العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٦

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٦

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٧٢

عن مالك : كان هشام بن حكيم كالسائح ، ما يتخذ أهلا ولا ولدا. وكان عمر بن الخطاب إذا سمع بالشىء من الباطل يريد أن يفعل ، أو ذكر له ، يقول : لا يفعل هذا ما بقيت أنا وهشام بن حكيم. قال مالك : ودخل هشام بن حكيم على العامل فى الشام فى الشىء ، يريد الوالى أن يعمل به ، قال : فيتواعده ويقول له : لأكتبنّ إلى أمير المؤمنين بهذا ، فيقوم إليه العامل فيتشبث به ، قال : وسمعت مالكا يقول : إن هشام بن حكيم ، والذين كانوا معه بالشام ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، قال : وكانوا يمشون فى الأرض بالإصلاح والنصيحة ، يحتسبون. انتهى.

وقال النووى : روى له عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ستة أحاديث. روى له مسلم حديثا واحدا. وروى عنه جماعة من التابعين. انتهى.

وممن يروى عنه : جبير بن نفير ، وعروة بن الزبير ، وقتادة السلمى البصرى ، والد عبد الرحمن بن قتادة. وروى له مسلم ، وأبو داود ، والنسائى حديثا واحدا ، فى الذين يعذّبون الناس فى الدنيا ، ووقع لنا بعلوّ ، واختلف فى أمه على ثلاثة أقوال ، فقيل : إنها زينب بنت العوام ، أخت الزبير بن العوام ، حكاه المزى فى التهذيب. وقيل مليكة بنت مالك بن سعد من بنى الحارث بن فهر ، حكاه المزى أيضا. وقيل أمه بنت عامر بن صعصعة من بنى محارب بن فهر ، حكاه المزى أيضا عن ابن البرقى. وقيل أمه من بنى فراس بن غنيم ، حكاه المزى فى التهذيب ، ولم يعزه ، وذكره أيضا الزبير بن بكار ، ولم يحك غيره.

وذكر ابن البرقى : أن هشام بن حكيم ولد ثمانية : عمر ، وعبد الملك ، وأمة الله ، وسعيد ، وخالد ، والمغيرة ، وفليح ، وزينب.

وذكر الزبير بن بكار ، أنه مات قبل أبيه ، ولم يعيّن تاريخ سنة موته.

وذكر أبو نعيم الأصبهانى ، أنه استشهد بأجنادين من أرض الشام ، ونقل ذلك النووى عن غير أبى نعيم أيضا ، قال : وغلطهم فيه ابن الأثير ، وقال : هذا وهم ، والذى قتل بأجنادين هشام بن العاص ، يعنى أخا عمرو بن العاص ، قال : وقصة هشام بن حكيم مع عياض بن غنم ، تدلّ على أنه عاش بعد أجنادين ، وهى أنه مرّ على عياض ، وهو وال على حمص ، وقد شمّس ناسا من النّبط فى الجزية ، فقال له هشام : ما هذا يا عياض! إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إن الله يعذّب الذين يعذبون الناس فى الدنيا» رواه مسلم فى صحيحه.

وحمص إنما فتحت بعد أجنادين بزمان طويل. انتهى.

١٨١

٢٦٣٩ ـ هشام بن أبى حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومى القرشى :

كان ممن هاجر إلى الحبشة ، فى قول ابن إسحاق ، والواقدى ، إلا أن الواقدى كان يقول : هاشم بن أبى حذيفة ، ويقول : هشام ، وهم ممن قاله. ولم يذكره موسى بن عقبة ، ولا أبو معشر ، فيمن هاجر إلى أرض الحبشة.

٢٦٤٠ ـ هشام بن سليمان بن عكرمة بن خالد بن العاص المخزومى :

روى عن : هشام بن عروة ، وابن جريج ، ويونس بن عبد الأعلى ، وجماعة.

روى عنه : أحمد بن محمد الأزرقى ، وسويد بن سعيد ، وعبد العزيز بن يحيى المكى ، ومحمد بن يحيى بن أبى عمر العدنىّ ، ويعقوب بن حميد بن كاسب ، وآخرون.

روى له مسلم (١) ، وابن ماجة (٢).

__________________

٢٦٣٩ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٧٠٩ ، الإصابة ترجمة ٨٩٨٣ ، أسد الغابة ترجمة ٥٣٧٣).

٢٦٤٠ ـ انظر ترجمته فى : (تهذيب الكمال ترجمة ٨٠٥٣ ، تهذيب التهذيب ترجمة ٢٠٢٣٣ ، تقريب التهذيب ترجمة ٣٢٢٢٩).

(١) روى له مسلم فى صحيحه كتاب الحج حديث رقم (١٢٢٩) من طريق : ابن أبى عمر ، حدثنا هشام بن سليمان المخزومى وعبد المجيد ، عن ابن جريج ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : حدثتنى حفصة رضى الله عنها أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمر أزواجه أن يحللن عام حجة الوداع ، قالت حفصة : فقلت : ما يمنعك أن تحل. قال : «إنى لبدت رأسى وقلدت هديى فلا أحل حتى أنحر هديى».

وروى له أيضا فى كتاب البيوع حديث رقم (١٥١٩) من طريق : ابن أبى عمر ، حدثنا هشام بن سليمان ، عن ابن جريج ، أخبرنى هشام القردوسى ، عن ابن سيرين ، قال : سمعت أبا هريرة يقول : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا تلقوا الجلب فمن تلقاه فاشترى منه فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار».

وروى له أيضا فى كتاب المساقاة حديث رقم (١٥٥٩) من طريق : ابن أبى عمر ، حدثنا هشام بن سليمان وهو ابن عكرمة بن خالد المخزومى ، عن ابن جريج ، حدثنى ابن أبى حسين أن أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أخبره أن عمر بن عبد العزيز حدثه عن حديث أبى بكر بن عبد الرحمن عن حديث أبى هريرة عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى الرجل الذى يعدم إذا وجد عنده المتاع ولم يفرقه أنه لصاحبه الذى باعه.

وروى له فى كتاب الأشربة حديث رقم (٢٠٠٣) ، وفى كتاب الحج حديث رقم (١٣٤١).

(٢) روى له ابن ماجة فى سننه كتاب المناسك حديث رقم (٢٨٩٧) من طريق : سويد بن سعيد ، حدثنا هشام بن سليمان القرشى ، عن ابن جريج ، قال : وأخبرنيه أيضا عن ابن ـ

١٨٢

قال أبو حاتم : محلّه الصدق ، مضطرب الحديث ، ما أرى به بأسا.

٢٦٤١ ـ هشام بن العاص بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى :

قال الزبير بن بكار : حدثنى محمد بن يحيى ، عن ابن أبى زريق ، مولى بنى مخزوم ، عن الأوقص محمد بن عبد الرحمن قاضى مكة ، عن خالد بن سلمة ، قال : لما كان يوم الفتح ، جاء هشام بن العاص بن هشام بن المغيرة ، إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فكشف ثوبه عن ظهره ، ثم وضع يده على خاتم النبوة. قال : فأخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بيده ، فأحاله ، فأقعده بين يديه ، ثم ضرب فى صدره ثلاثا ، ثم قال : «اللهم أذهب عنه الغلّ والحسد» ثلاثا. فكان الأوقص يقول : نحن أقل أصحابنا حسدا.

وذكر الزبير ، أن أمه وأم إخوته : خالد بن العاص والوليد بن العاص : عاتكة بنت الوليد بن المغيرة. انتهى.

