تاريخ اليمن

الشيخ عبد الواسع بن يحيى الواسعي اليماني

تاريخ اليمن

المؤلف:

الشيخ عبد الواسع بن يحيى الواسعي اليماني


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: المكتبة السلفيّة
المطبعة: المطبعة السلفيّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٩

وحصل ما كان معلوما مشهورا. سنة ١٣٣٥ والاحوال كانت صالحة

سنة ١٣٣٦

وفيها انجلى الاتراك عن اليمن بأمر من السلطان محمد رشاد وفيها وصل الامام المتوكل على الله يحيى الى الروضة في شهر القعدة ووصلت اليه جميع القبائل من جميع النواحي وصحبتها البقر والغنم فذبحتها أمام داره فرحا وسرورا بقدومه وحصل للناس بقدوم الامام سرور عظيم لم يعهد مثله. ثم خرج أكابر السادة والعلماء والتجار والاعيان من صنعاء الى الروضة لزيارة الامام

ثم دخلت :

سنة ١٣٣٧

وفيها دخل الامام يحيى أيده الله تعالى الى صنعاء في شهر صفر وكان يوما مشهودا وحصل للناس السرور والفرح والحبور ونظّم الامام أمور صنعاء ومنع المأمورين من الظلم والارتشا وأرسل معلمين الى سائر القرى وأمر بازالة البدع والحث على الصلاة في أوقاتها والمحافظة على الجمع والجماعات وأطاعته جميع البلاد وأخذ منهم

٢٦١

الرهاين

وفي هذه السنة هجم الانكليز على الحديدة باحدى عشر اسطولا على حين غفلة بعد طلوع الفجر من غير اعلان ولا استعداد وضربوها بالمدافع وخربوها وذهبت أموال كثيرة وفر أهلها الى التهايم في حلة يؤسف لها ولم يأخذوا معهم شيئا وكل أحد نجا بنفسه والمدافع تطلق قنابلها ثم احتل الانكليز؟؟؟ الحديدة وتراجع الناس وصار أكثر الناس يسكنون الخرائب وفي البيوت القش وبعضهم صلّح منزله بما يقدر عليه

سنة ١٣٣٧

وفي هذه السنة وصلت بعثة انكليزية الى الحديدة قاصدة صنعاء الى الامام يحيى وكان رئيس البعثة الكرنل جاكوب وكان معهم كتاب من لندن الى الامام فوصلت الى باجل وحالت بينها وبين الوصول الى صنعاء قبيلة القحرى فأمسكت هذه البعثة ولم تتمكن من الذهاب فبلغ الامام ذلك فأرسل حرسا مؤلفا من مائة جندي وثلاثة عشر خيالا ومعهم الوالى محمود نديم وألف جنيه ولم تطلق سراحهم الى صنعاء خشية أن يتم اتفاق بين الامام

٢٦٢

والانكليز. فأرسل الانكليز من عدن طيارة فوق هذه القبيلة تخويفا فلم يكترئوا ثم بعد مدة نحو أربعة أشهر ووسائط أطلقوا سراحهم نحو الحديدة راجعين وسلموا ما معهم من الامتعة وأصحبتهم قبيلة القحرى بألفين من رجالها يشيعونهم الى الحديدة ثم بعد رجوع هذه البعثة وعد الانكليز الامام يحيى أن يسلم له الحديدة ثم انقلب الانكليز عن وعدهم وسلمت الحديدة الى صديقها الادريسي فغضب الامام من خلفها الوعد ثم بادرهم الامام بمثل معاملتهم أصدر أمره الى جيش الجنوب بالزحف نحو عدن فزحفت الجنود وأخذت أربع جهات من تلك النواحي وهي الضالع والشعيب والاجعود والقطيب وحصل صدى ذلك في دوائر لندن السياسية وحصل منها تأثير كبير فكتبت الحكومة الانكليزية لوالى عدن بتغيير خطته تجاه الامام. ودخلت :

سنة ١٣٣٨

فاستؤنفت بعد ذلك المفاوضات بين الامام والانكليز وتبادلت بينهما الهدايا وعين الامام له معتمدا في عدن (القاضي عبد الله العرشي). ثم دخلت :

٢٦٣

سنة ١٣٣٩

ودارت المفاوضات بين الامام والانكليز وفي هذه السنة بعث الامام جيشا لجهة البيضاء في الجهة الجنوبية قريبا من عدن وافتتحها بعد حروب وفي هذه السنة قضى الملك ابن السعود على مملكة ابن الرشيد. ثم دخلت :

