العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٤

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٤

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٦٢

خالد ، فأكلوا منها وأفضلوا. أخرجه ابن مندة وأبو نعيم. ذكره هكذا ابن الأثير.

١١١١ ـ خالد بن عرفطة الليثى ، ويقال البكرى ، من بنى ليث بن بكر بن عبد مناة ، ويقال بل هو من قضاعة من بنى عذرة :

وهذا القول هو الصواب فى نسبه ، والحق إن شاء الله تعالى على ما قال ابن عبد البر ، وذكر نسبه إلى قضاعة ورفع فيه ، ورفع أيضا فى نسبه إلى ليث قليلا. وتعقب عليه ابن الأثير شيئا فيما ذكره من نسبه إلى عذرة.

قال ابن الأثير : وأما قول ابن مندة : إنه خزاعى ، فليس بشىء ، والله أعلم. انتهى.

والقول بأنه بكرى ، قاله أبو حاتم ؛ وقال : إنه حليف بنى زهرة. وقال البخارى أيضا: إنه حليف بنى زهرة. وذكر ذلك ابن عبد البر ، وابن الأثير وأورد له حديثين ، عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أحدهما : «من كذب علىّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» (١) من رواية مسلم ، مولى خالد بن عرفطة عنه. والآخر : أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال له : «إنها ستكون أحداث وفرقة واختلاف ، فإذا كان كذلك ، فإن استطعت أن تكون المقتول لا القاتل ، فافعل» (٢). وهذا الحديث من رواية أبى عثمان النهدى ، عن خالد بن عرفطة.

وذكر له الترمذى حديثا اختلف فيه ، هل هو من روايته أو من رواية سليمان بن صرد ، عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، حديث : «من قتله بطنه لم يعذب فى قبره» (٣).

__________________

(١١١١) ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٦٣٦ ، أسد الغابة ترجمة ١٣٧٨ ، الإصابة ترجمة ٢١٨٧).

(١) أخرجه أحمد بن حنبل فى مسنده ، حديث رقم (٢١٩٩٥) من طريق : عبد الله بن محمد ، حدثنا محمد بن بشر ، حدثنا زكريا بن أبى زائدة ، حدثنا خالد بن سلمة ، حدثنا مسلم مولى خالد بن عرفطة أن خالد بن عرفطة قال : وسمعت أنا من عبد الله بن محمد بن أبى شيبة ، يعنى حدثنا مسلم مولى خالد بن عرفطة أن خالد بن عرفطة قال للمختار : هذا رجل كذاب ، ولقد سمعت النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من جهنم».

(٢) أخرجه أحمد بن حنبل فى مسنده ، حديث رقم (٣١٩٩٣) من طريق : عبد الرحمن بن مهدى ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن على بن زيد ، عن أبى عثمان ، عن خالد بن عرفطة ، قال : قال لى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا خالد إنها ستكون بعدى أحداث وفتن واختلاف ، فإن استطعت أن تكون عبد الله المقتول لا القاتل ، فافعل».

(٣) أخرجه أحمد بن حنبل فى مسنده (١٧٨٤٨) من طريق : قران ، حدثنا سعيد الشيبانى أبو سنان ، عن أبى إسحاق ، قال : مات رجل صالح فأخرج بجنازته ، فلما رجعنا تلقانا ـ

٢١

وهذا الحديث رواه النسائى والطبرانى ، ووقع لنا من حديث الطبرانى عاليا جدا ، وصرح أبو حاتم بصحبته ؛ لأنه قال : خالد بن عرفطة الليثى حليف بنى زهرة ، له صحبة. وقال الطبرانى : كان ـ يعنى خالد بن عرفطة ـ خليفة سعد بن أبى وقاص على الكوفة.

وقال خليفة بن خياط : لما سلم الأمر الحسن إلى معاوية ، خرج عليه عبد الله بن أبى الجوشن بالنحلة ، فبعث إليه معاوية خالد بن عرفطة العذرىّ ـ حليف بنى زهرة ـ فى جمع من أهل الكوفة ، فقتل ابن أبى الجوشن ، ويقال ابن أبى الحمساء.

قال ابن عبد البر : سكن خالد بن عرفطة الكوفة ، ومات بها سنة ستين ، وقيل سنة إحدى وستين ، عام قتل الحسين رضى الله عنه. وممن قال بهذا القول ، أبو بكر بن ثابت. وقال صاحبنا أبو الفضل الحافظ : قلت : وذكر الدولابى ، أن المختار بن أبى عبيد ، قتله بعد موت يزيد بن معاوية. فيكون ذلك بعد سنة أربع وستين. والله أعلم. انتهى.

١١١٢ ـ خالد بن عقبة بن أبى معيط أبان بن أبى عمرو ذكوان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الأموى :

أسلم يوم فتح مكة ، على ما ذكر ابن عبد البر ، وذكره الزبير بن بكار ، فقال : كان حسن المذهب. شهد الحسن بن علىّ من بين أهله وأمسكوه ، فتفلّت عنهم حتى شهده ، وهو الذى رثى سعيد بن عثمان بن عفان رضى الله عنهم فقال (١) [من البسيط] :

يا عين جودى بدمع منك تهتانا

وابكى سعيد بن عثمان بن عفانا

إن ابن زبية لم تصدق مودته

وفر عنه ابن أرطأة بن سيحانا

قال الزبير : أنشدنيهما عمى مصعب بن عبد الله هكذا. قال : يعنى : عبد الرحمن بن أرطأة بن سيحان المحاربى ، حليف بنى أمية ، قال : وكان مع سعيد بن عثمان حين قتله غلمانه من الصغد. فقال عبد الرحمن بن أرطأة يعتذر [من الطويل] :

يقول رجال (٢) : قد دعاك فلم تجب

وذلك من تلقاء مثلك رائع

__________________

ـ خالد بن عرفطة وسليمان بن صرد ، وكلاهما قد كانت له صحبة ، فقالا : سبقتمونا بهذا الرجل الصالح ، فذكروا أنه كان به بطن وأنهم خشوا عليه الحر ، قال : فنظر أحدهما إلى صاحبه فقال : أما سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «من قتله بطنه لم يعذب فى قبره».

١١١٢ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٦٢٧ ، الإصابة ترجمة ٢١٨٨ ، أسد الغابة ترجمة ١٣٨٠).

(١) انظر نسب قريش ٤ / ١١١.

(٢) انظر نسب قريش ٤ / ١٤٠.

٢٢

فإن كان نادى دعوة فسمعتها

فشلت يدى واستك منى المسامع

يلوموننى (٣) أن كنت فى الدار حاسرا

وقد حاد عنها خالد وهو دارع

فقال خالد بن عقبة يرد عليه :

لعمرك ما نادى ولكن رأيته

بعينك إذ مسعاك فى الدار واسع

قال الزبير : حدثنى إسماعيل بن أبى أويس ، عن عبد الرحمن بن أبى الزناد ، عن أبيه ، أن خالد بن عقبة بن أبى معيط ، لما أخرج أهل المدينة مروان بن الحكم قال [من الطويل]:

فو الله ما أدرى وإنى لقائل

تعاجزت يا مروان أم أنت عاجز

فررت ولما تغن شيئا وقد ترى

بأن سوف يثنو الفعل حاد وراجز

قال : فأجابه عبد الرحمن بن الحكم فقال [من الطويل] :

أخالد أكثرت الملامة والأذى

لقومك لما هزهزتك الهزاهز

أخالد إن الحرب عوصاء مرة

لها كفل ناب على الكفل ناشز

تعجز مولاك الذى لست مثله

وأنت بتعجيز امرئ الصدق عاجز

هو المرء يوم الدار لا أنت إذ دعا

إلى الموت يمشى حاسرا من يبارز

وذكره ابن عبد البر فى الاستيعاب ، وقال : كان هو وأخواه الوليد وعمارة من مسلمة الفتح ، ليست له رواية فيما علمت ، ولا خبرا نادرا ، إلا أن له أخبارا فى يوم الدار ، منها قول أزهر بن سيحان فى خالد هذا ، معارضا له فى أبيات قالها ، منها :

يلوموننى أن جلت فى الدار حاسرا (٤)

وقد فر منها خالد وهو دارع

قال : وخالد بن عقبة هذا ، إليه ينسب المعيطيون الذين عندنا بقرطبة. انتهى.

