تاريخ الشّحر وأخبار القرن العاشر

محمّد بن عمر الطيّب بافقيه

تاريخ الشّحر وأخبار القرن العاشر

المؤلف:

محمّد بن عمر الطيّب بافقيه


المحقق: عبد الله محمّد الحبشي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الإرشاد
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٠

سنة ثمان وثلاثين

في ليلة السّادس أو السابع من المحرم : ظهر الكوكب المذكور من آخر سنة سبع من جهة المغرب بعد غروب الشمس ، وله كيفيه في تنّقله ليست لشيء من الكواكب ، وذلك أنه أول ظهوره بالمغرب في مسامتة السماك الرامح بين يديه من جهة المغرب ، وكان بينه وبينه إذ ذاك أكثر من مقدار منزله أعني في الطول بين المشرق والمغرب ، ثم أنه صار يتنقل من موضعه ذلك في جهة الطّول والعرض جميعا ، حتى وصل من آخر المحرم إلى قريب مسامتة الأعزل من جهة المشرق.

وفي آخر يوم الاثنين تاسع وعشرين محرم : عزم السلطان بدر رحمه‌الله إلى حضرموت من الشحر ومعه جماعة من بيت محمد منهم سليمان بن سعيد ، وسليمان بن صنوه وعلي بن شافع وآخرون ، وأظهر أن سبب عزمه أنه يريد نصر آل عبد العزيز وإعانتهم على القرا وأما بيت زياد فإنهم ظنوا ظنا قويا إنه يريد المشقاص بيت محمد وتمكينهم من بناء حصنهم ، وذلك بعد إن ظهر بين السلطان بدر وبين بيت محمد ما يقتضي ذلك ، ومع ذلك فالسلطان غير مرتضى ذلك ، وكذلك غالب الناس غير مستصوبين ذلك ، والله يفعل ما يشاء.

وفي هذه الأيام (١) : وصل الخير من بر سعد الدين إن

__________________

(١) أنظر تحفة الزمان (فتوح الحبشة) لعرب فقيه : ١٧.

٢٠١

القراد (١) أحمد بن إبراهيم غزا الحبشة ، وأنه استفتح منها مدنا عظيمة وجهات واسعة والتقى هو والحطى ، فهزم الله الحطى ، ولم يزل مهزوما مخذولا ، والقراد في أثره يستفتح المدائن ويقتل وياسر حتى التجأ الحطى إلى جبال هناك في مفازة ، وقيل أنه ركب البحر والتجأ إلى جزائر هناك ، وصارت الحبشة أو غالبها في أيدي المسلمين بحمد الله ، ولم يعهد مثل ذلك فيما بلغنا ولله الحمد والمنة.

وفي : شهر جمادى الأولى وقع في جهة الشحر وحضرموت والكسر ودوعن برد عظيم بإسكان الرّاء ما يعهد مثله منذ زمن طويل ، حتى أن المياه في الكسر (٢) والهجرين جمدت في البرك والحياض والحباب ، وتلف غالب الزرع بحضرموت والكسر وغيرهما.

وفي ليلة الثلاثاء مستهل جمادى الأخرى : قبض السلطان بدر على محمد بن علي بن فارس وقيده فتحشموا فيه الشّنافر والعوامر من آل عبد العزيز لأنهم كانوا ضمناء في الصلح بينه وبين السّلطان ، فأما الشنافر فدخلوا السور عند آل عامر ، وأما العوامر فبقوا بجعيمة منتظرين وصول حطاب من نواحي ظفار ، وهو شيخهم ، وأما السلطان بدر فإنه عزم إلى هينن للصّياله على بلدان آل عامر ، وندب إلى آل جابر للمسير معه فلم يجيبوه ، ويقال أنهم بينهم وبينه وبين نهد صلح لم تنقض مدته حينئذ ، وذلك بعد أن أباحهم السلطان زروع نواحي شبام والغريب وموشح (٣) يرعونها مواشيهم ، رجاء أن يجيبوه إلى الصيالة معه فلم يجيبوه لما ذكرناه.

وفي (٤) أثناء هذا الشهر : وصل خبر بأن الشّيخ عثمان بن أحمد العمودي صاحب قيدون وما إليهما اختلف هو ونهد وعدّلوا له الهجرين ،

__________________

(١) فتوح الحبشة : ٦ «الجراد» بالجيم المعجمة ولعله لقب لملوكهم.

(٢) الكسر : في وسط حضرموت جهة واسعة أنظر «أدام القوت : ١٠١».

(٣) موشح : قرية سيأتي ذكرها في آخر الكتاب في معجم البلدان.

(٤) العدة ١ : ١٧١.

٢٠٢

وبعد ذلك بأيام وصل الخبر بأنه استولى على الجبل ، وهو من نواحي دوعن من جملة ممالك السلطان بدر ، ثم وصل الخبر بعد أيام : بأن السلطان استأصل خراب القويرة.

وفي جمادى الأخرى وصل طراد من المشقاص فيه رجل من الإفرنج وفيه بضاعة رز وغيره ، فطلب الأمان وابتاع واشترى.

وفي (١) هذه المدة : وصل الخبر من المشقاص بأن أحمد بن جردان وسعيد بن عبد الله بن عفرار ، حشدوا قبائل مهرة وأظهروا أنهم يريدون الشحر ولم يساعدهم محمد بن طوعري ، وبقي ، أهل الشحر في هذه المدة في غاية ما يكون من الخوف بين فرنجي ومهري ، وبدوي ، لأنه شاع في هذه الأيام أن جماعة من آل عبد العزيز نحو المائتين ساروا من السور ما عرف إلى أين توجهوا ، وقرع أهل الشحر على تباله والغيل ، لأن التجار وسواهم قد نقلوا غالب أثقالهم إليها.

