العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٢

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٢

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٤٥

وأخبرنى بعض أصحابنا : أنه اجتمع معه ، وقد انصرفوا من دفن ميت بالمعلاة ، فقال لصاحبنا : فى وجهك الموت ، لمرضه قبل ذلك. فقدر أن المذكور مات ، وعاش صاحبنا المخبر لى بهذه المقالة ، وصار مفتاح الكعبة المعظمة بعده ، لقريبه نور الدين على بن أحمد الشيبى ، المعروف بالعراقى.

٣٢٤ ـ محمد بن على بن محمد بن عبد الكريم بن حسن ، الخواجا جمال الدين ابن الخواجا الكبير علاء الدين ، المعروف بالشيخ على الجيلانى التاجر الكارمى :

نزيل مكة (١). عنى بحفظ القرآن الكريم ، وصلى به التراويح فى مقام الحنفية ، سنة ست عشرة وثمانمائة. ثم جوده ببعض الروايات ، على شيخنا صدر القراء ، قاضى شيراز ، شمس الدين محمد بن محمد بن الجزرى بمكة ، لما قدمها فى سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة ، وعلى غيره قبل ذلك ، وكان خيرا ساكنا عفيفا.

أقام بمكة فى كفالة والده سنين كثيرة تزيد على العشر. ثم توفى فى جمادى الأولى سنة أربع وعشرين وثمانمائة ، ودفن بالمعلاة ، بتربة عمرها والده ، وكثر أسفه عليه ؛ لأن والدته توفيت فى آخر المحرم من هذه السنة ، وأخته شقيقته ، توفيت فى آخر شوال من السنة التى قبلها ، وكلتاهما بمكة.

٣٢٥ ـ محمد بن على بن محمد بن على بن ضرغام بن على بن عبد الكافى البكرى المصرى ، والمحدث المقرئ الفقيه ، شمس الدين أبو عبد الله ، المعروف بابن سكر (بسين مهملة):

نزيل مكة الحنفى. ولد فى تاسع عشر ، شهر ربيع الأول ، سنة تسع عشرة وسبعمائة بالقاهرة ـ على ما أخبرنى به ـ وعنى بالحديث ، فقرأ وسمع على الموفق أحمد بن أحمد ابن عثمان الشارعى : سداسيات الرازى ، عن جد أبيه ، فسمعها على الملك أسد الدين عبد القادر ابن عبد العزيز (ابن الملوك) الأيوبى ، عن خطيب مردا ، وسمع على عبد القادر هذا : التوكل لابن أبى الدنيا ، وجزء منتقى من الحكايات والأخبار ، فى ذكر المحدثين الأبرار ، تخريج البردانى ، انتقاء الحافظ السلفى وروايته عنه ، والمجالس السلماسيات للسلفى ، وجزء من حديثه عن الأئمة الخمسة ، وهم : البخارى ، ومسلم ، وأبو داود ، والترمذى ، والنسائى.

__________________

٣٢٤ ـ (١) على هامش نسخة ابن فهد : «ولد بها سنة ثلاث وثمانمائة».

٣٢٥ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات القراء لابن الجزرى ٢ / ٢٠٧).

٣٠١

كل ذلك عن محمد بن عبد الهادى المقدسى إجازة ، عن السلفى إجازة.

وجزء من غرائب مالك لابن المقرى ، عن الكفرطابى ، إجازة ، عن يحيى بن محمود الثقفى. وعلى صالح بن مختار الأشنهى (١) : الأول من فوائد حاجب بن حاجب الطوسى ، عن محمد بن عبد الهادى ، عن السلفى ، وعلى مسند مصر يحيى بن يوسف المصرى : أربعى بن أسلم الطوسى ، ومجلس السلمى ، وابن بالويه ، وجزء من حديث أبى صادق المدينى ، وأبى الحسن بن الفراء ، انتقاها السلفى عنهما ، وفى آخره حكايات وأشعار من روايته ، كل ذلك عن ابن رواج ، عن السلفى.

ومن أول مشيخة ابن الجميزى ، إلى الشعر الذى فى ترجمة على بن قينان الدمشقى ، خلا تراجم الشيوخ ، والكلام على الأحاديث ، إلا الخطبة التى فى ترجمة ابن المرحب عن ابن الجميزى ، إجازة ، ومجلسا من حديث خرجه له التقى بن رافع.

وعلى عبد الرحمن بن محمد بن عبد الحميد بن عبد الهادى : صحيح مسلم ، والدعاء للمحاملى ، لما قدم عليهم مصر ، وعلى يوسف بن محمد الدلاصى : الشفا للقاضى عياض ، عن ابن تامتيت عن ابن الصائغ ، عن مؤلفه.

وغير ذلك كثيرا ، على غير واحد من أصحاب ابن عبد الدايم ، والنجيب الحرانى ، وابن علاق ، والمعين الدمشقى ، وابن عزون. وغيرهم بمصر والقاهرة.

وسمع بالإسكندرية من جماعته ، وسمع وقرأ النازل غالبا بالحرمين واليمن على جماعة كثيرين.

وبالغ فى ذلك ، وحرص حرصا لم ير ولم يسمع مثله ؛ لأن صاحبنا المحدث بدر الدين حسن بن على الإسعردى ، أخبرنى بدمشق ، أن ابن سكر هذا ، سأله أن يسمع عليه شيئا سمعه صاحبنا على شيخنا بالإجازة ، الحافظ شمس الدين بن المحب المقدسى ، المتوفى فى ذى القعدة سنة تسع وثمانين وسبعمائة.

وأجاز له من دمشق : أبو بكر بن الرضى ، ومحمد بن أبى بكر بن أحمد بن عبد الدايم ، وزينب بنت الكمال وآخرون.

وكان عنى بالقراءات ، فقرأ على الأستاذ أبى حيان الأندلسى ، وشمس الدين محمد ابن محمد بن نمير المعروف بابن السراج ، الكاتب المجود وأجازاه.

__________________

(١) نسبة لقرية من أذربيجان. انظر : (الدرر الكامنة ٢ / ٢٠٥).

٣٠٢

على من لم يثبتهم ، فإن عرفه بفعلهم ، اتهمه وعارضه بقوله : إنهم سمعوا. وقد شاهد ذلك منه جماعة غيرى من أصحابنا وغيرهم.

توفى سحر يوم الأربعاء الخامس والعشرين من صفر ، سنة إحدى وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة عند سيدى الشيخ خليل المالكى ، بوصية منه فى ذلك.

وكان قدم مكة فى سنة تسع وأربعين وسبعمائة حاجا ، ثم بدا له استيطانها ، فاستوطنها حتى مات.

إلا أنه خرج منها فى بعض السنين إلى اليمن وإلى المدينة وإلى جيلة (٣).

أخبرنى المحدث المقرئ ، شمس الدين محمد بن على البكرى ، قراءة وسماعا ، أن يحيى ابن يوسف ، المعروف بابن المصرى ، أخبره سماعا عن أبى الحسن بن الجميزى إجازة.

