الأزمنة والأنواء

أبي إسحاق إبراهيم بن إسماعيل [ إبن أجدابي ]

الأزمنة والأنواء

المؤلف:

أبي إسحاق إبراهيم بن إسماعيل [ إبن أجدابي ]


المحقق: الدكتور عزّة حسن
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دارابي رقراق للطباعة والنشر
الطبعة: ٢
ISBN: 99544-0-5074-4
الصفحات: ١٩٤

باب

علامات الشهور العجمية ومعرفة أوائلها

اعلم أن أكتوبر لمّا كان أوّل الشهور جعلت علامته واحدا. فإذا أردت معرفة علامة شهر غيره فانظر ما مضى قبله من الشهور ، فكلّ شهر عدّته أحد وثلاثون فخذ له ثلاثة ، وكلّ شهر عدّته ثلاثون فخذ له اثنين ، ولا تأخذ للشهر الذي تريد معرفة علامته شيئا (١) ، ولا تأخذ أيضا لشباط ، إلا أن تكون السنة كبيسة ، فتأخذ له واحدا. ثم اجمع الأعداد المأخوذة للشهور بعضها على بعض ، وزد على ذلك علامة أكتوبر التي هي واحد. وألق الجميع سبعة فما بقي من واحد إلى سبعة فهو علامة الشهر الذي حسبت له :

وتجتمع علامات الشهور كلها من حروف (٢) الجمّل (في) قولك : آدوبهه جوادز ، لكلّ شهر منها حرف على الولاء (٣) والابتداء بأكتوبر فخمس من هذه العلامات باقية على حالها في سائر السنين. وهي من الألف الأولى (٤) إلى الهاء الأولى. والسبع البواقي ، وهي من الهاء الثانية إلى آخرها ، موضوعة لشهور السّنة التي ليست بكبيسة فأما السنة الكبيسة فيزاد فيها على كلّ علامة من هذه العلامات السبع واحد. وذاك من مارسه إلى آخر السّنة.

__________________

(١) هذا وهم من المؤلف. وينبغي لنا أن نأخذ للشهر الذي نريد معرفة علامته وإلا لم يتفق حساب ما نأخذ للشهور بحساب حروف الجمل التي رسمها المؤلف بعد قليل علامات للشهور.

(٢) حروف الجمل هي الحروف المقطعة من أبجد هوز .... ولها قيم حسابية بالأرقام كما يلي :

أ

ب

ج

 د

 ه

و

ز

ح

 ط

 ى

١

٢

٣

٤

٥

٦

٧

٨

٩

١٠

ك

 ل

 م

 ن

 ص

 ع

 ف

 س

ق

٢٠

٣٠

٤٠

٥٠

٦٠

٧٠

٨٠

٩٠

١٠٠

ر

 ش

 ت

 ث

 خ

 ذ

 ض

 ظ

غ

٢٠٠

٣٠٠

٤٠٠

٥٠٠

٦٠٠

٧٠٠

٨٠٠

٩٠٠

١٠٠٠

والحساب بهذه الحروف يسمى حساب الجمل.

(٣) على الولاء : أي على التتابع.

(٤) في الأصل المخطوطك للأول ، وهو غلط.

٦١

فإذا عرفت علامات الشهور ، وأردت معرفة أوائلها فخذ علامة الشهر الذي تريد معرفة أوله ، وأضفها إلى أسّ السنّة العجمية التي منها ذلك الشهر. وألق مما (١) يجتمع سبعة إن كان فيه أكثر. وما بقي فعدّ على عدده من يوم الأحر ، فاليوم الذي يفنى عليه العدد هو أوّل ذلك الشهر.

__________________

(١) في الأصل المخطوط : ما ، وهو غلط.

٦٢

باب

معرفة الكبيسة من السنين (١) العجمية

إذا أردت ذلك فخذ سني الهجرة بالسّنة المنكسرة (٢) إن كان دخل تشرين الأوّل ، فإن لم يدخل فيها فلا تحسبها ، وأسقط منها أربعمائة واثنين وسبعين سنة. وما بقي فألقه أربعة أربعة. وانظر إلى ما بقي معك ، فإن كان واحدا فالسّنة العجمية التي أنت فيها سنة ربع ، وإن كان الباقي ثلاثة فهي سنة ثلاثة أرباع ، وإن لم يبق معك شيء دون أربعة فهي سنة كبيسة.

