العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ١

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ١

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 978-2-7451-2553-2
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٣٠

ببشير بن البراء بن معرور الآكل معه. وقيل : لم يقتلها ، وأمر بلحم الشاة فأحرق.

وفيها نام صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن صلاة الفجر لما وكل به بلالا.

قال البيهقى : كان ذلك فى تبوك.

وقدم جعفر ومن معه من الحبشة.

وتزج صلى‌الله‌عليه‌وسلم بصفية بنت حيى. وكانت عند كنانة بن الربيع بن أبى الحقيق. وكانت قبل رأت أن القمر قد سقط فى حجرها. فتؤول بذلك. وقال الحاكم : كذا جرى لجويرية رضى الله عنها.

وسأل أهل فدك النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يحقن لهم دماءهم ويخلوا له الأموال. ففعل فكانت خالصة له ، وقسمها نصفين : الأول : له وللمسلمين. والثانى : لمن نزل به من الوفود والنوائب.

غزوة وادى القرى (١)

ثم فتح وادى القرى فى جمادى الآخرة بعد ما أقام بها أربعا يحاصرهم. ويقال : أكثر من ذلك وصالحه أهل تيما على الجزية.

سرية بدنة (٢)

وأرسل عمر بن الخطاب رضى الله عنه إلى بدنة على أربعة أميال من المدينة فى شعبان فى ثلاثين راجلا ، فلم يلق بها أحدا.

سرية بنى فزارة (٣)

ثم سرية أبى بكر رضى الله عنه إلى بنى كلاب. ويقال : فزارة ، بناحية ضرية فى شعبان ، فسبى منهم جماعة وقتل آخرين.

__________________

(١) انظر : (المنتظم ٣ / ٢٩٧ ، تاريخ الطبرى ٣ / ١٦ ، سيرة ابن هشام ٢ / ٣٣٨ ، الاكتفا ٢ / ٢٦١ ، البداية والنهاية ٤ / ٢١٨).

(٢) ذكر فى المنتظم سرية عمر بن الخطاب رضى الله عنه فقال : «أن رسول الله بعث عمر رضى الله عنه إلى تربة فى شعبان فى ثلاثين رجلا إلى عجز هوازن بتربة وهى بناحية العبلاء على أربع ليال من مكة». انتهى باختصار.

انظر : (المنتظم ٣ / ٣٠١ ، المغازى للواقدى ٢ / ٧٢٢ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٨٥ ، تاريخ الطبرى ٣ / ٢٢ ، الكامل ٢ / ١٠٦).

(٣) انظر : (المنتظم ٣ / ٣٠١ ، مغازى الواقدى ٢ / ٧٢٢ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٨٥ ، تاريخ الطبرى ٣ / ٢٢ ، البداية والنهاية ٤ / ٢٢٠).

٤٠١

سرية بنى مرة (١)

ثم سرية بشير بن سعد إلى بنى مرة بفدك فى شعبان ، ومعه ثلاثون رجلا فقتلوا وارتث بشير.

سرية المنفعة (٢)

ثم سرية غالب بن عبد الله الليثى إلى المنفعة ـ بناحية نجد ـ من المدينة على ثمانية برد فى مائة وثلاثين رجلا فى رمضان. فقتل أسامة بن زيد نهيك بن مرداس بعد قوله : لا إله إلا الله.

وفى الإكليل : فعل أسامة ذلك فى سرية كان هو أميرا عليها سنة ثمان.

سرية يمن وجبار (٣)

ثم سرية بشير أيضا : إلى يمن وجبار ـ أرض لغطفان ـ ويقال : لفزارة وعذرة فى شوال. ومعه ثلاثمائة رجل لجمع تجمعوا بالحباب للإغارة على المدينة. فلما بلغهم مسير بشير هربوا. فغنم منهم غنائم ، وأسر رجلين فأسلما.

عمرة القضية (٤)

ثم عمرة القضية. وتسمى : عمرة القضاء ، وغزوة القضاء ، وعمرة الصلح (٥) ، فى هلال ذى القعدة. ومعه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ألفان ، وساق ستين بدنة ، وأقام بمكة ثلاثة أيام.

وتزوج بميمونة بنت الحارث الهلالية بسرف ، وهو محرم.

__________________

(١) انظر : (المنتظم ٣ / ٣٠٢ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٨٦ ، مغازى الواقدى ٢ / ٧٢٣ ، البداية والنهاية ٤ / ٢٢١ ، الكامل ٢ / ١٠٦).

(٢) فى المنتظم : «الميفعة» وقال : هى وراء بطن نخل إلى النقرة قليلا بناحية نجد بينها وبين المدينة ثمانية برد».

انظر : (المنتظم ٣ / ٣٠٣ ، مغازى الواقدى ٢ / ٧٢٦ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٨٦ ، الكامل ٢ / ١٠٦).

(٣) انظر : (المنتظم ٣ / ٣٠٣ ، مغازى الواقدى ٢ / ٧٢٧ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٨٧ ، الكامل ٢ / ١٠٦).

(٤) انظر : (المنتظم ٣ / ٣٠٤ ، مغازى الواقدى ٢ / ٧٣١ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٨٧ ، سيرة ابن هشام ٢ / ٣٧٠ ، الاكتفا ٢ / ٢٧٢ ، الكامل ٢ / ١٠٦ ، البداية والنهاية ٤ / ٢٢٦ ، السيرة النبوية الصحيحة ٤٦٤).

(٥) وتسمى أيضا عمرة القصاص ، وهذا الاسم أولى بها لقول تعالى : (الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ). انظر : (الروض الأنف ٢ / ٨٧).

٤٠٢

سرية بنى سليم (١)

ثم سرية الأحزم. الذى يقال له : ابن أبى العوجاء السلمى إلى بنى سليم فى ذى الحجة. ومعه خمسون رجلا. فأحدق بهم الكفار وقتلوهم عن آخرهم. وخرج ابن أبى العوجاء.

كتبه صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى الملوك (٢)

وقدم حاطب من عند المقوقس ملك مصر ، واسمه : جريج بن مينا ، وأهدى هدايا إلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، منها : مارية.

وأرسل صلى‌الله‌عليه‌وسلم الرسل إلى الملوك ، فبعث ابن حذافة إلى كسرى ، فمزق كتابه ، فدعى عليه بتمزيق ملكه.

