تاريخ مدينة دمشق - ج ١٥

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ١٥

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤١٦
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

أنبأنا أبو علي الحداد وجماعة ، قالوا : أنبأنا أبو بكر بن ريذة (١) ، أنبأنا سليمان عن (٢) أحمد بن زهير التّستري ، نا عبد الله بن محمّد بن يحيى بن أبي بكر ، نا يحيى بن أبي بكر ، نا عبد الحميد بن سليمان ، عن أبي حازم ، قال : ما كان بالمدينة أحد سمعنا به كان أكثر حملا في سبيل الله من حكيم بن حزام ، قال : لقد قدم أعرابيان المدينة فسألا عن من يحمل في سبيل الله فدلّا على حكيم بن حزام ، فأتياه في أهله ، فسلّما ، فسألهما : ما تريدان؟ فأخبراه ، فقال : لا تعجلا حتى أخرج إليكما ، قال : وكان حكيم بن حزام يلبس ثيابا يؤتى بها من مصر ، كأنها السمال ثمن أربعة دراهم ، ويأخذ عصا في يده ويخرج معه غلامان له يكلما من تكلنا أو قمامة مراقة (٣) حرمة تصلح في جهاز الإبل التي يحمل عليها في سبيل الله تعالى ، أخذها بطرف عصاه فنفضها ، ثم قال لغلامه : امسكها سيعينان به في جهاز كما ، فقال الأعرابيان ـ وهو يصنع ذلك ـ أحدهما لصاحبه : ويحك انج بنا فو الله ما عند هذا إلّا لقط القشع فقال له صاحبه : لا تعجل حتى تنظر فخرج بهما حتى جاء بهما السوق ، فنظر إلى ناقتين جليلتين سمينتين خليفتين فابتاعهما وابتاع جهازهما ثم قال لغلامه ، وما بهذه الخرق وما ينبغي له المرمة من جهازهما ، ثم أودهما طعاما وبرا دوركا وأعطاهما نفقة ثم أعطاهما الناقتين ، قال : يقول أحدهما لصاحبه : والله ما رأيت من لا قط قشع خيرا إلّا اليوم.

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا ثابت [أنا](٤) ابن مندة ، نا أبو العلاء محمّد بن علي :

أنبأنا أبو بكر محمّد بن أحمد البابسيري (٥) ، أنا الأحوص بن المفضل (٦) بن غسان ، أنبأنا أبي قال : وقال مصعب : قال : خرج شيبان ، فدعا الناس إلى حكيم بن حزام وأتوه حملوا إزاره فقال : ما جاء بكم قالوا : أتانا رسولك ، قال : وكان عنده رأس

__________________

(١) بالأصل : زبدة ، والصواب ما أثبت وقد مرّ.

(٢) بالأصل «بن» والصواب ما أثبت وهو سليمان بن أحمد الطبراني يروي عن أحمد بن زهير التستري.

(٣) كذا بالأصل وفي م : «أو قمامة فراي فيه».

(٤) زيادة للإيضاح.

(٥) بالأصل : «الباسوي» والصواب ما أثبت.

(٦) بالأصل وم «الفضل» والصواب ما أثبت ، انظر الأنساب (البابسيري) و (الغلابي).

١٢١

النوى حمل إليه من البحرين فأخرجه في جلال (١) فشقها بين أيديهم ، فجعلوا يأكلون فقالوا : يا أبا خالد أخرق التمر بطوننا فهل من إدام؟ فقال : إدامها فيها.

أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ، ابنا (٢) أبي (٣) علي الفقيه ، أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر الذهبي ، أنا أحمد بن سليمان ، أنا الزّبير بن بكّار ، حدّثني عمي مصعب بن عبد الله ، حدّثني أبي قال : كان حكيم بن حزام لا يأكل طعاما وحده ، إذا أتي بطعامه قدّره ، فإن كان يكفي اثنين أو ثلاثة أو أكثر من ذلك ، قال : ادعوا من أيتام قريش واحدا أو اثنين على قدر طعامه ، فكان له إنسان يخدمه فضجر عليه يوما ، فدخل المسجد الحرام فجعل يقول للناس : ارتفعوا إلى أبي خالد فتقوّض الناس عليه ، فقيل (٤) : ما للناس؟ فقيل : دعاهم عليك فلان ، فصاح بغلمانه هاتوا ذلك التمر ، فألقيت بينهم جلال البرني (٥) ، فلما أكلوا قال بعضهم : إدام يا أبا خالد ، قال : إدامها فيها.

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنبأنا أبو بكر محمّد بن هبة الله ، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، أنا يعقوب بن سفيان (٦) ، حدّثني أبو سعيد (٧) ـ يعني دحيما ـ ، أنا الوليد ، نا سعيد ، قال : لما توفي الزبير لقي حكيم بن حزام عبد الله [بن] الزبير ، فقال : كم ترك أخي من الدين (٨)؟ قال : ألف ألف درهم ، قال : عليّ خمسمائة ألف.

أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا محمّد بن عبد الله بن عمر ، أنا عبد الله بن أحمد بن أبي شريح ، أنا أبو جعفر محمّد بن أحمد بن عبد الجبار الروابي ، أنا أبو أحمد بن زنجويه السّجزي النسوي ، [أنا](٩) أبو مسهر ، نا سعيد (١٠) بن عبد العزيز ،

__________________

(١) بالأصل «أنبأنا» والصواب ما أثبت.

(٢) بالأصل «أنبأنا» والصواب ما أثبت.

(٣) بالأصل «أبو» والصواب عن م.

(٤) كذا بالأصل وم والأظهر : فقال.

(٥) البرني : نوع من التمر.

(٦) كتاب المعرفة والتاريخ ٢ / ٤١٢.

(٧) واسمه عبد الرحمن بن إبراهيم.

(٨) بالأصل «الدنيا والمثبت عن المعرفة والتاريخ.

(٩) زيادة للإيضاح.

(١٠) بالأصل : «سعد».

١٢٢

قال : قال حكيم بن حزام لعبد الله بن الزبير : كم ترك أخي عليه من الدين؟ قال : ألف ألف ، قال : عليّ خمسمائة ألف.

