العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٤

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٤

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٦٢

١
٢

بسم الله الرّحمن الرحيم

حرف الخاء المعجمة

من اسمه خارجة

١٠٩٤ ـ خارجة بن حذافة بن غانم بن عامر بن عبد الله بن عبيد بن عويج بن عدى بن كعب بن لؤى بن غالب القرشى العدوى :

له صحبة ورواية ، روى عنه عبد الله بن أبى مرة الزّوقىّ ، وعبد الرحمن بن جبير المصرى. روى له أبو داود والترمذى ، وابن ماجة ، حديثا واحدا فى الوتر ، وليس له سواه(١).

وذكر البخارى ، أنه لا يعرف لإسناده سماع من بعضهم. وذكر ابن يونس ، أنه من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، شهد فتح مصر. واختطّ بها دارا ، وكان على شرط مصر فى إمرة

__________________

١٠٩٤ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات ابن سعد ٤ / ١٤٢ ، ٧ / ٣٤٤ ، طبقات خليفة ٢٣ ، ٢٩١ ، تاريخه ١٤٢ ، تاريخ البخارى الكبير الترجمة ٦٩٥ ، تاريخه الصغير ١ / ٩٣ ، تاريخ الطبرى ٤ / ٢٥٣ ـ ٢٥٤ ، ٥ / ١٤٩ ، الجرح والتعديل الترجمة ١٧٠٠ ، الولاة والقضاة للكندى ١٠ ، ٣١ ، ٣٣ ، ثقات ابن حبان ٣ / ١١١ ، مشاهير علماء الأمصار الترجمة ٣٨٣ ، المعجم الكبير للطبرانى الترجمة ٣٨٨ ، جمهرة ابن حزم ١٣٥ ، ١٥٦ ، التبيين فى أنساب القرشيين ٣٩٥ ، معجم البلدان ٢ / ٥٠٧ ، الاستيعاب ترجمة ٦٠٩ ، أسد الغابة ترجمة ١٣٢٧ ، الكاشف ١ / ٢٦٥ ، تجريد أسماء الصحابة ١ / ١٤٦ ، الإصابة ترجمة ٢١٣٧ ، تهذيب التهذيب ٣ / ٧٤ ، خلاصة الخزرجى الترجمة ١٧٣١ ، شذرات الذهب ١ / ٤٩ تهذيب الكمال ١٥٨٨).

(١) نص الحديث عن خارجة بن حذافة قال : خرج علينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «إن الله أمدكم بصلاة هى خير لكم من حمر النعم : الوتر ، جعلت لكم فيها بين صلاة العشاء إلى أن يطلع الفجر».

أخرجه أبو داود فى سننه فى الصلاة (١٤١٨) باب استحباب الوتر ، والترمذى فى الصلاة (٤٥٢) باب ما جاء فى فضل الوتر ، وابن ماجة فى الصلاة (١١٦٨) باب ما جاء فى الوتر.

٣

عمرو بن العاص ، لمعاوية رضي‌الله‌عنهما. قتله خارجىّ بمصر سنة أربعين ، وهو يحسب أنه عمرو. انتهى.

والخارجى : أحد الخوارج الثلاثة ، المنتدبين لقتل على بن أبى طالب ، وعمرو بن العاص ، ومعاوية بن أبى سفيان ، رضى الله عنهم. وقال الخارجى لما أتى به إلى عمرو : أردت عمرا وأراد الله خارجة. فصارت مثلا.

وذكر الزبير : أن عمرا هو القائل ذلك ، وأن خارجة كان يعدل بألف رجل ؛ لأنه قال : حدثنى عمى مصعب بن عبد الله ، قال : وكان خارجة بن حذافة يعدل بألف رجل. كتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنهما ، يستمده. فوجه إليه إلى مصر ، الزبير بن العوام ، وخارجة بن حذافة. وقال : قد أمددتك بألفى رجل ، فاستعمل خارجة على شرطته. وخارجة الذى قتله الحرورىّ ، فقال عمرو رضى الله عنه للحرورى : أردت عمرا وأراد الله خارجة. انتهى.

وذكر ابن عبد البر : أن قبر خارجة معروف بمصر عند أهلها. قال : وقد قيل إن خارجة الذى قتله الخارجى بمصر ، على أنه عمرو ، رجل يسمى خارجة من بنى سهم ، رهط عمرو بن العاص ، وليس بشىء. وقال : وشهد خارجة بن حذافة فتح مصر. وقيل : إنه كان قاضيا لعمرو بن العاص بها. وذكر القول بأنه كان على شرطة عمرو بمصر.

وأفاد ابن الأثير فى خارجة السهمى ، الذى قيل إن الخارجى قتله بمصر ، ما لم يفده ابن عبد البر ؛ لأنه قال : وقيل إن خارجة الذى قتله الخارجى بمصر ، هو خارجة بن حذافة ، أخو عبد الله بن حذافة ، من بنى سهم ، رهط عمرو بن العاص. وليس بشىء. انتهى.

١٠٩٥ ـ خارجة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى القرشى الأسدى :

توفى بمكة مقتولا ، لما حصر الحجاج عبد الله بن الزبير. وأمه : أم عمرو بنت معتب ابن أبى لهب بن عبد المطلب. ذكره الزبير بن بكار فى كتاب النسب.

١٠٩٦ ـ خارجة بن عمرو الجمحى :

روى عنه قدامة بن عبد الملك ، أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «ليس لوارث وصيّة» (١) أخرجه أبو

__________________

١٠٩٥ ـ انظر ترجمته فى : (جمهرة نسب قريش ١ / ٣٥٢).

١٠٩٦ ـ انظر ترجمته فى : (التجريد ١ / ١٥٩ ، الإصابة ١ / ٤٠١ ، أسد الغابة ٢ / ٧٤).

(١) أخرجه أحمد فى مسنده ، حديث رقم (١٧٢١٢) من طريق : عفان ، قال : حدثنا أبو ـ

٤

موسى ، وقال : هذا الحديث يعرف لعمرو بن خارجة ، لا لخارجة بن عمرو. وذكره أبو أحمد العسكرى ، فقال : خارجة بن عمرو. انتهى.

ذكره هكذا ابن الأثير فى أسد الغابة ، وذكره الذهبى ، فقال : خارجة بن عمرو. وروى عنه قدامة بن عبد الملك. والأصح عمرو بن خارجة. انتهى.

* * *

من اسمه خالد

١٠٩٧ ـ خالد الأشعر الخزاعى الكعبى :

اختلف فى اسم أبيه. فقيل حليف بنى منقذ بن ربيعة. وقيل اسمه منقذ بن ربيعة. وقد سبق ذلك فى ترجمة ولده حبيش بن خالد ، وسبق فيها الخلاف فى الأشعر ، هل هو حبيش أو أبوه خالد؟ قال ابن عبد البر : قال الواقدى : قتل مع كرز بن جابر ، بطريق مكة عام الفتح. وذكر ذلك ابن عبد البر فى ترجمة خالد الأشعر فى باب الخاء. وذكر أيضا أن حبيش بن خالد ، قتل مع كرز بن جابر يوم الفتح. وقد سبق ذلك فى ترجمة حبيش. وهذا تناقض ظاهر. والله أعلم بالصواب.

