خريدة العجائب وفريدة الغرائب

سراج الدين بن الوردي

خريدة العجائب وفريدة الغرائب

المؤلف:

سراج الدين بن الوردي


المحقق: أنور محمود زناتي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية
الطبعة: ١
ISBN: 977-341-358-6
الصفحات: ٥٠٣

وذكر محمد بن إبراهيم أن الأمير موسى بن خضر كان واليا على الري إذ ورد عليه كتاب من المأمون بن الرشيد يأمره بالشخوص إلى هذا الجبل وتعرف حال المحبوس به. قال : فوافينا حضيض الجبل وأقمنا به أياما لا نرى الاهتداء لصعوده ، حتى أتانا شيخ مسن طاعن وهو ذو همة عالية ، فسألنا ، فعرفناه أمر الخليفة فقال : أما هذا فلا سبيل إليه أصلا ، وإن أردتم صحة ذلك أريتكم عيانا! فاستحسن الأمير موسى كلامه وقال : هو القصد

فعند ذلك صعد الشيخ بين أيدينا ونحن في الأثر فأوقفنا على موضع فبالغنا في حفره حتى انكشف لنا عن بيت منقور من الحجارة وفيه تمثال شخص على صورة عجيبة ، يضرب بمطرقة على أعلاه ساعة بعد ساعة من غير فتور ، فاستخبرنا الشيخ عن شأنه ، فقال : هذا طلسم موضوع على بيوراسف الضحاك المحبوس ههنا لئلا ينحل من وثاقه ؛ ثم أمرنا أن لا نتعرض للطلسم وأن نرده إلى ما كان عليه ففعلنا ؛ ثم دعا بسلاسل وسلالم طوال فربط بعضها إلى بعض بالحبال وكلبها من أسافلها وأوساطها وأوقفها فارتفعت مقدار مائة ذراع ونقب موضعا على رأس السلالم فظهر باب من حديد عليه مسامير كبار جدا مذهبة الرؤوس ، فوصلنا إلى عتبة فوجدنا على الأسكفة كتابة بالفارسية كأنما كتبت الآن بالذهب مدهونة بأدهان التأبيد تنطق الكتابة عن كلام معناه أن على هذه القلة سبعة أبواب من حديد ، على كل مصراع منها أربعة أقفال من حديد ؛ وعلى العضادة مكتوب : هذا سجن لهذا الحيوان المفسد وله أمد ينتهي إلى غاية فلا يتعرض أحد إلى هذه الأقفال بمكروه ، فإنه متى فتح أقفالها ولو قفلا واحدا هجم على هذه البلاد آفة لا تندفع أبدا.

فقال الأمير موسى : لا أتعرض لشيء حتى أستأذن أمير المؤمنين فجاء الجواب برد البيت إلى ما كان وترك ذلك على حاله.

٢٨١

جبل الربوة : وهو على فرسخ من دمشق. ذكر بعض المفسرين أنها المراد بقوله تعالى : (وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ) وهو جبل عال على قلته مسجد حسن بين بساتين وأشجار ورياض ورياحين من جميع جوانبه ؛ وله شبابيك تطل على ذلك كله. ولما أرادوا إجراء نهر ثور وقع هذا الجبل في طريقه معترضا فنقبوه من تحته وأجروا الماء من النقب. وعلى رأسه نهر يزيد وهو ينزل من أعلاه إلى أسفله ؛ وفي هذا الجبل كهف صغير زعموا أن عيسى بن مريم عليهما السلام ولد فيه. قال القزويني : رأيت في هذا المسجد في بيت صغير حجرا كبيرا حجمه كحجم الصندوق ذا ألوان مختلفة عجيبة وقد انشق نصفين كالرمانة المنشقة وبين الشقين من أعلاه فتح ذراع ، وأسفله ملتئم لم ينفصل شق عن الآخر. ولأهل دمشق في هذا الجبل أقاويل كثيرة أضربنا عنها.

جبل رضوى (٣٩٣) : قال عرامة بن الأصبع : هو من المدينة على نحو سبع مراحل ، وهو جبل منيف ذو شعاب وأودية ، وهو أخضر يرى من البعد ، وبه أشجار وثمار ومياه كثيرة ؛ وتزعم الكيسانية أن محمد بن الحنفية رضي الله عنه حي وأنه مقيم به بين أسد ونمر يحفظانه ، وعنده عينان نضاختان ماء وعسلا ، وأنه سيعود بعد الغيبة فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ؛ وكان السيد الحميري على هذا المذهب وهو القائل :

ألا قل للرّضيّ فدتك نفسي

أطلت بذلك الجبل المقاما

__________________

(٣٩٣) جبل رضوى : بفتح الراء وسكون الضاد المعجمة. وهو جبل ضخم شامخ يضرب إلى الحمرة ، يقع على الضفة اليمنى لوادي ينبع ، ثم يشرف على الساحل ليس بينه وبين البحر شيء من الأعلام ، وإذا كنت في مدينة ينبع البحر رأيت رضوى رأي العين شمالا شرقيا ، سكانه جهينة ، وله أودية كثيرة ، يصب معظمها في وادي ينبع.

٢٨٢

ومن رضوى يقطع حجر المسن ويحمل إلى جميع البلاد. جبل الرقيم : وهو المذكور في القرآن. قيل هو اسم القرية التي كان فيها أصحاب الكهف ؛ وقيل : اسم الجبل ، وهو بالروم بين أرقية ونبقية.

