العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٦

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٦

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٧٢

قال أبو حاتم : صالح الحديث. قال محمد بن سعد : أجمعوا أنه توفى سنة إحدى ومائة. ذكره ابن سعد فى طبقاته الصغرى فى الطبقة الثانية من التابعين المكيين. وذكر العجلى فى ثقاته. وقال الحافظ نور الدين الهيثمى فى ترتيب ثقات العجلى : مولى ابن عباس، مكى تابعى ثقة.

٢٥٢١ ـ مكثّر بن عيسى بن فليتة بن قاسم بن محمد بن جعفر الحسنى المكى :

وبقية نسبه تقدم فى ترجمة جده الأعلى محمد بن جعفر ، المعروف بابن أبى هاشم : أمير مكة.

كانت ولاية مكثر لمكة مدة سنين ، وكان يتداول إمرتها هو وأخوه داود السابق ذكره ، وقد خفى علينا مقدار مدة ولاية كل منهما ، مع كثير من حالهما ، وكانت إمرة مكة فيه وفى أخيه داود ، نحو ثلاثين سنة ، كما سيأتى إن شاء الله تعالى ذكره ، مع شىء من حالهما ، وبمكثر انقضت ولاية الهواشم من مكة ، ووليها بعده أبو عزيز قتادة ابن إدريس الحسنى المعروف بالنابغة ، صاحب مكة المقدم ذكره ، وذلك فى سنة سبع وتسعين وخمسمائة ، على ما ذكره الميورقى ، نقلا عن عثمان بن عبد الواحد العسقلانى المكى ، أو فى سنة ثمان وتسعين ، كما ذكر الذهبى فى «العبر» ، أو فى سنة تسع وتسعين وخمسمائة ، كما ذكر ابن محفوظ.

وأما ابتداء ولاية مكثّر على مكة ، فى سنة إحدى وسبعين وخمسمائة ، وذلك أنى وجدت بخط بعض المكيين ، أنه لما مات عيسى بن فليتة فى شعبان سنة سبعين وخمسمائة ، ولى إمرة مكة بعده ابنه داود ولىّ عهده ، فأحسن السيرة ، وعدل فى الرعية.

فلما كانت ليلة النصف من رجب ، سنة إحدى وسبعين وخمسمائة ، خرجت خوارج على داود ، ففارق منزله وسار فى بقية ليلته إلى وادى نخلة ، وولى أخوه مكثّر عوضه فى الحال ، ولم يتغيّر عليه أحد بشىء ، فلما كان ليلة النصف من شعبان ، قدم من اليمن إلى مكة شمس الدولة توران شاه بن أيوب ، أخو صلاح الدين يوسف بن أيوب ، قاصدا بلاد الشام ، فاجتمع به الأمير داود والأمير مكثر بالزاهر ظاهر مكة ، وأصلح بينهما.

فلما كان السابع من ذى الحجة سنة إحدى وسبعين ، وصل الخبر إلى مكة بأن أمير

__________________

٢٥٢١ ـ انظر ترجمته فى : (خلاصة الكلام ٢١ ـ ٢٣ ، ابن ظهيرة ٣٠٨ ، صبح الأعشى ٤ / ٢٧١ ، مرآة الجنان ٣ / ٤٩٤ الأعلام ٧ / ٢٨٤).

١٢١

الحاج طاشتكين ، وصل بعسكر كثير وسلاح وعدد من المنجنيقات والنّفّاطين وغير ذلك ، فجمع الأمير مكثر الشرف والعرب على قدر وسعه لضيق الوقت.

ولم يحج مكة إلا القليل ، وبات الحاج بعرفة ، ولم يبت بمزدلفة ، ولم يرم إلا جمرة العقبة، ولم ينزل منى ، ولا بات بها إلا ليلة ، ونزل الأبطح ، وقاتل فى نزوله الأبطح فى بقية يوم النحر ، وفى اليوم الثانى والثالث ، وقوى القتال على أهل مكة ، وأحرقت من دورها عدة دور ، ونهبت الدور التى على أطراف البلد من ناحية المعلاة.

وفى اليوم الرابع ، خرج مكثر من مكة ، بعد أن سلّم الحصن ـ يعنى الذى بناه على أبى قبيس ـ لأمير الحاج ، وسلّمت مكة إلى الأمير قاسم بن مهنا أمير المدينة ، وكان وصل صحبة أمير الحاج ، لأنه كان سافر فى هذه السنة إلى [.....](١) وإلى العراق ، وأقامت مكة بيد الأمير قاسم ثلاثة أيام ، ثم سلّمت للأمير داود ، بعد أن أخذ عليه ألا يغيّر شيئا مما شرط عليه ، من إسقاط المكوس وغير ذلك من الأرفاق ، وأمر أمير الحاج بهدم الحصن المشار إليه. انتهى بالمعنى.

وذكر ابن الأثير شيئا من خبر الفتنة التى بين أمير الحاج ومكثر المشار إليهما ، لأنه قال فى أخبار سنة إحدى وسبعين وخمسمائة : فى هذه السنة فى ذى الحجة ، كان بمكة حرب شديدة بين أمير الحاج طاشتكين ، وبين الأمير مكثر بن عيسى أمير مكة ، وكان الخليفة قد أمر أمير الحاج بعزل مكثر وإقامة داود مقامه ، وسبب ذلك ، أنه كان قد بنى قلعة على جبل أبى قبيس ، فلما سار الحاج من عرفات ، لم يبيتوا بالمزدلفة ، وإنما اجتازوا بها ، ولم يرموا الجمار ، إنما رمى بعضهم وهو سائر ، ونزلوا الأبطح ، فخرج إليهم ناس من أهل مكة فحاربوهم ، وقتل من الفريقين جماعة ، وصاح الناس : الفرار إلى مكة ، وهجموا عليها ، فهرب أمير مكة مكثر ، فصعد إلى القلعة التى بناها على جبل أبى قبيس ، فحصروه بها ، ففارقها وسار عن مكة ، وولى أخوه داود الإمارة بها ، ونهب كثير من الحجاج بمكة ، وأخذوا من أموال التجار المقيمين بها شيئا كثيرا ، وأحرقوا دورا كثيرة.

ومن أعجب ما جرى ، أن إنسانا زرّاقا ، ضرب دارا فيها بقارورة نفط فأحرقها ، وكانت لأيتام ، فأحرق ما فيها ، ثم أخذ قارورة أخرى ، فأتاه حجر فأصاب القارورة فكسرها ، فاحترق هو بها ، فبقى ثلاثة أيام يتعذّب بالحريق ، ثم مات.

وذكر ابن جبير فى «رحلته» شيئا من حال مكثر هذا ، فمن ذلك : أن خطيب مكة

__________________

(١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

١٢٢

كان يدعو لمكثر بعد الخليفة الناصر العباسى ، وقبل صلاح الدين يوسف بن أيوب صاحب الديار المصرية والشامية ، وذكر أن مكثرا ممن يعمل غير صالح ، ونال منه بسبب المكس الذى كان يؤخذ من الحجاج بجدّة ، إن لم يسلّموا بعيذاب ، وذكر أن هذا المكس كان سبعة دنانير ونصف دينار مصرية ، يؤخذ ذلك من كل إنسان بعيذاب ، فإن عجز عنه عوقب بأليم العذاب ، وربما اخترع له من أنواع العذاب التعليق بالأنثيين ، وغير ذلك. قال : وكان بجدّة أمثال هذا التنكيل وأضعافه ، لمن لم يؤدّ مكسه بعيذاب ، ووصل اسمه غير معلّم عليه علامة الأداء ، وكان ذلك مدة دولة العبيديين ، فمحا السلطان صلاح الدين هذا الرسم اللعين ، وكان لأمير مكة والمدينة ، وعوّض أمير مكة ألفى دينار ، وألفى أردب قمح ، وإقطاعات بصعيد مصر ، وجهة اليمن.

