العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٢

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٢

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٤٥

أنت إلا من أشجع. قال : فأسألك بصهر عبد الملك. قال : لم تحفظه. قال له : يا أمير المؤمنين ، قد نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عن أن يضرب فى شىء بالسياط إلا فى حد. قال : وفى حد أضربك وقود ، أنت أول من سن ذلك على العرجى ، وهو ابن عمى ، وابن أمير المؤمنين عثمان ، فما رعيت حق جده ولا نسبته لهشام ، ولا ذكرت حينئذ هذا الخبر ، أنا ولى ثأره ، اضرب يا غلام ، فضربهما ضربا شديدا ، وأثقلا بالحديد ، ووجه بهما إلى يوسف بن عمر بالكوفة ، وأمره باستضافتها وتعذيبهما حتى يتلفا. وكتب إليه : احبسهما مع ابن النصرانية ـ يعنى خالد القسرى ـ ونفسك نفسك إن عاش أحد منهم ، فعذبهم عذابا شديدا ، وأخذ منهما مالا عظيما ، حتى لم يبق فيهم موضعا للضرب.

وكان محمد بن هشام مطروحا ، فإذا أرادوا أن يقيموه ، أخذوا بلحيته ، فحذبوه بها. ولما اشتدت الحال بهما ، تحامل إبراهيم لينظر فى وجه محمد ، فوقع عليه ، فماتا جميعا. ومات خالد القسرى معهما فى يوم واحد. انتهى.

قلت : كانت وفاة خالد ، فى محرم سنة ست وعشرين ومائة ، كما ذكره غير واحد.

٤٧٧ ـ محمد بن يحيى بن على ، سبط الشيخ خالد الواسطى ، الشيخ الصالح الزاهد شمس الدين أبو عبد الله بن الشيخ الصالح محيى الدين :

توفى ليلة الاثنين خامس المحرم سنة سبعين وستمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.

ومن حجر قبره لخصت هذه الترجمة.

٤٧٨ ـ محمد بن يحيى بن محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن عبد الوهاب بن عبد الله بن أبى عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومى أبو عيسى :

أمير مكة. هكذا نسبه صاحب الجمهرة ، وقال : كان المعتمد قد ولى أبا عيسى هذا مكة ، ثم عزله بأبى المغيرة المذكور ، فتحاربا ، فقتل أبو عيسى. ودخل أبو المغيرة مكة ، ورأس أبى عيسى بين يديه. انتهى.

وأبو المغيرة هو : محمد بن عيسى السابق ذكره.

وذكر ابن حزم : أن أبا عيسى ، ابن عمة أبى المغيرة ، وزوج أخته وابن عمه.

وذكر الفاكهى ما يقتضى أن أبا عيسى محمد بن يحيى المخزومى ، ولى مكة نيابة عن

__________________

٤٧٨ ـ انظر ترجمته فى : (جمهرة أنساب العرب ٣٩٨).

٤٢١

الفضل بن العباس ؛ لأنه قال : وكان محمد بن يحيى المخزومى وليها ، استخلفه عليها الفضل بن العباس ، فقال شاعر من أهل مكة :

امعجوا يا بنى المغيرة فيها

فبنو حفص منكم أمراء

انتهى. ولا مانع من أن يكون أبو عيسى ولى مكة عن الفضل بن عباس نيابة كما ذكر الفاكهى ، وعن المعتضد استقلالا ، كما ذكر ابن حزم. والله أعلم.

٤٧٩ ـ محمد بن يحيى بن عياد ـ بمثناه من تحت ـ الصنهاجى المكى :

سمع على عثمان بن الصفى ، والجمال بن النحاس ، وجماعة بعده كثيرا ، وما علمته حدث ، وتردد إلى اليمن بقصد التجارة ، وحصل دنيا. فغرقت منه ، فذهب وتعلل بعدها ، حتى مات فى حدود سنة ثمانين وسبعمائة.

٤٨٠ ـ محمد بن يحيى بن أبى عمر ، ويقال محمد بن أبى عمر ، منسوبا إلى جده ، وقيل أبو عمر ، كنية أبيه يحيى ، الحافظ أبو عبد الله العدنى :

نزيل مكة. سمع من سفيان بن عيينة ، وعبد العزيز بن محمد الدراوردى ، وعبد الوهاب الثقفى ، وعبد المجيد بن أبى رواد ، وعبد الرحمن العمى ، وفضيل بن عياض ، ومروان بن معاوية ، ووكيع بن جراح ، ويحيى بن سليم الطائفى ، ويزيد بن هارون ، وأبى عبد الرحمن المقرى ، وأبى معاوية الضرير ، وغيرهم.

وروى عنه مسلم والترمذى ، وابن ماجة ، وبقية بن مخلد ، وزكريا الساجى ومحمد ابن إسحاق الثقفى ، وهلال بن العلاء الرقى ، وأبو حاتم ، وأبو زرعة الرازى الدمشقى. وإسحاق بن أحمد الخزاعى. روى عنه مسنده ، ووقع لنا حديثه من طريقه عاليا ، وجماعة ، وروى النسائى عن رجل عنه.

وذكره ابن حبان فى الثقات. انتهى.

وقال الحسن بن أحمد بن الليث الرازى : حج سبعا وسبعين حجة ، قال : وبلغنى : أنه لم يقعد عن الطواف (ستين) سنة.

وقال البخارى : توفى بمكة لإحدى عشرة ليلة بقيت من ذى الحجة ، سنة ثلاث وأربعين ومائتين.

__________________

٤٨٠ ـ انظر ترجمته فى : (تذكرة الحفاظ ٢ : ٧٦ ، الرسالة المستطرفة ٥٠ ، تهذيب التهذيب ٩ : ٥١٨ ، مرآة الجنان ٢ / ٢٨٠ ، الأعلام ٧ / ١٣٥).

٤٢٢

قرأت على أبى هريرة بن الحافظ الذهبى فى الغوطة ، ظاهر دمشق ، أن أبا نصر محمد ابن محمد بن الشيرازى ، والقاسم بن مظفر الطبيب ، أخبراه عن أبى عبد الله محمد ابن عبد الواحد المدينى ، قال : أنا إسماعيل بن على الحمامى ، قال : أنا الأديب أبو مسلم محمد ابن على بن مهرايرد المقرى ، قال : أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرى الحافظ ، قال : أنا إسحاق بن أحمد بن نافع الخزاعى بالمسجد الحرام ، قال : ثنا محمد بن يحيى بن أبى عمر المعدنى ، قال : ثنا بشر بن السرى ، قال : ثنا مسعر ، عن قتادة ، عن أنس رضى الله عنه ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «سووا صفوفكم ، فإن إقامة الصف من حسن الصلاة» (١).

٤٨١ ـ محمد بن يحيى بن مؤمن بن على الغبرينى الزواوى ، أبو عبد الله الملقب منديل المالكى:

قدم مكة ، وسمع بها من شيختنا أم الحسن بنت الحرازى ، والجمال الأميوطى وغيرهما.

ووجدت بخط أبى العباس بن عبد المعطى النحوى ، أنه حضر عنده دروسا فى علم العربية ، فوجده بحرا فى تحقيق مسائل هذا العلم. انتهى.

وكان رجلا صالحا زاهدا ورعا فاضلا مفننا ، وكان أبتلى بالوسواس ، وتعب به كثيرا.