حكى عبادة بن الصامت (٣٩٤) رضي الله عنه قال : أرسلني أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى ملك الروم رسولا لأدعوه إلى الإسلام ؛ فسرت حتى دخلت بلاد الروم فلاح لنا جبل يعرف بأهل الكهف ، فوصلنا إلى دير فيه وسألنا أهل الدير عنهم فأوقفونا على سرب في الجبل. فوهبنا لهم شيئا وقلنا : نريد أن ننظر إليهم. فدخلوا ودخلنا معهم ، وكان عليه باب من حديد فانتهينا إلى بيت عظيم محفور في الجبل ، فيه ثلاثة عشر رجلا مضطجعين على ظهورهم كأنهم رقود ، وعلى كل واحد منهم جبة غبراء وكساء أغبر قد غطوا بهما من رؤوسهم إلى أقدامهم ، فلم ندر ما ثيابهم أمن صوف أم من وبر ، إلا أنها كانت أصلب من الديباج ، فلمسناها فإذا هي تتقعقع من الصفاقة ، وعلى أرجلهم الخفاف إلى أنصاف سوقهم منتعلين بنعال مخصوفة ، وفي خفافهم ونعالهم من جودة الخرز ولين الجلود ما لم ير مثله.

قال : فكشفنا عن وجوههم رجلا رجلا فإذا هم في وضاءة الوجوه وصفاء الألوان وحسن التخطيط ، وهم كالأحياء ، وبعضهم في نضارة الشباب ، وبعضهم أشيب ، وبعضهم قد وخطه الشيب ، وبعضهم شعورهم مضفورة ، وبعضهم شعورهم مضمومة ، وهم على زي المسلمين. فانتهينا إلى آخرهم فإذا فيهم واحد

__________________

(٣٩٤) عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن غنم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرجي الأنصاري. شهد بيعة العقبة الأولى وهو أحد الخمسة الأول من الأنصار الذين شاركوا في جمع القرآن في عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، اشتهر بأنه لا يخاف في الحق لومة لائم ، فقد خالف معاوية في عهد الخليفة عثمان بن عفان عند ما ذهب إلى الشام يثقف أهلها. توفى سنة أربع وثلاثين للهجرة وهو ابن اثنان وسبعين عاما ودفن بالرملة.

٢٨٣

مضروب على وجهه بسيف كأنما ضرب في يومه ، فسألنا عن حالهم وما يعلمون من أمرهم ، فذكروا أنهم يدخلون عليهم في كل عام يوما ، وتجتمع أهل تلك الناحية على الباب فيدخل عليهم من ينفض التراب عن وجوههم وأكسيتهم ويقلم أظفارهم ويقص شواربهم ويتركهم على هيئتهم هذه.

قلنا لهم : هل تعرفون من هم؟ وكم مدة لهم ههنا؟ فذكروا أنهم يجدون في كتبهم وتواريخهم أنهم كانوا أنبياء بعثوا إلى هذه البلاد في زمان واحد قبل المسيح بأربعمائة سنة. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن أصحاب الكهف سبعة وهم مكسلمينا ، كمليخا ، مرطونس ، يمبنونس ، نارينونس ، ذو أنوانس ، كسيططيونس ، وكلبهم قطمير.

جبل تانك : قال صاحب تحفة الغرائب : جبل بأرض تانك ، وهم طائفة من الترك ببلاد تركستان ليس لهم زرع ولا ضرع ، وفي جبالهم ذهب كثير وفضة كثيرة ؛ وربما يقع لهم كل قطعة كرأس الشاة من الذهب والفضة فمن أخذ القطع الكبار مات في الحال واليوم ، ومن أخذ من القطع الصغار انتفع بها من غير ضرر يمسه ، ومن ذهب بقطعة كبيرة إلى بيته مات هو وأهل بيته إلا أن يرجع بها من أثناء الطريق ، وإذا أخذ الغريب من انقطع الكبار فلا بأس عليه ولا سوء.

جبل ساوة : وهو على مرحلة منها وهو شامخ جدا ، فيه غار شبه إيوان يسع سبعة آلاف نفس ، وفي آخر الغار قد برز في صدر حائطه أربعة أحجار متفرقة شبه ثدي المرأة يتقاطر الماء من ثلاثة منها والرابع يابس لا يقطر منه شيء ، يزعم أهل تلك الأرض أن كافرا مصه فيبس ، وتحته حوض يجتمع الماء فيه وهو ماء طيب لا يتغير بطول مكثه. وعلى باب الغار نقب ذو بابين يدخل الناس من أحدهما ويخرجون من الآخر ، يزعمون أنه من لم يكن ولد حلال لا يقدر على الخروج منه. قال القزويني :

٢٨٤

رأيت رجلا دخله وما خرج حتى عاين الهلاك. جبل سيلان : بقرب مدينة أردبيل من أذربيجان ، وهو من أعلى جبال الدنيا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ)(٣٩٥) إلى (وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ)(٣٩٦) كتب الله له من الحسنات بعدد كل ورقة ثلج تقع على جبل سيلان. قيل : وما سيلان يا رسول الله؟ قال : جبل بأرمينية وأذربيجان ، عليه عين من عيون الجنة وفيه قبر من قبور الأنبياء.

قال أبو حامد الأندلسي : على رأس هذا الجبل عين عظيمة مع غاية ارتفاعه ، ماؤها أبرد من الثلج وكأنما شيب بالعسل لشدة عذوبته. وبجوف الجبل ماء يخرج من عين ، يصلق البيض لحرارته ، يقصدها الناس لمصالحهم. وبحضيض هذا الجبل شجر كثير ومراع وشيء من حشيش لا يتناوله إنسان ولا حيوان إلا مات لساعته.