وفي هذه الأيام : وصل الخبر بأن الشيخ عثمان العمودي أخذ هدون ورحاب من دوعن.

وفي عشية السبت سادس عشر جمادى الأخرى : ظهر غراب من الافرنج على بندر الشحر يقطع الطريق.

وفي آخر ليلة الأحد سابع وعشرين : وصل سليمان بن أبي بكر باهبرى وهو من أتباع العمودي وأنصاره في نحو مائة وخمسين رجل من البدو إلى تبالة ، ونهبوا فيها مواضع وامتنعت عليهم منها مواضع ، وذلك بعد أن صار في تبالة مال عظيم للمتهومين الواصلين من جدة من جوخ وزئبق ومرجان وغير ذلك وسبب أخراجهم المال المذكور إلى تباله الخوف عليه في الشحر من الافرنج.

وفي هذه الأيام : وصل الخبر بأن الشيخ عثمان العمودي أخذ القرين

__________________

(١) العدة ١ : ١٧١.

٢٠٣

أدخلوه أهلها ، وأنه بقى الحصن محصورا ، وكذلك وصل الخبر أن الشيخ قاتل الخريبة ، فقتل من أصحابه أربعة ولم يظفر منها بشيء.

وفي صباحية الأحد المذكور : أصبح الغراب الافرنجي المذكور يطرد مركبا ظهر من الهند من بادقل ، وتلاحق هو وإياه ووقع بينهما قتال بالمدافع والبنادق ، ثم أن الإفرنج رموا على مركب المسلمين برمتين باروت من الدّقل فضعف حالهم واستسلموا بعد أن قتل منهم جماعة ، ورمى جماعة منهم أنفسهم في البحر نحو الاثني عشر ، وفيهم جراحات من البندق.

وفي صبيحة يوم الجمعة ثاني يوم من شهر رجب : ظهر مركب من الهند فقصده الغراب الافرنجي فطلع جماعة من المتوهين في الشحر من الأروام والمغاربة وغيرهم في سفن صغار ، ليقطعوا بينه وبين المركب بادقلا فلما رآهم قاربوه رجع عن المركب الذي قصده وترك مركب بادقلا وهرب ، وذلك بعد أن كان قد أخذ من مركب بادقلا لما استولى عليه شيئا خفيفا.

وفي يوم الجمعة المذكور : انتقل السلطان من حورة إلى هينن قاصدا دوعن ، ثم وصل الخبر بأنه رجع إلى هينن وأمر الجند بالرجوع إلى أماكنهم إلى حضرموت.

وفي هذه الأيام : وصل الخبر بأن الشيخ أخذ الخريبة بمساعدة أهلها على ذلك وبقي الأمير عطيف في المصنعة محصورا.

وفي هذه الأيام : أذن السّلطان لصاحب سبيخ في بنائها فسار ليبنيها فاقتطع في الطّريق ، فأتى به إلى ثابت فوبخه ، ثم أذن له ثم لما بناها تبع الشيخ وأظهر له الطاعة.

وفي يوم السّبت عاشر رجب وقت الفجر : ظهر كوكب الذنب الذي ذكرناه أولا. وكان ظهوره في المرة الأولى من نحو مطلع العيوّق أو قريبا من ذلك ، وفي هذه المرة الثّانية كان ظهوره من نحو مطلع العقرب.

٢٠٤

وفي يوم الثلاثاء ثالث عشر رجب : ورد الخبر بأن الشيخ أخذ الدوفة.

وفي آخر الشهر المذكور : ورد الخبر بأنه أخذ القرين ، ثم ورد الخبر بأنه أخذ تولبة دون حصنها فإنه امتنع ثم حصره هو وأهل تولبة.

وفي هذه الأيام : وصل الخبر بأن عبد الله بن علي وصل من نواحي ظفار بنحو أربع مائة من بدو تلك الجهات نصرة للسلطان بدر ، وأن عمر بن (١) برّ أخيه من آل عبد العزيز وصل بنحو مائتين ، ودخل بهم جعيمة ثم ورد الخبر بوصول خطاب إلى حضرموت.

وفي يوم الخميس رابع عشر شعبان : ورد الخبر بأن السّلطان وصل إلى دوعن واستنقذ الخريبة وتولبه وأن الشيخ احتصر في القرين ، وأما نهد فإنهم كانوا مجتمعين في السور في نحو مائة وستين فارس ، وكان غرضهم منع السلطان من الممر إلى دوعن ، وبرزوا له لما أراد المرور فجاءهم خطاب وقر لهم ما طابت به نفوسهم من إطلاق محمد بن علي وتسكين الفتنة.

وفي يوم الخميس حادي وعشرين الشهر المذكور (٢) : وصل من الإفرنج سبع خشب إلى بندر الشحر واستولوا على مركب يوسف التركي بعد أن استتم جملة من البضائع الصادره من جده إلى الهند كرصاص ومرجان وزئبق وجوخ وغير ذلك ، وأما باقي المراكب فإن بعضها بوقه (٣) أهله ، وبعضها استفكوه ومن جملة ما بوق غراب صفر الذين وصلوا من الديو ، فإن ناخوذا بوّقه قريبا من الساحل ، فنزل بعضه في البحر وبقى غالبه بارزا ، وفيه حمل كثير فوه ونحاس ورصاص وغير ذلك ، ثم لما كان يوم

__________________

(١) كذا في الأصل سقط اسم والده. ولعله «ابن ابن أخيه».