وقرأت على أبى هريرة بن الذهبى بغوطة دمشق ، أخبرنى الأمين محمد بن أبى بكر النحاس ، وأبو الفتح محمد بن عبد الرحيم المقدسى ، حدثنا : وأخبرتنى فاطمة بنت أحمد الفقيه سماعا بطيبة ، أن جدها الرضى الطبرى ، أخبرها ، قالوا : أخبرنا ابن الجميزى سماعا قال : أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفى الحافظ ، قال : أخبرنا أبو عبد الله القاسم ابن الفضل الثقفى ، قال : أخبرنا أبو الفتح هلال ابن محمد بن جعفر ، قال : حدثنا أبو عبد الله الحسين بن يحيى بن عياش القطان ، قال : حدثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام العجلى ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن عاصم بن سليمان ، عن عبد الله بن سرجس رضى الله عنه ، قال : أتيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو جالس فى أصحابه ، فدرت من خلفه ، فعرف الذى أريد ، فألقى الرداء عن ظهره ، فرأيت موضع الخاتم على نغض كتفه ، مثل الجمع ، حوله خيلان كأنها الأثاليل ، فرجعت حتى استقبلته ، ثم قلت : غفر الله لك يا رسول الله. فقال القوم : استغفر لك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. فقال : نعم ، ولكم. ثم تلا الآية : (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ)(٤)[محمد : ١٩].

__________________

(٣) جيلة : بالفتح : من حصون أبين باليمن. انظر : معجم البلدان (جيلة).

(٤) أخرجه النسائى فى الكبرى حديث رقم (١١٣٩٧) من طريق : يحيى بن حبيب بن عربى ، نا حماد ، نا عاصم ، عن عبد الله بن سرجس ، قال : أتيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو جالس فى ناس من أصحابه ، فدرت خلفه هكذا ، فعرف الذى أريد ، فألقى الرداء عن ظهره ، فرأيت موضع الخاتم على نغص كتفه مثل الجمع حوله خيلان ، كأنها الثآليل ، فجئت حتى استقبلته ، فقلت له : غفر الله لك يا رسول الله ، قال : «ولك» قال بعض القوم : أستغفر لك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ قال : نعم ولكم ، ثم تلا (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ).

٣٠٣

وانتصب للإقراء بالحرم الشريف ، عند أسطوانة فى محاذاة باب أجياد ، وأخذ خطوط من عاصره من أمراء مكة وقضاتها ، بالجلوس عندها.

وذكر لنا ، أنه كان يتأثر ممن يجلس عندها ، حتى فى غيبته ، لخيال وهمى قام فى ذهنه فى ذلك ، وقام هذا الخيال بذهنه ، حتى فى تحديثه ، فإنه لم يحدث إلا باليسير من مروياته ، متسترا فى منزله غالبا ، مع تبرم يظهر منه غالبا فى ذلك.

وخرج لنفسه جزءا صغيرا ، ولغيره مشيخات وغيرها ، على غير اصطلاح الناس ، وسلك فى التخريج طريقة لا تحمد ، وهى أنه يدرج فى الإسناد ما لم يقع به الإخبار.

ومثال ذلك : أن الرضى الطبرى مثلا ، سمع جزء سفيان بن عيينة على ابن الجميزى ، وله إجازة من سبط السلفى ، وهما سمعاه من السلفى ، لكن لم يحدث به الرضى ، إلا عن ابن الجميزى فقط ، فسمعه منه جماعة كذلك ، فيأتى ابن سكر ، فيخرج منه شيئا لمن سمعه على الرضى ، ويقول له : أخبرك الرضى الطبرى سماعا ، قال : أخبرنا ابن الجميزى سماعا ، وسبط السلفى إجازة ، قالا : أخبرنا السلفى ، وإنما لم يحسن هذا ، لكونه على خلاف عمل أهل الحديث من أهل عصرنا ، وغير [....](٢) فإنهم مازلوا ينبهون على ما يقع به الإخبار فى السماع والرواية.

ومثال ذلك فى السماع : أن يكون لإنسان إسناد متعدد ، فيقرأ ، ثم يأتى شخص بعد قراءته ، ويسمع بعض المقروء بهذا الإسناد ، ويعاد له بعض طرق الإسناد ، فينبهون على ما سمع من الإسناد.

ومثال ذلك فى الرواية : أن يكون لإنسان شيخان مثلا فى جزء ، فيحدث به مرة عنهما ، ويسمعه بذلك شخص ، ويحدث به مرة عن أحدهما ، ويسمعه بذلك آخر ، ثم يجمع بين السامعين عليه فى الرواية.

ولمم يقع الإخبار فى رواية فلان عن فلان ، إلا عن فلان فقط. ومثل هذا كثير ، لا يخفى على من له أدنى نباهة ، ولا يحتاج إلى استدلال.

وشاهدنا منه أيضا تساهلا آخر فى تسميعه لأهل بيته ، فإنهم يكونون غالبا من وراء حجاب ، ويقومون ويبعدون عن مجلس السماع ، بحيث لا يسمعون إلا صوتا غفلا ، وربما لا يسمعون شيئا ، فيأمر بكتابتهم فى الطباق ، من غير تنبيه على ذلك ، ويغضب

__________________

(٢) ما بين المعقوفتين. بياض فى الأصل.

٣٠٤

هذا حديث صحيح أخرجه الترمذى عن أبى الأشعث هذا ، فوافقناه مع العلو بدرجتين. فلله الحمد والمنة. وهو من الأحاديث التى رويناها عالية ، من حديث حماد ابن زيد.

أنشدنى المحدث شمس الدين بن سكر من لفظه بعرفات فى يومها ، قال : أنشدنى الأستاذ أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسى النحوى ، والمقرى شمس الدين محمد بن محمد بن نمير بن السراج ، أن العلامة شيخ النحاة بمصر ، بهاء الدين محمد بن إبراهيم ابن النحاس أنشدهما لنفسه :

اليوم شىء وغدا مثله

من نخب العلم التى تلتقط

يحصل المرء بها حكمة

وإنما السيل اجتماع النقط

٣٢٦ ـ محمد بن على بن محمد بن على بن عبد الله بن محمد بن يوسف بن يوسف بن أحمد الأنصارى الحارثى الخزرجى ، أبو عبد الله ، المعروف بابن قطرال الأندلسى ، ثم المراكشى :

نزيل مكة. هكذا وجدت نسبه بخطه ، ووجدت بخطه : أنه يروى عن المسند أبى على الحسن بن الحسين بن عتيق المهدوى : الشفا للقاضى عياض سماعا ، خلا شيئا يسيرا من آخره ، وحدث به عنه ، وعن العلامة أبى على الحسين بن عبد العزيز بن الأحوص الفهرى ، وعن جماعة من أهل المغرب والمشرق إجازة ، منهم محمد بن عبد الخالق ابن طرخان الإسكندرى.

ووجدت بخطه أسماء جماعة من شيوخه بالإخبار من أهل المشرق ، ومنهم : الفخر على بن البخارى ، وابن شيبان ، والتقى الواسطى ، وعبد الرحمن بن الزين ، وابن الكمال ، وابن الأنماطى ، وابن فارس ، والعز الحرانى ، وغازى الحلاوى. انتهى.

وسمع بمصر من على بن هارون الثعلبى ، وسمع بمكة الكثير ، بقراءته غالبا على الفخر التوزرى ، والرضى الطبرى ، وأخيه الصفى وغيرهم.

وحدث. سمع منه جماعة من الأعيان ، وأثنوا عليه ، منهم الجد أبو عبد الله الفاسى.