وجاور بمكة سنين ، حتى توفى بها فى سنة سبع وثمانين وسبعمائة ، ودفن بالمعلاة.

__________________

(١) أخرج هذا الحديث عن أنس : البخارى فى صحيحه باب إقامة الصف حديث رقم (٧٠٨) من طريق : أبو الوليد قال: حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن أنس ، عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة».

وأخرجه مسلم فى صحيحه باب تسوية الصفوف حديث رقم (٩٢٦) من طريق : محمد بن المثنى وابن بشار ، قالا حدثنا محمد بن جعفر : حدثنا شعبة ، قال : سمعت قتادة يحدث عن أنس ابن مالك ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة».

وأخرجه أحمد فى المسند حديث رقم (١٢٤٥٤ ، ١٣٣٠٦) ، وابن ماجة فى سننه باب إقامة الصفوف حديث رقم (١٠٢٤) ، والدرامى فى سننه باب إقامة الصفوف حديث رقم (١٢٦٤) ، وأبو داود فى سننه باب تسوية الصفوف حديث رقم (٦٦٧).

٤٢٣

٤٨٢ ـ محمد بن يحيى بن منصور الجنزى ـ بجيم ونون وزاى ـ أبو سعد النيسابورى :

قدم نيسابور بسبب الأستاذ أبى القاسم القشيرى ، وصار من مريديه ، ثم جاور بمكة مدة. وكان يروض نفسه ، ويواصل بين الصيام.

وتوفى مقتولا بجامع نيسابور الجديد ، فى سنة تسع وأربعين وخمسمائة.

ومولده فى سنة ست وتسعين وأربعمائة. وكان والده مشهورا باليسار.

كتبت هذه الترجمة ملخصة من تاريخ الإسلام.

٤٨٣ ـ محمد بن يحيى بن يونس ، شرف الدين القرقشندى :

تردد إلى مكة مرات ، منها فى موسم سنة ثمان وثمانمائة ، ثم توجه إلى اليمن ، فى سنة تسع عشرة وثمانمائة ، بقصد التجارة ، وعاد إلى مكة فيها ، أو فى التى بعدها.

وتوفى يوم الأحد سادس عشر شعبان ، سنة عشر وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة عند تربة أم سليمان.

٤٨٤ ـ محمد بن يحيى المكى :

قدم أصبهان ، وحدث عنه أبو مسعود وغيره.

حدث عن ابن عيينة ، والفضيل بن عياض ، وعيسى بن يونس ، وأبى إسحاق الفزارى. روى عنه : أبو مسعود ، حديثا تفرد به.

ذكره هكذا أبو الشيخ فى «طبقات المحدثين بأصبهان ، والواردين عليها».

٤٨٥ ـ محمد بن يزيد بن خنيس المخزومى ، مولاهم ، أبو عبد الله المكى :

روى عن أبيه ، وسعيد بن حسان المخزومى ، وابن جريج ، وعبد العزيز بن أبى رواد ، وسفيان الثورى وجماعة.

__________________

٤٨٣ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ١٠ / ٧٦).

٤٨٥ ـ انظر ترجمته فى : (تهذيب الكمال ١٥ ، تاريخ البخارى الكبير ترجمة ٨٣٧ ، الكنى لمسلم ٦٤ ، الجرح والتعديل ترجمة ٥٧٣ ، ثقات ابن حبان ٩ / ٦١ ، المنتظم ٥ / ٩٠ ، الكاشف ترجمة ٥٣٠٥ ، تهذيب التهذيب ٤ / ١١ ، تاريخ الإسلام ١٥٥ ، ميزان الاعتدال ترجمة ٨٣٢٤ ، نهاية السول ٣٥٨ ، تهذيب التهذيب ٩ / ٥٢٣ ـ ٥٢٤ ، التقريب ٢ / ٢١٩ ، خلاصة الخزرجى ترجمة ٦٧٥٨).

٤٢٤

روى عنه أحمد بن الفرات ، وحنبل بن إسحاق ، وعبد بن حميد ، ومحمد بن سليمان الباغندى ، وأبو يحيى بن أبى مسرة ، وأبو حاتم. وقال : كان شيخا صالحا ، كتبنا عنه بمكة ، وكان ممتنعا من التحديث ، أدخلنى عليه ابنه.

وذكره ابن حبان فى الثقات ، وقال : كان من خيار الناس ، ربما أخطأ ، يجب أن يعتبر بحديثه إذا بين السماع فى خبره. روى له الترمذى وابن ماجة.

٤٨٦ ـ محمد بن يزيد المكى :

يروى عن مجاهد ، روى عنه نافع بن يزيد. ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات.

٤٨٧ ـ محمد بن يعقوب بن إسماعيل بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن محمد بن المعالى الشيبانى الطبرى المكى ، يلقب بالجمال ، ويعرف بابن زبرق :

ولد فى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة ، ظنا غالبا ، وسمع على القاضى موفق الدين الحنبلى ، والقاضى عز الدين بن جماعة ، جزء ابن نجيد.

سمعت عليه منه جانبا بين الحرمين ، ونحن متوجهون إلى طيبة. ثم قرأت عليه منه جانبا بسولة من وادى نخلة اليمانية ، وكان له بها مال ، ودخل ديار مصر غير مرة. وولى النظر على قلشان ، وقف السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب على الشيبانيين بالبحيرة من ديار مصر وكان إماما وخطيبا بسولة من وادى نخلة وهو من ذرية القاضى أبى المعالى الشيبانى ، الآتى ذكره.

وتوفى ليلة الأربعاء ثالث صفر سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة بمكة ، ودفن فى صبيحتها بالمعلاة.

وكان مرضه خمس ليال بعد قدومه من جدة.

٤٨٨ ـ محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن عمر بن أبى بكر بن أحمد بن محمود بن إدريس بن فضل الله بن الشيخ أبى إسحاق إبراهيم بن على ، القاضى مجد الدين أبو الطاهر الفيروزابادى الشيرازى الشافعى اللغوى :

نزيل مكة. ولد بشيراز فى سنة تسع وعشرين وسبعمائة. وسمع بها من المحدث شمس

__________________

٤٨٧ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ١٠ / ٧٩).

٤٨٨ ـ انظر ترجمته فى : (البدر الطالع ٢٨٠ ، الضوء اللامع ٧٩ : ١٠ ، بغية الوعاة ١١٧ ، العقود اللؤلوية ٢٦٤ ، ٢٧٨ ، ٢٩٧ ، أزهار الرياض ٣ / ٣٨ ، ٥٣ ، كشف الظنون ١٦٥٧ ، الأعلام ٧ / ١٤٧).

٤٢٥

الدين محمد بن يوسف الزرندى المدنى : صحيح البخارى ، وببغداد على بعض أصحاب الرشيد بن أبى القاسم ، وبدمشق من مسندها محمد بن إسماعيل بن الخباز : جزء ابن عرفة ، وعوالى مالك للخطيب ، ومن محمد بن إسماعيل الحموى : السنن الكبرى للبيهقى بفوت ، ومن أحمد بن عبد المؤمن المرداوى : المنتقى من أربعين عبد الخالق الشحامى ، ومن الإمام شهاب الدين أحمد بن مظفر النابلسى : معجم ابن جميع ، ومن عبد الله بن محمد بن إبراهيم المعروف بابن قيم الصيائية : مشيخة الفخر بن البخارى ، تخريج ابن الظاهرى عنه ، ومن يحيى بن على بن مجلى بن الحداد الحنفى : الأربعين النواوية ، عن النواوى سماعا بدعواه وما قبل ذلك منه ، وغيرهم.