(٢) الشهداء السبعة : ١١١.

(٣) تحقق هذه اللفظة وكأنها من عبارات أهل الشحر في ذلك الوقت. وفي القاموس باق المال فسد.

٢٠٥

الأحد استعدوا الافرنج لقصد الغراب المذكور ، وغرضهم أن يحرقوه ، فتقرب بعض غربانهم الى الساحل واخرجوا سنبوقا فيه جماعة فطلعوا للغراب ليحرقوه وأطلقوا المدافع من كثير غربانهم إلى السّاحل على المسلمين وذلك بعد أن استعد ناخوذة الغراب الرّومي على الساحل ، وقرب مدافعه واجتهد في المضاربة به لهم ، وطلع أعني الناخوذة الرومي إلى الغراب ، وطلع معه جماعة من العرب ، فلما رآهم الإفرنج الذين قد طلعوا فيه لإحراقه رموا أنفسهم إلى البحر وأخذ المسلمون سنبوقهم ، واستمر الحرب بالمدافع إلى اللّيل فقتل اثنين من المسلمين على الساحل بضربة مدفع وهما محرم بامخيتار (١) ورجل عدني آخر ، وقويت عزيمة المسلمين على قتالهم.

وفي هذه الأيام : وصل الخبر بأن خطاب سار من عند السلطان بدر هو وجماعة من العبيد وأطلقوا محمد بن علي وأصحابه وأدخلوهم السور ، وأنه أعني خطاب بقي يتردد من دوعن إلى السور ، في حديث صلح بين نهد وبين السلطان.

وفي هذه المدة : ورد الخبر بأن الشيخ عدل لنهد بضة على النصرة والمساعدة ، وفي هذه المدة اجتهد باهبري ومن معه من سيبان في حصر أصحاب السّلطان في دوعن بحيث لا أحد يقدر يصل إليهم بطعام ولا غيره حتى المكاتبة ما يسلّم منهم إلا النّادر ، والسلطان دخل دوعن على قصد حصر الشيخ فلم يكن المحصور إلّا هو.

وفي يوم السبت سلخ شعبان : انتقل الافرنجي المخذول من بندر الشحر بعد أن استفك منه أهل المراكب مراكبهم التي استولى عليها في البندر وأما مركب يوسف التركي فإنه لم يقبل منه فكاك بل سافر به معه.

وفي يوم الخميس ثاني عشر رمضان (٢) : وصل إلى البندر أربع برش

__________________

(١) (س) بامخيار.

(٢) الشهداء السبعة : ١١١.

٢٠٦

من الافرنج غير المسماريات (١) واستولوا على باقي مراكب الشحر التي في البندر ، وكان النّاخوذة الرومي المذكور أو لا سبب سلامة البلد منهم فإنه اجتهد في محاربتهم بالمدافع ، ولو لا أرباب الدولة لما قدر الإفرنج يأخذ شيئا من البندر ، وذلك أنهم أظهروا الموالاة للافرنج ونهو الرومي عن محاربتهم فلم ينته فحبسوا مهاترته (٢) وضربوا بعضهم ورفعوا بعض العدد ، وارتجت البلاد ارتجاجا عظيما من فعلهم ، وحزن المسلمون لذلك ، وحصلت شناعة عظيمة ، وذلك كله ظنا منهم أن ذلك مما يرضي الإفرنج ومما يتقربّون به إليهم ، وهيهات لا الافرنج راضين عنهم ، ولا الرومي ولا المسلمون ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وفي يوم السّبت رابع عشر رمضان بعد الظهر : مرّوا من البندر راجعين إلى الهند خذلهم الله ودمّرهم.

وفي أواخر رمضان : ورد الخبر بأن عثمان باحويرث خادم تريم قتل تحت القرين ببندق ، وأن الشيخ عثمان خرج من القرين بعد أن دخل أخوه عبد الله مكانه ، ووصل إلى الهجرين ولام نهد ، في تخلفّهم عنه ، فاعتذروا له وأجابوه إلى النّصرة وأرسلوا للحشد ، وذكروا أنهم اتفقوا على أن دوعن منصوفا بينهم ، وبين الشيخ ، ثم ورد الخبر بأن الشيخ إنما خرج في معاقدة إتمام الصّلح وإتمام الكلام فيه.

وفي أوائل شوال : ورد الخبر بأنه ، وقع الصّلح بين السلطان وبينهم على أن كل من في يده شيء من الحصون والبلدان فهو له ، وعلى أن السلطان يعدل لهم الرّشيد «وتولبة» والشيخ يعدل القرين ، ونهد يعدلون المنيظرة وعلى أن الشنافر في صلح آل علي بن فارس.

وفي يوم السّبت ثاني عشر شوال : ورد خبر من الغيل «غيل أبي

__________________

(١) كذا في الأصل ولعلها نفس المسماة بالسماريات نوع من السفن ، أنظر حولها السفن الإسلامية : ٩٩.

(٢) كذا ، ولعل هذه اللفظه بمعنى غلمان السفينة.

٢٠٧

وزير» بأن سيبان اجتمعوا ويريدون الغارة على غيل أبي وزير فخرج الأمير من الشحر ليلة الأحد بجماعة من العسكر وبنوهم إلى الغيل فلم يجدوا للخبر صحّة ، وكان في الجماعة الذين خرجوا الأمير وأناس من الأحموم (١) فتجاذب واحد منهم وآخر من العوابثة (٢) وأفضى الأمر إلى أن الأحمومي قتل العوبثاني ، ورجعوا الجميع إلى الشحر آخر نهار الأحد ، فخرج جماعة من العوابثة ودخلوا الشحر ليلا في خفيه.

