خريدة العجائب وفريدة الغرائب

سراج الدين بن الوردي

خريدة العجائب وفريدة الغرائب

المؤلف:

سراج الدين بن الوردي


المحقق: أنور محمود زناتي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية
الطبعة: ١
ISBN: 977-341-358-6
الصفحات: ٥٠٣

نهر الرمل : هو نهر في أقصى بلاد المغرب ، جار كالأنهار لا ينقطع جريانه ومن نزل فيه هلك. ويقال إن ذا القرنين وصل إليه ورآه ونظر إلى الرمل وجريانه. فبينما هو ناظر إليه إذ انكشف الرمل وانقطع الجريان ، فأمر أناسا من أصحابه أن يعبروا فيه فعبروا ولم يعودوا إليه وهلكوا. فنصب ذو القرنين هناك شخصا قائما كالمنارة من النحاس الأصفر وأحكمه وكتب عليه : ليس وراء هذا شيء فلا يتجاوزه أحد.

وليكن هذا آخر الكلام على ذكر الأنهار وعجائبها.

٢٦١

فصل في

عجائب العيون والآبار

منها عين أذربيجان : قال في كتاب تحفة الغرائب : قيل : يأخذون قالب لبن فيمكن في الأرض ويصب فيه ماء هذه العين ، ويصبرون عليه مقدار ساعة فيصير الماء لبنا من حجر صلد ويبنون به ما شاؤوا وأرادوا.

وعين بقرية من قرى قزوين : تسمى أدرند بهسند ، إذا شرب الإنسان منها حصل له إسهال مفرط. ويكن الإنسان أن يشرب من ذلك الماء عشرة أرطال لخفته وعذوبته ، وإذا حمل ذلك الماء إلى خارج حد تلك القرية بطلت الخاصية. عين باذخاني ، إذا أراد أهل هذه القرية هبوب الريح أخذوا خرقة حيض ووضعوها في العين فتتحرك الرياح ؛ ومن شرب من مائها ولو جرعة انتفخ بطنه كالطبل ؛ ومن حمل ذلك إلى مكان آخر انعقد حجرا.

عين ابلانستان : قال صاحب تحفة الغرائب : ابلانستان قرية بين جرجان وأسفراين ، فيها عين تسمى بها ، ينبع منها ماء كثير فينتفع بمائها خلق كثير وتنقطع في بعض الأوقات شهرا فيخرج أهل تلك الأرض رجالها ونساؤها في أحسن زينة وأجمل هيئة بالدفوف والصنوج والشبابات وأنواع الملاهي ويرقصون عند تلك العين ويلعبون ويضحكون فلا يرجعون إلا وقد مدت العين بالماء الكثير مقدار ما يدير رحيين.

٢٦٢

عين باميان (٣٦٥) : قال في كتاب تحفة الغرائب : بأرض باميان عين ينبع منها ماء كثير بصوت عظيم وجلبة ، ويشم منها رائحة الكبريت ، من اغتسل من مائها زال عنه الحكة والجرب والدمامل ، وإذا جعل في إناء من مائها وسد الإناء سدا محكما وترك صار كالطين ، وإن قرب من النار اشتعل والتهب.

عين جاج : قال صاحب تحفة الغرائب : بقرب جاج عقبة على رأسها عين ماء إذا كانت السماء صاحية لا يرى فيها قطرة ماء ، وإذا كانت السماء مغيمة تراها مملوءة طافحة. وبناحية باميان جبال فيها عيون لا تقبل أبدا شيئا من النجاسات وإذا ألقى فيها أحد شيئا من النجاسات هاج الماء وعلا وفار ، فإن لحق الذي ألقاها أغرقه.

عين زغر (٣٦٦) : وهي طرف البحيرة المنتنة بالشام ، بينها وبين بيت المقدس ثلاثة أيام. وزغر اسم ابنة لوط عليه السلام ، وهي العين التي أوردنا ذكرها في حديث الجساسة والدجال ، وغورانها من علامات الساعة.

عين سياه سنك : قال في تحفة الغرائب : بجرجان موضع يسمى سياه سنك به عين على تل يأخذ الناس منها الماء للشرب وهو عذب طيب ، وفي الطريق إلى العين

__________________

(٣٦٥) باميان : ناحية بين خراسان وأرض الغور ذات مدن وقرى وجبال وأنهار كثيرة من بلاد غزنة. بها بيت ذاهب في الهواء وأساطين نقش عليها صور الطير وفيه صنمان عظيمان من الحجر : يسمى أحدهما سرج بت والآخر خنك بت وما عرف خاصية البيت ولا خاصية الصنم. قال صاحب تحفة الغرائب : بأرض باميان ضيعة غير مسكونة من نام فيها يزبنه أخذ برجله فإذا انتبه لا يرى أحدا فإن نام يفعل به ذلك مرة أخرى حتى يخرج منها.