١٠٩٨ ـ خالد بن أسيد ـ بفتح الهمزة ـ بن أبى العيص بن أمية بن عبد شمس الأموى :

أسلم عام الفتح ، من حديثه عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أنه أهلّ حين راح إلى منى». وروى عنه

__________________

ـ عوانة ، قال : أخبرنا قتادة ، عن شهر بن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غنم ، عن عمرو بن خارجة ، قال : كنت آخذا بزمام ناقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهى تقصع بجرتها ولعابها يسيل بين كتفى فقال : «إن الله عزوجل أعطى لكل ذى حق حقه ، وليس لوارث وصية ، الولد للفراش وللعاهر الحجر ، ومن ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين». قال عفان : وزاد فيه همام بهذا الإسناد ولم يذكر عبد الرحمن بن غنم : وإنى لتحت حران راحلته ، وزاد فيه : لا يقبل منه عدل ولا صرف. وفى حديث همام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خطب وقال : رغبة عنهم.

وأخرجه الترمذى فى سننه ، فى الوصايا حديث ٢١٢١ ، والنسائى فى الوصايا ، فى الصغرى حديث رقم ٣٦٤١ ، ٣٦٤٢ ، ٣٦٤٣ ، وابن ماجة فى السنن ، الوصايا ، حديث رقم ٢٧١٢ ، والدارمى فى السنن ، حديث رقم ٢٥٢٩ ، والوصايا ، حديث رقم ٣٢٦٠.

١٠٩٧ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٦٣٢ ، الإصابة ترجمة ٢٢١٢ ، أسد الغابة ترجمة ١٣٤٥ ، المنتظم ٣ / ٣٢٧).

١٠٩٨ ـ انظر ترجمته فى : (أسد الغابة ترجمة ١٣٤٣ ، الاستيعاب ترجمة ٦٢٤ ، الإصابة ترجمة ٢١٤٩ ، طبقات ابن سعد ٦ / ٥).

٥

ابنه عبد الرحمن بن خالد. وله بنون عدد ، وهو معدود فى المؤلفة قلوبهم. وتوفى بمكة ، وهو أخو أميرها عتاب بن أسيد. ذكره بمعنى هذا ابن عبد البر.

وذكر فى ترجمة أخيه عتاب ، ما يخالف ما ذكره فى تاريخ وفاته ، وما يشعر بعدم إسلامه ؛ لأنه قال : وأما أخوه خالد بن أسيد ، فذكر محمد بن إسحاق السراج قال : سمعت عبد العزيز بن معاوية ، من ولد عتّاب بن أسيد ، ونسبه إلى عتّاب بن أسيد ، يقول : مات خالد بن أسيد ، وهو أخو عتاب بن أسيد لأبيه وأمه ، يوم فتح مكة ، قبل دخول النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم مكة. انتهى.

وروينا فى تاريخ الأزرقى خبرا فيه : أن خالد بن أسيد كان فى الحجر حين أذّن بلال رضى الله عنه للظهر على الكعبة. وفيه قال خالد بن أسيد : الحمد لله الذى أكرم أبى فلم يسمع بهذا اليوم ، وكان أسيد مات قبل الفتح بيوم. روى هذا الخبر الأزرقى عن جده عن الإمام الشافعى عن الواقدى عن أشياخه.

وفى السيرة لابن إسحاق ، تهذيب ابن هشام ، ما يخالف ما ذكرناه عن الأزرقى ؛ لأن فيها أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، دخل الكعبة عام الفتح ومعه بلال ، فأمره أن يؤذّن ، وأبو سفيان بن حرب وعتاب بن أسيد ، والحارث بن هشام ، جلوس بفناء الكعبة ، فقال عتاب بن أسيد : لقد أكرم الله أسيدا أن لا يكون سمع هذا ، فيسمع منه ما يغيظه. انتهى.

قال ابن عبد البر : قال ابن دريد : كان أسيد بن أبى العيص جزارا. انتهى.

١٠٩٩ ـ خالد بن البكير بن عبد ياليل الليثى العدوى ، حليف بنى عدى :

كان جده حالف فى الجاهلية نفيل بن عبد العزى ، فصار هو وولده من حلفاء بنى عدى ، شهد بدرا ، وقتل يوم الرجيع (١) ، فى صفر سنة أربع من الهجرة. ذكره أبو عمر ابن عبد البر وقال : لا أعلم لهم رواية ، يعنى خالدا وإخوته.

وذكر ابن الأثير من حال خالد ما ذكره ابن عبد البر ، وزيادة ، منها : وكان عمر خالد لما قتل ، أربعا وثلاثين سنة. أخرجه الثلاثة. انتهى.

__________________

١٠٩٩ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات ابن سعد ٢ / ٤٢ ، ٣ / ١٢١ ، المنتظم ٣ / ٧٢ ، ٢٠١ ، ٤ / ١٨٧ ، طبقات خليفة ٢٣ ، تاريخ خليفة ٧٤ ، ٧٥ ، الاستيعاب ترجمة ٦١٩ ، الإصابة ترجمة ٢١٥٣ ، أسد الغابة ترجمة ١٣٤٨ ، سير أعلام النبلاء ١ / ١٨٦).

(١) المراد هنا اسم موضع من بلاد هذيل على ثمانية أميال من عسفان ، وفيه كانت الموافقة من جهة الغرب ، وبه سميت. وخبر غزوة الرجيع فى صحيح البخارى (٤٠٨٦) ، فى المغازى ، باب غزوة الرجيع ، سيرة ابن هشام ٢ / ١٦٩ ، البداية والنهاية ٣ / ١٢٣.

٦

١١٠٠ ـ خالد بن أبى جبل ـ بجيم مفتوجة وباء موحدة مفتوحة ، وقيل بجيم مكسورة وياء مثناة من تحت ساكنة ـ العدوانى ، من عدوان بن قيس بن عيلان :

سكن الطائف ، كان ممن بايع تحت الشجرة ، له حديث واحد. روى عنه ابنه عبد الرحمن. ذكره بمعنى هذا ابن عبد البر وابن الأثير ، وأورد له حديثا من رواية ابنه عبد الرحمن عنه ، أنه أبصر النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى مشربة ثقيف ، قائما على قوس وهو يقرأ : (وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ) [الطارق : ١] حتى ختمها ، فوعيتها فى الجاهلية وأنا مشرك. الحديث (١).

وذكر أن بعضهم رواه عن خالد بن أبى جبل ، عن أبيه ، قال : وهو وهم.

وحكى ابن الأثير فى ضبط أبى جبل الوجهين اللذين ذكرناهما. ونقل الوجه الأول عن يحيى بن معين ، وإسحاق بن إسماعيل الطّالقانى ، وهشام بن عمار. ونقل عن ابن ماكولا أنه أصح. ونقل الوجه الثانى من البخارى. والله أعلم بالصواب. ونقل عن العسكرى أنه نزل الكوفة. انتهى بالمعنى. وقال ابن الأثير : أخرجه الثلاثة.

١١٠١ ـ خالد بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى القرشى الأسدى :

أخو حكيم بن حزام ، وابن أخى خديجة بنت خويلد. قال الزبير : حدثنى عبد الرحمن ابن المغيرة الحزامى ، وحدثنى عمى مصعب بن عبد الله ، عن غير واحد من الحزاميين ، وعن الواقدى عن المغيرة بن عبد الرحمن الحزامى ، أن عبد الرحمن بن المغيرة ، أخبره أن خالد بن حزام ، خرج من مكة مهاجرا. وبلغ الزبير خبره ، فسر بذلك ، فمات خالد فى

__________________

١١٠٠ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٣ : ٣٢٣ ، التاريخ الكبير ٢ / ١ / ١٣٨ ، أسد الغابة ترجمة ١٣٥٠ ، الاستيعاب ترجمة ٦٣٨ ، الإصابة ترجمة ٢١٥٧ ، الإكمال ٢ / ٤٧).

