تاريخ اليمن

الشيخ عبد الواسع بن يحيى الواسعي اليماني

تاريخ اليمن

المؤلف:

الشيخ عبد الواسع بن يحيى الواسعي اليماني


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: المكتبة السلفيّة
المطبعة: المطبعة السلفيّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٩

بها كثير فاذا وجد غزال لحقه أحد رجال هذه القبيلة ولا يزال يطارد الغزال في حر الشمس في حر الهاجرة في حر الرمضا التى تسمى الرمالة التى يعجز الانسان وضع قدمه فيها فيطارد الغزال أربع ساعات حتى يعجز الغزال وينسطح الارض وهو يثغى بصوته فيمسكه الصائد بيده والغزال لا يتجاوز في عدوه غير أربع ساعات لا يتوقف فيها وهذا المطارد للصيد له شرط عند أهل هذه القبيلة في تهامة بشرط أن الصائد لا يشرب الماء لانه اذا شرب الماء لا يقدر أن يمشى في حر الشمس سوى نصف ساعة ثم يشتد به العطش ويسترخي بدنه ويتعب وأيضا بشرط أن لا يأكل عند المطاردة خبز الطعام لانه يفتره عن سرعة المشى والمطاردة بل يأخذ حبوب الذرة في طرف ثوبه وكلما جاع أكل من ذلك ثم دخلت :

سنة ١٣٢٠

وفي هذه السنة تعدى الملك عبد العزيز بن سعود على مملكة عبد العزيز بن الرشيد وجرت بينهما حروب

وفي هذه السنة خرج من لدى السلطان عبد الحميد رجلان أحدهما السيد حسن أبو الهدى والآخر فريق حسن باشا يكشفان للسلطان أحوال اليمن وللسعي في الصلح بين الامام المنصور

١٨١

والسلطان ثم أرسلا رسولا من أهل صنعاء الحاج علي النحوي بكتاب الى الامام المنصور وخرج الرسول وتحير في الطريق على المدة المضروبة فشاعت الاخبار أن هذا الرسول الحاج علي النحوي قتل في الطريق فتواتر هذا الخبر وحصل للحكومة وللناس القطع بذلك وتحقق لدى أهله قتله وموته بحاشد فحزن أهله وأصحابه وحصل الأياس منه وفي أثناء ذلك ببضعة أيام ما شعر الناس وأهله الا وقد قدم صحيحا وأخبر أنه لم يحصل له في الطريق خوف ولا أذى بل تعوق لدي الامام وكان الامام المنصور في قفلة عذر بمسافة أربعة أيام شمال صنعاء وكان معهما من الباب العالى هدايا ثمينة ولم يتمكنا من الوصول لانتفاء الأمن ببلاد حاشد ولم يحصل من المكاتبة المرام وقد جمع الكاشفان شكايا من الناس من ظلم المأموين ما يقرب من الالف وعلى زعمهما انهما سيوصلان ذلك الى السلطان

وفي هذه السنة عزل عبد الله باشا بسبب تسهيله في حفظ حدود عدن لتعدي الانكليز الى الضالع ولم ينكر عليهم. وتعين لليمن (توفيق باشا) ثم دخلت :