(٣٦٦) عين زغر : في طرف بحيرة طبرية بينها وبين بيت المقدس ثلاثة أيام وهي من ناحية الحجاز.وزغر اسم بنت لوط عليه السلام نزلت بهذه القرية فسميت باسمها وهي في واد وخم ردي في أشأم بقعة يسكنها أهلها بحب الوطن ويهيج بهم الوباء في بعض الأعوام فيفني جلهم. وزغر وهي العين التي ذكر أنها تغور في آخر الزمان وغورها من اشراط الساعة

٢٦٣

دودة معروفة بين أهلها فمن أخذ من ذلك الماء وأصابت رجله تلك الدودة وهو ذاهب بالماء صار الماء مرا علقما فيريقه ويمضي إلى الماء ثانيا. عين الأوقات : وهي في المغرب ، لا تجري إلا في أوقات الصلوات الخمس في أولها ثم تنقطع ، ولبثها بقدر ما يتوضأ الناس

عين شيرم : وهي بين أصفهان وشيراز ، بها مياه مشهورة وهي من عجائب الدنيا ، وذلك أن الجرادة إذا نزلت ووقعت بأرض ، يحمل إليها من تلك العين ماء في ظرف أو غيره فيتبع ذلك الماء طيور سود تسمى السمر مر ، ويقال لها السودانية ، بحيث إن حامل الماء لا يضعه إلى الأرض ولا يلتفت وراءه ، فتبقى تلك الطيور على رأس حامل الماء في الجو كالسحابة السوداء إلى أن يصل إلى الأرض التي بها الجراد ، فتصيح الطيور عليها وتقتلها ، فلا ترى من الجراد متحركا بل يموتون من أصوات تلك الطيور إذا سمعوها.

عين شير كيزان : وهي من قرى مراغة ، فيها عينان تفوران ماء ، أحدهما بارد عذب والآخر حار مالح وبينها مقدار ذراع.

عين العقاب : قال صاحب تحفة الغرائب : بأرض الهند عين برأس جبل إذا هرم العقاب وضعف تأتي به أفراخه وتحمله إلى تلك العين وتغسله فيها ثم تضعه في شعاع الشمس فيسقط ريشه وينبت له ريش جديد ، ويذهب هرمه وضعفه وترجع إليه قوته وشبابه.

عين غرناطة : قال الأندلسي : بقرب غراناطة كنيسة عندها عين ماء وشجر زيتون ، يقصدها الناس في يوم معلوم من السنة فإذا طلعت الشمس في ذلك اليوم فاضت تلك العين ثم يظهر على تلك الشجرة زهر الزيتون ثم ينعقد زيتونا في الحال

٢٦٤

والوقت ، ويكبر ويسود في يومه ذلك ويأخذه الناس ، ويأخذون من ماء تلك العين ، كل أحد بمقدرته ثم يدخرون ذلك الزيتون والماء للتداوي ، ولذلك فيما بينهم منافع عظيمة.

عين غزنة : وبقرب مدينة غزنة عين إذا ألقي فيها شيء من القاذورات والنجاسات يتغير الهواء في الحال ويظهر البرد والريح العاصف والمطر والثلج ، فيبقى ذلك الحال حتى تزول عنها تلك القاذورات. وزعموا أن السلطان محمود بن سبكتكين السلجوقي تغمده الله برحمته لما أراد فتح غزنة كان كلما قصدها ألقى أهلها في العين شيئا من القاذورات ، فتقوم القيامة لشدة الريح والبرد والمطر فيرجع بعسكره بغير قصد كالمكسور. فصلى ليلة من الليالي ودعا فقال : إلهي إن كان قصدي في فتح هذه البلاد حصول الدنيا فاثن عزمي عن ذلك ، وخذ بناصيتي إلى الخير ، وإن كان قصدي الثواب والآخرة وتقوية شوكة الإسلام فاجعل لي إلى فتح هذه المدينة سبيلا ، وأرح عبادك المسلمين المجاهدين في سبيلك. ثم سجد سجدة ونام في سجوده ووجهه على الثرى ، فأتاه آت وخاطبه بكلام مبين قائلا : يا بن سبكتكين ، إن رمت الخلاص من هذه المحنة فأرسل جنودا لحفظ العين وقد افتتحت غزنة فسعيك مشكور وفعلك مبرور. فانتبه وأرسل مقدما لحراسة تلك العين ثم زحف على غزنة فافتتحها كطرفة عين.

عين الفرات : بقرب أردن الروم ، من اغتسل من مائها أيام الربيع أمن من مرض تلك السنة.

٢٦٥

عين نهاوند (٣٦٧) : قال صاحب تحفة الغرائب : بالقرب من نهاوند عين في شعب جبل وتحت الشعب وطأة ، فكل من احتاج إلى الماء ليسقي أرضه ؛ مشى إلى العين ودخل الشعب وهو يقول بصوت عال : أنا محتاج إلى الماء ، ثم يغمس رجله في العين ويمشي نحو زرعه ، والماء يمشي خلفه ، حتى يسقي أرضه. فإذا انقضت حاجته يرجع إلى الشعب وهو يقول : قد اكتفت أرضي وربحتم أجري ، ثم يضرب برجله الأرض فينقطع الماء عنه. وهذا دأب الماء ودأب أهل تلك الأرض ، وهذه من أعجب العجائب. وليكن هذا آخر الكلام على عجائب العيون.

__________________

(٣٦٧) نهاوند : مدينة إيرانية تقع في منطقة جبلية إلى الجنوب من جبال زاغروس تم الفتح الإسلامى لنهاوند سنه ٢٩ ه‍ في زمن عمر بن الخطاب وكان أمير الجيش النعمان بن مقرن المزني

٢٦٦

فصل في

الآبار وعجائبها

بئر أبي كود : بقرب طرابلس ، من شرب من مائها تحمق ، وهو مثل يقال بينهم للأحمق : شرب من بئر أبي كود.

