تاريخ اليمن

الشيخ عبد الواسع بن يحيى الواسعي اليماني

تاريخ اليمن

المؤلف:

الشيخ عبد الواسع بن يحيى الواسعي اليماني


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: المكتبة السلفيّة
المطبعة: المطبعة السلفيّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٩٩

الهادي بصنعاء. وفي هذه السنة وقع في صنعاء طاعون عظيم حتى عدمت الاكفان وصلي على الجنائز في وقت واحد على عشرين جنازة. وفي هذه السنة وقع برد شديد حتى أتلف الزرع والاشجار وكان يجمد الماء في وقت الظهر وصارت الشمس لا حرارة لها كأنها قمر من عدم الحرارة. ودخلت :

سنة ١٢٧٦

وكان مع السيد حسين الهادي السيد يحيى الابيض سيف خلافة ثم حصلت بين الهادي وبين أهل صنعاء وحشة وقامت فتنة وحاصروه في القصر ونصب أهل صنعاء لهم شيخا :

محسن بن علي معيض

فأخرجوا السيد حسين الهادي والسيد يحيى الأبيض من صنعاء وأتباعهما وكان المتوكل محسن بن احمد في سناع كما تقدم ذكره سابقا فرغب الشيخ محسن معيض ومن معه أن يدخل تحت بيعة الامام محسن واجتهد في نصرته وأوصله الى حصن ذي مرمر من الغراس بنى حشيش في الشمال الشرقى من صنعاء بمسافة ثلاث ساعات ووقف هنالك وضرب ضريبة من النقود

١٠١

ثم ان السيد حسين الهادي طلب بنى بهلول وأتى مستغيرا على صنعاء وطرح عند ما جل (١) الدّمة شمال صنعاء بثلث ساعة فحاصر أهل صنعاء. وكان في صنعاء سيف خلافة الامام المتوكل السيد العلامة محمد بن قاسم الحوثي فكانت الغلبة لأهل صنعاء وشعوب وهو قبيلة متصلة شمال صنعاء بثلث ساعة وجرت بينهم حروب شديدة انتهى الأمر الى فرار بنى بهلول والسيد حسين الهادي. ثم دخلت :

سنة ١٢٧٧

وفي هذه السنة استولى الباطنية على الحيمة وكان مقرهم سابقا حراز بمسافة يومين غربا من صنعاء والحيمة غربا بمسافة يوم. فلما بلغ السيد العلامة احمد بن محمد الكبسى ذلك عظم عليه فخرج من برط وبت الرسائل مستغيرا على الباطنية الذين أخذوا الحيمة فأجابته قبيلة ذو محمد وذو حسين وجمع القبائل وطلبوا من يصلح للامامة ويكون الجهاد على يديه فاتفق رأي مشايخ القبائل على أن من اختاره العلماء للامامة وقع الجهاد معه. فلما وصل القبائل الى ريدة؟؟؟ شمال صنعاء بمسافة يوم ونصف خرج من علماء صنعاء الفقيه العلامة حسين بن عبد الرحمن الا كوع والقاضى العلامة احمد بن

__________________

(١) الماجل بعرف اليمن البركة الكبيرة

١٠٢

عبد الرحمن المجاهد ومن علماء ذمار السيد حسن بن يحيى الديلمي وغيرهم فبعضهم مال الى الامام محمد بن عبد الله الوزير بعضهم الى الامام محسن ثم انتهى الكلام على اختيار الامام محسن فقصدوه الى ذي مرمر فخرج من هنالك ودخل الى صنعاء ومن معه من العلماء والقبائل فصلى جمعة وأعانه أهل صنعاء بمال وعزم الى الحيمة وصحبته السيد العلامة احمد بن محمد الكبسى وجماعة من صنعاء فافتتح الحيمة وبقي هنالك أياما والحرب سجال. ثم دخلت

سنة ١٢٧٨

ثم بلغ الامام أن قبيلة بكيل قبضوا دراهم من الداعي رئيس الباطنية فنهض من هنالك خوفا على نفسه حتى وصل الى صنعاء يوم الجمعة وصلى جمعة وتوجه بعد الصلاة الى حصن ذي مرمر وبقي هنالك ووقف السيد العلامة احمد الكبسى في صنعاء لاقامة الشريعة واحياء العلم والوعظ ثم ظهر الموت في البقر بعد أن سمع دويّ من السماء كالرعود القاصفة فاجتمع الناس في الجامع الكبير ووعظ الناس وبقي كذلك الى أن ولي الخطابة بعد موت خطيب الجامع عبد الله بن عبد الله الورد وهذا الخطيب كان من أهل الفضل يحكى أنه كان في قرية القابل وهي في الشمال الغربي من