ووجدت بخطه : سمعت الشيخ الصالح ، أبا عبد الله محمد بن على بن قطرال ، الأنصارى المحصل الفاضل رحمه‌الله ، يقول : سمعت الإمام الإستاذ أبا جعفر بن الزبير ،

٣٠٥

بمدينة غرناطة (١) ، رحمه‌الله ، يقول : كان بمدينة مرسية رجل من الموثقين ، وكان له فى الوقائع فهم عجيب.

فما اتفق ، أن إنسانا جاءه ، فقال : يا سيدى ، ذهب من بيتى ثوب حرير أحمر ـ ويسمونه الجلدى ـ فنظر ساعة ، ثم قال له المؤذن : جاركم أخذه ، فذهب الرجل إلى المؤذن وكلمه ، فحلف له ما أخذه ، وأدخله داره ، ففتشها فلم يجد شيئا ، فرجع الرجل إلى ذلك الفقيه الموثق ، فأخبره أن المؤذن حلف له ، وأدخله داره وفتشها فلم يجد شيئا ، فنظر ذلك الفقيه ، ثم قال للرجل : هل رأيت فى بيت المؤذن شيئا من الطعام؟ فقال : نعم ، رأيت شيئا من الشعير. فقال : اطلب الثوب فيه ، فرجع الرجل فطلب الثوب فى ذلك الشعير ، فوجده ، فسئل ذلك الفقيه ، من أين لك هذا؟.

فقال : لما أخبرنى بذهاب الثوب ، فرأيت ديكا يتطاول بعنقه ، فوقع لى أن المؤذن أخذ ، فلما أنكر ، نظرت فرأيت شخصا فى يده حزمة من سنبلة شعير ، وفى وسطها نوار من شقائق النعمان ، ففهمت أن الثوب الحرير الأحمر فى وسط الشعير ، فكان كذلك. انتهى.

وهذه حكاية عجيبة ، لم يسمع فى الفطنة لها بنظير ، مع كون الحكايات فى هذا المعنى كثير.

وقال جدى أيضا : وأخبرنى الشيخ الصالح الأصيل ، أبو عبد الله محمد بن على ابن قطرال المراكشى قال : أخبرنى الفقيه القاضى بمدينة فاس ـ كلأها الله ـ أبو غالب بن الفقيه القاضى أبى عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن المغيلى : أن والده مرض مرضا شديدا أشفاه ، وكان يعالجه رجل يهودى ، طبيب حاذق ، يعرف بالعنكبوت ، قال : فلم يزل يعالجه إلى أن عجز ، وقال لأهله : ترفقوا بهذا الرجل ما استطعتم ، فإنه ليس فيه طمع.

قال : فأرسلت والدتى رسولا إلى الشيخ أبى عثمان ، تعرفه حال الفقيه ، وتسأله الدعاء له ، أو مثل هذا.

قال : فأرسل الشيخ أبو عثمان بإناء فيه ماء ، وقال : اسقوه هذا الماء ، قال : فسقوه ذلك الماء ، قال : فما هو إلا أن شرب ذلك الماء ، رمى من بطنه شيئا أسود لا يدرى ما

__________________

٣٢٦ ـ (١) غرناطة ـ وأغرناطة ـ : مدينة بالأندلس بينها وبين وادى آش أربعون ميلا وهى من مدن إلبيرة. انظر : الروض المعطار ٤٥ ، ٤٦ ، معجم البلدان (غرناطة) ، الإدريسى ٢٠٣.

٣٠٦

هو ، فأرسلوا إلى الطبيب العنكبوت ، وأطلعوه على ذلك الذى رماه الفقيه ، فقال : هذا شىء ما يخرج على يد طبيب أصلا ، وإنما يخرج هذا بوجه (١) ، إلى أن أخبروه بشرب ذلك الماء ، الذى أرسل به الشيخ أبو عثمان ، فاعترف بذلك.

قال جدى : والشيخ أبو عثمان هذا ، يعرف بالورياجلى ، وهو من صنهاجة ، وكان قد صحب سيدى أبا محمد عبد الرزاق ، وعبد الرزاق صحب سيدنا أبا مدين رضى الله عنه.

وكان لأبى عثمان فى مدينة فاس ، العجائب من خوارق العادات ، وبقى أبو عبد الرحمن المغيلى ، قاضيا بمدينة فاس ، إلى أن دخلها بنو مرين ، قريب الخمسين والستمائة ، فقتلوه هو وولده وجماعة آخرين من أكابر البلد. انتهى.

ولأبى عبد الله بن قطرال هذا نظم ، فمنه ما أنشدناه إبراهيم بن أبى بكر بن عمر ، ومحمد بن محمد بن عبد الله الصالحيان ، إذنا مكاتبة منهما : أن أبا عبد الله بن قطرال هذا ، أنشدها لنفسه إجازة مكاتبة ، وتفردا بها عنه :

حمى الله دار العامرية بالحمى

وروى بريا ذلك الشعب والشعبا

ألا هل لهاتيك الظلال إفاءة

وذاك النسيم الحاجرى ألا هبا

أما وعشايا بالعميم يديرها

علىّ نديمى كالمشعشعة الصهبا

لقد أصبحت نآى حقيقة هابها

لدن أوطنت منى محبتها القلبا

فلا أدعى شيئا ولا أشتكى نوى

ولا أختشى فصلا ولا أتقى حجبا

ومن شعره أيضا ، ما أنشدناه الشيخان المذكوران إجازة عنه ، قال :

إن أيام الرضا معدودة

فالرضا أجمل شىء بالعبيد

لا تظنوا عنكم لى سلوة

ما على شوقى إليكم من مزيد

راجعوا أنفسكم تستيقنوا

أنكم فى الوقت أقصى ما أريد

إن يوما يجمع الله بكم

فيه شملى هو عندى يوم عيد

وقد كتب عنه هذه الأبيات ، المحدث فخر الدين عثمان بن بلبان المقاتلى ، وكتبها عن المقاتلى : القاضى عز الدين بن جماعة. وأنشدناها عنه شيخنا الشريف عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى. وكان ابن قطرال هذا ، صالحا كبير القدر ، عالما نحويا أديبا.

توفى بمكة ، فى سادس جمادى الأولى سنة عشر وسبعمائة برباط الخوزى ـ بخاء معجمة ـ طلع أعلاه لنشر ثيابه ، فوقع به الدرابزين ، فسقط إلى الأرض ، فمات.

__________________

(١) هكذا فى الأصل ، ويبدو أن هناك سقط.

٣٠٧

ومولده ـ فيما نقلته من خطه ـ فى سحر يوم الاثنين حادى عشر الحجة سنة خمس وخمسين وستمائة بمراكش. نقلت تاريخ وفاته وسببها ، من خط جدى أبى عبد الله الفاسى.

٣٢٧ ـ محمد بن على بن أبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى ، الفاسى ، المكى ، يلقب بالمحب وبالجمال :

سمع من إبراهيم بن النحاس الدمشقى ، والحافظ العلائى بمكة. وعلى غير واحد من شيوخهما ، منهم : عثمان بن الصفى ، والشيخ خليل المالكى ، وتفقه عليه وتميز ـ على ما ذكر لى شيخنا الشريف عبد الرحمن الفاسى ـ وذكر أنه كان كريما ، ذا مكارم وإحسان إلى الفقراء ، مع التفقد لأحوالهم.

