خريدة العجائب وفريدة الغرائب

سراج الدين بن الوردي

خريدة العجائب وفريدة الغرائب

المؤلف:

سراج الدين بن الوردي


المحقق: أنور محمود زناتي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية
الطبعة: ١
ISBN: 977-341-358-6
الصفحات: ٥٠٣

ومن مدنه إشبيلية (٩٣) وهي مدينة عامرة على ضفة النهر الكبير المعروف بنهر قرطبة ، وعليه جسر (٩٤) مربوطة به السفن ، وبها أسواق قائمة وتجارات رابحة وأهلها ذوو أموال عظيمة وأكثر متاجرهم في الزيت ، وهي تشتمل على كثير من أقاليم الشرق ، واقليم الشرق على تل عال من تراب أحمر مسافته أربعون ميلا في مثلها ، يمشي فيها المسافر في ظل الزيتون والتين ، ولها على ما ذكر التجار ثمانية آلاف قرية عامرة بالأسواق العامرة والديار الحسنة والفنادق والحمامات.

ومن أقاليم الأندلس اقليم الكنانية ومن مدنه المشهورة قرطبة (٩٥) وهي قاعدة بلاد الأندلس ودار الخلافة (٩٦) الإسلامية ، وهي مدينة عظيمة وأهلها أعيان البلاد ،

__________________

(٩٣) إشبيلية (بالاسبانية : Sevilla هي عاصمة منطقة الأندلس ومحافظة إشبيلية في جنوب اسبانيا ، وتقع على ضفاف نهر الوادي الكبير. يزيد عدد سكان المدينة بضواحيها عن ٥. ١ مليون نسمة. اشتهرت أيام الحكم الإسلامي لاسبانيا وكان عبد الرحمن الثاني قد أمر ببناء أسطول بحري ودار لصناعة الأسلحة فيها في أواسط القرن التاسع الميلادي من أشهر حكامها المعتمد بن عباد وسميت (حمص) نسبة لنزول جند الشام فيها اثناء الفتح الاسلامي. من معالمها منارة الخير الدا التي بنيت بأمر من السلطان أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي.

(٩٤) الجسر : القنطرة والجمع أجسر (اللسان ١ / ٦٢٣).

(٩٥) قرطبة (بالإسبانية : Co ? rdoba مدينة وعاصمة مقاطعة تحمل اسمها بمنطقة الأندلس في جنوب إسبانيا وتقع على نهر جواد الكبير. وعلى دائرة عرض (٣٨) شمال خط الاستواء يبلغ عدد سكانها حوالي ٠٠٠ ٣١٠ نسمة. اشتهرت أيام الحكم الإسلامي لإسبانيا حيث كانت عاصمة الدولة الاسلامية هناك.من أهم معالمها مسجد قرطبة ، وصلت المدينة لأوج مجدها في القرن العاشر في عهد حكامها العظام : الخليفة عبد الرحمن الناصر (٩١٢ ـ ٩٦١) ، وابنه الحكم الثاني (٩٦١ ـ ٩٧٦) والمنصور بن أبي عامر (٩٨١ ـ ١٠٠٢). خلافة قرطبة كانت أكبر الدول الأوروبية في القرن العاشر. وكانت منارة العلم في اوروبا والتى اخد عنها الاوروبيين العلم عن العرب المسلمين في مجالات كثيرة منها الطب والفلك والرياضيات والكيمياء.

(٩٦) الخلافة : يعرفها الماوردي" خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا.

٦١

وسراة الناس في حسن المآكل والملابس والمراكب وعلو الهمة ، وبها أعلام العلماء وسادات الفضلاء وأجلاء الغزاة وأمجاد الحروب ؛ وهي في نفسها خمس مدن يتلو بعضها بعضا ، وبين المدينة والمدينة سور حصين حاجز ، وبكل مدينة منها ما يكفيها من الأسواق والفنادق والحمامات والصناعات ، وطولها ثلاثة أميال في عرض ميل واحد ، وهي في سفح جبل مطل عليها يسمى جبل القروش.

ومدينتها الثالثة وهي الوسطى ، فيها باب القنطرة وبها الجامع الذي ليس في معمور الأرض مثله ، طوله ذراع في عرض ثمانين ذراعا وفيه من السواري الكبار ألف سارية ، وفيه مائة وثلاث عشرة ثريا للوقود ، أكبرها يحمل ألف مصباح ، وفيه من النقوش والرقوم ما لا يقدر أحد على وصفه ، وبقبلته صناعات تدهش العقول ، وعلى فرجة المحراب سبع قسي قائمة على عمد طول كل قوس فوق القامة ، تحير الروم والمسلمون في حسن وضعها. وفي عضادتي المحراب أربعة أعمدة ، اثنان أخضران واثنان لازورديان ، ليس لها قيمة. وبه منبر(٩٧) ليس على معمور الأرض مثله في حسن صنعته ، وخشبه ساج وأبنوس وبقس وعود قاقلي. ويذكر في كتب تواريخ بني أمية أنه أحكم عمله ونقشه في سبع سنين ، وكان يعمل فيه ثمانية صناع ، لكل صانع في كل يوم نصف مثقال محمدي ، وكان جملة ما صرف على المنبر أجرة لا غير عشرة آلاف مثقال وخمسي مثقال. وفي الجامع حاصل كبير ملآن من آنية الذهب والفضة لأجل وقوده. وبهذا الجامع مصحف فيه أربع ورقات من مصحف عثمان

__________________

والهدف منها هو إقامة الدين والالتزام بأحكامه سواء ما اتصل منها بأمور الدين المتعلقة بالعقيدة والعبادة أو تلك الأحكام المتعلقة بحياة الناس ومعاملاتهم.

(٩٧) المنبر : شرفة يعتليها الخطيب أو من يتلو المراسيم ويكون إما من الرخام أو الحجر المدهون أو الخشب القيم.

٦٢

بن عفان (٩٨) رضي الله تعالى عنه بخطه ، أي بخط يده ، وفيهن نقط من دمه. وله عشرون بابا مصفحات بالنحاس الأندلسي ؛ مخرمات تخريما يعجز البشر ، وفي كل باب حلق ، في نهاية الصنعة والحكمة. وبه الصومعة العجيبة التي ارتفاعها مائة ذراع بالملكي المعروف بالرشاشي ، وفيها من أنواع الصنائع الدقيقة ما يعجز الواصف عن وصفه ونعته. وبهذا الجامع ثلاثة أعمدة حمر مكتوب على أحدها اسم محمد ، وعلى الآخر صورة عصا موسى وأهل الكهف ، وعلى الثالث صورة غراب نوح. والجميع خلقة ربانية.

وبمدينة قرطبة القنطرة العجيبة (٩٩) التي فاقت قناطر الدنيا حسنا وإتقانا ، وعدد قسيها سبعة عشر قوسا ، كل قوس منها خمسون شبرا وبين كل قوسين خمسون شبرا. ومحاسن هذه المدينة أعظم من أن يحيط بها وصف.