قال القزويني : ولقد رأيت الجبل والدواب ترعى في هذا المكان فإذا قربت من هذا الحشيش نفرت وولت منهزمة كالمطرودة. قال : وفي سفح هذا الجبل بلدة اجتمعت بقاضيها ، واسمه أبو الفرج عبد الرحمن الأردبيلي ، وسألته عن حال تلك الحشيشة ، فقال : الجن تحميها. وذكر أيضا أنه بنى في قرية مسجدا فاحتاج إلى قواعد كبار حجرية لأجل العمد ، فأصبح فوجد على باب المسجد قواعد منحوتة من الصخر محكمة الصنعة كأحسن ما يكون.

جبل السماق : وهو بأعمال حلب ، يشتمل على مدن وقرى وقلاع وحصون ، وأكثرها للاسماعيلية والدرزية وهو منبت السماق ، وهو مكان طيب كثير الخيرات.

__________________

(٣٩٥) سورة الروم : آية ١٧.

(٣٩٦) سورة الروم : آية ١٩.

٢٨٥

جبل السم : قال الجهاني : إن أهل الصين نصبوا قنطرة من رأس جبل إلى جبل آخر في طريق آخذة إلى تبت ، من جاز على القنطرة يؤخذ بأنفاسه ويلهب قلبه ويثقل لسانه ، ويموت في الغالب من المارين جماعة مستكثرة. وأهل التبت يسمونه جبل السم.

جبل الشب : بأرض اليمن ، على قلته ماء يجري من جانب إلى جانب وينعقد شبا ، والشب اليماني من ذلك.

جبل الصور : قال صاحب تحفة الغرائب : بأرض كرمان جبل ، من أخذ منه حجرا وكسره يرى في وسطه صورة إنسان قائم أو قاعد أو مضطجع ؛ وإن صحقت الحجر ناعما وحللته في الماء وتركته حتى يرسب ترى في الراسب منه ما رأيته في الحجر من الصورة وهيئتها. وهذا من أعجب العجب.

جبل الصفا : هو ببطحاء (٣٩٧) مكة ، والواقف على الصفا يرى الحجر الأسود قبالته والمروة تقابله : يقال : عن الصفا اسم رجل والمروة اسم امرأة ، زنيا في الكعبة فمسخهما الله تعالى حجرين ، فوضع كل واحد على الجبل المسمى باسمه لاعتبار الناس. وجاء في الحديث : إن الدابة التي من أشراط الساعة. تخرج من الصفا. وكان ابن عباس رضي الله عنهما يضرب بعصاه حجر الصفا ويقول : إن الدابة لتسمع قرع عصاي هذه.

جبل صقلية : هو في وسط بحر الروم ، وهو بحر المغرب ، أعلاه مسيرة ثلاثة أيام ، فيه أشجار كثيرة من البندق والصنوبر والأرز. وفي أعلاه منافس كثيرة يخرج منها الدخان والنار ؛ وربما سالت النار فأحرقت جميع ما مرت عليه وتجعله مثل

__________________

(٣٩٧) والبطحاء : اسم يطلق على كل واد شقه السيل فجعل أرضه كالرمل.

٢٨٦

خبث الحديد. وعلى قمة هذا الجبل السحاب والثلوج صيفا وشتاء لا تفارقه ؛ وزعم أهل الروم أن الحكماء كانوا يدخلون إلى هذه الجزيرة ليروا عجائبها وكيف اجتماع الضدين الثلج والنار ؛ وفيها معدن الذهب وتسميه أهل الروم جزيرة الذهب.

جبل الطاهرة : هو بأرض مصر ، قال صاحب تحفة الغرائب : بهذا الجبل كنيسة فيها حوض يجري فيه من الجبل ماء عذب يجتمع في ذلك الحوض ، فإذا امتلأ من جميع جانبه ترده الناس ؛ فإذا ورد الحوض جنب أو امرأة حائض وقف الماء وانقطع جريانه ولا يجري حتى ينزح ما فيه من الماء ويغسل الحوض غسلا بالغا فيجري بعد ذلك.

جبل طبرستان : قال صاحب تحفة الغرائب : بهذا الجبل ضرب من الحشيش يسمى جوز مائل ، من قطعه وهو ضاحك غلب عليه الضحك في عمره ، ومن قطعه باكيا غلب عليه البكاء ؛ ومن قطعه راقصا غلب عليه الرقص ؛ وكذلك على أي صفة كان ، فمن قطعه استمر على تلك الصفة.

جبل طور سيناء : هو بين الشام ومدين. قيل : إنه بالقرب من أيلة ، وهو المكلم عليه موسى عليه السلام. كان إذا جاء موسى عليه السلام للمناجاة ينزل غمام فيدخل في الغمام ويكلم ذا الجلال والإكرام ؛ وهو الجبل الذي دك عند التجلي. وهناك خر موسى صعقا ؛ وهذا الجبل إذا كسرت حجارته يخرج من وسطها صورة شجرة العوسج على الدوام ، وتعظم اليهود شجرة العوسج لهذا المعنى ، ويقال لشجرة العوسج شجرة اليهود.

جبل طور هرون : وهو جبل مشرف على بيت المقدس وإنما سمي جبل طور هرون لأن موسى عليه السلام بعد أن عبدت بنو إسرائيل العجل أراد المضي إلى

٢٨٧

مناجاة الرب العلي : فقال له هارون : احملني معك فإني لست بآمن أن تحدث بنو إسرائيل أمرا بعدك. فغضب موسى وحمله. فلما كان ببعض الطريق إذ هما برجلين يحفران قبرا فوقفا عليهما وقالا : لمن القبر؟ قالا : لرجل في طول هذا وهيئته ، وأشارا إلى هارون وقالا له : بحق إلهك إلا ما نزلت لتعرف القياس. فنزع هارون أثوابه ونزل القبر واضطجع فيه فقبضه الله في الحال ، وانطبق القبر على هارون. فانصرف موسى بثيابه حزينا باكيا. فلما صار إلى بني إسرائيل اتهموه بقتل أخيه ، فدعا موسى ربه حتى أراهم هارون في تابوت في الجو على رأس ذلك الجبل.