سنة ١٣٢١

وفيها عظم البلاء واشتد الغلاء وقلت الامطار وغلت الاسعار

١٨٢

وتراكمت الذنوب وتعاظمت الخطايا والعيوب ولا زال الناس يستغفرون الله في المساجد عقيب الصلوات ويخرجون الى الجبانة للاستسقاء وفي خلال ذلك كان رجل يقال له (الزجاني) حايك يصنع لحفا؟؟؟ بارت صنعته وكسدت حرفته فولدت له فكرته حيلة للرزق والتوصل للقوت له ولعائلته في هذه الشدة خرج من بيته يوما من تلك الايام والناس خارجون الى الجبانة للاستسقاء يتضرعون الى الله يكشف ما بهم من الشدة وقد ركب على عود طويل وبيده تنكة من حق القاز (١) وهو يضربها ويصيح أيها الناس ارجعوا الى الله توبوا الى الله تصدقوا. فالتف الناس حوله ثم أخبر الناس انه يرى السماء مفتحة وملك ينادي على باب السماء أن الناس كلهم يستغفرون الله ويتوبون ويتصدقون والا فالعذاب نازل عليهم ولما كان الناس اتباع كل ناعق مع ضعف الافكار اعتقدوا ان هذا الرجل العامي من الفضلاء الاولياء لمشاهدته للملائكة ومخاطبتهم له صار الناس في اعتقاد عظيم وكل يوم وهذا الرجل يخبر الناس عن الملائكة بخبر جديد واذا خرج الناس للاستسقاء لحق الناس هذا الرجل العامي والعلامة عبد الرزاق الرقيحي يعظ الناس فر الناس من الرجل العالم ولحقوا بهذا الرجل العامي الكاذب فلما

__________________

(١) ولعه غير اليمن يبدلون القاف غينا

١٨٣

زالت تلك الشدة وصلح حال ذلك الرجل رجع الى صنعته ولم يبق شيء من المكاشفة

(وأخبرني رجل ثقة) انه وجد هذا الرجل في سنة اخرى في بلاد المحويت وهو يفعل كما فعل في صنعاء ويخبرهم بالمكاشفة قال فنهره الناس وشتموه وقالوا مجنون زائل العقل وتركوه فقال هؤلاء لم تقبل عقولهم الترهات والاباطيل ومن ضعف عقول العامة تصديقهم للمحالات واتباعهم الضلالات من ذلك في شهر القعدة في هذه السنة يقولون ان مؤذن الجامع الكبير دخل نصف الليل الى الجامع فوجد ثورا عظيما ملأ بكبره الجامع وذلك الثور يتكلم ومن ذلك انه وجد سبع اكبر ما يكون في مغرب اليمن ويتكلم بكلام فصيح ويرميه الناس بالرصاص ويضرب بالسلاح فلا يؤثر فيه شيء قيل ان هذا الكذب يختلقه الصباغون وسببه ان الصباغ اذا فسد وتغير لا يتحسن الا بكذبة غريبة والظلم في اليمن والاخص في صنعاء لم يزل والمفتى السابق ذكره لم يزل كما هو عليه لم يقصر في واجباته

وفي هذه السنة سنة ١٣٢٢ في ١٩ شهر ربيع الاول توفي الامام المنصور بالله رحمه‌الله

١٨٤

قال السيد العلامة محمد بن محمد زبارة في منظومته اتحاف المسترشدين وقد تقدم ذكرها :

ومذ قضى إمامنا المنصور

وكادت الارض لذا تمور

اجتمع السادات والقادات

وعمدة الأعلام والاثبات

ونظروا في الأمر قبل دفنه

فبايعوا عن اتفاق لابنه

وهو أمير المؤمنين (يحيى)

من جدد الدين لنا وأحيا

وأوضح الحجة في هذا الزمن

وأرشد الخلق الى خير سنن

وشيد الاعلام للشريعه

وبدد المظالم الشنيعه

ومن أحاط اليمن الميمونا

وللأعادي خيّب الظنونا

أسعدنا الله بطول عمره

وبدوام نهيه وأمره

١٨٥

مولده باليمن والسرور

بنفس صنعاء جاء في (غفور)