بئر بابل : قال الأعمش : كان مجاهد يحب أن يسمع الأعاجيب ويقصدها ، وكان لا يسمع بشيء من ذلك إلا توجه إليه وعاينه. فأتى بابل فلقيه الحجاج فقال له : ما تصنع ههنا؟ قال ؛ أريد أن تسيرني إلى رأس الجالوت ، وأن تريني موضع هاروت وماروت (٣٦٨) ، فأمر به فأرسل إلى رجل من أعيان اليهود وقال : اذهب بهذا فأدخله على هاروت وماروت ولينظر إليهما ، فانطلق به حتى أتى موضعا فرفع صخرة فإذا هو شبه سرداب (٣٦٩) ، فقال له اليهودي : انزل معي وانظر إليهما ولا تذكر اسم الله تعالى ، قال مجاهد : فنزل اليهودي ونزلت معه ولم نزل نمشي حتى نظرت إليهما وهما كالجبلين العظيمين منكوسين على رؤوسهما والحديد في أعناقهما إلى ركبتيهما. فلما رآهما مجاهد لم يملك نفسه أن ذكر اسم الله تعالى. قال : فاضطربا اضطرابا شديدا حتى كادا يقطعان ما عليهما من الحديد ، فهرب مجاهد واليهودي حتى خرجا ، فقال اليهودي لمجاهد : أما قلت لك لا تفعل ، كدنا والله نهلك.

قال المفسرون : إن رجلا أراد أن يتعلم السحر فأتى أرض بابل ودخل عليهما فقال : لا إله إلا الله ، فاضطربا اضطرابا شديدا وقالا له : ممن أنت؟ قال : من بني آدم ، قالا : من أي الأمم؟ قال : أمة محمد. قالا : أو بعث محمد؟ قال : نعم. فاستبشرا بذلك

__________________

(٣٦٨) هاروت وماروت : كانا يعلمان الناس السحر وكيفية التفريق بين المرء وزوجه ، وربما تأتي من الهراء والمرية أي" القطع والإفساد" (من إعجاز القرآن ، ج ١ ، ١٩٦).

(٣٦٩) السرداب : بناء تحت الأرض يلجأ اليه من حر الصيف والجمع سراديب.

٢٦٧

وفرحا ؛ فقال الرجل : لم تفرحان؟ قالا : قد قرب فرجنا فإن محمدا نبي الساعة وقد قربت. قال لهما : أريد أن أتعلم السحر ، قالا له : اتق الله ولا تكفر. قال : لا بد من ذلك. فعاوداه ثلاثا فلم يرجع فقالا له : امض إلى ذلك النور فبل فيه. قال ففعل ، فخرج منه نور حتى صعد إلى السماء ونزل دخان أسود فدخل في فيه فقالا له : فعلت؟ قال : نعم ، قالا : فما رأيت؟ فأخبرهما فقال أحدهما : النور الذي خرج منك هو نور الإيمان ، وقال الآخر : الدخان الذي دخل فيك هو ظلمة الكفر ، اذهب فقد علمت.

وحكي أن امرأة جاءت إلى عائشة (٣٧٠) رضي الله عنها باكية تطلب النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجده ، فقالت لها عائشة : مم تبكين ، وما الذي تريدين منه؟ فقالت : أريد أن أسأله عن شيء في السحر. فقالت : وما هو؟ قالت : إن زوجي سافر وغاب عني مدة طويلة فجاءت امرأة إلي وقالت : أتريدين مجيئه؟ قلت : نعم ، قالت : فاعملي بما أقول لك ، قالت : نعم. فغابت وأتتني بكبشين (٣٧١) عند العشاء أسودين ، فركبت واحدا وأركبتني الآخر. فلم نلبث إلا قليلا حتى دخلنا على هاروت وماروت فقالت لهما : إن هذه المرأة تريد أن تتعلم السحر. فقالا لها : اتقي الله ولا تكفري وارجعي. فأبيت وقلت. لا بد من ذلك ، فأعادا علي ثلاثا ، فأبيت وقلت : لا بد من ذلك. فقالا : اذهبي فبولي في ذلك التنور قالت : فذهبت ووقفت على التنور

__________________

(٣٧٠) عائشة رضي الله عنها (٩ ق ه ـ ٥٨ ه‍) هي عائشة الصديقة بنت أبي بكر الصديق عبد الله ابن عثمان. أم المؤمنين ، وأفقه نساء المسلمين. كانت أديبة عالمة. كنيت بأم عبد الله. لها خطب ومواقف. وكان أكابر الصحابة يراجعونها في أمور الدين. وكان مسروق إذا روى عنها يقول : حدثتني الصديقة بنت الصديق. نقمت على عثمان رضي الله عنه في خلافته أشياء ، ثم لما قتل غضبت لمقتله. وخرجت على علي رضي الله عنه ، وكان موقفها المعروف يوم الجمل ثم رجعت عن ذلك ، وردها علي إلى بيتها معززة مكرمة. [الإصابة ٤ / ٣٥٩ ؛ وأعلام النساء ٢ / ٧٦٠ ؛ ومنهاج السنة ٢ / ١٨٢ ـ ١٩٨].

(٣٧١) الكبش : هو فحل الضأن ، الجمع أكبش وأكباش (المعجم الوسيط ، ج ٢ ، مادة كبش ، ص ٨٠٥)

٢٦٨

فأدركني خوف الله تعالى فلم أفعل ورجعت إليهما ، فقالا : فعلت؟ قلت نعم. قالا : فما الذي رأيت؟ قلت : لم أر شيئا. قالا : لم تفعلي شيئا ، اذهبي فبولي في التنور. فذهبت. فقالا : ما رأيت؟ قلت : لم أر شيئا. قالا : اذهبي فافعلي. قالت : فذهبت وأنا أرتعد ففعلت فخرج مني فارس مقنع بحديد فصعد إلى السماء. فرجعت إليهما وأخبرتهما. قالا : فذلك الإيمان خرج من قلبك ، اذهبي فقد تعلمت. فخرجت أنا والمرأة وقلت لها : والله ما قالا لي شيئا. قالت : بلى تعلمت ، خذي هذه الحنطة فابذريها فبذرتها فنبتت. قالت : افركي ، ففركت. قالت : اطحني ، فطحنت. قالت : اخبزي ، فخبزت. وو الله لم أفعل بعد ذلك شيئا أبدا.