جبل فرغانة : قال صاحب تحفة الغرائب : ينبت بهذا الجبل ضرب من النبات على صور الآدميين ، منها ما هو على صورة الرجل ، ومنها ما هو على صورة المرأة. وتوجد هذه الصور مع بعض الطرقيين يتكلمون عليها ويقولون إنها تزيد في المحبة والقبول ، وأكلها يزيد في الباه ولا تقلع حتى يربط فيها حبل طويل ويربط طرفه في رقبة كلب ، ثم ينفر الكلب فيقطع الصورة من أصلها وتقع صيحة على الكلب فيموت في الحال.

جبل قاسيون : هو جبل مشرف على دمشق ، فيه آثار الأنبياء ، وهو معظم من الجبال. وفيه مغارات وكهوف ومعابد للصالحين. وفيه مغار يعرف بمغارة الدم يقال إن قابيل قتل هابيل هناك ، وهناك حجر يزعمون أنه الحجر الذي فلق به هامته. وفيه مغارة أخرى يسمونها مغارة الجوع ، يقال إن أربعين نبيا ماتوا بها من الجوع.

جبل الهند : قال صاحب تحفة الغرائب : بأرض الهند جبل عليه صورة أسدين والماء يجري من أفواههما فيروي قريتين. فوقع بين أهل القريتين خصومة على الماء ، فقال أهل إحدى القريتين : نوسع فم الأسد الذي يصب إلى أرضنا حتى يكثر الماء

٢٨٨

على أراضينا ؛ فكسروا فم الأسد فانقطع الماء أصلا من ذلك الأسد وخربت تلك القرية وارتحل أهلها ، والأسد الآخر على حاله ، والقرية الأخرى عامرة

جبل تلاسيم : قرية من قرى قزوين.

قال القزويني : حدثني من صعد على هذا الجبل قال : عليه صور كل حيوان من الحيوانات على اختلاف أجناسها ، وصور الآدميين على أنواع أشكالها عدد لا يحصى وقد مسخوا حجارة ، وفيها الراعي متكئ على عصاه والماشية حوله كلها حجارة ، والمرأة تحلب بقرة وقد تحجرتا والرجل يجامع امرأته وقد تحجرا ، والمرأة ترضع ولدها وهلم جرا ، هكذا. وهذا آخر الكلام على الجبال وعجائبها.

٢٨٩

فصل في

ذكر الأحجار وخواصها ومعرفة منافعها

الحجر الأبيض : إذا حككته على حجر صلب وخرج محكه أبيض فلا يعبأ به ، وإذا كان محكه أصفر فمن حمله وتكلم بما شاء وأخبر بما شاء وقع الأمر كما تكلم وأخبر ، وإن خرج محكه أحمر فحمله فكل شيء يقوم فيه يصعد معه ، وإن خرج المحك أغبر فكل من استعان بحامله أعين به ، وإن خرج أخضر وعلق في بستان أو زرع أو كرم أو نخل أمن من الآفات ، وإن خرج مسودا ينفع من السموم القاتلة حكا وشربا.

الحجر الأحمر : إذا حك وخرج محكه مبيضا نجحت أمور حامله ، وإن خرج مسودا فأي شيء حدث حامله به نفسه قدر عليه ، وإن خرج محكه مغبرا أو مصفرا ، فمن حمله أحبه الناس ، وإن خرج المحك مخضرا فكل من حمله لم يؤثر فيه السلاح.

الحجر البنفسجي : إذا حك فخرج محكه مبيضا فكل من حمله زال عنه الهم ، والغم والحزن ، وإن خرج مسودا فكل من حمله لم تنجح مقاصده ، وإن خرج مصفرا فكل من حمله أتاه كل شيء وصعد معه ، وإن رمي في بئر أو عين قل ماؤها فإن خرج محمرا يرى حامله كل خير ، وإن خرج مخضرا يزكو زرع حامله وتنمو غنمه ، وإن خرج مغبرا فكل من اكتحل به على اسم أحد أحبه ، رجلا كان أو امرأة.

الحجر الأخضر : إذا حك وخرج محكه مبيضا ، فمن حمله درت عليه الخيرات والبركات ، وإن خرج مسودا فكذلك ، وإن خرج مصفرا فكل دواء يصفه لعليل أو مريض ينفعه ويشفى ، وإن خرج محمرا فحامله لا يزال ترد عليه الصلات والعطايا من الأكابر ، وإن خرج مغبرا فحامله متى وضع يده على رأس مريض وذكر شيئا من أسماء الله تعالى شفاه الله وقام من مرضه بإذن الله تعالى.

٢٩٠

الحجر الأسود : إذا حك وخرج محكه مبيضا نفع من جميع السموم القاتلة حكا وشربا ، وإن خرج المحك مسودا فكل من حمله زاد عقله وحسن رأيه وقضيت حوائجه عند الملوك والسلاطين ، وإن خرج مخضرا لم يؤثر في حامله سم أصلا. الحجر الأغبر : إذا حك وخرج محكه مبيضا فسحق كالكحل واكتحل به انسان على اسم رجل أو امرأة وقعت محبة المكتحل في قلب من سماه وأحبه حبا زائدا ، وإن خرج مخضرا أو مسودا واكتحل به أكرمه كل من رآه. وإن اكتحلت به النساء أحبهن أزواجهن. وإن خرج مصفرا أو محمرا وحمله انسان أفلح حيث توجه.

