العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٢

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٢

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٤٥

١
٢

بسم الله الرّحمن الرحيم

المحمدون

من اسمه محمد بن أحمد بن إبراهيم

١ ـ محمد بن أحمد بن الرضى بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم :

يلقب : بالرضى الطبرى المكى الشافعى ، إمام مقام الخليل عليه‌السلام بالمسجد الحرام.

ولد : فى سنة عشرين وسبعمائة. سمع من : عيسى الحجى ، وجماعة من شيوخ أخيه شيخنا محب الدين الآتى ذكره. وأجاز له معه جماعة من شيوخه الشاميين والمصريين. وخلف أباه فى الإمامة بالمقام فيها.

وخطب بالمسجد الحرام فى المدة التى صد عنها الضياء الحموى عن الخطابة. وهى من موسم سنة تسع وخمسين وسبعمائة إلى وصول العسكر فى جمادى الآخرة سنة ستين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة عن سبع وثلاثين سنة أو نحوها.

٢ ـ محمد بن أحمد بن الرضى إبراهيم بن محمد الطبرى المكى :

أخو الرضى السابق ، شيخنا الإمام محب الدين أبو البركات إمام المقام. ولد سنة سبع وعشرين وسبعمائة.

وأجاز له من دمشق : أبو العباس الحجار ، وأحمد بن المحب المقدسى ، وأحمد بن الفخر عبد الرحمن البعلى ، وأيوب الكحال ، وآخرون من دمشق ومصر ، يأتى إن شاء الله تعالى بعضه فى ترجمة أخيه شيخنا أبى اليمن ، والشريف أبى الفتح الفاسى.

وأجاز له من ثغر الإسكندرية جماعة منهم : وجيهة بنت على الإسكندرية.

__________________

٢ ـ انظر ترجمته فى : (شذرات الذهب ٨ / ٥٨٢).

٣

وسمع على : عيسى بن عبد الله الحجى صحيح البخارى ، وعلى الزين الطبرى ، وعثمان بن الصفى ، وأبى طيبة محمد بن أحمد بن أمين الأفهرى : سنن أبى داود بفوت من باب التختم فى اليمن أو اليسار إلى آخرها. ثم سمعها كاملة على عثمان بمفرده.

وعلى أبى عبد الله الوادياشى : أكثر الموطأ رواية يحيى بن يحيى ، والتيسير للدانى. وعلى المعظم عيسى بن عمر بن أبى بكر الأيوبى : الأحاديث السباعية والثمانية ، تخريج ابن الظاهرى لمؤنسة خاتون بنت العادل أبى بكر بن أيوب. وغير ذلك على جماعة ، وبعض ذلك بقراءته وحدث.

سمع منه الأعيان ، منهم : شيخنا القاضى جمال الدين ابن ظهيرة ، وحدث عنه وقرأت عليه ، وسمعت منه أشياء.

وخلف أخاه الرضى فى الإمامة ، ثم تركها لابنه الإمام رضى الدين أبى السعادات محمد فى أواخر عمره بنزول منه.

وخطب فى وقت نيابة عن صهره القاضى كمال الدين أبى الفضل النويرى ، وناب عنه فى العقود وعن أبيه القاضى محب الدين النويرى ، ثم ترك.

وكان فيه خير وإحسان إلى جيرانه ، وكان يتأثر على تشييع الجنائز. ثم حصل له بآخره كسر من فرس رفسته ، وتعلل بذلك مدة ، ثم شفى على عرج أصابه ، صار بسببه يمشى على عصاتين.

وتوفى ليلة الأحد العشرين من ذى القعدة سنة خمس وتسعين وسبعمائة بمكة ودفن صبيحتها بالمعلاة.

أخبرنى الإمام محب الدين أبو البركات محمد بن أحمد بن الشيخ رضى الدين الطبرى ، بقراءتى عليه بمنزله بالسويقة بمكة : أن أبا العباس أحمد بن أبى طالب الصالحى أنبأه إذنا مكاتبة.

وقرأت على مسند العصر أبى إسحاق إبراهيم بن محمد بن صديق الدمشقى بها وبالمسجد الحرام : أخبرنا أبو العباس الحجار سماعا ، وأقر به عن أبى إسحاق إبراهيم بن عثمان الكاشغرى ، والأنجب بن أبى السعادات الحمامى ، وثامر بن مسعود بن مطلق ، وأبى طالب عبد اللطيف بن محمد بن القبيطى ، وأبى الحسن على بن محمد بن كبه ، وأبى الفضل محمد بن محمد بن السباك ، وزهرة بن محمد بن أحمد البغدادى ، قالوا : أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقى.

٤

زاد الكاشغرى ، وأبو الحسن على بن عبد الرحمن قالا : أخبرنا مالك بن أحمد البانياسى ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن المجبر ، قال : أخبرنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمى ، قال : حدثنا أبو مصعب أحمد بن أبى بكر الزهرى عن مالك بن أنس عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر رضى الله عنهما : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مرّ على رجل ، وهو يعظ أخاه فى الحياء ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «الحياء من الإيمان».

أخرجه البخارى عن عبد الله بن يوسف التنيسى. وأبو داود عن عبد الله بن مسلمة القعنبى عن مالك. وأخرجه النسائى عن هارون بن عبد الله الحمال ، عن معن ابن عيسى ، وعن الحارث بن مسكين المصرى عن عبد الرحمن بن القاسم الفقيه ، كلاهما عن مالك ، فوقع لنا بدلا للبخارى عاليا بدرجة ، ولأبى داود بدرجتين وغالبا بدرجتين بالنسبة إلى رواية النسائىرحمهم‌الله تعالى.

٣ ـ محمد بن أحمد بن الرضى إبراهيم الطبرى :

أخو الرضى والمحب المقدم ذكرهما. يكنى : أبا اليمن ، ويلقب أمين الدين. سألته عن مولده فذكر ما يقتضى : أنه فى سنة ثلاثين وسبعمائة.

