تاريخ الشّحر وأخبار القرن العاشر

محمّد بن عمر الطيّب بافقيه

تاريخ الشّحر وأخبار القرن العاشر

المؤلف:

محمّد بن عمر الطيّب بافقيه


المحقق: عبد الله محمّد الحبشي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الإرشاد
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٠

فضل المذكور وقال : ان والدك ركب في بعض الخشب وسرى هذه الساعة ، فقال الشيخ حسين : ما خرج من الهند أصلا فتراجعا ، فقال الشيخ حسين أما علي كذا أو عليك كذا من باب البسط ، ثم اتفقا على انه ما خرج فاتفق أن أخي كتب هذه القصة في كتاب ووقع عزمه الى الهند في تلك السنة ، وكان الكتاب المذكور في صحبته فلما رآه والده قال : صدق الاثنان الشيخ حسين ومريده إلّا أن الشيخ حسين كان نظره يشرف على حقائق الأشياء وأخبرانه كان في ذلك الوقت في ذلك اليوم في ذلك الشهر عزم من احمد أباد بنية برعرب لأن الوزير وهو عماد الملك الذي كان يعوق عليه ذلك خرج في تلك السنة للصيد ، فلما كان في أثناء الطريق لحقه الوزير المذكور فصده عن ذلك ، قال : وأما قول فضل انه ركب بعض الخشب وسرى هذه الساعة فان البهيل اذا مشى به البقر يشبه سراية الخشب في البحر ، وبينما هو في بعض الليالي يسير في الطريق إذ وجد والدي رحمه‌الله فوقفا يتذاكران واستمرا كذلك الى الصباح ، وحكي انه قال : ما عندنا من الاعمال التي نعتمد عليها شيئا الا ذرة من حب آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم فبلغ ذلك الشيخ أحمد بن الحسين العيدروس فقال : هنيئا له هذا هو الذي عناه الشيخ أبو بكر العيدروس بقوله (١) :

لك الهنا ان حل فيك ذرة

من حبّهم أو لاح منك خطرة

بذكرهم ما أعظم المسرة

طوبى لقلب حل حبهم فيه

وكان مولعا بكتب الشاذلية ، وكان يميل إلى طريقتهم السنية حتى قيل فيه إنه شاذلي زمانه ، روي ذلك عن الشيخ الكبير والولي الشهير أحمد بن سهل ، وكذا يعظم الشيخ محيي الدين ابن عربي ، ويقري كتبه ، وكان له في اقتنائها أشد عناية حتى إن كتاب «الفتوحات المكية» كان لا يوجد بحضرموت الا عنده ، ولما كتب والدي الى ولده السيد عبد الله ان يحصله له طلبه من الشيخ حسين فامتنع أولا وسأل بعض الثقات أن السيد عبد الله

__________________

(١) ديوان العيدروس : ١٦٧.

٤٠١

يريد أن يحصله لنفسه أو لوالده فقال : لا بل لوالده فأعطاه إياه ، وحكي أن الشيخ بل النسخة التي كانت عنده عند وفاته ما خلا باب الوصايا منه ، وقال : إنما فعلته تعظيما لشأنه لأن الناس لا يفهمون معانيه فيقعون في الغلط بسبب ذلك ، قلت : وكان الشيخ حسين من المشايخ المربين ، وكتب الشيخ ابن عربي اشتملت على علوم لا يفهمها إلّا أهل النهايات وتضر بأرباب البدايات. قال الحافظ السيوطي : والقول الفصل عندي في ابن عربي طريقته لا يرضاها فرقتا أهل العصر لا من يعتقده ولا من يحط عليه. وهي اعتقاد ولايته وتحريم النظر في كتبه ، قلت : وحكى الشيخ الإمام العلامة بحرق أنه سمع الشيخ أبا بكر العيدروس يقول : لا اذكر أن والذي ضربني ولا انتهرني الا مرة واحدة بسبب انه رأى بيدي جزءا من كتاب «الفتوحات المكية» لابن عربي فغضب غضبا شديدا فهجرتها من يومئذ. قال وكان والدي ينهى عن مطالعة كتابي الفتوح والفصوص لابن عربي ويأمر بحسن الظن فيه وباعتقاد أنه من أكابر الأولياء العلماء بالله العارفين ويقول : إن كتبه اشتملت على حقائق لا يدركها إلّا أهل النهايات وتضر بأرباب البدايات قال بحرق : وأنا أيضا على هذه العقيدة وهذه الطّريقة وهي أسلم والله أعلم.