وذكره ابن الأثير ، فقال : وخالد هذا ، هو أخو الوليد بن عقبة ، وهو من مسلمة الفتح ، ونزل الرقة وبها عقبه ، لا تعرف له رواية.

وقال أبو نعيم : يقال : إنه أدرك النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وهذا صحيح ؛ لأن أباه عقبة قتل يوم بدر.

فيكون خالد يوم الفتح له صحبة ، وله يوم الدار فى حصر عثمان أثر ، قال الأزهر بن سيحان فذكر البيت ، ثم قال : وإلى خالد هذا ينسب المعطيون الذين بقرطبة. أخرجه الثلاثة.

__________________

(٣) فى نسب قريش : تلوموننى ........... انظر نسب قريش ٤ / ١٤١.

(٤) فى أسد الغابة ٢ / ١٠٥ :

تلوموننى أن كنت فى الدار حاسرا

وقد حاد عنها خالد وهو دارع

٢٣

١١١٣ ـ خالد بن منقذ بن ربيعة الخزاعى الكعبى :

هو خالد الأشعر ، على الخلاف فى اسم أبيه. وتقدم فى أول من اسمه خالد.

١١١٤ ـ خالد بن نافع الخزاعى ، أبو نافع :

من أصحاب الشجرة. حديثه عن أبى مالك عن نافع بن خالد عن أبيه خالد.

ذكره ابن عبد البر ، إلا أنه قال : أبو نافع الخزاعى. فقدم كنيته على نسبته ، وخالفناه فى ذلك ، لئلا يتصحف أبو نافع بابن نافع ، فتصير الكنية اسما ، وذكره ابن عبد البر فى ترجمة أخرى ؛ لأنه قال : خالد الخزاعى. روى عنه ابنه نافع ، لم يرو عنه غيره عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «سألت ربى ثلاثا فأعطانى اثنتين ومنعنى الثالثة» (١). انتهى.

والترجمتان واحدة ، على ما صرح به ابن الأثير. وذكر هذا الحديث ، خالد بن نافع الخزاعى ، وقال : أخرجه الثلاثة ، وتعقب على ابن عبد البر فى ذكره ذلك بترجمتين ، والله أعلم.

__________________

١١١٣ ـ سبق فى رقم (١٠٩٧).

١١١٤ ـ انظر ترجمته فى (الاستيعاب ترجمة ٦٤١ ، الإصابة ترجمة ٢٢٠١ ، أسد الغابة ترجمة ١٣٩٦).

(١) أخرجه مسلم فى صحيحه ، فى الفتن وأشراط الساعة ، حديث رقم (٢٨٩٠) من طريق : أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا عبد الله بن نمير (ح). وحدثنا ابن نمير ـ واللفظ له ـ حدثنا أبى ، حدثنا عثمان بن حكيم ، أخبرنى عامر بن سعد ، عن أبيه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أقبل ذات يوم من العالية حتى إذا مر بمسجد بنى معاوية دخل فركع فيه ركعتين وصلينا معه ودعا ربه طويلا ثم انصرف إلينا ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «سألت ربى ثلاثا فأعطانى ثنتين ومنعنى واحدة ، سألت ربى أن لا يهلك أمتى بالسنة فأعطانيها ، وسألته أن لا يهلك أمتى بالغرق فأعطانيها ، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها».

وحدثناه ابن أبى عمر ، حدثنا مروان بن معاوية ، حدثنا عثمان بن حكيم الأنصارى ، أخبرنى عامر بن سعد ، عن أبيه أنه أقبل مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى طائفة من أصحابه فمر بمسجد بنى معاوية بمثل حديث ابن نمير.

أخرجه أحمد بن حنبل فى مسنده ، حديث رقم (١٥٧٨) من طريق : عبد الله بن نمير ، عن عثمان قال : أخبرنى عامر بن سعد ، عن أبيه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أقبل ذات يوم من العالية حتى إذا مر بمسجد بنى معاوية دخل فركع فيه ركعتين وصلينا معه ودعا ربه طويلا ثم انصرف إلينا ، فقال : «سألت ربى ثلاثا فأعطانى اثنتين ومنعنى واحدة ، سألت ربى أن لا يهلك أمتى بسنة فأعطانيها ، وسألته أن لا يهلك أمتى بالغرق فأعطانيها ، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها».

٢٤

١١١٥ ـ خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى ، أبو سليمان ، وقيل أبو الوليد ، الملقب سيف الله :

أسلم فى صفر سنة ثمان من الهجرة بالمدينة ، وكان قد هاجر إليها مع عثمان بن طلحة العبدرىّ ، وعمرو بن العاص السهمى. ولما رآهم النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «قد رمتكم مكة بأفلاذ كبدها» يعنى بأشرافها. وقيل : إنه أسلم بين الحديبية وخيبر. ولذلك قيل إنه شهد خيبر ، وجزم بذلك النووى ؛ لأنه قال : وشهد خيبر. انتهى. ويتأيد ذلك بأن ابن البرقى قال : وقد جاء فى الحديث أنه شهد خيبر. انتهى.

وقيل : إنه لم يشهدها ، ومقتضى كلام ابن عبد البر ترجيح هذا القول ؛ لأنه قال : لا يصح لخالد بن الوليد مشهد مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبل الفتح. انتهى.

ويتأيد كون خالد لم يشهد خيبر ، بأن مصعبا الزبيرى ذكر أن خالد بن الوليد خرج من مكة فارّا ، لئلا يرى فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه فى وقت عمرة القضية ، وأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، سأل الوليد بن الوليد ، أخا خالد عنه. وقال : «لو أتانا لأكرمناه». فكتب بذلك الوليد إلى خالد ، فوقع الإسلام فى قلبه ، وكان ذلك سبب هجرته. هذا معنى ما ذكره مصعب ، فيما نقله عنه ابن عبد البر. وإذا كان كذلك ، فخالد لم يشهد خيبر ؛ لأن عمرة القضية بعد خيبر بنحو تسعة أشهر ، وخالد لم يشهدها ، فلا يكون شهد خيبر ، والله أعلم. ولا يستقيم قول ابن البرقىّ : أنه أسلم يوم الأحزاب ، ولا القول الذى حكاه ابن عبد البر ، من أنه أسلم سنة خمس بعد الفراغ من بنى قريظة ، ولا منافاة بين هذا وبين ما قاله ابن البرقى ؛ لأن المراد بيوم الأحزاب ، عام الأحزاب ، وقريظة فى إثر الأحزاب. وكلاهما فى سنة خمس على ما هو المشهور فى الأحزاب ، وهى غزوة الخندق.

وأما على القول بأن الأحزاب فى سنة أربع ، ورجحه النووى ، فإن ما ذكره ابن البرقى ينافى ما ذكره ابن عبد البر ، ولا يستقيم ما ذكره ابن عبد البر أيضا ، من أن خالد

__________________

١١١٥ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات ابن سعد ٤ / ٢٥٢ ، ٧ / ٣٩٤ ، تاريخ يحيى برواية الدورى ٢ / ١٤٦ ، علل ابن المدينى ٥٠ ، ٨٠ ، مسند أحمد ٤ / ٨٨ ، فضائل الصحابة ، له ٢ / ٨١٣ ، نسب قريش ٣٢٠ ، ٣٢٢ ، تاريخ البخارى الصغير ١ / ٢٣ ، ٤٠ ، ٤٦ ـ ٤٩ ، المعارف ٢٦٧ ، تاريخ أبى زرعة الدمشقى ١٧١ ، ١٧٢ ، ١٨٣ ، ٢١٨ ، ٥٩٤ ، تاريخ واسط ١٠٩ ، ١٥٦ ، ٢٦٧ ، الجرح والتعديل الترجمة ١٦٠٧ ، ثقات ابن حبان ٣ / ١٠١ ، المشاهير الترجمة ١٥٧ ، المعجم الكبير الترجمة ٣٦٩ ، الاستيعاب ٣ / ١٦٣ ، تاريخ دمشق (تهذيبه ٥ / ٩٥ ـ ١١٦ وهى ترجمة رائعة) ، أسد الغابة ٢ / ٩٣ ، سير أعلام النبلاء ١ / ٣٦٦ ـ ٣٨٤ ، تهذيب الكمال ١٦٥٩).

