مواهب الفتّاح في شرح تلخيص المفتاح - ج ٢

أبي العبّاس أحمد بن محمّد بن محمّدابن يعقوب المغربي

مواهب الفتّاح في شرح تلخيص المفتاح - ج ٢

المؤلف:

أبي العبّاس أحمد بن محمّد بن محمّدابن يعقوب المغربي


المحقق: الدكتور خليل إبراهيم خليل
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-3820-0

الصفحات: ٧٩٥
الجزء ١ الجزء ٢

قيل إنه لا جناس في الآية أصلا ؛ لأن لفظ الساعة في القيامة أطلق عليها مجازا لوقوعها في لحظة فسميت ساعة لملابستها للساعة واللفظ الحقيقي مع مجازيه لا يكون من التجنيس ، كما لو قيل : رأيت أسدا في الحمام وأسدا في الغابة ، وقد يجاب على تقدير تسليم أن لا جناس بين اللفظ الحقيقي ومجازيه بأن الساعة صارت حقيقة عرفية في القيامة ، ومثاله بين الفعلين أن يقال لما قال لديهم قال لهم. فالأول من القيلولة والثاني من القول ، وأما مثاله في الحرفين فلم يوجد إلا أن يكون في حرف بالنسبة لحقيقته ومجازه إن صح وقد تقدم البحث فيه.

(وإن كانا) أي اللفظان المتجانسان الجناس التام (من نوعين) وفيهما حينئذ ثلاثة أقسام أن يكونا اسما وفعلا وأن يكونا اسما وحرفا وأن يكونا حرفا وفعلا (سمى) ذلك الجناس الحاصل بين النوعين (مستوفى) لاستيفاء كل من اللفظين أوصاف الآخر فالأول وهو أن يكون الجناس بين اسم وفعل (كقوله :

ما مات من كرم الزمان) (١)

أي : ما ذهب عن أهل الوقت من كرم الزمان الماضي ، فسار كالميت في عدم ظهوره (فإنه) أي : فإن ذلك الميت من الكرم (يحيا) أي : يظهر كالحي (لدى) أي عند (يحيى بن عبد الله) البرمكي وهو من عظماء أهل الوزارة في الدولة العباسية ، فقد تم الجناس بين يحيا الأول وهو فعل ويحيى الثاني وهو اسم رجل كما علمت فيسمى مستوفى.

والثاني : وهو أن يكون بين اسم وحرف كأن يقال : رب رجل شرب رب آخر فرب الأول حرف جر والثاني اسم للمصير المعلوم.

والثالث : وهو أن يكون بين الحرف والفعل كقولك علا زيد على جميع أهله أي ارتفع عليهم ؛ فعلا الأولى فعل والثانية حرف.

__________________

(١) البيت لأبى تمام فى ديوانه ص (٣٢٤) ، وأسرار البلاغة ص (١٧) ، والتبيان ص (١٦٦) ، والإشارات ص (٢٩٠) ، والمصباح ص (١٨٤) ، والطراز (٢ / ٣٥٧) ، وشرح المرشدى (٢ / ١٤٠).

٦٠١

(و) نعود (أيضا) لتقسيم الجناس التام تقسيما آخر وهو أنه (إن كان أحد لفظيه مركبا) بأن لا يكون مجموعه كلمة واحدة بل كلمتين أو كلمة وجزء كلمة أخرى أو جزأين من كلمتين ، وكان الآخر مفردا بأن يكون مجموعه كلمة واحدة (سمى) ذلك الجناس الذي مجموع لفظ منه مركب ومجموع الآخر مفرد (جناس التركيب) لتركب أحد لفظيه وفيه حينئذ قسمان ؛ لأن اللفظين إما أن يتفقا في الخط بأن يكون ما يشاهد من هيئة مرسوم المركب هو ما يشاهد من مرسوم المفرد ، وإما أن لا يتفقا بأن يكون مرسوم أحدهما مخالفا لهيئة مرسوم الآخر ولكل منهما اسم يختص به وإلى ذلك أشار بقوله (فإن اتفقا) أي اللفظان أعني : المفرد والمركب (في الخط خص) هذا النوع من جناس التركيب (باسم المتشابه) لتشابه اللفظين في الكتابة ما تشابها في أنواع الاتفاقات المتقدمة غير الاسمية والفعلية والحرفية وذلك (كقوله إذا ملك لم يكن ذا هبة) (١) أي صاحب هبة وعطاء (فدعه) أي اتركه وابعد عنه (فدولته ذاهبة) أي : منقطعة غير باقية ولا شك أن اللفظ الأول مركب من ذا بمعنى صاحب وهبة وهي فعلة من وهب ، والثاني مفرد إذ هو اسم فاعل المؤنث من ذهب وكتابتهما متفقة في الصورة فالجناس بينهما متشابه (وإلا) أي : وإن لم يتفق اللفظان في الخط أعني اللفظ المفرد والمركب (خص) هذا النوع من جناس التركيب (باسم المفروق) لأن اللفظين فيه افترقا في صورة الكتابة ، وذلك (كقوله :

كلكم قد أخذ الجا

م ولا جام لنا) (٢)

الجام إناء يشرب فيه الخمر (ما الذي ضر) أي أي شيء ضر (مدير الجام) أي لا ضرر على مدير الجام وهو ساقي القوم به لأنه يديره عليهم حال السقي (لو جاملنا) أي : عاملنا بالجميل أي : لا ضرر عليه في معاملتنا بالجميل بأن يديره علينا كما أداره عليكم فاللفظ الأول من المتجانسين مركب من اسم لا وخبرها وهو المجرور مع حرف

__________________

(١) البيت لأبى الفتح البستى فى الطراز (٢ / ٣٦٠) ، الإشارات ص (٢٩٠) ، وفى الإيضاح ص (٣٢٤) ، ونهاية الإيجاز ص (١٣٢).

(٢) البيت لأبى الفتح فى الإشارات ص (٢٩١) ، وشرح عقود الجمان (٢ / ١٤١) ، وبلا نسبة فى نهاية الإيجاز.

