العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٤

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٤

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٦٢

١١٢٩ ـ خشيعة المكى الزباع :

بزاى معجمة وباء موحدة وألف ثم عين مهملة ، من القواد المعروفين بالزّبابعة. قتل بمكة فى رمضان سنة ست وثلاثين وسبعمائة ، مع ابن عمه واصل بن عيسى الزباع وزير رميثة ، وكانا فى خدمته حين هجم مكة فى هذا التاريخ المذكور ، وكان المحارب لهم بمكة ، عطيفة بن أبى نمى وجماعته.

* * *

من اسمه خضر

١١٣٠ ـ خضر بن إبراهيم بن يحيى ، الخواجا خير الدين بن الخواجا برهان الدين الرومى التاجر الكارمىّ :

كان ذا ملاءة وافرة ، سكن عدن مع أبيه مدة سنين ، ثم انتقل إلى مكة ، وأحب الانقطاع بها ، ومضى منها إلى مصر ، وعاد إليها بعد موت أبيه فى سنة إحدى عشرة وثمانمائة ، واشترى بها ملكا واستأجر وقفا ، ثم أعرض عن الإقامة بمكة ، لتعب لحقه بها من جهة الدولة ، وسكن القاهرة ، وبها مات فى ثالث ذى القعدة سنة عشرين وثمانمائة. وكان ينطوى على دين ، وقلة سماح ، ومجموع مجاورته بمكة ، يزيد على خمسة أعوام.

١١٣١ ـ خضر بن حسن بن محمود النابتى العراقى الأصفهانى :

نزيل مكة ، هكذا وجدت نسبه بخطه ، ووجدت بخطه : أنه سمع من لفظ الفخر التّوزرىّ : صحيح البخارى ، فى سنة إحدى وسبعمائة ، وقرأ عليه سنن أبى داود ، وسمع من الرضى الطبرى : صحيح مسلم بقراءته.

ووجدت بخط الآقشهرى : أنه يروى عن الدّلاصى ، وابن شاهد القيمة وأنه سمع على الرشيد بن أبى القاسم كتاب «الإعلام» للسّهيلى عنه سماعا ، وأنه قيد كثيرا ، وأنه يحسّ بالرواية حسّا خفيّا ضعيفا ، وأنه خير ثقة متعفّف ، من خيار صوفية مكة تديّنا وعفّة ، من شيوخه فى التصوف ابن بزغش بشرا ، وصحب بمكة الشيخ نجم الدين الأصبهانى ، وكان من خواص أصحابه. انتهى.

سمع منه الشيخ نور الدين الفوّى بقراءته على ما ذكر فى جزء جمعه ، سماه «هداية المقتبس وهداية الملتبس» وذكر أنه صحبه بمكة المشرفة ، سنة أربعين وسبعمائة ، ولبس منه خرقة التصوف ، وأخذ عنه جملة صالحة من علوم القوم ، إلا أنه وهم فى اسم أبيه ؛ لأنه قال : الشيخ جمال الدين خضر بن محمد النابتى ، نزيل حرم الله تعالى ، ولا يقال إنه غيره ؛ لأنه ذكر أنه صحب الرضى الطبرى والتّوزرىّ وسمع منهما ولبس منهما ، وهما من

__________________

١١٣٠ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٣ / ١٧٨).

٤١

شيوخ المذكور ، وأخذ الفقه عن الجيلوى ، صاحب «بحر الحاوى» على ما ذكر لى شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة. انتهى.

وتوفى ليلة السادس عشر من شعبان ، سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة ، كذا وجدت وفاته فى حجر قبره. ووجدت تاريخ وفاته بهذا الشهر أيضا ، بخط ابن البرهان الطبرى.

وفى حجر قبره : أن القاضى نجم الدين محمد بن أحمد الطبرى ، أمر بتجديده فى رجب سنة ثلاث وستين وسبعمائة.

ووجدت بخط الآقشهرى ، ما يقتضى أنه جاور بمكة أزيد من أربعين سنة ، وأنه ولد بدوين (١) سنة سبعين وستمائة. انتهى. وتفرد شيخنا أبو اليمن الطبرى بإجازته.

١١٣٢ ـ الخضر بن عبد الواحد بن على بن الخضر ، تاج الدين أبو القاسم ، المعروف بابن السابق الشافعى :

القاضى بمكة. ذكره الرشيد العطار فى مشيخته ، وقال بعد أن عرفه بما ذكرناه : القاضى أبو القاسم الحلبى ، هذا من أعيان فقهاء الشافعية وأكابرهم ، ويعرف بابن السابق. استوطن مكة وجاور بها إلى حين وفاته. وكان يدرّس بالحرم الشريف ، ويفتى ، واستقضى فى آخر وقت بها.

قرأت عليه أحاديث يسيرة من صحيح مسلم ، ولم أقف على سماعه ، وإنما اعتمدت فى ذلك على قوله ، وكان ممن يعتمد عليه والحمد لله.

وسألت الشيخ أبا عبد الله بن أبى الفضل الأندلسى عنه فوثقه. وأخبرنى الفقيه جابر ابن أسعد اليمانى. بمصر ، أنه توفى فى ذى الحجة سنة إحدى وثلاثين وستمائة بعد الوقفة ، رضى الله عنه. انتهى.

قلت : لم يبين الرشيد العطار ، هل ولاية المذكور للقضاء بمكة نيابة أو استقلالا؟ ولا متى كانت؟ وأظن أنها نيابة. والله أعلم.

وكان قاضيا فى سنة ست وعشرين وستمائة ، وفى اللتين بعدها ؛ لأنى وجدت خطه فى مكاتيب ثبتت عليه فى هذا التاريخ. والله أعلم.

__________________

١١٣١ ـ (١) ـ دوين : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، وياء مثناه من تحت ساكنة ، وآخره نون : بلدة من نواحى أران فى آخر حدود أذربيجان بقرب من تفليس ، منها ملوك الشام بنى أيوب.

انظر : معجم البلدان ٢ / ٤٩١.

٤٢

١١٣٣ ـ خضر بن محمد بن على الإربلىّ (١) ، أبو العباس الصوفىّ :

نزيل مكة ، سمع من نصر بن نصر العكبرىّ : الخامس من المخلصيّات الكبير وسمع أيضا أبا الكرم الشّهرزورىّ ، والنقيب المكى ، ومحمد بن الزاهد أبى بكر محمد بن عبد الله ابن عبد الرحمن التميمى الحراوىّ.

وجاور بمكة ، إلى أن توفى بها يوم الاثنين ثانى عشر جمادى الأولى سنة ثمان وستمائة.

هكذا وجدت وفاته بخطى ، فيما نقلته من تاريخ ابن الدّبيثى ، وذكر أنه كان شيخ الصوفية ومقدما عليهم.

ووجدت بخطى فيما نقلته من تاريخ إربل لابن المستوفىّ ، أنه توفى فى محرم سنة ثمان وستمائة بمكة ، والله أعلم بالصواب ، وذكر أن الملك المظفر صاحب إربل ، كان يصله فى كل سنة بجائزة ، ويشركه مع نوابه الذين ينفذ على أيديهم الصدقات إلى مكة.

١١٣٤ ـ خضر بن قرامرز الكازرونى :

نزيل حرم الله تعالى ، الناخوذة (١) صلاح الدين. توفى يوم الاثنين لثلاث بقين من صفر سنة ثمان وعشرين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره لخصت هذه الترجمة.

١١٣٥ ـ خضر بن محمد بن على الإربلىّ الصوفىّ :

نزيل مكة ، وشيخ رباط السدرة بها. سمع من الفخر بن البخارى ، ومن ابن مؤمن الصّورى : جزء عمر بن زرارة وغيرهم. وحدث ، وصحب العزّ الفاروقى ، وفارقه من مكة فى سنة اثنتين وتسعين وستمائة ، وجاور بها إلى أن مات فى سنة ثلاثين وسبعمائة ، وكان رجلا مباركا.