وعمرو بن العاص إلى ملكى عمان عبد وحبقر ابنى الجلندى ، فأسلما.

وسليط بن عمرو إلى هوذة بن على باليمامة.

وشجاع بن وهب إلى الحارث بن أبى شمر الغسانى ملك البلقاء.

والعلاء بن الحضرمى إلى المنذر بن ساوى بالبحرين ، فأسلم.

وأبا موسى الأشعرى ، ومعاذا إلى اليمن بعد.

وعمرا الضمرى إلى مسيلمة ، وأردفه بكتاب آخر مع السائب بن العوام.

وعياش بن أبى ربيعة إلى الحارث ، ومسروح ، ونعيم بن عبد كلال.

وكتب أيضا إلى جماعة كثيرة يدعوهم إلى الإسلام.

سرية الكديد (٣)

ثم سرية غالب إلى بنى الملوح بالكديد فى صفر سنة ثمان. فغنم غنائم. وقال الحاكم : سنة سبع.

__________________

(١) انظر : (المنتظم ٣ / ٣٠٦ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٨٩).

(٢) انظر كتبه ورسله إلى الملوك فى : (زاد المعاد ١ / ٧٧ وما بعدها ، المنتظم ٣ / ٢٧٤ ، طبقات ابن سعد ١ / ٢ / ١٦ ، تاريخ الطبرى ٢ / ٦٤٥ ، البداية ٤ / ٢٥٥ ، ٢٦٨ ، الكامل ٢ / ٩٥ ، السيرة النبوية الصحيحة ٤٥٤).

(٣) انظر : (زاد المعاد ٣ / ٢٦٢).

٤٠٣

سرية مصاب

ثم سرية غالب أيضا إلى مصاب : أصحاب بشير بفدك فى صفر ومعه مائتا رجل فقتلوا قتلى ، وأصابوا نعما.

سرية بنى عامر (١)

ثم سرية شجاع بن وهب الأسدى إلى بنى عامر بالسبى : ماء من ذات عرق إلى وجرة ، على ثلاث مراحل من مكة إلى البصرة ، وخمس من المدينة ، فى أربعة وعشرين رجلا إلى جمع من هوازن. فغنموا غنائم.

سرية ذات الطلاع (٢)

ثم سرية كعب بن عمير الغفارى إلى ذات الطلاع ـ وراء ذات القرى ـ فى ربيع الأول ، ومعه خمسة عشرة رجلا. فقتلهم كفار قضاعة إلا رجلا واحدا ، قيل : هو الأمير.

سرية مؤتة (٣)

ثم سرية مؤتة ـ من عمل البلقاء بالشام ـ دون دمشق فى جمادى الأولى.

وذلك : أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان أرسل الحارث بن عمير بكتاب إلى ملك بصرى ، فعرض له شر حبيل بن عمرو الغسانى فقتله. فأمر النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم زيد بن حارثة على ثلاثة آلاف رجل. وقال : إن قتل فجعفر ، فإن قتل فعبد الله بن رواحة ، فإن قتل فليرتض المسلمون رجلا من بينهم.

فلما وصلوا إلى مؤتة وجدوا بها نحو مائة ألف رجل ، فلما تصافوا قتلوا كما رتبهم النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم. فأخذ الراية ثابت بن أقرم العجلانى إلى أن اصطلحوا على خالد بن الوليد رضى الله عنه.

قال الحاكم : فلما قاتلهم خالد قتل منهم مقتلة عظيمة ، وأصاب غنيمة.

وقال ابن سعد : إنما انهزم بالمسلمين.

__________________

(١) انظر : (المنتظم ٣ / ٣١٦ ، طبقات ابن سعد ١ / ٢ / ٩١ ـ ٩٢).

(٢) فى المنتظم : «سرية ذات أطلاح».

انظر : (المنتظم ٣ / ٣١٦ ، مغازى الواقدى ٢ / ٧٥٢ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٩٢).

(٣) انظر : (المغازى للواقدى ٢ / ٧٥٥ ، طبقات ابن سعد ١ / ٢ / ٩٢ ، تاريخ الطبرى ٣ / ٣٦ ، سيرة ابن هشام ٢ / ٢٧٣ ، الاكتفا ٢ / ٢٧٥ ، البداية والنهاية ٤ / ٢٤١ ، المنتظم ٣ / ٣١٨ ـ ٣٢٢ ، السيرة النبوية الصحيحة ٤٦٧).

٤٠٤

وقال ابن إسحاق : انحازت كل طائفة من غير هزيمة. ورفعت الأرض للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى رأى معترك القوم وأخبر به.

سرية ذات السلاسل (١)

ثم سرية عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل ـ ويقال : السلسل ، ماء وراء وادى القرى ، من المدينة على عشرة أيام ـ فى جمادى الآخرة ، ومعه ثلاثمائة من سراة المهاجرين والأنصار إلى جمع من قضاعة تجمعوا للإغارة ، ثم أمده بأبى عبيدة فى مائتين. فهزم الله عدوهم حين الحملة.

سرية الحبط (٢)

ثم سرية أبى عبيدة بن الجراح رضى الله عنه فى ثلاثمائة ، فيهم : عمر بن الخطاب رضى الله عنهم ، وتعرف : بسرية الحبط ، فى رجب تلتقى عيرا لقريش.

ويقال : إلى حى من جهينة بساحل البحر على خمس ليال من المدينة : وزودهم جرابا من تمر ، فلما نفذ أكلوا الحبط ، فأخرج الله تعالى لهم من البحر دابة تسمى العنبر ، فأكلوا منها وتزودوا ورجعوا ولم يلقوا كيدا.

سرية خضرة (٣)

ثم سرية أبى قتادة رضى الله عنه إلى خضرة : أرض محارب بنجد فى شعبان ، ومعه خمسة عشر رجلا. فقتل منهم وسبى وغنم. وكانت غيبته خمس عشرة ليلة.

سرية بطن أضم (٤)

ثم أرسله إلى بطن أضم فيما بين ذى خشب وذى المروة ـ من المدينة على ثلاثة برد ـ أول رمضان ، فى ثمانية نفر. فلقوا عامر بن الأضبط ، فسلم عليهم بتحية الإسلام ، فقتله محلم بن جثامة. فأنزل الله تعالى : (فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا) [النساء ٩٤] فلما وصلوا إلى حيث أمروا بلغهم خروج النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى مكة فساروا إليه.