١٠٣

صنعاء بمسافة ثلاث ساعات في أيام الخريف العنب وسائر الفواكه ومؤذن الجمعة يؤذن وهذا الرجل في القرية ووظيفته الخطبة في الجامع الكبير بصنعاء وكان لهذا الخطيب أخ في القرية أصغر منه سنا وعلما وفضلا وقد رأى أخاه وقت الأذان وهو في جامع القرية واستحيى أن يسأله كيف تترك الوظيفة من دخولك صنعاء للخطبة ثم خرج الناس من صنعاء نهار الجمعة الى القرية فلقي الناس أخو الخطيب ومعه جماعة من الناس وهو يسألهم من خطب اليوم في جامع صنعاء؟ قالوا : أخوك. قال : انه لم يدخل صنعاء. فقالوا : بل خطب هو بنفسه رأيناه وسمعناه. فلم يصدقهم وهكذا يسأل من وصل من صنعاء فيخبروه بذلك وبعض الأيام يشاهده ناس في صنعاء وهم حال خروجهم القرية ومعهم الحمير المسرعة فيصلون القرية ويجدونه في القرية فيسألون عنه متى خرج فقالوا انه باق لم يدخل ولم يخرج هو هاهنا فقالوا رأيناه في صنعاء وسلمنا عليه فهكذا كان أهل الفضل فانظر كيف كان حالهم مع الله وعند الله. وكان اذا خطب أبكى الناس وكذلك بعده السيد العلامة أحمد الكبسي كان اذا خطب أو وعظ اسبل الناس العبرات ولم أدرك خطبته بل أدركت وعظه في سنة ما توفي

١٠٤

وكان كبير السن سنة ١٣١٦ وكان لا يخرج من بيته لامر؟؟؟ ضروري يراجع فيه الوالي اذا حصل ظلم على أهل صنعاء. وفي تلك السنة حصل غلاء شديد في اليمن وقحط عظيم فنزل اليه جماعة من العلماء والأعيان يخرج للجامع الكبير ويعظ الناس بعد صلاة الجمعة رجاء أن يحصل الفرج للناس ويرجعوا الى الله بالتوبة والعمل الصالح فوعظ الناس. فمن أول ما سمع الناس صوته أدركوا لكلامه وقعا في القلوب كالرصاص صاح الناس بالبكاء ولم يقدروا أن يملكوا أنفسهم وما تظن ذلك الا أنه محل ميتم مجتمع للنساء فرجع الناس الى الله بصدق النية واخلاص العمل والتخلص من الحقوق والمظالم فأغاث الله العباد والبلاد بالأمطار ثم وعظ مرة أخرى رحمه‌الله تعالى

نعم رجعنا الى ما نحن بصدده والامام محسن منتظر في ذي مرمر للفرج ثم حصل الشقاق بين سيدي أحمد الكبسي ومحسن معيض ثم ان محسن معيض نكث بيعة الامام محسن واستدعى حسين بن المتوكل أحمد ودخل صنعاء فعلم الامام محسن فتحرك من هناك وحاصر صنعاء ومعه القاضي أحمد بن اسماعيل القرشي فحوصرت صنعاء مدة حتى خرج حسين بن

١٠٥

المتوكل منها الى الروضة وقد حصل الشقاق بينه وبين محسن معيض وقعد هناك ثم وقع بين الامام محسن ومحسن معيض صلح على أن تقام له في صنعاء الخطبة والجمعة وعاقل صنعاء وقاضيهم منهم فبقي الأمر كذلك والامام محسن يتردد في حزيز وسناع

ثم تحركت الأتراك على محمد بن عايض رئيس عسير ثم تحرك الامام محسن في سنة ١٢٨٥ لقتال الباطنية في الحيمة وجمع القبائل من أرحب وغيرهم وجلس في بيت ردم. فوقع قتال في الزيلة عظيم ثم انتقل الامام محسن الى حزيز جنوب صنعاء ثم تغلبت القبائل حول صنعاء وتمردت عن الطاعة