وإن شئت فخذ سني ذي القرنين بالسّنة التي تريد معرفة هل هي كبيسة أم لا. فألق منها ألفا وثلاثمائة واثنين وسبعين. وما بقي فخذ ربعه ، وإن وقع في ذلك كسر فأثبته ولا تلقه ثم زد ذلك ربعا واحدا أبدا. ثم انظر ، فإن كان العدد صحيحا ، بعد زيادتك عليه ربعا واحدا فالسّنة التي حسبت لها كبيسة ، وإن كان منكسرا فانظر فإن (ن) (٣).

__________________

(١) في الأصل المخطوط : السني ، وهو غلط.

(٢) في الأصل المخطوط : المتكسرة ، وهو غلط. وقد درج المؤلف على استعمال لفظ المنكسرة بهذا المعنى في كتابه.

(٣) في الأصل المخطوط : منسا.

وهنا يبدأ القسم الناقص من الكتاب بسبب الخرم الذي وقع في النسخة الأم التي نقل عنها الأصل المخطوط الذي أخرجنا عنه الكتاب كما بينا في المقدمة التي قدمنا بها للكتاب في أثناء الكلام على الأصل المخطوط. ولا ندري مقدار هذا النقص على وجه الضبط ، ولا الأبواب التي ذهبت من الكتاب ، ولكن يمكننا أن نعرف منها ما يلي :

١ ـ شيء يسير من آخر (باب معرفة الكبيسة من السنين العجمية). ونرى أن النقص هاهنا لا يعدو سطرين أو ثلاثة على الأغلب.

٢ ـ باب ذكر منازل القمر. وقد أشار المؤلف نفسه إلى هذا الباب في أثناء الباب التالي ، وهو (باب ذكر مشاهير الكواكب) ، حين كلامه على كواكب السعود. قال المؤلف : «والسعود عشرة ، أربعة منها تعد في المنازل ، وقد ذكرناها. والستة الباقية غير معدودة في المنازل ...»

ومنازل القمر هي مجموعة النجوم التي يقطعها القمر في دورة له تامة في فلكه حول الأرض في ٢٨ يوما. ويرجع القمر عند تمام هذه الدورة إلى النجم نفسه الذي اتخذ أصلا للحركة. فإذا كان القمر في ليلة من الليالي قريبا ، من نجم من هذه النجوم مثلا نراه في الليلة التالية بعيدا عن هذا النجم إلى جهة الشرق. ثم يزيد بعد القمر في الشرق كل ليلة إلى أن يدرك النجم من جهة الغرب في الليلة الثامنة والعشرين.

وقد عرف العرب هذا الشأن لكثرة مراعاتهم القمر والنجوم والإفادة من حركاتها في معرفة أحوال الهواء في الأزمنة المختلفة وحوادث الجو في لفصول السنة ، لتنظيم أوقاتهم ومواسم سنتهم وآجال زمانهم. فاختاروا في السماء ثمانية وعشرين نجما من النجوم الثابتة غير بعيدة عن فلك القمر ، لتكون علامات لمسير القمر. فيدل كل نجم من هذه النجوم على موضع القمر في كل ليلة من ليالي الشهر القمري. وسموا هذه النجوم نجوم الأخذ ، لأخذ القمر كل ليلة في نجم منها (الأنواء ٥) أو منازل القمر. أنظر الأنواء ٤ ـ ٦ ، والآثار الباقية ٣٣٦ ـ ٣٣٧ ، والأزمنة ١ / ١٨٤ ـ ١٨٦ ، وعلم الفلك عند العرب ١١١ ـ ١١٢

٦٣

ومنازل القمر الثمانية والعشرون هي :

وانظر الكلام على هذه المنازل ومعانيها وكواكبها في تفصيل وبيان في الأنواء ١٧ ـ ٩٦ ، والأزمنة ١ / ١٨٧ ـ ١٩٧ ، ٣١٠ ـ ٣١٨ والآثار الباقية ٣٤١ ـ ٣٥٦ واللسان (نوأ).

وابتداء العرب في المنازل بالشرطين إذ هما في زمانهم كائنان في أوائل برج الحمل وابتداء غيرهم من العجم بالثريا (الآثار الباقية ٣٤١ ، والأزمنة ١ / ١٧٧).