__________________

(١) انظر : (المنتظم ٣ / ٣٢١ ، طبقات ابن سعد ٢ / ٢ / ٩٥ ، السيرة النبوية الصحيحة ٤٧١ ، ٤٧٢).

(٢) فى المنتظم : «الخبط» وسميت بهذا الاسم لأنهم أصابهم جوع شديد ، فأكلوا الخبط.

انظر : (المنتظم ٣ / ٣٢٢ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٩٥ ، تاريخ الطبري ٢ / ١٤٧ ـ ١٤٨).

(٣) انظر : (المنتظم ٣ / ٣٢٣ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٩٥ ، تاريخ الطبرى ٢ / ١٤٨).

(٤) انظر : (المنتظم ٣ / ٣٢٣ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٩٦ ، تاريخ الطبرى ٢ / ١٤٨ ، ١٤٩).

٤٠٥

ونسبها ابن إسحاق لابن أبى حدرد ومعه رجلان إلى الغابة لما بلغه صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن رفاعة بن قيس تجمع لحربه ، فقتلوا رفاعة وهزموا عسكره ، وغنموا غنيمة عظيمة.

فتح مكة (١)

ثم فتح مكة فى رمضان ، لنقض قريش العهد من غير إعلام أحد بذلك.

فكتب حاطب كتابا وأرسله مع أم سارة كنود المزنية ، فأطلع الله رسوله على ذلك ، فبعث عليا والزبير والمقداد ، فاستخرج الكتاب من قرون رأسها. وخرج من المدينة ومعه عشرة آلاف رجل. وقال الحاكم : اثنا عشر ، يوم الأربعاء بعد العصر لعشر مضين من رمضان ، فلما بلغ صلى‌الله‌عليه‌وسلم الكديد أفطر.

قال : فلما نزل صلى‌الله‌عليه‌وسلم مر الظهران رقت نفس العباس رضى الله عنه لأهل مكة ، فخرج ليلا راكبا بغلة النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم لكى يجد أحدا ، فيعلم أهل مكة بمجىء النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليستأمنوه. فسمع صوت أبى سفيان بن حرب ، وحكيم بن حزام ، وبديل بن ورقاء فأركب أبا سفيان خلفه ، وأتى به النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأسلم ، وانصرف الآخران ليعلما أهل مكة بمجىء النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

ونادى مناديه صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من دخل المسجد فهو آمن ، ومن دخل دار أبى سفيان فهو آمن ، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن إلا المستثنين».

وذكرهم مغلطاى.

وطاف النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالبيت يوم الجمعة لعشر بقين من رمضان ، وحوله ثلاثمائة وستون صنما ، فكلما مرّ بصنم أشار إليه بقضيبه قائلا : (وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) [الإسراء : ٨١]. فيقع الصنم لوجهه.

قال البخارى : وأقام صلى‌الله‌عليه‌وسلم بها خمس عشرة ليلة. وفى رواية : تسع عشرة. وفى أبى داود: سبع عشرة. وفى الترمذى : ثمان عشرة.

وفى الإكليل : أصحها : بضع عشرة ، يصلى ركعتين.

قلت : رأيت فى مدة مقام النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمكة غير هذا ؛ لأن الفاكهى روى بسنده عن أنس رضى الله عنه قال : «أقمنا بمكة عشرا ـ يعنى : زمان الفتح». انتهى.

__________________

(١) انظر : (المنتظم ٣ / ٣٢٤ ، مغازى الواقدى ٢ / ٧٨٠ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ٩٦ ، تاريخ الطبرى ٣ / ٣٨ ، سيرة ابن هشام ٢ / ٣٨٩ ، الاكتفا ٢ / ٢ / ٢٨٧ ، الكامل ٢ / ١١٦ ، البداية والنهاية ٤ / ٢٧٨ ، السيرة النبوية الصحيحة ٤٧٣ ـ ٤٨٨).

٤٠٦

وبث صلى‌الله‌عليه‌وسلم السرايا خارج الحرم ، وكانوا يغنمون.

وبعث صلى‌الله‌عليه‌وسلم خالد بن الوليد لخمس ليال بقين من رمضان إلى العزى بنخلة ، ومعه ثمانون فارسا فهدمها (١).

وبعث صلى‌الله‌عليه‌وسلم عمرو بن العاص إلى صواع ـ صنم لهذيل برهط ـ على ثلاثة أميال من مكة. فهدمه (٢).

وبعث صلى‌الله‌عليه‌وسلم سعد بن زيد الأشهلى إلى مناة ـ صنم للأوس والخزرج ـ بالمشلل ، فى عشرين فارسا فهدمها (٣).

سرية خالد (٤)

ثم سرية خالد إلى بنى جذيمة ـ بناحية يلملم ـ فى شوال ، ويعرف بيوم العميصاء ، ومعه ثلاثمائة وخمسون رجلا ، داعيا لا مقاتلا ، فقتل بعضهم.

وبعث صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليا رضى الله عنه ، فودى لهم قتلاهم.

غزوة حنين (٥)

ثم خرج صلى‌الله‌عليه‌وسلم لست ليال خلون من شوال. ويقال : لليلتين بقيتا من رمضان إلى حنين ـ واد. ويقال : ما بينه وبين مكة ثلاث ليال قرب الطائف ـ سمى بحنين بن قانية بن مهلابيل.

قلت : حنين على أقل من ليلة من مكة ، وهو إليها أقرب من الطائف على ما هو المعروف عند الناس فى حنين ، إلا أن يكون الموضع المعروف بحنين غير هذا المذكور فى هذه الغزوة ، ويكون حنين اسما لموضعين فلا إشكال له. قاله مغلطاى والله أعلم. انتهى.

واستعمل صلى‌الله‌عليه‌وسلم عتاب بن أسيد رضى الله عنه.

وذلك : أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما فتح مكة مشت أشراف هوازن وثقيف بعضها إلى بعض

__________________

(١) انظر : (المنتظم ٣ / ٣٢٩ ، مغازى الواقدى ٣ / ٨٧٣ ، طبقات ابن سعد ٢ / ٢ / ١٥١ ، سيرة ابن هشام ٢ / ٤٣٦ ، تاريخ الطبرى ٣ / ٦٥ ، البداية والنهاية ٤٢ / ٣١٤).

