الدّارس في التاريخ المدارس - ج ١

عبد القادر بن محمّد النعيمي الدمشقي

الدّارس في التاريخ المدارس - ج ١

المؤلف:

عبد القادر بن محمّد النعيمي الدمشقي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٣

ضياعه وقراياه ، فسامحه الله وبلّ بالرحمة ثراه انتهى. وقال الأسدي في تاريخه فيها : واقف القيمازية هو قايماز بن عبد الله الأمير صارم الدين النجمي ، من أكابر مماليك نجم الدين أيوب وأعيان الدولة الصلاحية ، وكان عند الملك صلاح الدين بمنزلة استادار ، وهو الذي تسلم القصر حين مات العاضد.

وقال في المرآة : بنى القنطرة التي بين خسفين ونوى. وكان العادل قد جعله بدمشق مع ولده المعظم عيسى ثقة به ، فتوفي في جمادى الأولى وظهرت له أموال عظيمة ، يقال أنه وجد في أسفل بركة مائة ألف دينار انتهى كلام الأسدي. ثم قال عز الدين : ولم نحقق من وليها إلا الشيخ حميد الدين السمرقندي ، ثم تولاها صدر الدين سليمان قاضي القضاة ، ثم عاد إليها الشيخ حميد الدين السمرقندي ، ولم يزل بها إلى أن توفي ، ثم وليها ظهير الدين الاربلي إلى أن توفي ، ووليها من بعده ولده شمس الدين إلى أن توفي ، ووليها بعده أخوه مجد الدين (١) وهو مستمر بها إلى عصرنا وهو سنة أربع وسبعين وستمائة انتهى. قال الذهبي في عبره فيمن مات سنة سبع وسبعين وستمائة : وابن الظهير العلامة مجد الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي شكر الأربلي الحنفي الأديب ولد سنة اثنتين وستمائة باربل وسمع من السخاوي وطائفة بدمشق ومن الكاشغري وغيره ببغداد ، ودرس بالقيمازية مدة ، له ديوان مشهور ونظم رائق ، مع الجلالة والديانة التامة ، توفي رحمه‌الله تعالى في شهر ربيع الآخر انتهى. قال تلميذه ابن كثير فيها من تاريخه : الشيخ محمد بن الظهير اللغوي محمد بن أحمد بن عمر بن أحمد بن أبي شاكر مجد الدين أبو عبد الله الاربلي الحنفي المعروف بابن الظهير ، ولد باربل سنة اثنتين وستمائة ، ثم أقام بدمشق ودرس بالقيمازية وأقام بها حتى توفي ليلة الجمعة ثاني عشر شهر ربيع الآخر ، ودفن بمقابر الصوفية ، وكان بارعا في اللغة والنحو ، وكانت له يد طولى في النظم ، وله ديوان مشهور وشعر رائق ، فمن شعره قوله رحمه‌الله تعالى :

__________________

(١) شذرات الذهب ٥ : ٣٥٩.

٤٤١

كل حي إلى الممات إيابه

ومدى عمره سريع ذهابه

ثم من قبره سيحشر فردا

واقفا وحده يوفى حسابه

معه سائق له وشهيد

وعلى العرض ويحه وكتابه

وهي طويلة جدا فراجعها. وقال ابن كثير أيضا في سنة ست وتسعين وستمائة : وفي ضحية يوم الأحد ثالث عشر المحرم درس القاضي شمس الدين بن الحريري بالقيمازية عوضا عن ابن النحاس باتفاق بينهما وحضر عنده جماعة. وقد مرت ترجمته في المدرسة الريحانية أعني ابن النحاس. وأما ابن الحريري فمرت ترجمته في المدرسة الفرخشاهية.

وقال الذهبي في العبر في سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة : فمات بدمشق المفتي العلامة رضي الدين المنطقي ابراهيم بن سليمان الرومي الحنفي مدرس القيمازية ، وحج سبع مرات وبلغ ستا وثمانين سنة وله تلامذة انتهى. ورأيت بخط الحافظ علم الدين البرزالي في تاريخه في سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة المذكورة وفي ليلة الجمعة السادس والعشرين من شهر ربيع الأول توفي الشيخ العالم رضي الدين ابراهيم بن سليمان الحموي الأب كرمي الرومي الحنفي المعروف بالمنطقي بسكنه بالمدرسة النورية بدمشق ، وصلي عليه بجامع دمشق عقب صلاة الجمعة. ودفن بمقبرة الصوفية جوار الشيخ برهان الدين الحنفي وكان شيخا فاضلا ، له إحسان إلى أصحابه وتلامذته ، وفيه ديانة وخير وتواضع ، وحج سبع مرات ، وكان مدرسا بالمدرسة القيمازية ، وإماما بمقصورة الحنفية الشمالية ومعيدا بالمدارس ، وقرأ عليه جماعة من الفضلاء وهو من قرية من قرى أب كرم ، وهي بليدة صغيرة بالقرب من قونية كثيرة الفواكه من بلاد الروم ، وبلغ من العمر ستا وثمانين سنة هكذا نقل عنه. وولي تدريس القيمازية بعده قاضي القضاة عماد الدين الطرسوسي ودرس بها في ثامن شهر ربيع الآخر ، وحضر عنده جماعة من القضاة والأعيان انتهى. وقال ابن كثير في السنة المذكورة : الشيخ رضي الدين إبراهيم بن سليمان بن عبد الله أي المنطقي الحنفي ، أصله من آب كرم من بلاد قونية ، وأقام بحماة ثم بدمشق ، ودرس بالقيمازية ، وكان فاضلا في الجدل والمنطق ، وقد اشتغل

٤٤٢

عليه جماعة في ذلك ، وبلغ من العمر ستا وثمانين سنة ، وحجّ سبع مرات ، توفي رحمه‌الله تعالى في ليلة الجمعة سادس عشر ربيع الأول ، وصلي عليه بعد الصلاة ودفن بالصوفية ، وفي تاسع شعر ربيع الآخر منها حضر الدرس بالقيمازية عماد الدين بن الطرسوسي الحنفي عوضا عن الشيخ رضي الدين المنطقي الذي توفي ، وحضر عنده القضاة والأعيان انتهى.

