تاريخ اليمن

الشيخ عبد الواسع بن يحيى الواسعي اليماني

تاريخ اليمن

المؤلف:

الشيخ عبد الواسع بن يحيى الواسعي اليماني


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: المكتبة السلفيّة
المطبعة: المطبعة السلفيّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٩

الحكومة على ملأ من الناس وأرسل عساكر على بلاد سنحان وبلاد البستان وغيرهما وهجم البيوت التى فيها الحبوب. ثم وقعت فتنة في ارحب واختل النظام في البلاد بسبب القحط وسوء تدبير الدولة فرفع أمراء العساكر ما أصابهم من الاهالى ومن القحط والجدب الى السلطان وان ذلك بسبب سوء تدبير الوالى وعدم سياسته وشدة جرأته على الاهالى في هجم البيوت وأخذ الحبوب ومع هذا فلم يغنهم ذلك ولا نفعهم فأرسل السلطان للوالى ووبخه بحضرته غاية التوبيخ حتى أنه غشى عليه فان قلت ان الشكايا الى السلطان تحال بينه وبينها كما جرب مرارا والوزراء لم يوصلوها اليه وكم شكايا من نفس اليمن مع ظلم المأمورين رفعت الى السلطان فلم تصل. قلت ان الشكايا ان كانت من الرعية والاهالى فلم تصل وتصل الى الوزراء فقط ولم يوصلوها للسلطان وان كانت من نفس المأمورين فتصل الى يد السلطان

ثم أرسل السلطان احمد فيضي الى مكة قومندان وعين لليمن واليا :

عزيز باشا سنة ١٣٠٣

لان احمد فيضى لم يمكث الا سنة فقدم صنعاء بالحزم والثبات

١٢١

وأمر من كان له مظلمة رفعها اليه ومنع من تحصيل العساكر للطعام ليرتاح الاهالى من الظلم السابق ومنع المأمورين من التعدى والارتشاء وشق على المأمورين عدم الارتشاء ثم حصل الشقاق بين المأمورين العسكرية والملوكية في كلام يطول كتبت العسكرية الى الباب العالى ان يأمر الوالي بالهجوم على بلاد الامام لاجل يظهر عجز الوالى وان الوالى ان لم يهجم على بلاد الامام هجم الامام على بلاد الدولة واستولى على اليمن ثم خرج جيش كثير من العسكر ورئيسه حسين خيري يتقدم على الامام فوقعت المعركة في جبال عيال يزيد فانهزمت العساكر الى عمران فحصل للعساكر الفشل وزعم المأمورون ان سبب هزيمة العسكر عدم نصيحة عبد الله بن احمد الضلعى وكان هذا الرجل ناصحا مع الدولة وكان من اعضاء مجلس الادارة وكان معه من القبول ما لا يخفى عند العرب والترك وهو عند الدولة في مرتبة باشا وكان يسمى عبد الله باشا فمع حسد المأمورين وكراهتهم للعرب أغروا الوالى على المذكور ثم عزل الوالى بعد سنتين. وتعين واليا لليمن :

عثمان باشا سنة ١٣٠٥

وبعد وصول الوالى زيّن المأمورون للوالى ان إبعاد عبد الله

١٢٢

باشا الضلعي من المهمات ثم فتحوا للوالى باب الرشوة فأذعن لهم لكون داء الرشوة كامنا في صدره قبل مجيئه فكتب الى جميع مشايخ اليمن من تعز وعسير والحديدة وسائر القضوات التابعة لليمن. ثم ان المأمورين أشاعوا أن الوالي يريد بعد احضارهم الى صنعاء ارسالهم الى الباب العالى فلما وصل هذا الخبر الى مسامع المشايخ والرؤساء خلع الخوف قلوبهم وصاروا يتوسطون بالقائم مقامات والمتصرفين وغيرهم من المأمورين أن يعطوا الوالى مقدارا من الدراهم ويكف عنهم هذا السؤال ويعتذر لهم عند السلطان ثم بهذه المكيدة جمعوا للوالي الوفا كثيرة من الريلات وكان من جملة المشايخ القاضى يحيى المجاهد مفتى تعز وكان مع الدولة في غاية النصح والاجتهاد والعناية حتى قال لو خدمت الله تعالى بخدمتى للترك لبلغت بها درجة عيسى بن مريم عليه‌السلام ولكن الدولة لم ترع معروفا. ثم ان القاضي المذكور لم يحضر صنعاء لمقابلة الوالى ولم يدفع للوالى ما دفعه غيره من المشايخ وهو من أهل الثروة الواسعة وكان لا يعطي رشوة فلما وصل المتصرف الى تعز أشار اليه ان يدفع اليه مالا جسيما والا لا يلو من الا نفسه فلم يعبأ بكلامه واستمر على عناده وفي ذات ليلة احاطت بمنزله العساكر وقبضوا