(٢) انظر : (المنتظم ٣ / ٣٣٠).

(٣) انظر : (المنتظم ٣ / ٣٣٠ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ١٦٠).

(٤) انظر : (المنتظم ٣ / ٣٣١ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ١٠٦ ، البداية والنهاية ٤ / ٣١١).

(٥) انظر : (المنتظم ٣ / ٣٣١ ـ ٣٤٠ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ١٠٦ ، البداية والنهاية ٤ / ٣١١ ، السيرة النبوية الصحيحة ٤٨٩ ـ ٥٠٦).

٤٠٧

وحشدوا ، وكان رئيسهم مالك بن عوف النضرى ، وله ثلاثون سنة. فوصلها صلى‌الله‌عليه‌وسلم مساء ليلة الثلاثاء لعشر خلون من شوال. ورأى أبو بكر رضى الله عنه ـ وقيل : غيره ـ كثرة العساكر ، فقال : لن نغلب اليوم من قلة. ولما تصافوا للقتال ظاهر صلى‌الله‌عليه‌وسلم بين درعين وركب بغلة له بيضاء تسمى : دلدل. فشد عليهم الكفار شدة واحدة ، فانكشفت خيل بنى سليم وتبعهم أهل مكة والناس ، ولم يثبت معه حين ذاك إلا عشرة ، وقيل : ثمانية.

ونادى العباس رضى الله عنه بالناس فأقبلوا ، وتناول صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبضة من التراب ، وهو على ظهر بغلته فاستقبل بها وجوه الكفار ، فلم يبق عين إلا دخل فيها من ذلك التراب. فأنزل الله تعالى : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) [الأنفال : ١٧].

واستشهد من المسلمين أربعة. وقتل من المشركين أكثر من سبعين قتيلا وأفضى المسلمون فى القتل إلى الذرية. فنهاهم عن ذلك.

ونادى مناديه صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من قتل قتيلا فله سلبه».

وبعث صلى‌الله‌عليه‌وسلم عبيدا أبا عامر الأشعرى ، حين فرغ من حنين إلى أوطاس ، لطلب دريد ابن الصمة وأصحابه ، فهزمهم وقتلهم ، وقتل أبو عامر بعد قتله جماعة منهم. وكان فى السبى : الشيماء أخته صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الرضاعة.

سرية ذى الكفين

ثم سرية الطفيل بن عمرو الدوسى ، فى شوال إلى ذى الكفين ـ صنم من خشب ، كان لعمرو بن حممة ـ فهدمه. وقدم معه من قومه أربعة مسلمين على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالطائف.

غزوة الطائف (١)

ثم غزوة الطائف فى شوال ، فمر فى طريقه بقبر أبى رغال ، وهو أبو ثقيف ، فيما يقال. فاستخرج منه غصنا من ذهب.

وحاصر صلى‌الله‌عليه‌وسلم الطائف ثمانية عشر يوما. وقيل : خمسة عشر يوما. وقيل : عشرون.

وقال ابن حزم : بضع عشرة ليلة.

ونصب عليهم المنجنيق ، وهو أول منجنيق رمى به فى الإسلام. وكان قدم به الطفيل الدوسى معه.

__________________

(١) انظر : (المنتظم ٣ / ٣٤١ ، مغازى الواقدى ٣ / ٩٢٢ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ١١٤ ، تاريخ الطبرى ٣ / ٨٢ ، سيرة ابن هشام ٢ / ٤٧٨ ، السيرة النبوية الصحيحة ٥٠٧ ـ ٥٢١).

٤٠٨

وتدلى ثلاثة وعشرون عبدا من سوره إلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، منهم : أبو بكرة.

واستشهد من المسلمين اثنا عشر رجلا.

وقاتل النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيه بنفسه ، ولم يؤذن له فى فتحه.

فرجع صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى المدينة ، بعد غيبة شهرين وستة عشر يوما. فقدم عليه وفدهم وهو بها. فأسلموا.

سرية اليمن

وبعث قيس بن سعد بن عبادة إلى ناحية اليمن فى أربعمائة فارس وأمره أن يطأ صدا. فقدم زياد بن الحارث الصدائى ، فسأل عن ذلك البعث فأخبر. فقال : يا رسول الله ، أنا وافدهم ، فاردد الجيش وأنا لك بقومى. فردهم النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم من قناه. وقدم الصدائيون بعد خمسة عشر يوما فأسلموا.

واتخذ النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم زياد مؤذنا مع بلال ، وابن أم مكتوم ، وسعد القرظ.

سرية القرطا

وبعث الضحاك بن سفيان الكلابى فى آخر سنة ثمان فيما ذكره الحاكم.

وفى الطبقات : كانت فى ربيع الأول سنة تسع ، إلى القرطا ، فهزموهم وغنموا.

وفى هذه السنة : أراد صلى‌الله‌عليه‌وسلم طلاق سودة لكبرها ، فوهبت يومها لعائشة رضى الله عنها.

وأخذ صلى‌الله‌عليه‌وسلم الجزية من مجوس هجر.

وعمل له منبر ، فخطب عليه ، وهو أول منبر فى الإسلام.

فلما رأى صلى‌الله‌عليه‌وسلم هلال المحرم سنة تسع بعث المصدقين لأخذ الصدقات.

سرية خثعم

ثم سرية قطبة بن عامر بن حديدة إلى خثعم ، بناحية بيشة من مخاليف مكة فى صفر ومعه عشرون رجلا. فقتلوا منهم وغنموا.

سرية الحبشة

ثم سرية علقمة بن محرز المدلجى إلى الحبشة ، فهربوا منه ، وكانت فى ربيع الآخر.

٤٠٩

وقال الحاكم : فى صفر ، فى ثلاثمائة.

سرية القلمس

ثم سرية على رضى الله عنه : فى ربيع الآخر إلى القلمس ـ صنم طى ـ ومعه مائة وخمسون رجلا.

وقال ابن سعد : مائتان.

فهدمه وغنم غنائم. منها : سفانة بنت حاتم أخت عدى ، فمنّ عليها النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فكان ذلك : سبب إسلام أخيها.

وقال ابن سعد : الذى سباها كان خالد بن الوليد رضى الله عنه.

