر رجلين غدرا ، فقطع على القاتل وأصحابه نحو ستين نخلة ، وأعطى أربعة أفراس ، فقبض بعضها ، ثم جاء الخبر بأن الذين أرسلهم إلى ينبع ، قبض عليهم الترك الذين وصلوا إليها ، ولم يفلت منهم غير رجل واحد ، وصل إلى مكة وأخبر بذلك ، فوصل مبارك فى ليلة الثلاثاء السابع عشر من ذى القعدة ، وتجهز للخروج منها ، وخرج منها ومعه حاشيته ، ليلة الجمعة العشرين من ذى القعدة ، ونزل بالمزدلفة ، وفى وقت آذان الجمعة من اليوم المذكور ، دخل مسعود بن عطيفة وبعض غلمانهم ، فاختطفوا بعض من صدفوه فى الطريق [.....](٢)بعض البيوت ودار الإمارة ، ثم خرجوا من مكة ، ودخلها رميثة ومعه ابناه عجلان ومغامس ، فى اليوم الخميس السادس والعشرين من ذى القعدة من السنة المذكورة ، متوليا مكة بمفرده ، بعض القبض على أخيه عطيفة [......](٢)

__________________

(٢) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢٦

بالقاهرة ، فأمن الناس بمكة ، وقطع بعض نخيل إخوته الملائمين لأخيه عطيفة ، وبعد خروج مبارك من مكة بقليل ، التقى أخوه مسعود والقواد العمرة ، ومعهم ثقبة بن رميثة فى جهة اليمن ، وكانوا هناك يرعون ، فقتل مسعود بن عطيفة ، واثنا عشر رجلا من أصحاب مبارك ، ولم يحضر مبارك هذا الحرب ، لأنه كان فى ناحية عنهم.

ولما سمع بما تم على أصحابه من القتل ، ولّى منهزما مع صاحب له على فرسين سابقين ، فسيق خلفهما فلم يلحقا.

فلما كان سنة ثمان وثلاثين ، تعرض مبارك للجلاب الصادرة من مكة ، فنهبها وأخذ جميع ما فيها من الأموال ، وأصرفها على زبيد وكنانة ، واستنجدوا به على أحمد بن سالم صاحب حلى ، فحضر إليه مبارك ، والتقوا مع صاحب حلى ، فانكسر صاحب حلى ، ونهب مبارك ومن معه بيته وحلى ، واستنجد صاحب حلى برميثة ، فأنجده ومكنه من البلاد فسكنها.

وما عرفت شيئا من حال مبارك بعد ذلك ، سوى أنه توجه إلى سواكن وملكها ، ومات بها فى سنة إحدى وخمسين وسبعمائة شهيدا ، من حربة رماه بها بعض العبيد ، وخلّف ولدا أسود اسمه منصور ، يأتى ذكره.

ومبارك بن عطيفة هذا ، ممن اتّهم بقتل الأمير ألدمر ، أمير جاندار الناصرى المقدم ذكره ، والله أعلم.

وللأديب يحيى بن يوسف المكى المعروف بالنشو ، فى الشريف مبارك بن عطيفة هذا مدائح كثيرة ، منها قصيدة أولها [من الكامل] :

قسما عليك بلحظك الفتاك

من ذا بقتلى فى الهوى أفتاك

لولاك لم يهو العذيب وبارقا

فالبرق ثغرك والعذيب لماك

أخجلت بدر التّمّ عند كماله

وفضحت غصن البان فى ممشاك

ومخلّصها :

حزت الملاحة مثل ما حاز العلا

مبارك بن عطيفة مولاك

نجل النبى محمد وسليله

من منبت الشرف الرفيع الزاكى

يحكى عليا جده ليث الوغى

فى يوم مكرمة ويوم عراك

لو لا سطاه لما دعاه عدوه

عوضا عن السفاح بالسفاك

لو لم تمت أعداؤه من سيفه

ماتوا من الأخواف والأدراك

٢٧

قد خافه حتى الكرى بجفونهم

تخشاه كل العرب والأتراك

فالسيف يضحك منهم يوم الوغى

والكل من خوف المنية باك

حاز الفخار بأسره فى أسرة

خدمت له الأملاك فى الأفلاك

وله فيه من قصيدة أخرى [من الطويل] :

عليك بخير الناس جدا ووالدا

ومن حسنت منه السريرة والجهر

ومن ذا رأى الراءون مثل مبارك

مليك له الإحسان والنائل الغمر

فتى تشرق الدنيا بغرّة وجهه

إذا قيل بحر قيل من دونه البحر

يجود على العافى ويبدى اعتذاره

ويعفو عن الجانى وإن عظم الوزر

مآثره مأثورة قد تواترت

بها تشهد الآثار والعين والخبر

به قد حمى الله البلاد وصانها

هو الغيث لو لا الغيث ما نبت البذر

أباد الأعادى بالصوارم والقنا

ففى كل نحر من عداه له نحر

أجلّ ملوك الأرض قدرا ورفعة

منازله معروفة دونها النسر

تغطيت من دهرى بظل جنابه

فليس يرى من بعد رؤيته الدهر

ولم تعلم الأحداث باسمى ولا درت

ولا من أنا[........](٣)

سلالة مولانا الشريف عطيفة

خيار ملوك العصر زين به العصر

وله من قصيدة أخرى أولها [من الخفيف] :

لا تلمنى على هواه جهاله

فهو بالقلب حلّه واستماله

ومخلّصها :

