العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٢

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٢

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٤٥

يكتب عنه إلى مصر وغيرها ، وأقام عنده إلى ذلك مدة سنين ، وله ترداد كثير إلى مكة من قبل ولايته.

ودخل اليمن فنال فيه خيرا. وترافقنا فى سفرة سافرناها إلى الطائف لقصد الزيارة ، وسمعت من لفظه بالسلامة من وادى الطائف ـ حديث : «الأعمال بالنيات» من الغيلانيات عن ابن أميلة ، وابن أبى عمر ، إجازة إلىّ لم يكن سماعا. وسمعت منه حكايات.

وتوفى فى أول يوم الأحد الحادى والعشرين من المحرم سنة ست عشرة وثمانمائة ، ودفن بالمعلاة ، وقد بلغ السبعين أو قاربها.

شهدت الصلاة عليه ودفنه ، شهد ذلك الشريف حسن ، صاحب مكة.

٨٠ ـ محمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم ، ويلقب بالجمال ، ابن العز ، الأصبهانى ، المكى :

كان ذا نظم وعناية بالشعر ، وجمع فى ذلك مجاميع. وورث مالا جزيلا عن أبيه ، وبالغ فى الإسراف فيه حتى احتاج فى آخر عمره وصار يتكسب من عمل يده بالتجارة وغيرها. ثم توجه إلى مصر.

ومات بالبيمارستان المنصورى سنة خمس أو ست وسبعين وسبعمائة. وكان صاهر القاضى شهاب الدين الطبرى على ابنته السيدة خديجة.

٨١ ـ محمد بن إبراهيم الإمام بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس العباسى :

أمير مكة والطائف ، ولى ذلك بعد عزل عبد الصمد بن على فى سنة تسع وأربعين ومائة ، وحج بالناس فيها ، كما ذكر ابن جرير الطبرى.

ثم عزل عن ذلك فى سنة ثمان وخمسين ومائة بإبراهيم بن يحيى ـ الآتى ذكره.

وذكر الفاكهى : أنه ولى مكة للمنصور ، وابنه المهدى.

وذكره ابن الأثير فى : ولاية مكة للرشيد. ولم يبين تاريخ ولايته للرشيد ، وبين ذلك ابن كثير ؛ لأنه ذكر : أنه حج بالناس فى سنة ثمان وسبعين ، وهو أمير مكة.

__________________

٨١ ـ انظر ترجمته فى : (المعارف ٣٧٦ ، تاريخ بغداد ١ / ٣٨٤ ، الكامل لابن الأثير ٦ / ١٧١ ، العبر ١ / ٢٩٢ ، شذرات الذهب ١ / ٣٠٩ ، سير أعلام النبلاء ٩ / ٨٨).

١٠١

وذكر الذهبى : أنه ولى دمشق للمهدى ، ولابنه الرشيد.

وروى عن : أبى جعفر المنصور ، وجعفر بن محمد الصادق. وروى عنه : ابنه موسى ، وحفيده إبراهيم بن عبد الصمد. وكان كبير القدر.

توفى سنة خمس وثمانين ومائة. انتهى.

ولمحمد بن إبراهيم ـ هذا ـ يقول العنبرى :

إنى أتيت بأمر يقشعر له

أعلا الذؤابة أمرا مفظعا عجبا

لما عمدت كتاب الله أرهنه

أيقنت أن زمان الناس قد كلبا

وما عمدت كتاب الله أرهنه

إلا ولم يبق هذا الدهر لى نشبا

فافتك طه وياسينا فإنهما

للسبع من محكم الفرقان قد نسبا

وقال ـ أيضا ـ العنبرى لمحمد بن إبراهيم :

اقض عنى يا ابن عم المصطفى

أنا بالله من الدين وبك

من غريم فاحش يقذرنى

أشوه الوجه لعرض منتهك

أنا والظل وهو ثالثنا

أين ما زلت من الأرض سلك

ذكر ذلك الزبير بن بكار.

وقد أثنى عليه الفاكهى ، وذكر له أخبارا حسنة. فتذكر ذلك لما فيه من الفائدة ونص ما ذكره :

وكان محمد بن إبراهيم من أفاضل بنى هاشم ، ممن ولى مكة. كان وليها لأبى جعفر المنصور ، ثم للمهدى أمير المؤمنين. فحدثنا محمد بن أبى عمر عن بعض أشياخه ، قال : كتب أمير المؤمنين المهدى إلى محمد بن إبراهيم يقول له : بلغنى أن سفيان فيما قبلك ، فإذا جاءك كتابى فادفعه إلىّ.

فلما ورد عليه الكتاب أخفاه أياما. وكان سفيان يخرج فى الليل فيطوف ، فتحينه محمد بن إبراهيم فى ذلك الوقت من الليل ، وكان لمحمد بن إبراهيم وقت من الليل يطوف ويلى خلف المقام ، فلصق بسفيان ، فقرأ بهذه الآية : (إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ) [القصص : ٢٠] فعرف سفيان ما أراد ، فخرج من ليلته.

فلما كان بعد ذلك أظهر الكتاب فى الناس ، وأمر بطلبه فلم يوجد. وسمعت عبد

١٠٢

الرحمن الحائى يقول : رأيت محمد بن إبراهيم يصلى فى أيام الموسم بلا جند ولا أعوان. انتهى.

وذكر ابن الأثير خبرا على تقوى محمد بن إبراهيم ـ هذا ـ لأنه قال فى أخبار سنة ثمان وخمسين ومائة من الهجرة :

وفيها : حبس محمد بن إبراهيم الإمام ، وهو أمير مكة جماعة ، أمر المنصور بحبسهم. وهم : رجل من آل على بن أبى طالب ـ كان بمكة ـ وابن جريج ، وعباد بن كثير ، وسفيان الثورى ، ثم أطلقهم من الحبس بغير إذن المنصور. فغضب عليه.

وكان سبب إطلاقهم : أنه نظر ، وقال : عمدت إلى ذى رحم فحبسته ـ يعنى : بعض ولد على ـ وإلى نفر من أعلام المسلمين فحبستهم ، ويقدم أمير المؤمنين ، فلعله يأمر بقتلهم فيشتد سلطانه وأهلك ، فأطلقهم وتحلل.

فلما قارب المنصور مكة ، أرسل إليه محمد بن إبراهيم بهدايا فردها عليه. انتهى.

قلت : وقع لنا حديثه عاليا فى جزء البانياسى.

أخبرنى به محمد بن إبراهيم الصوفى قراءة وسماعا بمكة ودمشق : أن أبا العباس الحجار أخبره عن الكاشغرى ، والأنجب الحمامى ، وعامر بن مسعود ، وعبد اللطيف بن القبيطى ، وعلى بن محمد بن كبة ، وابن السباك ، وزهرة بنت محمد ، إذنا ، قالوا : أخبرنا ابن البطى.

زاد الكاشغرى ، وابن تاج الفراء ، قالا : أخبرنا مالك البانياسى ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد المجبر ، قال : أخبرنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمى ، قال : حدثنى أبى ، قال : حدثنا جدى محمد بن إبراهيم عن جعفر بن محمد عن خالد بن علقمة عن عبد خير عن على رضى الله عنه أنه «دعا بماء فتوضأ ثلاثا ثلاثا. وقال : هكذا كان وضوء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم» (٢).

