شرح زيارة عاشوراء

الشيخ أبي المعالي الكلباسي

شرح زيارة عاشوراء

المؤلف:

الشيخ أبي المعالي الكلباسي


المحقق: الشيخ يوسف أحمد الأحسائي
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: منشورات دار الصديقة الشهيدة عليها السلام
المطبعة: شريعت
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-8438-50-5
الصفحات: ٢٩٦

خصوصاً سادات بني حسين. فلمّا وصلوا إلى استنبول أمر السلطان لهم بالضيافة والإحترام ، فقال لوزيره : نحبّ أن نصلّي هذه الجمعة خلف أعلمهم لأنّهم من أهل المدينة ، فعيّنوا يوم الجمعة إماماً منهم ، وصلّى السلطان والناس خلفه ، فلمّا أتى على القراءة ترك قراءة البسملة مع أنه شافعي المذهب ومن مذهبه وجوبها ، فلمّا فرغ من الصلاة سأله السلطان : لم تركت قراءة البسملة؟ فقال : رعاية لمذهب السُّلطان لأنه حنفيّ. فقال له السلطان : الدين خصوصاً العبادة لا يجوز فيه رعاية السلاطين لأنها عبادة الله سبحانه لا للسّلطان ولا تقية هنا الجأتك إلى هذا ؛ لأن الكلّ عندنا محق ، الحنفي والشافعي ، وأيضاً بترك البسملة يبطل صلاتك لاعتقادك وجوبها ، وإذا بطلت صلاة الإمام بطلت صلاة المأموم ، فأمر عليهم بضرب الأعناق ، فالتمس الوزير منه بالعفو عن قتلهم وأن يخرجوا من البلد في تلك الساعة على أخسّ حال وأقبح هيئة.

فركبوا في السفن قادمين إلى المدينة ، فلمّا توسّطوا البحر مات منهم جماعة وقدم أقلهم إلى المدينة ، فما بقوا إلّا أياماً قليلة حتى أتى الله سبحانه على أعمارهم ، فانقطعت مادة الفساد».

وانظر أيّها اللبيب أنّ الله سبحانه كيف يجازي العمل ، وكيف يُدبّر ، وكيف يحدث الخيال ، فتفرّغ وانقطع إليه في جميع الأحوال ، وقد رأيت عجائب من مجازات الأعمال وإحداث الخيال في المحصّلات والمنقولات ، ولنعم ما حكي من يوسف من التعجّب من تدابير الله سبحانه.

٢٤١

[التنبيه] السابع والعشرون :

في حال رواية سند زيارة عاشوراء ودعاء الوداع

في سند رواية كامل الزيارة

في تحرير حال ما تقدم من سند رواية الزيارة المتقدّمة وسند رواية دعاء الوداع.

سند رواية كامل الزيارة

أمّا رواية كامل الزيارة فسندها المتقدم : حكيم بن داود وغيره ، عن محمّد بن موسى الهمْداني ، عن محمّد بن خالد الطيالسي ، عن سيف بن عميرة وصالح بن عقبة معاً ، عن علقمة بن محمّد الحضرمي ومحمّد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن مالك الجهني ، عن أبي جعفر عليه السلام.

أما حكيم بن داود : فهو غير مذكور في الرجال ، لكن لا ضير فيه بواسطة مشاركة غيره معه في الرواية ، بناء على أنّ الظاهر كون الغير واحداً أو اثنين ، فيحصل شبيه الاستفاضة بناءً على كون المدار في الاستفاضة على ما فوق الإثنين لو كان الغير واحداً ، ونفس الاستفاضة بناءً على كون المدار على ما فوق الواحد لو كان الغير واحداً أو اثنين ، وكذا الحال بناءً على كون المدار فيها على ما فوق الإثنين لو كان الغير اثنين ، وعلى الأوّل تتأتى الشباهة من جهة أخرى أيضاً ، وإنما قلنا يحصل نظير الاستفاضة إذ المدار في الاستفاضة على تعدّد تمام السند ، والمتعدّد هنا جزء السّند ، وأما كفاية نظير الاستفاضة وهي بواسطة خروج الأمر عن مورد الإجماع على عدم الحجيّة لعدم اعتبار الخبر الضعيف إجماعاً ، كما هو الحال في الإستفاضة فيتأتّى الحجيّة ، بناء على حجيّة مطلق الظن ، وكذا بناءً على حجيّة الظنون الخاصّة

٢٤٢

لمجيء التبيّن ، ونظير الأمر في المقام بناءً على حجيّة مطلق الظن ما لو كان الأخبار في الاستقراء في الأخبار ضعيفة ، حيث إنه يتأتى حينئذٍ حجيّة الظن الناشئ من الإستقراء وأن كان كل من الأخبار ضعيفة ، لخروج الظن الناشئ من الإستقراء عن الإجماع على عدم اعتبار الخبر الضعيف لاختصاصه بالخبر الضعيف المنفرد في مورده ولا يرتبط هذا بالظن الناشئ من مجموع الأخبار الضعيفة المتعدّدة ، وأما بناءً على حجيّة الظنون الخاصة فلا يتأتى الحجيّة.

وإن قلت : إنّه يتأتى التبين فيتأتى الحجيّة.

قلت : إنه لابدّ في باب التبيّن من اختلاف المتبين عنه والمتبيّن به كما في الخبر الضعيف المنجبر بالشهرة ، وليس في المقام إلّا أمر واحد أعني الظنّ بالكلية الناشئ من الأخبار الضعيفة.

إلّا أن يقال : إنه إنّما يتأتى لو كان الإستقراء بحسب الأفراد على مقدار لا يفيد ما دونه الظنّ بالكليّة وأما لو كان نصف أفراد الإستقراء مثلاً كافياً في الظنّ بالكليّة فيتأتى التبين لانجبار الظنّ بالكلّيّة الناشئ من طائفة أخرى من الأخبار.

وإن قلت : إنه حينئذٍ يتحصّل العلم لانضمام الظنّ بالظن ، وهو خلاف المفروض.

قلت : غاية الأمر قوة الظنّ ولا يلزم حصول العلم.

