تاريخ الشّحر وأخبار القرن العاشر

محمّد بن عمر الطيّب بافقيه

تاريخ الشّحر وأخبار القرن العاشر

المؤلف:

محمّد بن عمر الطيّب بافقيه


المحقق: عبد الله محمّد الحبشي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الإرشاد
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٠

وجاوزوها إلى نحو الباب.

وفي اثني عشر شهر شوال قبل النصف : ورد الخبر بأن السلطان تسلم اللّسك وخرجوا عنها أهلها على أنهم يسكنون بور عند آل كثير ويسرحون على أموالهم ويختارون ضمناء من أرادوا من آل كثير.

وفي هذه المدة : رجعت ثلاثه من الغربان المذكورة وتخلف الرابع ثم وصل إلى بندر الشحر يوم العشرين ، وكان صادف بين الشحر وعدن مركب خرج من بادقلا ، فلما وصل به إلى الشحر تكلموا في استفكاكه ، ولم ينتظم بينهم أمر فيه ، ثم صرى بالمركب يوم الجمعة رابع وعشرين شوال.

وفي هذه المدّة الذي كان بها مرسّيا في البندر ، وصل من السواحل مركبان ، فلما أحسوا به جحبوهما (١) إلى البر وسلموا الركبة وبعض الحمل.

وفي يوم الثلاثاء ثامن وعشرين الشهر : وصل غراب إلى بندر الشحر من الأربعة الغربان الذي ذكرناها أنها جاوزت عدن ، وكانوا صادفوا سنبوقا من سنابيق أهل الشحر قريب من روكب فأخذوا ركبته ويسّر الله فكاكهم في الشحر ، وأما السنبوق (٢) وحمله فتركوه فلم يأخذوا منه إلا ما خفّ ، وكان قد صادف قبلهم قريب من عين بامعبد (٣) سنبوق من سنابيق أهل الشحر أيضا فتقافزوا (٤) ركبته ونهبوا الإفرنج غالب حمله من بزّ أسود حضرمي وقرنفل وغير ذلك ، ثم أن الغراب المذكور مكث يومين في البندر ثم

__________________

(١) جحبه : سحبه. والتجحيب جرّ السفينة إلى الشاطىء «الشهداء السبعة : ١٢٤».

(٢) السنبوق والسنبوك : السفينة الصغيرة (فارسي معرب) أنظر السفن الأسلامية : ٧٠.

(٣) عين بامعبد : قرية صغيرة واقعة في الجنوبي الغربي من حضرموت (معجم بلدان حضرموت للسقاف مخطوط)

(٤) في الأصل تفاقروا وأصلحناه من عندنا وتقافزوا بمعنى تواثبوا.

٢٢١

صرى (١) وهو آخر الغربان.

وفي هذه المدة : تخوف آل أحمد من السلطان بدر ، فانتقلوا إلى المشقاص عند السلطان محمد فقبلهم وأكرمهم ووعدهم الجميل.

وفي أواخر ذي القعدة : أرسل السلطان بدر علي بن محمد بامدرك إلى أخيه السّلطان محمد بتطييب خاطره والدخول في مراضية ، انتهى من خّط الفقيه عبد الله بامخرمة من أول هذه السنة.

قال باسنجلة : وفيها (٢) أخذ الإمام شرف الدين صعدة والجوف الأسفل والأعلى من السّيد ناصر وأصحابه.

وفيها : جهّز سلطان الروم سليمان بن سليم تجهزا عظيما إلى العراق وخراسان ، وعزم بنفسه لحرب سلطان العجم شاه مهماس (٣) ابن شاه اسمعيل ويلقب بالصولي (٤) ، فاستولى السلطان سليمان على تبريز ، وجعل فيها رتبة وهرب شاه مهماس وقطع الطريق على السلطان سليمان من كل مكان حتى قلّ عليهم الماكول ، ومات كثير من عسكر السلطان بالجوع والبرد ، فرجع السّلطان إلى حلب ، ثم منها إلى الروم.

وفيها بشهر شوال : حصر قيس الحرامي (٥) جازان أياما فخرج عليه الشّريف عامر العزيز (٦) بن دريب من الدرب في جملة خيل فهزموا قيس وأصحابه وقتل منهم خلق كثير وشردوا ، وآخرهم مات عطشا وأسرت زوجته.

وفيها (٧) : توفي قاضي مكة وابن قاضيها الفاضل الكامل العلامة

__________________

(١) سبق شرحه.

(٢) روح الروح : ٤٦.

(٣) كذا في الأصل ، صوابه طهماسب انظر الدول الإسلامية : ٥٧٦ والمنجد : ٤٣٨).

(٤) كذا صوابه «الصفوي».

(٥) انظر تاريخ المخلاف السليماني ١ : ٢٧٥.

(٦) في المخلاف السليماني «عامر بن يوسف العزيزي».

(٧) النفحات المسكية ٢ : ١١٧.

٢٢٢

محبّ الدين ابن ظهيرة الشافعي بمكة المشرفة ودفن بالأبطح رحمه‌الله.

وفيها : قتل علي بن عبد الله بن علي العامري بحريضة (١) في المسجد ، قتله ، طوق بن يماني من آل عبد الله ، وبآخر السنة قتل طوق بن يماني المذكور تحت قيدون قتلوه آل عامر.

وفيها يوم الجمعة من ثالث شوال (٢) : توفي الرجل الصالح صاحب الخيرات والصّدقات الخواجا قاسم بن محمد المغربي الأصل المكي الدار بمكة ، وعند موته تصدق على الحرمين الشريفين بسبعة آلاف أشرفي ودفن بالأبطح رحمه‌الله تعالى.

