تاريخ اليمن

الشيخ عبد الواسع بن يحيى الواسعي اليماني

تاريخ اليمن

المؤلف:

الشيخ عبد الواسع بن يحيى الواسعي اليماني


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: المكتبة السلفيّة
المطبعة: المطبعة السلفيّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٩

الفول وحبة من عود الحلبة ويسمى في غير اليمن عرق حلاوى

عادة اليمن في اللبس

يلبس أهل المدن اللبس العربي من القطن والحرير مع طول الاكمام وكبر العمائم وطول الكم ذراع ونصف وعرضه ذراع أما غير المدن وهم القبائل الزراع الذين يسمون في غير اليمن بالفلاحين من الفلاحة وهي الزراعة فيلبسون السواد من دون قمصان المعروفة باليمن لا القميص المعروف بمصر وهو المسمى في اليمن بالفنيلة. وعلى رأسه قطعة من ثوب اسود يلفها على رأسه من غير طاقية ويلبس رجال المدن الجوخ بهذا الاسم وتفصيله مثل الجبة في مصر والشام وهي أشبه بجبة الشام في التفصيل وتوسيع الاكمام ويجعله يطانة؟؟؟ من القماش وأطرافه بالحرير

ملابس النساء

نساء المدن تجعل على رأسها عدة مصرات جمع مصر والمصر بلغة غير اليمن المنديل وهى عادة قبيحة من حيث كثرة وضع المناديل على الرأس ويبعد أن يشاهد الرجل زوجته مكشوفة الرأس ولو حال اختلائه بها في حال النوم بل تجعل على رأسها منديلا واحدا وهو نادر وكأن كشف رأسها لزوجها من الخطأ

٣٠١

نساء أهل المدن

محتجبة ولو في منزلها لمن لا يجوز له شرعا النظر اليها ولو أقارب زوجها من الرجال ما عدا أب زوجها فالنظر بينهما حلال

ملابسها السروال الطويل الملاصق للأرض ثم ثوب طويل ساتر لجميع بدنها ما عدا الكفين وباطن الرجلين واكمامه ضيقة وهذا الثوب يسمى في اليمن زنّة وفي مصر يسمى الجلابية وفي الشام يسمى سركسا وتلبس قميصا واكمامه طويلة مثل اكمام الرجل وهذا القميص تلبسه المرأة نادرا في وقت مخصوص ويكون بنوع مخصوص أما ثوب أسود في وقت ما اذا مات على المرأة من يعز عليها أو ثوب أطلس حرير بأحد الالوان المعروفة أو حرير شاهي مصري وأغلب لبس هذا القميص خاص بالافراح وقد بخيط حوالى الرقبة والجيب بالحرير والذهب بشكل مخصوص. ومن بدع نساء المدن أن تجعل فوق رأسها جملة مصرات من القماش الملون ثم فوق هذه المناديل منديل كبير أبيض يسمى فرّادي نحو ذراعين وأطرافه محو شى بالاحمر أو بالاسود ثم جميع أطرافه بالعذب وتسمى بغير اليمن الطرر جمع طرة ثم يوضع فوق ذلك ثوب من الذهب الحر الخالص منقوشا بشكل هندسي ويسمى هذا الثوب

٣٠٢

سماطة ونفس هذا القماش زربفت ويعمل بالهند ثم تربط هذه الحملة بحزام أي زنار بلغة غير اليمن ويسمى هذا الحزام تزجة وهو معمول بالحرير والذهب بشكل هندسي ظريف وطوله من ذراعين ونصف حديد الى ثلاثة أذرع بعرض الكف وهذا يعمل بصنعاء ثم يوضع فوق هذه ثوب رقيق حرير ملون من شغل الهند يسمى الطّرحه طول ذراعين ونصف بعرض ذراع وربع. ثم اذا كان مع المرأة فرح في عيد أو عرس تجعل فوق ذلك ثوبا آخر أطول من الاول وأعرض ولكنه يوضع مطبوقا أي مثنيا فوق ذلك الرأس العظيم ويسمى النساء هذا الثوب قناعا يسمى ما فوق الرأس كله عصبة