سرية الجباب

ثم سرية عكاشة فى ربيع الآخر إلى الجباب ـ أرض عذرة وبلى ـ وقيل : أرض غطفان. وقيل : أرض فزارة وكلب ، ولعذره فيها شركة.

ثم قدم وفد بنى أسد ، فقالوا : جئنا قبل أن يرسل إلينا رسولا ، فنزلت (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا) [الحجرات : ١٧].

غزوة تبوك (١)

غزوة تبوك ، وتعرف بغزوة العسرة ، وبالفاضحة. من المدينة على أربع عشرة مرحلة فى رجب يوم الخميس ، وكان الحر شديدا والجدب كثيرا ، فلذلك لم يورّ عنها كعادته فى سائر الغزوات.

وذلك أنه بلغه صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أن الروم تجمعت بالشام مع هرقل ، وتخلف كعب بن مالك ، ومرارة بن الربيع ، وهلال بن أمية ، من غير شك حصل لهم ، وفيه نزل (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا) [التوبة : ١١٨] وأبو ذر وأبو خيثمة ثم لحقاه صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد.

ولما رأى أبا ذر قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يمشى وحده ، ويعيش وحده ، ويموت وحده. فكان كذلك. وكان معه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثلاثون ألفا.

__________________

(١) انظر : (المغازى للواقدى ٣ / ٩٨٩ ، طبقات ابن سعد ٢ / ١ / ١١٨ ، ١١٩ ، سيرة ابن هشام ٢ / ٥١٥ ، تاريخ الطبرى ٣ / ١٠٠ ، البداية والنهاية ٥ / ٢ ، الكامل ٢ / ١٤٩ ، المنتظم ٣ / ٣٦٢ ـ ٣٧٠ ، السيرة النبوية الصحيحة ٥٢٢ ـ ٥٣٨).

٤١٠

وفى الإكليل : أكثر من ثلاثين.

وقال أبو ذرعة : سبعون ألفا ، وفى رواية عنه : أربعون ألفا.

ولما انتهى إلى تبوك وجد هرقل بحمص ، فأرسل خالد إلى أكيدر بن عبد الملك النصرانى ، وقال : إنك ستجده ليلا يصيد البقر ، فوجده كذلك فأسره ، وقتل أخاه حسانا ، وصالح أكيدر على فتح الحصن.

وصالحه صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوحنا بن رؤبة صاحب أيلة على الجزية ، وعلى أهل جرباء وأذرح ـ بلدين بالشام ـ وأهدى له صلى‌الله‌عليه‌وسلم بغلة ، وأقام بتبوك بضع عشرة ليلة.

وقال ابن سعد : عشرون. وبها مات عبد الله ذو البجادين رضى الله عنه. وانصرفصلى‌الله‌عليه‌وسلم ولم يلق كيدا ، وبنى فى طريقه مساجد.

فلما قدم صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى رمضان أمر بمسجد الضرار أن يحرق ، وقدم عليه وفد ثقيف ، وتتابعت الوفود ، وسماهم مغلطاى ، ثم قال : ومن الوفود ، السباع والذئاب.

وبعث صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبا سفيان بن حرب ، والمغيرة بن شعبة رضى الله عنهما لهدم الطاغية وغيرها ، فهدماها ، وأخذا مالها.

ثم حج أبو بكر ومعه ثلاثمائة رجل وعشرون بدنة بسورة براءة ، لينبذ إلى كل ذى عهد عهده ، وأن لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان.

فلما نزل العرج أدركه على رضى الله عنه مبلغا لا أميرا. وكان حجهم فى ذلك العام فى ذى القعدة.

وآلا صلى‌الله‌عليه‌وسلم من نسائه شهرا.

ثم أرسل صلى‌الله‌عليه‌وسلم خالد بن الوليد فى ربيع الأول سنة عشر.

وفى الإكليل : ربيع الآخر. وقيل : جمادى الأولى ، إلى بنى عبد المدان بنجران. فأسلموا.

سرية اليمن

ثم سرية على رضى الله عنه إلى اليمن فى رمضان ، ومعه ثلاثمائة رجل ، فقتل وغنم.

حجة الوداع

ثم حجة الوداع. قال ابن الجزار : وتسمى البلاغ وحجة الإسلام. يوم السبت لخمس ليال بقين من ذى القعدة.

٤١١

وقال ابن حزم : الصحيح لست بقين ، ومعه سبعون ألفا. ويقال : مائة وأربعة عشر ألفا. ويقال : أكثر من ذلك. حكاه البيهقى.

سرية أبنا (١)

ثم سرية أسامة رضى الله عنه إلى أهل أبنا ، بالسراة ـ ناحية بالبلقاء ـ يوم الاثنين لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة ، لغزو الروم مكان قتل أبيه.

وفاته صلى‌الله‌عليه‌وسلم

فلما كان يوم الأربعاء : بدأ بالنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وجعه ، فحم وصدع. فتوفى عليه الصلاة والسلام شهيدا حين زاغت الشمس من ذلك اليوم يوم الاثنين لاثنتى عشرة ليلة خلت من ربيع الأول حين اشتد الضحى.

وقال ابن سعد : حين زاغت الشمس.

قال السهيلى : لا يصح أن يكون وفاته يوم الاثنين إلا فى ثانى الشهر أو ثالث عشره ، أو رابع عشره ، أو خامس عشره.

واستدل على ذلك بتاريخ الوقفة فى العام العاشر. وهو دليل صحيح.

وذكر الكلبى وأبو مخنف أنه توفى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى الثامن من ربيع.

وقال الخوارزمى : توفى أول ربيع.

قلت : قيل : إنه توفى فى ثامن ربيع الأول ، وصححه ابن حزم ، وإلى ذلك أشار شيخنا العراقى بقوله. وقيل : بل فى ثامن بالجزم. وهو الذى صححه ابن حزم. انتهى.

ودفن ليلة الأربعاء. وقيل : ليلة الثلاثاء. وقيل : يوم الاثنين عند الزوال. قاله الحاكم وصححه.

وكانت مدة علته صلى‌الله‌عليه‌وسلم اثنا عشر يوما. وقيل أربعة عشر يوما. وقيل : ثلاثة عشر : وقيل : عشرة أيام.