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله [ابنا البنا](١) ، قالا : نا جعفر ، نا أبو طاهر ، نا أحمد عن (٢) الزبير ، قال : قال عمي مصعب : وسمعت أبي يقول : قال : قال عبد الله بن الزبير : قتل أبي وترك دينا كثيرا ، فأتيت حكيم بن حزام استعين برأيه واستشيره فوجدته (٣) في سوق الظهر معه بعيرا أخذ بخطامه يدور به في نواحي السوق (٤) فسلّمت عليه وأخبرته بما جئته له فقال : اكتب عليّ حتى أبيع بعيري هذا فطاف وطفت معه حتى أتى لأضع ردائي على رأسي من الشمس ، ثم أتاه رجل فارتجه فيه درهما فقال : هو لك وأخذ منه الدرهم فلم أملك أن قلت له : حبسني و [نفسك](٥) يدور في الشمس منذ اليوم من أجل درهم فوددت أني غرمت دراهم كثيرة ، ولم تبلغ هذا من نفسك ، فلم يكلمني ، وخرجت معه نحو منزله حتى انتهينا إلى هدم الدور فيه عجوزة من العرب فدنا إليها فأعطاها ذلك الدرهم ، ثم أقبل عليّ فقال : يا ابن أخي إني غدوت اليوم إلى السوق فرأيت مكان هذه العجوز فجعلت لا أربح اليوم شيئا إلّا عطيتها إياه ولو ربحت كذا وكذا لدفعته إليها ، وكرهت أن انصرف حتى أجيب لها شيئا فكان هذا الدرهم الذي رزقت. قال : فلما صرت إلى المنزل دعا بطعامه فأكل وأكلت معه حتى إذا فرغ ، أقبل عليّ ، فقال : يا ابن أخي ذكرت دين أبيك ، فإن كان ترك مائتي ألف فعليّ نصفها ، قلت : ترك أكثر من ذلك ، قال : فإن كان ترك مائتي ألف فعليّ نصفها ، قلت : ترك أكثر من ذلك ، قال : فإن كان ترك ثلاثمائة ألف درهم فعليّ نصفها ، قلت : ترك أكثر من ذلك ، قال : الله أنت كم ترك أبوك؟ فأخبرته أحسب أنه قال ألفي ألف درهم ، قال : ما أرادك أبوك الآن يدعنا عالة قال : قلت إنه ترك وفادة أموالا كثيرة ، وإنما جئت استشيرك فيها : منها سبعمائة ألف درهم لعبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، والزبير معه شرك في

__________________

(١) زيادة للإيضاح.

(٢) بالأصل «بن» والصواب ما أثبت قياسا إلى سند مماثل.

(٣) الأصل : «في جدته».

(٤) بالأصل : النوق.

(٥) كلمة غير واضحة بالأصل والمثبت بين معكوفتين عن م.

١٢٣

أرض بالغابة ، قال : فاعمد عبد الله بن جعفر فقاسمه فإن (١) سامك قبل المقاسمة فلا تبعه ثم اعرض عليه ، فإن اشترى منك فبعه ، فخرجت حتى جئت عبد الله بن جعفر ، فقلت له قاسمني الحق الذي معك ، قال : وأشتريه منك ، قال : قلت : حتى تقاسمني ، قال : فموعدك غدا هنالك بالغداة ، قال : فغدوت فوجدته قد سبقني ووضع سفرة وهو يأكل هو وأصحابه ، قال الغداء ، قلت : المقاسمة قبل فأمسك يده ثم قال : قل ما شئت ، قال : قلت ما شئت فاقسم واختار ، وإن شئت قسمت واخترت ، قال : هما لك جميعا قال : فقمت إلى الأرض فصدعتها نصفين ثم قلت : هذا لي وهذا لك ، قال : هو كذلك قال : قلت اشتر مني إن أحببت ، قال : كان لي على أبي عبد الله بيتي وهو سبع مائة ألف درهم وقد أخذتها منك بها قال : قلت : هو لك قال : هلم إلى الغداة ، قال : فجلست فتغديت ثم انصرفت وقد قضيته قال : وبعث معاوية إلى عبد الله بن جعفر فاشترى منه ذلك الحق كله بألفي ألف درهم.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، نا شيبان بن طريف (٢) ، نا الحسن بن إسماعيل ، نا أحمد بن مروان المالكي (٣) ، نا أحمد بن عباد التميمي ، نا الفراوي ، عن محمّد بن عبيد الله القرشي ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال حكيم بن حزام : ما صبحت صباحا قط فلم أر أحدا ببابي طالب حاجة إلّا أعددتها مصيبة أرجو ثوابها من الله تبارك وتعالى.

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمّد بن الفضل ، أنبأنا أبو عمر عبد الوهاب بن محمّد بن إسحاق ، أنبأنا والدي أبو عبد الله ، نا محمّد بن الحسين المدائني بمصر ، نا زكريا بن يحيى الساجي (٤) ، حدّثني الأصمعي ، نا هشام بن سعد الخشاب صاحب المحامل ، عن أبيه ، قال : [قال] حكيم بن حزام : ما أصبحت يوما وببابي طالب حاجة

__________________

(١) غير واضحة بالأصل وم وتقرأ «دار» ولعل الصواب ما أثبت.

(٢) كذا بالأصل «شيبان بن طريف» وقياسا إلى سند مماثل لهذا السند فيحتمل أن يكون هذا خطأ والصواب :

نا رشأ بن نظيف وفي م كالأصل.

(٣) بالأصل «المكي المالي» خطأ والصواب ما أثبت ، انظر ترجمته في سير الأعلام ١٥ / ٤٢٧.

(٤) كذا ، وصوابه «المنقري» انظر ترجمة الأصمعي في سير الأعلام ١٠ / ١٧٥ وفيها روى عنه «زكريا بن يحيى المنقري» وفي الأنساب (المنقري) ذكر السمعاني أبو زكريا يحيى ...

وسينبه المصنف إلى الصواب في آخر الخبر وفي م : الساجي أيضا.

١٢٤

إلّا علمت أنها من منن الله تبارك وتعالى عليّ ، وما أصبحت يوما و [ليس](١) ببابي طالب حاجة إلّا علمت أنها من المصائب التي أسأل الله الأجر عليها.

كذا قال الساجي ، وإنما هو المنقري.

أخبرناه أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين بن النّقّور ، وأبو منصور بن العطار ، قالا : أنا أبو طاهر بن المخلّص ، نا عبيد الله بن عبد الرّحمن ، نا زكريا بن يحيى المنقري ، أنا الأصمعي ، نا هشام بن سعد الخشاب صاحب المحامل ، وكان مولى لآل أبي لهب عن أبيه ، قال : قال حكيم بن حزام : ما أصبحت يوما وببابي [طالب](٢) حاجة إلّا علمت أنها من منن الله تعالى عليّ ، وما أصبحت يوما وليس ببابي طالب حاجة إلّا علمت أنها من المصائب التي أسأل الله الأجر عليها.

أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ، ابنا (٣) البنّا ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، نا أبو طاهر بن المخلّص ، أنبأنا أحمد بن سليمان الطوسي [نا الزبير بن بكّار حدّثني عمي مصعب قال : سمعت مصعب بن عثمان وغيره من أصحابنا يذكر عن عروة بن](٤) الزبير ، قال : لما قتل الزبير يوم الجمل جعل الناس يلقوننا بمناكرة ، ونسمع منهم الأذى ، فقلت لأخي المنذر : انطلق بنا إلى حكيم بن حزام حتى نسأله عن مناكب قريش فنلقى من يشتمنا بما نعرف ، فانطلقنا حتى ندخل عليه داره فذكرنا ذلك ، فقال لغلامه : اغلق باب الدار ، ثم قام إلى سوط راحلته فجعل يضربنا وجعلنا نلوذ منه حتى قضى بعض ما يريد ، ثم قال : أعندي تلتمسا معايب قريش ابتدعا في قومكما يكف عنكما ما تكرهان فانتفعنا بإذنه.