وباشر فى الحرم نيابة عن أبيه ، حتى توفى فى شوال سنة ثلاث وستين وسبعمائة بمكة ، عن أربع وعشرين سنة. وسبب موته ـ على ما قيل ـ : إنه شرب شيئا وضع له فى ماء وهو لا يشعر.

٣٢٨ ـ محمد بن على بن الزين محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن على القسطلانى المكى:

سمع من الجمال المطرى ، والزين الطبرى وغيرهما ، واشتغل بالعلم كثيرا ، وحصل ، وصحب جدى القاضى أبا الفضل النويرى كثيرا ، وانتفع به فى ذلك ، وكتب بخطه أشياء كثيرة ، وكان فقيها نبيها ، جيدا صالحا خيرا ، حسن الثناء ، كثير البر بأبيه.

توفى ـ على ما وجدت بخط شيخنا ابن سكر ـ فى أوائل رمضان ، سنة سبع وخمسين وسبعمائة بمكة.

٣٢٩ ـ محمد بن على بن محمد المكى ، المعروف بالبادى :

سمع بالمدينة من قاضيها بدر الدين بن الخشاب : بعض صحيح البخارى ، ودخل بلاد الهند ، وديار مصر ، وبها مات ، قبل سنة تسعين ـ بتقديم التاء على السين ـ وسبعمائة ، أو بعدها بيسير.

٣٣٠ ـ محمد بن على بن أبى منصور الأصبهانى ، الوزير جمال الدين أبو جعفر ، المعروف بالجواد ، لجوده :

ذكرناه فى هذا الكتاب ، لما صنع من المآثر الحسنة بمكة ، كما سبق فى المقدمة.

__________________

٣٢٩ ـ انظر ترجمته فى : (مرآة الزمان ٨ / ١٥٣ ، وفيات الأعيان ٢ / ٧٢).

٣٠٨

وقد ذكره صاحب مرآة الزمان فقال بعد نسبه : وزير الموصل ، وكانت الموصل فى أيامه ملجأ لكل ملهوف ، ومفزعا لكل مكروب ، ولم يكن فى زمانه من يضاهيه ولا يقاربه فى الجود والنوال ، والإحسان والإفضال.

وكان كثير الصلات ، عزيز البر والصدقات ، بنى مسجد الخيف بمنى ، وغرم عليه أموالا كثيرة ، وجدد الحجر إلى جانب الكعبة ، وزخرف البيت بالذهب ، وبنى أبواب الحرم ، وشيدها ورفع أعتابها صيانة للحرم ، وبنى المسجد الذى على جبل عرفة ، والدرج التى يطلع فيها إليه.

وكان الناس يعانون فى صعود شدة ، وأجرى الماء إلى عرفات ، وعمل البرك والمصانع ، وأجرى الماء فى قنوات ، وكان يعطى أهل مكة فى كل سنة مالا عظيما ، ليجروا الماء إلى عرفات.

وبنى على مدينة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سورا ، وكانت الأعراب تنهبها وتغير عليها.

فكان الخطيب يقول على المنبر : اللهم صن حرم من صان حرم نبيك صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو محمد ابن على الأصبهانى.

وكانت صدقته وصلاته فى المشرق والمغرب ، يبعث بها إلى خراسان والعراق والبصرة والكوفة وبغداد والشام ومصر والحجاز واليمن ، فيعم الفقهاء والعلماء والزهاد وأرباب البيوت وغيرهم. وما خيب من قصده.

وكان له فى كل يوم خارج عن أرباب البيوت : مائة دينار ، يتصدق بها على باب بنى شيبة ، ولأجل هذا الخرج العظيم ، كان ينسب إلى عمل الكيمياء ، وحوشى من ذلك وبنى الجسور والقناظر ، والربط ، والجسر الذى بناه على دجلة عند جزيرة ابن عمر ، بالحجر المنحوت والرصاص ، وأوثقه بالحديد بين البنيان.

وبنى الرباط بالموصل وسنجار (١) ونصيبين. وكان إذا قل ما بيده باع بسط داره وثيابه ، ويتصدق بها. وكان يبعث إلى عمر الملا بالأموال فيتصدق بها. وكان قد وقع بالموصل قحط ، فكان يقول : هذه أيام المواساة.

__________________

٣٣٠ ـ (١) سنجار : هى برية الثرثار ، ومدينتها الحضر ، وهى كلها من الجزيرة ، وفى سنجار فوهة نهر الخابور ، ويمر حتى يصب فى الفرات. انظر : معجم البلدان (سنجار) ، الروض المعطار ٣٢٦ ، معجم ما استعجم ٣ / ٧٦٠ ، آثار البلاد ٣٩٣.

٣٠٩

ذكر وفاته : لما سارت الركبان بجوده ، وعم بمعروفه أهل الدنيا ، حسده أقوام ، فكذبوا عليه عند قطب الدين ، وقالوا : إنه يأخذ أموالك فيتصدق بها ، وما كان قطب الدين يقدر على قبضه ، لما كان بينه وبين زين الدين من المصافاة ، فوضع من أغرى بينه وبين زين الدين ، فتغير عليه ، فقبض عليه قطب الدين ، واعتقله فى قلعة الموصل فقال ابن المعلم الشاعر (٢) :

إن يعزلوك لمعروف سمحت به

على ذوى الأرض ذات العرض والطول

فأنت يا واحد الدنيا وسيدها

بذلك الجود فيها غير معزول

ثم ندم زين الدين ، على موافقته لقطب الدين على قبضه ؛ لأن خواص قطب الدين ، الذين كانت أيديهم مقبوضة عن التصرف ، لما قبض جمال الدين ، انبسطوا فى الأمر والنهى على خلاف غرض زين الدين. وأقام فى الحبس سنة ، ثم توفى.

وحكى أبو القاسم الصوفى ـ وكان صاحبه ـ قال : قال لى جمال الدين : كنت أخشى أن أنقل من الدست إلى القبر ، فلو جاء الموت الآن ما كرهته ، ثم قال لى : يا أبا القاسم ، إذا جاء طائر أبيض إلى الدار فعرفنى. فقلت فى نفسى : قد اختلط الرجل.

فلما كان من الغد ، سقط طائر أبيض لم أر مثله ، فعرفته ، فاستبشر وقال : جاء الحق.

ثم قال : بينى وبين أسد الدين شيركوه عهد : من مات منا قبل صاحبه حمله إلى المدينة ، وعملا قبرين ـ فاذهب إلى أسد الدين وذكره. وأقبل على ذكر الله وتشهد حتى مات. وطار الطائر ، ودفن فى تابوت بالموصل وذلك فى رمضان.

ومضى أبو القاسم إلى أسد الدين ، فأخبره ، فقال : صدق. وأعطاه مالا صالحا يحمله به ، ويقرئ بين يدى تابوته عند النزول وعند الرحيل ، وأن ينادى بالصلاة عليه فى كل بلد.

فخرجوا بتابوته على هذه الهيئة ، فقدموا به بغداد ، ونزلوا به الشونيزية ، ولم يبق ببغداد أحد إلا خرج ، وخصوصا من كان له إليه إحسان. فصلوا عليه وبكوا وترحموا.