ووجدت بخط صاحب الترجمة سيدي الشيخ حسين بن الفقيه نفع الله به أن الشيخ المولى الإمام ولي الله تعالى محي الدين النووي نفعنا الله به لما رأى كلامه وطالعه قال : الكلام كلام صوفي ، ثم قال الشّيخ حسين وهو كما قاله هذا الإمام أن كلامه كلام الصّوفية وإنما هو بسط العبارة في موضع الإشارة وما يحمله من ينكر على الصوفية ، ووجدت بخطه أيضا ما صورته هذه الأبيات تصلح في الشيخ محي الدين بن عربي :

دعوه لا تلوموه دعوه

فقد علم الذي لم تعلموه

رأي علم الهدى فسما اليه

وطالب مطلبا لم تطلبوه

أجاب دعائه لما دعاه

وقام بحقه وأضعتموه (١)

__________________

(١) النور السافر : وضعتموه.

٤٠٢

بنفسي من فتى ممنوح قرب (١)

وطاعم مطعم لم تطعموه

وفيها ثالث شهر المحرم : توفي الإمام العالم العلامه الولي الصالح الزاهد العابد قاضي جزيرة بثه (٢) من بلاد السواحل شجاع الدين عمر بن خميس كان فقيها عالما ناسكا صالحا وقد مدحه الفقيه عبد الله بن أحمد باسنجلة رحمه‌الله :

خليلي أن آنستم البرق لا معا

من الأفق الشرقي خير شآم

وأن هب من أرض السواحل نفحة

من الريح أو منه استهل غمام

فلا تعذلاني أن بكيت وأن جرى

بعيني فؤادي أدمع ونعام (٣)

فإن بها تبكي الأماكن لي هوى

تؤرق عيني والعيون تنام

إلى بتة شوقي يزيد ولم أفز

برؤية حبر منهم وإمام

فذاك شجاع الدين نجل إمامنا

كريم نمته سادة وكرام

على عمر القاضي كل عشية

وكل صباح رحمة وسلام

وفيها ضحى يوم الأربعاء ثالث عشر جمادى الأولى : توفي الفقيه عبد القادر بن الفقيه عبد الله بن الفقيه الصالح أحمد بن محمد بافضل (٤) بعدن ودفن داخل دائر مقبرة جدة الفقيه محمد بالقرب من قبره ، وكان رجلا فاضلا لبيبا عاقلا أديبا بليغا نحويا لغويا ، يقول الشعر الحسن ، وكانت له مشاركة في الحديث والفقه أخذ عن الفقيه عبد الله بن عمر ، والعلامة شهاب بن عمر الحكيم ، وأخذ النحو واللّغة عن الفقيه محي الدين عبد القادر الحموي وذلك ببلدة عدن ، وكان قائما بوضيفة مسجد الدرسة وولى نيابة الشافعية ، بمدينة عدن للشافعية ، وكانت سيرته حميده رحمه‌الله تعالى.

__________________

(١) النور : بنفسي من ممنوح قرب.

(٢) يرد ذكرها في بعض الكتب الحضرمية «بته» بالتاء المثناة أنظر شمس الظهيرة : ١٨١ وهي من بلاد شرق إفريقيا.

(٣) كذا في الأصول.

(٤) النور السافر : ٣١٢.