وفي صباحية الاثنين : قتلوا ـ أعني العوابثه ـ في الشحر ثلاثة من الأحموم منهم اثنان من بيت سعيد وذلك بإذن من الدولة ، وفي أواخر شوال دخل السلطان بدر على نهد إلى السور وأظهروا المطايبة لبعضهم بعض ، ورام السّلطان منهم أن يتركوا الشيخ العمودي فامتنع ثابت من ذلك.

وفي النصف من شوال (٣) : التقى الشيخ عامر بن داؤد صاحب عدن ، هو ومطهر بن الإمام صاحب صنعاء في موضع قريب من ذمار ، ووقعت مقتلة عظيمة قتل فيها خلق كثير ، وانهزم الشيخ ، وما كاد يسلم ، وقتل من فحول عبيده جماعة وأسروا وزيره قاسم ، وجماعة من خاصته.

وفي هذه المدة : أيضا قتل آل عبد العزيز (٤) شخصا من رعايا شبام يقال له ابن جراب واتقف أن علي ولد السلطان محمد خرج من ساعته هو

__________________

(١) الأحموم ويقال لهم الحموم : عصبة من العصب الكبيرة بحضرموت وهي تتكون من قبائل مستقرة وبادية وأكثرهم يعيشون في الجبال في المنطقة الواقعة جنوبي وادي المسيلة إلى جهة البحر يحدهم شرقا المهرة وغربا الطريق الشرقيه والأسواق التي يردونها الشحر وسائر المدن الساحلية الشرقيه (أدوار التاريخ الحضرمي ٢ : ١٣٥٦.

(٢) العوابثه : هذه القبيلة يوجد بين أفرادها البادية والمستقرون وهم يعيشون في وادي العين وشحيبر وهاجر قسم مستقل بنفسه بالقرب من الغيضه في بلاد المهرة آل عوبثان والعوابثه قبيله قديمة ورد ذكرها في تاريخ حضرموت منذ مئات السنين مستقرة في وادي العين (أدوار التاريخ الحضرمي ٢ : ٢٧١).

(٣) لم يذكر صاحب روح الروح لقاء المطهر بالعامري في هذه السنة أنظر روح الروح : ٤٦ وإنما كان ذلك سنة ٩٤١.

(٤) آل عبد العزيز فرع من آل عامر من الشنافر (أدوار التاريخ الحضرمي ٢ : ٣٧٨).

٢٠٨

وبعض الأخدام ، فوجدوا اثنين من آل شبيب فقتلوهم فتجشّموا فيهم آل عبد العزيز لأنهم رباعتهم ، ثم اصطلحوا هم والسلطان.

وفي هذه المدة : قتل من آل جابر واحد من آل سلم ، فقتلوا آل سلم اثنين ، وذلك بعد أن قتلوا آل جابر خادم السلطان بغيل بن ثعلب ، وآل الأمر إلى الاغضاء والصلح بينهم وبين آل سلم مدة شهرين.

وفي يوم السبت ثالث وعشرين ذي الحجة : وقعت هدّة بين المعاضي القاطنين في الشحر وقتل علي بن عيسى وأثخن أخوه شريان بالجراحة ، وجرح مساعد بن كردوس وغيره ، ثم أن الأمير نفى الفتاكين فساروا إلى حضرموت.

وفي أواخر ذي الحجة : ورد الخبر بأن ثابت بن علي بن فارس منع من تعديل الهجرين وأنه لم يقبل في الشيخ العمودي صرفا ولا عدلا ، وكان السلطان قد وصل إلى هينن في رجاء تمام الصّلح الثاني ، فلما منع ثابت رجع السلطان إلى شبام وبقي الجميع على حكم الصّلح الأول الذي وقع بدوعن ثم أن آل عبد الله لم يقبلهم محمد بن علي بن فارس فسقطوا على السلطان فقبلهم وأعطاهم أكل حريضة ومنافعها على أنهم يسكنون بها ويضعون من شاؤا ، وعدّلوا للسلطان الأحروم ، انتهى ما نقلته من خط الفقيه العلامة عبد الله بن عمر بامخرمة من أول سنة ثمان إلى هذا.

ومن كتاب الغرر (١) للسيد محمد بن علي بن علوي خرد رحمه‌الله :

وفيها : توفي السيد الشريف المنيف الزاهد العابد السالك النّاسك الورع جمال الدين محمد بن الشيخ أبي بكر بن عمر بن حسن بن محمد بن حسن بن أبي بكر بن الشيخ أحمد بن الفقيه محمد بن علي باعلوي رحمه‌الله ، وكان مشغولا يطلب العلم منقوله الإرشاد وقرأه وغيره من كتب الأصول في الفقه على الفقيه محمد بن أحمد الزبيدي بمكة المشرفة وجاور

__________________

(١) غرر البهاء الضوى : ٢٥٦.

٢٠٩

بها مدة اثنتي عشر سنة ، وكان متقللا عن الدنيا خليّا منها راغبا في الآخرة كثير الذكر والأوراد ، وقرأ الإرشاد ثلاث مرات بعد نقله له ومنهاج العابدين ونشر المحاسن ، وغيرهن من الكتب على الفقيه الزبيدي والإحياء ، وتوفي بمكة المشرفة بأعلى المعلاة بجنب شيخه الشيخ محمد بن علي بن عراق ، والفقيه عبد الله بن أحمد باكثير رحمه‌الله آمين.

