تاريخ اليمن

الشيخ عبد الواسع بن يحيى الواسعي اليماني

تاريخ اليمن

المؤلف:

الشيخ عبد الواسع بن يحيى الواسعي اليماني


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: المكتبة السلفيّة
المطبعة: المطبعة السلفيّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٩

والحكمة في جميع العلوم والتدبير والشجاعة. وقد ملأ بيتا من الذهب والفضة ومن جميع أنواع الملبوسات والاحجار النفيسة من اللؤلؤ والزبرجد والياقوت ومن آلة السلاح ما يفوق عن العد ومن آلة الطب وعقارتها ما تعجز عنه الملوك حتى انه وصل اليه طبيب فاحتاج الى ريش الذباب الاخضر وهو من المستحيلات فاعطاه المتوكل ملء إنا وغير ذلك مما يطول ذكره والمسك والعنبر والساعات ملء صناديق وجميع الذخائر والقماشات الغريبة الوجود والخيل الكثير ووجد من الكتب في خزانة المتوكل زيادة على مائة الف كتاب ومن حسن السيرة ان المتوكل ومن قبله يولون الوزراء ولم يعزلوهم حتى يدركهم الموت فمن هنالك ينظر الوزير انتظام الملك ومصالح الناس ولم ينظر مصلحة نفسه وميلها للاطماع والادناس ثم توفي المتوكل احمد في شهر القعدة ودفن ببستان المسك شمال قبة المتوكل سنة ١٢٣١

ثم قام ولده عبد الله وتلقب :

المهدى عبد الله

الولادة سنة ١٢٠٨ الوفاة سنة ١٢٦٧ العمر ٥٩

ابن المتوكل احمد ومن ضعف سيرته ان كل وقت وله وزير

٦١

وبعد مدة يسيرة يعزله ويعذبه فمن هنالك اختلت المملكة وتعاقب الدولة الذهاب والهلكة كلما تولى وزير نظر الى مصلحة نفسه ولم ينظر الى مصلحة نظام الملك مع حصول الاياس من البقاء فيما هو فيه فيجمع له مالا على أي جهة كانت والوزراء كانوا يعزلون من تحتهم من العمال وكل واحد من العمال لم ينظر الا الى مصلحة نفسه فبذلك اختل نظام الملك وكل يوم الى ضعف. وكان من طريقة المهدي وعادته الاحتجاب والميل الى الشهوات واللذات وسماع اللهو والتغافل عن الملك وبهذه السيرة خيفت السبل وانتهبت الاموال. ثم توفي وقبر بصنعاء جنب والده في بستان المسك. وقام في أيام المهدي الامام بدر الدين :

احمد بن على السراجي

وكان ممن كملت فيه شروط الامامة وكان ورعا فاضلا دعوته يوم الاربعاء سادس وعشرين شهر جمادى الاولى سنة ١٢٤٩ واجتمعت له القبائل من كل فج وحاصر صنعاء ثمانية أيام وفيها المهدي ثم ابن المهدي بذل مالا عظيما لجنود الامام فتفرقوا بعد الاجتماع فعادوا الى بلدانهم ثم ارتحل الامام الى محل يقال له الغيضة من بلاد نهم؟؟؟ مسافة يوم ونصف شمال صنعاء الشرقى واستشهد الامام

٦٢

هالك قيل بالسم وذلك في يوم الاربعاء خامس وعشرين شهر صفر سنة ١٢٥٠ وفي أيام المهدي عبد الله هجم من ذي محمد وذي حسين على بئر العزب واكثر كبراء الدولة وآل الامام والوزراء والقضاء الا كابرسا كنون بها بأمان واطمئنان وغفلة من طوارق الحدثان فوقع في بئر العزب النهب والسلب والقتل وانتهاك الحرم ما عظم به الخطب واشتد الكرب ، وكانت رزية عظيمة ومصيبة صميمة انهلت بها العبرات وتصاعدت الزفرات ، وقتل فيها من الاعيان والعلماء كالقاضى العلامة محمد بن يحيى بن صالح السحولى والسيد الاجل يحيى بن محمد حطبة ناظر الاوقاف وغيرهما من السادة الاجلاء والعلماء وكان سبب ذلك ان ذي محمد وذي حسين تغلبوا على الامام فأمر باباحتهم في صنعاء وحبس كبارهم واخذوا وقتلوا في الازقة والاسواق وبعض من نجا منهم خرج من أعلا السور حق صنعاء ثم وصلوا بلادهم وتجمعوا جمعا عظيما وهجموا على بئر العزب وفي هذه المدة خرج الباشا ابراهيم واستولى على قبيلة عسير والمخا وتلك البنادر بعد حروب كثيرة ووقعات شهيرة وتجاوز الى اليمن الاسفل تعز ومخالفيها ثم تغلب الرعايا على