وقال أبو القاسم عبد الله بن محمّد بن الخطاب ، نا أبو الفضل السعدي ، نا أبو عبد الله بن بطة ، أنا أبو القاسم البغوي ، قال : كان حكيم عالما بالنسب ، ويقال : أخذ النسب عن أبي بكر ، وكان أبو بكر أنسب قريش.

أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ، قالا : أنبأ أبو جعفر ، أنبأنا أبو طاهر ، أنبأنا

__________________

(١) زيادة لازمة للإيضاح عن سير الأعلام ٣ / ٥١.

(٢) زيادة لازمة.

(٣) الأصل : «أنبأنا» خطأ.

(٤) كذا وثمة سقط في السند ، والمثبت بين معكوفتين زيادة عن م.

١٢٥

سليمان ، نا الزبير بن أبي بكر ، حدّثني مصعب بن عثمان ، ومحمّد بن الضحاك بن عثمان ، عن أبيه ومن سبب من مشيخة قريش : أن عمر بن الخطاب لما همّ بفرض العطاء شاور المهاجرين فيه ، فما رأى ما رأوه من ذلك صوابا ، ثم شاور الأنصار فرأى ما رأوا وإخوانهم من المهاجرين في ذلك ، ثم ما ورد مسلمة الفتح فلم يخالفوا رأي المهاجرين والأنصار إلّا حكيم بن حزام ، فإنه قال لعمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه : إن قريشا أهل تجارة ومتى (١) فرضت لهم العطاء حيث أن ما () (٢) عليه فيدعوا التجارة فيأتي بعدك من يحبس عنهم العطاء ، وقد خرجت منهم التجارة ، فكان ذلك كما قال.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، أنبأنا أبو الحسين بن أبي الحديد ، أنبأنا جدي ، أنبأنا أبو محمّد بن زبر ، نا عبد الله بن عمرو ، نا أحمد بن معاوية ، نا الأصمعي ، نا جويرية بن أسماء ، قال مرّ حكيم بن حزام وقد كبر (٣) بشباب قريش وهو يهدج على عصاة ، فقال بعضهم : قوموا بنا إلى هذا الشيخ الذي قد خرق ، فقاموا إليه ، فقال له شباب منهم : يا عم بقي بعد عقلك؟ قال : فنظر إليه حكيم بن حزام وعلم ما أراد ، فقال له : ابن فلان؟ قال : نعم ، قال : أبعد عقل ، إني اعرف أباك فتيا. وكان حكيم (غير انهم ليعمرون) (٤) بكلمة حكيم إلى يومهم هذا ، كذا قال : وقد أسقط منه نافعا.

أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ، ابنا (٥) البنّا ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنبأنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أحمد بن سليمان ، نا الزّبير بن بكّار ، حدّثني أحمد بن سلمان ، حدّثني سعيد بن عامر ، وسعيد بن عامر هو ابن أخت جويرية بن أسماء ، عن نافع مولى عبد الله بن عمر ، قال : [مرّ](٦) حكيم بن حزام بعد ما تبين (٧) بشابين فقال أحدهما لصاحبه : اذهب ما تنحرف (٨) بهذا الشيخ ، قال : فقال له صاحبه : وما تريد إلى

__________________

(١) بالأصل «ومني فوصف» ولعل الصواب ما أثبت : «ومتى فرضت».

(٢) كلمة غير مقروءة بالأصل تركنا مكانها بياضا وفي م : «خشيت أن ما ياتكلوا عليه».

(٣) الأصل وم : «كثر».

(٤) ما بين قوسين ، كذا رسم الألفاظ بالأصل وم ، ولم أصل إلى معناها.

(٥) بالأصل وم «أنبأنا» خطأ.

(٦) زيادة اقتضاها السياق.

(٧) كذا بالأصل وم ، وفيها «بعد ما تبين» على الهامش.

(٨) كذا بالأصل وم.

١٢٦

شيخ قريش وسيدها ، فقصداه فقال له : ما بقي ، أبعد عقلك؟ قال : أبعد عقلي إني رأيت أباك فتيا يضرب الحديد بمكة ، قال : فرجع إلى صاحبه وقد تغير وجهه ، فقال له : قد نهشك قال : قال نافع : وكان حكيم لا يتهم على ما قال.

أخبرنا أبو بكر محمد (١) بن عبد الباقي الحاسب ، أنبأنا الحسن (٢) بن علي الشيرازي ، أنا أبو عمر الخزاز ، أنبأنا أبو الحسين الخشاب ، أنبأنا الحسين بن محمّد ، أنبأنا محمّد بن سعد :

أنبأنا محمّد بن الحسن بن عبد الرّحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، قال : قيل لحكيم بن حزام : ما المال يا أبا خالد؟ قال : قلة العيال.

قال : وأنبأنا ابن سعيد ، وأنبأنا أبو الفضل ، أنبأنا حفص بن غياث ، عن هشام بن (٣) عروة ، عن أبيه ، قال حكيم بن حزام : اسقوني ماء ، قالوا : قد شربت اليوم مرة قال : فلا.

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ، قالا : أنا أبو جعفر ، أنبأنا أبو طاهر ، نا أحمد حدّثنا الزبير ، قال : قال مصعب بن عثمان : وكان يشرب ـ يعني حكيم بن حزام ـ في كل يوم شربة ماء لا يزيد عليها ، فلما بلغ مائة سنة دعا غلامه بالماء وقد كان شرب ، فقال له : يا مولاي قد شربت شربتك ، قال : فلا إذا ، فأقام على شربة واحدة كل يوم حتى بلغ مائة سنة وعشر سنين ، ثم استسقى الغلام فقال له : قد شربت شربتك ، فقال : وإن قام على شربتي في كل يوم حتى مات.

قال : وأنبأنا الزبير ، حدّثني محمّد بن الضحاك بن عثمان الحزامي ، عن أبيه ، قال : عاش حكيم بن حزام في الجاهلية ستين سنة وفي الإسلام ستين سنة.

قال : وأنا الزبير ، قال : وحدّثني مصعب بن عثمان مثل ذلك.

أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد أنبأنا شجاع بن علي ، أنا محمّد بن إسحاق بن مندة ، أنا أحمد بن إبراهيم بن جامع ، نا أبو الزّنباع روح بن الفرج ، نا

__________________

(١) بالأصل «أبو بكر أحمد بن عبد الله بن عبد الباقي» والصواب ما أثبت انظر فهارس شيوخ ابن عساكر (المطبوعة ٧ / ٤١٤) وفي م كالأصل.

(٢) بالأصل «الحسين» خطأ ، والصواب ما أثبت ، انظر ترجمته في سير الأعلام ١٨ / ٦٨ وفي م كالأصل.

(٣) بالأصل وم «عن» خطأ.