وفيها (١) : توفي الفقيه النبيه الولي العالم العلامة أوحد عباد الله الصالحين السيد الشريف برهان الدين إبراهيم بن علي بن علوي خرد بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن الشيخ عبد الله بن علوي باعلوي رحمه‌الله وغفر له ونفعنا ببركاته ، وكان له خلق حسن كثير الإحسان والمنن مولده سنة إحدى وتسعمائة جاور ببيت الله الحرام وزار قبر نبيه عليه أفضل الصلاة والسّلام ، وله عدة سنين في الزيارة للضريح الشّريف وأعوام ، قرأ على فقهاء الحرمين الشريفين وتفقه بزبيد على الفقيه عمر المغربي والفقيه عبد الرحمن الديبع والفقيه العلامة العالم أحمد بن عمر المزجد ، والشاوري (٢) الفقيه الزبيدي في الفروع والأصول والنحو وغيرها من الفنون في العلم ، وكان يحقق العشر القراآت للقراء برواياتها ، و [تفقه في علم القراءة بالفقيه المدني محمود بن حميدان بالمدينة والإمام أحمد العجمي بمكة. وكان جده الشيخ الكبير الولي الشهير علوي بن الشيخ محمد](٣) كثير الاجتهاد والصّيام والقيام والانفراد والخلوات في الأودية الموحشة والفلوات ، كثير الجوع والصمت والورع ، زاهدا عابدا ناسكا سالكا للطريقة متحلّي بعزائم الشريعة ، وله المعرفة التامة والكشوفات الخارقة ، والأحوال الفائقة والفراسات الصادقة ، وله كرامات ظاهرة لا تخفى ، ومناقب لا تعد ولا تحصى ، منها أنه صلّى على نفسه بنفسه ، وذلك انه إن شاهده الولي الشريف الصالح عبد الله بن عبد الرحمن باعلوي عرف بالأصقع ، قال :

__________________

(١) غرر البهاء الضوى : ١٧٩.

(٢) الأصل الشادرى وأصلحناه من الغرر.

(٣) ساقط من الأصول وأضفناه من الغرر : ٧٩.

٢١٠

خرج من نعشه بهيكله (١) المعروف وصلّى مع المصلين على جنازته ، أخبرني (٢) بذلك الشريف عبد الله والده عبد الرحمن أنه شاهده في حال صحة من عقله وبدنه ، فأعظم بها من منقبه جليلة وناهيك بها كرامة خارقة عظيمة ، وشاعت هذه الكرامة مع الخاص والعام ، وتحدّث بها العارفون والعوام (٣) وكيف وله كرامات جمة كثيرة ، نفع الله به انتهى من غرر البهاء للسيد محمد بن علي بن علوي خرد.

ومن تاريخ السيد عبد القادر العيدروس (٤).

وفيها : في ليلة السبت سادس عشر شوال ، توفي الفقيه يحيى بن علي بن أحمد بن شرف الدين الرّحبي الأصل المكي المالكي ، ويعرف كأبيه بالمغربي فجهّز في ليلته وصلي عليه في صباحها ، ودفن بالمعلاة عند قبر جده ، وكان مولده في ليلة الأربعاء وأربع وعشرين خلت من ربيع الأول سنة خمس وستين بمكة ، ونشأ بها وحفظ القرآن وأربعين النووي والشاطبية والرسالة وألفية النحو ، ذكره السخاوي في تاريخه (٥) قال : وله تردد إلي وسماع علي ولي إليه زائد الميل لتواضعه وأدبه وفهمه وذكائه وحسن عشرته بحيث صار بيته بمكة مألفا لأحبابه مع عدم اتساع دائرته.

ثم قال السيد عبد القادر (٦) : وفيها كان وصول مصطفى بهرام إلى أرض الهند ، ووصل في صحبته بالمدفعين المشهورين المسميين ليلا والمجنون ، وقد تقدم في سنة سبع وصوله إلى الديو.

وعن الفقيه عبد الله بامخرمة في مسوّدته (٧) :

__________________

(١) الأصل هيكله وأصلحناه من الغرر.

(٢) الغرر : «فأخبر».

(٣) الأصل الأعوام وأصلحناه من الغرر.

(٤) النور السافر : ١٨٢. وانظر : شذرات الذهب ٨ : ٢٣٠.

(٥) الضوء اللامع.

(٦) النور السافر : ١٨٣.

(٧) في الأصل مسورته بالراء وأصلحناه من عندنا.

٢١١

في سنة تسع وثلاثين

في ليلة السبت قبيل الفجر خامس عشر شهر المحرم : وصل سليمان بن أبي بكر باهبري في مائة وخمسين إلى شكلنزه (١) ونهبها وأخذ رقيقا ومواشي وغير ذلك ، وأخذ من رعايا البلد عوض بن مبارك بامؤمل ، وولده وعبده ، وكان ابن عتيق ربيع بامؤمل ، فتكلم في استرداده فلم يوجّهوه ، ثم سعى في استفكاكه حتى أوصلهم ألف ومائتين دينارا فلم يجيبوا لذلك ، ثم استفك بألف وأربعمائة دينار.

وفي أواخر الشهر المذكور : أخذ ابن طربل المهري برشة صاحب عدن واستولى على ما فيها ، وكانت أشحنت من عدن تريد الديو (٢) وقد كان هو أعني ابن طربل بعدن ، فحصل عليه في عدن من الدّولة بعض تنكيد ثم فسحوه للسفر عقب سفر البرشة ، فلحقها في المسافة التي بين عدن والشحر.