__________________

(٩٨) عثمان بن عفان (٤٧ ق ه ـ ٣٥ ه‍) هو عثمان بن عفان بن أبي العاص. قرشي أموي. أمير المؤلفين ، وثالث الخلفاء الراشدين ، وأحد العشرة المبشرين بالجنة من السابقين إلى الإسلام. كان غنيا شريفا في الجاهلية ، وبذل من ماله نصرة الإسلام. زوجه النبي صلي اله علية وسلم بنته رقية ، فلما ماتت زوجة بنته الأخرى أم كلثوم ، فسمى ذا النورين بويع بالخلافة بعد أمير المؤمنين عمر. واتسعت رقعة الفتوح في أيامه. أتم جمع القرآن. وأحرق ما عدا نسخ مصحف الإمام. نقم علية بعض الناس تقديم بعض أقاربه في الولايات. قتله بعض الخارجين علية بداره يوم الأضحى وهو يقرأ القرآن. [الأعلام للزركلي ٤ / ٣٧١ ؛ و (عثمان بن عفان) لصادق إبراهيم عرجون ؛ والبدء والتاريخ ٥ / ٧٩].

(٩٩) وفي ذلك قال الشاعر : بأربع فاقت الأمصار قرطبة .... منهن قنطرة الوادي وجامعها

هاتان ثنتان والزهراء ثالثة ..... والعلم أعظم شئ وهو رابعها.

٦٣

ومن أقاليم جزيرة الأندلس إقليم أشبونة (١٠٠). ومن مدنه أشبونة وهي مدينة حسنة شمالي النهر المسمى باجة ، الذي هو نهر طليطلة. والمدينة ممتدة مع هذا النهر ، وهي على بحر مظلم وبها أسواق قائمة وفنادق عامرة وحمامات كثيرة ، ولها سور منيع ويقابله على ضفة النهر حصن المعدن وسمي بذلك لأن البحر يمتد عند سيحانه فيقذف بالذهب التبر (١٠١) إلى نحو ذلك الحصن وما حوله ، فإذا رجع الماء قصد أهل تلك البلاد نحو هذا الحصن فيجدون به الذهب إلى أوان سيحانه أيضا. ومن أشبونة هذه كان خروج المغرورين في ركوب البحر المظلم الذي في أقصى بلاد الغرب وهو بحر عظيم هائل غليظ المياه كدر اللون شامخ الموج صعب الظهر ، لا

__________________

(١٠٠) أشبونة : يصفها الحميري كالآتي : " بالأندلس من كور باجة المختلطة بها ، وهي مدينة الاشبونة ، والأشبونة بغربي باجة ، وهي مدينة قديمة على سيف البحر تنكسر أمواجه في سورها ، واسمها قودية ، وسورها رائق البنيان ، بديع الشأن ، وبابها الغربي قد عقدت عليه حنايا فوق حنايا على عمد من رخام مثبتة على حجارة من رخام وهو أكبر أبوابها ، ولها باب غربي أيضا يعرف بباب الخوخة مشرف على سرح فسيح يشقه جدولا ماء يصبان في البحر ، ولها باب قبلي يسمى باب البحر تدخل أمواج البحر فيه عند مده وترتفع في سوره ثلاث قيم ، وباب شرقي يعرف بباب الحمة ، والحمة على مقربة منه ومن البحر ديماس ماء حار وماء بارد ، فإذا مد البحر واراهما ؛ وباب شرقي أيضا يعرف بباب المقبرة. والمدينة في ذاتها حسنة ممتدة مع النهر ، لها سور وقصبة منيعة ؛ والأشبونة على نحر البحر المظلم ؛ وعلى ضفة البحر من جنوبه قبالة مدينة الأشبونة حصن المعدن ؛ ويسمى بذلك لأن عند هيجان البحر يقذف بالذهب التبر هناك ؛ فإذا كان الشتاء قصد إلى هذا الحصن أهل تلك البلاد فيخدمون المعدن الذي به إلى انقضاء الشتاء ، وهو من عجائب الأرض. ومن مدينة الأشبونة كان خروج المغرورين في ركوب بحر الظلمات ليعرفوا ما فيه وإلى أين انتهاؤه ، ولهم بأشبونة موضع بقرب الحمة منسوب إليهم يعرف بدرب المغرورين ، وذلك أن ثمانية رجال ، كلهم أبناء عم ، اجتمعوا فابتغوا مركبا وأدخلوا فيه من الماء والزاد ما يكفيهم لأشهر ، ثم دخلوا البحر في أول طاروس الريح الشرقية ، فجروا بها نحوا من إحدى عشر يوما ؛ فوصلوا إلى بحر غليظ الموج ، كدر الروائح ، كثير التروش ، قليل الضوء ، فأيقنوا بالتلف ، فردوا قلعهم في اليد الأخرى ، وجروا في البحر في ناحية اثنى عشر يوما ؛ فخرجوا".

(١٠١) التبر : فتات الذهب قبل أن يصاغ (المعجم الوسيط ١ / ٨٤).

٦٤

يمكن ركوبه لأحد من صعوبته وظلمة متنه وتعاظم أمواجه وكثرة أهواله وهيجان رياحه وتسلط دوابه. وهذا البحر لا يعلم أحد قعره ولا يعلم ما خلفه إلا الله سبحانه وتعالى ، وهو غور المحيط ولم يقف أحد من خبره على الصحة ولا ركبه أحد ملججا أبدا ، إنما يمر مع ذيل الساحل لأن به أمواجا كالجبال الشوامخ ، ودوي هذا البحر كعظم دوي الرعد لكن أمواجه لا تنكسر ، ولو تكسرت لم يركبه أحد ، لا ملججا ولا مسوحلا

حكاية : اتفق جماعة من أهل أشبونة ، وهم ثمانية أنفس وكلهم بنو عم ، فأنشئوا مركبا كبيرا وحملوا فيه من الزاد والماء ما يكفيهم مدة طويلة وركبوا متن هذا البحر ليعرفوا ما في نهايته ويروا ما فيه من العجائب ، وتحالفوا أنهم لا يرجعون أبدا حتى ينتهوا إلى البر الغربي أو يموتوا. فساروا فيه ملججين أحد عشر يوما ، فدخلوا إلى بحر غليظ عظيم الموج كدر الريح مظلم المتن والقعر كثير القروش ، فأيقنوا بالهلاك والعطب ، فرجعوا مع البحر في الجنوب اثني عشر يوما فدخلوا جزيرة الغنم وفيها من الأغنام ما لا يحصي عددها إلا الله تبارك وتعالى ، وليس بها آدمي ولا بشر ، ولا لها صاحب ، فنهضوا إلى الجزيرة وذبحوا من ذلك الغنم وأصلحوه وأرادوا الأكل فوجدوا لحومها مرة لا تؤكل : فأخذوا من جلودها ما أمكنهم ، ووجدوا بها عين ماء فملئوا منها وسافروا مع الجنوب اثني عشر يوما آخر ، فوافوا جزيرة وبها عمارة فقصدوها ، فلم يشعروا إلا وقد أحاط بهم زوارق ، بها قوم موكلون بها ، فقبضوا عليهم وحملوهم إلى الجزيرة فدخلوا إلى مدينة على ضفة البحر وأنزلوهم بدار ، ورأوا بتلك الجزيرة والمدينة رجالا شقر الألوان طوال القدود ، ولنسائهم جمال مفرط خارج عن الوصف ، فتركوهم في الدار ثلاثة أيام. ثم دخل عليهم في اليوم الرابع إنسان ترجمان وكلمهم بالعربي وسألهم عن حالهم فأخبروه بخبرهم ، فأحضروا إلى