(١) أخرجه أحمد فى المسند ، حديث رقم (١٨٤٧٩) من طريق : حدثنا عبد الله بن محمد قال : عبد الله ، وسمعته أنا من عبد الله بن محمد بن أبى شيبة ، حدثنا مروان بن معاوية الفزارى ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الطائفى ، عن عبد الرحمن بن خالد العدوانى ، عن أبيه أنه أبصر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى مشربة ثقيف وهو قائم على قوس أو عصا حين أتاهم يبتغى عندهم النصر ، قال : فسمعته يقرأ : (وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ) حتى ختمها ، قال : فوعيتها فى الجاهلية وأنا مشرك ثم قرأتها فى الإسلام ، قال : فدعتنى ثقيف ، فقالوا : ما ذا سمعت من هذا الرجل ، فقرأتها عليهم ، فقال من معهم من قريش : نحن أعلم بصاحبنا لو كنا نعلم ما يقول حقا لتبعناه.

١١٠١ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٦٢٦ ، أسد الغابة ترجمة ١٣٥١ ، الإصابة ترجمة ٢١٥٩).

٧

الطريق ، فأنزل الله عزوجل فيه : (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ). [النساء : ١٠٠] انتهى.

وذكر ابن عبد البر ، أنه هاجر إلى الحبشة فى الثانية ، فمات فى الطريق قبل أن يصل ، من حية نهشته ، فنزلت على ما روى : (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً). ولم أره فى «عيون الأثر» فى أسماء المهاجرين إلى الحبشة. وذكره ابن الأثير والكاشغرى والذهبى ، وذكر أن عروة بن الزبير قال : إن الآية نزلت فيه. وذكر ابن قدامة أنه أسلم قديما. وكذلك قال ابن الأثير.

١١٠٢ ـ خالد بن حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد الأسدى :

ابن أخى المذكور قبله. ذكر ابن عبد البر : أنه أسلم يوم الفتح ، هو وإخوته : هشام وعبد الله ويحيى ، وأن لهم صحبة.

روى له حديث منقطع على ما ذكر الذهبى ، وهو على ما ذكر ابن الأثير والكاشغرى حديث : «إن أشد الناس عذابا يوم القيامة أشدهم عذابا فى الدنيا». وذكر أبو عمر ، أن حديثه عند بكير بن الأشج عن الضحاك عنه.

وبخالد هذا ، كان يكنى أبوه. وذكره ابن الأثير بمعنى ما سبق ، وقال : أخرجه الثلاثة.

١١٠٣ ـ خالد بن الحويرث القرشى المخزومى المكى :

روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، وعنه ابنه محمد بن خالد ، وعلى بن زيد بن جدعان ، وهو صاحب حديث : «إن الأرنب تحيض» (١).

روى له أبو داود هذا الحديث ، ولم يرو له حديثا سواه. وسئل عنه يحيى بن معين ، فقال : لا أعرفه. وذكره ابن حبان فى الثقات.

__________________

١١٠٢ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٣ : ٣٢٤ ، التاريخ الكبير ٢ / ١ / ١٣٤ ، الاستيعاب ترجمة ٦٣٧ ، التجريد ١ / ١٦٠ ، الإصابة ترجمة ٢١٦٠ ، أسد الغابة ترجمة ١٣٥٢).

١١٠٣ ـ انظر ترجمته فى : (تاريخ الدارمى ، رقم ٢٩٦ ، تاريخ البخارى الكبير الترجمة ٤٨٧ ، الجرح والتعديل الترجمة ١٤٥٨ ، ميزان الاعتدال ، الترجمة ٢٤١٦ ، الكاشف ١ / ٢٦٧ ، المغنى الترجمة ١٨٤٠ ، ديوان الضعفاء الترجمة ١٢١١ ، تهذيب التهذيب ٣ / ٨٣ ـ ٨٤ ، خلاصة الخزرجى الترجمة ١٧٤٦ تهذيب الكمال ١٦٠٠).

(١) أخرجه أبو داود فى سننه (٣٧٩٢) فى الأطعمة.

٨

١١٠٤ ـ خالد بن سارة ، ويقال : خالد بن عبيد بن سارة القرشى المخزومى المكى :

روى عن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، وعبد الله بن جعفر بن أبى طالب. وروى عنه ابنه جعفر ، وخالد ، وعطاء بن أبى رباح. روى له أصحاب السنن الأربعة ، إلا أن النسائى ، إنما روى له فى اليوم والليلة حديثا. وليس له عند الثلاثة أيضا إلا حديث واحد. وذكره ابن حبان فى الثقات (١).

١١٠٥ ـ خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الأموى ، أبو سعيد :

قال الزبير بن بكار : وكان إسلام خالد متقدما ، يقولون : كان خامسا ، وأسلم أخوه عمرو ، وهاجرا جميعا إلى أرض الحبشة. وكانا ممن قدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى السفينتين. قال : ولعمرو وخالد ، يقول أبان أخوهما ـ وكان إسلامه تأخر ، يعاتبهما على إسلامهما ، فذكر بيتين لأبان ، وثلاثة أبيات لعمرو بن سعيد ، قد سبق ذلك فى ترجمة أبان. وقال : حدثنى رجل عن الأصمعى ، عن ابن أبى الزناد ، عن إبراهيم بن

__________________

١١٠٤ ـ انظر ترجمته فى : (تاريخ البخارى الكبير الترجمة ٥٢٦ ، الجرح والتعديل الترجمة ١٥٠٨ ، الكاشف ١ / ٢٦٩ ، ميزان الاعتدال الترجمة ٢٤٢٣ ، تهذيب التهذيب ٣ / ٩٣ ، خلاصة الخزرجى الترجمة ١٧٦٣ تهذيب الكمال ١٦١٥).

(١) وقال مغلطاى : قال أبو الحسن بن القطان فى كتاب الوهم والإيهام : لا تعرف حاله ولا أعلم له إلا حديثين.

وقال أيضا : وذكره ابن خلدون فى الثقات. وقال الذهبى فى الميزان : خالد بن سارة عن عبد الله بن جعفر بحديث : «اصنعوا لآل جعفر طعاما». حسنه الترمذى من رواية جعفر بن خالد عن أبيه ، يكفيه أنه روى عنه أيضا عطاء. كذا قال : إنه ما وثق. ثم ذكره فى الكاشف وقال : وثق. فكان من الصواب أن يقول : «ما وثقه غير ابن حبان».