وذكره الذهبى فى التجريد ، من مسلمة الفتح ، ودعا له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٢٦٤٢ ـ هشام بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم القرشى السهمى المكى:

أخو عمرو بن العاص ، ذكره الزبير بن بكار ، فقال : كان من أصحاب النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقتل يوم أجنادين شهيدا ، وأمه : أم حرملة بنت هشام بن المغيرة. قال الزبير : وحدثنى محمد بن سلام ، قال : كان هشام بن العاص ، مع أخيه عمرو بالشام ، فى خلافة عمر بن الخطاب ، فلقوا العدو فى مضيق ، فقتل هشام بين الصفّين ، فأمسك المسلمون عن الإقدام عليه بخيولهم ، ولم يقدروا على أخذه ، فقال عمرو بن العاص : إنه جسد بلا روح فيه ، فأوطئوه ، فلما انجلت المعركة ، جمعه عمرو فى ثوب ، بعد ما قطعته الحوافر ، ودفنه.

__________________

ـ عطاء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «الزاد والراحلة يعنى قوله : من استطاع إليه سبيلا».

٢٦٤١ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٧١٣ ، الإصابة ترجمة ٨٩٨٧ ، أسد الغابة ترجمة ٥٣٧٨ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ١٢١ ، الجرح والتعديل ٩ / ٦٨ ، الطبقات الكبرى ١ / ١٢٧).

٢٦٤٢ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٧١٢ ، الإصابة ترجمة ٨٩٨٦ ، أسد الغابة ترجمة ٥٣٧٧ ، تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٢ / ١٣٧ ، تاريخ الإسلام ١ / ٣٨٢ ، طبقات ابن سعد ٤ / ١٩١ ، نسب قريش ٤٠٩ ، طبقات خليفة ١٤٨ و ٢٨٢١ ، المحبر ٤٣٣ ، الجرح والتعديل ٩ / ٦٣ ، جمهرة أنساب العرب ١٦٣).

١٨٣

فلما كان بعد ذلك ، ورجع عمرو إلى مكة ، دخل المسجد للطواف ، فمرّ بمجلس من قريش ، فنظروا إليه وتكلموا ، فقال لهم : قد رأيتكم تكلمتم حين رأيتمونى ، فما قلتم؟ قالوا : تكلمنا فيك ، وفى أخيك هشام ، أيّكما أفضل؟ قال : أفرغ من طوافى وأخبركم.

فلما انصرف من طوافه ، أتاهم ، فقال : أخبركم عنى وعنه ، بيننا خصال ثلاث : أمه بنت هشام بن المغيرة ، وأمى أمى. وكان أحبّ إلى أبيه منى ، وفراسة الوالد فى ولده فراسته ، واستبقنا إلى الله عزوجل ، فسبقنى.

وذكره ابن عبد البر فقال : كان قديم الإسلام ، أسلم بمكة ، وهاجر إلى أرض الحبشة ، ثم قدم مكة حين بلغه مهاجرة النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فحسبه أبوه وقومه بمكة ، حتى قدم بعد الخندق على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان أصغر سنّا من أخيه عمرو ، وكان فاضلا خيرا ، ثم ذكر قول عمرو بن العاص فيه ، حين سئل عنه بزيادة ، وهو أنه قال بعد قوله : واستبقنا إلى الله تعالى فسبقنى : أمسك علىّ السترة حتى تطهّرت ، وتحفظت. ثم أمسكت عليه ، حتى فعل مثل ذلك ، ثم عرضنا أنفسنا على الله تعالى ، فقبله وتركنى.

ثم قال : وقال الواقدى : حدثنا عبد الملك بن وهب ، عن جعفر بن يعيش ، عن الزهرى ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، قال : حدثنى من حضر أن هشام بن العاص قال : ضربت رجلا من غسان ، فأبدى منحره ، فكرّت غسان على هشام ، فضربوه بأسيافهم حتى قتلوه ، فلقد وطئته الخيل ، حتى كرّ عليهم عمرو ، فجمع لحمه فدفنه ، قال : وحدثنى ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، قال : لما انهزمت الروم يوم أجنادين ، انتهوا إلى موضع لا يعبره إلا إنسان إنسان ، فجعلت الروم تقاتل عليه ، وقد تقدموه وعبروه ، فتقدم هشام بن العاص ، فقاتلهم حتى قتل ، ووقع على تلك الثّلمة فسدّها ، فلما انتهى المسلمون إليها ، هابوا أن يوطئوه الخيل ، فقال عمرو بن العاص : أيها الناس ، إن الله استشهده ، ورفع روحه ، وإنما هى جثة ، فأوطئوه الخيل ، ثم أوطأه هو ، ثم تبعه الناس حتى قطّعوه ، فلما انتهت الهزيمة ، ورجع المسلمون إلى العسكر ، كرّ إليه عمرو ، فجعل يجمع لحمه وأعضاءه وعظامه ، ثم حمله فى نطع ، فواراه.

روى عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أنه قال : «ابنا العاص مؤمنان : عمرو وهشام». رواه محمد بن عمرو ، عن أبى سلمة ، عن أبى هريرة ، عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : وقتل هشام بن العاص بالشام يوم أجنادين ، فى خلافة أبى بكر ، سنة ثلاث عشرة. وروى ابن المبارك عن أهل الشام ، أنه استشهد يوم اليرموك. انتهى.

١٨٤

٢٦٤٣ ـ هشام بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى ابن كلاب القرشى العبشمى ، أبو حذيفة :

يأتى فى الكنى للخلاف فى اسمه ، هل هو : هشام ، أو هشيم ، أو مهشم.

٢٦٤٤ ـ هشام بن عمرو بن ربيعة بن الحارث العامرى :

[قال ابن عبد البر : لا أعرفه بأكثر من أنه معدود عندهم فى المؤلفة قلوبهم ، ومن عدّ هذا ومثله بلغهم أربعين رجلا](١).

٢٦٤٥ ـ هشام بن أبى حذيفة ، واسم أبى حذيفة على ما ذكر الزبير : مهشّم ، ابن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى :

قال الزبير بن بكار ، لما ذكر ولد أبى حذيفة بن المغيرة : وهشام بن أبى حذيفة ، هاجر إلى أرض الحبشة. وذكر أن أمه ، وأم أخيه أبى أمية بن أبى حذيفة ، الذى أسر يوم بدر ، وقتل يوم أحد كافرا : أمّ حذيفة بنت أسد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.

٢٦٤٦ ـ هشام بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى :

أخو خالد بن الوليد ، ذكره ابن عبد البر وقال : من المؤلفة قلوبهم. وفى ذلك نظر.

٢٦٤٧ ـ هشام بن يحيى [.......](١) :

٢٦٤٨ ـ هشام مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

روى عنه أبو الزبير ، عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : جاء رجل إلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : يا رسول

__________________

٢٦٤٣ ـ سبق ذكره للاختلاف فى اسمه فى باب مهشم فى الترجمة رقم (٢٥٣٧) ، وسيأتى ذكره فى باب هشيم الترجمة رقم ٢٦٤٩ ، وباب الكنى فى اسم أبو حذيفة الترجمة رقم (٢٨٥٦).

٢٦٤٤ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٧١٥ ، الإصابة ترجمة ٨٩٩٢ ، أسد الغابة ترجمة ٥٣٨١).

(١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل ، وما أوردناه من الاستيعاب.

٢٦٤٥ ـ سبق ترجمته فى هذا الجزء فى الترجمة رقم (٢٦٣٩).

٢٦٤٦ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٧١٦ ، الإصابة ترجمة ٨٩٩٤ ، أسد الغابة ترجمة ٥٣٨٤).