__________________

(٢) أخرجه أحمد فى المسند حديث رقم (١٣٥٣) باختلاف فى اللفظ ، من طريق : عبد الله ، حدثنا إسحاق بن إسماعيل، حدثنا وكيع ، حدثنا إسرائيل ، عن أبى إسحاق ، عن أبى حية الوادعى ، قال : «رأيت عليّا رضى الله عنه بال فى الرحبة ثم دعا بماء فتوضأ فغسل كفيه ثلاثا وتمضمض واستنشق ثلاثا وغسل وجهه ثلاثا وغسل ذراعيه ثلاثا ثلاثا ومسح برأسه وغسل قدميه ثلاثا ثلاثا ، ثم قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فعل كالذى رأيتمونى فعلت».

١٠٣

٨٢ ـ محمد بن إبراهيم بن محمد المقرى ، أبو عبد الله ، البغدادى :

ذكره ابن النجار فى تاريخه ، قال : بغدادى ، أقام بمكة ، وحدث بها. وكان دينا ، زاهدا، من أهل القرآن والحديث والفقه والخلاف والنحو. حدث بمكة عن أبى على بن أحمد التسترى وجماعة من الغرباء.

روى عنه أبو المظفر محمد بن على الشيبانى الطبرى ، قاضى مكة.

وحكى أنه مات بالكوفة بعد انصرافه من الحج لسنة ست عشرة وخمسمائة.

٨٣ ـ محمد بن إبراهيم بن محمد ، يلقب بالظهير ، الأصبهانى :

كان من بقايا الصالحين بمكة ، على ما وجدت فى بعض مجاميع الشيخ أبى العباس الميورقى بخطه أو بخط غيره ، إلا أنه لم يسمعه ، وإنما قال : شيخ الرباط الظهير ، الأصبهانى. انتهى.

وهو والد : العز إبراهيم الأصبهانى ـ الآتى ذكره ـ وجد ابنه محمد ـ المقدم ذكره.

٨٤ ـ محمد بن إبراهيم بن مسلم بن مهران القرشى ، المؤذن ، الكوفى ، أبو جعفر ، ويقال أبو إبراهيم :

سمع : جده مسلم بن مهران ، وحماد بن أبى سليمان ، وسلمة بن كهيل ، وعلى بن بذيمة.

روى عنه : مسلم بن قتيبة ، وأبو داود سليمان بن داود الطيالسى ، فقال : محمد بن إبراهيم بن مسلم بن مهران ، وشعبة بن الحجاج ، فكناه : أبا جعفر ، ولم يسمه ، وموسى ابن إسماعيل ، فقال : محمد بن إبراهيم بن مسلم بن مهران ، ويحيى بن سعيد القطان. وقال: محمد بن مهران ، وأبو الوليد الطيالسى.

روى عنه : أبو داود ، والترمذى ، والنسائى : حديثين. قال يحيى بن معين : محمد بن مسلم بن المثنى : ليس به بأس.

__________________

٨٤ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٧٠ / ١٨٤ ، تاريخ الدورى ٢ / ٥٣٩ ، علل أحمد بن حنبل ١ / ١٥٧ ، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة ٢٠ ، الثقات لابن حبان ٧ / ٣٧١ ، الكامل لابن عدى ٣ / ٨٨ ، سؤالات البرقانى للدارقطنى ، ترجمة ٤٥٧ ، الكاشف ترجمة ٤٧٦٨ ، المغنى ٢ / ٥٩٨٤ ، تاريخ الإسلام ٦ / ٢٨٥ ، تهذيب التهذيب ٩ / ١٦ ، تقريب التهذيب ٢ / ٤١ ، خلاصة الخزرجى ترجمة ٦٠٢٣ ، تهذيب الكمال ٥٠٣٣).

١٠٤

وذكره ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات. ونسبه كما ذكرنا ، وقال : من أهل مكة ، كنيته أبو إبراهيم. انتهى.

وقد اختلف فى نسبه ، فقيل : محمد بن إبراهيم بن مهران بن المثنى القرشى ، مولاهم ، أبو جعفر. ويقال : أبو إبراهيم الكوفى. ويقال : البصرى ـ مؤذن مسجد العريان ـ ويقال : محمد بن مسلم بن مهران بن المثنى. ويقال : محمد بن أبى المثنى. ويقال : محمد ابن المثنى. ويقال : محمد بن مهران ، وكنية جده : مسلم أبو المثنى. ويقال : كنيته : مهران أبو المثنى.

كتبت أكثر هذه الترجمة من التهذيب للحافظ المزى.

٨٥ ـ محمد بن إبراهيم بن الفخار الأصبهانى ، أبو نصر :

سمع من أبى الحسن الهكارى وغيره. وحدث عنه بأصبهان بشىء يسير. وروى عنه أبو زكريا بن منده.

وذكر : أنه مات فى سنة تسع وتسعين وأربعمائة بأصبهان ، بعد أن جاور بمكة سنين. وكان كثير العبادة والصلاح ، حسن الوجه ، سليم القلب.

ذكره ابن السمعانى فى ذيل تاريخ بغداد. ومنه لخصت هذه الترجمة.

وقد روى عنه حكاية فى فضل مقبرة مكة ؛ لأنه ذكر : أن أبا زكريا بن مندة الحافظ ، سمع محمد بن أبى منصور بن عليك التاجر ، قال : سمعت من ثقات المجاورين بمكة ، قالوا : سمعنا أبا نصر بن أبى الفخار بمكة يحدث : أنه رأى فى المنام كأن إنسانا مدفونا بمقبرة المعلاة: استخرج ومروا به إلى موضع آخر ، قال : فسألت عن حاله : لم استخرجتم هذا الميت؟ قالوا : هذه المقبرة منزهة عن قبور أهل البدعة فلا تقبل أرضها مبتدعا. انتهى.

وهذا إن صح فيستخرج منها من دفن فيها من أهل البدعة.

ويقرب من هذه الحكاية ما يحكى من : أن شخصا يقال له : الشر يشير من كبار الرافضة بالمدينة النبوية توفى بها ، ودفن بالبقيع ، ثم بعد مدة رؤى بعض أهل الخير الغرباء يقرأ على قبره ويلازم عليه القراءة. فليم على ذلك. فقال لهم : كان لى شيخ توفى فى غير المدينة. فرأيته فى المنام ، فقال لى : أنا نقلت إلى قبر الشر يشير بالمدينة. ونقل الشر يشير إلى قبرى ، وأنا ألازم القراءة على هذا القبر لهذا المعنى.

١٠٥

هذا معنى هذه الحكاية ، وهى مشهورة عند أهل المدينة وغيرهم. والله أعلم.

٨٦ ـ محمد بن إبراهيم بن المنذر ، شيخ الحرم الشريف ، أبو بكر النيسابورى ، الفقيه ، المجتهد ، الحافظ :

سمع : محمد بن ميمون ، ومحمد بن إسماعيل الصائغ ، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، والربيع بن سليمان المرادى ، وخلقا كثيرا.