١١٣٦ ـ خلف بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد المكى الخوارزمىّ ، أبو المظفر:

ولد بخوارزم فى سنة أربع وخمسمائة ، وورد مرو (١) ، وتفقه بها على أبى الفضل

__________________

١١٣٣ ـ (١) نسبة إلى بلد إربل وهى : إربل ، بالكسر ثم السكون وباء موحدة مكسورة ولام بوزن إثمد ، ولا يجوز فتح الهمزة لأنه ليس فى أوزانهم. انظر : معجم البلدان (إربل) ، الروض المعطار ٢٦ ، آثار البلاد ٢٩٠.

١١٣٤ ـ (١) أى ربان السفينة.

١١٣٦ ـ (١) مرو الشامجان : هذه مرو العظمى أشهر مدن خراسان وقصبتها ، نص عليها الحاكم ـ

٤٣

عبد الرحمن الكرمانى ، ثم وعظ بجامعها فى سنة إحدى وستين ، وكان كثير النكت والفوائد ، وقدم بغداد فى سنة ستين حاجا ، ثم قدمها فى سنة أربع وستين.

١١٣٧ ـ خلف بن الوليد البغدادىّ الجوهرىّ :

نزيل مكة. سمع شعبة وإسرائيل ، وأبا جعفر الرازى (١) وغيرهم. وروى عنه أحمد بن أبى خيثمة ، وبشر بن موسى ، ويحيى بن عبدك القزوينى ، وأبو زرعة الرازى ، ووثقه. وتوفى فى سنة اثنتى عشرة ومائتين. ذكره الذهبى فى تاريخ الإسلام.

١١٣٨ ـ خليفة بن حزن بن أبى وهب المخزومى :

ذكر ابن قدامة أنه وأخاه عبد الرحمن ، أسلما يوم الفتح ، وقتلا شهيدين يوم اليمامة وذكر أنه لا يعلم أن أحدا من بنى حزن ، حفظ عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وروى عنه ، غير المسيب ، والله أعلم.

١١٣٩ ـ خليفة بن محمود الكيلانى ، يلقب نجم الدين :

إمام الحنابلة بالحرم الشريف. ذكر الشيخ شمس الدين بن قيم الجوزية الحنبلى : أنه كان إمام الحنابلة بمكة ، وإن إجراء عين مكة ـ يعنى عين بازان ـ كان على يده ، وتولى مباشرتها بنفسه.

وذكر عنه حكاية عجيبة تتعلق بعين مكة ، ثم قال بعد ذكرها : وهذا الرجل الذى أخبرنى بهذه الحكاية ، كنت نزيله وجاره وخبرته ورأيته من أصدق الناس وأدينهم وأعظمهم أمانة ، وأهل البلد كلمتهم واحدة على صدقه ودينه ، وشاهدوا هذه الواقعة بعيونهم. انتهى.

وما عرفت من حاله سوى هذا ، وأظنه كان نائبا فى إمامة الحنابلة بمكة لا مستقلا بها ؛ لأن الحكاية التى ذكرها عنه ابن قيم الجوزية ، كانت سنة ست وعشرين وسبعمائة ، فإن فيها أجريت عين بازان ، وكان إمام الحنابلة فى هذا التاريخ بمكة ، القاضى جمال الدين محمد بن عثمان الآمدى. ولما مات فى سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة ، ولى الإمامة

__________________

ـ أبو عبد الله فى تاريخ نيسابور. وبين مرو ونيسابور سبعون فرسخا ومنها إلى سرخس ثلاثون فرسخا وإلى بلخ مائة واثنان وعشرون فرسخا واثنان وعشرون منزلا. انظر : معجم البلدان ٥ / ١١٢ وما بعدها.

١١٣٧ ـ انظر ترجمته فى : (التاريخ الكبير ٢ / ١ / ١٩٦).

(١) فى الأصول : «الدارى». والتصحيح من كتب الرجال.

٤٤

بعده ابنه محمد ، إلى أن مات سنة تسع وخمسين وسبعمائة ، على ما هو معروف عند أهل مكة.

ولعل نجم الدين خليفة المذكور ، كان ينوب عن الأب وابنه ، والله أعلم.

ورأيت أن أثبت هذه الحكاية التى ذكرها عنه ابن قيم الجوزية لغرابتها ، على ما هى مذكورة عنه فى كتاب : «آكام المرجان فى أحكام الجان» ، ونصها فيه :

«ونقلت من خط العلامة الشيخ شمس الدين أبى عبد الله محمد بن أبى بكر الحنبلى رحمه‌الله تعالى ، وحدثنى به أيضا ، قال : وقعت هذه الواقعة بعينها فى مكة ، سنة إجراء العين بها ، وأخبرنى إمام الحنابلة بمكة ، وهو الذى كان إجراؤها على يده ، وتولى مباشرتها بنفسه ، نجم الدين خليفة بن محمود الكيلانى ، قال : لما وصلنا فى الحفر ، إلى موضع ذكره ، خرج أحد الحفارين من تحت الحفر مصروعا لا يتكلم ، فمكث كذلك طويلا ، فسمعناه يقول : يا مسلمين ، لا يحل لكم أن تظلمونا ، قلت له أنا : وبأى شىء ظلمناكم؟ قال : نحن سكان هذه الأرض ، ولا والله ما فيهم مسلم غيرى ، وقد تركتهم ورائى مسلسلين ، وإلا كنتم لقيتم منهم شرّا. وقد أرسلونى إليكم يقولون : لا ندعكم تمرون بهذا الماء فى أرضنا ، حتى تبذلوا لنا حقنا.

قلت : وما حقكم؟ قال : تأخذون ثورا ، فتزينونه بأعظم زينة ، وتلبسونه وتزفونه من داخل مكة ، حتى تنتهوا به إلى هنا فاذبحوه ، ثم اطرحوا لنا دمه وأطرافه ورأسه ، فى بئر عبد الصمد ، وشأنكم بباقيه ، وإلا فلا ندع الماء يجرى فى هذه الأرض أبدا.

قلت له : نعم أفعل ذلك ، قال : وإذا بالرجل قد أفاق يمسح وجهه وعينيه ، ويقول: لا إله إلا الله ، أين أنا؟ قال : وقام الرجل ليس به قلبة ، فذهبت إلى بيتى ، فلما أصبحت ونزلت أريد المسجد ، إذا برجل على الباب لا أعرفه ، فقال لى : الحاج خليفة هاهنا؟ قلت : وما تريد به؟ قال : حاجة أقولها له. قلت له : قل لى الحاجة وأنا أبلغه إياها فإنه مشغول ، قال لى : قل له : إنى رأيت البارحة فى النوم ثورا عظيما ، قد زينوه بأنواع الحلىّ واللّباس ، وجاءوا به يزفونه ، حتى مروا به على دار خليفة ، فوقفوه إلى أن خرج ورآه ، وقال : نعم هو هذا ، ثم أقبل به يسوقه والناس خلفه يزفونه ، حتى خرج من مكة ، فذبحوه وألقوا رأسه وأطرافه فى بئر.

قال : فعجبت من منامه ، وحكيت الواقعة والمنام لأهل مكة وكبرائهم ، فاشتروا ثورا وزينوه وألبسوه ، وخرجنا به نزفه ، حتى انتهينا إلى موضع الحفر ، فذبحناه وألقينا رأسه وأطرافه ودمه فى البئر التى سماها ، قال : ولما كنا قد وصلنا إلى ذلك الموضع ، كان الماء يفور ، فلا ندرى أين يذهب أصلا ، ولا نرى عينا ولا أثرا.