وفيها : توفي الشيخ الفقيه ثابت بن سعيد باكريت بالحبشة رحمه‌الله تعالى.

وفيها (٣) : توفي الشيخ الصالح عثمان بن محمد باكريت بريدة المشقاص بقرية يقال لها كروشم رحمه‌الله.

وفيها (٤) : في آخر ذي الحجة توفي السيد الشريف الفقيه النبيه العابد السالك الناسك السيد شيخ بن الشيخ عبد الله بن الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ محمد بن علي باعلوي رحمه‌الله تعالى ، قرأ التنبيه لأبي إسحق الشيرازي على الفقيه محمد بن أحمد بأفضل العدني مرارا ، واستمع عليه غيرة من الكتب وكتاب المنهاج على الفقيه محمد بن عبد الله باجعفر ، والفقيه عبد الرحمن بن المعلم الصالح عبد الله باقشير رحمه‌الله تعالى.

__________________

(١) حريضة تكرر ذكرها وهي بلد أسفل وادي عمد مقابلة لعندل من حضرموت (أنظر معجم بلدان حضرموت مخطوط).

(٢) النفحات المسكية ٢ : ١١٧.

(٣) النفحات المسكية ٢ : ١١٧.

(٤) النور السافر : ١٨٤ وغرر البهاء الضوى : ٢٢٩.

٢٢٣

سنة إحدى وأربعين

في أثنا المحرم ، انتقل السلطان محمد بن المشقاص إلى غيل بن يمين في رجاء تمام الصلح بينه وبين أخيه ، فسعى بامدرك وجماعة من آل كثير في الصلح إلى أثناء شهر صفر ، ثم سعى بينهما محمد بن علي بن فارس حتى انعقد الصّلح بينهما ، وذلك بالنّصف في الشهر المذكور ، على أن المسفلة وظفار للسلطان محمد والمعلاة وهينن والشحر للسلطان بدر ، وعلى أن ظفار أو ثلاثة حصون في المسفله تعدل لبدر ، والشحر وثلاثة حصون في المعلاة تعدّل لمحمد ، وعلى أن أحمد وآل يماني وبنى سعد رباعة (١) محمد وآل عبد الله والعمودي حلفاؤه ، وإن بيت زياد في صلح محمد ، وبيت محمد في صلح بدر.

وفي أول شهر ربيع الثاني : ورد الخبر بأن صاحب صيف باحميري غدر بالشيخ عثمان واعتقله ، ثم إلى قيدون ، وحلفاء الشيخ حصروا صيف وآل الأمر إلى إخراج الشيخ على تسليم صيف لصاحبها باحميري ، وقطع العدالة الذي فيها للشيخ ، وعلى تعديل قرن غشام بينهما.

وفي هذا الشهر : استقل الأشموس بولاية حجر بموالاة الشيخ.

وفي يوم الخميس خامس جمادى وهو عاشر يوم في النيروز (٢) ورد

__________________

(١) رباعة : حماية يقال في رباعته أي في حمايته.

(٢) النيروز : أول يوم من السنة الشمسية وعند الفرس عند نزول الشمس أول الحمل

٢٢٤

الخبر بأن برشه وصلت المشقاص من جوه [فيها](١) بر ورز.

وفيها : يوم السبت سادس جمادى الآخرة ورد الخبر بأن السلطان بدر دخل على أخيه محمد إلى المسفلة وقال له : بينك وبين المملكة جميعها ، فقال له : ما يمكن هذا الكلام ، وآل الأمر إلى أنهما اتفقا على إبطال التّعديل في البلدان المذكورة وتقرير كل على الجهة المذكورة له أولا ، وكان سبب ذلك أن آل عبد العزيز قتلوا ربيع السلطان بدر ، وهو جميل بن مغفل من بني سعد وكان ذلك بشبام.

وفي : يوم الاثنين ثامن الشهر المذكور ، وصل مركب من منجور من نواحي كجرات فيه عطب (٢) وغيره وفي : النيروز اثنين وأربعين يوما وأخبروا أن الافرنج حاصرين الديو في جملة خشب ، وذكروا أن أمير الدّيو اليوم الخواجا صفر سلمان ، وأن مصطفى بيرم وجهه السّلطان بعسكر لقتال المغل في نواحي السند ، ووصل الخبر بأن صاحب كجرات اصطلح هو والافرنج على تسليم وساج (٣) ونواحيها للافرنج ، وعلى جماعة منهم نحو المائتين يبقون عند السلطان رهينة لتمام الكلام.

وفي هذه المدة : وصل الخبر أن أميرا من أمراء الشيّخ عامر بن داود تقدم إلى المقرانة (٤) وجبن (٥) ومدل وتلك النّواحي ، واستولى عليها ، وكذلك خبان والتقى بجيش من عسكر الإمام فانهزم عسكر الإمام ، ثم وصل مطهر بن الإمام في جيش كثيف فانهزم عسكر الشيخ عامر بعد أن قتل من العسكر خلائق كثيرين.

__________________

معرب نوروز بالفارسية ومعناه يوم جديد.

(١) ساقط من (س).

(٢) عطب بضم العين والطاء : قطن.

(٣) لم أقف عليها.

(٤) المقرانة بلدة أثرية من أعمال رداع بالجنوب منها بمسافة ٦٢ ك م ، وعلى مقربة من دمت (المعجم : ٦٢٣)

(٥) جبن : بضم الجيم وفتح الباء مدينة من قضاء رداع (المعجم : ١٠٩).