خروج الأتراك الى عسير

كان الأمير بعسير محمد بن عايض حاصر الحديدة ثم هحمها وكان ذلك في آخر أيام السلطان عبد العزيز وكانت الحديدة وسواحل اليمن في يد الدولة العثمانية فبعث السلطان جيشا لأخذ بلاد عسير وقد تخابر شريف مكة محمد بن عون مع أمير عسبر محمد بن عايض أن يسلم العسيري بلاده للدولة العلية وان أملاكه وخيوله وحصونه تحفظ وتخصص مرتبات له ولعائلته ولبعض الرؤساء المستحقين ويستخدم جميع من يستحق الخدمة في

١٠٦

الوظائف العالية ولا يفضل عليه أحد فقبل الأمير محمد بن عايض ذلك وبعد المخابرة من الشريف الى السلطان بذلك فوصل رسول شريف مكة الى عسير والجنود محاصرة لعسير فقدم الرسول وبيده فرمان السلطان خطابا للأمير محمد بن عايض ولفظه : أنك آمن بأمان الله ورسوله واني قد قبلت جميع مطلبك التي عرضت علينا بواسطة الشريف محمد بن عون وما عليك الا تسليم البلاد لرديف باشا وأموالك وخيولك وجميع أملاكك مع الحصن لا تمسها عساكرنا بسوء الا اذا لم تتبع أمرنا هذا السلطاني. فلما اطلع محمد بن عايض على منطوق الفرمان كتب الى مختار باشا وكان محاصرا للقصر يقول في مكتوبه : اني دخلت تحت طاعة السلطان حسب الفرمان. فقبل أحمد مختار باشا وتوجها الى رديف باشا ليطلع على الفرمان وبينهما وبين رديف باشا ثلاث ساعات فلما وصلا اليه الى خيمته أمر في الحال بقتل محمد بن عابض. ثم استولت جميع الجنود على جميع بلاد عسير ، وأخذوا جميع ما يملكه من خيل ونقود وأسلحة ومدافع ، وغير ذلك من الأحجار النفيسة منها اللؤلؤ الخام ستة وثلاثون صاعا ثم لما عظمت الفتنة في صنعاء وخارجها من فساد القبائل والعتو والعناد كما

١٠٧

تقدم ذكره كتب الامام علي بن المهدي والامام غالب بن محمد بن يحيى والسيد حسين بن المتوكل ومن العلماء والرؤساء الى السلطان عبد العزيز بواسطة شريف مكة المذكور سابقا مضمونه حيث أن العرب حول صنعاء قد شقوا عصا الطاعة واستبدوا بالبلاد بالعتو والفساد فنرجو أن تمدونا ببعض من العساكر. فحضر الأمر من السلطان لاحمد مختار باشا أن يتوجه الى صنعاء ويقبض على الثائرين فتوجه من الحديدة قاصدا صنعاء فلما وصل الى عتّاره في بلاد حراز بينه وبين مناخة ساعتين غربا وكان هنالك مركز رئيس الباطنية فوقع حرب شديد ثم سلم نفسه بشرط الامان له ومن يلوذ به فلما سلم نفسه قتل وأولاده واخذت بيوته وأمواله ثم لما وصل أحمد مختار باشا الى مناخة أرسل الامام علي بن المهدي طائفة من السادة والعلماء والمشايخ لاستقباله وهم السيد العلامة أحمد بن محمد الكبسي والسيد العلامة زيد بن أحمد الكبسي والسيد العلامة حسين ابن علي غمضان وغيرهم وعند وصول المذكورين مناخة شاهدوا سطوة العساكر الشاهانية وما حل بالباطنية فسرهم ذلك غاية السرور الا انها اقشعرت جلودهم ووجلت قلوبهم من غدر الاتراك أولا ما حصل لامير عسير ثم رئيس الباطنية بعد أن أعطاه احمد

١٠٨

مختار باشا العهود والمواثيق وسابقا في زمن قديم قتل والى الاتراك حاكم عدن وحاكم المخا وأولاده حين كان الاتراك بتهامة في ذلك الزمن بعد أن أخذ هؤلاء الأمان والعهد من الوالى مرات ثم قتلهم حالا فعلموا ان المصيبة قد عمت والبلية طمت والخيانة ونكث العهد والوعد أكبر عار عند أهل اليمن ثم دخل المذكورون على أحمد مختار باشا أن يحضر صنعاء حسب أمر السلطان ليربي العصاة المتمردين وبعد تربيتهم يرجع من حيث أتى فهز لهم رأسه وتكلم بكلمات تركية لا يفهمونها فظنوا ان الأمر كما يريدون فلما وصلوا الى نقيل عصر غربي صنعاء بمسافة نصف ساعة خرج الامام علي ابن المهدي والامام غالب بن محمد وحسين بن المتوكل وغيرهم من الاشراف والعلماء والرؤساء ثم طلب أحمد مختار باشا من الامام علي بن المهدي وسائر الاشراف بواسطة رئيس صنعاء الشيخ محسن معيض المعاقل المحيطة بصنعاء خصوصا القصر المسمى غمدان فسلموا المعاقل وغفلوا عن حفظها