٤٠٣

وفيها (١) : توفي القاضي محمد حاجي بمكة المشرفة ، فقال الأديب عبد الرحمن الخفاجي المكي مؤرّخا لذلك :

لقد رحم المهيمن قبر قاض

عزيزا قد سما عزّ افتخاره

إمام عالم حبر تقي

له الشرع الشريف علا مناره

فدل على سعادته انطراح

بباب الله من قد عز جاره

له عدل به الركبان سارت

وزان جماله الأسنى وقاره

تمنّى أن يحل (٢) بخير أرض

وكان بمكة الغنا قراره

فتاريخ الوفاة له بضبط

وتحرير جنان الخلد داره

وفيها : توفي السيد الشريف إبراهيم بن شيخ بن إسمعيل باعلوي بالشحر يوم الثلاثاء عاشر شهر ذي القعدة رحمه‌الله تعالى.

وفي ليلة الثلاثاء حادى عشر شهر جمادى الأخيرة : حدث مطر عظيم شديد على الشحر ونواحيها من قبل أذان المغرب إلى طلوع الفجر مطر غزير وريح ، وخرب غالب بيوتها والناس سلم (٣) ما راحت إلّا حرمة لأن غالب الناس خرج من بيته ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، وقبله وذلك يوم الجمعة حدث ريح عظيم بلا مطر واشتد يوم السبت وهاج البحر وزاد البحر زيادة أكثر مما يزيد في أيام الخريف واشتد الريح مع طش مطر خفيف يوم الأحد والاثنين ، ثم وقع المطر الغزير المذكور ليلة الثلاثاء وإحدى عشرة كما سبق ، وأخذ غالب عمالة خرد (٤) وأخذ نخل بالخيص (٥) الذي حوالي الشحر ، وأخذن مون (٦) المعدى وغير فيها وفي الهمة (٧)

__________________

(١) النور السافر : ٣١٢.

(٢) النور السافر : بميزان.

(٣) سلم بفتح السين «سالمون» عامية.

(٤) لعلها المعروفة بالخره آخر الحروف هاء.

(٥) هنا جمع خيصة وهي المراسي الصغيرة.

(٦) المعدي : جبل زراعي مشهور بالخصب يزرع فيه النارجيل.

(٧) الهمة بكسر الهاء والميم قرية مشهورة بمنابع المياه تحت الشحر.

٤٠٤

وأماغيل أبي وزير فاشتد المطر فيها ولم تقلع إلى الظهر يوم الأربعاء ، وأخذ منارة جامعها ، وأخرب غالب دورها ، وكذلك شحير أخذ أعمالها وأخذ منها جماعة ، والمقصود أنه كان أمرا مهولا والكلام فيه يطول ولا حول ولا قوة إلّا بالله.

٤٠٥

سنة ثمانين وتسعمائة

فيها (١) : أخذ السلطان أكبر بن همايون كجرات وهو من أولاد تيمور الملوك بينه وبينه أربعة آباء ، وكان عظيم الشأن ورزق السعد في أيامه وطالت مدة ولايته واتسع ملكه جدا ، وكان عادلا [إلّا أنه يميل إلى الكفرة ويستصوب أقوالهم ويستحسن أفعالهم وفي الإشارات ما يغني عن](٢) الكلام ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وتوفي في شهر جمادى الآخرة يوم خامس الشهر سنة أربع عشر بعد الألف وتولي بعده ولده سليم شاه.

وتاريخ العام «فدى» (٣) قاله السيد عبد القادر بن شيخ العيدروس رحمه‌الله ، قال وقلت في ذلك :

غدا بأكبر في الناهيين

والحمد لله رب العالمين (٤)

وفيها أول يوم من شهر رجب : توفي السيد الإمام مطهر بن الإمام شرف الدين (٥) وقد تقدم أخباره وأخذ اليمن وتملكه له ، وكان رحمه‌الله

__________________

(١) النور السافر : ٣١٣.

(٢) ساقط من مطبوعة النور السافر.

(٣) النور السافر «غدى» وهو الصواب.

(٤) كذا وفي النور السّافر :

غدا أكبر في الذاهبين

وذي سنة الله في الغابرين

(٥) من الشجعان الفتاك أنظر أخباره في روح الروح : ٢٧ والبدر الطالع ٢ : ٣٠٩ وأئمة اليمن ١ : ٤٨٦ ط تعز.