١٢٧

يحيى بن بكر ، نا يعقوب بن عبد الرّحمن الزهري ، حدّثني أبي ، قال : عاش حكيم بن حزام عشرين ومائة سنة ، ستين سنة في الإسلام.

قال يحيى : وكان يكنى أبا خالد ، وتوفي سنة أربع وخمسين ، وقيل سنة ثمان وخمسين.

أنبأنا أبو سعد المطرّز ، وأبو علي الحداد ، قالا : أنبأنا أبو نعيم الأصبهاني ، قالا : حدّثنا سليمان بن أحمد ، نا أبو الزنباع ، نا يحيى بن بكر ، نا يعقوب بن عبد الرّحمن ، حدّثني أبي ، قال : عاش حكيم بن حزام عشرين ومائة : ستين في الجاهلية وستين في الإسلام ، وكان إذا استغلظ في اليمين قال : والذي أنعم على حكيم ألّا يكون قتيلا يوم بدر ، لا أفعل كذا وكذا ، فلا يفعل ، وكان حكيم يكنى أبا خالد.

أخبرنا أبو سعد أحمد بن عمر العلّاف ، أنا أبو يحيى ، نا الحسين بن إسماعيل المحاملي ، أنا عبد الله بن شبيب ، حدّثني إبراهيم بن كثرة (١) ، ويعقوب بن أحمد ، قالا : نا سعيد بن حمزة.

أنبأنا إسحاق عن كثير بن أبي بكر ، عن إبراهيم بن أصبغ ، قال : دخلت على حكيم بن حزام ، وهو يموت فأصغى إليه ، فإذا هو يهمهم ولكن هو يقول : لا إله إلّا الله ، قد كنت أحبها فلا اليوم إلّا خيرا.

أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ابنا أبي (٢) علي ، قالا (٣) : أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد ، أنبأنا محمّد بن عبد الرّحمن ، أنا أحمد بن سليمان ، نا الزّبير بن أبي بكر ، حدّثني إبراهيم بن المنذر ، عن سفيان بن حمزة الأيلي ، حدّثني كثير بن زيد ـ مولى الأسلميين ـ عن عثمان بن سليمان بن أبي خيثمة ، قال كبر (٤) حكيم بن حزام حتى ذهب بصره ، ثم اشتفى فاشتدّ وجعه فقلت : والله لأحضرنه اليوم فلأنظرن ما يتكلم به عند الموت ، فإذا هو يهمهم فأصغيت إليه فإذا هو يقول : لا إله إلّا الله ، لا إله إلا أنت أحبك

__________________

(١) كذا ، ولم أجده وفي م : «كره».

(٢) بالأصل وم : «أنبأني علي» كذا وهو خطأ ، والصواب ما أثبت ، وقد مرّ.

(٣) بالأصل وم «قال».

(٤) بالأصل «كثر».

١٢٨

وأخشاك ، فلم تزل كلمته (١) حتى مات.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنبأنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب ، نا ابن بكير ، نا يعقوب (٢) ، أخبرني أبي : أن حكيم بن حزام عمره عشرين ومائة ، ستين سنة في الإسلام وستين في الجاهلية.

أخبرنا أبو محمّد السلمي ، أنا أبو بكر الخطيب.

وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي [و] ابن أبي بكر ، قالا : أنبأنا أبو الحسين بن الفضل ، أنبأنا عبد الله بن جعفر ، حدّثني أبو بكر بن خلف ، أنا محمّد بن بكر البرساني (٣) ، أنا ابن جريج ، أخبرني عمر بن عبد الله بن عروة ، عن عروة ، قال : توفي حكيم بن حزام لعشر سنوات من إمارة معاوية ، قال : وسمعت ابن أبي بكر يقول : قال عاش حكيم بن حزام مائة وعشرين سنة ، ستين في الجاهلية وستين في الإسلام.

قال : واتهم يوم بدر فلحقه ابنا فلان فقال أحدهما لصاحبه انزل عن أبي خالد فإنك إن أسرت افتداك وإن قتلت عال عيالك.

قال يعقوب : وحكيم ، وخالد ابنا حزام وكان حكيم أكبرهما ، وخرج خالد إلى أرض الحبشة فمات في الطريق (٤)

أخبرنا أبو عبد الله الخلّال ، وأبو المطهّر عبد المنعم بن أحمد بن يعقوب بن أحمد الشامكاني ، قالا : أنا أبو طاهر بن محمّد ، أنا ابن بكير المقرئ ، قال : سمعت أبا عبد الرّحمن محمّد بن محمّد السّلمي ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنبأنا مكي بن محمّد ، أنبأنا أبو سليمان بن زبر (٥) ، قال : قال ابن نمير (٦) والهيثم بن عدي والمدائني : وفي سنة أربع وخمسين مات حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزّى (٧) بن قصيّ.

__________________

(١) عن م وبالأصل : كلمة.

(٢) كذا بالأصل وم.

(٣) بالأصل «محمد بن بكير الترساني» والصواب ما أثبت انظر ترجمته في سير الأعلام ٩ / ٤٢١.

وبرسان بطن من الأزد.

(٤) نهشته حية في الطريق ، كما في الإصابة ١ / ٤٠٣.

(٥) رسمها غير واضح بالأصل وفي م : زيد ، والصواب ما أثبت.

(٦) تقرأ بالأصل وم «ابن عمير».

(٧) بالأصل : عبد العزيز.

١٢٩

قال أبو سليمان : مات حكيم بن حزام في مائة وعشرين سنة.

أنبأنا عبد الله بن عبد السلام بن مكحول البيروتي ، قال : سمعت عثمان بن خرّزاد يقول : سمعت مصعب الزبيري يقول : مات حكيم بن حزام في زمان معاوية.

أنبأنا أبو سعد المطرّز وأبو علي الحداد ، قالا : أنبأنا أبو نعيم ، حدّثنا سليمان بن أحمد ، نا أبو الزنباع ، حدّثنا يحيى بن بكير ، قال : توفي حكيم بن حزام ويكنى أبا خالد : سنة (١) عشرين ومائة ، عاش في الجاهلية ستين ، وفي الإسلام ستين.

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنبأنا محمّد بن علي السيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى بن زكريا ، أنبأنا خليفة بن خيّاط ، قال (٢) : وفيها يعني سنة أربع وخمسين مات حكيم بن حزام.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا علي بن أحمد التّستري ، أنا أبو طاهر المخلّص ـ إجازة ـ نا عبيد الله بن عبد الرّحمن ، أخبرني عبد الرّحمن بن محمّد بن المغيرة ، وأخبرني أبي ، حدّثني أبو عبيد (٣) الله القاسم بن سلام ، قال : سنة أربع وخمسين توفي فيها حكيم بن حزام أبو زيد ، كذا قال ، والصواب أبو خالد.

١٧١٣ ـ حكيم بن دينار

أبو طلحة القرشي مولاهم

روى عنه : عبد الرّحمن بن زيد بن جابر قوله ، والأوزاعي ، انتهى.