وذكر ابن جبير أيضا : أنهم لما وصلوا إلى جدّة ، أمسكوا حتى ورد أمر مكثر بأن يضمن الحاج بعضهم بعضا ، ويدخلوا إلى حرم الله تعالى ، فإن ورد المال والطعام اللذان برسمه من قبل صلاح الدين ، وإلا فهو لا يترك ماله عند الحجاج. انتهى.

وكان زوال هذه البدعة القبيحة ، على يد السلطان صلاح الدين ، فى سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة ، على ما ذكر أبو شامة «فى الروضتين فى أخبار الدولتين الصلاحية والنورية».

ووجدت بخط بعض أهل العصر ، مثال كتاب كتبه السلطان صلاح الدين يوسف ابن أيوب ، إلى الأمير مكثر هذا ، ينهاه فيه عن الجور ، ونص الكتاب : «بسم الله الرحمن الرحيم ، اعلم أيها الأمير الشريف ، أنه ما أزال نعمة عن أماكنها ، وأبرز الهمم عن مكامنها ، وأثار سهم النوائب عن كنانتها ، كالظلم الذى لا يعفو الله عن فاعله ، والجور الذى لا يفرق فى الإثم بين قائله وقابله ، فإما رهبت ذلك الحرم الشريف ، وأجللت ذلك المقام المنيف ، وإلا قوينا العزائم ، وأطلقنا الشكائم ، وكان الجواب ما تراه لا ما تقرأه ، وغير ذلك ، فإنا نهضنا إلى ثغر مكة المحروسة فى شهر جمادى الأخرى ، طالبين الأولى والأخرى ، فى جيش قد ملأ السهل والجبل ، وكظم على أنفاس الرياح ، فلم يتسلسل بين الأسل ، وذلك لكثرة الجيوش ، وسعادة الجموع ، وقد صارت عوامل الرماح تعطى فى بحار الدر» انتهى.

وتوفى مكثر فى سنة ستمائة ، على ما ذكر ابن محفوظ ، لأنه ذكر أن فى سنة سبع وتسعين وخمسمائة ، وصل حنظلة بن قتادة إلى مكة ، وخرج إلى نخلة ، وأقام بنخلة إلى أن مات فى سنة ستمائة.

١٢٣

وذكر بعضهم أنه مات سنة تسع وثمانين وخمسمائة ، وذكر بعضهم أنه مات سنة تسعين وخمسمائة ، وكلا القولين وهم ، والذى مات فى هذا التاريخ أخوه داود. والله أعلم. انتهى.

ومن أولاد مكثر : أحمد ، ومحمد ، وهنيدة ، وحسنة ، وكرانة ، وشميل.

٢٥٢٢ ـ مكى بن أبى حفص عمر بن أبى الخير نعمة بن يوسف بن سيف بن عساكر بن عسكر بن شبيب بن صالح بن محمود بن على بن نعمة بن راشد بن أبى العز بن رؤبة ، صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أبو الحرم الرّوبتى المقدسى الأصل ، المصرى الدار والمولد :

ذكره هكذا ابن مسدى فى «معجمه» وقال : جاور بمكة سنين ، ثم عاد إلى مصر ، وكان شيخا صالحا فيما علمت ، غير أنه كان مغفلا فيما رأيت ، سمع من والده القاضى أبى حفص ، ومن أبى محمد بن عبد الله بن برّى ، ومن أبى القاسم البوصيرى ، واختصّ بالحافظ أبى محمد عبد الغنى بن عبد الواحد المقدسى ، هذا الذى وقفت عليه ، وكان [.....](١) مصاحبا لأهل الرواية ، ذكر أنه قرأ «مقدمة» أبى الحسن بن بابشاذ ، على حفيد له ، فطعنوا عليه فى دعواه ، ونفوا وجود من أسماه ، وحسابه وحسابهم على الله ، غير أن الذى رأيت منه ، أنه كان متعاطيا للتأليف والتطريق ، من غير تمكن فى معرفة هذه الطريق. قيل له يوما : أعلى ما وقع لك من حديثك؟ فأخرج لهم أحاديث سمعها من أبى : [.....](١) التميمى ، عن رجل ، عن الفراوىّ ، وهذا يدلك على علمه وفهمه [.....](١) ثابتة فى الأصول ، وفى صحيح المنقول.

توفى رحمه‌الله فى الموفّى عشرين من جمادى الآخرة ، سنة أربع وثلاثين وستمائة. وأخبرنى أن مولده فى شعبان من سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.

٢٥٢٣ ـ المنذر بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قصى ابن كلاب القرشى الأسدى :

أمه أسماء بنت أبى بكر الصديق رضى الله عنهما [....](١)

ذكر الزبير بن بكار شيئا من خبره فقال : فحدثنى مصعب بن عثمان ، أن المنذر بن الزبير ، غاضب عبد الله بن الزبير ، فخرج إلى الكوفة ، ثم قدم على معاوية قبل وفاته ،

__________________

٢٥٢٢ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢٥٢٣ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

١٢٤

فأجازه بألف ألف درهم ، وأقطعه موضع داره بالبصرة ، بالكلّاء ، التى تعرف بالزبير ، وأقطعه موضع ماله بالبصرة التى تعرف بمنذران ، فمات معاوية وهو عنده ، قبل أن يقبض جائزته ، وأوصى معاوية أن يدخل المنذر فى قبره ، فكان أحد من نزل فى قبر معاوية.

فلما أراد يزيد بن معاوية أن يدفع إلى المنذر الجائزة التى أمر له بها معاوية ، قيل له : ما تصنع؟ تعطى المنذر هذا المال ، وأنت تتوقع خلاف أخيه لك ، فيعينه به عليك! فقال: أكره أن أردّ شيئا فعله أبى ، فقيل له : تعطيه إياه ، ثم استسلفه منه ، فإنه لا يردّك ، فدفعه إليه ثم استسلفه إياه فأسلفه.

وقال الزبير : قال : قال عمى مصعب بن عثمان : فكان ولد المنذر يقبضون ذلك المال بعد من ولد يزيد بن معاوية ، فأدركت صكّا فى كتب محمد بن المنذر ، بمائتى ألف درهم ، بقية ذلك المال. وكتب يزيد بن معاوية للمنذر بن الزبير : إلى عبيد الله بن زياد ، بإنفاذ قطائعه ، فأنفذها له عبيد الله ، وأقطعه زيادة فيها ، وورد على يزيد بن معاوية ، خلاف عبد الله بن الزبير له ، وإباؤه بيعته ، فكتب إلى عبيد الله بن زياد : إن عبد الله بن الزبير أبى البيعة وصار إلى الخلاف ، وقبلك أخوه المنذر ، فاستوثق منه ، وابعث به إلىّ. فورد كتابه بذلك على عبيد الله ، فأخبر المنذر بما كتب إليه يزيد ، وقال له : اخترمنى إحدى خلّتين ، إن شئت اشتملت عليك ، ثم كانت نفسى دون نفسك ، وإن شئت فاذهب حيث شئت ، وأنا أكتم الكتاب ثلاث ليال ثم أظهره ، ثم أطلبك ، فإن ظفرت بك ، بعثت بك إليه. فاختار أن يكتم عنه الكتاب ثلاثا ، ففعل ، وخرج المنذر ، فأصبح بمكة صبح ثامنة من الليالى ، فقال بعض من يرجز معه :

قاسين قبل الصّبح ليلا منكرا

حتى إذا الصبح انجلى فأسفرا

أصبحن صرعى بالكثيب حسّرا

لو يتكلّمن شكون المنذرا (٢)

فسمع عبد الله بن الزبير صوت المنذر على الصفا ـ وابن الزبير فى المسجد الحرام ـ فقال : هذا أبو عثمان ، جاشته إليكم الحرب. ثم تمثل [من الطويل] :