بلد شرّف الإله رباها

مثل ما شرف الشريف وآله

فهو السيد الذى شاع ذكرا

ملك أرفع الملوك جلاله

وهو من خير آل أحمد بدر

مستنير له من الدّست هاله

ورث الفخر عن جدود كرام

قد بنى فوق ما بنى أمثاله

شرف ما استفاده من بعيد

لا ولا أدرك العلا عن كلاله

ومنها :

نسب بين أحمد وعلىّ

فهو من خير تلك السلاله

ملك إن سطا على الأرض يوما

كاد يهفى فى الجو قلب الغزاله

فهو كالسيف حيث يقطع حدّا

ه ويستحسن الأنام مثاله

__________________

(٣) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢٨

ما لأعدائه هناك مقر

فهو كالشمس مدرك آماله

يا مليكا له الملوك عبيد

وجميع البلاد تهوى وصاله

إن تكن قد حللت فى أرض مصر

أنت حقا عزيزها لا محاله

ومنها :

أنا عبد لعبد آل على

فهو كاف والناس عندى فضاله

فابق فى نعمة وملك عظيم

وسرور يدوم فى كل حاله

وله فيه من أخرى أولها [من البسيط] :

أما لقلبى لان منك يا قمر

فأنت تجنى على ضعفى وأعتذر

لا واخذ الله من يغرى بسفك دمى

ظلما وإن مسّنى فى حبه الضرر

ومنها :

أشكو إليك صباباتى وما صنعت

يد الغرام بقلبى وهو منكسر

فلم يلن قلبك القاسى لمسكنتى

وقد يلين إذا حاولته الحجر

ومنها فى المدح :

أنت الذى عقدت فى العز رايته

فتى به تضرب الأمثال والسّير

أبو خذام الذى شاعت مناقبه

فالجود والفضل والإحسان مشتهر

الأروع الندب بحر لا قرار له

بدر عطاياه فى من أمّه البدر

أسطى بنى عمه فى كل نائبة

كأنه الدهر لا يبقى ولا يذر

المكرم المنعم الموفى بذمته

فمن ندى كفه قد أورق الحجر

سلالة من رسول الله طيّبة

والفرع ينمو على ما ينبت الشجر

ماضى العزائم محمود سريرته

يدرى عواقب ما يأتى وما يذر

وله فيه من قصيدة أخرى ، يهنئه فيها بعيد الفطر ، سنة خمس وأربعين وسبعمائة ، أولها [من البسيط] :

رفقا على قلب صب مسّه السّقم

لولاك ما شاقه بان ولا علم

ومنها :

ألا تحنّ على ضعفى ومسكنتى

فالراحمون من الأحباب قد رحموا

إن كنت لا ترتضى يوما بمعذرتى

ظلما فلى فى البرايا حاكم حكم

مبارك الجود أعلى الناس منزلة

تسمو به الرتبتان العلم والعلم

ما فى ملوك الورى من جاء يشبهه

ماضى العزائم فالدنيا به حرم

٢٩

من جوده نظر الأعمى بلا نظر

وأنطق الأخرسان الطرس والقلم

أجل من عقدت بالمجد رايته

يعفو ويصفح إحسانا وينتقم

وله من قصيدة يمدحه فيها [من البسيط] :

الله أكبر جاء النصر والظفر

وأقبل السعد والإقبال يبتدر

ونلت ما ترتجيه يابن فاطمة

من الإله وزال الخوف والحذر

ومنها [من البسيط] :

خضت الصعيد ومصرا والبلاد معا

وما خشيت ولم يلوى بك الخبر

وصرت تقتهر العربان قاطبة

وقد أطاعك حتى الجن والبشر

ما أنت إلا فريد العصر أوحده

والشاهدان عليه الخبر والخبر

فما سواكن أرض أو تقيم بها

وما مقامك إلا الركن والحجر

فسر إلى مكة وانزل بساحتها

فأنت بالله رب العرش تنتصر

إياك تركن فى الدنيا إلى أحد

من الملوك جميعا ربما غدروا

ما كل وقت أتى يرجى الخلاص به

فأنت جرّبت والأحوال تختبر

لا تجعلنّ يدا تحت الرحى أبدا

فقول جدك فيه النصح يعتبر

فاهرب من الناس كن منهم على حذر

فربّ سار بليل غره القمر

فالملك ليس له بين الأنام أب

ولا أخ إنهم إن صودقوا مكروا

ليس التوانى به نال المنى أحد

وليس يقطع إلا الصارم الذكر

لو لم يقم جدك المختار من مضر

بالسيف ما آمن القوم الذى كفروا

وانظر حميضة فى عزم وفى همم

فإن أضداده فى عصره كثروا

مازال فى طلب العلياء مجتهدا

حتى استقامت له الأحكام والنظر

ولم يطع لملوك الأرض أجمعهم

وكان فى ملكه يرنو له البصر

وأنت عزمك أقوى من عزائمه

فما قعادك أين العين والأثر

أمثل مكة تسلوها وتتركها

عجبت منك فعنها كيف تصطبر؟

فإن مصرا ومن فيها بأجمعهم

حتى الحجاز لعزم منك قد شكروا

لو وازنوك بمن فى الأرض من ملك

لكنت أرجح منهم مثل ما ذكروا

ألست أكرم من يسعى الركاب له

أما لرمحك هامات العدا ثمر

فليس تركك ملكا أنت وارثه

رأيا سديدا فما ذا أنت تنتظر؟

ومنها :

أعلامك الخضر فى الآفاق قد شهرت

كأنما سار فى الدنيا بها الخضر

٣٠

أغنيت فقرى فمن أجل الغنى أبدا

تهدى لمدحك منى هذه الدرر

ومدحه الأديب عيسى بن محمد العليف أيضا بقوله [من البسيط] :