__________________

(١) ويسمى النطح أيضا.

(٢) وتسمى الخزتين أيضا.

(٣) ويسمى السمكة والرشاء أيضا.

٦٤

وهم يعدون أربعة عشر منزلا من هذه المنازل شامية ، وأربعة عشر يمانية ، فأول الشامية الشرطان ، وآخرها السماك الأعزل ، وأول اليمانية الغفر ، وآخرها بطن الحوت (الأنواء ٦).

وهذه المنازل الثمانية والعشرون تبدو للناظر منها في السماء أربعة عشر منزلا ، وتخفى عنه أربعة عشر منزلا. وكلما غاب منها واحد في المغرب طلع من المشرق رقيبه. فلسنا نعدم منها أبدا أربعة عشر منزلا. وهذا يدل على أن الظاهر لنا من السماء بأبصارنا نصفها (الأنواء ٦).

٣ ـ باب البروج. وقد ذكر المؤلف البروج مرات كثيرة ، ولا سيما في فصل ذكر الشمس من (باب النجوم السيارة) الآتي ، وكذلك (باب ذكر أزمنة السنة وفصولها ...) الآتي أيضا.

والبروج هي صور النجوم التي تقطعها الشمس في دورة لها تامة في سنة شمسية في فلكها. اختارها الفلكيون لدى الأمم الغابرة ، منذ القديم ، واتخذوها اعلاما لمسير الشمس وانتقالها في فلكها ، واختلاف أحوال الزمان في الطول والقصر والحر والبرد لذلك. وأخذها العرب عنهم واستعملوها (أنظر علم الفلك عند العرب ١٠٨ ـ ١٠٩).

٦٥

وهي للشمس كالمنازل للقمر.

والبروج اثنا عشر برجا ، على عدد شهور السنة ، عند العرب وعند جميع الأمم وأسماؤها هي :

١ ـ الحمل بروج الربيع

٢ ـ الثور بروج الربيع

٣ ـ التوأمان بروج الربيع

٤ ـ السرطان بروج الصيف

٥ ـ الأسد بروج الصيف

٦ ـ السنبلة بروج الصيف

٧ ـ الميزان بروج الخريف

٨ ـ العقرب بروج الخريف

٩ ـ القوس بروج الخريف

١٠ ـ الجدي بروج الشتاء

١١ ـ الدول بروج الشتاء

١٢ ـ الحوت بروج الشتاء

أنظر لذلك كله الأنواء ١٢٠ ـ ١٢١ ، والأزمنة ١ / ١٦٤ ـ ١٦٥ ، ١ / ٢٠٨ ـ ٢٢١ والمعجم الفلكي ٩٧ ، وعلم الفلك عند العرب ١٠٨ ـ ١٠٩.

وقد يسمى بعض هذه البروج بأسماء أخرى. فالحمل يسمى الكبش ، والتوأمان ، الجوزاء ، والسنبلة العذراء ، والعقرب الصورة ، والقوس الرامي ، والحوت السمكة ، ويسمى أيضا الرشاء. أنظر الأنواء ١٢٠ ـ ١٢١ ، والأزمنة ١ / ٢٢٠ ـ ٢٢١.

ومن هذه البروج ما يشاكل اسمه صورته ، ومنها ما لا يشاكل اسمه صورته. أنظر الأنواء ١٢١ ، والأزمنة ١ / ٢٢٠.

٦٦

ولحلول الشمس بهذه البروج أوقات معلومة ، ولقطعها إياها مدد محدودة. وقد ذكرها المؤلف في آخر (باب ذكر أزمنة السنة وفصولها ..) الآتي حين كلامه على الفصول. فانظرها هناك.

٤ ـ شيء يسير من أول (باب ذكر مشاهير الكواكب ...) ونرى أن النقص هاهنا لا يعدو بضعة سطور على الأغلب.

٦٧

باب

ذكر مشاهير الكواكب وما داناها (*)

(بنات نعش الصغرى (١))

... ومن البنات كوكبان خفيّان ، وهما اللذان يليان النّعش. والثالث من البنات كوكب كبير أزهر يسمّى الجدي (٢) وبه تعرف القبلة.

ويتّصل ببنات نعش هذه كواكب خفيّة تسمّى فأس القطب. وهي متناسقة (٣) على شكل القوس ، آخذة من الجدي إلى الفرقد المحاذي له.