٤٠٦

إماما شجاعا حازما مقداما رحمه‌الله تعالى.

وفيها يوم الأحد أحد وعشرين جمادي الآخرة : توفي الفقيه العلامة الحبر الفهامة القاضي عبد الله بن عقيل بافضل (١) رحمه‌الله تعالى تولى القضاء بالشحر ، وكان له الثناء الحسن عند الخاص والعام ، ولم أقف على ترجمته.

وفيها : ليلة الاثنين إثنتين وعشرين ربيع الثاني ، توفي السيد الشريف الجليل المثيل ذو الكرم والسخاء إبراهيم بن محمد المنذر باعلوي رحمه‌الله تعالى بالحديدة من بلاد اليمن.

__________________

(١) أنظر ترجمته في صلة الأهل في مناقب آل أبي فضل : ٣٠٨ «مخطوط بحوزتي».

٤٠٧

سنة إحدى وثمانين

فيها (١) : جاء السلطان أكبر إلى كجرات ، وذلك أنه بعد ما أخذها ترك فيها بعض الوزراء ورجع ، فحاول من بقي من الكجراتي نزعها من يد ذلك الوزير وحاصروه بجموع عديدة وكادوا أن يظهروا عليه ، فلما سمع السلطان بهذا الخبر دهمهم بجنود كثيرة ، ووصل إليهم في مدة قليلة وحاربهم أشد المحاربة حتى قتلهم عن آخرهم.

وفيها (٢) : وقع بأحمد أباد ريح عاصف عظيم مع غبار كثير حتى أظلمت الأرض ، وعقبه رعد وبرق وقليل مطر ونسخ (٣) والحمد لله.

وفيها (٤) : فقد مركب السيد الشريف شيخ بن عبد الله العيدروس المسمى بالعيدروسي ، وهو مسافر من الشحر إلى الديو ، وكان فيه جماعة من السادة الأشراف وغيرهم ، وحصلت لهم الشهادة رحمهم‌الله تعالى.

وفيها (٥) : قدم الإمام العلامة أبو بكر بن الإمام برهان الدين مطير

__________________

(١) النور السافر : ٣١٥.

(٢) النور السافر : ٣١٥.

(٣) كذا في الأصل وسقطت هذه اللفظة من النور السافر.

(٤) النور السافر : ١٣٤.

(٥) النور السافر : ٣١٤.

٤٠٨

الزبيدي إلى بندر المخا ، فكتب إليه السيد الفاضل الولي العارف بالله سيدنا وشيخنا السيد حاتم بن أحمد الأهدل (١) رحمه‌الله ونفع به هذا السؤال وهو :

يا من له في النحو فهم ثاقب

ودراية في الشعر من بين الملا

أوضح بفضلك لي جوابا شافيا

عن بيت شعر شكله قد أشكلا

ذكر المعاهد والزمان الأوّلا

فبكى لأيام العذيب وأعولا

وبدا له برق بأبرق رامة

وهنا فبات من الجوى متململا

نامت عيون العالمين ولم ينم

وسلت قلوب العاشقين وما سلا

إن كان فارقه الفريق فروحه

معهم تسير مع الهوادج في الفلا

هل إن تراها في الأخير بكسرة

أو فتحة حقق هديت تفضلا

فأجاب :

إن في الكلام بكسرة شرطية

والفا جوابا جاء بعد مفصّلا

ويريد إن هم فارقوه فروحه

معهم ملازمة تساير في الفلا

والفتح لم يظهر له معنى وإن

قلنا به جاء الجواب معطّلا

ولقد أجاد الشاعر المنطيق في

لفظ بديع في فصاحته حلا

حاكت بلاغته القريض فخلته

وشيا على الحسنا يفوق على الحلا

لا زالت الألفاظ طوع مراده وفؤاده

بالدر صار مكمّلا

ثم الصلوة على النبي وآله

وأصحابه والتابعين على الولا

قلت : وسيدنا السيد حاتم المذكور من بني الأهدل السادة المشهور باليمن وكان من العلماء الأعلام السادة الكرام ، وهو من المعتقدين المتصرّفين في العالم وله في كل علم مشاركة خصوصا في علم التّصوف ، فهو آخر من كان يتكلم فيه ويرحل إليه ، وله اليد الطولي في كتب الشيخ محي الدين بن عربي ، كان يسأل عن لفظه وما يناسب (٢) كل عنه فيجيب

__________________

(١) شاعر صوفي له ديوان شعر مشهور توفي سنة ١٠١٣ «خلاصة الأثر ١ : ٥٠٠».