١٢٨ ـ المدرسة المرشدية

بالصالحية على نهر يزيد جوار دار الحديث الأشرفية. قال ابن شداد : منشئتها بنت الملك المعظم شرف الدين عيسى ابن الملك العادل في سنة أربع وخمسين وستمائة ، وأول من درس بها صدر الدين أحمد بن شهاب الدين علي الكاشي. ثم انتزعت من يده ووليها صدر الدين إبراهيم بن عقبة إلى أن توجه إلى حلب المحروسة ، فوليها بعده صدر الدين علي وهو مستمر بها إلى الآن انتهى. قلت : قال قاضي القضاة النجم الطرسوسي في شرح منظومته : إن أول من درس بها الشمس بن عطاء حيث قال فيه : قاضي القضاة شمس الدين أبو محمد عبد الله بن محمد بن عطاء بن جبير بن جابر بن وهيب الأذرعي الحنفي المعروف بالقاضي عبد الله ، ميلاده سنة تسع وتسعين وخمسمائة ، تفقه على الشيخ رشيد الدين سعيد بن علي البصروي ، وقاضي القضاة صدر الدين علي بن أبي القاسم البصروي ، واتفق أن والده كان حنبلي المذهب ، وكان يتغالى في الشيخ الفقيه اليونيني البعلبكي ورحل إليه إلى بعلبك ، وأقرأ ولده عبد الله المشار إليه القرآن على الشيخ الفقيه ، ثم استأذنه فيما يشتغل به ولده ، فأشار الشيخ الفقيه بأن يشغله على مذهب الامام الأعظم أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه ، فاشتغل وحفظ القدوري ، ورحل إلى دمشق فتفقه بها حتى صار رئيس الحنفية ، ودرس بالخاتونية العصمية وبالمرشدية ، وهو أول من درس بها ، وباشر نيابة القضاء بدمشق مدة عن قاضي القضاة أحمد بن سني الدولة الشافعي وعمن بعده من القضاة الشافعية ، يعني قبل حدوث القضاة الأربعة ، ثم ولي القضاء استقلالا من

٤٤٣

السلطان الملك الظاهر بيبرس الصالحي في سنة أربع وستين وستمائة ، وفي سادس جمادى الأولى منها استناب القاضي بدر الدين المظفر بن رضوان المنبجي المدرس بالمعينية ، واستمرّ قاضي القضاة إلى أن توفي ، وجرت له حكاية مليحة مع السلطان الملك الظاهر لما احتاط على البساتين بدمشق حين حضر السلطان بدار العدل بدمشق وجرى الكلام في ذلك ، فتكلم قاضي القضاة شمس الدين عبد الله المذكور بين الحاضرين ، وقال السيد لأرباب الأملاك : ولا يحلّ لأحد أن ينازعهم في أملاكهم ، ومن استحل ما قد حرم الله فقد كفر ، فغضب السلطان غضبا شديدا وتغير لونه ، ثم قال : أنا أكفر؟ انظروا لكم سلطانا غيري!. وكان الذي حمل القاضي على هذا الكلام مخافة الله وخشيته وألقى الله تعالى على خاطره هذه الآية الكريمة : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ) الآية ، وانفض المجلس على وحشة من السلطان ، فلما كان الليل أرسل السلطان طلب القاضي ، فخاف وأوصى وودع أهله وراح إلى السلطان وفي ذهنه أنه لا يعود ، فلما دخل قام السلطان وعظمه وقال : يا قاضي تكفرنا اليوم؟ فقال : يا مولانا أنا ما خصصت مولانا السلطان بهذا الكلام ، ولكن كل من استحل ما حرم الله فقد كفر ، فقال السلطان لحاشيته : القاضي كما هو يكفرنا ، وخلع عليه ورجع إلى بيته مجبورا معظما. قال البرزالي في المنتقى : وأجاز لي جميع مروياته ، وتوفي في يوم الجمعة الثامن من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين وستمائة ، ودفن بسفح قاسيون انتهى. وقد مرت ترجمة ابن عطاء هذا من كلام الذهبي في المدرسة الخاتونية الجوانية ، ومن كلام ابن كثير في المدرسة الظاهرية ، وقد تقدم في المدرسة القيمرية الشافعية أن القاضي شمس الدين أبا الحسن علي بن محمود الشهرزوري الكردي الشافعي مدرس القيمرية قال بدار العدل بحضرة الملك الظاهر عندما احتاط على الغوطة : الماء والكلأ والمرعى لله لا يملك ، وكل من بيده فهو له ، فبهت السلطان لكلامه وانفصل الموعد انتهى. وقال الذهبي في التاريخ المختصر في سنة ست وستين وستمائة : وفيها كانت الصقعة العظمى على الغوطة يوم ثالث نيسان إثر حوطة السلطان عليها ، ثم صالح أهلها على ستمائة ألف

٤٤٤

درهم ، فأضرّ الناس وباعوا بساتينهم بالهوان انتهى. ثم درس بهذه المدرسة قاضي القضاة شمس الدين الحريري ، وقد مرت ترجمه في المدرسة الفرخشاهية.

١٢٩ ـ المدرسة المعظمية

بالصالحية بسفح قاسيون الغربي جوار المدرسة العزيزية. قال الغزي الحلبي : المدرسة المعظمية والمدرسة العزيزية مجاورة لها ، انشئت المدرسة المعظمية في سنة إحدى وعشرين وستمائة ، والمدرسة العزيزية في سنة خمس وثلاثين وستمائة انتهى. وقال الذهبي في العبر في سنة أربع وعشرين وستمائة : والملك المعظم سلطان الشام شرف الدين عيسى بن العادل الفقيه الأديب ، ولد بالقاهرة سنة ست وسبعين وخمسمائة ، وحفظ القرآن الكريم ، وبرع في الفقه ، وشرح الجامع الكبير في عدة مجلدات باعانة غيره ، ولازم الاشتغال زمانا ، وسمع المسند كله لابن حنبل ، وله شعر كثير ، وكان عديم الالتفات إلى النواميس وأنفة الملوك ، ويركب وحده مرارا ثم تتلاحق مماليكه بعده ، توفي في سلخ ذي القعدة ، وكان فيه خير وشرّ كثير سامحه الله ، تملك بعد أبيه انتهى. وقال ابن كثير في سنة أربع وعشرين وستمائة : السلطان الملك المعظم عيسى بن العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب ملك دمشق والشام ، وكانت وفاته يوم الجمعة سلخ ذي القعدة من هذه السنة ، وكان استقلاله بملك دمشق لما توفي أبوه سنة خمس عشرة وستمائة ، وكان شجاعا عاقلا فاضلا ، اشتغل في الفقه على مذهب أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه على الحصيري رحمه‌الله تعالى مدرس النورية فقرأ عليه الجامع وغيره ، وفي اللغة والنحو على الشيخ تاج الدين الكندي ، وكان محفوظه مفصل الزمخشري ، وكان يصل من يحفظه بثلاثين دينارا ، وكان أمر أن يجمع له كتاب في اللغة يشتمل على صحاح الجوهري والجمهرة لابن دريد ، والتهذيب للأزهري وغير ذلك ، وأمر أن يرتب له مسند أحمد ، وكان يحب العلماء ويكرمهم ، ويجتهد في متابعة الخير ويقول : أنا على عقيدة الطحاوي ، وأمر عند وفاته أن لا يكفن إلا في البياض ، وأن يلحد له ويدفن في الصحراء ولا يبنى عليه ، وكان يقول : واقعة دمياط

٤٤٥

أذخرها عند الله تعالى وأرجو أن يرحمني بها ـ يعني أنه أبلى فيها بلاء حسنا رحمه‌الله تعالى ـ وقد جمع له بين الشجاعة والسماحة والبراعة والعلم ومحبة أهله ، وكان يجيئ في كل يوم جمعة إلى تربة والده فيجلس قليلا ، ثم إذا ذكر المؤذنون ينطلق إلى تربة عمه صلاح الدين فيصلي فيها الجمعة ، وكان قليل التعاظم ، يركب في بعض الأحيان وحده ثم يلحقه بعض غلمانه سوقا. وقال فيه بعض أصحابه وهو محب الدين بن أبي السعود البغدادي :