٤٥

قال : فما هو إلا أن طرحنا ذلك فى البئر ، قال : وكأن من أخذ بيدى وأوقفنى على مكان ، وقال : احفروا هاهنا. قال : فحفرنا وإذا بالماء يموج فى ذلك الموضع ، وإذا طريق منقورة فى الجبل ، يمر تحتها الفارس بفرسه ، فأصلحناها ، فجرى الماء فيها نسمع هزيزه ، فلم يكن إلا نحو أربعة أيام ، وإذا بالماء بمكة ، وأخبرنا من حول البئر ، أنهم لم يكونوا يعرفون فى البئر ماء يردونه ، فما هو إلا أن امتلأت وصارت موردا». انتهى (١).

والشيخ شمس الدين الحنبلى المذكور فى هذه الحكاية ، هو ابن قيم الجوزية. وقال بعد ذكرها : وهذا الرجل الذى أخبرنى بهذه الحكاية ، كنت نزيله وجاره ، وخبرته فرأيته من أصدق الناس وأدينهم ، وأعظمهم أمانة ، وأهل البلد كلمتهم واحدة على صدقه ودينه ، وشاهدوا هذه الواقعة بعيونهم. انتهى.

وبئر عبد الصمد المذكورة فى هذه الحكاية ، لا تعرف الآن ، والعين المشار إليها : عين بازان ، والله تعالى أعلم.

* * *

من اسمه خليل

١١٤٠ ـ خليل بن ألدمر الناصرىّ :

توفى بمكة فى الرابع عشر من ذى الحجة سنة ثلاثين وسبعمائة ، مقتولا فى الفتنة العظيمة التى كانت بها فى هذا التاريخ ، بين الحجاج المصريين وأهل مكة ، وقد شرحناها فى ترجمة أبيه.

١١٤١ ـ خليل بن عبد الرحمن بن محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن الحسن بن عبد الله القسطلانى المكى المالكى :

إمام مقام المالكية بالحرم الشريف ، يكنى أبا الفضل ، ويلقب بالضياء ، ويسمى محمدا أيضا ، وإنما اشتهر بخليل. ولذلك ذكرناه هنا.

سمع على المفتى عماد الدين عبد الرحمن بن محمد الطبرى : صحيح مسلم ، بفوت ،

__________________

١١٣٩ ـ (١) قال ابن القيم الجوزية تعليقا على هذه الحكاية : وهذا نظير ما كان من عادتهم قبل الإسلام من تزيين جارية حسناء وإلباسها أحسن الثياب وإلقائها فى النيل حتى يطلع ، ثم أبطل الله تلك السنة الجاهلية على يدى من أخاف الجن وقمعها عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، وهكذا هذه العين وأمثالها لو حضرها رجل عمرى يفرق من الشيطان لجرت على رغمهم ولم يذبح لهم عصفور فما فوقه ولكن لكل زمان رجال.

١١٤١ ـ انظر ترجمته فى : (التحفة اللطيفة ٢ / ٢١ ، شجرة النور الزكية ٢٢٢).

٤٦

وعلى أخيه يحيى : أربعين المحمدين للجيّانى ، وعلى أمين الدين القسطلانى : الموطا ، رواية يحيى بن يحيى ، خلا من أوله إلى قوله : «إعادة الصلاة مع الإمام» ، وسمعه كاملا على التوزرى ، وسمع عليه الصحيحين ، وسنن أبى داود ، وجامع الترمذى ، والشفاء للقاضى عياض ، وعلى الصفى والرضى الطبريين : صحيح البخارى ، وعلى الرضى بمفرده : السيرة لابن إسحاق ، وتاريخ الأزرقى ، وعليه وعلى الشريف أبى عبد الله الفاسى : العوارف للسّهروردىّ ، وعلى ابن حريث : الشفاء للقاضى عياض ، وغير ذلك كثيرا بمكة والمدينة عليهم ، خلا ابن حريث ، وعلى جماعة سواهم ، منهم : جده لأمه ، قاضى مكة جمال الدين بن الشيخ محب الدين الطبرى ، وجد أمه المحب الطبرى ، على ما وجدت بخط جدى الشريف علىّ بن الشريف أبى عبد الله الفاسى ، ولم يبين ما سمعه عليهما ، وما عرفت أنا ذلك.

ووجدت بخطه : أن خاله قاضى مكة نجم الدين الطبرى ، أشغله فى مذهب الشافعى ، فحفظ الحاوى والتنبيه ، ثم اشتغل بمذهب مالك ، على قاضى القضاة بالإسكندرية ، شمس الدين بن جميل ، وقاضى القضاة بدمشق فخر الدين بن سلامة ، والشيخ أبى عبد الله الغرناطى بمكة.

وقرأ الأصول على الشيخ علاء الدين القونوى ، وقرأ النحو عليه ، وعلى الشيخ عز الدين النّشائى ، وجوّد القراءات بالسبع ، على الشيخ عفيف الدين الدلاصى بمكة ، والشيخ أبى عبد الله القصرى. وصحب الشريف أبا عبد الله الفاسى بمكة ، مدة طويلة ، ورباه وسلكه ، وأخذ عنه طريق القوم ، وصحب الشيخ الصالح أبا محمد البسكرى ، وتلقن منه ، وأخذ عنه ، وصحب الشيخ خليفة ، وآخرين يطول تعدادهم. انتهى ما وجدته بخط جدى.

وحدث بكثير من مسموعاته ، سمع منه جماعة من أعيان شيوخنا ، منهم والدى ، فروى لنا عنه غير واحد منهم ، ودرس وأفتى كثيرا ، مع الفضيلة والشهرة الجميلة ، وكان وافر الصلاح ، ظاهر البركة شديد الورع والاتباع.

وله من الجلالة والعظمة عند الخاص والعام ما لا يوصف ، خصوصا عند أهل المغرب ، كبلاد التّكرور (١) والسودان ، فإنهم كانوا يرون الاجتماع به من كمال

__________________

(١) تكرور : مدينة فى بلاد السودان بقرب مدينة صنغانة على النيل ، وهى أكبر من مدينة سلى وأكثر تجارة ، ومن مدينة سلى وتكرور إلى سجلماسة أربعون يوما بسير القوافل وأقرب البلاد إليها من بلاد لمتونة الصحراء أزقى وبينهما خمس وعشرون مرحلة. انظر : ـ

٤٧

حجهم ، وكانوا يحملون إليه الفتوحات الكثيرة ، فيفرقها على أحسن الوجوه.

وكان كثير الإحسان إلى الخلق ، ولم يكن له فى ذلك نظير ببلاد الحجاز ؛ فإنه كان بسبب ذلك يستدين الدين الكثير ، وربما بلغ دينه مائة ألف درهم ، فيقضيها الله تعالى على أحسن الوجوه ببركته.

وقد ذكره ابن فرحون فى كتابه «نصيحة المشاور» فذكر من أوصافه الجميلة بعض ما ذكرناه.

ومما يحكى من كراماته ، ما بلغنى عن شيخنا القاضى نور الدين على بن أحمد النويرى ـ وهو ربيب الشيخ خليل المذكور ـ قال : أخبرنى شيخ الفراشين بالحرم النبوى ، وسماه شيخنا نور الدين ، ونسى اسمه الحاكى لى عنه ، قال : بتّ ليلة بالحرم النبوى ، ثم أفقت وتطهرت ، وأتيت الروضة ، وقصدت وجه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأسلم عليه ، فإذا بالباب الذى فى هذه الجهة ، قد فتح وخرج منه الشيخ خليل المالكى ، وغلق الباب فى إثره ، وقصد الشيخ خليل الروضة. قال : فسلمت على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وخففت ، وتعجبت من دخول الشيخ خليل إلى الحرم النبوى ليلا من غير شعورى ، ثم قلت : لعل غيرى فتح له ، وقصدت الروضة لقصد الاجتماع به ، فلم أره بها. انتهى بالمعنى. ولأجل هذه الحكاية ، قيل إن الشيخ خليل كان من أهل الحظوة.