٦٣

الحقوق المالية ثم توفي المهدي في شهر رجب وهو آخر الملوك أهل الصولة والاقدام والحل والابرام. وفي سنة ١٢٤٣ ظهرت الجراد حتى اطبقت على الآفاق وملأت ما بين الخافقين حتى حجبت شعاع الشمس من كثرتها واكلت الزرع والعشب والكلأ واعقب ذلك قحط شديد ثم قام ولده

على بن المهدي

وتلقب بالمنصور ودعوته بصنعاء في شعبان سنة ١٢٥١ وفي هذه السنة قلت الامطار وغارت الانهار لا سيما الروضة ولم يزل ذلك حتى قلعت أشجار العنب وحفرت الآبار حتى صار عمق البئر مثل عمق بئرين واذا وجد الماء غار باذن الله تعالى وسبب ذلك ان السيد احمد فايع وزير المنصور علي كان الوزير في الروضة أيام العنب فعزم الوزير المنصور علي للخروج عنده الروضة فأمر الوزير برش شوارع الروضة بماء الورد لقدوم المنصور علي فعند ذلك غارت مياه الآبار نعوذ بالله من كفر النعم. وحلول التقم

وفي سنة قيام على بن المهدي قام من صعدة :

٦٤

الحسين بن على

المؤيدي وبعد سنة توفي بحيدان من بلاد صعدة وعند قيام علي بن المهدي ضعفت المملكة وثروة البلاد وكان مبذرا للاموال ولم ينفق الا من المدخر في خزائن بيت المال من آلة الحرب والذخاير ومن الادبار انه عزل أمير الجنود الذي كانت له اليد القوية عليهم الامير عنبر فبقي الجند على طريق الفساد والعنو؟؟؟ والعناد حتى كان في شهر القعدة بعد سنة من قيامه ثار عليه العسكر وفعلوا عظيم المنكر ودخلوا عليه الى داره في بستان المتوكل وهو غافل عن أمرهم فقبضوه ونصبوا مكانه :

الامام الناصر

الولادة سنة ١٢٢٦ الوفاة سنة ١٢٥٦ العمر ٣٠

عبد الله بن الحسن بن أحمد بن المهدي عباس وهو من أعلام السادة وقد أحرز من العلوم منطوقها والمفهوم واستمر في الطلب ونشأ على طريق مرضية وشمائل علوية ونزاهة الجانب وطهارة العرض من المعايب فدعا في ثماني عشر شهر القعدة سنة ١٢٥٤ ونهض لاصلاح العباد وتشريد أهل العناد وأمر بالمعروف

٦٥

ونهى عن المنكر ونصب معلمين للصلاة وبعث بهم الى كل بلدة في اليمن وأعاد سيرة الائمة الصالحين ولم يظهر بعد ذلك منكر في صنعاء وفي أيامه تتابعت الامطار والخيرات والبركات ولما كان في شهر صفر سنة ١٢٥٦ خرج الامام الناصر الى وادي ضهر ومعه جماعة من العلماء والفضلاء وكان خروج الامام للنزهة غير معتد لحرب ولا خدعة فغدرت به همدان وقتل الامام الناصر مع ستة معه ورجع طائفة من أصحابه ونصبوا محمد بن المتوكل وهو أخو علي بن المهدي وكان مسجونا بسجن الناصر وتلقب :

بالهادي

وكان كاخيه في تبذير الاموال وفي دعوته ظهر الفقيه سعيد وادعى انه المهدي المنتظر وعمت فتنته في اليمن وتغلب على كثير من البلدان ثم وقعت حروب عجيبة وانتهى الأمر الى أسر الفقيه سعيد وقطع عنقه الهادي فسكنت فتنته وزالت محنته ثم استقامت الامور ثم توفي الهادي في ١٨ شهر الحجة سنة ١٢٥٩ ثم قام بالخلافة على بن المهدي الذي خلع أولا ورجع الى ما كان عليه أولا من اخراج الذخاير واتلاف بيوت الاموال فضعفت دولته وعند ذلك خرج محمد بن يحيى بن المنصور الى الشريف حسين وكان الشريف