١٢٣

عليه وأخذوا جميع ما في منزله من نقود وأسلحة وغير ذلك والقى في السجن

ثم حصل الامر من الولاية بتخليته من السجن لان الغرض المقصود وهو أخذ المال قد حصل بسلب ما في بيته. فلما خرج القاضى يحيى من السجن أرسل تلغرافا الى السلطان بواسطة صديق له في عدن فصدرت الارادة السنية بارساله الى السلطان وعزل المتصرف وتجرى المحاكمة لدى السلطان فخاف الوالى؟؟؟ القاضي يحيى المجاهد وأراد أن يتوسط بينه وبين المتصرف بما يرضيه لان فعل المتصرف بأمر الوالى فتوسط رئيس العلماء السيد العلامه احمد بن محمد الكبسي والقاضي عبد الرحمن بن احمد المجاهد وأخوه القاضى علي بن احمد المجاهد ان القاضى يحيى يصفح عما فعل به المتصرف ويرد جميع ما اخذ عليه من بيته فامتنع القاضى يحيى الا بالمحاكمة لدى السلطان ثم امر الوالى جميع امراء العسكر ان يكتبوا مضبطة وصدقت في مجلس الادارة وان الواجب ابعاد القاضى يحيى المجاهد من اليمن وان دعواه على المتصرف من الكذب ولا صحة لذلك ثم سافر ووصل القاضى يحيى الى استنبول ووصل الى السلطان ثم احيل على الباب وخصص له كفايته وقعد

١٢٤

ثلاث سنين ولم تحصل محاكمة ولا سؤال ولا جواب بل مواعيد عرقوب فلما عجز اراد التوجه الى وطنه فلم يرخص له ثم بقي مهموما مقهورا الى أن توفى هنالك ثم سعى المأمورون في اهلاك الشيخ عبد الله الضلعي وامروا الوالى أن يكتب الى الباب العالى بابعاد الضلعى فكتب تلغرافا انه لا بد من ابعاد الضلعي فيجب تعيين المكان الذي نرسله اليه فجاء الامر بارساله الى عكا بدون عمل تحقيق ثم ارسل الوالي للشيخ عبد الله الضلعي وبعد وصوله وبخه غاية التوبيخ وبالغ في شتمه واحضر بلكا من العسكر وامرهم بالقبض عليه وحبسه في الاردى محل العسكر ثم أرسل العساكر على هجوم داره واخذ أمواله وكان بلده قريبا من عمران من جهة الشرق فخرجت العساكر من عمران صحبة احمد رشدي فسلبوا جميع املاكه وأخربوا دوره ثم قامت القبائل في تلك الجهات المجاورة واشتد الحرب بينهم ثم ارسل بالضلعي الى عكا وفي هذه المدة حصل الشقاق بين الامام الهادى شرف الدين القائم في ذلك العصر في جهة الشمال محل ائمة اليمن في أيام الاتراك وبين السيد محمد ابن المتوكل محسن الامام السابق وأراد السيد محمد أن يلتحق بالدولة ويسكن صنعاء على شرط أن تخصص له الدولة كفاية تامة مناسبة

١٢٥

له ولا يخونونه وطلب التأمين بواسطة السيد العلامة احمد بن محمد الكبسي رئيس العلماء ومفتي الولاية القاضى حسن بن حسن الاكوع فقبلت الدولة جميع مطالبه وخصص له في كل شهر ألف ريال بأمر من الباب العالى له ولاخوته ثم عزل هذا الوالي بعد سنتين وعين واليا :