٢٥

ابن الوليد ، كان على خيل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم الحديبية. وإنما لم يستقم هذا ، وكذا ما أشرنا إليه أولا ؛ لأن فى سيرة ابن إسحاق ، تهذيب ابن هشام ، من حديث الزهرى ، عن عروة بن الزبير ، عن مروان بن الحكم ، والمسور بن مخرمة : أن خالد بن الوليد ، كان على خيل قريش يوم الحديبية ، فلا يصح على هذا أن يكون خالدا فى يوم الحديبية على خيل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولا أنه أسلم قبل ذلك ، والله أعلم.

وكانت الحديبية فى ذى القعدة سنة ست ، وشهد خالد غزوة مؤتة ، فى سنة ثمان.

وأبلى فيها بلاء عظيما ؛ لأن فى يده اندقّ تسعة أسياف ، ولم يثبت فى يده يومئذ إلا صفيحة يمانية ، ويومئذ سماه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : سيف الله. وشهد معه فتح مكة ، وكان على المجنّبة اليمنى مقدما على طائفة من المسلمين ، وأمره النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أن يدخل من أسفل مكة ، فدخل من اللّيط ، وقتل المشركين ، وأوجس من بقى منهم خيفة. ولذلك رأى بعض العلماء الشافعية ، أن ما قاتل فيه خالد من مكة فتح عنوة. والمشهور من مذاهب جماهير العلماء ، أن مكة أجمع فتحت عنوة ، والله أعلم. وبعثه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد الفتح لهدم العزّى ، ففعل ذلك خالد ، وشهد غزوة حنين ، مع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقدم على طائفة من المسلمين ، وكان يقدمه على خيله من حين أسلم. وكانت قريش فى الجاهلية تقدمه على خيلها. وعاده النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد فراغ وقعة هوازن ، من جرح أصابه يوم حنين ، ونفث فى جرحه فانطلق ، وبعثه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى الغميصاء ـ ماء من مياه جذيمة من بنى عامر ـ فقتل ناسا منهم ، لم يصب فى قتلهم ، فكره النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فعله ، وودى القتلى.

وذكر ابن الأثير : أن على بن أبى طالب رضى الله عنه ، أعطى قومهم ما ذهب لهم من مال. انتهى.

وبعثه إلى بالحرث بن كعب ، من مذحج ، فأتى بنفر منهم فأسلموا ، ورجعوا إلى قومهم بنجران ، وذلك فى سنة عشر. وفى سنة تسع ، بعثه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى دومة الجندل ، فأتى بصاحبها وصالحه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم على الجزية. ولما ولى الصديق رضى الله عنه الخلافة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أمر خالدا على قتال المرتدين من العرب ، فلقى فى سنة إحدى عشرة ببزاخة ، طليحة الأسدى وعيينة بن حصن الفزارى ، وقرة بن هبيرة القشيرى ، فقاتلهم بمن معه من المسلمين ، فأسر عيينة وقرة ، وبعث بهما إلى الصديق رضى الله عنه أسيرين ، فحقن دمهما ، وهرب طليحة نحو الشام ، ثم راجع الإسلام ، وأتى بمالك بن نويرة ورهط من بنى حنظلة إلى خالد رضى الله عنه ، فضرب أعناقهم. واختلف فى مالك بن نويرة ، فقيل قتل كافرا ، وقيل مسلما. وإنما قتله خالد لظن ظنه به ، وكلام سمعه منه. وقد أنكر

٢٦

عليه قتله أبو قتادة ، وعرض الصديق رضى الله عنه الدية على متمّم بن نويرة ، وأمر خالدا بأن يطلّق زوجة مالك ؛ لأنه كان قد تزوجها.

وفى ربيع الأول سنة اثنتى عشرة ، فتحت اليمامة وغيرها على يد خالد ، وأباد الله على يده أهل الرّدّة ، منهم مسيلمة الكذاب رأسهم ، وكان فتح خالد لليمامة صلحا ، وبعثه الصديق رضى الله عنه فى سنة ثلاث عشرة إلى العراق ، لقتال فارس ، فأنالهم ذلة وهوانا ، وافتتح الأبلة ، وأغار على السواد كذا قال [..........](١).

وذكر الزبير عن عمه مصعب : أن خالدا فتح بعض السواد ، وصالح أهل الجزيرة ، ثم أمره أبو بكر رضى الله عنه بالمسير إلى الشام ، فلم يزل بها حتى عزله عمر بن الخطاب رضى الله عنه.

وذكر الزبير : أن عمر عزل خالدا لما كان يعيبه عليه فى حال ولايته للصديق رضى الله عنه ، من صرفه للمال بغير مشاورة الصديق ، واستبداده بفعل أمور لا يشاور فيها الصديق ، كقتله لمالك بن نويرة ، ونكاحه لامرأته ، وفتحه لليمامة صلحا ، وغير ذلك ، حتى قيل إنه لم يرفع للصديق حسابا فى مال.

وذكر الزبير : أن عمر رضى الله عنه لم يعزله ، حتى كتب إليه أن لا يخرج شاة ولا بعيرا إلا بأمره ، فكتب إليه خالد : إما أن تدعنى وعملى ، وإلا فشأنك وعملك. وكان قد كتب بمثل ذلك للصديق ، فما كتب إليه الصديق بمثل ما كتب إليه عمر ، ورأى الصديق أن لا يعزله ، ورأى عمر عزله. وكان عمر يسأله أن يعود إلى عمله ، فيأبى خالد إلا أن يتركه عمر ورأيه ، فيأبى عمر رضى الله عنه ، وهذا معنى كلام الزبير.

وروينا من حديث علىّ بن رباح عن ناشرة بن سمىّ اليزنى ، أن عمر رضى الله عنه ، لما قدم الشام اعتذر فى خطبته بالجابية ، عن عزل خالد بن الوليد ، بأنه أمره أن يحبس هذا المال على المهاجرين ، فأعطاه ذا البأس والشرف واللسان ، فرد على عمر أبو عمرو بن حفص بن المغيرة ، ابن عم خالد بن الوليد. وهذا الحديث فى سنن النسائى (٢).

__________________

(١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

(٢) أخرجه النسائى فى الكبرى (٨٢٠٩) من طريق : إبراهيم بن يعقوب ، قال : حدثنى وهب بن زمعة ، قال : أنا عبد الله ، عن سعيد بن يزيد ، قال : سمعت الحارث بن يزيد الحضرمى يحدث ، عن على بن رباح ، عن ناشرة بن سمى اليزنى ، قال : سمعت عمر بن الخطاب وهو يخطب الناس ، فقال : إنى أعتذر إليكم من خالد بن الوليد ، فإنى أمرته أن يحبس هذا المال على ضعفة المهاجرين ، فأعطاه ذا الشرف وذا اللسان ، فنزعته ، وأمرت أبا ـ

٢٧

ولما عزل عمر خالدا ، ولى عوضه أبا عبيدة بن الجراح ، وجاء عزله وهم محاصرون لدمشق ، فكتموا ذلك حتى فتحها الله تعالى. وكان بعضها وهو الذى إلى جهة خالد ، فتح عنوة ، والذى إلى جهة غيره فتح صلحا ، ثم أمضيت كلها صلحا. وكان فتحها فى رجب سنة أربع عشرة.

وذكر ابن عبد البر ، وابن الأثير : أنه افتتح دمشق ، ولم يذكرا له فى فتحها شريكا. وأما المزى فقال فى التهذيب : ثم وجهه ـ يعنى الصديق رضى الله عنه ـ إلى العراق ثم إلى الشام ، وأمره على أمراء الشام ، وهو أحد أمراء الأجناد الذين ولوا فتح دمشق. انتهى.