وتلبس المرأة في عنقها عقود الكهرب الثمين الحر الخالص الذي حبوبه كبار وحجمه في نحو حجم التفاح المتوسط وذلك الكهرب من عقدين الى خمسة عقود وقد ترى جميع صدرها مستوعبا لجملة عقود ويتخلل تلك العقود عقد واحد أو اكثر ذهب منظم بسكة كالجنيه الانقليزي في التدوير الا انها في الحجم خفيفة وهو ذهب خالص وتسمى هذه السكة حرفا وقد يتخلل هذا العقد حبوب من الفضة الخالصة بأشكال هندسية مطليا بماء الذهب أو يتخلل ذلك من حبوب اللؤلؤ أو المرجان وقد تجعل

٣٠٣

اكثر النساء من ذلك عقد ذهب خالصا من دون أن يتخلل حبوب من الفضة أو الاحجار النفيسة فوق جبينها متصل بشعر الرأس وتسمى النساء هذا العقد قشيطه والعقد الذهب يسمى بمصر الكردان

الخطط

وفي أيام الافراح تجعل المرأة نقوشا في يدها ورجلها بصبغ أسود مخصوص تسميه النساء الخطط ويبقى أياما لا يذهب بالغسل وفي غير الافراح نادرا تجعل من هذا النقش في خدودها وتحت ذقنها خطا صغيرا وتحته وفوقه نقطة من هذا الصبغ

عادات التزويج في اليمن

المهر يدفعه الزوج معجلا وقد يؤجل النصف ويسلم الزوج أيضا ما يلزم للزوجة من التجهيز والعزومة ويسميه أهل اليمن حق النار ويقرب في القدر مثل المهر وأقل المهر من ثلاث جنيه الى عشر جنيه باعتبار الحسب والنسب والشرف الرفيع والوضيع والجمال وضده. ويلزم الزوج أن يدفع للزوجة حق الافتضاض ليلة الدخول ويسمى في اليمن حق الصباح وهو على حسب قدر حالة الزوج من ثلاثة ريال الى عشرة ريال بعملة اليمن الجنيه عشرة

٣٠٤

ريال. ومن اللازم ما يدفعه الزوج يوم ثالث عرسه الى أم زوجته ويسمى حق الثالث وليس له قدر بل مرؤة وشرف من ثلاثة ريال الى عشرة يدفعها نقدا ويشتري بها شيئا من ملبوس مناسب حرير أو غيره فالذي يدفعه الزوج من المهر خاص بالزوجة تشتري به لنفسها صيغة ولا تدفع الزوجة ولا وليها شيئا الى الزوج ليس كمثل مصر والشام وبعض الترك ما دفع الزوج تدفع المرأة مثل ذلك ويشتري بالجميع فراشا وآنية من كل ما يلزم لها من اللوازم البيتية

أما لوازم البيت في اليمن فعلى الزوج وجميع الملبوسات وليس عليها شيء وإذا طلقها زوجها فليس لها منه شىء ويأخذ الملبوسات الجديدة

عادات تجهيز العروسة

تجهيز العرس وتحضر فيه الولايم والعزومات ثلاثة أيام اليوم الاول يسمى (يوم الحمام) يعزم أهل الزوجة أقارب الزوج من النساء للذهاب معهن الى الحمام ويجلسن ذلك اليوم معهن في البيت للأكل والشرب. واليوم الثانى يسمى (يوم النقش) يحضر أقارب نساء الزوج في بيت العروسة وتنتقش العروسة اليدين والرجلين بصيغ أسود معروف وينتقش مع العروسة أخص نساء أقارب الزوج