وببيت المقدس ، على الحافظ صلاح الدين خليل بن كيكلدى العلائى : الأول من مسلسلاته ، وغير ذلك.

وبمصر من محمد بن إبراهيم البيانى : الصحيحين فيما أحسب ، الشك منى فى محل السماع ، لا فى المسموع.

وسمع بمصر على أبى الحرم محمد بن محمد القلانسى ، ومظفر الدين محمد بن محمد ابن يحيى العطار ، والقاضى ناصر الدين محمد بن محمد بن أبى القاسم ، المعروف بابن التونسى ، والمحدث ناصر الدين محمد بن أبى القاسم بن إسماعيل الفارقى : رباعيات الترمذى ، والمنتقى الكبير من الغيلانيات.

وسمع على الفارقى والقلانسى : ثلاثيات المعجم الصغير للطبرانى ، وغير ذلك ، وعلى القلانسى فقط : ثمانيات مؤنسة خاتون ، بنت الملك العادل ، وسباعياتها : تخريج ابن الظاهرى وتسلسل له مطلقا ، الحديث المسلسل بالأولية الذى بأولها ، لبس منه خرقة التصوف ، وعلى مظفر الدين العطار : الجزء الأخير من الغيلانيات ، وعلى الأديب جمال الدين محمد بن محمد بن محمد بن الحسن ، المعروف بابن نباتة : جزء الحرفى.

ومن أحمد بن محمد بن الحسن الإمام الجزائرى : الجزء الثانى من مشيخة يوسف بن المبارك الخفاف ، ومن على بن أبو العرضى «الطهور» لأبى عبيد ، ومعجم ابن جميع ، وبعض المسند لابن حنبل ، ومن القاضى عز الدين بن جماعة أربعينه التساعيات ، وجزؤه الكبير ، ومنسكه الكبير ، والبردة للبوصيرى عنه.

وبمكة من إمامها خليل بن عبد الرحمن المالكى ، وقاضيها تقى الدين الحرازى ، ونور الدين على بن الزين القسطلانى ، قرأ عليه الموطأ لمالك ، رواية يحيى بن يحيى ، وغيرهم.

٤٢٦

ولقى جمعا كثيرا من الفضلاء ، وأخذ عنهم ، وأخدوا عنه ، منهم : الصلاح الصفدى ، وكتب عنه البيتين الآنى ذكرهما أخيرا ، وأوسع فى الثناء عليه ، وخرج له الإمام جمال الدين محمد بن الشيخ موسى المراكشى المكى ، مشيخة حسنة عن شيوخه ، ولم يقدر لى قراءتها عليه ، ولا سمعها عليه أحد ، غير أن بعض أصحابنا المكيين ، أخبرنى أنه قرأ عليه أحاديث شيوخ السماع ، ببستانه بنخل ربيد.

وكانت له بالحديث عناية غير قوية ، وكذا بالفقه ، وله تحصيل فى فنون من العلم ، ولا سيما اللغة ، فإن له فيها اليد الطولى ، وألف فيها تواليف حسنة ، منها : القاموس المحيط ، ولا نظير له فى كتب اللغة ، لكثرة ما حواه من الزيادات على الكتب المعتمدة ، كالصحاح وغيرها.

ومن تواليفه : شرح الفاتحة ، ألفه فى ليلة واحدة ، على ما ذكر. وشرح على البخارى ، ما أظنه أكمله. وكتاب فى الأحاديث الضعيفة ، مجلدات. وكراس فى علم الحديث ، رأيته بخطه. وله الدر الغالى فى الأحاديث العوالى ، والصلات والبشر فى الصلاة على خير البشر. والمغانم المطابة فى معالم طابة. والوصل والمنى فى فضائل منى. وشىء فى فضل الحجون ، ومن دفن فيه من الصحابة. ولم أر فى تراجمهم فى كتب الصحابة ، التصريح بأنهم دفنوا جميعا بالحجون ، بل ولا أن كلهم مات بمكة ، فإن كان اعتمد فى دفنهم أجمع بالحجون ، على من قال : إنهم نزلوا مكة ، فيلزم من نزولهم بها ، أن يكون جميعهم دفن بالحجون ، فإن الناس كانوا يدفنون بمقبرة المهاجرين بأسفل مكة ، وبالمقبرة العليا بأعلاها ، وربما دفنوا فى دورهم. والله أعلم. والمتفق وضعا والمختلف صقعا والمرقاة الوفية فى طبقات الحنفية ، أخذها من طبقات الشيخ محيى الدين عبد القادر الحنفى. والروض المسلوف فيما له إسمان إلى ألوف.

وتجبير الموشين فى السين والشين. وأسماء الخمر. وترقيق الأسل فى تصفيق العسل ، كراريس ، ألفها فى ليلة ، عندما سأله بعض الناس عن العسل ، هل هو قىء النحلة أو خرؤها. والإسعاد إلى رتبة الاجتهاد. وفضل السلامة على الخبزة ، كفضل الدر على الخرزة. والسلامة والخبزة : قريتان بوادى الطائف.

وألفيت بخطه فى إجازة لبعض أصحابنا ، ذكر تواليف له كثيرة جدا ، ومنها بعض ما ذكرناه من تواليفه ، وفيما ذكرناه زيادة فائدة فى ذلك. فنذكر ذلك كله لما فيه من الفائدة.

٤٢٧

ونص ذلك : وأجزت له أن يروى عنى جميع ما يجوز عنى روايته ، وما لى من تأليف وتصنيف فى فنون العلم الشريفة التى منها فى التفسير : كتاب بصائر ذوى التمييز فى لطائف الكتاب العزيز ، مجلدان. وكتاب تنوير المقباس فى تفسير ابن عباس ، أربع مجلدات. وكتاب تيسير فاتحة الإياب فى تفسير فاتحة الكتاب ، مجلد كبير ، وكتاب الدر النظيم المشير إلى مقاصد القرآن العظيم. وحاصل كورة الخلاص ، فى تفسير سورة الإخلاص. وشرح قطبة الحشاف ، شرح خطبة الكشاف.

وفى الحديث : كتاب شوارق الأسرار العلية ، شرح مشارق الأنوار النبوية ، أربع مجلدات. وكتاب منح البارى ، بالسيح الفسيح الجارى ، فى شرح صحيح البخارى ، كمل ربع العبادات منه ، فى عشرين مجلدا. وكتاب عمدة الحكام ، فى شرح عدة الأحكام ، مجلدان وكتاب امتصاص الشهاد فى افتراض الجهاد. وكتاب النفحة العنبرية ، فى مولد خير البرية وكتاب الصلات والبشر فى الصلاة على خير البشر. وكتاب الوصل والمنى فى فضائل «منى» وكتاب المغانم المطابة ، فى معالم طابة ، وكتاب مهيج الغرام إلى البلد الحرام.

وكتاب إثارة الحجون ، لزيارة الحجون. وكتاب أحاسن اللطائف ، فى محاسن الطائف. وكتاب فصل الدرة من الخرزة ، فى فضل السلامة على الخبزة.