دخول الاتراك صنعاء

كان وصولهم سادس عشر شهر صفر سنة ١٢٨٩ ثم انقسم العسكر قسمين قسم جلسوا في محل يقال له وهب جنوب صنعاء

١٠٩

وفي هذا المحل قبر وهب بن منبه تابعي مشهور وله في هذا المحل مسجد صغير وسمي باسمه وقسم استولى على بقية المعاقل نحو قصر غمدان وأبواب صنعاء وهي عشرة

ثم لما تمكن احمد مختار باشا من قبض المعاقل ووضع العسكر فيها طلب الدفاتر من الامام علي بن المهدي ثم استشار الامام وزراءه وكتابه وسائر الاشراف فأشاروا عليه بعدم تسليم ذلك لان بعد تسليم الدفاتر وقبض المعاقل يحصل اختلال البلاد لانه باطلاع الوالي على الدفاتر يعرف ادارة البلاد ومصادرها وايرادها ومعرفة ذلك يكون سببا لملك البلاد بعد قبض المعاقل وهذا خلاف ما كتبوا للسلطان وأنّ طلب الامام والاشراف والمشايخ للاتراك إنما هو لقمع الثائرين العصاة وقبض المعاقل والدفاتر خلاف المراد. ويفهم من هذا أن الغرض الاستيلاء على البلاد. ثم إن الشيخ محسن معيض وغيره أشاروا على الوالي قبل الاطلاع على الدفاتر أن يضرب الرجل الشقى المسمى الدّفعي الذي هو قاعد في شعوب شمال صنعاء بعشر دقائق وقد أذاق الناس هذا الشقى أنواع العذاب من التهب والقتل وفي ذمته نفوس كثيرة من الاشراف وغيرهم وأن الوالي اذا أخذ هذا الشقي استجلب قلوب العامة والخاصة وتسلم اليه الدفاتر وبعد ذلك تكون البلاد

١١٠

جميعها تحت يديه ويشكل حكومة حسب رغبته وكان هذا الشقي في بيت من طين مدور يقال له نوبة ومعه في هذا البيت من أعوانه نحو عشرين رجلا وقد عتوا في الارض فسادا فكتب الوالي للمذكور يدخل تحت الطاعة فأبى وعتا وظن أن تحصنه في بيته يدفع عنه قوة العسكر والمدافع ولم ينظروا ما حصل لامير عسير ولم ينفعه جمعه الكثير ثم صاحب حراز وما كان له من القوة والاحتراز ثم ذهبوا كأمس الدابر وصاروا حديثا في الغاير فلما عرف الوالي تمنعه وعصيانه أخرج له شرذمة من العساكر ثم بعد ساعة خرب بيته واخذ المذكور مع ماله وأعوانه فحصل للناس السرور وشفي غليل كل قلب. ثم بعد هلاك هذا الشقي رجفت القلوب هيبة للعساكر السلطانية وصار الأمن في جميع الربوع اليمانية. ثم بعد ذلك طلب الوالي الدفاتر لمعرفة العشور اليمانية وأنه ليس له طمع في ولاية اليمن بل لتربية العصاة المتمردين ثم قبض الوالي الدفاتر وبعد قبضها شكل حكومة وابتدأ في استجلاب قلوب العامة دون الخاصة ثم طرد أبناء اليمن الموظفين وشكل له مأمورين من الاتراك ثم حصّل الاموال ثم ضيق معيشة الامام والاشراف ومنعهم من الاختلاط وسائر رؤساء العشائر ثم رتب