الحجر الأصفر : إذا خرج محكه مبيضا حصل لحامله من الخلق كل ما يروم. وإن خرج مخضرا فإن حامله لا يغلب في الكلام والخصومة. وإن خرج مسودا فمن حمله وذكر اسم شخص يراه لا يزال يتبعه حيث شاء حتى لا يكاد ينقطع عنه. حجر السامور : هو الذي يقطع به جميع الأحجار بالسهولة ، قيل إن سليمان بن داود عليهما السلام لما شرع في بناء بيت المقدس استعمل الجن في قطع الصخر ، فشكا الناس إليه من صداع سماع قطع الصخور وشدة جلبتها ، فقال سليمان للجن : أتعرفون شيئا يقطع الصخر من غير صوت ولا جلبة. فقال بعضهم : نعم يا نبي الله ، أنا أعرفه ، وهو حجر يسمى السامور ولكن لا أعرف مكانه. فقال : احتالوا في تعرفه.

٢٩١

فاستدعى آصف بن برخيا (٣٩٨) وزيره وأمره بإحضار عش عقاب وبيضه على حاله من غير أن يخربوا منه شيئا. فجيء به فجعله في جام كبير غليظ من زجاج وأمر برده إلى مكانه من غير تغيير. فأعيد. فجاء العقاب ورأى ذلك فضرب الجام برجله ليرفعه فلم يقدر ، فاجتهد فما أفاد ، فعاد وجاء في اليوم الثاني بحجر في رجله وألقاه عليه فقسم الجام الزجاج نصفين. فأمر سليمان بإحضاره فحضر. فقال له : من أين لك هذا الحجر الذي ألقيته في عشك؟ فقال : يا نبي الله من جبل بالمغرب يقال له السامور. فبعث بالجن مع العقاب إلى ذلك الجبل فأحضروا له من حجر السامور كالجبال. فكانوا يقطعون به الحجارة من غير صوت ولا صداع. وأسكت الناس.

حجر حامي : هو حجر شديد الحمرة منقط بنقط سود صغار يوجد ببلاد الهند من أزال عنه تلك النقط وسحقه وألقاه على الفضة صارت ذهبا خالصا.

حجر الخطاف : يوجد في عش الخطاف حجران ، أحدهما أحمر والآخر أبيض ، فالأبيض يبرئ حامله من الصرع ، والأحمر يقوي القلب ويذهب الجزع والخوف والفزع من حامله.

حجر الرحى : يؤخذ من حجر الرحى السفلاني قطعة وتعلق على المرأة التي تسقط الأولاد فلا تسقط بعد ذلك.

__________________

(٣٩٨) قصة آصف بن برخيا لم يرد فيها حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلم ، وإنما ورد فيها كلاما لابن عباس رضي الله عنهما فيما رواه النسائي في السنن الكبرى أنه قال : كان آصف كاتب سليمان بن داود عليه السلام ، وكان يعلم الاسم الأعظم ، وكان يكتب كل شيء يأمر به سليمان عليه السلام ويدفنه تحت كرسيه ، فلما مات سليمان أخرجته الشياطين فكتبوا بين كل سطر من سحر ، وكذب ، وكفر ، فقالوا : هذا الذي كان يعمل سليمان بها ، فأكفره جهال الناس وسفهاؤهم وسبوه ، ووقف علماؤهم فلم يزل جهالهم يسبونه حتى أنزل الله عز وجل : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا).

٢٩٢

حجر الصنونو : هو حجر يوجد في عش الصنونو تنفع حكاكته من اليرقان.والحيلة في تحصيله أن يعمد الإنسان إلى فراخ الصنونو فيلطخها بالزعفران المذاب بالماء ويدعها ؛ فإذا رأتهم الأم تظن أن بهم يرقانا فتغيب وتأتي بهذا الحجر وتضعه عندهم فيأخذه الطالب له.

حجر القيء : وهو حجر بأرض مصر ، إذا أمسكه الإنسان غلب غليه الغثيان حتى يلقي ما ببطنه ، فإن لم يرمه هلك من القيء.

حجر المطر : هو حجر يوجد ببلاد الترك ، إذا وضع في الماء غيمت الدنيا ووقع المطر والثلج والبرد إلى أن يرفع من الماء ، قال القزويني : رأيت من شاهد هذا وأخبرني به.

حجر الحية : وهو حجر يوجد في رأسها في حجم بندقة صغيرة ؛ وحجرها ينفع الملدوغ تعليقا ويقطع نزف الدم وعسر البول ويقوي الفكر. وإن علق في رقبة المصروع زال عنه الصرع.

حجر السبج : وهو حجر أسود شديد الرخاوة يجلب من الهند شديد البريق ينكسر سريعا. إذا ضعف بصر الإنسان يديم النظر إليه فينفعه ؛ وإن حمله منع عنه العين السوء ، ويجلو البصر اكتحالا ؛ وإذا جعل على الرأس أزال الصداع.

حجر السنباذج (٣٩٩) : يجلو الأسنان ويدمل القروح.

__________________

(٣٩٩) السنباذج : كلمة عن الفارسية سنباده ، وهو حجر صلب صلب يوجد على هيئة حب أو رمل خشن ، ويستعمل في صناعة الأحجار الكريمة ، لحك أغلب الأحجار وجليها (الجماهر ص ١٠٣).