وكتاب روضة الناظر فى ترجمة الشيخ عبد القادر. وكتاب تعين العرفات للمعين على عين عرفات. وكتاب منية السول فى دعوات الرسول. وكتاب الإسعاد بالإصعاد ، إلى درجة الاجتهاد ، ثلاث مجلدات وكتاب اللامع المعلم العجاب ، الجامع بين المحكم والعباب ، وزيادات امتلأ بها الوطاب ، واعتلى منها الخطاب ، فغاق كل مؤلف هذا الكتاب ، يقدر تمامه فى مائة مجلد ، كل مجلد يقرب من صحاح الجوهرى فى المقدار. وكتاب القاموس المحيط ، والقابوس الوسيط ، الجامع لما ذهب من لغة العرب شماطيط. وكتاب الروض المسلوف فيما له اسمان إلى ألوف. وكتاب الدرر المبثثة فى الغرر المثلثة. وكتاب بلاغ التلغين فى غرائب الملغين وكتاب تحفة القماعيل فيمن يسمى من الملائكة والناس بإسماعيل ، وكتاب تسهيل طريق الوصول إلى الإحاديث الزائدة على جامع الأصول ، أربع مجلدات. وكتاب أسما البراح فى أسماء النكاح. وكتاب أسماء الغادة فى أسماء العادة. وكتاب الجليس الأنيس ، فى أسماء الخندريس. وكتاب أنواء الغيث فى أسماء الليث. وكتاب الفضل الوفى ، فى العدل الأشرفى. وكتاب مقصود ذوى الألباب فى علم الإعراب ، مجلد. وكتاب نزهة الأذهان فى فضائل أصبهان. وكتاب التجاريح ، فى فوائد متعلقة بأحاديث المصابيح. انتهى ما وجد بخطه.

٤٢٨

وله شعر كثير ، فى بعضه قلق ، لجلبه فيه ألفاظا لغوية عويصة.

وكان كثير الاستحضار لمستحسنات من الشعر والحكايات ، وله خط جيد من الإسراع فى الكتابة. وكان سريع الحفظ. بلغنى عنه أنه قال : ما كنت أنام حتى أحفظ مائتى سطر. أخبرنى عنه بذلك من سمعه منه ، من أصحابنا المعتمدين. وحدث بكثير من تصانيفه ومروياته.

سمع منه شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة. وحدث عنه فى حياته ، وصاحبنا الحافظ أبو الفضل بن حجر ، وغيره من أصحابنا الفضلاء. سمعت منه بمنزله بمنى : جزء ابن عرفة ، والمائة المنتقاة من مشيخة ابن البخارى ، انتقاء العلائى. وقرأت عليه قبل ذلك فى مبدأ الطلب : السيرة النبوية ، لعبد الغنى المقدسى ، عن ابن الخباز ، عن ابن عبد الدايم ، عنه ، والأربعين النواوية عن ابن مجلى ، عن النواوى ، والبردة عن ابن جماعة ، عن ناظمها.

وولى قضاء الأقضية ببلاد اليمن ، عشرين سنة متوالية ، تزيد قليلا ، متصلا بموته ، عن صاحبى اليمن : الملك الأشرف إسماعيل بن الأفضل عباس بن المجاهد ، وولده الملك الناصر أحمد ، وللملك الناصر ألف الكتاب الذى فيه الأحاديث الضعيفة ، ليريحه من التفتيش عليها فى كتب الحديث. وكان دخوله لليمن من بلاد الهند.

ولما دخل اليمن أكرمه الملك الأشرف. ونال منه بر ورفعة ، وتزوج الأشرف ابنته.

ونال كرامة من جماعة من ولاة البلاد ، منهم : ابن عثمان ملك الروم ، وشاه منصور ابن عم شاه شجاع ، وكذلك من تمر لنك ، وحصل منهم دنيا طائلة ، فما يطول بقاؤها بيده ، لتسليمه لها إلى من يمحقها بالإسراف فى صرفها. وقدم إلى مكة مرات ، وجاور بها كرات.

وأول قدومه إليها ـ فيما علمت ـ قبل سنة ستين وسبعمائة ، ثم قدم إليها فى سنة سبعين وسبعمائة ، وأقام بها خمس سنين متوالية ، أو ست ، الشك منى ، ثم رحل عنها وعاد إليها غير مرة ، منها بعد التسعين ـ بتقديم التاء ـ وسبعمائة ، وكان بها مجاورا فى سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة ، ورحل منها إلى الطائف ، وله فيها بستان كان لجدى لأمى ، اشتراه فيما أحسب فى هذه السنة.

ولما حج فيها ، دخل مع الركب العراق ، لأن القان أحمد بن أويس صاحب العراق ، استدعاه فى كتاب كتبه إليه ، وفيه نبأ عظيم عليه ، من جملته :

٤٢٩

القائل القول لو فاه الزمان به

كانت لياليه أياما بلا ظلم

والفاعل الفعلة الغراء لو مزجت

بالنار لم يك ما بالنار من حمم

وفيه بعد ذكر هدية إليه من مستدعيه :

ولو نطيق لنهدى الفرقدين لكم

والشمس والبدر والعيوق والفلكا

وما عرفت خبره مع مستدعيه ، ودار فى البلاد حتى وصل إلى عدن ، ثم إلى مكة ، وما عاد إلى مكة إلا فى سنة اثنتين وثمانمائة ، من بلاد اليمن ، فحج وجاور بقية السنة ، وشيئا من أول السنة التى بعدها ، وجعل داره التى أنشأها الصفا ، مدرسة للملك الأشراف صاحب اليمن ، وقرر بها طلبة وثلاثة مدرسين ، فى الحديث ، وفى فقه مالك ، والشافعى وزار المدينة النبوية ، وقرر بها مثل ما قرر بمكة ، واشترى حديقتين بظاهرها وجعلها لذلك ، ثم عاد إلى مكة ، ثم إلى اليمن لقصد الأشرف ، فمات الأشرف قبل وصوله إليها ، فأعرض عما قرره ، ثم قدم إلى مكة ، فى سنة خمس وثمانمائة ، فى رمضان ـ فيما أحسب ـ وذهب فى بقيتها إلى الطائف قبل الحج ، ثم حج وأقام بمكة مدة ، وبالطائف ، فى سنة ست وثمانمائة ، وحج فيها ، وتوجه إلى المدينة مع الحاج ، لتقريره ما كان اشتراه بها ، فإنه نوزع فيه ، ثم عاد إلى مكة بعد أن ظفر ببعض قصده ، وتوجه إلى اليمن ، على طريق السراة (١) ، وأقام بالخلف والخليف (٢) نحو تسعة أشهر ، ثم توصل منه إلى زبيد ، وأقام بها غالبا ، وبتعز مدة ، لما كان فوض إليه من تداريس مدارس بها، منها : المؤيدية والمجاهدية ، وغير ذلك. وكان يرغب فى الرجوع إلى مكة ، فما قدر له ذلك حتى مات.

وكان يحب الانتساب إلى مكة ؛ لأنه كان يكتب بخطه : الملتجئ إلى حرم الله تعالى ، واقتدى فى كتابة ذلك ، بالرضى الصاغانى اللغوى الآتى ذكره.

وكان يذكر أنه من ذرية الشيخ أبى إسحاق الشيرازى ، مؤلف «التنبيه» وذكر له

__________________

(١) السّراة : بلفظ جمع السرى ، وهو جمع جاء على غير قياس أن يجمع فعيل على فعلة ولا يعرف غيره ، وكذا قاله اللغويون. وقال الأصمعى : السراة الجبل الذى فيه طرف الطائف إلى بلاد أرمينية ، وفى كتاب الحازمى : السراة الجبال والأرض الحاجزة بين تهامة واليمن ولها سعة ، وهى باليمن أخص. انظر : معجم البلدان (السراة).