٢٢٥

وفي هذه المدة : قتل باحميري المذكور قتله بعض اخوته ، وعدى في البلد فلم يظفر بشيء ٤٠٤ ، بل امتنعت البلد وقتلوا القاتل وبقيت لأخيهم الثالث.

وفيه : أواخر جمادى الأخرى وصل الشّريف ناصر بن أحمد وجماعة من الأشراف نحو أربعين فارسا ، وفدوا على السّلطان بدر فأكرمهم ووصلهم بصلاة كثيرة ، وحصل لهم منه إنعام تام ، ورجعوا شاكرين ، وذلك بعد أن أخذ الإمام شرف الّدين صعدة منهم وشرّد بهم ، وبعد أن اتفق بينهم وبينه صلح على استكفا الشر.

وفي أول شهر شعبان : عزم الشيخ العمودي إلى الأحروم عند حلفائه آل عبد الله وآل عقيل.

وفي : هذا الشهر اشترى آل باحريز الخريبة (١) من آل علي بن فارس ، ولم يبق لهم فيها رسم سوى تعديل شرق على التبعة ، ثم وصل السّلطان محمد هو والشيخ إلى قيدون ، ومكث أياما ثم رجع إلى حضرموت.

وفي هذه المدة (٢) : وصل الخبر من عدن وغيرها أن مطهر بن الإمام شرف الدين استولى على جميع ما بين صنعاء وتعز ، وأن الشيخ عامر نزل إلى عدن ومكث بلحج ، وذلك بعد أن حصل في لحج نهب من البدو وتشويش ، وذكروا أن قلعة تعز امتنعت جلس فيها الشيخ أحمد بن محمد ابن عبد الملك وذلك بأمر الشيخ عامر على أن الشيخ عامر يخرج إلى عدن ويحشد عسكرا وينقذ القلعة.

وفي ذي القعدة : أخذت قلعة تعز ، وفيها الشيخ أحمد بن طاهر ، أخذها الشّريف مطهر بن الإمام شرف الدين صاحب صنعاء وأسر الشيخ أحمد بن محمد بن طاهر ، وهو نائب لابن عمه عامر بن داؤد بن طاهر

__________________

(١) الخريبة : مدينة كبيرة من مدن دوعن.

(٢) روح الروح : ٤٦.

٢٢٦

صاحب عدن. وفي (١) شوال كانت وقعة جازان الدّرب بين الشريف عامر الغريب بن دريب ، وبين قيس الحرامي ، إلى حلي (٢) بن يعقوب فاهتزموا أصحاب قيس وقتلوا جماعة من أصحابه وأسروا زوجته وردوها عليه بعد ذلك.

وفي يوم عيد الفطر : قتلوا آل علي بن فارس ستة من أهل الهجرين اتهموهم بأنهم عقدوهم (٣) أو عقدوا البلاد وهاشوا (٤) ديارهم.

وفي أول شوّال : اتفق السّداد والمطايبة بين السلطانين محمد وبدر بعد أن ظهر منهما بعض تشويش ، وذلك ـ أعني السّداد ـ على أن جميع البلدان منصوفة بينهما حضرموت والشحر وظفار وغيرها ما عدا سيؤون فهي خالصة لمحمد وبدر يختار قبيلها تكون خالصة له أيضا ، ثم ورد الخبر أن بدرا أختار هينن فتم الصلح والسّداد (٥) على ذلك.

وفي أول يوم الجمعة سادس وعشرين شوّال : وصل السّلطان بدر من حضرموت إلى الشحر.

وفي أواخر شهر ذي القعدة : وصل الخبر أن السلطان محمد سار بأهل المسفلة وأهل المعلاة ، وغيرهم إلى الكسر وإنه يريد يبني المنبعث (٦).

وفي هذه الأيام : تنصّر (٧) الرماة في حصن الشحر على أنه منصوف بين محمد وبدر.

__________________

(١) تاريخ المخلاف السليماني ١ : ٢٧٦.

(٢) في الأصل «والرجل من يعقوب» ولا معنى له.

(٣) لم أقف على هذه اللفظة وهي من كلام ، حصل ذلك العصر «تحقق».

(٤) هاشوا من الهوش وهو النهب في الحرب والفتنة ، وفي القاموس هاش المال جمعه حراما.

(٥) السّداد هنا بمعنى الصلح والتراضى بين المتنازعين.

(٦) لم أقف على هذا الموضع.

(٧) كذا في الأصل وكأنها : نصّر. يقال نصر الرجل أعلن شعار النصر والفرح.

٢٢٧

وفي هذه المدة : وصل من الافرنج أربعة غربان فيها قنبطان ، وكانوا وصلوا إلى رقبة (١) كمران ، وصادفوا جلّاب (٢) وسنبوق وأسروا منها أسارى ثم وصلوا إلى الزهاري وخرجوا البر مفاجأة على خلاف الوهم ، فهرب أهلها فلحقوهم في الوادي بين الأشجار فأسروا جملة من نسائهم وأطفالهم ، فلما وصلوا إلى الشحر توهوا (٣) فيها فاستفك السلطان والمسلمون غالب الأسارى بالمفاداة بالمال ، وبسط لهم السلطان الأمان وعاملهم بالاكرام اتقاء شرهم.

وفي أوائل ذي الحجة (٤) : وصل الخبر أن مطهر ابن الإمام شرف الدين أخذ قلعة تعز بيع من بعض الجند الذين فيها ، وأنه قبض على احمد بن محمد بن عبد الملك وقيّده ، وأرسل به إلى صنعاء.