وأجاز له من مصر مع إخوانه : مسندها يحيى بن يوسف بن المصرى ، وأحمد بن أحمد الشارعى ، وإبراهيم بن الخيمى وآخرون من أصحاب النجيب الحرانى ، وأخيه العز ، والمعين الدمشقى ، وابن عزون وغيرهم.

ومن الشام : أبو بكر بن الرضى ، وزينب بنت الكمال والحافظان البرزالى والمزى وآخرون من أصحاب ابن عبد الدايم وغيره ، يأتى ذكر بعضهم فى ترجمة شيخنا الشريف أبى الفتح الفاسى وغيره من شيوخنا.

ومن مكة : جماعة ، منهم : عيسى بن عبد الله الحجى. وسمع منه بعض الترمذى غير معين. وسمع من عثمان بن الصفى الطبرى : سنن أبى داود فى سنة سبع وأربعين. وسمع على الزين الطبرى والأفهرى ، وابن المكرم : سنن النسائى بفوت غير معين. وسمع على ابن المكرم : فضل رجب للقطب القسطلانى ، بسماعه منه وغير ذلك. وعلى عثمان بن شجاع الدمياطى : سيرة الحافظ الدمياطى عنه.

وسمع عليه أيضا : المسلسل بالأولية ، بسماعه من الدمياطى. وعلى الفخر النويرى ،

__________________

٣ ـ انظر ترجمته فى : (شذرات الذهب ٩ / ١٢٧).

٥

والسراج الدمنهورى : موطأ بن بكير. وعلى أبيه الإمام شهاب الدين الطبرى ، والحمال الواسطى : مسند الشافعى.

وعلى المشايخ الأربعة : القاضى عز الدين بن جماعة ، وتاج الدين ابن بنت أبى سعد ، والشيخ نور الدين الهمدانى ، والشيخ شهاب الدين الهكارى : بعض الترمذى ، بسندهم الآتى ذكره.

وتفرد بالسماع من الحجى والآقشهرى ، والزين الطبرى ، وعثمان الدمياطى ، وعبد الوهاب الواسطى. وتفرد بإجازتهم خلا الحجى ، وبإجازة جماعة منهم : قاضى المدينة شرف الدين الأميوطى ، ومؤذنها الجمال المطرى ، وبرهان الدين المسرورى ، وخالص البهائى ، وعلى بن عمر بن حمزة الحجار ، والحسن بن على بن إسماعيل الواسطى ، والعلامة مصلح الدين موسى بن أمير حاج الرومى ، المعروف بملك العلماء شارح «البديع» لابن الساعاتى ، وخضر بن حسن النابتى وغيرهم ، وحدث.

قرأت عليه كثيرا من الكتب والأجزاء ، وسمعت منه.

وسمع منه : صاحبنا الحافظ أبو الفضل بن حجر وغيره من المحدثين. وكان مشهورا بالخير يقصد للزيارة والتبرك. له وقع فى قلوب الناس مع الانقباض عنهم. وصحب جماعة من الفقراء والصالحين ، وعادت عليه بركتهم. وكان منور الوجه.

وأخبرنى صاحبنا الفقيه شهاب الدين أحمد بن إبراهيم المرشدى عن الفقيه أبى المسعود محمد بن حسين بن على بن ظهيرة الآتى ذكره أنه قال له ـ ما معناه ـ : رأيت النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم فى النوم بالحطيم حول الكعبة ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «سلم على هذا ـ وأشار بيده إلى أبى اليمن الطبرى المذكور ، وهو يطوف ـ فإنه من أهل الجنة». أو قال : «من سلم عليه دخل الجنة» هذا معنى ما حكاه لى شهاب الدين المرشدى عن أبى السعود. وفى ذلك منقبة للشيخ أبى اليمن المذكور.

دخل أبو اليمن ديار مصر غير مرة ، منها : فى سنة سبع وتسعين وسبعمائة ، وفيها: ولى الإمامة بمقام إبراهيم بعد أخيه المحب شريكا لابن أخيه الرضى بن المحب وكان ينوب عن أخيه المحب فى الإمامة ، ويؤم الناس فى صلاة التراويح فى كل سنة غالبا. واستمر على ذلك حتى نزل عن الإمامة عند وفاته لابنه الإمام أبى الخير.

توفى فى تاسع عشر صفر سنة تسع وثمانمائة بمكة المشرفة ، ودفن بالمعلاة.

٦

أخبرنى الشيخ الصالح الإمام أبو اليمن محمد بن أحمد بن الشيخ رضى الدين الطبرى قراءة عليه ، وأنا أسمع : بانتخاب صاحبنا الإمام صلاح الدين خليل بن محمد الأقفهسى.

٤ ـ محمد بن أحمد بن إبراهيم بن يعقوب بن أبى بكر جمال الدين ، المعروف بابن البرهانى ، الطبرى ، المكى ، الشافعى ، الفقيه ، المفتى :

سمع من الصفى والرضى الطبريين : صحيح البخارى ، وغير ذلك على الرضى وغيره.

وتفقه على الشيخ نجم الأصفوانى وغيره. وأخذ الفرائض عن الشيخ عبد الله اليافعى.

ومن شيوخه فى العلم : العلامة مصلح الدين موسى بن أمير حاج الرومى ، المعروف بملك العلماء.

وكان فقيها فاضلا ديّنا ، صالحا مباركا مشهورا بالخير. درس بالحرم الشريف وأفتى وحدث.

سمع منه المحدث جمال الدين بن عبد الله بن حديدة فى سنة سبع وأربعين وسبعمائة. وشيخنا ابن شكر بعد ذلك وغيره من شيوخنا.

وناب فى الخطابة عن التاج الخطيب الطبرى. وعن القاضى تقى الدين الحرازى. وناب فى العقود عن القاضى شهاب الدين الطبرى ، والقاضى أبى الفضل النويرى.

توفى ظهر يوم الخميس الثانى عشر من ذى القعدة سنة خمس وستين وسبعمائة بمكة ودفن بالمعلاة. هكذا وجدت تاريخ وفاته بخط شيخنا ابن شكر.