سنة ١٣٤٠

وفي هذه السنة وقعت الرزية العظيمة والمحنة الفخيمة لحجاج اليمن حين دخولهم للحج فلما وصلوا الى تنومة اعترضهم أصحاب الملك ابن سعود فقتلوهم وهم آمنون وليس معهم سلاح ولا مستعدون لقتال وكان حجاج اليمن الذين أتوا من هذه الطريق ـ طريق البر ـ ثلاثة آلاف رجل وأخذوا دوابهم وأمتعتهم ولم يسلم من هذا العدد إلا خمسة أشخاص فقط كانوا في طرفي القافلة نجوا بأنفسهم هربا

وفي هذه السنة وصل السير كليتون جلبريت ساعيا في المفاوضة بين الانكليز والامام فوصل الى صنعاء ثم لما لم تسفر المفاوضة عن نتيجة أرجع الامام معتمده الذي بعدن

وفي هذه السنة وصل الى صنعاء الى حضرة الامام فضيلة الاستاذ

٢٦٤

العلامة محمد كامل القصّاب وصحبته الهمام حياتي بك للسعى في جمع كلمة امراء العرب فانشرح الامام لهذا السعي وكان هذا عين ما يطلبه الامام. ثم دخلت :

سنة ١٣٤١

وفي هذه السنة حصل عناد من بعض القبائل في الجهة الشمالية من صنعاء عن دخولهم في النظام العسكري ثم لما لم يجدوا يدا من ذلك دانوا بالسمع والطاعة وخضعوا لجميع الاوامر الشرعية وما يأمر به الامام

وفي شهر شعبان من هذه السنة توفي السيد محمد الادريسي وأقام جماعته ولده عليا الاكبر مقامه ولما كان صغيرا ولا يحسن السياسة أقاموا عمه السيد الحسن

منشور الامام يحيى

وفي هذه السنة نشر الامام منشورا يدعوا المسلمين الى جمع الكلمة والاعتصام بالكتاب والسنة والتمسك بالعترة الطاهرة وترك الاختلاف والتفرق وقد نشرته في حينه جرائد مصر وسوريا بعد البسملة الختم الاحمر المعروف :

أمير المؤمنين المتوكل على الله رب العالمين

يحيى بن محمد حميد الدين

نصره الله

٢٦٥

بسم الله الرّحمن الرّحيم

(قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ـ (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)

الحمد لله الهادي الى السنن القويم ، وكل خير عميم ، بقوله عزوجل (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا* وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ* وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ* وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)

والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله ذي الخلق العظيم المبعوث رحمة للعالمين من رب العرش الكريم ، بالشريعة السمحة الكافلة بخيري الآخرة والاولى ، القائل «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا* المؤمنون كرجل واحد إن اشتكى رأسه اشتكى كله وان اشتكى عينه اشتكى كله* يد الله مع الجماعة* لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض* المؤمن أخو المؤمن يكف

٢٦٦

عليه ضيعته ويحوطه من ورائه* لا تزال طائفة من امتى ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة» وعلى آله المخصوصين برعاية التقديم والتكريم ، قرناء الذكر الحكيم. الذين ورد فيهم «اني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ان اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض (١) أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى ـ احبوا الله لما يغذوكم به من نعمه واحبوني لحب الله وأحبوا أهل بيتي لحبي (٢) وغير ذلك من الاحاديث الكثيرة. والاخبار الشهيرة. وعلى أصحابه الذين قاموا بنصرته وبايضاح طريقه المستقيم ، وبذلوا أنفسهم ونفيسهم في مرضاة الرّب العليم. أما بعد فهذا بلاغ واف. وبيان شاف أردنا به نصح اخوان الدين. وايقاظ همم المسلمين. وحررناه الى كل مطلع عليه من العلماء العاملين واخواننا أهل الدين وفقهم الله لصالح القول والعمل. وحرسهم بطاعته عن

__________________

(١) أخرجه احمد في مسنده والطبراني في الكبير عن زيد بن ثابت وقال صحيح وهو بلفظ انى تارك فيكم خليفتين كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والارض وعترتى أهل بيتى وانهما لن يفترقا ـ الحديث