وأما محمّد بن موسى الهمْداني : فقد حكى النجاشي أنّه «ضعفه القميّون بالغلوّ ، وكان ابن الوليد يقول : إنّه كان يضع الحديث والله أعلم» (١).

وقال في الخلاصة : «يروي عن الضعفاء ، ضعفه القمّيون بالغلو ، وكان ابن الوليد يقول إنه كان يضع الحديث ، والله أعلم» (٢).

__________________

(١) رجال النجاشي : ٣٣٨ ، ترجمة ٩٠٤.

(٢) خلاصة الأقوال ـ القسم الثاني : ٤٠١ ، ترجمة ١٦١٨.

٢٤٣

وقال ابن الغضائري : «إنّه ضعيف يروي عن الضعفا ، ويجوز أن يخرج شاهداً ، تكلّم القمّيون فيه فأكثروا واستثنوا من كتاب نوادر الحكمة ما رواه» (١).

قوله : «من كتاب نوادر الحكمة».

قد ذكر النجاشي في ترجمة محمّد بن أحمد بن يحيى الأشعري (٢) : «أنّ له كتباً منها كتاب نوادر الحكمة» ، والظاهر أنّ المقصود بالحكمة المضاف إليها النوادر هو الأخبار المتعلقة بالأمور المربوطة بالعقل كأصول الدين وغيرها ، وقد ذكر النجاشي أيضاً : «أنّ نوادر الحكمة يعرفه القميون بـ (دبة شبيب) وشبيب كان فامياً بقم له دبة ذات بيوت يعطى منها ما يطلب منها فشبهوا هذا الكتاب بذلك».

قوله : «بدبة شبيب».

الدّبة بالفتح ظرف الدّهن كما في الطراز نقلاً ، وفي الجمع «الدبة بفتح المهملة وتشديد الموحّدة وعاء يوضع فيه الدهن[ونحوه] و (دبة شبيب) اسم كتاب نوادر الحكمة لمحمد بن أحمد بن يحيى ، وشبيب رجل كان بقم له دبة ذات بيوت يعطي منها ما يطلب [من دهن] منه ، فشبّهوا هذا الكتاب به [بها] (٣).

قوله : «كان فامياً».

قال في «الصحاح» : «الفوْم الحمّص (٤) لغة شامية ، وبائعة فامي [مغير عن

__________________

(١) بناء على نقل العلّامة في الخلاصة المصدر السابق.

(٢) رجال النجاشي : ٣٤٨ ، ترجمة ٩٣٩.

(٣) مجمع البحرين : ٢: ٦ ، مادّة «دبة».

قوله : «الحمص» ـ بكسر الحاء وتشديد الميم المفتوحة ـ كما عن تغلب ، أو المكسورة كما عن المبرد ، وفيما رواه الكليني بسنده : عن رفاعة ، عن أبي عبدالله عليه السلام : «أنّ العدس تسمّونه الحمص ، ونحن نسمّيه العدس».

(٤) وروى أيضاً بسنده : عن معاوية بن عمّار ، قال : «قلت لأبي عبدالله عليه السلام : إنّ الناس»

٢٤٤

فومي] لأنّهم قد يغيّرون في النسب» (١).

وفي «المجمع» في ندر : «وكتاب نوادر الحكمة تأليف الشيخ الجليل محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري القمّي يشتمل على كتب عديدة ، وعن ابن شهرآشوب أن كتاب نوادر الحكمة اثنان وعشرون كتاباً» (٢).

وقد حكى النجاشي في ترجمة محمّد بن أحمد بن يحيى «أنه استثنى محمّد بن الحسن بن الوليد من روايات محمّد بن يحيى ما رواه محمّد بن موسى الهمْداني ومحمّد بن عيسى بن عبيد وغيرهما من جماعة وكذا أصنافاً من رواياته.

وحكى عن أبي العباس بن نوح أنه قال : وقد أصاب شيخنا أبو جعفر محمّد بن الحسن بن الوليد في ذلك كلّه وتبعه أبو جعفر بن بابويه رحمه الله على ذلك إلّا في محمّد بن عيسى بن عبيد فلا أدري ما رابه فيه لأنه كان على ظاهر العدالة والثقة» (٣).

وقد حكى العلّامة في «الخلاصة» في الفائدة الرابعة (٤) من الفوائد المرسومة في آخرها عن ابن الوليد وابن نوح ما سمعت حكايته عن النجاشي.

__________________

«يروون أنّ العدس بارك عليه سبعون نبيّاً. فقال : هو الذي يسمّونه عندكم الحمّص ونحن نسمّيه العدس» ، ومقتضاه تطرّق المعنى الجديد في باب العدس يكون المقصود به في لسان النبيّ صلى الله عليه وآله والأئمّة عليهم السلام الحمّص ، وبملاحظة ما ذكر من الخبرين حمل في الوسائل ما روي عن أبي عبدالله عليه السلام : قيل له : إنّ هؤلاء يقولون إنّ العدس قدّس عليه ثمانون نبيّاً. فقال : كذبوا، لا والله ولا عشرون نبيّاً» على العدس بالمعنى اللغوي ، وحمل ما دلّ على أنّ أكل العدس يرقّ القلب ، ويسرع الدمعة على الحمص. منه رحمه الله.

(١) صحاح الجوهري : ٥: ٢٠٠٥ ، مادّة «فوم».

(٢) مجمع البحرين : ٤: ٢٨٨ ، مادّة «ندر».

(٣) رجال النجاشي : ٣٤٨ ، ترجمة ٩٣٩.

(٤) خلاصة الأقوال : ٤٣٠ ، الفائدة الرابعة.

٢٤٥

وقد حكى العلّامة في الخلاصة في ترجمة خالد بن سدير (١) عن الشيخ الطوسي أنه قال : له كتاب ، ذكر أبو جعفر محمّد بن علي بن بابويه عن محمّد بن الحسن بن الوليد أنه قال : لا أرويه ؛ لأنه موضوع وضعه [محمّد بن موسى الهمْداني].

ومقصوده بما حكاه عن الشيخ ماقاله في «الفهرست».

وقال في «الفهرست» في ترجمة محمّد بن أحمد بن يحيى : «وقال محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه : إلّا ما كان فيه تخليط ، وهو الذي يكون طريقه محمّد بن موسى الهمْداني ...» (٢) إلى آخر ما قاله.