ومنها : أن القاضى نور الدين ، ذكر أنه دخل على الشيخ خليل فى زمن الموسم ، وهو يتصدق على الناس ، فسأله أن يكسوه ، فأمر الشيخ غلامه أن يعطيه مائتى درهم ، قال القاضى نور الدين : فقبلتها واغتبطت بها ، فلما فهم ذلك عنى ، دعا لى فيها بالبركة ، قال : فتسببت فيها حتى صارت نيفّا وأربعين ألف درهم.

ومنها : أن القاضى شهاب الدين الطبرى ، شكا إلى الشيخ خليل شدّة خوفه من المصريين ؛ لأن بعض جماعة القاضى شهاب الدين ، سعوا عند عجلان أمير مكة ، فى منع الضياء الحموى من الخطابة بمكة ، فمنع من ذلك ، بعد أن صار فى المسجد ، وهو لابس شعار الخطبة.

وكان صاحب مصر الملك الناصر حسن ، قد فوض إليه ذلك بوساطة القطب الهرماس ، أحد خواصه ، فأنهى ذلك أعداء القاضى إلى السلطان ، فكثر تآمره على القاضى شهاب الدين ، وأمر فيه بالسوء ، وشاع ذلك فى الناس ، واشتد خوف القاضى

__________________

ـ معجم البلدان ٢ / ٣٨ ، الروض المعطار ١٣٤ ، الإدريسى ٣ / ٤ ، الاستبصار ٢١٧ ، البكرى ١٧٢ ، صبح الأعشى ٥ / ٢٨٦.

٤٨

شهاب الدين من ذلك ، وصار يلازم الشيخ خليل فى الدعاء بالسلامة ، وألحّ على الشيخ خليل فى ذلك ، فقال له الشيخ خليل : ما ترى إلا خيرا ، فقال له : كيف يكون هذا ، وعن قريب يصل عسكر السلطان إلى مكة!. فقال له الشيخ خليل : رأيت أنى أنا وأنت فى جوف الكعبة ، ورقينا فى الدرجة التى بسطحها ، ودخول الكعبة أمان لداخلها ، فصحت بشارة الشيخ خليل ؛ لأن العسكر وصل إلى الكعبة ، والقاضى شهاب الدين ضعيف ، وتمادى به المرض حتى مات بعد وصول العسكر بأيام.

وبلغنى أن الشيخ خليل ، كان لا يميز صنجة مائة من مائتين ، لإعراضه عن الدنيا ، وإنما كان يرتب فى بيته كل يوم خبزا كثيرا جدّا ، ويتصدق به على الفقراء والمساكين ، وأن ذلك من غلة الوقف الذى اشتراه بقرية المبارك من أعمال مكة ، ووقفه لأجل ذلك. وهذا الوقف وجبتا ماء غير قليل ، وأراضى معروفة.

وكان الشيخ خليل مبتلى بالوسواس فى الطهارة والصلاة ، وكان يشتد عليه الوسواس فى ذلك ، فيعيد الصلاة بعد أن يصلى بالناس ، وربما أقام يصلى من بعد صلاة الظهر إلى آذان العصر ، صلاة الظهر يعيدها ، وربما أذن العصر ولم يكمل الصلاة ؛ لأنه يحرم بالصلاة ويقطعها لأجل الوسواس ، فيكرر ذلك ويتألم خاطره لذلك ، فيبكى فى بعض الأحيان ، ولما مات أوصى بكفارات كثيرة ، خوفا من أن يكون حنث فيما صدر عنه من أيمان بالله تعالى ، فكفرها عنه جدّى الشريف على الفاسى ، لكثرة ما كان بينهما من الصداقة ، بعد وصول جدّى من بلاد التّكرور.

وللشيخ خليل فى الورع وفعل الخير أخبار كثيرة. وقد أتينا على طرف صالح منها.

وتوفى رحمه‌الله ، ليلة الاثنين لعشر بقين من شوال سنة ستين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة ، على جده الإمام ضياء الدين المالكى. نقلت وفاته هكذا من حجر قبره بالمعلاة.

وذكر ابن محفوظ : أنه توفى فى الثالث والعشرين من شوال من السنة المذكورة ، ومولده فى شوال سنة ثمان وثمانين وستمائة ، على ما وجدت بخطه.

ووجدت بخط جدى الشريف على الفاسى : أنه ولد فى سادس شوال ، ووجدت بخطه : أنه ولى الإمامة مستقلا بعد أبيه ، سنة ثلاث عشرة وسبعمائة ، فعلى هذا تكون مدة ولايته للإمامة حتى مات ، سبعا وأربعين سنة.

١١٤٢ ـ خليل بن عبد المؤمن بن خلبفة الدّكّالى المكى ، سبط الشريف أبى عبد الله الفاسى ، جد أبى :

أجاز له فى سنة ثمان وعشرين وسبعمائة من دمشق : الحجار وجماعة ، وسمع الكثير

٤٩

بمكة على الحجى ، والزين الطبرى ، وعثمان بن الصفى ، والآقشهرى وغيرهم ، وبالمدينة من الزبير الأسوانى ، والجمال المطرى ، وخالص البهائى ، وغيرهم.

توفى سنة تسع وأربعين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة فى ذى القعدة ، أو فى ذى الحجة منها.

١١٤٣ ـ خليل بن عمر بن عبد الله بن عبد الرحمن القسطلانى المكى المالكى ، ابن ابن أخى الشيخ خليل المالكى ، السابق ، وبه تسمى :

توفى سنة ثمان وثمانين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة عن خمس وعشرين سنة أو نحوها.

١١٤٤ ـ خليل بن محمد بن محمد بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن الأقفهسى المصرى ، يلقب غرس الدين ، ويقال صلاح الدين ويكنى أبا الصفا ، وأبا الحرم ، وأبا سعيد ، المحدث المشهور :

ولد فى عشر السبعين وسبعمائة ، وحبب إليه الحديث ، فطلبه بجد فى حدود التسعين وسبعمائة ، فسمع الكثير من الكتب والأجزاء بالقاهرة ومصر ، على خلق كثير ، منهم : صلاح الدين الزفتاوى ، خاتمة أصحاب وزيرة والحجار بديار مصر ، وتقى الدين بن حاتم ، وتاج الدين عبد الواحد الصردى ، وشمس الدين محمد بن على المطرز ، والشهاب أحمد المنفر ، وزين الدين عبد الرحمن بن الشيخة ، ومريم بنت الأذرعىّ ، ثم حج ، فسمع بمكة من إبراهيم بن محمد بن صديق ، وشمس الدين بن سكّر ، وكان عسرا فى التحديث كثيرا ، فلاطفه حتى سمح له بقراءة أشياء كثيرة ، لم يسمح بقراءتها لأحد قبله ، وبصحبته تيسر لنا سماع كثير من ذلك عليه ، وسمع من غيرهما بمكة والمدينة.