١١٠٥ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات ابن سعد ١ / ١٣٢ ، ١٦٢ ، ٢٠٣ ، ٤ / ٧٠ ، ٨ / ٧٧ ، ٢٢٣ ، المنتظم ٤ / ٦ ، ١٨ ، ٧٦ ، ١١٥ ، ١١٦ ، ١١٧ ، ١١٩ ، نسب قريش ١٧٤ ـ ١٧٥ ، طبقات خليفة ١١ ، ٢٩٨ ، تاريخ خليفة ٩٧ ، ١٢٠ ، ٢٠١ ، التاريخ الكبير ٣ / ١٥٢ ، التاريخ الصغير ١ / ٢ ، ٤ ، ٣٤ ، ٣٥ ، المعارف ٢٩٦ ، الجرح والتعديل ٣ / ٣٤٤ ، مشاهير علماء الأمصار ١٧٢ ، الاستيعاب ترجمة ٦١٧ ، أسد الغابة ترجمة ١٣٦٥ ، الإصابة ٢١٧٢ ، تاريخ الإسلام ١ / ٣٧٨ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٧٧ ، الإصابة ٣ / ٥٨ ، شذرات الذهب ١ / ٣٠ ، تهذيب تاريخ ابن عساكر ٥ / ٤٨ ، سير أعلام النبلاء ١ / ٢٥٩).

٩

عقبة ، عن أم خالد بنت خالد ، عن أبيها قالت : أبى أول من كتب : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ).

قال الزبير : توفى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو عامله على اليمن. وقال : قتل يوم مرج الصّفّر شهيدا. وقال : ووهب له عمرو بن معدى كرب الصّمصامة. وقال حين وهبه أبياتا ، منها قوله [من الوافر] :

حبوت به كريما من قريش

فصنّ به وصين عن اللئام

وأمه أم خالد بنت خباب بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث بن بكر. انتهى.

وذكره ابن عبد البر ، فقال : أسلم قديما بعد أبى بكر الصديق رضى الله عنه فيما قيل ، فكان ثالثا أو رابعا. وقيل : أسلم مع إسلام الصديق رضى الله عنه ، قاله ضمرة بن ربيعة. وقيل : كان خامسا. وهذا يروى عن أم خالد بنت خالد بن سعيد المذكور. وسئلت عمن تقدمه ، فقالت : علىّ بن أبى طالب وابن أبى قحافة ، وزيد بن حارثة ، وسعد بن أبى وقّاص رضى الله عنهم ، وذكرت ابنته أيضا ، أنه هاجر فى الهجرة الثانية إلى الحبشة ، وأقام بها بضع عشرة سنة ، وقدم على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، مع جعفر بن أبى طالب رضى الله عنه فى السفينتين إلى خيبر ، فكلم النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم المسلمين ، فأسهموا لهم ، ورجع خالد رضى الله عنه إلى المدينة مع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وشهد معه عمرة القضية ، وفتح مكة وحنينا والطائف وتبوك ، وبعثه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على صدقات اليمن ، كذا فى رواية عن أم خالد.

وفى رواية أخرى ، أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، استعمل خالد بن سعيد على صدقات مذحج ، واستعمله على صنعاء اليمن ، فلم يزل عليها ، إلى أن مات النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ويروى أنه وأخويه أبان وعمرا ، رجعوا عن عمالتهم بعد النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فسألهم الصديق رضى الله عنه البقاء عليها. فقالوا : لا نعمل لأحد بعد النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم مضوا إلى الشام ، فقتلوا جميعا. وكان قتل خالد بأجنادين على ما قاله ابن عقبة عن ابن شهاب ، وقيل يوم مرج الصّفّر.

وسبب إسلامه ، قضية رآها فى النوم ، وهى أنه رأى أنه وقف على شفير النار ، وأن أباه يدفعه فيها ، والنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم آخذ بحقويه لا يقع ، فذكرها لأبى بكر رضى الله عنه ، فأشار عليه بالإسلام ، فأسلم. فغضب عليه أبوه وضربه وامتنع من بره ، ثم دعا خالد على أبيه بالهلاك ، فاستجيب له ، وذلك أن أباه مرض فقال : لئن رفعنى الله من مرضى هذا ، لا يعبد إله ابن أبى كبشة بمكة أبدا ، فقال خالد بن سعيد عند ذلك : اللهم لا ترفعه ، فتوفى فى مرضه ذلك.

١٠

ذكر هذا الخبر ابن سعد مسندا. وذكره ابن عبد البر ، ومن كتابه الاستيعاب لخصنا بالمعنى ما نقلناه عنه من حال خالد بن سعيد. وقد ذكر ما ذكرناه من حاله ابن الأثير بالمعنى ، وزاد على ذلك ؛ لأنه قال : وتأخر خالد وأخوه أبان عن بيعة أبى بكر الصديق رضى الله عنه ، فقال : لبنى هاشم : «إنكم لطوال الشجر طيبوا الثمر ، ونحن تبع لكم». فلما بايع بنو هاشم أبا بكر ، بايعه خالد وأبان ، ثم استعمل أبو بكر رضى الله عنه خالدا على جيش من جيوش المسلمين حين بعثهم إلى الشام. انتهى.

وفى خبر إسلامه الذى ذكره ابن الأثير ، وابن عبد البر ، أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم سرّ بإسلامه.

١١٠٦ ـ خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى :

أمير مكة. قال صاحب الاستيعاب فى ترجمته : وولّى عمر بن الخطاب خالد بن العاص رضى الله عنهما هذا مكة ، إذ عزل عنها نافع بن عبد الحارث الخزاعى ، وولاه أيضا عليها عثمان بن عفان رضى الله عنه. انتهى.

وذكر ابن عبد البر فى الاستيعاب أيضا : ما يقتضى أن خالدا هذا قام فى ولاية مكة لعثمان ، إلى أن عزله علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه ، لما ولى الخلافة بعد عثمان رضى الله عنه ، بأبى قتادة الأنصارى ؛ لأنه قال فى ترجمة قثم بن العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه : وكان قثم بن العباس واليا لعلى بن أبى طالب رضى الله عنه على مكة. وذلك أن علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه ، لما ولى الخلافة ، عزل خالد بن العاص بن هشام ابن المغيرة المخزومى عن مكة ، وولاها أبا قتادة الأنصارى ، ثم عزله وولّى قثم بن العباس ، فلم يزل واليا عليها ، حتى قتل علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه ، هذا قول خليفة. انتهى.

وذكر الذهبى : أنه ولى مكة لعمر وعثمان رضى الله عنهما. انتهى.

وقال ابن جرير فى أخبار سنة ثلاث وأربعين : وكان على مكة خالد بن العاص بن هشام. وذكر ذلك فى أخبار سنة خمس وست وسبع وثمان وأربعين. فاستفدنا من هذا ، أنه ولى مكة لمعاوية فى هذا التاريخ وحياته فيه.

وقال ابن عبد البر فى ترجمة خالد هذا : له رواية عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ويقولون : لم يسمع منه. روى عنه ابنه عكرمة بن خالد. انتهى.

__________________

١١٠٦ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٦٢٥ ، الإصابة ترجمة ٢١٧٧ ، أسد الغابة ترجمة ١٣٧٢).

١١

وذكره ابن الأثير ، وذكر من حاله تولية عمر وعثمان له على مكة. وذكر له حديثين ، أحدهما أنه قال : سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن بيع الخمر ، فقال : «لعن الله اليهود ، حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها». ذكره من رواية ابنه عكرمة عنه بغير إسناد (١).

والحديث الآخر : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إذا وقع الطاعون بأرض وأنتم بها ، فلا تخرجوا فرارا منه ، وإذا وقع بأرض ولستم بها فلا تدخلوها» (٢).