وغسّله على والعباس وابنه الفضل يعينانه ، وقثم وأسامة وشقران يصبون الماء.

وغسل صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى قميص من بئر يقال لها : بئر الفرس ، ثلاث غسلات بماء وسدر. وجعل على رضى الله عنه على يده خرقة ، وأدخلها تحت القميص.

__________________

(١) انظر : (الفتح الربانى ٢١ / ٢٢١ ـ ٢٢٣ ، سيرة ابن هشام ٤ / ٣٢٨ ، فتح البارى ٨ / ١٥٢).

٤١٢

وكفن فى ثلاث أثواب بيض سحولية ـ بلدة باليمن ـ ليس فيه قميص ولا عمامة.

وروى : أن واحدا منها حبرة.

وفى رواية : فى حلة حبرة وقميص.

وفى رواية : فى حلة حمراء نجرانية وقميص.

وقيل : إن الحلة اشتريت له صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلم يكفن فيها.

وفى الإكليل : كفن فى سبعة أثواب ، وجمع بأنه ليس فيها قميص ولا عمامة محسوب.

قلت : ذكر شيخنا العراقى أن ما ذكره الحاكم شاذ ، وأشار إلى ذلك بقوله : وقد روى الحاكم أنه قد كفن فى سبعة وبالشذوذ هنا. انتهى.

وفى حديث تفرد به يزيد بن أبى زياد. وهو ضعيف «كفن صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى ثلاثة أثواب : قميصه الذى مات فيه ، وحلة نجرانية».

وحنط صلى‌الله‌عليه‌وسلم بكافور. وقيل : بمسك.

وصلى عليه المسلمون أفرادا. وقيل : بل كانوا يدعون وينصرفون.

قلت : ذكر شيخنا العراقى أن هذا القول ضعيف. والله تعالى أعلم : انتهى.

وقال ابن الماجشون : لما سئل كم صلى صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليه صلاة؟. فقال : اثنتان وسبعون صلاة. كحمزة رضى الله عنه. فقيل : من أين لك هذا؟ فقال : من الصندوق الذى تركه مالك بخطه عن نافع عن ابن عمر رضى الله عنهما.

وفرش تحته قطيفة نجرانية كان يتغطى بها.

قال أبو عمر : ثم أخرجت؟ لما فرغوا من وضع اللبنات التسع.

ودخل قبره صلى‌الله‌عليه‌وسلم العباس ، وعلى ، والفضل ، وقثم ، وشقران ، وابن عوف ، وعقيل ، وأسامة ، وأوس رضى الله عنهم.

قال الحاكم : فكان آخرهم عهدا به قثم. وقيل : على رضى الله عنهما.

وأما حديث المغيرة : فضعيف.

وكان الذى حفر له صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبو طلحة ؛ لأنه كان رضى الله عنه يلحد.

٤١٣

وكان عمره صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذ توفى : ثلاث وستون فيما ذكره البخارى. وثبته ابن سعد وغيره.

وفى مسلم : خمس وستون. وصححه أبو حاتم فى تاريخه.

وفى الإكليل : ستون. وفى تاريخ ابن عساكر : ثنتان وستون ونصف.

وفى كتاب ابن أبى شيبة : إحدى أو اثنتان ، لا أراه بلغ ثلاثا وستين.

* * *

فصل فى أولاده صلى‌الله‌عليه‌وسلم

كان له صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الولد : القاسم ، ولد قبل النبوة ، ومات وله سنتان. وقيل : غير ذلك. وفى مسند الفريابى : ما يدل على أنه توفى فى الإسلام.

ثم زينب رضى الله عنها. قال الكلبى : هى أول ولده.

قال السراج : ولدت سنة ثلاثين وماتت سنة ثمان من الهجرة عند زوجها ، وابن خالتها أبى العاص ، يعنى ابن الربيع.

ثم رقية رضى الله عنها : تزوجها عثمان بن عفان رضى الله عنه ، فماتت عنده ، وتوفيت رضى الله عنها والنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ببدر.

وفى كتاب التفرد ليعقوب : ما يخالف ذلك. وفيه نظر.

ثم فاطمة رضى الله عنها ، وكنيتها : أم أبيها : تزوجها على رضى الله عنهما. ولدت سنة إحدى وأربعين ، وتزوجها ولها خمس عشرة سنة وخمسة أشهر ونصف.

وقال ابن الجوزى : ولدت قبل النبوة بخمس سنين ـ أيام بناء البيت ـ وتوفيت بعدهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بستة أشهر. وقيل : غير ذلك. ولها تسع وعشرون سنة. وقيل : غير ذلك.

ثم أم كلثوم رضى الله عنها : تزوجها عثمان سنة ثلاث فى جمادى الآخرة. وتوفيت فى شعبان سنة تسع.

ثم عبد الله : وهو الطيب والطاهر. مات بمكة.

قال القاضى بن وائل : قد انقطع ولده. فهو أبتر. فأنزل الله تعالى (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) [الكوثر : ٣].

وروى الهيثم بن عدى ـ وهو مهتم بالكذب ـ أنه كان له صلى‌الله‌عليه‌وسلم ابن يقال له عبد العزى ، وطهره الله منه وأعاذه.

٤١٤

ثم إبراهيم ـ فمن مارية ـ توفى وله سبعون يوما. وقيل : غير ذلك. وكان مولده فى السنة الثامنة من الهجرة فى ذى الحجة.

* * *

فصل فى أعمامه وعماته صلى‌الله‌عليه‌وسلم

أما أعمامه : فهم : حمزة والعباس رضى الله عنهما : أسلما ، والحارث وأبو طالب ، والزبير ، وعبد الكعبة ، والمقوم ، ويقال : هما واحد ، وحجل ، واسمه : المغيرة ، والفيداق ، ويقال : هما واحد ، وقثم ، ومنهم من أسقطه ، وضرار ، وأبو لهب ، واسمه : عبد العزى ، وكنى بذلك لجماله ، وصار فى الآخرة لماله.

وعماته صلى‌الله‌عليه‌وسلم : صفية ، وعاتكة ، وأروى : أسلمن. وفى ذلك خلاف إلا صفية ، وأميمة ، وبرة ، وأم حكيم البيضاء.