٢٦٤٧ ـ (١) لم يذكر سوى الاسم فقط والباقى بياض فى الأصل.

٢٦٤٨ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٧١٧ ، الإصابة ترجمة ٨٩٩٦ ، أسد الغابة ترجمة ٥٣٧٥ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ١٢٠).

١٨٥

الله ، إن امرأتى لا تردّ يد لامس ، قال : «طلقّها». قال : إنها تعجبنى. قال : «فاستمتع بها»!.

٢٦٤٩ ـ هشيم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشى العبشمى ، أبو حذيفة:

ذكره الذهبى بمعنى ذلك. وقال : كذا سماه ابن سعد ، ويأتى فى الكنى.

٢٦٥٠ ـ هند بن أبى هالة التميمى :

وقد تقدم نسبه فى ترجمة أخيه هالة بن أبى هالة ، وما فيه من الاختلاف ، فأغنى ذلك عن إعادته.

قال الزبير : وهند وهالة : ابنا أبى هالة ، مالك بن نبّاش بن زرارة ، إخوة ولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، من خديجة بنت خويلد من أمهم. قال الزبير : وحدثنى حماد بن نافع ، قال :سمعت سليمان المكى يقول : كان يقال فى الجاهلية : والله لأنت أعز من آل النباش ، وأشار بيده إلى دور حول المسجد ، فقال : هذه كانت رباعهم. فولد هند بن أبى هالة : هند بن هند ، وقتل هند بن أبى هالة ، مع على يوم الجمل.

قال ابن عبد البر : وكان هند بن أبى هالة فصيحا بليغا وصّافا ، وصف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأحسن وأتقن. وقد شرح أبو عبيد ، وابن قتيبة وصفه ذلك ، لما فيه من الفصاحة وفوائد اللغة. وروى عنه أهل البصرة حديثا واحدا. انتهى.

وحديثه هذا ، هو حديثه الذى وصف فيه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقد وقع لنا عاليا.

٢٦٥١ ـ هنيدة بن خالد الخزاعى :

له صحبة ، روى عنه أبو إسحاق السبيعى. ذكره هكذا ابن عبد البر.

__________________

٢٦٤٩ ـ سبق ذكره للاختلاف فى اسم فى باب مهشم الترجمة رقم (٢٥٣٧) ، وباب هشام الترجمة رقم (٢٦٤٣) ، وسيأتى ذكره فى باب الكنى فى اسم أبو حذيفة الترجمة رقم (٢٨٥٦).

٢٦٥٠ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٧٢٨ ، الإصابة ترجمة ٩٠٢٧ ، أسد الغابة ترجمة ٥٤١١ ، أنساب الأشراف ١ / ٥٠٦ ، الثقات ٣ / ٤٣٦ ، الكامل ٧ / ٢٥٩٤ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ١٢٣ ، تقريب التهذيب ٢ / ٣٢٢ ، تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ١٤١ ، تهذيب التهذيب ١١ / ٧٢ ، الطبقات الكبرى ١ / ٤٢٢ ، تاريخ الإسلام ٢ / ٢٦٥ ، تاريخ من دفن بالعراق ٤٧٢ ، تاريخ الإسلام ٣ / ٢٢٠ ، تهذيب الكمال ٣ / ١٤٥٠ ، التاريخ الكبير ٨ / ٢٤٠ ، تلقيح فهوم أهل الأثر ٣٨٥ ، الطبقات ٤٣ ، ١٧٩ ، معجم الثقات ٣٥٦ ، بقى ابن مخلد ٥٩٨ ، المعرفة والتاريخ ٣ / ٢٨٤ ، ٢٨٨ ، جامع التحصيل ٣٦٤).

٢٦٥١ ـ انظر ترجمته فى : (تهذيب التهذيب ترجمة ٢٠٢٦٣ ، تقريب التهذيب ترجمة ٢٩٥٧٥ ، تهذيب الكمال ترجمة ٨٠٨٧).

١٨٦

وقال النووى فى «التهذيب» : هنيدة بن خالد ، الذى شهد عليا رضى الله عنه ، أقام على رجل حدا. وذكره فى «المهذب» فى باب إقامة الحدود ، وهو بالهاء فى آخره تصغير «هند» ، وهو خزاعى ، ويقال نخعى. وقال فى «المهذب». إنه كندى ، والمعروف ما سبق.

قال ابن أبى حاتم وغيره : كانت أم هنيدة هذا ، تحت عمر بن الخطاب ، ونزل هنيدة بالكوفة ، وذكره ابن عبد البر وابن مندة ، وأبو نعيم ، وغيرهم ، فى كتب الصحابة ، قالوا : واختلفوا فى صحبته. روى عنه أبو إسحاق السبيعى. انتهى.

٢٦٥٢ ـ هيّاج بن عبيد بن حسن الحطّينى ، أبو محمد الفقيه الزاهد ، فقيه الحرم وزاهده ، ومفتى أهل مكة :

سمع الحديث بدمشق وقيساريّة وبغداد ، سمع أبا الحسن على بن موسى السّمسار ، وعبد الرحمن بن عبد العزيز بن الطبر ، ومحمد بن عوف المدنى ، وجماعة ، بدمشق. وعلىّ ابن حمّصة بمصر ، وعبد العزيز الأزجىّ ببغداد وأبا ذرّ الهروى بمكة ، وغيرهم ، وحدّث.

روى عنه جماعة ، منهم : هبة الله الشيرازى فى «معجمه» وقال : أخبرنا هياج الزاهد الفقيه ، وما رأت عيناى مثله فى الزهد والورع. وروى عنه محمد بن طاهر المقدسى ، وقال : كان هياج فقيه الحرم. وقال ابن طاهر : كان هياج قد بلغ من زهده ، أنه يصوم ثلاثة أيام ، ويواصل ولا يفطر إلا على ماء زمزم ، وإذا كان آخر اليوم الثالث ، من أتاه بشىء أكله ولا يسأل عنه ، وكان نيف على الثمانين ، وكان يعتمر فى كل يوم ثلاث عمر على رجليه حافيا ، ويدرّس عدة دروس لأصحابه. وكان يزور عبد الله بن عباس رضى الله عنهما بالطائف ، كل سنة مرة ، يأكل بمكة أكلة ، ويأكل بالطائف أخرى.

وكان يزور النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم مع أهل مكة فى كل سنة ماشيا حافيا ، كان يتوقف إلى يوم الرحيل ، ثم يخرج ، فأول من أخذ بيده ، كان فى مؤونته إلى أن يرجع ، وكان يمشى حافيا من مكة إلى المدينة ذاهبا وراجعا ، ومنذ دخل الحرم ما لبس نعلا ، وكان زاهدا مجتهدا فى العبادة ، ولا يدخر شيئا لغد ، ولا يملك غير ثوب واحد ، يصوم الدهر ، ولا يفطر على الطعام إلا بعد ثلاثة أيام ، ويفطر على ماء زمزم وقت الإفطار ، ورزق الشهادة فى وقعة لأهل السنة ؛ وذلك أن بعض الروافض ، شكا إلى أمير مكة ـ يعنى ابن أبى هاشم ـ أن أهل السنة ينالون منا ويبغضونا ، فأنفذ وأخذ الشيخ هياجا وجماعة من أصحابه ، مثل أبى محمد الأنماطى ، وأبى الفضل بن قوام ، وغيرهما ، وضربهم ، فمات الاثنان فى الحال ، وحمل هيّاج إلى زاويته وبقى أياما ، ومات من ذلك رضى الله

١٨٧

عنه ، وذلك فى سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة ، وقد نيّف عمره على الثمانين.

