تاريخ الشّحر وأخبار القرن العاشر

محمّد بن عمر الطيّب بافقيه

تاريخ الشّحر وأخبار القرن العاشر

المؤلف:

محمّد بن عمر الطيّب بافقيه


المحقق: عبد الله محمّد الحبشي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الإرشاد
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٠

فإن لم تدر لا هذا ولا ذا

فأي الجهل مع هذا تركت

وله أيضا فيما نحن فيه :

تجرد عن الأكوان واطرح السوا

فلن يصل الإنسان إلّا مجردا

ولا تترك الأسباب واتبع الهدى

وكن لأمور الشرع عبدا مقيدا

ووجدت بخّطه أيضا قال : وجدت بخط والدي عبد الرحيم الجابري رحمه‌الله قال الفقيه عمر بن عبد الله بامخرمة : سألت الفقيه الفاضل عبد الله باكثير بمكة المشرفة عن قول إبن عربي فيما يقول إنه ختم به الولاية فيما يزعم ، قال الفقيه عمر قال : الفقيه عبد الله : نعم» قلت له : ما الدليل قال : لم يأت أحد بعده أكمل منه رضي‌الله‌عنه اطلع على ما لم يطلع عليه غيره ، وفهم من العلوم أسرارا ولاحت عليه أنوارا ، انتهى والله أعلم.

١٤١

سنة ست وعشرين وتسعمائة

يوم الجمعة (١) رابع ذي الحجة : توفي الشيخ الإمام العالم العلّامة شيخ الإسلام قاضي القضاة زين الدين الشيخ زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري السنيكي القاهري الأزهري الشافعي ، ودفن بالقرافة بالقرب من الإمام الشافعي رحمه‌الله تعالى ، وحزن الناس عليه كثيرا لمحاسنه الشريفة الكثيرة ، وأوصافه وعلومه الشهيرة ، ورثاه جماعة من تلامذته بقصائد مطولات ومختصرات ، وكان مولده في سنة ست وعشرين وثمانمائة بسنيكة من الشرقية ، وقرأ واجتهد ودأب واشتغل بالّطلب عند علماء زمانه حتى فاق في جميع العلوم الظاهرة والباطنة ، ولم ينفك عن الاشتغال على طريقة جميلة من التّواضع ، وحسن العشرة والأدب ، والعفة والانجماع عن بني الدنيا مع التقلل وشرف النفس ومزيد العقل وسعة الباطن ، والاحتمال والمداراة إلى أن أذن له غير واحد من شيوخه في الإفتاء والإقراء ، وممن كتب له شيخ الإسلام ابن حجر ، ونّص كتابته على بعض الإجازات له : وأذنت له أن يقريء القرآن على الوجه الذي تلّقاه ، ويقرأ الفقه على النمط الذي نص عليه الإمام وارتضاه والله المسؤول أن يجعلني وإياه ممن يرجوه ويخشاه إلى أن نلقاه ، وكذا أذن له في إقراء شرح النّخبة وغيرها وتصدّى للتدّريس في حياة غير واحد من شيوخه ، وانتفع به الفضلاء طبقة بعد طبقة وشرح عدة كتب ، وله مصنفات عديدة

__________________

(١) النور السافر : ١١١ في حوادث سنة ٩٢٥. الضوء اللامع ٣ : ٢٣٤.

١٤٢

في جميع الفنون خصوصا الفقه والحديث والنحو والأصول وغيرها ، وكتبه مشهورة عن أن تذكر ، فلا نطيل بذكرها وقصد بالفتاوى ، وزاحم كثيرا من شيوخه فيها وله تهجّد ، وتوجه واحتمال وصبر ، وولي المناصب الجليلة كتدريس مقام الإمام الشافعي ، ولم يكن بمصر أرفع منصبا من هذا التدريس ، إلى أن رقي إلى المنصب الجليل وهو قاضي القضاة بعد امتناع كثير وتعفف زائد ، ووقع ذلك في شهر رجب سنة ست وثمانين وثمانمائة ، ثم استمر قاضيا بعد ولاية السلطان قايتباي رحمه‌الله ، ثم استمر بعد ذلك إلى أن كف بصره فعزل بالعمى رحمه‌الله تعالى ، ولم يزل ملازما للتّدريس ، وانتفع به خلائق ودرّس تلامذته في حياته ، وأفتوا وتولوا المناصب الرفيعة ببركته وبركة الإنتساب إليه ، ولم يزل كذلك في نشر العلم وكثرة الخير والإحسان إلى أن توفي رحمه‌الله ، وقال الشيخ ابن حجر الهيتمي في معجم مشايخه : وقدمت شيخنا زكريا لأنه أجل من وقع عليه بصري من العلماء العاملين والأئمة الوارثين ، وأعلى من عنه رويت ودريت من الفقهاء الحكماء المسندين ، فهو عمدة العلماء الاعلام ، وحجة الله على الأنام حامل لواء مذهب الشّافعي على كاهله ، ومحرر مشكلاته وكاشف عويصاته من بكره وأصائله ، ملحق الأحفاد بالأجداد المتفرد في زمنه بعلو الإسناد ، كيف ولم يوجد في عصره إلّا من أخذ عنه مشافهة تارة وعن غيره ممن بينه وبينه نحو سبع وسائط تارة أخرى ، وهذا لا نظير له في أحد من أهل عصره ، فنعم هذا التّمييز الذي هو عند الأئمة أولى وأحرى لأنه حاز به سعة التلامذة والأتباع ، وكثرة الآخذين عنه ودوام الانتفاع ، انتهى كلام ابن حجر.