عثمان باشا نوري

وكان عادلا صالحا متواضعا وكان يسمى بالفقيه ثم أرسل الوالى المعزول للسيد محمد بن المتوكل وقال له ان الامان الذي أعطيتك أنا منه بريء لأني معزول وأخاف أن يصيبك من الوالى الجديد مكروه فسافر في حفظ الله ومعاشك يرسل الى حاشد غير أنك تحلف اليمين انك لا تخون الدولة فحلف له بشرط أن يبقى معاشه مستمرا فان قطع معاشه رجع عن يمينه وكان من خدم الامام لاجل تدبير معيشته وبهذه الطريقة اشتهر الوالى بالوفاء بالعهد خلا الغدر والمكر والخيانة والارتشا فهو من فرسان ميدانها وقائد جيشها

ثم وصل الوالى عثمان نوري الى صنعاء وكان متواضعا منزهدا يكلم الصغير والضعيف كثير الصدقات يتصدق كل يوم عند خروجه من بيته حتى يصل الحكومة ، وهكذا عند رجوعه

١٢٦

وكان يتصدق بجميع معاشه وأجمع الناس أنه لم يأت وال في اليمن مثله وكان يطلع من بئر العزب الى الحكومة ماشيا ومعه جاويش والياور ونادرا يركب فوق بغلة ومن عداه من الولاة يخرجون بالاهبة والعظمة وطائفة من الخيالة تمشي أمامه والوالى فوق العربية ومن البعيد أن يصل اليه ضعيف بشكية أو مظلمة ، وهذا الوالي عثمان نوري كثرت في زمنه الخيرات والبركات وانقطعت الفتن والمحاربات ومنع المأمورين من الظلم والارتشاء ولما كان المأمورون قد غذوا بالظلم والارتشاء وجاء هذا الوالى عدوا لهم أرسلوا بمضبطة الى الباب العالي ان هذا الوالي بقاه في اليمن يحصل بسببه اختلال عمومي وانه لا يصلح لليمن. فعاد الجواب بعزله ثم سافر في ليلة مجيء البرقية بعزله الى الحديدة ثم أرسل قومندان الحديدة الى الباب العالي يكذب المأمورين وان غرضهم الارتشاء وان الوالى ليس له نظير. ثم عاد الجواب بتعيينه واليا في مكة ولما علم الناس بسفره حزنوا عليه حزنا عظيما لحسن سيرته وعدم الظلم ثم تعين واليا لليمن

اسماعيل حقي باشا سنة ١٣٠٧

وفي هذه السنة توفي الامام الهادي شرف الدين في عشرين

١٢٧

شهر شوال وهو ابن محمد الحسينى ينتهى نسبه الى الامام يحيى بن حمزة أصله من صنعاء قام وادعى بعد موت الامام المتوكل محسن بستة أشهر وقد تقدم ذلك وولادته في سنة ١٢٣٥ وكانت ولادته في جدة لدخول والده ووالدته للحج في السنة المذكورة وعارضه في برط السيد محمد بن قاسم الحوثي وتلقب بالمهدي قام داعيا بعد مدة من قيام الامام شرف الدين ولم يزل في برط ولم يقم بواجب الجهاد الى أن توفي سنة ١٢١٩ وجرت بين الامام شرف الدين والاتراك محاربات وآخر مدته انتقل الى صعدة وتوفي بها ثم بقي الوالى المذكور يجري الامور على أحسن حال ثم مرض الوالى وتوفي بصنعاء ودفن بازاء جامع البكيرية وبعد ثمانية أيام من موت الامام الهادي شرف الدين بصعدة خرج من صنعاء الامام المنصور بالله

قيام الامام المنصور بالله محمد بن يحيي حميد الدين

وخروجه من صنعاء وقد نقلت ما سيأتي من ذكره من اتحاف المسترشدين بذكر الائمة المجددين للسيد العلامة محمد بن محمد زيارة فقال :

