تاريخ الشّحر وأخبار القرن العاشر

محمّد بن عمر الطيّب بافقيه

تاريخ الشّحر وأخبار القرن العاشر

المؤلف:

محمّد بن عمر الطيّب بافقيه


المحقق: عبد الله محمّد الحبشي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الإرشاد
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٠

١
٢

٣

٤

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

شغل المؤرخون في حضرموت بكتابة تاريخ القرن العاشر الهجري في أعمال متتابعة كثيرة يلحظها الباحث في تاريخ الحركة الثقافية في ذلك البلد. فبعد أن كتب المؤرخ الحضرمي الهندي العلامة عبد القادر بن شيخ العيدروس كتابه المشهور «النور السافر في أخبار القرن العاشر» أتى بعده مؤرخان يتبعان أثره ، أحدهما : هو صاحب كتابنا هذا المؤرخ الطيب محمد بافقيه ليحصره في أخبار مدينة الشحر خلال هذا القرن مع ما استقاه من نتف أخرى من كتاب النور السافر تتعلق بأخبار القرن العاشر خارج منطقته المعنى بها. ثم جاء بعده مؤرخ آخر هو العلامة محمد بن أبي بكر الشلي المتوفى ١٠٩٣ ه‍ فوجد كتاب النور السافر على الرغم من ضخامته واستطراده لكثير من التراجم والأشعار الأدبية وجده ينقصه الكثير من التراجم التي فاتت مؤلفه ، وهذا يقع لكثير من المؤرخين القدامى نظرا لصعوبة الحصول على المصادر قبل ظهور آلة الطباعة ؛ فما كان منه إلا أن ألحق النص بما فات مؤلفه الأول من تراجم كثيرة ضمنها كتابه هذا مع حرصه على إيراد ما جاء في الكتاب الأم. ومع ذلك فإن لكتاب النور السافر رونقه وطابعه الخاص بما حواه من تراجم يمنية في حين أغرق الشلي كتابه بتراجم مبتسرة لكثير من رجال العالم الإسلامي يجدها الباحث في مصادر أخرى معروفة.

٥

وهناك كتاب رابع يتعلق بأخبار القرن العاشر لا يمكن تجاهله على الرغم من صغر حجمه وكونه ذيلا لكتاب كبير آخر ألفه مؤلفه في مناقب الشيخ الصوفي معروف بن عبد الله باجمال المتوفى سنة ٩٦٤ ه‍ ذلك هو كتاب «الدر الفاخر في تراجم أعيان القرن العاشر» لمؤلفه العلامة محمد بن عبد الرحمن باجمال المتوفى سنة ١٠١٦ ؛ وهو يتميز عمّن سبقه ممن كتب في هذا الموضوع بأصالة مادته ، وأنه لم يعتمد فيه على النقل من كتب أخرى وإنما رجع إلى ما سمعه وشاهده من تراجم عصره.

ولعلنا ندرك السر بولع الحضارمة بأخبار القرن العاشر الهجري ـ مع أنهم لم يكتبوا شيئا من تاريخ القرون الأخرى ـ باستثناء ما كتبه الشلي عن تاريخ القرن الحادي عشر في كتابه «الجواهر والدرر» ـ إذ أعلمنا أن ذلك وصلهم عن طريق التقليد والمحاكاة ، وذلك عندما وقف المؤرخ عبد القادر بن شيخ العيدروس على كتاب «الضوء اللامع في تراجم أعيان القرن التاسع» للمؤرخ محمد عبد الرحمن السخاوي المتوفى سنة ٩٠٢ ، فما كان منه إلا أن قفّاه بأخبار القرن العاشر ، وظلت هذه العادة مضطردة عند أهل اليمن حتى عصرنا الحاضر عندما وجدنا المؤرخ الكبير محمد بن محمد زبارة يكتب مؤلفه الشهير في أخبار القرن الثالث عشر المسمى «نيل الوطر في أخبار القرن الثالث عشر».

ولا يفوتنا ونحن في معرض الحديث عن القرن العاشر وولع المؤرخون الحضارم بتاريخه أن نرجع أساس الظاهر ، إلى تاريخ مفقود ينقل عنه مؤرخنا الطيب بافقيه كثيرا ، وهو كتاب المؤرخ الحضرمي عبد الله بن أحمد باسنجلة المتوفى سنة ٩٧٧ الذي وقف على نسخة منه في زمننا هذا المؤرخ علوي بن طاهر الحداد في كتابه الشامل وقد أبان عنوانه أنه من النوع الذي يعنى بأخبار القرن العاشر. فقد ذكر المؤرخ الحدّاد أنه يسمى «العقد الثمين الفاخر من أوائل القرن العاشر» ويقول إنه «مختص بما بعد التسعمائة من السنين إلى عام سبع وسبعين» وبهذا يكون المؤرخ

٦

باسنجلة صاحب الريادة في تاريخ القرن العاشر على الرغم من عدم اطلاع صاحب النور السافر على هذا التاريخ بل عدم علمه به تماما.