(٢) في الأصل هكذا وما ينه.

٤٠٩

عنه بأحسن جواب ، وله ديوان شعر يحتوي على معان ورموز لطيفة في كلام القوم ، توفي سنة ١٠١٣ ألف وثلاث عشر ، وقد نظم عام تاريخ وفاته الفقيه الأديب الأريب اللبيب حسين الزاهر الزبيدي رحمه‌الله تعالى :

فجع الوجود بموت واحد عصره

القطب حاتم جاه أهل الجاه

فلقد صبرت لفقده ورضيت إذ

أرخته بقضاء حول الله

توفي رحمه‌الله بالمخا ودفن في بيته ، ولغيره :

رزىء الإنام بموت مولى سيد

غيث الوجود بعلمه الفياض

هو حاتم ذي الفضل حاتم أهله

جافى الجفون لفقده الاغماض

في جنة الفردوس حل لأجل ذا

أرخته في جنة برياض

٤١٠

سنة اثنتين وثمانين

فيها : توفي الشيخ الكامل الفاضل عبد القادر بن أحمد الفاكهي (١) المكي بمكة المشرفة ، وكان مولده في شهر ربيع الأول من عام عشرين وتسعمائة ، وله تصانيف مفيدة منها شرحان على بداية الغزالي أحدهما أكبر من الآخر ومصنفاته كثيرة لا تنحصر وقفت منها على جملة عديدة في فنون شتى ، فلعمري أنه يشبه الجلال السيوطي في كثرتها بحيث أنه كان يكتب على مسألة رسالة ، وله شعر حسن وهو كثير ، ومن شعره :

إن كان رفضي في محبة حيدر

وبنيه قاطبة فإني رافضي

حسبي إقتدائي بالإمام مقلدي

الشافعي بحر العلوم الخائض

ومنه في القهوة :

إشرب القهوة صرفا

تجد الصفو مزاجا

واذكر الله عليها

تجد (٢) الأنس سراجا

ورأيت بخط الفقيه الصالح شيخنا جمال الدين محمد بن عبد الرحيم الجابري رحمه‌الله قال : اجتمعت بالشيخ عبد القادر الفاكهي رحمه‌الله تعالى بمكة المشرفة سنة سبعين وتسعمائه ، وأمرني بكتب بعض رسائله فكتبتها وأنشدني هذين من لفظه ، وذكر أنها لجده :

__________________

(١) النور السافر : ٣١٦. والأعلام ٤ : ٣٦.

(٢) النور السافر «تشهد».

٤١١

بادر إلى طلب العلم العزيز وإن

ضاقت ولم تصفو أقوات وأوقات

ولا توخر لصفو أو رجاسعة

فهم يقولون للتأخير آفات

وفيها : توفي العلامة المفتي القاضي عيسى (١) الهندي بأحمد أباد وكان من أعيان العلماء المشهورين وأوحد المشايخ المدرسين ، وله تصانيف نافعة رحمه‌الله.