٣٠٥

وكذا أقارب نساء الزوجة وبعد الظهر يحضر النساء في بيت العروسة الى المغرب وتحضر المنشدة تنشد الاشعار وهي مدايح نبوية. ثم مدح العروس وأهله ثم العروسة وأهلها وتهنيتهما. واليوم (الثالث الحلفة) ويسمى يوم الدخلة وكل من العروس والعروسة لدى كل واحد عزيمة خصوصية يعزم كل واحد منهما من أراد قريبا أو بعيدا ويشترط أن يحضر العريس نفسه أو احد من أقاربه أو صاحبه لدى بيت العروسة للعشاء فقط ويرجع الى بيته وفي اليوم الثانى يسمى يوم الصباح العزيمة تكون في بيت الزوج وهو الغداء فقط ويشترط أن يحضر عنده من بيت الزوجة ضعف من حضر عند الزوجة في اليوم الاول. وفي اليوم الثالث يذهب صباحا للسلام على أم زوجته وتسمى في اليمن عمة وأب الزوجة عم وفي غير اليمن أم الزوجة وأبوها صهر واب الزوج تقول له زوجة ابنه يا سيدي بمنزلة جدها تأدبا. ثم في اليوم السابع يعزم الزوج أهل زوجته جميعا يحضرون من الصبح الى المساء أكلا وشربا وبعد الظهر يحصر النساء عامة من الجيران وغيرهم الى وقت المغرب. وفي يوم العشرين عكس يوم السابع يحضر جميع أهل الزوج في بيت الزوجة ويحضر معهم أهل الزوج من أقارب الزوج

٣٠٦

أو غيرهم مثلهم ضعف الذين حضروا يوم السابع من الصبح الى المساء اكلا وشربا وليس للزوجة أن تخرج من بيت زوجها ولا الى أهلها قبل العشرين اليوم

عادة النساء في الولادة

اذا ولدت المرأة فالويل ثم الويل لصاحب المولود لا سيما ان كان فقيرا وهذه من العادات القبيحة في اليمن اذا ولدت المرأة ذكرا كان أو انثي حيا أو ميتا يلزم الزوج أن يتكلف بايجاد مكان واسع ويحضر له أحسن الفراش والزينة ويوضع على جميع الجدار القماش المزركشة والاطراف بشكل مخالف للوسط وعلى دائره شريط وهذا القماش مبطن بباطنة بقماش مخالف لوجهه ويسمى هذا في اليمن السّميدار ثم يملأ الجدار والسقوف بالتعاليق من الزينة من الزجاج والبللور والصينى والالواح المكتبة وتحضر النساء عند هذه المرأة من يوم السابع من يوم الولادة الى تمام أربعين يوما والنساء من أقاربها وغيرهم كل يوم من بعد الظهر الى المغرب وكأن هذا لدى النساء من الأمور اللازمة ومن بعد دخول النساء الى خروجهن لا تزال في شرب القهوة جمنة بعد اخرى والجمنة مثل الابريق من فخار وقدر الواحدة تسع ماء من

٣٠٧

وطلين الى عشرين رطلا والجمنة هذه الكبيرة تسمى فرخا ويحتاج الى حمله امرأة مخصوصة تحمله فوق رأسها وأقل ما تشرب المرأة في هذا المجلس الى أن تخرج ثلاثين فنجالا وهذه القهوة من قشر البن المشهور في اليمن وتجعل النساء في بعض القهوة مع هذا القشر قليل الزنجبيل مع الهيل والسكر وهذه القهوة معتمد أهل اليمن مثل شرب الشاهي في غير اليمن. وقشر البن فيه حلاوة طبيعية لا يحتاج الى سكر ويحضر عند النساء في اكثر الايام النشادة. وهى امرأة أو اثنتان ينشدان القصايد مدحا في الحضرة النبوية أو في الوعظ وذم الدنيا الشاغلة عن عمل الآخرة

مجلس نساء أهل اليمن

وقبل ذلك تقرأ النشادة سورة يسين وسورة تبارك وهكذا كل مجلس النساء في فرح أو ترح. ويحضر عند ذلك ماء الورد يصب على النساء الحاضرات ويبخر بالعود الطيب العال. وفي هذه المدة وهي أربعون يوما تلازم المرأة الاكل صباحا اكل الفطير البر المفتوت بالسمن والعسل ويسميه أهل اليمن (المعصوب) وفي وقت طعام الغداء والعشاء تأكل الفراخ الصغار ويسميها أهل اليمن (الشّقران) فيقاسي الزوج من