وفي يوم الأربعاء سابع ذي الحجة : وصل السلطان محمد والشيخ العمودي إلى تحت صيلع ، فخرج إليهم محمد بن علي بن فارس من الهجرين بمن معه ، وحصلت ملقاة قتل فيها من أصحاب بن علي بن فارس خمسة منهم واحد من آل عجاج ، وآخر من اليمنة والأسود باعفيف ، واثنين آخرين ، وحصل في محمد بن علي بن فارس أصواب خفيفة ، وقتل واحد من آل عبد العزيز الذي مع بن علي بن فارس ، وذلك بعد أن بنى السلطان محمد قرن آل عجاج بقرب السور ، ثم إن السلطان بنى صليع (٥) وأسكن فيه آل محفوظ وآل باداس المطرودين من الهجرين ، ثم دخل هو والشيخ إلى دوعن ، فوصل إلى الخريبة ، فمكث تحتها يوما أو يومين ، ثم رجع

__________________

(١) كذا والرقبة معروفة ولعله ما يعرف عند المتاجرين باللسان يقال لسان البحر أي تلك المساحة البرية التي تمتد في عرض البحر ، والله أعلم.

(٢) جمع جلبة وهي من المراكب التي تسير في المحيط الهندي والبحر الأحمر ، ويستعملها أهل مصر والحجاز واليمن أنظر : السفن الإسلامية : ٢٧.

(٣) توهوا : سبق شرحه.

(٤) روح الروح : ٥٥.

(٥) كذا وسبق ذكرها بصيلع. وصيلع ، قرية بجانب القزة ونحولة من الهجرين.

٢٢٨

إلى حضرموت ، ولم يحدث في دوعن شيء ، انتهى من مسودات الفقيه عبد الله بامخرمة.

قال باسنجلة :

وفي آخر السّنة (١) استصرخ قيس الحرامي بالشّريف أبي نمي صاحب مكة والعرب لحرب جازان وأبي عريش بآخر قوامها وحصروهم ، فنصرهم الله تعالى على قيس وأصحابه.

وفيها : بنى السّلطان محمد مشطة للصّبرات ، وبني اللّسك لآل أحمد وفيها بنوا آل سليم بيت مسلمة.

__________________

(١) أنظر المخلاف للسليماني للعقيلي ١ : ٢٧٦.

٢٢٩

سنة اثنتين وأربعين

في اليوم الثالث والعشرون (١) : سار القنطبان ومن معه من الإفرنج لعنه الله من بندر الشحر ، وزوّدهم السلطان ببقر وغنم وغير ذلك ، وأعطى القنبطان حصانا مليحا ، وكذلك أعطى اثنين من خواصه راسين أو ثلاثة من الخيل ، هذا بعد أن أرسل أعني السّلطان مكاتبة على يد الخواجا ابن الزّمن إلى قنطبان جوه بتقرير الصّلح ، وأرسل معه اليه خمسة رؤوس خيل.

وفي هذه المدة (٢) : وصل خبر أن غرابا من الافرنج الذين ساروا من جهة الشّحر رجع إلى جهة أحور وأسر ونهب ، وكان من جملة المنهوبين جماعة من بيت زياد ثم رجع إلى حيربح ، وباع ما نهبه فيها ، ثم إن ثلاثة من تجار الافرنج عزموا إلى الهند مع مراكب بانيان ، وسار بعدهم جماعة من المهرة المنهوبين يريدون المشقاص فصادفوهم في الطريق فقتلوا الثلاثة الافرنج ونهبوا جميع ما في المركب.

وفي أوائل ربيع الثّاني : وصل غراب من الإفرنج مأن متوه يحرر (٣) حويا ونهب في الّطريق جماعة ، ثم وصل إلى الشحر فعلم بخبر المهرة وقتلهم الإفرنج المذكورين فاسهرا (٤) من الشحر بجماعة من الإفرنج ، وسار

__________________

(١) الشهداء السبعة : ١١٢.

(٢) الشهداء السبعة : ١١٢.

(٣) كذا في الأصل.

(٤) كذا في الأصل.

٢٣٠

ليقطع طريق المشقاص من السّواحل وغيره ، ثم بعد يومين أو ثلاث وصل الخبر أنه عند وصوله إلى بندر قشن ، وجد جماعة كان حشدهم السّيد الشريف عبد الله بن شيخ العيدروس إلى عدن للشيخ عامر بن داؤد ، قد تحصل أكثرهم في المراكب ، فحصل بينه وبينهم محاذفة ، ثم أنه ضربهم بالمدافع والبنادق ، ولما ضايقوه وضايقهم ، رمى عليهم برم باروت فاحترق بعضهم وغرق منهم كثير نحو الخمسين ، وغالبهم بدو ومهرة ، ثم رجع الغراب إلى الشحر ومعه مركب واحد شاحن بز لجماعة من آل بادقلا يريدون جّدة فوصل به إلى بندر الشحر واشتراه السّلطان من الإفرنج بثلاثة آلف أشرفي ، ولم يمكن أهله منه إلّا بسبعة آلاف أشرفي وزيادة للوسائط نحو الثلثمائة.

وفي هذه الأيام في أواخر ربيع الثاني : وصل نحو سبع خشب برش ، وسواها من الدّيو. وفيها أم بهادر وزوجته وعياله ، وذكروا أنهم يريدون الحرمين الشّريفين وأن بهادر (١) هزمه المغل ، واستولى على شب النير وسواها ، وأن مصطفى والاهم ، وانحاز إليهم ، وأن بهادر انهزم إلى الديو ، وأن بعض الأمراء ، كاتبوه وأطمعوه في العود للقاء المغل ووعدوه النصرة والمساعدة ، وأنه في همة الرجوع إلى البر لأجل ذلك.