حررت على راجى الهوادة منهم

وقد يلحق المولى العنود الجرائر (٣)

__________________

(٢) فى نسب قريش ٧ / ٢٤٥ :

تركن بالرمل قياما ماحرا

لو يتكلن اشتكين المنذرا

(٣) فى نسب قريش ٧ / ٢٤٥ :

جنيت على باغى الهوادة منهم

وقد تلحق المولى العنود الجرائر

١٢٥

قال الزبير : وحدثنى محمد بن الضحاك الحزامى ، قال : كان المنذر بن الزبير ، وعثمان ابن عبد الله بن حكيم بن حزام ، يقاتلان أهل الشام بالنهار ، ويطعمانهم بالليل. وقال الزبير : حدثنى محمد بن الضحاك ، قال : كان منذر بن الزبير يقاتل مع أخيه عبد الله بن الزبير جيش الحصين بن نمير فى الحصار الأول ، ويرتجز ويقول :

يأبى الحواريّون إلا وردا

من يقتل اليوم يزوّد حمدا (٤)

قال : سمعت أنه يقول :

يأبى بنو العوام إلا وردا

قال : وجعل يقاتل يوم قتل ، ويقول [من الرجز] :

لم يبق إلا حسبى ودينى

وصارم تلتذّه يمينى

وهو على أبى قبيس ، مختب فى المسجد الحرام ينظر إليه ، ويقول ، ابن الزبير ـ وهو لا يسمع رجز المنذر ـ : هذا رجل يقاتل عن حسبه ودينه ، فقتل المنذر ، فما زاد عبد الله ابن الزبير على أن قال : عطب أبو عثمان. قال الزبير : حدّثنى مصعب بن عثمان قال : قتل المنذر بن الزبير وهو ابن أربعين سنة. قال الزبير : وحدّثنى عبد الرحمن بن يحيى الفروىّ قال : قال رجل من العرب ـ وأسماه لى ، فذهب علىّ اسمه ـ يرثى المنذر بن الزبير ، ومصعب بن عبد الرحمن بن عوف [من الكامل] :

إن الإمام بن الزبير فإن أبى

فذروا الإمارة فى بنى الخطاب

لستم لها أهلا ولستم مثله

فى فضل سابقة وفصل خطاب

وغدا النّعىّ بمصعب وبمنذر

وكهول صدق سادة وشباب

قتلوا غداة قعيقعان وحبّذا

قتلاهم قتلى ومن أسلاب

أقسمت لو أنى شهدت فراقهم

لا خترت صحبتهم على الأصحاب

قتلوا حوارىّ النبى وحرّقوا

بيتا بمكّة طاهر الأثواب

وقالت بنت هبار بن الأسود ، فى قتل أخيها إسماعيل بن هبّار [من البسيط] :

قل لأبى بكر السّاعى بذمّته

ومنذر مثل ليث الغابة الضّارى

شدّا فدا لكما أمى وما ولدت

لا توصلنّ إلى المخزاة والعار

__________________

(٤) فى نسب قريش ٧ / ٢٤٥ :

يأبى بنو العوام إلا وردا

من يقتل اليوم يزود حمدا

١٢٦

٢٥٢٤ ـ منبوذ بن أبى سليمان المكىّ القرشى :

مولى بنى سلمة بن لؤى ، وقد قيل : منبوذ بن سليمان.

يروى عن الحجازيين. روى عنه ابن جريج ، وابن عيينة. هكذا ذكره ابن حبّان فى الطبقة الثالثة من الثقات. روى له النسائى عن أبيه ، عن ميمونة ، حديث : «كان النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يضع رأسه فى حجر إحدانا ، وهى حائض» وروى عنه ابن أبى ذئب.

* * *

من اسمه منصور

٢٥٢٥ ـ منصور بن حمزة بن عبد الله المحاصى ، أبو على المكناسى :

إمام المالكية بالحرم الشريف. سمع من أبى عبد الله بن أبى الصّيف : صحيح مسلم ، وجدت سماعه عليه لمجلدات من صحيح البخارى ، وجامع الترمذى ، ولقد سمع ذلك كله ، والسّماع فى سنة خمس وتسعين وخمسمائة فى الحرم الشريف ، وهو بخط أحمد ابن أبى بكر الطبرى ، وترجمه : بالفقيه الأجلّ إمام المالكية بالمسجد الحرام. وما عرفت من حاله سوى هذا.

٢٥٢٦ ـ منصور بن عبد الرحمن بن طلحة بن الحارث بن عثمان بن طلحة بن أبى طلحة القرشى العبدرى الحجبى المكى :

روى عن أمه صفية بنت شيبة ، وخاله مسافع بن شيبة ، وسعيد بن جبير ، وأبى معبد مولى ابن عباس ، وغيرهم.

روى عنه : ابن جريج ، والسفيانان ، ووهيب بن خالد ، وزهير بن معاوية ، وزهير بن

__________________

٢٥٢٤ ـ انظر ترجمه فى : (طبقات ابن سعد ٦ / ٣٥ ، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة ٢١٦٥ ، الجرح والتعديل ترجمة ١٩٠٥ ، الثقات لابن حبان ٧ / ٥٢٤ ، الكاشف ترجمة ٥٧٢٠ ، تهذيب الكمال ٦١٧٣ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٢٩٧ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٧٣ ، خلاصة الخزرجى ترجمة ٧١٨٩).

٢٥٢٦ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات ابن سعد ٦ / ٣٤ ، العلل لأحمد بن حنبل ٢ / ١٥٠ ، تاريخ البخارى الكبير ٧ / ١٤٨٧ ، تاريخ أبى زرعة ٥١٦ ، الجرح والتعديل ترجمة ٧٧١ ، الثقات لابن حبان ٧ / ٤٧٦ ، موضح أوهام الجمع والتفريق ٢ / ٤٠٥ ، رجال البخارى للباجى ٢ / ٧٢٣ ، الجمع لابن القيسرانى ٢ / ٤٩٧ ، الكاشف ترجمة ٥٧٣٨ ، تهذيب الكمال ٦١٩٧ ، تاريخ الإسلام ٥ / ٣٠٤ ، ميزان الاعتدال ترجمة ٨٧٨٧ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٣١٠ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٧٦ ، خلاصة الخزرجى ترجمة ٧٢١٣ ، شذرات الذهب ١ / ٢٠٦).

١٢٧

محمد التميمى ، وداود بن عبد الرحمن العطار ، وغيرهم.

روى له الجماعة إلا الترمذى. قال الأثرم : سئل عنه أحمد بن حنبل ، فأحسن الثناء عليه ، وقال : كان ابن عيينة يثنى عليه. وقال ابن عيينة : كان يبكر وقت كلا صلاة ، فكانوا يرون أنه يذكر الموت والقيامة عند كل صلاة. وقال أبو حاتم : صالح الحديث. وقال ابن سعد ، والنّسائى ، وغيرهما : ثقة. وقال محمد بن سعد ، عن هشام بن محمد بن السائب الكلبى : رأيت منصور بن عبد الرحمن فى زمن خالد بن عبد الله يحجب البيت ، وهو شيخ كبير. وقال الذهبى : قيل مات سنة سبع ، أو سنة ثمان وثلاثين ومائة.

٢٥٢٧ ـ منصور بن عمر بن مسعود المكى :

أحد أعيان القواد المعروفين بالعمرة ، كان حيا فى سنة سبع وثلاثين وسبعمائة.