وقال السمعانى : سألت إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ ، عن هياج بن عبيد ، فقال : كان فقيها زاهدا ، وأثنى عليه. انتهى.

والحطينى : نسبة إلى حطّين ، بحاء مهملة مكسورة ، ثم طاء مهملة ، بعدها ياء بنقطتين من تحت ، وبعدها نون : قرية من قرى الشام ، بين طبرية وعكا. قاله الإسنائى فى طبقاته.

وذكر الذهبى ، أن بها قبر شعيب عليه‌السلام فيما قيل. والله أعلم.

٢٦٥٣ ـ الهيثم بن معاوية العتكى :

أمير مكة والطائف ، قال ابن الأثير فى أخبار سنة إحدى وأربعين ومائة : فى هذه السنة ، عزل زياد بن عبيد الله الحارثى ، عن مكة والمدينة والطائف ، واستعمل على المدينة محمد بن خالد بن عبد الله القسرى ، فى رجب ، وعلى مكة والطائف الهيثم بن معاوية العتكىّ ، من أهل خراسان. ثم قال : وحجّ بالناس فى هذه السنة ، صالح بن على ابن عبد الله بن عباس.

ثم قال فى سنة اثنتين وأربعين ومائة : وحج بالناس إسماعيل بن على بن عبد الله ، وكان العمّال من تقدّم ذكرهم.

ثم قال فى سنة ثلاث وأربعين ومائة : وفيها عزل الهيثم بن معاوية عن مكة والطائف ، وولى ذلك السّرىّ بن عبد الله بن الحارث بن العباس ، وكان على اليمامة ، فسار إلى مكة واستعمل المنصور ، على اليمامة : قثم بن العباس بن عبيد الله بن العباس.

* * *

١٨٨

حرف الواو

٢٦٥٤ ـ واصل بن عيسى المكى المعروف بالزّباع :

أحد القواد المعروفين بالزّبابعة. كان وزير رميثة بن أبى نمىّ صاحب مكة. ودخل معه مكة لما هجمها فى ثامن عشرى رمضان ، سنة ست وثلاثين وسبعمائة على أخيه عطيفة بن أبى نمى ، وكان بها ، فقتل أصحاب عطيفة واصلا عند خرابة قريش ، ودفن فى طريق وادى مرّ الظهران.

٢٦٥٥ ـ واصل بن واصل بن شميلة بن أبى نمىّ محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة الحسنى المكى :

كان من أعيان الأشراف ، توفى مقتولا فى الثالث عشر ، أو الرابع عشر ، من ربيع الأول سنة ثمان وتسعين وسبعمائة ، قتله القواد العمرة ، لأن الأشراف كانوا أغاروا على إبل لهم قبل ذلك ، فى ثانى عشر الشهر ، وانتهبوها ، فلحقهم القواد فى التاريخ الذى ذكرناه ، وقتلوه مع غيره.

٢٦٥٦ ـ واصلة بن حباب القرشى :

إنما هو واثلة بن الخطاب ، صحّفه بعضهم ، فإن صاحبه ، هو مجاهد بن فرقد المذكور ، والمتن واحد. ذكره هكذا الذهبى فى التجريد.

٢٦٥٦ ـ واقد بن عبيد الله بن عبد مناف بن عرين بن ثعلبة بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم التميمى :

كان حليفا للخطاب بن نفيل العدوى ، أسلم قبل دخول النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم دار الأرقم ، وآخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بينه وبين بشر بن البراء بن ممرور ، وخرج واقد مع عبد الله بن جحش ، حين بعثه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى نخلة ، فقتل واقد عمرو بن الحضرمى ، وكان عمرو خارجا إلى نحو العراق ، فبعث المشركون إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إنكم تعظمون هذا الشهر الحرام ، وتزعمون أن القتال فيه لا يصلح ، فما بال صاحبكم قتل صاحبنا؟ فأنزل الله عزوجل: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) [البقرة : ٢١٧] الآية.

__________________

٢٦٥٧ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٧٤٣ ، الإصابة ترجمة ٩١١٧ ، أسد الغابة ترجمة ٥٤٤٠).

١٨٩

وواقد هذا ، أول قاتل من المسلمين ، وعمرو بن الحضرمى أول قتيل من المشركين فى الإسلام. وشهد واقد بن عبد الله بدرا وأحدا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وتوفى فى خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنه.

وفى قتل واقد اليربوعى هذا عمرو بن الحضرمى ، قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه(١) [من الطويل] :

سقينا من ابن الحضرمى رماحنا

بنخلة لما أوقد الحرب واقد

٢٦٥٨ ـ واقد مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

روى عنه زاذان قوله : «من أطاع الله فقد ذكره ، وإن قلّت صلاته وصيامه وتلاوته القرآن ، ومن عصى الله فلم يذكره ، وإن كثرت صلاته وصيامه وتلاوته القرآن».

٢٦٥٩ ـ وبر ، وقيل وبرة ، بن يحنّس الخزاعى (١) :

له صحبة. روى عن النعمان بن بزرج ، ذكره هكذا الذهبى فى التجريد.

٢٦٦٠ ـ وحشىّ بن حرب الحبشى القرشى ، مولاهم ، المكى :

أسلم يوم الفتح ، وشهد اليمامة ، وقتل مسيلمة الكذاب ، وكان يقول : قتلت خير الناس : حمزة بن عبد المطلب ، وشر الناس : مسيلمة. ثم قدم الشام ، وسكن حمص.

وروى عنه : ابنه حرب ، وعبد الله بن عدى.

__________________

(١) انظر البيت فى : الاستيعاب ترجمة ٢٧٤٣.

٢٦٥٨ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٧٤٤ ، الإصابة ترجمة ٩١١٨ ، أسد الغابة ترجمة ٥٤٣٨ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ١٢٦).

٢٦٥٩ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٧٤٥ ، الإصابة ترجمة ٩١٢٤ ، أسد الغابة ترجمة ٥٤٤٧ ، طبقات فقهاء اليمن ٢٦ ، ٤٩).

(١) قال ابن عبد البر فى الاستيعاب : وبرة بن يحنس. ويقال : ابن محصن الخزاعى.

٢٦٦٠ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٧٦٨ ، الإصابة ترجمة ٩١٢٩ ، أسد الغابة ترجمة ٥٤٤٩ ، الثقات ٣ / ٤٣٠ ، الاستبصار ٨١ ، طبقات فقهاء اليمن ٥٦ ، الرياض المستطابة ٢٦٦ ، تقريب التهذيب ٢ / ٣٣٠ ، تلقيح فهوم أهل الأثر ٣٧٣ ، الجرح والتعديل ٩ / ١٤٥ ، الأعلام ٨ / ١١١ ، التاريخ الكبير ٨ / ١٨٠ ، الأنساب ١١ / ١١١ ، ١١٢ ، الميزان ٤ / ٣٣١ ، الأنساب ١٣ / ٢٨٩ ، لسان الميزان ٧ / ٤٢٤ ، الطبقات الكبرى ٢ / ٤٢ ، البداية والنهاية ٤ / ٢٠ ، تاريخ الثقات ٤٦٤ ، بقى بن مخلد ٣٢٠ ، ذيل الكاشف ١٤٣٦ ، مشاهير علماء الأمصار ٣٥٦).

١٩٠

وروى له : البخارى ، وأبو داود ، والترمذى ، رحمة الله عليهم.

٢٦٦١ ـ وداعة بن أبى وداعة السهمى :

له وفادة ، فى إسناد حديثه مقال ، تفرّد به ابن الكلبى. ذكره هكذا الذهبى فى التجريد.