٦٠٢

الجر والثاني مركب من فعل ومفعول لكن عدوا الضمير المنصوب المتصل من أجزاء الكلمة فصار المجموع في حكم المفرد ، ولذلك صح التمثيل به لمفرد ومركب وإلا كانا مركبين والتقسيم على ما قررناه لا يشمله ، ويصح أن يشمله بأن يكون معنى كلامه إن كان أحد اللفظين مركبا مطلقا سواء كان الآخر مركبا أو مفردا سمي جناس التركيب ، فيكون هذا مثالا لبعض ما دخل في التقسيم إذ لم نجعل مقابل قوله إن كان أحد اللفظين مركبا هو أن يكون الآخر مفردا كما في التقرير الأول بل ما هو أعم من ذلك وهو ظاهر ولا يشك أنهما يختلفان في الخط ؛ لأن الميم في الجام مفروقة وفي جاملنا متصلة ، ولذلك خص باسم المفروق ثم التخصيص باسم المفروق إنما هو إذا لم يكن المركب مركبا من كلمة وبعض كلمة أخرى كما في المثال ، وأما إن كان مركبا من كلمة وبعض كلمة أخرى فإنه يخص باسم المرفو أخذا من رفا الثوب جمع ما تقطع منه بالخياطة وذلك نحو قوله هذا مصاب أو طعم صاب والمصاب قصب السكر والصاب صمغ شجر مر ، ووجه حسن الجناس التام مطلقا أن صورته صورة الإعادة وهو في الحقيقة للإفادة ثم أشار إلى الأقسام الأربعة الباقية من الأقسام الخمسة التي أشرنا إليها وهي المحرف والناقص وما يشمل المضارع واللاحق والمقلوب وبدأ بالمحرف منها لقربه من التام فقال : (وإن اختلفا) هو عطف على مجموع الجملة الاسمية وهي قوله والتام منه أن يتفقا ؛ لأنها في تأويل الشرطية المناسبة لهذه إذ كأنه يقول فيها إن اتفق اللفظان في جميع الأوجه السابقة فهو التام فيناسب أن يقول هنا وإن اختلفا الخ ويحتمل أن يعطف على مقدر أي هذا إن اتفقا كما ذكر وإن اختلف لفظ المتجانسين ، فإما في هيئة الحروف فقط أو في غيرها مما تقدم فإن اختلفا (في هيئة الحروف فقط) ولا يختلفان في الهيئة فقط إلا إذا اتفقا في النوع والعدد والترتيب (سمى) هذا التجنيس (محرفا) لانحراف هيئة أحد اللفظين عن هيئة الآخر ، ثم الاختلاف في الهيئة على قسمين :

أحدهما : أن يقع في متحد كالحركة الواحدة مع غيرها.

والآخر : أن يقع في متعدد فالمتحد (كقولهم : جبة البرد جنة البرد) فالجبة والجنة جناسهما من اللاحق ، وليس مما نحن بصدده والبرد والبرد وقع الاختلاف بينهما في

٦٠٣

حركة الباء ؛ لأنها في الأول ضمة وفي الثانية فتحة (ونحوه) أي : ونحو ما ذكر في أن الاختلاف في الهيئة فقط مع كونه واقعا في محل واحد كقولهم : (الجاهل إما مفرط أو مفرط) الأول من الإفراط ، وهو تجاوز الحد ، والثاني من التفريط وهو التقصير فيما لا ينبغي التقصير ، فيه وإنما نص على هذا لئلا يتوهم أنه من الناقص بناء على أن الحرف المشدد فيه حرفان ، فبين أنه من الاختلاف في الهيئة مع اتحاد موضع الاختلاف ؛ لأن الحرف المشدد في حكم الواحد من هذا الباب لوجهين : أحدهما : أن اللسان يرتفع عند النطق عن الحرفين دفعة واحدة كالحرف الواحد ، وإن كان في الحرفين ثقل ما إلا أنه لم يعتبر لقرب أمره ، والآخر : أنهما في الكتابة شيء واحد وأمارة التشديد منفصلة فجعلا كالحرف الواحد ، فلهذا جعل من التجنيس الذي لم يقع الاختلاف فيه إلا في الهيئة لا في العدد ، ولذلك قال : (والحرف المشدد) في هذا الباب أعني : باب التجنيس (في حكم المخفف) لما ذكرنا ، فمفرط ومفرط إنما اختلفا في سكون الفاء في الأول وفتحها في الثاني ، ولهذا كان من متحد محل التغير ؛ لأن الراء فيهما مكسورة ولو شددت في أحدهما ، والميم مضمومة فيهما فكان التجنيس بينهما مما اختلفت فيه الهيئة ومما كان فيه الاختلاف في حرف واحد.

(و) أما متعدد محل التغير كأن يكون الاختلاف في حرف من المتجانسين بسكونه وحركة مقابله وفي حرف آخر بحركته بغير حركة مقابله ف (كقولهم : البدعة شرك الشرك) فالأول وهو الشرك أي : الشبكة فتح فيه الشين وفتحت الراء والثاني : وهو الشرك أي : الكفر كسرت فيه الشين فخالفت حركته في الأخرى وسكنت فيه الراء فخالفت فتحها في مقابله ومعنى كون البدعة شركا للشرك أي اتخاذها دينا وعادة يؤدي إلى العقوبة بوقوع الشرك بمنزلة من اتخذ نصب الشرك للصيد عادة فإنه يؤدي إلى وقوعه فيه.

ثم أشار إلى القسم الثالث وهو الناقص بقوله (وإن اختلفا) أي : اللفظان المتجانسان وعطفه كعطف ما قبله وقد تقدم (في أعدادها) أي : أعداد الحروف والاختلاف في العدد يحصل بأن يكون في أحد اللفظين حرف زائد أو أكثر من حرف

٦٠٤

إذا أسقط ذلك الزائد حصل الجناس التام هكذا ذكروا ، وهو يقتضي أن الجناس الناقص يشترط فيه أن يكون الباقي بعد إسقاط المزيد مساويا للفظ الآخر في جميع ما تقدم ، وانظر لم لا يقال : إن ساواه في كل ما تقدم فناقص التام أو في غير الهيئة فناقص المحرف أو في غير القلب فناقص المقلوب (سمى) أي : إن وقع الاختلاف في العدد سمى هذا الجناس (ناقصا) لنقصان أحد اللفظين عن الآخر في الحروف الموجودة فيه ، والأقسام العقلية هنا ستة ؛ لأن الزيادة إما أن تحصل بحرف واحد ، وإما بأكثر ، وكلاهما إما أولا وإما وسطا وإما آخرا ، فالمجموع ستة من ضرب ثلاثة محال المزيد في نوعي المزيد من اتحاد وتعدد مثل المصنف بثلاثة أقسام المزيد الواحد ، ولم يمثل من أقسام المزيد الأكثر إلا بالمزيد آخرا وإلى هذا أشار بقوله (وذلك) الاختلاف (إما) بزيادة (حرف) واحد (في الأول) أي : في أول اللفظ المجانس (نحو) قوله تعالى (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ* إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ) (١) فالميم في المساق زيد أولا ، والباقي مجانس لمجموع المقابل كما رأيت.

(أو) بزيادة الحرف الواحد (في الوسط نحو جدي جهدي) بفتح الجيم فيهما مع زيادة الهاء وسطا في الثاني كما رأيت والباقي بعد إسقاطها مجانس جناسا تاما للمقابل إذ لا عبرة بشد الدال كما تقدم أن المشدد هنا كالمخفف والجد بفتح الجيم الغنى والحظ ، وأما الجد الذي هو أبو الأب فليس مرادا هنا ، والجهد بفتحها المشقة والتعب والتركيب يحتمل وجهين أحدهما أن يكون المعنى إن حظى وغناي من الدنيا مجرد إتعاب النفس في المكاسب من غير وصول إليها ويكون (تشكيا وإخبارا بأنه لا يحصل من سعيه على طائل والآخر أن يكون المعنى إن حظى من الدنيا وغناي فيها هو بمشقتى وجهدي لا بالوراثة عن الأب والجد ويكون إخبارا بالنجابة في السعي وأنه لا يتوقف في تحصيل الغني على وراثة تأمله.