لئن غودرت تلك المحاسن في الثرى

بوالي ما وجدي عليك ببال

ومذ غبت عني ما ظفرت بصاحب

أخي ثقة إلا خطرت ببالي

وملك دمشق بعده ولده الناصر داود بن المعظم وبايعه الأمراء انتهى. وقال ابن كثير في سنة اثنتين وستمائة : وفي يوم الجمعة العشرين من شهر ربيع الأول توفيت الخاتون أم السلطان الملك المعظم زوجة الملك العادل ، فدفنت بالقبة بالمدرسة المعظمية بسفح قاسيون انتهى وقال في سنة ست وستمائة : وفيها توفي الملك المغيث فتح الدين عمر ابن الملك العادل ، ودفن بتربة أخيه الملك المعظم بسفح قاسيون انتهى. وقال : ولما توفي الملك الجواد يونس بن مودود ابن الملك (١) العادل مسجونا بسجن عزّتا نقل إلى تربة المعظم بسفح قاسيون انتهى. وقال في سنة خمس وخمسين وستمائة في ترجمة الملك الناصر داود ابن المعظم عيسى ابن العادل (٢) : رسم عليه الناصر بن العزيز بقرية البويضاء التي لعمه مجير الدين يعقوب (٣) حتى توفي بها في هذه السنة ، فاجتمع الناس وحمل منها فصلي عليه ، ودفن عند والده بسفح قاسيون. وقال في سنة اثنتين وتسعين وستمائة : الملك الزاهر مجير الدين أبو سلمان داود ابن الملك المجاهد أسد الدين شيركوه صاحب حمص ابن ناصر الدين محمد ابن الملك المعظم ، توفي ببستانه عن ثمانين سنة ، وصلي عليه بالجامع المظفري ، ودفن بتربته بالسفح ، وكان دينا كثير

__________________

(١) شذرات الذهب ٥ : ٢١٢.

(٢) شذرات الذهب ٥ : ٢٧٥.

(٣) شذرات الذهب ٥ : ٢٦٦.

٤٤٦

الصلاة في الجامع ، وله إجازة من المؤيد الطوسي ، ومن زينب الشعرية (١) ، وأبي روح (٢) وغيرهم ، وتوفي في جمادى الآخرة انتهى. وقال البرزالي في تاريخه في سنة ثلاثين وسبعمائة : وفي بكرة السبت عاشر جمادى الآخرة توفي الأمير العالم الفاضل سيف الدين أبو بكر محمد بن صلاح الدين أبي الحسن محمد ابن الملك الأمجد مجد الدين الحسن ابن السلطان الملك الناصر صلاح الدين داود ابن الملك المعظم شرف الدين عيسى ابن الملك العادل سبط أبي بكر محمد بن أيوب ابن شادي بسفح جبل قاسيون ، وصلي عليه الظهر بجامع الصالحية ، ودفن بالتربة المعظمية عند والده وأجداده ، وكان فقيها فاضلا وله شعر كتب عنه شيئا منه سنة خمس وسبعمائة ، وذكر لي أنه مدح الخليفة والسلطان وقاضي القضاة نجم الدين بن صصري والشيخ كمال الدين بن الزملكاني ، وذكر لي أن الشيخ كمال الدين المذكور أجابه بقصيدة مدحه فيها عوضا عن قصيدته ، وأقام بحماة مدة ، ثم عاد إلى دمشق واقام بها ، وسمع معنا على الفاروثي وغيره ، وكان يسمع مع والده أيام الجمع بالكلاسة بقراءة الشيخ جمال الدين المزي ، وسمع بقراءتي على ابن مؤمن سنة تسعين وستمائة انتهى.

وقال الصفدي في حرف الباء : أبو بكر بن داود بن عيسى بن أبي بكر بن محمد بن أيوب بن شادي سيف الدين الملقب بالملك العادل ، كان جمع من حسن الأوصاف ، ومكارم الأخلاق ، وحسن الصورة ، وسعة الصدر ، وحسن العشرة ، وكثرة الايصال ، واحتمال الأذى ، وبذل المعروف ، ما لا يضاهيه في ذلك أحد من أبناء جنسه ، وكان له ميل للاشتغال بالعلم والأدب ، وعنده ذكاء مفرط ، وحدة ذهن ، وعبارة حلوة ، وآدابه ملوكية ، لم ير في زمانه أوفر عقلا منه ، وكان له وقار وحشمة وميل إلى أرباب القلوب وأصحاب الاشارات يلازمهم ويقتدي بهم ، ويمتثل ما يأمرونه به ، ويزور الصلحاء حيث سمع بهم ، وروى عن ابن اللتي ، وتوفي في شهر رمضان سنة اثنتين وثمانين وستمائة ، وصلي عليه بالجامع الأموي ، وحمل إلى تربة جده الملك المعظم بسفح قاسيون ، وهو في عشر

__________________

(١) شذرات الذهب ٥ : ٦٣.

(٢) شذرات الذهب ٥ : ٨١.

٤٤٧

الأربعين لم يبلغها انتهى. وقال الأسدي في تاريخه في سنة أربع وعشرين وستمائة : الملك المعظم عيسى بن أبي بكر محمد بن أيوب بن شادي السلطان الملك المعظم شرف الدين عيسى ابن السلطان الملك العادل سيف الدين أبي بكر محمد صاحب دمشق الفقيه الحنفي الأديب ، ولد بالقاهرة سنة ست وسبعين ، قيل إنه ولد بعد أخيه موسى بليلة واحدة ، ونشأ بالشام ، وحفظ القرآن ، وتفقه على الشيخ جمال الدين الحصيري ، وبرع في المذهب ، ولازم التاج الكندي مدة ، وكان ينزل إلى داره بدرب العجم من القلعة والكتاب تحت إبطه ، فيأخذ عنه كتاب سيبويه وشرحه للسيرافي ، وأخذ عنه الحجة في القراآت لأبي علي الفارسي ، والحماسة ، وغير ذلك من الكتب المطوّلة ، وحفظ الايضاح في النحو ، وسمع المسند من حنبل ، وسمع من عمر بن طبرزد وغيره ، واعتنى بالجامع الكبير فشرحه في عدة مجلدات بمعاونة غيره ، وصنف في العروض ، وله ديوان مشهور ، وكان محبا لمذهبة مغاليا فيه ، قيل إن أباه قال له كيف خالفت أهلك وصرت حنفيا؟ قال : يا خوند ألا ترضون أن يكون منكم واحد مسلما؟ قاله على سبيل المداعبة ، وكان كثير الاشتغال مع كثرة الأشغال ، وكان يحب كتاب سيبويه وطالعه مرات ، وكان يحب الفضيلة ، جعل لمن يحفظ المفصل للزمخشري مائة دينار ، ولمن يحفظ الجامع الكبير مائتي دينار ولمن يحفظ الايضاح ثلاثين دينارا سوى الخلع ، وقد حجّ سنة إحدى عشرة ، وجدد البرك والمصانع ، وأحسن إلى الحجاج كثيرا ، وبنى سور دمشق والطارمة التي على باب الحديد ، وبنى بالقدس مدرسة ، وبنى عند جعفر الطيار رضي الله تعالى عنه مسجدا ، قال أبو المظفر الجوزي : وبنى بمعان دار مضيف وحمامين ، وكان قد عزم على تسهيل طريق الحجاج ، وأن يبني في كل منزلة مكانا ، وكان يتكلم مع العلماء ويناظر ويبحث ، وكان ملكا حازما وافر الحرمة ، مشهورا بالشجاعة والاقدام ، وفيه تواضع وكرم وحياء ، وكان قد اعتدّ للجواسيس والقصاد ، فان الفرنج كانوا على كتفه ، فلذلك كان يظلم ويعسف ويصادر ، وأخرب القدس لعجزه عن حفظه من الفرنج ، وكان يملك

