العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٦

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٦

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٧٢

تخلف عنه فى يومكم ، وندموا على ما ضيعوا ، ولهم من الحنق عليكم شىء لم أر مثله قط. قالوا : ويلك! ما تقول؟ قال : والله ما أراك ترتحل حتى ترى نواصى الخيلى ، قال : فو الله ، لقد أجمعنا الكرة عليهم لنستأصل بقيتهم ، قال : فإنى أنهاك عن ذلك ، فو الله لقد حملنى ما رأيت ، أن قلت فيه أبياتا من الشعر ، قال : وما ذاك؟ قال : قلت [من البسيط](١) :

كادت تهدّ من الأصوات راحلتى

إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل

فذكر الأبيات فى المغازى ، وتمام الخبر.

٢٤٨٨ ـ معبد القرشى :

روى عنه سماك بن حرب. وخرج له الطبرانى فى معجمه. ذكره هكذا الذهبى فى التجريد.

٢٤٨٩ ـ ٢٤٨٩ معروف بن خرّبوذ المكى :

مولى عثمان. عن أبى الطفيل الليثى ، وأبى جعفر محمد بن عبد الباقى ، وغيرهما. روى عنه : وكيع ، وعبيد الله بن موسى ، وأبو داود الطيالسى ، وأبو نعيم ، والخريبى ، وغيرهم.

روى له : البخارى (١) ، ومسلم (٢) ، وأبو داود (٣) ، وابن ماجة (٤). ضعفه ابن معين.

وقال أبو حاتم : يكتب حديثه. وذكره ابن حبان فى الثقات.

٢٤٩٠ ـ معروف بن مشكان بن عبد الله بن فيروز ، الإمام أبو الوليد المكى :

قارئ أهل مكة. قرأ على عبد الله بن كثير القارئ ، وقرأ عليه القرآن ، وروى عنه ، وعن مجاهد ، وعطاء بن أبى رباح ، وعبد الرحمن بن كيسان.

روى عنه : ابن المبارك ، ومروان بن معاوية ، ومحمد بن حنظلة المخزومى ، وغيرهم. روى له ابن ماجة حديثا واحدا ، وقرأ عليه إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين ، وهو من

__________________

(١) انظر البيت فى الاستيعاب ترجمة ٢٤٨٤.

٢٤٨٩ ـ انظر ترجمته فى : (تهذيب الكمال ترجمة ٧٤٧٩ ، تهذيب التهذيب ترجمة ١٩٦٦٧ ، تقريب التهذيب ترجمة ٣١٦٦٥).

(١) روى له البخارى فى صحيحه كتاب العلم حديث رقم (١٢٧).

(٢) روى له مسلم فى صحيحه كتاب الحج حديث رقم (١٢٧٥).

(٣) روى له أبو داود فى سننه كتاب المناسك حديث رقم (١٨٧٩).

(٤) روى له ابن ماجة فى سننه كتاب المناسك حديث رقم (٢٩٤٩).

١٠١

رفقائه فى الأخذ ، وقرأ عليه ابن واضح وغيره. وذكره صاحب «المغنى فى القراءات» وقال بعد أن نسبه كما ذكرنا : مولى عامر بن نفيل الكندى ، من أبناء فارس الذين بعثهم كسرى فى السفن ، لطرد الحبشة عن اليمن. انتهى.

واختلف فى ضبط مشكان ، فقيل بكسر الميم. وقال أبو عبد الله القصاع : سألت شيخنا رضى الدين الشاطبى عن مشكان ، فقال : لا يجوز كسر ميمه. وقال القصاع : ولد سنة مائة.

قال الذهبى : وهذا لا يستقيم مع وجود روايته عن مجاهد. قال الذهبى : وكانت وفاته فى سنة خمس وستين ومائة.

وذكره صاحب الكمال وقال : بانى كعبة الرحمن. وكذا قال الذهبى ، ولم أدر ما معنى هذا ، فإن أريد أنه بنى الكعبة ، فلا يصح ذلك ، والله أعلم.

٢٤٩١ ـ معتّب بن عوف بن عمرو بن عامر بن الفضل بن عفيف بن كليب ابن حبشّية بن سلول بن كعب بن عمرو السلولى ، وقيل الخزاعى ، ويعرف بمعتب بن الحمراء :

حليف بنى مخزوم ، كان من مهاجرة الحبشة وشهد بدرا. وذكره فى البدريين : موسى بن عقبة ، وابن إسحاق ، وأبو معشر. وآخى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بينه وبين ثعلبة بن حاطب الأنصارى.

توفى سنة سبع وخمسين ، وهو ابن ثمان وخمسين ، قاله الطبرى. وفى ذلك نظر ، على ما ذكر ابن عبد البر ، ولم ينبه فى مبلغ التنبيه ، ووجهه : أن من مات سنة سبع وخمسين ، وهو ابن ثمان وخمسين سنة ، كيف شهد بدرا مقاتلا وهى فى السنة الثانية من الهجرة؟ وكيف إذا انضم إلى ذلك ، كونه هاجر إلى الحبشة؟ والله أعلم.

٢٤٩٢ ـ معتب بن أبى لهب عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم القرشى الهاشمى :

ابن عم النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم. قال ابن عبد البر : له صحبة ، أسلم عام الفتح ، وشهد حنينا مسلما

__________________

٢٤٩١ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٤٨٦ ، الإصابة ترجمة ٨١٣٦ ، طبقات ابن سعد ٣ / ٢٦٤ ، السير والمغازى ١٧٧ ، ٢٢٥ ، سيرة ابن هشام ١ / ٣٥٤ ، ٢ / ٣٢٦ ، أنساب الأشراف ١ / ٢١١ ، المغازى للواقدى ١٥٥ ، ٣٤١ ، المحبر ٧٣ ، تاريخ الإسلام ١ / ٣٠٢).

٢٤٩٢ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٤٨٨ ، الإصابة ترجمة ٨١٣٨ ، أسد الغابة ترجمة ٥٠١٨ ، مؤتلف الدارقطنى ١٩٩٣).

١٠٢

مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأخوه عتبة ، وفقئت عين معتب يوم حنين. وأمه : أم جميل ابنة حرب بن أمية ، وهى حمالة الحطب ، امرأة أبى لهب. ومن ولده القاسم بن عباس بن محمد بن معتب بن أبى لهب. روى عنه ابن أبى ذئب ، وابنه عباس بن القاسم. قتل يوم قديد. انتهى.

وقوله : قتل يوم قديد ، يعنى القاسم ، ويوم قديد فى سنة ثلاثين ومائة ، كان فيه حرب بين أبى حمزة الخارجى ، وبين الجيش الذى أنفذه عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك ، عامل مروان بن محمد ـ خاتمة خلفاء بنى أمية ـ على مكة والمدينة ، لقتال أبى حمزة ، داعية طالب الحق الحضرمى ، الثائر باليمن على مروان. وفى ترجمة أبى حمزة الخارجى ، زيادة فى هذا الخبر ، فليراجع.

* * *

من اسمه معمر

٢٤٩٣ ـ معمر بن جياش بن أبى ثامر المبارك القاسمى :

توفى فى جمادى الأولى سنة ثمان وثمانين وخمسمائة ، ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره كتبت هذه الترجمة ، وترجم فيه : بالقائد ابن القائد.

والقاسمى : نسبة إلى القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن أبى هاشم الحسنى ، أمير مكة.

٢٤٩٤ ـ معمر بن الحارث بن قيس بن عدى بن سعد بن سهم القرشى السهمى :

كان من مهاجرة الحبشة ، مع أخيه بشر بن الحارث ، ذكره هكذا ابن عبد البر. قال: وقد ذكرنا إخوته فى باب «تميم» وكان الكلبى يقول فيه : معبد بن الحارث.