قلت : ويقرب عندي إنه المجّدد على رأس المائة التاسعة لشهرة الإنتفاع به ، وتصانيفه ، واحتياج غالب النّاس إليها فيما يتعلق بالفقه وتحري المذهب بخلاف غيره ، فإن مصنفاته وإن كانت كثيرة فليست بهذه المثابة ، على ان كثيرا منها مجرد جمع بل تحرير ، حتى كأنه حاطب ليل ، ومن أحسن ما رثي به قول بعضهم :

١٤٣

قضى زكريا نحبه فتفّجرت

عليه عيون النّيل يوم حمامه

لتعلم أن الدهر راح امامه

وما الدهر يبقي بعد فقد إمامه

سقى الله قبرا ضمّه مزن (١) صيب

عليه مدى الأيام سحّ غمامه

وحكى : إن بعض قضاة مصر كان يسمى صالحا وكانت أحكامه غير مرضية ، وكان شيخ الإسلام المذكور يكره أفعاله القبيحة ويتأذى منه جّدا حتى هجاه بهذين البيتين وهما :

الاسم غير المسمى

والحق أبلج واضح

إن كنت تنكر هذا

فانظر لسيرة صالح

وفيها (٢) : ضحى يوم الثلاثاء توفي الشهاب الفاضل أحمد بن الحسين بن محمد بن عيسى بن محمد بن أحمد بن مسلم الشهاب البدر (٣) المكي ، ويعرف بأبيه بإبن العليف بضم العين تصغير علف بمكة ، فجهز في ظهر تاريخه ودفن في المعلاة ، مولده في جمادى الأولى سنة إحدى وخمسين وثمانمائة بمكة ، ونشأ بها فحفظ القرآن والألفية النحوية ، والأربعين النووية وعرضها ، وسمع بمكة على التقي ابن فهد وولده النجم والزين عبد الرحيم الأسيوطي وأبي الفضل المرجاني ، قال السخاوي (٤) : وتكسب بالنساخة مع عقل وتودد وحسن عشرة ، وألف لسلطان الروم بابزيد بن عثمان «الدر المنظوم في مناقب سلطان الروم» ومدحه فرتب له خمسين دينارا في كل سنة فتجمل بها ، ومدح صاحب مكة السيد بركات بن محمد فاقتصر (٥) في مدحه وحظى عنده لبلاغته حتى صار متنبي زمانه ، ثم أصيب بكثرة الأسقام في آخر عمره حتى مات رحمه‌الله تعالى ، ومن نظمه

__________________

(١) الأصل : عون.

(٢) النور السافر : ١١٧. وانظر شذرات الذهب ٨ : ١٤١ والاعلام ١ : ١١٧.

(٣) النور السافر : المبذر.

(٤) السخاوي : الضوء اللامع ١ : ٢٩٠.

(٥) الأصل : فاقتضى.

١٤٤

الحسن هذه القصيدة «العظيمة» المشتملة على الفصاحة التامة والأمثال العجيبة ومن أولها :

خذ جانب العليا ودع ما يترك

فرضى البرية غاية لا تدرك

واجعل سبيل الذل عنك بمعزل

فالعز أحسن ما به يتمسك

وامنح موّدتك الكرام فربّما

عز الكريم وفات ما يستدرك

وإذا بدا لك من عدوك فرصة

فافتك فإن أخا (١) العلا من يفتك

ودع الأماني للغبي فإنما

عقبى المنى للحر داء مهلك

من يقتضي سببا بغير عزيمة

ضلت مذاهبه وعز المدرك

تعست مداراة العدو فإنها

داء تحول به الجسوم وتوعك

لا يدرك العليا إلّا من له

في كل حي من عداه منسك

ندب عريق لا يرام مرجب

ضرب جزيل في الأمور محكك

وهي طويلة جدا فتركت باقيها للإختصار.

وفيها (٢) في صبح يوم الخميس تاسع عشر ذي القعدة : توفي الفاضل الأديب البارع العلّامة حمزة بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن علي بن محمد الناشري رحمه‌الله تعالى ، وكانت ولادته ثالث عشر شوال من سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة ، وأخذ الفقه والحديث عن العلّامة قاضي القضاة الطيب بن أحمد الناشري مصنف الايضاح على الحاوي ، وعلى والده قاضي القضاة عبد الله ، والعلّامة محمد بن أحمد حميش وغيرهم ، وله مصنفات حسنة غريبة منها الأربعون التهليلية «ومسالك التحبير في مسائل التكبير» «وانتهاز الفرص في الصّيد والقنص» (٣) وكتاب النبات (٤) العظيم

__________________

(١) الأصل : إخلاء.