٦٥

ملكهم فأخبره الترجمان (١٠٢) بما أخبروه من حالهم ، فضحك الملك منهم وقال للترجمان : قل لهم إني وجهت من عندي قوما في هذا البحر ليأتوني بخبر ما فيه من العجائب ، فساروا مغربين شهرا حتى انقطع عنهم الضوء وصاروا في مثل الليل المظلم ، فرجعوا من غير فائدة ، ووعدهم الملك خيرا. وأقاموا عنده حتى هبت ريحهم فبعثهم مع قوم من أصحابه في زورق وكتفوهم وعصبوا أعينهم وسافروا بهم مدة لا يعلمون كم هي ، ثم تركوهم على الساحل وانصرفوا. فلما سمعوا كلام الناس صاحوا فأقبلوا إليهم وحلوا عن أعينهم وقطعوا كتافهم ، وأخبروهم بخبر الجماعة ، فقال لهم الناس : هل تدرون كم بينكم وبين أرضكم؟ قالوا : لا قالوا : فوق شهر. فرجعوا إلى بلدهم. ولهم في أشبونة حارة مشهورة تسمى حارة المغرورين إلى الآن.

__________________

(١٠٢) الترجمان : المفسر للسان والذي يترجم الكلام أي ينقله من لغة الى أخرى (اللسان ١ / ٤٢٦).

٦٦

ومالقة (١٠٣) : وهي مدينة كبيرة واسعة الأقطار عامرة الديار ، قد استدار بها من جميع جهاتها ونواحيها شجر التين المنسوب إلى زيد ، وهو أحسن التين لونا وأكبره جرما وأنعمه شحما وأحلاه طعما ، حتى إنه يقال ليس في الدنيا مدينة عظيمة محيط بها سور من حلاوة. عرض السور يوم للمسافرين إلى مالقة ، ويحمل منها التين إلى سائر الأقاليم حتى إلى الهند والصين ، وهو مسافة سنة لحسنه وحلاوته وعدم تسويسه ونقاء صحته. ولها ربضان عامران : ربض عام للناس وربض للبساتين. وشرب أهلها من الآبار ، وبينها وبين قرطبة حصون عظيمة. ومن أقاليم جزيرة الأندلس إقليم السيارات ومن مدنه المشهورة غرناطة (١٠٤) وهي مدينة محدثة. وما كان هناك

__________________

(١٠٣) مالقةMalaga : تقع جنوب شرق الأندلس وكانت مالقة مدينة ثانوية الأهمية في القرون الأولى بعد الفتح الإسلامي ولم تصبح ميناء تجاريا على جانب من الأهمية في البحر الأبيض المتوسط سوى في عهد الموحدين ومملكة بني نصر. وكان الملك الزيري باديس بن حبوس هو من بنى القصبة فوق القلعة القائمة آنذاك. دخلها المرابطون في خريف ١٠٩٠ وألحقوها بدائرة غرناطة. ويبرز من عمران المرابطين فيها تشييدهم للمساجد بصورة خاصة ، كما اكتشف في قصبة المرابطين حي مكون من ثمانية منازل اقيمت على الأغلب في القرن الحادي عشر. وتتحدث المراجع عن قصر كان قائما في داخل القصبة. ثار قاضي المدينة ابن حسون على المرابطين في سنة ١١٤٥ وأعلن نفسه أميرا عليها. وكان لاستياء ابناء مالقة من حاكمهم أن طلبوا نجدة الموحدين الذي استجابوا للنداء وأقاموا حصارا على القلعة ـ القصر انتهى بانتحار ابن حسون. ولعب الموحدون الدور الأكبر في تطوير عمران المدينة إذ أنشأوا فيها البنى التحتية التي اعتمدها فيما بعد بنو نصر. بدأت حروب الاستيلاء على منطقة مالقة من قبل القشتاليين في سنة ١٤٨٢. فقد حاصر الملك فرنادو الكاثوليكي المدينة وحال دونها والتموّن وكانت مقاومة أهلها شديدة الى درجة أنها أصبحت اكثر الوقعات دموية في تأريخ سقوط مملكة غرناطة. وتم استسلام المدينة غير المشروط في ١٨ أغسطس من سنة ١٤٨٧ (راجع المقري : نفح الطيب ، ج ١ ، ص ١٨٦ ، ومعجم البلدان ج ١٨ ، ٣٧٦).

(١٠٤) غرناطةGranada ? : وتعني باللغة الأسبانية" الرمانة" وهي شعار الأندلس التاريخي وتأريخ غرناطة حافل بالأساطير ، ربما لأنها تحتضن قصور الحمراء ولأنها كانت آخر معقل لحضارة الأندلس

٦٧

مدينة مقصودة إلا البيرة (١٠٥) فخربت وانتقل أهلها إلى غرناطة. وحسن الصنهاجي هو الذي مدنها وبنى قصبتها وأسوارها ثم زاد في عمارتها ابنه باديس بعده ، وهي مدينة يشقها نهر الثلج المسمى سيدل وبدؤه من جبل سمكير ، والثلج بهذا الجبل لا يبرح.

__________________

العربية في شبه الجزيرة الايبرية للمزيد أنظر (محمد عبد الله عنان : دولة الإسلام في الأندلس ، ج ٨ ، ص ٦٠).

(١٠٥) البيرة : Ilbira : مدينة قديمة في الأندلس يرجع تاريخا الى العصر الروماني ، تقع على نهير شنيل بالقرب من جبل يرف باسمها وعلى مسيرة ميل وربع في الشمال الغربي لمدينة غرناطة. ولعبت دورا كبيرا في تاريخ الدولة الأموية ونزل بها في عهد أبو الخطار حسام بن ضرار جند دمشق.

٦٨

ومن المدن المشهورة المرية (١٠٦) وكانت مدينة الإسلام في أيام التمكين ، وكان بها من جميع الصناعات كل غريب ، وكان بها لنسج الطرز الحريرية ثمانمائة نول. ولحلل الحرير النفيسة والديباج (١٠٧) الفاخر ألف نول وللسفلاطون كذلك ، وللثياب الجرجانية كذلك ، وللأصبهاني مثل ذلك ، وللعنابي والمعاجر المذهبة الستور