وفي أواخر الشهر المذكور : غدر الزيدية ببني حبيش ، بسبب أن بني حبيش يريدون يمرون سدة (٣) حضرموت ، وهم يزفون عند وصولهم من الخلا ، فمنعوهم الزيدية ، فقتل من الزّيدية واحد في الحال ، ومات واحد من بني حبيش بعد يومين بجراحة مثخنة فيه.

__________________

(١) بلدة من أعمال المكلا.

(٢) الأصل : الدير.

(٣) السده بكسر السين هو الباب الكبير يمر تحته الناس.

٢١٢

وفي حادي عشر شهر صفر : قتل زيد بن حدج واحد من خولان لأجل الحشم الذي حصل من الزيدية في غدر بني حبيش كما ذكرنا آنفا لأن زيد المذكور أحد القبلاء في الصلح.

وفي هذه المدة : اصطلح عبد الله بن علي في الدوفة وباهبري ، على أن لباهبري الربع من جميع زراعة الأيسر (١) ، على أن مدة الصلح المذكور شهرين حتى يكمل الحصاد لأن عبد الله بن علي كان أدخله السلطان بدر إلى الأيسر ببعض عسكر ليمنع من الزراعة ، فلم يقدر على ذلك لقلة من معه وضعف الدولة فاضطر إلى ما ذكرناه.

وفي ليلة الجمعة خامس وعشرين الشهر المذكور : تواتر إنقضاض الكواكب قبيل الفجر واستمر ، وكان في الكثرة إلى حدّ لم يعهد إلّا أن يكون في زمن متقدم عن عصرنا.

وفي شهر ربيع الثاني : توفي الشيخ الصالح الولي الفقيه شجاع الدين عمر بن عقيل باربيعة بشبام رحمه‌الله تعالى.

وفي هذا الشهر (٢) : توفي الشيخ شهاب الدين الصالح الولي العارف بالله أحمد بن سهل بن عامر بن إسحق الهينني ، وكان من الأولياء العارفين والأكابر المكاشفين ، رحمه‌الله ونفعنا به آمين.

وفي : هذا الشّهر أو قبله وبعده : وقع في حضرموت مرض وموت كثير وكذلك بالهجرين ولكنه في النّساء والصبيان ، وأما الرجال فهو فيهم قليل ، قال باسنجلة : عم حضرموت ومات فيه خلق كثير ، وتوفي فيها عبد الله بن عمر باعقبة وأخوه أحمد بن عقبه ، وعمر بن أبي بكر باذيب ، ونحو أربعمائة جنازة من شبام وحدها ، وخرج من بور نحو ألف وخمسمائة جنازة ، إلا أن أكثرها نساء وصغار ، ومن مشاهير أهلها الفقيه

__________________

(١) يعني الوادي الأيسر من دوعن.

(٢) النفحات المسكية ٢ : ١١٧ (خ).

٢١٣

أحمد بن علي بابهير وعمر بن محمد باحجر انتهى كلام باسنجلة ، وفيها : دخل سليمان باهبري غيل باوزير في جماعة قليل من البدو وكثير من عبيد حجر ، ونهب بيوت آل عمر باعمر وبعض الناس سواهم.

وفي اثني عشر شهر رجب : اتفق تجديد الصّلح بين آل علي بن فارس وبين السلطان ، على أن لهم ماكلة دوعن وله رماه في الحصون ، وعدل لهم تريس ، وعدلوا له الهجرين والمنيظرة على التبعة.

وفي يوم الأحد حادي عشر شعبان : عزم السّلطان محمد إلى المشقاص بسبب وحشة اتفقت بينه وبين أخيه السلطان بدر.

وفي يوم الاثنين ثاني عشر الشهر المذكور : حضر محمد بن بدر بن جعفر في حصن الشحر ، وطلب سائر العسكر والنقباء وحالفهم للسلطان بدر ، وذكرانه وصل أمر من السلطان بدر بذلك.

وفي هذا الشهر : توفي الشيخ الصّالح العالم العلامة الفقيه برهان الدين إبراهيم باهرمز بشبام رحمه‌الله تعالى.

وفي صبح الجمعة مستهل شهر رمضان (١) : وصل غراب من الإفرنج إلى بندر الشحر ، وفي عشيتها ورد الخبر من بروم أن أربعة عشر قطعة من الإفرنج جاوزت ميفع.

وفي يوم الخميس سابع شهر رمضان : رجع منهم ثلاثة أغربه إلى بندر الشحر وذلك أنهم أرادوا الإستقاء من ميفع فمنعوا ، وكذلك منعوا من بروم والمكلا ، ولما وصلوا إلى الشحر حصل له غرضهم من الماء وغيره ، ثم رجعت بعدهم باقي الأغربة وهي سبعة فصارت عشرة في البندر ، ثم بعد يومين وصلت برشتين وأربعة أغربة فتحصّلت نحو ستة عشر قطعة ، وكان غرضهم نزول البلد ، فلما علموا أنها قد أخليت من المال ، وأنه لم يبق فيها لا مال ولا نساء ، وعلموا أيضا أن فيها خيل نحو الثمانين ،

__________________

(١) الشهداء السبعة : ١١١.