(٢) النور السافر : ١٢٠. وانظر : الضوء اللامع ٣ : ١٦٤ وشذرات الذهب ٨ : ١٤٢ والبدر الطالع ١ : ٢٣٨ والاعلام ٢ : ٢٧٨.

(٣) قام محقق هذا الكتاب بتحقيقه ونشره سنة ١٤٠٨ ه‍ في ٣٤٨ صفحة.

(٤) الأصل : الشات.

١٤٥

و «حدائق الرياض» ، وكتاب «عجائب الغرائب وغرائب العجائب» وغير ذلك ، ومن مؤلفاته أيضا مجموعا حسنا مفيدا في بابه في الفقه يسمى مجموع حمزة وذلك (١) في فتاويات علماء اليمن ، وغالبه في فتياء علماء زبيد رحمه‌الله تعالى.

وفيها (٢) : تجهز الشيخ أحمد بن محمد بن عامر بن طاهر لحرب المتغلبين على تعز برأي الأمير مرجان ، وأمده من عدن بالعسكر والعدة التامة ، وخرج معه النّقيب عبد النبي ومعه الهياثم ، ومقدمهم مجرب بن حيدرة بن مسعود وآل أيوب ، ومقّدمهم أحمد بن بشر (٣) واجتمعوا بالشّيخ أحمد بحياز وساروا جميعا من عدن إلى تعز ، وخرج إليهم الترك الذين بتعز ، والتقى الجمعان بموضع قرب تعز ، وحصل بينهما معركة عظيمة جاد فيها الشيخ أحمد بن محمد وأحمد بن بشر ، وأبانا عن شجاعة وبسالة عظيمة ، وكان النقيب عبد النبي ظاهره مع أحمد وباطنه بخلاف ذلك ، فلما رأى النصر والظّفر لزم يده ويد الجماعة عن القتال واستمال كبير (٤) الهياثم مجرب حتى وافقه على ترك القتال ، فحمل عليهم الترك فانهزم النقيب عبد النبي ومجرب وجماعتهما ، فوقعت الهزيمة في بقية العسكر ، فلما رأى الشيخ أحمد بن محمد ذلك لف أطرافه ، واستمر راجعا من حيث جاء ، وكان الأمير مرجان وكافة قبائل اليمن منتظرين أخذ الشيخ أحمد بن محمد لتعز ، فإن أخذها انقادوا له الجميع وتبعوه ، فلما انهزم تفرقت قبائل اليمن عن الانقياد له ومتابعته ، وتغير عليه باطن الأمير مرجان ، فكان لا يمضي من أوامره إلّا ما شاء منها ، فلما رأى الشيخ أحمد من الأمير عدم انفاذ أوامره وخطوطه نزل من الجبل على نية الدّخول إلى عدن ليكشف عن حقيقة الأمر أن يكن سلطانا

__________________

(١) الأصل : وكذلك.

(٢) قلائد النحر : ١٩٩.

(٣) القلائد : شر نسر.

(٤) الأصل : كثير.

١٤٦

حقيقة (١) أدخلوه ، وإن يكن غير ذلك عرفه ، فوصل إلى صهيب وصحبته أحمد بن بشر الأيوبي في جمع من آل أيوب وغيرهم ، فلما عليم الأمير بذلك تعب أشدّ التعب ، ولما وصل الشيخ أحمد إلى صهيب أرسل الشيخ عبد القادر بن محمد العمودي إلى الأمير ليستعطف خاطر الأمير ، ويعلمه إن أهل الجبل لم ينقادوا له ، وقالوا له : لا نعرف إنك سلطانا حتى تدخل عدن ، وإنما غرضه [الا أن يدخل عدن ويقيم فيها أياما ثم يخرج](٢) إلى الجبال على رأي الأمير ليتحققوا أهل الجبال إن الأمير منه ظاهرا وباطنا ، فوصل الشيخ العمودي إلى عدن بالرسالة صبح الجمعة فحجبه الأمير ، فلم يمكنه الاجتماع بالأمير قبل صلاة الجمعة ، فلما خرج الأمير إلى الجامع أمر الخطيب أن يخطب للشيخ عبد الملك بن محمد بن عبد الملك ابن داؤد ، فخطب له واجتمع الشيخ عبد القادر العمودي بالأمير بعد الصلاة فبلّغه الرّسالة وأطلع (٣) عليه أوراق الشيخ [أحمد بن محمد] فقال الأمير : الجواب ما قد سمعته من الخطيب ، وأخرجه من البلد في الحال ، وأرسل إلى أحمد بن بشر شيخ آل أيوب بمال جزيل ، وأوعده بوعد جميل أن يتخلى من الشيخ أحمد ، وكذلك أرسل لأمراء الدويدارية (٤) والعبيد الذين مع الشيخ أحمد بمال على أن يتخلوا عنه ، فاتفق أن الشيخ أحمد خرج من محطته لبعض أغراضه ، فأظهر العساكر المقاومة والمقاتلة بينهم البين ، فرجع الشيخ ليصلح أمرهم ، فلم يصل إلى محطته إلّا وقد نهب آل أيوب مخيمه ، وأخذوا جميع ما فيه وانقلب بقية العسكر وراموا (٥) فيه الشر ،

__________________

(١) الأصل : حينئذ. وأصلحناه من القلائد.