وكان حجه فى سنة خمس وتسعين وسبعمائة ، وجاور بمكة حتى حج فى سنة تسع وتسعين ، ورحل فيها إلى دمشق ، فأدرك بها من جلّة الشيوخ : المفتى شهاب الدين أحمد ابن أبى بكر بن العزّ الصالحى ، خاتمة أصحاب القاضى سليمان بن حمزة بالسماع ، وأبا هريرة عبد الرحمن بن الحافظ الذهبى ، وعلى بن محمد بن أبى المجد الدمشقى ، وفرج بن عبد الله الحافظى ، وخديجة بنت ابن سلطان ، وغير واحد من أصحاب الحجار ، وغير واحد عنهم بقراءته غالبا ، كثيرا من الكتب الكبار والأجزاء ، وقدم علينا مصر بعد زيارته لبيت المقدس ، وسماعه به فى أوائل سنة ثمان وتسعين ، فأفادنى أشياء من حال الشيوخ بدمشق ، حصل لى بها نفع فى رحلتى إلى دمشق ، ثم توجه فى البحر إلى مكة ،

__________________

١١٤٤ ـ انظر ترجمته فى : (شذرات الذهب ٩ / ٢١٩).

٥٠

فى أواخر سنة تسع وتسعين وسبعمائة ، ولم يقدر له الحج ، وجاور بمكة فى سنة ثمانمائة حتى حج ، ودخل مع الحجاج الشاميين إلى دمشق ، فاستفاد بها شيوخا ، وأشياء من المرويات ، لم يكن استفادها قبل ذلك.

وقدمت عليه إلى دمشق ، فى صحبة الحافظ الحجة شهاب الدين بن حجر لما رحل إلى دمشق فى رمضان سنة اثنتين وثمانمائة ، فأفادنا أشياء كثيرة من المرويات والشيوخ ، وقرأ لنا أشياء كثيرة ؛ لأن الحافظ شهاب الدين ، كان يشتغل بانتخاب أشياء مفيدة ، وكنت أنا وبه فى القراءة ، وعاد معنا إلى مصر فى أوائل سنة ثلاث وثمانمائة ، وترافقنا من مصر للسفر إلى مكة ، فى وقت الحج ، من سنة أربع وثمانمائة ، فحج وجاور بمكة نحو سبع سنين متوالية ، غير أنه كان زار المدينة النبوية من مكة ثلاث مرات ، وزار الطائف مرة.

ولما حج فى سنة إحدى عشرة وثمانمائة ، توجه مع قافلة عقيل إلى الحسا والقطيف(١)، لإلزام بعض أصحابه له بذلك ، ومضى من هناك إلى هرموز ، ثم إلى كنباية (٢) من بلاد الهند ، ثم عاد إلى هرموز ، وصار يتردد منها إلى بلاد العجم للتجارة ، وحصل دنيا قليلة ، ثم ذهبت منه ، ولم يكتسب مثلها ، حتى مات.

وكان ماهرا فى معرفة المتأخرين والمرويات والعوالى ، مع بصارة فى المتقدمين ومشاركة فى الفقه والعربية ، ومعرفة حسنة للفرائض والحساب والشعر ، وله نظم كثير ، وتخاريج حسنة مفيدة ، خرج لنفسه أحاديث متباينة الإسناد والمتون ، زاد فيها على تسعين حديثا ، إلا أنه لم يشترط اتصال إسنادها بالسماع ، وراعيت أنا ذلك فيما خرجت لنفسى فى هذا المعنى ، ويسر الله لى من ذلك أربعين حديثا ، بشرط اتصال السماع ، وغير ذلك من الشروط الحسنة.

ومن تخاريجه أحاديث الفقهاء الشافعية ، وخرج معجما حسنا لقاضى مكة ، شيخنا جمال الدين بن ظهيرة ، ومشيخة لشيخنا القاضى مجد الدين إسماعيل الحنفى ، وخرج شيئا لشيخنا عبد الرحمن بن الشيخة ، ولغير واحد من شيوخه وأقرانه ، وكان حسن القراءة والكتابة والأخلاق ، ذا مروءة كثيرة وديانة ، وقد تبصر فى الحديث كثيرا ، بشيخنا حافظ

__________________

(١) القطيف : هى مدينة بالبحرين هى اليوم قصبتها وأعظم مدنها. انظر : معجم البلدان ٤ / ٣٧٨.

(٢) كنباية : مدينة بأرض الهند من مملكة بلهرى وهى على الخليج من البحر أعرض من النيل. انظر : الروض المعطار ٤٩٦ ، ابن بطوطة ٥٥٠ ، حدود العالم ٨٨ ، نخبة الدهر ١٥٢ ، تقويم البلدان ٣٥٦.

٥١

الإسلام زين الدين أبى الفضل عبد الرحيم بن العراقى ، وابنه العلامة ولى الدين أبى زرعة أحمد ، والحافظ نور الدين الهيثمى ، وبمذاكرة الحذّاق من الطلبة ، والنظر فى التعاليق والكتب ، حتى صار مشهور الفضل.

وسمعته يذكر ، أنه سمع حديث السلفى متصلا بالسماع ، على عشرة أنفس ، وحديث أبى العباس الحجار ، على أزيد من أربعين نفرا من أصحابه ، ولم يتفق لنا مثل ذلك.

سمعت عليه بقراءة صاحبنا الحافظ أبى الفضل بن حجر ، شيئا يرويه من أحاديث السلفى متصلا ، عند ما قرأه الحافظ أبو الفضل بن حجر ، على مريم بنت الأذرعىّ ، بإجازتها من الوانى شيخ شيخه ، وشيئا من حديث الفخر بن البخارى ، عن عمر بن أميلة ، لإجازته للموجودين بدمشق ، وكان بها حين الإجازة ، وذلك بقرية المبارك من وادى نخلة الشامية.

وسمعت منه أشياء من شعره لا تحضرنى الآن. وقرأ علىّ بعض تواليفى فى تاريخ مكة ، وكثر أسفنا على فراقه ، ثم موته.

وكان موته فى آخر سنة عشرين وثمانمائة ، ظنا غالبا ، بيزد (٣) من بلاد العجم ، بعد أن دخل الحمام ، وخرج منه ، وبمسلخ الحمام مات.

وبلغنا نعيه بمكة ، فى موسم سنة إحدى وعشرين وثمانمائة ، رحمة الله تعالى عليه.

ومن شعره ما أنشدناه صاحبنا المقرى الفاضل أبو على أحمد بن على الشوايطى. نزيل مكة المشرفة سماعا من لفظه عنه سماعا [من البسيط] :

دع التشاغل بالغزلان والغزل

يكفيك ما ضاع من أيامك الأول

ضيعت عمرك لا دنيا ظفرت بها

وكنت عن صالح الأعمال فى شغل

تركت طرق الهدى كالشمس واضحة

وملت عنها لمعوج من السبل

ولم تكن ناظرا فى أمر عاقبة

أأنت فى غفلة أم أنت فى خبل

يا عاجزا يتمادى فى متابعة الن

فس اللجوج ويرجو أكرم النزل

هلا تشبهت بالأكياس إذ فطنوا

فقدموا خير ما يرجى من العمل

فرطت يا صاح فاستدرك على عجل

إن المنية لا تأتى على مهل

__________________

(٣) يزد : بفتح أوله ، وسكون ثانيه ، ودال مهملة ، مدينة متوسطة بين نيسابور وشيراز وأصبهان ، معدودة فى أعمال فارس ثم من كورة إصطخر وهو اسم للناحية وقصبتها يقال لها : كثه ، بينها وبين شيراز سبعون فرسخا. انظر : معجم البلدان (يزد).