وفيها : توفي (٢) سلطان الروم السلطان سليم بن السلطان سليمان وللأديب ماميه الانقشاري في تاريخ وفاته :

فارق الملك سليمن المجتبى

وغدا ضيفا على باب كريم

وغدا في الشهداء تاريخه

رحمة الله على حي سليم

وتولى بعده ولده السلطان مراد ، ولماميه الإنقشاري في تاريخ ذلك :

بالبخت فوق التخت أصبح جالسا

ملك به رحم الإله عباده

وبه سرير الملك سرّ فأرخوا

حاز الزمان من السرور مراده

ولبعضهم أيضا في مثل ذلك بيتين هما :

يا سائلي تاريخ من

ولي الخلافة والحرم

أسمعه مني أنه

هذا المراد لقد حكم

ومولد مراد هذا في سنة إحدى وخمسين وتسعمائة فأفهم بعض المؤرخين أن مراد هذا من الصالحين ، لكون تاريخ مولده يجمعه عدد حروف الذكر لقوله تعالى (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ)(٣) وتوفي مراد رحمه‌الله ثاني جمادي الأولى سنة ثلاث بعد الألف ، وتولى بعده السلطان محمد.

وفيها : توفي السيد الشريف الولي الصالح المجتهد في العلم والعبادة

__________________

(١) النور السافر : ٣١٨.

(٢) النور السافر : ٣١٨.

(٣) سورة الأنبياء الآية : ١٠٥.

٤١٢

نور الدنيا والدين علي بن عبد الرحمن خرد باعلوي بمكة المشرفة ليلة الأحد ثامن شهر صفر ، ودفن بالمعلاة بجوار الفضيل بن عياض ، والشيخ عبد الله اليافعي نفعنا الله بهم.

وفيها : توفي السيد الكبير الشهير الولي الصالح السيد الشريف حسين بن محمد بن علوي شنبل باعلوي بمكة المشرفة ثالث ربيع الأول رحمه‌الله تعالى.

وفيها : توفي الشيخ المجذوب المحبوب الولي العارف السيد الشريف أبو بكر المهدلي بالحديدة في جمادى الأولى رحمه‌الله تعالى.

٤١٣

سنة ثلاث وثمانين

في المحرم (١) طلب السلطان عبد الله بن بدر الكثيري شيخنا الفقيه العلامة جمال الدين محمد بن عبد الرحيم الجابري رحمه‌الله من بلدة بروم إلى الشحر ليوليه تدريس مدرسة أبيه السلطان بها ، وألزمه بذلك ففعل وانتفع بتدريسه الأنام واستنارت بذلك وجوه اللّيالي والأيام ، وما أحسن ما قال سيدنا السيد الشّريف الفاضل الكامل وجيه الدّنيا والدين عبد الرحمن بن أحمد البيض باعلوي رحمه‌الله تعالى :

شمس الهدى طلعت وغاب رقيبها

ونجوم نحس الجهل آن مغيبها (٢)

بظهور مولانا ومالك عصرنا

نجل الخلافة فحلها ونجيبها

مولى ملوك الأرض غير مدافع

ومدفع لبعيدها وقريبها

عبد الله السلطان منصور اللوا

مردي العداة بكفه تعذيبها

لما أتى للشحر يصلح أمرها

وجميع داعية الفساد يريبها (٣)

ودعا إمام العصر فرد زمانه

شيخ العلوم فقيهها وأديبها

أعنى الفقيه (٤) محمد بن مزاحم

من زاحم العلما وحاز نصيبها

__________________

(١) النور السافر : ٣١٨ والعدة ١ : ٢١٨.

(٢) الأصل : غاب رقيبها وأصلحناه من النور السافر.

(٣) النور السافر : يذيبها.

(٤) العدة : فقيهها.

٤١٤

العالم الحبر المبرّز في العلا

سبّاق غايات الكرام خطيبها

جاء الزمان به علينا فاغتدت

أيامه معلومة من طيبها

غفرت ذنوبك يا زمان جميعها

إذ قد برزت إلى القلوب حبيبها

إن كنت ترغب في العلوم ونقلها

بادر إليه وسله عن تهذيبها

فعلى الخبير بها سقطت فسله عن

ما شئت عن غربيها (١) وغريبها

فالله يبقيه ويصلح شأنه

وجميع أعداه اللئام يصيبها

وفيها : توفي السّيد الشريف الولي الصالح جمال الدين محمد بن عبد الله مولى عيديد ، ضحى يوم الأربعاء تاسع عشر شهر شعبان.