__________________

(١٠٦) ألمريةAlmaria : كانت باب الأندلس عبر امتداد تاريخه ومن خلالها أقام علاقات انسانية وتجارية مع العالم الاسلامي في القرون الوسطى. أسسها المسلمون عند مرسى روماني الأصل مدركين حسنات خليجه الذي يتيح الرسو كيفما جرت الرياح. منحها الخليفة عبد الرحمن الثالث صفة المدينة في سنة ٩٥٥ ، فبني مسجدها الجامع الذي كان يتسع لتسعة آلاف مصلي وأنشأ أسوارها. قلعتها ترجع الى عصر بني أمية وكانت مقرا لامراء وملوك المرية وهي أفضل ما وصل الينا من صروحها ، فموقعها فوق قمة متطاولة لجبل منعزل يشرف على المدينة والخليج جعل منها معقلا حصينا بامتياز. أما أسوار المدينة التي بنيت ما بين القرنين العاشر والحادي عشر فكان يتخللها ما لا يقل عن ثلاثة عشر بابا. جعل المرابطون من ألمرية أهم مركز تجاري وصناعي وملاحي في الأندلس ، فالمدينة كانت تنتج آنذاك كميات كبيرة من الأنسجة لكثرة المناسج المنزلية التي كانت تقوم عليها النسوة. وفي الآن ذاته قادت المرية التمرد الديني ضد المرابطين وغدت مركز للمتصوفة برز فيه ابو العباس احمد بن العارف الذي كان له شأن كبير. سقطت المرية في سنة ١١٤٧ تحت سنابك جيش قشتالة بقيادة الملك الفونسو الثامن وبمساعدة جيوش قدمت من نافارّا وبيزا وجنوة. واستعادة المسلمين للمدينة أعاد مجرى الحياة اليها فعاودت الصلات التجارية مع شمال افريقيا والجمهوريات الايطالية ، لكن شبه الجزيرة بدأت تفقد دورها كموزع للمنتجات ما بين الشرق والغرب ، غير أن عودة المنفيين اليها مثّل دفعا مهما فرمّم المسجد الجامع والقيصرية والترسانات. تبعت المرية في آخر عهودها الاندلسية لمملكة غرناطة قبل أن يستولي عليها النصارى نهائيا في سنة ١٤٨٩.مر بالمدينة وأقام فيها رجالات الفكر والعلوم من قبيل الشاعر ابن شرف والمتصوف ابن مسرّة الذي جعل من المدينة مركزا للنساك ، والشيخ الأكبر ابن عربي المرسي (١٢٠٣ ـ ١١٦٥) الذي مر بها بعد اقامته في المغرب ، والجغرافي احمد بن عمر العذري المولود في بلدة دلايةDallas من كورة المرية والبكري الولبي الذي وضع في المدينة أعمالا مهمة والفيلسوف ابن باجة (راجع الروض المعطار للحميري ، ص ١٨٣ ـ ١٨٤).

(١٠٧) الديباج : مشتق من الدبج وهو النقش والتزيين وهو فارسي معرب وهو نوع من الأثواب الحريرية (المروج ١ / ٣١٢).

٦٩

والمكللة بالشرج ، وكان يصنع بها صنوف آلات الحديد والنحاس والزجاج مما لا يوصف. وكان بها أنواع الفاكهة العجيبة التي تأتيها من وادي بجاية ما يعجز عنه الواصف حسنا وطيبا وكثرة ، وتباع بأرخص ثمن ، وهذا الوادي طوله أربعون ميلا في مثلها ، كلها بساتين مثمرة وجنات نضرة وأنهار مطردة وطيور مغردة. ولم يكن في بلاد الأندلس أكثر مالا من أهلها ولا أكثر متاجر ولا أعظم ذخائر ، وكان بها من الفنادق والحمامات ألف مغلق إلا ثلاثين ، وهي بين جبلين بينهما خندق معمور ، على الجبل الواحد قصبتها المشهورة بالحصانة ، وعلى الجبل الآخر ربضها. والسور محيط بالمدينة والربض ، وغربيهن ربض لها آخر يسمى ربض الحوض ، ذو أسواق وحمامات وفنادق وصناعات ، وقد استدار بها من كل جهة حصون مرتفعة وأحجار أزلية وكأنما غربلت أرضها من التراب ، ولها مدن وضياع متصلة الأنهار.

قرطاجنة (١٠٨) : مدينة أزلية كثيرة الخصب ، ولها اقليم يسمى القندوق ، قليل مثله في طيب الأرض ونمو الزرع. ويقال إن الزرع فيه يكتفي بمطرة واحدة.وكانت هذه المدينة في قديم الزمان من عجائب الدنيا لارتفاع بنائها واظهار القدرة فيه ، وبها أقواس من الحجارة المقرنصة ، وفيها من التصاوير والتماثيل وأشكال الناس وصور الحيوانات ما يحير البصر والبصيرة. ومن عجيب بنائها الدواميس ، وهي أربعة وعشرون داموسا على صف واحد من حجارة مقرنصة طول كل داموس مائة وثلاثون خطوة في عرض ستين خطوة ، وارتفاع كل واحد طول مائتي ذراع ، بين كل داموسين أثقاب محكمة تصل فيها المياه من بعضها إلى بعض في العلو الشاهق ، بهندسة عجيبة وإحكام بليغ ، وكان الماء يجري إليها من شوتار وهي عين بقرب القيروان تخرج من جانب جبل ، وإلى الآن يحفر في هدمها من سنة ثلثمائة فيخرج منها

__________________

(١٠٨) الرخام : ضرب من الحجر يتكون من كاربونات الكالسيوم المتبلورة الموجودة في الطبيعة ويمكن صقل سطحه بسهولة (المعجم الوسيط ١ / ٣٤٩).

٧٠

من أنواع الرخام (١٠٩) والمرمر(١١٠) والجزع الملون ما يبهر الناظر ، قاله الجواليقي. ولقد أخبرني بعض التجار أنه استخرج منها ألواحا من الرخام طول كل لوح أربعون شبرا في عشرة أشبار ، والحفر بها دائم على ممر الليالي والأيام لم يبطل أبدا ، ولا يسافر مركب أبدا ، في البحر في تلك المملكة إلا وفيه من رخامها. ويستخرج منها أعمدة طول كل عامود ما يزيد على أربعين شبرا. وغالب الدواميس قائمة على حالها.

شاطبة (١١١) : وهي مدينة حسنة يضرب بحسنها المثل ، ويعمل بها الورق الذي لا نظير له في الأقاليم حسنا.

قنطرة السيف (١١٢) : وهي مدينة عظيمة ، وبها قنطرة عظيمة وهي من عجائب الدنيا ، وعلى القنطرة حصن عظيم منيع الذرى.

__________________

(١٠٩) تعد قرطاجنة من أقدم ثغور إسبانيا الشرقية ، أنشأها" هزدرويال" القائد القرطاجني المعروف سنه (٢٤٣ ق. م) ، وتمتاز بمناعة موقعها البري والبحري ، وهي تقع جنوب مرسية على شاطئ البحر المتوسط ، وظلت تتمتع بأهمية تجارية وبحرية في ظل الوجود الإسلامي بإسبانيا ، وكانت مركزا من مراكز الجهاد والغزو ، تخرج منها الحملات الحربية ، وبقيت تحت حكم المسلمين حتى سقطت نهائيا في أيدي" خايمي الأول" ملك أراجون سنة (٦٧٥ ه‍ ـ ١٢٧٦ م) ولأن أكثر من مدينة سميت بقرطاجنة ، فقد حرص العلماء على تسمية هذه المدينة بقرطاجنة الأندلس ؛ تمييزا عن أختها التي توجد بتونس.

(١١٠) المرمر : صخر رخامي جيري متحول يتركب من بلورات الكلسيت يستعمل للزينة في البناء ولصنع التماثيل ونحوها (المعجم الوسيط ٢ / ٩٠٠).