٢١٤

وعسكر من بدو ورماة وسواهم تركوا النزول إليها ، وحصل بينهم وبين السلطان كلام في المصالحة ، وكتبوا له خط على أنه يرسل رسولا من جهته إلى جوه إلى قنبطانهم بهدية ويتّموا معه الكلام ، ويعقدون الصلح ، ثم صروا (١) من البندر ليلة الأربعاء ثالث عشر الشهر المذكور ، بعد أن استولوا على ما في البندر من المراكب وفكوا أربابهم منهم ، وكان قد دخل منهم ثمانية أغربة إلى بروم ، وخرجوا إليها فهرب أهلها فقتلوا من المسلين خمسة ونهبوها ، ووقعوا على خباياهم ومدافنهم ، ثم بعد مسيرهم من الشحر مرّوا مكان باغشوة فحرقوه ، ونزل منهم جماعة فكمنوا في السّاحل حتى مربهم إثنان من الصّيادين فأخذوهم ، ثم ورد الخبر من بروم أن غرابا منهم ظهر على نواحي بروم راجعا نحو عدن ، والظاهر أنه للبحث عن التجريدة وتحقيق خبرها لأنه ورد الخبر في هذه الأيام أن غرابين منها بسواكن.

ثم لما كان آخر يوم السبت ثالث وعشرين الشهر : ظهر الغراب المذكور في بندر الشحر بعد أن كان وصل خلفه وصادف طرادا من زيلع ، وأخذ ما فيه من دقيق وغيره ، وهرب أهل الطراد إلى البر ، ومعهم بعض الحوائج والرقيق ، فلحقوهم إلى البر وأخذوا بقية ما معهم من ذلك ، ورجعوا ، ثم أنهم توهّموا أن الذين هربوا دفنوا الذّهب ، فخرجوا في اليوم الثاني ليخرجوا الدفين فكمنوا لهم جماعة من آل بامحمد ، فقتلوا منهم سبعة وجرحوا اثنين ، وهرب من سلم منهم إلى البحر ، ثم رجع الغراب إلى الهند.

وفي أثناء شهر شوال : ثار باحكيم صاحب القرين فبناه بغتة ، فلما علم آل علي بن فارس نهضوا إليه من السّور وحصروه ، وأرسلوا إلى السلطان بدر يعلمونه بذلك ، واتهموا الشيخ العمودي بموالاة باحكيم ، وأنه سبب إثارته ، ووقع بينهم وبين الشيخ أكاليم وتهديدات.

__________________

(١) سبق شرحه.

٢١٥

وفي هذا الشهر : وصل الخبر بوفاة الفقيه العلامة وجيه الدين عبد الرحمن بن نعمان بالهجرين رحمه‌الله.

وفي يوم الخميس سابع وعشرين الشهر : وقت الضحى هبّت ريح فيها سمائم (١) وصار الجو حارا واستمر ذلك إلى وقت العصر.

وفي يوم الجمعة ثامن وعشرين : وقع غيث قوي ، وحصل معه رياح مختلفة واستمر إلى صباحية السّبت ، وتلف بسبب ذلك نخيل كثيرة من نواحي الشّحر ، وكان في البندر مركبان فانسرب أحدهما وسحب الآخر فتخرج عن موضع قريب شحير وتكسر ، وأيضا سنبوق قد وصل من عدن إلى راس المكلا فغرق ومات جماعة من ركبته ، وكذلك طراد من زيلع فيه رقيق وورس انكسر على شرمة (٢) وسلم ركبته تعلقّوا بالجبل ، ثم وصل الخبر من دوعن بخراب النخيل من السيول شيء لم يعهد مثله بحيث أن الذي تلف تحت رحاب يزيد على أربعة آلاف نخلة وكذلك ذبورهم تلفت ، ولم يبق في دوعن من الذبر والنخيل إلا القليل ، وبالجملة فإن هذه السّيول وصلت في دوعن إلى مواضع لم تعهد ولم تخطر ببال فلله الحمد على كل حال.

وفي أواخر ذي القعدة : سار السلطان بدر من الشحر إلى حضرموت في وعد آل عامر ، لأنه وصل الخبر أن آل عبد الله قتلوا في حريضه علي بن عبد الله بن عدل ، وهو أخو فارس صاحب عمد فتحزّبوا آل عامر وأرسلوا للسلطان ووعدوه أنهم يطرحون له الشيخ العمودي ، فخرج إليهم في رجاء ذلك والله أعلم ما يكون.

وفي ثالث أو رابع ذي الحجة طلع الكوكب ذو الذنب الذي تقدم ذكره ، وكان مطلعه قريبا من مطلعه الأول ومكث أياما ثم غاب.

__________________

(١) سمائم : سموم ريح حارة.

(٢) شرمة : بلدة بالقرب من المكلا.

٢١٦

وفي هذا الشّهر : حدث طاعون في صنعاء ونواحيها وماتوا به جماعة من أهل هينن وسواهم.

وفي ذي الحجة : توفي العفيف عبد الله بن محمد بن أبي بكر الهمداني بالشحر ، وكان من أعيان الشحر ورؤسائها (١)

__________________

(١) قلت هذه الأخبار تفرد بها المؤلف من مصادره النادرة المفقودة فلم نستطع تخريجها فيفهم.

٢١٧

سنة أربعين وتسعمائة

في يوم الخميس ثامن المحرم (١) : وصل خبر من المشقاص بأن السلطان محمد حشد مهرة يريد الشّحر فاحتذر أهل الشحر ، وفي يوم السّبت رابع وعشرين وقت طلوع الشمس : وصل إلى الشحر في نحو ثلثمائة من بيت زياد وسواهم ، وقصد مسجد بن عتيق عند قبر الفقيه عبد الله بلحاج بافضل رحمه‌الله ، فرموه من الحصن بالمدافع وكاد يهلك بها أصحابه فمالوا إلى مسجد باسبوعة لتكون الدّيار حائلة عليهم ، فلما كان وقت الهاجرة قتل عبد من عبيد بيت زياد ببندق ، ثم كان بعد صلاة العصر من يومهم كرّوا راجعين إلى المشقاص ، وهو الذي حملهم على ذلك أعني السلطان محمد استبقى (٢) لهم خشية هلاك أحد منهم بالمدافع ، ولم يكن في وهمه وقوع شيء من ذلك ، وكفى الله المؤمنين القتال.