٤٤٨

من العريش إلى حمص والكرك ، وكان يركب وحده مرارا عديدة ثم يتبعه غلمانه يتطاردون خلفه ، وكان مكرما لأصحابه كأنه واحد منهم ، ويصلي الجمعة في تربة عمه الصالح السلطان صلاح الدين رحمه‌الله تعالى ، ويمشي منها إلى تربة أبيه ، وكان إخوته وملوك الأرض والأطراف يعظمونه. قال الملك الظاهر صاحب حلب عنه : هو والله واسطة العقد وعين القلادة. وكان الملك الكامل يقول : وهل أنبت الشعر على رؤوسنا إلا الملك المعظم. قال ابن الأثير : كان عالما بعدة علوم فاضلا فيها ، منها الفقه ومنها علم النحو ، وكذلك اللغة ، نفق سوق العلم في زمنه ، وقصده العلماء من الآفاق فأكرمهم وأعطاهم. إلى أن قال : ولم يسمع أحد منهم ممن صحبه كلمة نزقة ، وكان يقول كثيرا : اعتقادي في الأصول ما سطره أبو جعفر الطحاوي ، وكان يقول في مرضه : لي عند الله في أمر دمياط ما أرجو أن يرحمني به. وقال ابن واصل : كان جند الملك المعظم ثلاثة آلاف فارس لم يكن عند إخوته جند مثلهم ، في فرط تجملهم وحسن زيهم ، وكان بهذا العسكر القليل يقاوم إخوته ، وكان الكامل يخافه لما يتوهمه من ميل عسكر مصر إليه لما يعلمونه من أمر اعتنائه بأمر أجناده ، وكان المعظم يخطب لأخيه الكامل في بلاده ، ويضرب السكة باسمه ولا يذكر اسمه مع الكامل ، وكان مع شهامته وعظم هيبته قليل التكلف جدا ، لا يركب في الصناجق السلطانية في غالب أوقاته ، بل في جمع قليل ، ولقد رأيته بالقدس الشريف في سنة ثلاث وعشرين الرجال والنساء يزاحمونه فلا يردهم ، فلما كثر هذا منه ضرب به المثل فيمن يفعل فعلا لا تكلف فيه قيل : فعله كالمعظم ، توفي رحمه‌الله في سلخ ذي القعدة وأوصى أن لا يدفن في القلعة ، ويخرج إلى الميدان ويصلي عليه الناس ويحمل إلى قاسيون فيدفن على باب تربة والدته ، فلم تنفذ وصيته ودفن في القلعة ، ثم أخرجه الملك الأشرف لما ملك دمشق ، ودفن مع والدته في القبة وفيها أخوه المغيث ، وجرى على الرعية ما لا يجر عليهم عند موت أحد من الملوك انتهى. وقال الأسدي أيضا في سنة إحدى عشرة وستمائة : وفيها حج المعظم فسار على الهجن في حادي عشر ذي القعدة ومعه عز الدين أيبك صاحب صرخد

٤٤٩

وعماد الدين بن موسك (١) والظهير بن سنقر الحلبي ، وجدد المصانع والبرك ، وأحسن إلى الناس ، وتلقاه سالم صاحب المدينة ، وقدّم له خيلا ، وقدم سالم معه إلى الشام ، وأما قتادة (٢) صاحب مكة فقصر في خدمته ولم يرفع له رأسا انتهى. ورأيت على الهامش عن المظفر ابن الجوزي ، وكانت القلاع لبني صخر وهي قلعة ، فأخذها منهم ، ورتب فيها جماعة. وقال في سنة تسع وعشرين وستمائة : العزيز أخو المعظم وشقيقه ، عثمان بن محمد بن أيوب الملك العزيز ابن الملك العادل باني قلعة الصبيبة ، وكان عاقلا قليل الكلام ، مطيعا لأخيه المعظم ، وكان بعد موت المعظم قد قصد بعلبك ليأخذها من الملك الأمجد ، فأرسل إليه الملك الناصر داود فرحله عنها كرها ، فلما جاء الكامل إلى القدس ذهب إليه وحسن له أخذ دمشق ، ودفن في تربة المعظم انتهى. ثم قال العز الحلبي : أول من ذكر بها الدرس القاضي مجد الدين قاضي الطور إلى أن توفي. ثم وليها صدر الدين ابن الشيخ برهان الدين مسعود. ثم وليها بعده القاضي شرف الدين عبد الوهاب الحوراني. ثم وليها بعد القاضي شمس الدين عبد الله بن محمد بن عطاء الحنفي وبقي مستمرا بها إلى أن توفي. ثم وليها تقي الدين سليمان التركماني ، وهو مستمرّ بها إلى الآن انتهى. وقال ابن كثير في سنة أربع وتسعين وستمائة : وفي شهر رجب منها درس بالمعظمية القاضي شمس الدين بن العز ، انتزعها من يد العلاء ابن الدقاق انتهى. وقال في سنة سبع وتسعين : وفي يوم الجمعة ثاني عشر شهر ربيع الآخر أقيمت الجمعة في المدرسة المعظمية ، وخطب فيها مدرسها القاضي شمس الدين بن العز الحنفي انتهى ، وقد مرّت ترجمته ، وأن ابنه علاء الدين درس بالمعظمية بعده والله سبحانه وتعالى أعلم انتهى. ثم درس بالمعظمية بعده الشيخ عز الدين بن عبد العزيز ، وقد مرّت ترجمته في المدرسة العزيزية ، وأنه استقرّ عوضه في تدريس المدرستين المذكورتين القاضي بدر الدين الحسيني وشرف الدين بن الأذرعي كما تقدم في العزيزية انتهى. وقال الأسدي في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة : الشيخ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن

__________________

(١) ابن كثير ١٣ : ١٨٣.

(٢) شذرات الذهب ٥ : ٧٦.