٥ ـ محمد بن أحمد بن أحمد ، يلقب بالجمال بن الشهاب بن الشهاب ، ويعرف بقمر الدولة :

نقلت هذا كله من حجر قبره بالمعلاة ، وترجم فيه كل من والده وجده : بالقاضى. وفيه: أنه توفى يوم الأربعاء سابع شوال سنة ست وخمسين وسبعمائة.

٦ ـ محمد بن أحمد بن إدريس بن عمر أبو بكر :

ذكره ابن زبر فى وفياته. وذكر أنه توفى فى ذى الحجة سنة سبع وستين ومائتين بمكة. ولم يذكر من حاله سوى هذا ، وما عرفت من حاله غير ذلك.

٧ ـ محمد بن أحمد بن إسماعيل بن أحمد ، يلقب بشرف الدين ، ويعرف بالبدماصى المصرى:

نزيل مكة. ذكر لنا : أنه من ولد أبى بكر الصديق رضى الله عنه ، وأنه تعدل

٧

بالقاهرة ، وجلس للشهادة فى بعض الحوانيت بظاهرها ، وجلس لذلك بمكة ، وكتب الوثائق كثيرا ولم يحمد فى ذلك.

وسمع بمكة من شيخنا ابن صديق وغيره من شيوخنا بمكة. وبها توفى فى حادى عشر ذى الحجة من سنة ثمان وثمانمائة بمكة ودفن بالمعلاة بعد أن جاور بمكة نحو عشر سنين متصلة بموته ، وقد جاوز الأربعين فيما أحسب.

٨ ـ محمد بن أحمد بن إسماعيل الدمشقى ، يلقب شمس الدين ، ويعرف بابن الصعيدى ، وبالأحدب المقرئ :

جاور بمكة مدة سنين ، وانتصب للإقراء بالمسجد الحرام. وكان خيّرا مباركا.

توفى يوم الجمعة السادس عشر من جمادى الأولى سنة تسع وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة ، وقد بلغ الخمسين أو قاربها.

٩ ـ محمد بن أحمد بن أمين بن معاذ بن سعاد الآقشهرى ، يلقب ، بالجلال ، ويكنى : أبا عبد الله وأبا طيبة :

روى عن الأستاذين : أبى جعفر بن الزبير الغرناطى ، وناصر الدين أبى على المسدالى ، وجماعة من أهل المغرب سماعا وإجازة عن جماعة من أهل المشرق منهم : العز الفاروقى.

وسمع الكثير بالحرمين على الصفى والرضى ، ومن جماعة كثيرين. عاش منهم بعده غير واحد. وخرّج لبعضهم. وله عناية كبيرة بهذا الشأن ، إلا أنه لم يكن فيه نجيبا ؛ لأن له تعاليق مشتملة على أوهام فاحشة. وله مجاميع كثيرة ، وإلمام بالأدب ، وحظ وافر من الخير. وقد حدثنا عنه غير واحد من شيوخنا. وجاور سنين كثيرة بمكة والمدينة ، وبها مات فى سنة تسع وثلاثين وسبعمائة. وهو فى أثناء عشر الثمانين ؛ لأنه ولد سنة أربع وستين وستمائة. كذا وجدت مولده بخط الذهبى. وترجمه : بنزيل مكة.

١٠ ـ محمد بن أحمد بن أبى بكر بن محمد بن سالم بن إبراهيم وقيل : أبو بكر بن أحمد بن سالم الحرانى شمس الدين المعروف : بابن القزاز :

سمع من : عبد الأول بن على الواسطى جزءا من حديث طلحة بن يوسف. ومن محمد بن مقبل بن المنى : جزء ابن مقسم. ومن ابن الخيّر ، ويحيى بن قميرة ببغداد.

وبمصر : من ابن رواح ، وابن الحميرى ، والمرسى. وبحلب : من الحافظ يوسف بن خليل. وبحرّان : من المجد ابن تيمية. وبالحجاز وديار بكر ، وحدث.

٨

سمع منه : أبو العلاء الفرضى ، والمزى ، والبرزالى. وذكره فى معجمه وأثنى عليه. فقال : كان من أهل القرآن وكثير التلاوة ، يتلوه فى غالب أيامه كل يوم ختمة ، متعبدا حسن السمت ، مليح الشيبة ، ذا وقار وسكون.

جاور بمكة زمانا وحج مرات. وقال : قرأت داخل الكعبة ألف وثلاثمائة وأربعا وخمسين ختمة. انتهى.

وذكره الذهبى فى معجمه ، وقال : كان حفظه للحكايات والملح ، إلا أنه لا يوثق بنقله وسماعاته فصحيحة. انتهى باختصار.

وتوفى فى العشر الأخير من ذى الحجة سنة خمس وسبعمائة بمكة برباط رامشت. ومولده بحران سنة ثمان عشرة وستمائة. ولشيخنا محمد بن أحمد بن عبد الله المعروف بابن عوض البيطار الصالحى منه إجازة.

١١ ـ محمد بن أحمد بن أبى بكر الخراسانى ، أبو بكر ، الصوفى ، النجار :

نزيل بغداد ، وسمع بمكة شيئا فى سنة أربع وخمسمائة :

وروى عنه : أبو سعد السمعانى ، وقال : كان رفيقى فى سفره إلى الشام ، وخرجنا صحبته إلى زيارة القدس ، وما افترقنا إلى أن رجعنا إلى العراق. وكان نعم الرفيق ، شيخ ، صالح ، قيم بكتاب الله ، دائم البكاء ، كثير الحزن ، جاور بمكة مدة.

توفى فى ربيع الأول سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة. وله ثمانون سنة ، انتهى.

١٢ ـ محمد بن أحمد بن جار الله بن زائد السنبسى المكى ، يلقب بالجمال ابن الشهاب :

ولد ـ فيما بلغنى ـ سنة ثمانين وسبعمائة ، وعنى بحفظ القرآن الكريم ، وتعلم الكتابة حتى انصلح خطه ، وصار يكتب به الوثائق لنفسه وغيره.