وهذه الكتب الثلاثة أعني كتاب النور السافر وتاريخ الطيب بافقيه والسناء الباهر للشلي ـ ليس فيهما من الجهد الذاتي والإضافات الخاصة بهم سوى ما نقلوه من الكتب الأخرى وضموه إلى مؤلفاتهم. فليس في كتاب النور السافر ما يمكن أن ينسب إليه من أخبار سوى ما استله من كتاب المؤرخ عبد الرحمن بن علي ابن الديبع المتوفى سنة ٩٤٤ ه‍ المسمى «بغية المستفيد وذيله الفضل المزيد» وما نقله من كتب التراجم الأخرى المتعلقة بأخبار المصريين والشاميين والحجازيين وغيرهم. وكذا يقال عن كتاب السناء الباهر.

على أن كتاب تاريخ الطيب بافقيه على الرغم من اعتماده الكلي على غيره واستقاء مادته من مصادر أخرى إلا أنه رجع في كتابه ـ بجانب ما استوعبه من كتاب النور السافر ـ إلى مصدرين هامين يعتبران في حكم المفقودين :

الكتاب الأول : «تاريخ القرن العاشر» للمؤرخ عبد الله بن أحمد باسنجلة السابق. وهذا الكتاب هو الذي أعطى كتابنا هذا التخصص في تاريخ الشحر لأن الكتاب المذكور جعله صاحبه أساسا في تاريخ تلك المدينة (١) ، وهو يعتبر من الكتب المفقودة ، ولا نعلم بوجود نسخة منه سوى ما ذكره المؤرخ علوي بن طاهر الحداد من أنه رجع إلى نسخة منه لا نعرف إلى الآن مصيرها.

__________________

(١) يذكر شيخنا العلامة الأديب المرحوم محمد عبد القادر بامطرف في كتابه الشهداء السبعة : ١٢ كتابا في تاريخ مدينة الشحر هو كتاب «بهجة السمر في أخبار بندر سعاد المشتهر» للمؤرخ الملاح سالم بن عوض باسباع ، قال إنه من أهل القرن العاشر «توفي سنة ٩٥٠ ه‍» فيكون هذا أقدم من المؤرخ باسنجلة ، وهو أول من عنى بأخبار مدينة الشحر «بندر سعاد» وأول من رصد أحداثها في القرن العاشر ، ولعله مصدر باسنجلة المتوفى سنة ٩٧٧ والله أعلم.

٧

والكتاب الثاني ـ وهو الأهم ـ هو حصول مؤلف كتابنا على مسودة مذكرات تاريخية للفقيه المؤرخ عبد الله بن عمر بن عبد الله بامخرمة المتوفى سنة ٩٧٢ وقد أراد بها التذييل على تاريخ عمه المؤرخ الطيب عبد الله بن عبد الله بن أحمد بامخرمة المتوفى سنة ٩٤٧ المسمى «قلائد النحر في وقائع الدهر» الذي انتهى فيه إلى سنة ٩٢٧ ه‍. وهذه المذكرات لا يذكرها أحد من المؤرخين في ترجمة المذكور ، وإنما علمنا بها من كتابنا هذا ، بل إن الفقيه عبد الله بن عمر بامخرمة لم يعرف كمؤرخ وإنما اشتهر بين الناس كفقيه ضليع ، وهو صاحب الفتاوي الفقهية المشهورة بين العلماء والمعروفة بالفتاوي الهجرانية. وله مؤلفات فقهية أخرى. وقد صرح المؤلف رحمه‌الله أنه ينقل عن هذه المذكرات التي يسميها التقييدات وقد بدأ النقل منها من حوادث سنة ٩٠٨ فما بعدها ، وهذا يدلّ على أن بامخرمة الثاني لم يكن يذيّل على تاريخ عمه ، وإنما كان يجمع تاريخا مستقلا به. لأن تاريخ قلائد النحر لبامخرمة ينتهي إلى حوادث سنة ٩٢٧ كما أسلفنا فيكون عمل ابن أخيه عمل آخر ، وإن كنا نجد صاحب تاريخ الشحر هذا يرجع في النقل في حوادث السنوات الأولى من القرن العاشر حتى سنة ٩٢٧ إلى تاريخ قلائد النحر ونجد عباراته بالنص دون زيادة أو تغيير ، إلّا أن يكون بامخرمة الثاني قد استوعب تاريخ عمه في حوادث هذه السنوات وأضافها إلى ما قام به ، والله أعلم.