(١١١) تقع شاطبة على سفح جبل فيرنيساVernissa لتشرف على سهل خصب كان في أزمنة غابرة ثغرا حدوديا. ما زالت جدران قلعتها القديمة بادية للعيان ، وقد اعتبرت بعد سقوطها في يد النصارى من أمنع قلاع مملكة أراغون. في الطرف الجنوبي من المدينة تصادفنا بعض آثار قصبتها الاسلامية كأجزاء من السور والأبراج. أفل الاسلام في شاطبة سنة ١٢٤٨ بعد أربع سنوات من سقوطها في يد ملك أراغون خايمي الاول اذ أقدم النصارى على طرد أهلها من المدينة.

٧١

طليطلة (١١٣) : وهي مدينة واسعة الأقطار عامرة الديار ، أزلية من بناء العمالقة الأولى العادية ولها أسوار حصينة لم ير مثلها إتقانا أو متاعا ، ولها قصبة عظيمة وهي

__________________

(١١٢) يذكر الحميري عن حصنها" وهو حصنن بينه وبين ماردة يومان وهو حصن منيع على نهر القنطرة ، وأهلها متحصنون فيه ، ولا يقدر لهم أحد على شيء ، والقنطرة لا يأخذها القتال إلا من بابها فقط ، والقنطرة هذه قنطرة عظيمة على قوس من عمل الأول ، في أعلاها سيف معلق لم تغيره الأزمنة ولا يدري ما تأويله.

(١١٣) طليطلة (Toledo) : طليطلية مدينة قديمة للغاية ، ويغلب أنها بنيت زمن الإغريق. ازدهرت طليطلة في عهد الرومان ، فحصنوها بالأسوار ، وأقاموا فيها المسرح والجسر العظيم. وعند ما جاء الفتح الإسلامى لها على يد طارق بن زياد عام (٧١٢ م) بعد واقعة وادى لكة على القوط ، وظلت طليطلة بعد الفتح تتمتع بتفوقها السياسى على سائر مدن الأندلس. اسم طليطلة تعريب للاسم اللاتيني" توليدوث" (Tholedoth) وكان العرب يسمون طليطلة مدينة الأملاك لأنها كانت دار مملكة القوط ومقر ملوكهم. عبر مؤرخو العرب عن عظمة موقع طليطلة ، من ذلك ما ذكره الحميري في كتابه الروض المعطار في عجائب الأقطار إذ يقول : «وهي على ضفة النهر الكبير ، وقل ما يرى مثلها إتقانا وشماخة بنيان ، وهى عالية الذرى ، حسنة البقعة» ، ثم يقول في موضع آخر : «ولها من جميع جهاتها أقاليم رفيعة ، وقلاع منيعة ، وعلى بعد منها في جهة الشمال الجبل العظيم المعروف بالشارات». وفى عهد محمد بن عبد الرحمن الأوسط عام (٢٣٣ ه‍) خرجت عليه طليطلة فبرز إليها بنفسه وهزمهم ، وانتظمت في عهد خلافة عبد الرحمن الناصر ، وازدهر فيها فن العمارة. استقل بنو ذي النون بطليطة بعد سقوط الخلافة بقرطبة" وهم أسرة من البربر" ، وتولى عبد الملك بن متيوه أمر طليطلة ، وأساء إلى أهليها فاتفقوا عليه ، استقل ابنه إسماعيل بها ، وترك شئونها إلى شيخها أبى بكر الحديدى ، وتوفى إسماعيل ، وخلفه ابنه يحيى بن إسماعيل الذى توفى ، وتولى حفيده القادر بالله يحيى الذى ثار عليه أهل طليطلة لقتل ابن الحديدى فاستعان بألفونسو السادس ملك قشتالة الذى دخلها عام (١٠٨٥ م). وبذلك تكون قد سقطت طليطلة في أيدى النصارى. حكم بنو يعيش طليطلة بين عامي ١٠٠٩ ـ ١٠٢٨ حيث كان قاضي المدينة أبو بكر يعيش بن محمد بن يعيش وهي حاليا مدينة بمنطقة كاستيا لا منتشا في وسط أسبانيا. يبلغ عدد سكانها حوالي ٠٠٠ ٧٣ نسمة. تقع على بعد ٧٥ كيلو متر من مدريد العاصمة الأسبانية. وتقع على مرتفع منيع تحيط به أودية عميقة وأجراف عميقة ، تتدفق فيها مياه نهر تاجة. ويحيط وادي تاجة بطليطلة من ثلاث جهات مساهما بذلك في حصانتها ومنعتها.

٧٢

على ضفة البحر الكبير يشقها نهر يسمى باجة ولها قنطرة عجيبة وهي قوس واحد ، والماء يدخل من تحته بشدة جري ، وفي آخر النهر ناعورة طولها تسعون ذراعا بالرشاشي ، يصعد الماء إلى أعلى القنطرة فيجري على ظهرها ويدخل إلى المدينة.

وكانت طليطلة دار مملكة الروم ، وكان فيها قصر مقفل أبدا ، وكلما تملك فيها ملك من الروم أقفل عليه قفلا محكما ؛ فاجتمع على باب القصر أربعة وعشرون قفلا ، ثم ولي الملك رجل ليس من بيت الملك ، فقصد فتح تلك الأموال على عدم فتحها فلم يرجع ، وأزال الأقفال وفتح الباب فوجد فيها صور وحذروه وجهدوا به ، فأبى إلا فتحها ، فبذلوا له جميع ما بأيديهم من نفائس الأموال على عدم فتحها فلم يرجع ، وأزال الأقفال الباب فوجد فيها صور العرب على خيلها وجمالها وعليهم العماثم المسبلة متقلدين السيوف وبأيديهم الرماح الطوال والعصي ، ووجد كتابا فيه : إذا فتح هذا الباب تغلب على هذه الناحية قوم من الأعراب على صفة هذه الصور ، فالحذر من فتحه الحذر

قال ففتح في تلك السنة الأندلس طارق بن زياد (١١٤) في خلافة الوليد بن عبد الملك (١١٥) من بني أمية ، وقتل ذلك الملك شر قتلة ونهب ماله وسبى من بها وغنم

__________________

(١١٤) طارق بن زياد الليثي : قائد مسلم في جيش الدولة الأموية من قبائل البربر التي تعيش شمال أفريقيا ، وقد فتح الأندلس سنة ٧١١ م. يعتبر طارق بن زياد من أشهر القادة العسكرين في التاريخ ويحمل جبل طارق جنوب أسبانيا أسمه حتى يومنا هذا وقد توفي في سنة ٧٢٠ م. ولد طارق بن زياد فى القرن الأول من الهجرة وأسلم على يد موسى بن نصير ، وكان من أشد رجاله ، فحينما فتح موسى بن نصير طنجة ولى عليها طارقا سنة ٨٩ ه‍ ، وأقام فيها إلى أوائل سنة ٩٢ ه‍ ولما أراد موسى بن نصير غزو الأندلس جهز جيشا من ١٢ ألف مقاتل معظمهم من البربر المغربيون ، وأسند قيادة الجيش إلى طارق بن زياد وتمكن من فتح الأندلس بالتعاون مع موسي ابن نصير ، ولم يعرف بعد ذلك مصيره بعد ذلك.