بئر بدر : وهي بين مكة والمدينة في الموضع الذي كانت فيه وقعة بدر بين النبي صلى الله عليه وسلم وكفار قريش (٣٧٢) ورمى منهم جماعة في القليب (٣٧٣) وهو هذا البئر. حكي عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أنه رأى في اجتيازه هناك شخصا مشوها خرج من البئر هاربا ، وخرج في أثره آخر ومعه سوط يلتهب نارا ، فصاح به وضربه ورده إلى البئر ، وأنا أنظر إليهما.

__________________

(٣٧٢) قريش : تصغير القرش ، وهو الجمع من ها هنا وها هنا ، ثم يضم بعضه الى بعض ، وسميت قريش لأنهم كانوا أصحاب تجارة وتنسب الى قريش بن الحارث بن يخلد بن النضر بن كنانة (ياقوت ، معجم ٤ / ٣٣٦).

(٣٧٣) القليب : هو البئر قبل أن يبني بالحجارة ، يذكر ويؤنس ، وقال أبو عبيدة : هي البئر القديمة ، والجمع : قلب.

٢٦٩

بئر برهوت (٣٧٤) : وهي بقرب حضر موت. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن فيها أرواح الكفار والمنافقين (٣٧٥). وهي بئر عادية في فلاة (٣٧٦) مقفرة وواد مظلم. وعن علي رضي الله عنه قال : أبغض البقاع إلى الله برهوت ، فيه بئر ماؤها أسود منتن تأوي إليه أرواح الكفار.

حكى الأصمعي (٣٧٧) عن رجل من أهل الخير : أن رجلا من عظماء الكفار هلك ، فلما كان في تلك الليلة مررت بوادي برهوت فشممنا ريحا لا يوصف نتنه على خلاف العادة ، فعلمنا أن روح ذلك الكافر الهالك قد نقلت إلى البئر.

__________________

(٣٧٤) وعن علي بن ابي طالب رضي الله عنه قال : ابغض البقاع إلى الله تعالى وادي برهوت بحضر موت فيه بئر ماؤها أسود منتن يأوي إليه أرواح الكفار. وذكر الأصمعي عن رجل حضرمي انه قال : إنا نجد من ناحية برهوت رائحة منتنة فظيعة جدا فيأتينا الخبر أن عظيما من عظماء الكفار مات.

وحكى رجل أنه بات ليلة بوادي برهوت قال : فكنت أسمع طول الليل يا دومه يا دومه فذكرت ذلك لبعض أهل العلم فقال : إن الملك الموكل بأرواح الكفار اسمه دومه.

(٣٧٥) النفاق : إظهار الخير وإبطان الشر.

(٣٧٦) الفلاة : الصحراء.

(٣٧٧) الأصمعي : هو عبد الملك بن قريب بن علي بن أصمع الباهلي ، أبو سعيد الأصمعي. راوية العرب ، وأحد أئمة العلم باللغة والشعر والبلدان. نسبته إلى جده أصمع. ومولده ووفاته في البصرة. كان كثير التطواف في البوادي ، يقتبس علومها ويتلقى أخبارها ، ويتحف بها الخلفاء ، فيكافأ عليها بالعطايا الوافرة. أخباره كثيرة جدا. وكان الرشيد يسميه (شيطان الشعر). قال الأخفش : ما رأينا أحدا أعلم بالشعر من الأصمعي. وقال أبو الطيب اللغوي : كان أتقن القوم للغة ، وأعلمهم بالشعر ، وأحضرهم حفظا. وكان الأصمعي يقول : أحفظ عشرة آلاف أرجوزة. وللمستشرق الألماني وليم أهلوردVilhelm Ahiwardt كتاب سماه (الأصمعيات ـ ط) جمع فيه بعض القصائد التي تفرد الأصمعي بروايتها. تصانيفه كثيرة ، منها (الإبل ـ ط) ، و (الأضداد ـ ط) ، و (خلق الإنسان ـ ط) ، و (المترادف ـ خ) ، و (الفرق ـ ط) أي الفرق بين أسماء الأعضاء من الإنسان والحيوان.

٢٧٠

وروى بعضهم قال : بت بوادي برهوت فكنت أسمع طول الليل قائلا ينادي : يا دومة يا دومة ، إلى الصباح. فذكرت ذلك لرجل من أهل العلم فقال : دومة هو اسم الملك الموكل بتلك البئر لتعذيب أرواح الكفار.

بئر قضاعة (٣٧٨) : وهي بالمدينة الشريفة. روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بئر قضاعة فتوضأ من الدلو ورد ما بقي إلى البئر وبصق فيها وشرب من مائها ، وكان ملحا فعاد عذبا طيبا. وكان إذا أصاب الإنسان مرض في أيامه صلى الله عليه وسلم يقول اغسلوه من بئر قضاعة فإذا غسل فكأنما نشط من عقال. وقالت أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما : كنا نغسل المريض من بئر قضاعة ثلاثة أيام فيعافى. بئر ذروان (٣٧٩) : بالمدينة المشرفة. روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرض ، فبينما هو بين النائم واليقظان إذ نزل ملكان فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه ، فقال الذي عند رأسه : ما وجعه؟ قال الذي عند رجليه : طب. قال : ومن طبه؟ قال لبيد بن الأعصم اليهودي. قال فأين طبه؟ قال : كرية تحت صخرة في بئر دروان. فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد حفظ كلامهما فوجه عليا وعمارا مع جماعة من الصحابة فأتوا البئر فنزحوا ما بها من الماء وانتهوا إلى الصخرة فقلبوها فوجدوا الكرية تحتها ، وفيها وتر فيه إحدى عشرة عقدة ، فأخرجوها وحلوا العقد فزال وجع النبي صلى الله عليه وسلم. فأنزل الله عليه المعوذتين إحدى عشرة آية ، فحل بقراءتها العقد المعقودة في الوتر.