ثم خرجوا به إلى الحلة والكوفة ، وزاروا به المشهدين. فقام بعض العلويين بالكوفة على تل عال. فلما مر بجنازته رفع صوته وقال :

سرى نعشه فوق الرقاب وطال ما

سرى بره فى العالمين ونائله (٣)

__________________

(٢) انظر : (مرآة الزمان حوادث سنة ٥٥٩).

(٣) فى وفيات الأعيان (٥ / ١٤٦) :

سرى نعشه فوق الرقاب وطالما

سرى جوده فوق الركاب ونائله

٣١٠

يمر على الوادى فتثنى رماله

عليه وبالنادى فتبكى أرامله

فلم ير باكيا أكثر من ذلك اليوم. ثم ساروا به مع الحاج ، فلما وصلوا إلى وادى المحرم ، ألقى على تابوته شقة كأنه محرم ، ثم أتوا به عرفات ، وخرج أهل مكة باكين وصعدوا به إلى الجبل.

ثم نزلوا به إلى منى ، واشتروا جمالا ونحروها عنه ، ثم دخلوا به مكة ، وطافوا به حول البيت ، واشتغل الناس به عن البيت ، من كثرة البكاء والصراخ ، وخرج النساء المجاورات ، التى كان يصل إليهن بره ، بين يدى تابوته يبكين ويصرخن ، وكان يوما عظيما ، وساروا به إلى المدينة ، فخرج أهلها وفعلوا كما فعل أهل مكة ، ودخلوا به إلى الروضة ، فصلوا عليه وحملوه إلى رباطه ، فدفنوه به ، وبين رباطه وبين مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أذرع ، عرض الطريق.

وكان فصيحا ، ولما حبس قال :

أين اليمين وأين ما عاهدتنى

ما كان أسرع فى الهوى ما خنتنى

وتركتنى حيران صبا مدنفا

أرعى النجوم وأنت ترقد هاهنى

فلأرفعن إلى إلهى قصة

بلسان مظلوم وأنت ظلمتنى

ولأدعون عليك فى غسق الدجى

فعساك تبلى بالذى أبليتنى

ولم يحمل إلى مكة ميت قبله ، سوى الحرة ملكة عدن ، وابن رزيك أخو الصالح طلائع ، والخادم أرهست صاحب عمان ، انتهى.

قلت : وما ذكره صاحب المرآة ، من أنه لم يحمل إلى مكة ميت قبل الجواد سوى من ذكرهم ـ وهم بلا ريب ـ لأنه حمل إلى مكة قبل الجواد هذا ، الوزير أبو الفضل جعفر ابن الفضل بن الفرات ، المعروف بابن حنزابة.

ومن العجب أن صاحب المرآة ذكر ذلك ، وذكر أنه فعل له ما فعل بالجواد ، من الطواف بالبيت ، وإحضاره عرفة ، والذهاب به إلى المدينة ، ودفنه فى تربة هناك. وذلك فى سنة إحدى وتسعين وثملاثمائة. وفيها مات فى شهر ربيع الأول بمصر. وذكر أنه كان يبعث فى كل سنة لأهل الحرمين مالا وكسوة وطعاما.

ووهم أيضا الذهبى فى قوله فى ترجمة الجواد : إنه دفن بالبقيع ؛ لأنه إنما دفن برباطه ، كما ذكر صاحب المرآة وغيره.

قال الذهبى : ولقد حكى ابن الأثير فى ترجمة الجواد : مآثر ومحاسن لم يسمع بمثلها فى الأعمار.

٣١١

٣٣١ ـ محمد بن على بن يحيى بن على الأندلسى ، أبو عبد الله الغرناطى ، المعروف بالشامى لقدوم والده الشام :

ولد سنة إحدى وسبعين وستمائة بأحواز غرناطة. وسمع بها ، وتلا بالسبع على أبى جعفر بن الزبير. وسمع بتونس من أبى محمد عبد الله بن هارون الطائى : الموطأ ، رواية يحيى بن يحيى ، ثم قدم القاهرة فى سنة سبعمائة ، ولم يقم. وحج ، وتوجه إلى الحجاز ، فسمع بالمدينة من أبى القاسم خلف بن عبد العزيز القتبورى : الشفا للقاضى عياض ، ومن الكمال عبد الله بن محمد الغرناطى : الشاطبية ، وبمكة الكثير على الفخر التوزرى. وتلا عليه بالسبع ، وعلى الصفى والرضى الطبريين.

وأقرأ وحدث بالموطأ ، والشفا ، وشىء من نظمه ، كتب عنه منه أبياتا ، جدى أبو عبد الله الفاسى ووصفه بنزيل حرم الله تعالى.

وهذا يدل على أنه استوطن مكة ، ولا ريب فى ذلك ؛ لأنه تأهل فيها بابنة النفيس البهنسى ، ورزق منها بنتين ، إحداهما : تزوجها جدى على الفاسى ، وأولدها عمى محمدا ، وعمتى منصورة ، وهى أم الحسين (١).

والأخرى : تزوجها القاضى شهاب الدين الطبرى وعمه الزين الطبرى ، وهى أم كلثوم ، وسيأتى ذكرهما فى النساء.

وذكر البرزالى : أنه أقام بالحرمين نحو خمسة عشر سنة. ومعظم إقامته بالمدينة.

وذكر أنه توفى بها ، يوم الاثنين سادس صفر سنة خمس عشرة وسبعمائة.

وكذا وجدت وفاته بخط جدّى ، إلا أنه قال : يوم الاثنين السابع من صفر ، وقد ذكره غير واحد وأثنوا عليه ، منهم : الذهبى فى طبقات القراء ، وترجمه : بالإمام العلامة المتفنن ، وقال : كان بارعا فى مذهبى مالك والشافعى ، عارفا بالنحو وعلم الفلك. وله شعر رائق ، واشتغل بالعربية زمانا. وله دنيا يتجر فيها ، ولذلك كان فيه قوة نفس وتيه ، والله يغفر له.

وقال فى آخر الترجمة : أملى علىّ أكثر هذا ، ابن المطرى صاحبى ، يعنى العفيف بن

__________________

٣٣١ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات القراء للفراء ٢ / ٢١٢ ، الدرر الكامنة ٤ / ٩٦).

(١) على هامش نسخة ابن فهد : أم الحسين لم يأت لها ذكر فى النساء وإنما ذكرت فى أواخر ترجمة أختها أم كلثوم.

٣١٢

الجمال.

أنشدنى مفتى المسلمين ، تقى الدين عبد الرحمن بن السيد القدوة أبى الخير بن أبى عبد الله الفاسى ، بقراءتى عليه ، أن والده أنشده إجازة قال : أنشدنا أبو عبد الله محمد ابن على الغرناطى لنفسه أبياتا :

جرمى عظيم يا عفو وإننى

بمحمد أرجو التسامح فيه

فبه توسل آدم فى ذنبه

وقد اهتدى من يقتدى بأبيه

ومنها :

إذا المرء لم يرو العلوم فيرتوى

ولم يلبس التقوى فذاك الصدى العارى

وإن هو لم تصقله صحبة عارف

تربيه لم ينفك عنه صدا العار

ومنها :

سلوا ما عندكم من محض ودى

لكم تجدوه مرعيا أكيدا

ولا والله أبرح طول عمرى

بكم مستكثرا ولكم ودودا

٣٣٢ ـ محمد بن على بن يوسف بن خواجا المكى :

ذكر لى شيخنا أبو بكر بن عبد المعطى : أنه حفظ التنبيه ، والعمدة ، والشاطبية ، ثم لعب. ومات بمصر أو باليمن. وأمه أم هانئ بنت أحمد بن عطية بن ظهيرة القرشى. وكان أبوه خياطا ، قدم من العراق ، وأدعى أنه شريف حسينى. وهجا يحيى النشو المكى ، محمد بن خواجا هذا ، بأبيات منها :

مشوف يشكو من ابن خواجه

قال ما لى بانتسابك من حاجة

انتهى.