(أو) بزيادة حرف (في الآخر) أي في آخر المجانس ولا يخفى أن المراد بالزيادة هنا كون الحرف لا مقابل له من المجانس لا كونه من غير الأصول وأن المراد بالآخر

__________________

(١) القيامة : ٢٩ ، ٣٠.

٦٠٥

والوسط أمكنة متوهمة وإلا فالحرف بنفسه هو الأول والوسط والآخر ثم مثل لما فيه زيادة في الآخر فقال (كقوله) أي كقول أبي تمام :

(يمدون من أيد عواص عواصم)

تصول بأسياف قواض قواضب (١)

فعواص وعواصم متساويان إلا في زيادة الميم آخرا في الثاني ، وكذا قواض وقواضب متساويان إلا في زيادة الباء آخرا في الثاني ، ولا عبرة بالتنوين في عواص ، وقواض ؛ لأنه في حكم الانفصال ، أو بصدد الزوال بالوقف ، أو الإضافة أو غير ذلك ، وقوله من أيد يحتمل أن تكون فيه للتبعيض إما بتقديره نعتا لمفعول محذوف أي : يمدون سواعد كائنة من أيد إذ السواعد بعض الأيدي ، فكأنه يقول يمدون السواعد التي هي بعض الأيدي وإما أن يجعل كهي في قولهم هز من عطفه وحرك من نشاطه أي : هز بعض العطف لأن العطف الشق والعضو المهزوز منه الكتف مثلا ، وحرك بعض الأعضاء التي يظهر بتحريكها نشاطه ، ويختلف الوجهان بأن يجعل الفعل في الوجه الثاني كاللازم يتعدى بمن كشربت من الماء ، ويمكن أن يقدر متعديا في الموضعين ، فيقدر في الأخيرين هز عضوا هو بعض عطفه وحرك عضوا هو بعض أعضاء نشاطه ، فيعود التبعيض فيهما إلى الأول وهز العطف كناية عن السرور ؛ لأن المسرور يهتز فصارت الهزة ملزومة للسرور ، وكذا تحريك النشاط ويحتمل أن تكون زائدة على مذهب الأخفش القائل بجواز زيادتها في الإثبات خلافا لمن خص زيادتها بالنفي كقولك : ما من أحد يقول الحق في هذا الزمان ، وعليه يكون هو نفس المفعول ليمدون أي : يمدون أيديا عواصي ، والعواصي جمع عاصية من عصاه ضربه بالعصا ، والمراد بالعصا هنا السيف بدليل ما بعده ، والعواصم جمع عاصمة من عصمه حفظه ، والقواضي جمع قاضية من قضى بكذا حكم به والقواضب جمع قاضبة من قضبه والمعنى أنهم يمدون أيديا عاصيات أي : ضاربات للأعداء بالسيف الذي هو المراد بالعصا هنا عاصمات أي : حاميات وحافظات للأولياء من كل مهلكة ومذلة صائلات على الأقران بسيوف قواض أي :

__________________

(١) لأبى تمام فى شرح ديوانه ص (٤٦) ، وأسرار البلاغة ص (١٧) ، والإشارات (٢٩٢) ، وشرح المرشدى (٢ / ١٤٣) ، والإيضاح ص (٣٢٥).

٦٠٦

حاكمات على الأعداء بالهلاك قواضب أي : قاطعة لرقاب الأعداء قاتلة لهم (وربما سمى) هذا القسم الذي تكون فيه الزيادة في الآخر (مطرفا) لتطرف الزيادة فيه أي : لكونها في الطرف ووجه حسنه أنه قبل تمام الكلمة يتوهم أن الكلمة الأولى هي التي أعيدت ، فإذا تمت الكلمة بأن أتى بآخرها كالميم في عواصم ظهر أنها كلمة أخرى فتستفاد فائدة من إتمامها بعد الإياس وحصول فائدة بعد توهم عدمها كحصول نعمة غير مترقبة ، ولا يخفى أن هذا إنما يتم إن تقدمت الكلمة التي لا زيادة فيها ، وأن هذا أيضا إنما تتحقق مسكته بعد الآتيان بما يضاهي الكلمة الأولى من الثانية ولكن مرادهم بنحو هذا الاعتبار كونه بحيث يحصل بشرطه فيعد كالحاصل وقد تقدمت الإشارة إلى نحو ذلك.

(وإما بأكثر) هذا معطوف على قوله إما بحرف أي : الاختلاف في الزيادة إما أن يحصل بزيادة حرف واحد كما تقدم ، وإما أن يحصل بزيادة أكثر من حرف واحد ، وقد تقدم أن هذا القسم فيه ثلاثة أقسام باعتبار تقدم الزيادة وتوسطها وتأخرها ، وقد تقدم أن المصنف لم يمثل إلا لقسم التأخر والتسمية فيه تدل على أن غيره لم يوجد في كلامهم ، أو أقل بحيث لا يعتبر وقد أشار إلى مثاله بقوله (كقولها) أي : الخنساء أخت صخر في رد كلام من لامها على البكاء عليه روى أنها بكت عليه حتى ابيضت عيناها.

(إن البكاء هو الشفا

من الجوى) (١)

وهو حرقة القلب الكائن (بين الجوانح) جمع جانحة ، وهي ضلع الصدر والبينية كناية عن القلب ولا شك أن الجوانح زيد فيه بعد ما يماثل الجوى منه النون والحاء ، وإذا أسقطت النون والحاء صار الباقي مساويا للجوى فكان من التجنيس الناقص (وربما سمى هذا) النوع وهو ما زيد فيه أكثر من حرف (مذيلا) ؛ لأن الزيادة كانت في آخره كالذيل وهذه التسمية هي التي قلنا إنها تدل على عدم وجدان زيادة أكثر ، أولا أو وسطا أو على قلة الوجدان ويحتمل أن يريد أن المسمى هو الذي وجدت فيه هذه الزيادة آخرا فلا تدل على ما ذكر.

__________________

(١) البيت للخنساء ، وهو فى عقود الجمان (٢ / ١٤٤) ، والإشارات ص (٢٩٢).