وفي : ليلة الأحد آخر الليل حادى عشر جمادى الأولى ، سار السلطان بدر إلى حيريح بجماعة الأشراف الزيدية نحو ثلاثين فارسا وضم إليه نحو خمسة عشر فارسا من جماعته ، ونحو أربعمائة راجلا غالبهم بدو ومعاض (٢).

وفي يوم الجمعة سادس عشر الشّهر : وصل الخبر أن السّلطان دخلها آخر نهار الأربعاء رابع عشر الّشهر وأن بادجانة وأهل البلد هربوا عنها.

__________________

(١) هو بهادر خان أحد سلاطين كجرات أنظر (تاريخ المسلمين في شبه القارة الهندية : ٢٨٨) وسيأتي خبر قتله.

(٢) من المعاضة أو المعضة قبائل متفرقة من البدو يسكنون ما بين الجوف ونجران.

٢٣١

ووقفت في مسودات باسنجلة : وفي سنة اثنتين وأربعين (١) ، توصّلوا الأشراف أهل الجوف مقدّمهم ناصر ، وقد تقدّم في سنة إحدى وأربعين فتوصلوا إلى الشحر وسار بهم إلى حيريج وأخذوها من ولدا أحمد بن سعد بادجانة ، ورجعوا إلى الشّحر وبعد ان السلطان ، ردها إلى أهلها ، وذلك في سنة ثنتين (٢).

وفي (٣) هذه الأيام : وصل الخبر أن مطهّر ابن الإمام شرف الدّين وصل إلى الرعارع ولحج وأن الشيخ عامر ، دخل إلى عدن ثم وصل الخبر من أحور أن مطهر رجع وارتفع عن لحج ونواحيها.

وفي يوم الثّلاثا سابع وعشرين الشهر : وصل السلطان بدر من حيريج بعد أن منع حصنها وجعل فيه أربعين راميا منهم عشرة بنادقة وجعل فيها زربطانات (٤) وأملأه طعاما وتمرا وماء.

وفي ليلة السبت ثامن جمادى الأخرى : سار السلطان بدر إلى حضرموت ولم يظهر سبب سيره ، ولم يعزم معه بالأشراف الزيدية ولا بعسكر بل بعبيده النوبة (٥) ، ثم لما وصل حضرموت أظهر يريد المشقاص ، فحشد آل حضرموت وغيرهم ، فامتنع عليه آل أحمد (٦) والصّبرات (٧) وباطنهم السلطان محمد وقال لهم : إحرزوا أنفسكم في مشطة (٨) ، وانضاف

__________________

(١) النفحات المسكية ٢ : ١١٨.

(٢) أي سنة اثنتين وأربعين.

(٣) روح الروح : ٥٦.

(٤) الزربطانة والزبطانة قناه جوفاء كالقصبة يرمى بها الطير بحصاة توضع في جوفها (محيط المحيط).

(٥) النوبة نسبة إلى البلد المعروف بمصر ، وفي حضرموت يطلق على العبيد السود المجلوبين من إفريقيا النوبة.

(٦) فرع من بني حرام من كندة (جواهر تاريخ الأحقاف ٢ : ١٤٤).

(٧) فرع من بنى حرام من كندة (جواهر تاريخ الأحقاف ٢ : ١٤٤).

(٨) مشطه : بلد ، تفع بالغرب من تريم بين روغه ودمون (انظر في معجم بلدان حضرموت

٢٣٢

عبيد آل يماني وأمدّهم ببنادق وغيرها وأعطاهم طعاما ، فتوهم السّلطان بدر أن ذلك ينطف على السلطان محمد فأحضر النقباء وطالبهم بالنطف (١) فامتنعوا ، وقالوا : أن محمد ما عليه نطف بذلك ، وآل الأمر إلى أن الناس سعوا بينهما بالإئتلاف والسّداد واجتماع الكلمة ، ووصل إليهما محمد بن علي بن فارس ، وسعى بينهما فلم يتفق إنتظام بينهما ومكث السّلطان بدر أياما ، ثم كتب للسلطان محمد فأجابه ثم سار بدر بنفسه ، ودخل على محمد إلى سيؤون ، وذلك أواخر شهر رجب واسترضاه وأعطاه حيريج فردّها لأهلها ، وأخلص السّلطان محمد غيل باوزير للسّلطان بدر في قبيل حيريج وحصل الطّيب والمصافاة بينهما.

وفي شهر رجب : توفي محمد بن طوعري بن عفرار شيخ بيت زياد رحمه‌الله تعالى ، ثم وصل السلطان بدر إلى الشحر يوم الخميس ثالث شهر شعبان.

وفي يوم الأحد خامس شهر رمضان : قتل السلطان بدر جماعة من الافرنج الذين عنده بالشّحر ، وأرسل الباقين وقيّدهم ونهب أموالهم ، ثم في اليوم الخامس عشرا أو السّادس عشر أرسل جماعة منهم نحو ثلاثة وثلاثين إلى جدة ، ومنها إلى السّلطان سليمان إلى الروم ، وأرسل مكاتبات إليه وإلى نائب مصر ، وكان جملة القتلى من الافرنج نحو الأربعين ، وجملة الجميع يزيدون على المائة ، وكان منهم جماعة بظفار نحو العشرة ، فكتب السلطان بدر إلى نوابه بظفار بالاستحفاظ بهم ، وبما لهم فورد الخبر عنهم أنهم قتلوا منهم واحدا وقيّدوا الباقين وأخذوا مالهم.