(١١٥) الوليد بن عبد الملك : هو الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم. ولد عام ٥٠ ه‍ في خلافة معاوية بن أبي سفيان. بويع بولاية العهد في عهد أبيه وأصبح خليفة للمسلمين عام ٨٦ ه‍ بعد وفاة أبيه.

٧٣

أموالها ، ووجد بها ذخائر عظيمة ، من بعضها مائة وسبعون تاجا من الدر والياقوت والأحجار النفيسة ، وإيونا تلعب فيه الرماحة بأرماحهم قد ملئ من أواني الذهب والفضة مما لا يحيط به وصف ، ووجد بها المائدة (١١٦) التي لنبي الله سليمان (١١٧) بن

__________________

ترك عبد الملك للوليد دولة مترامية الأطراف هادئة مستقرة مما ساعده على القيام بالاصلاحات الكثيرة. توسعت الدولة الاسلامية في الشرق والشمال والغرب ففتحت بلاد ما وراء النهر (تركستان حاليا) وأصبح المسلمون على أبواب الصين واصبحت بلاد الأندلس تحت الحكم العربي ، وامتد الاسلام الى جنوب آسيا الصغرى وتطلع المسلمون الى فتح القسطنطينية. وكان الوليد يرسل في كل غزوة لبلاد الروم أحد بنيه مما يدل على اهتمامه بهذه الجبهة. اهتم الوليد بالاصلاح الداخلي فواصل تعريب الدواوين واهتم بالمرضى والمقعدين فسهر على راحتهم وأكرم حفظة القرآن وقضى عنهم ديونهم. ونالت حركة العمارة والبنيان اهتمام الوليد فبنى مسجد الصخرة المشرفة وأقام المسجد الأموي في دمشق ووسع الحرم المكي والحرم النبوي. واهتم باصلاح الطرق وحفر الآبار وزودها بما يلزم من خانات تساعد على راحة المسافرين وتخفف ما يلاقونه من مشاق ومتاعب. من قادة الوليد ومساعديه عمر بن عبد العزيز والحجاج بن يوسف الثقفي وموسى بن نصير وقتيبة بن مسلم ومحمد بن القاسم. كانت وفاة الوليد عام ٩٦ ه‍ بعد حكم دام قرابة عشر سنوات.

(١١٦) قاد طارق بن زياد جيش المسلمين في معركة وادي لكة بينه وبين القوط الغربيين وأغلب الظن أن هذه المعركة فيها قتل رودريك (لذريق) ملك القوط. اتجه بعدها طارق شمالا نحو إشبيلية ففتحها ، وكلف بفتح قرطبة ، ومالقة ، ثم فتح طليطلة عاصمة الأندلس ، وتوجه شمالا فعبر وادى الحجارة ، وواديا أخر سمى فج طارق ، وكان بذلك قد تمكن من فتح عدة مدن منها مدينة سالم التى يقال إن طارقا عثر فيها على مائدة سليمان (وذكروا أنه كان لمائدة سليمان عليه السلام في كل سنة إحدى عشر ألف ثور وخمسمائة ثور وزيادة وستة وثلاثين ألف شاة سوى الإبل والصيد فانظروا ماذا يكفي لحوممن ذكرنا من الخبز وقد ذكروا عددا مبلغه ستة آلاف مدى في العام لمائد تهخاصة واعلموا أن بلاد بني إسرائيل تضيق عن هذه النفقات هذا مع قولهم أنهعليه السلام كان يهدي كل سنة ثلثي هذا العدد من بر ومثله من زيت إلى ملكصور فليت شعري لأي شيء كان يهاديه بذلك هل ذلك إلا لأنه كفؤه ونظيره فيالملك وهذه كلمات كذبات ورعونة لا خفاء بها وأخبار متناقضة. وذكروا أنهكانت توضع في قصر سليمان عليه السلام كل يوم مائة مائدة ذهب على كل مائدة مائة صفحة ذهب وثلاثمائة طبق ذهب على كل طبق ثلاثمائة كأس ذهب فأعجبوا لهذه الكذبات الباردة. واعلموا أن الذي عملها كان ثقيل الذهن في الحسابمقصرا في علم

٧٤

داود عليهما السلام (١١٨) ، وكانت على ما ذكر من زمرد أخضر. وهذه المائدة إلى الآن في مدينة رومية باقية ، وأوانيها من الذهب وصحافها من اليشم والجزع. ووجد فيها الزبور(١١٩) بخط يوناني في ورق من ذهب مفصل بجوهر ، ووجد مصحفا محلى فيه منافع الأحجار والنبات والمعادن واللغات والطلاسم وعلم السيمساء والكيمياء. ووجد مصحفا فيه صناعة أصباغ الياقوت والأحجار وتركيب السموم والترياقات ، وصورة شكل الأرض والبحار والبلدان والمعادن والمسافات ، ووجد

__________________

المساحة لأنه لا يمكن أن يكون قطر دائرة الصفحة أقل من شبرو إن لم تكن كذلك فهي صحيفة لا صحفة طعام ملك فوجب ضرورة أن تكون مساحة كلمائدة من تلك الموائد عشرة أشبار في مثلها لا أقل سوى حاشيتها وأرجلها. واعلموا أن مائدة من ذهب هذه صفتها لا يمكن ألبتة أن يكون في كل مائدة منتلك الموائد أقل من ثلاثة آلاف رطل ذهب فمن يرفعها ومن يضعها ومن يغسلها ومن يمسحها ومن يديرها فهذا الذهب كله وذا الأطباق من أين؟).

(١١٧) هو من الرسل الذين أرسلهم الله إلى بني إسرائيل بعد أبيه داود عليهما السلام ، وقد انفردا من بين الرسل بأن الله آتاهما الملك والنبوة. وقد ذكر الله سليمان في عداد مجموعة الرسل عليهم السلام ، فقال تعالى في سورة النساء : (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا ...)[النساء : ١٦٣] وقد أوصى داود عليه السلام بالملك لولده سليمان ، ولما مات داود ورثه سليمان في الملك ، وكان عمره حينئذ اثنتي عشرة سنة ، وكان سليمان ـ على حداثة سنه ـ ممن آتاهم الله الحكمة والفطانة وحسن السياسة.

(١١٨) داود أو داود أو داؤود : معناه" محبوب" ، هو ثاني ملك على مملكة إسرائيل المتحدة (١٠١١ ق. م. ـ ٩٧١ ق. م.) وأحد أنبياء بني إسرائيل. ويعتبر أحق وأنزه ملك من بين ملوك إسرائيل التاريخيين ، وهو صاحب مزامير داود الشهيرة.

(١١٩) الزبورZabur : هو الكتاب الذي نزل على نبي الله داود ويسمى في التوراة" مزامير داود" ويحتوي على ١٥٠ مزمورا واشتق منها لفظة المزمار التي تصحب الاناشيد (أحمد عطية الله : القاموس الإسلامي ، مجلد ٣ ، ص ٢٤) وكان داود ـ عليه السلام ـ حسن الصوت ، جميل الإنشاد ، إذا قرأ الزبور تكف الطير عن الطيران ، وتقع على الأغصان ، ترجع بترجيعه ، وتسبح بتسبيحه.