(٢) أخرجه الترمذي في سننه والحاكم في المستدرك عن ابن عباس وقال صحيح

٢٦٧

مزالق الزلل وحياهم بشريف السلام. ورحمة الله وبركاته على الدوام

انه قد علم مادهى الاسلام والمسلمين من داء التفرق والاختلاف والمخاصمات التى أغلقت بها أبواب الوفاق والائتلاف. حتى فشل المسلمون وذهبت ريحهم وصار كأنهم أدنى عنصر في العالم غير مهاب الجناب. ولا مصون من الاعتصاب الى أن طمعت في استئصالهم وأخضاعهم الدول الاجنبية وخصوصا العرب الذين هم منشأ هذا الدين ومبدأ ظهوره. وأفق تجليات نوره. وهم الذين أعز الله بهم الاسلام. وملكوا اكثر العالم وانفتحت لهم قاراته وحصين قصوره لما كانوا عليه من التوحيد ديانة وسياسة وعلما وعملا ـ والتعاضد والتعاون لا يبغون عنه حولا. ولا يرضون بسواه بدلا. حتى خضعت لهم الرقاب. وذلت لهم الصعاب. وضربت بعزهم الامثال. وسعدت بصولتهم الاجيال. وقد استبان في هذا القرن شؤم التفرق والاختلاف وانه السبب الوحيد لتمزيق الاجانب بلاد المسلمين ثم الاخذ والاختطاف وانهدام ذلك المجد الشامخ. والعز الباذخ. وحل بكثير من المسلمين ذوي العقول عظيم التأسف والندم. ولكن بعد أن صاروا في أشراك الاقتناص

٢٦٨

وبعد زلة القدم

وقد آن لنا معشر المسلمين أن ننظر لانفسنا بعيون الاستبصار وأن نجيد آراءنا لما يكون به عزنا وشرفنا ورجوع أيامنا التى ارتقينا فيها صهوة كل عز وانتصار. وليس لنا الى ذلك من سبيل الا باتباع ما ارشدنا اليه الرب الجليل. من الاعتصام بحبل الله وعدم التفرق والتنازع واتباع صراط الله المستقيم. وترك اتباع السبل المتفرقة المضلة عن سبيله كما جاء في الذكر الحكيم. وادارة كل شؤننا على منهاج شريعة الله عبادة ومعاملة ودفاعا. وكفى بهدى الله لنا وسيلة الى نيل كل مطلوب. ودفع كل مخوف مرهوب. ولقد قمنا بمقامنا هذا الحرج طلبا لخدمة الله باصلاح ما نقدر عليه من أحوال المسلمين والدعاء الى الله وطاعته. بامتثال أوامره ونواهيه والانقياد لشريعته. وقد حصل لنا في أكثر هذه البلاد المرام. وترتيب الاعمال على ما يرضي الرب العلام. ولم نزل نجدد الارشاد. الى كثير من البلاد. راجين الله تعالى أن يجمع كلمة المسلمين لما به حفظ دينهم وبلادهم. وحوزتهم وعزهم وكيانهم. ولما كانت بلاد اليمن قطعة واحدة وأهلها متحد والعنصر والديانة متفقو اللغة متقاربو الانساب من الاشراف والقبائل لا اختلاف بينهم

٢٦٩

في شيء فربهم واحد ونبيهم واحد. وكتابهم واحد ودينهم واحد. بلا اختلاف يعول عليه الا من لا معرفة له بالشريعة. ولا بواضع مناهجها الوسيعه وأما أهل الديانة والعرفان. واولو العقول التى بها تعرف طرائق الاحسان. فهم يعرفون ان أهل القطعة المباركة اليمانية كاهل مدينة واحدة ومع هذا فالواجب علينا جمع الكلمة. واتحاد الرأي وتوحيد الطريقة. وعقد الولاء على الحقيقة. حتى نكون كالجسم الواحد وكالبنان أو كالبنيان. كما وصف به الرسول صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أهل الايمان

وقد عممنا دعوتنا هذه التى هي دعوة حق الى كل من بلغته وحرونا هذا الكتاب مع غيره الى العلماء الاعلام. والرؤساء الفخام. والمشايخ والافراد ندعوكم بدعوة الحق الى ما أسلفناه في هذا الكتاب ونقول هلموا أيها الاخوان الى ما به عز الدنيا والدين. والوصول الى الخير المستبين لنعمر امور ديننا ودنيانا على طريقة الاسلاف الذين هم اسوتنا ومقتدانا وليس المراد ملكا نشيده. ولا مالا نستزيده. ولا جاها نستفيده. وانما المراد اجتماع المسلمين بالمحجة البيضاء والصراط المستقيم. وسنقر كل بلاد بيد رؤسائها. ونحيل اليهم مجرى أعمالها ومرساها. هلموا الينا