وحدث عنه : أبو بكر بن المقرى ، ومحمد بن يحيى بن عمار الدمياطى ، والحسن بن على بن شعبان ، وأخوه الحسين بن على وآخرون.

ولا يلتفت إلى تكذيب العقيلى له فى دعواه السماع من الربيع بن سليمان صاحب الشافعى ؛ لأنه ثقة حجة. ولا إلى قول مسلمة بن قاسم عنه : أنه لا يحسن الحديث ؛ لأنه إمام متبحر فيه ، وتآليفه تشهد بذلك.

وكان فقيها مجتهدا ، إلا أنه كان كثير الميل إلى مذهب الشافعى ، وهو معدود فى أصحابه.

وذكره الشيخ أبو إسحاق الشيرازى فى طبقات الفقهاء الشافعية ، وقال : صنف فى اختلاف العلماء كتبا لم يصنف أحد مثلها ، واحتاج إلى كتبه الموافق والمخالف. ولم أعلم عمن أخذ الفقه. انتهى.

وترجمه الذهبى : بالحافظ ، العلامة ، الفقيه ، الأوحد ، شيخ الحرم ، وقال : صاحب الكتب التى لم تصنف ككتاب «المبسوط فى الفقه» وكتاب «الإشراف فى اختلاف العلماء» وكتاب «الإجماع» وغير ذلك.

وكان غاية فى معرفة الخلاف والدليل. وكان مجتهدا لا يقلد أحدا.

وذكر فى طبقات الحفاظ : أن ابن القطان القابسى : أرخ وفاته سنة ثمان عشرة وثلاثمائة.

__________________

٨٦ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات العبادى ٦٧ ، طبقات الشيرازى ١٠٨ ، تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ١٩٦ ـ ١٩٧ ، وفيات الأعيان ٤ / ٢٠٧ ، تذكرة الحفاظ ٣ / ٧٨٢ ـ ٧٨٣ ، ميزان الاعتدال ٣ / ٤٥٠ ، ٤٥١ ، الوافى بالوفيات ١ / ٣٣٦ ، مرآة الجنان ٢ / ٢٦١ ٢٦٢ ، طبقات الشافعية للسبكى ٣ / ١٠٢ ـ ١٠٨ ، لسان الميزان ٥ / ٢٧ ـ ٢٨ ، طبقات المفسرين للسيوطى ٢٨ ، طبقات الحفاظ ٣٢٨ ، طبقات المفسرين للداودى ٢ / ٥٠ ـ ٥١ ، شذرات الذهب ٢ / ٢٨٠ ، الرسالة المستطرفة ٧٧٠ ، طبقات الأصوليين ١ / ١٦٨ ـ ١٦٩ ، سير أعلام النبلاء ١٤ / ٤٩٠).

١٠٦

وقال : ما ذكره أبو إسحاق ـ يعنى الشيرازى ـ من وفاته : لم يصح ، فإن محمدا بن عمار لقيه ، وسمع منه فى سنة ست عشرة وثلاثمائة. انتهى.

قلت : الذى ذكره الشيخ أبو إسحاق فى طبقاته : أنه توفى بمكة المشرفة سنة تسع أو عشر وثلاثمائة.

وذكره ابن الجوزى ، لما تكلم على حديث «طبقات أمتى» فى الطبقة الثانية وهى من سنة عشرين وثلاثمائة إلى سنة ستين وثلاثمائة. فمقتضى ذلك : أن يكون حيا فى سنة عشرين وثلاثمائة ، وليس ذلك بمستقيم لما سبق فى تاريخ موته. والله أعلم.

أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن أحمد بن سلمان الصالحى ، بقراءتى عليه بدار السنة الظاهرية بدمشق فى الرحلة الأولى : أن أبا بكر بن محمد بن الرضى المقدسى ، أخبره سماعا فى الرابعة وإجازة له :

قال : أخبرنا محمد بن إسماعيل الخطيب ، قال : أخبرنا يحيى بن محمود الثقفى ، قال: أخبرنا إسماعيل بن الفضل الإخشيد وجماعة ، قالوا : أخبرنا عبد الرزاق بن عمر القاضى ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرى ، الحافظ ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرنى مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة عن رافع بن إسحاق : أنه سمع أبا أيوب الأنصارى رضى الله عنه يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «إذا ذهب أحدكم إلى الغائط أو البول فلا يستقبل القبلة بفرجه ولا يستدبرها» (١).

قال الحافظ الذهبى : لم يخرجوه فى الكتب وإسناده جيد.

وقد روى النسائى لرافع هذا حديثا. انتهى.

٨٧ ـ محمد بن إبراهيم بن يوسف بن محمد النيسابورى ، أبو عمرو ، الزجاجى ، الصوفى ، أحد مشايخ الصوفية الكبار :

ذكره أبو عبد الرحمن السلمى فى طبقات الصوفية له ، وقال : صحب أبا عثمان

__________________

(١) أخرجه أحمد فى المسند حديث رقم (٢٣٠٦٢) من طريق : عبد الله ، حدّثنى أبى ، حدثنا إسحاق بن عيسى ، أنبانا مالك ، عن إسحاق بن عبد الله ، عن رافع بن إسحاق ـ مولى أبى طلحة ـ أنه سمع أبا أيوب الأنصارى يقول ـ وهو بمصر ـ : والله ما أدرى كيف أصنع بهذه الكرابيس ـ يعنى الكنف ـ وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا ذهب أحدكم إلى الغائط أو البول فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها».

١٠٧

والجنيد ، والثورى ، والخواص. دخل مكة ، وأقام بها ، وصار شيخها ، والمنظور إليه فيها.

حج قريبا من ستين حجة. وقيل : إنه لم يبل ولم يتغوط فى الحرم أربعين سنة. وهو بها مقيم.

توفى سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة.

وذكره صاحب المرآة ، وحكى عنه أنه قال : ماتت أمى فورثت منها دارا ، فبعتها بخمسين دينارا ، وخرجت إلى الحج ، وإذا برجل فى البرية راكب على فرس ، قال : إيش معك؟ قلت : ـ الصدق أنجى ـ معى خمسون دينارا ، فأخذها فعدها ، فوجدها كما قلت. فرمى بها إلىّ ، وقال : قد أخذنى صدقك. ثم نزل من الدابة ، وقال : اركبها فإنى على أثرك ، ولحقنى إلى مكة. وجاور بها حتى مات.

* * *

من اسمه محمد بن إسحاق

٨٨ ـ محمد بن إسحاق بن أحمد بن إسحاق بن أبى بكر الشيرازى ، الشيخ ، غياث الدين، الأبرقوهى ، نزيل مكة ، يكنى أبا المعالى ، بن أبى الفضل الشيرازى ، ويعرف بالكتبى :

ولد بأبرقوه (١) فى سنة خمس وعشرين وسبعمائة. وكان من جماعة السلطان شاه شجاع صاحب بلاد فارس. وجرت له على يده صدقات بمكة ومآثر ، منها : الرباط الذى قبالة باب الصفا ، وأوقاف عليه وعلى غيره بمكة ومنى.