رواه ابن الأثير بإسناده إلى الطبرانى ، وساق إسناد الطبرانى فيه إلى حمّاد بن سلمة ، عن عكرمة بن خالد ، عن أبيه ، عن جده ، ثم قال ابن الأثير بعد ذكره للحديث : كذا أورده الطبرانى ، وهو وهم ؛ لأن جدّ عكرمة على ما ذكره ، هو العاص ، وخالد والد عكرمة لا جدّه. انتهى.

وإسناد الطبرانى فيه حديث محمد بن عبد الله الحضرمى ، قال : حدثنا شيبان بن فرّوخ ، قال : حدثنا حمّاد بن سلمة ، عن عكرمة بن خالد ، عن أبيه ، عن جدّه ، أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. فذكر الحديث ، ثم قال : وروى أبو موسى بإسناده عن حبان بن هلال ،

__________________

(١) أخرجه البخارى فى صحيحه ، فى البيوع ، حديث رقم (٢٢٢٤) من طريق : عبدان ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا يونس ، عن ابن شهاب ، سمعت سعيد بن المسيب ، عن أبى هريرة رضى الله عنهم أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «قاتل الله يهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها» قال أبو عبد الله : (قاتلهم الله) لعنهم (قتل) لعن (الخراصون) الكذابون.

وأخرجه مسلم فى الصحيح ، فى المساقاة ، حديث رقم ١٥٨٣ ، وأحمد بن حنبل فى المسند حديث رقم ١٠٢٧٠.

(٢) أخرجه البخارى فى صحيحه ، فى الطب ، حديث رقم (٥٧٢٨) من طريق : حفص بن عمر ، حدثنا شعبة ، قال : أخبرنى حبيب بن أبى ثابت ، قال : سمعت إبراهيم بن سعد ، قال : سمعت أسامة بن زيد يحدث سعدا ، عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها». فقلت : أنت سمعته يحدث سعدا ولا ينكره ، قال : نعم.

وأخرجه مسلم فى صحيحه ، فى كتاب السلام ، حديث رقم (٢٢١٨) من طريق : يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك ، عن محمد بن المنكدر ، وأبى النضر مولى عمر بن عبيد الله ، عن عامر بن سعد بن أبى وقاص ، عن أبيه أنه سمعه يسأل أسامة بن زيد : ما ذا سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى الطاعون ، فقال أسامة : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الطاعون رجز أو عذاب أرسل على بنى إسرائيل أو على من كان قبلكم فإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه. وقال أبو النضر : لا يخرجكم إلا فرار منه».

١٢

عن حمّاد ابن سلمة ، عن عكرمة بن خالد ، عن أبيه أو عمه ، أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال فى غزوة تبوك : «إذا كان الطاعون بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها».

وذكر الذهبى ، أن ابنه عكرمة روى عنه قليلا. وذكر ابن عبد البر أيضا ، أن عمر قتل العاص ، وأنه خال عمر ، فيكون خالدا ابن خاله.

١١٠٧ ـ خالد بن عبد الله الخزاعى ، ويقال السّلمىّ :

حديثه عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أنه رجع يوم حنين بالسّبى ، حتى قسمه بالجعرّانة ، وإسناد حديثه هذا لا تقوم به حجة ؛ لأنهم مجهولون. ذكره ابن عبد البر هكذا.

١١٠٨ ـ خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسد بن كرز بن عامر البجلىّ ، يكنى أبا القاسم وأبا الهيثم ، ويعرف بالقسرىّ :

أمير مكة والعراق. ولى مكة للوليد بن عبد الملك ، ولأخيه سليمان بن عبد الملك. وولى العراق لهشام بن عبد الملك ، نحو خمس عشرة سنة ، ثم عزل عن ذلك ، وعذّب عذابا شديدا حتى مات.

ورأيت فى بعض الأخبار ، ما يوهم أنه ولى مكة لهشام بن عبد الملك ، وسيأتى إن شاء الله ذلك ، وأستبعد صحته. والله أعلم.

وذكر الأرزقى : أنه ولى مكة لعبد الملك بن مروان ، فى موضعين من كتابه ؛ لأنه قال

__________________

١١٠٧ ـ انظر ترجمته فى : (الإصابة ترجمة ٢١٨٠ ، الاستيعاب ترجمة ٦٣٤).

١١٠٨ ـ انظر ترجمته فى : (تاريخ خليفة ٣٠٢ ، ٣١٠ ، ٣١٧ ، ٣٣٦ ، ٣٣٧ ، ٣٤٦ ، ٣٥٠ ، ٣٦٢ ، ٣٧٣ ، تاريخ البخارى الكبير الترجمة ٥٤٢ ، تاريخه الصغير ١ / ٢٧٩ ، المعارف ٣٩٨ ـ ٣٩٩ ، المعرفة ليعقوب ٢ / ٦٨٨ ، ٧٨٦ ، ٣ / ٢١٥ ، ٢٤٢ ، تاريخ واسط ١٣٧ ، أخبار القضاة لوكيع ٢ / ٢٧ ، ٣٦ ، ٤١ ، ٣ / ٩ ـ ١٠ ، ٢٣ ـ ٢٥ ، تاريخ الطبرى ٧ / ٢٥٤ فما بعد ، الجرح والتعديل الترجمة ١٥٣٣ ، العقد الفريد ١ : ٤١ ، ٨٢ ، ٢٢٧ ، ٢٢٩ ، ٢٥٥ ، ٢٦٩ ، ٣٠٨ ، ٣٠٩ ، ٢ / ١٣٤ ، ١٣٥ ، ١٥٦ ، ١٨٥ ، ٤٠٦ ، ٣ / ٦١ ، ٤٣٠ ، ٤ / ٣٦ ، ٥٠ ، ٥١ ، ١٣٥ ، ١٤٨ ، ١٤٩ ، ١٧٠ ، ٤٢٨ ، ٤٢٩ ، ٤٤٦ ، ٤٥٢ ، ٤٦٢ / ٤٦٣ ، ٥ / ٣٢٥ ، ٦ / ١٤٥ ، ٢٥٠ ، الأغانى ٢٢ / ٥ ـ ٢٩ ، جمهرة ابن حزم ١٢ ، ١٢٧ ، ٣٢٧ ، تاريخ دمشق (تهذيبه ٥ / ٧٠ ـ ٨٣) ، وفيات الأعيان ٢ / ٢٢٦ ، ٢٣١ ، تاريخ الإسلام ٥ / ٦٤ ، سير أعلام النبلاء ٥ / ٤٢٥ ـ ٤٣٢ ، ميزان الاعتدال الترجمة ٢٤٣٦ ، المغنى الترجمة ١٨٥٥ ، ديوان الضعفاء الترجمة ١٢٢٤ ، الكاشف ١ / ٢٧١ ، البداية والنهاية ١٠ / ١٧ ، ٢٢ ، تهذيب ابن حجر ٣ / ١٠١ ، خلاصة الخزرجى الترجمة ١٧٧٥ ، شذرات الذهب ١ / ١٦٩ ، تهذيب الكمال ١٦٢٧).

١٣

فى الترجمة التى ترجم عليها بقوله : «ما جاء فى أول من استصبح حول الكعبة ، وفى المسجد الحرام بمكة وليلة هلال المحرم» بعد ذكره للمصباح الذى وضعه عقبة بن الأزرق ابن عمرو الغسّانى ، على داره الملاصقة للمسجد : فلم يزل يضع ذلك ـ يعنى عقبة ـ على حرف الدار ، حتى كان خالد بن عبد الله القسرى ، فوضع مصباح زمزم مقابل الركن الأسود ، فى خلافة عبد الملك بن مروان ، فمنعنا أن نضع ذلك المصباح.