فإذا أنت تأمّلت بنات نعش الصغرى مع هذه الكواكب التي تسمّى فأس القطب رأيت فيها صورة سمكة ، رأسها الفرقد الأدنى إلى القطب ، وذنبها الجدي الذي تعرف (٤) به القبلة. وهذه صورة ذلك (٥).

__________________

(*) سمى ابن قتيبة هذا الباب بهذا الإسم في كتاب الأنواء (ص ١٤٥) فأخذناه عنه.

(١) بدأ ابن قتيبة في كتاب الأنواء هذا الباب بنجوم بنات نعش الصغرى ونرجح أن يكون المؤلف قد بدأ بها أيضا. ونذكرها هنا ما قاله ابن قتيبة في بنات نعش الصغرى إلى الموضع الذي تتم فيه سياقة هذا الباب. قال : «وبنات نعش الصغرى من الكواكب الشامية. وهي أقرب مشاهير الكواكب إلى القطب. وهي سبعة كواكب ، على شبيه بتأليف بنات نعش الكبرى ، أربعة منها نعش ، وثلاثة بنات. ومن الأربعة الفرقدان ، وهما المتقدمان. والآخران وراءهما خفيان ...».

(٢) ويسمى جدي بنات نعش. وبه تعرف القبلة ، وبه يقع الاستدلال ، لأنه لا يزال. وهذا الجدي ليس الجدي المعروف في البروج. أنظر الأنواء ١٢٢ ، ١٤٦.

(٣) في الأصل المخطوط : متناسبة ، وهو تصحيف. وقد درج المؤلف على استعمال لفظ متناسقة بهذا المعنى في غير مكان من الكتاب.

(٤) في الأصل المخطوط : يعرف.

(٥) لم يمكن إثبات الصورة هاهنا وسنعمل على إلحاقها في آخر الكتاب.

٦٨

وقد احتوت هذه السمكة على القطب ، وهو النقطة المطموسة إلى جانب الجدي. فهي تدور عليه. وليس هو في وسطها كما يتوهّم الناس ، ولكنه عند ذنبها ، قريبا من الجدي. وأقرب كواكب السماء منه الكوكب الذي يلي الجدي من الكواكب الخفيّة التي تسمى فأس القطب. وليس القطب بكوكب ، ولا في موضعه كوكب البتة.

(بنات نعش الكبرى)

وهي سبعة كواكب ، على نحو تأليف الصغرى. إلّا أن كواكب الكبرى ظاهرة كلّها. فالأربعة منها التي على شكل التربيع هي التي تسمّى نعشا. والثلاثة بناته.

وحذاء الأوسط من البنات نجم صغير جدا ، يكاد يلتقي به ، يسمّى السّها. وبه يضرب المثل في الخفاء فيقال : «أريها السّها وتريني القمر» (١). والناس يمتحنون أبصارهم به ، فمن ضعف بصره لم يره. ويروى أنّ أصحاب الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كانوا يفعلون ذلك. والمنجمون يسمون بنات نعش الكبرى. الدّبّ الأكبر والصغرى الدّب الأصغر.

والكبرى تدور على الصغرى. ولا تغيب (٢) في شيء من البلدان الشمالية وتغيب (٣) في البلدان الجنوبية.

__________________

(١) هذا مثل للعرب يضرب لمن يغالط فيما لا يخفى. أنظر مجمع الأمثال ١ / ٢٩١ والأنواء ١٤٨.

(٢) في الأصل المخطوط : يغيب ، وهو غلط.

(٣) في الأصل المخطوط : تصيب ، وهو تصحيف.

٦٩

العوائذ (١)

ويسمّيها (٢) المنجمون رأس التّيس. وهي أربعة كواكب في تربيعها اختلاف. وفي وسطها كوكب سحابي كأنه لخطة غيم يسمّى الرّبع. فشبّهت العرب هذه الكواكب بنوق عوائذ (٣) ، عطفن على ربع والعوائذ : الحديثات النّتاج.

وبين يدي العوائذ كوكب صغير يسمّى الراقص. ويسمّيه المنجمون لسان الحيّة.

والعوائذ ٥ فيما بين النّسر الواقع وبنات نعش.

