العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٢

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٢

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٤٥

٢٣٢ ـ محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الحارث بن أمية الأصغر ابن عبد شمس بن عبد مناف القرشى ، أمير مكة :

ذكره الفاكهى فقال : ومن ولاة مكة أيضا : أبو جراب الأموى ، وهو محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الحارث بن أمية الأصغر. كان على مكة فى زمن عطاء بن أبى رباح.

فحدثنا سعيد بن عبد الرحمن قال : حدثنا بن أبى رواد عن بن جريج ، قال : أمر أبو جراب عطاء ـ وهو أمير مكة ـ أن يحرم فى الهلال ، وكان يلبى بين أظهرنا ، وهو حلال ، ويعلن التلبية. انتهى.

وولاية أبى جراب لمكة ، تكون فى خلافة عبد الملك بن مروان ، أو خلافة أحد من أولاده الأربعة. والله أعلم.

وذكره بن حزم فى الجمهرة ، وأنه يلقب أبا جراب ، ونسبه كما نسبه الفاكهى. وقال : قتله داود بن على بن عبد الله بن العباس. انتهى.

وذكر الزبير بن بكار : أن أمه رملة بنت العلاء بن طارق بن المرقع من كنانة.

٢٣٣ ـ محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله ، القاضى جمال الدين بن فهد القرشى ، الهاشمى المكى :

سمع على المفتى عماد الدين عبد الرحمن بن محمد الطبرى : صحيح مسلم ، عن المرسى ، وعلى أخيه الشرف يحيى بن محمد الطبرى : أربعى المحمدين للجيانى وغير ذلك ، وعلى الأمين محمد بن القطب القسطلانى : الموطأ ، رواية يحيى بن يحيى ، وعلى التوزرى الموطأ أيضا ، وصحيح البخارى ، ومسند الدارمى ، ومسند الشافعى ، والشفا ، وعلى الصفى الطبرى ، وأخيه الرضى : صحيح البخارى وغير ذلك ، وعلى الظهير بن منعة : جزء ابن نجيد ، وعلى أحمد بن ديلم الشيبى : الأربعين المختارة لابن مسدى ، وعلى بنتى القسطلانى : سداسيات الرازى ، وغير ذلك من الكتب والأجزاء ، بقراءته وقراءة غيره.

__________________

٢٣٢ ـ انظر : (جمهرة أنساب العرب ٦٩).

٢٣٣ ـ (١) على هامش نسخة ابن فهد : «وهم المؤلف رحمه‌الله تعالى فى السنة ، لأن البرزالى إنما ذكره فى المتوفين سنة ست وثلاثين وسبعمائة».

٢٢١

وتفقه على قاضى مكة نجم الدين الطبرى وصحبه ، وانتفع به ، وناب عنه فى الحكم ، وعن القاضى شهاب الدين أحمد بن القاضى نجم الدين الطبرى ، حتى مات ، وهو القائم بولاية القاضى شهاب الدين ، وكان فاضلا فى الفقه وغيره.

وكان يفتى ويعانى التجارة فى كثير من الأشياء ، وحصل دنيا طائلة ، وخلف تركة لها صورة من العقار وغيره. وكان طارحا للتكلف ، يجلس للحكم فى السوق فى غالب النهار.

وذكره البرزالى فى تاريخه ، نقلا عن العفيف المطرى ، فقال : كان فقيها مفننا معظما ، نزها قوالا بالحق ، لم يخلف بعده ببلده مثله ؛ وذكر أنه توفى فى يوم الثلاثاء رابع شعبان سنة خمس وثلاثين وسبعمائة بمكة. وأن مولده فى أوائل شهر رمضان سنة ثلاث وثمانين وستمائة. انتهى.

ووجدت بخط ابن البرهان الفقيه جمال الدين ، أنه توفى يوم الأربعاء الرابع من شعبان سنة ست وثلاثين ، وأنه ناب عن القاضى نجم الدين الطبرى. انتهى.

والصحيح فى وفاته ، ما ذكره ابن البرهان ؛ لأنى وقفت له على إجازة كتبها لجدى القاضى أبى الفضل النويرى ، فى عرضه عليه لجميع كتاب «التنبيه» فى الفقه لأبى إسحاق الشيرازى ، تاريخها سلخ رمضان سنة خمس وثلاثين. وأجاز له جميع مروياته.

٢٣٤ ـ محمد بن عبد الله بن محمد الأندلسى ، أبو عبد الله ، العلامة المفسر ، شرف الدين ، المعروف بابن أبى الفضل المرسى السلمى :

سئل عن مولده ، فذكر أنه فى ذى الحجة سنة تسع وستين وخمسمائة بمرسية. وقيل : سنة سبعين.

وسمع بالمغرب من جماعة ، منهم أبو محمد عبد الله الحجرى. سمع عليه : الموطأ ، رواية يحيى بن يحيى ، ثم رحل من المغرب فى سنة ثلاث وستمائة.

__________________

٢٣٤ ـ انظر ترجمته فى : (بغية الوعاة ٦٠ ، إرشاد الأريب ٧ / ١٦ ، نفح الطيب ١ / ٤٤٣ ، الوافى بالوفيات ٣ / ٣٥٤ ، الأعلام ٦ / ٨١ ، معجم الأدباء لياقوت ١٨ / ٢٠٩ ، التكملة لابن الأبار ٢ / ٦٦٣ ـ ٦٦٤ ، ذيل الروضتين لأبى شامة ١٩٥ ـ ١٩٦ ، صلة التكملة للحسينى ٢٦ ـ ٢٧ ، ذيل مرآة الزمان لليونينى ١ / ٧٦ ـ ٧٩ ، تاريخ الإسلام للذهبى ٢٠ / ١٤٢ ـ ١٤٣ ، دول الإسلام ٢ / ١٢٠ ، العبر ٥ / ٢٢٤ ، عيون التواريخ ٢٠ / ١١٧ ـ ١١٩ ، طبقات الشافعية الكبرى للسبكى ٨ / ٦٩ ـ ٧٢ ، طبقات الشافعية للإسنوى ٢ / ٤٥١ ـ ٤٥٢ ، مرآة الجنان لليافعى ٤ / ١٣٧).

٢٢٢

فسمع بمصر ، من الحافظ أبى الحسن على بن على بن المفضل المقدسى ، وبدمشق من قضاتها : أبى القاسم بن الحرستانى ، وأبى اليمن الكندى ، وابن ملاعب.

وبواسط : من أبى الفتح الميدانى ، مشيخته ، وببغداد من أبى أحمد عبد الوهاب بن سكينة جزءا وغيره.

وبنيسابور : من أبى الحسن المؤيد بن محمد الطوسى ، صحيح مسلم ، وجزء بن نجيد. وروى عنه الموطأ ، رواية أبى مصعب ، ومن منصور بن المنعم الفراوى ، سنن البيهقى الكبير ، وعوالى جده أبى عبد الله الفراوى ، والأربعين له ، ومن زينب الشعرية جزء ابن نجيد وغيره.

وبهراة : من أبى روح عبد المعز بن محمد بن الهروى : صحيح ابن حبان بفوت يسير ، تشمله الإجازة ، وأربعى الأستاذ أبى القاسم القشيرى ، عن زاهر السرخسى عنه ، وجزء ابن نجيد.