وفيها : أول (٢) ما بدا به السلطان عبد الله بن بدر من التّجهيز إلى بلاد مهرة يوم الثاني والعشرين من ذي الحجة آخر شهور سنة اثنتين وثمانين ، وكور الغربان يوم الثاني من شهر المحرم في هذه السنة المذكورة ، وكان عزمهم ليلة الجمعة العاشر من المحرم المذكور ، وكان مسيرهم من الريدة ليلة الأحد إلى بندر قشن ، وفي ليلة الأحد الحادي والعشرين من المحرم المذكور ، هجم المهرة غربان السّلطان عبد الله قريب حيريج فما قاتل منهم إلّا غراب النّقيب علي بن معوضة رحمه‌الله والباقيين خفروهم.

وفيها ليلة الأحد السادس عشر شهر شعبان : عزم السلطان عبد الله بن بدر إلى الريدة يريد المشقاص ، خرج وقت العشاء بجميع العساكر ، والبادية والأشراف ومعهم المدفع وزربطانتين (٣) وقد تقدمه ولده السلطا جعفر وجيش بن عبد العزيز ، ومحمد المرهون والعواتق (٤) ، وكان رجوعه من الريدة ليلة السبت الرابع عشر من شهر رمضان من السنة المذكورة ، هو وجميع العساكر بعد أن اصطلح هو والمهرة بيت زياد صلح كفاية.

__________________

(١) النور السافر «عزيزها».

(٢) العدة ١ : ٢١٩.

(٣) الزبرطانة آله معدة للضرب من الآلات الحربية في ذلك الوقت.

(٤) كذا ولعله «العوالق».

٤١٥

وفيها : توفي الشيخ عمر بن محمد بن طوعري بقشن يوم الخميس واحد وعشرين في شهر ربيع الأول.

٤١٦

سنة أربع وثمانين

يوم الاثنين أول يوم في شهر رجب : توصل غرابين رومي قنبطانهم إسمه سنان فيهن نحو مائتين رومي ومثلهم بحرة وهنود إلى بندر الشحر قاصدين رأس الحدّ للافرنج ، فوصلوا مسكت فنهبوها وقتلوا فيها ناسا من الإفرنج وحرقوها ، وحرقوا كنائس الإفرنج ، وأخذوا برشة كبيرة شاحنة أموال في البندر تريد هرموز ، وأخذوا منها غليون وجدوه في البندر وغربان الإفرنج وغربانهم شحنوها الجميع من الأموال الذي أخذوها من البلاد ، وساعدهم الهنود ونهب (١) معهم ، ورجعوا غانمين سالمين ، وكان وصولهم من المسكت إلى الشحر يوم ثلاث وعشرين شهر شعبان ، وصروا إلى المكلا واقتسموا غنائمهم وجلسوا أياما ، وصروا إلى عدن.

وفيها : توصل قاصد إلى الشحر من باشة اليمن الباشه مراد في جلبة من عدن إلى بروم ، ووصل الشحر من طريق البر يوم الأحد الثالث والعشرين من شهر جمادى الأولى ، والعجب أن السلطان المتولي بالروم كان إسمه السلطان مراد والباشة إسمه مراد.

وفيها (٢) : توفي السيد الشريف العالم الفاضل الكامل عفيف الدين عبد الله الشهير بالنحوي بن عبد الرحمن باهرون باعلوي بتريم رحمه‌الله

__________________

(١) كذا في الأصل.

(٢) النور السافر : ٣١٩.

٤١٧

تعالى ونفع به ، وكان العالم علامة عصره وصاحب كرامات ، فمن كراماته أنه كان يوما جالسا وعنده سيدنا السيد الشريف عبد الله بن شيخ العيدروس فقال له : يا عبد الله إن معي خاطر أن فلانا يهم يفعل كذا وكذا ، وذكر شيئا من الأفعال المذمومة الذي لا يبيحها الشرع ، وهذا الخاطر معي أياما ، وهو من المتعلقين بنا وتجب له منا المناصحة فطلب إلى عنده وكلمّه فاعترف بذلك وتاب من وقته وحسنت توبته ، ثم إن السيد المذكور بقي يلوم نفسه على ذلك ، ويقول : أخاف أن يكون ذلك استدراجا.