وفى هذا الرباط حجر مكتوب فيه : أن الواقف شرط أنه : يسكنه الفقراء الأعجام المجردون المتقون دون الهنود ، ومن لا سكن له بمكة المشرفة إلا فى الموسم ، أو لا بيوت لهم.

وتاريخ وقفه سنة إحدى وسبعين وسبعمائة. وفيه حجر آخر مؤرخ بسنة ست وسبعين.

وكان الشيخ غياث الدين هذا دخل إلى بلاد الشام ، وسمع بها من ست العرب بنت

__________________

٨٨ ـ (١) أبرقوه : بفتح أوله وثانيه وسكون الراء وضم القاف والواو ساكنة وهاء محضة : هكذا ضبطه أبو سعد ، ويكتبها بعضهم أبرقويه ، أهل فارس يسمّونها وركوه ، ومعناه : فوق الجبل ، وهو بلد مشهور بأرض فارس من كورة اصطخر قرب يزد. انظر : معجم البلدان (أبرقوه).

١٠٨

محمد بن الفخر على ، المعروف بابن البخارى : الشمائل للترمذى. وما علمته حدث. وأظنه أجاز لنا. والله أعلم.

وله معرفة بالطب ، وله فيه تأليف حسن ، وانتفع به الناس فى ذلك كثيرا بمكة. وكان يحسن إليهم بما يحتاجونه من الأدوية وغير ذلك.

وجاور بمكة نحو ثلاثين سنة على طريقة حميدة من الإقبال على العبادة والخير وكف الأذى.

وضعف بآخره ، وعجز عن الحركة ، وانقطع فى بيته حتى توفى فى تاسع عشرين جمادى الأولى سنة خمس وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. وكان والده قاضى شيراز (٢) ، ويلقب عز الدين.

٨٩ ـ محمد بن إسحاق بن شبويه الخراسانى ، ثم البيكندى ، أبو عبد الله :

ذكر ابن يونس : أنه قدم مصر ، وحدث بها عن عبد الرزاق بن همام وغيره. ثم خرج إلى مكة ، فتوفى بها.

وقال غنجار فى تاريخ بخارى : إنه توفى فى شوال سنة اثنتين وستين ومائتين بمكة. وضبط شبويه ـ بشين معجمة ـ. وأما الأمير أبو نصر بن ماكولا ، فقالها بسين مهملة بعدها باء موحدة.

وذكر ذلك القطب الحلبى فى تاريخ مصر ، ومنه لخصت هذه الترجمة.

٩٠ ـ محمد بن إسحاق بن العباس الفاكهى ، المكى ، مؤلف أخبار مكة :

روى فيه عن : ابن أبى عمر العدنى ، وبكر بن خلف ، وحسين بن حسن المروزى ، وجماعة.

وكتابه فى أخبار مكة ، كتاب حسن جدا لكثرة ما فيه من الفوائد النفيسة وفيه غنية عن كتاب الأزرقى.

وكتاب الأزرقى لا يغنى عنه ؛ لأنه ذكر فيه أشياء كثيرة حسنة مفيدة جدا لم يذكرها الأزرقى. وأفاد فى المعنى الذى ذكره الأزرقى أشياء كثيرة ، لم يفدها الأزرقى.

__________________

(٢) شيراز : بالكسر ، وآخره زاى : بلد عظيم مشهورة معروف مذكور ، وهو قصبة بلاد فارس فى الإقليم الثالث. انظر : معجم البلدان ٣ / ٣٨٠

١٠٩

وما عرفت متى مات ، إلا أنه كان حيا فى سنة اثنتين وسبعين ومائتين ؛ لأنه ذكر فيها قضية تتعلق بالمسجد الحرام ، وما عرفت من حاله سوى هذا.

وإنى لأعجب من إهمال الفضلاء لترجمته ، فإن كتابه يدل على أنه من أهل الفضل ، فاستحق الذكر ، وأن يوصف بما يليق به من الفضل والعدالة ، أو الجرح ، وحاشاه من ذلك. وشابهه فى إهمال الترجمة الأزرقى صاحب أخبار مكة ـ الآتى ذكره.

وهذا عجب أيضا ، فإنه بمثابة الفاكهى فى الفضل. وما هما فيما أحسب بدون الجندى صاحب فضائل مكة ، فإن له ترجمة فى كتب العلماء ، والله أعلم بحقيقة ذلك.

٩١ ـ محمد بن إسحاق بن وهب بن أعين ، الإمام ، أبو ربيعة ، الربعى ، المكى ، المقرى :

مؤذن المسجد الحرام. هكذا ذكره الذهبى فى طبقات القراء ، وقال : قرأ على البزى ، وعرض على قبل أيضا قديما. وألف قراءة ابن كثير. وأقرأ فى حياة شيخه ـ قراءة عليه ـ محمد بن الصباح ، ومحمد بن عيسى بن بندار ، وعبد الله بن أحمد النخلى ، وإبراهيم ابن عبد الرزاق ، وأبو بكر النقاش المفسر ، وهبة الله بن جعفر ، وهو أنبل أصحاب البزى فى وقته.

توفى فى رمضان سنة أربع وتسعين ومائتين. انتهى.

٩٢ ـ محمد بن إسحاق الخوارزمى شمس الدين الحنفى :

نزيل مكة ، ونائب الإمامة بمقام الحنفية. كان ذا فضل فى العربية ومتعلقاتها وغير ذلك ، كثير التصدى للاشتغال والإفادة ، والنظر والكتابة.

وأظنه أخذ العربية عن صهره إمام الحنفية شمس الدين ، المعروف بالمعيد.

وناب عنه فى الإمامة بالمسجد الحرام ، وعن ابنه شهاب الدين أحمد بن شمس الدين المعيد فى غيبتهما وحضورهما فى مدة سنين كثيرة.

ودخل من مكة للهند طلبا للرزق ، وعاد لمكة ، وجمع شيئا فى فضائلها ، وفضائل الكعبة وغير ذلك. وجل ذلك غير قليل من تاريخ الأزرقى ، وكتب المناسك.

وكان يكتب صفة الكعبة المعظمة ، والمسجد الحرام فى أوراق ، ويهادى بها الناس فى الهند ، وغيرها. وفيه دين وخير وسكون وانجماع عن الناس.

١١٠

وتوفى فى آخر يوم من ربيع الأول يوم الخميس سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة بكرة يوم الجمعة مستهل ربيع الآخر.

وهو فى عشر الستين ظنا أو جاوزها.

* * *

من اسمه محمد بن إسماعيل

٩٣ ـ محمد بن إسماعيل بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى ، يلقب جمال الدين :

ذكره الرضى فيما نقلته من خطه فى أسانيده لمروياته ، وذكر : أنه يروى عنه جامع الترمذى. أجازه مكاتبة بالمسجد الحرام عن ابن البنا سماعا.

ونقلت من خطه أيضا : استدعاءات نقلها من خط قريبه المجد عبد الله بن محمد بن محمد بن أبى بكر الطبرى : سأل فيها الإجازة لجمال الدين محمد بن إسماعيل الطبرى هذا ، وغيره من أولاد أبى بكر الطبرى.