٦٠٧

ثم أشار إلى النوع الرابع من أنواع الجناس وهو ما يشمل المضارع واللاحق فقال : (وإن اختلفا) أي : اللفظان المتجانسان والعطف في هذه الجملة كما تقدم في مثلها (في أنواعها) أي : أنواع الحروف والاختلاف في أنواع الحروف أن يشتمل كل من اللفظين على حرف لم يشتمل عليه الآخر من غير أن يكون مزيدا وإلا كان من الناقص كما تقدم (فيشترط) يعني : أن اللفظين إذا اختلفا في نوعية الحروف على الوجه المذكور فلا يكون الإتيان بهما من البديع الجناسي إلا بشرط هو (أن لا يقع) ذلك الاختلاف (بأكثر من حرف) واحد ، فإن وقع بأكثر من حرف كاثنين فأكثر لم يكن من التجنيس في شيء لبعد ما بينهما عن التشابه الجناسي ، وذلك ظاهر إذ لو لا ذلك لم يخل غالب الألفاظ من الجناس ، ويلزم أن يقدر عليه كل أحد ؛ لأن التشابه في حرف واحد مع الاختلاف في اثنين فأكثر كثير وذلك مثل نصر ونكل ، ومثل ضرب وفرق ، ومثل ضرب وسلب ، فالأولان اشتركا في الأول فقط ، والثانيان اشتركا في الوسط ، والثالثان اشتركا في الآخر ، وليس شيء من ذلك من التجنيس (ثم الحرفان) أي ثم هذا النوع قسمان كل منهما يسمى باسم مخصوص ، وذلك أن الحرفين المختلفين في اللفظين (إن كانا متقاربين) في المخرج كأن يكونا حلقيين معا ، أو شفويين معا (سمى) الجناس بين اللفظين اللذين كان الحرفان المتباينان فيهما متقاربين (مضارعا) ، وإنما سمى لمضارعة المباين في اللفظين لصاحبه في المخرج (وهو) أي : المضارع ثلاثة أقسام ؛ لأن الحرف الأجنبي أعني المباين لمقابله (إما) أن يوجد (في الأول) أي : في أول اللفظين ، وقد تقدم ما في نحو هذا من التسامح ، وإن الأول في الحقيقة هو الحرف (نحو) قول الحريري (بيني وبين كنى) بكسر الكاف أي : منزلي (ليل دامس) أي مظلم (وطريق طامس) أي مطموس العلامات لا يهتدي فيه إلى المراد ، فدامس ، وطامس بينهما تجنيس المضارعة ؛ لأن الطاء والدال المتباينتين متقاربتان في المخرج ؛ لأنهما من اللسان مع أصل الأسنان ، وقد وجدا أولا فكان الجناس بينهما قسما على حدة.

٦٠٨

(أو) يوجدا (في الوسط) أي في وسط المتجانسين (نحو) قوله تعالى (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ) (١) أي يبعدون عنه فينهون وينأون بينهما تجنيس المضارعة ؛ لأن الهاء والهمزة وهما المتباينتان في اللفظين متقاربتان إذ هما حلقيتان معا وقد وجدا في الوسط فكان قسما آخر.

(أو) يوجدا (في الآخر) أي : في آخر المتجانسين (نحو) قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة) (٢) فبين الخيل والخير تجنيس المضارعة لتقارب مخرج الراء واللام إذ هما من الحنك واللسان ، وهما آخر (٣) فكان الجناس معهما قسما آخر أيضا ، فالأمثلة من المضارع لتقارب مخارج حروفها المتباينة كما بينا (وإلا) أي : وإن لم يكن الحرفان المتباينان متقاربين لتباعدهما في المخرج (سمى) الجناس بين اللفظين (لاحقا) ؛ لأن أحد اللفظين ملحق بالآخر في الجناس باعتبار جل الحروف (وهو) أي : الحرف الذي وقع فيه التباين بلا تقارب في المخرج هو (أيضا إما) أن يكون (في الأول) أي : أول المتجانسين (نحو) قوله تعالى (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ)(٤) وهمزة فعلة من الهمز ، وهو الكسر ، وكذا لمزة من اللمز بمعنى الطعن وشاع استعمال الهمز في الكسر في أعراض الناس ، وكسر العرض هتكه ، وإبطاله بإلزام العيب كما شاع استعمال اللمز في الطعن في الأعراض ، والطعن في العرض إلحاق العيب بصاحبه ، وبناء فعله بضم الفاء وفتح العين يدل على اللزوم والاعتياد ؛ لأن هذا الوزن يدل في العربية على ذلك ولا يكفى في بناء ذلك الوصف وقوع المشتق منه في الجملة.

(أو) يكون ذلك الحرف (في الوسط) أي : في وسط المتجانسين (نحو) قوله تعالى (ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ) (٥) فتفرحون وتمرحون بينهما جناس الإلحاق لاتحاد نوع حروفهما إلا الميم والفاء وهما غير

__________________

(١) الأنعام : ٢٦.

(٢) الحديث متفق عليه ، رواه البخارى فى" الجهاد" ، ومسلم فى" الإمارة".

(٣) أى : آخر حرفين في اللفظين المتجانسين.

(٤) الهمزة : ١.

(٥) غافر : ٧٥.

٦٠٩

متقاربين ، ولكن كون هذا من اللاحق فيه نظر ؛ لأن التقارب في المخرج موجود بين الفاء والميم إذ هما شفويتان معا إلا أن الفاء من طرف الأسنان العليا مع باطن الشفة السفلى والميم من باطن الشفتين ولا يخرجهما ذلك عن كونهما شفويتين وقد يجاب بأن جناس التقارب لا يكفى حتى يوجد نوع خاص منه ؛ كأن يكون الحرفان من موضع واحد مع اختلاف ما وهنا افترق الموضعان لما علمت فالأولى لهذا البحث أن يمثل بنحو قوله تعالى : (وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ* وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ)(١) لأن الدال والهاء متباعدتان مخرجا ، إذ الأولى من اللسان مع أصول الأسنان والثانية من الحلق ، ولا يقال المراد بالتقارب ما يصح معه الإدغام لأنهم ذكروا من المتقاربين الهاء والهمزة ؛ لأنهما حلقيتان ولا إدغام بينهما.

(أو) يكون ذلك الحرف (في الآخر) أي : في آخر المتجانسين (نحو) قوله تعالى (وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ) (٢) فالأمر والأمن متفقان إلا في الراء والنون وهما متباعدتان مخرجا ؛ لأن الراء من شد اللسان على الحنك الباطني على وجه التكرار والنون من شده على ما يقرب الأسنان العليا وبه يعلم أن تباعد المحل واختلافه كاف في البعد ولو اشتركا في وجه ما كما اشترك الحرفان هنا في حركة اللسان إلى أعلى قيل وفي هذا نظر أيضا ؛ لأن النون والراء من حروف الذلاقة التي يجمعها قولك : مر بنفل ، وقد تقدم بيان ما في قوله في الأول والوسط والآخر من التسامح وأنه قصد بها أماكن متوهمة فأطلق عليها ما هو وصف الحرف إذ الحرف هو نفس الأول والوسط والآخر على ما يتبادر ، والخطب في ذلك سهل.

ثم أشار إلى النوع الخامس من أنواع التجنيس وهو تجنيس القلب فقال (وإن اختلفا) أي : وإن اختلف اللفظان المتجانسان (في ترتيبها) أي في ترتيب الحروف فقط ، وإنما يختلفان في ترتيب الحروف إذا اتحدا في النوع والعدد والهيئة ثم الاختلاف في الترتيب هو أن يقدم في أحد اللفظين بعض الحروف ويؤخر ذلك البعض في اللفظ

__________________

(١) العاديات : ٧ ، ٨.