قرأنا على أبي الفضل بن ناصر ، عن أبي طاهر أحمد بن محمّد بن أبي الصقر ، أنبا [نا] أبو القاسم هبة الله بن إبراهيم بن عمر الصّوّاف ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن إسماعيل بن الفرج ، نا أبو بشر (٤) محمد بن أحمد بن حمّاد الدّولابي (٥) ، نا سعيد بن عثمان ، نا بشر بن بكر ، نا أبو حاتم ، نا حكيم بن دينار أبو طلحة ، قال : غدوة

__________________

(١) بالأصل : سنة.

(٢) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ٢٢٣.

(٣) الأصل : أبو عبد الله.

(٤) بالأصل : «أبو بشر أبو أحمد نا أحمد» كذا والصواب ما أثبت ، انظر ترجمته في سير الأعلام ١٦ / ٣٠٩.

(٥) قال السمعاني فتح دال الدولابي أصح ، نسبة إلى دولاب من قرى الري.

١٣٠

وروحة وحظّ من دلجة واستقامة تبلغون (١) المنزل وإن كان بعيدا.

أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا أبو الحسن بن أبي الحديد.

وأنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، نا عبد العزيز الكتاني ، قالا : أنبأنا أبو محمّد بن أبي نصر ، نا أبو علي الحسن بن جندل [نا] بشر بن بكر ، نا ابن جابر ، حدّثني حكيم بن دينار أبو طلحة ، قال : غدو وروحة وحظ من ريحه واستقامة تبلغون (٢) المنزل وإن كان بعيدا.

قرأنا على أبي عبد الله بن البنّا ، عن أبي تمام علي بن محمّد بن الحسن ، عن أبي (٣) عمر بن حيّوية :

أنبأنا محمّد بن القاسم ، أنا ابن [أبي] خيثمة ، قال : أبو طلحة الذي يحدث عنه عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر ، اسمه حكيم بن دينار ، حدّثنا بذاك أبي عن الوليد بن مسلم ، عن عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر.

أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنبأنا محمّد بن أحمد بن الآبنوسي ، أنا عبد الله بن عتّاب بن محمّد بن أحمد ، أنا أحمد بن عمير ـ إجازة ـ.

وأخبرنا أبو القاسم السّوسي ، أنا أبو عبد الله ، أنبأنا ابن أبي الحديد ، أنبأنا أبو (٤) الحسن الرّبعي ، أنبأنا عبد الوهاب الكلابي ، أنا أحمد بن عمير ـ قراءة ـ قال : سمعت محمود بن إبراهيم بن محمّد بن سميع في الطبقة الخامسة : أبو طلحة حكيم بن دينار ، دمشقي.

وأنبأنا أبو الغنائم بن النّرسي ، ثم حدّثنا أبو الفضل محمّد بن ناصر ، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون ، وأبو الحسين الأصبهاني [و] المبارك بن عبد الجبار ، وأبو الغنائم ـ واللفظ له ـ قالوا : أنبأنا أبو أحمد ـ زاد ابن خيرون : وأبو الحسين الأصبهاني ، قالا : ـ أنا أحمد بن عبدان ، نا محمّد بن سهل ، أنبأنا محمّد بن إسماعيل ، قال (٥) : حكيم بن

__________________

(١) غير مقروءة بالأصل وفي م : تبلغوا.

(٢) بالأصل وم : تبلغوا.

(٣) بالأصل وم : «عن ابن عم بن حيوية» والصواب ما أثبت ، انظر ترجمته في سير الأعلام ١٦ / ٤٠٩.

(٤) بالأصل : أبي.

(٥) التاريخ الكبير ٢ / ١ / ١٢ ـ ١٣.

١٣١

دينار أبو طلحة قوله ، قال بشر بن بكر : نا ابن جابر ، [قال] نا حكيم ؛ حديثه في الشاميين.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن العباس ، أنا أحمد بن منصور بن خلف ، أنا محمّد بن عبد الله بن حمدون ، أنا مكي بن عبدان ، قال : سمعت مسلم بن الحجاج يقول : حكيم بن دينار أبو طلحة ، روى عنه عبد الرّحمن بن يزيد بن جابر.

قرأت على أبي الفضل محمّد بن ناصر ، عن جعفر بن يحيى بن منصور بن إبراهيم ، أنا عبيد الله بن سعيد بن حاتم ، أنا الخصيب بن عبد الله بن محمّد بن الخصيب ، أخبرني عبد الكريم بن عبد الرّحمن ، أخبرني أبي قال : أبو طلحة كثير بن دينار كذا قال النسائي ، وأبو [طلحة] حكيم لا كثير ، والله أعلم.

١٧١٤ ـ حكيم بن عبد الله بن المبارك الجمحي

ممن شهد حفر الأنهار بدمشق في خلافة هشام في سنة خمس عشرة ، له ذكر.

تقدم ذكره في حفر الأنهار.

١٧١٥ ـ حكيم بن عيّاش (١) الأعور (٢) الكلبي (٣)

شاعر كان منقطعا إلى بني أمية وسكن المزّة ثم انتقل إلى الكوفة ، وله شعر يفخر فيه باليمن ، نقضه (٤) عليه الكميت بن زيد ، وافتخر بمضر ، وهو الأعور الكلبي.

أخبرنا أبو الحسن بن المسلّم الفقيه ، وأبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، قالا : أنبأنا عبد العزيز بن أحمد ، أنا تمام بن محمّد ، أنا أبو الحسين محمّد بن يحيى بن أيوب بن أبي عقال ، قال تمام : وأنبأنا أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم بن عبد الرّحمن ، زاد عبد الكريم ، وأبو الميمون بن راشد ، قالا : أنبأنا زيد بن أبي عقال ، عن أبيه : أن آباءه حدثوه أن أبا أسامة (٥) قدم الشام على معاوية ، فقال له معاوية : اختر لك منزلا

__________________

(١) الأصل وم : عباس ، والمثبت عن مصادر ترجمته.

(٢) الأصل : الأعرز ، والمثبت عن م ومصادر ترجمته.

(٣) ترجمته في معجم الأدباء ١٠ / ٢٤٧ قال محققه في الحاشية : لم نعثر له على ترجمة سوى ترجمته في ياقوت.

(٤) بالأصل «تفقه» والمثبت عن الوافي.

(٥) في معجم الأدباء ١٠ / ٢٤٧ «أن أسامة خال الأعور».

١٣٢

فاختار المزّة واقتطع فيها هو وعترته ، وقد قال الشاعر وهو أعور كلب (١) :

إذا ذكرت أرض لقوم بنعمة

فبلدة قومي تزدهي (٢) فتطيب

بها الدين والإفضال والخير والندا

فمن ينتجعها للرشاد يصيب

ومن ينتجع أرضا سواها فإنه

سيندم يوما بعدها ويخيب

تأتّى لها خالي أسامة منزلا

وكان لخير العالمين حبيب

حبيب رسول الله وابن رديفه

له ألفة معروفة ونصيب

فأمكنها (٣) كلبا فأصبحت بليدة

بها منزل رحب الجناب خصيب

فنصف على (٤) برّ فسيح رحابه

ونصف على بحر أغرّ يطيب

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله ، أنا أبو بكر الخطيب ، قال : كتب إليّ محمّد بن أحمد بن سهل ، وحدّثني محمّد بن نوح.