وبعضها مؤرخ بيوم الثلاثاء عشرين شهر رجب سنة إحدى وخمسين وستمائة. فاستفدنا من هذا حياته فى هذا التاريخ.

٩٤ ـ محمد بن إسماعيل بن حسين بن عبد الله ، الشيرازى الأصل ، المكى المولد والدار ، المؤدب بالحرم الشريف :

سمع على : أحمد بن سالم المؤذن ، وعبد الوهاب القروى الإسكندرى : بعض الموطأ رواية يحيى بن يحيى ، على ما وجدت بخط شيخنا ابن شكر. ونسبه بخطه كما ذكرنا. وكان خيرا. أدب الأطفال مدة فى الحرم الشريف تحت مأذنة باب العمرة.

وتوفى بعد التسعين ـ بتقديم التاء على السين ـ وسبعمائة بيسير بمكة. ودفن بالمعلاة.

٩٥ ـ محمد بن إسماعيل بن سالم الصايغ ، أبو جعفر :

من أهل مكة. هكذا ذكره ابن حبان فى الطبقة الرابعة من الثقات ، وقال : يروى

__________________

٩٥ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٧ / ١٩٠ ، سير أعلام النبلاء ١٣ / ١٦١ ، الثقات لابن حبان ٩ / ١٣٣ ، المنتظم لابن الجوزى ١٢ / ٢٧٩ ، تهذيب التهذيب ٩ / ٥٨ ، تقريب التهذيب ٢ / ١٤٥ ، خلاصة الخزرجى ترجمة ٦٠٥٦ ، شذرات الذهب ٢ / ١٧٠).

١١١

عن أبى عاصم ، وأهل العراق. حدثنا عنه أصحابنا محمد بن عبد الرحمن الدوغلى وغيره. انتهى.

وروى محمد بن إسماعيل هذا عن : أبيه ، وأبى أسامة ، وحجاج الأعور ، وعبد الله بن بكر السهمى ، وخلق بالعراق والحجاز.

وروى عنه : أبو داود ، على ما قال صاحب الكمال ـ وتعقب ذلك عليه الحافظ أبو الحجاج المزى ، وقال : لم أقف ذلك ، وإنما وجدنا لابن الأعرابى صاحب أبى داود رواية عنه فى بعض الروايات التى رواها فى سنن أبى داود فى الوضوء وغيره. انتهى.

وروى عن الصايغ هذا خلق منهم : العقيلى ، وابن صاعد ، وأحمد بن المنادى ، وابن أبى حاتم ، وأبو القاسم البغوى ، وقال : صدوق.

وقال ابن خراش : هو من أهل الفهم والأمانة.

وقال ابن المنادى : مات فى جمادى الأولى سنة ست وسبعين ومائتين.

٩٦ ـ محمد بن إسماعيل بن عبد الرحمن الشيبى :

زعيم الشيبيين ، وصاحب حجابة الكعبة. هكذا ذكره ابن جبير فى حلته.

وكتب عنه شيئا فى طول الكعبة. ذكرناه فى محله من تأليفنا «شفاء الغرام» ومختصراته ، وهو لا يصح ، والله أعلم.

وذكر ابن جبير : أنه عزل عن الحجابة لهناة نسبت إليه ، ثم أعيد سريعا ؛ لأنه صودر عنها بخمسمائة دينار مكية.

وذلك فى ذى القعدة سنة تسع وسبعين وخمسائة. فاستفدنا من هذا حياته فى هذا التاريخ.

وجده عبد الرحمن ؛ هو ابن ديلم.

٩٧ ـ محمد بن إسماعيل بن على اليمنى ، تقى الدين ، أبو عبد الله ، المعروف بابن أبى الصيف ـ بالصاد المهملة ـ الشافعى ، فقيه مكة :

حدث عن ابن عمار الأطرابلسى : بصحيح البخارى ، وعن أبى على الحسنى بن على البطليوسى : بصحيح مسلم ، وعن الميانشى : بجامع الترمذى.

١١٢

وسمع من جماعة آخرين بمكة. وحدث ، ودرس ، وأفتى كثيرا.

وله نكت على التنبيه مفيدة ، ومجاميع حديثية ، منها : أربعون حديثا عن أربعين شيخا من أربعين مدينة وغير ذلك.

وكان حريصا على تحصيل الرواية ؛ لأنه أحب أن يروى شيئا عن الحافظ المنذرى. فسمع شيئا من رواية المنذرى ، عن عمر بن طبرزاد على شخص سمع ذلك من المنذرى.

وهذا مذكور فى التكملة بمعنى ما ذكرناه.

ووجدت بخط بعض أصحابنا فيما نقله الشيخ أبى العباس الميورقى : ورد أن سفهاء مكة من أهل الجنة ، واتفق بين عالمين بالحرم منازعة فى تأويل الحديث وسنده ، فأصبح الذى طعن فيه ، وقد اعوج أنفه. وقيل له : أى والله سفهاء مكة من أهل الجنة. وكرر عليه ذلك الذى كان ينازعه. انتهى. بالمعنى باختصار.

وبلغنى : أن هذا الرجل هو ابن أبى الصيف المذكور ، وأنه كان يقول : معنى الحديث: أسفاء مكة ، أى المحزونون على تقصيرهم ، والله أعلم.

وتوفى فى ذى الحجة سنة سبع وستمائة.

هكذا ذكر وفاته الزكى المنذرى فى التكملة. وذكرناه أيضا فى المتوفين فى سنة تسع عشرة وستمائة.

وتبعه على ذلك الذهبى فى تاريخ الإسلام. وهذا عجيب منه ، وأعجب من ذلك ما ذكره الإسنائى من : أنه توفى سنة سبع عشرة. والصواب : أنه توفى سنة تسع وستمائة. كما ذكر غير واحد منهم : الميورقى والجندى فى تاريخ فى اليمن.

وذكر : أنه انتهت إليه رياسة الفقه بمكة بعد محمد بن مقبل الأبينى العجيبى ـ الآتى ذكره ، والله أعلم.

٩٨ ـ محمد بن إسماعيل بن مخلب :

متولى مؤتة (١) بالحجاز. هكذا ذكره الحافظ رشيد الدين محمد بن الحافظ زكى الدين المنذرى فى مختصره لتاريخ المسبحى.

__________________

٩٨ ـ (١) مؤتة : بالضم ثم واو مهموزة ساكنة ، وتاء مثناة من فوقها ، وبعضهم لا يهمزه ، وأما ثعلب فإنه قال فى الفصيح : موتة بمعنى الجنون غير مهموز ، ومؤتة : قرية من قرى البلقاء فى حدود الشام ، وقيل : موتة من مشارف الشام. انظر : معجم البلدان (مؤتة).

١١٣

وذكر : أنه التقى مع أحمد بن الحسين الحسنى ، وقتل من الطائفتين جماعة ، وأخذ ابن مخلب أسيرا فى يدى أبى الحسين أحمد بن الحسين ، ثم قتل أحمد بن الحسين ، وقتل ابن مخلب بعده ، وذلك فى سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة ، انتهى.