وحفظ كتابنا هذا لمذكرات المؤرخ الفقيه عبد الله بن عمر بامخرمة المتوفى سنة ٩٧٢ يعتبر ثروة ثمينة تعطي الكتاب هذا أهمية قصوى لأن هذه المذكرات حوت معلومات تاريخية معاصرة لكاتبها تتعلق بأخبار عدن والشحر وحضرموت لا توجد في كتاب غيره ، وتجد المؤلف ينقل تلك المذكرات بحرفية وسذاجة أحيانا ، فهو ربما نقل نص المؤرخ بامخرمة بصيغة المتكلم كما هو موجود عنده فيقول بامخرمة ـ مثلا ـ متحدثا عن حجه سنة ٩٤٦ : «وفي سلخ ذي الحجة عزمنا للحج إلى بيت الله الحرام

٨

وتحيرنا في البندر لقوة الأزيب وعسر الخروج» الخ فينقل المؤلف هذه العبارة كما هي دون أن ينسبها إلى قائلها وكأن المتحدث هو صاحب الكتاب نفسه مع أنه يذكر عن نفسه أن ميلاده كان سنة ٩٧٠. وكذا نجده فيما ينقله عن صاحب النور السافر متحدثا عن نفسه كأن يقول العيدروس «وأنشدني صاحبنا الفقيه عبد الله بن فلاح» فينقل المؤلف العبارة كما هي.

على أن المؤرخ الطيب بافقيه فيما نقله عن باسنجلة وبامخرمة يعتبر مصدر موثق عن مدينة الشحر وتاريخ حضرموت وعدن. ولو لا أنه أتخمه بتراجم مطولة نقلها من النور السافر لأتى تاريخه خاصا بتاريخ الأحداث السياسية التي شهدتها البلاد خلال القرن العاشر. ولأعطى كتابه طابعا متميزا يمكن أن نعده من ضمن تواريخ حضرموت المتخصصة. ومع ذلك فإن رجوعه إلى تاريخ النور السافر على الرغم من شهرته وتعدد طبعاته نجده قد كشف عن عيوب بارزة في المطبوعة المتداولة من النور السافر ، وهو أنه يورد في كتابه معلومات تتعلق بأصحاب التراجم لا توجد في المطبوعة ، وهذا يوحي أن الطبعة المعروفة من هذا الكتاب كانت غير كاملة ، والله أعلم.

وبالجملة فإن الكتاب في عمومه مكوّن من الثلاثة الكتب المشار إليها وهي تاريخ باسنجلة ومسودات بامخرمة والنور السافر. ولذا نجد المؤلف عندما فرغ من حوادث تاريخ الشحر الموجودة في تاريخ باسنجلة والتي انتهت بموته سنة ٩٨٦ جاءت بقية سنوات الكتاب خالية من الحوادث التاريخية واكتفى بما نقله عن تراجم من النور السافر ، بل نجد بعض سنواته فارغة من الوقائع وبعضها مقتضبة. وهذا يدل دلالة أكيدة على أن المؤلف اكتفى بما حصّله من الكتب الثلاثة ولم يكلف نفسه عنا الرجوع إلى كتب أخرى تعنى بالموضوع أو الرجوع إلى رواية الشيوخ المعاصرين للأحداث ، والله أعلم.

٩

المؤلف :

ليس بأيدينا مصدر يترجم للمؤلف ، وكان الأولى بالشلي أن يترجم له ضمن أعيان القرن الحادي عشر في كتابه الجواهر والدرر لكنه لم يذكره لبعده عن حضرموت أثناء تأليف كتابه هذا إذ كان بمكة ، وكل ما نعرفه عنه أن اسمه الطيب محمد بن عمر بافقيه. وأسرة بافقيه فرع من أسرة آل عيديد المعروفة بحضرموت. وقد ذكر هو عن نفسه أنه ولد سنة ٩٧٠ وليس صحيحا ما ينقله بعضهم من أن وفاته سنة ١٠١١ (١) لأنه ذكر وفاة السلطان عمر بن بدر الكثيري سنة ١٠٢١. والأهم من هذا وذاك أنه ينقل عن كتاب النور السافر ، ووفاة مؤلف النور كانت سنة ١٠٣٨ ه‍ فلا يعقل أن تكون وفاته قبل وفاة العيدروس صاحب النور السافر المذكور. وقد ذكر عن نفسه أيضا أنه حج سنة ٩٨٩ فيكون ذلك وهو ابن ١٩ سنة. وأغلب الظن أنه عاش إلى ما بعد الأربعين من القرن الحادي عشر. ووجدت في ديوان الشيخ عبد الصمد بن عبد الله باكثير المتوفى سنة ١٠٢٤ ـ إذا صح هذا التاريخ ـ مديحة في شخص يسمى محمد بن أبي بكر ابن الطيب الشحري نزيل تبالة. فلعله نفس مؤرخنا. والله أعلم.