(٢) النساء : ٨٣.

٦١٠

الآخر (سمى) أي : إن وقع الاختلاف في الترتيب سمى ذلك النوع من الجناس (تجنيس القلب) لوقوع القلب أي : عكس بعض الحروف في أحد اللفظين بالنظر إلى الآخر وهو قسمان أحدهما أن يقع العكس في مجموع الحروف (نحو) قول القائل (حسامه) أي : سيف الممدوح (فتح لأوليائه) إذ به يقع لأوليائه الفتح والنصر و (حتف لأعدائه) إذ به يقع حتف أعدائه أي : موتهم.

(ويسمى) هذا القسم (قلب كل) لانعكاس ترتيب الحروف كلها ؛ لأن ما كان في أحد اللفظين مقدما صار مؤخرا في الآخر ، وما كان مؤخرا فيه صار مقدما في الآخر وفيه نظر ؛ لأن التاء وقعت في اللفظين في مكانها وهو الوسط.

(و) القسم الثاني أن يقع في بعض الحروف (نحو) قولهم (اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا) (١) فالألف والتاء والنون في عوراتنا وروعاتنا في محالها ، وإنما وقع العكس في العين والواو والراء والواو أيضا هنا في مكانها وكأنهم لم يعتبروا في القلب الوسط (ويسمى) هذا القسم (قلب بعض) لوقوع التبديل في بعض حروف اللفظين كما رأيت.

وقد يقال التجنيس على توافق اللفظين في الخط كيسقين ويشفين في قوله تعالى (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ* وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ* وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)(٢) ويسمى تجنيسا خطيا ومن أنواع التجنيس أيضا تجنيس الإشارة وهو أن يشار إلى اللفظ المجانس بما يدل عليه كقوله :

حلقت لحية موسى باسمه

فقد أشير بقوله باسمه إلى موسى بمعنى آلة الحلق وهو مجانس لموسى العلم والمراد بموسى رجل مسمى به في الجملة وتمامه :

وبهارون إذا ما قلبا

__________________

(١) الحديث جاء مرفوعا إلى النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ، ولكن بلفظ الإفراد : " اللهم استر عورتى ، وآمن روعتى ، واقض دينى" وهو حسن ، أخرجه الطبرانى في الكبير عن خباب ، وانظر صحيح الجامع (ح ١٢٦٢).

(٢) الشعراء : ٧٨ ، ٨٠.

٦١١

وقلب هارون نوراه وهو مصنوع يزال به الشعر معروف ، ثم أشار إلى تفريع على جناس القلب بقوله (فإذا وقع أحدهما) أي : أحد المتجانسين بجناس القلب (في أول البيت و) وقع (الآخر) من المتجانسين بالجناس المذكور (في آخره) أي : في آخر ذلك البيت (سمى) هذا التجنيس المقلوب الذي وقع لفظ منه في أول البيت والثاني في آخره (مقلوبا مجنحا) لأن اللفظين في هذا الجناس القلبي صارا للبيت كالجناحين للطائر في وقوعهما متوازيين في الطرفين المتقابلين ومثاله قوله :

(لاح أنوار الهدى من

كفه في كل حال) (١)

فبين لفظي لاح وحال الواقع أحدهما أول البيت والآخر آخره تجنيس القلب فسمى ذلك التجنيس مقلوبا مجنحا ثم أشار إلى تفريع آخر على مطلق التجنيس لا بقيد كونه مقلوبا بقوله (وإذا ولى أحد) اللفظين (المتجانسين) اللفظ (الآخر) منهما وهو مفعول ولى أي : ولى ذلك الأحد الآخر سواء كان ذلك الجناس بين اللفظين تاما أو محرفا أو ناقصا أو ما يشمل المضارع واللاحق أو مقلوبا فالمراد بالجناس هنا الجناس لا بقيد كونه مقلوبا بل مطلقه الشامل لجميع الأنواع السابقة ، ولقصد مطلق الجناس أتى باللفظ الظاهر وإلا كان المناسب إعادة الضمير على ما يليه (سمى) أي : إذا توالى المتجانسان مطلقا سمى الجناس بينهما (مزدوجا و) سمى أيضا (مكررا و) وسمى أيضا (مرددا) لازدواج اللفظين بتواليهما وتكرر أحدهما بالآخر وترداده به ، ولا يضر الفصل بينهما بحرف جر أو حرف عطف وما أشبهه (نحو) قوله تعالى في حكاية كلام الهدهد لسليمان (وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ) (٢) اسم رجل أو بلد (بنبأ يقين) فسبأ ونبأ متواليان وتجنيسهما لاحق وأمثلة الأقسام الباقية ظاهرة مما مر فمثال التام أن يقال : تقوم الساعة في ساعة ، ومثال المحرف أن يقال : هذه لك جبة وجنة من البرد للبرد ، ومثال الناقص قولهم جدى جهدي ، ومثال المقلوب أن يقال : هذا السيف للأعداء والأولياء حتف وفتح.

__________________

(١) البيت بلا نسبة فى المصباح ص (٢٠٢) ، والطراز (٣ / ٩٥) ، والتبيان (٥١٣) ، وشرح عقود الجمان (٢ / ١٤٥).

(٢) النمل : ٢٢.

٦١٢

ثم أشار إلى شيئين ليسا من الجناس الحقيقي ولكنهما ملحقان به في كونهما مما يحسن به الكلام كحسن الجناس فقال (يلحق بالجناس شيئان أحدهما أن يجمع) بين (اللفظين الاشتقاق) أي : أن يكون اللفظان مشتقين من أصل واحد ، والمراد بالاشتقاق هنا الاشتقاق الذي ينصرف إليه اللفظ عند الإطلاق وهو الأصغر الذي يفسر بتوافق الكلمتين في الحروف الأصول مع الترتيب والاتفاق في أصل المعنى بخلاف الكبير كما سيأتي وما أشبهه وذلك (نحو) قوله تعالى (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ) (١) فإن أقم مع القيم مأخوذان من القيام أو من قام يقوم ففيهما الأصول من الحروف مع الترتيب والاتفاق في أصل المعنى وهذا النوع من الملحق بالجناس سهل التناول قريب الوجود كما لا يخفى ، فإن كل أحد يتأتي له أينما أراد أن يقول مثلا : قال قائل وقام قائم وقعد قاعد ونحو ذلك (والثاني) من الأمرين الملحقين بالتجنيس (أن يجمعهما) أي أن يجمع اللفظين (المشابهة) والمراد بالمشابهة الأمر المشابه فهي مصدر بمعنى اسم الفاعل بدليل تفسيرها بقوله (وهي) أي : المشابهة (ما) أي : شيء أو الشيء الذي (يشبه الاشتقاق) فلفظ ما على هذا إما موصوفة أو موصولة على التفسيرين ، وذلك الشيء الذي يشبه الاشتقاق وعليه أطلقت المشابهة هو توافق اللفظين في جل الحروف أو في كلها على وجه يتبادر منه أنهما يرجعان إلى أصل واحد كما في الاشتقاق وليسا في الحقيقة كذلك ؛ لأن أصلهما في نفس الأمر مختلف وذلك (نحو) قوله تعالى (قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ) (٢) فقال مع القالين في أحدهما من الحروف جل ما في الآخر ويتبادر لكون الأول فعلا مشتقا من المصدر والثاني وصفا أنهما من أصل واحد وليس كذلك ؛ لأن الأول من القول والثاني من القلى وهو البغض والترك فبينهما ما يشبه الاشتقاق على الوجه المذكور فكان ما بينهما ملحقا بالجناس ، وإنما قلنا على وجه يتبادر منه أنهما يرجعان إلى أصل واحد كما في الاشتقاق ؛ لئلا يدخل في هذا القسم نحو عواص وعواصم والجوى والجوانح فإن في كل من لفظيهما جل ما في الآخر من الحروف