يا مالكى بخصال كلّها غرر

وبالعطايا التى من دونها المطر

ومن إذا ما سعى فى نيل مرتبة

من العلا قاده التأييد والظفر

فى كل أرض وقطر منك سابغة

تسر كل صديق نشرها عطر

مكارم يتمنّى البحر أيسرها

وعزمة كل عنها الصارم الذّكر

وهمّة فى المعالى لا يهيم بها

من الخلائق إلا الشمس والقمر

وليس ذا بعظيم منك إنك من

أسد مرابضهنّ الحجر والحجر

طابت فروعك إذ طابت منابتها

إن الأصول عليها ينبت الشّجر

ألقى عليك أبو سعد فضائله

من جانبيك فطاب الخبر والخبر

وفيك من حيدر سرّ عرفت به

يوم الوغى حيث سمر الخط تشتجر

ما قابلتك جيوش فانتصبت لها

إلا وساعد فى تشتيتها القدر

قلدتنى منك إحسانا ملكت به

رقى فأنت لرق الحر مقتدر

وللأديب شهاب الدين أحمد بن غنائم المكى فيه من قصيدة يمدحه بها ، أولها [من الكامل] :

إن شط من قرب الحبيب مزاره

ونأت بغير رضا المتيم داره

ومخلّصها :

وقف الهوى بى حيث أنت كما الثنا

وقف على من طاب منه فخاره

ملك الملوك مبارك بن عطيفة

خير امرئ دلت عليه ناره

المالك الملك الذى فخرت به

فى العالمين معدّه ونزاره

وسعى فأدرك كل ساع قبله

وسمت به همّاته ووقاره

كلف بشيد المجد وهو مولّع

ببناء ما درست بلى آثاره

هذا الذى خفّت عليه مكارم ال

أفعال فاشتهرت به أخباره

من ذا يقيس سماحة بسماحة

فى الخافقين ومن له إيثاره

يا أيها الملك الذى لولاه ما

نفق المديح ولا سخا معطاره

نفق المديح على عطائك فاستوى

بالمدح فيك كباره وصغاره

٢٤٠٠ ـ مبارك بن محمد بن عطيفة بن أبى نمى الحسنى المكى :

ابن أخى السابق ذكره. كان حسن الشكالة ، توجه إلى القاهرة فى سنة سبع

٣١

وتسعين وسبعمائة ، مع الشريف حسن بن عجلان صاحب مكة ، فقبض عليهما ، ثم أطلق الشريف حسن ، وولى إمرة مكة ، عوض أخيه علىّ فى بقية السنة ، واستمر مبارك مقبوضا عليه بالقاهرة ، ثم نقل منها إلى الإسكندرية ، مع عنان ، وعلى بن مبارك بن رميثة ، وابنه ، وجماز بن هبة ، صاحب المدينة ، واعتقلوا جميعا بالإسكندرية مدة ، ثم أطلقوا فرادى ، وكان مبارك آخرهم إطلاقا ، ثم توفى بعد ذلك بقليل ، فى أواخر سنة تسع وثمانمائة ، بظاهر القاهرة.

٢٤٠١ ـ مبارك بن وهّاس بن على بن يوسف المكى :

كان من أعيان القواد المعروفين باليواسفة ، ونال مكانة عند الشريف عنان بن مغامس ، فى ولايته الثانية على مكة ، ثم إنه بأخرة أظهر التزهد فى خدمة السلطنة والاستغناء عنهم ، ودام على ذلك ، حتى توفى فى سنة عشر وثمانمائة.

٢٤٠٢ ـ المثنى بن الصباح اليمانى الأبناوى ، أبو عبد الله ، ويقال أبو يحيى المكى :

من أبناء فارس ، نزيل مكة ، روى عن إبراهيم بن ميسرة ، وطاوس بن كيسان ، وعبد الله بن أبى مليكة ، وعطاء بن أبى رباح ، وعمرو بن دينار ، وعمرو بن شعيب ، والقاسم بن أبى بزة ، ومجاهد ، ومسافع الحجبى ، وغيرهم.

روى عنه : أيوب بن سويد الرّملى ، وخالد بن سويد المصرى ، وسعيد بن سالم القداح ، وسليم بن مسلم المكى ، وعبد الله بن رجاء المكى ، وعبد الله بن المبارك ، ويعقوب بن يوسف المكى ، وجماعة ، منهم سفيان الثّورى.

روى له : أبو داود ، والترمذى ، وابن ماجة. قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سمعت

__________________

٢٤٠٢ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات ابن سعد ١ / ٣٤٠ ، ٦ / ٣٧ ، ٧١ ، تاريخ الدورى ٢ / ٥٤٩ ، تاريخ الدارمى ٧٨٨ ، تاريخ خليفة ٤٢٥ ، طبقات خليفة ٢٨٣ ، علل أحمد بن حنبل ١ / ٢٥٤ ، ٣١٤ ، ٢ / ٣٥٩ ، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة ١٨٤٥ ، التاريخ الصغير ٢ / ٩٧ ، الضعفاء الصغير للبخارى ٣٦٧ ، أحوال الرجال ٢٥٣ ، المعرفة ليعقوب ٢ / ١٦٥ ، الضعفاء للنسائى ٥٧٦ ، الجرح والتعديل ٨ / ١٤٩٤ ، المجروحين لابن حبان ٣ / ٢٠ ، الضعفاء للدارقطنى ٥٣٣ ، الكاشف ٣ / ٥٣٧٤ ، ديوان الضعفاء ٣٥٣٨ ، المغنى ٢ / ٥١٧٥ ، العبر ١ / ٢١٢ ، تاريخ الإسلام ٦ / ١٢٩ ، ميزان الاعتدال ٣ / ٧٠٦١ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٣٥ ـ ٣٧ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٢٨ ، خلاصة الخزرجى ٣ / ٦٨٤٦ ، شذرات الذهب ١ / ٢٢٥ ، تهذيب الكمال ١ / ٢٢٥).