(٢) ساقط من الأصل.

(٣) الأصل : وأطلق.

(٤) الدويدار : الكاتب بالفارسية (المنجد) وفي مصطلحات القلقشندي : ١٣٩ «الداودارية.

وظيفة يحمل صاحبها دواة السلطان أو الأمير أو غيرهما ويتولى أمرها مع ما يلحق ذلك من المهمات نحو تبليغ الرسائل عن السلطان أو الأمير أو إبلاغ عامة الأمور».

(٥) الأصل : وربما.

١٤٧

فسلمه الله منهم فاستمر راجعا إلى حياز بعد أن تحقق عزل الأمير له من غير سبب ، ولا موجب ذلك سوى مجرد الهوى لا جرم إنه لاقى غبّ ما صنع فسلبه الله عّزه سريعا ، فسبحان من لا يزول ملكه ولا ينفد سلطانه.

وفيها (١) : خرج الأمير مرجان من عدن إلى التلاج (٢) وصحبته الشريف عبد الله بن شيخ بن عبد الله بن أبي بكر العيدروس ، وهلال عتيق الشيخ أبي بكر بن عبد الله العيدروس والقائم بتربته ، وقدم الشيخ عبد الملك من لحج إلى التلاج فاجتمع به الأمير ومن معه فبايعه الأمير ، وحلف له ، وامره بالتّقدم إلى الجبل ومقاتلة ابن عمه الشيخ أحمد بن محمد فإذا صفي الجبل نزل إلى لحج ، ودخل عدن ، ثم رجع الأمير وجماعته إلى عدن ، ورجع الشيخ عبد الملك ومن معه إلى لحج ، وكان ذلك في صفر من السنة المذكورة.

وفيها (٣) : عزم الشيخ عبد الملك بن محمد إلى الجبل وجهّز معه الأمير ابن بنته عبد الله بن عبد النبي ومعه جلّ العسكر ومعه المال ومصروف العسكر ، وكان يتصّرف في ذلك على ما يشاء من غير مراجعة الشيخ عبد الملك ، فكان يرحل الناس برحيله ، وينزلون بنزوله ، والشيخ عبد الملك معه تبع ، فأقاموا بالجبل أوائل السنة الآتية.

وفيها (٤) مات النقيب عبد النبي بعدن.

وفيها (٥) : وصل حسين بيك في خمسة أو ستة أغربة ، ونزل إلى زبيد ، فعلم بوصول الأفرنج إلى العارة (٦) فرجع بعسكره إلى غربانه.

__________________

(١) قلائد النحر لوحة : ٢٠٠.

(٢) الأصل : البلاح.

(٣) قلائد النحر لوحة : ٢٠٠.

(٤) قلائد النحر لوحة : ١٩٩.

(٥) قلائد النحر : ١٩٩.

(٦) الأصل : الغارة قلت : العارة بلدة عامرة بالسكان على ساحل البحر بين عدن وموزع جنوبي المخا (معجم : ٤١٨).

١٤٨

وفيها (١) : وصل الأفرنج في نيف وعشرين خشبة ما بين غراب وغليون (٢) وبرشة ، وفيها برشة كبيرة جدا فيها غالب زادهم ومدافعهم ، وكان غرضهم الوصول إلى عدن [فغلط معلمهم ووقع](٣) مندخهم (٤) على العارة والريح أزيب ، فلم يمكنهم الرجوع إلى عدن فغرقت عليهم البرشة الكبيرة ، فحملوا ما خفّ منها إلى الخشب ، وتركوها وتوجّهوا بزعمهم إلى جدة فلما كانوا بالقرب منها ، علموا ان بجدة عسكرا كثيرا من الترك والأروام والمغاربة وغيرهم ، فداخلهم الفشل والخذلان فدبّروا (٥) إلى دهلك ، وصاروا بها إلى أن رّد الشمال ثم رجعوا من حيث جاؤا فوصلوا إلى بندر عدن مظهرين المسالمة ، فأمدهم الأمير مرجان بالمال والزاد واستفك من أيديهم بعض الأساري ، ثم عزموا إلى هرموز.

وفيها (٦) : بعد صلاة المغرب ليلة السبت عاشر ربيع الثاني ، قبض السلطان بدر بن عبد الله على الأمير مطران بن منصور ، وحبس وصودر بجملة مال ، وأخرج بعد أيام وولي الإمارة (٧) بعده الأمير عطيف بن علي بن دحدح.

وفيها (٨) : بشهر رجب طلع السلطان بدر بن عبد الله بن جعفر بالترك

__________________

(١) قلائد النحر : ١٩٩.

(٢) الغليون : نوع من المراكب عالي الأطراف (السفن الإسلامية : ١١٣).