__________________

(١) قلت : وجدت هذه الوفاة في كتابنا هذا ص : ٣٨٢ لقريب المؤلف السيد محمد بن أبي بكر بن الطيب بافقيه وهو ممدوح الأديب عبد الصمد باكثير. ولكن لا يبعد أن يكون المذكور له مشاركة في تأليف هذا الكتاب بدليل أننا نجد إشارة إلى ما يوحي بذلك في حوادث سنة ٩٧٤ عند نقله لسنة وفاة شهاب الدين ابن حجر انظر ص : ٣٨٢ فلعل الطيب محمد بن عمر بافقيه قد أكمل ما وجده عند الأول. ويبقى الأمر معلقا بين الرجلين حتى يتحقق الأمر بوجود نسخة كاملة تحوي على مقدمة للكتاب يشرح فيها أحدهم قصة التأليف وسببه والله أعلم.

١٠

مخطوطات الكتاب وعنوانه

جاءت مخطوطتا الكتاب التي رجعنا إليها تحمل اسم تاريخ الشحر ، وفي نسخة أخرى لم أقف عليها جاء عنوانها هكذا «تاريخ حوادث السنين ووفاة العلماء العاملين والسادة العاملين» انظر «سرجنت : حول مصادر التاريخ الحضرمي : ٢٢» إلا أنه ذكر عن هذه المخطوطة أنها تنتهي إلى سنة ١٢٢٤ ه‍ فلعلها نسخة ملفقة من عدة كتب تاريخية أخرى. وفي الواقع أن الكتاب بما نقله من كتاب النور السافر حوى على تراجم كثيرة ليس لها صلة بتاريخ الشحر ، فلا يمكن أن نعتبره تاريخا خاصا لهذه المنطقة ولكن يمكن أن نعتبر هذا شيئا يخص النور السافر وحده أو كالملحق به ، ويبقى ما أورده عن باسنجلة وبامخرمة فيما يتعلّق بتاريخ الشحر وما يتبعها من أخبار حضرموت ـ إذ حضرموت كان يطلق عليها عند بعض المؤرخين اسم بلاد الشحر والأحقاف «انظر تحقيق ذلك في كتاب الشامل للمؤرخ علوي بن طاهر الحداد ص : ٢٠» ـ أمرا مميزا بتاريخ الشحر.

وقد عرف عند سائر المؤرخين باسم تاريخ الطيب بافقيه الشحري وكذا ورد اسمه في المختصر الذي قام به في القرن الثالث عشر العلامة عمر بن سقاف السفاف المتوفى سنة ١٢١٦ ه‍.

أما المخطوطتان التي رجعنا إليها :

فأولاها : مخطوطة توجد بمكتبة الأحقاف كان يملكها المؤرخ البحاثة عبد الله بن حسن بافقيه ، وهي نسخة جيدة وعليها آثار الصحة والضبط لو لا ما يتخللها من بتر ونقص من أول الكتاب وأثنائه. وقد رمزنا لها ب «ح».

والثانية : نسخة المكتبة السلطانية التي عرفت فيما بعد بالمكتبة الشعبية بمدينة المكلا. وقد كنت وصفت هذه المخطوطة في كتابي فهرس

١١

المخطوطات اليمنية عندما زرت تلك المكتبة سنة ١٩٦٩ م.

وهذه النسخة جيدة الخط كاملة ، ولولاها ما أقدمنا على تحقيق الكتاب لبتر الأولى ونقصها. وقد رمزنا إليها ب «س».

ثم رأيت بعد ذلك أن استأنس بتاريخ الشحر المسمى بالنفحات المسكية في تاريخ الشحر المحمية للأديب العلامة عبد الله بن محمد باحسن جمل الليل المتوفى سنة ١٣٤٧ ه‍ وهو كتاب حوى جل تراجم أعلام الشحر لخصها من كتاب المشرع الروي وغيره ثم أرفق الجزء الثاني بنبذة مختصرة من تاريخ تلك البلدة نقلها في عمومها من تاريخ باسنجلة وقد رجعنا إليه في هذا الباب عند ورود بعض الأخبار التي جاءت في كتابنا هذا مشابهة لما عنده وهي قليلة جدا.

وقد قمت بالمقابلة بالمخطوطتين وتاريخ الشحر لباحسن المذكور بعد الرجوع إلى مصادر الكتاب وتوثيق نصوصه بقدر الطاقة والإمكان. ولم نشأ أن نتدخل في أسلوب الكتاب وعباراته بشيء من التبديل والحذف حفاظا على أصل الكتاب وأسلوب الكاتب على الرغم مما يتخلله من عبارات ركيكة وألفاظ دارجة. خاصة بأهل القرن العاشر لم نقف على بعضها. وأكثرها من عبارات أهل مدينة الشحر في القرن العاشر وبعض مصطلحات البحارة ولعل في بعضها ما يحل مشكله أهل هذا الفن من تلك البلاد ، وفي الختام لا يسعني إلا أن أشكر صاحب السمو الدكتور الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حفظه الله الذي أمدني بكل عون في سبيل التفرغ لهذا العمل العلمي الجليل ، وقد تم لنا بحمد الله ذلك. ومن الله نستمد العون والإمداد.