٥٢

هل أنذرتك يقينا وقت زورتها

أو بشرتك بعمر غير منفصل

هيهات هيهات ما الدنيا بباقية

ولا الزمان بما أمّلت فيه ملى

لا تحسبن الليالى سالمت أحدا

صفوا فما سالمت إلا على دخل

ولا يغرنك ما أوليت من نعم

فهل رأيت نعيما غير منتقل

كم من فتى جبرته بعد كسرته

فقابلته بجرح غير مندمل

إلام ترفل فى ثوب الغرور على

بساط لهوك بين التيه والجذل

والشيب وافاك منه ناصح حذر

فما به كنت إلا غير مهتبل

ولم ترع منه بل أصبحت تنشده

إنى اتهمت نصيح الشيب فى عذل

وسرت تطلب حظ النفس من سفه

فبهجة العمر قد ولت ولم تصل

ومال عصر التصابى منك مرتحلا

وأنت عن جانب التسويف لم تمل

عيب بمثلك تسويف على كبر

وحالة عن طريق الغى لم تحل

أقسمت بالله لو أنصفت نفسك ما

تركتها باكتساب الوزر فى ثقل

أما علمت بأن الله مطلع

على الضمائر والأسرار والحيل

وكل خير وشر أنت فاعله

يحصى ولو كنت فى الأستار والكلل

أما اعتبرت بترداد المنون إلى

هذى الخليقة فى سهل وفى جبل

وسوف تأتى بلا شك إليك فما

أخرت عمن مضى إلا إلى أجل

لكنه غير معلوم لديك فخذ

بالحزم وانهض بعزم منك مكتمل

دع البطالة والتفريط وابك على

شرخ الشباب الذى ولى ولم يطل

ولم تحصل به علما ولا عملا

ينجيك من هول يوم الحادث الجلل

وابخل بدينك لا تبغى به عوضا

ولو تعاظم واحذر بيعة السفل

واتل الكتاب كتاب الله منتهيا

عما نهى وتدبره بلا ملل

وكل ما فيه من أمر عليك به

فهو النجاة لتاليه من الظلل

ولازم السنة الغراء تحظ بها

وعد عن طرق الأهواء واعتزل

وجانب الخوض فيما لست تعلمه

واحفظ لسانك واحذر فتنة الجدل

وكن حريصا على كسب الحلال ولو

حملت نفسك فيه غير محتمل

واقنع تجد غنية فى كل مسألة

ففى القناعة عز غير مرتحل

واطلب من الله واترك من سواه تجد

ما تبتغيه بلا منّ ولا بدل

ولا تداهن فتى من أجل نعمته

يوما ولو نلت منه غاية الأمل

واعمل بعلمك لا تهجره تشق به

وانشره تسعد بذكر غير منخذل

٥٣

ومن أتى لك ذنبا فاعف عنه ولا

تحقد عليه وفى عتباه لا تطل

عساك بالعفو أن تجزى إذا نشرت

صحائف لك منها صرت فى خجل

ولا تكن مضمرا ما لست تظهره

فذاك يقبح بين الناس بالرجل

ولا تكن آيسا وارج الكريم لما

أسلفت من زلة لكن على وجل

وقف على بابه المفتوح منكسرا

تجزم بتسكين ما فى النفس من علل

وارفع له قصة الشكوى وسله إذا

جن الظلام بقلب غير مشتغل

ولازم الباب واصبر لا تكن عجلا

واخضع له وتذلل وادع وابتهل

وناديا مالكى قد جئت معتذرا

عساك بالعفو والغفران تسمح لى

فإننى عبد سوء قد جنى سفها

وضيع العمر بين النوم والكسل

وغره الحلم والإمهال منك له

حتى غدا فى المعاصى غاية المثل

وليس لى غير حسن الظن فيك فإن

رددتنى فشقاء كان فى الأزل

حاشاك من رد مثلى خائبا جزعا

والعفو أوسع يا مولاى من زللى

ولم أكن بك يوما مشركا وإلى

دين سوى دينك الإسلام لم أمل

وكان ذلك فضلا منك جدت به

وليس ذاك بسعى كان من قبلى

فتمم النعمة العظمى بخاتمة

حسنى وجد بعد هذا النهل بالعلل

فشافعى أحمد الهادى إليك فما

سرى إلى غيره فكرى ولا أملى

لأنه الشافع المقبول منه إذا

لاذ الخلائق يوم الفصل بالرسل

وهو الذى من أتاه واستجار به

يظفر بجار بحفظ الجار محتفل

ومن أناخ به يرجو فواضله

أعطاه فوق الّذى يرجو من النحل

فهو الكريم الذى فاضت يداه ندا

حتى لقد هزأت بالعارض الهطل

وكم له مكرمات ليس يحصرها ال

حساب عدّا بتفصيل ولا جمل

وقد نزلت حماه واستجرت به

فليس إلا عليه دائما عولى

يا رب صل عليه كلما صدحت

ورق الحمائم فى الإشراق والطفل

واجعل مقالى مضموما إلى عمل

ترضى به دائما بالموت متصل

إن لم أفز بها أنشدت فى خجل

أستغفر الله من قول بلا عمل

١١٤٥ ـ الخليل بن يزيد المكى ، أبو الحسن :

حدث عن الزبير بن عيسى. وعنه يعقوب بن سفيان ، وروى عنه فى الأول من مشيخته ، مع رجال من أهل مكة.

٥٤

١١٤٦ ـ خنيس بن حذافة بن قيس بن عدى بن سعد بن سهم السهمى :

كان من المهاجرين الأولين ، شهد بدرا وأحدا ، ونالته بأحد جراحات ، فمات منها بالمدينة. وكان تزوج حفصة بنت عمر ، قبل النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو من مهاجرة الحبشة. ذكره بمعنى هذا ابن عبد البر ، وابن الأثير ، وقال : كان من السابقين إلى الإسلام ، وذكر أنه أخو عبد الله بن حذافة. وذكره الذهبى ، وقال : له هجرتان.

١١٤٧ ـ خنيس بن خالد ، وهو الأشعر الخزاعى الكعبى :

ذكره ابن عبد البر ، ورفع فى نسبه أكثر من هذا ، وقال : هكذا قال فيه إبراهيم بن سعد وسلمة جميعا عن أبى إسحاق : خنيس ـ بالخاء المنقوطة ـ وغيرهما يقول : حنيش بالحاء والشين المنقوطة ، وقد ذكرناه فى الحاء. انتهى.

وذكره ابن الأثير بمعنى هذا. وقد تقدم فى الحاء المهملة. ذكره هكذا ابن عبد البر ، وقال : لم يذكروه فى الصحابة ، ولا أعلم له رواية. انتهى.

١١٤٨ ـ خويلد بن خالد بن منقذ بن ربيعة الخزاعىّ ، أخو أم معبد :

وذكر ابن عبد البر فى نسبه غير هذا ، وذلك زيادة «خليف» بين خالد ومنقذ ، وقد تقدم ذلك فى ترجمة أخيه حبيش بن خالد ، فى باب الحاء المهملة.

١١٤٩ ـ خويلد بن عمرو بن صخر بن عبد العزى :

هو أبو شريح الخزاعى. سيأتى فى الكنى ، للخلاف فى اسمه.

__________________

١١٤٦ ـ انظر ترجمته فى : (أسد الغابة ترجمة ١٤٨٥ ، الاستيعاب ترجمة ٦٧٧ ، الإصابة ترجمة ٢٢٩٩ ، المنتظم ٢ / ٣٧٥ ، ٧٢٨ ، ١٣٠ ، ١٦٠ ، ١٨٠ ، ٢١٣).

١١٤٧ ـ انظر ترجمته فى : (أسد الغابة ترجمة ١٤٨٦ ، الاستيعاب ترجمة ٦٧٨ ، الإصابة ترجمة ٢٣٠٠).

١١٤٨ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٦٨٢ ، الإصابة ترجمة ٢٣١٠ ، أسد الغابة ترجمة ١٥٠٠).

١١٤٩ ـ انظر ترجمته فى : (التاريخ الكبير ٢ / ١ / ٢٢٤ ، طبقات ابن سعد ٤ / ٢٢١).