وفي هذه الأيام : ظهر غراب منهم أخذ مركب بن جوه على بندرقشن واستفكه أربابه بسبعة آلاف أشرفي ، ثم تقدّم الغراب المذكور إلى غراب الجزر والعين ، فصادف نحو ثلاثة عشر خشبة أو أكثر سنابيق عدن

__________________

«خ»).

(١) النطف هنا في كلامهم بمعنى إعطاء الرهائن أو ما يقابل ذلك.

٢٣٣

ونحوها ، وكان قد حيّرهم الأزيب هنالك نحو شهرين فاستولى على الجميع ، وأتلف بعض الخشب ، وأخذ ما خفّ من المال كالدرهم والأفيون (١) والأقمشة ونحو ذلك.

وفي يوم الاثنين ثالث عشر رمضان : توفي السيد الشريف الولي الصالح العابد الناسك بقية السلف الصالح عفيف الدين عبد الله بن علوي بن عبد الله بن الشيخ عبد الرحمن المكنون باعلوي ويعرف بالمحتجب رحمه‌الله ونفعنا به ، ودفن قريب من قبر الفقيه عبد الله بن عبد الرحمن بالحاج بافضل بالشحر.

وفي اليوم الحادي عشر من ذي الحجة : دقّ (٢) علي بن جعفر في شبام بموالاة من السّلطان بدر في الباطن واستنجد بعبد الله بن علي بن عمر المرهون من هينن فوصله بخيل ورجل ، وحصروا حصن شبام ، ثم أن أهل المسفلة وغيرهم من أهل حضرموت من أحلاف السّلطان محمد ، صالوا عليهم فخرجوا إليهم أعني القوم الذين هم حاصرون شبام إلى الخبة ، والتقوا في طرفها ، فقتل جماعة من الفريقين وكثرت الجراحات وكانت الدائرة على الحاصرين ، وسلم الحصن ورجعوا الحاصرون إلى هينن بعد أن أخذوهم وناس من السمه (٣) الغريب (٤) وموشح (٥) ثم رجعوا بعد أيام قليلة وحصروا شبام ، ووصل السّلطان محمد بن المشقاص إلى حضرموت ، وحشد عسكر وسار بهم إلى شبام لأجل يستنقذها ، ثم توقف عن ذلك وأخذ الحاصرون المذكورون حصن شبام ، واستولوا على البلد ،

__________________

(١) قلت : كان الأفيون يستعمل عند بعض الناس في ذلك الوقت كمادة مخدرة لا حرج فيها ، أنظر التعامل به في ذلك الوقت في رحلة بروكه : ٦٢.

(٢) كأنه أظهر الشعار.

(٣) كذا في الأصل.

(٤) من قرى حضرموت في واد بن علي بالقرب من حصر آل الرباكي (معجم السقاف خ).

(٥) موضع هناك.

٢٣٤

ووقف السّلطان محمد بالغرفة انتهى كلام الفقيه عبد الله بامخرمة.

قال باسنجلة (١) :

وفيها : هلب (٢) السّلطان بدر على الافرنج بالشحر ضحى يوم الأحد خامس رمضان من السّنة المذكورة بعد رجوعه من أخد حيريج بأيام وعاد الأشراف الزيدية عنده بالشحر الشريف ناصر بن أحمد بن حسين وبنو عمه أهل الجوف ، وقتل من الإفرنج نحو ثلاثين رجلا واحتصر منهم القنبطان في نحو أربعين من كبارهم في بيت من ضحوة ذلك اليوم إلى بعد الظّهر وطلبوا الأمان فأمنهم ، وفرقهم فجعل عند الأشراف الزيدية عشرة ، وعند العسكر الزيدية عشرة ، وعند العبيد النوبة عشرة ، وعند العسكر يافع عشرة واستولى على أموالهم وعبيدهم وعروض تجارتهم ونقودهم ، وهو مال جزيل ، واستولى على خشبهم وهي نحو أربعة عشر برشة برش كبار وهربوا نحو ثمانية (٣) جماعة في برشة من برشهم ، ووجدوا منهم جماعة في البيوت مستخفية بعد أن قبضوا الأربعين ، فكان الجميع من الإفرنج المقبوضين سبعين رجلا ، وتوصّل جماعة منهم من السواحل ومعهم مال فأخذهم وقيدّهم مع أصحابهم ، وبعد ان السلطان بدر أرسل بخمسة وثلاثين في برشة إلى السّلطان سليمان العثماني عزم بهم مصطفى التركي وجماعة إلى جدة ، فلما كانوا بمكان قريب جدة يسمى الشعر (٤) افتكوا من القيود سبعة وطلعوا على مصطفى وأصحابه ، فقاتلهم فقتلوا السّبعة والباقين دخلوا بهم جدة وسار بهم في الحال في غراب إلى السّلطان سليمان إلى الروم ، والافرنج الذي في ظفار أحد عشر قبضوا منهم عشرة ، وواحد قتل ، فقال السلطان بدر : لي ناصفة الافرنج الذي بظفار خمسة ، وناصفة

__________________

(١) النفحات المسكية ٢ : ١١٨.

(٢) هلّب : هنا بمعنى هجم فجأة.

(٣) النفحات المسكية : نحو مائة في خشبة.

(٤) النفحات : الثغر.

٢٣٥

للسّلطان محمد فأمر السلطان بدر بقتل ناصفته ، والسّلطان محمد ناصفته الخمسة أكساهم وزوّدهم وأرسلهم إلى هرموز ، وهذا وأشباهه ، كان اختلافه هو وأخوه محمد رحمهما‌الله تعالى.