٧٥

قائمة كبيرة مملوءة من الأكسير ، يرد الدرهم (١٢٠) منه ألف درهم من الفضة ذهبا إبريزا.

ووجد مرآة مستديرة عجيبة من أخلاط قد صنعت لسليمان عليه السلام ، إذا نظر الناظر فيها رأى الأقاليم السبعة فيها عيانا ورأى مجلسا فيه من الياقوت والبهرمان وسق بعير. فحمل ذلك كله إلى الوليد بن عبد الملك ، وتفرق العرب في مدنها. وبطليطلة بساتين محدقة وأنهار مغذقة ورياض وفواكه مختلفة الطعوم والألوان ، ولها من جميع جهاتها أقاليم رفيعة ورساتيق (١٢١) مريعة وضياع وسيعة وقلاع منيعة ، وشمالها جبل عظيم معروف بجبل الإشارات ، به من البقر والغنم ما يعم البلاد كثرة وغزرا.

__________________

(١٢٠) الدرهم : فارسي معرب والجمع دراهم وهو ستون عشيرا (المروج ٢ / ٣٤٢).

(١٢١) الرستاق : معرب ويستعمل في الناحية التي هي طرف الإقليم والرزداق بالزاي والدال مثله والجمع رساتيق ورزاديق قال ابن فارس الرزدق السطر من النخل والصف من الناس ومنه الرزداق وهذا يقتضي أنه عربي وقال بعضهم الرستاق مولد وصوابه رزداق (اللسان ٣ / ١٦٤٠).

٧٦

ذكر الغرب الأدنى

وهو الواحات وبرقة وصحراء الغرب والإسكندرية

فأما الواحات : فإن بها قوما من السودان يسمون البربر ، وهم في الأصل عرب مخضرمون وبها كثير من القرى والعمائر والمياه وهي أرض حارة جدا ، وهي في ضفة الجبل الحائل بين أرض مصر والصحارى ، وينتج بهذه الأرض وما اتصل بها من أرض السودان حمر وحشية منقوشة ببياض وسوداء بزي عجيب لا يمكن ركوبها ، وإن خرجت عن أرضها ماتت في الحال. وكان في القديم يزرع بأرضها الزعفران (١٢٢) كثيرا وكذلك البليلج (١٢٣) والعصفر (١٢٤) وقصب السكر ، وبها حيات في رمال تضرب الجمل في خفة فلا ينقل حدوة حتى يطير وبره من ظهره وينهري.

__________________

(١٢٢) الزعفران Safran : نبات بصلي من فصيلة السوسنيات ، والجزء الفعال في الزعفران أعضاء التلقيح وتسمى (السّمات) وتنزع من الزهور المتفتحة ، وتجفف في الظل ولونها أحمر برتقالي وذات رائحة نفاذة وطعم مميز ، وزراعة الزعفران من النباتات المكلفة في زراعته ماديا وفنيا وتقنيا لذا اصبح سعره باهظ الثمن وخصوصا الأنواع الفاخرة. والزعفران يقوي القلب ويورث البهجة ولكن الزائد منه سم قاتل كما يستخدم في الاكحال وادرار الطمث والاسراع بالولادة ويدخل كصبغة صفراء في تلوين العجائن (القاموس الإسلامي ، ج ٣ ، ص ٦٣).

(١٢٣) بكسر الباء واللام الاولى وفتح الثانية : دواء هندي معروف يتداوى به.

(١٢٤) العصفر : هو نبات عشبي حولي والجزء المستعمل منه هو الازهار والتي تشبه ازهار الزعفران ، ويعرف العصفر بعدة اسماء منها القرطم والبهرمان والزرد ويطلق عليه البعض الزعفران مع انه ليس بزعفران.

٧٧

شنترية : بها قوم من البربر (١٢٥) وأخلاط العرب ، وبها معدن الحديد والبريم ، وبينها وبين الإسكندرية برية واسعة. يقولون : إن بها مدنا عظيمة مطلسمة من أعمال الحكماء والسحرة ، ولا تظهر إلا صدفة.

فمنها ما حكي أن رجلا أتى عمر بن عبد العزيز (١٢٦) رحمه الله تعالى ، وعمر رضي الله عنه يومئذ عامل (١٢٧) على مصر وأعمالها ، فعرفه أنه رأى في صحراء الغرب

__________________

(١٢٥) البربر : هم سكان المغرب العربي الأصليون ، فهم ليسوا أوربيون ولا أفارقة لأنهم لا يتسمون بأي صفة من صفات العرقين السابقين ويظهر للعيان أن الملامح التي يحملونها مشرقية سواء كانت البشرة البيضاء كما حال قريش والجميع يعلم مواصفات النبي القرشي صلوات الله وسلامه عليه وإما بشره حنطاوية فاتحة اللون. هناك أيضا ثورة مشهورة قام بها البرابرة وتسمى ثورة البربر في الأندلس وأشار المؤرخ شارل أندري جوليان في كتابه تاريخ أفريقيا الشمالية" إلى أن البربر لم يطلقوا على أنفسهم هذا الاسم ، بل أخذوه من دون أن يروموا استعماله عن الرومان الذين كانوا يعتبرونهم أجانب عن حضارتهم ، وينعتونهم بالهمج ، ومنه استعمل العرب كلمة برابر وبرابرة. (أنظر ، التيجاني بلعوالي ، البربر الأمازيغ ، ازدواجية التسمية ووحدة الأصل وإيلي لوبلان ، تاريخ الجزائر والمؤرخون ، باريس ١٩٣١).

(١٢٦) عمر بن عبد العزيز : ولد في المدينة المنورة على اسم جدّه" عمر بن الخطاب" ، فأمّ عمر بن عبد العزيز هي" أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب". ولا يعرف على وجه اليقين سنة مولده ؛ فالمؤرخون يتأرجحون بين أعوام ٥٩ ه‍ ، ٦٢ ه‍ ، وإن كان يميل بعضهم إلى سنة ٦٢ ه‍ ، وأيا ونشأ بالمدينة على رغبة من أبيه الذي تولى إمارة مصر بعد فترة قليلة من مولد ابنه ، وظلّ واليا على مصر عشرين سنة حتى توفي بها (٦٥ ه‍ ـ ٨٥ ه‍ ـ ٦٨٥ ـ ٧٠٤ م). وقبل أن يلي عمر بن عبد العزيز الخلافة تمرّس بالإدارة واليا وحاكما ، ورأى عن كثب كيف تدار الدولة ، وخبر الأعوان والمساعدين ؛ فلما تولى الخلافة كان لديه من عناصر الخبرة والتجربة ما يعينه على تحمل المسؤولية ومباشرة مهام الدولة ، وكانت لديه رغبة صادقة في تطبيق العدل. وأهم ما قدمه عمر هو أنه جدّد الأمل في النفوس أن بالإمكان عودة حكم الراشدين ، وأن تمتلئ الأرض عدلا وأمنا وسماحة ولم تطل حياة هذا الخليفة العظيم الذي أطلق عليه" خامس الخلفاء الراشدين" ، فتوفي وهو دون الأربعين من عمره ، قضى منها سنتين وبضعة أشهر في منصب الخلافة ، ولقي ربه في (٢٤ رجب ١٠١ ه‍ ـ ٦ من فبراير ٧٢٠ م) [الاعلام للزركلي ٥ / ٢٠٩ ، و «وسيرة عمر ابن عبد العزيز» لابن الجوزي ؛ و (الخليفة الزاهد) لعبد العزيز سيد الاهل].