٢٧٠

للعمل بكتاب الله وسنة رسول الله والسلف الصالح نحيي ما أحيا الله ونميت ما أمات الله نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر المخوف. ونمنع التظالم. ونأخذ على يد الظالم. ونحقن الدماء. ونعمل بشريعة خالق الارض والسماء. ونجري الاعمال على محور ارشادات ذي الجلال فكل من خالفها فهو الباطل المضمحل. وما وافقها فهو الحق المستفحل. بارشادات الشريعة صلاح الدين والدنيا وقد خاب من عدل عنها ولم يتم للسلف الصالح نصرة الدين وفتح الاقطار الشاسعة الا بالعمل بارشادات شريعة الله

ونقول أيضا أيها العلماء الاعلام أنتم المكلفون ببث ما علمكم الله ونشره للناس. وثمرة العلم انما هي العمل والارشاد الى ما به ذهاب اليأس. فقد أخذ الله عليكم ميثاقه الاكيد. وألزمكم القيام بالتعليم والوعظ والنصيحة للعامة وارشادهم للخير والمزيد. والامر بالمعروف والنهى عن المنكر والتخويف من عقاب الله والانذار بسخطه ومقته على من أعرض عما أوجبه الله عليه ولم يوجب الله على العامة السؤال بقوله سبحانه (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) حتى أوجب عليهم البيان بقوله تعالى (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ) وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

٢٧١

«لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم فيدعوا خياركم فلا يستجاب لهم ـ عهد الله أحق ما ادي» فشمروا كثر الله سوادكم عن ساق الهمة في هذا السبيل. وبينوا وعظوا وانصحوا لتفوزوا بالاجر الجزيل وأحيوا سنة السلف الصالح في هذا الجيل فقد قام بالدعوة الى آل محمد من السلف الصالح من به يقتدى ويقتفى أثره بنور ارشاده يهتدى. منهم الامام الشافعى والامام أبو حنيفة رضي‌الله‌عنهما

واعلموا أن هذا الذي ندعوكم اليه هو أمر محبوب عند كل بنى الانسان خصوصا عند الدول المتمدنة فانها تعتبر هذا من الامور الواجبة على الامم ونسأل الله تعالى أن يأخذ بنواصى الجميع الى مراضيه ويوفقنا الى سلوك السبيل الاقوم واجتناب معاصيه ويفتح لسماع نصيحتنا وارشاداتنا أسماع كافة الاخوان انه الكريم المنان فهذا ما ندعوكم اليه ونأمركم به وهو معذرة الى الله وحجة عليكم عند الله (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) والسلام عليكم بتاريخه في ٤ ذي القعدة الحرام سنة ١٣٤١

٢٧٢

سنة ١٣٤٢

وفي هذه السنة كانت أحوال اليمن صالحة وفي هذه السنة وصلت بعثة فرنساوية الى صنعاء لمقابلة الامام يحيى ويطلبون منه أن يسمح لهم بمد سكة حديد من الحديدة الى صنعاء فلم يسمح لهم بذلك فعادوا بخفي حنين

سنة ١٣٤٣

وفي هذه السنة استولى الملك عبد العزيز بن سعود على الحجاز في ١٥ ربيع الاول. وفي هذه السنة حدث في المشرق في الجوف تعدي من أهل البلاد على بعضهم بعضا ونشأ منهم قطع الطرقات فأرسل الامام جيشا وقائده السيد العلامة (عبد الله بن احمد الوزير) فأصلح بينهم وأدب العصاة وعين لهم حاكما ومعلمين لمعالم دينهم. ثم رجع الجيش مع قائده لتأديب بعض القبائل الشمالية من صنعاء

دخول الحديدة والتهايم تحت حكم الامام

ثم رجع الجيش المذكور مع القائد الباسل المذكور الى التهايم

٢٧٣

ونزل من حجة الى طرف تهامة (سيف الاسلام وولي العهد) العلامة احمد بن أمير المؤمنين الامام يحيى ثم وصل السيد عبد الله ابن احمد الوزير واستسلم باجل ثم الحديدة من دون حرب واستلم الموانيء التى على ساحل البحر الاحمر ابن عباس ، والصليف ، واللحيّة ، وميدي ثم مدن تهامة الضحي والزهرة والمنيرة والزيدية والمراوعة وغيرها وعين الامام لهذه عمالا وحكاما ومعلمين