١٢٨

وبدرنا غيث الورى المنصور

ليث الشرى الغضنفر الهصور

مجدد الاحكام للقرآن

بعلمه والسيف والسنان

من للهدى ونهجه قد أحيا

امامنا محمد بن يحيى

مولده في (نهرغ) بصنعا

وحقق الأصل بذا والفرعا

وسار في شوال عن ازال

مفارقا لدوره والمال

وبايعا لنفسه من ربه

وراجيا منه الرضى بقربه

وصعدة أمّ لنعش الدين

في السبع ثم الشين بعد الغين

واعلن الدعوة في ذي الحجه

فاوضح الاعلام والمحجه

١٢٩

وصار من باليمن الميمون

من ظالم في دهشة المحزون

يعلن بالويل وبالثبور

ويظهر العويل في الجمهور

وبعدها قد سار في الثمان

الى ذرى الاهنوم والمدان

وشرع الجهاد في البلاد

وثار أهل القطر للطراد

فاستفتحوا في التسع للبلدان

وحاصروا صنعا بلا توان

وكان ما كان من الملاحم

وما بها قد كان من مغانم

وقتل الفجار في صنعا اليمن

سرا بلا حرب وهول وفتن

وعاود الكر الى أزال

وغيرها بالجند والابطال

١٣٠

ولم يزل ديدنه نصر الهدى

وقمع من ضل وجار واعتدا

وكم له من الايادي والمنن

على ذوي الايمان في قطر اليمن

منها التى في الجامع الوجيز

لعمدة الحفاظ في التبريز

وموته شهر ربيع الاول

من (كشغب) وياله من معضل

وقال سامحه الله تعالى في ذيل البسامة :

مجدد الدين حتف الظالمين قذا

عين المضلين بدر العترة الغرر

(محمد نجل يحيى) من به انتعشت

أحكام خير الورى المختار من مضر

فبث من (صعدة) الغرّاء دعوته

والقطر في ظلم ظلماء وفي ضرر

فزلزلت دعوة المنصور اذ برزت

الى الظهور ربوع الجور والبطر

١٣١

وسل سيف الهدى والحق فامتثلت

لأمره الناس طوعا فعل مقتدر

وأعلنت باسمه الاعراب فابتكرت

باكورة النصر في عال ومنحدر

وتابع الله نصر الحق معجزة

ونعمة لو رعاها معظم البشر

لكنهم قابلوا نعمى الآله بما

يسوء من بطر الاعراب والأشر

فعوجلوا بجيوش الروم يقدمها

(فيضيهم) الفظ بالاموال والبدر

فمال للمال والاطماع بعض ذوي الا

غراض حتى غدوا في الذل فاعتبر

فعاود الكر لاوان ولا أسف

ولا مبال بما قد كان من خبر

ولم يهب كثرة الاعداء اذ ملئوا

كل الجهات بجيش غير منحصر

١٣٢

وهكذا كانت الأيام تخدمه

حتى انقضى عمره من خيرة الخير

الامام المجدد للدين والناعش لاحكام شريعة جده سيد المرسلين المنصور بالله محمد بن يحيى بن محمد بن يحيى بن محمد بن اسماعيل بن (محمد) بدر الاسلام مؤلف منتهى المرام شرح آيات الاحكام ابن الحسين سلطان العلوم وفارس منطوقها والمفهوم مؤلف الغاية الغاية في الاصول وشرحها الموسوم بهداية العقول ابن أمير المؤمنين المجدد للدين المنصور بالله القاسم بن محمد عليهم‌السلام وبقية النسب تقدم ذكره. (مولده) بصنعاء سنة ١٢٥٥ أخذ العلم عن والده وعن السيد العلامة احمد بن محمد الكبسى وعن السيد العلامة محمد بن اسماعيل عشيش والعلامة حسين بن عبد الرحمن الاكوع والقاضي العلامة أحمد بن اسماعيل العلفي والقاضي العلامة أحمد بن عبد الرحمن المجاهد والقاضي العلامة محمد بن أحمد العراسي والعلامة يحيى بن أحمد القطفا وغيرهم حتى صار العين الناظرة في الاعيان من علماء آل الامام والمقصود لحل المشكلات العظام والمنظور اليه بعين الاجلال والاعظام ثم هاجر عن صنعاء الى مدينة صعدة في شوال سنة ١٣٠٧ وكانت