٢٦٦٢ ـ ودىّ بن أحمد بن سنان بن عبد الله بن عمر بن مسعود العمرى المكى :

كان أحد أعيان القواد العمرة ، توفى مقتولا فى ليلة الثالث عشر أو الرابع عشر ، من شهر ربيع الأول ، سنة سبع وتسعين وسبعمائة ، بمكان يقال له الشّعيبة ، قتله الأشراف آل أبى نمى مع غيره ، لما بيّتهم الأشراف ، ونهبوا أيضا إبلا لهم كثيرة.

٢٦٦٣ ـ ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزّى بن قصى بن كلاب القرشى الأسدى المكى:

قال ابن مندة : اختلف فى إسلامه ، والأظهر أنه مات قبل الرسالة ، وبعد النبوة. انتهى.

وقد ذكر الزبير بن بكار شيئا من خبره ، ورأيت أن أذكره لما فيه من الفائدة ، قال : ومن ولد نوفل بن أسد : ورقة وصفوان ، أمهما : هند بنت أبى كثير بن عبد بن قصى. قال : فأما ورقة ، فلم يعقب ، وكان قد كره عبادة الأوثان ، وطلب الدين فى الآفاق ، وقرأ الكتب ، وكانت خديجة بنت خويلد ، تسأله عن أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فيقول لها : ما أراه إلا نبى هذه الأمة ، الذى بشر به موسى وعيسى.

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا تسبّوا ورقة ، فإنى أريته فى ثياب بيض». قال الزبير : حدثنى عبد الله بن معاذ الصنعانى ، عن معمر ، عن الزهرى ، عن عروة بن الزبير ، قال : سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عن ورقة بن نوفل ، كما بلغنا ، فقال : «رأيته فى المنام عليه ثياب بيض ، فقد أظن أنه لو كان من أهل النار ، لم أر عليه البياض» وقال : حدثنى عمى مصعب بن عبد الله ، قال : حدثنى الضحاك بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبى الزناد ، عن هشام بن عروة ، أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال لأخى ورقة بن نوفل : عدى بن نوفل ، أو لابن أخيه : أشعرت أنى قد رأيت لورقة جنة أو جنتين» شكّ هشام. قال عروة : ونهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن سب ورقة.

وقال الزبير : حدثنى عمى مصعب بن عبد الله ، قال : حدثنى الضحاك بن عثمان ،

١٩١

عن عبد الرحمن بن أبى الزناد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه : أن خديجة بنت خويلد ، كانت تأتى ورقة ، بما يخبرها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه يأتيه ، فيقول ورقة : والله لئن كان ما يقول ، إنه ليأتيه الناموس الأكبر ، ناموس عيسى عليه‌السلام ، الذى ما يخبره أهل الكتاب إلا بثمن ، ولئن نطق وأنا حىّ ، لأبلينّ لله فيه بلاء حسنا.

وقال الزبير : حدثنى عمى مصعب بن عبد الله ، عن الضحاك بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبى الزناد ، قال : قال عروة : كان بلال لجارية من بنى جمح بن عمرو ، وكانوا يعذّبونه برمضاء مكة ، يلصقون ظهره بالرمضاء ، ليشرك بالله ، فيقول : «أحد أحد» ، فيمر عليه ورقة بن نوفل وهو على ذلك ، يقول : أحد أحد ، فيقول ورقة بن نوفل : «أحد أحد ، والله يا بلال. والله لئن قتلتموه لأتّخذنّه حنانا» كأنه يقول : لأتمسّحنّ به ، قال : وقال ورقة فى ذلك [من البسيط] :

لقد نصحت لأقوام وقلت لهم

أنا النذير فلا يغرركم أحد

لا تعبدنّ إلها غير خالقكم

فإن دعوكم فقولوا بيننا حدد (١)

سبحان ذى العرش سبحانا يعادله

ربّ البرية فرد واحد صمد (٢)

سبحانه ثم سبحانا يعود له

وقبل سبّحه الجودىّ والجمد

مسخّر كلّ ما تحت السماء له

لا ينبغى أن يساوى ملكه أحد (٣)

لا شىء مما ترى إلا بشاشته

يبقى الإله ويودى المال والولد (٤)

لم تغن عن هرمز يوما خزائنه

والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا

ولا سليمان إذ دان الشعوب له

والإنس والجن تجرى بينها البرد (٥)

انتهى.

__________________

٢٦٦٢ ـ (١) فى نسب قريش ٦ / ٢٠٨ :

لا تعبدن إلها غير خالقكم

فإن أبيتم فقولوا بيننا مدد

(٢) فى نسب قريش ٦ / ٢٠٨ :

سبحان ذى العرش لا شىء يعادله

رب البرية فرد واحد صمد

(٣) فى نسب قريش ٦ / ٢٠٨ :

مسخر كل من تحت السماء له

لا ينبغى أن يساوى ملكه أحد

(٤) فى نسب قريش ٦ / ٢٠٨ :

لا شىء مما ترى تبقى بشاشته

يبقى الإله ويودى المال والولد

(٥) فى نسب قريش :

ولا سليمان إذ دان الشعوب له

الجن والإنس تجرى بينها البرد

١٩٢

وفى هذا الخبر دلالة على أنه أدرك الإسلام ، والله أعلم.

* * *

من اسمه الوليد

٢٦٦٤ ـ الوليد بن عبد العزيز بن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكى :

هكذا نسبه ابن حبان ، وذكر أنه روى عن أبيه ، عن جده. وروى عنه أحمد بن محمد الأزرقى. قال : وكان ينزل بئر ميمون بمكة ، فى أصل ثبير ، على ثلاثة أميال مكة. انتهى.

٢٦٦٥ ـ الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى القرشى الأموى ، أبو العباس ، الخليفة :

كان ولى عهد أبيه ، وولى الخلافة بعده حتى مات ، وكانت مدة خلافته عشر سنين ، إلا أربعة أشهر ، وافتتح فى دولته الهند ، وبعض بلاد والترك ، وجزيرة الأندلس ، وغير ذلك. وله مآثر حسنة بمكة وغيرها.

فمن مآثره الحسنة : أنه حلى الكعبة بالذهب ، ورخّمها ، وهو أول من رخمها وحلاها فى الإسلام ، وجملة ما حلى به الكعبة ، ستة وثلاثون ألف دينار ، عملت فى أركانها وأساطينها ، وفى بابها وميزابها ، وعمر المسجد الحرام عمارة حسنة ، بعد أن نقض ما عمله أبوه فى المسجد الحرام ، وسقفه بالساج ، وعمل على رءوس الأساطين الذهب ، على صفائح ألبسه من الصفر ، وجعل فى وجوه الطيقان من أعلاها الفسيفساء ، وهو أول من عملها فيه ، وأول من نقل إليه أساطين الرخام ، وأزّر المسجد بالرخام من داخله. ومن مآثره بغير مكة : أنه وسّع مسجد النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالمدينة ، وزخرفه ، عمل ذلك له عامله على المدينة ، ابن عمه عمر بن عبد العزيز بن مروان رضى الله عنه. ومن مآثره الحسنة : عمارته لجامع دمشق ، وكان نصفه الذى ليس فيه محراب الصحابة ، كنيسة للنصارى ، فأرضاهم الوليد عنه بعدة كنائس ، وهدمه ، سوى حيطانه الأربعة ، وبقى العمل فيه تسع سنين ، حتى قيل إن الذين يعملون فيه ، اثنا عشر ألف مرخّم ، وغرم عليه مائة قنطار ، وأربعة وأربعين قنطارا بالدمشقى ذهبا مضروبا ، وحلاه أيضا بالجواهر وأستار الحرير ، وصار نزهة فى الدنيا. وهو أول من زخرف المساجد. وكان دميما سائل الأنف ، يختال فى مشيته ، قليل العلم. وكان يختم القرآن فى ثلاث. قال إبراهيم بن أبى عبلة : كان يختم فى رمضان سبع عشرة مرة. وكان يعطينى أكياس الدراهم ، أقسمها فى الصالحين.