ثم دعا من بعد تلك الحادثة

في ثاني العشرين بعد الثالثه

بيوم عشرين ربيع الاول

في (عذر) (١) بملأ ومحفل

ومذ بدت شمس من الإمام

ولاح منه النور للانام

أقل؟؟؟ نحوه من الانصار

أنصار دين الواحد القهار

وثار كل الناس للجهاد

وطمس ما في القطر من فساد

ولا حظتهم من آله الناس

عاية جلت عن القياس

فاستفتحوا البلدان والحصونا

واغتنموا الاموال والمصونا

__________________

(١) اسم محل

١٨٦

وانتزعوا السلاح والمدافعا

واحرزوا الآلات والمناقعا

وطهروا الاقطار والصياصي

واجتذبوا الفجار بالنواصي

و (ثالث العشرين) فتح صنعا

فاظهر الامام فيها الشرعا

وعادت الاتراك كالرمال

يقودها (فيضي) الى (ازال)

قيل الى (تسعين الفا) رجلها

ودونها فرسانها وخيلها

وشنّ فيضي على (شهاره)

في شهر رمضان أى غاره

وكان ما كان من المعامع

وأخذ ما أوصل من مدافع

وفر فيضي الى ازال

من خوفه للأسر والنكال

وسيب الاجناد في (حبور)

وغيرها للوحش والطيور

١٨٧

(ورابع العشرين (١)) في زراجه

حرب تثير النقع والعجاجه

ومعرك في قرية الحمودي

وحربها شبيهة الرعود

ووقعة (الاشمور) للغضنفر

وفخرنا الليث أبو منّصر (٢)

(وخامس العشرين) في (خولان)

معارك عظمى وفي (سنحان)

و (دارنا البيضا) وفي (رجام)

و (طود قيفان) وفي الحيام

و (صنعة) بالقرب من (ذمار)

وآنس فلا تكن مماري

ووقعة في العرش في (ملاح)

وغيرها من تلكمو النواحي

__________________

(١) أي سنة ١٣٢٤

(٢) هو من قواد جيوش الامام اسمه السيد عبد الله ابو منصر مشهور كان من أيام الامام المنصور

١٨٨

(وسادس العشرين) للمقداد

معركة (المحيام) مع (هداد)

(وسابع العشرين) بالشآم

للبدر سيف الله والامام

معارك عظام وفي الثمان

حتى أتى (عدلان) في هوان

وأول (التسع مع العشرينا)

معارك عظمى بها يقينا

في (الروضة) الغنّا وفي شعوب

و (عصر) ما كان من حروب

ومعرك كان بطود خودان

وفي (يريم) معبر ووعلان

و (حجة) ومسور وعمران

وبكر والخبت بعد بوعان

وفي حراز الطود مع مسار

وغيرها من تلكمو الديار

١٨٩

وآخر (التسع مع العشرينا)

خذ ما اراح اليمن الميمونا

تصالح الامام والاروام

قم؟؟؟ بالصلح لنا المرام

ونصب الامام باهتمام

أعلامنا القادات للأنام

بقطرنا للفصل في النزاع

ونعش حكم الله في البقاع

وحفظ ما للوقف والوصايا

والأمر بالمعروف في البرايا

وطمس كل محدث وضر

وبدعة شنيعة وشر

كذلك الانفاذ للحدود

فيمن عصى بالسهل والنجود

بعزمة كفّت اكف المجتري

وأخمدت نار الردى والمنكر

فانتظمت أحوال من باليمن

من (باقم) الى حدود (عدن)

١٩٠

وقامت الاهوال والقيامه

بصاحب التدليس في تهامه

لما رأى المولى الامام قد غدا

للترك كهفا واقيا وعضدا

وموئلا يحوطهم من ملحد

يريد دفن امة لاحمد

فساق ذو التدليس بالجزيره

مدافع الكفار والذخيره

الى طغام الشام في (حجور)

ورازح والطلح والنظير

فجد مولى الناس في الدفاع

وتابع الارسال بالاتباع

حتى اضمحلت صولة للباطل

بتلكمو البلدان والمعاقل

وطهرت بالله والصوارم

عن دنس من ناجم التهايم

(ورابع اللام) (١) الحروب في (الحدا)