الفكّة

وخلف السّماك الرامح الفكّة ، وهي كواكب مستديرة فيها كوكب نيّر أنورها ، يسمّى منير الفكّة. وفيها موضع لم يتّصل به الكوكب فصار كالثّلمة فيها ، ولذلك تسمّيها العامة قصعة المساكين. والمنجمون يسمّونها الإكليل الشماليّ.

__________________

(١) في الأصل المخطوط : العوائد ، وهو تصحيف.

(٢) في الأصل المخطوط : تسميها.

(٣) في الأصل المخطوط : عواذد ، وهو تصحيف.

٧٠

النّسران

وهما النّسر الواقع ، والنّسر الطائر.

فالواقع منهما عن يمينك إذا نظرت إلى العوائذ (١). وهو كوكب كبير أزهر ، خلفه كوكبان أصغر منه يضمّان إليه فتكون الثلاثة كالأثافيّ. ويقال إنّ الكوكبين جناحاه ، وقد ضمّهما ، فلذلك سمي واقعا. وبإزائه مما يلي الجنوب النّسر الطائر. وهو كوكب أنور بين كوكبين أصغر منه ، يقال هما جناحاه وقد بسطهما ، فلذلك سمّي طائرا.

وكلا النّسرين شآم. والواقع منهما يطالع (٢) قلب العقرب والطائر يحاذي سعد الذابح. والمنجمون يسمّون النّسر الطائر العقاب.

الفوارس والرّدف

وخلف النّسر الواقع أربعة كواكب بيض مصطفّة قد قطعت المجرّة عرضا ، يسمّيها (٣) العرب الفوارس ، شبّهتها بأربعة فوارس يتسايرون.

__________________

(١) في الأصل المخطوط : العوائد ، وهو تصحيف.

(٢) يطالعه : أي يطلع معه (الأنواد ١٥١).

(٣) في الأصل المخطوط : تسميها.

٧١

وراءها بالقرب منها كوكب أزهر يسمّونه الرّدف ، لأنه يتلو الأربعة كأنه ردف لها. والمنجمون يسمّونه ذنب الدجاجة والفوارس عندهم من صورة الدجاجة أيضا.

الصّليب

وخلف النّسر الطائر الصّليب. وهو أربعة كواكب متقاربة على هيئة الصليب ، ويسمّى القعود أيضا.

الكفّ الخضيب

وفي المجرّة ، بحيال السّمكة المعدودة في المنازل ، من ناحية الشّمال ، خمسة كواكب بيض نيّرة ، أربعة منها مصطفة وواحد فوقها يقال له الكف الخضيب. وهي كفّ الثريّا المتوسطة (١). ويقال لها سنام الناقة ، لأنها في خلقة السّنام. فهي للثّريّا كفّ ، وللناقة سنام.

والناقة على خلقة النجيبة الضامرة ، الدقيقة العنق الصغيرة الرأس. وعنقها كواكب صغار متناسقة ، ابتدأت من السّنام ، ثم هبطت حيال السّمكة ، ثم ارتفعت ارتفاع العنق (٢) ، واتّصل بها الرأس. وهي أربعة كواكب متقاربة. أحدها في وسطها.

__________________

(١) أنظر الأنواء ٣٢ ـ ٣٣.

(٢) وفي الأزمنة ٢ / ٣٧٦ : العنق ، وفي الأنواء ٣٣ : العيوق.

٧٢

وتحت الكفّ الخضيب كواكب كثيرة غير بيّنة الانتظام يقال هي جفرة (١) الناقة ، أي معظم وسطها.

وهناك كوكب سحابيّ كأنه لطخة يسمّى معصم الثّريّا. ومنهم من يجعله وسما في فخذ الناقة.

الكفّ الجذماء

وللثّريّا كفّ أخرى ، عن يمينك إذا نظرت إليها ، يقال لها الجذماء. وهي كفّها اليسرى (٢). وهي كواكب أسفل من الشّرطين. سمّيت جذماء لنقصانها عن الكفّ الخضيب التي هي كفّها اليمين.

وإذا نظرت إلى الثّريّا عند استقبالها رأيت سطرا من كواكب عن يمينها ، قد امتدّت من عندها حتى اتصلت بالكفّ الخضيب ، تسمّى يد الثّريّا المبسوطة. وعن يسارها أيضا كواكب ممدودة من عندها نحو الجنوب امتدادا يسيرا تسمّى يد الثّريّا (المقبوضة).