١٩٣

ويحكى عن الوليد بن عبد الملك هذا ، أنه قال : لو لا أن الله تعالى ذكر اللواط فى كتابه ، ظننت أن أحدا يفعله.

توفى فى جمادى الآخرة سنة ست وتسعين ، عن خمسين سنة ، وترك أربعة عشر ولدا.

٢٦٦٦ ـ الوليد بن عبد شمس بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى المكى :

أسلم يوم فتح مكة ، واستشهد يوم اليمامة تحت لواء عمه خالد بن الوليد.

قال الزبير : وأمه قيلة بنت جحش بن ربيعة بن أهيب بن الضّباب بن حجير بن عبد ابن معيص بن عامر بن لؤى. وقال : قتل الوليد بن عبد شمس باليمامة شهيدا ، مع خالد ابن الوليد. انتهى.

٢٦٦٧ ـ الوليد بن عتبة بن أبى سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد مناف ابن قصى بن كلاب القرشى الأموى :

أمير مكة والمدينة ، ولى المدينة لمعاوية بن أبى سفيان ، وجاء نعى معاوية إلى المدينة ، وهو عليها وال ، على ما ذكر الزبير بن بكار ، وذكر له خيرا مع الحسين بن على بن أبى طالب ، وابن الزبير ، وحمد فيه الوليد ، ويرجى له ثوابه إن شاء الله تعالى. قال الزبير : وكان الوليد بن عتبة رجلا من بنى عتبة ، ولاه معاوية المدينة ، وكان حليما كريما ، وتوفى معاوية ، فقدم عليه رسول يزيد ، يأمره أن يأخذ البيعة على الحسين بن على ، وعلى عبد الله بن الزبير ، رضى عنهما ، فأرسل إليهما ليلا ، حين قدم عليه الرسول ، ولم يظهر عند الناس موت معاوية ، فقالا : نصبح ، ويجتمع الناس ، فنكون منهم. فقال له مروان : إن خرجا من عندك ، لم ترهما ، فنازعه ابن الزبير الكلام وتغالظا ، حتى قام كل واحد منهما إلى صاحبه ، فتناصيا ، وقام الوليد ، يحجز بينهما ، حتى خلص كل واحد منهما من صاحبه ، فأخذ عبد الله بن الزبير بيد الحسين ، وقال له : انطلق بنا ، فقاما ، وجعل ابن الزبير يتمثل بقول الشاعر [من الكامل] :

لا تحسبنّى يا مسافر شحمة

تعجّلها من جانب القدر جائع (١)

__________________

٢٦٦٦ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٧٤٩ ، الإصابة ترجمة ٩١٦٦ ، أسد الغابة ترجمة ٥٤٧٤).

٢٦٦٧ ـ (١) انظر نسب قريش ٤ / ١٣٣.

١٩٤

فأقبل مروان على الوليد بلومه ، ويقول : لا تراهما أبدا. فقال له الوليد : إنى قد أعلم ما تريد ، ما كنت لأسفك دماءهما ، ولا أقطع أرحامهما. انتهى.

وكان من خبر الوليد بعد ذلك ، أن يزيد بن معاوية بن أبى سفيان ، عزله عن المدينة ، لأنه نقم عليه ما فعله مع الحسين وابن الزبير ، من عدم إلزامه لهما بالبيعة له ، وإهما له لهما ، حتى خرجا من ليلتهما إلى مكة ، وامتنعا فيها من يزيد ، وولى يزيد المدينة ، عمرو ابن سعيد بن العاص ، المعروف بالأشدق ، عوض الوليد بن عتبة.

ذكر معنى ذلك ابن الأثير ، وذكر أن يزيد بن معاوية ، فى سنة إحدى وستين من الهجرة ، عزل عمرو بن سعيد عن المدينة ، وولاها الوليد بن عتبة مع الحجاز ، قال : وكان سبب ذلك ، أن عبد الله بن الزبير ، أظهر الخلاف على يزيد ، وبويع له بمكة بعد قتل الحسين بن على رضى الله عنهما. فقال الوليد بن عتبة ، وناس من بنى أمية ليزيد : لو شاء عمرو ، لأخذ ابن الزبير ، وسرح به إليك ، فعزل عمرا ، وولى الوليد الحجاز ، فأخذ الوليد غلمان عمرو ومواليه ، وحبسهم ، وكلمه عمرو فيهم ، فأبى أن يخليهم ، فسار عمرو عن المدينة ، وأرسل إلى غلمانه بعدتهم من الإبل ، فكسروا الحبس ، وركبوا إليه.

وذكر أن الوليد بن عتبة ، حج بالناس فى سنة إحدى وستين. وقال فى أخبار سنة اثنتين وستين : لما ولى الوليد الحجاز ، أقام يريد غرة ابن الزبير ، فلا يجده إلا محترزا ممتنعا. قال : وكان الوليد يفيض من المغرب ويفيض معه سائر الناس ، وابن الزبير واقف وأصحابه ، ونجدة واقف فى أصحابه. قال : ثم إن ابن الزبير عمل بالمكر فى أمر الوليد ، وكتب إلى يزيد : إنك بعثت إلينا رجلا أخرق ، لا يتجه لرشد ، ولا يرعوى لعصمة الحليم ، فلو بعثت رجلا سهل الخلق ، رجوت أن يسهل من الأمور ما استوعر منها ، وأن يجمع ما تفرق. فعزل يزيد الوليد ، وولى عثمان بن محمد بن أبى سفيان ، وهو فتى غر حدث ، لم يجرب الأمور ، ولم تحنّكه السن. وقال : حج بالناس فى هذه السنة ، الوليد بن عتبة. انتهى.

وذكر خليفة بن خياط : أن يزيد بن معاوية ، عزل الوليد بن عتبة بالحارث بن خالد المخزومى ، وهذا يخالف ما ذكره ابن الأثير ، من أن يزيد بن معاوية ، عزل الوليد بعثمان ، ويمكن الجمع ، أن يكون يزيد ، لما عزل الوليد بعثمان ، أعاد الوليد ثانيا ، لعدم كفاية عثمان ، كما سبق ، ثم عزل يزيد الوليد ثانيا ، بالحارث ، والله أعلم.

وذكر ابن الأثير : أن الوليد بن عتبة كان حيا فى اليوم الذى تسميه أهل الشام ، يوم

١٩٥

جيرون الأول ، وهو يوم كانت فيه فتنة بالشام ، وسببها : أن حسان بن مالك بن بحدل الكلبى ، كتب إلى الضحاك بن قيس ، داعية ابن الزبير بدمشق كتابا ، يثنى فيه على بنى أمية ، ويذم فيه ابن الزبير ، وكتب كتابا آخر مثله ، وأعطاه لمولى له ، وقال له : إن لم يقرأ الضحاك كتابى ، فاقرأ هذا على الناس ، فلم يقرأ الضحاك كتابه ، وقرأ مولى حسان على الناس الكتاب الذى معه. وكان الوليد حاضرا ، فقال الوليد : صدق حسان ، وكذب ابن الزبير ، وشتمه. فحصب الوليد مع من قال كقوله ، وحبسوا بأمر الضحاك ، فجاء خالد بن يزيد بن معاوية ، وأخوه عبد الله ، مع أخوالهما من كلب ، أصحاب حسان ، فأخرجوا الوليد. انتهى بالمعنى.