* * *

فصل فى زوجاته صلى‌الله‌عليه‌وسلم

نقدم اللاتى دخل بهن صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وأولهن : خديجة ، ثم سودة ، ثم عائشة ، ثم حفصة ، ثم زينب بنت خزيمة ، ثم أم سلمة ، ثم زينب بنت جحش ، ثم جويرية بنت الحارث ، ثم ريحانة القريظية. وقيل : كان صلى‌الله‌عليه‌وسلم يطؤها بملك اليمين ، ثم صفية بنت حيى ، ثم ميمونة الهلالية.

وفى بعض هذا الترتيب خلاف.

قلت : لم أر فى سيرة مغلطاى تزويجه صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأم حبيبة بنت أبى سفيان ، ولعله سقط من النسخة التى رأيتها منها.

وتزويجه صلى‌الله‌عليه‌وسلم لها : متفق عليه.

ومن زوجاته صلى‌الله‌عليه‌وسلم اللاتى دخل بهن فيما قال أبو عبيدة معمر بن المثنى : فاطمة بنت شريح. وذكر أنها الواهبة نفسها للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

نقل ذلك عنه : شيخنا العراقى. وذكر : أنه لم يجدها فى شىء من كتب الصحابة.

قال شيخنا : ولعلها التى استعاذت منه. وذكر : أنها ابنة الضحاك ، وأنها بانت عنه. والله أعلم. انتهى.

وأما زوجاته ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم اللاتى عقد عليهن أو خطبهن ، أو عرضن عليه. ولم يدخل صلى‌الله‌عليه‌وسلم

٤١٥

بهن : فخمسة وثلاثون منهن : مليكة بنت كعب. وقال الواقدى : دخل بها وتوفيت عنده فى شهر رمضان سنة ثمان. انتهى.

قلت : قال شيخنا العراقى : إن عدة هذه النسوة نحو ثلاثين يختلف. انتهى.

* * *

فصل فى خدامه صلى‌الله‌عليه‌وسلم

كان له صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الخدام : ثمانية وعشرون رجلا ، أو سبعة وعشرون. ومن النساء : إحدى عشرة.

فمن الرجال : أنس بن مالك الأنصارى ، وربيعة بن كعب صاحب وضوئه ، وأبو مسعود صاحب نعليه ، وعقبة بن عامر يقود بغلته ، وبلال مولى أبى بكر ، وأبو ذر الغفارى ، وأيمن بن أم أيمن صاحب مطهرته.

ومن النساء : بركة أم أيمن هذا.

قلت : قال شيخنا العراقى : إن من خدامه من النساء : خمسة ، ذكرن فى مواليه.

وبينهم شيخنا فى نظمه. انتهى.

* * *

فصل فى مواليه صلى‌الله‌عليه‌وسلم

كان له صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الموالى : ثلاثة وستون رجلا. منهم : أسامة بن زيد ، وأبوه زيد بن حارثة ، وثوبان ، وشقران ، وأبو رافع قبطى ، كان على ثقله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وكذلك كركرة ، وسفينة ، وسلمان الفارسى.

* * *

فصل فى إمائه صلى‌الله‌عليه‌وسلم

كان له صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الإماء : عشر ، منهم : ربيحة. ويقال : هى ريحانة السرية.

* * *

فصل فى خيله ، وبغاله ، وحميره ، ولقاحه ، وغنمه صلى‌الله‌عليه‌وسلم

كان له صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الخيل ثلاث وعشرون.

ومن البغال : ست ، منها : واحدة ، أهداها إليه كسرى.

٤١٦

قلت : قال شيخنا العراقى : فى التى من كسرى نظر. وذلك لما عد بغاله قال : خمسة أو ست.

وذكر شيخنا خلافا فى خيله إلا سبعة فلا خلاف فيها ، وأشار إليها بقوله :

سكب ، لزاز ، طرف ، سبحة

مرتجز ، ورد ، لحيف : سبعة

وليس فيها عندهم من خلف

والخلف فى ملاوح والطرف

ومن الحمير : ثلاثة. وقيل : اثنان.

ومن اللقاح : اثنا عشر. وقيل : أربعة عشر.

ومن الغنم المعروفة أسماؤها : عشرة.

وذكر له ابن حبان : مائة شاة.

* * *

فصل فى سلاحه صلى‌الله‌عليه‌وسلم

كان له صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الرماح : أربعة. ومن القسى : ستة. ومن الأتراس : ثلاثة. ومن الأسياف : تسعة ، وقيل : ثمانية. ومن الأدراع : ستة.

قلت : ذكر شيخنا العراقى : أن أدراعه : سبعة ، وأن قسيه : خمسة. انتهى.

وله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سلاح غير ذلك ، وثياب وأمتعة وغير ذلك مذكور فى سيرة مغلطاى.

* * *

فصل فى كتّابه صلى‌الله‌عليه‌وسلم

كان له صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الكتاب : اثنان وأربعون كاتبا ، منهم : الخلفاء الأربعة ، ومعاوية بن أبى سفيان ، وزيد بن ثابت رضى الله عنهم.

قلت : ذكر الحافظ عبد الغنى المقدسى : أن معاوية وزيد بن ثابت ألزمهم لذلك ، وأخصهم به.

وذكر شيخنا العراقى : أن زيد بن ثابت أكثرهم عنه كتابة ، ثم معاوية. انتهى.

* * *

فصل فى عدد رسله صلى‌الله‌عليه‌وسلم

للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الرسل إلى الملوك : أربعة عشر رسولا معروفة أسماؤهم. وله رسل أخر أسماؤهم غير معروفة.

٤١٧

ولم يذكر مغلطاى من رسله المعروفة أسماؤهم إلا أحد عشر ، وما ذكرناه من عددهم : ذكره شيخنا العراقى.

* * *

فصل فى عدد أمرائه صلى‌الله‌عليه‌وسلم على البلاد

للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الأمراء على البلاد خمسة عشر أميرا ، وهؤلاء غير أمراء السرايا والبعوث ، وغير من ولى الأخماس ، والقضاء ، والصدقة ، وغير من أمره على المدينة النبوية فى غزوة. وما ذكرناه فى عدد أمراء البلاد وذكره شيخنا العراقى ، ولم أر لغيره عناية بذلك.