وضعفه في المشتركات (٣).

وفي «الفقيه» في آخر باب صوم يوم التطوّع : «وأما خبر صلاة يوم غدير خم والثواب المذكور فيه لمن صامه ، كان شيخنا محمّد بن الحسن رضي الله عنه كان لا يصحّحه ، ويقول إنه من طريق محمّد بن موسى الهمْداني ، وكان غير ثقة ، وكل ما لم يصحّحه ذلك الشيخ رحمه الله ولم يحكم بصحته من الأخبار فهو عندنا متروك غير صحيح» (٤) ، انتهى.

أقول : إنّ تضعيف القميّين غير موجب لضعف الخبر ، ولا سيّما بالغلو ؛ لأنّه لا ينافي اعتبار الخبر خصوصاً مع ما ذكره النجاشي من أنّ محمّد بن موسي الهمْداني له كتاب في الردّ علي الغلاة ، لكن نسبة وضع الحديث يوجب ضعفه بنفسه ، بل عدم ثبوت اعتباره يكفي في عدم اعتبار خبره.

فما قيل : يمكن إرجاع هذه الكلمات إلى تضعيف القمّيين ومحمّد بن الحسن بن

__________________

(١) خلاصة الأقوال ـ القسم الثاني : ٣٤٤ ، ترجمة ١٣٦٣ ـ ٢.

(٢) فهرست الشيخ : ٤٠٠ ، ترجمة ٦٢٣.

(٣) الظاهر أنّ مراده بالمشتركات : هداية المحدّثين للكاظمي.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ٢: ٩٠/١٨١٧.

٢٤٦

الوليد شيخ القمّيين ووجههم ، والنجاشي ترديد له في ضعفه ، حيث نسب التضعيف والرمي بالغلو إلى القميين ، ثم نسب إلى ابن الوليد ما نسب ، ثم قال : والله اعلم ، وقريب منه كلام ابن الغضائري وقد صرّح بأنه يجوز أن يخرج روايته شاهداً ، وقد ذكر أوّل المجلسيين في حاشية الفقيه : أنه كتب الردّ على الغلاة ، والحاصل : أنه لم يتحقق ضعفه.

يضعف : بأنه لا حاجة إلى تحقّ الضعف ، بل يكفي عدم ثبوت الإعتبار ، مع أن نسبة وضع الحديث من ابن الوليد لا يكون مستنداً إلى رمي القميين بالغلو حتى لا يكون معتبراً.

وأما محمّد بن خالد الطيالسي : فقد ذكر الشيخ في الفهرست «له كتاباً» (١).

وهذا ومثله يوجب حسن الحديث على ما يقتضيه صريح بعض الكلمات.

لكن الحق في اعتبار الحديث الحسن على أنّ المدار على مايوجب الظن بالصدور ، بل على هذا المنوال الحال في نحو فاضل.

في أن الشيخ في الرجال كثيراً ما ذكر الرجل تارة في باب من يروي وأخرى في باب من لم يرو.

وقد ذكره الشيخ في الرجال تارة في أصحاب الكاظم عليه السلام (٢) ، وأخرى في باب من لم يرو (٣).

__________________

(١) فهرست الشيخ : ٤٢١ ، ترجمة ٦٤٩.

(٢) رجال الشيخ : ٣٤٣ ، ترجمة ٥١٢٥ ـ ٢٦ في أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام.

(٣) رجال الشيخ : ٤٤١ ، ترجمة ٦٣٠٤ ـ ٥٤ ، باب من لم يرو عن واحد من الأئمّة عليهم السلام ، حيث قال في ترجمته : «محمّد بن خالد الطيالسي ، يكنّي أبا عبدالله. روى عنه حميد اُصولاً كثيرة ، ومات سنة تسع وخمسين ومأتين ، وله سبع وتسعون سنة».

٢٤٧

ونظيره (١) قد وقع من الشيخ كثيراً ، ويرشد إليه ما ذكره التفرشي في ترجمة القاسم بن محمّد الجوهري من أنّ الشيخ في الرجال قد ذكر كثيراً من الرجال تارة في باب من يروي وأخرى في باب من لم يرو وعد جماعة (٢) ، وذكر تلك المقالة أيضاً في ترجمة معاوية بن حكيم (٣) ، والحسين بن إشكيب (٤) ، وريان بن الصلت (٥) ، بل ذكر في ترجمة عبد الحميد بن سعد : إن ذكر المتحدين بالاختلاف كثير في كلام الشيخ في الرجال ، مع جزمنا بالاتحاد (٦) ، وذكر في ترجمة إبراهيم بن عبدالحميد : إن تعدّد العنوان في كلام الشيخ في الرجال كثير مع عدم التعدد ، كما يظهر من أدنى تتبع (٧) ، وأيضاً قال في باب إبراهيم بن إسحاق (٨).

وقد يقال : إنّ الشيخ كثيراً ما يذكر في باب من لم يرو رجالاً من أصحاب الأئمّة يعلم من مراجعة الكتاب.

__________________

(١) قوله : «ونظيره» قد وقع من الشيخ كثيراً ، قد علّق السيّد السند النجفي في طيّ الفوائد المرسومة في آخر رجاله ، فائدة لما صنعه الشيخ ، وجعله من الإشكال المشهور ، واحتمل في الجواب وجهين ، وحكى ظهور وجهين آخرين من كلام بعض ، وحكم بضعف الكلّ. منه رحمه الله.

(٢) نقد الرجال : ٤: ٤٥ ، ترجمة ٤١٦٩ ـ ٣٦.

(٣) نقد الرجال : ٤: ٣٨٦ ، ترجمة ٥٣٢٤ ـ ٤.

(٤) نقد الرجال : ٢: ٧٩ ، ترجمة ١٤١٨ ـ ٢٢.

وقوله : «إشكيب» ـ بالهمزة المكسورة والشين المعجمة الساكنة والياء المثنّاة التحتانيّة والباء الموحدة ـ ، قوله : «ريّان» ـ بالراء المفتوحة والياء المثنّاة التحتانيّة المشدّدة والنون ـ. منه رحمه الله.