وقمع من فيها تجارى واعتدا

__________________

(١) سنة ١٣٣٤

١٩١

وكرر التجهيز للجنود

اليهمو ثم قرى (يزيد)

وشغل كان بها الرديه

لكل ذي حمية دينيه

للفادح العام على الاسلام

بالروم والعراق والشآم

ثم انخراط الامراء (بلحج)

طوعا الى الكفار والافرنج

وسلموا جميع ما لديهمو

من عدة وغيرها اليهمو

ثم أتى في (غرس عز) لليمن

الى حما صنعا الامام المؤتمن

وعجل التجهيز بالجنود

الى سهول القطر والنجود

وكان منه الامر (بالنظام)

وفيه كل الخير للانام

وغرس كل العز للعباد

وطمس كل البغي والعناد

١٩٢

وقمع كل الجور والشرور

وحفظ كل القطر والثغور

وسوق كل الناس للجهاد

ونصرة الدين بلا فساد

وشن غارات الى الحدود

فطهر (الاجعود) بالجنود

واغتنم الانصار من تهامه

يضرب سيف الله والامامه

مدافعا في غاية الضخامه

ولاح برق الضخم كالدعامه

وطهّر (المندب) و (المقاطره)

مع (المخا) باسد حرب جازره

ودوّخ (البيضاء) في المشارق

وأرضها بالضرب في المفارق

وقاه ربي ووقى أهل اليمن

شرور أهل الكفر سرا وعلن

١٩٣

وشيد الاركان للايمان

وأيد الاسلام في البلدان

جميعها بحرمة المثاني

وحق طه المصطفى العدناني

صلى عليه ربنا وسلما

وآله الغر الكرام الرحما

الى هنا الزبر مع القصور

كان بصنعا سادس الشهور

من عامنا هذا أتى خير اليمن

بحمد من منّ علينا بالمنن

أمير المؤمنين إمام الزمان

مولانا المتوكل على الله رب العالمين يحيى بن أمير المؤمنين المنصور بالله محمد بن يحيى رحمه‌الله وقد تقدم بقية النسب

مولده بمدينة صنعاء اليمن في شهر ربيع الاول سنة ١٢٨٦ ستة وثمانين ومائتين والف

لئن تأخر في الازمان مولده

فهو المجلي على آبائه الغرر

١٩٤

أخذ في فنون العلم بمدينة صنعاء عن والده الامام المنصور بالله رضي‌الله‌عنه وعن القاضي العلامة الحافظ محمد بن عبد الملك الآنسى والقاضي العلامة النحوي احمد بن رزق السيّاني والقاضي العلامة الفروعي محمد بن احمد العراسي والمولى شيخ الاسلام القاضى علي بن علي اليماني والقاضي اللغوي محمد بن احمد حميد والقاضي العلامة عبد الله بن علي الحضوري وغيرهم ثم كان خروجه مهاجرا الى الله من صنعاء مع والده الامام المنصور بالله في شوال سنة ١٣٠٧ وأخذ بجبل الاهنوم عن المولى العلامة امام العربية لطف بن محمد شاكر والقاضي العلامة امام الفروع عبد الله بن احمد المجاهد الذماري والمولى العلامة امام الاصول والحديث ورجاله احمد بن عبد الله الجنداري الصنعاني وعن غيرهم حتى تبحر في فنون جميع العلوم العقلية والنقلية واقتطف ثمراتها الفرعية من الاصلية وصار الامام للجهابذة المجتهدين وخاتمة الائمة من الحفاظ والمحدثين ولما كانت وفاة والده الامام المنصور بالله رضوان الله عليه في شهر ربيع الاول سنة ١٣٢٢ أجمع جميع من كان بمحروس قفلة عذر من أكابر علماء صنعاء وبلادها وذمار وصعدة وحوث ومنهم السيد العلامة سيف الاسلام احمد بن قاسم بن عبد الله والعلامة