وفيها (١) في ليلة السّبت ثاني عشر شهر رجب : توفي الشيخ جمال الدين محمد بن عبد الرحيم بن محمد وهو أخو الشيخ العلامة أحمد العمودي الذي تقدم ذكره ، وهما أبناء الشيخ الكبير العلامة الشّهير عثمان بن محمد العمودي بأحمد أباد ، وكان حسن الأخلاق كريم النّفس كثير التواضع محبوبا مع الناس ذا وجاهة عظيمة وقبولا عند الخاص والعام رحمه‌الله تعالى ونفع به آمين.

وفيها (٢) : كان إتمام الحرم المكي في أيام السلطان مراد ، وكان ابتدأ في عمارته والده السلطان سليم ، فجاء تاريخه «عمر الحرم سلطان مراد».

__________________

(١) النور السافر : ٣٢٠.

(٢) العدة ١ : ٢١٩ في حوادث سنة ٩٨٤.

٤١٨

سنة خمس وثمانين

يوم (١) الأربعاء رابع وعشرين شهر ربيع الأول : توفي السلطان عبد الله بن بدر بسيؤون رحمه‌الله ، وتولي بعده السلطان جعفر بن عبد الله بوصية والده.

وفيها (٢) : طلع نجم ذو ذؤابة كهيئة الذنب طويل جدا له شعاع ، ومكث كذلك يطلع كل ليلة نحو شهرين أو أكثر.

ووجدت (٣) بخط بعض السادة : وفي سنة خمس وثمانين ، ظهر نجم وله ذنب ، سادس وعشرين شهر شعبان ، واستمر إلى آخر شوال ، وكان أول ظهوره في الشولة (٤) انتهى.

وفيها ليلة السبت إحدى وعشرين شهر جمادى الأولى : توفي السيد الشريف الولي الصالح الشيخ فخر الدين أبو بكر بن عمر بن عبد الله العيدروس باعلوي ، وتوفي بعده صبح يوم الثلاثاء ثامن وعشرين شهر جمادى الأولى السيد الشريف الصوفي الصالح شهاب الدين أحمد بن زين بن عبد الرحمن بافقيه باعلوي بالشحر وقبر بجنب والده السيد زين بتربة السيد الشيخ شيخ بن إسمعيل باعلوي رحمه‌الله تعالى.

__________________

(١) العدة ١ : ٢١٩.

(٢) النور السافر : ٣٢١ والعدة ١ : ٢١٩.

(٣) العدة ١ : ٢٢٠.

(٤) الشولة كوكبان نيّران ينزلهما القمر يقال لهما حمة العقرب.

٤١٩

سنة ست وثمانين

فيها : توفي الشيخ عثمان العمودي (١) ببضة يوم الاثنين سادس شهر صفر ، ودفن بقيدون عند قبر الشيخ سعيد بن عيسى نفع الله به ، وولي بعده الشيخ عبد الله بن عثمان.

وفيها : توفي الفقيه عفيف الدين الأديب الأريب المؤرخ عبد الله بن محمد باسنجلة (٢) ليلة الأحد حادي عشر ذي الحجة رحمه‌الله تعالى.

وفيها : توفي العالم العلامة الشيخ الشهير الولي الصالح شهاب الدين أحمد بن عمر الحكيم بعدن ، وقبر في قبة الشيخ أبي بكر بن عبد الله العيدروس رحمه‌الله تعالى.

__________________

(١) السناء الباهر : ٧٤٦.

(٢) هو العلامة والمؤرخ صاحب التاريخ الذي ينقل عنه المؤلف ، قلت : برد لقبه تارة بباسخلة بخاء معجمة بعد السين وتارة بباسنجلة بالنون بعد السين بعدها جيم معجمة ، ولا يخلو أحدهما من تصحيف. وأغلب الظن أن الصحيح الأول.

٤٢٠