ولم يمنع خالدا عزله ، من الجهاد فى سبيل الله تعالى ، وله فى قتال الروم بالشام والفرس بالعراق وأهل الرّدّة أثر عظيم.

وجملة ما شهده من الحروب فى سبيل الله ، مائة زحف أو زهاءها ، على ما روى عنه. وفى الخبر الذى روى عنه فى ذلك أنه قال : وما فى بدنى موضع شبر ، إلا وفيه ضربة أو طعنة أو رمية ، وها أنا ذا أموت على فراشى كما تموت العير ، فلا نامت أعين الجبناء ، وما من عمل لى ، أرجا من لا إله إلا الله ، وأنا متترّس بها.

وهذا الخبر ذكره ابن عبد البر وابن الأثير والنووى ، إلا أن ابن عبد البر لم يذكر قوله : وما لى من عمل ... إلى آخره.

وكان خالد رضى الله عنه يستنصر فى حروبه بشعرات فى قلنسوته ، من شعر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان أخذ ذلك من شعر ناصية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، حين حلقه فى عمرة اعتمرها مع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم. كذا روى عنه فى مسند أبى يعلى الموصلى (٣) ، وليس فيه بيان

__________________

ـ عبيدة بن الجراح ، فقال أبو عمرو بن حفص بن المغيرة : لقد نزعت عاملا استعمله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأغمدت سيفا سله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ووضعت لواء نصبه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولقد قطعت الرحم ، وحسدت ابن العم ، فقال عمر : إنك قريب القرابة ، حديث السن مغضب فى ابن عمك.

(٣) أخرجه أبو يعلى فى مسنده ، حديث رقم (٧١٤٧) من طريق : سريج بن يونس أبو الحارث ، حدثنا هشيم ، عن عبد الحميد بن جعفر ، عن أبيه قال : قال خالد بن الوليد : اعتمرنا مع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى عمرة اعتمرها ، فحلق شعره ، فاستبق الناس إلى شعره فسبقت إلى الناصية ، فأخذتها ، فاتخذت قلنسوة فجعلتها فى مقدم القلنسوة ، فما وجهته فى وجه إلا فتح له.

والحديث فى «المقصد العلى» برقم ١٤٣٢ ، وأورده الهيثمى فى مجمع الزوائد ٩ / ٣٤٩ ، ـ

٢٨

هذه العمرة ، وهى عمرة الجعرانة ؛ لأنه كان فيها مسلما.

ومن مناقب خالد رضى الله عنه ، أنه لما نزل الحيرة قيل له : احذر السم ، لا يسقيكه الأعاجم ، فقال : إيتونى به ، فأخذه بيده ، وقال : بسم الله ، وشربه فلم يضره شيئا.

ومنها : أن خالدا رضى الله عنه كان مستجاب الدعوة ، على ما ذكره ابن أبى الدنيا ، فإنه روى أن خالدا لقى رجلا من عسكره ومعه زقّ خمر ، فقال : ما هذا؟ فقال الرجل : خلّ ، فقال خالد رضى الله عنه : جعله الله خلّا ، فوجده الرجل خلّا لما أتى به أصحابه.

ولخالد رضى الله عنه ، رواية عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال النووى : روى له عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ثمانية عشر حديثا ، اتفق البخارى (٤) ومسلم (٥) على حديث.

روى عنه ابن عباس وجابر والمقدام بن معد يكرب ، وأبو أمامة بن سهل الصحابيون.

وذكر رواية غير واحد من التابعين عنه.

وقد روى له الجماعة إلا الترمذى. وفى الترمذى من حديث أبى هريرة رضى الله

__________________

ـ وقال : «رواه الطبرانى وأبو يعلى بنحوه ورجالهما رجال الصحيح ، وجعفر سمع فى جماعة من الصحابة فلا أدرى سمع من خالد أم لا» وأورده ابن حجر فى المطالب العالية برقم ٤٠٤٤.

(٤) أخرجه البخارى فى صحيحه ، باب الضب (٥٣٣٣) من طريق : عبد الله بن مسلمة عن مالك بن شهاب عن أبى أمامة بن سهيل عن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما ، «عن خالد بن الوليد أنه دخل مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بيت ميمونة ، فأتى بضب محنوذ ، فأهوى إليه رسول الله بيده ، فقال بعض النسوة : أخبروا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بما يريد أن يأكل ، فقالوا : هو ضب يا رسول الله ، فرفع يده ، فقلت : أحرام هو يا رسول الله؟ فقال : لا ، ولكن لم يكن بأرض قومى فأجدنى أعافه. قال خالد : فاجتررته فأكلته ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ينظر».

(٥) أخرجه مسلم فى صحيحه ، باب إباحة الضب (٤٩٨٧) وحدثنى أبو الطاهر وحرملة. جميعا عن ابن وهب. قال حرملة : أخبرنا ابن وهب أخبرنى يونس عن ابن شهاب ، عن أبى أمامة بن سهل بن حنيف الأنصارى أن عبد الله بن عباس أخبره أن خالد بن الوليد ، الذى يقال له سيف الله أخبره أنه دخل مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على ميمونة ، زوج النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهى خالته وخالة ابن عباس ، فوجد عندها ضبا محنوذا ، قدمت به أختها حفيدة بنت الحارث من نجد ، فقدمت الضب لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وكان قلما يقدم إليه طعام حتى يحدث به ويسمى له. فأهوى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يده إلى الضب. فقالت امرأة من النسوة الحضور : أخبرن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بما قدمتن له. قلن : هو الضب. يا رسول الله ، فرفع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يده. فقال خالد بن الوليد : أحرام الضب؟ يا رسول الله قال : «لا. ولكنه لم يكن بأرض قومى ، فأجدنى أعافه». قال خالد : فاجتررته فأكلته ، ورسول الله ينظر ، فلم ينهنى.

٢٩

عنه : أن ناسا من الصحابة كانوا يمرون بالنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يسأل عنهم ، فلما مرّ به خالد ، قال : نعم عبد الله خالد بن الوليد ، سيف من سيوف الله (٦). انتهى باختصار.

وكان عمر رضى الله عنه ، يثنى عليه ويترحم عليه بعد موته ؛ لأن الزبير بن بكار روى بسنده قال : دخل هشام بن البخترىّ فى ناس من بنى مخزوم على عمر بن الخطاب رضى الله عنه. فقال له : يا هشام ، أنشدنى شعرك فى خالد بن الوليد ، فأنشده. فقال : قصرت فى الثناء على أبى سليمان رحمه‌الله ، إنه كان ليحب أن يذلّ الشرك وأهله ، وإن كان الشامت به لمتعرضا لمقت الله ، ثم قال : رحم الله أبا سليمان ، ما عند الله خير له مما كان فيه ، ولقد مات فقيرا وعاش حميدا.

وقال الزبير : قال محمد بن سلام : وحدثنى غير واحد ، وسمعت يونس النحوى يسأل عنه غير مرة [............](٧) أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال : دع نساء بنى المغيرة يبكين أبا سليمان ، ويرقن من دموعهن سجلا أو سجلين ، ما لم يكن نقع أو لقلقة. قال يونس : النقع : هدّ الصوت بالنحيب ، واللّقلقة : حركة اللسان نحو الولولة.

وقال النووى بعد أن ذكر وفاته : وحزن عليه عمر رضى الله عنه ، والمسلمون حزنا شديدا. انتهى.

وقال الزبير : قال محمد بن سلام : حدثنى أبان بن عثمان قال : لم تبق امرأة من بنى المغيرة إلا وضعت لمتها على قبر خالد رضى الله عنه ، يقول : حلقت رأسها.

وقد اختلف فى وفاة خالد رضى الله عنه. فقيل سنة إحدى وعشرين. قاله محمد بن سعد ، ومحمد بن نمير ، وإبراهيم بن المنذر الحزامى ، وغير واحد. وقيل مات سنة اثنتين وعشرين.