٢٥٢٨ ـ منصور بن أبى الفضل محمد بن أبى على عبد بن عبد الكريم الطائى الزعفرانى البغدادى ، شيخ الحرمين ، عفيف الدين أبو المظفر ، المعروف بابن منعة :

سمع بمكة من سليمان ابن خليل : صحيح البخارى ، فى سنة إحدى وأربعين وستمائة ، ومن أبى الحسن بن المقبرى ، وأبى الحسن بن الجميزى ، وأبى القاسم بن أبى حرمى ، وابن أبى الفضل المرسى ، وصفية بنت إبراهيم بن [....](١) وخرج له عنهم ـ خلا المرسى ـ : أربعين حديثا ، للحافظ أبى بكر بن مسدى ، وحدّث بها غير مرة [....](١) مخرجها ، وقراءة جماعة من الفضلاء ، منهم : القطب القسطلانى ، والمحب الطبرى. وسمعها جماعة من الأعيان ، منهم : ابن أخيه ظهير الدين محمد بن عبد الله بن منعة ، الذى خلفه فى المشيخة.

ووجدت على حجر قبره بالمعلاة ، أنه قلّد أمرهما ـ يعنى الحرمين ـ فى سنة أربع وعشرين وستمائة ، إلى حين وفاته. ووجدت بخط أبى العباس الميورقى ، أنه ولى مشيخة الحرم ، نحو أربعين سنة ، وأنا أستبعد صحة ذلك ، لأن ابن [.....](١) ذكر أن الشيخ نجم الدين بشير التبريزى [....](١) شيخا للحرم ، وفوّض إليه النظر فى عمارته ومصالحه ، وذلك فى الأيام المستنصرية ، ولم يزل على هذه حتى أضر بصره فيه [....](١) منه. انتهى.

وقد وجدت خط الشيخ نجم الدين المذكور ، فى مكتوب شهد فيه ، مؤرخ بالعشر الأول من صفر سنة خمس وثلاثين وستمائة ، فاستفدنا من هذا ، أن الشيخ نجم الدين

__________________

٢٥٢٨ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

١٢٨

كان متوليا لذلك فى هذا التاريخ ، اللهم إلا أن يكون ولى ذلك شريكا للشيخ نجم الدين ، والله أعلم.

وكانت وفاة ابن منعة فى خامس عشرى شهر ذى القعدة ، سنة أربع وستين وستمائة ، ودفن بالمعلاة. نقلت وفاته من على حجر قبره ، وكذا وجدتها بخط أبى العباس الميورقى ، إلا أنه لم يذكر شهر وفاته. ونقلت نسبه هذا ، من خط ابن مسدى فى «أربعينه» قال : والزعفرانية : قرية من أعمال نهر [.....](٢) بغداد.

٢٥٢٩ ـ منصور بن محمد بن أحمد بن الحسن بن يوسف بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن جعفر بن أحمد بن أبى أحمد الموفق بن جعفر بن محمد بن هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله ابن عباس ، الخليفة المستنصر بالله ، أبو جعفر ، بن الظاهر ، بن الناصر ، بن المستضىء بأمر الله ، بن المستنجد بالله ، بن المقتفى ، بن المستظهر ، بن المقتدى العباسى :

ذكرناه فى هذا الكتاب ، لما صنع فى خلافته من المآثر بمكة وبظاهرها ، فمن ذلك عمارته [....](١) المطاف فى سنة إحدى وثلاثين وستمائة ، ولعين بازان فى سنة خمس وعشرين وستمائة ، وفى سنة أربع وثلاثين وستمائة [....](١) وعمارته لمختبى النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم بدار الخيزران عند الصفا [....](١) وعمارته لمولد سيدنا على بن أبى طالب رضى الله عنه فى سنة خمس وعشرين وستمائة ، وعمارته لمسجد البيعة بقرب منى على يسار الذاهب إليها ، فى سنة عشرين وستمائة ، وعمارته للعلمين اللذين هما حد عرفة ، فى سنة ثلاث وثلاثين وستمائة ، وغير ذلك من المآثر التى صنعها فتاه الأمير شرف الدين إقبال الشرابى ، وأضاف ذلك إلى مولاه المستنصر هذا ، منها الرّباط الذى على باب بنى شيبة ، والبرك التى بعرفة بقرب جبل الرحمة ، وعين عرفة ، وغير ذلك.

بويع بالخلافة بعد أبيه الظاهر ، فى رجب سنة ثلاث وعشرين وستمائة ، وبلغ عدد الخلع التى خلعت على الناس عند بيعته ، ثلاثة آلاف خلعة وخمسمائة خلعة وسبعين خلعة ، على ما قيل ، ذكر ذلك ابن الساعى ، واستمر فى الخلافة حتى مات ، فى جمادى الآخرة سنة أربعين وستمائة ، وله اثنتان وخمسون سنة ، وكانت خلافته سبع عشرة سنة إلا أياما ، ونهض بأعباء الخلافة ، وقمع المتمردين ، واستخدم عسكرا عظيما إلى الغاية ، حتى بلغ جريدة جيشه نحو مائة ألف فارس ، استعدادا لحرب التتار. وخطب له ببعض

__________________

(٢) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢٥٢٩ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

١٢٩

الأندلس ، وبعض المغرب ، ودانت له الملوك ، ووقف مساجد ومدارس. منها المدرسة التى أنشأها ببغداد المعروفة بالمستنصرية ، لا نظير لها على ما قيل. وكان ذا عدل ودين ، وكان جده الناصر ، يسميه القاضى ، لعقله ومحبته للحق. قال ابن الساعى : كان أبيض بحمرة ، أزج الحاجبين ، أدعج العينين ، سهل الخدّين ، أقنى ، رحب الصدر. وأمه تركية.

وذكر بعضهم : أنه لما بويع بالخلافة ، خلع يسيرا ، ثم أعيد من فوره ، وقد كان هو سادس خليفة بعد الراشد بالله منصور بن المسترشد الفضل بن المستظهر العباسى. وسبب خلعه ، دفع التّطيّر مما قيل ، فى أن كل خليفة سادس يخلع ، واستقرى ذلك فى جماعة من خلفاء بنى العباس ، وكان أبو العباس عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس ، ثم أخوه أبو جعفر عبد الله المنصور ، ثم المهدى محمد بن المنصور ، ثم الهادى موسى بن المهدى ، ثم الرشيد هارون بن المهدى ، ثم الأمين محمد بن الرشيد ، وهو السادس ، خلع بأخيه المأمون عبد الله بن الرشيد ، ثم المأمون ، ثم المعتصم محمد بن الرشيد ، ثم الواثق هارون بن المعتصم ، ثم المتوكل جعفر بن المعتصم ، ثم المنتصر محمد ابن المتوكل ، ثم المستعين أحمد بن المعتصم ، وهو السادس بعد الأمين ، خلع بالمعتز محمد ، وقيل الزبير بن المتوكل ، ثم المعتز ، ثم المهتدى محمد بن الواثق ، ثم المعتمد أبو العباس أحمد بن الواثق ، ثم المعتضد أبو العباس أحمد بن أحمد الموفق بن المتوكل ، ثم المكتفى على بن المعتضد ، ثم المقتدر جعفر بن المعتضد ، وهو السادس ، خلع مرتين ، الأولى بعبد الله بن المعتز ، ثم عاد المقتدر بعد قليل ، ثم خلع ، والثانية بأخيه القاهر محمد ، ثم عاد المقتدر بعد قليل أيضا ، ثم المقتدر ، ثم القاهر ، ثم الراضى محمد بن المقتدر ، ثم المتقى إبراهيم بن المقتدر ، ثم المستكفى عبد الله بن المكتفى ، ثم المطيع الفضل بن المقتدر ، ثم الطائع لله عبد الكريم بن المطيع ، وهو السادس بالقاهرة ، خلع بالقادر بالله أحمد بن إسحاق بن المقتدر ، ثم القادر ، ثم القائم بأمر الله عبد الله بن القادر ، ثم المقتدى بأمر الله عبد الله بن محمد بن القائم ، ثم المستظهر أحمد بن المقتدى ، ثم المسترشد بالله الفضل بن المستظهر ، ثم الراشد بالله بن منصور بن المسترشد ، وهو السادس ، خلع بعمه المقتفى لأمر الله محمد بن المستظهر ، ثم المستظهر ، ثم ابنه المستنجد يوسف ، ثم ابنه المستضىء الحسن ، ثم ابنه الناصر أحمد ، ثم ابنه الظاهر محمد ، ثم ابنه المستنصر منصور ، وهو السادس ، خلع تطيرا ، وأعيد من فوره كما قيل.