(٢) الخليف : بفتح أوله ، وكسر ثانيه : شعب فى جبلة الجبل. والخليف : الطريق الذى بين الشعبين يشبه الزقاق ، لأن سهمهم تخلّف. وقال الحفصى : خليف صماخ قرية ، وصماخ : جبل. وخليف عشيرة : وهو نخل. انظر : معجم البلدان (الخليف).

٤٣٠

نسبا إليه ، أملاه على بعض أصحابنا ، لما كتب سماعنا عليه. تقدم ذكره ، واستغرب ذلك الناس منه ، واستغربوا منه أكثر ، ما كان يذكره من انتسابه إلى أبى بكر الصديق رضى الله عنه، من جهة الشيخ أبى إسحاق.

وكان حوى من الكتب شيئا كثيرا ، فأذهبها بالبيع ، وما وجد له بعد موته منها ، ما كان يظن به. ومتعه الله تعالى ، بسمعه وبصره ، بحيث إنه قرأ خطا دقيقا قبيل موته بيسير.

وكان موته فى ليلة الثلاثاء ، العشرين من شوال سنة سبع عشرة وثمانمائة بزبيد ، ودفن بمقبرة الشيخ إسماعيل الجبرتى ، بباب سهام.

وما ذكرناه من تاريخ ليلة موته ، موافق لرؤية أهل زبيد لهلال شوال ، وعلى رؤية أهل عدن وغيرهم ، يكون موته فى ليلة تاسع عشر شوال. والله أعلم.

أنشدنى العلامة اللغوى ، قاضى الأقضية ببلاد اليمن ، مجد الدين أبو الطاهر محمد بن يعقوب بن محمد الفيروزابادى بمنى سماعا ، وأكبر ظنى أنى سمعته من لفظه لنفسه :

أحبتنا الأماجد إن رحلتم

ولم ترعوا لنا عهدا وإلا

نودّعكم ونودعكم قلوبا

لعل الله يجمعنا وإلا

وهذان البيتان هما اللذان كتبهما عنه الصلاح الصفدى ، وسمعت من ينتقد عليه قوله فى آخر البيت الثانى «وإلا» بما حاصله : أنه لم يتقدم له ما يوطئ له ، وأن مثل هذا لا يحسن إلا مع تقديم توطئة للمقصود. والله أعلم.

وأنشدنى شيخنا المذكور إذنا ، قال : دخلت على الشيخ تقى الدين ببستانه بالزعفرانية ظاهر دمشق ، فأنشدنى من لفظه :

مضى عصر الصبا لا فى انشراح

ولا عيش يطيب مع الملاح

ولا فى خدمة المولى تعالى

ففيه كل أنواع الفلاح

وكنت أظن يصلحنى مشيبى

فشبت فأين آثار الصلاح

وأنشدنى هذه الأبيات ، صاحبنا الإمام أبو المحاسن محمد بن إبراهيم الحنفى ، سماعا من لفظه عن شيخنا القاضى مجد الدين من لفظه ، وحكى عنه قصة إنشادها ، وفى معنى هذه الأبيات باختصار بليغ ، قول القائل :

وأضعت عمرك لا خلاعة ماجن

حصلت فيه ولا وقار مبجل

٤٣١

٤٨٩ ـ محمد بن يعقوب بن محمد بن أحمد بن على بن عبد الله الجاناتى المكى ، يلقب بالجمال ، سبط الشيخ عبد الله اليافعى :

ولد بمكة ونشأ بها ، وعنى بالفقه والعربية وتبصر فيهما ، وانتفع فى العربية وغيرها ، بزوج والدته صاحبنا الشيخ خليل بن هارون الجزائرى.

وسمع كثيرا من الحديث بعناية أخيه لأمه ، صاحبنا الحافظ جمال الدين محمد بن موسى المراكشى ، السابق ذكره ، على جماعة من شيوخ أخيه جمال الدين المذكور ، وسافر فى صحبته من مكة المشرفة بعد الحج ، من سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة إلى اليمن ، فدخل زبيد ثم تعز ، ثم عدن ، ثم عاد إلى زبيد. فعرض له بها ضعف ، حتى مات به فى شوال من سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة ، وهو فى أثناء عشر الثلاثين ، وخلف حملا من امرأة تزوجها بزبيد.

وكان كثير الإقبال على العلم والمطالعة فى كتبه ، وفيه خير وحياء ، وأمه السيدة زينب بنت الشيخ عبد الله بن أسعد اليافعى ، رحمه‌الله تعالى.

* * *

من اسمه محمد بن يوسف

٤٩٠ ـ محمد بن يوسف بن إدريس بن مفرج بن غانم الشيبى المكى :

شيخ الحجبة ، وفاتج الكعبة.

ولى ذلك كما ذكر لى غير واحد ، بعد يحيى بن على بن بحير الشيبى.

وتوفى سنة تسع وأربعين وسبعمائة. انتهى.

ووجدت بخط شيخنا ابن سكر ، أنه توفى فى جمادى الأولى من السنة ، وقد أجاز له فى سنة ثلاث عشرة : الدشتى ، والقاضى سليمان بن حمزه ، وابن مكتوم ، وابن عبد الدايم ، والمطعم ، وجماعة ، باستدعاء البرزالى وغيره. وما علمت له سماعا.

٤٩١ ـ محمد بن يوسف بن عبد الله بن خطاب ـ بخاء معجمة ـ القرشى السهمى العمرى ـ بفتح العين المهملة ـ المكى :

أجاز له الدشتى ، والقاضى سليمان بن حمزة ، وجماعة باستدعاء البرزالى. وما علمت له سماعا ، وما علمته حدث.

٤٣٢

وكان من مشايخ قريش ، يقيم بأرض خالد بوادى مر ، من أعمال مكة المشرفة.

٤٩٢ ـ محمد بن يوسف بن على بن محمود بن أبى المعالى ، النزارى نسبا الصبرى بلدا ، قاضى تعز :

كان ذا فضل فى الفقه والنحو واللغة ، والحديث ، والتفسير والقراءات السبع والفرائض. درس بالغرابية ، ثم بالمظفرية الكبرى. وكان كثير الصلاح والورع والعبادة ، ساعيا فى قضاء حوائج الناس.

حج فى سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة ، مع الملك المجاهد صاحب اليمن.

فتوفى فى آخر يوم عرفة من هذه السنة شهيدا مبطونا ، وغسل بمنى ، ودفن بالأبطح.

٤٩٣ ـ محمد بن يوسف بن موسى بن يوسف بن موسى بن يوسف بن إبراهيم ابن عبد الله بن المغيرة الأزدى المهلبى ، جمال الدين أبو بكر ، ويقال : أبو المكارم بن أبى أحمد ، الشهير بابن مسدى ، ويقال : ابن مسد ـ بضم الميم وسكون السين وحذف الياء ـ الأندلسى الغرناطى :

نزيل مكة وخطيبها ، وإمام المقام الشريف. ولد يوم عيد الأضحى سنة تسع وخمسمائة بوادى آش (١) من الأندلس.