٦٦

مستوليا على التهايم من جهة السلطان فوصل اليه واكرمه غاية الاكرام ووعده بالنصر وانفاق الاموال ثم انتقل الى اليمن وريمة فوفدت اليه الوفود من الرؤسا يحثونه على الانتهاض الى صنعاء كون صاحبها غير صالح فنهض الى آنس وذمار ووالته تلك البلاد فعندها تحرك علي بن المهدي من صنعاء وجمع من لفيف الناس فوقعت بينهم حروب في قاع جهران آلت الى هزيمة أصحاب علي ابن المهدي ثم قامت الوسايط على تسليم الامر للمتوكل

وذلك في سنة ١٢٦١ وقام علي بن المهدي بحقوق المتوكل واكرمه غاية الاكرام فدخل الجميع صنعاء في جمع عظيم واستقر في بستان السلطان وقد صلح له اليمن ووفدت اليه مشايخ اليمن الاسفل والاعلا وساعده المقدور وصلحت الامور خلا انه وجد بيوت الاموال قد استولى عليها الزوال وذهبت بأيدي الرجال فما زال في حل وارتحال ومقاساة الاهوال ثم ان المتوكل حبس الوزير القاضي يحيى بن على الارياني لانه قد ظلم أهل صنعاء في أيام علي بن المهدي ظلما عظيما ونالوا منه جورا أثيما وجعل له وزيرا الشيخ علي مثنى الجرادي من ذمار وجعل له حاكما السيد علي بن العباس صاحب وادعة وفي شهر رجب في هذه السنة أرسل المتوكل الى الشريف

٦٧

الحسين ملك تهامة بهدية سنية ثلاثين رأس خيل ومن الدروع ومن الساعات وسائر ذخائر الملوك وهو أرجع للمتوكل ما كان قد أخذه من اليمن مثل تعز وما والى تلك الجهات ثم انتهض المتوكل الى مدينة عمران وتلك الجهات لتغلبهم عن تسليم الواجبات فاذاقهم مرارة العصيان والجهالات فرجع الى صنعاء وأرسل رسائل الى جميع القبائل والبلاد والزمهم بالاعشار والقيام بين يديه للجهاد فاشرقت شموس الهداية بعدالته وحمد الناس سيرته وسريرته ثم عزم الى إب وتلك الجهات وأخرج المتغلبين في تلك المحلات وأمر بنهبهم وقبض على رؤسائهم وغل أعناقهم وسجنهم في ذمار وجعل له ثلاثة وزراء منهم السيد العلامة العماد يحيى بن أحمد حميد الدين جد أمامنا القائم الآن أيده الله بالنصر والتمكين وأما الوزراء الاولون فعزلهم ثم رجع صنعاء وقد صلحت امور اليمن الاسفل ورجع منصورا

سنة ١٢٦٢

في شهر ربيع الاول خر نجم؟؟؟ كبير من جهة المغرب الى جهة المشرق وكان له في الارض نور أشد من نور القمر وله شعاع أحمر وأبيض ووقف منتصبا نحو جهة المشرق مقدار قراءة سورة

٦٨

الاخلاص وذلك الوقت عقيب صلاة العشاء وعند ذهابه وقع صوت شديد كالرعد. وبعد هذه في تلك الاشهر وقعت أمطار كثيرة وصواعق مخيفة أهلكت خلقا كثيرا ووقع برد كبار كل بردة مثل بيض النعام وأخربت الدور وكانت تخرق السقف وتهلك كل من فيه الا من شاء الله

(وفي شهر رجب) من هذه السنة خرج شريف من أشراف مكة اسمه السيد اسماعيل وتوجه نحو اليمن ولم يزل يدعو الناس الى الجهاد واخراج الافرنج من عدن فأجابه جماعة من الناس ثم وصل الى قرب عدن بنحو فرسخ ولم يزل محاصرا لعدن حتى سمم هنالك وتوفي وتفرق من كان بمعيته من المجاهدين

سنة ١٢٦٣

فيها أمر المتوكل ببناء حمام وادي ضهر وهو قريب من دار الحجر ولم يزل الى يومنا هذا وقد جدد اصلاحه وأحسن تنظيمه امام زماننا هذا أيده الله