وأخبرني أبو غالب بن البنّا ، أنبأنا محمّد بن أحمد بن سهل في كتابه ، أنا علي بن أحمد ، أنبأنا أبو القاسم بن الأزدي ، قال : وذو الأصبغ الكلبي هو الغليمي أنشد له دعبل يهجو حكيم بن عيّاش (٥) حين هجا بني أسد بكلب ، وكان حكيم أعور كلب :

إذا جئتما أرض العراق فبلّغا

بها الأعور الكلبي عني التوافيا

أترضى لكلب دفة غير عدلها

بدردان لا شمت السجال الغواديا

فهاج الذّرى لا درّ درّك بالذرى

وهاج قبيلا يبكرون المحاربا

حكى نفطويه عن حكيم بن عياش (٦) الكلبي ، وهو الأعور ، وقال : اجتمع عند عبد الملك يعجب به فسرّ به عبد الملك وقال : هذا يوم سرور وأجلسه إلى جنبه (٧) ودعا بقوس فرمى عنها وأعطاها من على يمينه فرمى بها حتى صارت إلى الأعرابي ، فلما نزع فيها ضرط فرمى بها مستحييا ، فقال عبد الملك : دهينا (٨) في الأعرابي وكنا نطمع في

__________________

(١) الأبيات في معجم الأدباء ١٠ / ٢٤٧ ـ ٢٤٨.

(٢) عن معجم الأدباء وبالأصل «قدهي».

(٣) معجم الأدباء : فأسكنها.

(٤) بالأصل غير واضح ، ورسمه : «على ابن شيخ وترمدة» كذا والمثبت عن معجم الأدباء.

(٥) بالأصل : عباس ، وقد مرّ.

(٦) بالأصل : عباس ، وقد مرّ.

(٧) بالأصل : «وأحلته إلى حته» كذا والمثبت عن م.

(٨) الأصل تقرأ : «هينا» والمثبت عن م.

١٣٣

أنسه وإني لا أعلم أنه مكاسلي (١) ما به إلّا الطعام ، فدعا بالمائدة ، فقال : تقدم يا أعرابي لتضرط ، وإنما أراد لتأكل ، فقال : قد فعلت قال عبد الملك : إنا لله وإنا إليه راجعون ، لقد امتحنا فيه اليوم والله لأجعلنّها مذكورة ، يا غلام جيء بعشرة آلاف فجاء بها ، فأعطاها الأعرابي ، فلما صارت إليه انبسط ونسي ما كان منه فقال حكيم بن عيّاش (٢) :

ويضرط ضارط من غمز قوس

فيحبوه الأمير بها بدورا

فيا لك ضرطة جرّت كثيرا

ويا لك ضرطة أغنت فقيرا

فودّ القوم لو ضرطوا جميعا

وكان حباؤهم (٣) منها عشيرا

أتقبل ضارطا ألفا بألف

فأضرط أصلح الله الأميرا

فأمر له بعشرة آلاف درهم ، وقال : لا تضرط يا حكيم.

ولحكيم بن عيّاش وكان يتعصب على مضر (٤) :

ما سرّني (٥) أن أمّي من بني أسد

وأنّ ربّي نجّاني من النار

وأنهم زوّجوني من بناتهم

وأن لي كل يوم ألف دينار

ذكر أبو علي الحسين بن القاسم الكوكبي ، نا أبو جعفر أحمد بن وهب ، نا عمر بن محمّد الأزدي ، عن ثمامة بن أشرس ، عن محمّد بن راشد ، قال (٦) : جاء رجل إلى عبد الله بن جعفر عليه‌السلام ، فقال : يا ابن رسول الله هذا حكيم الكلبي ينشد الناس بالكوفة هجاءكم قال : هل علقت منه شيء؟ قال : نعم فأنشده :

صلبنا لكم زيدا (٧) على جذع نخلة

ولم ير مهديا على الجذع يصلب

وقستم بعثمان عليا سفاهة

وعثمان خير من عليّ وأطيب

فرفع عبد الله يديه إلى السماء وهما ينتفضان رعدة ، فقال : اللهم إن كان كاذبا

__________________

(١) في المختصر : وإني لأعلم أنه لا يسلي.

(٢) بالأصل : «عباس» وهو صاحب الترجمة.

(٣) الأصل : «حياهم» والمثبت عن المختصر وفي م : حياؤهم.

(٤) البيتان في معجم الأدباء ١٠ / ٢٤٨.

(٥) عن معجم الأدباء وبالأصل : مرّ بي.

(٦) الخبر والشعر في معجم الأدباء ١٠ / ٢٤٩ والبيتان في الوافي بالوفيات ١٣ / ١٣٢.

(٧) يريد زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب كما في الوافي بالوفيات.

١٣٤

فسلّط عليه كلبا ، قال : فخرج حكيم من الكوفة فأدلج فافترسه الأسد فأكله ، وأتى البشير عبد الله وهو في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فخرّ لله تعالى ساجدا وقال : الحمد لله الذي صدقنا وعده.

١٧١٦ ـ حكيم بن قبيصة بن ضرار الضّبّي (١)

من أهل العراق ، وفد على معاوية.

أخبرنا أبو طالب بن يوسف في كتابه.

ثم أخبرنا ابن عبد الجبار ، قالا : أنبأنا إبراهيم بن عمر البرمكي ، وأنا المبارك بن عبد الجبار ، وأبو الحسن علي بن عمر القزويني ، قالا : أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا عبيد الله بن عبد الرّحمن السّكوني ، أنا أبو محمّد عبد الله بن مسلم بن قتيبة ، قال : روى الزيادي عن الأصمعي ، نا الحارث بن مصرف في زمن أبي جعفر ، قال : لما كان يوم سلّي وساجر (٢) طرد شقيق بن جزء بن رياح الباهلي حكيم (٣) بن قبيصة بن ضرار الضّبّي ، فقال له شقيق : اربع عليّ يا ابن البروك ، فقال : يا شقيق ما بيننا أجلّ من السباب ، فقال : معذرة إلى الله لو علمت لها اسما غيره ما دعوتها إلّا به.

قال : وحدّثني غيره من أصحابنا : أن شقيقا أدرك يوم اليرموك فاستشهد ، وقال آخرون : وأدرك حكيم الإسلام حتى وفد على معاوية ، فقال له معاوية : أي يوم من الزمن مرّ بك أشد؟ فقال : يوم طردني شقيق ، فقال : فأي يوم مرّ بك أحب إليك؟ قال : يوم هداني (٤) الله للإسلام.