وقد خلع جماعة سوى هؤلاء من بنى العباس ، ولكن كلا منهم لم يكن سادس خليفة للخليفة المخلوع ، كما اتفق للمذكورين ، وجعل بعضهم ـ وهو الصّولى أو غيره من المؤرخين ـ الحسن بن على ، من قبيل هؤلاء الخلفاء ، لأنه عدّ النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم الخلفاء

١٣٠

الأربعة ، فكان الحسن سادسهم ، وفى ذلك نظر ، لأن الحسن لم يخلع ، وإنما ترك الأمر رغبة عنه ، لما فى ذلك من حقن دماء المسلمين وصلاح حالهم ، وتحقيق ما أخبر به جده المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بأن الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين.

وذكر بعضهم ، أن عبد الله بن الزبير بن العوام رضى الله عنهما ، هو الخليفة السادس المخلوع بعد الحسن ابن على ، وعدّ قائل ذلك الخلفاء قبله ، فقال : معاوية بن أبى سفيان ، ثم ابنه يزيد ، ثم ابنه معاوية بن يزيد ، ثم مروان بن الحكم ، ثم ابنه عبد الملك ، ثم عبد الله بن الزبير. وفى ذاك نظر ، لأن عبد الله بن الزبير ، بويع بالخلافة قبل مروان بن الحكم ، فضلا عن ابنه عبد الملك ، الذى قيل إن ابن الزبير خلع به ، والله أعلم.

وإذا اعتبرنا خلفاء بنى أمية بعد عبد الملك بن مروان ، وجدنا السادس منهم خلع ، وقيل لأنه ولى الخلافة بعد عبد الملك ، ابنه الوليد بن عبد الملك ، ثم سليمان بن عبد الملك ، ثم عمر بن عبد العزيز بن مروان ، ثم يزيد بن عبد الملك ، ثم هشام بن عبد الملك ، ثم الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، خلع بابن عمه يزيد بن الوليد بن عبد الملك ، الملقب بالناقص ، لكونه لما استخلف نقص أرزاق العسكر ، وبعث عسكرا لحرب الوليد ، فحاربوه حتى ذبحوه.

٢٥٣٠ ـ منصور بن مبارك بن عطيفة بن أبى نمى الحسنى المكى :

توفى فيما أظن ، فى آخر سنة أربع وتسعين وسبعمائة.

٢٥٣١ ـ المنكدر بن عبد الله بن الهدير القرشى التيمى :

والد محمد بن المنكدر ، وإخوته ، روى عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، حديثه مرسل عندهم ، ولا تثبت له صحبة ، ولكنه ولد على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ذكره هكذا صاحب الاستيعاب.

٢٥٣٢ ـ المهاجر بن أبى أمية ـ واسم أبى أمية على ما قال الزبير بن بكار : حذيفة ـ بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومى :

أخو أم سلمة ، زوج النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأبيها وأمها ، كان اسمه الوليد ، فسماه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم المهاجر ، على ما ذكر الزبير بن بكار ، وذكر شيئا من خبره ، لأنه ذكر أن عاتكة بنت جذل الطّعان ، أمه وأم سلمة ، زوج النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وقال : حدثنى محمد بن سلام ، قال :

__________________

٢٥٣١ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٦٠٢ ، الإصابة ترجمة ٨٢٦٣ ، أسد الغابة ترجمة ٥١٢٩ ، مؤتلف الدارقطنى ٢٠٥٩ ، ٣١٨).

٢٥٣٢ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٥٣١ ، الإصابة ترجمة ٨٢٧١ ، أسد الغابة ترجمة ٥١٣٤).

١٣١

حدثنى حماد بن سلمة ، وابن جعدبة جميعا ـ وفيه اختلاف بينهما ـ قالا : دخل النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم على أم سلمة وعندها رجل ، فقال : «من هذا؟» قالت : أخى الوليد ، قدم مهاجرا. فقال : «هذا المهاجر». فقالت : يا رسول الله ، هذا الوليد ، فأعاد وأعادت ، فقال : «إنكم تريدون أن تتخذوا الوليد جبانا ، إنه يكون فى أمتى فرعون يقال له الوليد». قال : وفى حديث حماد : «يسرّ الكفر ويظهر الإيمان» وعرفت أم سلمة ما أراد من تحويل اسمه ، فقالت : نعم يا رسول الله ، هو المهاجر. وقالا : قال الجعدى فى حديثه : لقد رأيته يوم بدر ، وجاء مقنّعا فى الحديد لا يرى منه إلا عيناه ، ووقف ودعا إلى البراز ، فاستشرفه الناس ، فقلنا : من هذا؟ فقال : أنا ابن زاد الرّكب ، فعرفنا أنه ابن أميّة ، فقلنا : أيهم؟ فقال : أنا ابن جذل الطّعان ، فعرفناه. انتهى.

قال الزبير : وإنما قيل له : زاد الركب ، لأنه كان إذا خرج سفرا ، لم يتزوّد معه أحد. انتهى.

وقال ابن عبد البر ، بعد أن ذكر معنى الخبر الذى ذكره الزبير ، فى كراهية النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم تسمية المهاجر الوليد : ثم بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، المهاجر بن أبى أمية إلى الحارث بن عبد كلال الحميرى ملك اليمن ، واستعمله أيضا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على صدقات كندة والصّدف ، ثم ولّاه أبو بكر اليمن ، وهو الذى افتتح حصن النّجير بحضر موت ، مع زياد ابن لبيد الأنصارى ، وبعث بالأشعث بن قيس الكندى أسيرا إلى أبى بكر الصديق ، فمن عليه الصديق ، وحقن دمه.

٢٥٣٣ ـ المهاجر بن خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومى:

كان غلاما على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، هو وأخوه عبد الرحمن بن خالد ، وكانا مختلفين ، كان عبد الرحمن مع معاوية ، وكان المهاجر مع على بن أبى طالب ، محبّا فيه وفى ذويه ، وشهد معه الجمل وصفين ، وفقئت عينه على ما قيل يوم الجمل ، وقيل يوم صفين. وللمهاجر ابن يسمى خالد بن المهاجر ، قتل ابن أثال اليهودى طبيب معاوية ، بعمّه عبد الرحمن ، لأنه اتّهم بقتل عبد الرحمن فى دواء عمله له ابن أثال. وللمهاجر فى ذلك شعر مذكور فى ترجمة عبد الرحمن بن خالد ، مع سبب قتل ابن المهاجر لابن أثال ، فأغنى ذلك عن إعادته هنا.

__________________

٢٥٣٣ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٥٣٢ ، الإصابة ترجمة ٨٣٥٤ ، أسد الغابة ترجمة ٥١٣٥).

١٣٢

٢٥٣٤ ـ المهاجر بن قنفذ بن عمير بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرّة القرشى التيمى :

جد محمد بن يزيد بن عبد الرحمن بن المهاجر ، ذكره هكذا ابن عبد البر ، وقال : يقال إن اسم المهاجر هذا : عمرو ، وإن اسم قنفذ : خلف ، وأن مهاجرا وقنفذا لقبان ، فهو عمرو بن خلف بن عمير ، وإنما قيل له المهاجر ، لأنه قدم على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم مسلما ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «هذا المهاجر حقا». وقد قيل إن المهاجر بن قنفذ ، أسلم يوم فتح مكة ، وسكن البصرة ، ومات بها ، روى عنه أبو ساسان حضين بن المنذر.