وقرأ على جماعة ، منهم : قاضى الجماعة بقرطبة أبو القاسم بن بقى المخلدى ، وجماعة بالمغرب ، ثم رحل بعد العشرين وستمائة ، فسمع بالثغر ، من محمد بن عمار الحرانى وغيره ، وبمصر من الفخر الفارسى ، وأبى القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى اللخمى ، وقرأ عليه بالروايات ، وأبى الحسن بن المقير وأكثر عنه ، وجماعة بمصر ، وبدمشق من أبى القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصرى ، وغيره ، وبحلب من الموفق عبد اللطيف بن يوسف البغدادى وغيره ، ومن أبى البركات عبد الرحمن بن عبد اللطيف الصوفى ، وجماعة بمكة.

وأجاز له من شيوخها إمامها أبو إسحاق زاهر بن رستم الأصبهانى ، والشريف يونس بن يحيى الهاشمى ، ومن بغداد : ابن الأخضر وابن سكينة.

__________________

٤٩٣ ـ انظر ترجمته فى : (تذكرة الحفاظ للذهبى ٤ / ٢٣٣).

(١) أش : بالفتح ، والشين مخففة ، وربما مدت همزته ، مدينة الأشات بالأندلس من كورة البيرة وتعرف بوادى أش ، بينها وبين غرناطة أربعون ميلا ، وهى بين غرناطة وبجانة ، قال ابن حوقل : بين ماردة ومدلين يومان ومنها الى ترجيلة يومان ومنها إلى قصر أش يومان ومن قصر أش إلى مكناسة يومان. قلت : ولا أدرى قصر أش هو وادى أش أو غيره. انظر : معجم البلدان (أش).

٤٣٣

ومن دمشق : قاضيها أبو القاسم الحرستانى ، والعلامة أبو اليمن الكندى ، وجماعة يجمعهم كلهم معجمه الذى خرجه لنفسه فى ثلاث مجلدات كبار. وكان عنى بهذا الشأن كثيرا ، وخرج لنفسه ولغير واحد من شيوخ عصره. ووقع له فى معجمه أوهام قليلة كما ذكره الذهبى ، ووقع له وهم فى بعض تخاريجه على ما ذكر أيضا ؛ لأنه خرج لابن الجميزى ، من رابع المحامليات عن شهدة ، قال : وهذا خطأ ، وكتب بخطه الكثير ، وكان يكتب بالمغربى والمشرقى خطأ حسنا. وكان سريع الكتابة ؛ لأنى وجدت بخط الشيخ بهاء الدين عبد الله بن خليل ، أنه سمع الرضى الطبرى يقول : إنه سمع ابن مسدى يقول : كنت أكتب قبل أن أتغدى كراسين. انتهى.

وله تواليف كثيرة ، منها : الأربعون المختارة ، فى فضل الحج والزيارة ، وغير ذلك فى الحديث ، ومنسك ذكر فيه خلاف العلماء. ونظم ونثر حسن ، وخطب. وحدث بأشياء من ذلك ، ومن مروياته.

وآخر الرواة عنه : مسند الشام فى عصره ، أحمد بن على الجزرى ، له منه إجازة ، قرأ عليه بها الشريف أبو المحاسن محمد بن على بن حمزة الحسينى ، ومن خطه استفدت ذلك.

وقد روى عنه جماعة من الأعيان ، منهم : أبو اليمن بن عساكر ، وأبو عبد الله بن النعمان ، والعفيف بن مزروع ، والحافظ الدمياطى ، وجماعة كثيرون ، وآخرهم وفاة : الرضى الطبرى ، إمام المقام ، وأشك فى سماع القاضى بدر الدين بن جماعة منه ، فإن صح سماعه ، فهو آخر أصحابه بالسماع. والله أعلم.

وكتب عنه الرشيد العطار ، ومات قبله.

وذكره جماعة من الحفاظ ، ووصفوه بالحفظ ، منهم : منصور بن سليم الهمدانى ، وقال : كان حافظا متقنا. والشريف أبو القاسم الحسينى ، وقال : كان فاضلا حسن المعرفة بالصناعة الحديثية. والقطب الحلبى ، وقال : كان يميل إلى الاجتهاد ، ويؤثر الحديث. والحافظ الذهبى ، وقال فى الميزان : كان من بحور العلم ، ومن كبار الحفاظ ، له أوهام ، وفيه تشيع ، ورأيت جماعة يضعفونه ، وله معجم فى ثلاث مجلدات كبار ، طالعته وعلقت منه كثيرا. قتل بمكة. انتهى.

وقال فى طبقات الحفاظ : وله تصانيف كثيرة ، وتوسع فى العلوم ، وتفنن ، وله اليد الطولى فى النظم والنثر ، ومعرفة بالفقه وغير ذلك ، وفيه تشيع وبدعة. وذكر أن الشيخ رضى الدين الطبرى ، كان يمتنع من الرواية عنه. انتهى.

٤٣٤

وقد تكلّم فيه من غير ما وجه ، منها : أن الحافظ قطب الدين الحلبى قال فى تاريخه : قال : الشيخ أبو حيان الأندلسى : أخبرنى شيخنا الناقد أبو على بن أبى الأحوص ، أن بعض شيوخهم عمل أربعين حديثا ، فأخذها ابن مسدى ووصل بها أسانيده وأدعاها. ومنها لما فيه من التشيع والبدعة ؛ لأنه نظم قصيدة نحوا من ستمائة بيت نال فيها من معاوية ـ رضى الله عنه ـ وذويه ، على ما ذكر الذهبى ، وذكر أن العفيف المطرى ، أراها له ، وأنه سمع التقى العمرى يقول : سألت أبا عبد الله بن النعمان عن ابن مسدى ، فقال : ما نقمنا عليه غير أنه تكلم فى أم المؤمنين عائشة. انتهى.

وقد تكلم ابن مسدى أيضا ، فى جماعة كبار ، فلا جرم ، أنه توفى مقتولا غيلة ، مقطوع اللسان ، على ما بلغنى بمنزله برباط القزوينى على باب السدة ، واتهم الأمير به جماعة وحلفوا ، وطل دمه.

وكانت وفاته يوم السبت العاشر من شوال ، سنة ثلاث وستين وستمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة من يومه.

كذا وجدت وفاته بخط أبى العباس الميورقى والقطب القسطلانى.

ووجدت بخط الشريف أبى القاسم الحسينى فى وفياته ، وغيرها ، أنه توفى فى حادى عشر شوال ، وهذا مخالف لما ذكرناه ، وهما أعرف بوفاته ، والله أعلم.

ولعل سبب الخلاف ، اختلاف حصل فى مبدأ الشهر ، والله أعلم.

وأما كلام الإمام رضى الدين محمد بن على بن يوسف الشاطبى اللغوى النحوى المقرئ ، نزيل القاهرة ، فى ابن مسدى هذا ، فمحمول على الممازحة.

أشار إلى ذلك الحافظ أبو الفتح بن سيد الناس اليعمرى ؛ لأنه سئل عمن تكلم فى ابن مسدى ، فذكر له ترجمة ، بين فيها أشياء من حاله وفضله ، وقال فيها : وذكر لى عبيد ـ يعنى الإسعردى الحافظ ـ : أنه كان جالسا مع الشيخ الإمام الرضى الشاطبى ، ينظران فى إجازة ، فاجتاز بهما ابن مسدى ، وسلم وجلس إليهما يتكلم ، فقال : ما هذه؟ ففال له الرضى : إجازة فيها خط ابن يونس وابن الجوزى ، فاحذر أن تلحق اسمك فيها ، فإن وفاتهما قبل مولدك ، ومصدرهما قبل موردك ، فتبسما وأفاضا فى غير ذلك وتكلما.