وعنى بالتجارة فحصل نقدا طائلا فيما قيل ، وعقارا ، وناله تعب فى بعض الأحايين ـ لغناه ـ من الدولة.

ولما مرض مرضه الذى مات به : لقى فيه ألما عظيما لحرارة عظيمة اعترته فى جوفه. وأقام لذلك أياما وليالى منغمسا فى الماء ، جالسا فى قدر من نحاس يسع جزورا فيما

٩

قيل ، وهو مع ذلك لا يستطيع شرب الماء ، وامتنع من شربه اثنى عشر يوما ، يؤتى به إليه ينظره ولا يكاد يسيغه.

وفى مرضه هذا : طلق إحدى زوجتيه ثلاثا ، قاصدا بذلك حرمانها الميراث من مخلفه ، وتخصيص زوجته الأخرى بذلك. وبعد وفاته : ادعى عندى وكيل شرعى لزوجته التى طلقها بما صدر منه. فأجاب وكيل الزوجة الأخرى بإنكار ما ادعاه ، وقال : طلقها فى صحته. فشهد عندى جماعة من الفقهاء : بطلاقه لزوجته ثلاثا فى حال مرضه ، قاصدا بذلك حرمان المطلقة من الميراث. فحكمت لها بالميراث من مخلفه. ورام وكيل الزوجة الأخرى دفعها عن الميراث بزعمه أن المذكور كان طلق زوجته المشار إليها ثلاثا فى صحته ، وأن عنده بذلك بينة. فلم يفده ذلك ؛ لأن فى شرح ابن الحاجب الفرعى تحليل الجندى المالكى ما نصه :

فرع : قال الباجى : لو مات فشهد الشهود أنه كان طلقها البتة فى صحته ، فقد جعله ابن القاسم كالمطلق فى المرض ؛ لأن الطلاق إنما يقع يوم الحكم ، ولو لم يقع يوم الحكم لكان فيه الحد إذا أقر بالوطء وأنكر الطلاق. وهذا الذى علل به الباجى فى المدونة نحوه. انتهى باختصار.

وكانت وفاة المذكور فى أوائل النصف الثانى من يوم الجمعة الرابع والعشرين من جمادى الأولى سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة بمكة المشرفة ، ودفن بالمعلاة بكرة يوم السبت. سامحه الله تعالى.

١٣ ـ محمد بن أحمد بن جعفر بن على الديوانى المكى :

كان خدم عنان بن مغامس بن رميثة أمير مكة فى ولايته الثانية على مكة. وخدم غيره من أمراء مكة.

وبها توفى فى سنة ست وثمانمائة فى غالب الظن ، وإلا ففى التى بعدها. ودفن بالمعلاة.

* * *

من اسمه محمد بن أحمد بن الحسن

١٤ ـ محمد بن أحمد بن الحسن بن عتبة بن إبراهيم بن أبى خداش بن عتبة بن أبى لهب القرشى الهاشمى :

هكذا نسبه ابن حزم فى الجمهرة ، وقال : ولى الصلاة بمكة. انتهى.

١٠

١٥ ـ محمد بن أحمد بن الحسن السجزى ، أبو عبد الله المكى المقرى ، ويعرف: بجو بكار :

روى عن : الحافظ أبى موسى المدينى وغيره. سمع منه : ابن أبى الصيف. وحدث بالحرمين ، وجاور بها حتى مات.

ذكره ابن الدبيثى فى تاريخ بغداد. فإنه لم يذكر متى كانت وفاته ولا محلها وما عرفت وقتها ، إلا أنه كان حيا فى سنة ست وتسعين وخمسمائة ؛ لأن سليمان بن خليل العسقلانى قرأ فيها عليه رواية حفص عن عاصم ، وأجاز له. كذا ذكر ابن مسدى فى معجم شيوخه.

وهو معدود فى مشيخة الحرم بمكة ، وبها توفى ؛ لأنى وجدت بالمعلاة حجرا ملقى مكتوب فيه : هذا قبر الشيخ الصالح الإمام فخر الدين محمد بن أحمد بن حسين يعرف بجو بكار السجزى رحمه‌الله تعالى وهو المذكور.

وتسمية جده : بحسين فى هذا الحجر تخالف ما ذكرناه أولا ، والله أعلم بالصواب.

١٦ ـ محمد بن أحمد بن الحسن بن الزين محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد القسطلانى المكى ، الحنفى ، يلقب بالجمال :

سمع بمكة : من الشيخ جمال الدين الأميوطى ، وعبد الله النشاورى وغير هما. وسمع بمصر : من بعض شيوخنا بالسماع ، وبالشام من بعض شيوخنا بالإجازة وأظنه سمع بمكة من عبد الرحمن بن الثعلبى. وله اشتغال بالعلم ونباهة. وكتب بخطه عدة كتب ، وكتب الوثائق أيضا.

توفى فى حادى عشر ذى الحجة سنة إحدى وثمانمائة بمنى ، ودفن بالمعلاة فى صبيحة اليوم الثانى فى مقبرة أسلافه ، وقد بلغ الأربعين أو قاربها.

١٧ ـ محمد بن أحمد بن سالم بن ياقوت المكى :

المؤذن بالحرم الشريف. سمع من : عيسى الحجى به ، والزين الطبرى.

ومات فى حياة أبيه فى عشر السبعين وسبعمائة بالقاهرة بالخانقاة الصالحية ، سعيد السعداء. سامحه الله تعالى.

١٨ ـ محمد بن أحمد بن أسعد ، الإمام أبو عبد الله بن الفراء المعافرى ، الأندلسى ، الجيانى ، المقرئ :

أخذ القراءات عن مكى بن أبى طالب ، وقرأ عليه جماعة. ومات بمكة سنة تسع وستين

١١

وأربعمائة بعد الحج والمجاورة. ذكره الذهبى فى طبقات القراء وتاريخ الإسلام ، ومنها لخصت هذه الترجمة.