٣٠٨

هذه المصاريف وتعب النساء في هذه المدة أشد من مؤن التزويج وأما اذا كان فقيرا فيحصل له غاية التعب وفي المثل في اليمن (عرسان ولا ولاد واحد)

حالة النساء في المياتم

ليس شيء مما يوجد في مصر عند حدوث الموت من الصراخ الشديد والنياحة والعويل المفجع وخروج بعض النساء مع الجنازة بل يوجد في نساء أهل اليمن عند النازلة الفاجعة موت أو غيره بكاء فقط وهذا لا يقدر الانسان أن يدافعه ولا هو مكروه في الشرع وفي الحديث لمامات ابراهيم ابن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكى رسول الله فقال بعض الصحابة أتبكى يا رسول الله وقد نهيتنا عن البكاء فقال انما نهيتكم عن صوتين أحمقين فاجرين ملعونين في الدنيا والآخرة صوت عند مصيبة ورنة مزمار أما العين فتدمع والقلب يحزن ولا نقول ما يغضب الرب الحديث.

اللهو واللعب

ولا تجد في نساء أهل اليمن اللهو واللعب الشنيع والرقص المتهتك بل ان وجد رقص بعض النساء للنساء فقط فهو رقص أقل

٣٠٩

من رقص ما تجده في الذين يذكرون الله ويرقصون وهم أهل الطرق والله أعلم بخلقه وتستحى أن ترقص امرأة لزوجها بل تعد ذلك عيبا

لون أهل اليمن

سكان التهايم وسواحل البحر الاحمر سمر الالوان وبعضها شديدا وبعض سكان الجبال بين السمرة والبياض والمدن كذلك ويوجد في الوانها البياض والزراع في البلاد الجبالية يقاربون التهايم في السمرة

الوان نساء أهل المدن

أغلبها البياض لا سيما العاصمة صنعاء ويتبعها مدينة المحويت ففي نساء المدينتين البياض والجمال والقد والاعتدال واللطافة وحسن الاخلاق فان عد من البياض فالجمال كاف

عاصمة اليمن صنعاء

قد قدّر سكانها سابقا وهي خراب بخمسين الفا والآن تقدر بسبعين الفا لكثرة نفوسها لانك لا تجد الآن منزلا خاليا أو

٣١٠

خرابة لا يبنى فيها

صفة صنعاء

مدينة طيبة الهواء كثيرة الزرع والماء مدحها كثير من شعراء منها قول بعضهم :

سقيا لصنعاء لا أرى وطنا

أوطنه؟؟؟ الموطون يشبهها

خفضا وأمنا ولا كعيشتها

أطيب أرض عيشا وأرفهها

وقال آخر :

أرض تخيرها سام وأوطنها

وأس غمدان فيها بعد ما احتفرا

أم العيون فلا عين تقدمها

ولا علا حجر من قبله ححرا

وقال آخر :

يا أرض صنعاء يا من جاورت نقما

استودع الله فيك الكرم والكرمه

وقال آخر :

٣١١

ما زال سام يرود الارض مطلبا

لطيب خير بقاع الارض يبنيها

حتى تبوأ غمدان وشيدها

عشرين سقفا يناغي النجم عاليها

فان تكن جنة الفردوس عالية

فوق السماء فغمدان يحاذيها

وان تكن وجه الارض قد خلقت

فذاك بالقرب منها أو يصاليها

وبصنعاء قصر غمدان وقد أطنب المورخون القدماء في وصفه ولما كان قد هدم ولم يبق الآن الا أساسه فلا حاجة لذكره ومن طيب هواء صنعاء وصحتها ان الانسان في الشتاء يلبس الخز والكتان والثياب الرقيقة فلا يدخلها البرد وفي أيام الصيف يلبس الانسان الصوف والجوخ فلا يؤذيه الحر من طيب هوائها وخفة مائها وبعضهم يفضله على ماء النيل بمصر وهو سعادة العلامة أحمد زكي باشا وأدرك منه صحة وكان به بعض أوجاع فلما وصل الى صنعاء وشرب من مائها ذهبت عنه تلك الاوجاع