٢٤٩٥ ـ معمر بن الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح القرشى الجمحى :

أخو حاطب وحطاب. أمهم : قتيلة بنت مظعون ، أخت عثمان بن مظعون. أسلم

__________________

٢٤٩٤ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٤٩٤ ، الإصابة ترجمة ٨١٦٢ ، أسد الغابة ترجمة ٥٠٤١).

٢٤٩٥ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٤٩٥ ، الإصابة ترجمة ٨١٦٣ ، أسد الغابة ترجمة ٥٠٤٢).

١٠٣

معمر قبل دخول النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم دار الأرقم. قالوا : وآخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بين معمر بن الحارث، ومعاذ بن عفراء ، وشهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها. وتوفى فى خلافة عمر ابن الخطاب رضى الله عنه. ذكر هكذا صاحب الاستيعاب.

٢٤٩٦ ـ معمر بن أبى سرح بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبّة بن الحارث ابن فهر القرشى :

هكذا ذكره الواقدى ، وأبو معشر. وقال ابن إسحاق ، وموسى بن عقبة ، وابن الكلبى : عمرو بن أبى سرح. وذكره الواقدى فيمن شهد بدرا مع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ومات سنة ثلاثين.

٢٤٩٧ ـ معمر بن عبد الله بن نافع بن نضلة بن عبد العزى بن حرثان بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدى بن كعب القرشى العدوى ، ويقال فيه معمر بن أبى معمر :

أسلم قديما ، ولم يهاجر إلى الحبشة إلا فى الهجرة الثانية ، وتأخرت هجرته إلى المدينة ، وهو معدود فى أهل المدينة. وكان شيخا من شيوخ بنى عدى ، وعاش عمرا طويلا.

روى عنه سعيد بن المسيب : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا يحتكر إلا خاطئ».

قال ابن عبد البر : وكان معمر وسعيد يحتكران الزيت ، فدل على أنه أراد بالحكرة : الحنطة ، وما يكون قوتا فى الأغلب ، والله أعلم.

روى عنه بسر بن سعيد : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «الطعام بالطعام ، مثلا بمثل». كتبت هذه الترجمة من الاستيعاب بالمعنى.

وهو الذى حلق شعر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى حجة الوداع ، وقيل إن الذى حلق له فيها : خراش بن أمية بن ربيعة بن الفضل بن منقذ بن عوف بن عفيف الكليبى ، منسوب إلى كليب بن حبشية ، ذكره ابن الأثير فى مختصر الأنساب.

وفى صحيح البخارى ، ما يشهد بأن الحالق معمرا ، لأنه قال : زعموا أنه معمر بن عبد الله. وذكر النووى ، أنه أصح وأشهر ، وأن فى بعض نسخ «المهذب» فى باب «النجش» فى نسب معمر هذا : العذرى. بضم العين وإسكان الذال المعجمة وبالراء ،

__________________

٢٤٩٦ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٤٩٦ ، أسد الغابة ترجمة ٥٠٤٦).

٢٤٩٧ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٤٩٧ ، الإصابة ترجمة ٨١٦٩ ، أسد الغابة ترجمة ٥٠٤٧).

١٠٤

قال : وهو خطأ وتصحيف ، صوابه : العدوى ، بفتح العين وبالدال المهملة وبالواو ، نسبة إلى جده : عدى بن كعب ، وذكر : أن حدثان فى نسبه ، بحاء مهملة مضمومة ، وثاء مثلثة بينهما دال ساكنة. وأن عبيد : بفتح العين وكسر الباء. وأن عويج : بفتح العين وكسر الواو وبالجيم.

٢٤٩٨ ـ معمر بن عثمان بن عمر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشى التيمى :

هكذا نسبه ابن عبد البر ، وقال : صحب النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان ممن أسلم يوم الفتح ، وابنه عبيد الله بن معمر ، له أيضا صحبة.

٢٤٩٩ ـ معيقيب بن أبى فاطمة الدوسى ، على ما قيل :

ذكر موسى بن عقبة ، عن ابن شهاب ، أنه مولى سعيد بن العاص ، وقال غيره : وهو دوسى ، حليف لأبى سعيد بن العاص.

أسلم معيقيب قديما بمكة ، وهاجر منها إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية ، وأقام بها حتى قدم على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة فى السفينتين على ما قيل ، والنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بخيبر ، وقيل إنه قدم عليه قبل ذلك ، وكان على خاتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، واستعمله أبو بكر وعمر على بيت المال ، وكان قد نزل به داء الجذام ، فعولج منه ، بأمر عمر بن الخطاب بالحنظل ، فتوقف أمره. قاله ابن عبد البر. قال : وهو قليل الحديث. روى عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن ، عن النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ويل للأعقاب من النار». وروى عنه حديث آخر مرفوع فى مسح الحصى.

__________________

٢٤٩٨ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٤٩٨ ، الإصابة ترجمة ٨١٧١ ، أسد الغابة ترجمة ٥٠٤٨).

٢٤٩٩ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٥٨٨ ، أسد الغابة ترجمة ٥٠٥٨ ، طبقات ابن سعد ١ / ٢٦٩ ، ٣ / ٨٧ ، تاريخ الدورى ٢ / ٥٧٨ ، تاريخ خليفة ١٥٦ ، ١٩٩ ، ٢٠٢ ، طبقات خليفة ١٣ ، ١٢٣ ، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة ٢١٢٣ ، المعارف لابن قتيبة ٣١٦ ، الكنى للدولابى ١ / ٨٧ ، الجرح والتعديل ترجمة ١٩٣٨ ، رجال البخارى للباجى ٢ / ٧٤٧ ، الجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسرانى ٢ / ٥١٦ ، أنساب القرشيين ٧٥ ، الكامل لابن الأثير ٣ / ١٩٩ ، ٤٠٣ ، سير أعلام النبلاء ٢ / ٤٩١ ، العبر ١ / ٤٧ ، الكاشف ترجمة ٥٦٧٥ ، تجريد أسماء الصحابة ترجمة ١٠١٤ ، تهذيب الكمال ٦١١٩ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٢٥٤ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٦٨ ، خلاصة الخزرجى ٣ / ٧٤٢٥ ، شذرات الذهب ١ / ٤٨ ، النجوم الزاهرة ١ / ٩٠).

١٠٥

وقال النووى : روى له عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سبعة أحاديث ، اتفقا على حديث واحد.

يعنى حديث النبى عن مس الحصى. انتهى.

روى عنه على ما قال المزى : ابن ابنه إياس بن الحارث بن معيقيب ، وابنه محمد بن معيقيب ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن. روى له الجماعة.

قال النووى : وهو الذى سقط من يده خاتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فى بئر أريس فى المدينة ، فى خلافة عثمان ، ومن حين سقط ، اختلفت الكلمة بين المسلمين ، وكان الخاتم كالأمان.

توفى معيقيب فى آخر خلافة عثمان ، وقيل سنة أربعين فى خلافة على رضى الله عنه. انتهى. ذكر وفاته هكذا ابن عبد البر.

٢٥٠٠ ـ مغامس بن رميثة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة بن إدريس بن مطاعن الحسنى المكى :

وجدت بخط بعض المكيين : أن أخاه عجلان بن رميثة ، لما وصل من مصر متوليا لإمرة مكة ، فى سابع عشر جمادى الآخرة ، سنة ست وأربعين وسبعمائة ، أعطى أخويه مغامسا ومباركا السّرّين ، ثم سافر مغامس إلى مصر ، بعد سفر ثقبة إليها.