(٣) ساقط من الأصل وأضفناه من قلائد النحر.

(٤) ندخه يندخه صدمه ومنه قول راكب البحر أندخنا المركب الساحل أي صدمناه به (قاموس). وعند أهل حضرموت : المنتخ : إشارة على البر كجبل أو نحوه تنزل عليها السفن عند دخولها ميناء معين أنظر «الشهداء السبعة : ١٢٤».

(٥) دبروا : أي عادوا بسفنهم إلى بلدهم وقت الخريف أي الرياح الموسمية. أنظر الشهداء السبعة : ١٢٤.

(٦) العدة المفيدة ١ : ١٦٤. والنفحات المسكية ٢ : ١١٤.

(٧) النفحات : الوزارة.

(٨) العدة : ١٦٤. وتاريخ الدولة الكثيرية : ٢٧. والنفحات المسكية ٢ : ١١٤.

١٤٩

إلى حضرموت ، ومقدمهم رجب التركي وأخذ شبام وما يليها من آل أحمد (١) والأحروم ، وما يليها من آل عبد الله ، وقبض بني عمه آل محمد أهل شبام ليلة السبت حادي وعشرين شعبان ، وقصد تريم في شهر الحجة من السنة المذكورة فتحصّنوا أهلها نحو عشرين يوما ، ثم استسلموا وبذلوا الطاعة وسلموا البلاد وأجلاهم منها آل يماني وآل عمر إلى اليمن ، وبقي العبيد بها ، وكانت أول دولة آل جعفر بتريم هذه السّنة سابع عشر ذي الحجة وقيل سنة سبع وعشرين أخذ السلطان بدر تريم وما يليها ، وكان صاحب تريم محمد بن أحمد بن جردان (٢) الصوقحي الرويدي وفارس وعيسى السخاني (٣) وجماعة أحرقوا عليهم ، في حوش (٤) وجماعة سلموا.

__________________

(١) النفحات : محمد.

(٢) العدة : الصولحي. وفي النفحات محمد بن أحمد بن سلطان.

(٣) العدة : الشيخاني. وتقرأ هذه اللفظة في (م) «السخافي».

(٤) الحوش : يطلق على ما حول الدار والحظيرة (محيط).

١٥٠

سنة سبع وعشرين وتسعمائة

فيها (١) : نزل الشيخ عبد الملك بن محمد ، والنقيب عبد الله بن عبد النبي من الجبل إلى حياز فاستقر عبد الله ابن عبد النبي بحياز حتى نزل إلى لحج مبادرة على أن يقيم الشيخ والجند بحياز لسلاك طريقها فحسب ان نزل عبد النبي (٢) نزل بنزوله [جميع الجند والعسكر وبقي الشيخ عبد الله وحده ليس معه إلّا خاصته وجماعته ، فتبعهم في النزول إلى لحج ، وعلم الأمير بنزول عبد النبي ولم يعلم بنزول](٣) الشيخ عبد الملك إلّا وقد هو في طرف الوادي والأمير إذ ذاك بلحج فخرج للقائه ولام عبد الله على ما فعل فمكث الأمير أياما بلحج ودخل أوائل ربيع الأول منها ، وطلب (٤) الشيخ عبد الملك الدخول معه إلى عدن فاعتذر إليه ، وكان قد وعده الدخول إلى عدن ويخرج منها ليتحققوا أهل الجبال إنه سلطانها (٥) فأكثر الشيخ من الكتب إلى الأمير وإلى الفقيه عبد الله بن محمد بن أحمد بافضل

__________________

(١) قلائد النحر لوحة : ٢٠٠.

(٢) الأصل : عبد الله وأوردناه من القلائد.

(٣) ساقط من الأصل وأضفناه من القلائد.

(٤) القلائد : ولازمه.

(٥) قلت : هنا اختصار وحذف عما ورد في القلائد.