(٥) نقد الرجال : ٢: ٢٤٩ ، ترجمة ٢٠٠٨ ـ ٢.

(٦) نقد الرجال : ٣: ٣٥ ، ترجمة ٢٨١٠ ـ ٨.

(٧) نقد الرجال : ١: ٧١ ، ترجمة ٩٧ ـ ٦٩.

(٨) نقد الرجال : ١: ٥٤، ترجمة ٤٦ ـ ١٨.

٢٤٨

وذكر الشيخ في باب من لم يرو أنه روى عنه علي بن الحسن بن فضال وسعد بن عبد الله ، وكذا روى عنه حميد أصولاً كثيرة (١).

وقد ذكر العلّامة في الخلاصة في ترجمة صائد النهدي : أنه لم يحضره حال محمّد بن خالد الطيالسي (٢).

وأما سيف بن عَمِيرَة : بفتح العين المهملة ، فقد قال النجاشي : كوفي ثقة (٣) ، على ما في نسخة معتبرة وهي على ظهرها وآخر الجزء الأوّل خطّ صاحب المعالم وعلى ظهرها خَاتَمَهُ أيضاً ، وذكر بخطّه في آخر الجزء الأوّل : أن النسخة المعتبرة المنقول عنها كأنها بخط ابن إدريس ، وكان عليها خطوط جماعة من العلماء منهم السيّد عبدالكريم بن طاوس وكان كتابة أصل النسخة على ما ذكره الكاتب في آخر الكتاب من باب الخدمة لصاحب المعالم ، وفي آخر الكتاب أن عمره حينئذٍ كان اثنان وعشرون ، وعلى ذلك حال العبارة في نسخة أخرى معتبرة عندي.

__________________

(١) رجال الشيخ : ٤٣٨ ، ترجمة ٦٢٦١ ـ ١١.

والملاحظ أنّ الشيخ في باب مَن لم يرو عن واحد من الأئمّة عليهم السلام ذكر محمّد بن خالد الطيالسي مرّتين :

أولاهما : هذا الموضع برقم ١١ ، فقال : روى عنه عليّ بن الحسن بن فضّال وسعد بن عبدالله.

وثانيهما : برقم ٥٤ ، وقد تقدّم ذكرها في الحاشية المتقدّمة ، حيث قال : «يكنّى أبا عبدالله. روى عنه حميد اُصولاً كثيرة ، ومات سنة تسع وخمسين ومائتين ، وله سبع وتسعون سنة».

كما ذكره في أصحاب الكاظم عليه السلام مقتصراً على ذكر اسمه ، فقال : «محمّد بن خالد الطيالسي».

(٢) خلاصة الأقوال ـ القسم الثاني : ٣٦٠ ، ترجمة ١٤٢١ ـ ١.

(٣) رجال النجاشي : ١٨٩ ، ترجمة ٥٠٤.

٢٤٩

وحكى ابن داود (١) ، وكذا جماعة من أهل الرجال توثيقه عن النجاشي.

لكن أورد الاسترآبادي على ابن داود بخلو كلام النجاشي عن التوثيق (٢).

وقد وثقه الشيخ في الفهرست (٣) ، والعلّامة في الخلاصة (٤).

وقد حكى الاسترآبادي عن الشهيد [الثاني] في شرح الإرشاد أنّه قال في طيّ قوله : «ولا يجوز نكاح الأمة إلّا بإذن المولى ... الخ» وربّما ضعّف بعضهم سيفاً ، والصحيح [الظاهر] أنّه ثقة (٥).

وعن المنتقى أنه صحّح رواية سيف بن عميرة (٦).

وعن ابن شهر آشوب : أنّه واقفي (٧).

لكن ذكر أوّلُ المجلسيين في شرح مشيخة الفقيه : أن الحكم بوقفه مشكل ؛ لأن علماء الرجال ذكروه بالتوثيق ، ولم يذكروا وقفه ، ولو كان لما خفي عليهم.

وقال العلّامة البهبهاني في التعليقات نقلاً : «قال جدّي : لم نر من أصحاب الرجال وغيرهم ما يدل على وقفه وكأنه وقع عنه سهواً» ، انتهى.

ويروي عنه ابن أبي عمير وفضالة والحسن بن محبوب وغيرهم وهو كثير الرواية

__________________

(١) رجال ابن داود ـ القسم الأوّل : ١٠٨ ، ترجمة ٧٥١.

(٢) منهج المقال.

(٣) فهرست الشيخ : ٢٢٤ ، ترجمة ٣٣٣.

(٤) خلاصة الأقوال ـ القسم الأوّل : ٦٠ ، ترجمة ٤٦٨ ـ ١.

(٥) منتهى المقال : ٣: ٤٣٤ ، ترجمة ١٤١٣.

(٦) كما في كثير من الموارد في منتقى الجمان ، منها : ١: ١١٣ ، حيث صحّح سنداً فيه سيف بن عميرة.

(٧) معالم العلماء : ٩١ ، ترجمة ٣٧٧ ، حيث قال : «سيف بن عميرة ثقة ، من أصحاب الكاظم عليه السلام ، واقفي. له كتاب».

٢٥٠

وسديدها ورواياته مفتى بها ، وليس هذا في نسخة موجودة عندي.

وأما صالح بن عقبة : فهو مشترك بين صالح بن عقبة بن خالد الأسدي وصالح ابن عقبة بن قيس بن سمعان بن أبي ربيحة (١).

أمّا الأوّل (٢) : فقد ذكره النجاشي والشيخ في الفهرست والرّجال والعلّامة في الخلاصة (٣) ، لكن لم يأت أحد من هولاء بتوثيق ولا مدح له ، بل حكى في الخلاصة عن ابن الغضائري أنه كذّاب غال (٤) ، لكن قال أوّلُ المجلسيين في شرح مشيخة

__________________

(١) قوله : «ربيحة» بضمّ الراء والباء المفردة والياء المثنّاة من تحت والحاء المهملة ، كما في الإيضاح. منه رحمه الله.

(٢) وهو صالح بن عقبة بن خالد.