وفيها : جاء خبر من جدة المحروس بأن السلطان سليمان بن سليم العثماني قتل وزيره الأعظم إبراهيم باشة في شهر رمضان باصطنبول لأمور اقتضت ذلك.

وفيها : قبل قتل الباشة بيوم وقيل في ذلك اليوم ، قتل الشريف أبو نمي محمد بن بركات صاحب مكة عبده القائد جوهر المغربي الحبشي وذلك أنها حدثت منه أمور عظيمة ارتكبها من الفساد في الفريق ، وكان يبلغ الشريف عنه أشياء وما يصدق حتى أراد الله هلاكه وأتاح أجله ، وكان الشريف مقلده أمر الأرض جميعها ، فلما أراد قتله أرسل إليه رسولا وهم بالفريق ، وكان عند القائد جماعة من وجوه العرب ، فقال : سمعا وطاعة ، وتشاغل فجاءه رسول آخر وتشاغل ، وآخر فقام ، وهو يقول : محمد محمد ، يعني كم هذا الإلحاح فخرج من مضربه ومعه وهش ابن الرومي من زبيد ماسكا بيده كالمتمشى معه فلما أقبل إلى مضرب الشريف ، طلب الشريف أبو القاسم بن بركات وهس الزبيدي إليه ، واستمر القائد قاصدا مضرب الشّريف ، وقد رتب له جماعة من العبيد ، فبادروا إليه لما مر بهم يهرولون ، فقال لهم : لا بأس عليكم ، فتوهم أنهم مستجيرين به لعظمته في نفسه ومنزلته عند الأشراف ، فقال له كبيرهم ويسمى القائد جوهر : عليك الرّسم يا قائد جوهر ، وقبضوا على الجنبية ، فقال : غدرني الشريف والله ، لو علمت بذلك لكان شأنا ، فقتلوه ، ودفنوه مكانه ، وبعد ذلك بأيام توفي الشريف أبو القاسم بركات.

وفي (١) ضحى يوم الخميس حادى عشر شعبان : توفي الفقيه العلامة عفيف الدين عبد الله بن الفقيه محمد بن أحمد بافضل بعدن رحمه‌الله ،

__________________

(١) النور السافر : ١٨٧. والنفحات المسكية ٢ : ١١٩.

٢٣٦

وكان قد تفقّه بوالده وانتصب بعده للتدريس بمسجد الدرسة (١) بعدن ، وكان فقيها محدثا فاضلا حسن الأخلاق شريف النّفس حسن السّعي في حوائج المسلمين محبّب إلى النّاس سليم الصّدر ، ثم عمي في آخر عمره وتطبّب فرّد الله عليه بصره ، ولم يزل على الحال المرضي إلى أن توفي رحمه‌الله تعالى ، انتهى من تاريخ السيد عبد القادر العيدروس.

وفيها : يوم الأربعاء ثامن شهر رمضان توفي فارس بن فارس بن عبد الله العامري النّهدي بالشحر.

وفيها (٢) في شهر شوال : توفي الفقيه القاضي العلامة الحبر الفهامة عفيف الدين عبد الله بن أحمد باسرومي (٣) بمكة قبل الحج رحمه‌الله تعالى ، وفي مسوّدات الفقيه عبد الله بامخرمة : أن وفاته كانت في السنة التي بعدها من سنة ثلاث وأربعين في عاشر ذي القعدة ، ودفن بالمعلاة ، وهو شيخ الفقيه عبد الله بن عمر بامخرمة ولم أدر أيهما المؤمر (٤).

وفيها (٥) : توفي السيّد الشريف عبد الله بن علي بن أبي بكر باعلوي ببلدة تريم رحمه‌الله تعالى.

__________________

(١) النور السافر : المدرسة.

(٢) النور السافر : ١٨٨ في حوادث سنة ٩٤٣. والنفحات المسكية ٢ : ١١٩.

(٣) (س) سردمي.

(٤) كذا وفى (ح) ضرب عليه.

(٥) النفحات المسكية ٢ : ١١٩.

٢٣٧

سنة ثلاث وأربعين

في أولها : ابتدأ السلطان بدر بعمارة حصن بغيل باوزير.

وفي يوم الاثنين سابع عشر ربيع الأول : طلع السّلطان بدر حضرموت بأهله وبعض الافرنج المأسورين معه وهم ثلاثين افرنجي.

وفي رجب منها (١) : تغلب علي بن السلطان محمد على ظفار وحالف الرّماة لنفسه لأن والده أمره أن يبدل الرّماة فبدلهم وحالفهم لنفسه.

وفيها : ضرب خيمر (٢) بالشحر وابتدأ فجر يوم الجمعة سادس جمادى الأولى ، انكسرت جملة مراكب ، منها ما هو شاحن بالبندر تغيّرت ، الله تعالى يخلف على من كسره (٣).

وفي يوم الاثنين ثالث شهر رمضان وقيل رابع رمضان : قتل السّلطان بهادر شاة صاحب (٤) كجرات قتله الإفرنج ، وذلك أنه وصل تجهيز من

__________________

(١) النفحات المسكية ٢ : ١١٩.

(٢) خيمر : كأنه إسم لموسم الرياح عند أهل الشحر (تحقق هذه اللفظة) وفي كتاب أضواء على تاريخ اليمن البحري «الأحمر بالحاء المهملة طوفان يضرب في أرض الأحقاف من نواحي مدركة إلى الشحر ، وقد يمتد بعض السنين إلى عدن يضرب في ثلاثمائة وأربعين النيروز وفد يتأخر أحيانا ويتقدم أحيانا أخرى ، يأتي من مطلع العقرب (تاريخ اليمن البحري : ٣١٠).