وبمكة : من الشريف يونس بن يحيى الهاشمى وطبقته.

وحدث بالكثير بأماكن عدة ، منها مكة. وتردد إليها مرات ، وجاور بها كرات.

سمع منه الحفاظ والأعيان من العلماء ، وبالغوا فى الثناء عليه.

قال ابن النجار فى تاريخ بغداد : هو من الأئمة الفضلاء فى فنون العلم : الحديث ، وعلوم القراءات ، والفقه ، والخلاف ، والأصلين ، والنحو ، واللغة. وله قريحة حسنة ، وذهن ثاقب ، وتدقيق فى المعانى ، وله مصنفات فى جميع ما ذكرناه. وله النظم والنثر الحسن. وكان زاهدا ، متورعا ، حسن الطريق ، كثير العبادة ، ما رأيت فى فنه مثله. انتهى.

وذكره المحب الطبرى فى «التعريف بمشيخة الحرم الشريف» ، الذى جمعه على لسان الملك المظفر صاحب اليمن.

وذكر من تآليفه تفسيرا كبيرا يزيد على عشرين سفرا ، وأوسط عشرة أسفار ، وصغيرا ثلاثة أسفار ، ومختصر مسلم سفران ، والضوابط الكلية فى علم العربية ، وكتاب الكافى فى النحو ، فى غاية الحسن ، قال : ولم يتم ، بقى منه يسير. قال : وله التعاليق الرائقة فى كل فن.

وذكره أيضا فى كتاب «العقود الدرية والمشيخة المكية المظفرية». وترجمه بالشيخ

٢٢٣

الفقيه ، الإمام العالم الماهد ، المحدث المسن فخر الزمان ، علم العلماء زين الرؤساء إمام النظار، رئيس المتكلمين ، أحد علماء الزمان ، المتصرف أحسن التصرف فى كل فن. أصله من مرسية(١)، من بلاد الأندلس ، لم يزل مشتغلا من صغره إلى كبره. وله المباحث العجيبة والتصانيف الغريبة ، وجمع الأقطار فى رحلته ، ارتحل إلى غرب بلاده ، ثم إلى الإسكندرية ، والديار المصرية ، والشام ، والعراقين. ودخل بلاد العجم ، وناظر ، وقرأ وأقرأ ، واستفاد وأفاد. ولم يزل يقرى ويدرس حيث حل ، ويقر له بعلمه وفضله كل محل ، ثم قال : وجاور بمكة سنين كثيرة. انتهى.

وذكره القطب اليونينى ، فى ذيل المرآة ، وأثنى عليه ، ثم قال : وجاور بمكة مدة. وذكر أنه كان مالكيا. وما ذكره من كونه مالكيا ، يرد على قاضى دمشق تاج الدين السبكى ، حيث ذكره فى كتابه «طبقات الفقهاء الشافعية».

ويؤيد ذلك : أن المغاربة كلهم مالكيون إلا النادر منهم. نعم كثير منهم ينتحلون الأثر، ولعل هذا منهم.

ووقع للقاضى تاج الدين فى ترجمة المذكور ، شىء يتعجب منه ، لفرط ذكائه وفطنته ، وهو قوله بعد أن ذكر كلام ابن النجار الذى ذكرناه : لم يذكر ابن النجار وفاته. ووجه العجب ، أنه لا يمكن ابن النجار أن يذكر وفاة شخص تأخر بعده اثنى عشر سنة ، فإن ابن أبى الفضل توفى فى النصف من شهر ربيع الأول سنة خمس وستمائة بين الزعقة والعريش(٢) من منازل الرمل وهو متوجه من مصر إلى دمشق. ودفن من يومه بتل الزعقة.

هكذا ذكره الشريف أبو القاسم الحسينى فى وفياته. وأرخ وفاته هكذا ، غير واحد. منهم: القطب الحلبى ، فى تاريخ مصر. وزاد تعيين اليوم الذى مات فيه ، قال : يوم الاثنين ، وقال : كان كريما.

قال شيخنا أبو حيان : أخبرنى شرف الدين الجزايرى ـ بتونس ـ أنه دخل على

__________________

(١) مرسية : بضم أوله ، والسكون ، وكسر السين المهملة ، وياء مفتوحة خفيفة ، وهاء ، وهى مدينة بالأندلس من أعمال تدمير. انظر : معجم البلدان (مرسية).

(٢) العريش : بفتح أوله ، وكسر ثانيه ، ثم شين معجمة بعد الياء المثناة من تحت : وهى مدينة كانت أول عمل مصر من ناحية الشام على ساحل بحر الروم فى وسط الرمل. انظر معجم البلدان (عريش) ، الروض المعطار ٤١٠ ، صبح الأعشى ٣ / ٣٨٢.

٢٢٤

شرف الدين بن أبى الفضل هذا ، وكان ضعيفا ، فقال له : خذ ما تحت ذلك ، وأشار إلى بساط أو سجادة ، قال : فرفعت ذلك : فوجدته نحوا من أربعين دينارا ذهبا ، فأخذتها.

قال : وكان يحكى عن ابن أبى الفضل ، أنه كان له فى البلاد التى ينتقل إليها من الكتب ، بحيث أنه لا يستصحب كتبا ، اكتفاء بما له من الكتب فى البلد الذى يسافر إليها. انتهى.

ووجدت بخط الذهبى فى تاريخ الإسلام ، قال : وجدت بخط العلاء الكندى ، يعنى على يد المظفر الوداعى : أن كتب المرسى كانت مودوعة بدمشق ، فرسم السلطان ببيعها.

وكانوا فى كل ثلاثاء ، يحملون منها جملة إلى دار السعادة لأجل البادرائى ، ويحضر الفقهاء ، فاشترى البادرائى منها جملة كثيرة.

وبيعت فى نحو من سنة. وكانت فيها نفائس ، وحرزت كتبه ثمنا عظيما. وصنف تفسيرا كبيرا لم يتمه. انتهى.

وآخر أصحابه بالسماع : أيوب الكحال ، وبالإجازة : أحمد بن على الجزرى ، وهما من شيوخ شيوخنا. وقد أخرجنا حديثه فى ترجمة جدى القاضى أبى الفضل النويرى لأمر اقتضاه الحال.

أنشدتنى الأصلية أم عيسى مريم بنت أحمد بن القاضى شمس الدين محمد بن إبراهيم الأذرعى ، بقراءتى عليها فى الرحلة الأولى بمنزلها بظاهر القاهرة.

قالت : أنشدنا أبو النون يونس بن إبراهيم بن عبد القوى الكنانى سماعا ، أن العلامة الكبير شرف الدين أبا عبد الله محمد بن عبد الله بن أبى الفضل المرسى ، أنشده لنفسه إجازة ، وكتب ذلك عنه الحافظ ابن مسدى فى معجمه.