وأنشدنى بعض أصحابنا ، قال : أنشدنى يحيى النشو لنفسه ، يهجو محمد بن خواجا :

رأيت فى النوم إمام الهدى

أعنى على بن أبى طالب

فقلت هذا النحس من نسلكم

فقال لا والطالب الغالب

وما عرفت متى مات ، إلا أنه كان حيا ، فى ثالث عشر شوال ، سنة إحدى وخمسين وسبعمائة ؛ لأنه سمع فى هذا التاريخ بمصر ، على قاضيها عز الدين بن جماعة ، والمسند فتح الدين محمد بن محمد بن أبى الحرم القلانسى ، بقراءة المحدث ، شرف الدين المزى ، على ما وجدت بخطه : سنن ابن ماجة ، فى مجالس آخرها التاريخ الذى ذكرناه.

٣١٣

٣٣٣ ـ محمد بن على بن يحيى جمال الدين بن القاضى الكبير نور الدين ابن جميع العدنى :

ولد سنة إحدى وسبعين وسبعمائة ، أو فى التى قبلها ، بعدن ، وبها نشأ وقدم منها إلى مكة ، للحج والمجاورة ، فى سنة ثمان وثمانمائة ، فحج وجاور إلى أوائل سنة أربع عشرة وثمانمائة ، وتوجه بعد ذلك إلى عدن ، راجيا حصول رزق يتجمل به حاله ، من أخيه لأبيه ، القاضى الكبير وجيه الدين عبد الرحمن ، لتوليه ما كان يليه أبوها بعدن ، فأدركه الأجل فى أثناء سنة أربع عشرة وثمانمائة بعدن ، وبلغنا نعيه بمكة ، فى رمضان منها. وكان ظفر من مال أبيه بجانب يسير ، ثم ذهب من يده فى غير لهو ، وكان أبوه وافر الملاءة والحشمة ، وإليه أمر المتاجر السلطانية بعدن.

توفى فى بكرة عيد الفطر ، سنة ثلاث وثمانمائة بعدن.

٣٣٤ ـ محمد بن على بن يوسف بن سالم بن عطية بن صالح بن عبد النبى الجهنى المكى ، المعروف بابن أبى الإصبع ، يلقب بالجمال :

سمع من بعض شيوخنا بمكة ، وكان أحد الطلبة بدرس يلبغا ، بالمسجد الحرام ، ويتردد إلى اليمين للتجارة (١).

توفى فى سادس عشر صفر ، سنة خمس عشرة وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة فى صبيحة السابع عشر.

٣٣٥ ـ محمد بن على بن عبد الكريم المصرى :

نزيل مكة ، المعروف باليمنى وبالكتبى ، شيخ الفراشين بالحرم الشريف.

كان من سكان القاهرة ، وصوفيا بخانكة بيبرس بالقاهرة ، وولى فراشة بالمسجد الحرام. وكان يتردد من القاهرة إلى مكة ويقيم بها أوقاتا ، ثم بأخرة ، كثرت إقامته بمكة ، وصار يتردد إلى القاهرة قليلا ، وتمشيخ بأخرة على الفراشين ، ودخل اليمن للتجارة ، واشترى بمكة دارا ، ثم وقفها على نفسه وأولاده ، وخلف أولادا صغارا وحملا.

__________________

٣٣٣ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٨ / ٢٢٥).

٣٣٤ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٨ / ٢٢٦).

(١) اليمين : كأنه تصغير اليمن ، حصن فى جبل جبر ، من أعمال تعز استخدمه على بن زريع.

٣٣٥ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٨ / ١٩١).

٣١٤

وتوفى فى آخر يوم الاثنين ، تاسع عشرى الحجة ، سنة خمس وعشرين وثمانمائة بمكة. ودفن فى صبيحتها بالمعلاة ، وقد بلغ السبعين أو قاربها.

وبلغنى عنه : أنه سمع بالقاهرة على قاضيها أبى البقاء السبكى ، بعض صحيح البخارى. والله أعلم.

٣٣٦ ـ محمد بن على أبو عبد الله الحافظ ، يعرف بقرطمة :

بغدادى كبير حافظ مقدم فى العلم.

ذكره هكذا الخطيب. قال : سمع محمد بن حميد الرازى ، وأبا سعيد الأشج والحسن ابن محمد بن الصباح الزعفرانى وأحمد بن منصور الرمادى.

ورحل إلى خراسان ، فكتب عن محمد بن يحيى الذهلى بنيسابور ، وعن غيره. وله رحلة أيضا إلى الشام والحجاز ، ومصر ، وأحسبه سكن الكوفة وحدث بها.

روى عنه : أبو بكر بن أبى دارم الكوفى وغيره.

وروى الخطيب بسنده إلى داود بن يحيى بن يمان أنه قال : والله ما رأيت أحفظ من قرطمة. وذكر حكاية عجيبة فى حفظه.

قال الخطيب : بلغنى أن قرطمه هذا ، توفى بمكة سنة تسعين ومائتين.

٣٣٧ ـ محمد بن أبى على [.....](١)

هو واقف الدار المعروفة بابن غنايم بمكة بالقرب من الدريبة ؛ لأن على بابها حجرا مكتوب فيه : وقف وحبس وسبل وتصدق بهذا الرباط : الملك العادل بهاء الدولة والدين شرقا وغربا ، ملك الجبال والغور (٢) والهند ، محمد بن أبى على. وذكر دعاء ، ثم قال : على الصوفية الرجال العرب والعجم ، على أن يكون عدد الساكنين فيه عشرة لا غير ، سواء كانوا مجاورين أو مجتازين ، أو بعضهم مقيم ، وبعضهم مجتاز. وذلك فى سنة ستمائة.

* * *

__________________

٣٣٦ ـ انظر ترجمته فى : (تاريخ بغداد ٣ / ٦٥ ، ترجمة ١٣٣٨).

٣٣٧ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

(٢) الغور : جبال وولاية بين هراة وغزنة. انظر : معجم البلدان (غور).

٣١٥

من اسمه محمد بن عمران

٣٣٨ ـ محمد بن عمران بن عبد الرحمن بن الحارث الهذلىّ :

ذكره يعقوب بن سفيان الفسوى فى رجال مكة ، فى الأول من مشيخته. وروى عنه ، عن أبيه عمران ، عن مجاهد ، مسائل سأله عنها.