٣٢

أبى يقول : لا يسوى حديثه شيئا ، مضطرب الحديث. وقال عباس الدورى ، عن يحيى ابن معين : مثنى بن الصباح ، مكى ، ويعلى بن مسلم ، مكى ، والحسن بن مسلم ، مكى ، وجميعا ثقة. قال عبد الرحمن بن أبى حاتم : سألت أبى وأبا زرعة عنه ، فقالا : لين الحديث.

وقال النسائى : ليس ثقة. وقال فى موضع آخر : متروك الحديث. وقال محمد ابن سعد ، عن أحمد بن محمد الأزرقى : قال لى داود العطار : لم أدرك فى هذا المسجد أحدا ، أعبد من المثنى بن الصباح ، والزّنجى بن خالد ، وله أحاديث ، وهو ضعيف.

وذكره الفاكهى فى عباد مكة ، وقال : حدثنا أبو يحيى بن ميسرة قال : سمعت أصحابنا المكيين يقولون : كان المثنى بن الصباح ، ومسلم بن خالد ، وهو حدث ، يبتدران المقام بعد صلاة العتمة ، فأيهما سبق إليه ، كان الآخر خلفه ، فلا يزالان يصليان إلى قريب من الصبح. انتهى.

قال البخارى ، عن يحيى بن بكير : مات سنة تسع وأربعين ومائة.

وذكر اليافعى فى تاريخه : أنه توفى بمكة فى سنة تسع وأربعين ، وقال كان من أعبد الناس.

٢٤٠٣ ـ مجاهد بن جبر ، ويقال ابن جبير ، والأول أصح ، المكى ، سكن الكوفة بأخرة ، أبو الحجاج القرشى المخزومى ، مولاهم :

روى عن جماعة من الصحابة ، منهم : سراقة بن مالك بن جعشم ، وسعد بن أبى وقاص ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عمر ، وأبو هريرة ، وأم هانئ بنت أبى طالب ، وأم سلمة ، وعائشة الصدّيقة ـ وروايته عنها مرسلة ، على ما قال أبو حاتم ، ولكن حديثه عنها فى الصحيحين ـ وعن خلق من التابعين.

__________________

٢٤٠٣ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات ابن سعد ١ / ٧٣ ، ٣٤٤ ، ٣ / ١٥ ، ٦ / ١٩ ، طبقات خليفة ٢٥٣٥ ، تاريخ البخارى ٧ / ٤١١ ، المعارف ٤٤٤ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٧١١ ، الجرح والتعديل ٤ / ٣١٩ ، الحلية ٣ / ٢٧٩ ، طبقات الفقهاء ٦٩ ، تاريخ ابن عساكر ١٦ / ١٢٥ ، تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ٨٣ ، تهذيب الكمال ٥٧٨٣ ، تاريخ الإسلام ٤ / ١٩٠ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٨٦ ، العبر ١ / ١٢٥ ، تذهيب التهذيب ٤ / ٢٢ ، البداية والنهاية ٩ / ٢٢٤ ، غاية النهاية ٢٦٥٩ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٤٢ ، طبقات الحفاظ ٣٥ ، خلاصة تذهيب التهذيب ٣٦٩ ، شذرات الذهب ١ / ١٢٥ ، سير أعلام النبلاء ٤ / ٤٤٩ تاريخ الدورى ٢ / ٥٤٩ ، الثقات لابن حبان ٥ / ٤١٩ ، أنساب قريش ١٣٣ ، ٣٤٦ ، ٣٥٦).

٣٣

روى عنه أيوب السختيانى ، وسليم أبو عبد الله المكى ، والأعمش ، وعبد الله بن كثير القارئ ، وعبد الله بن أبى نجيح المكى ، وعبد الملك بن جريج ، وعطاء بن أبى رباح ، وعكرمة مولى ابن عباس وخلق.

روى له الجماعة. وقرأ عليه ابن كثير ، وابن محيصن ، وأبو عمرو بن العلاء ، قال أبو محمد بن عبد الله الأنصارى ، عن أبى الليث الفضل بن ميمون : سمعت مجاهدا يقول : عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة ، وجاء عنه ، أنه كان يسأله عن كل آية ، فيم نزلت ، وكيف كانت؟ قال الذهبى : وهذا ثابت عنه. وقال عبد السلام بن حرب عن خصيف : كان أعلمهم بالتفسير مجاهد ، وبالحج عطاء. قال ابن حبان : كان فقيها عابدا متقنا ، وكان يقص.

وذكره ابن عبد البر فى فقهاء مكة ، من أصحاب ابن عباس. ويروى عن مجاهد ، أنه قال : ربما أخذ لى ابن عمر بالركاب. انتهى. وهذه منقبة. قال سفيان الثورى ، عن سلمة ابن كهيل : ما رأيت أحدا أراد بهذا العلم وجه الله ، إلا عطاء وطاوسا ومجاهدا. وروى عن مجاهد ، قال : قال لى ابن عمر : وددت أن نافعا يحفظ حفظك ، وأن علىّ درهما زائفا. قلت : هلا كان جيدا؟ قال : هكذا كان فى نفسى. وقال أبو عبيد الآجرّى : قلت لأبى داود : مراسيل عطاء أحب إليك ، أو مراسيل مجاهد؟ قال : مراسيل مجاهد ، عطاء كان يحمل عن كل ضرب. انتهى.