١٥١

في إنجاز الوعد بالدخول إلى عدن ، والأمير يعتذر حتى تلطف في ذلك وتقرب عند الأمير إنه ما عسى أن يكون عمله إن أدخله فالحصون بيد الأمير والعسكر على رأسه والمال تحت يده ، فرأى أن يدخله ليقيمه في عدن أياما ثم يجهزه إلى الجبل ، فأذن له في الدخول فدخلها أواخر ربيع الأول فخرج الأمير إلى ملاقاته فنزلا جميعا إلى دار السعادة ، وقد هيأ بها ضيافة عظيمة حضر فيها أعيان البلد والجند ، وأسكنه في بيت من بيوت دار السعادة السفلى البحرية ، فكان لا يدخل على الشيخ عبد الملك من الناس أحد لا يعلم الأمير ، فضاق حال الشيخ عبد الملك من ذلك ولم يزل يتلطّف بالإمير حتى أذن له بالانتقال إلى بيت الزيبق ، وهو بيت معروف بعدن ، وهو مظهر الإنقياد لأمر الأمير واتباع رأيه ، وإنه متى أمره بالخروج من البلد خرج وما يريد من الأمير إلّا أن يجهزه بما لا بد منه من مؤن سفره ويحضر كل يوم عند الأمير على الغدا والعشا ، وفي الباطن إذا اختلى بالعسكر وكبرائهم يستميلهم في القيام معه ونصرته ويعدهم ويمنيهم ، فكل منهم يقول لا يمكن إظهار القيام معك إلّا إذا كان معك يافع ، لأنهم كانوا أكثر أهل البلد عدة وعددا ، فلم يزل يستميل ويحتال (١) بكبار يافع ويعدهم ويمنيهم حتى مالوا معه وحلف لهم وحلفوا له ، وربما كان الواسطة بينهم وبينه الشريف علي بن سعيد (٢) الحسيني فإنه شمر في القيام معه تشميرا كاد أن يكون فيه هلاكه ولكن حماه الله ، فلما توثق من يافع وعبيد اللوا والجبالية بما طابت به نفسه ما خلا العبيد ، وربما استحسن الأمير بشيء من ذلك ، فلازمه بالخروج من عدن فاعتذر بعدم المال والجند ولا يمكنه الطلوع إلى الجبل إلّا بجند كثيف ومال جزيل ومراده بذلك الاستعانة على محاربته ، فلم يمكنه الأمير شيء مما ذكر ، وهمّ عبد الله بن عبد النبي وغيره من أصحاب الأمير بلزم الشيخ عبد الملك أو بقتله في الجامع فأدخلوا الحسيني الكردي المقصورة ليفتك بالشيخ لزما أو قتلا ، ويقال إن

__________________

(١) كذا وفي القلائد ويحيل ولعله ويختلى.

(٢) الأصل : معبد.

١٥٢

ذلك كان من غير علم الأمير ، فجاء من أحذر الشيخ ولم يصل الجمعة ، وأما الأمير فمذ دخل الشيخ عدن لم يصل الجمعة البته ، والظاهر أنه كان به مرض يكتمه عن الناس ، وفي يوم الاثنين أظهر الشيخ عبد الملك المنابذة والمخالفة للأمير ، وأطبقت معه يافع البلد بأسرها تجارها وغيرهم ، وأسعده بعض تجارها بالمال على سبيل القرض وقام معه عبيد اللوا ، وغالب أهل الجبل ، ورتب العسكر ، وهمّ بالهجوم على دار صلاح والاستيلاء على ما فيها ، فأرسل طائفة من عسكره فوجدوا الأمير قد أشحنها بالرّجال في مجالسها وطيارمها (١) يرمون بالحجارة والمدافع فمنعوها بذلك ، وقتل واحد من أصحاب الشيخ ، وفي ذلك اليوم قتل الحسيني البندقاني قتله أصحاب الشيخ ، فبعث الأمير في ذلك وقصد جماعة من يافع دار الناصري وبها عبد الله بن عبد النبي ، وقد أستعّد بها العسكر ، فكانوا يرمون من قصدها بالحجر والبندق ، فقتلوا جماعة من يافع نحو خمسة أو ستة والله أعلم (٢)

وفيها (٣) : توفي الأمير مرجان الطاهري (٤) وتولى الشيخ عبد الملك ، ابن محمد بن عبد الملك بن داؤد.

وفيها : بشهر صفر وقعة المحرقة (٥) بين السلطان بدر ، وبين آل عامر ومن معهم من المسفلة وآل عامر ، وقتل من أهل المسفلة ولد أحمد بن

__________________

(١) طيارمها : جمع طيرمانه وهي العلو المرتفع من المنزل كالسطحة واللفظة من الفارسي.

(٢) من هنا انتهى تاريخ قلائد النحر لبامخرمة الذي ينقل عنه المؤلف نقلا عن ابن أخيه عبد الله بن عمر بامخرمة في تقييداته كما ذكر.

(٣) النور السافر : ١٢٣.

(٤) الأصل «الظاهري».

(٥) كذا لعل صوابه (المحترقة) قرية هنالك. قال العلامة عبد الرحمن بن عبيد الله السقاف : المحترقة هي واقعة في شرقي القروقر وهي المسماة في سابق الزمان «أنف خطم» انظر ادام القوت في بلدان حضرموت للسقاف لوحة : ١٢٣.

١٥٣

محمد بن سلطان وولد دويس.

وفي شهر ربيع الثاني منها : كتب السلطان محمد بن عبد الله بن جعفر بخطه إلى خطيب الشحر يذكر له إنه خلع الأمر لأخيه السّلطان بدر وأمره أن يسقط اسمه من الخطبة ، وأن يخطب لأخيه السلطان بدر.

وفي يوم الاثنين رابع الحجة : جاء البشير بأن السلطان بدر أخذ هينن وما يليها.