وذكر ابن محفوظ : أن عجلان لما ولى مكة فى التاريخ المذكور ، أعطى مغامسا وسندا رسما فى البلاد ، وأقام على ذلك مدة مع عجلان ، ثم إنه تشوش منهما ، فأخرجهما من البلاد بحيلة إلى وادى مر ، ثم أمر بهما أن يوسعا فى البلاد ، فلحقا بعد شهر بأخيهما ثقبة ، وكان قد توجه إلى الديار المصرية فقبض عليهم صاحب مصر ، ثم إنهم ومحمد بن عطيفة ، وصلوا من مصر فى سنة ثمان وأربعين وسبعمائة ، ثم قبض على ثقبة وأخويه مغامس وسند ، لما خرجوا لخدمة المحمل المصرى ، على جارى عادة أمراء الحجاز ، فى سنة أربع وخمسين ، لكون ثقبة لم يوافق أمير الركب على ما سأله من الإصلاح بينهم وبين عجلان ، على المشاركة فى الإمرة ، وذهب الأمير بالأشراف إلى مصر تحت الحوطة.

فلما كان اليوم السابع عشر من شهر رمضان سنة ست وخمسين وسبعمائة ، وصل الأشراف المشار إليهم من مصر إلى وادى نخلة ، وليس معهم إلا خمسة أفراس.

فلما كان الثالث والعشرون من شوال هذه السنة ، وصلوا إلى الجديد من وادى مر فى ثلاثة وخمسين فرسا ، وأقاموا بها أياما.

__________________

٢٥٠٠ ـ انظر ترجمته فى : (السلوك ٤ / ٢٢٢).

١٠٦

فلما كان الثالث عشر من ذى القعدة من هذه السنة ، وصلوا إلى مكة لحصار عجلان ، وكان قد وصل إلى مكة من خيف بنى شديد ، لما سمع بوصولهم من مصر ، ونزلوا المعابدة ، وأقاموا بها محاصرين لعجلان ، ثم رحلوا من المعابدة فى الرابع والعشرين من ذى القعدة المشار إليها ، وقصدوا الجديد وأقاموا به ، ثم ذهبوا منه إلى ناحية جدة ، حين وصول الحاج ، وأخذوا الجلاب ودبروا بها ، ولم يحجوا تلك السنة ثم اصطلحوا مع عجلان فى المحرم سنة سبع وخمسين ، ثم نافروا عجلان فى جمادى الآخرة من هذه السنة ، ثم اصطلحوا مع عجلان فى موسم سنة ثمان وخمسين وسبعمائة ، ودام ذلك فيما علمت ، إلى أن توفى مغامس بعد أيام الحج ، بيوم أو يومين ، من سنة إحدى وستين وسبعمائة ، عن ستين سنة أو نحوها مقتولا فى الفتنة التى كانت بين بنى حسن ، والعسكر الثانى المأمور بالمقام بمكة ، عوض العسكر الأول ، لتأييد أميرى مكة : سند وابن عطيفة.

وكان سبب قتل مغامس ، أن الفتنة لما ثارت بمكة ، بين بنى حسن والترك فى هذا التاريخ ، جاء مغامس من أجياد راكبا ، ومعه بعض بنى حسن ، ليقاتلوا الترك الذين عند المدرسة المجاهدية ، فتعرض بعض هجانة الترك لفرس مغامس ، بما أوجب نفورها ، فألقته ، فقتل.

وقيل إن فرسه رميت بنشابة ، فتكعكعت به ، فطرحته بين الترك ، فقتلوه ، وبقى مرميا فى الأرض ، من ضحى إلى المغرب ، ثم دفن بالمعلاة وقت المغرب.

وبلغنى أن الترك أرادوا إحراقه ، فنهاهم عن ذلك قاضى مكة ، تقى الدين الحرازى ، ووجدت بخط بعض أصحابنا ، فيما نقله من خط ابن محفوظ : أنه دفن بغير غسل ولا صلاة عليه. وأنا أستبعد ذلك ، والله أعلم.

وكان يقال : أفرس بنى حسن : ولدا جبلة ، يعنون سندا ومغامسا ، ابنى رميثة ، أمهما جبلة بنت منصور بن جماز بن شيحة الحسينى ، أمير المدينة النبوية.

وسئل بعض الفرسان من بنى حسن ، عن سند ومغامس ، أيهما أفرس؟ فذكر ما يقتضى أن مغامسا أفرس.

* * *

من اسمه المغيرة

٢٥٠١ ـ المغيرة بن الأخنس بن شريق الثقفى ، حليف بنى زهرة :

ذكره ابن عبد البر فى الاستيعاب ، وقال : له فى يوم الدار أخبار كثيرة ، منها : أنه قال

__________________

٢٥٠١ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٥٠٨ ، مؤتلف الدارقطنى ١٦٧٥ ، الإصابة ٨١٩٣ ، أسد الغابة ٥٠٦٦).

١٠٧

لعثمان ، حين أحرقوا بابه : والله لا قال الناس عنا : إنا خذلناك. وخرج بسيفه ، وهو يقول(١) [من البسيط] :

لما تهدّمت الأبواب واحترقت

يمّمت منهن بابا غير محترق

حقا أقول لعبد الله آمره

إن لم تقاتل لدى عثمان فانطلق

والله أتركه ما دام بى رمق

حتى يزايل بين الرأس والعنق

هو الإمام فلست اليوم خاذله

إن الفرار علىّ اليوم كالسّرق

وحمل على الناس. فضربه رجل على ساقيه ، فقطعهما ، ثم قتله. فقال رجل من بنى زهرة ، لطلحة بن عبيد الله : قتل المغيرة بن الأخنس ، فقال : قتل سيد حلفاء قريش. وذكر المدائنى ، عن على بن مجاهد ، عن فطر بن خليفة ، قال : بلغنى أن الذى قتل المغيرة ابن الأخنس ، تقطع جذاما بالمدينة. وقال قتادة : لما أقبل أهل مصر إلى المدينة فى شأن عثمان ، رأى رجل منهم فى المنام ، كأن قائلا يقول له : بشر قاتل المغيرة بن الأخنس بالنار. وهو لا يعرف المغيرة ، رأى ذلك ثلاث ليال ، فجعل يحدث بذلك أصحابه. فلما كان يوم الدار ، خرج المغيرة يقاتل ، والرجل ينظر إليه ، فخرج إليه رجل فقتله ، ثم خرج آخر فقتله ، حتى قتل ثلاثة ، والرجل ينظر إليه ، ويقول : ما رأيت كاليوم ، أما لهذا أحد يخرج إليه! فلما قتل الثلاثة ، وثب إليه الرجل ، فحذفه بسيفه ، فأصابت رجله ، ثم ضربه حتى قتله ، ثم قال : من هذا؟ قالوا : المغيرة بن الأخنس ، فقال : ألا أرانى صاحب الرؤيا المبشرة بالنار! فلم يزل بشر حتى هلك. ذكره هكذا ابن عبد البر.

٢٥٠٢ ـ المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشى ، أبو سفيان بن الحارث :

وهو مشهور بكنيته ، وفى اسمه خلاف ، قد سماه «المغيرة» : الزبير بن بكار ، وابن الكلبى ، وغيرهما.

وسيأتى إن شاء الله تعالى فى الكنى بأبسط من هذا.

٢٥٠٣ ـ المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم القرشى :

أخو أبى سفيان بن الحارث ، هكذا ذكره ابن عبد البر. قال الذهبى : وهو وهم ، بل هو أبو سفيان.

__________________

(١) انظر الأبيات فى الاستيعاب ترجمة ٢٥٠٨.

٢٥٠٢ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٥١٠ ، أسد الغابة ترجمة ٥٠٦٨).

٢٥٠٣ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٥٠٩ ، الإصابة ترجمة ٨١٩٥ ، أسد الغابة ترجمة ٥٠٦٧ ، طبقات خليفة ٦ ، العبر ١ / ٢٤).

١٠٨

٢٥٠٤ ـ المغيرة بن الحارث بن هشام :

أورده الحضرمى فى الصحابة (١) ، وساق له حديثا ، والحديث مرسل. ذكره هكذا الذهبى فى التجريد ..