قالوا محمد قد كبرت وقد أتى

داعى المنون وما اهتممت بزاد

قلت الكريم من القبيح لضيفه

عند القدوم مجيئه بالزاد

ومن شعره أيضا : ما أنشدناه القاضى المفتى أبو بكر بن الحسين الشافعى ، بقراءتى عليه بطيبة : أن أحمد بن على بن حسن الجزرى أنشده إذنا مكاتبة ، قال : أنشدنا ابن أبى الفضل المرسى إجازة ، قال :

من كان يرغب فى النجاة فما له

غير اتباع المصطفى فيما أتى

٢٢٥

ذاك السبيل المستقيم وغيره

سبل الضلالة والغواية والردى

فاتبع كتاب الله والسنن التى

صحت فذاك إذا اتبعت هو الهدى

ودع السؤال بكم وكيف فإنه

باب يجر ذوى البصيرة للعمى

الدين ما قال الرسول وصحبه

والتابعون ومن مناهجهم قفا

ومن شعره أيضا : ما رويناه عنه بهذا الإسناد ، وهو ما قاله ، وقد دخل بعض بلاد العجم ، فلم يعبا به :

أيجهل قدرى فى الورى ومكانتى

تزيد على مرقى السماكين والنسر

ولى حسب لو أنه منقسم

على أهل هذا العصر تاهوا على العصر

كما أن فخرى ظاهر لذوى النهى

وهل يختفى عند الهدو سنا البدر

وأعجب أن الغرب يبكى لفرقتى

أسى ومحيا الشرق يلقى بلا نشر

ومنه أيضا بهذا الإسناد ، والبيت الثانى مضمن لغيره :

دخلت هراة أستفيد علومها

فألفيت من فيها حمير الورى فهما

يمرون بى لا يعرفون مكانتى

كأنى دينار يمر به أعمى

٢٣٥ ـ محمد بن عبد الله بن محمد بن أبى المكارم ـ خطيب الحرم ـ ضياء الدين أبو الغنايم بن نجم الدين أبى محمد الحموى المكى الشافعى :

سمع من جده لأمه الرضى إبراهيم بن محمد الطبرى : الصحيحين ، وجامع الترمذى ، والشمائل له ، وسنن أبى داود والنسائى ، وأحاديث صحيح ابن حبان ، واختلاف الحديث للشافعى ، وعلوم الحديث لابن الصلاح ، والملخص للقابسى ، وتاريخ مكة للأزرقى ، وعدة أجزاء ، منها : الثقفيات العشرة ، سمعها عليه وعلى أخيه الصفى الطبرى ، وعلى الشريف أبى عبد الله الفاسى : العوارف للسهروردى ، وعلى أبى عبد الله بن حريث : الشفاء للقاضى عياض ، وعلى العفيف الدلاصى : الشاطبية ، وعلى فاطمة بنت القطب القسطلانى : ثلاثة مجالس من أمالى الجوهرى ، وعلى الصدر إسماعيل بن يوسف ابن مكتوم الدمشقى ، لما قدم حاجا : جزء أبى الجهم ، ومشيخته ، تخريج ابن الفخر البعلبكى ، بمنى ، فى أيامها سنة إحدى عشرة وسبعمائة وعلى الأمين عبد القادر بن محمد الصعبى : جزء البطاقة ، وعلى جماعة من القادمين إلى مكة بعد ذلك.

وحدث بقليل من مروياته ، وله اشتغال بالعلم ونباهة ، وصحب الشيخ سراج الدين

__________________

٢٣٥ ـ انظر ترجمته فى : (الدر الكامنة ٣ / ٤٨٥).

٢٢٦

الدمنهورى ، وأخذ عنه. وصحب الشيخ عبد الله اليافعى ، وأخذ عنه : الفرائض والحساب ، وكان يقرأ له «مواعيده» بين يديه قراءة حسنة ، يكثر بكاء الحاضرين لها ، ثم وقع بينهما ، بسبب بيت قاله الشيخ اليافعى.

وهو قوله :

فيا ليلة فيها السعادات والمنى

لقد صغرت فى جنبها ليلة القدر

أنكره عليه الضياء ، وبالغ فى النكارة ، حتى كفر اليافعى بذلك ، وتهاجرا على ذلك مدة سنين ، ثم رغب الضياء فى ملايمة اليافعى والاستغفار له ، فأبى اليافعى إلا أن يطلع الضياء المنبر ويعترف بخطأ نفسه على رءوس الناس ، فأبى الضياء من ذلك.

وكان الضياء فى شبابه يسافر للتجارة لليمن ، وحصل دنيا طائلة ، ثم ذهب كثير منها ، لما احترق منزله ليلة عرفة ، من سنة ستين وسبعمائة.

وكان ولى خطابة الحرم فى سنة تسع وخمسين وسبعمائة ، وجاءه بذلك توقيع من صاحب مصر ، وصده مع ذلك عنه الشريف عجلان ، بوساطة أصحاب القاضى شهاب الدين الطبرى ، لما بينهم من العداوة ، بعد أن خرج فى شعار الخطبة إلى أفناء المسجد الحرام فى الموسم ، ثم باشرها بعد عزل الشريف عجلان ، وأخيه ثقبة ، ووصول العسكر فى جمادى الآخرة ، من سنة ستين ، ولم يحمد فى أدائه للخطبة ، وعجب الناس منه فى ذلك ، ومن إجادته عمل «المواعيد» عند اليافعى ، جل من لا يتغير.

وبلغنى : أنه لما شرع فى الصلاة أول مرة ، قرأ السورة قبل الفاتحة ، ثم فطن ، فقرأ الفاتحة.

وولى مع ذلك ، المشاركة فى نظر الحرم ومشيخته ، واستمر مباشرا لذلك حتى وصلت الرجبية فى سنة إحدى وستين ، فصرف عن ذلك بالتقى الحرازى قاضى مكة واستمر مصروفا ، حتى مات شهيدا مبطونا.

وكان بأخرة كثير الطواف ، وملازمة المسجد ، وينطوى على ديانة.

وبلغنى : أنه بذل خمسة وثلاثين ألف درهم ، لصهره عبد الكريم النهاوندى الآتى ذكره ، ليفتدى بها يمينا وجبت عليه ، فأبى صهره إلا يمينه ، ففعل. وكان عالى الهمة ، ولم يل ـ على ما بلغنى ـ فى شبابه ، ما وليه أمثاله من وظائف الأشباع وشبههما فى الحرم.

٢٢٧

وكان موته فى ليلة الثلاثاء حادى عشرى المحرم سنة سبعين وسبعمائة بمكة. ودفن صبح ذلك اليوم بقبر والده بالمعلاة.

ومولده فى رمضان سنة ثمان وسبعمائة ، على ما ذكر لى شيخنا القاضى جمال الدين ابن ظهيرة ، وأنه رأى خط جده الرضى الطبرى ، أنه ولد سنة ست وسبعمائة ، والله أعلم.

٢٣٦ ـ محمد بن عبد الله بن محمد بن الضياء محمد بن عبد الله بن محمد ابن محمد بن أبى المكارم ، يكنى أبا الخير ، ويعرف بابن الضياء الحموى الأصل ، المكى :

سمع على شيخنا زين الدين بن حسين المراغى ، لما قدم إلى مكة ، أشياء كثيرة من الحديث ، وقرأ فى «التنبيه» حفظا ، وبحث منه جانبا على قاضى مكة محب الدين أحمد ابن شيخنا قاضى مكة جمال الدين بن ظهيرة.