١١١

للامام والاشراف ثلاثة آلاف قرش وقطع المرتبات التي كانت لهم ومنعهم من الاستخدام وسد في وجوههم أسباب المعيشة حتى ان الامام وجميع عائلته وأبناء عمه شرعوا في بيع أملاكهم هذا والوالى يعرف ما أصابهم من ضيق العيش وبعد مضي أربعة أشهر من دخول الاتراك صنعاء تقدم الى كوكبان موسى كاظم باشا وفضلي باشا وكان أميرها السيد أحمد بن محمد شرف الدين وجميع قضى تلك البلاد الى المغارب وما والاها الى التهايم تحت ادارته حسب أمر الامام الذي بصنعاء فلما علم ان الاتراك يريدون الاستيلاء عليها حصّن جميع المعاقل التى كانت في جبل كوكبان (١) وتأهب للحرب والقتال ومقارعة الابطال والنزال فحاصره الاتراك سبعة أشهر ووقعت معارك دموية مشهورة بين الفريقين وكان القائد لعسكر العرب أخي أمير كوكبان السيد علي بن محمد ابن شرف الدين وقتل في السنة المذكورة وبعد القتال الشديد والحصار المذكور سلم أمير كوكبان السيد احمد بن محمد ودخل صنعاء بأمان وسكن بها الى أن توفي سنة ١٣١٤ وكان عالما فاضلا أديبا شاعرا وله ديوان في الشعر فصيح وكان حسن الاخلاق

__________________

(١) شمال صنعاء بمسافة يوم

١١٢

لطيف الشمائل وكان مستعطشا لا يصبر عن شرب الماء عشر دقائق وقد رثاه السيد العلامة عبد الله بن ابراهيم وكتبت على ضريحه وقبر بخزيمة محل في الجنوب الغربي من صنعاء ثم حصل بعد ذلك شقاق من قبيلة الحدا فخرجت العساكر ثم حصل قتال وجرى الحرب بينهم ثم قتل رئيس القبيلة ثم دخلوا تحت الطاعة

وفي شهر رمضان من هذه السنة تناثرت؟؟؟ النجوم من أول الليل الى طلوع الفجر حتى ظن الناس قيام الساعة

سنة ١٢٩٠

فيها وصل الوالى احمد ايوب ثم ارتحل الوالى السابق احمد مختار باشا ثم حصل من قبيلة خولان العصيان وخرجت العساكر من صنعاء وبعد محاربة دخلوا تحت الطاعة بعد أن حصل لهم الذل والوبال

وفي هذه السنة وقعت زلزلة في جبل السكة من نواحي بلاد الحيمة فوق بيت النش فتشقق الجبل وزال عن مكانه وكان يرى لذلك دخان وغار النهر المسمى غيل الحنشين حتى خرج من موضع آخر وتغير ماؤه الى الحمرة ومسخت الاراضي التى عنده وقلب أعاليها أسفلها وطمست وذلك بسبب الشجار الواقع بين

١١٣

بيت النش وجماعة آخرين وحضر بينهم لفصل الخصام شيخنا القاضي العلامة علي بن حسين المغربي رحمه‌الله وحلف هؤلاء المتشاجرون أيمانا مغلظة فاجرة فعاقبهم الله بخسف أموالهم وبقى الجبل يتساقط ويضطرب ويمشي من موضعه

ثم وصل رجل من تهامة له علاقة بالاسحار والتمويه ويدعى صنعة الكيميا فاتبعه العوام الذينهم كالانعام فوصل الى خولان ومعه تلك الجماعة فدعى تلك الجهات الى الخلاف على الحكومة والشقاق فصدقه العوام على مقالته فخرجت العساكر فانهزموا وفروا مع المدعى الخاسر وانقاد أهل البلاد طايعين

ثم حصل من قبيلة ارحب وحاشد خلاف وعناد وفي خلال ذلك وصل عزل احمد ايوب ووصل الوالى مصطفى عاصم في شهر جمادى الآخر سنة ١٢٩٣ ثم خرجت العساكر لقبيلة ارحب وحاشد ووقعت حروب عظيمة وقتلات فخيمة من الطرفين وادخل الاتراك رؤس القتلى الى صنعاء مع الاسراء ثم صلح أمرهم وسكن شرهم وأطاعوا بعد كلام طويل ودخل رؤساء القبائل الذين يسمون المشايخ والعقال الى الوالى وأنعم عليهم بالعطاء والنوال