١٧١٧ ـ حكيم بن محمّد

أبو الفضل

الفقيه المالكي كان قاضيا بغوطة دمشق ، فاختاره أهل دمشق للنظر في الحكم بعد

__________________

(١) ترجمته في الإصابة ١ / ٣٧٩ وضبطه ابن حجر بالنص «حكيم» بفتح أوله.

(٢) سلّى وساجر ماءان في بلاد بني ضبة (انظر المادتين في ياقوت).

وفي موضع نقل ياقوت عن أبي الندى : هما روضتان لعكل.

(٣) ضبطت بالقلم في ياقوت بضم الحاء وفتح الكاف.

(٤) بالأصل : «هذا اتق» كذا والصواب «هداني» عن الإصابة.

١٣٥

موت القاضي أبي بكر عبد الله بن محمّد الخصيبي ، واعتزال نائبه محمّد بن إسماعيل المؤيدي. وسأله في ذلك وجوه أهل دمشق من الأشراف والشيوخ فنظر في القضاء مدة يسيرة إلى أن ورد أبو عبد الله محمّد بن عبد الله بن أحمد بن الوليد.

قرأت بخط عبد الوهاب بن جعفر في يوم السبت عند العصر لأربع وعشرين ليلة خلت من صفر ـ يعني سنة خمسين وثلاثمائة ـ ، مات أبو الفضل حكيم بن محمّد المالكي الفقيه ، المتولي لقضاء الغوطة والنظر في فروضي (١) النساء من قبل القضاة الذين يتولون قضاء دمشق وأعمالها ، وأخرجت جنازته من الغد في يوم الأحد إلى المسجد الجامع فصلّي عليه في الجامع بعد العصر ، وشهده عالم من الناس وحمل إلى المصلّى فصلّي عليه ، وكان رجلا أعجميا ربعة من الرجال ، جميل الأمر ، حسن الخلق.

١٧١٨ ـ حكيم بن رزيق بن حكيم الفزاري (٢)

مولاهم الأيلي

حدّث عن أبيه ، وسعيد بن المسيّب ، وعبد الله بن فيروز الدّيلمي.

روى عنه : ابن المبارك ، وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة ، وعبد الرّحمن بن يحيى العذري.

ووفد على عمر بن عبد العزيز ، واستعمله عمر.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي الفتح عبد الكريم بن محمّد النّصيبي ، أنا علي بن عمر الدار قطني ، نا محمّد بن الفتح القلانسي ، نا عبد الرّحمن بن محمّد بن منصور ، نا عبد الرّحمن بن يحيى العذري ، نا حكيم بن رزيق بن حكيم الأيلي ، عن أبيه ، عن القاسم ، قال : سمعت عائشة تقول : ما خيّر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بين أمرين إلّا اختار أعفاهما وأيسرهما ما لم يكن من الإثم ، فإذا كان إثما كان أبعدهما منه.

أنبأنا أبو محمّد عبد الله بن علي بن الآبنوسي ح.

وأخبرنا أبو الفضل بن ناصر عنه ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو الحسين بن المظفر ، أنا أبو علي أحمد بن علي المدائني ، أنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم بن

__________________

(١) كذا بالأصل وم.

(٢) تقرأ بالأصل «الفراوي» والمثبت عن م وانظر مختصر ابن منظور ٧ / ٢٤١.

١٣٦

البرقي ، نا ابن أبي السّري ، عن سويد بن عبد العزيز ، وعمر بن عبد الواحد ، عن إسحاق بن أبي فروة :

أخبرني حكيم بن رزيق (١) الأيلي ، قال : سمعت عبد الله بن الدّيلمي يحدّث عمر بن عبد العزيز ، عن أبيه ، قال : قدمت على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقلت إن عندي أختين فقال : «طلّق أيهما شئت وأمسك الأخرى» [٣٧٠٦].

أنبأنا أبو الغنائم محمّد بن علي.

ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر ، أنا أحمد ـ زاد أحمد : ومحمّد بن الحسن ، قالا : ـ أنا أحمد بن عبدان ، أنا محمّد بن سهل ، أنا محمّد بن إسماعيل ، قال (٢) : حكيم بن رزيق (٣) مولى بني فزارة ، عن أبيه ، سمع منه ابن المبارك ، وقال إسحاق : أخبرنا يزيد ، أنا يحيى أن رزيق بن حيان أخبره أن عمر بن عبد العزيز كتب إليه بحديثين ، ولم ينسبه جعفر بن عون [ويعلى](٤).

أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنا أبو صادق محمّد بن أحمد بن جعفر ، أنا أحمد بن محمّد بن زنجويه ، أنا أبو أحمد العسكري ، قال : حكيم مضموم الحاء فمنهم : حكيم بن رزيق (٥) بن حكيم جميعا مضموم مولى بني فزارة ، روى عن أبيه وعن سعيد بن المسيّب ، روى عنه عبد الله بن المبارك ، قال يحيى بن معين : حكيم بن رزيق (٦) ثقة.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي الفتح بن المحاملي ، أنا أبو الحسن الدارقطني ، قال : حكيم بن رزيق (٧) بن حكيم الأيلي مولى بني فزارة ، يحدّث عن أبيه رزيق بن حكيم ، روى عنه ابن المبارك.

كتب إليّ أبو محمّد حمزة بن العباس ، وأبو الفضل أحمد بن محمّد بن الحسن.

ثم حدّثني أبو بكر اللفتواني ، أنا أبو الفضل ، قالا : أنا أبو بكر الباطرقاني (٨) ، أنا

__________________

(١) إعجامها مضطرب بالأصل والصواب ما أثبت ، وهو صاحب الترجمة.

(٢) التاريخ الكبير ٢ / ١ / ٩٥.

(٣) بالأصل : «زريق» والمثبت عن البخاري.

(٤) ما بين معكوفتين زيادة عن البخاري.

(٥) وقع بالأصل : «زريق» بتقديم الزاي.

(٦) وقع بالأصل : «زريق» بتقديم الزاي.

(٧) وقع بالأصل : «زريق» بتقديم الزاي.

(٨) ضبطت عن الأنساب ، هذه النسبة إلى باطرقان إحدى قرى أصبهان.

١٣٧

أبو عبد الله بن مندة ، قال : قال لنا أبو سعيد بن يونس : حكيم بن رزيق (١) بن الحكيم الأيلي مولى بني فزارة ، دخل على سعيد بن المسيّب مع أبيه ، روى عن سعيد بن المسيّب ، حدّث عنه عبد الله بن المبارك وغيره.

قرأت على أبي محمّد السلمي ، عن علي بن هبة الله بن ماكولا ، قال (٢) في باب الأيلي : حكيم بن رزيق بن حكيم الأيلي ، حدّث عنه ابن المبارك ، وقال (٣) في باب حكيم : بضم الحاء وفتح الكاف : حكيم بن رزيق (٤) الأيلي مولى بني فزارة ، يحدّث عن أبيه رزيق (٥) بن حكيم ، روى عنه ابن المبارك ، [وسعيد بن المسيّب](٦) ، وعبد الرّحمن بن يحيى العذري.