واتفقوا على توثيقه وإمامته ، واختلف فى وفاته ، فقيل سنة مائة. قال الهيثم بن عدى: قيل سنة إحدى ومائة ، وهو ابن ثلاث وثمانين ، قاله يحيى بن بكير ، وقيل سنة اثنتين ومائة ، قاله أبو نعيم. وقيل سنة ثلاث ومائة. قاله عثمان بن الأسود ، والقاسم بن سلام ، وغيرهم. وقيل سنة أربع ومائة ، ومولده فى خلافة عمر رضى الله عنه سنة عشرين ، وكان قاضيا ، وتوفى وهو ساجد بمكة ، على ما ذكر ابن حبان.

وذكره محمد بن سعد ، فى الطبقة الثانية من أهل مكة ، اختلف فى ولائه ، فقيل هو مولى عبد الله بن السائب بن أبى السائب المخزومى ، قاله أحمد بن حنبل ، والبخارى ، وإليه ذهب عبد الغنى بن سعيد الحافظ ، وقيل مولى قيس بن السائب بن عويمر بن عايد المخزومى ، قاله مصعب بن عبد الله الزبيرى ، وابن مهدى ، وابن المدينى ، وابن سعد ، وقيل مولى السائب بن أبى السائب ، حكاه المزى فى التهذيب.

٣٤

٢٤٠٤ ـ محرز بن حارثة بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف ابن قصى بن كلاب القرشى العبشمى ، أمير مكة :

قال الزبير بن بكار : استخلفه عتاب بن أسيد على مكة ، فى سفر سافره وبنوه بالكوفة.

وقال ابن عبد البر : استخلفه عتّاب بن أسيد على مكة ، فى سفرة سافرها ، ثم ولاه عمر بن الخطاب مكة فى أول ولايته ، ثم عزله ، وولّى قنفذ بن عمير التميمى ، وقتل محرز يوم الجمل. يعدّ فى المكيين ، وبنوه بمكة. وذكر ابن قدامة معنى ذلك ، إلا أنه قال : ابن ربيعة بن عبد شمس.

٢٤٠٥ ـ محرز بن سلمة بن يزداد المكى ، المعروف بالعدنى :

يقال حج ثلاثا وثمانين حجة ، روى عن : عبد العزيز بن أبى حازم ، وعبد العزيز بن محمد الدّراوردىّ ، ومالك بن أنس ، والمغيرة بن عبد الرحمن المخزومى ، والمنكدر بن محمد ابن المنكدر ، ونافع بن عمر الجمحى.

روى عنه : ابن ماجة ، وأبو يعلى الموصلى ، وأبو بكر بن أبى عاصم ، وأبو بكر حاتم ابن إسماعيل ، وعبد الله بن محمد بن الوليد الأزرقى ، ومطيّن ، ومحمد بن على بن زيد الصائغ ، ويحيى بن إسحاق الأنصارى القاضى. ذكره ابن حبان فى الثقات ، وقال : محرز ابن سلمة البغدادى ، أصله من مكة. انتهى.

وتوفى سنة أربع وثلاثين ومائتين. قاله ابن أبى عاصم. ولم يذكره الخطيب فى تاريخ بغداد. كتبت هذه الترجمة من التهذيب بلفظه فى الغالب ، وهو بحاء مهملة وبعدها راء مهملة ، ثم زاى معجمة.

٢٤٠٦ ـ محرز بن نضلة بن عبد الله بن مرة بن كثير بن غنم بن دودان ابن أسد الأسدى ، من بنى أسد بن خزيمة ، يكنى أبا نضلة :

حليف لبنى عبد شمس ، وكانت بنو عبد الأشهل يذكرون أنه حليفهم. شهد بدرا وأحدا والخندق ، وخرج مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، إلى غزوة الغابة يوم السرح ، حين أغير على

__________________

٢٤٠٤ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٥٥١ ، الإصابة ترجمة ٧٧٦٠ ، أسد الغابة ترجمة ٤٦٨٧).

٢٤٠٥ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ترجمة ١٥٨٧ ، المعجم المشتمل ١٠٢٥ ، الكاشف ٣ / ٥٤٠٣ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٥٦ ، تقريب التهذيب ١٠ / ٥٦ ، خلاصة الخزرجى ترجمة ٦٨٧١ ، تهذيب الكمال ٥٨٠٢)

٢٤٠٦ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٣٤٢ ، الإصابة ترجمة ٧٧٦٢ ، أسد الغابة ترجمة ٤٦٩٢).

٣٥

لقاح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو صاحب ذلك اليوم ، وهى غزوة ذى قرد ، سنة ست ، فقتله مسعدة بن حكمة ، وكان يوم قتل ، ابن سبع وثلاثين ، أو ثمان وثلاثين سنة ، يقال له الأحوم ، ويلقّب فهيرة. وقال فيه موسى بن عقبة : محرز بن وهب ، ولم يقل محرز بن نضلة ، وذكره فيمن شهد بدرا ، من حلفاء بنى عبد شمس.

٢٤٠٧ ـ محرّش بن سويد بن عبد الله بن مرة الكعبى الخزاعى :

معدود فى أهل مكة ، روى عنه حديث واحد ، وهو أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم اعتمر من الجعرّانة ، ثم أصبح كبائت ، قال : فرأيت ظهره كأنه سبيكة فضة.

روى عنه عبد العزيز بن عبد الله بن أسيد.

روى له أبو داود ، والترمذى ، والنسائى. واختلف فى ضبط «محرش» فقيل بميم مضمومة وحاء مهملة مفتوحة وراء مهملة مكسورة مشددة وشين معجمة ، هكذا قيده ابن ماكولا ، وقيل بخاء معجمة. قال على ابن المدينى : زعموا أن ذلك هو الصواب فيه.