٢٥٠٥ ـ المغيرة بن حكيم الأبناوىّ الصنعانى :

نزيل مكة. روى عن أبيه ، وأبى هريرة ، وعبد الله بن عمر ، وصفية بنت شيبة ، وأم كلثوم بنت أبى بكر الصديق ، وطاوس وغيرهم.

روى عنه مجاهد ـ مع تقدمه ـ ونافع ـ وهو من أقرانه ـ وليث بن أبى سليم ، وابن جريج ، وعبد العزيز بن أبى رواد ، وآخرون.

روى له البخارى فى الأدب ، والترمذى ، والنسائى ، وابن معين.

وذكره الفاكهى فى عباد مكة ، قال : حدثنا سلمة بن شيب ، قال : حدثنا عبد الله بن إبراهيم ، قال : حدثنى أبى ، قال : سافر المغيرة بن حكيم إلى مكة ، أكثر من خمسين سفرا ، صائما محرما حافيا ، لا يترك صلاة السحر فى السفر ، إذا كان السحر نزل فصلى ومضى أصحابه ، فإذا صلى الصبح ، لحق بهم متى ما لحق ، وكان المغيرة يكثر المقام بمكة ، وبها مات.

حدثنا أبو بشر ، حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا أبى ، قال : ما رأيت البيت بغير طائف ، إلا يوم مات المغيرة بن حكيم ، قال أبو بشر : وزعموا أنه كان رجلا صالحا. انتهى.

٢٥٠٦ ـ المغيرة بن خالد بن العاص المخزومى المكى ، أخو عكرمة :

رجلا من أهل مكة ، يروى عن عبد الله بن عمر. روى عنه نافع بن عبد الله ، ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الثانية من الثقات.

٢٥٠٧ ـ المغيرة بن سليمان الخزاعى :

روى عن حميد الطويل. ذكره هكذا الذهبى فى التجريد.

__________________

٢٥٠٤ ـ انظر ترجمته فى : (جامع التحصيل فى أحكام المراسيل باب مغيرة).

(١) ذكره الصغانى فيمن فى صحبته نظر.

٢٥٠٥ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات ابن سعد ٥ / ٣١٨ ، ٦ / ٧١ ، تاريخ الدورى ٢ / ٥٧٩ ، طبقات خليفة ٢٨٧ ، العلل لأحمد بن حنبل ١ / ١٨ ، ٣٠٨ ، ٢ / ٤٥٦ ، ٣٠١ ، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة ١٣٥١ ، المعرفة ليعقوب ١ / ٥٧١ ، ٥٩٠ ، ٢ / ٢٨ ، ٢٩ ، الجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسرانى ٢ / ٥٠٠ ، الكاشف ٢ / ٥٦٨٠ ، تهذيب الكمال ٦١٢٥ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٢٥٨ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٦٨ ، خلاصة الخزرجى ٣ / ٧١٤٨).

١٠٩

٢٥٠٨ ـ المغيرة بن شعبة بن أبى عامر بن مسعود بن معتّب بن مالك بن كعب ابن عمرو بن سعد بن عوف بن قيس ـ وهو ثقيف ـ الثقفى ، يكنى أبا عبد الله ، وقيل أبا عيسى ، كناه بها النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم على ما قيل ، وقيل أبا محمد :

صحابى مشهور ، له عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم مائة حديث وستة وثلاثون حديثا ، اتفقا منها على تسعة ، وانفرد البخارى بحديث ، ومسلم بحديثين. ذكر ذلك النووى. روى عنه من الصحابة : أبو أمامة الباهلى ، والمسور بن مخرمة ، وقرة المزنى الصحابيون. ومن التابعين : بنوه الثلاثة : حمزة وعروة وعقار ـ بقاف مشددة وراء مهملة بعد الألف ـ ووراد كاتب المغيرة ، والشعبى ، وخلق.

روى له الجماعة ، وقال : إسلامه عام الخندق ، وقدم مهاجرا ، وقيل : إن أول مشاهده الحديبية ، وله فى خبر صلحها ، كلام مشهور ، مع عروة بن مسعود الثقفى ، وشهد مع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما بعدها من المشاهد ، ولما قدم وفد ثقيف على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أنزلهم على المغيرة ، وبعثه مع أبى سفيان بن حرب إلى الطائف ، فهدموا الرّبّة.

ونقل الواقدى عن المغيرة ، أنه قال : إن أبا بكر الصديق ، بعثنى إلى أرض النجير ، ثم شهدت اليمامة ، ثم شهدت فتوح الشام مع المسلمين ، ثم شهدت اليرموك ، وأصيبت عينى يوم اليرموك ، ثم شهدت القادسية ، وكنت رسول سعد إلى رستم ، وولّيت لعمر ابن الخطاب فتوحا.

وقال النووى : وشهد اليمامة وفتح الشام ، وذهبت عينه يوم اليرموك ، وشهد القادسية ، وشهد فتح نهاوند ، وكان على ميسرة النعمان بن مقرّن ، وشهد فتح همذان ، وغيرها. انتهى.

__________________

٢٥٠٨ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٥١٢ ، الإصابة ترجمة ٨١٩٧ ، أسد الغابة ترجمة ٥٠٧١ ، مسند أحمد ٤ / ٢٤٤ ، التاريخ لابن معين ٢ / ٥٧٩ ، المغازى للواقدى ٣ / ١٢٤٠ ، السير والمغازى ٢١٠ ، المحبر لابن حبيب ٢٠ ، ترتيب الثقات ٤٣٧ ، الطبقات لابن سعد ٢ / ٢٨٤ ، الثقات لابن حبان ٣ / ٣٧٢ ، التاريخ الصغير ٥٧ ، التاريخ الكبير ٧ / ٣١٦ ، تاريخ خليفة ٥٨٦ ، طبقات خليفة ٥٣ ، سيرة ابن هشام ٣ / ٢٦٠ ، فتوح البلدان ٣ / ٦٦٤ ، أنساب الأشراف ١ / ١٦٨ ، تاريخ أبى زرعة ١ / ١٨٣ ، عيون الأخبار ١ / ٢٠٤ ، العقد الفريد ٧ / ١٥٥ ، مروج الذهب ١٦٥٦ ، الجرح والتعديل ٨ / ٢٢٤ ، جمهرة أنساب العرب ٢٦٧ ، البدء والتاريخ ٥ / ١٠٤ ، الأخبار الموفقيات ٤٧٤ ، ربيع الأبرار ٤ / ١٦٨ ، الخراج وصناعة الكتابة ٥٥ ، تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ١٠٩ ، تحفة الأشراف ٨ / ٤٦٩ ، الكنى والأسماء للدولابى ١ / ٧٧ ، الكاشف ٣ / ١٤٨ ، عهد الخلفاء الراشدين ٧٥٤ ، مرآة الجنان ١ / ١٢٤ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٢١ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٦٩ ، خلاصة التهذيب ٣٢٩ ، شذرات الذهب ١ / ٥٦ ، النكت الظراف ٨ / ٤٧٠).

١١٠

ومن الولايات التى وليها المغيرة : البصرة ، ولاها له عمر بن الخطاب ، ثم عزله عنها ، لما شهد عليه بالزنا ، ولم تكمل الشهادة عليه عند عمر بذلك ، وجلد عمر الثلاثة الذين شهدوا عليه ، وولاه عمر الكوفة ، فلم يزل عليها حتى قتل عمر ، وولى عثمان بعده ، وأمره عثمان على ذلك ثم عزله ، ولم يشهد المغيرة صفين ، لا نعزاله عن الفتنة ، ثم لحق بمعاوية بعد انقضاء التحكيم. ثم ولاه معاوية الكوفة ، لما سلم الحسن بن على بن أبى طالب الأمر لمعاوية بعد قتل على.

وروى مجالد عن الشعبى ، قال : الدّهاة أربعة : معاوية بن أبى سفيان ، وعمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة ، وزياد. فأما معاوية فللأناة والحلم ، وأما عمرو ، فللمعضلات ، وأما المغيرة ، فللمبادهة ، وأما زياد ، فللصغير وللكبير.