__________________

(٦) أخرجه الترمذى ، باب مناقب خالد بن الوليد رضى الله عنه ، حديث رقم (٤٠٠٧) من طريق : قتيبة حدثنا الليث عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبى هريرة ، قال : «نزلنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم منزلا ، فجعل الناس يمرون ، فيقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : من هذا يا أبا هريرة؟ فأقول فلان ، فيقول : نعم عبد الله هذا. ويقول : من هذا؟ فأقول فلان ، فيقول : بئس عبد الله هذا. حتى مر خالد بن الوليد ، فقال : من هذا؟ فقلت : هذا خالد بن الوليد قال : نعم عبد الله خالد بن الوليد سيف من سيوف الله».

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب. ولا نعرف لزيد بن أسلم سماعا من أبى هريرة وهو عندى حديث مرسل.

قال : وفى الباب عن أبى بكر الصديق رضى الله عنه.

(٧) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٣٠

واختلف فى موضع وفاته. فقيل بحمص. قاله من قال بوفاته فى سنة إحدى وعشرين. زاد محمد بن سعد : ودفن فى قرية على ميل من حمص.

وقيل بالمدينة ، قاله دحيم ، وغير واحد ، وصحح النووى القول بوفاته بحمص ؛ لأنه قال : وكانت وفاته بحمص وقبره مشهور على نحو ميل من حمص. وقيل توفى بالمدينة. قاله أبو زرعة الدمشقى عن دحيم. والصحيح الأول. انتهى.

ولم يذكر النووى القول بأنه توفى سنة اثنتين وعشرين. وذكره ابن عبد البر على الشك. وذكر المزى جزما ، إلا أنه لم يعين قائله ، وأوصى خالد إلى عمر ما ذكر ابن سعد وغيره.

واختلف فى أمه ، فقيل : لبابة الصغرى ، بنت الحارث الهلالية ، أخت ميمونة أم المؤمنين. هذا قول الأكثرين فيما ذكر ابن عبد البر. وقيل أمه لبابة الكبرى. قاله أبو أحمد الحاكم. ويقال لها عصمة. وهو ابن خالة عبد الله بن عباس رضى الله عنهم ؛ لأن أم ابن عباس لبابة الكبرى ، وأم خالد لبابة الصغرى. والله أعلم.

قال الزبير : وقد انقرض ولد خالد بن الوليد ، فلم يبق أحد منهم. وورث أيوب بن سلمة دورهم بالمدينة. انتهى.

١١١٦ ـ خالد بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى:

أخو أبى جهل بن هشام ، ذكره هكذا ابن الأثير ، إلا أنه لم يقل القرشى المخزومى لوضوحه ، وقال : أخرجه أبو موسى ، ولم ينسبه ، قال : خالد بن هشام ، ذكر أبو نعيم أنه من المؤلفة قلوبهم ، وجعله غير خالد بن العاص بن هشام ، وقال : فيه نظر ، وأخرجه أبو موسى ، بإسناده عن عبد الله بن الأجلح ، عن أبيه ، عن بشير بن تيم وغيره ، وقالوا فى تسمية المؤلفة قلوبهم : منهم من بنى مخزوم : خالد بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.

وذكره هشام الكلبى فى أولاد هشام بن المغيرة ، فذكر أبا جهل وخالد وغيرهما ، فقال: أسر خالد يوم بدر كافرا. ولم يذكر أنه أسلم. والله أعلم. انتهى.

١١١٧ ـ خالد بن يزيد العمرى ، أبو الهيثم المكى :

عن ابن أبى ذئب والثورى وغيرهما. روى عنه حسنون بن محمد الدارى ، وأحمد بن بكرويه وقطن بن إبراهيم وغيرهم. وكذبه أبو حاتم ، ويحيى بن معين.

__________________

١١١٦ ـ انظر ترجمته فى : (أسد الغابة ٢ / ٦٩).

١١١٧ ـ انظر ترجمته فى : (ميزان الاعتدال ٢٨٠٠ ، لسان الميزان ١ / ٣٨٩) ،

٣١

وقال ابن حبان : يروى الموضوعات عن الثقات الأثبات. وقد ذكره العقيلى ، وابن حبان ، وذكر من مناكيره.

قال موسى بن هارون : مات سنة تسع وعشرين ومائتين ، ضعيف. وقد فرق ابن عدى بينه وبين آخر ، يقال له خالد بن يزيد العدوى ، أبو الوليد.

لخصت هذه الترجمة من الميزان. قال : ومن بلاياه بسند الصحاح : «غزوة فى البحر كعشر فى البر» (١).

١١١٨ ـ خالد المغربى المالكى :

جاور بمكة أوقاتا كثيرة ، من سنين كثيرة. وكان فى أثناء السنين التى جاور فيها بمكة ، يقيم أشهرا من كل سنة ، بوادى ليّة بقرية يقال لها [...........](١) ويحج فى غالب السنين. وربما زار المدينة النبوية غير مرة ، وكان له حظ من العلم والعبادة والخير ، حسن السّمت ، وللناس فيه اعتقاد حسن.

توفى بمكة فى أوائل سنة سبع عشرة وثمانمائة ، ودفن بالمعلاة ، وهو فى سن الكهولة فيما أحسب. والله أعلم.

* * *

__________________

(١) أخرجه ابن ماجة فى سننه ، باب فضل غزوة البحر ، حديث رقم (٢٨٥٤) من طريق : هشام بن عمار : ثنا بقية عن معاوية بن يحيى ، عن ليث بن أبى سليم ، عن يحيى بن عباد ، عن أم الدرداء ، عن أبى الدرداء أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «غزوة فى البحر مثل عشر غزوات فى البر. والذى يسدر فى البحر ، كالمتشحط فى دمه فى سبيل الله سبحانه».

وقال فى مصباح الزجاجة : هذا إسناد ضعيف لضعف معاوية بن يحيى وشيخه ليث بن أبى سليم.

١١١٨ ـ انظر ترجمته فى الضوء اللامع ٣ / ١٧٣).

(١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٣٢

من اسمه خباب

١١١٩ ـ خبّاب بن الأرت ـ بمثناة من فوق ـ بن جندلة بن سعد بن خزيمة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم التميمى ، ويقال الخزاعى ، ويقال الزهرى :

وذلك لأنه من تميم ، فلحقه سباء فى الجاهلية ، فبيع بمكة ، فاشترته أم أنمار بنت سباع الخزاعية فأعتقته ، وأبوها سباع ، حليف عوف بن عبد عوف الزهرى ، والد عبد الرحمن ابن عوف. فهو على هذا تميمى بالنسب ، خزاعى بالولاء ، زهرى بالحلف. وقيل : بل أم خباب هى أم سباع الخزاعية ، ولم يلحقه سبى ، ولكنه انتمى إلى حلفاء أمه بنى زهرة. وقيل فى مولى خباب غير ذلك. يكنى أبا عبد الله ، وأبا يحيى ، وأبا محمد. كان من السابقين إلى الإسلام ، وممن عظم عذابه فيه وصبر.

روى عن مجاهد ، أن أول من أظهر الإسلام سبعة ، وذكر فيهم خباب بن الأرت. وسابعهم هو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. فيكون خبّاب سادسا.

وروينا عن الشعبى ، أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، سأل خبّابا عما لقى من المشركين ، فقال : يا أمير المؤمنين ، انظر إلى ظهرى ، فنظر ، فقال : ما رأيت كاليوم ظهر رجل. قال خباب : لو أوقدت لى نار وسحبت عليها ، لما أطفأها إلا ودك ظهرى. ذكر هذا كله من حاله ابن عبد البر بالمعنى.