وفي أوائل شهر ربيع الأول : جدد السّلطان بدر الصلح هو وآل علي بن فارس وأعطاهم الخريبة الجميع المصنعة والبلد على أنهم يتبعونه أينما أراد لا يتخلّف منهم أحد.

وفي هذه الأيام : سافر السلطان محمد من المشقاص إلى ظفار في جماعة قليلة نحو الأربعين.

__________________

(١) النفحات المسكية ٢ : ١١٧.

(٢) في (س) الإستقبا.

٢١٨

وفي شهر ربيع الثّاني : وصل الخبر أنه قيد أمير ظفار عيدان وقاضيها بن شنيف ، ورسم عليهما الأمير نفسه بثلاثة آلاف أشرفي وابن شنيف بأربعة آلاف أشرفي ، وأما الحصن فإن نقيبه الحبيشي لم يمكنه منه بل قال له : الحصن بينك وبين أخيك.

وفي هذه الأيام : وصل السّلطان بدر إلى دوعن مع آل علي بن فارس وحطّوا على صيف وقطعوا تحتها نخلا ، وسار ثابت بجماعة من المحطة وعدّى في القرين بموالاة آل قتادة ، وأما الحصن فبقي ممتنع ثم رجع السّلطان إلى «هينن» واسترجع حريضة من آل عبد الله ، وأطلق عليهم الأحروم بعد أن كانت معدّلة له.

وفي أواخر جمادى الأولى : وصل الخبر بأن حصن القرين تؤدّى لثابت بعد أن قتل نقيبه باحكيم بحجر العرادة (١).

وفي جمادى الثّاني : وصل عبد الله بن علي إلى ظفار وظاهر الحال أنه لأجل الصّلح بين السلطان بدر وأخيه محمد ، وفي باطن الأمر بخلاف ذلك ، فلما ظهر للسلطان محمد باطن الأمر ، أمر بإخراجه من البلد ، فرجع إلى حضرموت فما أعقيه إلّا أن السّلطان بدر سار من حضرموت إلى ظفار في اثني عشر رجب من طريق البر في جماعة من آل عبد العزيز وسواهم.

وفي أواخر الشّهر : وصل سعد بن رابضة من الكسر من غيل ابن يمين وسار هو وعلي ابن السلطان محمد مخالفين على أخيه بدر.

وفي العشر الوسطى من شعبان : وصل الخبر بأن السلطانين اصطلحا بعد أن حصر بدر ظفار أياما ، ثم أنه أمر النّقيب بتسليم الحصن وما فيه لأخيه محمد ، وأشهد على نفسه أن ظفارا لأخيه محمد ، وفي هذه الأيام عدوا آل اللسك (٢) في اللّسك وذلك أنهم دسوا (٣) ثلاثه من الضعفاء على

__________________

(١) العرّادة : من آلات الحرب أخف من المنجنيق ترمي بالحجارة المرمى البعيد.

(٢) اللسك : يطلق عليها الآن القرية من ضواحي تريم حضرموت (ادوار التاريخ : ٩٨).

(٣) (س) وسوا.

٢١٩

أنهم يريدون يشترون من النّقيب تمرا وطلعوا بالميزان ، وقد كان خرج بعض الرماة لبعض حوائجهم وآل الأمر إلى أن الضعفاء قتلوا النّقيب ومن عنده واستولوا على الحصن ، وطلعوا فيه نحو الأربعين أو الخمسين واستمدوا فيه من الّطعام والتمر والماء ، ثم أن أمراء السّلطان وحلفاه حصروهم.

وفي هذه المدة : وصل الخبر أن الإفرنج وصلوا بتجهيزهم إلى الديو وأنه حصل بينهم وبين السلطان كلام في الصّلح ثم لم ينتظم ، وذلك بعد أن ولي مصطفى يبرم الإمارة بالديو ، ثم وصل الخبر بأنهم رجعوا إلى مواضعهم.

وفي يوم الأحد سابع رمضان : وصل إلى البندر اثنا عشر غراب من الافرنج فأفسدوا البندر على عادتهم وقدموا غرابين (١) إلى جهة عدن والباب (٢) ، وكانوا قد صادفوا نحو أربعة أو خمسة من مراكب من كجرات ، منها مركب ابن منقوش ، وفيه جماعة من العرب وسواهم.

وفي يوم الاثنين خامس الشهر : صروا (٣) من البندر راجعين إلى هرموز ثم بعد يومين أو ثلاث وصل أحد الغرابين ، ثم بعده الثاني وغاية ما وصلوا إلى أحور ولم يظفروا بشيء ، ثم لما وصلوا إلى المشقاص وجدوا منهم برشة وغراب قد دخلوا بمركب منقوش إلى بندر المشقاص فاتفق بينهم كلام في استفكاكه وركبته باثنين وعشرين ألف أشرفي ، ولم يوافقوا الافرنج الا على إخراج التجار دون البحرة ، فلم يجدوا البحرة بّدا من ذلك لأن من جملة الأسارى ابن منقوش.

وفي أواخر الشهر : وصل الخبر من عدن أن أربعة غربان مرّوا بعدن

__________________

(١) (س) غراب.

(٢) كذا ولم يحقق هذا الباب ولعله باب المندب. وحول أبواب عدن أنظر تاريخ ثغر عدن ١ : ١٤.

(٣) كذا كسابقة وقد سبق شرح هذه اللفظة.

٢٢٠