أخبرنى بذلك أبو هريرة بن الذهبى ، قال : أخبرنا يحيى بن محمد بن سعد ، قال : أخبرنا ابن اللتى ، قال : أخبرنا عمر بن عبد الله الحربى ، قال : أخبرنا أبو غالب محمد بن محمد العطار ، قال : أخبرنا أبو على الحسن بن شاذان البزار ، قال : أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوى ، قال : أخبرنا يعقوب بن سفيان الفسوى ، قال : حدثنا محمد ابن عمران بن أبى الحارث الهذلى ، قال : حدثنى عمران بن عبد الرحمن أنه ذكر أنه خرج يوم الجمعة رائحا إلى الصلاة ، فى يوم صائف شديد حره ، حتى أدرك مجاهد بن جبر ، حذو دار عمر بن عبد العزيز ، فماشاه وسأل به. فأقميت الصلاة يوم الجمعة. فخرج أهل الصنائع من تحت ظلالهم وأستارهم ، منهم الذى يرمل على رجليه ، ومنهم الذى يسعى.

قال : فقلت له : يا أبا الحجاج ، عافاك الله ، ما هذا العمل الذى أرى؟ قال : ليس هذا بشىء ، إنما السعى القصد ، وليس السعى على الأقدام. قلت : يا أبا الحجاج ، ما رأيك فى السائل ببابى ، فربما قلت للحىّ أطمعوه ، وربما قلت لهم : باركوا عليه. قال : ابدأ بمن تعول ، إبدأ بمن تعول ، مرتين ، فإن كان فضل فأرضخ منه. قلت : فما رأيك فى الخادم ، يكون طعامى وطعام عيالى سوى طعامه؟. قال : أطت السماء الدنيا وحق لها ، ما منها موضع أربع أصابع إلا وعليه جبهة ملك ساجد لله ، فيها خولكم ، من أحسن منهم ، فأطعموه مما تأكلون ، واكسوهم مما تلبسون ، ومن خالفكم منهم ، فلا تعذبوا خلق الله عزوجل.

٣٣٩ ـ محمد بن عمران بن موسى الحجبى ، أبو عبد الله المكى :

يروى عن أبى المظفر بن علوان أربعى المحمدين للجيانى عنه. وما علمته حدث ، وهو من شيوخ الملك المظفر صاحب اليمن بالإجازة.

وقد ذكره المحب الطبرى فى مشيخة المظفر.

* * *

__________________

٣٣٩ ـ انظر ترجمته فى : (التحفة اللطيفة ٢ / ٥٥٠).

٣١٦

من اسمه محمد بن عمر

٣٤٠ ـ محمد بن عمر بن خليل بن إبراهيم بن يحيى العسقلانى المكى ، يلقب بالكمال :

حدث عن أبى الفتوح الحصرى بمسند الدارمى ، عن أبى الوقت السجزى ، سمعه عليه جماعة ، منهم : الفخر التوزرى ، والرضى الطبرى ، وهو خاتمة أصحابه بالسماع. وأما بالإجازة : فعيسى بن عبد الله الحجبى ، الآتى ذكره. ولم أدر متى مات ، إلا أنه كان حيا فى سنة ستين وستمائة ، فى ربيعها الآخر.

وسئل عن مولده ، فقال : بعد صلاة العصر ، يوم الجمعة لسبع خلون من ربيع الأول سنة سبع وستمائة.

٣٤١ ـ محمد بن عمر بن عثمان بن عبد العزيز بن طاهر البخارى ، أبو بكر ، وأبو الفضل الحنفى ، إمام الحنفية بالحرم الشريف ، الملقب كاك :

سمع ببلده بخارى (١) : أبا الحسن على بن محمد بن جذام الفقيه وغيره بها ، وبنسف (٢) ، وبسمرقند (٣) ، وبنيسابور ، والرى (٤) ، وهمذان ، على جماعة ، منهم : أبو على محمد بن سعيد بن نبهان ، وأبو الغنائم محمد بن محمد بن على النرسى ببغداد. وحدث بها.

__________________

٣٤١ ـ (١) بخارى : بالضم من أعظم مدن ما وراء النهر وأجلها يعبر إليها من أمل الشط وبينها وبين جيحون يومان من هذا الوجه وكانت قاعدة ملك السامانية ... وهى مدينة قديمة كثيرة البساتين واسعة الفواكه مهدى بفواكهها تحمل إلى مرو وبينهما اثنتا عشرة مرحلة وإلى خوارزم وبينهما أكثر من خمس عشرة يوما وبينها وبين سمرقند سبعة أياما أو سبعة وثلاثون فرسخا بينهما بلاد الصغد. انظر معجم البلدان (بخارى).

(٢) نسف : بفتح أوله وثانيه ثم فاء ، هى مدينة كبيرة كثيرة الأهل والرستاق بين جيحون وسمرقند ، خرج منها جماعة كثيرة من أهل العلم فى كل فن ، وهى تخشب نفسها. انظر : معجم البلدان (نسف).

(٣) سمرقند : قيل : أنها من أبنية ذى القرنين بماوراء النهر ، وإلى قصبة الصغد مبنية على جنوبى وادى الصغد مرتفعة عليه. انظر معجم البلدان (سمرقند).

(٤) الرى : بفتح أوله ، وتشديد ثانيه ، فإن كان عربيّا فأصله من رويت على الرواية أروى ريّا فأنا راو إذا شددت عليها الرّواء ، وهى مدينة مشهورة من أمّهات البلاد وأعلام المدن كثيرة الفواكه والخيرات. انظر معجم البلدان (الرى).

٣١٧

ذكره ابن النجار فى تاريخها وقال : نزلها مدة ، وجاور بمكة سنين ، كان إماما لأصحاب أبى حنيفة بالمسجد الحرام ، وكان شيخنا دينا فاضلا صالحا متدينا مكثرا من الحديث.

وذكر ابن النجار : أن الحسن بن أبى معشر اللباد أخبره بأصبهان ، أن الحافظ أبا موسى المدينى ، قال : خرج كاك من مكة معنا ، راجعا إلى بلاده ، فمات بأجفر (٥) ـ منزل بين فيد (٦) والثعلبية (٧) ـ يوم الأحد الرابع والعشرين ، من المحرم سنة خمس وعشرين وخمسمائة ، وصلينا عليه ، ودفن هناك ، وحديثه فى «نزهة الحفاظ» لأبى موسى.

وذكر ابن النجار : أنه سأله عن مولده فقال : سنة إحدى وخمسين وأربعمائة. انتهى.

وقد أجاز كاك هذا ، للحافظ السلفى ، وذكره فى كتابه «الوجيز» وقال فى ترجمته : وخرج لنفسه فوائد ، وجمع ما وفق له من المسلسلات ، ورأيت فيما رواه غرائب. انتهى.

٣٤٢ ـ محمد بن عمر بن على بن إبراهيم الحلوى المكى ، المعابدى يلقب بالجمال ، ويعرف بالوكيل :

كان أحد تجار مكة المعتبرين ، ملك عقارا طائلا بحيف بنى شديد وغيره. وبلغنى أن الذى ملكه فى الخيف من الماء ، أربعة وثمانون ساعة ، وأنه كان يشترى الساعة بخمسة آلاف درهم ، وملك فى البرقة نحو خمسين ساعة ماء فيما بلغنى. وكان ذا مروءة كثير القرى للأضياف إن كثروا ، وأوصى عند موته بالتصدق بثلث ماله ، وجعله ثلاثة أقسام : قسم لأقاربه الفقراء ، وقسم لمعتقيه وخدامه ، وقسم للفقراء والمساكين ، من غير تعيين. وأنه توفى وهو فى عشر الخمسين.