١٩ ـ محمد بن أحمد بن سعيد بن فرقد أبو عمرو المخزومى :

مؤذن مسجد جدة. عن : عمر بن حفص البصرى. وعنه : ابن الأعرابى فى معجمه.

٢٠ ـ محمد بن أحمد بن أبى سعيد المكى :

أظن ظنا غالبا : أن المكى اسم لا صفة. وعليه قد لا تكون الترجمة هذه من شرط كتابنا هذا. فيحرر.

الإمام أبو الفرج الأعرجى ، شمس الأئمة ، الخطيب ، الفقيه ، الحاسب ، المدرس ، المفتى ، المناظر ، الواعظ ، الرئيس ، المقدم ، ذو المحاسن العديدة.

وكان شيخ العلماء بخوارزم غير منازع ، أكثر من خمسين سنة. وكان مائلا إلى الحديث.

سمع من : شيخ القضاة إسماعيل بن البيهقى ، ومن الزمخشرى وغيره. وكان ثقة عدلا.

مات فى ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة ، وتزاحموا على سريره ، وجاوز الثمانين.

نقلت هذه الترجمة هكذا من خط الحافظ الذهبى ، فيما انتقاه من المجلد الأول من تاريخ خوارزم للحافظ الرحال محمود بن محمد بن عباس بن أرسلان الخوارزمى. وذكر أنه نحو من ثمان مجلدات كبار. انتهى.

٢١ ـ محمد بن أحمد بن سنان بن عبد الله بن عمر بن مسعود العمرى ، المكى:

كان من أعيان القواد العمرة. توفى فى آخر سنة أربع ، أو فى سنة خمس وثمانين وسبعمائة مقتولا فى الحمام بمكة ، قتله بعض الأشراف.

٢٢ ـ محمد بن أحمد بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة القرشى المخزومى ، المكى الخطيب كمال الدين أبو الفضل بن قاضى مكة وخطيبها شهاب الدين :

ولد فى حادى عشر ربيع الأول سنة ست وخمسين وسبعمائة بمكة.

__________________

٢٢ ـ انظر ترجمته فى : (شذرات الذهب ٩ / ٢٧٧).

١٢

وسمع بها على الفقيه خليل المالكى : جانبا معينا من آخر الموطأ ، رواية يحيى بن يحيى. وعلى القاضى عز الدين بن جماعة : منسكه الكبير على المذاهب الأربعة والأربعين التساعية له ، وجزء ابن نجيد ، والبردة للبوصيرى عنه إجازة. وعلى ابن جماعة ، والقاضى موفق الدين عبد الله الحنبلى : مسند عبد بن حميد بفوت ، وعلى محمد بن أحمد بن عبد المعطى : صحيح ابن حبان.

وأجاز له من مصر : ابن القطروانى ، وابن الرصاص ، والجزائرى ، وناصر الدين الفارقى ، وناصر الدين التونسى ، وفتح الدين القلانسى ، وآخرون. ومن دمشق : عبد الله ابن قيم الضيائية وآخرون.

وحدث بمسموعاته أو أكثرها ، وبأشياء كثيرة عن شيوخه بالإجازة.

وناب فى الخطابة بمكة عن أبيه ، وعن القاضى عز الدين النويرى. وباشر فى الحرم. وأضر بأخرة سنين ، وكان دائم الدهر ملازما لبيته ، كافيا للناس خيره وشره.

وتوفى فى آخر ليلة الأحد خامس صفر سنة تسع وعشرين وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.

* * *

من اسمه محمد بن أحمد بن عبد الله

٢٣ ـ محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم ، قاضى مكة ، جمال الدين بن الشيخ محب الدين الطبرى المكى الشافعى ، يكنى أبا عبد الله ، وأبا محمد ، وأبا أحمد:

ولد يوم السبت سادس صفر سنة ست وثلاثين وستمائة بمكة.

وسمع بها من ابن أبى حربى : صحيح البخارى. ومن شعيب الزعفرانى ، وابن الحميرى: الأربعين الثقفية ، والأربعين البلدانية للنسفى. وعلى ابن الحميرى : معجم الإسماعيلى ، وسنن الشافعى رواية المزنى ، وغير ذلك. وعلى جماعة. وحدث ، أفتى ، ودرس.

وله تآليف ، منها : «التشويق إلى البيت العتيق» فى المناسك ، و «نظم كفاية المتحفظ» فى اللغة. وله نظم حسن.

وناب فى الحكم بمكة عن قاضيها عمران بن ثابت الفهرى. ثم ولى قضاءها بعد

١٣

عمران فى صفر سنة ثلاث وسبعين وستمائة. ثم عزل نفسه سنة خمس وسبعين. ثم جاء أمر الملك المظفر صاحب اليمن بعوده فى سنة ست وسبعين. واستمر حتى مات فى غالب الظن ، وولايته لبعض هذه المدة مخففة.

وقد أثنى عليه غير واحد ، منهم : البرزالى ؛ لأنه ترجمه : بالقاضى العلامة. قال : وكان فقيها فاضلا ، وله شعر جيد.

ومنهم : الحافظ الذهبى ؛ لأنه قال : كان متقنا للفقه والعربية. ومنهم : أحمد بن أيبك الدمياطى ؛ لأنه قال : كان فاضلا فى علوم وترجح على والده. وذكر أنه توفى فى ذى القعدة سنة أربع وتسعين وستمائة.

وهكذا ذكر وفاته البرزالى نقلا عن الشيخ عبد الله بن خليل المكى. وذكر أنه توفى بمكة ، وأنه كان قاضيا بها مدة سنين. انتهى.

وأرخ وفاته بهذه السنة الذهبى فى العبر ، وفى تاريخ الإسلام ، إلا أنه قال فى تاريخ الإسلام : مات فى ذى القعدة أو قبلها بعد أبيه بيسير. وقال فيه أيضا : أصابه فالج جده.