(٣) فقد ذكره النجاشي في رجاله : ٢٠٠ ، ترجمة ٥٣٤ ، والشيخ في الفهرست : ٢٤٥ ، ترجمة ٣٦٢ ، وفي الرجال ذكر في أصحاب الباقر عليه السلام : ١٣٨ ، ترجمة ١٤٥٩ ـ ٤ مقتصراً على اسمه وأسم أبيه (صالح بن عقبة) ، وفي أصحاب الكاظم عليه السلام : ٣٣٨ ، ترجمة ٥٠٣٧ ـ ٢، فقال : «صالح بن عقبة من أصحاب أبي عبدالله عليه السلام».

والظاهر أنّ المراد بمن هو من أصحاب أبي عبدالله عليه السلام هو صالح بن عقبة بن قيس ، وما ذكره في أصحاب الإمام الباقر عليه السلام مطلقاً هو صالح بن عقبة بن خالد ، فيكون صالح بن عقبة بن خالد من أصحاب الإمام الباقر عليه السلام فقط ، وصالح بن عقبة بن قيس من أصحاب الإمامين الصادق والكاظم عليهما السلام.

وأمّا خلاصة العلّامة فلم نعثر فيها على ذكر لصالح بن عقبة بن خالد. نعم ، ذكر أخاه عليّ بن عقبة بن خالد ، وأباه عقبة بن خالد ، وذكر أيضاً صالح بن عقبة بن قيس ، هذا على حسب النسخة التي عندي.

وأمّا خلاصة العلّامة فلم نعثر فيها على ذكر لصالح بن عقبة بن خالد. نعم ، ذكر أخاه عليّ بن عقبة بن خالد ، وأباه عقبة بن خالد ، وذكر أيضاً صالح بن عقبة بن قيس ، هذا على حسب النسخة التي عندي.

(٤) بعد التتبّع في الخلاصة وفي كتاب ابن الغضائري لم نعثر على ذكر لصالح بن عقبة بن خالد ، وإنّما المذكور في الخلاصة في شأن صالح بن عقبة بن قيس ، وهو المعبّر عنه بالكذّاب الغال ، وكذلك في رجال ابن الغضائري ، فراجع الخلاصة ـ القسم الثاني في ترجمة صالح بن عقبة بن قيس.

٢٥١

الفقيه : «أنّ الغلو الذي نسبه ابن الغضائري إليه للأخبار التي تدلّ على جلالة قدر الأئمّة عليهم السلام كما رأيناها وليس فيها غلو ، لكن لا ضير في الرواية عن علقمة لشركة سيف بن عميرة في الرواية عنه».

لكن الظاهر أنّ الراوي عن علقمة هو سبط قيس ، إذ الراوي عن مالك هو سبط قيس بشهادة رواية محمّد بن إسماعيل المقصود به محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، كما يظهر مما تقدم لأنه يروي عن سبط قيس ، والظاهر اتحاد صالحين. نعم محمّد بن إسماعيل بن بزيع يروي عن سبط خالد أيضاً ، لكن بتوسّط محمّد بن أيوب ، ومع ذلك في ترجمة عقبة بن قيس أنّه والد صالح بن عقبة ومقتضاه أنّ صالح بن عقبة كان مشهوراً معروفاً ، فالمعروف سبط قيس فيحمل صالح في المقام على سبط قيس ، لكفاية الشهرة في التعيين في باب المشترك في الأسانيد وغيرها ، وعليه يدور رحى المحاورات العرفيه ، وإن أنكر المحقّق القمّي الترجيح بالشهرة في باب المشترك ، لكنه ليس بالوجه ، كما حرّرناه في الأصول.

وأما علقمة بن محمّد الحضرمي : فقد قال الشيخ في الرجال في باب أصحاب الصادق عليه السلام : علقمة بن محمّد الحضرمي أسند عنه (١) ، ولا دلالة فيه على المدح

__________________

(١) رجال الشيخ ـ أصحاب الإمام الصادق عليه السلام : ٢٦٢ ، ترجمة ٣٧٣٢ ، ـ ٦٤١ ، وفي رجال الشيخ : الكوفي ، ثمّ إنّ الشيخ ذكر في أصحاب الإمام الباقر عليه السلام : ١٤٠ ، ترجمة ١٥٠٣ ـ ٣٩ : «علقمة بن محمّد الحضرمي ، أخو أبي بكر الحضرمي».

وذكر أيضاً في أصحاب الإمام الصادق عليه السلام : ٢٦٧ ، ترجمة ٣٨٣٧ ـ ٧٤٦ : «علقمة بن أبي الحضرمي» ، الظاهر اتّحاد من ذكر في أصحاب الإمام الباقر عليه السلام باسم علقمة بن محمّد الحضرمي مع من ذكر في أصحاب الإمام الصادق عليه السلام باسم علقمة بن محمّد الحضرمي الكوفي ، وهو أخ لعبدالله بن محمّد الحضرمي المكنّي بأبي بكر الحضرمي ، كما أنّ أبا بكر كنية للأب ، وهو محمّد بن شريح الحضرمي المذكور في أصحاب الإمام الباقر عليه السلام ، حيث قال عنه الشيخ : «محمّد بن شريح الحضرمي ، يكنّى أبا بكر» ترجمة ١٥٧٧ ـ ٨ ، وأمّا»

٢٥٢

ولا التوثيق إلاّ بناء على دلالة «أسند عنه» على المدح أو التوثيق ، والأظهر عدم دلالته على شيءٍ منهما ، وقد حرّرنا تفصيل الكلام فيه في بعض الفوائد الرجالية.

وقال الكشّي في ترجمة عبد الله بن محمّد أبي بكر الحضرمي أخي علقمة : حدّثني علي بن محمّد بن قتيبة القتيبي ، قال : حدّثنا الفضل بن شاذان ، قال : حدّثنا أبي ، عن محمّد بن جمهور ، عن بكّار (١) بن أبي بكر الحضرمي ، قال : «دخل أبو بكر وعلقمة على زيد بن عليّ عليه السلام ، وكان علقمة أكبر من أبي ، فجلس أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره ، وكان بلغهما أنّه قال : ليس الإمام [منّا] من أرخى عليه ستره إنّما الإمام من شهر سيفه.