وحكى الرّياشىّ عن الأصمعى ، قال : كان معاوية يقول : أنا للأناة ، وعمرو للبديهة ، وزيادة للصغير والكبير ، والمغيرة للأمر العظيم. قال ابن عبد البر : يقولون : إن قيس بن سعد بن عبادة ، لم يكن فى الدهاء بدون هؤلاء ، مع كرم كان فيه وفضل.

وقال معمر عن الزهرى : كان دهاة الناس فى الفتنة خمسة نفر : عمرو بن العاص ، ومعاوية ، ومن الأنصار ، قيس بن سعد ، ومن ثقيف المغيرة بن شعبة ، ومن المهاجرين عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعى ، واعتزل المغيرة بن شعبة.

وقال مجالد عن الشعبى : سمعت قبيصة بن جابر ، يقول : صحبت المغيرة بن شعبة ، فلو أن مدينة لها ثمانية أبواب ، لا يخرج من باب منها ، إلا تمكن أن يخرج من أبوابها كلها. وقال الهيثم بن عدى ، عن مجالد ، عن الشعبى : سمعت المغيرة بن شعبة يقول : ما غلبنى أحد قط ـ وفى رواية : ما خدعنى أحد فى الدنيا ـ إلا غلام من بنى الحارث بن كعب ، فإنى خطبت امرأة منهم ، فأصغى إلىّ الغلام ، وقال : أيها الأمير ، لا حاجة لك فيها ، إنى رأيت رجلا يقبلها ، فانصرفت عنها ، فبلغنى أن الغلام تزوجها ، فقلت : أليس زعمت أنك رأيت رجلا يقبلها! قال : ما كذبت أيها الأمير ، رأيت أباها يقبلها. فكلما ذكرت قوله ، علمت أنه خدعنى ، وفى رواية : فإذا ذكرت ما فعل بى غاظنى.

وقال ضمرة بن ربيعة ، عن ابن شوذب : أحصن المغيرة بن شعبة ، أربعا من بنات أبى سفيان. وقال بكر بن عبد الله المزنى ، عن المغيرة بن شعبة ، فى حديث ذكره : ولقد تزوجت سبعين امرأة أو بعضا وسبعين امرأة. وقال ليث بن أبى سليم : قال المغيرة بن شعبة : أحصنت ثمانين امرأة. وقال حرملة بن يحيى ، عن ابن وهب : سمعت نافعا يقول : كان المغيرة بن شعبة نكاحا للنساء ، وكان يقول : صاحب الواحدة إن مرضت مرض

١١١

معها ، وإن حاضت حاض معها ، وصاحب المرأتين بين نارين تشتعلان. وكان ينكح أربعا جميعا ، ويطلقهن جميعا. وقال محمد بن وضاح ، عن سحنون بن سعيد ، عن عبد الله بن نافع الصائغ : أحصن المغيرة بن شعبة ، ثلاثمائة امرأة فى الإسلام. قال ابن وضاح : غير ابن نافع ، يقول : ألف امرأة.

قال أبو عبيد القاسم بن سلام : توفى سنة تسع وأربعين بالكوفة ، وهو أميرها. وقال الواقدى ، عن محمد بن أبى موسى الثقفى ، عن أبيه : مات بالكوفة فى شعبان سنة خمسين فى خلافة معاوية بن أبى سفيان ، وهو ابن سبعين سنة. وقال على بن عبيد الله التميمى ، والهيثم بن عدى ، ومحمد بن سعد ، وأبو حسان الزيادى ، فى آخرين : مات سنة خمسين.

وقال الحافظ أبو بكر الخطيب : مات سنة خمسين ، أجمع العلماء على ذلك. وقال أبو عمر ابن عبد البر : مات سنة إحدى وخمسين. وقال بعضهم : سنة ثلاث وخمسين ، وكلاهما خطأ ، والله أعلم.

وقال سفيان بن عيينة ، عن عبد الله بن عمير : رأيت زيادا واقفا على قبر المغيرة بن شعبة ، وهو يقول (١) [من الخفيف] :

إن تحت الأحجار حوما وعزما (٢)

وخصيما ألد ذا معلاق

حية فى الوجار أربد لا ين

فع منه السليم نفث الراقى

وذكر ابن عبد البر : أن مصقلة بن هبيرة الشيبانى ، وقف على قبر المغيرة وقال هذين البيتين ، ثم قال : أما والله لقد كنت شديد العداوة لمن عاديت ، شديد الأخوّة لمن آخيت.

وذكر ابن عبد البر ، أنه استخلف على الكوفة عند موته ابنه عروة ، وقيل : بل استخلف ، جريرا ، فولى معاوية حينئذ الكوفة زيادا ، مع البصرة ، وجمع له العراق. قال : وكان المغيرة رجلا طوالا ذا هيبة أعور ، أصييت عينه يوم اليرموك. انتهى.

وروى عن عائشة قالت : كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقام المغيرة بن شعبة ، فنظر إليها ، فذهبت عينه. ذكر ذلك المزّى فى التهذيب.

وقال محمد بن سعد : وكان ـ يعنى المغيرة ـ أصهب الشعر ، جعدا أكشف ، يفرق رأسه فروقا أربعة ، أقلص الشفتين ، مهتوما ، ضخم الهامة ، عبل الذراعين ، بعيد ما بين

__________________

(١) انظر البيتان فى الاستيعاب ترجمة ٢٥١٢.

(٢) ورد فى الاستيعاب : «إن تحت الأحجار حزما وجودا».

١١٢

المنكبين ، قال : وكان يقال له : مغيرة الرأى ، وكان داهية لا يشتجر فى صدره أمران إلا وجد فى أحدهما مخرجا. قال : وأمه أسماء بنت الأفقم بن عمرو بن ظويلم بن جعيل بن عمرو بن دهمان بن نصر. وقال غيره : أمه أمامة بنت الأفقم. انتهى.

قال النووى : قالوا : وهو أول من وضع ديوان البصرة.

وأخبار المغيرة كثيرة. وقد أتينا على فنون منها فيها مقنع.

٢٥٠٩ ـ المغيرة بن أبى شهاب المخزومى :

شيخ ابن عامر. قيل إنه ولد سنة اثنتين من الهجرة أو قبلها ، وهو مجهول.

ذكره هكذا الذهبى فى التجريد.

٢٥١٠ ـ المغيرة بن عمرو بن الوليد العدنىّ المكى :

روى عن المفضل بن محمد الجندى كتابه «فضائل مكة». روى عنه : أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم النصرابادى.

وذكره الذهبى فقال : المغيرة بن عمرو المكى ، عن المفضل الجندى ، روى حديثا موضوعا ، الحمل فيه عليه. وقال أيضا : مغيرة المكى ، عن المفضل بن محمد الجندى ، اتّهم بحديث ، لأنه موضوع ، ورواته ثقات.

٢٥١١ ـ المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ابن قصى بن كلاب القرشى الهاشمى ، يكنى أبا يحيى :

ولد على عهد النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمكة قبل الهجرة ، وقيل : إنه لم يدرك من حياة النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلا ست سنين. له رواية عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقيل : إن حديثه عنه مرسل لم يسمع منه. وقد روى عن أبىّ بن كعب ، وكعب الأحبار [......](١) وكان قاضيا فى خلافة عثمان ، وشهد مع على بن أبى طالب صفين ، ولما ضرب عبد الرحمن بن ملجم ، على بن أبى طالب على هامته ، وحمل بسيفه على الناس ، أفرجوا عنه ، فتلقاه المغيرة بن نوفل بقطيفة ،

__________________

٢٥١١ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٥١٣ ، الإصابة ترجمة ٨١٩٨ ، أسد الغابة ترجمة ٥٠٧٢ ، الطبقات الكبرى ٥ / ٢٢ ، طبقات خليفة ٢٣١ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٣١٥ ، التاريخ الكبير ٧ / ٣١٨ ، المعارف ١٢٧ ، السير والمغازى ٢٤٦ ، أنساب الأشراف ١ / ٤٠٠ ، الجرح والتعديل ٨ / ٢٣١ ، مروج الذهب ١٧٣٢ ، البدء والتاريخ ٥ / ٢١ ، معجم الشعراء للمرزبانى ٣٦٩ ، مقاتل الطالبيين ٦٢ ، المعجم الكبير ٢٠ / ٣٦٦ ، جمهرة أنساب العرب ١٦ ، تاريخ الإسلام ٤٤).