٥٥

١١٥٠ ـ خلّاد بن يحيى بن صفوان السلمى ، أبو محمد الكوفى :

نزيل مكة ، روى عن إسماعيل بن عبد الملك بن أبى الصّفيراء ، وعبد الرحمن بن أيمن ، ومالك بن مغول ، ومسعر بن كدام ، وغيرهم.

روى عنه : البخارى ، ومحمد بن إسحاق الصاغانى ، وبشر بن موسى ، وحنبل بن إسحاق ، ومحمد بن سليمان الباغندىّ ، وأبو زرعة الرازى ، وآخرون. وروى له الترمذى وأبو داود.

وقال ابن نمير : صدوق ، إلا أن فى حديثه غلطا قليلا. قال أبو داود : ليس به بأس. وقال أبو حاتم : محله الصدق ، ليس بذاك المعروف.

وقال أحمد بن حنبل : ثقة أو صدوق ، ولكن كان يرى شيئا من الإرجاء.

وذكره ابن حبان فى الثقات. وقال البخارى : سكن مكة ، ومات بها قريبا من سنة ثلاث عشرة ومائتين.

وقال حنبل بن إسحاق : مات سنة سبع عشرة ومائتين ، كذا رأيت فى تهذيب الكمال للمزّى ، منقولا عن حنبل ، ورأيت فى مختصر التهذيب للذهبى خلاف على ذلك عن حنبل ؛ لأن فيه ، قال حنبل : مات سنة عشرين ومائتين. انتهى.

ووجدت بخطى فيما نقلته من الثقات لابن حبان ، أنه توفى سنة ثلاث عشرة ومائتين بمكة بعد أن سكنها ، وقيل مات سنة اثنتى عشرة ، وقيل سبع عشرة. حكاهما الذهبى فى الميزان.

* * *

__________________

١١٥٠ ـ انظر ترجمته فى : (تاريخ البخارى الكبير الترجمة ٦٣٨ ، تاريخه الصغير ٢ / ٣٢٨ ، المعرفة والتاريخ ٢ / ١٦١ ، تاريخ واسط لبحشل ١٩٦ ، الجرح والتعديل الترجمة ١٦٧٥ ، أسماء الدار قطنى الترجمة ٢٨٨ ، الجمع لابن القيسرانى ١ / ١٢٨ ، المعجم المشتمل الترجمة ٣٢٥ ، العبر ١ / ٣٦٢ ، الكاشف ١ / ٢٨٥ ، الميزان الترجمة ٢٥٢٦ ، المغنى الترجمة ١٩٢٧ ، سير أعلام النبلاء ١٠ / ١٦٤ ، تهذيب ابن حجر ٣ / ١٧٤ ، تهذيب الكمال ١٨٤١ ، مقدمة الفتح ٣٩٨ ـ ٣٩٩ ، خلاصة الخزرجى الترجمة ١٨٨٤ ، شذرات الذهب ٢ / ٢٨).

٥٦

حرف الدال المهملة

١١٥١ ـ دانيال بن عبد العزيز بن على بن عثمان الأصبهانى ، المعروف بابن العجمى المكى :

سمع من قاضى المدينة شمس الذين بن السبع ، فى صفر سنة إحدى وستين بالحرم الشريف مع والدى ، وهو ابن خالته ، وكان شابا خيرا ، ذا مروءة وسجايا حسنة. توفى رحمه‌الله شابا سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة بمكة.

١١٥٢ ـ دانيال بن على بن سليمان بن محمود اللّرستانىّ ، الكردىّ :

كان من كبار مشيخة العجم المجاورين بمكة ، وله سعى مشكور فى إجراء عين بازان.

فإنه فيما بلغنى ، توجه بسببها إلى مصر ، ثم إلى العراق ، ولحق بجوبان نائب العراقين ، فحثه على أن يجريها ، فأمر بعمارتها حتى جرت فى سنة ست وعشرين وسبعمائة ، كما ذكرنا فى ترجمة جوبان ، وحصل بها النفع العظيم ، فهو شريكه فى الثواب ، إذ الدال على الخير كفاعله ، كما أخبر به المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وصح لى فى أنه سعى فى عمارتها بعد ذلك غير مرة ، وكان يستدين لأجل عمارتها ، وتردد إلى بلاد العجم بسبب عمارتها غير مرة.

توفى ظنّا فى عشر الخمسين وسبعمائة ببلاد العجم ، تغمده الله برحمته. وهو جد والدى لأمه.

* * *

من اسمه داود

١١٥٣ ـ داود بن خالد الليثى ، أبو سليمان المدنى ، ويقال المكى العطار :

روى عن سعيد المقبرى ، وعثمان بن أبى خيثمة القرشى. وعنه : معلى بن منصور ويحيى بن قزعة ، ويحيى بن عبد الحميد الحمّانىّ.

__________________

١١٥٣ ـ انظر ترجمته فى : (سؤالات الدارمى عن يحيى رقم ٣١٤ ، تاريخ البخارى الكبير الترجمة ٨١٤ ، الجرح والتعديل الترجمة ١٨٧٨ ، الكاشف ١ / ٢٨٨ ، الميزان الترجمة ٢٦٠٢ ، المغنى الترجمة ١٩٨٩ ، ديوان الضعفاء الترجمة ١٣١٢ ، تهذيب ابن حجر ٣ / ١٨٣ ، خلاصة الخزرجى الترجمة ١٩١٢ تهذيب الكمال ١٧٥٥).

٥٧

وروى له النسائى حديثا واحدا. وهو حديث أبى هريرة ـ رضى الله عنه : «من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين» (١).

وقال الحافظ بن حجر صاحبنا فى ترجمته ، قلت : وقال فيه ابن حبان : من أهل المدينة ، سكن مكة. وقال عثمان الدارمى : قلت لابن معين : فداود العطار؟ قال : لا أعرفه. انتهى.

ولا يقال : أراد ابن معين ـ داود بن عبد الرحمن العطار الآتى ذكره ؛ لأن داود بن عبد الرحمن العطار معروف ، ولا يقول فيه يحيى بن معين : لا أعرفه. وقد جعل ابن عدى ترجمة داود بن خالد الليثى هذا ، وداود بن خالد بن دينار المدينى واحدة ، على ما ذكر المزّى فى التهذيب ؛ لأنه ترجم ابن دينار أولا ، ثم ترجم الليثى. وقال فى ترجمة الليثى : ذكره البخارى ، وأبو حاتم ، وابن حبان ، وغير واحد ، مفردا عن الأول. وذكرهما أبو أحمد ابن عدى فى ترجمة واحدة ، وقول من جعلهما اثنتين أولى بالصواب ، والله أعلم. انتهى.

ولعل سبب جعلهما واحدا ، اتفاقهما فى الاسم واسم الأب ، وفى كونهما مدنيين ، ولكن يتميز غير الليثى بزيادة «دينار» فى نسبه ، وبشيوخه والرواة عنه ، فإنهم غير شيوخ

__________________

(١) أخرجه النسائى فى الكبرى ، باب التغليظ فى الحكم (٥٨٩١) من طريق : محمد بن عبد الرحمن أبو يحيى البغدادى يعرف بصاعقة ، عن معلى بن منصور ، حدثنا داود بن خالد سمع المقبرى يحدث عن أبى هريرة يحدث عن النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين».

وأخرجه الترمذى فى سننه (١٣٢٥) من طريق : نصر بن على الجهضمى ، حدثنا الفضيل ابن سليمان ، عن عمرو بن أبى عمرو ، عن سعيد المقبرى ، عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من ولى القضاء أو جعل قاضيا بين الناس فقد ذبح بغير سكين». قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه ، وقد روى أيضا من غير هذا الوجه عن أبى هريرة عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وأخرجه أبو داود فى سننه (٣٥٧١) من طريق : نصر بن على ، أخبرنا فضيل بن سليمان ، حدثنا عمرو بن أبى عمرو ، عن سعيد المقبرى ، عن أبى هريرة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من ولى القضاء فقد ذبح بغير سكين».