(١٢٧) العامل : يقصد به الوالي أو الحاكم.

٧٨

بالقرب من شنترية ، وقد أوغل فيها في طلب جمل له ندمنه ، مدينة قد خرب الأكثر منها وأنه قد وجد فيها شجرة عظيمة بساق غليظ تثمر من جميع أنواع الفواكه ، وأنه أكل منها كثيرا وتزود. فقال له رجل من القبط (١٢٨) : هذه إحدى مدينتي هرمس الهرامسة وبها كنوز عظيمة. فوجه عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه مع ذلك الرجل جماعة من ثقاته واستوثقوا من الزاد والماء عن شهر ، وطافوا تلك الصحارى مرارا فلم يقفوا على شيء من ذلك.

ويحكى : إن عاملا من عمال العرب جار على قوم من الأعراب فهربوا من عنفه وجوره ودخلوا صحراء الغرب ومعهم من الزاد ما يكفيهم مدة ، فسافروا يوما أو بعض يوم فدخلوا جبلا فوجدوا فيه عنزا كثيرة وقد خرجت من بعض شعاب الجبل ، فتبعوها فنفرت منهم فأخرجتهم إلى مساكن وأنهار وأشجار ومزارع وقوم مقيمين في تلك الناحية قد تناسلوا وهم في أرغد عيش وأنزه مكان ، وهم يزرعون لأنفسهم ويأكلون ما يزرعون بلا خراج ولا مقاسمة ولا طلب. فسألوهم عن حالهم فأخبروهم أنهم لم يدخلوا إلى بلاد العرب ولا عرفوها. فرجع هؤلاء القوم

__________________

(١٢٨) قبط وأقباط : جمع قبطي ، تستخدم للدلالة على المصريين كجنسية وفي الثقافة الشعبية للدلالة على المسيحيين المصريين تحديدا. وكلمة قبط هو صورة مختصرة من لفظة إيجيبتوس Aegyptos وهى لفظة أطلقها البيزنطيين على أهل مصر مأخوذه من العبارة الفرعونية حت ـ كا ـ بتاح Het ـ Ke ـ Path أو ها ـ كا ـ بتاح أو بيت كا (روح) بتاح أو هو اسم لمعبد فرعونى فى مدينة منف (ممفيس) التى كانت عاصمة مصر القديمة وقد حور الإغريق ومن بعدهم البيزنطيين نطق هذه العبارة" هى جى بنو" ثم أضافوا حرف السين وهو يساوى الضمة فى لغتهم ويضاف حرف السين دائما إلى نهاية الأسماء الذى تطور بمرور الزمن فأطلقوا أسم" هيجبتس" أو" إيجيبتوس" ويقول الدكتور زاهى حواس : " واعتقد العلماء أن اليونانيين قد سموا اسم إيجوبنوس لمصر وذلك لاحتمال الاشتقاق من اسم أجبي وهو اسم ينسب إلي الماء الأزلي أو إلي النيل والفيضان". ومنها جائت كلمةEGYPT فى اللغة الإنجليزية وفى باقى اللغات الأوربية مثل اللغة الفرنسيةL ,EGYPTE وفى الإيطاليةL ,EGITTO ** وفى وفى الألمانيةAEGYPTE

٧٩

الذين هربوا من العامل إلى أولادهم وأهليم ودوابهم فساقوها ليلا وخرجوا بهم يطلبون ذلك المكان ، فأقاموا مدة طويلة يطوفون في ذلك الجبل فلم يقفوا لهم على أثر ، ولا وجدوا لهؤلاء من خبر

ويحكى أن موسى بن نصير (١٢٩) لما قلد الغرب ووليها في زمان بني أمية ، أخذ في السير على ألواح الأقصى بالنجوم والأنواء وكان عارفا بها فأقام سبعة أيام يسير في رمال بين مهبي الغرب والجنوب ، فظهرت له مدينة عظيمة لها حصن عظيم بأبواب من حديد ، فرام أن يفتح بابا منها فلم يقدر وأعياه ذلك لغلبة الرمل عليها ، فأصعد رجلا إلى أعلاه فكان كل من صعد ونظر إلى المدينه صاح ورمى بنفسه إلى داخلها ولا يعلم ماذا يصيبه ولا ما يراه ، فلم يجد له حيلة ، فتركها ومضى. وحكي أن رجلا

__________________

(١٢٩) موسى بن نصير : أبو عبد الرحمن موسى بن نصير بن عبد الرحمن زيد اللخمي (٦٤٠ ـ ٧١٦ م / ١٩ ه‍ ـ ٩٧ ه‍) نشأ في دمشق وولي غزو البحر لمعاوية بن أبي سفيان ، فغزا قبرص ، وبنى بها حصونا ، وخدم بني مروان ونبه شأنه ، وولى لهم الأعمال ، فكان على خراج البصرة فى عهد الحجاج. لما تولي الوليد بن عبد الملك الخلافة قام بعزل حسان بن النعمان واستعمل موسى بن نصير بدلا منه وكان ذلك في عام ٨٩ ه‍ وكان أن قامت ثورة للبربر في بلاد المغرب طمعا في البلاد بعد مسير حسان عنها فوجه موسى ابنه عبد الله ليخمد تلك الثورات ففتح كل بلاد المغرب واستسلم آخر خارج عن الدولة وأذعن للمسلمين.قام موسى بن نصير بإخلاء ما تبقى من قواعد للبيزنطيين على شواطئ تونس وكانت جهود موسى هذه في إخماد ثورة البربر وطرد البيزنطيين هي المرحلة الأخيرة من مراحل فتح بلاد المغرب العربي. لم يكتف موسى بذلك بل أرسل أساطيله البحرية لغزو جزر الباليار البيزنطية الثلاث مايوركا ومينورقة وإيبيزا وأدخلها تحت حكم الدولة الأموية. بعد أن عمل موسى على توطيد حكم المسلمين في بلاد المغرب العربي ، بدأ يتطلع إلى فتح الأندلس التي كانت تحت حكم القوط الغربيين. قام موسى باستئذان الخليفة الوليد بن عبد الملك في غزوها فأشار له الوليد ألا يخاطر بالمسلمين وأن يختبرها بالسرايا قبل أن يفتحها.بعد أن قام موسى بإرسال السرايا واختبار طبيعة الجزيرة الأيبيرية قام بتجهيز جيش بقيادة مولاه البربري المسلم طارق بن زياد ، وبمعاونة من يوليان حاكم سبتة دخل المسلمون الأندلس وانتصروا على القوط الغربيين انتصارا حاسما في معركة وادي لكة عام ٧١٢ م / ٩٢ ه‍.

٨٠