١٥٤

سنة ثمان وعشرين

وفيها (١) : توفي العلّامة جمال الدين محمد بن أسعد جلال الدين الصديق الدواني ، بفتح المهملة وتخفيف النون نسبة لقرية من كازرون الكازروني الشافعي ، القاضي بإقليم فارس ، والمذكور بالعلم الكثير ، وممن أخذ عنه المحيوي الّلاري ، وحسن ابن البقال ، وتقدم في العلوم سيما في العقليات وأخذ عنه أهل تلك النواحي ، وارتحلوا إليه من الّروم وخراسان وما وراء النهر ، ذكره السخاوي في ضوئه قال (٢) : وسمعت الثناء عليه من جماعة ممن أخذ عنه ، وصنف المصنفات النافعة منها شرح على شرح التجريد للّطوسي عمّ الانتفاع به ، وكذا كتب على العضد مع فصاحة وبلاغة وصلاح وتواضع ، انتهى رحمه‌الله.

وفيها (٣) : قبض السّلطان بدر على أحمد بن النقيب خادم الغيل «غيل أبي وزير» فأمر بسمل عينيه ، فسمل وعزله عن الغيل ، ثم تولى لهم الخدمة بحضرموت وهو أعمى.

وفي شهر رجب (٤) : وصل الأمير مطران من لحج ، وأعيد إلى الإمارة بالشحر وعزل عطيف بن علي بن دحدح.

__________________

(١) النور السافر : ١٢٣. وانظر البدر الطالع ٢ : ١٣ وشذرات الذهب ٨ : ١٦٠.

(٢) الضوء اللامع ٧ : ١٣٣.

(٣) النفحات المسكية ٢ : ١١٥.

(٤) النفحات المسكية ٢ : ١١٥.

١٥٥

وفي (١) شهر شوال : ظهر على ساحل البحر على نحو ساعتين من الشحر ، حوت كبير نحو ثمانية وثلاثين ذراعا ، وذرع الفقيه عبد الله بن عمر بامخرمة (٢) ، من طرف لحي الحوت إلى رأسه ثمانية أذرع ، وهو حوت عظيم هائل.

__________________

(١) العدة : ١٦٥ والنفحات المسكية ٢ : ١١٥.

(٢) في النفحات المسكية بزيادة «قال الشيخ الفقيه عبد الله بن محمد باسنجلة أخبرني العلامة عبد الله بن عمر بامخرمة قال : رأيته وذرعت» الخ فدل هذا النص على أن صاحب تاريخ الشحر هذا وكتاب النفحات المسكية ينقلون عن مصدر واحد هو تاريخ باسنجلة الذي ينقل هو بدوره عن تقييدات العلامة بامخرمة والله أعلم.

١٥٦

سنة تسع وعشرين

فيها ليلة سبع من شهر المحرم : توفي الشيخ العارف بالله الولي الصالح شهاب الدين أحمد بن سهل باقشير رحمه‌الله تعالى ونفع به ولم أقف له على ترجمة ، إلّا إنه حقيق بذلك.

وفي (١) يوم الخميس تاسع ربيع الثاني : وصل الافرنجي المخذول خذله الله إلى بندر الشحر في نحو تسع (٢) خشب برش وغربان ، ونزل إلى البلد يوم الجمعة وابتدأ بالقتال بعيد الفجر ، ولم يثبت له أحد من الناس بل انهزموا انهزاما قبيحا واستشهد أمير البلد الأمير المرحوم مطران بن منصور رحمه‌الله أصابته بندقة من بعيد فسقط مكانه ، وممن استشهد في هذه الوقعة المعلم الصالح يعقوب بن صالح الحريضي [وأحمد بن](٣) رضوان وأخوه فضل وجماعة سواهم رحمهم‌الله تعالى ، ونهب البلد نهبا فظيعا نهبها أولا الافرنج ، ثم بعدهم الرّماة العسكر ، وشياطين البلد ، وافتقر لذلك خلائق ، وفي ليلة الثالث عشر من هذا الشهر ، انتقل المخذول من بندر الشحر وعزم إلى دهلك.

وفي (٤) هذه الأيام وصل الأمير عطيف من الريدة وحفظ البلد ، وأقام

__________________

(١) العدة ١ : ١٦٥. وانظر حول هذه الوقعة تاريخ الدولة الكثيرية : ٤٠ والشهداء السبعة للأستاذ محمد عبد القادر بامطرف ط بغداد. والنفحات المسكية : ١١٥.

(٢) النفحات : أربع عشر خشبة.

(٣) ساقط من الأصل وأثبتناه من النفحات المسكية.

(٤) العدة : ١٦٦.