٤٥٠

شهاب الدين أحمد بن سليمان الأذرعي الحنفي ، اشتغل على القاضي بدر الدين ابن الرضي والقاضي بدر الدين المقدسي ، ثم أنه بعد الوقعة صار شافعيا وولي في زمن القاضي ابن عباس بعلبك وغيرها ، ثم إنه عاد إلى مذهبه واشتغل وفضل ، وأفتى ودرّس ، وولي نيابة القاضي شمس الدين بن القباني واختص به ، وحصل منه أذى للقاضي شهاب الدين بن العز ، فلما توفي ابن القباني (١) اشتمر الشر بينه وبين القاضي ابن العز ، واشتكى عليه إلى المؤيد ، ثم إنه أصلح بينهما واستنابه مدة يسيرة ، ثم وقعت له قضية فأغرى النائب جقمق به فضربه في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين ، وبقي بعدها مجمعا ، ويجلس بالجامع للفتوى ، وكان يكتب على الفتوى جيدا وخطه جيد ، وكان بيده تدريس جامع القلعة ونظره ، وحصته من تدريس المعظمية والعزيزية بها ، وكان يقرأ البخاري قراءة حسنة ، ويقرأ في المحراب جيدا ، وبلغني أنه كان له تهجد في الليل ، ثم إنه توجه آخر عمره إلى مصر لبعض مآربه ، وسافر برسباي ، فبعدها وصل إلى هناك طعن ومات شهيدا غريبا ، وكانت وفاته في نصف الشهر عن نحو ستين سنة ، واستقر ولده في غالب جهاته ، وقال لي إن جده سليمان الكردي كان يسكن عند باب المصلى ، ثم انتقل إلى أذرعات وخدم عند الكاشف أظنه قال دوادار ، وأقام هناك وولد له انتهى.

١٣٠ ـ المدرسة المعينية

بالطريق الآخذ إلى باب المدرسة العصرونية الشافعية. قال عز الدين : بحصن الثقفيين ، أنشأها معين الدين أنر كان أتابك مجير الدين (٢) ابن صاحب دمشق في شهور خمس وخمسين وخمسمائة انتهى. وقال الذهبي في العبر في سنة أربع وأربعين وخمسمائة : والأمير معين الدين أنر بن عبد الله الطغتكيني مقدم عسكر دمشق ومدبر الدولة ، كان عاقلا سايسا مدبرا ، حسن الرياسة ، ظاهر الشجاعة ، كثير الصدقات ، وهو مدفون بقبته التي بين دار البطيخ والشامية ، توفي في شهر ربيع الآخر ، وله مدرسة بالبلد انتهى. وقال في مختصر تاريخ الاسلام في سنة

__________________

(١) شذرات الذهب ٧ : ٢٩١.

(٢) شذرات الذهب ٤ : ٢١١.

٤٥١

أربع وأربعين المذكورة : والأتابك ملك الأمراء معين الدين أنر ، وقبره في قبة خلف دار البطيخ ، وهو واقف المعينية ، وبنته خاتون هي واقفة الخاتونية انتهى. ووجدت بخط ابن ناصر الدين في مسودة توضيحه في المشتبه. قال الذهبي : ومعين الدين أنر أمير الجيش الشامي ، واقف المعينية ، وكتب على أنر على الألف ضمة وفتح النون وصحّ عليها وجعل الراء مهملة فليحرر انتهى. وقال أبو شامة في الروضتين في كلامه على محق معين الدين أنر ، تنصل من عسكره بحوران ووصل إلى دمشق في أواخر شهر ربيع الآخر لأمر أوجب ذلك ودعاه إليه ، وأمعن في الأكل ، فلحقه عقب ذلك انطلاق وتأذى به ، وتولد معه مرض في الكبد ، فأوجب الحال عوده إلى دمشق في محفة لمداواته ، وقضى نحبه في ليلة الثالث والعشرين من شهر ربيع الآخر ، ودفن في إيوان الدار الأتابكية التي كان يسكنها ، ثم نقل بعد ذلك إلى المدرسة التي عمرها. قلت : قبره في قبة بمقابر العوينة شمالي دار البطيخ الآن واسمه مكتوب على بابها فلعله نقل من ثم إليها انتهى. وقال الذهبي في العبر في سنة أربع وستين وخمسمائة : وفيها توفي أبق الملك المظفر مجير الدين صاحب دمشق قبل نور الدين وابن صاحبها جمال الدين محمد ابن تاج الملوك بوري التركي ثم الدمشقي ، ولد في دمشق في أمارة أبيه عليها ، وولي دمشق بعد أبيه عليها ، وولي دمشق بعد أبيه خمس عشرة سنة ، وملكوه وهو دون البلوغ ، وكان المدبر لدولته أنر ، فلما مات أنر انبسطت يد أبق انتهى. وقال في مختصر تاريخ الاسلام في سنة خمس وأربعين وخمسمائة : وفيها حاصر نور الدين دمشق ، فخرج إليه صاحبها أبق ووزيره فخضعا فرقّ لهما وخلع عليهما ، ورد إلى حلب فأحبه الناس انتهى. قال عز الدين : والذي علم من مدرسيها الشيخ رشيد الدين الغزنوي إلى حين توفي بها. ثم من بعده نجم الدين النيسابوري إلى حين توفي. وولي من بعده سراج الدين محمد ولده. ثم من بعده القاضي شمس الدين ملك شاه. ثم من بعده بدر الدين مظفر ابن رضوان بن أبي الفضل الحنفي ، واستمر بها إلى سنة أربع وأربعين وستمائة انتهى. ودرّس بها عبد الخالق بن أسد. ثم أبو المظفر بن الحكيم ، وقد مرّت

٤٥٢

ترجمتهما في المدرسة الصادرية. وقال الذهبي في العبر في سنة سبع وثلاثين وستمائة : والرشيد النيسابوري محمد ابن أبي بكر بن علي الحنفي الفقيه ، سمع بمصر من أبي الجيوش العساكر والتاج المسعودي (١) وجماعة ، ودرّس وناظر وعاش سبعا وسبعين سنة ، وولي قضاء الكرك والشوبك ، ثم درس بالمعينية ، توفي في خامس ذي القعدة انتهى. وقال الذهبي تقي الدين في سنة سبع وثلاثين وستمائة : محمد بن أبي بكر بن علي بن سليمان الفقيه رشيد الدين النيسابوري الحنفي ، تفقه بخراسان على الركن المعيني وبمكة على محمد بن مكرم الكرماني وبمصر على الفقيه موسى بن عبد الغني ، وبدمشق على البرهان مسعود (٢) الحنفي ، وسمع من أبي الجيوش عساكر علي وأبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن المسعودي والبوصيري (٣) وجماعة ، وبدمشق من الخشوعي ، وحدث وذكر أنه ولد بنيسابور في سنة تسع وخمسين ، وكان من كبار الحنفية ، روى عنه المجد بن الحلوانية ، ومحمد بن يوسف الذهبي ، وبالاجازة القاضيان ابن الحوبي ، وتقي الدين سليمان الحنبلي ، وولي قضاء الكرك والشوبك ، ثم درس بالمعينية ، توفي في ذي القعدة انتهى. وقال ابن كثير في سنة سبع عشرة وسبعمائة : الشيخ شهاب الدين الرومي أحمد بن محمد بن إبراهيم المراغي ، درس بالمعينية ، وأمّ بمحراب الحنفية بمقصورتهم الغربية إذ كان محرابهم هناك ، وتولى مشيخة الخاتونية ، وكان يؤمّ بنائب السلطنة الأفرم ، وكان يقرأ حسنا بصوت مليح ، وكان له مكانة عنده ، وربما راح إليه الأفرم ماشيا حتى يدخل عليه زاويته التي أنشأها بالشرف الشمالي على الميدان الكبير ، ولما توفي في المحرم ودفن بالصوفية قام ولداه شرف الدين وعماد الدين في وظائفه انتهى. وقال الأسدي في سنة خمسين وثمانمائة : وولي نظرها وتدريسها القاضي نجم الدين عمر النعماني البغدادي ثم الدمشقي الحنفي من ولد الامام أبي حنفية رضي الله تعالى عنه على ما يزعمون ، قدم دمشق مع أبيه وأخرجه أبوه من بغداد بعد ما قطع أرنبة أنفه ، فقدم هو وابنه وهما في غاية الفقر ، وتوجها إلى مصر ،