٢٥٣٥ ـ المهاجر ، مولى أم مسلمة :

قال : خدمت النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، روى عنه بكير ، مولى عميرة ـ أو عمرة ـ جدّ يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومى ، مولى لهم ، يعدّ مهاجر هذا فى أهل مصر ، لا أدرى أهو الذى روى فى نعل النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : كان لها قبالان ، أم لا. ذكره هكذا ابن عبد البر.

٢٥٣٦ ـ مهدىّ بن قاسم بن حسين بن قاسم المكى ، المعروف بالذويد :

كان [....](١) توفى فى خامس عشرى المحرم سنة تسع وثمانين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.

٢٥٣٧ ـ مهشّم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى العبشمى ، أبو حذيفة :

يأتى إن شاء الله تعالى فى الكنى ، للخلاف فى اسمه ، هل هو مهشّم ، أو هاشم ، أو هشيم؟.

__________________

٢٥٣٤ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٥٣٥ ، الإصابة ترجمة ٨٢٧٤ ، أسد الغابة ترجمة ٥١٣٨ ، الثقات ٣ / ٣٨١ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٩٨ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٧٨ ، الجرح والتعديل ٨ / ٢٥٩ ، تاريخ من دفن بالعراق ٤٥٦ ، تهذيب الكمال ٣ / ١٣٧٩ ، تلقيح فهوم أهل الأثر ٣٧٢ ، التاريخ الكبير ٨ / ٣٧٩ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٣٢٢ ، بقى بن مخلد ٢٧٣).

٢٥٣٥ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٥٣٤ ، الإصابة ترجمة ٨٢٧٥ ، أسد الغابة ترجمة ٥١٣٧ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٩٧ ، الجرح والتعديل ٨ / ٢٥٩ ، تلقيح فهوم أهل الأثر ٣٨٥).

٢٥٣٦ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢٥٣٧ ـ سيأتى ذكره للاختلاف فى اسمه فى باب هشام الترجمة رقم (٢٦٤٣) ، وباب هشيم الترجمة رقم (٢٦٤٩) ، وباب الكنى فى اسم أبو حذيفة الترجمة رقم (٢٨٥٦).

١٣٣

٢٥٣٨ ـ مهنّا بن أبى بكر بن إبراهيم بن يوسف البغدادى الأصل ثم الدنيسرىّ ثم المصرى:

نزيل مكة وشيخ رباط الخوزىّ بها. ولد فى ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة ، وقدم مكة ، فسمع بها فى سنة ست وثلاثين وسبعمائة ، من التاج محمد بن أحمد بن عمر بن موسى بن النعمان الأنصارى ، كتاب «مصباح الظلام فى المستعين بخير الأنام ، محمد بن يوسف بن النعمان» وحدّث به مرارا ، حضرته عليه فى [....](١) وأجاز لى ، وسمع من الجمال الأميوطى بعض «السيرة الكبرى» لابن سيّد الناس ، والمجلس الأخير من «الشفا» ومنه ومن البرهان الأبناسىّ ، والشريف جمال الدين البترتى بعض «سنن بن ماجة». انتهى.

جاور بمكة نحو أربعين سنة أو أزيد ، وكان فيه خير وإحسان لجماعة من الفقراء ، وخدم الفقراء برباط الخوزى مدة سنين ، ثم ولى مشيخته نحو ثلاثين سنة ، واشتهر بذلك عند الناس.

توفى فى آخر ربيع الأول من سنة عشرين وثمانمائة ، وهو فى عشر السبعين أو جاوزها ، وكان متفقها للإمام أبى حنيفة.

٢٥٣٩ ـ مهلهل بن محمد بن مهلهل الدّمياطى :

نزيل مكة ، كذا رأيته فى «المنتقى من المنتخب من معجم الدمياطى» انتخاب محمد ابن على بن عشائر ، فإنه قال : وأنشدنا مهلهل الدمياطى نزيل مكة لنفسه بمكة شرفها الله.

يروق لى منظر البيت العتيق إذا

بدا لطرفى فى الإصباح والطّفل

كأن حلته السوداء قد نسجت

من حبة القلب أو من أسود المقل

ثم رأيته بمعجم الدمياطى ، وأنشد بعده أيضا سطرا. انتهى.

٢٥٤٠ ـ مورّق بن حذيفة بن غانم العدوى :

له رؤية بلا رواية. ذكره أبو عمر (١) مع أبى خيثمة ، ذكره هكذا الذهبى فى التجريد.

* * *

__________________

٢٥٣٨ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢٥٤٠ ـ (١) لم يذكره أبو عمر فى ترجمة أبى خيثمة ، فى الاستيعاب. وقد قال ابن عبد البر فى الاستيعاب فى ترجمة أبو خيثمة السالمى أنه لا يعلم أحد من الصحابة يكنى أبا خيثمة غيره إلا عبد الرحمن بن سبرة الجعفى والد خيثمة بن عبد الرحمن الجعفى ، ولم يذكر مورق بن حذيفة فى ترجمته أيضا. انظر : (الاستيعاب ترجمة ٢٩٦٥ ، ١٤٢٧).

١٣٤

من اسمه موسى

٢٥٤١ ـ موسى بن أبى الجارود ، الفقيه أبو الوليد المكى :

روى عن الشافعى حديثا كثيرا ، وصحبه ، وعن ابن عيينة ، وأبى يعقوب البويطى.

روى عنه : الترمذى ، والحسن بن محمد الزّعفرانىّ ، والربيع المرادى ، ويعقوب ، وجماعة.

وذكره ابن حبّان فى الثقات ، وقال الدّارقطنىّ : روى عن الشافعى حديثا كثيرا ، وروى عنه كتاب «الأمالى» وكان من فقهاء مكة المفتين بمذهب الشافعى.

٢٥٤٢ ـ موسى بن الحارث بن خالد بن صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرّة القرشى التيمى :

هاجر إلى الحبشة فيما ذكر الطبرى ، وذكره فى موضع آخر فقال : إنه مات مع أختيه عائشة وزينب ، فى طريقه إلى أرض الحبشة ، من ماء شربوه. وذكره أيضا فيمن ولد بأرض الحبشة. وذكره هكذا ابن عبد البر.

٢٥٤٣ ـ موسى بن حسن بن موسى بن عبد الرحمن بن على بن الحسين ابن على الشيبانى الطبرى المكى ، يلقّب بالرضى :

شيخ الحرم ، سمع من ابن أبى الفضل المرسى بمكة : مجلدات من «صحيح ابن حبان» ، ولعلّه سمعه كلّه ، والسماع على ابن أبى الفضل لأحاديث الكتاب ، دون الكلام والتراجم ، وسمع من سليمان بن خليل [.....](١) وسمع من الضياء بن أبى الحسن محمد ابن أبى الأنجب النّعالى البغدادى بمكة ، «الأربعين السّباعيات» لعبد المنعم الفراوىّ فى رمضان سنة أربع وأربعين وستمائة ، وحدث عنه ، سمع منه عن النّعالى ، المسند بدر الدين أبو المحاسن يوسف بن محمد بن إبراهيم الكردى ، سبط التقىّ إسماعيل بن أبى اليسر الدمشقى.

وقد روينا حديثه فى جزء فيه أحاديث مخرّجة من أصول سماعات جماعة من أهل مكة المشرفة ، رأيته بخط الحافظ تقى الدين محمد بن رافع السّلامى ، وهكذا ترجم الجزء ،

__________________

٢٥٤١ ـ انظر ترجمته فى : (الكاشف ترجمة ٥٧٨٠ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٣٣٩ ، تهذيب الكمال ترجمة ٦٢٤٥ ، التقريب ٢ / ٢٨١ ، خلاصة الخزرجى ترجمة ٧٢٥٥).

٢٥٤٢ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ترجمة ٢٦٠٧ ، الإصابة ترجمة ٨٢٨٩ ، أسد الغابة ترجمة ٥١٤٨).