(٣) كذا.

(٤) هو بهادر شاه بن مظفر شاه الكجراتي ، أنظر خبر قتله يتوسع في «تحفه المجاهدين

٢٣٨

الإفرنج في سافل إلى الديو ، فلما وصلوا بندر الديو طلع لهم السلطان بهادر وعرف (١) بنفسه في غراب الخواجا صفر سلمان علي سبيل المواجهة لهم ، ومعه نحو عشرة من وزرائه ، ومعه الخواجا صفر ، فلما وصل اليهم أظهروا له الإكرام والحشمة والمساعدة على أعدائه المغل الذين أخذوا بلاده ، وقد سبق الكلام عليه في سنة سبع ، ونقموا عليه بتصدير الخشب إلى جدة كما سبق ذكرها ، وأنه ما قصده الا يستنهض الأروام عليهم ، فاعتذر عند ذلك ، وقال : إنما قصدي أعزم فيها إلى الحج ، فما اتفق الا الوزير وبعض أهلنا على قصد الحج لا غير ذلك ، فلم يصدقوه ، فلما خرج من عندهم ألحقوا وراءه غرابين فقاتلهم قتالا شديدا ، فقتل هو والوزراء الذين معه ما خلا الخواجا صفر فإنهم استبقوه ، واستولوا الإفرنج [على] الديو ، فنادوا للناس بالأمان فتراجعوا اليها أهلها ، قال الفقيه عبد الله (٢) : وهذا لعمري من بهادر في غاية ما يكون من التّساهل والتضييع ضيّع نفسه ، وضيّع المسلمين ، وضيّع الممالك ، فإنا لله وإنّا إليه راجعون ، قال السيد عبد القادر العيدروس (٣) : يجمع ذلك عدد حروف «قتل سلطاننا بهادر».

قال الفقيه عبد الله بامخرمة : وفيها ، وصل الخبر أن السلطان محمد أتلف بعض زراعة هينن ، وذلك ما كان لبدو آل كثير ، وإن الرعية صالحوه على ترك زرعهم بألف وثلثمائة قهاول.

وفي هذه الأيام : وصل الخبر أن بدر إبن السلطان محمد توفي بظفار.

وفي : شهر ربيع الثاني ترك السلاطين العدالة التي بينهما وأطلق على كل منهما ما كان له من العراص (٤) فأطلق على بدر الشّحر والمعلاة وهينن

__________________

في أحوال البرتفاليين» للمليبارى : ٢٠١ ط بيروت.

(١) غرب.

(٢) يعنى بامخرمة.

(٣) النور السافر : ١٩٠.

(٤) في (س) العراص بالصاد وأثبتناه من (ح) والعراص جمع عرصة البقعة والساحة أمام

٢٣٩

وأطلق على محمد ظفار ، ثم غيضة (١) ابن بدر ، والمسفلة وازداد القارة وغيل بن ثعلب.

وفي آخر شهر جمادى الأولى : سار السلطان محمد إلى الغيضة وعقب مسيره ، وصل الخبر أن أناسا يقال لهم : آل ظفر عدو في عنق وأخذوها ، وقد كانوا هم أهلها قبل ذلك.

وفيها : ضرب السّلطان بدر البقشة (٢) البدرية.

وفيها (٣) : أخذ علي [بن عمر] بن جعفر شبام وطلبها لنفسه ، وحبس الفقيه عبد الرحمن باصهي صاحب صدقة شبام هو وأخوه عبد الله باصهي ، وضّيق عليهما وأخذ منهما سبعمائة أوقية فضة ، وضمن بها رجل من آل باعباد (٤) وطلع الفقيه وأخوه مسترفدين السّلطان بدر فأعطاهم ما سلموه لعلي بن عمر.

وفي أيام عيد الأضحى : ورد الخبر أن أمراء السلطان بدر أخذوا شبام ، وأن علي بن عمر خرج إلى عند البدو ، وأن صاحبه الشيخ معروف بن عبد الله باجّمال خرج إلى السّور ، وكان خروج باجمال حين

__________________

٤٥٠

(١) الغيضة بلد من المهرة (أدوار التاريخ : ٣٧١).

(٢) البقشة عمله نقديه مستعمله إلى الآن أنظر حولها «تاريخ النقود الإسلامية للمازندراني : ١١٦» وفيه : البقشة هي أساس النقد عند اليمانيين ، وتقسم إلى نصف بقشة وربع بقشة وثمن بقشة ، وكل عشر بقشات تساوي ربع ريال نمساوي أو امامي (عمادي زمن الإمام يحي حميد الدين) وكل أربعين بقشة تساوي ريالا واحدا أماميا ، والبقشة وأجزاؤها تتخذ من النحاس وتضرب في صنعاء اليمن ، والبقشة الواحدة تساوي القمري عند العراقيين ، والبقشة من التركية «باقجة» أي صرة أو خرقة لا سيما تلك الخرقة التي يلف بها الدراهم فسميت بذلك».

(٣) النفحات المسكية ٢ : ١١٩.

(٤) آل باعباد من أعرق القبائل حيث برجع أصلهم إلى العصور الأولى يعيشون في الغالب بين الحموم يعرفون بمشايخ الحموم ، إنما أصلهم من الغرفة بالقرب من سيؤن حيث لا يزال يوجد بعض منهم(أدوار التاريخ : ٣٨١)

٢٤٠