١٩٥

لطف بن محمد شاكر والسيد العلامة لطف بن علي ساري الحوثي والقاضي العلامة الحافظ علي بن عبد الله الارياني والقاضي العلامة احمد بن عبد الله الجنداري والقاضي العلامة عبد الوهاب بن محمد المجاهد والسيد العلامة الحسين بن اسماعيل الشامي والسيد العلامة عبد الرحمن بن الحسين بن عبد الله الشامي والعلامة يحيى ابن حسن نصار والقاضى العلامة الحسن بن علي العريض والقاضي العلامة محمد بن احمد حميد وغيرهم على مبايعتهم له فامتنع عن قبول المبايعة له منهم وبذل بيعته لمن يرونه أهلا للقيام فما زال أولئك الاعلام في مراجعة له وإلزامه الحجة بوجوب قيامه بأمر المسلمين والاسلام حتى أسعدهم وكانت دعوته المباركة في يوم الجمعة ٢٠ ربيع الاول سنة ١٣٢٢ الموافق تاريخها «ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الاولين» وتلقب المتوكل على الله رب العالمين وضرب على سكته عصمتى بالله المتوكل على الله ثم وصلت اليه بيعة جميع علماء هجرة حوث ومدينة شهارة وسائر المدن والبلدان وكانت لدعوته الصولة في جميع البلاد ووفدت اليه الرؤساء والمشايخ والاجناد من الاغوار والانجاد. انتهى

وهذا تفصيل بعض الحوادث على جهة الاختصار بحسب السنين

١٩٦

وفي ٢٠ شهر ربيع الاول من هذه السنة قام الامام المتوكل على الله رب العالمين يحيى ابن الامام المنصور بالله محمد بن يحيى حميد الدين واجتمع العلماء لمبايعته ثم بعد ذلك جمع القبائل من جميع البلاد وأجابته بالطاعة والاسعاد ولا حظته السعادة وكان الجد والقبول طوع مراده فأمر القبائل بمحاصرة المدن التى فيها الاتراك الذين سعوا في الارض بالفساد وتركوا الشرائع وظلموا العباد فحاصروا جميع مراكز اليمن ما عدا الحديدة وتعز واستسلم العرب جميعها مع عاصمة اليمن صنعاء كما سيأتى. فتجمعت القبائل على صنعاء وتكاثرت وضاقت على أهلها بما رحبت واشتد الحصار وخرج الناس الصغار والكبار والنساء المخدرات وقاسوا عظيم الاهوال وباعوا جميع الاموال والامتعة والفراش وكان الثمن في غاية الرخص لعدم المشتري حتى أن بعضهم يؤجر الحامل الى السوق ويعجز عن اجرته ثم لا يجد مشتريا ثم يأخذ الحامل نصف ما حمل وعم الحوع جميع اليمن بسبب الفتن وبالمحاصرات ترك الزراع الزراعة وارتفعت الامطار والامام أيده الله أخرج لجميع القبائل الحبوب من بيت المال لمحاصرة الاتراك ومات البقية جوعا إلا من له أجل ممدود وخلت من اليمن قرى كثيرة مات أهلها من