وكان كثير الملازمة له ، ويكتب عنه بعض السجلات ، وتبصر به فى الفقه ، وفيه حياء وخير ودين.

توفى ضحى يوم الأربعاء مستهل شهر جمادى الأولى سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة بمكة المشرفة ، ودفن بالمعلاة ، عن نحو ثلاثين سنة.

٢٣٧ ـ محمد بن عبد الله بن محمد بن مقبل العجيبى ، أبو عبد الله المكى :

سمع من يونس الهاشمى : صحيح البخارى ، ومن زاهر بن رستم ، ومن أبى الفتوح الحصرى : مسند الشافعى ، وحدث.

سمع منه : أبو محمد عبد الله بن عبد العزيز المهدوى.

وأجاز لفاطمة بنت القطب القسطلانى وإخوتها باستدعاء أبيهم ، فى استدعاء مؤرخ بذى القعدة سنة ثلاث وأربعين وستمائة ، فاستقدنا من هذا حياته فى هذا التاريخ. والعجيبى : بجيم وياء مثناة من تحت وياء موحدة وباء للنسبة.

وسمع منه الحافظ الدمياطى بمكة ، ووصفه بالفقيه. وكان حج الدمياطى هذا التاريخ ، عام ثلاث وأربعين.

٢٣٨ ـ محمد بن عبد الله بن محمد بن يوسف العبدرى ، أو عبد الله المكى ، المعروف بغسّانى ، إمام جامع القلزم :

حدث عن الحسن بن محمد. سمع منه بالقلزم أبو الفضل جعفر بن أحمد بن سليمان السعدى النحوى.

__________________

٢٣٦ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٧ / ١١١).

٢٢٨

روى عنه : عبد الله بن محمد بن يحيى بن الضريس. ذكر القطب الحلبى فى تاريخ مصر هكذا. ونقلت من خط ولده إبراهيم تلو ذلك.

ذكره مسلمة بن قاسم ، قال : يعرف بغسان بن أبى غسان ، سكن القلزم ، وكان خطيبها ، وكان ضعيفا فى الحديث ، متشيعا ، كتبت عنه. انتهى.

وذكره ابن طاهر فى مختصره «لألقاب» الشيرازى ، فقال : غسان : محمد بن عبد الله ابن محمد يوسف المكى. انتهى.

٢٣٩ ـ محمد بن عبد الله بن ماهان ، أبو بكر :

ذكره أبو الشيخ فى طبقات أصبهان ، وقال : كان كثير الحديث ، يخرج فى كل سنة إلى الحج. ومات بمكة.

وروى عنه حديثا عن القاسم بن موسى بن الحسن الأشيب.

٢٤٠ ـ محمد بن عبد الله بن موهوب بن جامع بن عبدون البغدادى أبو عبد الله الصوفى ، المعروف بابن البنا :

ذكره الرشيد العطار فى مشيخته ، فقال ـ بعد أن أخرج عنه حديثا ـ : شيخنا أبو عبد الله هذا ، من أعيان المشايخ الصلحاء أرباب التصوف ، صحب الشيخ أبا النجيب السهروردى وغيره.

وروى لنا عن الحافظ أبى الفضل بن ناصر ، وأبى الكرم الشهرزورى ، ونصر بن نصر العكبرى ، وأبى بكر بن الزاغونى ، وروى عن غيرهم. وجاور بمكة سنين. وكان حسن الأخلاق ، جميل المنظر والمخبر.

سمعت منه بمصر والشام ، سئل عن مولده. فقال : فى سنة ست وثلاثين ببغداد.

وتوفى فى منتصف ذى القعدة سنة اثنتى عشرة وستمائة بدمشق ، رضى الله عنه.

وذكر المنذرى فى «التكملة» أنه سمع منه بمكة سنة ستمائة.

قلت : آخر الرواة عنه : أبو حفص عمر بن القواس ، له منه إجازة ، حدث بها عنه.

__________________

٢٤٠ ـ انظر ترجمته فى : (التكملة للمنذرى ٢ / ٤٣٨ ، النجوم الزاهرة ٦ / ٢١٥ ، شذرات الذهب ٥ / ٥٢ ، سير أعلام النبلاء ٢٢ / ٥٨).

٢٢٩

٢٤١ ـ محمد بن عبد الله بن نجيح المكى :

روى عن هشيم ، وفضيل بن عياض ، وسفيان بن عيينة ، وعيسى بن يونس.

وعنه : أحمد بن الفرات وعبيد بن الحسن ، وعبيد الله بن بندار الضبى ، وجماعة.

وله غرائب. وكان قدم أصبهان. وتوفى فى حدود الأربعين ومائتين.

ذكره الذهبى فى تاريخ الإسلام. ومنه كتبت هذه الترجمة.

٢٤٢ ـ محمد بن عبد الله بن يزيد العدوى ، مولى آل عمر بن الخطاب رضى الله عنهم ، أبو يحيى بن أبى عبد الرحمن المقرى المكى :

سمع أباه ، وسفيان بن عيينة ، وسعيد بن سالم القداح ، ومروان بن معاوية وغيرهم.

روى عنه : النسائى ، وابن ماجة ، وابن خزيمة ، وابن جوصا ، وابن صاعد ، وأبو قريش محمد بن جمعة ، وأبو عروبة ، وأبو حاتم ، وحفيده عبد الرحمن بن عبيد الله بن محمد بن أبى عبد الرحمن المقرى ، وإبراهيم بن عبد الصمد الهاشمى. ووقع لنا حديثه من طريقه عالية وغيرهم.

وثقه النسائى وغيره. وقال ابن أبى حاتم : سمع منه أبى ، سنة خمس وخمسين ومائتين ، وهو صدوق ثقة ، سئل أبى عنه. فقال : صدوق. انتهى.

وذكر ابن زبر : أنه مات فى شعبان سنة ست وخمسين ومائتين بمكة. وقاله الدولابى وغيره.

قرأت على إبراهيم بن محمد الدمشقى بجامعها ، وبالمسجد الحرام : أن أبا العباس الحجار أخبره عن إبراهيم بن عثمان الكاشغرى ، والأنجب الحمامى ، وتامر بن مسعود ، وعبد اللطيف بن القبيطى ، وعلى بن محمد بن كبة ، وأبى الفضل محمد بن محمد السباك ، وزهرة بنت محمد بن أحمد بن حاضر ، قالوا : أخبرنا أبو الفتح بن البطى ـ زاد الكاشغرى وأبو الحسن بن تاج القراء ـ قالا : أخبرنا مالك بن أحمد البانياسى ، قال :

__________________

٢٤١ ـ انظر ترجمته فى : (سير أعلام النبلاء ٩ / ٦٩).

٢٤٢ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ترجمة ١٦٦٨ ، ثقات ابن حبان ٩ / ١١٨ / ١٢١ ، السابق واللاحق ٧٧ ، المعجم المشتمل ترجمة ٨٧٧ ، الكاشف ترجمة ٥٠٥٤ ، تذهيب التهذيب ٣ / ٢٢٢ ، تاريخ الإسلام ٢٧٥ ، نهاية السول ٣٣٧ ، تهذيب التهذيب ٩ / ٢٨٤ ، التقريب ٢ / ١٨١ ، خلاصة الخزرجى ترجمة ٦٤٠٣ ، تهذيب الكمال ٢٥ / ٥٧١).