__________________

(١) شذرات الذهب ٤ : ٢٨٠.

(٢) شذرات الذهب ٤ : ٣٤٣.

(٣) شذرات الذهب ٤ : ٣٣٨.

٤٥٣

وسعيا في أن يرتب لهما شيئا على مدارس الحنفية ، ثم إن المذكور دخل إلى دار القاضي الحنفي وصار شاهدا ومحلفا ، وصار في وقت شاهدا على عمارة بسعيه في ذلك ، ثم اتصل بنائب القلعة الأمير كمشبغا ، فنسب إلى أنه اتفق هو وجماعة كمشتغا على أخذ مال ، وظهرت قرائن تدل على ذلك ، ثم توجه إلى القاهرة ، ولما جاء العسكر المصري جاء معهم ، وباشر كتابة السر عن بهاء الدين بن حجي مدة ، ثم ولي الحسبة في شهر ربيع الآخر سنة أربع وأربعين ، جاءته الولاية من مصر ، وكانت الحسبة قد أعيدت بعد ناصر الدين بن شبلي إلى النائب ، وولي فيها شخصا وضيعا ، وجاءت الولاية لهذا ، وشرط عليه أن لا يأخذ لأحد شيئا ولا معلوم له ، فشكا ذلك إلى النائب فقال له : أنت سعيت فيها فاعمل مصلحتك. ثم أنه شرع في البلص وأخذ الأموال بحيث أنه زاد على من تقدمه في ذلك ، وجعل المدرسة المعينية ، وكانت بيده نظرها وتدريسها ، وكان عمرها بعد حريقها ، مجلس حكمه ، وأدخل نفسه في كل شيء ، ثم ولي وكالة بيت المال بعد وفاة أبي شامة ، ثم ولي القضاء عوضا عن القاضي شمس الدين الصفدي في صفر سنة ست وأربعين ، وكان قد توجه إلى مصر فعاد قاضيا إلى أن عزل بعد سنة وثلاثة أشهر ، ولم تكن سيرته محمودة ، وكان عنده جرأة وإقدام ، يزدحمون عليه لأغراضهم ، ولما عزل استمر بيده الحسبة ، وكان يجلس بالمدرسة المعينية ، وعلى بابه اعوان كثيرة ، ويدخل نفسه في كل شيء في الأحكام الشرعية ولا يهاب ، ثم توجه إلى مصر في أول السنة وأخذ معه هدايا كثيرة ، فلما وصل حصل له قبول زائد ، وأعيد إلى القضاء ، وعين له وظائف أخرى على ما بلغني ، وكانت المنية أعجل من ذلك ، فمرض وتوفي في رابع صفر ، ونزل السلطان فصلى عليه ، وشهد جنازته بعد الصلاة جمع قليل ، ودفن بمقابر الغرباء بسفح المقطم ، وكان عمره نحو ستين سنة ، وسرّ كثير من الناس بموته وعدّوا موته نعمة من الله تعالى انتهى.

١٣١ ـ المدرسة الماردانية

على حافة نهر ثور الصيق الجسر الأبيض بالصالحية. قال القاضي عز الدين الحلبي :

٤٥٤

أنشأتها عزيزة الدين أحشا خاتون بنت الملك قطب الدين صاحب ماردين ، وهي زوجة السلطان الملك المعظم في سنة عشر وستمائة ، ووقفتها سنة أربع وعشرين وستمائة انتهى. وأظن قطب الدين مودود (١) ابن أتابك زنكي أخو نور الدين الشهيد هو والدها والله سبحانه وتعالى أعلم ، والذي وجد من وقفها في سنة عشرين وثمانمائة بكشف سيدي محمد بن منجك الناصري بستان جوار الجسر الأبيض ، وبستان آخر جوار المدرسة المذكورة ، وعدة ثلاث حوانيت بالجسر المذكور والأحكام جوارها أيضا انتهى. ومن شرط واقفها مدرسها أن لا يكون مدرسا بغيرها. ثم قال عز الدين : أول من درس بها الصدر الخلاطي. وبعده برهان الدين إبراهيم التركماني إلى أن توفي. فوليها شمس الدين ملك شاه المعروف بقاضي بيسان. ثم عادت إلى برهان الدين المذكور وبقي بها إلى أن توفي. ثم وليها بعده برهان الدين أبو إسحاق حمزة بن خلف بن أيوب. ثم أخذت منه ووليها الصدر بن عقبة. ثم أخذت منه وعادت إلى برهان الدين المذكور. ثم أخذت منه في سنة سبع وخمسين وستمائة ، وتولاها شمس الدين مشرف العجمي ، ولم يزل بها إلى أن توفي في سنة سبعين وستمائة. ثم عادت إلى برهان الدين التركماني وهو بها إلى الآن انتهى. وقال الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة في الذيل في جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين : وممن توفي فيه الشيخ زين الدين أبو عبد الله محمد ابن القاضي تاج الدين عبد الله بن علي المارداني الأصلي الدمشقي الحنفي المعروف بابن قاضي صور ، مولده على ما أخبرني به سنة تسعين وسبعمائة ، وتلقى عن والده تدريس الماردانية ونظرها ونظر التربة الجركسية بالصالحية وغير ذلك ، وباشر ذلك مباشرة سيئة ، وكان يقع بينه وبين المستحقين شرّ كثير ، ولم يكن قائما بشيء من العلوم ، ثم ولي نيابة القضاء في شهر رمضان سنة تسع وعشرين بمال بذله ، وأنكر الناس ولايته ، توفي بسكنه بالصالحية يوم الأحد حادي عشر الشهر ، وكان له مدة متضعفا ثم عوفي ، وكان يوم الخميس ثامن الشهر يحكم بالمدرسة النورية ، ودفن بتربتهم بسفح قاسيون

__________________

(١) شذرات الذهب ٤ : ٢١٦.