__________________

(٣٧٨) بئر قضاعة : نسبة الى قضاعة بن مالك بن حمير بن سبأ ، فهم يمانية وجدهم قحطان ، وقيل إن قضاعة امرأة من جرهم ، تزوجها ماللك بن حمير ، وقضاعة اسم كلب الماء أو كلبته (لسان العرب ، مادة قضع).

(٣٧٩) بئر ذوران : بئر أثرية قديمة ، تقع في الجهة الجنوبية للمسجد النبوي الشريف في محلة ذروان ، تحت أحد أبراج سور المدينة الأول ، وهي في منازل بني زريق ، وهي التي وضع فيها المنافق اليهودي لبيد بن الأعصم السحر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بردمها.

٢٧١

بئر زمزم (٣٨٠) : لما ترك إبراهيم الخليل عليه السلام إسماعيل وهاجر بموضع الكعبة وانصرف ، والقصة مشهورة ، قالت له هاجر : يا إبراهيم الله أمرك أن تتركنا في هذه البرية الحارة وتنصرف عنا؟ قال : نعم. قالت : حسبنا الله إذا فلا نضيع.فأقامت عند ولدها حتى نفد ماء الركوة. فبقي إسماعيل يتلظى من العطش. فتركته وارتقت الصفا تلتمس غوثا أو ماء فلم تر شيئا ، فبكت ودعت هناك واستسقت ثم نزلت حتى أتت المروة وتشوفت ودعت مثل ما دعت بالصفا ، ثم سمعت أصوات السباع فخافت على ولدها فسعت إليه بسرعة فوجدته يفحص برجليه الأرض وقد انفجر من تحت عقبه الماء ، فلما رأت هاجر الماء حوطت عليه بالتراب من خوفها أن يسيل. فلو لم تفعل ذلك لكان الماء جاريا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يرحم الله أم إسماعيل ، لو تركت زمزم لكانت عينا جارية. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ماء زمزم لما شرب له. ولكم أبرأ الله به من مرض عجزت عنه حذاق الأطباء.

قال محمد بن أحمد الهمداني : كان ذرع زمزم من أعلاه إلى أسفله أربعين ذراعا ، وفي قعرها عيون غير واحدة ، عين حذاء الركن الأسود ، وعين حذاء أبي قبيس والصفا ، وعين حذاء المروة. ثم قل ماؤها في سنة أربع وعشرين ومائتين فحفر فيها محمد بن الضحاك تسعة أذرع فزاد ماؤها ، وأول من فرش أرضها بالرخام المنصور ثاني الخلفاء العباسيين.

__________________

(٣٨٠) بئر زمزم : يقع بالصحن المكشوف للمسجد الحرام والى الجنوب الشرقي من الكعبة المشرفة ، قبال الحجر الاسود وزمزم في اللغة تعني الماء الغزير ويقال زمزم الرجل الماء أي شربه جرعة جرعة (القاموس ج ٣ ، ص ٨١).

٢٧٢

حكى المسعودي : أن ملوك الفرس يزعمون أن جدهم الخليل عليه السلام ، وأنهم كانوا يحجون البيت ويطوفون به تعظيما لجدهم ، وآخر من حج منهم أردشير (٣٨١) بن بابك ، طاف بالبيت فرموه بالزمزمة على زمزم ، وهي قراءتهم عند صلاتهم.

بئر أريس (٣٨٢) : وهي بالمدينة الشريفة. وروي أن فيها عينا من الجنة ؛ وكان صلى الله عليه وسلم يستطيب ماءها ويبارك فيها. وروي أنه بصق فيها.

بئر المطرية (٣٨٣) : هي بئر قرية من قرى مصر ، وبها شجر البلسان (٣٨٤) ، وسقيها من البئر. والخاصية في البئر لا في الأرض.

ذكر أن عيسى عليه السلام اغتسل فيها. والأرض التي ينبت فيها هذا الشجر نحو ميل في ميل محوط عليها ، وليس في الدنيا موضع ينبت فيه البلسان إلا هذه القرية.

__________________

(٣٨١) أردشير : أردشير بن بابك ، تولى عرش فارس حوالى عام ٢٢٦ م وكانت بينه وبين أخيه سابور حروب انتهت بموت سابور كما قتل أخوته خشية الثورة عليه ثم أخضع العرب النازلين على مصب دجلة وساحل الخليج ، ومد سلطانه الى خراسان شرقا وميديا غربا وارتبطت سيرته بكثير من القصص في لمراجع العربية (القاموس الإسلامي ، ج ١ ، ص ٦٤).

(٣٨٢) بئر اريس او بئر الخاتم او بئر النبي (ص) وروي انه وقع خاتم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من يد عثمان في بئر أريس وهي على ميلين من المدينة (وراها ابن الأثير في الكامل في التاريخ ، ج ٢).

(٣٨٣) حي المطرية هو أحد أحياء محافظة القاهرة وضمن أحياء المنطقة الشرقية قيل أنها نسبة الى كلمة" لقمة طرية" وتحولت الى المطرية.