٢٣٠

أخبرنا أحمد بن محمد المجير ، قال : أخبرنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمى ، قال : حدثنا أبو يحيى محمد بن عبد الله بن يزيد بن أبى عبد الرحمن المقرى بمكة ، قال : حدثنا أبى ، قال : حدثنا الربيع بن صبيح عن يزيد الرقاشى عن أنس بن مالك رضى الله عنه ، أن النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من كانت نيته طلب الآخرة ، جعل الله تبارك وتعالى غناه فى قلبه ، وجمع له شمله ، وأتته الدنيا وهى راغمة ، ومن كانت نيته طلب الدنيا ، جعل الله تبارك وتعالى الفقر بين عينيه ، وشتت عليه أمره ، فلم يأته من الدنيا إلا ما كتب له» (١).

أخرجه الترمذى عن هناد بن السرى التميمى الحافظ الزاهد ، عن وكيع بن الجراح الراسبى ، أحد الأعلام ، عن الربيع بن صبيح. وضعفه النسائى.

قال أبو زرعة : صدوق عن أبان الرقاشى ، وهو ضعيف ، فوقع لنا عاليا.

٢٤٣ ـ محمد بن عبد الله المعروف بالحلبى الحنفى ، والمعروف بأبى شامة :

ولد بمكة ونشأ بها ، وسافر إلى ديار مصر والشام غير مرة. وكان ينتسب إلى بنى شيبة ـ حجبة الكعبة ـ طلبا للرزق ، وربما انتسب إلى غيرهم من أعيان مكة ، طلبا للزرق فى بعض البلاد.

وتوفى بالإسكندرية فى حدود سنة تسعين وسبعمائة ، سامحه الله.

٢٤٤ ـ محمد بن عبد الله الشاطبى ، ويكنى أبا عبد الله :

كان رجلا صالحا جليلا. ذكره القطب القسطلانى فى «ارتقاء الرتبة» وقال : كان كثير الخدمة للفقراء ، والإيثار لهم. وجاور بمكة فى آخر عمره حتى مات بها. ولم يذكر له وفاة.

توفى يوم الثلاثاء الثالث من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وثلاثين وستمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.

نقلت وفاته واسم أبيه من حجر قبره ، وترجم بالشيخ الصالح السعيد الشهيد.

__________________

(١) أخرجه الترمذى فى سننه حديث رقم (٢٥١٤) من طريق : حدثنا هناد ، حدثنا وكيع ، عن الربيع بن صبيح ، عن يزيد بن أبان ـ وهو الرقاشى ـ عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من كانت الآخرة همه جعل الله غناه فى قلبه وجمع له شمله وأتته الدنيا وهى راغمة ، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له».

٢٣١

٢٤٥ ـ محمد بن عبد الله [.........](١) القاضى ناصر الدين المحلى :

نزيل مكة. أظنه حفظ «المنهاج» فى الفقه للنواوى. وكان يذاكر بمسائل منه ، وعانى الشهادة والوثائق ، وناب فى بعض أعمال المحلة الكبرى عن صهره قاضيها عز الدين بن سليم ، وعانى التجارة وتردد لأجلها مرات إلى عدن ، وجاور بمكة سنين كثيرة ، وبالمدينة النبوية أشهرا ، وتوجه من مكة قاصدا وادى الطائف ، فسقط من البعير الذى كان عليه راكبا ، فحمل إلى مكة ، ومات قبل وصوله إليها ، وغسل بالأبطح ودفن بالمعلاة وذلك فى شهر ربيع (٢) سنة عشرين وثمانمائة ، وأظنه بلغ الستين ، وفيه دين وخير رحمه‌الله تعالى.

٢٤٦ ـ محمد بن عبد الله بن أبى مليكة :

٢٤٧ ـ محمد بن عبيد الله بن أبى يزيد المكى :

يروى عن أبيه عن ابن عباس. روى عنه : ابن جريج. هكذا ذكره ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات.

٢٤٨ ـ محمد بن عبد الحميد بن عبد الله بن خلف بن عبد الكريم بن حسين القرشى المصرى المالكى المحدث ، نجم الدين أبو بكر ، المعروف بابن عبد الحميد :

نزيل مكة. ذكر القطب الحلبى أنه ولد سنة خمس وأربعين وستمائة. وأجاز له سبط السلفى (١). ثم طلب ، فسمع من جماعة من أصحاب البوصيرى (٢) ، والأرتاحى ، ويحيى ابن محمود الثقفى ، وأبى طاهر الخشوعى ، وبالغ حتى صار إذا وقع فى يده كتاب يجتهد فى اتصاله ولو بإجازة أو سماع نازل.

__________________

٢٤٥ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ١٨ / ١١٩).

(١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

(٢) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل وفى الضوء اللامع : «فى إحدى الربيعين»

٢٤٦ ـ هكذا فى الأصل ، دون ذكر ترجمته ، وعلى هامش التيمورية : «كذا بياض فى أصله».

٢٤٧ ـ انظر ترجمته فى : (ثقات ابن حبان ٩ / ٨٠ ، طبقات ابن سعد ٥ / ٤٤١ ، الدارقطنى ٩ / ٣٢٥ ، تهذيب الكمال ٢٦ / ٤٧ ، ٤٨).

٢٤٨ ـ (١) على هامش نسخة ابن فهد : «ومنصور بن سليم ، وأحمد بن عبد الدايم».

(٢) على هامش نفس النسخة : «سمع بالقاهرة من الجنسية الدانى ، ومحمد بن موسى بن النعمان ، وإبراهيم بن عمر بن مضر الواسطى ، وزكى الدين المنذرى ، وبدمشق من أحمد بن عبد الدائم».

٢٣٢

ورحل إلى دمشق والإسكندرية ، وكتب بخطه كثيرا. وكان ثقة كثير الإفادة. وكان له معرفة بهذا الشأن ، ومن العلماء العاملين ، وعباد الله الصالحين. كتبت عنه بمصر ، وبمكة وبدر. انتهى.

وقد سمع ابن عبد الحميد هذا بقراءته غالبا بمكة ، على من سمع من ابن بنت الجميزى ، وابن الفضل المرسى وغيرهما.

وكتب عنه جدى أبو عبد الله الفاسى أشياء ، وترجمه فى بعض ما كتبه عنه : بصاحبنا ومفيدنا.

ومما كتب عنه جدى : سمعت الفقيه نجم الدين أبا بكر محمد بن عبد الحميد القرشى المصرى يقول : سمعت شيخنا أبا عبد الله محمد بن موسى بن النعمان الفاسى يقول فى قولهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا يصبر أحد على لأواء المدينة وشدتها إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة»(٣).

قال «أو» : هاهنا بمعنى التنويع ، معناه : أن الناس رجلان : طائع ، وغير طائع ، فمن كان طائعا : فرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم شاهد له ، وغير الطائع : يكون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم شافعا له. بمعناه ، انتهى.