__________________

(١) الروم : ٤٣.

(٢) الشعراء : ١٦٨.

٦١٣

وكذا نحو الحتف والفتح فإن في كل منهما مجموع ما في الآخر وليس من الملحق في شيء لعدم كون اللفظين فيما ذكر على الوجه المذكور ، وبعضهم أبقى المشابهة على ظاهرها وجعل ما التي فسر بها المشابهة في قوله : وهي ما يشبه مصدرية فصار التقدير وهي أشباه ، أي : مشابهة اللفظين الاشتقاق ولا يخفى ما فيه لفظا ومعنى ، أما لفظا فقد جعل الضمير في يشبه على هذا التقدير وهو مفرد عائدا على التثنية وهو اللفظان كما فسره بذلك ولا يصح إلا بتأويل بعيد وهو أن يقدر أن المعنى ما ذكر أي : مشابهة ما ذكر من اللفظين الاشتقاق ، وعند إمكان الحمل على الظاهر بلا تكلف لا يحمل على غيره وأما معنى فقد جعل اللفظين يشبهان الاشتقاق ومن المعلوم أن اللفظين لا يشبهان الاشتقاق بل كونهما متفقين في ذلك ككونهما مشتقين من أصل واحد وتصحيحه أيضا بتقدير المضاف أي : أن يشبه توافق اللفظين الاشتقاق تكلف لا حاجة إليه والوجه الذي قررناه ولو لزم فيه إطلاق المصدر على معنى اسم الفاعل أقرب ؛ لأن إطلاق المصدر على اسم الفاعل لقرينة كثير ، والقرينة هنا ، التفسير وبعضهم أيضا زعم أن المراد بما يشبه الاشتقاق هو الاشتقاق الكبير ؛ لأنه يشبه الاشتقاق المعلوم في وجود كل الحروف أو جلها في كل من اللفظين وهو أيضا فاسد ؛ لأنهم مثلوا لما يشبه الاشتقاق بما لا يصح أن يكون من الاشتقاق الكبير وهو قوله تعالى (اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ)(١) وإنما قلنا : إن ما مثلوا به ليس من الاشتقاق الكبير ؛ لأن الاشتقاق الكبير هو الاتفاق في الحروف الأصول دون الاتفاق في الترتيب مثل القمر والرمق والمرق فهذه الألفاظ الثلاثة بينها الاشتقاق الكبير ؛ لاتحادها في الحروف الأصول دون الترتيب كما لا يخفى وما مثلوا به وهو الأرض وأرضيتم لم تتفق فيهما الأصول ؛ لأن الهمزة في أرض أصلية وفي أرضيتم للاستفهام لا أصلية مع وجود الترتيب في الحروف المشبهة فيهما وذلك ظاهر.

__________________

(١) التوبة : ٣٨.

٦١٤

رد العجز على الصدر

(ومنه) أي : ومن أنواع البديع اللفظي (رد العجز على الصدر) أي النوع المسمى بذلك (وهو) أي : رد العجز على الصدر يكون في النثر وفي النظم فهو (في النثر أن يجعل أحد اللفظين المكررين) وهما المتفقان لفظا ومعنى (أو) أحد (المتجانسين) وهما المتشابهان في اللفظ دون المعنى (أو) أحد (الملحقين بهما) أي : بالمتجانسين وقد تقدم أن الملحقين بالمتجانسين قسمان ما يجمعهما الاشتقاق وما يجمعهما شبه الاشتقاق (في أول الفقرة) متعلق بأن يجعل أي : هو في النثر أن يجعل في أول الفقرة أحد المذكورين من تلك الأنواع (و) يجعل اللفظ (الآخر) منهما (في آخرها) أي : في آخر تلك الفقرة ، والفقرة في أصلها اسم لعظم الظهر استعيرت للحلي المصنوع على هيئته ثم أطلقت على كل قطعة من قطع الكلام الموقوفة على حرف واحد ؛ لحسنها ولطافتها وقد تقدم بيان معناها ، ففي رد العجز على الصدر في النثر أربعة أقسام ؛ لأن اللفظين الموجود أحدهما في أول الفقرة والآخر في آخرها إما أن يكونا مكررين أو متجانسين أو ملحقين بالمتجانسين من جهة الاشتقاق أو ملحقين بهما من جهة شبه الاشتقاق فهذه أربعة أتى المصنف بأمثلتها على هذا الترتيب ، فقال : القسم الأول وهو ما يوجد فيه أحد المكررين في أول الفقرة والآخر في آخرها (نحو) قوله تعالى (وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ) (١) فقد وقع تخشى في أول هذه الفقرة وكرر في آخرها ولا يضر اتصال الآخر بالهاء في كونه آخرا ؛ لأن الضمير المتصل كالجزء من الفعل.

(و) القسم الثاني وهو ما يوجد فيه أحد المتجانسين في أول الفقرة والآخر في آخرها (نحو) قولهم (سائل اللئيم) أي طالب المعروف من الرجل الموصوف باللآمة والرذالة (يرجع ودمعه سائل) فسائل في أول الفقرة وسائل في آخرها متجانسان ؛ لأن الأول من السؤال والثاني من السيلان.

(و) القسم الثالث وهو ما يوجد فيه أحد الملحقين بالمتجانسين من جهة الاشتقاق في أول الفقرة والآخر في آخرها (نحو) قوله تعالى (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً) (٢) فبين استغفروا وغفارا شبه التجانس باشتقاق ؛ لأن مادتها المغفرة ، ولم يعتبر

__________________

(١) الأحزاب : ٣٧.

(٢) نوح : ١٠.

٦١٥

في الآية لفظ فقلت قبل استغفروا ؛ لأن استغفروا هو أول الفقرة في كلام نوح على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسّلام وهي المعتبرة أولا ولفظ قلت لحكايتها.