١٩٧

الجوع ، منها بلاد لاعة في الشمال الغربي من صنعاء مسافة يومين مات أهلها جوعا وفي آنس وتعز وإب الذين مات منهم أحد وستون ألفا وفي جبلة وما حولها ١٣ ألف نفس وفي خولان كانوا يأكلون التين بعد طحنه ومات في قرية القابل خارج صنعاء ١٦ مائة غير الذين ماتوا في سائر القرى حول صنعاء ومات من أهل صنعاء في قضاء كوكبان والاكثر في قاع الرّجم والمحويت ٥٠٠٠ نفس ووجد في وادي سهام على قارعة الطريق موتى ٥١ نفسا وفي حال المحاصرة لصنعاء أمر المفتي المتقدم ذكره البوليس وطائفة من الجند أن يهجموا بيوت التجار والاعيان من أهل صنعاء ومن كان منظورا اليه باليسار ويأخذوا ما لديهم من الحبوب لاجل عساكر الدولة وأخذ كل شيء يؤكل وقاعدة أهل اليمن قاطبة المدن وغيرها كل بيت يخبز لنفسه ولا تجد أفرانا عامة مثل مصر والشام والحجاز جميع البيوت تأخذ الخبز من الفرن أما في اليمن فكل بيت يخبز لنفسه ويدخر الحبوب لقدر حاجته. نعم فهجم البوليس على بيوت كثيرة من أهل صنعاء وأخذوا كل ما وجدوا وكسروا الابواب وأهانوا أهلها وكان بعض المأمورين في اجراء هذه الوظيفة يشرب الخمر جهارا وكانوا يأخذون ما وجدوا من

١٩٨

الحيوانات بقرا أو إبلا أو غنما أو دجاجا أو حميرا أو خيلا وكانوا يذبحونها وتأكلها العسكر فلما اشتد الحصار أكل العسكر ما وجدوا من الحيوانات التى لا تؤكل مثل الكلاب والقطط التى لها أسماء كثيرة تسمى في اليمن بالدّم وفي غير اليمن بالهر وبالبس والنّسمة ومات من الجوع عسكر كثير وبعض عساكر الاتراك من المراكز قبل الاستلام هربوا الى عساكر العرب فسلموا من سلطان الجوع ثم استلم العرب جميع مراكز اليمن التى فيها الاتراك وهي بضعة عشر مدينة. ومن نعم الله الجليلة وأياديه الجزيلة لما اشتد القحط والجوع خرجت بواخر مملوءة طعاما الى الحديدة من الحبشة والسودان وذلك أن التجار الذين بالحديدة كتبوا لجلب الطعام فحصل للناس بذلك غوث عظيم ومن هنالك كانت ترحل القبائل من الحديدة الى سائر جبال اليمن ولو لا ذلك كان الناس هلكوا مرة واحدة ولم تبق لهم باقية إلا من كان جندا للامام فكانت بيوت الاموال والحبوب بها كثيرة وبذلك استلم الامام مراكز اليمن وانتصر على الاتراك

غلاء الطعام في المحاصرة

الطعام في صنعاء ربع صاع بريال ويسمى في اليمن نفر بلغ سعره

١٩٩

وهو ملء حفنة الرجل المتوسط ملء الكفين ولما عدم الطعام اشترى أحدهم بريال ونصف وذبح بعضهم فرسا وادخر لحمها لنفسه وأهله وباع قطعة منها بأربعمائة ريال واشترى بعضهم قدحا طعاما بستمائة ريال والقدح يعرف في اليمن ملء التنكة أي قدر صفيحة الغاز مرتين وباع بعضهم صاعين من الخبز بسبعة وعشرين ريالا وغير ذلك مما يطول ذكره مما يدهش العقول ويحصل للسامع الذهول وبعضهم خارج صنعاء ذبح ابنته وأكلها. وحصل للناس قسوة عظيمة الصديق يرى صديقه يموت جوعا فلا يلتفت اليه وكذا الولد لوالده والعكس لا قوة الا بالله. وبعضهم رغب عن طفله لانه لم يجد ما يطعمه وسيبه في بعض الشوارع

تسليم صنعاء للامام

ثم لما اشتد الحصار على صنعاء خرج من صنعاء بعض كبار الاتراك الى كوكبان لتسليم صنعاء للامام. وكان الامام أيده الله بكوكبان فالذي خرج من صنعاء لتسليم صنعاء للامام رجب افندي المكتوبجي وابراهيم سيفي أركان حرب. ومن أهل صنعاء السيد العلامة عبد الله عبد القادر. ثم سلم الاتراك صنعاء بما

٢٠٠