سنة ١٣٤٤ المكتبة العظيمة

وفي هذه السنة بنى الامام يحيى أيده الله المكتبة العظيمة بالجامع الكبير بصنعاء وجمع لها من الكتب النفيسة من كل فن وجمع خزائن كتب الوقف القديمة التى في صنعاء التى كانت عبثت بها بعض الايدي لتلفها

المدرسة العلمية

وفي هذه السنة أسس الامام أيده الله المدرسة العلمية ببئر العزب مدرسة ليلية التى تسمى بمصر داخلية أكلا وشربا مجانا وعند فتحها بلغ عدد الطلبة مائتي طالب ولا يزال الوارد اليها ويدرس فيها جميع العلوم وهي منظمة بتنظيم المدارس الحديثة

٢٧٤

وأحضر لها أساتذة ماهرين

مدرسة الايتام

وفي هذه السنة أيضا أسس الامام أيده الله مدرسة للايتام وبلغ عددهم سبعمائة وأحضر كل ما يلزم لهم من أكل وشرب وملبوس ومدرسين على حسب أصنافهم وفي هذه السنة أرسل الامام عامل الحديدة السيد العلامة حسين بن على عبد القادر الى الحجاز في زمن الحج من جملة جمعية الخلافة

سنة ١٣٤٥

وفي هذه السنة خرج الى اليمن سعادة العلامة احمد زكي باشا لمقابلة الامام وصحبته الهمام نبيه بك العظمة من أكابر رجال الشام لعقد الاتفاق بين الامام وبين الملك ابن سعود

وفي هذه السنة وصل الى صنعاء سعادة الوالى الفخيم حاكم المستعمرات الارتيرا قسبارينى لمقابلة الامام وقد حصل له الاستقبال الباهر من يوم خروجه الحديدة الى أن وصل صنعاء وكان في كل محطة يستقبله قبائل تلك الجهات وفي صنعاء خرج لاستقباله أكابر صنعاء وسائر الطبقات وثلة من العسكر والموسيقى في ساحة المنزل الذي أعد لنزوله فيه للضيافة في بئر العزب وكان معه جملة من أكابر رجاله منهم وكيله القومنداتوري تلامونتى

٢٧٥

وخرج الى صنعاء في هذه الآونة والوالى بصنعاء حضرة الاديب عد الغني افندي الرافعى من بيوت العلم والفضل والشرف وكان ساعيا بالتأليف بين الادارسة والامام وبينما هو ماش في المفاوضة إذ نشرت المعاهدة بين الادارسة والملك ابن سعود وفي آخر هذا العام ظهرت الجراد في اليمن وكانت الامطار في بعض الجهات قليلة

وفي شهر ذي الحجة عزم للسياحة (سيف الاسلام العلامة محمد) ابن أمير المؤمنين الامام يحيى الى ايطاليا لمشاهدة تلك الاصقاع والاطلاع على تنظيمها وكان صحبته جملة من السادة والعلماء الافاضل. منهم السيد العلامة عبد الله بن ابراهيم. والسيد العلامة عباس بن علي بن اسحاق. والقاضي راغب بك. والقاضي العلامة علي بن حسين العمري وجماعة آخرون من الخدمة والجند وبعد شهر رجعوا وكان صحبتهم سعادة الوالى قسبارينى حاكم الارتيرا وقد حصل لهم من الاحتفالات والاستقبالات مما يطول شرحه. وفي هذه السنة قدم من حجة الى صنعاء

سيف الاسلام وولي العهد

العلامة احمد بن أمير المؤمنين الامام يحيى وعند وصوله الى صنعاء

٢٧٦

خرج لاستقباله الامراء والعلماء والاشراف والتجار وكافة الناس وخرجت العساكر والموسيقى ووصل في موكب عظيم وفرح الناس بقدومه الى صنعاء وكان له من صنعاء مدة وكان عند خروجه من حجة تستقبله كل قبيلة الى القبيلة الاخرى حتى وصل صنعاء في جمع عظيم ولما وصل عمران ركب في اتومبيل الى صنعاء وبعد أيام رجع الى حجة مقر وظيفته وفي هذه السنة أرسل الامام الى تركيا القاضي الصنعى احمد بن محمد الانسي وبعد شهرين رجع