٢٤٠٨ ـ محفوظ بن سليمان [..........](١).

٢٤٠٩ ـ محمود بن جمال الدين أبى طاهر الهروى الناسخ :

جاور بمكة مدة ، وسمع بها الكثير ، على الشيخ جمال الدين الأميوطى ، والعفيف عبد الله بن محمد النشاورى ، وغيرهما من شيوخنا ، بالسماع والإجازة ، وكتب بخطه الكثير ، ووقف كتبا فى الحديث والفقه ، وجعل مقرّها برباط الخوزى بمكة ، واشتهر بالخير ، وقد سألت عنه شيخنا ابن ظهيرة فقال : كان رجلا صالحا. انتهى.

توفى فى أوائل سنة ست وتسعين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة ، وكان يسكن فى رباط غزى بأجياد ، من مكة.

__________________

٢٤٠٧ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات ابن سعد ٦ / ١٤ ، طبقات خليفة ١٠٨ ، ٢٧٨ ، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة ٢١٢٩ ، المعرفة ليعقوب ٣ / ٢٧٩ ، الثقات لابن حبان ٣ / ٣٩٩ ، الاستيعاب ترجمة ٢٥٥٩ ، أسد الغابة ترجمة ٤٧٩٤ ، الكاشف ٣ / ٥٤٠٧ ، التجريد ٢ / ٥٨٨ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٥٨ ، الإصابة ترجمة ٧٨٥٣ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٣٢ ، خلاصة الخزرجى ٣ / ٣٧٢ ، تهذيب الكمال ٥٨٠٧).

٢٤٠٨ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٣٦

٢٤١٠ ـ محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمى الحنفى ، أبو القاسم ، المعروف بالزمخشرى :

الملقب جار الله ، لطول إقامته بمكة ، صاحب الكشاف ، وغير ذلك من التصانيف الثابتة فى أصول العلم ، الدالة على وفور فضله.

ولد سحر يوم الأربعاء ، سابع عشرى رجب سنة سبع وستين وأربعمائة بزمخشر ، قرية من قرى خوارزم ، ودخل بغداد قبل سنة خمسمائة ، وسمع بها من أبى الخطاب نصر بن البطر وغيره ، وتوجه إلى الحجاز ، فأقام هناك مدة مجاورا بمكة ، يفيد ويستفيد ، فقرأ على ابن طلحة اليابرى الأندلسى ، وكان رحل بسببه من خوارزم ، ثم عاد إلى خوارزم ، فأقام بها مدة ، ثم قدم إلى بغداد ، بعد الثلاثين وخمسمائة ، ولقى بها الشريف العالم أبا السعادات هبة الله بن على بن محمد بن حمزة العلوى الحسنى المعروف بابن الشجرى ، أنشد الشريف الشجرى الإمام الزمخشرى ، لما قدم عليهم بغداد [من الطويل] :

وأستكثر الأخبار قبل لقائه

فلما التقينا صدّق الخبر الخبر

والعلامة اللغوى أبا منصور الجواليقى وغيرهما ، واعترفوا بفضله ، وأثنوا على علمه. رأيت بخط الوالد عمر بن فهد رحمه‌الله ، ما صورته : روى عنه أبو المحاسن إسماعيل بن عبد الله الطويل ، وأبو سعد أحمد بن محمود الشاشىّ وغيرهما. انتهى.

وقد روى عن الزمخشرى كتابه الكشاف ، القاضى أبو المعالى يحيى بن عبد الرحمن بن

__________________

٢٤١٠ ـ انظر ترجمته فى : (الأنساب ٦ / ٢٩٧ ، ٢٩٨ ، نزهة الألباب ٣٩١ ـ ٣٩٣ ، المنتظم ١٠ / ١١٢ ، معجم البلدان ٣ / ١٤٧ ، معجم الأدباء ١٩ / ١٢٦ ـ ١٣٥ ، اللباب ٢ / ٧٤ ، الكامل ١١ / ٩٧ ، إنباه الرواة ٣ / ٢٦٥ ـ ٢٧٢ ، وفيات الأعيان ٥ / ١٦٨ ـ ١٧٤ ، المختصر فى أخبار البشر ٣ / ١٦ ، البدر السافر ١٩٣ ، تاريخ الإسلام وفيات سنة ٥٣٨ ، ميزان الاعتدال ٤ / ٧٨ ، العبر ٤ / ٩٠٦ ، دول الإسلام ٢ / ٥٦ ، تذكرة الحفاظ ٤ / ١٢٨٣ ، تلخيص ابن مكتوم ٢٤٣ ، ٢٤٤ ، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ٢٢٨ ، ٢٢٩ ، تتمة المختصر ٢ / ٧٠ ، ٧١ ، مرآة الجنان ٣ / ٢٦٩ ـ ٢٧١ ، البداية والنهاية ١٢ / ٢١٩ ، الجواهر المضية ٢ / ١٦٠ ، ١٦١ ، طبقات المعتزلة ٢٠ ، طبقات ابن قاضى شهبة ٢ / ٢٤١ ـ ٢٤٤ ، لسان الميزان ٦ / ٤ ، النجوم الزاهرة ٥ / ٢٧٤ ، تاج التراجم ٧١ ، بغية الوعاة ٢ / ٢٧٩ ـ ٢٨٠ ، طبقات المفسرين للسيوطى ٤١ ، طبقات المفسرين للداودى ٢ / ٣١٤ ـ ٣١٦ ، طبقات الفقهاء ١٦٧٤ ، ١٧٧٤ ، ١٧٨٧ ، شذرات الذهب ٤ / ١١٨ ، ١٢١ ، الفوائد البهية ٢٠٩ ، ٢١٠ ، روضات الجنان ٦٨١ ـ ٦٨٤ ، إيضاح المكنون ١ / ٦٧ ، ٢ / ٨٦ ، هدية العارفين ٢ / ٤٠٢ ، ٤٠٣ ، معجم المطبوعات ٩٧٣ ، الفهرس التمهيدى ٢٥٩ ، ٣٠٣ ، كنوز الأجداد ٢٩١ ـ ٢٩٤ ، تاريخ بروكلمان ٥ / ٢١٥ ، ٢٣٨ ، سير أعلام النبلاء ٢٠ / ١٥١).