__________________

(١) في الأصل المخطوط : حفرة ، وهو تصحيف.

(٢) في الأصل المخطوط : السرى ، وهو تصحيف.

٧٣

العيّوق

وراء الكفّ الخضيب كوكب عظيم نيّر (١) في حاشية المجرّة الشمالية يسمّى العيّوق. ويقال له : عيّوق الثّريّا ، لأنه يطلع بطلوع الثّريّا ، ولكنه لا يغيب معها ، بل تغيب الثّريّا ، ويبقى مرتفعا عن الأفق ارتفاعا كثيرا.

وتحت العيّوق كوكب يقال له العنز.

وبالقرب منه كوكبان متقاربان يسمّيان الخذنين.

وراء العيّوق ثلاثة كواكب زهر منفرجة قد قطعت المجرّة عرضا. فالمجرّة سالكة فيها الكوكبين الجنوبيّين (٢) منها (٣) وتسمّى توابع العيّوق ، ويقال لها الأعلام (٤).

العذرة

ومن اليمانية (٥) العذرة. وهي خمسة كواكب بيض أسفل من الشّعرى العبور ، في الحاشية الغربية (٦) من المجرّة ، يسمّيها (٧) العرب عذرة الجوزاء. وقد سمّوها العذارى أيضا.

__________________

(١) في الأصل المخطوط : بين ، وهو تصحيف ، والتصويب من الأزمنة ٢ / ٣٧٧

(٢) في الأصل المخطوط : الجونبين.

(٣) في الأصل المخطوط : منهما ، وهو غلط.

(٤) وإلى هنا ينتهي تعداد مشاهير النجوم الشامية ، أي الشمالية الواقعة في نصف الكرة الشمالي. وبعد ذلك يبدأ المؤلف بالنجوم اليمانية ، وهي الجنوبية الواقعة في نصف الكرة الجنوبي.

(٥) في الأصل المخطوط : الثمانية : وهو تصحيف.

(٦) في الأصل المخطوط : في الخامسة القريبة ، وهما تصحيف.

(٧) في الأصل المخطوط : تسميها.

٧٤

الكوكب الفرد

وتحت الجبهة مما يلي الجنوب كواكب قد تناسقت على تعريج ، حتّى قربت من عرش (١) السّماك.

وفيها كوكب هو أضوؤها يسمّيه (٢) المنجمون عنق الجبهة ويسمّيه (٢) العرب الفرد. وإيّاه عنى الشاعر بقوله :

وقد مالت الجوزاد بالكوكب الفرد (٣).

عرش السّماك

ويقال له عجز الأسد. ويسمّي الخباء أيضا. وهو أربعة كواكب مرتفعة بين يدي السّماك الأعزل ، متحدّرة عنه في الجنوب. وربما عدل القمر عن السّماك فنزل مما يليها.

__________________

(١) في الأصل المخطوط : عرس ، وهو تصحيف.

(٢) في الأصل المخطوط : يسميه.

(٢) في الأصل المخطوط : يسميه.

(٣) الشطر لأبي الهندي عبد المؤمن بن عبد القدوس بن شبث بن ربعي الرياحي ، وهو شاعر إسلامي أدرك العباسية ، (الشعراء ٦٦٣ ـ ٦٦٤ ، والأغاني ٢١ / ١٧٧ ـ ١٨٠ ، واللآلي ١٦٨ ، ٢٠٨).

والشطر في الأنواء ٥٧ ، والأزمنة ٢ / ٣٨٠.

٧٥

الخيل

وبين يدي الشّولة ، فوق المجرّة كواكب نيّرة ، أكثر من العشرة ، وتسمّى الخيل. وفيها ستّة كواكب متفرقة في ثلاثة أمكنة ، في كل مكان منها كوكبان متقاربان.

وفيها بين كواكب الخيل كواكب صغار تسمّى أفلاء الخيل.

الشّماريخ

وهي كواكب كثيرة نيّرة مجتمعة. سمّيت شماريخ لاجتماعها واختلاط بعضها ، كأنها شماريخ كباسة. وهي أسفل من عرش (١) السّماك ، وبين الزّبانيين (٢).