(٣٨٤) البلسان Baume : أو البلسم ، شجرة مصرية تميل الى البياض وهو ذو رائحة طيبة (موسوعة مصطلحات العلوم عند العرب ، جيرار جهماي ، ج ١ ، مكتبة لبنان ، ط ١ ، ١٩٩٩ ، ص ٣٣٧).

٢٧٣

بئر المعظمة (٣٨٥) : وتسمى بئر العظائم ؛ وهي بالقاهرة عند الركن المخلق ، يقال إنها من آبار موسى عليه السلام.

وحكي أن طاسة لفقير وقعت في بئر زمزم وعليها منقوش اسم ذلك الفقير ، فرجع الفقير مع الركب المصري إلى القاهرة فجاء إلى البئر المعظمة ليتوضأ منها للتبرك فطلعت الطاسة بعينها في المستقى ؛ وشهد له جماعة من الحجاج أنهم شاهدوا وقوعها في بئر زمزم. وليكن هذا آخر الكلام على عجائب الآبار.

__________________

(٣٨٥) بئر المعظمة : وهي بئر كبيرة في غاية السعة وأوّل ما أعرف من إضافتها إلى الجامع الأقمر أنّ العماد الدمياطيّ ركب على فوهتها هذه المحال التي بها الآن وهي من جيد المحال وكان تركيبها بعد السبعمائة في أيام قاضي القضاة عز الدين عبد العزيز بن جماعة الشافعيّ وبهذا الجامع درس من قديم الزمان ولم تزل مئذنته التي جدّدها السالميّ والبركة إلى سنة خمس عشرة وثمانمائة فولي نظر الجامع بعض الفقهاء فرأى هدم المئذنة من أجل ميل حدث بها فهدمها وأبطل الماء من البركة لإفساد الماء بمروره جدار الجامع القبليّ والخطبة قائمة به إلى الآن.

٢٧٤

فصل في

عجائب الجبال وما بها من الآثار

قال الله تعالى : (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ ، وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ)(٣٨٦). فلو قال قائل : ما وجه النسبة بين الإبل والسماء والجبال والأرض والنسبة بينهن غير ظاهرة؟ فالجواب أن القرآن نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو بين ظهراني العرب ونزل بلغاتهم ، ومن المعلوم أن أجل أموال العرب وأعظما الإبل ؛ فبدأ بذكر الإبل لاستمالة قلوبهم إذ مدحت عظائم أموالهم ، ثم ذكر السماء إذ الإبل لا بلاغ لها إلا بالنبات ، ولا يكون النبات في الغالب إلا بالمطر ، والمطر لا ينزل إلى الأرض إلا من السماء ؛ ثم ذكر الجبال لأن العرب وأهل البادية ليس لهم حصون ولا قلاع يتحصنون فيها من أعدائهم إذا راموهم ، فكانت الجبال حصونا لهم وقلاعا ، وبها لهم الماء والمرعى ؛ ثم ذكر الأرض وتسطيحها لأن العرب في أكثر الدهر يرحلون وينزلون في الأراضي السهلة الوطيئة لإراحة الإبل التي هي سفن البر ومنها معاشهم وبلاغهم ، وهذه حكمة إلهية ، ومن بعض معاني هذه الآية الشريفة هذا الوجه وهو وجه حسن.

فأعظم جبال الدنيا قاف : وهو محيط بها كإحاطة بياض العين بسوادها ، وما وراء جبل قاف فهو من حكم الآخرة لا من حكم الدنيا. وقال بعض المفسرين : إن الله سبحانه وتعالى خلق من وراء جبل قاف أرضا بيضاء كالفضة الجلية ، طولها مسيرة أربعين يوما للشمس ، وبها ملائكة شاخصون إلى العرش لا يعرف الملك منهم من إلى جانبه ، من هيبة الله جل جلاله ، ولا يعرفون ما آدم وما إبليس ، وهكذا إلى يوم القيامة. وقيل : إن يوم القيامة تبدل أرضنا هذه بتلك الأرض. والله سبحانه وتعالى أعلم.

__________________

(٣٨٦) سورة الغاشية : آية ١٧ ـ ٢٠.

٢٧٥

جبل سرنديب : هو جبل بأعلى الصين في بحر الهند ، وهو الجبل الذي أهبط عليه آدم عليه السلام ، وعليه أثر قدمه غائصا في الصخرة ، طوله سبعون شبرا ، وعلى هذا الجبل ضوء كالبرق ولا يتمكن أحد أن ينظر إليه ، ولا بد كل يوم فيه من المطر فيغسل قدم آدم ، وحوله من أنواع اليواقيت والأحجار النفيسة وأصناف العطر والأفاويه ما لا يوصف ، وإن آدم خطا من هذا الجبل إلى ساحل البحر خطوة واحدة وهي مسيرة يومين.

جبل أوليان : هو بأرض الروم وفي وسط هذا الجبل درب ، من دخله وهو يأكل الخبز من أول الدرب إلى آخره لا تضره عضة الكلب ، ومن عضه الكلب وعبر بين رجلي هذا الرجل برئ وأمن من الغائلة. جبل أبي قبيس : هو جبل مطل على مكة. زعموا أن من أكل عليه رأسا مشويا أمن من وجع الرأس.

جبل راوند : بالقرب من همذان ، وفيه ماء إذا شربه المريض عوفي. حكي أنه دخل على جعفر الصادق رضي الله عنه رجل من همذان فقال له جعفر : من أين أنت؟ قال : من همذان ؛ فقال : أتعرف جبلها؟ فقال له الرجل : جعلت فداك أراوند؟ قال : نعم. قال : إن فيه عينا من عيون الجنة.