وقد رأيت زيادة فى ذلك ، وهى اثنان ، وهما : معاذ بن جبل الأنصارى رضى الله عنه ، قيل : إنه ولى مكة للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما خرج إلى حنين ، وهبيرة بن شبل بن العجلان الثقفى ، ذكر ابن عبد البر عن الطبرانى : أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم استخلفه على مكة لما خرج إلى الطائف.

وذكر ابن عقبة ولاية معاذ على مكة. والمعروف : ولاية النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعتاب بن أسيد على مكة بعد الفتح حين خرج إلى حنين. والله أعلم.

* * *

فصل فى عدد مغازيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم

للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم خمس وعشرون غزوة على المشهور ، فيما قال الحافظ عبد الغنى المقدسى.

وقيل : سبع وعشرون غزوة. وسبق فى هذا التأليف ما يوافق هذا القول بزيادة واحدة.

وسبب الزيادة : الخلاف فى بنى النضير ، وبنى قينقاع هل هما واحدة؟ ورجحه الحاكم ، أو اثنتان.

وفى كل هذه الغزوات : خرج فيها النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بنفسه ، وقاتل فيها فى بدر ، وأحد ، والخندق ، وبنى قريظة ، وبنى المصطلق ، وخيبر ، والفتح ، وحنين ، والطائف.

وقيل : إنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم قاتل فى بنى النضير ، وفى الغابة ، ووادى القرى. والله أعلم.

* * *

فصل فى عدد بعوثه وسراياه صلى‌الله‌عليه‌وسلم

عدد بعوثه وسراياه صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ستون.

٤١٨

وقال ابن نصر : إن ذلك فوق سبعين.

وفى الإكليل : أن البعوث فوق المائة. قال شيخنا العراقى : ولم أجد ذا لسواه.

ومن كلام شيخنا : لخصت هذا الفصل.

* * *

فصل فى حجه وعمره صلى‌الله‌عليه‌وسلم

أما حجه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بعد هجرته إلى المدينة ـ : فواحدة فى سنة عشر ، وتعرف : بحجة الوداع.

وأما حجه قبل الهجرة : فثنتان. وقيل : أكثر ، وقيل : واحدة ، ولا يصح شىء فى عدد حجه قبل الهجرة ، ولا فى عمره قبل الهجرة.

وأما عمره ـ بعد الهجرة ـ : فثلاث. الأولى : عمرة الحديبية فى سنة ست.

والثانية : عمرة القضية فى سنة سبع. والثالثة : عمرة الجعرانة فى سنة ثمان. وكلها فى ذى القعدة.

وقيل : إنه اعتمر مع الحج فى سنة عشر ، فتصير عمره أربعا. والله أعلم.

* * *

فصل فى أخلاقه صلى‌الله‌عليه‌وسلم

للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أخلاق شريفة جميلة.

منها : ما رواه أنس عنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «فضلت على الناس بأربع : بالسماحة ، والشجاعة ، وكثرة الجماع ، وشدة البطش». قالت عائشة رضى الله عنها : «كان خلقه القرآن يغضب لغضبه ، ويرضى لرضاه» : انتهى.

وكان صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يألف أهل الشرف ، ويكرم أهل الفضل ، ولا يطوى بشره عن أحد ولا يجفو عنه ، ولا يستنكف أن يمشى مع الأرملة والعبد ، ويحب الطيب ، ويكره الريح الكريهة.

وكان صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يحب الحلواء والعسل ، وما عاب صلى‌الله‌عليه‌وسلم طعاما قط ، إن اشتهاه أكله ، فإن لم يشتهه تركه.

وكان صلى‌الله‌عليه‌وسلم يخصف النعل ، ويرقع الثوب ، ويخدم فى مهنة أهله ، إلى غير ذلك من أخلاقة الطيبة.

* * *

٤١٩

فصل فى فضائله صلى‌الله‌عليه‌وسلم

للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فضائل عظيمة لا تحصى.

منها : أن الله تعالى أعطاه الكوثر ، واصطفاه : بالمحبة ، والخلة ، والقرب ، والدنو ، والمعراج ، والصلاة بالأنبياء عليهم‌السلام ، والشهادة بينهم ، ولواء الحمد ، والبشارة والنذارة ، والهداية ، والإمامة ، ورحمة للعالمين ، وأعطى العفو عما تقدم وتأخر ، وأوتى الكتاب والحكمة ، وصلاة الله والملائكة ، وإجابة دعوته ، وإحياء الموتى ، وإسماع الصم ، والاطلاع على الغيب ، إلى غير ذلك مما أعد الله تعالى له فى الدار الآخرة من الكرامة والسعادة.

* * *

فصل فى معجزاته صلى‌الله‌عليه‌وسلم

للمصطفى محمد عليه أفضل الصلاة والسلام : معجزات باهرات. وقد سبق منها أشياء. ومما لم يسبق : نبع الماء ، وكفاية الكثير من الخلق بالقليل من الماء والطعام.

ففى البخارى من حديث جابر رضى الله عنه. «نبع الماء من بين أصابعه بالحديبية فتوضئوا وشربوا منه. وهم : خمس عشرة مائة». وأطعم أهل الخندق ، وهم : ألف من صاع شعير وبهمة فى بيت جابر فشبعوا وانصرفوا. والطعام أكثر ما كان ، وعند أبى نعيم : «وأطعمهم أيضا من تمر يسير لم يملأ كفيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم أتت به ابنة بشير بن سعد إلى أبيها وخالها».

ومنها : أنه أطعم فى منزل أبى طلحة ثمانين رجلا أقراص شعير جعلها أنس تحت إبطه حتى شبعوا ، وبقى كما هو.

وعند أبى نعيم : «وأطعم الجيش من مزود أبى هريرة رضى الله عنه حتى شبعوا كلهم ، ثم رد ما بقى فيه. ودعا له» فأكل منه مدة حياة النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبى بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم. فلما قتل عثمان ذهب وحمل منه نحو خمسين وسقا فى سبيل الله.

ومنها : تسبيح الحصى فى كفه. وكذلك الطعام كان يسمع تسبيحه ، وهو يؤكل.

ومنها : أنه رد عين قتادة بن النعمان بعد ذهابها. فكانت أصح عينيه وأحدّهما.

قال السهيلى : فكانت لا ترمد إذا رمدت الأخرى.

٤٢٠