وفي أيام الصيف تضع الماء في اناء من خزف يسمى في اليمن

٣١٢

الكعدة وفي مصر القلة في محل مفتوح له الهواء وبعد ساعة فاكثر تجده ماء باردا لذيذا كأنك في أيام الشتاء أو في غير اليمن وقد وضعت فيه التلج

صفة صنعاء

ما قاله امين الريحاني في رحلته جزء ١ صحيفة ١٠٧ : أي صنعاء مثّلك لنا التاريخ فكنت مليكة الزمان ومثلك لنا العلم فكنت يوما ربة العرفان ومثلك لنا الاساطير فكنت سيدة الجن والجان الى أن قال وقفنا عند كنوزك وطفنا حول قصورك وسمعنا الشعراء ينشدون الشعر في دورك واليوم ومطيتا؟؟؟ غير الخيال نشاهد ما يثبت المقال ويحقق الآمال هذه بيوتك العالية وقصورك الشاهقة فما كذب التاريخ وهذا جمالك الطبيعي وبهاؤك العربي فما كذب الشعر وفي خزائنك الكتب النفيسة والمخطوطات فما كذب العلم وهذه كنوزك وسحر قصورك بل سحر الاسماء فيك فما كذبت الاساطير وكنا نظنها أسماء ابتدعتها الشعراء لعرائس الجن والخيال ولكنها من الحقيقة في أعلا مكان. أجل ان صنعاء في محاسنها لا تخيب للزائر أملا وكلما دنوت منها وهو عكس الحقيقة في أكثر المدن ازداد رونقها وازداد اعجابك بها هي في مقامها الطبيعي

٣١٣

فريدة عجيبة فيها الهواء اعذب من الماء والماء أصفى من السماء والسماء أجمل من حلم الشعراء وفيها البرد وقد علت تسعة آلاف قدم عن البحر يستحيل لقربها من خط الاستواء دفاء وهي قائمة في قاع سنحان تزينها من جهة الروضة وفيها البساتين والكروم ومن جهة أخرى حدّة وسنّاع وفيهما الاشجار والانهار والسواقي وتحيط بها الجبال دون أن تقصر أرجاؤها أقربها اليها نقم المطل عليها شرقا وبعده عصر وهو يظل المروج في الاصيل وفيه الاشحار والانهار ومن نقم تجري المياه الى المدينة (١) وفيه تلغراف المرايا يوصل أوامر الامام من فينة الى أخرى وهذه عشار وفيه الرخام والمرمر وذاك آنس في الجنوب وسعوان دونه شرقا وفيهما معادن الطلق وهناك رضراض وفيه معدن الفضة وهناك شبام شمالا بغرب وفيه من الحجارة الكريمة الجزع والعقيق انتهى كلامه ثم قال عند وداعها في صفحة ٢٠٤ مدينة عجيبة كان لها من أسباب المجد والشهرة والعمران ما لأكبر مدن العالم المتمدن اليوم لها تاريخ غابر مجيد لها مدنية قامت بين شمس المجوس وكواكب الاوثان وتعددت فيها الاسرار والكهان وعزت عندها آمال

__________________

(١) هو الغيل الاسود الذي يخرج من جنوب الجبل ويشق صنعاء خارجا الى شعوب

٣١٤

الانسان فكانت ملكة سبأ وكان حمير وقحطان ثم التوحيد وشوكة قريش وعدنان وما تقدمه وتبعه من علماء وشعراء ونوابغ فى فن البناء ناهيك بما خصتها الطبيعة مما لا يزول ابدا ولا يحول فهى على علوها لا تعرف الثلج وهى على دنوّها من خط الاستواء لا تعرف من قيظه غير تزوات وهنات وفيها من الماء القراح وغزارته ما تقدم ذكره. فلو عمرت اليها الطرق الصالحة للعربات من الغرب ومن الشمال واتصلت بها عدن والحديدة بسكك الحديد لتقاطر اليها الناس صيف شتاء من كل النواحي حولها ومن البلدان العربية والافريقية الشرقية كلها ولغدت في أقل من عشرين سنة باريس البحر الاحمر أي صنعاء الى أن قال يا صنعاء ونستودعك الله قد أكلنا من ثمارك وشربنا من مائك وتمنا من تحت سمائك وانتعشنا بعليل هوائك وكنا قبل ذلك نحبك فكيف بنا بعد ذلك. وأطال في ذلك وفي هذا كفاية