جبل سبستان : فيه ماء ينبت فيه قصب كثير ، فما كان في الماء من القصب فهو من حجر ، وما كان خارجا عن الماء فهو قصب على حقيقته ، وما رمي في الماء من ورق القصب الخارجي صار حجرا في الحال.

جبل أسبرة : وهو بناحية الشاش مما وراء النهر. قال الأصطخري : هناك جبل فيها منافع كثيرة من الذهب والفضة والفيروزج والحديد والنحاس والصفر والآنك والنفط والزئبق ، وفيه حجر أسود يحرق ويبيض به الثياب ولا يقوم شيء مقامه.

٢٧٦

جبل التر : على ثلاث مراحل من قزوين ، وهو جبل شامخ لا تخلو قلته من الثلج لا صيفا ولا شتاء ، وعليه مسجد تأويه الأبدال ، ويتولد من ثلجه دود أبيض إذا غرز فيه أدنى شيء يخرج منه ماء أبيض صاف يرى دابة وليس هو حيوانا.

وبالأندلس جبل فيه عينان بينهما مقدار شبر واحد ، إحداهما في غاية البرودة والعذوبة والأخرى في غاية الحرارة والملوحة ، ولهما رائحة عطرة طيبة. وبه جبل البرنس وفيه معدن الكبريت الأحمر والكبريت الأصفر والزئبق ، ومنه يحمل إلى سائر البلاد ، وفيه معدن الزنجفر وليس في جميع الأرض معدن للزنجفر إلا هناك.

جبل القدس : قال صاحب تحفة الغرائب : بأرض القدس جبل فيه غار كالبيت تزوره الناس ، فإذا أظلم الليل أضاء البيت وليس فيه ضوء ولا سراج ولا كوة ولا طاقة.

جبل ثبير : وهو بمكة بقرب منى ، وهو جبل مبارك يقصده الزوار ، وعليه اهبط الكبش الذي فدي به إسماعيل عليه السلام.

جبل ثور (٣٨٧) : وهو بقرب مكة. وفيه الغار الذي كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق (٣٨٨) رضي الله تعالى عنه لما خرجا مهاجرين.

__________________

(٣٨٧) جبل ثور : ثور جبل عال أغبر يرى من جميع نواحيها المرتفعة ، يشبه ثورا مستقبل الجنوب وهو جبل يقع جنوب مكة يبلغ إرتفاع قمته ٧٢٨ مترا. ويمتد من الشمال إلى الجنوب على مسافة ٤١٢٣ مترا ومن الشرق إلى الغرب على مسافة ٤٠٠٠ متر تقريبا. ومنه إشتق اسم الغار ، غار ثور الذي مكث فيه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ثلاث ليل أثناء هجرته إلى المدينة.

(٣٨٨) أبو بكر الصديق (٥١ ق ه ـ ١٣ ه‍) : هو عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر. من تيم قريش. وأول من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم. من أعاظم الرجال ، وخير هذه الامة بعد نبيها. ولد بمكة ، ونشأ في قريش سيدا ، موسرا ، عالما بأنساب القبائل حرم على نفسه الخمر في الجاهلية ، وكان مألفا

٢٧٧

جبل الجودي (٣٨٩) : بقرب جزيرة ابن عمر من الجانب الشرقي الذي استوت عليه سفينة نوح عليه السلام ، وبنى به نوح مسجدا وهو باق إلى الآن تزوره الناس. جبل جوشن (٣٩٠) : غربي حلب ، وفيه معدن النحاس. قيل : إنه بطل منذ عبر عليه سبي الحسين بن علي رضي الله عنهما ، وكانت زوجة الحسين مثقلة بالحمل فطرحت هناك. وبه مشهد مبارك يعرف بمشهد الطرح ، وطلبت من صناع النحاس ماء للشرب فمنعوها وسبوها ، فدعت عليهم فامتنع الريح من ذلك الحين.

جبل حارث وحويرث : هما بأرض أرمينية ، لا يقدر أحد على ارتقائهما أصلا. قال ابن الفقيه السيرافي ، كان على نهر الرس بأرمينية ألف مدينة عامرة آهلة ، فبعث

__________________

لقريش ، أسلم بدعوته كثيرين السابقين. صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هجرته ، وكان له معه المواقف المشهورة. ورسخ قواعد الإسلام. وجه الجيوش الى الشام والعراق ففتح قسم منها في أيامه. [الإصابة ، ومنهاج السنة ٣ / ١١٨ ، و (أبو بكر الصديق) للشيخ علي الطنطاوي].

(٣٨٩) جبل الجودي : في منتصف شهر (أيار) من سنة ١٩٤٨ م اكتشف أحد رعاة الأغنام من الأكراد واسمه رشيد سرحان سفينة سيدنا نوح عليه السلام وبقايا من أخشابها مطمورة في رسوبيات مياه عذبة في قمة جبل (الجودي). واسم القرية مطابق تماما للاسم البابلي للقرية العاصية التي كان يسكنها سيدنا نوح. وفي الأعوام التي تلت عام ١٩٥٣ قامت عدة بعثات أثرية بزيارة موقع جبل الجودي) في تركيا وعاينت الأخشاب المتحجرة للسفينة وفحصتها بنظير الكاربون المشع للتعرف على عمرها الحقيقي ووجدت أنها صنعت قبل حوالي ٤٥٠٠ سنة وان هذا التقدير العمري المبني على قراءات أجهزة الفحص الفيزيائية يتطابق تماما مع ما ورد في المدونات السومرية. بيد أن الفضل الكبير في اكتشاف أسرار وخبايا الموقع الذي رست فيه سفينة نوح (ع) والتوسع في شرح التفاصيل الدقيقة المتعلقة بتلك السفينة ورحلتها الأسطورية يعزى إلى الباحثين ديفيد فاسولد ورون وايت ويعزى أيضا إلى جهود البر وفسور التركي احمد ارسلان الذي تسلق جبل الجودي أكثر من ٥٠ مرة على مدى ٤٠ عام لاستطلاع موقع السفينة حيث جاءت إحداثيات الموقع المكتشف تحت جبل الجوديّ مطابقة تماما للموقع الذي ورد ذكره في القرآن الكريم.