والموضع الآخر ، فى الترجمة التى ترجم عليها بقوله : «أول من أدار الصفوف حول الكعبة» لأنه قال فيها : فلما ولى خالد بن عبد الله القسرىّ مكة لعبد الملك بن مروان ، فذكر قصة يأتى ذكرها.

وقد اختلف فى تاريخ ولاية خالد على مكة ، فى خلافة الوليد بن عبد الملك ، فحكى ابن الأثير فى ذلك ثلاثة أقوال.

أولها : ان ذلك سنة تسع وثمانين. وثانيها : سنة إحدى وتسعين. وثالثها : سنة ثلاث وتسعين.

ورأيت فى مختصر تاريخ ابن جرير الطبرى ، ما يشهد للقول الثانى والثالث فى تاريخ ولاية خالد.

وقد ذكر الأزرقى أشياء من خبر خالد بن عبد الله القسرى بمكة ، يناسب ذكرها عنه هنا.

ونص ما ذكره : حدثنى جدى عن سفيان بن عيينة ، قال : أول من أدار الصفوف حول الكعبة ، خالد بن عبد الله القسرى ، حدثنى جدى ، قال : حدثنى عبد الرحمن بن حسن بن القاسم بن عقبة الأزرقى ، عن أبيه قال : كان الناس يقومون قيام شهر رمضان ، فى أعلا المسجد الحرام ، تركز حربة خلف المقام بربوة ، فيصلى الإمام خلف الحربة والناس وراءه ، فمن أراد صلى مع الإمام ، ومن أراد طاف بالبيت وركع خلف المقام ، فلما ولى خالد بن عبد الله القسرى مكة لعبد الملك بن مروان ، وحضر شهر رمضان ، أمر خالد القرّاء ، أن يتقدموا فيصلوا خلف المقام ، وأدار الصفوف حول الكعبة. وذلك أن الناس ضاق عليهم أعلا المسجد ، فأدارهم حول الكعبة فقيل له : تقطع الطواف لغير المكتوبة! قال : فأنا آمرهم ليطوفوا بين كل ترويحتين بطواف سبع ، فأمرهم ففصلوا كل ترويحتين بطواف سبع. فقيل له : فإنه يكون فى مؤخر الكعبة وجوانبها ، من لا يعلم بانقضاء طواف الطائف ، من مصلّ وغيره ، فيتهيأ للصلاة ، فأمر عبيدا للكعبة أن يكبروا حول الكعبة يقولون : الحمد لله والله أكبر ، فإذا بلغوا الركن الأسود فى الطواف

١٤

السادس ، سكتوا بين الركنين سكتة ، حتى يتهيأ الناس ممن فى الحجر ومن فى جوانب المسجد ، من مصلّ أو غيره ، فيعرفون ذلك بانقطاع التكبير ، ويصلى ويخفف المصلى صلاته ثم يعودون إلى التكبير حتى يفرغوا من السبع ، فيقوم مسمّع فينادى : الصلاة رحمكم الله ، قال : وكان عطاء بن أبى رباح ، وعمرو بن دينار ، ونظراؤهم من العلماء ، يرون ذلك ولا ينكرونه.

قال : وحدثنى جدى ، قال : أول من استصبح بين الصفا والمروة ، خالد بن عبد الله القسرى ، فى خلافة سليمان بن عبد الملك ، فى الحج وفى رجب.

وقال الأزرقى : حدثنى جدى ، عن عبد الرحمن بن حسين بن القاسم ، عن أبيه ، قال : كان الرجال والنساء يطوفون معا مختلطين ، حتى ولى مكة خالد بن عبد الله القسرى لعبد الملك بن مروان ، ففرق بين الرجال والنساء فى الطواف ، فأجلس عند كل ركن حرسا معهم السياط ، يفرقون بين الرجال والنساء ، فاستمر ذلك إلى اليوم. قال جدّى : سمعت سفيان بن عيينة يقول : خالد القسرى ، أول من فرق بين الرجال والنساء فى الطواف. انتهى

وقال : «ذكر ما عمل فى المسجد الحرام من البرك والسّقايات» : حدثنى جدّى قال: ثنا عبد الرحمن بن حسين بن القاسم بن عقبة بن الأزرقى ، عن أبيه ، قال : كتب سليمان ابن عبد الملك بن مروان إلى خالد بن عبد الله القسرى : أن أجر لى عينا ، تخرج من الثقبة من مائها العذب الزّلال ، حتى تظهر بين زمزم والركن الأسود ، ويضاهى بها زعم ماء زمزم ، قال : فعمل خالد بن عبد الله القسرى البركة التى بفم الثقبة. ويقال لها بركة القسرى. ويقال لها أيضا بركة البردى بئر ميمون ، وهى قائمة إلى اليوم بأصل ثبير ، فعملها بحجارة منقوشة طوال ، وأحكمها ، وأنبط ماءها فى ذلك الموضع ، ثم شق لها عينا تسكب فيها من الثقبة ، وبنى سدّ الثقبة وأحكمه ، والثقبة شعب يفرع فيه وجه ثبير ، ثم شق من هذه البركة عينا تجرى إلى المسجد الحرام ، فأجراها فى قصب من رصاص ، حتى أظهرها فى فوّارة تسكب فى فسقية من رخام ، بين زمزم والركن والمقام. فلما أن جرت وظهر ماؤها. أمر القسرى بجزر فنحرت بمكة وقسّمت بين الناس ، وعمل طعاما ، فدعا عليه الناس ، ثم أمر صائحا فصاح : الصلاة جامعة ، ثم أمر بالمنبر فوضع فى وجه الكعبة ، ثم صعد فحمد الله سبحانه وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ، احمدوا الله تبارك وتعالى ، وادعوا لأمير المؤمنين الذى سقاكم الماء العذب الزّلال النقاخ بعد الماء المالح الأجاج ، الذى لا يشرب إلا صبرا ـ يعنى زمزم ـ قال : ثم تفرغ تلك الفسقية فى سرب من رصاص ، يخرج إلى وضوء كان عند باب المسجد ـ باب الصفا ـ فى بركة كانت فى

١٥

السوق. قال : فكان الناس لا يقفون على تلك الفسقية ، ولا يكاد واحد يأتيها. وكانوا على شرب ماء زمزم أرغب ما كانوا فيها ، قال : فلما رأى ذلك القسرى صعد المنبر ، فتكلم بكلام يؤنّب فيه أهل مكة.

فلم تزل تلك البركة على حالها ، حتى قدم داود بن على بن عبد الله بن عباس ـ رضوان الله عليهم ـ مكة ، حين أفضت الخلافة إلى بنى هاشم ، فكان أول ما أحدث بمكة ، هدمها ، ورفع الفسقية وكسرها ، وجرف العين إلى بركة كانت بباب المسجد. قال : فسر الناس بذلك سرورا عظيما حين هدمت. انتهى.

وذكر الفاكهى أخبارا عن خالد القسرى يحسن ذكرها أيضا. ونص ما ذكره : وكان من ولاة مكة من غير قريش ، رجال من أهل اليمن ، منهم خالد بن عبد الله القسرى ، وليها للوليد بن عبد الملك ، ثم أقره سليمان عليها حين ولى زمانا ، فأحدث أشياء بمكة ، منها ما ذمه الناس عليه ، ومنها ما أخذوا به ، فهم عليه إلى اليوم.