وذكر القطب الحلبى أن ابن عبد الحميد هذا ، توفى يوم الأحد الرابع والعشرين من شهر رجب سنة ثلاث وتسعين وستمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.

__________________

(٣) أخرجه مسلم فى صحيحه حديث رقم (٣٣١٠) من طريق : حدثنا يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك عن قطن بن وهب بن عويمر بن الأجدع ، عن يحنس مولى الزبير أخبره أنه كان جالسا عند عبد الله بن عمر فى الفتنة ، فأتته مولاة له تسلم عليه ، فقالت : إنى أردت الخروج ، يا أبا عبد الرحمن اشتد علينا الزمان ، فقال لها عبد الله : اقعدى ، لكاع فإنى سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «لا يصبر على لأوائها وشدتها أحد ، إلا كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة».

وأخرجه الترمذى فى سننه حديث رقم (٤٠٩٠) من طريق : حدثنا محمود بن غيلان ، حدثنا الفضل بن موسى ، حدثنا هشام بن عروة ، عن صالح بن أبى صالح ، عن أبيه ، عن أبى هريرة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لا يصبر على لأواء المدينة وشدتها أحد إلا كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة». قال : وفى الباب عن أبى سعيد وسفيان بن أبى زهير وسبيعة الأسلمية. قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه ، قال : وصالح بن أبى صالح أخو سهيل بن أبى صالح.

٢٣٣

ووجدت فى حجر قبره بالمعلاة : أنه توفى يوم الأحد الرابع من رجب من السنة.

* * *

من اسمه محمد بن عبد الرحمن

٢٤٩ ـ محمد بن عبد الرحمن بن محمد الصنهاجى أبو عبد الله الفاسى ، المعروف بابن الحداد :

ذكره القطب الحلبى فى تاريخ مصر ، وقال : مولده فى النصف من جمادى الآخرة سنة اثنتين وسبعين وستمائة بفاس وتفقه بتونس وسمع على جماعة. وكتب عن صاحبنا أبى عبد الله محمد بن عمر بن رشيد ، ورحل وقدم إلى ديار مصر. وسمع بها على بعض شيوخنا المتأخرين ، ورحل إلى دمشق ، فسمع بها ، وحصل أصولا وكتبا ، وكتب بخطه. وكان له قليل معرفة بالحديث وغيره ، مائلا إلى طريقة التصوف ، عارفا بكلام أهل الطريق. انتهى.

وذكر الذهبى : أنه كان مجازفا فيما ينقله. ولشيخنا أبى هريرة بن الذهبى منه إجازة.

وتوفى بعلة الإسهال ـ فى يوم التروية ـ سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. ذكر وفاته هكذا العفيف المطرى وغيره.

أخبرنى أبو هريرة بن الحافظ الذهبى إذنا مشافهة فى آخرين ، عن ابن الحداد هذا ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عمر بن رشيد ، قال : قال الشيخ الصالح أبو الحسن على بن عبد الكريم الدمشقى ـ مقيم برباط مصر ـ : رأيت فى المنام رشيد الدين محمد ابن عبد العظيم المنذرى بعد موته ، عند وصول الملك الصالح نجم الدين أيوب (١) بن الكامل ، وقد زينت القاهرة ومصر. فقال لى : فرحتم بالسلطان لما دخل؟. فقلت له :

__________________

٢٤٩ ـ انظر ترجمته فى : (الدرر الكامنة ٣ / ٤٩٦).

(١) أيوب (الملك الصالح) بن محمد (الملك الكامل) بن أبى بكر (العادل) بن أيوب ، أبو الفتوح نجم الدين : من كبار الملوك الأيوبيين بمصر. ولد ونشأ بالقاهرة. وولى بعد خلع أخيه (العادل) سنة ٦٣٧ ه‍. وضبط الدولة بحزم وكان شجاعا مهيبا عفيفا صموتا ، عمر بمصر ما لم يعمره أحد من ملوك بنى أيوب وفى أواخر أيامه أغار الإفرنج على دمياط (سنة ٦٤٧ ه‍) واحتلوها وأصاب البلاد ضيق شديد ، وكان الصالح غائبا فى دمشق ، فقدم ونزل أمام الفرنج وهو مريض بالسل فمات بناحية المنصورة ، ونقل إلى القاهرة. من آثاره قلعة الروضة بالقاهرة. انظر ترجمة فى : (خطط المقريزى ٢ / ٢٣٦ ، ابن إياس ١ / ٨٣ ، تاريخ الإسحاقى ١٨٩ ، مرآة الزمان ٨ / ٧٧٥).

٢٣٤

الناس فرحوا به. فقال : أما نحن ، فإنا دخلنا الجنة ، ورأينا النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقبلنا يده ، وقال : أبشروا كل من كتب بيده ـ قال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فهو معنا فى الجنة.

٢٥٠ ـ محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر بن عبيد الله بن أبى مليكة القرشى التيمى المليكى المكى ، أبو غرارة :

روى عن أبيه ، وعم أبيه عبد الله بن عبيد الله بن أبى مليكة ، وموسى بن عقبة ، وعبيد الله بن عمر ، ومحمد بن المنكدر ، والقاسم بن محمد.

روى عنه : إسماعيل بن أبى أويس ، وأخوه عبد الحميد ، إبراهيم بن محمد الشافعى ، ومسدد بن مسرهد ، وأبو عاصم النبيل ، وأبو حومل العامرى ، ومحمد بن أبى بكر المقدمى.

قال أبو زرعة : مكى ، لا بأس به.

وقال البخارى : محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر الجدعانى : منكر الحديث.

وقال النسائى : ليس بثقة.

روى له أبو داود ، وابن ماجة ، كما ذكر صاحب الكمال.

وقال المزى : والذى روى له أبو داود ، أقدم من هذا. وقد ذكرنا حديثه فى ترجمة أبيه عبد الرحمن بن أبى بكر ، ويحتمل أن يكون أبا الثورين المذكور بعد هذا ، والله أعلم. وقد فرق البخارى ، وأبو حاتم وغيرهما بينهما ، كما حكى ابن عدى.

٢٥١ ـ محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر القرشى الجمحى أبو الثورين المكى :

روى عن عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عمر بن الخطاب.

__________________

٢٥٠ ـ انظر ترجمته فى : (تاريخ البخارى الكبير ترجمة ٤٦٨ ، تاريخه الصغير ٢ / ٢١٥ ، ١٧٦ ، ضعفاء النسائى ترجمة ٥٢٤ ، ضعفاء العقيلى ١٩٦ ، الجرح والتعديل ترجمة ١٦٩٦ ، المجروحين لابن حبان ٢ / ٢٦١ ، الكامل لابن عدى ٣ / ٦٣ ، ضعفاء الدارقطنى ترجمة ٤٥٤ ، ضعفاء ابن الجوزى ١٤٤ ، المغنى ترجمة ٥٧٣٢ ، ميزان الاعتدال ترجمة ٧٨٣٤ ، تذهيب التهذيب ٣ / ٢٢٣ ، تاريخ الإسلام ١٢ ، نهاية السول ٣٣٧ ، التقريب ٢ / ١٨٢ ، تهذيب التهذيب ٩ / ٢٩١ ـ ٢٩٢ ، تهذيب الكمال ٢٥ / ٥٩٠ ، ٥٩١).