وهذه القصة كانت بعد موت معاوية بن يزيد بن معاوية ، وقبل مبايعة مروان بن الحكم بالشام.

وذكر المسعودى ما يخالف ذلك ، لأنه ذكر : أن الوليد صلى على معاوية بن يزيد ، فلما كبر الثانية ، طعن فسقط ميتا ، قبل تمام الصلاة. وذكر ابن الأثير : أن الوليد صلى على معاوية ، ثم مات فى يومه الذى مات فيه معاوية ، عن طاعون أصابه. ومقتضى ما ذكره المسعودى ، من أن الوليد توفى فى اليوم الذى مات فيه معاوية ، أن تكون وفاة الوليد فى النصف الثانى من شهر ربيع الآخر ، سنة أربع وستين ، لأن فى هذا التاريخ مات معاوية بن يزيد بن معاوية ، بعد أن ولى الخلافة عوض أبيه ، وهذا ينبنى على القول ، بأن خلافة معاوية بن يزيد أربعين يوما ، وأما على القول بأن خلافته شهران ، فتكون وفاة الوليد فى العشر الأوسط من جمادى الأولى. وأما على القول بأنها ثلاثة أشهر ، فتكون وفاة الوليد ، فى العشر الأوسط من جمادى الآخرة. وهذا كله إنما يتم على القول ، بأن وفاة يزيد بن معاوية ، فى شهر ربيع الأول من سنة أربع وستين. وأما على القول بأنها لسبع عشرة خلت من صفر ، فلا يتم ذلك ، والله أعلم بالصواب.

وجزم الذهبى فى «العبر» ، بوفاته فى سنة أربع وستين مطعونا. وقال : كان جوادا ممدحا دينا.

وذكر بعضهم : أن الوليد لم يتقدم للصلاة على معاوية بن يزيد ، إلا لبيعته للخلافة بعده.

وذكر ابن إسحاق وغيره من أهل الأخبار ، خبرا جرى بين الوليد بن عتبة ، والحسين ابن على بن أبى طالب. ونص الخبر على ما ذكر ابن إسحاق : وحدثنى يزيد بن عبد الله ابن أسامة بن الهاد الليثى : أن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمى ، حدثه أنه كان بين

١٩٦

الحسين بن على بن أبى طالب ، وبين الوليد بن عتبة بن أبى سفيان ـ والوليد يومئذ أمير المدينة ، أمره عليها عمه معاوية بن أبى سفيان ـ منازعة فى مال كان بينهما بذى المروة فكان الوليد تحامل على الحسين فى حقه لسلطانه ، فقال له الحسين : أحلف بالله لتنصفنى من حقّى ، أو لآخذنّ سيفى ، ثم لأقومّن فى مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم لأدعونّ بحلف الفضول ، قال : فقال عبد الله بن الزبير ـ وهو عند الوليد حين قال له الحسين ما قال ـ : وأنا أحلف بالله ، لئن دعا به ، لآخذن سيفى ، ثم لأقومن معه ، حتى ينصف من حقه ، أو نموت جميعا. قال : وبلغت المسور بن مخرمة بن نوفل الزهرى ، فقال مثل ذلك. وبلغت عبد الرحمن بن عثمان بن عبد الله التيمى ، فقال مثل ذلك ، فلما بلغ ذلك الوليد بن عتبة ، أنصف حسينا من حقه ، حتى رضى. انتهى.

وذكر ابن حبان الوليد بن عتبة فى الطبقة الثانية من الثقات ، وقال : يروى عن ابن عباس. روى عنه محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمى.

وذكر الزبير بن بكار ، أن أمّ الوليد : بنت عبد بن زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر مالك بن حسل القرشى العامرى. وذكر له عدة أولاد ، وهم : عثمان ، ومحمدا وهندا ، وأم عمر وأم الوليد تزوّجها سليمان بن عبد الملك ، وأمهم : أم حجير بنت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، والقاسم بن الوليد ، وأمّه لبابة بنت عبد الله بن العباس ، والحصين بن الوليد ، وأمّه : رملة بنت سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص. وأبو بكر بن الوليد ، وعتبة بن الوليد ، لأمّ ولد.

٢٦٦٨ ـ الوليد بن عروة بن محمد بن عطية بن عروة السعدى :

أمير مكة ، ذكر ابن جرير ، أنه كان عامل مكة والمدينة والطائف ، من قبل عمه عبد الملك بن محمد بن عطية بن عروة ، فى سنة إحدى وثلاثين ومائة ، وحجّ بالناس فيها. وذكر أن هذا يخالف لما تقدّم فى أخبار سنة ثلاثين ومائة ، من أن عمه قتل فى سنة ثلاثين. ويمكن أن يكون عمه ولاه ذلك ، فى سنة ثلاثين ومائة ، وأقرّه على ذلك بعد قتل عمه مروان الخليفة الأموى ، وينتفى بذلك التعارض الذى أشار إليه ابن جرير ، والله أعلم. ولا يعارض هذا ما ذكره ابن جرير ، من أن عبد الملك بن محمد بن عطية السعدى ، لما توجه لليمن من مكة فى سنة ثلاثين ومائة ، استخلف على مكة ابن ماعز ، رجل من أهل الشام ، لإمكان أن يكون عبد الملك عزل ابن ماعز بعد أن ولاه ، ثم ولى عوضه ابن أخيه الوليد ، ثم قتل عبد الملك بعد توليته لابن أخيه ، ثم أقرّ الخليفة ابن أخيه. والله أعلم.

١٩٧

ودامت ولاية الوليد بن عروة على مكة ، إلى انقضاء ولاية مروان ، فى سنة اثنتين وثلاثين ومائة ، ولما سمع بقدوم داود بن على العباسى إلى مكة ، بعد مصير الخلافة لابن أخيه أبى العباس السفاح ، هرب منه الوليد إلى اليمن ، لأنه أيقن بالهلكة ، بسبب ما فعله مع سديف بن ميمون ، فإن سديفا كان يتكلم فى بنى أمية ويهجوهم ، ويخبر بأن دولة بنى هاشم قريبة ، وبلغ ذلك عنه الوليد بن عروة ، فتحيل ، حتى قبض على سديف وحبسه ، وجعل يجدله فى كل سبت مائة سوط ، كلما مضى سبت ، أخرجه وضربه مائة سوط ، حتى ضربه أسبتا. وما ذكرناه من فعل الوليد بسديف ، وهروبه إلى اليمن ، خوفا من داود بن على ، ذكره الفاكهى بمعنى ما ذكرناه.

٢٦٦٩ ـ الوليد بن عطاء بن الأغر :

شيخ مكى ، روى عن مسلم الزّنجى ، وعنه عبد الله بن شبيب ، ووثقه ، وشاذان ، والنضر بن سلمة. ذكره هكذا الذهبى فى الميزان. وقال : ذكره ابن عدى ، وما كان ينبغى له أن يورده ، فإنه وثّق ، ثم ساق له حديثا ، وبرّأ ابن عدى ساحته ، وقال : البلاء فيه من شاذان.

٢٦٧٠ ـ الوليد بن عقبة بن أبى معيط ، واسم أبى معيط : أبان بن أبى عمرو ، واسمه ذكوان، بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الأموى ، وأبو وهب :

قال ابن عبد البر : أسلم يوم الفتح ، هو وأخوه خالد بن عقبة ، وأظنه يومئذ كان قد ناهز الاحتلام ، وضعف ابن عبد البر الحديث المروى عن الوليد هذا ، فى أن أهل مكة ، لما فتح النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم مكة ، ظل أهلها يأتون بصبيانهم ، فيمسح على رءوسهم ، ويدعو لهم بالبركة ، وأنه أتى به إلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلم يمسح عليه من أجل الخلوق الذى خلّقته به أمه.