٢٥٤٣ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

١٣٥

وذكر أنه كتبه عن أبى المحاسن المذكور عنهم ، ولما خرج حديث صاحب هذه الترجمة ، قا : وأخبرنا الشيخ الأجل بقية السلف ، شيخ حرم الله تعالى ، رضى الدين موسى بن الإمام قاضى الحرم الشريف حسن بن موسى بن عبد الله الشيبانى. انتهى. وعبد الله تصحيف ، وصوابه عبد الرحمن ، بلا ريب فى ذلك ، وقد سبق ذكر أبيه ، ولم أعرف وقت وفاة رضى الدين موسى هذا ، والله أعلم بحقيقة ذلك ، وكان حيّا فى صفر سنة ست وثمانين وستمائة بمكة ، وفيها سمع منه النجم محمد بن عبد الحميد. وترجمه بشيخ الحرم ، وترجمه بذلك غيره. ووجدت بخط ابن صهبانة ، ما يدل على أنه ولى القضاء بمكة ، ولعل ذلك نيابة عن أقاربه من الشيبانيين ، وكان أبوه قاضيا بمكة. انتهى. من ترجمته من المختصر الأول لهذا التاريخ للمصنف.

٢٥٤٤ ـ موسى بن دينار :

مكى ، عن سعيد بن جبير ، وجماعة ، قال البخارى : ضعيف ، كان حفص بن غياث يكذّبه ، وقال علىّ : سمعت يحيى القطان ، يقول : دخلت على موسى بن دينار ، أنا وحفص ، فجعلت لا أريده على شىء إلا لقيته. وقال أبو حاتم : مجهول. وضعّفه الدارقطنى. ذكره هكذا الذهبى فى الميزان.

وقال صاحب لسان الميزان ، رفيقنا الحافظ أبو الفضل بن حجر ، أبقاه الله تعالى ، بعد أن ذكر ما ذكره الذهبى فيه : وقال السّاجىّ : كذاب متروك الحديث ، وذكره العقيلى ، والدّولابى ، ويعقوب بن سفيان ، وابن السكن ، وابن الجارود ، وابن شاهين فى الضعفاء. انتهى.

٢٥٤٥ ـ موسى بن رشيد العيساوى :

فتى أمير الحرمين ، القائد أبو عمران ، توفى يوم الثلاثاء ثامن جمادى الآخرة ، سنة ثمان وخمسين وخمسمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره نقلت ذلك.

٢٥٤٦ ـ موسى بن على بن عبد الصمد بن محمد بن عبد الله المرّاكشى ، العلامة القدوة العارف بالله ، أبو محمد ، وأبو عبد الله المالكى :

نزيل مكة. صحب بها الشيخ عبد الله اليافعى مدة ، وسمع منه كتاب «الرسالة للقشيرى» وحدّث به عنه ، ودرّس وأفتى بالحرمين ، مع غزارة العلم ، وأهلية النظر والترجيح ، والعبادة الكثيرة ، والورع الشديد الدائم ، وانتفع به فى العلم جماعة ، منهم : السيد تقى الدين الفاسى ، وسألته عنه فقال ـ مع وصفه له بكثرة العلم والزهد ـ :

١٣٦

كان كريم النفس ، كثير الإيثار للفقراء ، وذكر لى : أنه ورد مكة فى سنة ثلاث وستين وسبعمائة حاجا على طريق الصحراء ، مع التّكاررة ، وتوجّه بعد حجه إلى المدينة ، فأقام بها سنة أربع وستين ، ثم رجع إلى مكة واستوطنها فى سنة خمس وستين ، وصار يتردّد إلى المدينة ، ومات بمكة فى يوم السبت التاسع عشر ، من محرم سنة تسع وثمانين وسبعمائة ، ودفن بالمعلاة ، وشهد جنازته ، أمير مكة ، عنان بن مغامس ، ومشى فيها. انتهى.

وقد شهدت جنازته بحمد الله ، وكان تأهّل بمكة بابنة الشيخ عبد الله اليافعى ، ورزق منها ولده محمدا وغيره ، وتأهل بالمدينة بابنة بنت القاضى بدر الدين بن فرحون ، وقد ذكره فى كتابه «نصيحة المشاور» وذكر من أوصافه الجميلة كثيرا.

٢٥٤٧ ـ موسى بن على بن قريش بن داود القرشىّ الهاشمى المكى :

كان يتردّد إلى اليمن بسبب التجارة ، وحصل له بذلك شهرة ووجاهة عند الناس بمكة واليمن ، وسكن بعض بلاد اليمن ، وولد له بها عدّة أولاد ، وذهب فى بعض السّنين إلى اليمن للعلم الذى ينفذه صاحب اليمن فى كل سنة ليوقف بعرفة ، وتوفى بمكة بعد الحج ، من سنة خمس وثمانين وسبعمائة ، عن خمس وخمسين سنة ، على ما بلغنى.

٢٥٤٨ ـ موسى بن على بن محمد بن عبد الله بن محمد بن ثابت البكرى ، أبو عمران السّروىّ ـ بسين مهملة ـ المعروف بالزهرانى :

نزيل مكة ، وسمع بها من الرضىّ الطبرىّ صحيح البخارى ، وصحيح ابن حبان ، والثقفيات ، وغير ذلك ، وبالمدينة من زينب بنت شكر المقدسية : جزء أبى الجهم ، وبدمشق من القاضى سليمان بن حمزة ، والمطعم ، والحجّار ، وابن مكتوم ، وابن عبد الدائم ، وابن سعد ، وابن النشو ، وابن الشيرازى ، وابن عساكر ، وغيرهم ، وبحماة من فاطمة بنت محمد بن الحسين بن عبد الله بن رواحة الأنصارى ، عن عمها أبى القاسم بن رواحة ، وبحلب من أبى الفضائل عبد الرحيم بن محمد بن العجمى ، وغيره ، وبمصر من أبى النون يونس بن إبراهيم الدبوسى ، وبالإسكندرية من إبراهيم بن أحمد الغرافى ، وحدث عنهم بجزء خرجه الحافظ الذهبى ، بقراءة عبد الله بن المحب ، فى شوال سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة بدمشق.

سمعه منه الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد الهادى ، وسمعه عليه أيضا شيخنا أحمد بن حسن القسطلانى ، وحدثنا عنه الحافظان : أبو الفضل العراقى ، وأبو الحسن الهيثمى ، عن الرضى الطبرى ، من صحيح ابن حبّان ، وقد سمعا عليه بعضه بمصر ، فى سنة

١٣٧

اثنتين وخمسين وسبعمائة ، ولم أدر متى مات ، إلا أنا استفدنا من هذا حياته فى هذا التاريخ.

مات موسى الزهرانى فى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.

٢٥٤٩ ـ موسى بن على بن موسى المصرى المناوى المالكى :

الشيخ العالم العامل المكاشف المشهور المعتقد ، شرف الدين ، عنى بفنون كثيرة من العلم ، وصار نبيها فى الفقه والعربية والقراءات والحديث ، وحفظ فيه «الموطأ» لمالك ، رواية يحيى بن يحيى حفظا جيدا ، وكتب ابن الحاجب الثلاثة وله حظ وافر من الصلاح والخير ، ومكاشفات كثيرة.

ولد بمنية القائد (١) من عمل مصر ، فى سنة بضع وخمسين وسبعمائة ، ونشأ بها ، وشرع فى حفظ مختصر أبى شجاع على مذهب الإمام الشافعى ، ثم أعرض عن ذلك ، ورغب فى مذهب الإمام مالك ، فقدم القاهرة للاشتغال بالعلم ، فجد فى ذلك حتى حصل ، ومن شيوخه فى العلم : القاضى نور الدين على بن الجلال المالكى ، والنحوى شمس الدين الغمارى.