٢٥١ ـ انظر ترجمته فى : (تاريخ الدورى ٢ / ٥٢٨ ، علل أحمد ١ / ١٨٢ ، ١٨٦ ، تاريخ البخارى الكبير ترجمة ٤٤٥ ، الكنى لمسلم ١٧ ، ثقات ابن حبان ٥ / ٣٧٥ ، الكاشف ٣ / ٢٢٣ ، ميزان الاعتدال ترجمة ٧٨٣٨ ، رجال ابن ماجة ٣ ، نهاية السول ٣٣٨ ، تهذيب التهذيب ٩ / ٢٩٢ ، ٢٩٣ ، التقريب ٢ / ١٨٢ ، تهذيب الكمال ٢٥ / ٢٩٣).

٢٣٥

روى عنه : عثمان بن الأسود ، وعمرو بن دينار.

روى له : ابن ماجة. ويحتمل أن يكون الذى روى له أبو داود من رواية أبى حومل العامرى عنه عن أبيه عن جابر. والله أعلم. انتهى. من تهذيب الكمال.

قلت : وأبو الثورين ـ بالثاء المثلثة ـ تثنية ثور. وهو صدوق. كما قال الذهبى فى الميزان. وقال غيره : مات مع عطاء بن أبى رباح.

٢٥٢ ـ محمد بن عبد الرحمن بن أبى سلمة بن سفيان بن عبد الأسد بن هلال ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى :

قاضى مكة وأميرها. ذكر نسبه هكذا الزبير بن بكار ، وابن حزم فى الجمهرة ، إلا أنه زاد فى نسبه «محمدا» بين عبد الرحمن وأبى سلمة ويحتمل أن ذلك سقط فى كتاب الزبير من الناسخ ، أو ما زاد فى الجمهرة من الناسخ. والله أعلم.

وولاية المذكور لإمرة مكة وقضائها. ذكرها الفاكهى ؛ لأنه قال : وكان ممن ولى مكة بعد ذلك : محمد بن عبد الرحمن السفيانى ، كان على قضاية مكة وإمارتها. انتهى.

وذكر معنى ذلك فى غير موضع ، ولم يذكر الزبير إلا ولايته لقضاء مكة ، وأفاد من خبره ما لم يذكر الفاكهى ، فنذكره لما فيه من الفائدة.

قال الزبير : استقضاه أمير المؤمنين موسى ـ يعنى الهادى ـ على مكة. وكان قد استخلفه على القصاء بمكة : محمد بن عبد الرحمن المخزومى ، المعروف بالأوقص حين توفى ، فولاه أمير المؤمنين موسى القضاء ، وأقره أمير المؤمنين هارون الرشيد حتى صرفه المأمون. فولاه قضاء بغداد شهرا ، ثم صرفه. انتهى.

ومقتضى ما ذكره الزبير بن بكار ، من أن الهادى ولى محمد بن عبد الرحمن هذا قضاء مكة ، وأن الرشيد أقره ، وأن المأمون صرفه عن ذلك ، أن تكون ولايته لقضاء مكة ثمانية وعشرين سنة أو أزيد ؛ لأن الهادى إنما ولى الخلافة فى سنة تسع وستين ومائة ، والمأمون إنما ولى الخلافة سنة ثمان وتسعين ومائة.

وقال الزبير : حدثنى عمى مصعب بن عبد الله ، عن جدى عبد الله بن مصعب قال:كنت عند أمير المؤمنين الرشيد ، فقال له بعض جلسائه فى محمد بن عبد الرحمن : هو حدث السن ، وليس مثله يلى القضاء ، فقلت : لن يضيع فتى من قريش فى مجلس أنا

__________________

٢٥٢ ـ انظر ترجمته فى : (جمهرة الأنساب ١٣١).

٢٣٦

فيه ، فأقبلت عليهم ، فقلت لهم : وهل عاب الله أحدا بالحداثة؟. أمير المؤمنين حديث الس ، أفتعيبونه؟. وقد قال الله عزوجل : (سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ) [الأنبياء: ٦٠] فقال لهم أمير المؤمنين الرشيد : صدق. أنا حديث السن. أفتعيبوننى بالحداثة؟. وأقره على القضاء.

٢٥٣ ـ محمد بن عبد الرحمن بن طلحة بن الحارث بن طلحة بن أبى طلحة ابن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصى القرشى العبدرى الحجبى ، أبو عبد الله ، وقيل : أبو القاسم المكى، أخو منصور بن عبد الرحمن الحجبى :

روى عن أخيه منصور ، وصفية بنت شيبة ، وهى أمه. وقيل : جدته.

روى عنه : شعبة بن الحجاج ، وأبو عاصم ، وأبو جعفر النفيلى ، وابن المبارك ، ووكيع ابن الجراح.

روى له أبو داود. وذكره ابن حبان فى الثقات.

ذكره صاحب الكمال وتهذيبه. وصرح بأنه مكى. ولم يصرح بذلك صاحب الكمال.

٢٥٤ ـ محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن أبى عبد الرحمن عبد الله ابن يزيد المقرى ، أبو يحيى المكى :

ذكره الحافظ رشيد الدين المنذرى فى «مختصره لتاريخ المسبحى». وذكر أنه توفى فى يوم الأحد لسبع بقين من ذى القعدة سنة أربع وأربعين وثلاثمائة بمكة ، قال : وكان أحد مشايخها ، مقبول الشهادة ، معروفا بالأمانة عند القضاة وغيرهم.

وكان يحدث عن على بن عبد العزيز ، بكتاب القراءات لأبى عبيد ، وكان عنده ، عن محمد بن على الصايغ الصغير وغيره.

__________________

٢٥٣ ـ انظر ترجمته فى : (تهذيب الكمال ٢٥ / ٦١١ ، تاريخ البخارى الكبير ترجمة ٤٦١ ، ثقات ابن حبان ٧ / ٤٢٢ ، الكامل لابن عدى ٣ / ٦٥ ، سؤالات البرقانى ٤٤٤ ، أنساب السمعانى ٤ / ٦٤ ، ضعفاء ابن الجوزى ١٤٤ ، الكاشف ترجمة ٥٠٦٨ ، المغنى ترجمة ٥٧٤١ ، تذهيب التهذيب ٣ / ٢٢٤ ، ميزان الاعتدال ترجمة ٧٨٤٣ ، نهاية السول ٣٣٨ ، تهذيب التهذيب ٩ / ٢٩٨ ، التقريب ٢ / ١٨٣).

٢٣٧

٢٥٥ ـ محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق ، عبد الله بن أبى قحافة ، عثمان بن عامر القرشى التيمى ، أبو عتيق :

ذكر أبو عمر : أنه هو وأباه وجده أبيه أبا قحافة : أدركوا النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : وليست هذه المنقبة لغيرهم. ونقل ذلك عن موسى بن عقبة. وله رواية.

٢٥٦ ـ محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن الصفى أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم ، يلقب بالمحب ، ويعرف بابن عثمان الطبرى المكى :

سمع من الزين الطبرى «التنبيه» للشيخ أبى إسحاق الشيرازى ، عن جده المحب الطبرى ، عن الشيخ بشير التبريزى ، عن ابن سكينة ، عن الأرموى ، عن المؤلف.