١١٤

ثم حصل شقاق من أهل جبل البخاري من بلاد المخادر جنوب صنعاء بستة أيام فخرج اليهم قائم مقام مدينة جبلة وإب بشرذمة قليلة من جند السلطان ومعه طائفة من ذي محمد فاخذوا ذلك الجبل واستأصلوا أهله ونهبوا أموالهم وقلعوا شجرة القات التي هي أعظم معاشهم وأخذوا رياشهم واستغنى الفقير وسائر من حضر وقابلهم الادبار وولوا الأدبار وكانوا في نعمة وافية وثروة كافية

ثم حصل من مصطفى عاصم الفاقرة العظمى والداهية الكبرى التى سالت لها العبرات فانه عمد الى جملة من العلماء الاعلام وسجنهم من غير جرم جرى ولا وزر طرى ولم تتعلق بهم حجة ولا سلك بهم في الانصاف محجة ولا نزعوا يدا عن طاعة ولا خالفوا الجماعة

ثم بعد شهرين أرسل بهم الى الحديدة ومكثوا سنتين وسبب ذلك انه كان مع الوالى نائبا في المحكمة الشرعية عبد الله الصباغ الطرابلسي أخذ يتعرض للمذاهب وسبب للفساد بين الوالى وأهل اليمن في عقائدهم وصار هذا الحاكم يغري الوالى على حبس العلماء وكان هذا الطرابلسي واسطة للوالى للارتشاء قال الشاعر :

اذا كان رب الدار بالدف رافصا

فشيمة أهل البيت كلهم الرقص

١١٥

ثم حسن المذكور للوالى نفي أعيان العلماء ثم بعد كتب أسمائهم أحضرهم الى دائرة الحكومة بصنعاء ثم أمر بحبسهم وقد رتب عقب حضورهم ثلاثة طوابير بالميدان فلما خرجوا من عند الوالى أحاطت بهم العساكر وساقوهم الى السجن وبعد شهرين أرسل بهم الى الحديدة ومكثوا سنتين منهم والد الامام الموجود المنصور بالله يحيى حميد الدين حفظه الله تعالى قبل أن يصير والده اماما. ومنهم رئيس العلماء السيد احمد بن محمد الكبسي والسيد العلامة زيد بن احمد الكبسي والسيد العلامة حسين بن علي غمضان وغيرهم وكان جملتهم أربعين نفرا ثم استشهد بعضهم غريبا عن الاهل والوطن والاخلاء والسكن منهم السيد العلامة محمد بن محمد المطاع والسيد العلامة علي بن محمد الجديري والسيد العلامة الزاهد محمد بن اسماعيل عشيش كان من أعلام الزمان وفضلاء الاوان في عشر الثمانين لا يداخل حكومة ولا يخوض في فتنة حافظ كتاب الله ضريرا ولقد راجع في عدم حبسه بعض أهل صنعاء محمد عيقان رحمه‌الله كلم الشيخ محسن معيض ان السيد محمد عشيش من الضعفاء ضرير البصر من الفضلاء لا يخوض في فتنة وليس له علاقة بامور الدولة فلا حاجة لحبسه فأجاب عليه محسن

١١٦

معيض لا هو ابو النحل وكان معيض والطرابلسي ممن يسعى في اقتناص الثواب العاجل ويرضى بغضب رب الارباب

ثم عزل مصطفى عاصم من اليمن. وتعين واليا :

اسماعيل حقي باشا سنة ١٢٩٥

ثم أمر باطلاقهم وكان ممن سعى في خلاصهم السيد محمد عارف الماردينى وكان قاضيا في الحديدة عالما فاضلا غيورا تعين واليا في الشام ثم عزل من الشام سنة احد وثلاثين وانتقل الى مصر ثم توفي بالاسكندرية

وفي هذه السنة توفى الامام المتوكل محسن بن احمد في سلخ شهر رجب ومشهده بهجرة حوث مشهور مزور وله سيرة مخصوصة وكان في هذه المدة بعد خروج الاتراك الى صنعاء ساكنا بحاشد وبعد ستة أشهر قام داعيا الامام شرف الدين محمد وتلقب بالهادي وكانت دعوته بجبل الاهنوم في صفر سنة ست وتسعين وفي سنة تسع وتسعين انتقل الى هجرة صعدة ودوخ تلك البلاد ونعش فيها أحكام دين رب العباد وجهز الجنود الى حصن ظفير حجة وغيره وسيأتي بقية الكلام عليه في سنة ١٣٠٧ عند وفاته