وجزم فى العبر بوفاته قبل أبيه ، وتبعه على ذلك الإسنائى فى طبقاته ، وهو وهم منهما ؛ لأنى وجدت بخط القاضى نجم الدين بن القاضى جمال الدين الطبرى المذكور كتابا ذكر فيه : أن المظفر صاحب اليمن زاد جده المحب الطبرى والد المذكور فى معلوم التدريس فى المدرسة المنصورية بمكة. ولم يزل ذلك مستمرا إلى أن مات أخذها الولد كذلك. والدلالة من هذا الكلام على أن المذكور توفى بعد أبيه ظاهرة.

أنشدنى القاضيان أبو محمد بن أحمد بن عبد العزيز ، وأبو العباس أحمد بن أبى عبد الله القرشيان إذنا بخطهما عن القاضى نجم الدين محمد بن القاضى جمال الدين محمد بن الشيخ محب الدين الطبرى ، إجازة إن لم يكن سماعا.

قال : أنشدنا والدى لنفسه قصيدة نبوية أولها :

أنخ أيها الصادى الشديد ظماؤه

ورد منهلا أحلا من الشهد ماؤه

وسل عند باب المصطفى أى حاجة

أردت وما تهوى فرحب فناؤه

ولا تخش إذ أصبحت جارا لمن غدا

كفيلا بأمن الخائفين التجاؤه

ومنها :

ليهنك يا قلبى فذا ثمر المنى

بساحة خير المرسلين اجتناؤه

١٤

وبشراك يا من حل فى ذاك الحمى

وبل غليلا وانجلت بر حاؤه

فيا قاصدنه قم أمام ضريحه

وحسبك فخرا أن حواك إزاؤه

وقبل وضع فى الترب خدك خاضعا

ولذ عائذا واطلب وسل ما تشاؤه

ففى ذلك النادى منى كل آمل

وفيه لمن وافى عليلا شفاؤه

لعمرك قد حلت مفاخر أحمد

ونمت أياديه وعم ثناؤه

ولم لا وهذا المجتبى من ذرى العلا

وبيت لمحض المكرمات بناؤه

خلاصة عز من لؤى بن غالب

وجوهر إفضال تبدّا صفاؤه

تغذى لبان المجد طفلا فأصدرت

موارده ما كان منه ارتواؤه

سما فى سموات السمو فأشرقت

شموس سناه واستبان بهاؤه

٢٤ ـ محمد بن أحمد بن عبد الله بن عبد المعطى بن مكى بن طراد الأنصارى ، المكى ، جمال الدين ، يكنى أبا الفضائل ، وأبا عبد الله ، المعروف بابن الصفى :

ولد فى سادس صفر سنة اثنتين وسبعمائة بمكة. وأجاز له من شيوخها فى سنة ثلاث وسبعمائة : أمين الدين بن القطب القسطلانى ، والشرف يحيى بن محمد بن على الطبرى ، وتفرد بإجازتهما وغيرهما من شيوخ مكة وغيرها.

وسمع بها على الفخر التوزرى : الموطأ ، رواية يحيى بن يحيى ، ورواية أبى مصعب وصحيح مسلم ، وجامع الترمذى ، والشمائل له ، والملخص للقابسى ، والشفا للقاضى عياض ، والثقفيات ، والخلعيات ، والقبلانيات ، والقصائد الوترية لابن رشيد عنه ، ومشيخة ابن الحميرى ، والفوائد المدنية من حديثه عنه. وعلى جده لأمه الصفى الطبرى ـ وبه عرف ـ وأخيه الرضى : صحيح البخارى ، وصحيح ابن حبان ، خلا من قوله : ذكر البيان بأن عند وقوع الفتن على المرء محبة غيره ما يحبه لنفسه ، إلى آخر الكتاب. فعلى الرضى فقط وعليهما : الثقفيات ، والسادس ، والسابع ، والثامن من المحامليات ، وثانى حديث سعدان ، وجزء سفيان بن عيينة. وراجع الإعراب للنسائى ، وفوائد العرائس للنقاش وغير ذلك.

وعلى الرضى فقط جامع الترمذى بفوت ، وتاريخ مكة للأزرقى وغير ذلك. وعلى أبى عبد الله بن محمد بن على بن قطرال ، وأبى عبد الله محمد بن محمد بن حريث : كتاب الشفا للقاضى عياض. وعلى فاطمة وعائشة بنتى القطب القسطلانى : سداسيات الرازى وغير ذلك.

١٥

وعلى الرضى على بن بجير الشيبى : فضل رمضان لأبى اليمن بن عساكر ، وغير ذلك على جماعة آخرين. وحدث بكثير من مسموعاته. وتفرد منها بأشياء.

سمع منه جماعة من شيوخنا ، منهم : الحافظان العراقى ، والهيثمى ، ونور الدين الفوى ، وابن شكر ، ووالدى ، والقاضى جمال الدين بن ظهيرة وجماعة.

وكان رجلا صالحا ديّنا. ولزم الشيخ عبد الله اليافعى مدة ، وأخذ عنه الفرائض ، وبرع فيها. واشتغل بالفقه كثيرا ، ولم يتميز فيه.

توفى فى تاسع عشر شهر رجب ، سنة ست وسبعين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.

٢٥ ـ محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد القاشانى الفقيه أبو زيد ، المروزى ، الشافعى :

روى عن محمد بن يوسف الفربرى : صحيح البخارى. وحدث عنه بمكة. وجاور بها سبع سنين.

وسمع من أصحاب على بن حجر. روى عنه : الدارقطنى وغيره. وأخذ الفقه عن أبى إسحاق المروزى. وعنه أخذ القفال المروزى.

قال الخطيب : كان أحد أئمة المسلمين ، حافظا لمذهب الشافعى ، حسن النظر ، مشهورا فى الزهد والورع.

توفى يوم الخميس ثالث عشر شهر رجب سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة بمرو ، قاله أبو نعيم.

ومولده سنة إحدى وثلاثمائة ، انتهى.

وما ذكرناه من مجاورته بمكة سبع سنين ذكره صاحب المرآة نقلا عن الخطيب البغدادى ، ولم أره فى تاريخه. وكذلك ذكره أيضا الإسنائى.