وعلى السراج عمر الدمنهورى ، والفخر النويرى : الموطأ ، رواية يحيى بن بكير ، فى سنة ست وأربعين وسبعمائة ، وعلى غيرهم ، ورغب فى السماع كثيرا.

وسمع أولاده ، وسمع معهم ، وبالغ حتى سمع من شيخنا جمال الدين الأميوطى ، وما علمته حدث ، وسكن بأخرة ، قرية التنضب (١) ـ من وادى نخلة الشامية ـ مدة سنين ، وأم بها ، وخطب وباشر العقود بها ، نيابة عن جدى القاضى أبى الفضل النويرى ، ومن بعده من قضاة مكة.

ولم يزل على ذلك حتى مات فى أثناء النصف الأول من سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة.

مولده فى سنة خمس وثلاثين وسبعمائة.

٢٥٧ ـ محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن الصفى أحمد الطبرى يلقب بالمجد :

أخو المحب السابق ، سمع من جده عثمان : سنن أبى داود [..........](١).

٢٥٨ ـ محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن الصفى الطبرى أخو المحب السابق ، يكنى أبا الخير:

سمع من جده عثمان وغيره. وما علمت من حاله سوى هذا.

__________________

٢٥٥ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٣٦٥ ، أسد الغابة ترجمة ٤٧٥٢).

٢٥٦ ـ (١) التنضب قرية من أعمال مكة بأعلى نخلة فيها عين جارية. انظر معجم البلدان (تنضب).

٢٥٧ ـ (١) ما بين المعقوفتين : بياض بالأصل. وعلى هامش التيمورية : «مبيض فى أصله منقول».

٢٣٨

٢٥٩ ـ محمد بن عبد الرحمن بن أبى الفتح ، كمال الدين أبو الطاهر العمرى المصرى ، المؤذن بالحرم الشريف :

سمع من ابن علاق : جزء البطاقة ، ومن ابن عبد الهادى القيسى ، خطيب المقياس ، والعز الحرانى ، وأبى بكر بن الأنماطى وغيرهم. وحدث.

سمع منه الحافظ علم الدين البرزالى ، وكتب عنه الآقشهرى. وأجاز لشيخنا أبى هريرة بن الذهبى.

وتوفى يوم الاثنين رابع عشرى رجب سنة تسع وعشرين وسبعمائة بمكة ، ودفن من يومه بالمعلاة.

ووجدت بخطى فيما نقلته من تاريخ مصر للقطب الحلبى : أن أبا الطاهر المؤذن هذا ، توفى رابع شهر رجب سنة أربع وعشرين وسبعمائة. وهذا وهم.

وهو أخو المحدث تاج الدين عتيق بن عبد الرحمن العمرى الصوفى.

وذكر البرزالى : أن أبا الطاهر هذا ، كان رجلا خيرا ، مليح الكتابة ، حسن الهيئة. انتهى.

ووجدت بخط الشيخ أبى طيبة محمد بن أحمد بن أمين الآقشهرى. أخبرنى الشيخ أبو الطاهر محمد بن عبد الرحمن بن أبى الفتح العمرى : أنه ارتكب عليه الدين ، وضاق نفسه من ذلك ، ولازم الدعاء فى [...](١). قال : فأتيت بالسحر إلى مقام الحنبلى واستقبلت ، فرأيت شخصا يقول : ما لك. قل هذا الدعاء يقضى الله عنك الدين ، قل : اللهم يا من بيده خزائن السماوات والأرض ، ومن يقول للشىء كن فيكون ، أسالك أن تصلى على محمد وعلى آل محمد ، وأن تغنينى من الفقر ، وأن تعافينى من الدين ، وأن توسع علىّ من رزقك الحلال الطيب الواسع المبارك فيه. انتهى.

٢٦٠ ـ محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن خليف الأنصارى الخزرجى المدنى ، يلقب بالشمس بن التقى بن الجمال المطرى :

سمع بالمدينة من القاضى عز الدين : جزءه الكبير الذى خرجه لنفسه ، ومن القاضى بدر الدين إبراهيم بن الخشاب : صحيح البخارى ، وغير ذلك بالمدينة ، وله اشتغال

__________________

٢٥٩ ـ انظر ترجمته فى : (الدرر الكامنة ٤ / ٦).

(١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢٣٩

بالعلم ونباهة. وكان يؤذن بالحرم النبوى كأبيه وجده بمأذنة الرئاسة ، ودخل ديار مصر والشام واليمن.

وتوفى بمكة فى آخر ذى الحجة سنة ست وثمانمائة. ودفن بالمعلاة.

٢٦١ ـ محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن خليف بن عيسى بن عساس ابن بدر بن يوسف بن على بن عثمان الأنصارى الخزرجى ، يكنى أبا حامد ، ويعرف بابن المطرى المدنى ، يلقب بالرضى بن التقى بن الجمال ، قاضى المدينة بالنبوية وخطيبها وإمامها. وهو أخو السابق :

ولد بها سنة تسع وأربعين وسبعمائة ، وأجاز له فيها يوسف بن محمد الدلاصى ، راوى الشفاء ، وأبو الفتح الميدومى ، وابن اللبان ، وأجاز له فيها بعد ذلك من دمشق مسندها : محمد بن إسماعيل بن الخباز ، وآخرون من شيوخ شيخنا الحافظ زين الدين العراقى باستدعائه على ما بلغنى.

وسمع بالمدينة : صحيح البخارى ، من عمه العفيف المطرى ، وسمع من القاضى عز الدين بن جماعة الموطأ ، رواية يحيى بن يحيى ، عن الجلال بن عبد السلام الإسكندرى سماعا بسنده ، وعن ابن الزبير إجازة عن الطوسى ، عن ابن خليل القيسى ، عن ابن الطلاع بسنده ، والجزء المعروف بجزء البيتوتة ، وجزءا كبيرا من حديثه ، خرجه لنفسه ، وغير ذلك كثيرا. وسمع من غيرهما وحدث.

سمعت منه بمكة ، وبالريمة (١) من وادى نخلة اليمانية ، وبالطائف. وكان له بالعلم عناية ، ولد معرفة حسنة بالفقه والعربية وغير ذلك. وله نظم وخط جيد ، وإقبال على أهل الخير ، وعناية بالعبادة.

درس وأفتى ، وأذن بالحرم النبوى بمأذنة الرئاسة ، ثم ولى قضاء المدينة وخطابتها وإمامتها ، على عادة من تقدمه من قضاة المدينة ، فى أول سنة إحدى عشرة وثمانمائة.

ولم يزل على ذلك ، حتى توفى فى ليلة الخميس سادس عشر ذى الحجة سنة إحدى عشرة وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.

__________________

٢٦١ ـ انظر ترجمته فى : (التحفة اللطيفة ٢ / ٥١٢).

(١) ريمة : بكسر أوّله ، بوزن ديمة : واد لبنى شيبة قرب المدينة بأعلاه نخل لهم. وريمة أيضا : ناحية باليمن. انظر معجم البلدان (ريمة).

٢٤٠