ورأيت فى أخبار فتنة أبى طاهر القرمطى بمكة : أن أميرها ابن محارب ، أو ابن مخلب ـ الشك منى حارب أبا طاهر ـ : فإن كان ابن مخلب هو المحارب ، فلعله هذا ، والله أعلم.

٩٩ ـ محمد بن إسماعيل بن يوسف بن عثمان المقرى ، شمس الدين ، الشهير بالحلبى :

نزيل مكة المشرفة. وجدت بخطه : أنه قرأ القرآن العظيم بالقراءات السبعة على نيف وعشرين شيخا ، أولهم : الشيخ شمس الدين الأربلى ببلدة حلب (١) ، وآخرهم : شمس الدين العسقلانى.

ووجدت بخطه أيضا : أنه قرأ القرآن العظيم على ابن السلار ، يعنى أمين الدين عبد الوهاب بن يوسف بن إبراهيم الدمشقى.

وأخبرنى عنه ـ من اعتمده ـ : أنه قرأ على المقرى شمس الدين بن اللبان ـ يعنى محمد بن أحمد بن على ـ وما عرفت : هل قراءته على ابن اللبان وابن السلار بالسبع ، أو ببعضها؟

ووجدت بخطه أيضا : أنه قرأ القرآن بالروايات العشر ، وضمن ذلك أبياتا له نظمها.

وكان ذا معرفة بالقراءات ، مجيدا للكتابة ، كتب بخطه كثيرا ، وأقرأ كثيرا.

وكان فى بعض الأحايين يقرأ فى موضع من القرآن ، ويقرأ عليه فى موضع آخر ، ويكتب فى موضع آخر ، فيصيب فيما يقرأه ويكتبه ، وفى الرد على من يقرأ عليه ، بحيث لا يفوته شىء فى الرد عليه على ما بلغنى.

وهذا نحو مما حكى عن بعض القراء من : أنه كان يسمع لثلاثة نفر يقرءون عليه دفعة واحدة فى أماكن مختلفة. وعيب ذلك على هذا المقرئ ، والذى عاب ذلك هو.

ووجدت بخط المذكور شيئا من أحواله ، وفيه أمور تستغرب. من ذلك : أنه كتب مصحفا على الرسم العثمانى ، فى ثمانية عشر يوما ولياليها بالجامع الأزهر بالقاهرة فى سنة خمس وستين وسبعمائة.

ووجدت بخطه : أنه كتب مائة وأربعة وثمانين مصحفا ، وربعة ، بقطع لطيف وكبير. جميعها مكتوبا على الرسم العثمانى. وأنه كتب ذلك من صدره ، وأن بعض ما كتبه من هذا العدد ، وذلك أريد من الربع مكتوب بالقراءات السبع ، وعدة علوم.

__________________

٩٩ ـ (١) حلب : مدينة بالشام ، بينها وبين قنسرين اثنا عشر ميلا ، وسميت بحلب رجل من العمالقة.

انظر : تقويم البلدان ١ / ٢٩٩ ، الروض المعطار ١٩٦ ، ١٩٧ ، صبح الأعشى ٤ / ١١٦.

١١٤

وذكر : أنه كتب لتلك العلوم ديباجة لكل مصحف عدة أوراق بين فيها ما وضعه فيه من العلوم.

ووجدت بخطه : أنه لما بلغ من العمر سبع عشرة سنة : حببه الله فى كتابة القرآن ووفقه لذلك حتى كتب مدة فى كل أربعين يوما مصحفا ، ثم كتب مدة فى كل ثلاثين يوما مصحفا ، وأنه حفظ عدة كتب وعرضها ، واشتغل بعدة علوم ، وبكتابة الخط المنسوب على عدة مشايخ ، وبالقراءات السبع على عدة مشايخ ، كل ذلك ببلدة حلب ، قبل سنة ثلاث وستين ، وأنه رحل إلى مصر من بلده لطلب العلم والقراءات ، والكتابة على الشهاب غارى ، فعاد بقصده.

ووجدت بخطه : أنه روى الشاطبية عن عدة مشايخ ، منهم العسقلانى. انتهى بالمعنى.

وقد جاور المذكور بالحرمين عدة سنين. ومقامه بمكة نحو خمس عشرة ـ فيما أظن ـ وسافر منها إلى بلاد اليمن ، وعاد إليها ، وذلك فى سنة خمس وثمانمائة.

ولم يزل بها حتى توفى فى السادس والعشرين من ربيع الآخر سنة أربع عشرة وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. وله من العمر سبعون سنة أو أزيد.

* * *

من اسمه محمد بن إدريس

١٠٠ ـ محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد ابن عبد بن زيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى ، الإمام ، البحر ، المجتهد ، أبو عبد الله ، الشافعى ، المكى :

ولد سنة خمسين ومائة بغرة من أرض الشام ، على الصحيح. وقيل : بعسقلان (١).

__________________

١٠٠ ـ انظر ترجمته فى : (تذكرة الحفاظ ١ / ٣٢٩ ، تهذيب التهذيب ٩ / ٢٥ ، الوفيات ١ / ٤٤٧ ، إرشاد الأريب ٦ / ٣٦٧ ـ ٣٩٨ ، غاية النهاية ٢ / ٩٥ ، صفة الصفوة ٢ / ١٤٠ ، تاريخ بغداد ٢ / ٥٦ ، حلية الأولياء ٩ / ٦٣ ، نزهة الجليس ٢ / ١٥٣ ، تاريخ الخميس ٢ / ٣٣٥ ، تهذيب الأسماء واللغات القسم الأول من الجزء الأول ٤٤ ـ ٦٧ ، طبقات الحنابلة ١ / ٢٨٠ ـ ٢٨٤ ، كشف الظنون ١٣٩٧ ، طبقات الشافعية ١ / ١٨٥ ، البداية والنهاية ١٠ / ٢٥١ ، الأعلام ٦ / ٢٧ ، التاريخ الكبير للبخارى ١ / ٧٣ ، التاريخ الصغير ٢ / ٣٠٢ ، سؤالات الآجرى لأبى داود ٣ / ١٩٠ ، المعرفة ليعقوب ١ / ٢١٣ ، ٣ / ١٣٨ ، تاريخ واسط ٩٠ ، الجرح والتعديل ترجمة ١١٣٠ ، الثقات لابن حبان ٩ / ٣٠ ، الأنساب للسمعانى ٧ / ٢٥١ ، المنتظم لابن الجوزى ٩ / ٦٦ ، ١١١ ، ١٠ / ١٣٤ ـ ١٤٠ ، معجم الأدباء ٦ / ٣٦٧ ، الكامل فى التاريخ لابن الأثير ٦ / ٣٥٩ ، الكاشف ترجمة ٤٧٧٧ ، تهذيب التهذيب ٩ / ٢٥ ـ ٣١ ، تقريب التهذيب ٢ / ١٤٣ ، خلاصة الخزرجى ٢ / ٦٠٤٠ ، شذرات الذهب ٢ / ٩ ، تهذيب الكمال ٠٤٩).

(١) عسقلان : هى مدينة بالشام ، بينها وبين فلسطين مرحلة ، وبينها وبين الرملة ستة فراسخ ، ـ

١١٥

وقيل : باليمن. وهذان القولان حكيا عنه.