وروى الحديث عن الشيخ سراح الدين بن الملقّن ، وبرع فى العربية ، وحصل الوظائف ، ثم أقبل على العبادة والزهد ، وترك ما كان بيده من الوظائف ، من غير عوض يعوّضه ، وانفرد بالصحراء مدة ، وسكن الجبل ، وأعرض عن جميع أمور الدنيا ، وصار يقتات مما تنبته الجبال ، ولا يدخل البلد إلا يوم الجمعة ، ليشهدها ثم يمضى ، ففتح عليه بخير كثير ، وصار يكاشف بأشياء غامضة ، ويبشر بأشياء ، فتتفق كما يشير إليه ، ويخبر عن أمور عظيمة شاهدها فى تجرّده.

فمن ذلك على ما أخبرت عنه : أنه رأى الخضر عليه‌السلام عند خروجه من مصر متوجّها للحج ، وأنه رأى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالمدينة النبوية ، وقال له صلى‌الله‌عليه‌وسلم : قل لهذا الحائط ينشقّ ، فقال ذلك للحائط ، فقال الحائط : من أمر بذلك! فقال له : النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فانشق الحائط.

وأنه رأى سيدنا إبراهيم بن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وتكلم معه فى شىء من العلم. وأنه رأى سيدنا العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه ، والإمام مالكا رضى الله عنه ، والشافعى رضى الله عنه. فقال له : ما هى إلا عنايات وصحابات ، وأبا حنيفة رضى الله عنه مرتين ، ونافع بن أبى نعيم القارئ ، وجماعة من العلماء.

__________________

٢٥٤٩ ـ (١) منية القائد : فى أول الصعيد قبلى الفسطاط ، بينها وبين مدينة مصر يومان. انظر : معجم البلدان (منية القائد).

١٣٨

ومن مكاشفاته على ما أخبرنى به بعض أصحابنا : أن بعض الناس أرسل مع المخبر لى بخمسين درهما يعطيها للشيخ موسى المذكور ، فجاء بها إليه ، فردها ، فسأل الآتى بها المرسل له بها : هل فيها شبهة؟ فقال : نعم. فأعطاه خمسين درهما من غير هذه الجهة ، وأمر بإعطائها للشيخ موسى ، فامتنع من قبولها ثانيا ، فلامه الرسول على امتناعه ، فقال له : تطعمنى النار! وأخبرنى صاحبنا المشار إليه : أنه أحضر للشيخ موسى حقّا فيه زنجبيل مربّى ، فأكل منه الشيخ موسى أكلا كثيرا ، فخطر ببال صاحب الزنجبيل ، أنه لا يؤكل على هذه الصفة ، لكونه يتداوى به ، فما انقضى هذا الخاطر ، إلا والشيخ موسى قد أعرض عن الأكل ، وغطّى الحقّ وقال : ما بقينا نأكل شيئا.

وأخبرنى أيضا ، أن بعض أصحابه دعاه إلى منزله ، والشيخ موسى عنده ، فقال له الشيخ موسى : تغدّى؟ فقال المخبّر لى : فقلت فى نفسى : أنا صائم. فقال الشيخ موسى : تعشّى عنده بعد المغرب.

وأخبرنى صاحبنا المشار إليه ، عن الشيخ موسى بمكاشفات أخر ، وهذا معنى ما أخبرنى به. وأخبرنى أيضا أن بعض أصحابه ، تخوّف من بعض الأمراء لما ورد إلى مكة ، قال: فاجتمعت بالشيخ موسى ، وشكوت عليه ذلك ، فقال : ما يصيبه إلا خير ، فسلم من شر الأمير.

ومما بشّر به على ما أخبرنى به بعض أصحابنا ، أنه استفتى بعض علماء مكة عن مسألة ، فقال فى آخر السؤال : ويحجّون بالناس ، ويقفون بهم بعرفة وغيرها ، فقدّر أن المسئول حجّ بالناس ، وفعل ما أشار إليه الشيخ موسى.

وأخبرنى المخبّر لى بهذه الحكاية ، أنه عاد بعض الناس ، فلما خرج من عنده ، لقى الشيخ موسى ، فقال له : كنتم عند فلان؟ فقال له المخبر : نعم. فقال له الشيخ موسى : ما يجىء منه شىء. فمات الرجل المشار إليه فى مرضه ذلك.

وبشارته ومكاشفته كثيرة ، وقد سمعت بعض أصحابنا يقول : لم أر أكثر منه مكاشفة. وكنت أنا أجتمع به كثيرا ، وأستفيد منه أشياء حسنة ، وأول اجتماعى به بالقاهرة ، فى سنة ثمان وتسعين وسبعمائة ، وتوجه فيها أو بعدها بقليل إلى الحجاز ، فحج وجاور بالحرمين الشريفين ، وكان يغيب فى برارى المدينة اليوم واليومين ، ثم يأتى ويخبر ببعض ما شاهده من الأمور التى أشرنا إليها وغيرها ، وكان يجوع كثيرا وينفر من الناس ، ويسألونه من الأكل عندهم ، فيمتنع مع شدة جوعه ، ثم تحيل عليه الناس ، حتى استألفوه قليلا قليلا ، فأنس بهم وصار يأكل عندهم ، فكثرت شهوته للطعام ، وصار

١٣٩

يتناول من ذلك كثيرا عند أصحابه ، ويشتريه فى كثير من الأوقات ، وكان يعيب ذلك على نفسه ، ويعده نقصا فيه ، وفى رتبته من الصلاح ، ويقول : أتيت من مخالطتى لأهل الدنيا.

ومع ذلك فخيره وافر ، وبركته ظاهرة ، حتى مضى لسبيله ، بعد أن تعلل خمسين يوما من مرض فى جوفه.

ومما حفظ عنه من المكاشفة فى مرضه ، أن جماعة عادوه ، فبكوا عليه لتوقعهم قرب وفاته ، ففهم عنهم ذلك ، وأشار إلى أنه لا يموت فى ذلك الوقت ، وأنه يموت يوم الاثنين ، فقدّر أنه عاش بعد ذلك أياما ، ومات يوم الاثنين ، الثانى والعشرين من شعبان المكرم ، سنة عشرين وثمانمائة بمكة المشرفة ، ودفن بالمعلاة ، بعد الصلاة عليه عند باب الكعبة ، ولم أر مثل جنازته ، وما قدر أحد على الوصول إلى حملها ـ لكثرة الازدحام على حملها ـ إلا بمشقة فادحة ، وأظنه بلغ الستين.

ومن الفوائد التى سمعتها منه ، وعزاها «للمبسوط» تأليف القاضى إسماعيل المالكى: أن محمد بن عبد الحكم المالكى ، رئى على باب أشهب ـ أحد أصحاب مالك ـ للأخذ عنه ، وكان أخذ قبل ذلك عن ابن القاسم ، فقيل لابن عبد الحكم [من الطويل] :

تبدلت بعد الخيزران جريدة

وبعد ثياب الخزّ أحلام نائم

قال الشيخ موسى : وأحلام نائم : ثياب من القطن مصبوغة. هذا معنى ما سمعته منه فى هذه الحكاية ، وما بلغنى عنه من الأمور التى أخبر بها ، وكاشف بها ، وبشر بها. فالله سبحانه وتعالى يرحمه.

٢٥٥٠ ـ موسى بن عمر [....](١) الجعبرى :

محب الدين بن الشيخ ركن الدين. ترجم فى حجر قبره بالمعلاة : الإمام القدوة العارف بالله. وترجم والده : بالشيخ الصالح ، أوحد زمانه. ومن حجر قبره نقلت لقبهما ، وفيه أنه توفى فى حادى عشر رمضان سنة تسع وأربعين وسبعمائة.

٢٥٥١ ـ موسى بن عمران [....](١) :

كان كاتبا للشريف عجلان صاحب مكة. وتوفى [.....](١) ستين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.

__________________

٢٥٥٠ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢٥٥١ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

١٤٠