١٣٣

دعوته بها في ذي الحجة من تلك السنة. وفي المحرم ١٣٠٨ كان انتقاله الى هجرة المدان من الاهنوم وبعث المقادمة والاجناد الى البلاد فاستفتحت الاجناد الامامية حصن ظفير حجة ومسور والشرف ويريم وذمار وحفاش وملحان والروضة وغيرها من جهات صنعاء واستمر الحصار لصنعاء وتعز وقفل شمر مدة الى وصول أحمد فيضي باشا وقد كان فيما بين الامام المنصور رحمه‌الله وبين الولاة على اليمن في أيام خلافته من المعارك والملاحم ما ملأ الدفاتر وانضب المحابر وما من قبيلة ولا بلاد من الزيدية في اليمن الا وله فيها معركة وحاصر صنعاء مرتين وأسر من الاتراك مرارا وقصدوه الى محطته المعروفة بقفلة عذر من بلاد حاشد مرتين في جموع تملأ الفيافي والقفار وآلات تريع لرؤيتها الابصار وله سيرة لم اطلع عليها وفتشت عليها فلم اظفر بشيء منها وقد وردت اليه مكاتبات وقصائد من جهات متعددة منها قصيدة وصلت اليه من بعض أكابر السادات بالعراق في سنة ١٣١٢

مر وانه واحكم فانت اليوم ممتثل

والأمر أمرك لا ما تأمر الدول

١٣٤

عنك الملوك انثنوا عجزا وما علموا

أأنت زدت علوا أم همو سفلوا

خلاص ذي التاج أن يعطيك طاعته

لأمه ان عصاك الويل والهبل

يا سيدا لم تخف عزلا لمنصبه

والعزل منه بحذف اللام متصل

من كان في دينه بالله منتصرا

فلا تقابله الانصار والخول

هذا سبيل رسول الله أنت به

أعطاكه أولياء الله والرسل

الدولة اليوم في أبناء فاطمة

بشرى فقد رجعت أيامنا الاول

(محمد) اليوم قد أحيا بنى حسن

كأنهم قط ما ماتوا ولا قتلوا

سيوفكم لم تزل يا آل فاطمة

منها نجيع الطلا المحمرّ ينهمل

١٣٥

الله أعلاكمو قدرا وشرفكم

وانكم لهداة الناس لو عقلوا

والكل منكم شريف القدر ذو كرم

يزينه خصلتان العلم والعمل

فمن رآك رأى الهادي وعترته

وفيك منه صفات ليس تنفصل

يمناك قد خصها الباري بأربعة

بها العطا والدعاء والسيف والقمل؟؟؟

أقلامك السمر في الاعداء قد فعلت

ما ليس تفعله العسالة الذبل

لولاك ذلت بنو الاشراف قاطبة

كما تذل الى جرارها الابل

فأجاب الامام المنصور رضى الله عنه بقصيدة أولها :

بيض الظبا وصدور الخيل والاسل

يصلحن ما أفسد الغوغاء والسفل

هست لنا نسمات الشرق من نجف

حنت لها صافنات الخيل والابل

١٣٦

يا ناظما من بنى الزهراء هيج من

شوقي الى نصر ما جاءت به الرسل

الى قوله في مواضع منها :

ما كل ذي مخلب صقر ولا سبع

كلا ولا رجل يعتاضه رجل

انا نهضنا وللاتراك صلصلة

وشدة ضاق منها السهل والجبل

لذاك واخيت وحش الارض منتصرا

بالله والجيش بعد الجيش متصل

وعن قريب وقد زال الصداء عن ال

قلوب وانبعثت أيامنا الاول

وأما الأتراك فبعد مضي سنة أو أكثر يعزل الوالي الأول ويأتي غيره. وفي سادس عشر من شهر شوال في هذه السنة سنة سبع وقع كسوف الشمس في الساعة الثانية من بعد طلوع الشمس ، ووجلت عند ذلك القلوب وامتلأت المساجد للاستغفار من الذنوب والتضرع لدفع المصائب والكروب. ثم بعد خروج الامام المنصور وقعت قتلة عظيمة في الأتراك في بلاد الشرف