وفي عيد الاضحى من هذه السنة تعدى طائفة من أهل تهامة على جند الامام في حال صلاة العيد بقصد القتل ثم لم يحصل إلا مجرد فتنة فنزل سيف الاسلام ولى العهد العلامة احمد بن الامام يحيى في جيش عظيم وأدبهم وأصلحهم

سنة ١٣٤٦

دخلت هذه السنة وكانت الاسعار غالية بسبب تأخر المطر عن وقته لا سيما التهايم فالغلاء فيها شديد. وفي شهر صفر وصل أنيس باشا الى الحديدة ثم الى صنعاء بطيارتين وكانت المسافة بين الحديدة وبين صنعاء ٤٥ دقيقة ساعة الاربع التى هي بالبغال خمسة أيام فحصل له الاستقبال وأنزل في أحد منازل الامام في بئر العزب وفي شهر ربيع الاول وصل الى الحديدة السيد العلامة محمد

٢٧٧

ابن عقيل وقد وصلت له طيارة من صنعاء الى الحديدة فركب فيها الى صنعاء وكان صحبته الشاب النشيط صلاح الدين افندي النجار المصري فوصل الى صنعاء واستقبله أكابر العلماء والفضلاء ونزل ضيفا كريما بقصر السعادة بمنزل الامام

انتهى هذا القسم الاول من التاريخ الى هنا كتبت هذه الحوادث رغما لكثرة أسفاري وترحالى

يوما بحزوى ويوما بالعقيق وبا

لعذيب يوما ويوما بالخليصاء

أصل الى اليمن وأكتب ما رأيت وما سمعت ثم طلبت من بعض رجال مولانا الامام الذين هم بمظان كتب التاريخ والحوادث فأجابوا بأنهم لم يكتبوا شيئا فاقتصرت على معلوماتي التى سمعتها أو شاهدتها واني لم آل جهدا في التحري. واعتذر للقراء فيما كتبته وخان في ذلك السمع أو البصر فانى قد تحريت الحقيقة وفوق كل ذي علم عليم وسبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم وأستغفره وأسأله التوبة لى ولاخواني المؤمنين انه كريم رحيم انتهى في ٢٣ شهر ربيع الآخر سنة ١٣٤٦ الموافق ١٨ اكتوبر سنة ١٩٢٧

وان شاء الله تعالى الحوادث المستقبلة تكون في جزء آخر

٢٧٨

تنبيه

صار اللقب لملوك هذا العصر جلالة الملك فلان ولما كان في هذا اللقب ما يدرك له أهل الذوق السليم من انقباض في النفس تحاشيت عنه في كتابي هذا من لقب اسم الجلالة لمولانا امام اليمن وهو لم يرض بها لما هو عليه من علو التقوى والعلم والفضل والتمسك بأخلاق جده سيد المرسلين صلى‌الله‌عليه‌وسلم واكتفيت بما لقب به نفسه وبلقب آبائه الاقدمين أئمة اليمن إلا ما وجدته في معاهدة ايطاليا فسطرتها بلفظها أمير المؤمنين المتوكل على الله رب العالمين

٢٧٩

القسم الثاني

في جغرافية اليمن وسياستها

وفي ذلك فوائد نفيسة وهو مشتمل على اثنى عشر فصلا : الفصل الاول في تسمية اليمن وفضله ، حدوده ، زروعه ، المياه ، صادراته ، حيواناته ، نفوسه ، ديانته ، لغته ، العلوم والمعارف ، الصناعة والتجارة ، الامان ، حاكم اليمن وصفته ، صفة أئمة أهل اليمن ، عادة أهل اليمن في الاكل واللبس ، وفي الافراح والاتراح ، الوانهم ، عاصمة اليمن صنعاء ، صفتها صفة أبنتيها ، الاسلحة التى في صنعاء والعرب العرباء في اليمن. الفصل الثاني في قبائل اليمن ومخاليفها. الفصل الثالث في مدن اليمن. الفصل الرابع في ذكر عسير وأماراتها. الفصل الخامس في ذكر قبائل تهامة وقدر نفوسها. الفصل السادس في ذكر الجبال المشهورة. الفصل السابع في معادن اليمن ومناجمه ومآثر حمير. الفصل الثامن في ذكر حضرموت. الفصل التاسع في ذكر النواحي التسع. الفصل العاشر في أصل الاسرة الادريسية وكيف خروجها الى اليمن. الفصل الحادي عشر في ذكر معاهدة ايطاليا التجارية. الفصل الثاني عشر في السياسة اصلاح الوطن أسباب العمران

٢٨٠