ثم أظهر العصيان والعناد أهل الحدا؟؟؟ فخرج المتوكل لمحاربتهم وأخذ منهم أدبا نحو عشرة آلاف ريال ثم حفر المتوكل صرح مسجد النهرين ووجد في تلك الحفرة صنما من ذهب. (وسمعت

٦٩

عن بعض المشايخ الثقات) عن بعض المستخدمين للجن المشهورين في علم الروحاني ان تحت هذا المسجد كنوزا عظيمة. (وسمعت أيضا) ان في باب اليمن في السوق الذي يباع فيه التبن والقصب والحطب هنالك دفاين عظيمة وأموال جسيمه ومن تحت هذا المحل سرداب ينتهي الى باب بستان موسى وهذا البستان هو شرقي هذا المحل. (وسمعت أيضا) ان المحل الذي هو غربي مسجد داود شمال الطريق العامة الذي يوجد في جداره أحجار من المرمر مكتوبة بالحميري وكان هذا المحل قديما كنيسة والعامة الآن يقولون هو مسجد متروك وصار الآن يرمى فيه الكنس والزباله وطلع فيه التين المشوك المسمى تين تركى وبالشام الصبيرة في هذا المحل كنوزا عظيمة. (وسمعت أيضا) ان تحت مخزن طعام الوقف شرقي الجامع الكبير المشهور فيه من الذخائر ما لا يوصف وقد تعرض له بعضهم في زمن قديم ثم لم يقدر على ذلك لكثرة الارصاد فوقه من الجن. (وفي سنة ١٣٣٢ هجرية) اجتمعت برجل مغربي بدمشق الشام لما سمع بي هذا الرجل قصدني الى دار الحديث وسئلنى هل أنت من نفس صنعاء اليمن فقلت نعم فقال تعرف باب شعوب وخضير فقلت نعم ثم اخرج كتابا قديما

٧٠

تاريخا لصنعاء وذكر مع هذين الموضعين شوارع الآن تغيرت أسماؤها ولم أعرفها وذكر ان فيها كنوزا يطول ذكرها وعدد ما في كل موضع من الكنوز وجنسها وكل هذا الكتاب في كنوز صنعاء ولم يخبر عن اسم الكتاب ومؤلفه وسيأتي في القسم الثاني ذكر معادن اليمن في فصل مستقل

سنة ١٢٦٤

فيها عزم المتوكل الى تهامة وأراد أن ينتزع تهامة من يد الشريف الحسين بن محمد فوقعت بينهم حروب شديدة حتى خرج الشريف الحسين مأسورا وأخذ المتوكل تلك المدن المشهورة مثل زبيد وبيت الفقيه والمخا وبقى الشريف الحسين مسجونا في قلعة القطيع في تهامة وعليه حفظة من عسكر المتوكل قد أخذ عليهم العهود والمواثيق في حفظ الشريف وعزم المتوكل الى بندر المخا ثم عزمت بنت الشريف من أبي عريش الى نجران وعقرت عندهم الخيل واستغاثت بهم في تخليص أبيها من سجن المتوكل فأجابوها في جمع عظيم والحفظة التى من المتوكل على الشريف نكثوا العهد وأخذوا منه ٢٥ الف ريال ثم وقعت الخيانة من عسكر المتوكل بسبب ما أخذوا من النقدية من الشريف غير ما أخذ الحفظة الذين

٧١

في السجن ثم أخذ الشريف زبيد ونهب ما فيها ووقعت فيها قتلة عظيمة ثم رجع المتوكل الى صنعاء وقد ضعفت الامور

ثم بعث المتوكل الحسين بن المتوكل احمد واليا على بلاد يريم في سنة ١٢٦٥ فلما وصل الوالي الى هنالك اجتمع أهل تلك الجهات ونصبوه إماما وتلقب بالمنصور

(ثم خرج) المتوكل ووقعت بينهما محاربة ثم وقع الصلح أن يبقى الحسين بن المتوكل احمد في الوادي في دار الحجر ثم بعد ستة أشهر خرج المتوكل من صنعاء الى الوادي وبينهما ثلاث ساعات ثم قبض على الحسين وادخله صنعاء وسجنه وكان يضربه بالشمع وهو يستغيث فلا يغاث أخبرني بهذا بعض المشايخ ممن طعن في السن ثم كثرت الفتن وتغلب القبائل وانقطعت السبل واختل النظام وعم الفساد وكلما أراد الخروج من صنعاء لاصلاح القبائل لم تطعه العسكر وكان وزيره في صنعاء الشيخ أبو زيد بن الحسن المصري وكان كثير الجور والظلم وكان يغل الرجل من عنقه الى قدمه ويضربه الا أن يستفدي نفسه بمال.