فقال له أبو بكر وكان أجرأهما : يا أبا الحسين ، أخبرني عن عليّ بن أبي طالب أكان إماماً وهو مرخ عليه ستره أو لم يكن إماماً حتى خرج وشهر سيفه؟

قال : وكان زيد يبصر الكلام ، قال : فسكت فلم يجبه ، فرد عليه الكلام ثلاث مرّات كلّ ذلك لم يجبه بشيء.

فقال له أبو بكر : إن كان عليّ بن أبي طالب عليه السلام إماماً فقد يجوز أن يكون بعده إماماً مرخ عليه ستره وإن كان عليّ بن أبي طالب عليه السلام لم يكن إماماً وهو مرخ عليه ستره فأنت ما جاء بك هاهنا؟

قال فطلب (٢) إلى علقمة أن يكفّ عنه ، فكفّ عنه (٣).

وربّما يقال : إنّ مقتضاه تصلّب أبي بكر في الدّين ، والظاهر أن علقمة كان على

__________________

«مَن ذكره في أصحاب الإمام الصادق عليه السلام باسم علقمة بن أبي الحضرمي ، فيحتمل أن يكون هو علقمة بن محمّد المذكور.

(١) قوله : «بكّار» بفتح الباء الموحدة وتشديد الكاف. منه رحمه الله.

(٢) الظاهر أنّ الذي قام بالطلب هو زيد ، طلب من علقمة أن يطلب من أخيه الكفّ.

(٣) اختيار معرفة الرجال : ٤٧٨/٧٨٨.

٢٥٣

حاله فيثبت به المدح لعلقمة.

وأنت خبير بأنّ من ثبوت حالة الشخص لا يظهر ثبوتها لأخيه ، وربما يظهر القول بذلك المقال ممن قال :

دَعِ الخمرَ يشربْها الغواةُ (١) فإنّني

رأيتُ أخاها مُغنياً بمكانِها

فإنْ لا يكنْها أو تكنْهُ فإنّهُ

أخوها غذتْهُ أمُّهُ بلبانِها

وأمّا محمّد بن إسماعيل : فالمقصود به محمّد بن إسماعيل بن بَزِيع ، كما يظهر مما تقدم وقد سمعت القول به عن قريب أيضاً.

قال النجاشي : «محمّد بن إسماعيل بن بزيع كما يظهر مما تقدم أبو جعفر ، مولى المنصور أبي جعفر ، ووِلْدُ بزيعٍ بَيْتٌ منهم حمزة بن بزيع ، كان من صالحي هذه الطائفة وثقاتهم كثير العمل له كتب ...» (٢) ، وعن بعض النسخ (الواو) قبل (كان).

وقد اختلف في قوله : (كان من صالحي هذه الطائفة وثقاتهم) ، فقد جرى ابن داود على رجوع الضمير في (كان) إلى محمّد بن إسماعيل (٣) ، فيعود التوثيق إليه ، وعليه جرى الاسترآبادي (٤) ، وكذا شيخنا البهائي في مشرقه (٥) حاكياً عن حواشيه على الخلاصة ، ومقتضى ما صنعه العلّامة ، حيث ذكر (كان الخ) ، في شأن

__________________

(١) قوله : «الغواة» جمع غاوٍ ، وهو الضالّ. قوله : «أخاه» أي النبيذ الذي يُعمل من الزبيب. قوله : «أمه» أي شجرة العنب. قوله : «بلبانها» ـ بكسر اللام ـ يقال : هذا أخوه بلبان اُمّه ، ولا يقال بلبن اُمّه ، وإنّما اللبن الذي يشرب. منه رحمه الله.

(٢) رجال النجاشي : ٣٣٠ ، ترجمة ٨٩٣.

(٣) رجال ابن داود : ١٦٥ ، ترجمة ١٣١٤.

(٤) راجع في ذلك منهج المقال.

(٥) مشرق الشمسين وإكسير السعادتين أو مجمع النورين ومطلع النيرين : ٢٧٧.

٢٥٤

حمزة (١) هو رجوع الضمير (٢) إلى حمزة فيعود التوثيق إليه.

وقد عدّ في المنتقى القول به (٣) مما وقع للمتأخّرين في باب التزكية من جهة قلة التأمّل والمراجعة (٤) ، وظاهر المحقّق القمّي في القوانين في بحث تعارض الجرح والتعديل (٥) ، بل جماعة من المحققين : على كون الرجوع إلى حمزة من باب التوهم ، وظاهر التفرشي التوقف (٦) ، ويظهر تحقيق الحال بالرجوع إلى الرسالة المعمولة في ثقة ، وقد وثّقه الشيخ في الرجال (٧) ، وحكى الكشي عن حمدويه أنّه سأل علي بن الحسن عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، فقال : ثقة ثقة عين (٨) ،

__________________

(١) خلاصة الأقوال ـ القسم الأوّل : ١٢١ ، ترجمة ٣٠٨ ـ ٥ ، حيث قال : «حمزة بن بزيع من صالحي هذه الطائفة وثقاتهم ، كثير العلم».

(٢) في ترجمة محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، حيث ذكر نصّ العبارة المذكورة في النجاشي.

(٣) يعني رجوع الضمير في «كان» إلى حمزة بن بزيع.

(٤) منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان : ١: ١٨.

(٥) قوانين الاُصول : ٤٧٦.

(٦) نقد الرجال : ٢: ١٦٢ ، ترجمة ١٦٩٣ ـ ٢ ، ذكر ذلك في ترجمة حمزة بن بزيع ، ولكن ما استظهره المصنّف لعلّ الظاهر خلافه ، حيث إنّه ذكر في الترجمة المذكورة : «... من صالحي هذه الطائفة وثقاتهم ، كثير العمل» ، الخلاصة : وكأنّه أخذ هذا التوثيق من كلام النجاشي عند ذكر محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، حيث قال : .. وذكر عبارة النجاشي ، ثمّ قال التفريشي : «وفي أخذ التوثيق له من هذه العبارة نظر» ، وذكر ابن داود هذه العبارة في شأن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، ولعلّه الصواب».