٤٥٥

بالقرب من المعظمية ، ووالده توفي في شهر ربيع الآخر سنة تسع وتسعين انتهى. فائدة : قال الشيخ تقي الدين فيمن توفي في جمادى الأولى سنة ست عشرة وثمانمائة : أسنك بالسين والنون ابن أزدمر أخو الأمير الكبير أسنك بن أزدمر ، بلغني أنه كان حملا عند أسر أبيه وأخيه ، ثم أنه جاء من بلاده إلى عند أخيه من مدة يسيرة دون السنة ، فمات يوم الجمعة عشرينه ، ودفن بتربته بالمدرسة الماردانية بالجسر الأبيض ، لأن الواقفة لم تدفن بها ، وحضر النائب يعني نوروز الحافظي والأمراء جنازته ، واشترى أخوه وقفا ووقفه على مقرئين يقرءون على تربته ، واشترى للمدرسة بسطا ، وتردد إلى قبره مرات ، وعمل له ختم في ليالي الجمع وبات هناك وعمل أسمطة ومدت هناك انتهى.

١٣٢ ـ المدرسة المقدمية الجوانية

داخل باب الفراديس الجديد. قال عز الدين : منشئها الأمير شمس الدين محمد بن المقدم في الأيام الصلاحية انتهى. وقال الذهبي في العبر في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة : وابن المقدم الأمير الكبير شمس الدين محمد بن عبد الملك ، كان من أعيان أمراء الدولتين ، وهو الذي سلم سنجار إلى نور الدين ، ثم تملك بعلبك وعصي على صلاح الدين مرة فحاصره ثم صالحه وناب له بدمشق ، وكان بطلا شجاعا محتشما عاقلا شهد في هذا العام الفتوحات ، وحجّ فلما حلّ بعرفات رفع علم السلطان صلاح الدين وضرب الكوسات ، فأنكر عليه أمير ركب العراق طاشتكين ، فلم يلتفت وركب في طلبه وركب طاشتكين ، فالتقوا وقتل جماعة من الفريقين ، وأصاب ابن المقدم سهم في عينه فخرّ صريعا وأخذ طاشتكين ابن المقدم فمات من الغد بمنى انتهى. وقال ابن كثير : الأمير شمس الدين محمد بن عبد الملك بن المقدم ، أحد نواب الملك صلاح الدين لما فتح بيت المقدس أحرم جماعة في زمن الحج منه إلى المسجد الحرام ، وكان أمير الحج تلك السنة ، فلما كان بعرفة ضرب الدبادب ونشر الألوية ، وأظهر علم السلطان صلاح الدين ، فغضب طاشتكين أمير الحاج من جهة الخليفة ، فزجره عن ذلك فلم يسمع ، فاقتتلا فجرح ابن المقدم ومات في اليوم الثاني بمنى رحمه‌الله تعالى ،

٤٥٦

ودفن هناك ، وجرت خطوب كثيرة ، وليم طاشتكين على ما فعل ، وعزل من منصبه انتهى. وقال الذهبي في مختصر تاريخ الاسلام في سنة أربع وسبعين : وفيها نزل السلطان صلاح الدين ببعلبك أشهرا يراود صاحبها شمس الدين بن المقدم على تسليمها وهو يأبى ، ثم سلمها على عوض ، فأعطاها السلطان صلاح الدين أخاه شمس الدولة توران شاه. وقال في سنة ثلاث وثمانين : وفيها وقعت خبطة بعرفات فقدم الأمير شمس الدين محمد بن المقدم قبل أصحاب الناصر لدين الله وضربت كوساته ، فركب طاشتكين بمنى بعسكر وخلق من البغداديين فنشب القتال ، وقتل خلق من ركب الشام ، وجرح ابن المقدم وأسر وخيطوا جراحاته عند طاشتكين فمات بمنى ، وقد عمل نيابة دمشق مرة انتهى. وقال الصفدي في المحمدين من تاريخه : ابن المقدم محمد بن عبد الملك بن المقدم الأمير شمس الدين ، من كبراء أمراء الدولتين نور الدين وصلاح الدين ، وهو الذي سلم سنجار إلى نور الدين ، وسكن دمشق ، ولما توفي نور الدين كان أحد من قام بسلطنة ولده ، ثم أن صلاح الدين أعطاه بعلبك ، ثم عصى عليه ، فجاء إليه وحاصره ، ثم أعطاه بعض القلاع عوضا عنها ، ثم استنابه على دمشق ، وكان بطلا شجاعا ، حضر وقعة حطين وعكا والقدس والسواحل ، وتوجه إلى الحج ، فلما بلغ عرفات ضرب الكوسات ، ورفع علم صلاح الدين ، وكان أمير الركب العراقي طاشتكين ، فتقاتلا وجرح ابن المقدم وخيط جرحه ، فتوفي من الغد بمنى سنة أربع وثمانين وخمسمائة ، ولما بلغ السلطان صلاح الدين بكى عليه وتأسف ، وله دار كبيرة بدمشق إلى جانب المدرسة المقدمية ، ولما صارت لصاحب حماة ، ثم صارت لقرا سنقر المنصوري ، ثم للسلطان الملك الناصر ، وله تربة ومسجد وخان ، كل ذلك مشهور جوار باب الفراديس بدمشق انتهى. وقال الأسدي في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة : محمد بن عبد الملك الأمير شمس الدين بن المقدم من كبار أمراء الدولتين النورية والصلاحية ، ولما توفي نور الدين كان أحد من قام بسلطنة صلاح الدين ثم أن صلاح الدين أعطاه بعلبك ، فتحول إليها وأقام بها ، ثم عصي على صلاح الدين ، فجاء إليه وحاصره ، وأعطاه عوضها بعض القلاع ، ثم استنابه