أخبرنا أبو القاسم الواسطي ، نا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو بكر أحمد بن محمّد الأشناني ، قال : سمعت أحمد بن محمّد بن عبدوس ، قال : سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول : سألت يحيى بن معين عن حكيم بن رزيق فقال : ثقة.

١٧١٩ ـ حلبس بن زيار بن غطيف

ويقال حلبس بن غطيف بن حارثة (٧) بن سعد بن الحشرج (٨)

ابن امرئ القيس بن عدي

ابن أخزم بن أبي أخزم بن ربيعة بن جرول

ابن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيّىء الطائي (٩)

أخو عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج لأمّه ، شهد صفّين وأخوه ملحان مع معاوية ، له ذكر.

__________________

(١) وقع بالأصل : «زريق» بتقديم الزاي.

(٢) الاكمال لابن ماكولا ١ / ١٢٧ وضبطت الأيلى فيه بفتح الهمزة وسكون الياء المعجمة باثنتين من تحتها وكسر اللام المخففة.

(٣) الاكمال لابن ماكولا ٢ / ٤٨٦ و٤٨٩.

(٤) بالأصل في الموضعين بتقديم الزاي ، والمثبت عن الاكمال.

(٥) بالأصل في الموضعين بتقديم الزاي ، والمثبت عن الاكمال.

(٦) ما بين معكوفتين زيادة عن الاكمال والعبارة فيه مستدركة أيضا بين معكوفتين عن إحدى النسخ.

(٧) عن جمهرة ابن حزم ص ٤٠٢.

(٨) عن ابن حزم : «الحشرج» وبالأصل «الخزرج».

(٩) ترجمته في بغية الطلب لابن العديم ٦ / ٢٩٠٦ وفيه : «زبار» بالموحدة ، ولم ترد في عامود نسبه عند ابن حزم.

١٣٨

١٧٢٠ ـ حلحلة بن قيس بن الأشيم

ابن يسار (١) بن عمرو بن جابر بن عقيل بن هلال بن سميّ

ابن مازن بن فزارة بن ذبيان بن بغيض الفزاري القيسي

قدم به دمشق أسيرا في أيام عبد الملك بن مروان ، وكان سبب ذلك أن حربا جرت بين كلب وقيس كان الظفر فيها لكلب (٢) ، وودا عبد الملك من أصيب من قيس من أعطيات قضاعة فلما أخذت فزارة الدية اشترت بها الخيل والسلاح ، ثم أغارت على ما يدعى «بنات قين» (٣) ، وعلى قيس يومئذ سعيد بن أبان بن حذيفة بن بدر وحلحلة بن قيس ، هذا ، وهو أحد بني العشراء (٤) فقتلوا جماعة من كلب.

فلما ولّى عبد الملك الحجاج كتب إليه فبعث إليه سعيد بن أبان بن عيينة وحلحلة بن قيس ، فلما قدم بهما عليه قذفهما في السجن ثم أخرجهما عبد الملك ، ودفع حلحلة إلى بعض بني عبد ودّ ، ودفع سعيد بن أبان بن عيينة إلى بني عليم (٥) ، وأقبل عليهما عبد الملك ، فقال : ألم تأتياني فتستعدياني فأعديتكما وأعطيتكما الدية ، ثم انطلقتما فأخفرتما ذمتي وصنعتما ما صنعتما ، فكلّمه سعيد بكلام يستعطفه فيه ، قال : فضرب حلحلة صدره وقال : أترى خضوعك لابن الزرقاء نافعك عنده؟ فغضب عبد الملك ، وقال اصبر حلحلة ، فقال له :

أصبر من عود بجنبيه جلب (٦)

__________________

(١) ابن حزم ص ٢٥٨ : «سيار» ولفظة «الأشيم» سقطت من عامود نسبه فيها. وانظر الأغاني ١٩ / ٢٠٤.

(٢) وذلك في يوم العاه حيث كان حميد بن حريث بن بجدل الكلبي اختلق سجلا على لسان عبد الملك بن مروان على صدقات بني فزارة ، فقدم عليهم بالعاه فقتلهم (انظر معجم البلدان بنات قين ـ وجمهرة ابن حزم ص ٢٥٨ ، والأغاني ١٩ / ١٩٩ وما بعدها).

(٣) بنات قين : اسم موضع بالشام في بادية كلب بن وبرة بالسماوة ... وكانت بنو فزارة أوقعت ببني كلب على هذا الماء في أيام عبد الملك بن مروان وقعة مشهورة.

(٤) بنو العشراء : قوم من فزارة.

(٥) وكان قد قتل على بنات قين من بني عبد ود تسعة عشر رجلا ، وقتلوا من بني عليم خمسين رجلا. كما يفهم من عبارة الأغاني.

(٦) الرجز في الأغاني ١٩ / ٢٠٥.

١٣٩

فقتلا ، وشقّ ذلك على قيس ، وأعظمه أهل البادية منهم والحاضرة ، وقال حلحلة وهو في السجن (١) :

لعمري لئن شيخا فزارة أسلما

لقد حزنت (٢) قيس وما ظفرت كلب

قرأت هذا كله في حديث أطول من هذا ، أنا اختصرته في كتاب أبي الفرج الأصبهاني ، قال (٣) : أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، أنا سليمان بن أيوب بن أعين أبو أيوب المدني ، نا المدائني ، فذكره.

وبلغني أن بشر بن مروان قال لهما وكان صهره معهما لأن أمّه قيسيّة من بني جعفر بن كلاب : «اصبر سعيدا واصبر حلحلة» (٤) ، فقال أحدهما :

أصبر من عود بجنبيه (٥) الجلب

قد أثّر القطان فيه والقتب (٦)

وقال الآخر :

أصبر من ذي ضاغط عركرك (٧)

ألقى بواني زوره للمبرك

قرأت على أبي محمّد السلمي ، عن أبي نصر بن ماكولا ، قال (٨) : وأما عقيل ـ بضم العين وفتح القاف ـ حلحلة بن قيس بن الأشيم بن سيار بن عمرو بن جابر بن عقيل بن هلال بن سميّ بن مازن بن فزارة (٩) ، الذي دفعه عبد الملك إلى كلب فقتلوه.

__________________

(١) البيت في الأغاني ١٩ / ٢٠٦.

(٢) الأغاني : خزيت.

(٣) الخبر بطوله ورد في الأغاني ١٩ / ١٩٥ وما بعدها ضمن أخبار عويف.

(٤) جمهرة ابن حزم ص ٢٥٨.

(٥) جمهرة ابن حزم : بدفّيه.

(٦) جمهرة ابن حزم : قد أثر البطنان فيه والحقب.

(٧) ابن حزم : «معرك» والرجز في اللسان عرك ، «عركرك» والعركرك : القوي الغليظ.

(٨) الاكمال لابن ماكولا ٦ / ٢٤١ و٢٤٢.

(٩) من قوله : بن هلال إلى هنا سقط من الاكمال.

١٤٠