(٧) رجال الشيخ : ٣٦٤ في أصحاب الإمام الرضا عليه السلام ، ترجمة ٥٣٩٣ ـ ٦ ، حيث قال : «محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، ثقة ، صحيح ، كوفي ، مولى المنصور».

(٨) الظاهر أنّ هذه النسبة للكشّي اعتماداً على نسخة عند المصنّف ، وأمّا النسخة التي بين أيدينا فلا توجد فيها هذه النسبة.

نعم ، ذكر العلّامة في الخلاصة في ترجمة محمّد بن إسماعيل بن بزيع هذا الكلام»

٢٥٥

والظاهر أنّ المقصود بعلي بن الحسن هو علي بن الحسن بن فضال ، لأنّه قد عدّ من كتبه الرجال ، واطّلاعه على أحوال الرجال يقتضي مناسبته للسؤال عن الحال ، مع أنّه أشهر من غيره ، والشهرة من المرجحات في باب المشترك كما سمعت.

وأما مالك الجهني : فهو مالك بن أعين ، وقد حكى الكشي عن محمّد بن عيسى بن عبيد عن الحسن بن علي بن يقطين : أنّه ليس من هذا الأمر في شيء (١).

وحكى في الخلاصة عن العقيقي عن أبيه عن أحمد بن الحسن عن أشياخه أنه كان مخالفاً (٢).

وعدّه الشيخ في الرجال من أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام ، وذكر أنّه مات في حياة الصادق عليه السلام (٣).

وقال ابن داود : قر (٤).

__________________

«عن عليّ بن الحسن.

(١) اختيار معرفة الرجال : باب في بني أعين : مالك وقعنب ، رقم ٣١٨ ، وهذا نصّ عبارته : «حدّثني حمدويه ، قال : حدّثني محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن الحسن بن عليّ بن يقطين ، قال : كان لهم غير زرارة إخوته إخوان ليسا في شيء من هذا الأمر : مالك وقعنب».

نعم ، قال العلّامة في الخلاصة في ترجمة مالك بن أعين : «روى الكشّي ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن الحسن بن عليّ بن يقطين : أنّ مالك بن أعين ليس من هذا الأمر في شيء.

(٢) خلاصة الأقوال ـ القسم الثاني : ٤١١ ، ترجمة ١٦٦٥ ـ ٧.

(٣) رجال الشيخ ، ذكره في أصحاب الإمام الباقر عليه السلام : ١٤٥ ، ترجمة ١٥٨٩ ـ ١١ ، وقال عنه : «مالك بن أعين الجهني».

وذكره في أصحاب الإمام الصادق عليه السلام : ٣٠٢ ، ترجمة ٤٤٣٣ ـ ٤٥٨ ، وقال عنه : «مالك بن أعين الجهني الكوفي ، مات في حياة أبي عبدالله عليه السلام».

(٤) رجال ابن داود : ١٥٧ ، ترجمة ١٢٥٣ ، وكلمة «قر» رمز لكونه من أصحاب»

٢٥٦

وقال الاسترآبادي : ليس المأخذ معلوماً (١).

وفي الكافي في باب المصافحة بالإسناد ، عن مالك الجهني ، قال : قال أبو جعفر عليه السلام : «يا مالك ، أنتم شيعتنا إنّك تفرط في أمرنا إنّه لا يُقدَر على صفة الله فكما لا يقدر على صفة الله كذلك لا يقدر على صفتنا ، وكما لا يُقدَر على صفتنا كذلك لا يُقدَر على صفة المؤمن. إن المؤمن ليلقى المؤمن فيصافحه فلا يزال الله ينظر إليهما والذنوب تتحاتّ من وجوههما كما تتحاتّ الورق عن الشّجر حتّى يفترقا فكيف يقدر على صفة من هو كذلك» (٢).

ومقتضى قوله عليه السلام : «إنّك تفرط في أمرنا» هو شدّة إخلاص مالك بالنسبة إلى الأئمّة.

إلّا أن يقال : إنّ الإفراط لا يخرج عن النقص ، كيف وقد قيل : كل ما تجاوز عن حده انعكس إلى ضدّه ، بل الإفراط معدود من النقص كالتفريط.

وعلى أيّ حال في الكافي هنا رواية أخرى عن مالك بن أعين الجهني ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : «إنّ المؤمنَيْنِ إذا التقيا فتصافحا أدخل الله عزّ وجلّ يده بين أيديهما فأقبل بوجهه على أشدّهما حبّاً لصاحبه ، فإذا أقبل الله عزّ وجلّ عليهما تحاتّ عنهما الذنوب كما تحاتّ الورق عن الشجر» (٣).

وهذه الرواية خالية عما يدل على المدح والذمّ والمقصود بالذمّ حديث الإفراط.

وقيل : قد روى عنه جمع من الثقات كما يظهر من التتّبع في الأخبار ، وظاهرهم الإعتماد عليه.

__________________

«الإمام الباقر عليه السلام ، كما نبّه هو على ذلك في أوّل الكتاب.

(١) منهج المقال.

(٢) اُصول الكافي : ٢: ١٨٠/٦.

(٣) اُصول الكافي : ٢: ١٧٩/٣.

٢٥٧

في سند رواية «المصباح»

وأما رواية «المصباح» فسندها كما تقدّم محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن صالح بن عقبة ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليه السلام ، وقد يظهر فيما مرّ حال محمّد بن إسماعيل بن بزيع وصالح بن عقبة.

وأما أبو صالح فهو عقبة بن قيس بشهادة رواية محمّد بن بزيع لأنه يروي عن سبط قيس كما هو مقتضى صريح النجاشي والشيخ (١) ، مضافاً إلى ما سمعت من أنّ المذكور في ترجمة عقبة بن قيس أنه والد صالح بن عقبة (٢) ، ومقتضاه كون صالح بن عقبة بن قيس معروفاً فيحمل صالح على كونه سبط قيس وكون والده عقبة بن قيس ، وكيف كان فعقبة بن قيس مجهول الحال ، وقد عدّه الشيخ في الرجال من أصحاب الباقر عليه السلام وصرّح بكونه مجهول الحال نقلاً (٣).