(و) القسم الرابع وهو ما يوجد فيه أحد الملحقين بالمتجانسين من جهة شبه الاشتقاق في أول الفقرة والآخر في آخرها (نحو) قوله تعالى (قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ) فبين قال والقالين شبه اشتقاق وبه ألحقا بالمتجانسين كما تقدم ، فهذه أربعة أقسام من رد العجز على الصدر الذي يوجد في النثر.

رد العجز على الصدر فى الشعر

ثم أشار إلى رد العجز على الصدر الذي يوجد في النظم فقال (و) رد العجز على الصدر الذي يوجد (في النظم) هو (أن يكون أحدهما) أي : أحد اللفظين المكررين أو أحد المتجانسين أو أحد الملحقين بالمتجانسين بطريق الاشتقاق ، أو أحد الملحقين بهما بطريق شبه الاشتقاق (في آخر البيت) أي : أن يكون أحد ما ذكر في آخر البيت (و) يكون اللفظ (الآخر) المقابل لذلك الأحد (في صدر المصراع الأول من البيت وهو نصفه الأول (أو) يكون ذلك الآخر (فى حشوه) أى : حشو المصراع الأول (أو) يكون ذلك الآخر (في آخره) أي آخر المصراع الأول (أو) يكون ذلك اللآخر (في صدر) المصراع (الثاني) من البيت وهو نصفه الثاني وقد فهم من هذا الكلام أن أحد اللفظين مما ذكر ليس له إلا محل واحد من البيت وهو الآخر ، ومقابله الآخر له أربعة من المحال أول المصراع الأول ووسطه وآخره وأول المصراع الثاني.

وبقي من التقسيم العقلي وسط المصراع الثاني لم يعتبره المصنف في مسمى رد العجز إلى الصدر إذ لا معنى لكونه صدرا رد عليه العجز واعتبره السكاكي فتكون المحال على اعتباره خمسة وعلى اعتبار المصنف تكون أربعة فتكون أقسام رد العجز على الصدر في النظم في اعتبار المصنف ستة عشر من ضرب أربعة أقسام المكررين والمتجانسين والملحقين اشتقاقا والملحقين بشبه الاشتقاق في أربعة أقسام محال اللفظ المقابل للذي في العجز وتلك المحال هي صدر المصراع الأول وحشوه وعجزه وصدر المصراع الثاني ، وعلى اعتبار السكاكي تكون الأقسام عشرين من ضرب أربعة أقسام المتقابلين في خمسة أقسام المحال ؛ لأن المكررين يكون غير الواقع في العجز منهما إما في

٦١٦

صدر أو في حشو أو في آخر المصراع الأول أو في أول الثاني أو في وسطه ومثلها في المتجانسين ، ومثلها في الملحقين اشتقاقا ومثلها في الملحقين بشبه الاشتقاق وذلك ظاهر ، ولما لم يعتبر المصنف إلا أربعة أقسام المحال سقطت أربعة فكان المجموع ستة عشر كما ذكرنا ، وقد مثل للمتكررين بأربعة أمثلة وللمتجانسين بأربعة وللملحقين اشتقاقا بأربعة على هذا الترتيب ولم يمثل للملحقين بشبه الاشتقاق إلا بمثال واحد ساقه في أثناء أمثلة الملحقين اشتقاقا فمجموع ما ساقه من الأمثلة ثلاثة عشر ، وأهمل ثلاثة وسنمثل نحن عند ذكر مثال الملحقين بشبه الاشتقاق بما بقى له تكميلا للأقسام وإلى أمثلتها على هذا الترتيب كما ذكرنا أشار فقال : (كقوله) أي : أول أمثلة المكررين وهي أربعة قوله :

سريع إلى ابن العم يلطم وجهه

وليس إلى داعي الندى بسريع (١)

أي : هذا المذموم سريع إلى الشر واللآمة في لطمه وجه ابن العم ، وليس بسريع إلى العمل بما يدعى إليه من الندى أي : الكرم فسريع الثاني في آخر المصراع الثاني والأول وهو مكرر في أول المصراع الأول فأول أقسام المكرر هو ما يكون فيه المكرر الآخر منهما في صدر المصراع الأول كالمثال (و) ثانيها وهو ما يكون فيه المكرر الأول منهما في حشو المصراع الأول (كقوله :

تمتع من شميم عرار نجد

فما بعد العشية من عرار) (٢)

فعرار الأول في حشو المصراع الأول وهو مكرر مع عرار العجز ، ومعنى البيت أنه يأمر بالاستمتاع بشم عرار نجد وهي وردة ناعمة صفراء طيبة الرائحة ؛ لأن الحال يضطرهم إلى الخروج من نجد ومنابته عند المساء بالسفر عنها (و) ثالثها وهو ما يكون المكرر الآخر في آخر المصراع الأول كقوله :

ومن كان بالبيض الكواعب مغرما

فما زلت بالبيض القواضب مغرما (٣)

__________________

(١) البيت للمغيرة بن عبد الله المعروف بالأقيشر الأسدى ، فى لطائف التبيان ص (٤٥) ، والمفتاح (٩٤) ، وخزانة الأدب (٢ / ٢٨١) ، ودلائل الإعجاز (١٥٠) ، والإشارات ص (٣٤).

(٢) البيت للصمة القشيرى فى لسان العرب (عرر) ، والإيضاح (٢ / ١٦٧).

(٣) البيت لأبى تمام فى شرح ديوانه ص (٢٧٨) ، والطراز (٢ / ٣٩٥) ، وبلا نسبة في شرح عقود الجمان (٢ / ١٥٣).

٦١٧

فمغرما الأول في آخر الشطر الأول وهو مكرر مع مغرما في العجز ، والمغرم بالشيء هو المولع به والكواعب جمع كاعب وهي الجارية ، حين يبدو أي : يظهر ثديها في النهود أي في الارتفاع والقواضب جمع قاضب وهو السيف القاطع وهذه القضية شرطية اتفاقية لأن الولوع بالكواعب يتوهم عمومه للطبيعة الإنسانية ، فبين أنه اتفق له خلاف ذلك وأن من كل مولعا بالكواعب فهو بخلافه وأنه مولع بالسيوف واستعمالها في محالها في الحروب (و) رابعها وهو ما يكون فيه المكرر الآخر منهما في صدر المصراع الثاني ك (قوله :

وإن لم يكن إلا معرج ساعة

قليلا فإني نافع لي قليلها) (١)

فقليلا الأول في صدر المصراع الثاني وهو مكرر مع قليلها في العجز ، ولا تضر الهاء في كونه في العجز لما تقدم أن الضمير المتصل حكمه حكم ما اتصل به ، والمعرج بفتح الراء اسم مصدر عن عرج بشد الراء على الشيء إذا أقام عليه وهو خبر لاسم كان الذي هو ضمير يعود على الإلمام الذي هو النزول بالشيء المفهوم من البيت قبله وهو قوله :