صفة أبنية صنعاء

ويقاس عليها سائر مدن اليمن شكل بيوتها علية بعضها الى ست طبقات ونادر الى سبع طبقات بناؤها أكثر اتقانا وأجمل هندسة لان الاسلوب العربي فيها لا يشبه شيئا من بناء الاجنبي هندي او

٣١٥

أوربي وهى مبنية بالحجارة البيضاء والسوداء وتسمى في اليمن. بالحبش بفتح الحاء المهملة مع الباء الموحدة ثم شين معجمة وبعد طبقتين أو ثلاث طبقات بالاحجار يبنى بالآجر. وخارج صنعاء بعض بيوت الزراع يبنون بالطين أو اللبن وبين كل طبقتين حزام. أي زنار في غير اليمن وهو منقوش باشكال هندسية ويسمى الحزام في أصل اللغة النطاق. وفوق كل نافذة كوة وأهل اليمن يسمون النافذة طاقة وتسمى الطاقة شباكا الا ان أبوابه مخرمة باشكال هندسية وينظر منه الى الخارج من الاخراق وفوق هذه الطاقة أو الشباك لوح من الرخام شديد الصفا يكاد من صفاه كالزجاج رقيقا شفافا ويسمى أهل اليمن الرخام القمرية لأن ضوء القمر بالليل يدخل الى المكان بسبب صفاء هذا الرخام وهو أمتن من الزجاج وأجمل وهو معدن يوجد بجبل الغراس في الشمال الشرقي من صنعاء بمسافة ثلاث ساعات واكثر البيوت في اعلا الطبقات يبنون غرفة جميلة مربعة تنظر من نوافذها أكثر الجهات الى البرية والجبال تسمى المنظر بفتح الميم وسكون النون وفتح الظاء المعجمة وناس يسميها المفرّج بشرط أن تكون النافذة كبيرة في العرض بعرض بعض جهات المكان بحيث ان الجالسين في المكان يشاهدون البر والحبال

٣١٦

واذا كان هذا المكان صغيرا سموه الجرف وهذا المكان الذي في اعلى البيت يجعلونه لوقت استقبال الزائرين وفي أيام الاعياد والافراح ويفرشونها بالسجاجيد التي يسميها أهل اليمن المفارش والطنافس والمساند والوسايد المزركشة. والطنافس توضع فوق المساند وهى الوسايد الكبار وبعض البيوت وتجد الوسايد ثلاث طبقات المساند ثم الوسايد ثم الطنافس ويسمونها البنات أي بنات الوسايد وكل واحد منها وله لون من القماش الملون أو الجوخ أو الحرير المطرز أو المقصب وفي الاركان الاربعة بعرضها رفوف يوضع فيها الآنية الجميلة التى تستعمل في الافراح والولائم للاكل والشرب مثل الاطباق الصيني الملونة المنقوشة وأهل اليمن يسمون الطبق الصحن والفناجيل الكبار من الصيني والبلور والخوافق جمع خافقية على أشكالها وهي التى تسمى بمصر السلاطين جمع سلطانية وبالشام زبادي جمع زبدية. وآنية النحاس الملونة المنقوشة باشكال هندسية

الاسلحة التي في صنعاء والجيش النظامى

انقل عن الريحاني في رحلته صفح ١٣٦ المدافع ٢٠٠ الرشاشات ١٥٠ مائة وخمسون البنادق مئات الالوف والصناديق للخرطوش أضعاف ذلك أما الرصاص والبارود فيصنعونه في اليمن الفشك