عبد الله بن محمد الحبشي

صنعاء ٥ / ٢ / ١٩٩٤

١٢

بسم الله الرّحمن الرّحيم

وبه ثقتي ...

[في سنة تسعمائة] من هجرة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهي أول القرن فيها : وقيل في السّنة التي قبلها : وصل السلطان الأعظم فارس العرب ... (١) ليث الهيجا وشجاعها ومبيد العساكر وجماعها أبي عبد الله السلطان جعفر بن عبد الله بن عمر الكثيري هو وولده عبد الله ، وكان وصوله من ظفار الحبوظي إلى الشحر باستدعاء حلفائه بيت زياد (٢) من المهرة ، وحصر الشحر بعسكر كثير من آل كثير وغيرهم ، وذلك في شهر رمضان من السنة المذكورة أو التي قبلها ، فلبث يقاتل أهلها نحو عشرين يوما ولم يحصل منها على طائل فانتقل منها إلى «تبالة» قرية من أعمال الشحر على نية العزم إلى حضرموت ، فجاء الخبر إلى صاحب الشحر يومئذ وهو سعد بن مبارك بن فارس بادجانة الكندي بأن السلطان جعفر تفرّقت عساكره ، وتشتتت جموعه ، ولم تبق عنده إلّا شرذمة قليلة ، فاستفزه الفرح ولم يدر ما في طي الليالي من الترح ، وأوهمه القضاء والقدر أنها فرصة يدرك بها الظّفر (٣) وكان ذلك المخرج خاتمة عمله فجهز عسكرا إلى تبالة غالبهم

__________________

(١) بياض في الأصل.

(٢) قبيلة توجد على ساحل سيجون والمناطق السفلى من وادي المسيلة يتكلمون باللهجة المهريّة انظر «القبائل اليمنية : ٣٧٥».

(٣) بياض في الأصل.

١٣

بيت زياد من المهرة وحلفائهم وغيرهم ، فلما فصلوا من البلد شاروا على سعد بادجانة جماعة من أهل البلد بترك الخروج وأن لا فائدة له في ذلك (١).

كفاك تصبّرا على عدوك ...

فقالوا له : فإذا لم يكن بد من ذلك فأنت ...

... ولم يخرج بنفسه.

فلما خرج العسكر إلى «تبالة» ... وأصحابه لقتالهم فالتقوا فلم يكن إلّا كلالا حتى انهزموا هزيمة منكرة ورجعوا هاربين متفرقين شذر مذر أيدي سبا ، منهم من كانت هزيمته إلى جهة قصعر (٢) من أعمال ريدة المشقاص ، ومنهم من كانت إلى جهة غيل أبي وزير ، ولم يدخل البلد أحد منهم إلا مستخف ... (٣) ، منهم خلقا كثيرا وتبعهم السلطان جعفر وعسكره إلى الشحر وطلب الأمان سعد بادجانة فأمنه ، وقيل خفر هو وجماعته وطلعوا البحر ، وصاروا المهرة يومئذ منقسمين بيت زياد مع جعفر وبيت محمد (٤) مع بادجانة ، وكان أخذ بادجانة الشحر سنة ثلاث وثمانين وثمانمائة من بدر بن محمد الكثيري (٥) ، وقيل خرج طريق السّاحل وقيل سافر في بعض الخشب (٦) بأهله وحريمه ، وقيل : إنه بنفسه عزم إلى جهة ميفعة (٧) ، والله أعلم.

__________________

(١) بياض في الأصل.

(٢) كذا في الأصل ، ولعلها قصيعر بصيغة التصغير بلدة من أعمال ريدة المشقاص كما ذكر المؤلف.

(٣) بياض.

(٤) فرع من بيت رعفيت من المهرة انظر القبائل اليمنية : ٣٧٥.

(٥) انظر تاريخ شنبل : ٢٠٠ بتحقيقنا وفيه سنة ٨٨٧.

(٦) جمع خشبة وهي نوع من السفن المستخدمة في ذلك الوقت ، انظر «البحر الأحمر والمحاولات البرتغالية الأولى» لعبد العال : ١٠٧.

(٧) واد من وادي حجر وهو ما يلي الساحل «انظر الشامل : ٧٤».