__________________

(٥) الأجفر : بضم الفاء ، جمع جفر ، وهو البئر الواسعة لم تطو : موضع بين فيد والخزيمية ، بينه وبين فيد ستة وثلاثون فرسخا نحو مكة. وقال الزمخشرى : الأجفر ماء لبنى يربوع ، انتزعته منهم بنو جذيمة.

(٦) فيد : بالفتح ثم السكون ، ودال مهملة. قال ابن الأعرابى : الفيد الموت ، والفيد : الشعرات فوق جحفلة الفرس ، فيد منزل بطريق مكة. وفيد : بليدة فى نصف طريق مكة من الكوفة عامرة إلى الآن يودع الحاجّ فيها أزوادهم وما يثقل من أمتعتهم عند أهلها ، فإذا رجعوا أخذوا أزوادهم ووهبوا لمن أودعوها شيئا من ذلك ، وهم مغوثة للحاجّ فى مثل ذلك الموضع المنقطع. وقال السكونى : فيد نصف طريق الحاجّ من الكوفة إلى مكة. انظر : معجم البلدان (فيد).

(٧) الثّعلبيّة : منسوب ، بفتح أوله : من منازل طريق مكة من الكوفة بعد الشّقوق وقبل الخزيمية ، وهى ثلثا الطريق. انظر : معجم البلدان ، معجم ما استعجم (الثعلبية).

٣٤٢ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٨ / ٢٥٠).

٣١٨

توفى فى يوم الأربعاء الثامن من شهر ربيع الآخر ، سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة ودفن بالمعلاة.

والمعابدى : نسبة إلى موضع بظاهر مكة ، فوق مقبرة المعلاة.

والحلوى : نسبة إلى البلدة المعروفة بحلى ابن يعقوب.

٣٤٣ ـ محمد بن عمر بن على بن عمر المكى ، أبو الطيب ، المعروف بالسحولى ، نسبة إلى السحول من بلاد اليمن :

ولد ليلة الخميس ، مستهل شهر رمضان ، سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة ، على ما ذكر بمكة ، وأجاز له من شيوخها : عيسى الحجى ، والزين الطبرى ، والآقشهرى وغيرهم.

ومن شيوخ المدينة : الجمال المطرى ، وخالص البهائى ، وعلى بن عمر بن حمزة الحجار ، وسمع منه عدة أجزاء بالمدينة ، وسمع بها على الزبير بن على الأسوانى : الشفا للقاضى عياض ، فى آخر الخامسة ، وحدث به غير مرة بمكة. سمعت عليه قطعة منه ، وغير ذلك ، وأجاز لى مروياته ، وكان حسن الطريقة بأخرة. وكان فقيها بالمدارس بمكة ، وله خط جيد ، ونظم. وأضر قبل موته بسنين.

وتوفى يوم السبت ثامن ذى الحجة ، سنة سبع وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة بعد أن مرض أياما يسيرة ، ودخل مصر والشام مرات.

أخبرنى أبو الطيب محمد بن عمر بن على السحولى ، بقراءتى عليه بالمسجد الحرام : أن أبا الحسن على بن عمر بن حمزة الحجار ، أخبره سماعا بالحرم النبوى قال : أخبرنا الحافظ شرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدمياطى سماعا بالقاهرة قال : أخبرنا أبو البقاء محمد بن على بن السباك وأبو الفضل محمد بن على بن أبى السهل الواسطى ، وموهوب ابن أحمد الجواليقى ، وإبراهيم بن أبى بكر الرعينى ، بقراءتى عليهم ببغداد قالوا : أخبرنا أبو الفتح عبيد الله بن عبد الله بن شاتيل قال : أخبرنا الحسين بن على بن البسرى ، وعلى بن الحسين الربعى ، قالا : أخبرنا محمد بن محمد بن مخلد البزار ، قال : حدثنا القاضى أبو الحسين عمر بن الحسين الأشنانى الشيبانى ، إملاء فى رجب سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة. قال : وحدثنا محمد بن عيسى بن حبان المدائنى ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة عن منصور ، عن إبراهيم ، عن همام ، عن حذيفة رضى الله عنه قال : سمعت النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «لا يدخل الجنة قتات» (١).

__________________

٣٤٣ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٨ / ٢٥٠).

(١) أخرجه البخارى فى صحيحه حديث رقم (٥٨٣٢) من طريق : حدثنا أبو نعيم حدثنا ـ

٣١٩

وأخبرناه أعلا من هذا : أحمد بن محمد بن عبد الله الحميرى ، وإبراهيم بن عمر بن أبى بكر الصالحى ، إذنا عن الحافظ الدمياطى بسنده.

وأخبرناه عاليا أحسن من هذا : العماد أبو بكر بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن أبى عمر ، وآخرون ، بقراءتى عليهم قالوا : أخبرنا أبو الحسن على بن محمد ابن ممدود البندنيجى سماعا ، عن أبى عبد الله محمد بن أبى الفتوح نصر بن أبى الفتوح الحصرى إجازة قال: أخبرنا ابن شاتيل بسنده.

٣٤٤ ـ محمد بن عمر بن محمد بن بليق الحرانى الخياط المجاور ، يكنى أبا عبد الله ، وينعت بالمحب :

ذكره هكذا ابن الحاجب الأمينى فى معجمه ، قال : من مجاورى رباط الزنجيلى بمكة شرفها الله ، وكان أولا من ساكنى حران ، ثم انتقل إلى مكة ، جاور بها سنين ، مع قلة ذات اليد ، والتقنع بالكفاف وأظن أصله تركيا.

سمع بدمشق حنبلا وابن طبرزد ، والكندى ، سألت عنه الحافظ بن عبد الواحد ، فقال: رجل خير. انتهى.

٣٤٥ ـ محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن الحسن بن عبد الله بن أحمد التوزرى :

الإمام ضياء الدين أبو عبد الله بن الإمام تقى الدين أبى البركات القسطلانى المكى المالكى ، إمام المالكية بالحرم الشريف.

ولد بتوزر (١) سنة ثمان وتسعين وخمسمائة ، وقدم مكة قبل العشرين وستمائة ، وسمع

__________________

ـ سفيان عن منصور عن إبراهيم : عن همام قال : كنا مع حذيفة فقيل له : إن رجلا يرفع الحديث إلى عثمان ، فقال حذيفة : سمعت النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «لا يدخل الجنة قتات».

وأخرجه مسلم فى صحيحه (٢٥١) من طريق : حدثنا على بن حجر السعدى وإسحاق بن إبراهيم قال إسحاق: أخبرنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن همام بن الحارث قال : كان رجل ينقل الحديث إلى الأمير ، فكنا جلوسا فى المسجد ، فقال القوم : هذا ممن ينقل الحديث إلى الأمير ، قال : فجاء حتى جلس إلينا ، فقال حذيفة : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «لا يدخل الجنة قتات».

(١) توزر : بالفتح ثم السكون ، وفتح الزاى ، وراء : مدينة فى أقصى إفريقية من نواحى الزاب الكبير من أعمال الجريد ، معمورة ، بينها وبين نفطة عشرة فراسخ. انظر : معجم البلدان (توزر).

٣٢٠