وأخرجه ابن ماجة فى سننه (٢٣٠٨) من طريق : أبو بكر بن أبى شيبة ، حدثنا معلى بن منصور ، عن عبد الله بن جعفر ، عن عثمان بن محمد ، عن المقبرى ، عن أبى هريرة ، عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من جعل قاضيا بين الناس فقد ذبح بغير سكين».

وأخرجه أحمد بن حنبل فى مسنده (٧١٠٥) من طريق : صفوان بن عيسى ، أخبرنا عبد الله ابن سعيد بن أبى هند ، عن سعيد المقبرى ، عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من جعل قاضيا بين الناس فقد ذبح بغير سكين».

٥٨

الليثى والرواة عنه ، وبأن ابن دينار لم يرو له من أصحاب الكتب الستة ، إلا أبو داود حديثا واحدا فى قبور الشهداء ، والليثى لم يرو له إلا النسائى.

وذكر ابن عدى لابن دينار ، حديثه فى قبور الشهداء ، وحديثه عن محمد بن المنكدر ، عن جابر عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كان إذا نزل عليه الوحى ، وهو على ناقته تذرف عيناها وترنف بأذنيها». ثم قال ابن عدى : وله من الحديث غير ما ذكرت ، وليس بالكثير. وكانت أحاديثه إفرادات ، وأرجو أنه لا بأس به. انتهى. وذكره ابن حبان فى الثقات.

١١٥٤ ـ داود بن سليمان ، المعروف بابن كسا :

ذكره ابن مسدى فى معجمه ، فقال : داود بن سليمان بن حميد بن إبراهيم المخزومى ، أبو سليمان البلنسى الصوفى ، يعرف بابن كسا. كان عنده أدب وتصوف ونباهة وتظرف ، وقد جال فى طريقه ، وتغرب شرقا وغربا بين فريقه ، وجاور بمكة مدة ثم عاد إلى وطنه ، فكان تربة مدفنه. أخبرنى أن مولده ليلة النصف من شعبان سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة.

وتوفى ـ على ما بلغنى ـ أول سنة تسع وأربعين وستمائة ، وكان أحد رجال بلده فى فنه ، موجودا لكل قاصد عند ظنه. أنشدنا لنفسه [من الكامل] :

لا تصحبن العيس برّا

والله قد أولاك برّا

وارفض خواطرك التى

منحتك بعد العسر يسرا

واقنع بما قسم الإل

ه تعش خلى البال حرا

كم راكض فى الأرض يق

طع ركضه سهلا ووعرا

ومخاطر بالنفس فى

طلب العلا برّا وبحرا

غالته أيدى الحادثا

ت فكان ذاك الربح خسرا

١١٥٥ ـ داود بن شابور ـ بشين معجمة ـ المكى ، أبو سليمان :

روى عن عطاء بن أبى رباح ، ومجاهد ، وعمرو بن شعيب. وروى عنه شعبة وسفيان ابن عيينة ، وداود العطار ، وأبو أمية ، وطاوس ، ووهيب بن الورد المكى ، وغيرهم.

وروى له البخارى فى «الأدب المفرد» والترمذى (١) والنسائى (٢) ، ووثقه ابن معين ،

__________________

١١٥٤ ـ انظر ترجمته فى : (التاريخ الكبير ١ / ٢٣٣).

١١٥٥ ـ انظر ترجمته فى : (تاريخ البخارى الكبير الترجمة ٧٨٩ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٧٠٧ ، تاريخ واسط ، ١٩٥ ، ١٩٦ ، الجرح والتعديل ٣ / ١٨٩٨ ، مشاهير علماء الأمصار الترجمة ١١٥٧ ، ثقات ابن شاهين الترجمة ٣٤٤ ، تهذيب الأسماء واللغات ١ / ١٨٢ ، تاريخ الإسلام ٥ / ٦٧ ، الكاشف ١ / ٢٨٩ ، تهذيب ابن حجر ٣ / ١٨٧ ، خلاصة الخزرجى الترجمة ١٩٢ تهذيب الكمال ٧٦٢).

(١) أخرجه الترمذى فى سننه ، باب ما جاء فى حق الجوار (١٩٤٨) من طريق : حدثنا ـ

٥٩

وأبو زرعة ، وأبو داود ، والنسائى ، وغيرهم.

وقال صاحبنا ابن حجر الحافظ : قلت : وزاد ـ يعنى ابن حبان ـ وقد قيل : إنه داود ابن عبد الرحمن بن شابور. وقال إبراهيم الحربى : مكى ثقة. وذكر البيهقى فى المعرفة : أن الشافعى قال : هو من الثقات. انتهى.

١١٥٦ ـ داود بن أبى عاصم ـ ويقال ابن أبى عاصم ، قاله البخارى ـ بن عروة بن مسعود الثقفى الطائفى المكى :

روى عن عثمان بن أبى العاص ، وعبد الله بن عمر بن الخطاب ، وسعيد بن المسيب ، وأبى سلمة بن عبد الرحمن.

__________________

ـ محمد بن عبد الأعلى ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن داود بن شابور ، وبشير عن مجاهد : أن عبد الله بن عمرو ذبحت له شاة فى أهله فلما جاء قال : أهديتم لجارنا اليهودى؟ أهديتم لجارنا اليهودى؟ سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «ما زال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه».

قال : وفى الباب عن عائشة وابن عباس وأبى هريرة وأنس وعبد الله بن عمرو والمقداد بن الأسود وعقبة بن عامر وأبى شريح وأبى أمامة.

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. وقد روى هذا الحديث عن مجاهد عن عائشة وأبى هريرة أيضا عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(٢) وأخرجه النسائى فى الكبرى ، باب من الملحف؟ حديث (٢٣٧٦) من طريق : أحمد ابن سليمان قال : ثنا يحيى بن آدم ، عن سفيان بن عيينة ، عن داود بن شابور ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من سأل وله أربعون درهما فهو ملحف».

وأخرجه النسائى فى الصغرى ، باب صوم يوم عرفة (٢٨٠٣) من طريق : محمد بن عبد الله ابن يزيد المقرى ، قال : أنبأنا سفيان ، عن داود ، عن قزعة ، عن أبى الخليل ، عن أبى حرملة ، عن أبى قتادة ، عن النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «صوم يوم عاشوراء يكفر السنة وصوم يوم عرفة يكفر السنة والتى تليها».

وبرقم (٢٨٠٤) من طريق : مسعود بن جويرية الموصلى والحسين بن عيسى وهارون بن عبد الله قالوا : أنبانا سفيان عن داود بن شابور عن أبى قزعة عن أبى الخليل ، عن أبى حرملة ، عن أبى قتادة نحوه. قال هارون فى حديثه : سمعناه من داود.

١١٥٦ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات ابن سعد ٦ / ٣٤ ، علل ابن المدينى ٨٥ ، طبقات خليفة ٢٨٦ ، تاريخ البخارى الكبير الترجمة ٧٧٦ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٤٠١ ، ٤٠٢ ، الجرح والتعديل لابن أبى حاتم الترجمة ١٩٢١ ، المراسيل ، له ٥٦ ، تاريخ الإسلام ٤ / ١١٠ ، الكاشف ١ / ٢٨٩ ، المراسيل للعلائى ٢٠٩ ، تهذيب ابن حجر ٣ / ١٨٩ ، الإصابة ١ / ٤٧٩ ، خلاصة الخزرجى الترجمة ١٩٢٥ تهذيب الكمال ٧٦٧).

٦٠