١٥٧

بوظيفة الإمارة لأن السلطان في تلك الأيام ، كان غائبا بحضرموت ، فقرره السلطان على حاله ، وفي هذه الوقعة استشهد الفقيه العلّامة شهاب الدين أحمد بن الفقيه عبد الله عبد الرحمن بلحاج (١) بافضل ، وكان مولده يوم الجمعة خامس شوال سنة سبع وسبعين وثمانمائة ، وتفقه بأبيه وبالفقيه محمد بن أحمد بافضل ، وأخذ عن قاضي القضاة العلّامة يوسف بن يونس المقري ، والقاضي أحمد بن عمر المزجد ، وغيرهما وبرع وتميز وتصدر للإفتاء والتدريس في زمان والده ، وكان متوليا الإعادة في درس الجامع في زمان والده ، ولما توفي والده خلفه وصار عين المكان ، وكان فقيها فاضلا حسن الاستنباط قوي الذهن شريف النفس ، وكان والده يعظمه ويثني عليه ويشير إليه بالفقه ، وحج مرارا واجتمع في حجه الأخير بالشّيخ العالم العلّامة الولي الصالح محمد بن عراق ، فصحبه ولازمه وتسلك على يديه ، وكان سخيا كثير الصدقة ، وفعل المعروف ، مواظبا على الطاعة وله تصانيف مفيدة نافعة ، منها نكت على روض المقري في مجلدين لطيفين ، وهو تصنيف حسن في بابه مفيد جدا ، وله كتاب مشكاة الأنوار ، واخترمته المنية ولم يكمله ، وهو كتاب جامع للأوراد والأذكار ، قال في أثناء وصية له : عليكم بالأوراد التي علقتها كراريس وسميتها مشكاة الأنوار ، عليكم بها عليكم بها فإني ضمّنتها والله الاسم الأعظم الذي هو أكسير الأولياء ، ولكن لا يظهر إلّا بالمداومة مع الصيانة والديانة [والعفة] والسلامة من الوقوع في الشبهات والشّهوات ، عليك [بحفظ] بما فيها عن ظهر الغيب ، وله وصية مختصرة ، ومن كلامه : من كان همه المعالف فاتته المعارف ، واستشهد يوم الجمعة عاشر شهر ربيع الثاني ، ودفن عند والده رحمه‌الله ونفعنا به آمين.

وفيها : حصل مطر وريح قوي وهو المسمى في جهة الشحر بالشلي وأخرب في المشقاص وصريح (٢) والوادي.

__________________

(١) النور السافر : ١٢٥.

(٢) كذا لعله تصحف عليه ب «حيريج».

١٥٨

وفيها (١) : توفي السيد الشريف اللطيف الصالح الولي العلامة جمال الدين محمد بن أحمد بن علي [الخون](٢) بن علوي بن عبد الرحمن بن محمد بن الشيخ عبد الله باعلوي رحمه‌الله تعالى ، كان للعلوم محّصلا متعّطشا مشاركا متفننا ، وله الفهم الثاقب والرأي الصائب وهو للدنيا رافض وفيها زاهد ، وعنها معرض ، نقل الإرشاد للمقري وألفية ابن مالك في النحو ، وأوضح المسالك في النحو قراءة محققة ، ونقل الشاطبية وقرأ المنهاج والإرشاد على الفقيه أحمد بن علي علوي ، وقرأ البخاري على الفقيه علي بن غوث (٣) بن عبد الرحمن باحرمي ، وقرأ الشفاء على السيد محمد بن علي بن علوي خرد صاحب كتاب «غرر البها» وشارك في كل فن ، وفي العلوم اجتهد وأمعن ، ومولده سنة أربع وتسعمائة ووفاته بمكة المشرفة في السنة المذكورة ذكرها السيد محمد بن علي خرد في كتابه «غرر البها» والله أعلم.

وفيها توفي الشيخ الكبير السيد جمال الدين محمد بن يونس باعباد بالغرفة.

__________________

(١) غرر البهاء الضوي : ١٨١.

(٢) ساقط من الأصل وأضفناه من الغرر.

(٣) ساقط من مطبوعة الغرر.

١٥٩

سنة ثلاثين بعد التسعمائة

وفيها أخذ سلمان الرّومي زبيد.

وفيها (١) : يوم السابع والعشرين من ربيع الثاني سافر السلطان محمد بن عبد الله بن جعفر إلى الحج من طريق البحر ، ودخل زبيد وأخرج له الأمير سلمان إبن أخيه مظفر بالعسكر للقائه وأعزه إعزازا لآئقا به ، وتزوج بزبيد وعزم إلى مكة وحجّ وجاور بمكة ، واجتمع بالشريف بركات بن محمد صاحب مكة.

وفيها : حصل مطر وريح لكنه أخف من الشكي (٢) في السنة التي قبلها ، وفيها : ليلة النصف من شعبان قيدوا آل محمد بن عبد الله ، وهم محمد بن بدر بن محمد وسيف بن عبد الله بن محمد إلّا أنه أطلق في الحال.

وفي (٣) فجر يوم الأحد : توفي الشيخ الإمام شيخ الإسلام أحد الأئمة الأعلام ذو التصانيف المفيدة والفتاوي السّديدة أحمد بن عمر بن محمد بن عبد الرحمن بن القاضي يوسف بن محمد بن علي المزجّد بميم مضممومة ثم زاي مفتوحة ، ثم جيم مشدّدة مفتوحة ، ودال مهملة السيفي المرادي

__________________

(١) العدة ١ : ١٦٦.

(٢) كذا ولعله «الشلي» كما سبق ذكره ص : ١٥٨.

(٣) النور السافر : ١٢٧. وانظر ترجمته في شذرات الذهب ٨ : ٢٦٩ وكتابنا مصادر الفكر الإسلامي في اليمن : ٢٠٩.

١٦٠