__________________

(١) في ترجمة صالح بن عقبة ، فأمّا النجاشي فقد قال في ترجمة صالح بن عقبة بن قيس : ٢٠٠ ، ترجمة ٥٣٢ : «له كتاب يرويه عنه جماعة ، منهم : محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، أخبرنا الحسين بن عبيدالله ، عن ابن حمزة ، قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم ، عن ابن أبي الخطّاب ، قال : حدّثنا محمّد بن إسماعيل ، عن صالح بكتابه».

وأمّا الشيخ في الفهرست في ترجمة صالح بن عقبة : ٢٤٥ ، ترجمة ٣٦٢ ، قال : «له كتاب ، أخبرنا ابن أبي جيد ، عن ابن الوليد ، عن الصفّار ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن صالح بن عقبة».

(٢) ذكر ذلك الشيخ في رجاله في أصحاب الإمام الصادق عليه السلام ترجمة ٣٧١٥ ـ ٦٢٤ ، حيث قال : «عقبة بن قيس والد صالح بن عقبة ، كوفي».

(٣) ذكر ذلك في أصحاب الإمام الباقر عليه السلام : ١٤٢ ، ترجمة ١٥٣٩ ـ ٧٤ ، حيث ذكر قبل عقبة جماعة ووصفهم بالمجهوليّة ، ثمّ ذكر عقبة وقال مثله ، وهذا نصّ عبارته : «عبدالله بن عمرو ، وعبدالرحمن بن زرعة ، وعمرو بن هلال ، كلّهم مجهولون ، عقبة بن قيس مثله».

إلّا أنّ الملاحظ أنّ الشيخ في الرجال ذكر عقبة بن قيس في أصحاب الإمام»

٢٥٨

في سند رواية دعاء الوداع

وأمّا ما رواه في «المصباح» ومزار محمّد بن المشهدي ممّا اشتمل على دعاء الوداع ، فسنده كما تقدم محمّد بن خالد الطيالسي ، عن سيف بن عميرة ، عن صفوان بن مهران الجمال ، عن الصادق عليه السلام ، وقد ظهر بما مرّ حال محمّد بن خالد وكذا حال سيف بن عميرة.

وأمّا صفوان بن مهران الجمال فقد وثقه النجاشي (١) ، وكذا العلّامة في الخلاصة (٢) ، وعن إرشاد المفيد (٣) : أنّه من شيوخ أصحاب أبي عبد الله عليه السلام وخاصته وبطانته وثقاته الفقهاء الصالحين (٤) ، وصفوان المشار إليه كان جمالاً.

__________________

«الصادق عليه السلام : ٢٦١ ، ترجمة ٣٧١٥ ـ ٦٢٤ ، ووصفه بأنّه والد صالح ، وأنّه كوفي ولم يصفه بالمجهوليّه هنا ، وهذا نصّ عبارته : «عقبة بن قيس ، والد صالح بن عقبة ، كوفي».

ويمكن أن تكون المجهوليّه في عقبة بن قيس بلحاظ أصحاب الباقر عليه السلام ، فهو مجهول كونه من أصحاب الباقر عليه السلام ، ومعلوم كونه من أصحاب الصادق عليه السلام ، ولذلك لم يصفه بالمجهوليّة لما تعرّض له من أصحاب الصادق عليه السلام ، وهذا الوجه غير بعيد باعتبار أنّ كتاب الرجال للشيخ هو بمثابة كتاب طبقات بلحاظ أصحاب الأئمّة عليهم السلام ، فمن يصفه بالمجهوليّة في أصحاب إمام ، ثمّ يذكره في أصحاب إمام آخر ولا يصفه بذلك ، فمعنى ذلك أنّه مجهول بلحاظ تلك الطبقة ، وغير مجهول بلحاظ الطبقة الاُخرى.

(١) رجال النجاشي : ١٩٨ ، ترجمة ٥٢٥.

(٢) خلاصة الأقوال : ١٧١ ، ترجمة ٥٠١ ـ ٢.

(٣) الإرشاد : ٢: ٢١٦ ، فصل في النصّ على الإمام الكاظم عليه السلام.

(٤) من أحفاد صفوان بن مهران ، محمّد بن أحمد بن قضاعة بن صفوان ، المشهور بأبي عبدالله الصفواني ، وقد ذكر النجاشي في ترجمته أنّه كانت له منزلة عظيمة عند السلطان ، وناظر قاضي الموصل في الإمامة بين يدي السلطان ، فانتهى الأمر إلى المباهلة ، فتباهلا ، وجعلا الكفّ في الكفّ ، ثم القاضي لمّا قام من موضع المباهلة حمّ وانتفح الكفّ الذي»

٢٥٩

ومن هذا ما رواه الكشي بسنده عن صفوان ، قال : «دخلت على أبي الحسن الأوّل عليه السلام فقال لي : يا صفوان ، كلّ شيء منك حسن جميل ما خلا شيئاً واحداً

قلت : جُعلت فداك ، أي شيء؟

قال : إكرائك جمالك من هذا الرّجل يعني هارون.

قلت : والله ما أكريته أشراً ولا بطراً ، ولا للصيد ، ولا للهو ، ولكن أكريته لهذا الطريق ـ يعني طريق مكّة ـ ولكن أبعث معه غلماني.

فقال لي : يا صفوان ، أيقع كراك عليهم؟

قلت : نعم ، جُعلت فداك.

قال : فقال لي : أتحبّ بقائهم حتى يخرج كراك؟

قلت : نعم.

قال : فمن أحبّ بقاهم فهو منهم ومن كان منهم كان ورد النار.

قال صفوان : فذهبت وبعت جمالي عن آخرها ، فبلغ ذلك إلى هارون فدعاني فقال لي : يا صفوان ، بلغني أنّك بعت جمالك؟

قلت : نعم.

فقال : ولِمَ؟

قلت : أنا شيخ كبيرٌ وأنّ الغلمان لا يقومون بالأعمال.

فقال : هيهات هيهات ، إني لأعلم من أشار عليك بهذا ، أشار بهذا موسى بن جعفر.

قلت : فما لي ولموسى بن جعفر.

__________________

«مدّه للمباهلة ، ثمّ مات من الغد. منه رحمه الله.

٢٦٠