٢٩٣

حجر الماس (٤٠٠) : هو حجر في لون النوشادر الصافي لا يلصق بشيء من الأحجار ، وإذا وضع على السندان وضرب عليه بالمطرقة غاص فيهما أو في أحدهما ولم ينكسر. وإذا ضرب بالأسرب (٤٠١) تكسر ، ولو تكسر ألف قطعة لا تكون مقطعاته إلا مثلثة ، يضعون منها قطعة في طرف المثقب ويثقبون به الأحجار الصلبة والجواهر ، وإن ألقى في دم تيس وقرب من النار ذاب لوقته ، وهو سم قاتل.

حجر الجزع (٤٠٢) : هو حجر صلب له ألوان كثيرة. فمن حمله أورثه الهم والغم والحزن وأراه أحلاما رديئة ويعسر عليه قضاء الحوائج. وإن علق على صبي كثر بكاؤه وفزعه وسال لعابه وعظم نكده ، ومن سقي منه مسحوقا قل نومه وثقل لسانه ، وإن وضع بين جماعة حصلت بينهم فتنة وخصومة وعداوة ، وليس فيه منفعة إلا أنه يسهل الولادة على الحامل.

حجر البحر : وهو حجر أسود خفيف خشن ، من استصحبه في ركوب البحر أمن من الغرق ، وإن وضع في قدر لم تغل أبدا.

حجر الدجاجة : وهو يوجد في قوانص الدجاج ، إذا وضع على مصروع أبرأه.وإن حمله انسان فإنه يزيد في قوة باهه ، ويدفع عن حامله عين السوء ، ويوضع تحت

__________________

(٤٠٠) الألماس : كلمة غير عربية ، وإنما عربت عن اليونانية (أداماس ADAMAS) أي المنيع الذي لا ينكسر (كوركيس عواد : رسالة في الأحجار الكريمة لأبيفانيوس ، مجلة المجمع العلمي العراقي ، ١٩٦٧ ، ص ١١٤).

(٤٠١) الأسرب : معرب من الفارسية أسرفا ، وهو الرصاص الأسود ، أو هو الرصاص مطلقا أنظر : (القانون في الطب لابن سينا (١ / ٤٣٢).

(٤٠٢) الجزع : بفتح أوله ، كلمة عربية مشتقة من الفعل جزع ، بمعنى قطع ، ووصفه الجوهريون بأنه حجر مشطب ، فيه كالعيون بين بياض وصفرة وحمرة وسواد ، وغالب ما يستطيل وأنه ليس في الحجارة أصلب منه جسما (التيفاشي ، الورقة ٦٦ ، وتذكرة الأنطاكي ١ / ١٠٦).

٢٩٤

رأس الصبي فلا يفزع في نومه. حجر البهت : وهو أبيض شفاف يتلألأ حسنا ، وهو مغناطيس الإنسان ، إذا رآه الإنسان غلب عليه الضحك والسرور ، وتقضى حوائج حامله عند كل أحد.

حجر المغناطيس : أجوده ما كان أسود مشربا بحمرة ، ويوجد بساحل بحر الهند والترك ، وأي مركب دخل هذين البحرين فمهما كان فيه من الحديد طار منه مثل الطير حتى يلصق بالجبل ، ولهذا لا يستعمل في مراكب هذين البحرين شيء من الحديد أصلا. وإذا أصاب هذا الحجر رائحة الثوم بطل فعله ، فإذا غسل بالخل عاد إلى فعله ، فإذا علق هذا الحجر على أحد به وجع نفعه ، خصوصا من به وجع المفاصل ووجع النقرس ويزيد في الذهن. ويعلق على الحامل فتضع في الحال. وقد قيل فيه :

قلبي العليل وأنت جالينوسه

فعسى بوصل أن يزول رسيسه

يشتاقك القلب العليل كأنه

إبر الحديد وأنت مغناطيسه

وقد قيل في المعنى دو بيت :

من آدم في الكون ومن إبليس؟

ما عرش سليمان وما بلقيس؟

الكل إشارة وأنت المعنى

يا من هو للقلوب مغناطيس

٢٩٥

الأحجار الصلبة ذات الجواهر

الياقوت (٤٠٣) : هو حجر صلب شديد اليبس رزين صاف ، منه أحمر (٤٠٤) وأبيض (٤٠٥) وأصفر (٤٠٦) وأخضر. وهو حجر لا تعمل فيه النار لقلة دهنيته ، ولا يثقب لغلظ رطوبته ، ولا تعمل فيه المبارد لصلابته ، بل يزداد حسنا على ممر الليالي والأيام ، وهو عزيز قليل الوجود سيما الأحمر وبعده الأصفر. على أن الأصفر أصبر على النار من سائر أصنافه ، وأما الأخضر منه فلا صبر له أصلا. ومن تختم بهذه الأصناف أمن من الطاعون وإن عم الناس ، ومن حمل شيئا منها أو تختم به كان معظما عند الناس ، وجيها عند الملوك.

__________________

(٤٠٣) الياقوت : كلمة غير عربية ، اختلف في أصلها ، فذهب حمزة بن الحسن الأصفهاني الى أنها معرب" ياكند" الفارسية (الجماهر ٣٣" ، بينما رأى آخرون أنها معربة عن الهندية (. ٤٧٨.P ، ..Enc.Br.Vol)

(٤٠٤) الياقوت الأحمر : نوع من أوكسيد الألومونيوم المتبلور ٣O ٢Al ، وهو أنفس الأحجار المعروفة بالياقوت وأغلاها (الجماهر ، ٣٣ ، ونخب الذخائر ، ٢).