١١٧

وفي هذه السنة كثرت الزلازل والرجفات في بلاد ذمار ويريم ومخاليفهما وجلست ثلاثة أشهر الى شهر رمضان وتهدمت منازل كثيرة وضج الناس الى الله بالدعاء والابتهال

وفي هذه السنة كثرت الامطار ونزل من جبل اللوز في الشمال الشرقي من صنعاء سيل عظيم حتى دخل سائلة صنعاء وخرب الخنادق وتجاوز الى أن وصل الى مسجد القاسمي والابهر وأخرب تلك البيوت ودخل الى شارع بستان السلطان وأخرب تلك البيوت ثم خرج السيل الى شعوب والروضة واجتمع ذلك السيل بسيل سعوان فخرب بيوت الروضة ومساجدها وأهلك السيل خلقا كثيرا من بنى آدم ومن البهايم ثم اجتمعت السيول الى نهر الخارد وبلغ ارتفاعه أربعين قامة

وبعد وصول هذا الوالي الى اليمن فرح الناس به ونشر لواء العدل والانصاف وقطع دابر الارتشاء والاعتساف وشكل مكاتب رشدية وأربعة طوابير من العرب سماهم حميدية وقد اعتنى بتربيتهم وتهذيب عقولهم حتى كانوا يسموا بأولاد اسماعيل. ومن فوائد هذه الحميدية أنها اذا وقعت فتنة في اليمن أرسل اسماعيل باشا طابورا من هؤلاء المذكورين فيظهرون الشجاعة الخارقة

١١٨

للعادة في اخماد الفتن وكان الطابور من هؤلاء يقوم مقام طوابير كثيرة من الترك حتى ان أهل اليمن المتمردين خضعت وطاعت بمجرد ظهور هذه الجنود وأيضا لما كانوا من أهل اليمن وخرجوا لتربية بعض العصاة رجعت تلك القبيلة للطاعة وخشيت أن تقتل إخوانها وهم مسلمون لأنه كان في اعتقاد عامة اليمن لما كان الأتراك يتركون الصلاة ولم يحافظوا على الواجبات ويرتكبوا المعاصي والفجور وتظاهروا باللواط وشرب الخمور مع الظلم وترك الشرائع استحلوا قتالهم لهذه الأفعال الفظائع فبوجود هذه العساكر اليمانية عم الأمن والسكون جميع الأقطار ورغب الناس أفواجا في إدخال أولادهم وترقيهم. ثم أراد اسماعيل باشا أن يستبدل العساكر التركية بالعساكر العربية لكن بصورة لا يدخل معها سوء ظن في قلوب الاهالى فكتب الى السلطان بذلك وحيث أن الباب العالى لا يخلو من رجل خائن للدولة فأوّل كلام اسماعيل باشا أنه قد اتفق هو وأشراف اليمن باخراج العساكر التركية واستبدالها بالعربية ثم تستبد الاشراف باليمن ثم رجع الجواب من السلطان بمنع ذلك وإلغاء الطوابير الحميدية رأسا ولا فائدة لاحداثها ثم عزل الوالى بسبب ذلك وهو انه اتفق

١١٩

رأيه مع الامام وأهل اليمن

ثم تعين واليا محمد عزة باشا في سنة ١٢٩٩ فوصل الى صنعاء والقلوب متنافرة بين العرب والترك فسعى في ائتلافها بتقريب رؤساء العشائر والاشراف وكان القائم بالبلاد الشمالية الامام شرف الدين بعد الامام المتوكل محسن بن أحمد الشهاري وجميع الولاية من الامير والمأمور عملهم الارتشاء والمكر والخداع فيهم فشا ثم وقع في خولان وقضى حجة شقاق فخرج الوالى بنفسه ووقع بين العرب والترك حرب شديد ثم رجع الوالى وفيه مرض ثم اشتد عليه المرض وتوفي بصنعاء ودفن بازاء جامع البكيرية أمام الحكومة وجلس في اليمن ثلاث سنين وبعد وفاة المذكور عين السلطان وكيلا :

احمد فيضي

وكان متصرفا في عسير فوصل الى صنعاء سنة ١٣٠٢ وقد غلت الاسعار وانقطعت الامطار وكثر الجراد وأصاب الجدب جميع البلاد. ومن سوء تدبيره أنه أرسل العساكر الى همدان وأمرهم بالهجوم على كل بيت فيه الحبوب وبالغ الوالى احمد فيضي في شتم السيد محمد الشويع رئيس ضلاع ، وجذبه بيده في ميدان

١٢٠