(١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

١١٣

فرمى بها عليه ، واحتمله وضرب به الأرض ، وقعد على صدره ، وانتزع السيف من يده ، وكان المغيرة أيدا. انتهى من الاستيعاب بالمعنى.

وذكره الذهبى فقال : له رؤية ، وكان من أنصار على. وله جماعة إخوة.

٢٥١٢ ـ المغيرة بن أبى ذئب ، واسم أبى ذئب : هشام ، بن شعبة بن عبد الله بن قيس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤىّ بن غالب القرشى العامرى :

ولد عام الفتح. روى عن عمر بن الخطاب ، روى عنه حفيده ، محمد بن عبد الرحمن ابن المغيرة بن أبى ذئب ، الفقيه المدى الذى ذكره ابن عبد البر بمعنى ذلك ، والذهبى ، إلا أنه اختصر بعض نسبه.

٢٥١٣ ـ مغيث :

زوج بريرة. كان عبدا لبنى مطيع ، ذكره هكذا ابن عبد البر.

قال النووى : «وقال ابن مندة ، وأبو نعيم : هو مولى أبى أحمد بن جحش. وقال ابن عبد البر : هو مولى بنى مطيع : وقيل : كان مولى لبنى مخزوم ، فهو قرشى بالولاء ، على قول من يقول : هو مولى بنى مخزوم ، أو مولى بنى مطيع ، لأنهم من عدى قريش. وأما أبو أحمد ، فمن أسد خزيمة ، ثم الصحيح المشهور ، أن مغيثا كان عبدا حال عتق بريرة ، ثبت ذلك فى الصحيح عن عائشة. وقيل : كان حرا ، وذلك فى رواية لمسلم ، والمشهور أنه كان عبدا. وفى صحيح البخارى ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن زوج بريرة كان عبدا يقال له مغيث ، كأنى أنظر إليه يطوف خلفها يبكى ، ودموعه تسيل على لحيته. فقال النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ألا تعجبون من حب مغيث بريرة ، ومن بغض بريرة مغيثا! وقال النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لو راجعتيه! قالت : يا رسول الله ، تأمرنى؟. قال : إنما أنا أشفع. قالت : لا حاجة لى فيه» انتهى.

ومغيث بضم الميم وكسر الغين المعجمة.

٢٥١٤ ـ مفتاح البدرى :

مولى القاضى بدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة ، والد القاضى عز الدين عبد العزيز بن جماعة.

__________________

٢٥١٢ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٥١١ ، الإصابة ترجمة ٨٣٥١ ، أسد الغابة ترجمة ٥٠٧٨).

٢٥١٣ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٥٠٤ ، الإصابة ترجمة ٨١٩٠ ، أسد الغابة ترجمة ٥٠٦٢ ، المؤتلف والمختلف ١١٩ ، مؤتلف الدارقطنى ٢٠٦٩).

١١٤

سمع من زينب بنت شكر المقدسية ، سنة ست عشرة وسبعمائة بمصر ، وبدمشق من أبى العباس الحجار ، صحيح البخارى ، ومن غيره.

سمع منه شيخنا العراقى ، وغيره ، وحدث بشىء من كتاب «الأدب المفرد للبخارى» بسماعه من ست الفقهاء بنت الواسطى. وكان سماعه مع ابن مولاه قاضى القضاة عز الدين بن جماعة ، وكان يحبه كثيرا ، ويعتمد عليه ، ويقول : هذا من بركة الوالد. ومن العجيب أنهما توفيا فى عام واحد ببلد واحد.

توفى مفتاح فى رمضان سنة سبع وستين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة ، نقلت وفاته من خط شيخنا الحافظ أبى زرعة بن العراقى ، أبقاه الله تعالى.

٢٥١٥ ـ مفتاح بن عبد الله البلينى ، المعروف بالزّفتاوى. نائب مكة ، يلقب أمين الدين:

كان من موالى الشريف أحمد بن عجلان ، فصيّره لأخيه السيد حسن بن عجلان وهو صغير ، فنشأ فى خدمته حتى كبر ، فبدت منه نجابة وشهامة وشجاعة ، فاغتبط به مولاه السيد حسن.

ولما ولى مولاه إمرة مكة ، قدّمه فى كثير من أموره وحروبه ، واستنابه على مكة مرتين ، وبعثه رسولا إلى الناصر فرج صاحب مصر ، فى سنة أربع عشرة وثمانمائة ، فعاد بخير ، ونيابته الأخيرة على مكة فى رجب سنة عشرين وثمانمائة ، لما توجه مولاه من مكة ، بسبب الفتنة التى عرضت بينه وبين بنى عمه ، أولاد على بن مبارك ، وأولاد أحمد ابن ثقبة ، ومن انضم إليهم من القواد العمرة والحميضات ، والذى حرك هذه الفتنة ، أن الشريف حسن ألزم القواد العمرة والحميضات ، بتسليم خيلهم ودروعهم ، أو الجلاء من بلاده ، وأمهلهم فى ذلك نحو نصف شهر ، فتحيلوا فى هذه المدة حتى أفسدوا عليه بنى عمه الأشراف المشار إليهم ، وغيرهم من الأشراف ، ذوى أبى نمى ، وذوى عبد الكريم ، وغيرهم.

وكان السيد حسن إذ ذاك بالشرق ، فلما عرف خبرهم ، وصل سريعا ، وقصد وادى مر ، ونزل على الأشراف ذوى أبى نمى ، ونازل القواد والأشراف الذين معهم بالغد ، وقصدوا جدة ، واستولوا عليها فى يوم الخميس التاسع عشر من رجب ، سنة عشرين وثمانمائة ، وأقاموا الشريف ميلب بن على بن مبارك ، والشريف ثقبة بن أحمد سلطانين ، واستولوا على ذرة كثيرة جدا ، نحو خمسمائة غرارة. وجبوا بعض الجلاب التى وصلت فى هذا التاريخ.

١١٥

ثم أرسل السيد حسن ، ابن أخيه السيد رميثة بن محمد بن عجلان ، وكان قد دخل فى طاعته فى أول هذا العام إلى جدة ؛ فى طائفة من عسكره ، فاستولوا عليها ، واستقر القواد والأشراف الذين معهم فى الغد ، ونزل الشريف حسن بحذاء طريق جدة.

ثم إن جماعة من القواد ، رحلوا بأهليهم من الغد ، ونزلوا بحلة الأشراف بالدّكناء ، بوادى مر ، وأقاموا هناك نحو جمعة ، ثم أغاروا على مكة ، والشريف حسن لا يشعر بهم ، فخرج للقائهم من مكة ، نائبها أمين الدين مفتاح الزفتاوى المذكور ، فى طائفة من عبيد مولاه ، ومن الترك الذين فى خدمته ، ومن المولدين وغيرهم ، والتقى الفريقان ، فاستظهر القواد ومن معهم ، على الذين خرجوا من مكة لقتالهم ، وقتل مفتاح الزفتاوى واثنان معه ، وجرح منهم خلق كثير ، وأخذ سلاحهم وبعض خيولهم ، وكان عدد خيل القواد أربعين ، وعدد خيل أهل مكة عشرين ، ورجلهم مائة وستون عبدا ، وقتل من الأشراف : فواز بن عقيل بن مبارك ، وبإثر موته ، قتل مفتاح ، ولو لا ذلك لخفر.