سهيل

وبحيال العذرة إذا كانت في وسط السماء سهيل اليماني. وهو كوكب عظيم أحمر ، تراها زبدا كأنه يضطرب ، لقربه من الأفق. وهو يطلع من أفق الجنوب ، ويجري شيئا شيئا ، ثم يغيب قريبا من مطلعه. وهو يرى باليمن والحجاز ، وبالعراق ومصر ،

__________________

(١) في الأصل المخطوط : عرس ، وهو تصحيف.

(٢) في الأصل المخطوط : الزبايين ، وهو تصحيف.

٧٦

وبعض بلدان المغرب ؛ ولا يرى بالأندلس ، ولا بخراسان ، ولا في شيء من إرمينية. وليس في كل السّنة يكون مرئيا في البلدان التي يرى فيها. وأول أوقات رويته في آخر القيظ ، يرى طالعا مع طلوع الفجر. ثم لا يزال طلوعه يتقدّم على طلوع الفجر إلى أن يرى طالعا في أول الليل. وذلك في أيام سقوط النّثرة. أو قريبا من ذلك. ثم لا يزال يرى بالعشاء إلى أن ينصرم الشتاء ، وينوء السّماك الأعزل ، فيستتر حينئذ ، أي يغيب ، فلا يرى حتى يبدو طالعا مع الفجر في مثل الوقت الذي طلع فيه من السّنة الماضية.

وتحت سهيل كوكبان يقال لهما قدما سهيل.

والمحنث : كونب يطلع قبل سهيل. وهو شبيه به ، فيظنّ من يراه أنه سهيل ، ويحلف على ذلك. فإذا طلع سهيل تبيّن أنه غيره فيحنث.

السّعود

والسّعود عشرة أربعة منها تعدّ في المنازل ، وقد ذكرناها والستة الباقية غير معدودة في المنازل ، وهي :

سعد ناشرة ، وسعد الملك ، وسعد البهام (١) ، وسعد الهمام ، وسعد البارع (٢) ، وسعد مطر (٣) ، وهي متناسقة في جهة الدّلو. وكلّ سعد منها (٤) كوكبان ، بينهما كنحو ما بين سعود المنازل وكواكبها خفيّة غير نيّرة.

__________________

(١) في الأصل المخطوط : الهان ، وهو تصحيف.

(٢) في الأصل المخطوط : البازغ ، وهو تصحيف.

(٣) في الأصل المخطوط : سعد المطر ، وأغلب الظن أنه غلط لأن المشهور بغير ألف ولام.

(٤) في الأصل المخطوط : منهما ، وهو غلط.

٧٧

فأوّلها سعد ناشرة ، وهي أسفل من سعد الأخبية. وهو يطلع مع طلوع الشّرطين ، وعلى أثره سعد الملك ، ثم سعد البهام (وتحته كواكب صغار مستديرة ، تسمّى الرّبق. والرّبق) حبل يمدّ بين وتدين (١) ، فيه عرى تدخل في أعناق البهم (٢). وعلى أثره سعد الهمام ، وهو بين يدي الكوكب الجنوبي من الفرغ (٣) الأول ثم سعد البارع (٤) ، وسعد مطر ، وهما بين منكب الفرس ، وهو الكوكب الشّمالي من الفرغ الأوّل. والذي يلي الجنوب منهما هو سعد البارع (٥).

السّفينة

وهي كواكب خفّية متتابعة ، تشبه السفينة. ومقدّمها عند سعد البهام ، ومؤخّرها عند السّمكة.

__________________

(١) الزيادة من الأنواء ٨١ ، والأزمنة ٢ / ٢٨٢ ـ ٢٨٣.

(٢) البهم : أولاد الضأن ، واحدها بهمة.

(٣) في الأصل المخطوط هنا وفيما يلي : الفرع ، وهو تصحيف.

(٤) في الأصل المخطوط هنا وفيما يلي : البازغ ، وهو تصحيف.

(٥) أنظر لنجوم السعود ، الأنواء ٨١ ، والأزمنة ٢ / ٣٨٣ ـ ٣٨٣ ، واللسان (سعد)

٧٨

باب

النجوم السيارة

وهي سبعة : الشمس والقمر ، والخمس الدّراري التي تسمّى الخنّس ، وتسمّى المتحيّرة أيضا ، وهي : زحل والمشتري والمرّيخ والزّهرة وعطارد. وهي تسير كلّها من المغرب إلى المشرق وذلك (سيرها المستقيم في فلك) البروج ، (ثم) يحملها سرعة سيرها (١) من المشرق إلى المغرب فتغيب بها وتطلع (٢).