وقال الحافظ أبو الفتح بن سيد الناس : إنما هذا من الشاطبى ، فعلى الممازحة مقبولة ،

٤٣٥

وليست على غير المداعبة محمولة ، ولو خرجت ، مخرج الجد ، لكانت جد مقبولة ، بدليل التبسم والرضى ، وانفصالها ، على أنه ليس لهذا الكلام مقتضى. انتهى.

ومما يعاب على ابن مسدى حرصه على أخذ الأجرة على التحديث ، وقد ذكر هذه القضية عنه ابن رشيد فى رحلته ، فقال فيما ذكره من أخبار الذين لقيهم بالمدينة النبوية : وأخبرنى أبو إسحاق المذكور ـ يعنى إبراهيم بن يحيى بن محمد بن يحيى الفاسى ـ أنه سمع الموطأ ، رواية يحيى بن يحيى الليثى ، على ابن مسدى. وأجاز له.

وأخبرنى أنه لما جاء يسمع عليه الموطأ ، قال له : لزمتنى يمين أنى لا أسمعه إلا بعشرة دنانير عينا ، فقلت له : لو جعلت على الناس فى سماعه عشرة فلوس ، لزهدتهم فيه ، ولم يكن ما أعطيه ، فجاء بعض بنى الدنيا ليسمعه عليه. فبعث ابن مسدى إلىّ فسمعته معه ، قال ابن رشيد : وهذه جرحة ، إلا أن يتأول عليه أنه قصد بذلك تنفيق العلم ، فالله أعلم. فقد كان الرجل معروفا بالدين والفضل. انتهى.

وذكر القطب الحلبى : أن ابن مسدى ولى تصدر بالفيوم (٢) ، وأقام به ، وأن القطب القسطلانى ، أخبره أن ابن مسدى قدم المدينة سنة ست وأربعين وستمائة من مصر ، وكنت مجاورا بها ، وتوجه إلى مكة ، فحج ذلك العام ، وأقام بها ، إلى أن توفى بها ، بعد أن ولى خطابه الحرم ، وإمامة المقام. انتهى.

قلت : وليهما فى سنة إحدى وستين ، بعد الفقيه سليمان بن خليل العسقلانى.

وذكر الذهبى عن العفيف المطرى : أنه كان يداخل الزيدية ، فولوه خطابة الحرم ، وكان ينشئ الخطب فى الحال. انتهى.

ووجدت بخط الشيخ بهاء الدين عبد الله بن خليل : أنه سمع الشيخ رضى الدين الطبرى يقول ، وقد ذكرنا له ابن مسدى ، فقال : سمعته يقول : كنت أسرج السراج وأتكئ على المخدة قليلا ، ثم استيفظ ، فأقرأ أربع عشرة قائمة حفظا ، وسمعته يقول : أعرف البخارى ومسلما بالفاء والواو. ودخلت عليه يوما وفى يده كتاب ، فقال : هذا من عند أبى إسحاق البلفيقى ، فقلت له : ما ذكر فيه؟. فقال ذكر فيه : أنه رأى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى النوم ، وعنده جماعة ، وهم يذكرون قصائد ، ومدح بها النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أين أنتم من قصيدة ابن مسدى الدالية. انتهى.

__________________

(٢) الفيوم : فى البلاد المصرية ، وهو نظير كبير من قرى كثيرة ، يقال إن فيه من القرى عدد ما فى قطر مصر كلها من القرى. انظر : معجم البلدان (الفيوم) ، الروض المعطار ٤٤٥ ، الاستبصار ٩٠ ، الإدريسى ١٤٦ ، خطط المقريزى ١ / ٢٤٥ ، ابن الوردى ٢٣.

٤٣٦

قلت : هى القصيدة الموسومة : بأسى المنائح فى أسمى المدائح ، التى أولها :

أورد ظماك فقد بلغت الموردا

لن يحمد الإصدار من لا أوردا

وسنذكر شيئا منها فيما بعد.

ومن مناقب ابن مسدى ـ على ما وجدت بخط الميورقى ، بعد ذكره لوفاته ووفاة الضياء المالكى ـ : وأخبرنا أن بعض القراء ، كان يقرأ حوله ـ أعنى حول ابن مسدى ـ فوقف ، فرد عليه الحافظ ابن مسدى من قبره ، بصوته الذى كان القارئ يعرفه ، لم يشك فيه أنه كان حيا يسمع ويضبط. انتهى.

ومن شعر ابن مسدى ، ما أنشدنا الشيخ شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن إسماعيل الطبرى ، عن قريبه الإمام رضى الدين أبى إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الشافعى إمام مقام إبراهيم الخليل بالمسجد الحرام ، قال : أنشدنا الإمام جمال الدين أبو بكر محمد بن يوسف بن موسى بن مسدى الأندلسى إجازة لنفسه :

تحوم علينا للمنايا حوائم

كأنا حبوب والحمام حمائم

ولم أر كالدنيا حبالة صائد

ترى النمل فى أشراكها والضراغم

ولو علمت منه البهائم علمنا

إذا هزلت خوف المنون البهائم

حياة وموت ذا لذاك مباين

وبينهما للنائبات تلازم

فيا صاحبى رافق رفيعا يمانيا

فإنك للبرق الشامى شايم

ونادم نداماك التقا وصحابه

فإنك يوما للمنايا منادم

ومن شعره ما رويناه بالإسناد المتقدم إليه :

أعفر وجهى فى التراب لعزه

عسى عطفة منه ترق لذلتى

وأطرق تعظيما وأغضى مهابة

ويحرسنى فرط الحياء لزلتى

وأمرج خوفى بالرجاء لأننى

أرى علتى فى حبه وتعلتى

٤٩٤ ـ محمد بن يوسف بن زكريا بن على بن أبى بكر بن يحيى بن غازى بن الجعفرى المالكى ، المعروف بابن السقطى ـ بالقاف ـ يلقب بالشمس ، ويكنى أبا عبد الله :

هكذا وجدته منسوبا بخط شيخنا صدر الدين الياسوفى ، وترجمه بالشيخ الفقيه العالم الواعظ ، وذكر أنه قرأ عليه سنده لصحيح مسلم ، فقال : حدثنا شمس الدين محمد بن عمر السلاوى بقراءة أبى زرعة المقدسى بالنورية ، سنة ست وأربعين وسبعمائة ، لجميع صحيح مسلم ، وساق الإسناد إليه.

٤٣٧

وأنشدنى الأئمة العلماء : صدر الدين أبو الربيع سليمان بن يوسف بن مفلح الياسوفى ، وشهاب الدين أحمد بن العلامة عماد الدين إسماعيل بن خليفة الحسبانى وشمس الدين محمد بن الظهير إبراهيم الجزرى ، إذنا ، مشافهة ومكاتبة ، أن الواعظ شمس الدين محمد بن يوسف بن يحيى السقطى المكى ، أنشدهم لنفسه هذه الأبيات ، وذكر أنه نظمها ارتجالا ، بين يدى الشيخ جمال الدين الإسنائى ، ذكر فيها أسماء مصنفاته ـ وقد أنشده شخص ثلاثة أبيات فى كتابه «التمهيد» فقال :

سناء الإسنائى أبدى لنا

جواهر «التمهيد» كالكوكب

نقح بالعلم «مهماته»

«تذكرة» للطالب المجتبى

فزاد رى فى مدا عمره

فهو لنا «نهاية المطلب»

ولم أدر متى مات ، إلا أنه كان حيا فى سنة ست وثمانين وسبعمائة بمصر ، وكان وعظ بمكة.