(ثم وقعت صاعقة) شديدة في بستان المتوكل ودخلت منظر الصينى وكان جميع جدارها مزخرفا بالصينى واحرقت الفراش

٧٢

واسم المنظر في اليمن لأحسن غرفة وتكون أعلا مكان في الدار.(ثم وقعت صاعقة) في بستان السلطان ودخلت في دار الوزير المتقدم ذكره. (ودخلت صاعقة) في البيت الذي كان ساكنا فيه السيد غالب بن محمد الذي سيأتي ذكره عند قيامه إماما واحرقت الصاعقة فراشه وكسرت الزجاج. وفي هذه المدة دخل الشريف الحسين المتقدم ذكره الى الاستانة يشتكي على السلطان وأخرج معه عسكرا كثيرا مع قوة عظيمة وصحبتهم الوالى توفيق باشا فلما وصلت العساكر الى تهامة فرح بهم المتوكل وكتب للوالي أن يتقدم بالعسكر الى صنعاء ليؤدب بهم القبائل الذين تغلبوا وتمردوا عن الطاعة وأظهروا العناد والفساد ويكون الأمر للوالى والامام ينفذ الاوامر ويبقى الامام ومن يلوذ به في البساتين مكرما معززا

(فوصل الاتراك الى صنعاء) نهار الجمعة سادس شهر رمضان في السنة المذكورة. وفي اليوم الثانى قام أهل صنعاء قومة رجل واحد على حين غفلة فابادوا الاتراك قتلا ولم يسلم منهم الا من كان ملتجئا في القصر أو في بستان السلطان وسبب ذلك كما سمعت والله أعلم ان اليوم الاول كانت العساكر تمر في الشوارع وتقول هذا

٧٣

البيت غدا نأخذه وهذه الحرمة نأخذها ثم أخرج المتوكل من سلم من الاتراك وأرسل معهم محافظين حتى وصلوا الى الشريف الحسين ثم تحدث العوام في صنعاء ان القاضي العلامة عبد الرحمن ابن محمد العمراني وكان ناظرا للاوقاف ممن أشار بخروج الاتراك الى اليمن فهجم العوام الى بيته ونهبوا ما فيه في لحظة وذهب عليه خزانة عظيمة من الكتب والذي كان معه من أفخر الكتب الف كتاب ثم هدموا بيته في الحال ثم عزموا الى بستان السلطان يريدون قتل المتوكل فمنعتهم العسكر ثم وقع الرمى بينهم بالرصاص

ثم نصبوا إماما :

السيد على بن المهدي

ولم يكن جامعا لشروط الامامة وكان ساكنا في دار الذهب (١) ثم بايعه أهل صنعاء عامة ومن حضر من رؤساء القبائل وتلقب أولا بالمهدي ثم بالهادي ثم أودع السيد محمد بن يحيى في السجن وهو ممن أشار بخروج الاتراك ووضع فوقه ثمانية قيود وكان سيدا

__________________

(١) أينما ذكرت الدور في صنعاء التي تسكن فيها الائمة فالمراد بها للقصر الخاص بالملك وحاشيته واسم آخر في هذا الزمان بالسرايا فالدور المشهورة بصنعاء الخاصة بمقر الملك دار الطواثى؟؟؟ دار الذهب دار بستان السلطان دار المحداده؟؟؟ دار الجامع وغيرها وان كانت الآن قد هدمت

٧٤

فاضلا. ثم من هنا اتصلت بصنعاء المصايب وتوالت النوائب وتقطعت السبل وفسدت القبل ولما كثر ظلم الوزير المذكور في صنعاء وكثرت الفتن وعظمت المحن هاجر من صنعاء جملة من السادة والعلماء الى صعدة (١) منهم السيد العلامة أحمد بن هاشم الذي صار اماما فيما سيأتي والقاضي العلامة عبد الله الغالبي (٢) والقاضي العلامة أحمد بن اسماعيل العلفي وغيرهم ولم يزالوا يدعون الناس الى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والى نصب امام حق فأجابتهم تلك البلاد خولان الشام وسحار