١٤

وفي بعض التعاليق : أن أخذ بادجانة الشحر من بدر بن محمد سنة أربع وتسعين وثمانمائة ، وملك السّلطان جعفر الشحر من حينئذ ، واستمرت ولاية آل كثير فيها إلى وقتنا هذا خلّد الله ملكهم وكبت أعدائهم ، وكانت الوقعة المذكورة المشهورة بوقعة «تبالة» يوم الاثنين سادس شهر شوال وقيل سابع شوال في السنة المذكورة انتهى كلام المؤرخ (١) ، ووجد بخط الفقيه العلامة عبد الله بن عمر بامخرمة : سنة تسعمائة يوم الإثنين سادس شوال : أخذ جعفر بن عبد الله الكثير الشحر من سعد بن مبارك بادجانة ، والله أعلم وسيأتي قتل سعد بادجانة.

[وفيها](٢) : أعني سنة إحدى وتسعمائة صاحب مصر والشام والحجاز .. (٤) شهر الحجة من السنة المذكورة وكان ولي السلطنة يوم [خلع الظاهر أبو](٥) سعيد وذلك يوم [الاثنين سادس رجب](٦) سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة باتفاق الأمراء ووجوه النّاس بعد امتناعه من ذلك فألحوا عليه ولم يعذروه ، ولد تقريبا سنة بضع وعشرين وثمانمائة ، وقدم مع تاجره محمود بن رستم في سنة تسع وثلاثين فاشتراه الأشراف برسباي ، ثم صار إلى الملك الظاهر فاعتقه ، ولم يزل بعده يترقّى من مرتبة إلى مرتبة إلى أن صار إلى الملك الظاهر [وحج وزار في](٧) سنة أربع وثمانين وثمانمائة وبنى بمكة مدرسة

__________________

(١) سقط اسم المؤرخ المذكور ولعله المؤرخ باسنجلة أو باسخلة.

(٢) بياض في الأصل أكملناه من عندنا.

(٣) بياض في الأصل أكملناه من عندنا. وانظر حول المذكور كتاب قايتباي المحمودي «ضمن سلسلة أعلام العرب : ٢٠».

(٤) بياض في الأصل.

(٥) بياض في الأصل وأكملناه من قلائد النحر لبامخرمة لوحة ١٨٢ ، وهو الظاهر جقمق العلائي أحد ملوك الدولة الشركسية «توفي سنة ٨٥٧ ه‍ «الضوء اللامع ٣ : ٧١».

(٦) بياض في الأصل وأكملناه من قلائد النحر.

(٧) بياض في الأصل وأكملناه من قلائد النحر.

١٥

معظمة وأوقف عليها وقفا جزيلا بمكة ، ولما توجّه إلى مصر أخذ حاصل الحرم النبوي من قناديل الذّهب والفضة وغير ذلك ، فنقم ذلك عليه من لم يعرف مقصده ولما بلغ مصرا اشترى بذلك أراض مزدرعة (١) بمصر ، وكان يحمل مغلها (٢) كل سنة إلى المدينة فيقسم على كل من بها من متوّطن ومجاور من رجل وامرأة وصبي وبالغ وحر وعبد بحيث يصل إلى كل أحد من أهل المدينة كفايته من الحنطة وحصل بذلك النفع العام لأهل المدينة وحمدوه في فعله ، وأراد أن يجعل ذلك كسماط الخليل المستمر بالقدس ، ولم يزل ذلك جاريا إلى أن توفي (٣) ، ولم يزل بعد وفاته تارة يسبرونهم وتارة [يقطعونهم وتارة](٤) بالبعض وذلك لاستيلاء أيدي [الخونة](٥) على الأراضي المذكورة ، واحترق الحرم الشريف النّبوي في زمنه في سنة ثلاث وثمانين وثمانمائة (٦) فعمره على يد الخواجا بن الزمن عمارة جيدة أكيدة وأصرف عليه مالا جزيلا وكان الفراغ من عمارته سنة ثمان وثمانين وثمانمائة .... (٧) قتله سنة (٨) بني أمية بالشام فسبحان الحكيم انتهى ما ذكره المؤرخ وما نقله [من تاريخ](٩) الطيب بامخرمة ، وأما (١٠) ما نقلته من تاريخ سيدنا السيد الشريف عبد القادر بن شيخ العيدروس [فإنه] قد طول في ترجمته (١١) قال : ولما استقر في المملكة

__________________

(١) في الأصل من روعه وأصلحناه من قلائد النحر.

(٢) قلائد النحر : معها.

(٣) انظر في ذلك وفاء الوفاء ٢ : ٧١٤.

(٤) ساقط من قلائد النحر.

(٥) ساقط في الأصل وأضفناه من قلائد النحر.

(٦) قلائد النحر : ست وثمانين وثمانمائة. وهو كذا في وفاء الوفاء للسمهودي ٢ : ٦٣٣.