(٣٩٠) الجوشن : اسم الحديد الذي يلبس من السلاح ، ويقول الجوهري : الجوشن : الدرع (اللسان ج ١ ، مادة جشن ، ص ٦٢٩).

٢٧٨

الله عز وجل إليهم نبيا دعاهم إلى الله فكذبوه وآذوه فدعا عليهم فحول الله الحارث والحويرث من الطائف (٣٩١) وأرسلهما على المدن وأهلها. فهم تحت هذين الجبلين حتى الساعة.

جبل حراء (٣٩٢) : هو على ثلاثة أميال من مكة المشرفة. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيه للخلوة ويعبد الله فيه قبل نزول الوحي ، وأتاه جبريل هناك. جبل جودقور : وهو بين حضر موت وعمان.

حكى أحمد بن يحيى اليمني أن في ناحية قورشق جبلا يقال له جود قور ، غوره مقدار خمسة أرماح وعرضه قليل فمن أراد أن يتعلق السحر فليأخذ ماعزا أسود ليس فيه شعرة بيضاء ويذبحه ويسلخه ويقسمه سبعة أجزاء يعطي منها جزءا واحدا للمقيم بذلك الجبل ، وستة أجزاء ينزل بها إلى الغار ، ثم يأخذ الكرش يشقها وينطلي بما فيها ، ويلبس الجلد مقلوبا ويدخل الغار ليلا. وشرطه أن لا يكون له أب ولا أم ، فينام في الغار تلك الليلة فإن أصبح جسمه نقيا من حشو الكرش مغسولا فقد قبل وحصل له السحر. وإن وجده بحاله لم يقبل ولا يحصل له القصد ، فإذا خرج من الغار بعد القبول لا يحدث أحدا ثلاثة أيام يصير ساحرا ماهرا. جبل الحيات : بأرض

__________________

(٣٩١) الطائف : جنوب شرقي مكة المكرمة ، وهي ذات مزارع ونخيل وأعناب (الحميري ، الروض ٣٧٦ ، ياقوت ، معجم ٤ / ٩).

(٣٩٢) جبل حراء : وبه غار حراء هو الغار الذي كان يختلي فيه رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم قبل نزول القرآن عليه بواسطة جبريل عليه السلام. فغار حراء هو المكان الذي نزل الوحي فيه لأول مرة على النبي صلى الله عليه وسلم وغار حراء يقع في أعلى جبل حراء أو كما يسمى" جبل النور" أو" جبل الإسلام" وقد سمي ذلك لنزول نور الدعوة الإسلامية فيه لأول مرة. وجبل حراء يقع شرق مكة المكرمة على يسار الذاهب إلى عرفات ، وارتفاعه ٦٣٤ متر. يبعد جبل حراء تقريبا مسافة أربعة كيلو مترات عن الحرم الشريف.

٢٧٩

تركستان. فيه حيات من نظر إليها مات الناظر لوقته إلا أنها لا تتجاوز هذا الجبل أبدا.

جبل نهاوند : بقرب الري يناطح النجوم ارتفاعا ، قال مسعود بن مهلهل : هذا الجبل لا يفارق أعلاه الثلج لا ليلا ولا نهارا ، ولا صيفا ولا شتاء البتة ، ولا يقدر أحد أن يعلوه.

زعموا أن سليمان بن داود عليهما السلام حبس فيه صخر المارد ، وزعموا أن أفريدون الملك حبس فيه بيوراسف الذي يقال له الضحاك. ومن صعد إلى هذا الجبل لا يصل إليه إلا بمشقة شديدة ومخاطرة بالنفس. قال مسعود بن مهلهل : صعدت إلى نصفه بمشقة شديدة وما أظن أحدا وصل إلى ما وصلت إليه ، فرأيت هناك عين كبريت وحولها كبريت مستحجر ، إذا طلعت الشمس اشتعل نارا. وسمعت من أهل تلك الناحية أن النمل إذا أكثر من جميع الحب على هذا الجبل استشعر الناس بعده بجدب وقحط ؛ وأنه متى دامت عليهم الأمطار والأنداء وتضرروا بذلك صبوا لبن الماعز على النار فتنقطع الأمطار والأنداء في الحال والحين ، وجربته مرارا فوجدته صحيحا كما قيل ، وأما ذروة هذا الجبل فمتى انكشف من الثلج وقعت في تلك الأرض فتنة عظيمة على ممر الأيام لا تنخرم أبدا بل تكون الفتنة في الجهة المنكشفة دون غيرها.

قال محمد بن إبراهيم الضراب : عرف والدي معدن الكبريت الأحمر فاتخذ مغارف طوالا من حديد فأدخلها فيه فذابت ولم يحصل على قصده. وقال له أهل تلك الناحية : هذا المكان لا يدخل فيه حديد إلا ذاب في وقته. وذكروا أن رجلا جاءهم من خراسان ومعه مغارف طوال من حديد ولها سواعد قد طلاها بأدوية حكمية ، فأخرج بها من الكبريت الأحمر شيئا كثيرا لبعض ملوك خراسان.

٢٨٠