٣٧

على الشيبانى ، قاضى مكة المشرفة ، لأنى رأيت فى فهرست الفقيه أبى إسحاق إبراهيم ابن محمد بن عيسى بن مطير اليمنى ، أن القاضى أبا المعالى ماجد بن سليمان الفهرى ، ابن أخت القاضى أبى المعالى الشيبانى ، روى الكشاف عن خاله أبى المعالى المذكور ، بروايته عن مؤلفه بالحرم الشريف ، وخاتمه الرواة عنه ، أم المؤيد زينب بنت عبد الرحمن الشّعريّة ، لها منه إجازة ، تفردت بها عنه ، ومن طريقها وقع لنا حديثه.

وأجاز لأبى طاهر بركات بن إبراهيم الخشوعى ، والحافظ : أبى الطاهر أحمد بن محمد السلفى ، بسؤاله له فى ذلك ، بعد أن تأبى عليه الزمخشرى ، وذكره فى كتاب «الوجيز فى ذكر المجاز والمجيز» وقال بعد أن ترجمه بالعلامة : أحد أفراد الدهر فى علوم متنوعة وفنون مختلفة ، وبالخصوص فى النحو واللغة ، وله شعر رائق ، وترسّل فائق ، وتواليف مفيدة ، وقد جاور بمكة مدة مديدة. انتهى.

وذكره ابن خلكان فى تاريخه ، فقال : الإمام الكبير فى التفسير والحديث والنحو واللغة وعلم البيان ، كان إمام عصره غير مدافع ، تشدّ إليه الرحال فى فنونه ، أخذ الأدب عن أبى منصور نصر ، وصنف التصانيف البديعة ، منها : الكشاف فى تفسير القرآن العظيم ، لم يصنف قبله مثله ، والفائق فى تفسير الحديث ، وأساس البلاغة فى اللغة ، وربيع الأبرار ، ونصوص الأخبار ، ومتشابه أسامى الرواة ، والنصائح الكبار ، والنصائح الصغار ، وضالة الناشد ، والرائض فى علم الفرائض ، والمفصل فى النحو ـ وقد اعتنى بشرحه خلق كثير ـ والأنموذج فى النحو ، والمفرد والمؤلف فى النحو ، ورءوس المسائل فى الفقه وشرح أبيات سيبويه. والمستقصى فى أمثال العرب. وصميم العربية. وسوائر الأمثال ، وديوان التمثيل ، وشقائق النعمان فى حقائق النعمان ، وشافى العىّ من كلام الشافعى ، والقسطاس فى العروض ، ومعجم الحدود ، والمنهاج فى الأصول ، ومقدمة الأدب ، وديوان الرسائل ، وديوان الشعر ، والرسالة الناصحة ، والأمالى فى كل فن ، وغير ذلك.

وكان شروعه فى تأليف «المفصّل» فى غرّة شهر رمضان سنة ثلاث عشرة وخمسمائة ، وفرغ منه فى غرة المحرم سنة خمس عشرة وخمسمائة ، وكان قد سافر إلى مكة حرسها الله تعالى ، وجاور زمانا ، فصار يقال له جار الله لذلك ، وكان هذا الاسم علما عليه ، وسمعت من بعض المشايخ ، يقول : إن إحدى رجليه كانت ساقطة ، وأنه كان يمشى فى جارن خشب ، وكان سبب سقوطها ، أنه كان فى بعض أسفاره ببلاد خوارزم ، أصابه ثلج كثير وبرد شديد فى الطريق ، فسقطت منه رجله ، وأنه كان بيده محضر فيه شهادة خلق كثير ، ممن اطلعوا على حقيقة ذلك ، خوفا من أن يظنّ ظان ممن

٣٨

لم يعلم صورة الحال أنها قطعت لريبة ، والثلج والبرد كثيرا ما يؤثر فى الأطراف فى تلك البلاد فتسقط ، خصوصا خوارزم ، فإنها فى غاية البرد.

ولقد شاهدت خلقا كثيرا ممن سقطت أطرافهم بهذا السبب ، فلا يستبعده من لم يعهده. ورأيت فى تاريخ بعض المتأخرين ، أن الزمخشرى لما دخل بغداد ، واجتمع بالفقيه الحنفى الدامغانى ، وسأله عن سبب قطع رجله ، فقال : دعاء الوالدة ، وذلك أننى كنت فى صباى ، أمسكت عصفورا وربطته بخيط فى رجله ، فانفلت من يدى ، فأدركته وقد دخل فى خرق فجذبته ، فانقطعت رجله فى الخيط ، فتألّمت والدتى لذلك ، وقالت : قطع الله رجل الأبعد ، كما قطعت رجله ، فلما وصلت إلى سنّ الطلب ، رحلت إلى بخارى لطلب العلم ، فسقطت عن الدابة ، فانكسرت رجلى ، وعملت علىّ عملا أوجب قطعها. والله تعالى أعلم بالصحة.

وكان الزمخشرى المذكور ، معتزلى الاعتقاد متظاهرا به ، حتى نقل عنه ، أنه كان إذا قصد صاحبا له واستأذن عليه فى الدخول ، يقول لمن يأخذ له الإذن : قل له أبو القاسم المعتزلى بالباب.