(٧) بياض في الأصل.

(٨) بياض في الأصل.

(٩) بياض في الأصل.

(١٠) بياض في الأصل.

(١١) النور السافر : ١٦ ط العلمية والضوء اللامع ٦ : ٢٠١ ـ ٢١١.

١٦

أخذ في الحل والعقد والعزل والعهد ، ولم يكن له في زمنه منازع ولا مدافع ، وطالت أيام دولته السعيدة وسار في الناس السّيرة الحميدة ، واجتهد في بناء المشاعر العظام بحيث وقع له من ذلك ما لم يتفق لغيره من ملوك الإسلام كعمارة مسجد الخيف بمنى ، وحفر بنمرة صهريجا ذرعه عشرين ذراعا ، وعمر بركة خليص وأجرى العين الطيبة إليها ، وأصلح المسجد الذي هناك ، بحيث عمّ الانتفاع به للقاطن والسلاك (١) وعمر عين عرفة (٢) بعد انقطاعها أزيد من قرن وعمر سقاية سيدنا العباس ، وأصلح بئر زمزم والمقام ، وجهز في سنة تسع وسبعين للمسجد الحرام منبرا عظيما ، ونصب في ذي القعدة وكان يرسل للكعبة الشريفة بكسوة فائقة جدا في كل سنة ، وأنشأ بجانب المسجد الحرام عند باب السلام مدرسة عظيمة بها صوفية وتدريس وفقراء وخزانة للربعات ، وكتب العلم ، وبجانبها رباط للفقراء والطلبة مع أجراء القوت لهم في كل يوم وسبيل عظيم للخاص والعام ، ومكتب للأيتام ، وعمل ببيت المقدس مدرسة كبيرة بها شيخ وصوفية ودرسة ، وغير ذلك مما يطول ذكره ، قال السخاوي (٣) : وبالجملة فلم يجتمع لملك ممن أدركناه ما اجتمع له ولا حوى من الحذق والذكاء والمحاسن مجمل ما اشتمل عليه ولا مفصلة [وربّما](٤) مدحه الشعراء (٥) ، ولم يلتفت إلى ذلك وصلي عليه يوم الإثنين وكان له مشهد عظيم ولم يخلفه [مثله في الجراكسة](٦) بل قيل أنه لم يمكث أحد في المملكة قدر [مدته] فكانت قريب من ثلاثين سنة وصلّى عليه في المساجد الثلاثة [وختم له] فيها بعدة ربعات ، أحد ملوك المصرية والحادي والأربعين [من ملوك]

__________________

(١) النور السافر : السالك.

(٢) الأصل غزوة.

(٣) الضوء اللامع ٦ : ٢٠٧.

(٤) بياض في الأصل.

(٥) عبارة الضوء «وربما مدحه الشعراء فلا يلتفت لذلك».

(٦) بياض في الأصل.

١٧

الترك البهية بقية الملوك [العظام وخاتمة] النظام ، وبعد وفاته تولى ولده محمد وسيأتي الكلام عليه وعلى عبده قانصوه الغوري في سنته ، انتهى ملخصا من تاريخ السيد عبد القادر بن العيدورس نفع الله به آمين المسمى بالنور السّافر عن أخبار أهل القرن العاشر (١)

ومنه (٢) : فيها توفي [الشيخ] عبد الرحمن بن علي بن صالح أبو زيد المكودي نسبا القاسمي المكي شارح الجرومية وغيرها من الكتب المفيدة رحمه‌الله تعالى.

وفيها (٣) قدم إلى مدينة زبيد بكتاب «فتح الباري شرح صحيح البخاري» للعلامة الحافظ شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني رحمه‌الله تعالى ، اشتراه الملك الظافر من مكة بمائة وخمسين أشرفي ، ودخلت عليه نسخة أخرى أوقفها بجامع زبيد.

وفيها (٤) : توفي الشيخ قاسم بن عبد الله بن عبد اللطيف العراقي بعدن ، وكان شيخا صالحا من الأخيار رحمه‌الله تعالى.

وفيها : (٥) حصل طوفان عظيم بناحية بحر الهند ، وغرق ببندر الديو (٦) عشرة مراكب ، وفي الباحة أربعة [مراكب](٧) وتلف فيها من الأموال والأنفس ما لا يحصى (٨) ، والذي سلم من المراكب انكسرت أدقالها (٩)

__________________

(١) النور السافر : ١٥ ـ ١٧.

(٢) النور السافر : ١٥. وانظر الأعلام ٣ : ٣١٨.

(٣) النور السافر : ١٧ قلائد النحر لوحة ١٨٣ الفضل المزيد ٩٤.

(٤) لم أجده في النور السافر.

(٥) النور السافر : ١٧.