وكانت هذه الوقعة فى يوم السبت ثانى عشر رمضان سنة عشرين وثمانمائة ، بقرب الموضع المعروف بعين أبى سليمان ، ونقل مفتاح وغيره من القتلى من أصحابه إلى المعلاة ، فدفنوا بها فى ليلة الأحد ثالث عشر الشهر.

٢٥١٦ ـ المفضل بن محمد بن إبراهيم بن مفضل بن سعيد بن عامر بن شراحيل الشّعبى ، أبو سعيد الجندىّ :

نزيل مكة ، ومؤلف «فضائلها» ، حدث عن عبد الرحمن بن محمد الصنعانى ، ابن أخت عبد الرزاق ، «بسنن أبى قرة» عن على بن زياد اللخمى عنه وحدث [.....](١) محمد ابن يوسف الزبيدى ، ومحمد بن يحيى بن أبى عمر العدنى ، وإبراهيم بن محمد الشافعى ، وسلمة بن شبيب النيسابورى ، وصامت بن معاذ [....](١) وغيرهم.

حدث عنه غير واحد ، منهم : الطبرانى ، وابن حبّان ، وابن المقرى ، وقال : قدمت مكة أيام ابن أبى ميسرة ، ولأبى سعيد الجندىّ حلقة فى المسجد الحرام. وقال أبو على النيسابورى : هو ثقة. وقال الذهبى : توفى سنة ثمان وثلاثمائة.

٢٥١٧ ـ مقبل بن أبى نمىّ محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة الحسنى المكى :

توفى ليلة الأربعاء لليلتين بقيتا من ذى الحجة ، سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة.

__________________

٢٥١٦ ـ انظر ترجمته فى : (معجم البلدان ٢ / ١٧٠ ، العبر ٢ / ١٣٧ ، مرآة الجنان ٢ / ٢٥٠ ، البداية والنهاية ١١ / ١٣١ ، طبقات القراء للجزرى ٢ / ٣٠٧ ، لسان الميزان ٦ / ٨١ ـ ٨٢ ، شذرات الذهب ٢ / ٢٥٣ ، الرسالة المستطرفة ٦٠ ، سير أعلام النبلاء ١٤ / ٢٥٧).

(١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

١١٦

٢٥١٨ ـ مقبل بن عبد الله الرومى ، المعروف بالشّهابى :

شيخ الخدّام بالحرم الشريف النبوى ، بلغنى أنه كان مملوكا للسلطان الملك الصالح بن الملك الناصر محمد بن قلاوون صاحب مصر ، وتنقلت به الأحوال ، إلى أن صار من خواص الأمير ألجاى اليوسفى ، الذى كان متزوجا بأم الملك الأشرف شعبان صاحب مصر ، ثم انتقل إلى مكة ، وجاور بها على طريقة حسنة ، وتصدى لإصلاح ما دثر من آثار عرفة ، وأجرى الماء من منى ، إلى بركة السلم ، وابتنى بمكة رباطا بأسفل مكة ، إلى جهة الشبيكة ، يعرف الآن برباط الطويل ، بقرب المطهرة المعروفة بالطويل ، ثم ولى مشيخة الحرم النبوى ، بعد افتخار الدين ياقوت الرسولى ، حتى مات فى أثناء سنة خمس وتسعين وسبعمائة ، أو فى التى قبلها ، بالمدينة النبوية ، ودفن ببقيع الغرقد ، وكانت مدة ولايته لمشيخة الحرم النبوى ، نحو خمس عشرة سنة.

وبلغنى أن المال الذى كان تولى منه إجراء الماء ، وإصلاح ما دثر من المآثر ، من مال الأمير ألجاى اليوسفى ، وكان إلى ألجاى المرجع فى تدبير الأمور فى الديار المصرية ، فى دولة الملك الأشرف ، بعد ذهاب الأحلاف الذين قاموا على أستاذهم الأمير يلبغا الخاصكى وقتلوه ، ثم وقع بين ألجاى والملك الأشرف منافرة ، ولما عاين ألجاى الهلاك ، لم يمكن من نفسه ، وخاض البحر على فرسه ليخلص ، فهلك فى سنة أربع ، أو خمس وسبعين وسبعمائة.

٢٥١٩ ـ المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة بن ثمامة بن مطرود بن عمرو بن سعد بن دهير ـ بفتح الدال المهملة وكسر الهاء ـ بن لؤىّ بن ثعلبة بن مالك بن الشريد ـ بفتح الشين المعجمة ـ بن هون :

ويقال ابن أبى هون ـ بن فايش ـ ويقال قابس ـ بن حزن ـ ويقال ابن دريم ـ ابن القين بن الغوث ، ويقال ابن أهود ، ابن بهراء بن عمرو بن الحاف بن قضاعة الكندى البهرانى. ويقال له المقداد بن الأسود ، لأنه كان فى حجر الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب القرشى الزهرى ، فتبنّاه ونسب إليه ، وصار

__________________

٢٥١٩ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٥٩٠ ، الإصابة ترجمة ٨٢١٠ ، أسد الغابة ترجمة ٥٠٧٦ ، طبقات ابن سعد ١ / ١٤٤ ، ٢ / ٥ ، ٧ ، ٩ ، ١٠ ، ٣ / ١١٩ ، التاريخ الكبير ٨ / ٥٤ ، التاريخ الصغير ٦٠ ، ٦١ ، المعارف ٢٦٣ ، الجرح والتعديل ٨ / ٤٢٦ ، مشاهير علماء الأمصار ترجمة ١٠٥ ، حلية الأولياء ١ / ١٧٢ ، ١٧٦ ، ابن عساكر ١٧ / ٦٦ تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ١١١ ـ ١١٢ ، معالم الإيمان ١ / ٧١ ـ ٧٦ ، تهذيب الكمال ٦١٦٢ ، دول الإسلام ١ / ٢٧ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٢٨٥ ، شذرات الذهب ١ / ٣٩).

١١٧

يعرف بالمقداد بن الأسود ، وليس بابن له ، وقيل إنه كان حليفا للأسود بن عبد يغوث ، ويقال كان عبدا حبشيا للأسود بن عبد يغوث ، فاستلاطه وألزقه به ، فقيل له : ابن الأسود لذلك ، وقيل إنه كان رجلا من بهراء ، فأصاب دما ، فهرب إلى كندة ، فحالفهم ، ثم أصاب فيهم دما ، فهرب إلى مكة ، فحالف الأسود بن عبد يغوث.

وقال أحمد بن صالح المصرى : حضرمى ، وحالف أبوه كندة ، فنسب إليها ، وحالف هو بنى زهرة ، فقيل الزهرى ، لمحالفته الأسود بن عبد يغوث الزهرى.

وذكر ابن عبد البر : أن الأصح فيه والأكثر ، قول من قال : إنه من كندة ، وأن الأسود تبناه وحالفه ، وأنه لا يصح قول من قال : إنه كان عبدا ، والصحيح أنه بهرانى من بهراء ، يكنى أبا معبد ، وقيل أبا الأسود ، وقيل أبا عمرو.

وذكر هذا القول النووى ، والمزى. وذكر النووى ، أنه روى له عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، اثنان وأربعون حديثا ، اتفقا على حديث واحد. ولمسلم ثلاثة أحاديث. روى عنه من الصحابة : على بن أبى طالب ، وابن مسعود ، وابن عباس والسائب بن يزيد ، وسعيد بن العاص ، والمستورد بن شداد ، وطارق بن شهاب. وروى عنه من التابعين : عبيد الله بن عدى ، وعبد الرحمن بن أبى ليلى ، وجبير بن نفير ، وغيرهم.

روى له الجماعة.