٣١٧

الذي يعمل في صنعاء في قصر غمدان يوميا أربعة صناديق الجيش النظامي ثلثمائة الف انتهى كلامه أقول ما ذكره هو في السنة المذكورة التى وصل الى اليمن وأما ما بعدها فقد شرى الامام مكائن وأدوات حربية وطيارات من ايطاليا واشترى معامل فلا مانع أن يحصل من عمل الفشك يوميا أضعاف ما ذكره وأيضا فقد عمل في صنعاء مدفعان كبيران من النحاس

العرب العرباء في اليمن

يوجد بشمال اليمن قبيلة بعسير وهى قبيلة ثقيف تتكلم باللغة العربية سليقة الاطفال مع النساء ولقد وصلت في بعض السنين ووجدت أطفالا يلعبون حول قرية من هذه القبيلة في نحو الست السنين والسبع فرأوني وعلى عينى المبصرة التى تسمى في غير اليمن النظّارة فاستغرب ذلك الاطفال وصاحوا بأجمعهم يقولون في عينيه جوهرتان فعجبت لمعرفتهم باعراب المثنى في حالة رفعه وجره وهم أطفال ثم مشيت قليلا وجاوزتهم فوجدت أمرأة في حقل لها فكلمت خادمي يأخذ علفا للدابة من المرأة فسألها أيتها المرأة بيعي منا علفا للدابة فصاحت وقالت لست بامرأة انا بنت لم أدرك

٣١٨

الفصل الثاني

في قبائل اليمن ومخالفيها

وهي متضمنة للقضوات وبعض النواحي وهي مشتملة على مدن وقرى

بنى الحارث. بنى حشيش. سنحان. بنى بهلول. بنى جبر. همدان. نهم. أرحب. حاشد. بكيل. ذو محمد. ذو حسين. خولان. بلاد البستان. بلاد الروس. الحيمة. آنس. عتمة. ريمة. وصاب. حراز. بلاد كوكبان. بلاد الطويلة. بلاد المحويت. الخبت. حفاش. ملحان. بلاد عمران. بلاد حجة. بلاد صعدة. نجران (١). سحار. خولان الشام. عسير (٢) غامد. زهران. رغدان. بنى شهر. المسارحة. بنى مالك. بنو محمد. بنو احمد. المحايل. رجال ألمع. العريش. صبيا. بنى نشر. بنى شبيل. حرض. بنى قيس. بنو صليل. دوغان. الجرابحة. القحرى. العبسية. الزرانيق. بلاد ذمار (٣). بلاد يريم. بلاد

__________________

(١) بينها وبين صبيا أربعون مرحلة

(٢) بينها وبين القنفدة ثمانية أيام والقنفدة بينها وبين مكة تسعة أيام

(٣) ضبطه بعضهم بكسر الذال والصحيح بالفتح

٣١٩

رداع. بلاد إب. بلاد تعز. زبيد. الشّعر. قعطبة. الحجرية. ماوية. شرعب. العوالق. القطيب. الاجعود. الضالع. حضرموت. يافع. بيحان. البيضاء. الصّبيّحة. الحواشب. لحج. عدن

الفصل الثالث

في مدن اليمن

العاصمة صنعاء شمالها من المدن الروضة. عمران. حجة. شهارة حوث. صعدة. ابو عريش. صبيا. عسير. أبها

في الشمال الغربي من صنعاء : شبام. كوكبان. ثلا. الطويلة. المحويت. غربا مناخة. المنيرة. الضحى. الزهرة. الزيدية. باجل. الحديدة. جنوب الحديدة. المراوعة. بيت الفقيه. زبيد. المخا. جنوب صنعاء. الكبس. ذمار. يريم. إب. تعز. الشعر. السدة. قعطبة

الموانئ التي بالسواحل

عدن. الشيخ سعيد. ميوم. المخا. الخوخة. الطايف. الحديدة ابن عباس. الصليف وفيه معدن الملح. اللحية. ميدي. جيزان

٣٢٠