٤٩٥ ـ محمد بن يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم الأزدى مولاهم ، أبو عمر القاضى :

قاضى الحرمين واليمن والشام ، والجانب الشرقى والشرقية ، وعدة نواح من السواد ، ولى ذلك بتقليد من المقتدر ، بإشارة الوزير أبى على الحسن بن على بن عيسى ، فى سنة إحدى وثلاثمائة ، ثم قلده قضاء القضاة فى سنة سبع عشرة ، وكان من خيار القضاة حلما وعقلا وجلالة وصيانة وذكاء وفضلا وكرما ، سمع محمد بن الوليد البسرى ، ومحمد بن إسحاق الصاغانى ، وجماعة.

وروى عنه أبو بكر الأبهرى الفقيه ، وأبو الحسن الدارقطنى ، وجماعة.

وتوفى يوم الأربعاء لخمس بقين ، وقيل لسبع بقين ، من شهر رمضان سنة عشرين وثلاثمائة ، ودفن فى داره ، ومولده لسبع خلون من رجب ، سنة ثلاث وأربعين ومائتين.

٤٩٦ ـ محمد بن يوسف بن يعقوب بن المأمون عبد الله بن الرشيد هارون بن المهدى محمد بن المنصور عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس العباسى المكى :

أمير مكة ، وليها سنة ثمان وستين ومائتين ، وقدم مصر ، فحدث بها عن على بن عبد العزيز البغوى ، بموطأ مالك ، وكان ثقة مأمونا.

__________________

٤٩٥ ـ انظر ترجمته فى : (تاريخ بغداد ٣ / ٤٠١ ، الأعلام ٧ / ١٤٨).

٤٣٨

وتوفى فى ذى الحجة سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة ، وذكره صاحب البداية والنهاية الحافظ عماد الدين بن كثير.

٤٩٧ ـ محمد بن يوسف النهدى :

سكن مكة. وتوفى سنة ثلاثين وخمسمائة ، ذكره ابن المفضل المقدسى فى وفياته هكذا.

٤٩٨ ـ محمد بن يوسف المكى ، المعروف بالمطرز :

سمع على عبد الوهاب بن محمد القروى الإسكندرى بمكة : المسلسل بالأولية ومشيخته ، وحدث.

سمع منه بعض أصحابنا المحدثين بمكة ، وبها مات فى أول ذى الحجة سنة ست وعشرين وثمانمائة ، ودفن بالمعلاة.

وسبب موته أنه سقط عليه بعض منزله فهلك ، ففاز بالشهادة ، وكان شديد الأدمة ، قاضيا لحوائج أصحابه ، سامحه الله تعالى.

* * *

من اسمه محمد «غير منسوب»

٤٩٩ ـ محمد المكى :

أصله من بلخ (١).

يروى عن ابن المبارك ، روى عنه يعقوب الفارسى. ذكره ابن حبان هكذا ، فى الطبقة الرابعة من الثقات.

٥٠٠ ـ محمد الحرانى :

ذكره المؤرخ شمس الدين محمد بن إبراهيم الجزرى ، فقال فيما وجدت بخطه : كان كثير العبادة والطواف والذكر ، جاور بمكة مدة ، ثم انتقل عنها إلى بلاده ، فمات بها. وذكر فى سبب انتقاله حكاية عجيبة ملخصها : أنه شيع جنازة بالمعلاة ، فلما كان الليل ، رأى فى المنام أنه أتى ذلك القبر ، فوجد جماعة ينبشون ذلك الرجل ، فقال لهم : لأى

__________________

٤٩٩ ـ (١) بلخ : هى مدينة خراسان العظمى وهى فى مستو منى الأرض. ومن بلخ إلى مدينة مرو مائة وستة وعشرون فرسخا. انظر : معجم البلدان (بلخ).

٤٣٩

شىء تنبشونه؟ فإنه كان رجلا صالحا مباركا كثير العبادة. قالوا لى : صحيح ، غير أنا نحن الملائكة النقالة ، ونحن ننقله إلى الحفرة التى خلق منها ، فقال لهم : بالله عليكم ، فالحفرة التى لى من أين هى؟ قالوا : هى بأرض حران ، قال : فقلت : إنما جئت إلى هنا ، حتى أموت بمكة ، وأدفن بها. قالوا : إذا مت ، نقلناك إلى الحفرة التى خلقت منها. فانتبهت مرعوبا ، ثم تفكرت فى نفسى ، قلت : إذا كان ولابد من أن ينقلونى ، فدعنى أسافر إلى أهلى ، وموت عندهم.

٥٠١ ـ محمد الهورى :

ذكره ابن فرحون فى كتابه «نصيحة المشاور» وذكر أنه كان من الأولياء والقدماء الذين ينفقون من الغيب ، أكثر إقامته بمكة المشرفة ، ثم انتقل إلى المدينة فأقام بها ، وسكن بيتا فيه شبّاك إلى الحرم فى الحصن العتيق ، وصادف غلاء عظيما وعدم التمر ، حتى وصل صاعه الخمسين ، ولا يوجد ، وذلك فى سنة خمس وتسعين وستمائة ، وكان يتصدق بالتمر البرنى على الناس ، لا يعلم أحد من أين يأتى به ، ولا من يشتريه له ، لو أراد ذلك ما وجد لقلته وعدمه.

وذكر أن جماعة أخبروه عنه ، أنه لما أقام بمكة أنفق على أهلها وضعفائها أموالا مستكثرة ، فوقع خبره إلى الشريف ـ أظنه حميضة ـ فدخل عليه بيته على غفلة ، فرحب به وأجلسه فى وسط بيته ، وقدم إليه كسيرات وشيئا من مخللات ، فقال له : ما أريد إلا أن أن ترينى ما فى بيتك ، أو تعطينى ما يكفينى وحاشيتى. فقال له الشيخ : البيت بين يديك ، والله ما أدخر عنك شيئا. فقام الشريف وأعوانه إلى البيت ، وفتشوه وحفروه ، فلم يجدوا فى بيته شيئا غير برانى المخلل ، وشيئا لا يعبأ به ، فتركوه وانصرفوا. ولم يزل مستمرا على ذلك الإنفاق ، إلى أن توفى ، رحمه‌الله.

وذكر أن الشيخ جمال الدين المطرى ، قال : إن شيوخ مكة كانوا ينكرون عليه شيئا من أحواله ، لأنه كان يطوف بالليل ومعه نساء مخدرات ، وغير مخدرات ، يعرفهن واحدة واحدة ، وربما تكون امرأة لا يعرف أحد اسمها فيسميها ، فيأخذ فى مؤانستهن ، والكلام معهن ، ولا يلتفت إلى كلام المنكرين.

٥٠٢ ـ محمد الزيلعى :

ذكره البرزالى فى تاريخه ، وذكر أنه كان رجلا صالحا ، يسكن رباط رامشت بمكة ، وبها توفى فى سنة إحدى وعشرين وسبعمائة ، صلّى عليه صلاة الغائب بجامع دمشق فى أول رمضان.

٤٤٠