كان قديم الإسلام ، روينا عن ابن مسعود قال : أول من أظهر إسلامه بمكة سبعة : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأبو بكر ، وعمار ، وأمه سميّة ، وصهيب ، وبلال ، والمقداد.

قال ابن عبد البر : وكان من الفضلاء النجباء الكبار الأخيار من أصحاب النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم. روى فطر بن خليفة ، عن كثير بن إسماعيل ، عن عبد الله بن مليل ، عن على رضى الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لم يكن نبى إلا أعطى سبعة نجباء ووزراء ورفقاء ، وإنى أعطيت أربعة عشر : حمزة ، وجعفر ، وأبو بكر ، وعمر ، وعلى ، والحسن ، والحسين ، وعبد الله بن مسعود ، وسلمان ، وعمار ، وحذيفة ، وأبو ذرّ ، والمقداد ، وبلال.

وروى سليمان وعبد الله ـ ابنا بريدة ـ عن أبيهما ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إن الله تعالى ، أمرنى بحب أربعة من أصحابى ، وأخبرنى أنه يحبّهم ، فقيل : يا رسول الله ، من هم؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : على ، والمقداد ، وسلمان ، وأبو ذرّ. رواه الترمذى وحسّنه.

وروى حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، سمع رجلا يقرأ ويرفع صوته بالقرآن ، فقال : أوّاب. وسمع آخر يرفع صوته ، فقال : مراء ، فنظروا ، فإذا الأول المقداد بن عمرو.

١١٨

وروى طارق ، عن المقداد ، قال : لما نزلنا المدينة ، عشّرنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عشرة عشرة ، قال : فكنت فى العشرة الذين كانوا مع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولم تكن لنا إلا شاة نتجزى لبنها.

وروى طارق بن شهاب ، عن ابن مسعود قال : لقد شهدت من المقداد مشهدا ، لأن أكون صاحبه ، كان أحبّ إلىّ مما طلعت عليه الشمس ، وذلك أنه أتى النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يذكر المشركين ، فقال : يا رسول الله ، إنا والله لن نقول لك كما قال أصحاب موسى لموسى : (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) [المائدة : ٢٤]. ولكن نقاتل من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك ، قال : فرأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يشرق وجهه لذلك ، وسّره وأعجبه ، ذكره ابن عبد البر ، وهو فى صحيح البخارى بالمعنى.

قال ابن عبد البر : كان قديم الإسلام ، ولم يقدم على الهجرة ظاهرا ، وأتى مع المشركين من قريش ، هو وعتبة بن غزوان ليتوصّلا بالمسلمين ، فانحازا إليهم ، وذلك فى السّريّة التى بعث فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عبيدة بن الحارث إلى ثنيّة المروة ، فلقوا جمعا من قريش ، عليهم عكرمة بن أبى جهل ، فلم يكن بينهم قتال ، وهرب عتبة بن غزوان ، والمقداد بن الأسود يومئذ إلى المسلمين ، وشهد المقداد فى ذلك العام بدرا ، ثم شهد المشاهد كلها. ثم قال ابن عبد البر : وشهد المقداد فتح مصر. انتهى.

وقال المزّى : وكان فارسا يوم بدر ، لم يثبت أنه شهد فارسا غيره ، وقد قيل إن الزبير ابن العوام ، كان فارسا يومئذ أيضا ، وكذلك مرثد بن أبى مرثد الغنوى ، والله أعلم.

وذكره محمد بن سعد فى الطبقة الأولى. قال : وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية ، فى رواية محمد بن إسحاق ، ومحمد بن عمر ، ولم يذكره موسى بن عقبة ، ولا أبو معشر. قال : وشهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان من الرّماة المذكورين من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ذكره يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، فيمن هاجر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة.

قال أبو الحسن المدائنى ، وأبو عبيد القاسم بن سلّام ، وعمرو بن علىّ ، وخليفة بن خيّاط ، وغير واحد : مات المقداد سنة ثلاث وثلاثين ، زاد بعضهم. وهو ابن سبعين سنة بالجرف ، على ثلاثة أميال من المدينة. وقيل : على عشرة أميال ، وحمل إلى المدينة ودفن بها ، وصلّى عليه عثمان.

وذكر النووى : أنه أوصى إلى الزبير بن العوام.

١١٩

وذكر البخارى فى التاريخ الصغير ، عن كريمة ابنة المقداد : أن المقداد أوصى للحسن والحسين ، ابنى على بن أبى طالب ، لكلّ واحد منهما ثمانية عشر ألف درهم ، وأوصى لأزواج النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لكل امرأة منهن سبعة آلاف درهم ، فقبلوا وصيته.

وقال عمرو بن أبى المقدام : حدثنا ثابت بن هرمز ، عن أبيه ، عن أبى فايد : أن المقداد ابن الأسود ، شرب دهن الخروع ، فمات.

وقال محمد بن سعد : أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدثنا موسى بن يعقوب ، عن عمته ، عن أمها كريمة بنت المقداد ، أنها وصفت لهم أباها ، فقالت : كان رجلا طوالا آدم ، ذا بطن ، كثير شعر الرأس ، يصفّر لحيته وهى حسنة ، ليست بالعظيمة ولا الحفيفة ، أعين ، مقرون الحاجبين ، أقنى.

٢٥٢٠ ـ مقسم بن بجرة ـ ويقال بن بجرة ـ على مثال شجرة ـ ويقال ابن نجدة ـ مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل ، ويقال مولى عبد الله بن عباس ، وليس مولى له ، وإنما قيل له : مولى ابن عباس ، للزومه له ، يكنى أبا القاسم. ويقال : أبا العباس :

روى عن : خفاف بن إيما بن رحضة الغفارى ، ومولاه عبد الله بن الحارث بن نوفل ، وعبد الله بن شرحبيل بن حسنة ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، ومعاوية بن أبى سفيان ، وعائشة ، وأم سلمة.

روى عنه : الحكم بن عتيبة ، وخصيف بن عبد الرحمن الجزرى ، وعبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ، وعبد الكريم بن مالك الجزرى ، وغيرهم.

روى له الجماعة إلا مسلما.

قال حجاج بن محمد ، عن شعبة ، عن أيوب ، قال : وكانت لمقسم سفيرة ، وكان يقرأ فى المسجد الحرام فى مصحف ، وكان يتعتع فى قراءته ، لم يكن جيّد القراءة ، وكان إذا ختم ، اجتمع إليه لختمته.

__________________

٢٥٢٠ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات ابن سعد ٦ / ٢٣ ، تاريخ الدورى ٢ / ٥٨٤ ، تاريخ خليفة ٣٢٥ ، طبقات خليفة ٢٨١ ، العلل لأحمد بن حنبل ١ / ٥ ، ١٥٢ ، ١٩٢ ، ٢ / ٣٠٧ ، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة ٢٠٥٧ ، التاريخ الصغير ١ / ٢٩٢ ـ ٢٩٥ ، المعارف لابن قتيبة ٤٦٠ ، المعرفة ليعقوب ١ / ٥٠٨ ، ٢ / ١٦ ، ٥٨٤ ، ٨٣٠ ، ٨٣١ ، تاريخ أبى زرعة ٥٨٢ ، ٥٨٩ ، تاريخ واسط ١٧٠ ، الجرح والتعديل ترجمة ١٨٨٩ ، الجمع بن القيسرانى ٢ / ٥٢١ ، الكاشف ترجمة ٥٧١٤ ، العبر ١ / ١٢١ ، المغنى ٢ / ٦٤٠٤ ، تهذيب الكمال ٦١٦٦ ، ميزان الاعتدال ترجمة ٨٧٤٥ ، تهذيب التهذيب ١٠ / ٢٨٨ ـ ٢٨٩ ، تقريب التهذيب ٢ / ٢٧٣ ، خلاصة الخزرجى ترجمة ٧٤٢٩).

١٢٠