ونصبوا :

الامام احمد بن هاشم

وتلقب بالمنصور بالله وبعث رسائله الى جميع اليمن ثم دخل الى مدينة عمران (٣) واستقر بها

سنة ١٢٦٦

ودخلت سنة ١٢٦٦ وأمر الهادى السيد علي بن المهدي

__________________

(١) بينها وبين صنعاء شمالا ثمانية أيام وهي مدينة مشهورة بالعلم والفضل

(٢) سكن هو وأولاده بضحيان شمال صعدة بثلاث ساعات وأولاده علماء فضلاء وقد وصل المؤلف الى ضحيان واجتمع بولده القاضى العلامة محمد بن عبد الله الغالبي وأجاز له اجازة عامة عن والده المذكور رحمه‌الله

(٣) بينها وبين صنعاء شمالا مسافة يوم

٧٥

الامام بصنعاء أن يقطع رأس السيد محمد بن يحيى فضرب عنقه عقيب صلاة الفجر وهو في السجن لانه طلب الاتراك الى اليمن فوجمت لذلك القلوب وعظمت الكروب ثم نهض الامام أحمد ابن هاشم من عمران الى بيت ردم في الجنوب الغربي من صنعاء لمسافة نصف يوم بعد حروب يطول ذكرها من القبائل التى حول صنعاء ولم يزل يدعو جميع الناس الى اجابته وجمع الكلمة فأجابته جميع البلاد الجنوبية من صنعاء الى خولان ويريم وآنس وأخذ منهم البيعة والعهد وأمرهم بحصار صنعاء وأخذها ولما كان في شهر رجب في هذه السنة أجمع رأى علماء صنعاء والسادة والاعيان على نصب امام

العباس بن عبد الرحمن

ينتهي نسبه الى القاسم بن محمد ويقال له ابن شمس الحور نسبة الى امه لما كانت عالمه مشهورة مدرسة ثم تلقب بالمؤيد بالله ثم وقع الاضطراب في صنعاء ثم اجتمع رأى جماعة من أعيان صنعاء لما بلغهم قيام الامام أحمد بن هاشم ومبايعة الناس له ما عدا أهل صنعاء بايعوه واجتمعوا في الجامع الكبير بصنعاء فلما علم بذلك العباس أمر بهم الى السجن وأدبهم ثم رجعوا الى طاعته واتباع

٧٦

أمره وصلح شأن صنعاء من الاضطراب

(ثم كتب القاضي العلامة) أحمد بن عبد الرحمن المجاهد رحمه‌الله وكان في مدينة صنعاء الى الامام أحمد بن هاشم وهذا لفظه مع الاختصار :

الحمد لله الذي وفر النعمة ورفع الفتنة والمحنة والصلاة والسلام على سيد ولد آدم وعلى آله أولى الفضل والكرم. من احمد بن عبد الرحمن المجاهد الى سيده ومولاه السيد الفخيم الاواه زينة اليمن وتهامة وشمس الملة والزعامة صفي الاسلام العلامة احمد بن هاشم حفظه الله وتولاه وأفضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته والله يحفظ للمسلمين والاسلام فخرهم العالى ونجمهم المتلالى حامى حمى الاسلام وقطب الاعلام أمير المؤمنين وسيد المسلمين المؤيد بالله رب العالمين العباس بن عبد الرحمن حرسه الله بكلاءته وأمده بمعونته. صدرت للسلام ومعاهدة أخلاقكم الكرام فما زال القلب يتلهف والاسماع باخباركم تنشنف وعاق عن ذلك المخافات والمهالك والاهوال التى ليس يرجى لها تدارك فما شمرنا؟؟؟ والناس على تلك الحالة الا وقد أخذ الله بنواصيهم ووفقهم الى نهج رشادهم باجتماع كلمتهم على أمامنا القائم المؤيد بالله أيده الله أفضل من قد عرفته أنا