وذكر ذلك ابن الأثير بالمعنى ، وقال : قال الشعبى : إن خبّابا صبر ولم يعط ما سألوا ، فجعلوا يمزقون ظهره بالرّصف حتى ذهب لحم سنمه ، ثم قال : قال أبو صالح : كان

__________________

١١١٩ ـ انظر ترجمته فى : (مغازى الواقدى ١٠٠ ، ١٥٥ ، السيرة لابن هشام ١ / ٢٥٢ ، ٢٥٤ ، ٣٤٣ ـ ٣٤٥ ، ٣٥٧ ، ٧٨١ ، طبقات ابن سعد ٣ / ١٦٤ ، ٦ / ١٤ ، المصنف لابن أبى شيبة رقم ١٥٧١٧ ـ ١٥٧١٨ ، تاريخ الدارمى عن يحيى رقم ٦٨٤ ، العلل لابن المدينى ٥٠ ، طبقات خليفة ١٧ ، ١٢٦ ، تاريخه ١٩٢ ، مسند أحمد ٥ / ١٠٨ ، ٦ / ٣٩٥ ، العلل له ، ١ / ٢٦٠ ، تاريخ البخارى الكبير الترجمة ٧٣٠ ، تاريخه الصغير ١ / ٧٨ ، المعارف ٣١٧ ، المعرفة ليعقوب ٣ / ١٦٧ ، تاريخ الطبرى ٣ / ٥٨٩ ، ٥ / ٦١ ، الجرح والتعديل الترجمة ١٨١٧ ، العقد الفريد ٣ / ٢٣٨ ، المشاهير ، له الترجمة ٢٧٣ ، معجم الطبرانى الكبير الترجمة ٣٦٤ ، الحلية لأبى نعيم ١ / ١٤٣ ، الاستيعاب ترجمة ٦٤٦ ، إكمال ابن ماكولا ٢ / ١٤٨ ، الجمع لابن القيسرانى ١ / ١٢٤ ، معجم البلدان ١ / ٢٤٥ ، ٣ / ٣٩١ ، الكامل لابن الأثير ٢ / ٦٠ ، ٦٧ ، ٨٥ ، ٨٦ ، ٣ / ٣٢٤ ، ٣٥١ ، أسد الغابة ترجمة ١٤٠٧ ، تهذيب الأسماء واللغات ١ / ١٧٤ ، سير أعلام النبلاء ٢ / ٣٢٣ ، العبر ١ / ٤٣ ، الكاشف ١ / ٢٧٧ ، تجريد أسماء الصحابة ١ / ١٥٤ ، تهذيب التهذيب ٣ / ١٣٣ ، الإصابة ترجمة ٢٢١٥ ، خلاصة الخزرجى الترجمة ١٨٢٩ ، شذرات الذهب ١ / ٤٧ ، تهذيب الكمال ١٦٧٤).

٣٣

خبابا قينا يطبع السيوف ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يألفه ويأتيه ، فأخبرت مولاته بذلك ، فكانت تأخذ الحديدة المحماة فتضعها على رأسه ، فشكا ذلك إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : اللهم انصر خبّابا. فاشتكت مولاته أم أنمار رأسها ، فكانت تعوى مثل الكلاب ، فقيل لها : اكتوى ، فكان خبّاب يأخذ الحديد المحماة فيكوى بها رأسها. انتهى.

وقال ابن عبد البر : كان فاضلا من المهاجرين الأولين ، شهد بدرا وما بعدها من المشاهد ، مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم قال : نزل الكوفة ، ومات بها سنة سبع وثلاثين ، منصرف علىّ رضى الله عنه من صفّين ، وقيل : بل مات سنة تسع وثلاثين ، بعد أن شهد مع علىّ رضى الله عنه صفّين والنّهروان ، وصلى عليه على بن أبى طالب رضى الله عنه ، وكان سنّه إذ مات ثلاثا وستين سنة. وقيل بل مات خبّاب سنة تسع عشرة بالمدينة ، وصلى عليه عمر رضى الله عنه. انتهى.

قال ابن الأثير : قلت الصحيح أنه مات سنة سبع وثلاثين ، وأنه لم يشهد صفين ، فإن مرضه كان قد طال به ، ومنعه من شهودها.

وأما خباب الذى مات سنة تسع عشرة ، هو مولى عتبة بن غزوان. ذكره أبو عمر أيضا. انتهى.

وذكر ابن الأثير كلاما فى الدلالة على أن خبّابا مولى عتبة بن غزوان ، غير خباب بن الأرت ؛ لأن ابن مندة وأبا نعيم ، ذكرا أن ابن الأرت مولى عتبة بن غزوان ، وأجاد ابن الأثير فى ذلك.

ونقل عن ابن عبد البر ، ما نقلناه عنه فى وفاة خباب ، إلا القول بأنه توفى سنة تسع وثلاثين ، ونقل عنه أنه مات وعمره ثلاث وسبعون. كذا رأيت فى نسخة من كتاب ابن الأثير ، وهو يخالف ما نقلناه عن ابن عبد البر. وفى النسخة التى رأيتها من كتابيهما سقم كثير ، سيما كتاب ابن الأثير.

وفى تهذيب الكمال قولان فى مبلغ عمره ، هل هو ثلاث وستون سنة أو ثلاث وسبعون ، وصدر كلامه بالأخير ، ولم يذكر فى وفاته إلا القول بأنها فى سنة سبع وثلاثين. وقال النووى فى ترجمته : وقال بعضهم : توفى سنة تسع عشرة وغلطوه. انتهى.

وقال ابن الأثير ، بعد أن ذكر شيئا من خبر خبّاب : ونزل الكوفة ومات بها ، وهو أول من دفن بظهر الكوفة من الصحابة رضى الله عنهم ، ثم قال : قال زيد بن وهب : سرنا مع علىّ رضى الله عنه ، حين رجع من صفين ، حتى إذا كان عند باب الكوفة ، إذا

٣٤

نحن بقبور سبعة عن أيماننا ؛ فقال : ما هذه القبور؟ فقالوا : يا أمير المؤمنين إن خبّاب بن الأرت ، توفى بعد مخرجك إلى صفين ، فأوصى أن يدفن فى ظاهر الكوفة ، وكان الناس إنما يدفنون موتاهم فى أفنيتهم ، وعلى أبواب دورهم ، فلما رأوا خبّابا أوصى أن يدفن بالظهر ، دفن الناس. فقال على رضى الله عنه : رحم الله خبابا ، أسلم راغبا ، وهاجر طائعا ، وعاش مجاهدا ، وابتلى فى جسده ، ولن يضيع الله أجر من أحسن عملا.

ثم قال ابن الأثير : وقال بعض العلماء : إن خبّاب بن الأرتّ لم يكن قينا ، وإنما القين ، خبّاب مولى عتبة بن غزوان ، والله أعلم. ولعلهما قينان ، فينتفى التنافر ، فإن غير واحد قال فى ابن الأرتّ : كان قينا. والله أعلم.

وقال النووى فى ترجمة خباب : روى عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم اثنتين وثلاثين حديثا ، اتفق البخارى ومسلم منها على ثلاثة ، وانفرد البخارى بحديثين ، ومسلم بحديث ، وذكر جماعة من الرواة عنه ، وذكرهم المزّىّ بزيادة ، وقال : روى له الجماعة.

١١٢٠ ـ خبّاب ، مولى فاطمة بنت عتبة بن ربيعة :

أدرك الجاهلية. واختلف فى صحبته. روى عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا وضوء إلا من صوت أو ريح» (١).

روى عنه صالح بن حيوان ، وبنوه ، منهم : السائب بن خبّاب أبو مسلم ، صاحب المقصورة ، ذكره هكذا ابن عبد البر. وقال ابن الأثير : خباب أبو السائب. روى عنه السائب ابنه ، يعدّ فى أهل الحجاز. روى حديثه عبد الله بن السائب بن خبّاب عن أبيه عن جده ، قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يأكل قديدا ويشرب من فخارة. أخرجه ابن مندة وأبو نعيم ، وأخرجه أبو عمر ، فقال : خباب ، مولى فاطمة بنت عتبة ، فذكر ما سبق عن ابن عبد البر ، ثم قال : وإنما أفردت قول أبى عمر ، فربما ظنه ظان ، غير خباب أبى السائب. وهو هو.

قال البخارى : السائب بن خباب أبو مسلم ، صاحب المقصورة. ويقال : مولى فاطمة بنت عتبة بن ربيعة القرشى. انتهى.

__________________

١١٢٠ ـ انظر ترجمته فى : (أسد الغابة ٢ / ١٠٠ ، الاستيعاب ترجمة ٦٤٩ ، الإصابة ترجمة ٢٢٢١).