ألما على الدار التي لو وجدتها

بها أهلها ما كان وحشا مقيلها

أي : وإن لم يكن ذلك الإلمام وذلك النزول إلا معرج أي إقامة ساعة فهو نافع لي والإخبار عن الإلمام بالتعريج صحيح من الإخبار بالأخص عن الأعم ؛ لأن الإلمام الذي هو مطلق النزول أعم من التعريج الذي هو نزول مع استقرار ، وقوله : قليلا نعت مؤكد لمعرج ساعة ؛ لأنه يلزم من كونه تعريج ساعة قلته ، ويحتمل أن يكون وصفا مقيدا بناء على الاتساع في الساعة ، أي : وإن لم يكن التعريج إلا تعريجا قليلا في ساعة من الساعات النهارية والليلية فهو نافع ، وقوله : قليلها يحتمل أن يكون مبتدأ وخبره نافع والجملة خبر إن ويحتمل أن يكون فاعلا بنافع وهو خبر إن ، والمعنى إني أطلب منكما أيها الخليلان أن تساعداني في الإلمام بالدار التي ارتحل عنها أهلها فصارت

__________________

(١) البيت لذى الرمة فى الأغانى (١٨ / ٤٧) وفيه (إلا معرس) ، وبلا نسبة فى نهاية الإيجاز (١٣٧) ، والطراز (٢ / ٣٩٦).

٦١٨

القيلولة فيها والنزول فيها موحشة ، وأنا لو وجدت أهلها فيها ما كان مقيلها موحشا ، وإن لم يكن ذلك النزول وذلك التعريج إلا شيئا قليلا فهو نافع لي يذهب بتذكر الأحباب فيه بعض همي ويشفي غليلي ويرفع حزني ووجدي.

ثم شرع في أمثلة المتجانسين وهي أربعة كما تقدم فقال (و) الأول من أمثلة المتجانسين وهو ما يكون فيه المجانس الآخر منهما في صدر المصراع الأول ك (قوله :

دعاني من ملامكما سفاها

فداعي الشوق قبلكما دعاني) (١)

فدعاني الأول بمعنى اتركاني وهو في صدر المصراع الأول ، والثاني وهو في العجز بمعنى الدعوة ، والسفاه بفتح السين الخفة وقلة العقل ويروى بكسر الشين المعجمة بمعنى المشافهة والمواجهة بالكلام ، والمعنى اتركاني من لومكما الواقع منكما لأجل سفهكما وقلة عقلكما أو الواقع منكما مشافهة من غير استحياء ، فإني لا ألتفت إلى ذلك اللوم لأن الداعي للشوق الموجب لغلبته عليّ قد دعاني لذلك الشوق وناداني إليه فأجبته فلا أجيبكما بعده ، وذلك الداعي للشوق هو جمال المشتاق إليه.

(و) الثاني منها وهو ما يكون فيه المجانس الآخر منهما في حشو المصراع الأول ك (قوله :

وإذا البلابل أفصحت بلغاتها

فانف البلابل باحتساء بلابل) (٢)

فالبلابل الأول في حشو المصراع الأول ، ولم يجعل مما كان في صدره ؛ لتقدم إذا عليه وهو جمع بلبل وهو طائر معروف حسن الصوت والبلابل الثاني في العجز كما رأيت وهو جمع بلبلة بضم الباءين واللام وهي إناء من خمر ، واحتساء الخمر شربها ، والمعنى أنه يأمر بشرب آنية الخمر لدفع الأحزان وهي المرادة بالبلابل المتوسطة وهي التي حركها إفصاح الطائر بلغته أي : إظهاره لها ؛ لأن الصوت الحسن مما يحرك الأشواق ويقوي الدواعي إلى التلاق ، والمثال باعتبار لفظ البلابل الأول مع البلابل الآخر وأما

__________________

(١) البيت للقاضى الأرجانى ، فى الإيضاح ص (٣٢٩).

(٢) البيت للثعالبي ، فى شرح المرشدى على عقود الجمان (٢ / ١٥٢ ، ١٥٣) ، وبلا نسبة فى نهاية الإيجاز ، وفى الإشارات ص (٢٩٦).

٦١٩

المتوسط فإنما يكون من هذا الباب مع ما بعده على مذهب السكاكي الذي يعتبر في رد العجز على الصدر حشو المصراع الثاني ، وعليه فيكون هذا مما يمثل به لذلك القسم.

(و) الثالث منها وهو ما يكون فيه المجانس الآخر منهما في آخر المصراع الأول ك (قوله :

(فمشغوف بآيات المثاني

ومفتون برنات المثاني) (١)

فالمثاني الأول في آخر المصراع الأول والثاني في العجز وهما متجانسان إذ المراد بالمثاني الأول القرآن ؛ لأنه تثنى فيه القصص والوعد والوعيد ، ويطلق لفظ المثاني على الفاتحة منه لأنها تثني في كل ركعة ، والمراد بالمثاني الثاني أوتار المزامير ؛ لأنها طاقات ثنى أي : ضم بعضها إلى بعض ورناتها نغماتها ، والبيت في نفسه يحتمل معنيين أحدهما أن يكون الموصوف واحدا أي : هذا مشغوف بآيات القرآن وتلاوتها ومفتون مع ذلك لرقة قلبه برنات المزامير ، وأن يكون اثنين أي : فهناك مشغوف بالآيات يهتدي بها ويتذكر بها وآخر مفتون بنغمات المزامير غفلة منه عن الدار الآخرة ومقام إنشاد البيت قبله يعين أحدهما وقد تعين الثاني به ؛ لأن البيتين للحريري ومقامهما يقتضي المعنى الثاني ، ولم يجعل المثاني في الموضعين من الملحق اشتقاقا مع اشتراكهما في أصل المادة ؛ لأن الوصفية تنوسيت فيهما والله أعلم.

(و) الرابع منها وهو ما يكون فيه المجانس الآخر منها في صدر المصراع الثاني (كقوله : أملتهم) (٢) أي : رجوتهم (ثم تأملتهم) أي : تفكرت في أحوالهم هل هم ممن يرجى خيره أو لا (فلاح لي) بعد التأمل (أن) أي : أنه أو أنهم (ليس فيهم فلاح) أي : ليس فيهم بقاء على الخير وفوز بالرجاء وبلوغ الأمل فقوله : فلاح في صدر المصراع الثاني ، وفلاح الثاني في العجز وهما متجانسان فالأول فاء الترتيب مع لاح بمعنى ظهر والثاني بمعنى الفوز والمقام على الخير ، وذلك ظاهر ، ثم شرع في أمثلة الملحقين اشتقاقا

__________________

(١) البيت لأبى تمام فى شرح المرشدى على عقود الجمان (٢ / ١٥٣) ، وهو للحريرى من مقاماته فى ديوانه ص (٥٢١) ، أورده الجرجانى فى الإشارات ص (٢٩٧) ، والتبيان ص (٥١٨).

(٢) البيت للأرجانى ، أورده الجرجانى فى الإشارات ص (٢٩٧) ، والإيضاح ص (٣٣٠).

٦٢٠