فأما الأشياء التى تمسكوا بها من فعله ، فالتكبير فى شهر رمضان حول البيت ، وإدارة الصف حول البيت ، والتفرقة بين الرجال والنساء فى الطواف ، والثريد الخالدى.

وأما الأشياء التى ذموه عليها : فعمله البركة عند زمزم والركن والمقام ، لسليمان بن عبد الملك ، والحمل على قريش بمكة ، وإظهار العصبية عليهم. وكان هو أول من أظهر اللعن على المنبر بمكة فى خطبته.

فحدثنى عبد الله بن أحمد بن أبى مسرة ، قال : حدثنا يوسف بن محمد العطار ، عن داود بن عبد الرحمن العطار ، إن شاء الله تعالى ، قال : كان خالد بن عبد الله القسرى فى إمرته على مكة ، فى زمن الوليد بن عبد الملك ، يذكر الحجاج فى خطبته كل جمعة إذا خطب ويقرظه. فلما توفى الوليد وبويع لسليمان بن عبد الملك ، أقر خالدا على مكة ، وكتب إلى عماله يأمرهم بلعن الحجاج بن يوسف. فلما أتاه الكتاب ، قال : كيف أصنع!. كيف أكذب نفسى فى هذه الجمعة بذمه ، وقد مدحته فى الجمعة التى قبلها؟ ما أدرى كيف أصنع؟ فلما كان يوم الجمعة خطب ، ثم قال فى خطبته : أما بعد ، أيها الناس ، إن إبليس كان من ملائكة الله فى السماء وكانت الملائكة ترى له فضلا بما يظهر من طاعة الله وعبادته ، وكان الله عزوجل قد اطّلع على سريرته ، فلما أراد أن يهتكه أمره بالسجود لآدم عليه‌السلام ، فامتنع ، فلعنه وإن الحجاج بن يوسف ، كان يظهر من طاعة الخلفاء ، ما كنا نرى له بذلك علينا فضلا ، وكنا نزكّيه ، وكان الله قد أطلع سليمان أمير المؤمنين من سريرته وخبث مذهبه ، على ما لم يطلعنا عليه. فلما أراد الله

١٦

تبارك وتعالى هتك ستر الحجاج ، أمرنا أمير المؤمنين سليمان بلعنه فالعنوه لعنه الله. وكانت قريش بمكة أهل كثرة وثروة ، وأهل مقال فى كل مقام ، هم أهل النادى والبلد ، وعليهم يدور الأمر ، وفى الناس يومئذ بقية ومسكة ، فأحدث خالد بن عبد الله فى ولايته هذه حدثا منكرا. فقام إليه رجل من بنى عبد الدار بن قصى ، يقال له طليحة بن عبد الله بن شيبة ، ويقال بل هو عبد الله بن شيبة الأعجم ، كما سمعت رجلا من أهل مكة يحدث بذلك ، فأمره بالمعروف ونهاه عما فعل ، فغضب خالد غضبا شديدا ، وأخاف الرجل ، فخرج الرجل إلى سليمان بن عبد الملك يشكو إليه ويتظلم منه. فحدثنا الزبير بن أبى بكر قال : حدثنا محمد بن الضحاك ، عن أبيه ، قال : أخاف رجلا من بنى عبد الدار ، خالد بن عبد الله القسرى ، وهو عامل على مكة ، فخرج إلى سليمان بن عبد الملك فشكا إليه أمره. فكتب إلى خالد ، أن لا يتعرض له بأمر يكرهه. فلما جاء الكتاب ، وضعه ولم يفتحه ، وأمر به فبرز وجلده ، ثم فتح الكتاب فقرأه ، فقال : لو كنت دريت بما فى كتاب أمير المؤمنين لما ضربتك. فرجع العبدرىّ إلى سليمان فأخبره فغضب ، وأمر بالكتاب فى قطع يد خالد. فكلمه فيه يزيد بن المهلب ، وقبّل يده ، فوهب له يده ، وكتب فى قوده منه ، فجلد خالدا مثل ما جلده. فقال الفرزدق (١) [من الطويل] :

لعمرى لقد صبّت (٢) على ظهر خالد

شآبيب ما استهللن من سبل القطر

أيجلد فى العصيان من كان عاصيا (٣)

ويعصى (٤) أمير المؤمنين أخا قسر

وقال أيضا (٥) [من الطويل] :

سلوا خالدا لا قدس (٦) الله خالدا

متى وليت قسر قريشا تهينها (٧)

أبعد رسول الله أم قبل عهده (٨)

وجدتم قريشا قد أغث سمينها (٩)

رجونا هداه لا هدى الله قلبه (١٠)

وما (١١) أمه بالأم يهدى جنينها

__________________

(١) انظر ديوان الفرزدق ١ / ٣٠١.

(٢) فى الديوان : صابت.

(٣) فى الديوان أتضرب فى العصيان تزعم من عصا.

(٤) فى الديون : وتعصى.

(٥) انظر ديوان الفرزدق ٢ / ٣٣٤.

(٦) فى الديوان : لا أكرم.

(٧) فى الديوان : تدينها

(٨) فى الديون : أقبل رسول الله أم بعد عهده.

(٩) فى الديوان : فتلك قريش قد أغث سمينها.

١٧

حدثنى عبد الله بن أحمد بن أبى مسرة ، قال : حدثنى الشّويفعىّ ، قال : حدثنى بعض المحدثين ، أن هشام بن عبد الملك ، كتب إلى خالد القسرى يوصيه بعبد الله بن شيبة الأعجم ، فأخذ الكتاب فوضعه ، ثم أرسل بعد ذلك إلى عبد الله بن شيبة ، يسأله أن يفتح له الكعبة ، فى وقت لم ير ذلك عبد الله بن شيبة ، وامتنع عليه ، فدعا به ، فضربه مائة سوط على ظهره ، فخرج عبد الله بن شيبة ، هو ومولى له على راحلتين ، فأتى هشاما ، فكشف عن ظهره بين يديه ، وقال : له : هذا الذى أوصيته بى! فقال : إلى من تختار أكتب لك؟ قال : إلى خالك محمد بن هشام ، قال : فكتب إليه : إن كان خالد ضربه بعد أن أوصل إليه كتابى وقرأه ، فاقطع يده ، وإن كان ضربه ولم يقرأ كتابى ، فأقده منه ، قال : فقدم بالكتاب على محمد بن هشام ، فدعا بالقسرى فقرأه عليه ، فقال : الله أكبر يا غلام ، إيت بالكتاب ، قال : فأتاه به مختوما لم يقرأه ، قال : فأخرجه محمد بن هشام إلى باب المسجد ، وحضره القرشيون والناس ، فجرده ، ثم أمر به أن يضرب ، فضرب مائة ، فلما أصابه الضرب ، كأنه تمايل بعد ذلك فى ضربه ، قال : ثم لبس ثيابه فرجع إلى امرأته ، فقال الفرزدق فى ذلك :

سلوا خالدا

فذكر نحو حديث الزبير الأول ، وزاد فيه ، قال : فقالت أم الضحاك ، وهى يمانية [من الطويل] :

فما جلد القسرى فى أمر ريبة

وما جلد القسرى فى شرب الخمر

فلا يأمن النمام من كان محرما

بملقى الحجيج بين زمزم والحجر

له جلم يسمى الحسام وشفرة

هذام فما يفرى الشفار كما تفرى

تعرض للأعجم أنه يسرق الحاج. انتهى.