(٦) في الأصل : الدير وأصلحناه من النور السافر.

(٧) ساقط من الأصل.

(٨) النور : ينحصر.

(٩) جمع دقل وهو (صاري المركب).

١٨

ورموا في البحر بغالب حملهم (١).

وفيها (٢) : وقعة الخبة بكسر الخاء المعجمة وتشديد الباء الموحّدة بعدها ، جبل بشبام حضرموت في شهر ربيع الأول لثمان منه وذلك بين آل كثير وهم آل محمد بن عبد الله بن علي الكثيري وحلفائه آل يماني والمحلف وأعلى المسفلة حاصرين عبد الله بن جعفر في شبام ، وكان والده السلطان جعفر بالشحر فاشتد الحصار فانتدبوا آل عامر ومن تبعهم من حلفائهم ورئيسهم وأصحابه (٣) جعفر (٤) الهجرين محمد بن علي بن محفوظ الكندي وآل بور ورئيسهم جعفر بن عبد الله لينقذ أخيه عبد الله بن جعفر فالتقى الجمعان شبام بعرض الجبل المسمى الخبة فلما التقى الجمعان خرج السلطان (٥) عبد الله بن جعفر المحصور من الحصن ، وحمل على الأعداء حملة عظيمة وسلك إلى (٦) أصحابه وأبان عن شجاعة ونجدة وثبات جنان ، واهتزموا آل محمد والمحلف هزيمة عظيمة ، وقتل من آل محمد رئيسهم عبد الله بن محمد بن عبد الله بن علي أخي السّلطان بدر بن محمد ، وكان بدر بن محمد يومئذ بهينن ، وقتل عمر بن السّلطان بدر بن محمد ، وصاحب أمرهم يماني بن راصع حليف ، وقتلوا نحو المائة من أهل المسفلة وغيرهم ، وأخذوا شبام آل جعفر ، وإلى هاتين الوقعتين العظيمتين المشهورتين تبالة والخبة أشار الفقيه شجاع الدين عمر بن عبد الله بن أحمد بامخرمة (٧) في قصيدته اللّامية التي مدح فيها السّلطان عبد الله بن جعفر ، وذكر فيها وقائع آل كثير المشهورات ، التي سارت بها

__________________

(١) بياض في الأصل.

(٢) تاريخ شنبل : ٢١٣.

(٣) بياض في الأصل.

(٤) بياض في الأصل.

(٥) من هنا تبتدي نسخة (ح).

(٦) في (س) عن.

(٧) أديب سيأتي ذكره ضمن الوفيات.

١٩

الركبان وانتصفوا فيها من الأعداء كل مكان حيث يقول :

وتبالة فيها أتوا بعجائب

ينبيك عنها كل خشف مطفل

وشبام يوم الخبة انظر كم بها

من هارب أو عاطب بالمفصل (١)

انتهى كلام المؤرخ ، قلت : ووجدت القصيدة كلها كاملة بخط ولده الفقيه العلامة عبد الله بن عمر بامخرمة فاثبتّها هنا بكاملها لحسنها وهي (٢) :

كفى ملامك يا سعاد فإن لي

قلبا نهاني عن سماع العذل

والله ما أصغي لقول معنف

لو أن فيما لام عنه مقتلي

إني عن اللاحي أصم أبكم

فازدد عذولي همة لا تأتل

أقسمت بالقبر المطيب بطيبة

قبر الحبيب محمد المزمل

لا أنثني دأبا لأني مولع

بثلاث حالات فأقصر أو طل

حب الغواني الساكنات على اللوى

بين الحديبة والكثيب الأهيل

حمر الشفاة الساحبات ذيولها

تيها ببانات الغوير وحومل

هيف تميل إذا احتسى خمر الصبا

تمشي الهوينا في المدارج والحلي

أتراب عن حي (٣) جهينة دابها

صرع الأسود بكل طرف أكحل

ترنو بلحظات المها لكن لها

في كل قلب خرق ذات الأنصل

يا طالما قد نلت منها مسمرا

في حندس الليل البهيم الأليل

إذ غيّب الواشي ونام رقيبها

عنا وبات الحاسدون بمعزل

حيّا الحيا تلك الربوع بموشح

سامي الذرا الطود المنيف الأجبل

وغدت معالية (٤) السماك وروحة

تهمي على مغناه بالأمر العلي

دار نشوت بها وكنت مصدرا

في كل ناد للفخار ومحفل

حالا هوى سلمى وثاني حالة

جودي بموجودي لكل مؤمل

__________________

(١) في (س) : المفصل.

(٢) انظرها في ديوان بامخرمة (خ) والعدة للكندي ١ : ٣٥ (تحقيقنا).

(٣) بياض في (س).

(٤) في (س) : معاليل.

٢٠