__________________

٢٥ ـ انظر ترجمته فى : (شذرات الذهب ٣ / ٧٦ ، ٤ / ٣٨٥ ـ ٣٨٦ ، طبقات العبادى ٩٣ ، تاريخ بغداد ١ / ٣١٤ ، طبقات الشيرازى ١١٥ ، تبيين كذب المفترى ١٨٨ ـ ١٩٠ ، المنتظم ٧ / ١١٢ ، وفيات الأعيان ٤ / ٢٠٨ ـ ٢٠٩ ، دول الإسلام ١ / ٢٢٩ ، تاريخ الإسلام ٤ / ٤ ، العبر ٢ / ٣٦٠ ، الوافى بالوفيات ٢ / ٧١ ـ ٧٢ ، طبقات السبكى ٣ / ٧١ ـ ٧٧ ، طبقات الإسنوى ٢ / ٣٧٩ ـ ٣٨٠ ، البداية والنهاية ١١ / ٢٩٩ ، طبقات ابن هداية الله ٩٦ ـ ٩٧ ، هدية العارفين ٢ / ٥٠ ، سير أعلام النبلاء ١٦ / ٣١٣).

١٦

٢٦ ـ محمد بن أحمد بن عبد الرحمن القرشى ، العلامة الكبير ، شمس الدين ، المعروف بابن خطيب بيرود ، الدمشقى ، الشافعى :

ولد سنة إحدى وسبعمائة. سمع على ما ذكر من الحجار ووزيره : صحيح البخارى. وتفقه على فقيه الشام البرهان بن الفركاح وغيره.

وأخذ الأصول عن الشيخ شمس الدين الأصبهانى ، شارح مختصر ابن الحاجب وكانت له فيه يد طولى مع معرفة جيدة بالفقه والأدب.

وأفتى ودرس بمشهد الإمام الشافعى رضى الله عنه ، بالقرافة وبالجامع الحاكمى ، بعد الشيخ شمس الدين بن اللبان.

ثم ترك ذلك للشيخ بهاء الدين أحمد بن الشيخ تقى الدين السبكى. وعوضه عنه أخوه القاضى حسين بن القاضى تقى الدين السبكى بدرس الشامية البرانية ظاهر دمشق. فباشرها مدة سنين ، ثم تركها.

وتوجه إلى الحجاز فى موسم سنة ستين وسبعمائة. وجاور بمكة نحو ثلاث سنين ، على ما أخبرنى به بعض أقاربه.

وكان جاور بها قبل ذلك فى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة. ثم توجه إلى مصر ، ثم عاد إلى مكة وجاور بها ، ثم عاد إلى مصر ، ثم توجه إلى مكة.

وقد ولى قضاء المدينة بعد الحكرى ، وباشره نحو سنتين ثم عاد إلى مصر بعد الحج من سنة ثمان وستين. وولى بها تدريس مدرسة أم الملك الأشرف صاحب مصر. ثم توجه إلى دمشق فى سنة إحدى وسبعين ، وعاد فى آخرها إلى تدريس الشامية البرانية بعد موت القاضى تاج الدين السبكى ، واستمرت معه حتى مات.

وكان سئل فى تركها لمن فيه أهلية وافرة من جهة العلم على عوض. فتوقف تورعا.

وكانت وفاته فى سادس عشر شوال سنة سبع وسبعين وسبعمائة بدمشق ، ودفن بباب الصغير. سامحه الله تعالى.

٢٧ ـ محمد بن أحمد بن عبد الرحمن ، الدمشقى الأصل ، المدنى المولد والدار ، الشافعى الإمام ، المفنن ، أبو الفضائل جمال الدين ، المعروف بابن الشامى :

سمع بالمدينة من العفيف المطرى ، وتخرج به ، وبدمشق من عمر بن أميلة. وبمصر من جويرية بنت الهكارى وغيرها. وله عناية بهذا الشأن ، وكتب فيه طباقا عديدة.

__________________

٢٦ ـ انظر ترجمته فى : (شذرات الذهب ٨ / ٤٣٧).

١٧

وأخذ الفقه عن العلامة عماد الدين إسماعيل بن خليفة الجبائى بدمشق ، وأذن له فى الإفتاء والتدريس. وكان فاضلا فى فنون ، وله خط حسن.

وتوفى فى يوم الثلاثاء فى نصف صفر سنة تسع وسبعين بمكة. ودفن بالمعلاة ، ولم يكمل الأربعين.

٢٨ ـ محمد بن أحمد بن الوجيه عبد الرحمن بن عبد المعطى بن مكى بن طراد الأنصارى ، الخزرجى ، المكى ، المعروف بالوجيه. وهى شهرة جده :

سمع على الشيخ خليل المالكى وغيره بمكة.

وتوفى بها فى أوائل شعبان سنة ست وثمانمائة ، ودفن بالمعلاة عن أربع وثمانين سنة ؛ لأنه ولد فى سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة ، على ما أخبرت به عنه ، وكان يدعى بآخره سنا أعلا من هذا. والله أعلم.

٢٩ ـ محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن القاسم بن عبد الرحمن بن القاسم بن عبد الله ، الهاشمى، العقيلى :

قاضى مكة ، وخطيبها ، وعالمها ، كمال الدين أبو الفضل ، النويرى ، الشافعى. ولد ليلة الأحد مستهل شعبان سنة اثنين وعشرين وسبعمائة بمكة.

وسمع بها من جده لأمه القاضى نجم الدين الطبرى : بعض السيرة لابن إسحاق ، تهذيب ابن هشام.

وأجاز له ومنه القاضى زين الدين الطبرى ، وعيسى الحجى ، وغيرهما : جامع الترمذى ، وعلى الحجى : صحيح البخارى ، فى سنة ثلاث وثلاثين.

وبالمدينة من الزبير الأسوانى : الشفا للقاضى عياض ، وغير ذلك على غيرهم بالحرمين. كما سيأتى فى ترجمة أخيه القاضى نور الدين النويرى.