وذكر ابن عبد البر ، أن هذا الحديث منكر مضطرب لا يصح ، ولا يمكن ، واستدل على كونه لم يكن صبيا حين فتح مكة بأمرين ، أحدهما : ما ذكره الزبير وغيره من أهل العلم بالسير والخبر ، من أن الوليد ، وعمارة ابنى عقبة ، خرجا ليردّا أختهما أم كلثوم

__________________

٢٦٧٠ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٧٥٠ ، الإصابة ترجمة ٩١٦٧ ، أسد الغابة ترجمة ٥٤٧٥ ، طبقات ابن سعد ٦ / ٢٤ ، نسب قريش ١٣٨ ، طبقات خليفة ٧٥ ، المعارف ٣١٨ ، الجرح والتعديل ٩ / ٨ ، مروج الذهب ٣ / ٧٩ ، الأغانى ٥ / ١٢٢ ، جمهرة أنساب العرب ١١٥ ، تاريخ ابن عساكر ١٧ ، ٤٣٤ ، تذهيب التهذيب ٤ / ١٣٨ ، البداية والنهاية ٨ / ٢١٤ ، تهذيب التهذيب ١١ / ١٤٢).

١٩٨

عن الهجرة ، وكانت هجرتها فى الهدنة بين النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وبين أهل مكة ، والأمر الآخر : أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بعثه إلى بنى المصطلق مصدّقا ، فأخبر عنهم ، أنهم ارتدّوا عن الإسلام ، وأبوا من أداء الصدقة ، وذلك أنهم خرجوا إليه ، فهابهم ، ولم يعرف ما عندهم ، فانصرف عنهم ، وأخبر بما ذكرنا ، فبعث إليهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خالد بن الوليد ، وأمره أن يتثبت فيهم ، فأخبره أنهم متمسكون بالإسلام. قال ابن عبد البر : ولا يمكن أن يكون من بعث مصدّقا فى زمن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، صبيا يوم الفتح. انتهى.

وذكره محمد بن سعد فى الطبقة الرابعة ، وقال : يكنى أبا وهب ، أسلم يوم فتح مكة ، وبعثه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على صدقات بنى المصطلق ، وولاه عمر بن الخطاب رضى الله عنه صدقات بنى تغلب ، وولاه عثمان بن عفان رضى الله عنه الكوفة ، بعد سعد ابن أبى وقاص ، ولم يزل بالمدينة حتى بويع على رضى الله عنه ، فخرج إلى الرقة فنزلها ، واعتزل عليا ومعاوية ، فلم يكن مع واحد منهما ، حتى مات بالرقة ، فقبره بعين الرومية ، على خمسة عشر ميلا من الرقة ، وكانت ضيعة له ، فمات بها.

وقال ابن البرقى : وكان فى زمان النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم رجلا ، له حديث. انتهى.

وقال الزبير بن بكار : وكان من رجال قريش وشعرائهم ، وكان له سخاء ، استعمله عثمان رضى الله عنه على الكوفة ، فرفعوا عليه ، أنه شرب الخمر ، فعزله عثمان رضى الله عنه ، وجلده الحد ، وقال فيه الحطيئة يعذره [من الكامل](١) :

شهد الحطيئة يوم يلقى ربه

أن الوليد أحق بالعذر

خلعوا عنانك إذ جريت ولو

خلوا عنانك لم تزل تجرى

فزادوا فيها من غير قول الحطيئة :

نادى وقد تمت صلاتهم

أأزيدكم!! ثملا وما يدرى

ليزيدهم خيرا ولو فعلوا (٢)

لأتت صلاتهم على العشر

قال الزبير : وقال الوليد بن عقبة حين ضرب [من البسيط] :

__________________

(١) جاءت هذه الأبيات فى الاستيعاب هكذا :

شهد الحطيئة يوم يلقى ربه

أن الوليد أحق بالغدر

نادى وقد تمت صلاتهم

أأزيدكم سكرا وما يدرى

فأبوا أبا وهب ولو أذنوا

لقرنت بين الشفع والوتر

كفوا عنانك إذ جريت ولو

تركوا عنانك لم تزل تجرى

(٢) فى نسب قريش ٤ / ١٣٨ :

ليزيدهم خمرا ولو فعلوا

مرت هلاتهم على العشر

١٩٩

يا باعد الله ما بينى وبينكم

بنى أمية من قربى ومن نسب

من يكسب المال يحفر حول زبيته

وإن يكن سائلا مولاهم يخب (٣)

ثم قال : وخرج الوليد بن عقبة من الكوفة يرتاد منزلا ، حتى أتى الرقة ، فأعجبته ، فنزل على [.....](٤) وقال : منك المحشر ، فمات بها.

قال ابن عبد البر : ولا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن فيما علمت ، أن قوله عزوجل : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ) [الحجرات : ٦] نزلت فى الوليد بن عقبة. وذكر أن سبب ذلك ، ما حكاه الوليد عن بنى المصطلق. قال : ثم ولاه عثمان رضى الله عنه الكوفة ، وعزل عنها سعد بن أبى وقاص ، فلما قدم الوليد على سعد ، قال له سعد : والله ما أدرى ، أكست بعدنا أم حمقنا بعدك؟ فقال : لا تجزعن أبا إسحاق ، فإنما هو الملك ، يتغداه قوم ويتعشاه آخرون ، فقال سعد : أراكم والله ستجعلونها ملكا. قال : وروى جعفر بن سليمان ، عن هشام بن حسان ، عن ابن سيرين ، قال : لما قدم الوليد بن عقبة أميرا على الكوفة ، أتاه ابن مسعود ، فقال له : ما جاء بك؟ قال : جئت أميرا ، فقال ابن مسعود : ما أدرى أصلحت بعدنا أم فسد الناس؟. قال ابن عبد البر : وله أخبار فيها نكارة وشناعة ، تقطع على سوء حاله ، وقبح أفعاله ، غفر الله لنا وله ، فقد كان من رجال قريش ، ظرفا وحلما وشجاعة وأدبا ، وكان من الشعراء المطبوعين ، كان الأصمعى ، وأبو عبيدة ، وابن الكلبى ، وغيرهم ، يقولون : كان الوليد بن عقبة فاسقا شريب خمر ، وكان شاعرا كريما.

قال ابن عبد البر : أخباره كثيرة فى شربه الخمر ، ومنادمته أبا زبيد الطائى كثيرة مشهورة ، يسمج بنا ذكرها هنا ، ونذكر منها طرفا ذكره عمر بن شبّة ، قال : حدثنا هارون بن معروف ، قال : حدثنا ضمرة بن ربيعة ، عن ابن شوذب ، قال : صلى الوليد ابن عقبة بأهل الكوفة صلاة الصبح أربع ركعات ، ثم التفت إليهم فقال : أزيدكم؟ فقال عبد الله بن مسعود : ما زلنا معك فى زيادة منذ اليوم ، وذكر أن الحطيئة الشاعر قال فى ذلك (٥) [من الوافر] :

تكلّم فى الصلاة وزاد فيها

علانية وجاهر بالنفاق

__________________

(٣) انظر البيت فى نسب قريش ٤ / ١٣٩ :

(٤) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

(٥) انظر الأبيات فى الاستيعاب ترجمة ٢٧٥٠.

٢٠٠