٧٧

وانتم في السراء والضراء والشدة والرخاء والخوف والأمن وعرفنا دينه وورعه وغزارة علمه وفطنته وحسن سيرته فجاء بحمد الله فرجا لعباده وبلاده فما يسعكم قطعا الا الدخول في طاعته ومعاضدته ومناصرته وهو والله يعدكم العدة الكبرى ومعلوم ان ظنكم فيه كظنه فيكم فلا يخيب الأمل ولا تكن يا سيدي سبب هلاك أمة مرحومة ولو لم يكن الا أهل المدينة فهى أم القرى معمورة بالفضلاء والصالحين والعلماء العاملين وقد زادت الفتنة وقتل من الناس بلا حصول مصلحة كيف والمصلحة اذا عارضتها مفسدة انقلبت بنفسها هي المفسدة وكان في قيام مولانا الامام المؤيد المصلحة الخالصة فبحمد الله لم يرق دم ولم يخف أحد فما والله بقى بعد هذا معذرة لمعتذر ولا يسعكم الا الدخول والمبادرة لمناصرته لتنالوا مقصدكم وبغيتكم من الكون لله ومع الله وتنفيذ كتاب الله وسنة رسوله واحياء شريعته فاغتنموا مناهل الأجر العظيم وبالله يا سيدي الصفي لا ينقلب الأجر عقوبة والمدح ذما فان هذه القبائل قد نشرت أجنحتها من كل فج عميق ونخشى أن تحصد فيها نفوس لا تحصى وتهلك أموال وتهتك حرم وكلها في ذمتكم لا تسلموا تبعاتها في الدنيا والآخرة ثم لا ينفصل ذلك الى مرام ولا قامت

٧٨

هكذا شرائع الاسلام فما ألجأكم الى هذا ولكم عنه مندوحة وبلوغ القصد والمرام ولكم عنده الفضل الذي لا يجهل مع الانتظام هذا إن وثقتم بنصيحتى فهو المرجو لما أعلم بينى وبينكم وبين الامام وان أردتم ثقة بوصول أحدنا أو غيري أو شيخنا وبركتنا علامة الآل سيدي شمس الاسلام احمد بن زيد الكبسي وجب عليه أن يصل اليكم لتثقوا به في ذلك ويكون لكم مشهدا والا كنا عليكم شهودا وكفى بالله شهيدا

وهذا جواب المنصور بالله احمد بن هاشم :

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى أما بعد حمد الله على جزيل النوال والصلاة والسلام على محمد المصطفى وآله خير آل فانه افترق حال الناس في هذه الدار بين داع الى الجنة وداع الى النار وسببهما أمران اما أن يكون المرء تابعا لهواه فذلك من لا يرجى لدائه دواء أو أن يكون هواه وراءه فذلك صحيح ضجيع جنة المأوى وقد ترادفت المحن وعظمت الفتن فنهضنا بعد الدعاء لنا لاحياء دين الله لا غرض لنا سوى طلب الفوز والنجاة فاجاب وتابع وبايع الجم الغفير ولم يبق بحمد الله قطر أو مصر الا أسسناه

٧٩

واحييناه من وراء صعدة الى اليمن الأسفل وانتهت بنا الاقدار الى حصار صنعاء لما تمرد الذين لا خير فيهم منهم عن الاجابة. وتنكب عن طريق الاصابة. فلما كنا في خلال الانحصار انتهى الأمر الى نصب الصنو العباس وخلع علي بن المهدي وداعينا مقيم وسبيلنا مستقيم. وصل من سيدنا العلّامة الصفي احمد بن عبد الله المجاهد كتاب يحث فيه على التخلي عن ما نحن فيه والدخول في ذلك الشأن بألفاظه الوقحة العميا ظنا من أنه ناصح قد أعيا. ولم يراقب العلي الكبير. ولا كتاب منير. ورغّب وأعجب بالشطط. ولم يلف على زواجر الفرقة ما يكون جزاء من خلط. فنقول ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين ان جردنا سيوف الله على البغاة والظلمة قال من لا يخاف الله شق العصا وان الجم الحجة على ما نحن فيه من فضيلة السبق واتساع الاتباع وتوالى الاقطار وانتشار الحق يمينا وشمالا قال المتأخرون انهض وانت الاقصى فيقال لمن كان اعمى بصيرا. ومن كان باعه في هذا قصيرا. من الانهض من جرد سيف الله. ونازل اعداء الله. وقاد الصفوف وكسر الالوف. وارس؟؟؟ النفوس ، وقاسى حر الشموس. وسهر الليالى. واستنزل الصياصي الاعالى. عاملا بالكتاب والسنة مفارقا

٨٠