١٣٧

وانهزموا وقتل فيها رئيسهم محمد عارف وهذه القتلة أثرت في الاتراك تأثيرا عظيما

(وفي سنة ثمان) ثارت بلاد همدان مع رئيسها الشيخ يحيى ابن يحيى دوده ثم خرج من صنعاء علي باشا وصحبته السيد محمد ابن علي الشّويع رئيس ضلاع فلما وصلوا الى قاع المنقب التقاهم السيد احمد بن محمد الشّرعي الحسنى ومعه جمع كثير من القبائل ووقع بينهم حرب شديد وفي هذه المدة كان الوالي في اليمن اسماعيل حقى باشا وكان يجري الامور على مقتضاها ومنع المأمورين من الارتشاء وكانت حالته أحسن ممن كان قبله ثم توفي الوالي في صنعاء في آخر هذه السنة ودفن بازاء جامع البكيرية وعقب وفاته نشرت القبائل أجنحتها للثورة من جميع البلاد وعقيب هذا ثارت بلاد البستان وهي مخلاف كبير حول صنعاء من الجنوب الغربي الى الشمال الغربي مسافة يوم من صنعاء وطوله مسافة يومين ونصف وعرضه يومان وهو محادد لآنس والحيمة وهمدان وسنحان. وأخذت بلاد البستان السلك وأخشابه وأخذت البوستة التي تأتى من الاستانة وغيرها الى اليمن

١٣٨

حرب عصر

ثم أقبلت القبائل لحصار صنعاء وكان رئيس بلاد البستان الحاج احمد الرماح وكان يقدمهم حتى وصلوا الى عصر غربى صنعاء بمسافة نصف ساعة ووقع ذلك اليوم حرب عظيم سمي بحرب عصر وكان ذلك اليوم يوم السبت ثاني شهر محرم مفتاح سنة تسع ثم وقعت القتلة والهزيمة في الترك الى أن دخلوا الى باب قاع اليهود غربي مدينة صنعاء ، فعند ذلك تغلقت أبواب صنعاء وداخل أهل صنعاء والدولة ريبة عظيمة ورزية وصيمة. وفي تلك الليلة تجمعت القبائل على صنعاء من جميع الجهات وأظهرت الثورة ثم وقعت المحاصرة لجميع مراكز اليمن التى فيها الاتراك نحو ذمار ويريم وعمران وحجة والطويلة وتعزواب وغيرها ورفع لواء الثورة جميع تلك البلاد وقامت الثورة في جميع اليمن قومة رجل واحد في ليلة واحدة وأخذ الامام جميع المعاقل الا القليل

حرب نقم

(وفي سادس شهر محرم نهار الاربعاء) وقع حرب شديد

١٣٩

بازاء جبل نقم ثم في نهار الجمعة وقع حرب عظيم جنوب صنعاء فوق القبور أقرب من اليوم الأول وكانت الرصاص من العرب تصل الى بيوت صنعاء وكان الرصاص من السلاح القديم والبنادق قديمها التى تسمى البنادق العربية ومسافة الرصاص قريبة وكانت العرب تريد الهجوم على صنعاء

ولما كانت ليلة الأحد قرب العرب الى صنعاء وكثر منهم الرمي بالرصاص وكذا الأتراك من القصر وسور صنعاء. فما تسمع أصوات الرصاص من كثرتها الا كالرعود القاصفة ولوامع البارود في جوف الليل كالبوارق الخاطفة وبهذه المحاصرة لصنعاء عظمت الشدة وغلت الأسعار وفر الضعفاء من أهل صنعاء

(وسبب ثورة أهل اليمن على الاتراك) شدة الظلم واستحلال المحرمات وترك ما أمر الله به من الواجبات وارتكاب المعاصي والفجور وظهور البغي وشرب الخمور. وكان القائمقام أو غيره من المأمورين اذا خرج لأي قضاء أو ناحية لأخذ الاعشار أخذ ما قدر على تحصيله لنفسه ولم يساعد على كتب سند ما أخذ منهم ثم يرجع للحكومة ويقول لم يدفعوا شيئا ثم تأمر الحكومة بنهبهم وخراب بيوتهم واحراقها واذا وصلت العسكر النظام الى قرية

١٤٠