وإنّما سمّيت الخمسة خنّسا ومتحيّرة لأنها تسير في الفلك من المغرب إلى المشرق ، وذلك سيرها المستقيم. ثم تقهقر راجعة في طريقها ، فتسير من المشرق إلى المغرب. فبينا يرى أحدها في آخر البروج كرّ راجعا نحو أوّله. وكلّ من استمرّ في طريق ثم رجع فقد خنس. ولذلك سمّي الشيطان ، لعنه الله ، خنّاسا (٣) ، لأنه يوسوس ، فإذا ذكر الله عزوجل خنس ، أي أدبر راجعا.

ويشبّه (٤) المنجّمون هذه الكواكب في رجوعها بمن تحيّر في سيره ، فلم يدر أي جهة يقصد إليها. فهو يقبل في طريقة ويدبر. فلذلك سمّوها متحيّرة.

وسير هذه الكواكب في الفلك مختلف. فيزعم أهل الحساب أنّ ما كان منها فوق الشمس فهو أبطأ سيرا ؛ وما كان دون الشمس فهو أسرع سيرا. وقالوا : فأعلاها زحل ، وتحته المشتري ، وتحت المشتري المرّيخ ، وتحت المريخ الشمس ، وتحت

__________________

(١) في الأصل المخطوط : سيره.

(٢) في الأصل المخطوط : فيغيب بها ويطلع.

والجملة غير واضحة المعنى تماما ، كأنه قد سقط منها شيء لم نهتد إليه. والفقرة التالية توضح معناها على كل حال.

(٣) إشارة إلى قوله تعالى : (مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ ، الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ) سورة الناس ١١٤ / ٤ ـ ٥.

(٤) في الأصل المخطوط : تشبه.

٧٩

الشمس الزّهرة ، وتحت الزّهرة عطارد ، وتحت عطارد القمر ، وهو أدناها إلى الأرض ، وأسرعها سيرا. والشمس متوسّطة ، ثلاثة فوقها ، وثلاثة تحتها.

ذكر الشمس

الشمس تقطع الفلك في كل سنة عجميّة (١) مرة واحدة. وتقيم في كل برج من البروج الشّمالية أحدا وثلاثين يوما. ومنها ما تقيم (٢) فيه تسعة وعشرين يوما وجزءا من يوم.

وقطعها للمنازل مختلف أيضا ، لأن أبعاد المنازل مختلفة فمنها ما يقرب بعضه من بعض ، ومنها ما يبعد. إلّا أنّ الناس قد قسموا أيام الشمس عليها بالسواء ، فجعلوا مدّة طلوع المنزلة ومدّة سقوطها (ومدة طلوع المنزلة التالية ومدة سقوطها واحدا). وإنما استعملوا ذلك على التقريب ، ولم يطلبوا الحقيقة.

وللشمس عند العرب أسماء ، منها ذكاء ، ممدود لا ينصرف ، سمّيت بذلك لأنها تذكو كما تذكو النار. ولذلك قيل للصبح ابن ذكاء ، لأنه من ضوئها ، ومن أسمائها أيضا الغزالة ، وبوح (٣) وبراح (٤) ، والجونة ؛ سمّيت جونة لشدة بياضها ، والجون أيضا الأسود ، وهو من الأضداد. ومن أسمائها الإلهة ، ويقال لاهة ، بغير ألف ولام ، قال الشاعر :

__________________

(١) يريد سنة شمسية.

(٢) في الأصل المخطوط : يقيم ، وهو غلط.

(٣) بوح : معرفة مؤنث ، وسميت الشمس بذلك لظهورها. وقيل : بوح ، بياء بنقطتين (اللسان : بوح).

(٤) براح : معرفة مؤنث ، على فعال ، مثل قطام ، وسميت الشمس بذلك لانتشارها وبيانها.

ويقال للشمس إذا غربت : دلكت براح ، على فعال ، والمعنى أنها زالت وبرحت حين غربت ، فبراح بمعنى بارحة. ويقال براح أيضا (اللسان : برح)

٨٠