وقيل : ولد بمنى ، حكاه ابن معين فى التنقيب. ثم حمل إلى مكة وله سنتان.

وحكى عنه : أنه قدم مكة ، وهو ابن عشر أو نحوها.

وحكى عنه : أنه حفظ القرآن وهو ابن سبع سنين ، والموطأ وهو ابن عشر سنين.

وسمع الحديث بمكة على جماعة ، منهم : سفيان بن عيينة ، وسعيد بن سالم القداح ، ومسلم بن خالد الزنجى ، فقيه مكة. وأذن له فى الإفتاء ، وله دون العشرين سنة.

وقيل : إنه أفتى ، وهو ابن خمس عشرة سنة ، ثم رحل إلى المدينة ، ولازم بها الإمام مالك بن أنس رضى الله عنه مدة ، يأخذ عنه العلم.

وسمع بالمدينة من إسماعيل بن جعفر ، وجماعته.

ثم رحل إلى العراق ، فقدم بغداد سنة خمس وتسعين ، وأقام بها حولين ، واجتمع عليه علماؤها ، وأخذوا عنه.

وصنف كتابه القديم. ثم خرج إلى مكة ، ثم عاد إلى بغداد سنة ثمان وتسعين وأقام بها شهرا.

ثم خرج إلى مصر ، وصنف بها كتبه الجديدة ، ونشر بها العلم ، وأقام بها حتى مات آخر يوم من رجب سنة أربع ومائتين. ودفن بالقرافة. وقد زرت قبره ـ بحمد الله ـ مرارا.

وله كرامات ظاهرة. منها : أنه قال للبويطى : تموت فى قيودك. فمات فيها.

وقال للمزنى : يكون لك بعدى سوق يعظم به شأنك عند الملوك وغيرهم.

وقال لابن عبد الحكم : تنتقل إلى مذهب أبيك. وكان مالكيا ، فانتقل إليه.

وقال للربيع المرادى : أنت رواية كتبى. فعاش بعده قريبا من سبعين سنة ، ورحل الناس إليه من أقطار الأرض لسماعها.

ومناقبه كثيرة. وقد صنف فيها جماعة منهم الحاكم والبيهقى.

__________________

ـ وبينها وبين غزة أربعة فراسخ ، وهى معدودة فى أرض فلسطين. انظر : معجم البلدان ٤ / ١٢٢ ، الروض المعطار ٤٢٠.

١١٦

١٠١ ـ محمد بن إدريس بن عمر ، المكى ، أبو بكر ، وراق الحميدى :

روى عن : بكر بن خلف ـ ختن أبى عبد الرحمن المقرى ـ وعثمان بن يمان الحدانى ، ومحرز بن سلمة العدنى.

وذكر ابن زبر فى وفياته : أنه توفى فى ذى الحجة سنة سبع وستين ومائتين.

١٠٢ ـ محمد بن إدريس بن غانم بن مفرح العبدرى ، الشيبى ، المكى ، المعروف بأبى راجح:

شيخ الحجبة ، وفاتح الكعبة. ذكر لى غير واحد من أهله ، وغيرهم : أنه ولى مشيخة الحجبة ، يعنى فتح الكعبة أربعين سنة. وعندى فى ذلك نظر ، فإنه كان فى أوائل القرن الماضى.

وكان أحمد بن ديلم فى أوائل القرن شيخا ، بل كان شيخا فى آخر القرن الذى قبله ، وولى بعده علىّ بن بجير ، ومن المستبعد : أن يكون أبو راجح ولى قبلهما ، أو فى حياتهما. وأما بعدهما فلا يمكن أن يكون ولى هذه المدة ؛ لأنه يلزم من ذلك أن يكون عاش إلى أواخر عشر الستين وسبعمائة. وكان الشيخ فى هذا التاريخ : محمد بن أبى بكر الشيبى ـ الآتى ذكره.

ولعل المذكور : باشر حجابة الكعبة أربعين سنة بعضها شيخا ، وبعضها من جملة الحجبة.

ولم أدر متى مات إلا أن بعض أقاربه ذكر لى ما يدل على : أنه كان فى عشر الأربعين وسبعمائة والله أعلم.

١٠٣ ـ محمد بن إدريس بن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم ، الحسنى ، المكى :

أمير مكة. ذكر الشيخ تاج الدين عبد الباقى بن عبد المجيد اليمنى ، فى كتاب «بهجة الزمن فى تاريخ اليمن» أن الأمير بيبرس الجاشنكير (١) لما حج فى سنة إحدى وسبعمائة

__________________

١٠٣ ـ (١) الملك المظفر ركن الدين بيبرس البرجى المنصورى الجاشنكير. أصله من مماليك الملك المنصور قلاوون وعتقائه ، وتنقل فى الخدم حتى صار من جملة الأمراء بالديار المصرية. وتولى الأستادارية للملك الناصر محمد بن قلاوون. وكان إقطاعه كبير ، فيه عدة إقطاعات لأمراء. ولما كان أستادارا كان سلار نائبا بالديار المصرية ، فحكما فى البلاد وتصرفا فى المماليك ، وصار ـ

١١٧

أمر بمكة أبا الغيث ، ومحمد بن إدريس وخلفهما لصاحب مصر.

فأقام أبو الغيث أياما ، وأخرج من مكة محمد بن إدريس ، واستبد بالإمرة ، وجرت بينهما حروب كثيرة ، وقتل فيها جماعة من الأشراف.

وكاتب أبو الغيث السلطان ـ يعنى المؤيد صاحب اليمن ـ وبذل الخدمة والنصيحة والرهينة ، فقبل ذلك منه. انتهى.

ولم يزد الشيخ تاج الدين المذكور فى نسب محمد بن إدريس المذكور على اسم أبيه.

ورأيت ما يخالف ما ذكره فى تأمير الجاشنكير لمحمد بن إدريس هذا بمكة ؛ لأن كلام بيبرس الدوادار فى تاريخه يدل على : أن الأمير بيبرس إنما أمر بمكة فى هذا التاريخ أبا الغيث ، وأخاه عطيفة ابنى أبى نمى. والله أعلم بالصواب.

وبلغنى : أن أبا نمى أمير مكة جعل لمحمد بن إدريس هذا ربع ما يتحصل لأمير مكة فى كل سنة ، ولكنه لم يجعل له ولاية بمكة ، وأن أبا نمى كان كثير الاغتباط بمحمد بن إدريس هذا. ويقول فيه ـ لكثره اغتباطه به إذا رآه ـ : هنيئا لمن هذا ولده. وأن بعد موت أبى نمى : أشار بعض الناس على أولاد أبى نمى بقتل محمد بن إدريس هذا. وقال لهم : لا يتم لكم معه أمر إلا إن قتلتموه. فتشاوروا فى ذلك ، وذكروه لحميضة بن أبى نمى ، فلم يوافق على ذلك حميضة ، وأعرضوا عن قتل محمد بن إدريس.

وكان بعد ذلك بين إخوته أولاد إدريس ، وأولاد أبى نمى حروب كثيرة ، منها ، فى شهر واحد ، شهر رمضان : بضع وعشرون لقية. والله أعلم بحقيقة ذلك.