(٤٠٥) ذكر التيفاشي أن الياقوت الأبيض نوعان : المهوي نسبة الى المها أي البللور ، والذكر وهو أثقل من المهوي وأقل لا شعاعا وأصلب حجرا ، وهو أرخص أنواع اليواقيت (أزهار الأفكار ، الورقة ١٩).

(٤٠٦) يذكر ابن الأكفاني أن الياقوت الأصفر يتألف من أنواع عدة ، فأعلاه ما قارب الجلناري (زهر الرمان) وبعده المشمشي ، وبعده الأترجي (نوع من الليمون) (أنظر : نخب الذخائر ص ١٠ ، وقطف الأزهار ، ورقة ٩٢ ـ ٩٤).

٢٩٦

الدر واللؤلؤ (٤٠٧) : يتكون في بحر الهند وفارس. وزعم البحريون أن الصدف (٤٠٨) الدري (٤٠٩) لا يكون إلا في بحر تصب فيه الأنهار العذبة ، فإذا أتى الربيع كثر هبوب الريح في البحر وارتفعت الأمواج واضطرب البحر. فإذا كان الثامن عشر من نيسان (٤١٠) خرجت الأصداف من قعور هذه البحار ولها أصوات وقعقعة ، وبوسط كل صدفة دويبة صغيرة ، وصفحتا الصدفة لها كالجناحين وكالسور تتحصن به من عدو مسلط عليها وهو سرطان البحر ، فربما تفتح أجنحتها لشم الهواء فيدخل السرطان مقصه بينهما ويأكلها ، وربما يتحيل السرطان في أكلها بحيلة دقيقة وهو أن يحمل في مقصه حجرا مدورا كبندقة الطين ، ويراقب دابة الصدف حتى تشق عن جناحيها فيلقي السرطان الحجر بين صفحتي الصدفة فلا تنطبق فيأكلها ، ففي اليوم الثامن عشر من نيسان لا تبقى صدفة في قعور البحر المعروفة بالدر واللؤلؤ إلا صارت على وجه الماء وتفتحت ، حتى يصير وجه البحر أبيض كاللؤلؤ ، وتأتي سحابة بمطر عظيم ثم تنقشع السحابة وقد وقع في جوف كل صدفة ما قدر الله من القطر ، إما قطرة واحدة وإما اثنتان وإما ثلاثة ، وهلم جرا إلى

__________________

(٤٠٧) اللؤلؤPerles : اللؤلؤ عبارة عن افراز صلب كروي يتشكل داخل صدفة بعض أنواع الرخويات والمحار وتستخدم كحجر كريم. تفرز تلك المادة من خلايا الظهارية (في الطية أو في فص أو فصان في الجدار المبطن للمحارة في الرخويات) وهو نسيج ستائري بين الصدفة والجسم ، ويفرز في طبقات متتابعة حول جسم مزعج عادة ما تكون طفيليات في حالة اللآلئ الطبيعية يعلق في النسيج الناعم للمحار. اللؤلؤة تبنى من طبقات من الأرجونيت أو الكالسيت (كربونات الكاليسوم المتبلورة) وتمسك الطبقات ببعضها البعض بمادة كونكيولين (مادة عضوية قرنية قشرية صلبة) وتركيبها مشابه لتركيب عرق اللؤلؤ الذي يشكل الطبقة الداخلية لصدفة المحار.

(٤٠٨) الصدف : غشاء الدّر

(٤٠٩) الدري : المضئ

(٤١٠) نيسان من الشهور السريانية ويقابلها بالميلادية شهر (ابريل).

٢٩٧

المائة والمائتين وفوق ذلك. ثم تنطبق الأصداف وتلتحم وتموت الدابة التي كانت في جوف الصدفة في الحال وترسب الأصداف إلى قرار البحر وتلصق به وينبت لها عروق كالشجرة في قرار البحر حتى لا يحركها الماء فيفسد ما في بطنها ، وتلتحم صفحتا الصدفة التحاما بالغا حتى لا يدخل إلى الدر ماء البحر فيصفره.

وأفضل الدر المتكون في هذه الأصداف القطرة الواحدة ثم الاثنتان ثم الثلاثة ، وكلما كثر العدد كان أصغر جسما وأخس قيمة ، وكلما قل العدد كان أكبر جسما وأعظم قيمة. والمتكون من قطرة واحدة هي الدرة اليتيمة التي لا قيمة لها والأخريان بعدها ، فالصدفة تنقلب إلى ثلاثة أطوار ، في الأول طور الحيوانية فإذا وقع القطر فيها وماتت الدويبة صار في طور الحجرية. ولذلك غاصت إلى القرار وهذا طبع الحجر وهو الطور الثاني. وفي الطور الثالث وهو الطور النباتي تشرش في قرار البحر وتمتد عروقا كالشجرة ، ذلك تقدير العزيز العليم. ولمدة حمله وانعقاده وقت معلوم وموسم يجتمع فيه الغواصون لاستخراج ذلك. هذا في البحر.

وأما في البر ففي الثامن عشر من نيسان في كل عام تخرج فراخ الحيات التي ولدت في تلك السنة وتسير من بطن الأرض إلى وجهها وتفتح أفواهها كالأصداف في البحر نحو اسماء كما فتحت الأصداف جوفها فما نزل من قطر السماء في فمها أطبقت فمها عليها ودخلت في جوف الأرض ، فإذا تم حمل الصدف في البحر لؤلؤا ودرا صار ما دخل في فم فراخ الحيات داء وسما. فالماء واحد والأوعية مختلفة ، والقدرة صالحة لكل شيء. وقيل في هذا المعنى :

أرى الإحسان عند الحرّ دينا

وعند النّذل منقصة وذمّا

كقطر الماء : في الأصداف درّ

وفي جوف الأفاعي صار سمّا

البلخش : هو حجر صلب شفاف كالياقوت في جميع أحواله ومنافعه.