ثم رحل فى طلب العلم. فسمع بدمشق من مسندها أحمد بن على الجزرى : جزء آدم بن أبى إياس ، وعلى الحافظ أبى الحجاج المزى : مجلسا من أماليه ، فيه حديث «الأعمال بالنيات» (١). ومقطوعان له أحدهما : فى ثواب عيادة المريض. والآخر : فى

__________________

٢٩ ـ انظر ترجمته فى : (شذرات الذهب ٨ / ٥٠٢).

(١) أخرجه البخارى فى صحيحه حديث رقم (١) من طريق : حدثنا الحميدى عبد الله بن الزبير ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد الأنصارى ، قال : أخبرنى محمد بن ـ

١٨

مذاكرة العلم. وحدث عنه بصحيح البخارى سماعا ، خلا فوتا شملته الإجازة ، وعلى القاضى شمس الدين محمد بن أبى بكر النقيب : الأربعين الحديثية ، لشيخه شيخ الإسلام محيى الدين النواوى عنه.

وتفقه عليه ، وعلى قاضى دمشق العلامة تقى الدين على بن الكافى السبكى. وأخذ العلم أيضا عن التاج المراكشى بدمشق. وبمكة عن : الشيخ جمال الدين بن هشام ، أخذ عنه العربية.

والشيخ ولى الدين المعروف بالمنفلوطى ، أخذ عنه فنونا من العلم ، وانتفع به فى ذلك كثيرا ، وبالتاج المراكشى.

وحصل من العلم على أوفر نصيب ، رقى به أعلا الذروة ، واشتهر ذكره ، وبعد صيته ، وصار المنظور إليه ببلده ، بل بالحجاز كله ، ودرس ، وأفتى ، وناظر ، وحدث.

وناب فى الحكم عن خاله القاضى شهاب الدين الطبرى. ثم ولى قضاء مكة بعد صرف القاضى تقى الدين الحرازى ، فى أثناء سنة ثلاث وستين وسبعمائة. وباشر ذلك من استقبال رمضان هذه السنة ، واستمر على ذلك حتى مات.

وولى مع ذلك خطابة الحرم ونظره. وكان يعبر عن نظره فيما مضى بمشيخة الحرم وحسبة مكة ، وتدريس الثلاثة مدارس التى لملوك اليمن بمكة ، وهى المنصورية ، والمجاهدية ، والأفضلية. وهو أول من درس بالأفضلية ، وكان يسكن بها ، وإليه نظر هذه المدارس.

وولى تدريس درس بشير الحمدار مشافهة منه. ودرس الحديث لوزير بغداد ، ودرس

__________________

ـ إبراهيم التيمى أنه سمع علقمة بن وقاص الليثى يقول : سمعت عمر بن الخطاب رضى الله عنه المنبر قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها ، أو إلى امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه».

وأخرجه مسلم فى صحيحه حديث رقم (٤٨٨٠) باختلاف فى اللفظ ، من طريق : حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب ، حدثنا مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن إبراهيم ، عن علقمة ابن وقاص ، عن عمر بن الخطاب ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنما الأعمال بالنية ، وإنما لامرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه».

وأخرجه ابن ماجة فى سننه باب النية حديث رقم (٤٣١٥). وأخرجه الترمذى فى سننه حديث رقم (١٦٥٢).

١٩

الفقه للملك الأشرف شعبان ، صاحب مصر. ولم تجتمع هذه الوظائف لأحد قبله من قضاة مكة ، وبعضها لم يكن إلا فى زمنه.

واستمر على ولايته لجميع ذلك إلى أن مات ، إلا أنه صرف عن المدارس قبيل وفاته ، ولم يصل الخبر بذلك إلا بعد مماته.

وكان السبب الأعظم فى عزله عن المدارس : أنه منع القاضى زكى الدين الخروبى تاجر الخواص السلطانية بالديار المصرية ؛ إذ كان مجاورا بمكة فى سنة خمس وثمانين وسبعمائة من تحصيب المسجد الحرام ، وقال له : لا يكون هذا إلا من مال السلطان ، يعنى : صاحب مصر.

وعارضه أيضا فى غير ذلك من مراده بمكة ، فشق ذلك على الخروبى كثيرا وأحب إيذاء المذكور ، وما وجد إلى ذلك سبيلا إلا من جهة المدارس بمكة ، وأمرها لصاحب اليمن. وكان إذ ذاك الملك الأشرف إسماعيل بن الأفضل عباس بن مجاهد على بن المؤيد داود بن المظفر يوسف بن المنصور عمر بن على بن رسول.

وكان للخروبى عند الأشرف مكانة لقيامه بمصالحه فى التجارة وغيرها بمصر. ولما عرف الأشرف رغبته فى ذلك ، عزل المذكور عن ذلك.

وكان قبل ذلك وشى إليه بعض الناس بهذا القاضى. فما قبل فيه قول الواشى ، وكتب إليه بخطه يقول له : أنت على نظرك وتدارسك ، لا يقبل فيك نقل ناقل ، كيف والقول فيه مكذوب.

هذا معنى ما بلغنى من كتابة الأشرف إلى القاضى.

وكان يصل إليه من الأشرف صلة طائلة فى موسم كل سنة ، بسبب خطبته له بمكة ، وقيامه بالهدى عنه بمنى ، وهدية يهديها القاضى إليه.

وبلغنى : أنه وصل إليه من الأشرف بسبب ذلك فى بعض السنن سبعة وعشرون ألف درهم. وما ظفر بذلك من صاحب اليمن قاض بعده. وغاية ما ظفر به بعضهم نحو ثلث ذلك وأقل.

ثم انقطع ذلك مع ما كان يصل لأمير مكة والمؤذنين ، وما جرت به العادة من مدة خمس سنين متوالية ، أولها : سنة أربع عشرة وثمانمائة ، لتغير صاحب اليمن الملك الناصر أحمد بن الأشرف على صاحب مكة.

٢٠