وهذا الخبر الأخير ، الذى فيه ذكر هشام بن عبد الملك ، هو الخبر الذى أشرنا إليه ، أنه يدل على أن خالد القسرى ، ولى مكة لهشام بن عبد الملك.

وذكر ابن جرير فى موضع البئر التى حفرها القسرى ، وأجرى منها الماء إلى المسجد ، ما يخالف ما ذكره الأزرقى ، وذكر خطبة القسرى فى ذلك ، وفيما ما هو أشنع مما ذكره الأزرقى ؛ لأنه قال فى أخبار سنة تسع وثمانين : ولى خالد بن عبد الله القسرى مكة ، فيما زعم محمد بن عمر الواقدى ، قال : سمعت خالد بن عبد الله يقول على منبر مكة ،

__________________

(١٠) فى الديوان : خالدا.

(١١) فى الديوان : فما.

١٨

وهو يخطب : أيها الناس ، أيّما أعظم ، أخليفة الرجل على أهله أم رسوله إليهم؟ والله لو لم تعلموا فضل الخليفة ، إلا أن إبراهيم صلى‌الله‌عليه‌وسلم خليل الرحمن ، استسقى فسقاه ملحا أجاجا ، واستسقاه الخليفة فسقاه عذبا فراتا ، بئرا حفرها الوليد بن عبد الملك بالثّنيّتين : ثنّية طوى وثنّية الحجون. فكان ينقل ماؤها فيوضع فى حوض من أدم إلى جنب زمزم ، ليعرف فضله على زمزم. قال : ثم غارت البئر ، فلا يدرى أين هى اليوم. انتهى.

وقد أنكر الذهبى وقوع هذا من خالد القسرى ؛ لأنه قال بعد أن ذكر كلام ابن جرير هذا : قلت : ما أعتقد أن هذا وقع. انتهى.

ومن السوء المحكى عن خالد القسرى ، أنه كان يقع فى علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه ، لأن الذهبى نقل عن يحيى بن معين ، أنه قال : كان رجل سوء يقع فى علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه. انتهى. وذكره الذهبى فى المعنى ، فقال : ناصبىّ سبّاب. انتهى.

ولم يمت خالد القسرى ، حتى أمر الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان بتعذيبه ، فعذب خالد عذابا شديدا ، حتى مات تحت العذاب. وقال البخارى : إنه مات قريبا من سنة عشرين ومائة.

وقال خليفة : مات سنة ست وعشرين ومائة. وبه جزم الذهبى فى العبر ، وزاد فى المحرم ، وله ستون سنة.

وكان جوادا ممدحا خطيبا مفوّها ، ولخالد رواية عن جده ، ولجده صحبة.

روى عنه حميد الطويل ، وإسماعيل بن أبى خالد ، وحبيب بن أبى حبيب ، وجماعة.

روى له البخارى فى خلق أفعال العباد ، قصة ذبحه للجعد بن درهم. وروى له أبو داود ، أنه أضعف الصاع فجعله ستة عشر رطلا (١٢).

وذكره ابن حبان فى الثقات. وقال غيره : كان أشرف من أن يكذب. وله فى الجود أخبار ، منها على ما قال الأصمعى : حدثنى الوليد بن نوح ، قال : سمعت خالد القسرى على المنبر يقول : إنى لأطعم كل يوم ستة وثلاثين ألفا من الأعراب ، من تمر وسويق.

__________________

(١٢) أخرجه أبو داود فى سننه ، فى كتاب الأيمان والنذور ، حديث رقم (٣٢٨١) من طريق : محمد بن محمد بن خلاد أبو عمر ، حدثنا مسدد ، عن أمية بن خالد ، قال : لما ولى خالد القسرى أضعف الصاع فصار الصاع ستة عشر رطلا ، قال أبو داود : محمد بن محمد بن خلاد قتله الزنج صبرا فقال بيده هكذا ، ومد أبو داود يده وجعل بطون كفيه إلى الأرض ، قال : ورأيته فى النوم فقلت : ما فعل الله بك ، قال : أدخلنى الجنة ، فقلت : فلم يضرك الوقف.

١٩

وقال الأصمعى : دخل أعرابى على خالد بن عبد الله فى يوم يجلس الشعراء عنده ، وقد كان قال فيه بيتى شعر فمدحه. فلما سمع قول الشعراء أصغر عنده ما قال ، فلما انصرف الشعراء بجوائزهم ، بقى الأعرابى ، فقال خالد : ألك حاجة؟ فأنشده البيتين. وهما [من الطويل] :

تعرضت لى بالجود حتى نعشتنى

وأعطيتنى حتى ظننتك تلعب

فأنت الندى وابن الندى وأخو الندى

حليف الندى ما للندى عنك مذهب

فقال : سل حاجتك ، فقال : علىّ من الدّين خمسون ألفا ، قال : قد أمرت لك بها وشفعتها.

١١٠٩ ـ خالد بن عبد الرحمن بن خالد بن سلمة المخزومى المكى :

عن إسماعيل بن أمية ، ومسعر ، والثورى ، وغيرهم. وعنه : يحيى بن عبدك القزوينى ، وأبو الدرداء عبد العزيز بن منيب ، وأبو يحيى عبد الله بن أحمد بن أبى مسرّة المكى ، ويحيى بن المغيرة المخزومى المكى ، ومحمد بن الفرح المكى ، ومحمد بن ميمون الخياط المكى وغيرهم.

قال البخارى : ذاهب الحديث. وقال أبو حاتم : تركوا حديثه. وقد جعل ابن عدى خالد بن عبد الرحمن المخزومى هذا ، وخالد بن عبد الرحمن الخراسانى واحدا. وفرق بينهما العقيلى وغيره. قال المزى : هو الصحيح. والله أعلم. كتبت هذه الترجمة من التهذيب للمزى. وذكر أنه ذكرها للتمييز.

وقال صاحبنا الحافظ أبو الفضل : «وفرق بينهما أيضا ابن أبى حاتم ، والمخزومى ذكر ابن يونس أنه مات سنة اثنتى عشرة ومائتين. بمصر ، ثم قال : وقال الحاكم أبو أحمد : خالد بن عبد الرحمن المخزومى الخراسانى ، سكن مكة ، حديثه ليس بالقائم. قلت : قوله الخراسانى خطأ أيضا». انتهى.

١١١٠ ـ خالد بن عبد العزى بن سلامة الخزاعى ، أبو جياش :

يعد فى الحجازيين. له صحبة. روى عنه ابنه مسعود بن خالد ، أن النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، نزل عليه فأجزره شاة. وكان عيال خالد كثيرا ، فأكل منها النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأعطى فضله عيال

__________________

١١٠٩ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل الترجمة ١٥٤١ ، المغنى الترجمة ١٨٥٧ ، ديوان الضعفاء الترجمة ١٢٢٧ ، ميزان الاعتدال الترجمة ٢٤٣٩ ، تهذيب التهذيب ٣ / ١٠٣ ، خلاصة الخزرجى الترجمة ١٧٧٨ ، تهذيب الكمال ١٦٣١).

١١١٠ ـ انظر ترجمته فى : (أسد الغابة ٢ / ٨٦ ، الإصابة ١ / ٤٠٩).

٢٠