(١) أخرجه أحمد بن حنبل فى مسنده (١٥١٣٧) من طريق : عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن إسحاق أنا ابن لهيعة عن محمد بن عبد الله بن مالك أن محمد بن عمرو بن عطاء حدثه قال : رأيت السائب يشم ثوبه فقلت له : مم ذاك؟ فقال : إنى سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «لا وضوء إلا من ريح أو سماع».

٣٥

وقوله فيما نقله البخارى : السائب بن خباب ، لعله خباب أبو السائب. فإن الترجمة معقودة له. والله أعلم.

١١٢١ ـ خباب ، أبو إبراهيم الخزاعى :

ذكره هكذا الذهبى ، وقال : يروى عن مجزأة الأسلمى ، عن إبراهيم بن خباب ، عن أبيه. ذكره ابن قانع الطبرى. وذكره ابن الأثير أفود من هذا ؛ لأنه قال : خباب ، أبو إبراهيم. روى عن يزيد بن الخباب ، عن قيس بن مجزأة بن ثور الأسلمى ، عن إبراهيم بن خباب الخزاعى عن أبيه ، أنه قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «اللهم استر عورتى ، وآمن روعتى ، واقض عنى دينى» (٢). أخرجه أبو نعيم ، وأبو موسى ، وقال أبو موسى : رواه غسان ، عن قيس بن الربيع ، عن مجزأة بن زاهر ، عن إبراهيم. وكأنه الصواب. انتهى.

وفى هذه الترجمة تصحيف كتبته على ما وجدته ، لأحرّره من نسخة أخرى من كتاب ابن الأثير إن شاء الله تعالى.

١١٢٢ ـ خباب ، مولى عتبة بن غزوان ، يكنى أبا يحيى :

شهد بدرا مع مولاه عتبة بن غزوان. توفى بالمدينة سنة تسع عشرة ، وهو ابن خمسين سنة ، وصلى عليه عمر بن الخطاب رضى الله عنه.

ذكره هكذا ابن عبد البر ، وذكره ابن الأثير بمعنى هذا ، وقال : شهد بدرا وما بعدها ، هو ومولاه عتبة ، مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم قال : وليست له رواية ، ثم قال : ولم يعقب. أخرجه الثلاثة.

__________________

١١٢١ ـ انظر ترجمته فى : (التجريد ١ / ١٦٥).

(١) أخرجه النسائى فى الكبرى ، حديث رقم (١٠٣٢٩) من طريق : عمرو بن منصور ، قال : حدثنا أبو نعيم عن عبادة هو (ابن) مسلم حدثنى جبير بن أبى سليمان بن جبير بن مطعم ، أنه كان جالسا مع ابن عمر ، فقال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول فى دعائه : «حين يمسى وحين يصبح : اللهم إنى أسألك العافية فى الدنيا والآخرة ، اللهم إنى أسألك العفو والعافية ، فى دينى ودنياى وأهلى ومالى ، اللهم استر عورتى ، وآمن روعاتى ، اللهم احفظنى من بين يدى ومن خلفى ، ومن يمينى وعن شمالى ، ومن فوقى ، وأعوذ بعظمتك أن اغتال من تحتى».

قال جبير : هو الخسف ، قال عبادة : فلا أدرى قول النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أو قول جبير؟.

١١٢٢ ـ انظر ترجمته فى : (أسد الغابة ترجمة ١٤٠٩ ، الاستيعاب ترجمة ٦٤٨ ، الإصابة ترجمة ٢٢٢٠).

٣٦

١١٢٣ ـ خبيب بن عدىّ الأنصارىّ الأوسى ، البدرىّ :

قال ابن عبد البر : شهد بدرا ، وأسر يوم الرجيع فى السرية التى خرج فيها مرثد بن أبى مرثد ، وعاصم بن ثابت بن أبى الأقلح. وخالد بن بكير ، فى سبعة نفر ، فقتلوا. وذلك فى سنة ثلاث ، وأسر خبيب ، وزيد بن الدّثنة ، فانطلق المشركون بهما إلى مكة فباعوهما. انتهى.

وهذا يقتضى أن يوم الرّجيع فى سنة ثلاث. وقال ابن عبد البر فى ترجمة خالد بن البكير : أنه قتل يوم الرجيع فى صفر سنة أربع من الهجرة ، والله أعلم.

وما سبق عن ابن عبد البر ، يقتضى أن السّرية سبعة ، وجاء أنهم عشرة ، وهذا فى مسند ابن حنبل. وما روينا فيه من حديث أبى هريرة رضى الله عنه ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بعث عشرة رهط عينا. وأمر عليهم عاصم بن ثابت بن أبى الأقلح ، فانطلقوا ، حتى إذا كانوا بالهدأة بين عسفان ومكة. ذكروا لحى من هذيل ، يقال لهم بنو الحيان. فنفروا إليهم بقريب من مائة رجل رام ، وفيه أنهم أدركوا عاصما وأصحابه ، وقتلوه فى سبعة نفر ، ونزل إليهم ثلاثة نفر على العهد والميثاق ، فيهم خبيب الأنصارى ، وزيد بن الدّثنة ، ورجل آخر. فلما استمكنوا منهم ، أطلقوا أوتار قسيّهم فربطوهم بها. وفيه : وأنهم قتلوا الثالث ، وانطلقوا بخبيب وزيد بن الدّثنة فباعوهما بمكة ، فابتاع بنو الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف خبيبا. وكان خبيب هو قتل الحارث بن عامر بن نوفل يوم بدر. فلبث خبيب عندهم أسيرا ، حتى أجمعوا على قتله ، فاستعار من بعض بنات الحارث موسى ، يستحدّ بها للقتل ، فأعارته إياها ، وكانت تثنى عليه ؛ لأنه تمكن أن يقتل بالموسى بنيّا لها صغيرا ، فلم يفعل. وقالت : والله ما رأيت أسيرا خيرا من خبيب ، والله لقد وجدته يوما يأكل قطفا من عنب فى يده ، وإنه لموثق فى الحديد ، وما بمكة من ثمرة ، وكانت تقول : إنه لرزق رزقه الله خبيبا. فلما خرجوا به ليقتلوه فى الحلّ. قال لهم خبيب : دعونى أركع ركعتين ، ثم قال : والله لو لا أن تحسبوا أنما أجزع من الموت لزدت ، اللهم أحصهم عددا ، واقتلهم بددا. ولا تبق منهم أحدا (١) [من الطويل] :

فلست أبالى حين أقتل مسلما

على أى شق كان فى الله (٢) مصرعى

__________________

١١٢٣ ـ انظر ترجمته فى : (أسد الغابة ترجمة ١٤١٧ ، الاستيعاب ترجمة ٦٥٠ ، الإصابة ترجمة ٢٢٢٧).

(١) انظر : أسد الغابة ٢ / ٣٠٧.

(٢) فى أسد الغابة : على أى جنب كان فى الله مصرعى.

٣٧

وذلك فى ذات الإله وإن يشأ

يبارك على أوصال شلو ممزع

ثم قام إليه أبو سروعة عقبة بن الحارث ، فقتله. وكان خبيب هو سنّ لكل مسلم قتل صبرا الصلاة. انتهى باختصار باللفظ ، إلا قليلا فبالمعنى.

وذكر ابن عبد البر من خبر خبيب فى أسره وقتله نحو هذا.

وذكر أن ابن إسحاق قال : وابتاع خبيبا حجير بن أبى إهاب التميمى. وكان أخا الحارث بن عامر ، فابتاعه لعقبة بن الحارث ليقتله بأبيه.

وذكر عن ابن إسحاق أبياتا قالها خبيب حين صلب ، منها [من الطويل] :

إلى الله أشكو غربتى بعد كريتى

وما جمع الأحزاب لى عند مصرعى

فذا العرش صبّرنى (٣) على ما أصابنى

فقد بضّعوا لحمى وقد ضل مطمعى

وما بى حذار الموت إنى لميت

ولكن حذارى حرّ نار تلفّع

فلست بمبد للعدو تخشعا

ولا جزعا إنى إلى الله مرجعى

ثم قال : وصلب خبيب بالتنعيم ، وكان تولى صلبه عقبة بن الحارث ، وأبو هبيرة العبدرىّ. وذكر عن الزبير خبرا فيه : أن عقبة بن الحارث ، اشترى خبيب بن عدى من بنى النجار. وفيه ذكر جماعة شاركوه فى ابتياع خبيب. وهذا لا انتقاد فيه.