٤٥٧

على دمشق سنة نيف وثمانين ، وكان بطلا شجاعا محتشما ، وقد حضر في هذا العام وقعة حطين وفتوح عكا والقدس والسواحل ، وتوجه إلى الحاج في محمل عظيم ، فلما بلغ عرفات رفع علم صلاح الدين وضرب الكوسات ، فأنكر عليه طاشتكين أمير الركب العراقي وقال : لا يرفع علينا إلا علم الخليفة ، فلم يلتفت إليه وأمر غلمانه فرموا علم الخليفة ، وركب فيمن معه من الجند الشاميين ، وركب طاشتكين ، فالتقوا وقتل بينهما جماعة ، وجاء ابن المقدم سهم في عينه فخرّ صريعا ، وجاء طاشتكين فحمله إلى خيمته وخيط جراحته ، فتوفي من الغد بمنى يوم الأضحى ، ودفن بها رحمه‌الله تعالى ، ونهب الركب الشامي ، وأخذ طاشتكين شهادة الأعيان أن الذنب لابن المقدم ، وقرأ المحضر في الديوان ، ولما بلغ السلطان صلاح الدين مقتله بكى وحزن عليه ، وقال : قتلني الله إن لم أنتصر له ، وتأكدت الوحشة بينه وبين الخليفة ، وجاءه رسول يعتذر إليه ، فقال : أنا الجواب عما جرى ، ثم اشتغل عن ذلك. قال الذهبي رحمه‌الله تعالى. وله دار كبيرة إلى جانب مدرسته المقدمية بدمشق ، ثم صارت لصاحب حماة ، ثم صارت لقراسنقر المنصوري ، ثم صارت للسلطان الملك الناصر بعده ، وله تربة وخان داخل باب الفراديس انتهى. قلت : ويحرر قوله داخل ولعلها خارج. ثم قال عز الدين ذكر لي من ولي بها التدريس : الذي علم من ذلك الشيخ فخر الدين القاري الحنفي ، ثم من بعده ولده نجم الدين محمد بن فخر الدين القاري ، ثم من بعده عماد الدين أخوه ، ثم من بعده قاضي القضاة صدر الدين سليمان الحنفي ، ثم أخذت منه ووليها رضي الدين الهندي ، ثم أخذت ووليها قاضي القضاة صدر الدين سليمان بن أبي العز بن وهيب الحنفي المذكور ، ثم من بعده ولده شمس الدين محمد ، ثم من بعده ولده تقي الدين أحمد ، وهو مستمر بها إلى حين وضعنا هذا التاريخ يعني سنة أربع وسبعين وستمائة انتهى. قال العلامة تقي الدين : ودرّس بها الصدر سليمان بن أبي العز بن وهيب الأذرعي ، قاضي القضاة ، أحد من انتهت إليه رياسة المذهب ، توفي في شعبان سنة سبع وسبعين وستمائة. ثم درس بها ابنه تقي الدين أحمد ، توفي في شهر رجب سنة خمس وثمانين وستمائة ، ذكره الشيخ تاج الدين. ثم درس بها قاضي

٤٥٨

القضاة حسام الدين أبو الفضائل الحسن بن الحسين بن أنو شروان الرازي في شعبان سنة خمس وثمانين وستمائة. ثم درس بها ابنه القاضي جلال الدين أبو المفاخر أحمد لما انتقل والده إلى قضاء مصر في أوائل سنة ثمان وتسعين وستمائة. ثم درس بها قاضي القضاة حسام الدين لما عاد من مصر إلى قضاء دمشق في آخر سنة ثمان وتسعين ، واستمر إلى أن فقد في السنة الآتية في وقعة قازان. ثم درس بها قاضي القضاة صدر الدين علي بن الصفي أبي القاسم بن محمد البصروي في عاشر شهر رمضان سنة تسع وتسعين وستمائة ، وتوفي في شعبان سنة سبع وعشرين وسبعمائة ، ودفن بقاسيون. ثم درس بها عز الدين محمد ابن قاضي القضاة صدر الدين المذكور في جمادى الأولى سنة ست وعشرين وسبعمائة نزل له والده عنها إلى أن توفي في شهر ربيع الأول سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة ، ودفن بسفح قاسيون. ثم درس بها عنه قاضي القضاة عماد الدين أبو الحسين علي بن أحمد بن عبد الواحد الطرسوسي ، وقد توفي في ذي الحجة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة. ثم درس بها الشيخ ناصر الدين محمد بن أحمد بن عطية بن عبد العزيز القونوي في شعبان سنة خمس وأربعين وسبعمائة عوضا عن قاضي القضاة عماد الدين ، تركها لما ولي الريحانية ، توفي الشيخ ناصر الدين في جمادى الأولى سنة أربع وستين. ثم درس بها ابنه شرف الدين ، نزل له والده عنها في شوال سنة سبع وخمسين وسبعمائة. ثم درّس بها الشيخ شهاب الدين أحمد بن خضر في المحرم سنة أربع وسبعين وسبعمائة بتوقيع شريف ، انتهى كلام تقي الدين ، وقد تقدمت ترجمة هؤلاء في الغالب.

وابن الربوة ، قال السيد الحسيني رحمه‌الله تعالى في آخر ذيل العبر في سنة أربع وستين وسبعمائة : والشيخ ناصر الدين محمد بن أحمد بن عبد العزيز الحنفي الشهير بابن الربوة ، مدرس المقدمية بدمشق ، وكان فقيها متفننا ذا مروءة ، وولي خطابة الجامع المذكور بعد سيدنا قاضي القضاة جمال الدين يوسف ابن شيخنا قاضي القضاة شرف الدين أحمد الكفري الحنفي انتهى. وأصله من

٤٥٩

قونية ، ومولده سنة تسع وسبعين وستمائة ، شرح الفرائض وهي السراجية ، توفي في جمادى الأولى منها ، وولي مشيخة الافراء بهذه المدرسة القاضي شهاب الدين الكفري ، وقد مرت ترجمته في المدرسة الزنجارية. وأقرأ بها الشريف علاء الدين علي بن أبي طالب بن محمد الحسيني الموسوي الدمشقي ، ولد سنة ثمان وسبعين وخمسمائة ، وسمع من أبي اليمن الكندي. قال الذهبي في تاريخ الاسلام : كان عدلا حسن الشكل ، توفي في ذي القعدة سنة ثمان وستين وستمائة انتهى. وقال الشيخ تقي الدين بن قاضي شهبة في شوال سنة تسع عشرة وثمانمائة : أبو المحاسن محمد بن علي بن الحسين ابن السيد علاء الدين أبو الحسن علي ابن المحدّث المؤلف أبو المحاسن محمد بن علي بن الحسن بن حمزة بن أبي المحاسن محمد ابن ناصر الدين بن علي بن الحسين بن إسماعيل بن الحسين بن أحمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق رضي الله تعالى عنهم ، هكذا ذكر هذا النسب أبو عبد الله الذهبي في المعجم المختص في ترجمة والده ، إلا أنه سقط عليه الحسين بن حمزة بن علي ، توفي والده في شعبان سنة خمس وستين وهو صغير ، فربي عند ابن عمه ، وحفظ القرآن والتنبيه ، وقرأ القراآت على الشيخ سلار وابن الجزري ، وولي مشيخة الاقراء بالمقدمية ، وكتب الخط المنسوب ، وجلس للشهادة عند باب الرواحية ، ثم جلس بالنورية ، ووقع على القضاء ، وفي آخر عمره في ذي القعدة في السنة الحالية ولي نقابة الأشراف ، ثم عزل وباشر نظر الأوصياء ، وتوفي ليلة الأربعاء ثامن عشره بسكنه بالعنابة ، ودفن خلف قبة الشيخ أرسلان رحمه‌الله تعالى من جهة الشرق بالقرب منها انتهى.

١٣٣ ـ المدرسة المقدمية البرانية

بحارة الركنية بسفح قاسيون شرقي الصالحية ، وهي غير تربة ابن المقدم ، فإن هذه بانيها فخر الدين ابن الأمير شمس الدين بن المقدم المتقدم ذكره في المدرسة قبلها. قال الشيخ تقي الدين الأسدي : وأما المقدمية البرانية بمرجة

٤٦٠