٢٩٨

الدهنج (٤١١) : هو أخضر كالزبرجد ، لين المجس ، يتكون في معدن النحاس وهو أنواع كثيرة ؛ ومن عجيب أمره أنه يصفو بصفاء الجو ويتكدر بكدورته. ومن عجيب أمره أيضا أنه إذا سقي الإنسان من محكه فعل فعل السم ، وإذا سفي منه شارب السم نفعه ، وإذا مسح به موضع اللدغة برأ. ويطلى بحكاكته البرص فيزيله ؛ وينفع من خفقان القلب ، ويهيج على حامله شهوة الجماع.

الزبرجد (٤١٢) : هو حجر أخضر شفاف يشبه الياقوت الأخضر وليس كقوته ولا فعله ولا قيمته.

الزمرد (٤١٣) : وهو حجر أخضر شفاف يدخل في معالجة أدوية من سقي السم ، وفي إكحال بياض العين. وحمله يقطع نزف الدم ، ووضعه في الفم يقطع عطش الماء ويبرد حرارة القلب ومنه جنس يقال له الذبابي ، خاصيته أن حامله لا يقع عليه

__________________

(٤١١) الدهنج : هو نوع من الفيروزج (الجماهر ، ص ١٩٦) ، الدهنج متكون من كاربونات النحاس Cu ٢cu (OH). ٣Co.

(٤١٢) الزبرجد : topaz : نوع من أنواع الأحجار الكريمة تركيبته الكيميائية من سيليكات المغنيزيوم والحديد المزدوجة (Mg ,Fe) ٢SiO ٤ ووجود الحديد بتركيبته يضفي عليه اللون الأخضر. تكونه المعدني قريب من تركيب حجر الزمرد يعثر عليه في الصخور النارية القاعدية وفي الصخور الجيرية وقد سميت جميع الأحجار الكريمة سابقا ذات اللون المائل للأخضر بالزبرجد وقد أخطأ علماء اللغة القدماء إذ أطلقوا تسمية واحدة على حجري الزمرد والزبرجد ووحدهم أهل الفن القدماء الذين فرقوا بين هذين الحجرين. ومن أجمل أرقى أنواع الزبرجد ذي البلورات الكبيرة هو المصري والبرازيلي. الزبرجد النقي عادة شفاف اللون ولكنها عادة تكون ملونة بسبب الشوائب الموجودة فيه ، معظم الزبرجد ذو لون مائل للإصفرار وقد يكون ابيض او رمادي او اخضر او ازرق. عند تسخينها غالبا ما يصبح الزبرجد ذات لون اصفر محمر. من أسمائه : ماء البحر الزمرد الريحاني خرز الثعبان الأوليفين البريدوت الزمرد الأخضر.

(٤١٣) الزمرد : لفظة معربة قديما عن اليونانية ، أطلقت أولا على عدد من الأحجار الصغار فضلا عن ذوات اللون الأخضر منها (. ٣٩٠P. ٨.Enc.Br.Vol).

٢٩٩

الذباب. ومنه جنس إذا نظرت إليه الأفاعي سالت أحداقها على خدودها. حجر الباهت : هو حجر أبيض شفاف يتلألأ حسنا ، وهو مغناطيس الإنسان ، إذا أبصره الإنسان غلب عليه الضحك والسرور. ومن أمسكه معه قضيت حوائجه وعقدت عنه الألسن ، ويسمى حجر البهت.

حجر الفيروزج (٤١٤) : هو أخضر مشوب بزرقة. يوجد بخراسان وهو كالدهنج يصفو بصفاء الجو ويتكدر بكدرته. ينفع العين اكتحالا والتختم به ينقص الهيبة إلا أنه يورث الغنى والمال.

وعن جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه أنه قال : ما افتقرت يد تختمت بالفيروزج.

والمرجان (٤١٥) : ينبت في البحر كالشجر وإذا كلس تكليس أهل الصنعة عقد الزئبق ، فمنه أبيض ومنه أحمر ومنه أسود ، وهو يقوي البصر كحلا وينشف رطوبته بخاصة ذلك فيه.

__________________

(٤١٤) الفيروزج : معرب عن الفارسية بيروزه وذكر البيروني أن معنى اسمه فيها النصر ، ولذلك دعى بحجر الغلبة ، ووصف بأنه حجر أزرق ، أصلب من اللازورد (الجماهر ص ١٧٠ ، ونخب الذخائر ص ٥٥) وهو يتكون من فوسفات الألومونيوم القاعدية ويوجد في الصخور البركانية قرب مدينة نيسابور بخراسان وقد اكتشف مواطن عديده له بعد ذلك.

(٤١٥) المرجان : تكوين من الحجر الحيوي ساعد على تكوينه في البحر بعد الله سبحانه ملايين الحيوانات الدقيقة. ومن الممكن ان تشبه تكوينات المرجان الأشجار المتفرعة والقباب الكبيرة والقشور الصغيرة غير المنتظمة ، أو أنابيب الأعضاء الدقيقة وتكون الحيوانات الحية التي تكون المرجان التكوينات بظلال جميلة سمراء مائلة للصفرة ، وبرتقالية وصفراء وبنفسجية وخضراء ، وفيما تموت الحيوانات تترك هياكل من الحجر الجيري تكون أساسات الحواجز وضلوع في قاع البحر تسمى الشعاب المرجانية ..

٣٠٠