__________________

ـ الملك الناصر ليس له من السلطنة إلا الاسم فقط. وكان نواب البلاد الشامية خداشية الجاشنكير من البرجية ، فقوى أمره بهم ، إلى أن توجه الملك الناصر إلى الحجاز ورد من الطريق إلى الكرك وأقام بها وأرسل يعلم أمراء الديار المصرية ، ليقيمو سلطانا. لعب الأمير سيف الدين سلار بالجاشنكير هذا ، وحسن له السلطنة حتى تسلطن ، ولقب بالملك المظفر بعد أن أفتى له جماعة من القضاة والفقهاء بذلك وكتب محضرا مثبوتا على القضاة ، وناب سلار له ، واستوفى له الأمر. وكانت سلطنته فى يوم السبت بعد العصر ثالث عشرين شوال سنة ثمان وسبعمائة ، وقيل فى ذى الحجة فى بيت سلار ، وكتب من بيت سلار بخلعة السلطنة إلى القلعة ، ومشوا الأمراء بين يديه ، ودقت البشائر ، وسارت البريدية بذلك إلى سائر الممالك ، وكتب له الخليفة المستكفى بالله على تقليده بخطه. انظر ترجمته فى : (المنهل الصافى ٣ / ٤٦٧ وما بعدها ، الدليل ١ / ٢٠٣ ، النجوم ، ٨ / ٢٢ : ٢٧٧ ، مورد اللطافة ق ٧٨٠ ، الدرر ٢ / ٣٦ ، الوافى ١٠ / ٣٤٨ ، تذكرة النبيه ٢ / ١٧ ، البداية ١٤ / ٥٥ ، الخطط ٢ / ٣١٦ ـ ٤١٧ ، كنز الدرر ٩ / ١٥٦ : ٢٠٥ ، بدائع الزهور ١ / ٤٢٣ ـ ٤٣٥).

١١٨

١٠٤ ـ محمد بن أسعد الثعلبى ، أبو سعيد ، المكى ، ثم المصيصى :

روى عن : زهير بن معاوية ، وأبى إسحاق الفزارى ، وعبثر بن القاسم ، وابن المبارك. روى عنه : عبد الله بن عبد الرحمن ، ومحمد بن المثنى وغيرهم.

قال أبو زرعة : منكر الحديث. ذكره الذهبى ، فى تاريخ الإسلام.

١٠٥ ـ محمد بن أيوب المكى :

أخذ مع جماعة فى الزندقة ، فأقروا ، فاستتابه المهدى العباسى ، وذلك فى سنة ست وستين ومائة.

١٠٦ ـ محمد بن الأسود بن خلف بن بياضة الخزاعى :

من أهل مكة. يروى عن عمرو بن العاص. روى عنه عمرو بن عبيد الله بن صفوان الجمحى.

ذكره ابن حبان فى الطبقة الثانية من الثقات.

١٠٧ ـ محمد بن أصلم الناصرى ، الأمير ، ناصر الدين ، ابن الأمير بهاء الدين:

أظنه كان من العسكر الذى أنفذه الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون ـ صاحب الديار المصرية والشامية ـ فى سنة ستين وسبعمائة إلى مكة لحسم مواد الفساد منها ، وتقوية لمن ولاه إمرتها ، وهو محمد بن عطيفة بن أبى نمى ، وسند بن رميثة بن أبى نمى.

وكان مقدم هذا العسكر : الأمير جركتمر المازونى حاجب الحجاب بالقاهرة. وفيه عدة أمراء سواه ، منهم شهاب الدين أحمد بن أصلم ـ أخو المذكور.

وكانت وفاة المذكور فى يوم السبت تاسع عشرين جمادى الآخرة سنة إحدى وستين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة.

نقلت وفاته من حجر قبره بالمعلاة. وترجم فيه بتراجم كثيرة.

__________________

١٠٤ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٧ / ٢٠٨ ، الثقات لابن حبان ٩ / ٦٨ ، ديون الضعفاء لابن الجوزى ترجمة ٣٥٩٥ ، المغنى ترجمة ٥٢٨٩ ، ميزان الاعتدال ترجمة ٧٢١٦ ، تهذيب التهذيب ٩ / ٤٦ ، تقريب التهذيب ٢ / ١٤٤ ، خلاصة الخزرجى ٢ / ٦٠٥٠ ، تهذيب الكمال ٥٠٥٨).

١٠٦ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٧ / ٢٠٥).

١١٩

١٠٨ ـ محمد بن بركات بن أبى حزمى فتوح بن بنين بن عبد الرحمن بن عبد الجبار بن محمد المكى ، المعروف بابن أبى حزمى :

ابن أخى : عبد الرحمن بن أبى حزمى ـ الآتى ذكره. كان كعمه يكتب الوثائق ، وينقش أحجار القبور وغيرها. وعلى خطهما وضاءة.

ولم أدر متى مات ، إلا أنه كان حيا فى شهر رمضان سنة اثنتى عشرة وستمائة ؛ لأنى رأيت بخطه حجرا نقشه فى هذا التاريخ.

١٠٩ ـ محمد بن أبى البركات بن أبى الخير بن حمد الهمدانى ، أبو عبد الله ، الصوفى :

هكذا ذكره ابن مسدى فى معجمه قال : وذكر لى أنه قرأ فى صغره سورة الفاتحة على أبى العلاء الحافظ بهمدان ، وأنه سافر وقد ترعرع ، فقرأ القراءات بواسط على بعض المؤذنين ، حتى حفظ الشواذ.

وصحب الشيخ أحمد بن على الرفاعى. ولبس منه ، وأذن له يلبس عنه. هذا الذى سمعت منه قديما بديار مصر ، ثم قال : وعلى ما ذكره من رواية أبى العلاء : يكون مولده بعد الخمس والخمسين وخمسمائة ، فإنه قال : توفى وقد ترعرعت.

وكانت وفاة أبى العلاء بهمدان فى جمادى الأولى من سنة تسع وستين. فادعى بمكة أن مولده فى ربيع الآخر من سنة ست وأربعين وخمسمائة. وأحسب أن الذى أخذه من عشر الستين جعله من عشر الخمسين.

ثم سمعته بمكة يقول : فى سنة ثمان وخمسين زدت على المائة ثلاث عشرة سنة. وأسمع فى هذه السنة صحيح البخارى بالإجازة العامة من أبى الوقت لمن أدرك حياته.

وسمع ذلك جماعة من العوام الذين لا يفهمون. فإنا لله وإنا إليه راجعون. يسمع هذا الكتاب الذى هو عمدة الإسلام بمثل هذا التلفيق إبراء إلى الله تعالى من عهدة الطريق. انتهى. باختصار لشىء من حال بن أبى البركات ، يأتى ذكره. والسامعون عليه : جماعة من أهل مكة وغيرهم ، والقارئ لهم عليه لذلك الفخر التوزرى ـ الآتى ذكره.

ووجدت بخط الميورقى : أن ابن أبى الخير ـ هذا ـ قال له : سمعت على أبى الوقت.

ورأيت فى أربعين الملك المظفر صاحب اليمن : أن ابن أبى الخير هذا دخل اليمن.

١٢٠