وأما الأول ، وهو كون خبيب من بنى النجار ، ففيه نظر ؛ لأنه أوسىّ. والله أعلم. وفى هذا الخبر أن الذى أعطت الموسى لخبيب امرأة عقبة بن الحارث. وفى الخبر الأول ، أنها بعض بنات الحارث.

وأما الصبى الذى تمكن خبيب من قتله. فهو أبو حسين بن الحارث بن عامر ، أخو عقبة بن الحارث. كذا فى كتاب ابن الأثير وغيره.

قال ابن عبد البر : وروى عمرو بن أمية الضّمرى ، قال : بعثنى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، إلى خبيب بن عدى لأنزله من الخشبة ، فصعدت خشبته ليلا ، فقطعت عنه وألقيته ، فسمعت وجبة خلفى ، فالتفت فلم أر شيئا. انتهى.

وذكر ذلك ابن الأثير وزاد : فما ذكر لخبيب بعد رمّة حتى الساعة. انتهى.

وسيأتى إن شاء الله تعالى فى ترجمة زيد بن الدّثنة ، زيادة بيان فى تحقيق تاريخ يوم الرّجيع.

__________________

(٣) فى أسد الغابة ٢ / ١٢٣ : فذا العرش صيرنى على ما أصابنى ..

٣٨

١١٢٤ ـ خداش بن بشير بن الأصم بن معيص بن عامر بن لؤى :

وهو قاتل مسيلمة الكذاب ، فيما يزعم بنو عامر. أخرجه أبو عمر. ذكره هكذا ابن الأثير. ولم يذكره ابن عبد البر فى باب خداش ـ بالدال المهملة ـ ولا فى باب خراش ، وإنما ذكره فى باب الأفراد ، وهذا عجب منه ، فإنه ليس بفرد ، ومحله باب خداش بالدال المهملة ، إلا أن يكون خذاش بن بشير ، بالمعجمة ، وهو بعيد ؛ لأنه لم يذكره بالمعجمة أحد فيما علمت ، ولو كان كذلك لاشتهر. والله أعلم.

١١٢٥ ـ خداش ـ أو خراش ـ بن حصين بن الأصم ، واسم الأصم رحضة بن عامر بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤىّ :

له صحبة. أخرجه أبو عمر ، وقال : لا أعلم له رواية. قال : وزعم بنو عامر ، أنه قاتل مسيلمة الكذاب. أخرجه أبو عمر هكذا.

ذكره ابن الأثير. وقال : قلت : خداش بن حصين هو ابن بشير الذى أخرجه أبو عمر أيضا. وقد تقدم ذكره ، سماه ابن الكلبى خداشا ولم يشكّ ، وسمى أباه بشيرا ، ولا شك أن العلماء قد اختلفوا فى اسم أبيه ، كما اختلفوا فى غيره ، ودليله أن جده الأصم ، لم يختلفوا فيه ولا فى قبيلته ، ولا فى أنه قتل مسيلمة. والله أعلم.

وعامر بن لؤى من قريش ، ولؤى هو ابن غالب بن فهر بن مالك بن النّضر بن كنانة. فيكون المذكور قرشيا عامريا.

١١٢٦ ـ خداش بن أبى خداش المكى :

عم صفية بنت أبى مجزاة. قاله أبو عمر. وقال ابن مندة وأبو نعيم : صفية بنت بحر. وقيل عن بحرية عمة أيوب بن ثابت. روى داود بن أبى هند عن أيوب بن ثابت ، عن بحرية ـ وقيل بنت بحر ـ قالت : رأى عمى خداش النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم يأكل فى صحفة فاستوهبها منه. وقال أبو عامر العقدى وورقاء بن هانئ وغيرهما ، عن أيوب ، عن صفية بنت بحر. أخرجه الثلاثة. ذكرها هكذا ابن الأثير ، وفى كتابه تصحيف كما ترى ، كتبته لأحرره إن شاء الله تعالى. وذكره ابن عبد البر أخصر من هذا ؛ لأنه قال : خداش عم صفية بنت أبى مجزأة ، عمة أيوب بن ثابت. حديثه فى شأن الصّحفة. انتهى.

__________________

١١٢٤ ـ انظر ترجمته فى : (أسد الغابة ١٤٢٠ ، الاستيعاب ترجمة ٤٤٤ ، الإصابة ١ / ٤١٩).

١١٢٥ ـ انظر ترجمته فى : (أسد الغابة ترجمة ١٤٢٠ ، الاستيعاب ترجمة ٦٥٤ ، الإصابة ترجمة ٢٣٧٤).

١١٢٦ ـ انظر ترجمته فى : (أسد الغابة ٢ / ١٠٦ ، الإصابة ١ / ٤٢٠)

٣٩

١١٢٧ ـ خراش بن أمية بن الفضل الكعبى الخزاعى :

مدنى ، شهد مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الحديبية وخيبر ، وما بعدها من المشاهد ، وبعثه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عام الحديبية إلى مكة ، فآذته قريش وعقرت جمله ، فحينئذ بعث إليهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عثمان بن عفان ، وهو الذى حلق رأس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم الحديبية. روى عن خراش هذا ، ابنه عبد الرحمن بن خراش.

توفى خراش فى آخر خلافة معاوية. ذكره هكذا ابن عبد البر. وذكره ابن الأثير ، فقال : خراش بن أمية الكعبى الخزاعى. له ذكر ، ولا يعرف له رواية. قاله ابن مندة وأبو نعيم. وقال أبو عمر : خراش بن أمية بن الفضل الكعبى الخزاعى. فذكر ما سبق عن ابن عبد البر ، إلا أنه فيما نقل ابن الأثير عن ابن عبد البر ، زيادة على ما نقلناه. وهى : وحمله على جمل يقال له الثعلب ، فآذته قريش وعقرت جمله ، وأرادت قتله ، فمنعته الأحابيش ، فعاد إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهذا لم أره فى الاستيعاب ، ولعله سقط من النسخة التى رأيتها منه ، والله أعلم.

وذكر ابن الأثير : أن هشاما الكلبى ، ذكر خراش بن أمية هذا ، فقال : خراش بن أمية ابن ربيعة بن الفضل بن منقذ بن عوف بن كليب بن حبشيّة بن سلول بن كعب بن عمرو بن ربيعة ، وهو لحىّ بن خزاعة الخزاعى. وكان حليفا لبنى مخزوم ، يكنى أبا نضلة ، وهو الذى حلق للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم الحديبية. وكان حجاما.

وذكر ابن الأثير : أن خراش بن أمية هذا ، هو خراش الكلبى السّلولىّ. وكلام ابن عبد البر يقتضى أنهما اثنان.

واستدل ابن الأثير على ذلك بما ذكره الكلبى من نسب خراش بن أمية ، وقال : فلا أدرى كيف اشتبه على أبى عمر. انتهى. والله أعلم بالصواب.

١١٢٨ ـ خرص بن عجلان بن رميثة بن أبى نمى الحسنى المكى :

بلغنى أنه ناب عن أبيه فى إمرة مكة ، وأنه سافر إلى العراق ، وعاد إلى مكة فى حالة جميلة ، ومعه طبلخانة وغيرها مما يتخذ الأمراء ، وصار يضرب طبلخانة مع طبلخانة أبيه وعمه ثقبة بن رميثة ، وأن عمه جزع لذلك. وقال لأخيه عجلان : إما أن تكون شريكى أو ابنك ، فأمر عجلان ابنه بالترك فأبى ، فترك عجلان ضرب طبلخانه ، ثم توفى خرص بإثر ذلك. ولعل وفاته فى آخر عشر الستين وسبعمائة ، وهى فى هذا العشر أو فى الذى قبله ، والله أعلم. وأمه أم الكامل بنت حميضة بن أبى نمى.

__________________

١١٢٧ ـ انظر ترجمته فى : (أسد الغابة ٢ / ١٠٨ ، الإصابة ١ / ٤٢١).

٤٠