وأول ما صنّف كتاب «الكشاف» كتب استفتاح الخطبة : «الحمد لله الذى خلق القرآن» فيقال إنه قيل له : متى تركته على هذه الهيئة هجره الناس ، ولا يرغب أحد فيه ، فغيّرها بقوله : «الحمد لله الذى جعل القرآن» و «جعل» عندهم بمعنى «خلق» والبحث فى ذلك يطول ، ورأيت فى كثير من النسخ : الحمد لله الذى أنزل القرآن. وهذا إصلاح الناس لا إصلاح المؤلف.

وكان أبو الطاهر أحمد بن محمد السلفى المقدم ذكره ، قد كتب إليه من الإسكندرية ، وهو يومئذ يجاور بمكة ، يستجيزه فى مسموعاته ومصنفاته ، فرد عليه جوابه بما لا يشفى الغليل ، فلما كان فى العام الثانى ، كتب إليه أيضا مع بعض الحجاج استجازة أخرى ، اقترح فيها مقصوده ، ثم قال فى آخرها : «ولا يحوج أدام الله توفيقه إلى المراجعة ، فالمسافة بعيدة ، وقد كاتبته فى السنة الماضية فلم يجب بما يشفى الغليل ، وله فى ذلك الأجر الجزيل».

فكتب الزمخشرى سامحه الله جوابه ، ولو لا خوف التطويل ، لكتبت الاستدعاء والجواب ، لكن نقتصر على بعض الجواب فنذكر شيئا من ذلك ، وقد رأيت أنى أثبت السؤال والجواب بنصه ، لما فى ذلك من الفوائد ، على ما وجدته منقولا فى نسخة منقولة ، من نسخة نسخت من الأصل ، ونص ذلك :

٣٩

بسم الله الرحمن الرحيم. ربّ أعن يا كريم ، إن رأى الشيخ الأجل العالم العلامة ، أدام الله توفيقه ، أن يجيز جميع مسموعاته وإجازاته ورواياته ، وما ألفه فى فنون العلم ، وأنشأه من المقامات والرسائل والشعر ، لأحمد بن محمد بن أحمد السلفى الأصبهانى ، ويذكر مولده ونسبه ، إلى أعلى أب يعرفه ، ويثبت كل ذلك بخطه تحت هذا الاستدعاء ، مضافا إليه ذكر ما صنفه ، وذكر شيوخه الذين أخذ عنهم ، وما سمع عليهم من أمهات المهمات ، حديثا كان أو لغة أو نحوا أو بيانا فعل مثابا ، وإن تم إنعامه بإثبات أبيات قصار ، ومقطوعات ، مستفادة فى الحكم والأمثال والزهد ، وغير ذلك من نظمه ، ومما أنشده شيوخه من قبلهم ، أو من قبل شيوخهم ، بعد تسميته كلّا منهم ، وإضافة شعره إليه. والشرط فى كل هذا ، أن يكون بالإسناد المتصل إلى قائله ، كان له الفضل.

وكذلك إن أصحبه شيئا من رواياته ، وأنعم بكتب أحاديث عالية ، والله تعالى يوفقه ويحسن جزاءه ، ويطيل لنشر العلم والإفادة بقاءه. ويعلم وفقه الله تعالى ، أنه قد وقع إلينا كتاب من يعقوب بن شيرين الجندى إليه ، وفيه قصيدة يرثى بها البرهان البخارى ، والحاجة داعية إلى معرفة اسمه ونسبه وضبطه ، هل هو ابن شيرين بالشين المعجمة ، أو بالسين المهملة ، وكذلك الجندى ، بفتح الجيم والنون ، أو ضم الجيم وإسكان النون بعدها ، والحمد لله حق حمده ، وصلواته على سيدنا محمد نبيه وعبده ، وعلى آله وأصحابه أجمعين من بعده ، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

فأجابه : بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهم غفرا ، أسأل الله أن يطيل بقاء الشيخ العالم ، ويديمه لعلم يغوص على جواهره ، ويفتق الأفئدة عن ذخائره ، ويوفقه للعمل الصالح ، الذى هو من أعراض العقل ، ومطمح أبصار المرابطين إلى غايات الفضل ، ولقد عثرت من مقاطر قلمه ، على جملة تتأدّى على غزارة بحره وتصبى القلوب إلى الدين بسموط دره ، وأما ما طلب عندى ، وخطب إلىّ من العلوم والدرايات ، والسماعات والروايات ، فثياب خلقت علىّ من بينهن الثياب ، ثم دفنتهنّ وحثوت عليهنّ التراب ، وذلك حين آثرت الطريقة الأويسية على سائر الطرائق ، وأخذت نفسى برفض الحجب والعوائق ، ونقلت كتبى كلها ، إلى مشهد أبى حنيفة ، فوقفتها وأصفرت منها يدى إلا دفترا ، قد تركته تميمة فى عضدى ، وهو كتاب الله الحبل المتين ، والصراط المبين ، لأهب ما قعدت بصدده كلّى ، وألقى عليه وحده ظلى ، لا يشغلنى عنه بعض ما يجعل الرأى مشتركا ، ويرد القلب مقتسما. ولذت بحرم الله المعظم ، وبيته المحرم ، وطلقت ما ورائى بتّا ، وكفتّ ذيلى عنه كفتا ، ما بى إلا همّ خويصتى ، وما يلهينى إلا النظر فى قصتى ، أنتظر داعى الله صباحا ومساء ، وكأنى بى وقد امتطيت الآلة الحدباء قد وهنت العظام

٤٠